درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٦

السيّد يوسف المدني التبريزي

درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٦

المؤلف:

السيّد يوسف المدني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٧٥

(وبعبارة اخرى) الشك فى بقاء المشروط مسبب عن الشك فى بقاء الشرط والاستصحاب فى الشرط وجودا او عدما مبين لبقاء المشروط او ارتفاعه فلا يجرى فيه الاستصحاب لا معارضا لاستصحاب الشرط لانه مزيل له ولا معاضدا كما فيما نحن فيه وسيتضح ذلك فى مسئلة الاستصحاب فى الامور الخارجية وفى بيان اشتراط الاستصحاب ببقاء الموضوع إن شاء الله تعالى ومما ذكرنا يظهر الجواب عن النقض الثالث عليه بما اذا كان الشك فى بقاء الوقت المضروب للحكم التكليفى فانه ان جرى معه استصحاب الوقت اغنى عن استصحاب الحكم التكليفى كما عرفت فى الشرط فان الوقت شرط او سبب وإلّا لم يجر استصحاب الحكم التكليفى لانه كان متحققا بقيد ذلك الوقت فالصوم المقيد وجوبه بكونه فى النهار لا ينفع استصحاب وجوبه فى الزمان المشكوك كونه عن النهار واصالة بقاء الحكم المقيد بالنهار فى هذا الزمان لا يثبت كون هذا (قوله فان الوقت شرط او سبب الخ) اقول انّ الترديد باعتبار حال الوقت فانّه فى بعض الاحوال شرط كما فى الصّوم فانّ وجوب الامساك مشروط بوقت النهار كما انّ الافطار مشروط بشرط اللّيل وفى بعض الاحوال سبب كما فى دلوك الشمس لوجوب الصلاة.

(وكيف كان) فاستصحاب الحكم التكليفى غير جار بعد حصول الشكّ فى شرطه وقيده والشكّ فيه مسبّب عن الشك فى شرطه وبعد جريان الاستصحاب فى الشرط اغنى عن استصحاب الحكم التكليفى بل لا يجوز استصحابه بعد الشكّ فيما هو شرط وقيد له فاستصحاب وجوب الصوم المشروط والمقيّد بكونه فى النهار فى الزّمان المشكوك لا يثبت كون هذا الزّمان نهارا كما لا يخفى.

(قوله واصالة بقاء الحكم المقيد الخ) يعنى انّ الشكّ فى الحقيقة متعلّق بكون الزّمان المشكوك من النهار او من الليل وبقاء الحكم المقيّد بالزّمان الى زمان

٢٢١

الزمان نهارا كما سيجىء توضيحه فى نفى الاصول المثبتة إن شاء الله تعالى اللهم إلّا ان يقال انه يكفى فى الاستصحاب تنجز التكليف سابقا وان كان لتعليقه على امر حاصل فيقال عرفا اذا ارتفع الاستطاعة المعلق عليها وجوب الحج ان الوجوب ارتفع فاذا شك فى ارتفاعها يكون شكا فى ارتفاع الحكم المنجز وبقائه وان كان الحكم المعلق لا يرتفع بارتفاع المعلق عليه لان ارتفاع الشرط لا يوجب ارتفاع الشرطية إلّا ان استصحاب وجود ذلك الامر المعلق عليه كاف فى عدم جريان الاستصحاب المذكور فانه حاكم عليه كما ستعرف.

الشكّ وان كان ملازما عقلا وعادة لكون الزمان المشكوك من النهار لكنه داخل فى الاصول المثبتة التى معناها اثبات الحكم المترتب على الواسطة العقليّة او العادية لا على المستصحب بالاستصحاب.

(قوله اللهم إلّا ان يقال انه يكفى فى الاستصحاب تنجز التكليف الخ) اقول حاصله انه يكفى فى استصحاب الحكم تنجّزه سابقا ولو لحصول المعلّق عليه فيقال عرفا من باب المسامحة اذا ارتفع الاستطاعة المعلّق عليها وجوب الحج انّ الوجوب ارتفع مع انّ المرتفع هو الاستطاعة لا الوجوب واذا شكّ فى ارتفاعها يقال عرفا انّه شكّ فى ارتفاع الحكم المنجّز وبقائه.

(والحاصل) انّه وان لم يعقل مسببيّة الشكّ فى صدق الشرط للشكّ فى الشرطيّة بالنظر الى الدقّة العقليّة الّا انّ العرف يتسامحون فى امر الشرطيّة ويجعلون ارتفاع الشرط موجبا للحكم بارتفاعها والشكّ فيه موجبا للشكّ فيها لعدم فرقهم بين الفعليّة والتعليق هذا لكن لمّا كان الاستصحاب فى المعلّق عليه مغنيا عن الاستصحاب فى الحكم او موجبا لعدم جريانه فيه من جهة السببيّة فلا فائدة فى المسامحة هنا.

(قوله إلّا ان استصحاب وجود ذلك الامر المعلق عليه الخ) يعنى انّ

٢٢٢

الشّك فى بقاء الحكم مسبّب عن الشكّ فى بقاء الوقت فاذا جرى الاستصحاب فى بقائه لا يجرى الاستصحاب الحكمى لما ستعرف من عدم شمول الرّوايات الّا للشكّ السببى وانّ الاستصحاب فيه حاكم على الاستصحاب فى الشكّ المسبّب الّا ان يقال بانّ جريان الاستصحاب فى الحكم من جهة المسامحة العرفية المقتضية لكون مثل الاستطاعة والوقت من الحالات المتبدلة وكون الشكّ فيهما لا يعدّ من الشك فى الموضوع وان كان منه بحسب المداقّة العقليّة وحينئذ لا يجرى الاستصحاب فيهما بل يجرى فى الحكم فقط فتامّل.

٢٢٣

(نعم) لو فرض فى مقام عدم جريان الاستصحاب فى الشك فى الوقت كما لو كان الوقت مرددا بين امرين كذهاب الحمرة واستتار القرص انحصر الامر حينئذ فى اجراء استصحاب التكليف فتأمل والحاصل ان النقض عليه بالنسبة الى الحكم التكليفى المشكوك بابقائه من جهة الشك فى سببه او شرطه او مانعة غير متجه لان مجرى الاستصحاب فى هذه الموارد اولا وبالذات هو نفس السبب والشرط والمانع ويتبعه ابقاء الحكم التكليفى ولا يجوز اجراء الاستصحاب فى الحكم التكليفى ابتداء إلّا اذا فرض انتفاء استصحاب الامر الوضعى قوله وعلى الثانى ايضا كذلك ان قلنا بافادة الامر للتكرار الخ قد يكون التكرار مرددا بين وجهين كما اذا علمنا بانه ليس للتكرار الدائمى لكن العدد المتكرر كان مرددا بين الزائد والناقص وهذا الايراد لا يندفع بما ذكره قده من ان الحكم فى التكرار كالامر الموقت كما لا يخفى (اقول) هذا استدراك ورجوع الى ما اورده على صاحب الوافية فى السّابق بقوله وفيه ان الموقت قد يتردّد وقته بين زمان وما بعده فيجرى الاستصحاب وتقرير ذلك ان النّقض الثانى والثالث الذى اورد على الفاضل التونى وان كان مندفعا بما ذكر من اجراء الاستصحاب فى بقاء الشّرط فى الشّبهة الموضوعية ولا يجرى الاستصحاب فى الحكم ولو مع ملاحظة المسامحة العرفية لما ذكر من انّ الاستصحاب فى بقاء الشرط حاكم عليه.

(واما النقض) الذى اورده الشّيخ قده على الفاضل التونى فوارد عليه من جهة كون الشبهة فيه حكمية ولا يجرى الاستصحاب فيها موضوعا فيكون استصحاب الحكم جاريا من غير ان يكون استصحاب حاكم عليه والسر فى عدم جريان الاستصحاب فيها ان اصالة عدم جعل الشارع استتار القرص غاية معارض باصالة عدم جعله ذهاب الحمرة غاية فهو من باب تعيين احد الحادثين بالاصل او لانّ عدم خروج

٢٢٤

فالصواب ان يقال اذا ثبت وجوب التكرار فالشك فى بقاء ذلك الحكم من هذه الجهة مرجعه الى الشك فى مقدار التكرار لتردده بين الزائد والناقص ولا يجرى فيه الاستصحاب لان كل واحد من المكرر ان كان تكليفا مستقلا فالشك فى الزائد شك فى التكليف المستقل وحكمه النفى باصالة البراءة لا الاثبات بالاستصحاب كما لا يخفى وان كان الزائد على تقدير وجوبه جزء من المأمور به بان يكون الامر بمجموع العدد المتكرر من حيث انه مركب واحد فمرجعه الى الشك فى جزئية شىء للمأمور به وعدمها ولا يجرى فيه ايضا الاستصحاب لان ثبوت الوجوب لباقى الاجزاء لا يثبت وجوب هذا الشىء المشكوك فى جزئيته بل لا بد من الرجوع الى البراءة او قاعدة الاحتياط.

الوقت المقرّر عند الشارع فى زمان الشك لا يثبت كون الزمان المشكوك فى كونه وقتا للحكم وقتا له.

(قوله فتأمل) لعلّ المراد به هو الاشارة الى انّ ذلك ايضا ليس من موارد جريان الاستصحاب لانّ مرجع الشكّ فى الزّائد الى الشّك فى التكليف فيجرى فيه البراءة او الاحتياط على القول الآخر.

(قوله ولا يجوز اجراء الاستصحاب فى الحكم التكليفى الخ) وجه عدم الجواز هو ما تقدم من انّ الشكّ فى الحكم التكليفى مسبّب عن الشكّ فى الحكم الوضعى فبعد دخول الشكّ السببى فى الأخبار الناهية لا معنى لدخول الشكّ المسببى فيها بل لا يجوز كما عرفت مرارا مضافا الى انّ ارادة الحكم التكليفى من اليقين فى الأخبار يستلزم التفكيك بين السؤال والجواب فان مورد السؤال هو الحكم الوضعى وبالجملة ان مورد السؤال مما تعارض فيه الاستصحابان استصحاب الطهارة واستصحاب الامر بالصلاة المقتضى للطهارة اليقينيّة وظاهر الأخبار ترجيح الامام عليه‌السلام للحكم الوضعى واستصحابه فيها فلا بدّ من استصحاب الحكم الوضعى الّا اذا فرض انتفاء استصحاب الأمر الوضعى فافهم.

٢٢٥

(قوله إلّا اذا فرض انتفاء استصحاب الامر الوضعى) بناء على المسامحة العرفية فى بقاء الموضوع والّا فلا بد من احراز الموضوع فى جريان الاستصحاب.

(قوله وهذا الايراد لا يندفع بما ذكره من ان الحكم الخ) يعنى ما ذكره من انّ الحكم فى التكرار كالامر الموقت من انه يتمسك باطلاق الامر فى مورد الشك لا يدفع الايراد المزبور فى الفرض المذكور اذ الشك فى المراد من الامر فى انه يكفى فعل المأمور به دفعتين مثلا او لا بدّ من الزائد فتكون الشبهة حكمية ولا يكون هناك اطلاق يتمسك به فلا بدّ من الرجوع الى الأصول.

(ولكن) قال بعض الاعلام من المحشّين ان اصل هذا الايراد غير وارد على الفاضل التّونى اذ بعد البناء على افادة الامر للتكرار يكون الحكم ثابتا بالنصّ كالموقت لان الأمر عند القائلين بكونه للتكرار يكون بمنزلة افعل ابدا كما صرّح به كل من نسب التكرار الى القائلين به فعلى هذا يصير غير الموقّت كالموقّت وما ذكره المصنف فهو خارج عن الفرض.

(نعم) يرد على الفاضل انه لم يستوف جميع صور غير الموقّت مثل ما لو قامت القرينة على انه ليس للتكرار الدائمى وشك فى مقدار العدد المتكرر بين الاقلّ والاكثر كما فرضه المصنف.

(قوله ان كان تكليفا مستقلا الخ) اقول انه قد يقال ان استصحاب الكلى فى الاقل والأكثر الاستقلالى محكّم اذا كان الأفراد المتعلقة للحكم باعتبار الطبيعة كالدين المردّد بين الخمسة والستّة وكذا الصوم بناء على كون كل يوم تكليفا مستقلّا فان استصحاب كلى الدين والصوم جائز الّا ان يقال ان المستصحب هو الوجوب وهو جزئىّ بالنسبة الى اجزاء الزمان وان كان كليا بالنسبة الى العينى والكفائى ونحوهما من الافراد.

(قوله من حيث انه مركب واحد) كما هو احد الاحتمالين فى التكرار مدة العمر ان امكن عقلا او شرعا.

٢٢٦

(قوله لان ثبوت الوجوب لباقى الاجزاء الخ) يعنى لو توهّم امكان جريان الاستصحاب فى القدر المشترك بين الوجوب النفسى والوجوب الغيرى وهو مطلق الوجوب مع ثبوته فى السّابق فى ضمن الاجزاء المعلومة فاذا شكّ فى بقائه وارتفاعه بعد الاتيان بالاجزاء المعلومة يترتّب عليه وجوب الاتيان بالجزء المشكوك ويحكم بكونه جزء فى الظاهر نقول فى دفعه ان بقاء الوجوب المذكور بالاستصحاب لا يثبت وجوب الجزء المشكوك الّا على تقدير القول بالاصل المثبت.

(قوله بل لا بد من الرجوع الى البراءة او الاحتياط) وذلك لان الشكّ فى الزائد والنّاقص ان كان من قبيل دوران الامر بين الأقل والأكثر الاستقلاليين فالمحكّم فيه البراءة بالاتفاق وان كان من قبيل الارتباطيين فالمرجع فيه اما البراءة او الاحتياط على اختلاف فى المسألة.

٢٢٧

قوله وإلّا فذمة المكلف مشغولة حتى يأتى بها فى اى زمان كان قد يورد عليه النقض بما عرفت حاله فى العبارة الاولى ثم انه لو شك فى كون الامر للتكرار او المرة كان الحكم كما ذكرنا فى تردد التكرار بين الزائد والناقص وكذا لو امر المولى بفعل له استمرار فى الجملة كالجلوس فى المسجد ولم يعلم مقدار استمراره فان الشك بين الزائد والناقص يرجع مع فرض كون الزائد المشكوك واجبا مستقلا على تقدير وجوبه الى اصالة البراءة ومع فرض كونه جزء يرجع الى مسئلة الشك فى الجزئية وعدمها فالمرجع فيها البراءة او وجوب الاحتياط قوله وتوهم ان الامر اذا كان للفور يكون من قبيل الموقت المضيق اشتباه غير خفى على المتامل الظاهر انه دفع اعتراض على تسويته فى ثبوت الوجوب فى كل جزء من الوقت بنفس الامر بين كونه للفور وعدمه ولا دخل له بمطلبه (اقول) يرد على الفاضل التونى انّ حكمه بالاشتغال عند كون الأمر للمرّة ان كان فى صورة العلم بعدم اتيان المأمور به فهو حق وان كان فى التعبير بالاشتغال مسامحة لان ثبوت الاشتغال حينئذ انما هو من جهة الأمر لا من جهة قاعدة الاشتغال ويؤيد ارادته ذلك قوله بعد هذا ونسبة اجزاء الزّمان اليه نسبة واحدة لكن يرد عليه حينئذ النقض بصورة الشكّ فى الاتيان اذ بنائهم على جريان استصحاب الاشتغال حينئذ كجريان قاعدة الاشتغال فيه وان كان فى صورة الشّك فى الاتيان فيكون قوله والّا فذمّة المكلّف مشغولة كناية عن قاعدة الاشتغال فالتمسك بالأمر كما هو مفاد قوله ونسبة اجزاء الزمان الخ ليس فى محلّه لعدم شمول الأمر لصورة الشّك الّا ان يقال انه بيان لمنشا الاشتغال ضرورة انّ منشأ الاشتغال هو سبق الأمر الذى شك فى استعماله.

(ثم) ان مراده بالايراد عليه ببعض ما عرفت حاله هو الايراد الاول والثانى

٢٢٨

وهو عدم جريان الاستصحاب فى الامر الفورى لان كونه من قبيل الموقت المضيق لا يوجب جريان الاستصحاب فيه لان الفور المنزل عند المتوهم منزلة الموقت المضيق اما ان يراد به المسارعة فى اول ازمنة الامكان وان لم يسارع ففى ثانيها وهكذا واما ان يراد به خصوص الزمان الاول فاذا فات لم يثبت بالامر وجوب الفعل فى الآن الثانى لا فورا ولا متراخيا واما ان يراد به ثبوته فى الآن الثانى متراخيا وعلى الاول فهو فى كل جزء من الوقت من قبيل الموقت المضيق وعلى الثانى فلا معنى للاستصحاب بناء على ما سيذكره من ان الاستصحاب لم يقل به احد فيما بعد الوقت وعلى الثالث يكون فى الوقت الاول كالمضيق وفيما بعده كالامر المطلق. مما اوردهما المحقق القمى واما الايراد الثالث فلا يتأتى هنا لانه مختص بالموقت.

(قوله واجبا مستقلا على تقدير وجوبه الى اصالة البراءة الخ) قد اورد عليه بان ما ذكره انما يتمّ على القول بان المراد من المرّة المرة لا بشرط سواء كان مع غيره اولا واما على القول بان المراد بها المرة بشرط لا بمعنى عدم الغير سواء قلنا بانّ عدم الغير مأخوذ على وجه التقييد بان يكون له مدخلية فى صحة المأمور به بحيث يوجب الاتيان به ثانيا فساد ما اتى به اوّلا او قلنا بكونه من باب التعدد المطلوبىّ بان يكون الغير منهيا عنه فلو اتى به يكون معاقبا مع كون المأمور به صحيحا فلا يتمّ ذلك لان المقام على القول المذكور يكون من قبيل دوران الأمر بين المتباينين فالمحكّم اجراء قاعدة المتباينين فافهم.

(قوله الظاهر انه دفع اعتراض على تسويته الخ) اقول انّ الاعتراض الذى توهّمه المتوهم يمكن ان يقرر بوجهين.

(الوجه الاول) ان الفاضل التّونى قد قسم الامر الى اقسام ثلاثة الموقّت وكون الأمر للتكرار وعدم كونه للتكرار سواء قلنا بانه للمرة او للطّبيعة وهو الذى

٢٢٩

يبيّن حكمه بقوله والّا فذمة المكلف الخ وسوّى فى هذا القسم الثالث بين كون الأمر للفور او لعدمه مع انّه اذا كان للفور يكون داخلا فى القسم الاوّل لا فى القسم الثالث.

(والوجه الثانى) ان التّسوية فى الحكم بين كون الأمر للفور وعدمه غير صحيحة لان الأمر اذا كان للفور كان من قبيل الموقّت المضيق فلا تكون توسعة فى وقت الفعل حتى يكون ثبوت الحكم فى كلّ جزء من الوقت بنفس الأمر ثم ان فى قول المصنف بنفس الامر دلالة على انه فهم من كلام الفاضل التمسك بنفس الأمر فى القسم الثالث ايضا وقد فهم السيد الكاظمى الشارح للوافية ذلك ايضا لكن يفهم من كلام بحر الفوائد فى حاشيته على الفرائد عند بيان حكم الاقسام انّ مقصوده التمسك بقاعدة الاشتغال لا بنفس الأمر ولكن الظاهر هو الاوّل.

(قوله ولا دخل له بمطلبه) يعنى لا دخل للتّوهم المذكور بمطلبه وهو عدم جريان الاستصحاب فليس مقصود المتوهّم اجراء الاستصحاب فى صورة كون الأمر للفور وكونه من قبيل الموقت المضيق فتأمل.

(قوله وعلى الثانى فلا معنى للاستصحاب الخ) اقول يمكن ان يكون مراد المتوهم هو هذا القسم بان يقول هو كالموقت المضيق لا انّه هو عينه وجه التشبيه هو تعيين الوقت فى الجملة وعدم دلالة الأمر على ثبوت الحكم فى الزمان الثانى فيكون الحكم فيه مسكوتا عنه فاذا شكّ فيه فيجرى الاستصحاب ومقصود صاحب الوافية دفع التوهّم المذكور بانّه اشتباه لانّ الامر اذا كان للفور فهو امّا من قبيل القسم الاوّل او من قبيل القسم الثّالث فلا معنى للرّجوع الى الاستصحاب على كلا التقديرين.

٢٣٠

وقد ذكر بعض شراح الوافية ان دفع هذا التوهم لاجل استلزامه الاحتياج الى الاستصحاب لا ثبات الوجوب فيما بعد الوقت الاول ولم اعرف له وجها وقوله وكذا النهى لا يخفى انه قده لم يستوف اقسام الامر لان منها ما يتردد الامر بين الموقت بوقت يرتفع الامر بفواته وبين المطلق الذى يجوز امتثاله بعد ذلك الوقت كما اذا شككنا فى ان الامر بالغسل فى يوم الجمعة مطلقا فيجوز الاتيان به فى كل جزء من النهار او موقت الى الزوال وكذا وجوب الفطرة بالنسبة الى يوم العيد فان الظاهر انه لا مانع من استصحاب الحكم التكليفى هنا ابتداء قوله بل هو اولى لان مطلقه (اقول) ان المراد به هو السيّد محسن الكاظمينى ره قال فى مقام بيان عبارة الوافية وامّا على القول بالفورية الحقيقية او العرفيّة فربّما توهّم صيرورته كالموقت بما اعتبر فى الفوريّة من الزّمان مع عدم سقوطه بعد ذلك فيحتاج فى اثبات الحكم فيما بعد الى اعتبار الاستصحاب لكن التحقيق انّ كلّ من قال بالفورية فانّما يريد بالوقت المعتبر فيها بيان مصلحة ما عدا الفعل كما تقول اعطنى حقّى الساعة وحينئذ فالاطلاق بحاله بالنسبة الى ساير الاجزاء ولا يحتاج الى اعتبار الاستصحاب ايضا انتهى

(قوله ولم اعرف له وجها الخ) اقول يمكن توجيهه بانّه اذا كان الامر للفور اقتضى ان يكون بمنزلة واجب موقت مضيّق وهو اعمّ من ان يكون الفور قيدا اولا وبعبارة اخرى الفور المستفاد من الامر امّا ان يؤخذ فيه على وجه التقييد او على وجه تعدّد المطلوب والثمرة بينهما ارتفاع الامر بارتفاع الجزء الاوّل من الوقت على الاوّل وعدمه على الثانى فيمكن فى صورة الشكّ فى كيفية اعتباره اثبات الحكم فى غير الزّمان الاوّل بالاستصحاب الكاشف عن اعتباره على الوجه الثانى مع انّ الفور الذى لا مسرح للشكّ فيه هو الفور الحقيقى وامّا الفور العرفى الذى هو المعتبر فى الامر على القول به فقد يشكّ فيه فى صدقه على زمان

٢٣١

الخ كانه قده لم يلاحظ الا الاوامر والنواهى اللفظية البينة المدلول وإلّا فإذا قام الاجماع او دليل لفظى مجمل على حرمة شىء فى زمان ولم يعلم بقائها بعده كحرمة الوطى للحائض المرددة بين اختصاصه بايام رؤية الدم فيرتفع بعد النقاء وشمولها لزمان بقاء حدث الحيض فلا يرتفع الا بالاغتسال وكحرمة العصير العنبى بعد ذهاب ثلثه بغير النار وحلية عصير الزبيب والتمر بعد غليانهما الى غير ذلك مما لا تحصى فلا مانع فى ذلك كله من الاستصحاب.

معيّن وعدمه فيحتاج الى الاستصحاب وهذا نظير ما ذكره هو وغيره فى ما اذا افاد الامر التكرار من امكان وقوع الشكّ بين التكرار الناقص والزائد.

(قوله فان الظاهر انه لا مانع) عدم المنع من الرّجوع الى الاستصحاب الحكمى انّما هو من جهة ملاحظة ما ذكره سابقا بقوله اللهم الّا ان يقال من الرجوع الى المسامحة العرفية وامّا على التحقيق فلا يجرى الاستصحاب لكون الشكّ فى الموضوع هذا مضافا الى انّ الشكّ فيه فى المقتضى ولا يجرى الاستصحاب فيه على مذهبه نعم يرد الايراد على صاحب الوافية على كلّ تقدير اذ على تقدير ان يكون مراده التمسّك باطلاق الامر فى جميع الموارد لا معنى للتمسك به مع الشكّ فى الاطلاق والتقييد.

(قوله كحرمة الوطى للحائض المرددة الخ) اقول كون الامثلة المذكورة فى المتن من امثلة الشكّ فى التكرار محلّ تامّل لانّ الشكّ فى بقاء حرمة الوطى بعد النّقاء وقبل الغسل ليس من جهة الشكّ فى مقدار تكرار حرمة الوطى بالحائض زمانا بل من جهة الشكّ فى كون زمان النقاء قبل الغسل حيضا بل المناسب التمثيل بما لو كان الشكّ فى تكرارها فى زمان علم كونه زمان حيض وكذلك الشكّ فى حرمة العصير انّما هو من جهة الشكّ فى كون الذّهاب بغير النّار مطهّرا والمناسب الشكّ فى حرمته فى الزّمان اللّاحق مع بقاء العصير على حالته الاولى وكذا مثال الزّبيب.

٢٣٢

قوله فينبغى ان ينظر الى كيفية سببية السبب هل هى على الاطلاق الخ الظاهران مراده من سببية السبب تأثيره لا كونه سببا فى الشرع وهو الحكم الوضعى لان هذا لا ينقسم الى ما ذكره من الاقسام لكونه دائميا فى جميع الاسباب الى ان ينسخ فان اراد من النظر فى كيفية سببية السبب تحصيل مورد يشك فى كيفية السببية ليكون موردا للاستصحاب فى المسبب فهو مناف لما ذكره من عدم جريان الاستصحاب فى التكليفات الا تبعا لجريانه فى الوضعيات وان اراد من ذلك نفى مورد يشك فى كيفية سببية (قوله الظاهران ان مراده من سببية السبب تأثيره) الظّاهر انّ مراده من السببيّة هو الذى جعله سادس الاقسام فيما سبق حيث قسّم الاحكام الشّرعية الى ستة اقسام وهو الحكم بكون الشىء سببا الخ بل يمكن ادّعاء صراحة كلامه فى ذلك وورود الايراد عليه من جهة انّ السببيّة بالمعنى المعروف لا تنقسم الى الاقسام المذكورة لكونها دائمة الى ان تنسخ لا يصير سببا لصرف كلامه عن الظّهور بل الصراحة مع انّه يمكن ادّعاء عدم ورود الايراد عليه على التقدير المذكور لانّ كون الشىء سببا بالمعنى المعروف لشىء قد يكون على سبيل الاطلاق وقد يكون على سبيل التقييد.

(قوله كيفية سببية السبب تحصيل مورد يشك الخ) ذكر بعض الاعلام انّ الظّاهر من كلام الفاضل التّونى انّ المراد من سببيّة السبب تأثيره واقتضائه لكنّ السبب قد يقتضى الحكم دائما وقد يقتضيه فى وقت معيّن وقد يقتضيه فى الجملة فيجوز ان يريد من النظر فى كيفية سببيّة السبب تحصيل مورد يشكّ فى كيفيّة تأثير السبب ليكون مورد الاستصحاب بالنسبة الى اقتضاء السبب وتأثيره لا بالنسبة الى المسبب ابتداء حتى يكون منافيا لما ذكره ولا نفى مورد يشكّ فى كيفيّة سببيّة السبب ولكن قال بعض المحشين ان قوله تحصيل مورد يشكّ الخ ليس مقصود الفاضل

٢٣٣

السبب ليجرى الاستصحاب فى المسبب فانت خبير بان موارد الشك كثيرة فان المسبب قد يتردد بين الدائم والموقت كالخيار المسبب عن الغبن المتردد بين كونه دائما لو لا المسقط وبين كونه فوريا وكالشفعة المترددة بين كونه مستمرا الى الصبح لو علم به ليلا ام لا وهكذا والموقت قد يتردد بين وقتين كالكسوف الذى هو سبب لوجوب الصلاة المردد وقتها بين الاخذ فى الانجلاء وتمامه.

قطعا فلا وجه لذكره. (قوله ليجرى الاستصحاب فى المسبب) انّ المصنّف قد فهم انّ مراد الفاضل التونى من قوله فينبغى ان ينظر الى كيفيّة سببيّة السبب الخ عدم جواز الرّجوع الى استصحاب الحكم وقد سبقه الى ذلك المحقق الكاظمى فى شرح الوافية قال وبالجملة فقد اطلق يعنى الفاضل التونى الاحكام الوضعيّة اولا واراد بها ما يترتب عليها من الاحكام التكليفية باعتبار ان الدلالة عليها انّما كانت بالوضع والتعليم دون الاوامر والنواهى وذلك قوله وامّا الاحكام الوضعيّة الخ بدليل قوله بعد ذلك فان ثبوت الحكم فى شىء من الزّمان الخ واطلقها ثانيا واراد بها نفس الاسباب والشرائط والموانع اى ثبوتها وذلك قوله الّا فى الاحكام الوضعيّة اعنى الاسباب الخ وحكم بعدم جريان الاستصحاب فى التكليفيّة المدلول عليها بالخطابات اعنى الاوامر والنواهى والفاظ التخيير وبالعلامات اعنى الاسباب والشرائط والموانع الخ لكنه قال فى مقام الردّ على صاحب الوافية بعد ان قال قد يتردّد السببيّة بين الاطلاق والتقييد مع التمثيل بالغبن الفاحش الذى هو سبب لجواز الردّ المردّد بين كونه سببا على الاطلاق او على الفورية فيستصحب جواز الردّ وقد يجعل استصحاب الحكم فى هذا تابعا لاستصحاب العلامة فاذا علمنا بانّ الغبن الفاحش سبب لجواز الردّ فورا وشككنا فى ان التأخّر قادح فى السببيّة فاستصحبنا السببية ثم يتبعها الحكم الشرعى اعنى اباحة الردّ.

٢٣٤

قوله وكذا الكلام فى الشرط والمانع الخ لم اعرف المراد من الحاق الشرط والمانع بالسبب فان شيئا من الاقسام المذكورة فى السبب لا يجرى فى المانع وان جرى كلها او بعضها فى المانع ان لوحظ كونه سببا للعدم لكن المانع بهذا الاعتبار يدخل فى السبب وكذا عدم الشرط اذا لوحظ كونه سببا لعدم الحكم وكذا ما ذكره فى وجه عدم جريان الاستصحاب بقوله فان ثبوت الحكم الخ فان الحاصل من النظر فى كيفية شرطية الشرط انه قد يكون نفس الشىء شرطا لشىء على الاطلاق كالطهارة من الحدث الاصغر للمس ومن الاكبر للمكث فى المساجد ومن الحيض للوطى ووجوب العبادة وقد يكون شرطا له فى حال دون حال كاشتراط الطهارة من الخبث (قوله لم اعرف المراد من الحاق الشرط والمانع بالسبب الخ) قال بعض المحشين لعلّ وجه الحاق الشرط والمانع بالسبب هو انّ كلّ واحد من الشرط والمانع قد يكون مؤبدا وقد يكون موقتا وقد يكون فى الجملة كما عرفت فى السبب والفاضل التونى وان كان يمنع جريان الاستصحاب فى صورتى المؤبد والموقت الّا انه لا مانع من جريان الاستصحاب فى صورة الاجمال عند الفاضل وبتبعيّتها يجرى فى الاحكام التكليفية المتفرّعة عليها.

(وكيف كان) اقول لا وجه لعدم معرفته ره مراده من الالحاق بعد تسليمه اخيرا جريان الاقسام المذكورة من الاطلاق والتقييد فى الشرط والمانع اللهم الّا ان يقال ان يكون مراده ره من عدم المعرفة حسبما تعرض له فى مجلس درسه على ما حكى عنه هو انه لا نفع فى الحاق الشرط والمانع بالسبب لما عرفت من جريان الاستصحاب فيه فيكون حالهما كحاله لانّ الشرط عدم السبب لعدم الحكم كسببية وجود المانع لعدم الحكم فتامّل. (ثم اعلم) انّ الشرط له اقسام.

٢٣٥

فى الصلاة مع التمكن لا مع عدمه وقد يكون حدوثه فى زمان ما شرطا للشىء فيبقى المشروط ولو بعد ارتفاع الشرط كالاستطاعة للحج وقد يكون تأثير الشرط بالنسبة الى فعل دون آخر كالوضوء العذرى المؤثر فيما يأتى به حال العذر فاذا شككنا فى مسئلة الحج فى بقاء وجوبه بعد ارتفاع الاستطاعة فلا مانع من استصحابه وكذا لو شككنا فى اختصاص الاشتراط بحال التمكن عن الشرط كما اذا ارتفع التمكن من ازالة النجاسة فى اثناء الوقت فانه لا مانع من استصحاب الوجوب وكذا لو شككنا فى ان الشرط فى اباحة الوطى الطهارة بمعنى النقاء من الحيض او ارتفاع حدث الحيض وبالجملة فلا اجد كيفية شرطية الشرط مانعة عن اجراء الاستصحاب فى المشروط بل قد يوجب اجرائه فيه.

(منها) ان يكون الشىء شرطا لشىء مطلقا كالطهارة من الحدث الاصغر للمس ومن الاكبر للمكث فى المساجد ومن الحيض للوطى ووجوب العبادة.

(ومنها) ان يكون الشىء شرطا فى حال التمكن كالطهارة من الخبث فى الصلاة واذا دار الامر بينهما فهل يلحق بالاوّل فيحكم بعدم بقاء المشروط عند عدم التمكن من الشرط لو يلحق بالثانى فيحكم ببقاء المشروط عند عدم التمكن من الشرط (والتحقيق) انّ المقام مجرى البراءة لانّ الشبهة حكميّة اذ بعد تعذّر الشرط يقع الشكّ فى مطلوبيّة المشروط عند الشارع على وجه اللزوم ومقتضى الاصل هو البراءة ولا يجوز التمسّك بالاستصحاب لما مرّ فى باب البراءة ولكن ظاهر المتن جريان الاستصحاب حيث قال وبالجملة فلا اجد كيفيّة شرطية الشرط مانعة الخ ومراده من قوله بل قد يوجب اجرائه فيه انّ الشكّ فى كيفيّة شرطية الشرط يوجب اجراء الاستصحاب فظاهره غير مراد.

(ومنها) ان يكون الشىء لحدوثه شرطا لشىء آخر فيبقى المشروط بعد

٢٣٦

ارتفاع الشرط ايضا كشرطية التسمية لحليّة الذبيحة.

(ومنها) ان يكون حدوثه وبقائه معا شرطا كالعقل والقدرة فى التكليف فاذا شكّ فى شىء كالاستطاعة مثلا لوجوب الحج انه من هذا او من ذاك فهل يحكم بكونه من الاوّل حتى يكون التكليف بالحج باقيا بعد زوالها ام لا صريح المتن هنا الحاقه من جهة استصحاب بقاء التكليف وفيه اوّلا ان هذا الاستصحاب غير جار على مذاقه من عدم جريان الاستصحاب عند الشّك فى بقاء الموضوع كالاستطاعة فى المقام مضافا الى انّ استصحاب التكليف هنا معارض باستصحاب الشرطية بل هو فى دقّة النّظر حاكم على الاستصحاب فى الحكم التكليفى.

(ان قلت) موضوع المستصحب فى استصحاب الشرطيّة ايضا مغاير له فى الزّمان الثانى اذ لعل ان يكون الشرط هو حدوث الاستطاعة لا بقائها والحدوث والبقاء شيئان متغايران.

(قلت) الشرطيّة من عوارض نفس ذلك الشرط اى الاستطاعة والحدوث والبقاء من العناوين الثانوية الحادثة باعتبار الزمان فليسا من موضوع الحكم حتّى يتغير الموضوع هذا بحسب الاستصحاب.

(واما من حيث البراءة والاشتغال) فالظّاهر ان المورد من موارد حكومة البراءة على الاشتغال لان الشكّ فى التكليف والشبهة حكميّة والمرجع فيه البراءة فلا مجرى لشيء من الاستصحاب والاشتغال بل المقام من مجارى البراءة واستصحاب الشرطيّة.

(ومنها) ان يكون الشرط شرطا مطلقا فى حالتى العلم والجهل كالطهارة بالنسبة الى الصلاة.

(ومنها) ان يكون شرطا فى حال العلم المعبر عنه بالشرط العلمى كاشتراط عدم لبس الحرير فى الصلاة ولو شك فى شرط فى كونه من الاوّل حتى يحكم ببقاء التكليف عند عدم حصوله او من الثانى مثل ان يشك فى ان عدم لبس المخيط

٢٣٧

فى الاحرام شرط فى حال العلم حتى يصح الاحرام حال الجهل او انه شرط مطلقا فيبطل الأحرام مختار المصنف ره فى باب البراءة عند جعل الأصل فى الشروط الركنية جريان قاعدة الشغل فراجع.

(ومنها) ان يكون الشيء شرطا فى حال دون حال وفى زمان دون زمان كالوضوء حال العذر والتقية فاذا شكّ فى بقاء اثره بعد زوال العذر فهل يجوز ابقاء الأثر بالاستصحاب ففى المتن نعم ولكن فيه كلام من حيث الأخبار ينبغى التعرض له تفصيلا وتحقيقا فى محل آخر إن شاء الله تعالى.

٢٣٨

قوله فظهر مما ذكرنا ان الاستصحاب المختلف فيه لا يجرى إلّا فى الاحكام الوضعية اعنى نفس الاسباب والشروط والموانع لا يخفى ما فى هذا التفريع فانه لم يظهر من كلامه جريان الاستصحاب فى الاحكام الوضعية بمعنى نفس الاسباب والشروط ولا عدمه فيها بالمعنى المعروف نعم علم من كلامه عدم الجريان فى المسببات ايضا لزعمه انحصارها فى المؤبد والموقت بوقت محدود معلوم فبقى امران.

(احدهما) نفس الحكم الوضعى وهو جعل الشىء سببا لشىء او شرطا واللازم عدم جريان الاستصحاب فيها لعين ما ذكره فى الاحكام التكليفية (اقول) انّه قده ذكر الاحكام الوضعيّة فى ثلاث مواضع من عبارته احدها ما ذكره فى صدر البحث فى مقام تقسيم الاحكام وثانيها ما تقدّم فى قوله وامّا الاحكام الوضعيّة فاذا جعل الشارع شيئا سببا لحكم وثالثها هذا الكلام ومراده من الاوّل غير معلوم وفى الثالثة معلوم حيث فسره بالاسباب والشرائط وامّا الثانية فيحتمل ان يكون مراده من الاحكام الوضعيّة هو مسبّبات الاحكام الوضعية بعلاقة السببيّة والمسببيّة فذكر السبب واراد منه المسبب وهذا هو الذى فهمه المصنف ره من كلامه حيث قال نعم علم من كلامه عدم جريان الاستصحاب فى المسبّبات ويحتمل ان يكون مراده منها هو السببيّة بمعنى التأثير.

(اذا عرفت هذا) فنقول ان الذى ظهر من كلام الفاضل التونى هو عدم حجية الاستصحاب فى الحكم التكليفى واحد من القسمين المذكورين فى ضمن الاحتمالين وامّا الحكم الوضعى بالمعنى المعروف فلم يظهر من كلامه عدم حجيّة الاستصحاب فيه نعم اللّازم ممّا ذكره فى عدم جريان الاستصحاب فى الحكم التكليفى عدم جريانه فيه ايضا.

(قوله فظاهر كلامه حيث جعل محل الكلام فى الاستصحاب المختلف فيه الخ) اقول لم يعلم ان الفاضل جعل محلّ الكلام فى الامر الشرعى نعم قد

٢٣٩

(والثانى) نفس الاسباب والشروط ويرد عليه ان نفس السبب والشرط والمانع ان كان امرا غير شرعى فظاهر كلامه حيث جعل محل الكلام فى الاستصحاب المختلف فيه هى الامور الشرعية خروج مثل هذا عنه كحياة زيد ورطوبة ثوبه وان كان امرا شرعيا كالطهارة والنجاسة فلا يخفى ان هذه الامور الشرعية مسببة عن اسباب فان النجاسة التى مثل بها فى الماء المتغير مسببة عن التغير والطهارة التى مثل بها فى مسئلة المتيمم مسببة عن التيمم فالشك فى بقائها لا يكون إلّا للشك فى كيفية سببية السبب الموجب لاجراء الاستصحاب فى المسبب اعنى النجاسة والطهارة وقد سبق منه المنع عن جريان الاستصحاب فى المسبب.

قسّم فى صدر كلامه الحكم الشرعى الى ستة اقسام والمقصود منه بيان عدم جريان الاستصحاب فيها ابتداء كما ظهر من بيانه لكن لم يعلم ان ما يجرى الاستصحاب فيه لا بد ان يكون امرا شرعيا بل قد مثّل فى كلامه السّبب بالدّلوك والكسوف والزلزلة مما لم يكن امرا شرعيّا نعم لا بدّ ان يترتب عليه حكم شرعى كلّى والاشياء المذكورة كذلك فيجرى الاستصحاب فيها ابتداء ثمّ يترتب عليها بقاء الحكم الشرعى وعبارته كالصريحة فى ذلك ثم ما عنى بالامر الشرعى فان اراد الحكم الشرعى فقد ادخله فى قسم النفى وصرّح بعدم جريان الاستصحاب فيه ابتداء ولا يمكن ادخاله فى قسم الاثبات مع انّ الطهارة والنجاسة التى مثل المصنف بهما ليستا من الحكم الشرعى امّا الحكم التكليفى فظاهر وامّا الحكم الوضعى فلانّه منحصر عند الفاضل فى كون الشىء سببا او شرطا او مانعا وليستا من الثلاثة نعم على القول بعدم انحصار الحكم الوضعى كما ذهب اليه بعض تكونان من ذلك فنفس السبب والشرط والمانع خارج عند الفاضل عن الحكم الوضعى بالمعنى المعروف وان اراد ما يترتّب عليه الحكم الشرعى الكلى بقرينة عدم ذكره بحياة زيد ورطوبة ثوبه وامثالهما فلا شكّ

٢٤٠