درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٦

السيّد يوسف المدني التبريزي

درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٦

المؤلف:

السيّد يوسف المدني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٧٥

لا بنفسه لا يسمع وبالجملة فهذا القول ضعيف فى الغاية بل يمكن دعوى الاجماع المركب بل البسيط على خلافه وقد يتوهم ان مورد صحيحة زرارة الاولى مما انكر المحقق المذكور الاستصحاب فيه لان السؤال فيها عن الخفقة والخفقتين من نقضهما للوضوء فيه ما لا يخفى فان حكم الخفقة والخفقتين قد علم من قوله عليه‌السلام قد تنام العين ولا ينام القلب والاذن وانما سئل فيها بعد ذلك عن حكم ما اذا وجدت امارة على النوم مثل تحريك شيء الى جنبه وهو لا يعلم فاجاب بعدم اعتبار ما عدا اليقين بقوله عليه‌السلام حتى لا يستيقن انه قد نام حتى يجىء من ذلك امر بين وإلّا فانه على يقين الخ نعم يمكن ان يلتزم المحقق المذكور كما ذكرنا سابقا بان الشك فى اصل النوم فى مورد الرواية مسبب عن وجود ما يوجب الشك فى تحقق النوم فالنقض به لا بالشك فتامل. من الاثبات والنفى.

(والثانى) الحكم بخلاف الحالة السابقة من جهة العمل بالاصول المخالفة للاستصحاب فاذا كانت الحالة السابقة التكليف الالزامى يحكم بالبراءة من جهة اصالتها او الاباحة يحكم بالالزام من جهة اصل الاشتغال ورفع اليد على احد النحوين المزبورين ليس مستندا الى الشك النوعى لوجوده من قبل ولا الى اليقين بوجود المذى مثلا من حيث هو لانه لو كان موجبا لرفع اليد لكان ساير الامور اليقينية ايضا موجبة لرفع اليد والثانى واضح البطلان والملازمة ايضا ظاهرة بل لاجل كونه مع الشك الموجود من قبل سببين لحدوث الشك الفعلى فى كون المذى الخاص ناقضا ام لا فلا بدّ ان يكون رفع اليد مستندا الى هذا لا غير.

(قوله والفرق بين الوجهين الخ) انّ الاول ناظر الى عدم الوقوع لانّ مقتضى الوجه الاول جواز نقض اليقين باليقين بوجود ما يشكّ فى رافعيّته الّا ان

٣٠١

مقتضى القواعد اللفظيّة ووضع اسلوب العربية كون النقض مستندا الى الشكّ لا الى اليقين بوجوده باعتبار كون وجود ما يشك فى رافعيته من موجبات الشكّ وسبب اثارته وكونه جزءاً اخيرا للعلّة التّامة للشّك المتأخّر الناقض لا للنّقض بخلاف الوجه الثانى فان مقتضاه عدم معقوليّة ذلك فعلى هذا فالاولى تقديم الوجه الثانى وجعله وجها اوّلا وتأخير الوجه الاول وجعله وجها ثانيا مراعاة لتقدم الطّبع وموافقته للوضع فافهم.

(ولكن قال بعض الاعلام) من المحشين ان ما ذكره من الفرق محل تامّل اذ لو كان الشكّ السّابق مع اليقين الحادث بعده سببا لحدوث الشكّ الاخير فاما ان يكون هذا الشك الاخير سببا تاما للنقض واما أن يكون جزءا اخيرا للعلة التامة له وعلى كل تقدير فلا بد ان يستند النقض اليه لامتناع استناد المعلول الى غير علته التامة او الجزء الاخير منها فيكون الوجه الاول ايضا راجعا الى عدم الامكان فتامل.

(قوله وثالثا الخ) توضيح الجواب الثالث انّ ظاهر قوله عليه‌السلام لا تنقض اليقين بالشكّ ولكن تنقضه بيقين آخر هو نقضه بيقين متعلّق بخلافه وليس فى الفرض يقين بالخلاف حتّى ينقض به.

(قوله ليس نقضا باليقين بالخلاف) وما ذكره استظهار من اخبار الباب من كون اليقين الناقض هو اليقين بخلاف الحالة السابقة كاليقين بعدم الوجوب بعد اليقين بالوجوب واليقين بالحدث بعد اليقين بالطهارة ونحو ذلك مما يكون اليقين يقينا بخلاف الحالة السابقة وامّا اليقين بوجود ما يشكّ فى رافعيته كاليقين بامر خارج غير مربوط بالحالة السابقة فالنقض به نقض بالشكّ كما لا يخفى واستظهاره ره فى محله.

(قوله لا يخفى ان ظاهر ما ذكره فى ذيل الصحيحة الخ) ما ذكره قدس‌سره مما لا ريب فيه لانّ ما لا يكون مرتبطا باليقين السابق من الامور اليقينية لا يمكن كونه ناقضا له لانّ الناقض للشىء اما ان يكون ضدّا له او نقيضا بالمعنى المعروف ألا ترى انه لو قيل فى صورة الشكّ فى وجود الرّافع انّ النقض بما هو متيقن من

٣٠٢

سبب الشك لا بنفسه لا يسمع وبالجملة فهذا القول ضعيف فى الغاية.

(قوله بل يمكن دعوى الاجماع المركب بل البسيط) اقول اما الثانى فتقريره تارة بما سبق فى كلام الامين الأسترآباديّ من ان حجية الاستصحاب فى الموضوعات مطلقا اجماعى بل ضروريّ ولم يفصّل احد فيها بين اقسام الشكّ فى الرّافع واخرى بما مرّ ايضا من انا تتبعنا من اوّل الفقه الى آخره ولم نجد من انكر الاستصحاب فيما اذا كان الشكّ فى الرافع باقسامه واما الاول فلانهم بين من انكر الاستصحاب مطلقا او غيره من التفصيلات واما التفصيل بين الشك فى وجود الرافع وغيره فلم نر من ذهب اليه فالمفصّل المزبور خارق للاجماع المركب.

(قال فى بحر الفوائد) دعوى الاجماع البسيط فى المقام لا يخلو عن اشكال ولكن قد يستشكل فيما افاده الاستاد من الاجماع المركب ايضا بان مع هذه الاختلافات الكثيرة فى الاستصحاب كيف يمكن دعوى الاجماع المركب بالمعنى النافع المبين المحرر فى محله فانه لا بد من ان يرجع الى اجماع بسيط على نفى القول الحادث مستقلا لا من حيث كونه لازما لما اختاره المختلفون كما هو ظاهر.

(قوله وقد يتوهم ان مورد صحيحة زرارة الاولى) وفى المحكى انّ المتوهم هو صاحب الفصول وصاحب الضوابط وصاحب المناهج وحاصل التوهم الايراد على المحقق صاحب الذخيرة تارة بان الامام عليه‌السلام اجاب فى الصحيحة المزبورة بالبناء على الحالة السابقة فى مقام السؤال عن الخفقة والخفقتين وهو سؤال عن رافعيّة الموجود واخرى بانه عليه‌السلام اجاب به عن قوله واذا حرّك فى جنبه شيء وهو لا يعلم وهو سؤال عمّا اذا كان الشكّ فى الرّافعية والجواب عنه امّا عن الاول فبانّه لا دخل له بالاستصحاب فانّ الراوى سئل عن مسئلة فقهية فاجاب عليه‌السلام عنها بما هو ثابت فى الواقع من دون البناء على الاستصحاب كيف ولا يعقل الجواب بالاستصحاب الذى هو قاعدة فى حقّ الجاهل عن الامام الذى كان منصبه بيان الاحكام الواقعية وامّا عن الثانى فبأنه سؤال عن الشك فى وجود الرّافع اعنى النوم ومنشأ

٣٠٣

الشك حصول بعض علاماته وهو تحريك الشيء فى جنبه.

(قوله نعم يمكن ان يلتزم المحقق المذكور الخ) وهذا جواب آخر عما ذكره المحقق السبزوارى من تخصيص مورد الاستصحاب بالشك فى وجود الرّافع لا الشك فى رافعية الموجود فانه يقول انّ النقض فيه نقض اليقين باليقين لا بالشك مع انّ الامام عليه‌السلام حكم فى مورد الرّواية بالاستصحاب مع انّ المحقق لا يقول بحجيّة الاستصحاب فى مثل مورد الرّواية الذى من قبيل الشك فى رافعية الموجود ولكن يلزمه فى المقام القول بحجيته فى مورد الرّواية باعتباران الشك فى اصل النوم فى مورد الرواية مسبب عن وجود ما يوجب الشك فى تحقّق النوم فلا بدّ من اجراء الاستصحاب فى الشك السببى لا الشك المسببى كما عرفت وجهه مرارا.

(وما ذكره من الامر بالتامل) يحتمل ان يكون اشارة الى ضعف هذا الالزام باعتباران المحقّق اعتبر كون النقض مستندا الى الجزء الاخير من العلة التامة والجزء الاخير فى هذه الصورة هو الشكّ لا اليقين بوجود ما يشكّ فى رافعيّته وقد يقال انّه اشارة الى دفع هذا الاعتراض وابداء الفرق بين المقامين بانّه لا يكفى مجرّد مسببيّة الشك عن وجود شيء متيقّن بل يعتبر ان يكون الامر المتيقّن الوجود عين المشكوك المانعيّة لا شيئا آخر وبعبارة اخرى لا بدّ ان يكون الشيء المتيقن الوجود بنفسه قابلا للمانعيّة وليس الامر فى صورة الشكّ فى وجود الرّافع كذلك

٣٠٤

(حجة القول الحاد يعشر) ما ذكره المحقق الخوانسارى قده فى شرح الدروس قال عند قول الشهيد قده ويجزى ذو الجهات الثلاثة ما لفظه حجة القول بعدم الاجزاء الروايات الواردة بالمسح بثلاثة احجار والحجر الواحد لا يسمى بذلك وباستصحاب حكم النجاسة حتى يعلم لها مطهر شرعى وبدون الثلاثة لا يعلم المطهر الشرعى وحسنة ابن المغيرة وموثقة ابن يعقوب لا تخرجان عن الاصل لعدم صحة مستندهما خصوصا مع معارضتهما بالروايات الواردة بالمسح بثلاثة احجار واصل البراءة بعد ثبوت النجاسة ووجوب ازالتها لا يبقى بحاله الى ان قال بعد منع حجية الاستصحاب اعلم ان القوم ذكروا ان الاستصحاب اثبات حكم فى زمان لوجوده فى زمان سابق عليه

(اقول) القول الحادى عشر هو التفصيل بين الشك فى المقتضى والشك فى رافعيّة الموجود بنحو الشبهة الحكمية كما فى مثال المذى فلا يعتبر الاستصحاب فيهما وبين الشك فى وجود الرّافع وفى رافعية الموجود بنحو الشبهة المصداقيّة كما اذا خرجت رطوبة مردّدة بين البول والوذى فيعتبر الاستصحاب فيهما.

(وهذا التفصيل) قد حكاه الشيخ قدس‌سره فى مقام نقل الاقوال عن المحقق الخوانسارى ره ثم قال قده بعد الفراغ عن عدّ هذه الاقوال الاحد عشر انه لو بنى على ملاحظة ظواهر كلمات من تعرّض لهذه المسألة فى الاصول والفروع لزادت الاقوال على العدد المذكور بكثير بل يحصل لعالم واحد قولان او ازيد فى المسألة الّا انّ صرف الوقت فى هذا ممّا لا ينبغى.

(قوله ما لفظه حجة القول الخ) قال المحقّق الخوانسارى فى شرح الدروس بعد نقل اختلاف العلماء فى اجزاء الحجر الواحد ذى الجهات الثلاث وان الاقوى الاجزاء ، لنا حسنة ابن المغيرة وموثقة ابن يعقوب منضمّتين الى الاصل حجة القول بعدم الاجزاء الرّوايات الواردة بالمسح بثلاثة احجار الى آخر ما نقله المصنف قده قلت

٣٠٥

وهو ينقسم على قسمين باعتبار انقسام الحكم المأخوذ فيه الى شرعى وغيره فالاول مثل ما اذا ثبت نجاسة ثوب او بدن فى زمان فيقولون بعد ذلك يجب الحكم بنجاسته اذا لم يحصل العلم برفعها والثانى مثل ما اذا ثبت رطوبة ثوب فى زمان ففى ما بعد ذلك الزمان يجب الحكم برطوبته ما لم يعلم الجفاف فذهب بعضهم الى حجيته بقسميه وبعضهم الى حجية القسم الاول واستدل كل من الفريقين بدلائل مذكورة فى محلها كلها قاصرة عن افادة المرام كما يظهر بالتامل فيها ولم نتعرض لذكرها هنا بل نشير الى ما هو الظاهر عندنا فى هذا الباب فنقول ان الاستصحاب بهذا المعنى لا حجية فيه اصلا بكلا قسميه اذ لا دليل عليه تاما لا عقلا ولا نقلا.

الرّواية الاولى هى ما رواه فى التهذيب على ما حكى فى الحسن عن ابن المغيرة عن ابى الحسن عليه‌السلام قال قلت له للاستنجاء حدّ قال لا ينقى ما ثمّة قلت فانه ينقى ما ثمة ويبقى الرّيح قال الرّيح لا ينظر اليها والرواية الثانية هى ما رواه فى محكى التهذيب ايضا عن يونس بن يعقوب قال قلت لابى عبد الله عليه‌السلام الوضوء الذى افترضه الله على العباد لمن جاء من الغائط او بال قال يغسل ذكره ويذهب الغائط فالحسنة والموثقة حجّتان عند المشهور فلا وجه للعمل بالاصل فى قبال الاطلاقات اللفظية (قوله مع معارضتهما بالروايات الواردة بالمسح بثلاثة احجار الخ) اقول ان التعارض بين الحسنة والموثقة وبين روايات ثلاثة احجار امّا من جهة مفهوم العدد المستفاد من الثانى او من جهة كونهما من قبيل المتباينين او المطلق والمقيّد وكل منهما غير صالح لتقديم رواية ثلاثة احجار على الحسنة والموثقة امّا مفهوم العدد فلعدم ثبوته واما التباين فلفقده فى المقام حيث ان كون رواية ثلاثة احجار فى مقام التحديد غير معلوم لاحتمال سوقها مساق الغالب او بيان الافضلية نعم لو فرض كونها فى مقام التحديد كالحسنة والموثقة كانا من قبيل المتباينين لكنه ليس كذلك واما كونهما من

٣٠٦

قبيل المطلق والمقيد فالعبرة فى المقام انما هو باعم العناوين هذا.

(قد يقال) بان مدلول الموثقة والحسنة عام او مطلق وما تضمن المسح بثلاثة احجار خاص او مقيد فلا بد من الالتزام بالتخصيص او التقييد وقد نقل عن الوحيد البهبهانى فى حاشية المدارك لاثبات التعارض بانهما وردا فى مقام التحديد الآبى عن التّخصيص او التّقييد او بان ما دلّ على اعتبار المسح بالثلاثة انما هو من جهة عدم حصول النقاء بالواحد فى الاغلب لا من جهة حصر اعتبار خصوص الثلاثة تعبدا (ويمكن) ان يقال لا تعارض ولا تخصيص ولا تقييد فى المقام من جهة كونهما مثبتين فيعمل بهما جميعا ويكون ذكر القيد لعلّه للاستحباب ويشير اليه ما فى بعض اخبار ثلاثة احجار من قوله جرت السنة بثلاثة احجار ابكار ويتبع بالماء خصوصا بملاحظة الفقرة الاخيرة والتفصيل فى محله إن شاء الله تعالى.

(قوله لا يبقى بحاله) وفى المحكى قال بعد ذلك والجواب عن الاوّل اوّلا بمنع ظهور الرّوايات فى اعتبار العدد فى الاحجار لشيوع استعمال هذه العبارة فيما المراد منه تعدّد الفعل لا تعدّد الآلة كما يقال اضربه ثلاثة اسواط والمراد ضربه ثلاث مرّات ولو بسوط واحد وثانيا بمنع دلالتها على الوجوب الى ان قال والجواب عن الثّانى بمنع حجيّة الاستصحاب الى ان قال اعلم انّ القوم ذكروا الى آخر ما نقله الشيخ قدس‌سره.

(قوله اذ لا دليل عليه تاما لا عقلا ولا نقلا) غرضه من ذلك انّه لا دليل على الاستصحاب بالمعنى المتقدّم بمعنى حجيّته مطلقا وفى جميع موارده اذ ما ذكرنا من الدّليل العقلى والنقلى لا يدل على حجيّته فى جميع صور الشكوك الاستصحابية (غاية ما يمكن ان يستدل) انّما هو فى بعض الصّور كما فى الشك فى الرافع على ما ذكره المصنّف وادّعى استفادة ذلك من الاخبار النّاهية لنقض اليقين بالشكّ اذ لو كان مراده بعدم تماميّة ادلّة حجيته عدم تماميّة الادلّة بالنّسبة الى جميع موارده حتّى بالنسبة الى صور الشكّ فى الرّافع فهو مجرد دعوى لا بيّنة

٣٠٧

ولا برهان عليه وان كان مراده عدم تماميّته بالنسبة الى ما عدا صور الشك فى الرافع كما استظهر من العبارة المتقدّمة فهو حقّ لا سترة فيه كما عرفت فى تضاعيف استدلال المصنّف قده على مختاره والمحقّق المذكور ايضا لا ينكره كيف وقد تمسك فى حجيته بالاخبار وقاعدة الاشتغال.

(نعم) الّذي يرد عليه من الايراد هو القول بالتّفصيل الّذي ذكره المحقق وستطّلع عليه فى عبارة الكتاب المحكية عنه ره وحاصل ما يظهر من كلامه حصر الاستصحاب المعتبر عنده فى الشبهة الموضوعية من الشك فى وجود المزيل والغاية سواء كان الشك فى الرافع بعد احراز المقتضى او فى المقتضى كالتكاليف المغياة بغاية شك فى وجود غاياتها فان الشك فيها شك فى المقتضى جزما وهذا التفصيل مما لا يفى به اخبار الباب بالتقريب الذى ذكره المصنف فى الكتاب فتامل.

٣٠٨

(نعم) الظاهر حجية الاستصحاب بمعنى آخر وهو ان يكون دليل شرعى على ان الحكم الفلانى بعد تحققه ثابت الى زمان حدوث حال كذا او وقت كذا مثلا معين فى الواقع بلا اشتراطه لشيء اصلا فحينئذ اذا حصل ذلك الحكم فيلزم الحكم باستمراره الى ان يعلم وجود ما جعل مزيلا له ولا يحكم بنفيه بمجرد الشك فى وجوده والدليل على حجيته امران احدهما ان هذا الحكم اما وضعى او اقتضائى او تخييرى ولما كان الاول عند التحقيق يرجع

(اقول) فيه ما لا يخفى من انّ هذا غير انكار الاستصحاب لانّ من المنكرين ايضا من يقول فيما فرضه المحقّق المذكور بجريان الاستصحاب الّا ان التغيير فى الاسم.

(قوله الى زمان حدوث حال كذا او وقت كذا الخ) والمراد بالغاية فى عبارته اعمّ من الغاية المصطلحة التى عبارة عما يكشف عن انتهاء اقتضاء المقتضى كالمغرب فى الصوم ومن المزيل الّذي هو عبارة عن امر غير زمانى يرتفع عنده الحكم المستمر الثابت فى الزّمان السابق كالحدث بالنسبة الى الطهارة والمطهر الشرعى فى ارتفاع وجوب الاجتناب عن النجس ولكن تعبير المزيل بالغاية مسامحة باعتبار ان اقتضاء المقتضى يرتفع به وينتهى اليه.

(قوله معين فى الواقع بلا اشتراطه لشيء اصلا الخ) ويفهم ممّا سيأتى فى كلامه بعد قوله والحاصل حجيّة الاستصحاب فيما اذا ثبت استمرار الحكم الى غاية معلومة عندنا مع الشك فى وجودها فالمناط عنده فى جريان الاستصحاب ثبوت الحكم الى غاية يشكّ فى وجودها مطلقا.

(قوله وما لم يحصل الظن لم يحصل الامتثال الخ) اقول انّ المراد بالظنّ المعتبر فى الشرع القاطع للتكليف اليقينى لكونه المقطوع الاعتبار شرعا والّا فحصول الامتثال عن التكليف اليقينى بمطلق الظن ولو لم يثبت اعتباره شرعا لم يقل به احد

٣٠٩

اليهما فينحصر فى الاخيرين وعلى التقديرين فيثبت ما رميناه اما على الاول فلانه اذا كان امر او نهى بفعل الى غاية معينة مثلا فعند الشك فى حدوث تلك الغاية لو لم يمتثل التكليف المذكور لم يحصل الظن بالامتثال والخروج عن العهدة وما لم يحصل الظن لم يحصل الامتثال فلا بد من بقاء ذلك التكليف حال الشك ايضا وهو المطلوب واما على الثانى فالامر اظهر كما لا يخفى وثانيهما ما ورد فى الروايات من ان اليقين لا ينقض بالشك.

لانّ الاشتغال اليقينى يقتضى البراءة اليقينيّة كما هى القاعدة المقرّرة المسلّمة عند الكل الّا انّ الكلام فى اعتبار هذا الظن واما اثبات كونه من الظنون الخاصة فدونه خرط القتاد واما حجيته من باب الظن المطلق كما هو الظاهر من المحقق القمى ومن يحذو حذوه حيث جعله من شئون ظن المجتهد فانما يصح على القول بحجية الظن المطلق والمحقق لا يقول به.

٣١٠

(فان قلت) هذا كما يدل على المعنى الذى ذكرته كذلك يدل على المعنى ذكره القوم لانه اذا حصل اليقين فى زمان فلا ينبغى ان ينقض فى زمان آخر بالشك نظرا الى الروايات وهو بعينه ما ذكروه.

(قلت) الظاهر ان المراد من عدم نقض اليقين بالشك انه عند التعارض لا ينقض والمراد بالتعارض ان يكون شيء يوجب اليقين لو لا الشك وفيما ذكروه ليس كذلك لان اليقين بحكم فى زمان ليس مما يوجب حصوله فى زمان آخر لو لا عروض الشك وهو ظاهر.

(فان قلت) هل الشك فى كون الشيء مزيلا للحكم مع العلم بوجوده كالشك فى وجود المزيل أو لا.

(قوله عند التعارض لا ينقض الخ) وفيه ان اليقين بالحكم لا يبقى عند حصول الشك سواء كان الشك فى الرافع او فى المقتضى وليس محل الاستصحاب هو اليقين بل الحكم المتيقن ولا ريب ان النقض بالمعنى الحقيقى غير متصور كما ذكره المصنف فى عبارته المتقدمة فلا بدّ من حمله على المعنى المجازى والمصنف ومن يحذو حذوه حمل الكلام على المعنى المجازى الذى هو اقرب بالاعتبار وهو الامر المستمرّ المتصل لو لا الشك لكان باقيا ولكنّ القوم حملوا الكلام على المجازى الّذى هو اقرب بالعرف وهو رفع المتيقن سابقا مطلقا وترك آثار ما تيقّن وعلى هذا يصدق الرواية على الشك فى المقتضى ايضا وهو الذي دعى القوم الى القول بحجية الاستصحاب مطلقا وهو اولى فافهم.

(قوله والمراد بالتعارض ان يكون الخ) يعنى ان الدليل اذا دلّ على ثبوت الحكم الى غاية وكونه مستمرا اليها فنفس الدليل ناطق بثبوت الحكم لو لا الشك واما اذا كان الشك فى مقدار استعداد المقتضى فنفس الدّليل لا نطق له بالنسبة الى زمان الشكّ فلو حصل اليقين بثبوت الحكم فيه فى الزمان الثانى ايضا لكان من امر

٣١١

(قلت) فيه تفصيل لانه ان ثبت بالدليل ان ذلك الحكم مستمر الى غاية معينة فى الواقع ثم علمنا صدق تلك الغاية على شىء وشككنا فى صدقها على شيء آخر فحينئذ لا ينقض اليقين بالشك واما اذا لم يثبت ذلك بل ثبت ان ذلك الحكم مستمر فى الجملة ومزيله الشيء الفلانى وشككنا فى ان الشيء الآخر مزيل ام لا فحينئذ لا ظهور فى عدم نقض الحكم وثبوت استمراره اذ الدليل الاول غير جار فيه لعدم ثبوت حكم العقل فى مثل هذه الصورة مع ورود بعض الروايات الدالة على عدم المؤاخذة بما لا يعلم والدليل الثانى الحق انه لا يخلو من اجمال وغاية ما يسلم منها ثبوت الحكم فى الصورتين اللتين ذكرناهما وان كان فيه ايضا بعض المناقشات لكنه لا يخلو عن تأييد للدليل الاول فتامل.

آخر لا من نفس المقتضى الذى ثبت مقتضاه فى الزّمان الاول فتأمل.

(قوله هل الشك فى كون الشيء مزيلا للحكم الخ) مراده من المزيل هو مطلق الغاية وما ينتهى اليه الحكم لا خصوص ما كان رافعا كما يدلّ عليه كلامه ما تقدم منه وما تأخر.

(قوله قلت فيه تفصيل) قد يتوهم انّ مراد المحقق الخوانسارى من التفصيل المذكور هو الفرق بين ثبوت الحكم الى غاية معينة وبين احتمال كون شيء غاية مستقلة بعد العلم بثبوت غاية اخرى له.

(ففى الصورة الاولى) يكون الاستصحاب حجة سواء كان الشك فى وجود الغاية او فى غائيّة الموجود وفى الصورة الثانية لا يكون الاستصحاب حجة مطلقا سواء كان الشك فى وجود الغاية او فى غائية الشيء الموجود.

(وقيل) ان مراده التفصيل فى صورة كون الشك فى مزيلية الموجود بين ثبوت الحكم الى غاية معينة فى الواقع وبين احتمال كون شيء غاية مستقلة بعد

٣١٢

العلم بثبوت غاية اخرى له.

(واختار) هذا المعنى المحقق القمى فى القوانين ونسب المعنى الاول الى توهّم المتوهّم قال قدس‌سره واما قوله اى المحقق الخوانسارى فى جملة ما نقلنا عنه سابقا قلت فيه تفصيل فمرجعه ليس الى القول بعدم التفرقة بين الصورتين اى صورتى الشك فى مزيلية الموجود والشك فى وجود المزيل وان الفرق انما يتحقق بثبوت الاستمرار الى غاية وعدمه كما اختاره اولا كما قد يتوهم بل التفصيل فى الصورة الاولى يعنى فى الشك فى مزيلية الموجود والفرق بين كون الشيء فردا من افراد المزيل مع العلم بكونه ماهية واحدة والشك فى تعدد ماهيّة المزيل ولم يتعرض لبيان الفرق وسنبينه انتهى.

(قلت) والمتراءى منه كون الاستصحاب فى الصّورة الثّانية وهى الشك فى وجود المزيل حجّة مطلقا سواء كان الشكّ فى كون شيء فردا من افراد المزيل مع العلم بكونه ماهية واحدة او فى تعدّد ماهيّة المزيل ويرد عليه انّ الشقّين المذكورين فى التّفصيل لا يأتيان الّا فى صورة الشكّ فى مزيليّة الموجود وانّ الشكّ فى وجود المزيل منحصر فى صورة استمرار الحكم الى غاية معيّنة كما يدلّ عليه عبارة المحقّق المزبور وقد سمعت عبارة المحقّق السبزوارى بل المصنف انّ الشكّ فى وجود الرّافع قسم واحد وان الشكّ فى رافعية الموجود ينقسم الى اقسام ثلاثة هذا مضافا الى ان ما ذكره من ان المحقّق لم يتعرّض للفرق محلّ مناقشة لانّ المحقّق قد بيّنه بقوله اذا الدليل الاول غير جار الخ وكأنه لم يلحظ كلام المحقّق بتمامه مع انّ ما وعده لم يف به وقد نبّه عليه بعض المحققين ايضا (واما ما توهمه المتوهم) من ان الفرق انما يتحقق بثبوت الاستمرار الى غاية وعدمه من غير فرق بين الشك فى وجود المزيل ومزيلية الموجود فهو مع انه خلاف صريح عبارة المحقق حيث اجرى التفصيل فى القسم الثانى دون الاول يظهر فساده مما ذكرنا ايضا من عدم جريان واحد من الشقّين المذكورين فى التفصيل فى القسم

٣١٣

الاول وانه منحصر بصورة كون الغاية معينة شك فى وجودها لا فى صدقها على شىء مع العلم بصدقها على شيء آخر ولا فى كون شيء غاية مستقلة بعد العلم بغاية اخرى ولعل المحقق القمى اراد ما ذكرنا فلا غبار فى كلامه اصلا.

(قوله لانه ان ثبت بالدليل ان ذلك الحكم الخ) قد فهم جماعة منهم المصنف قدس‌سره فيما عرفت من كلامه فى مقام نقل الاقوال من هذه العبارة ان المحقق الخوانسارى قد ذهب الى حجية الاستصحاب فى صورة واحدة فقط من صور الشك فى غائية الموجود وهو ما اذا كان منشأ الشك فى الصدق هو اشتباه الامور الخارجية فاذا كان منشأ الشك هو اجمال النص او فقده او تعارض النصين لا يكون الاستصحاب فيه حجة فيكون الاستصحاب حجة عند المحقق فى قسمين من الاقسام الاربعة الشك فى وجود الغاية والشك فى صدقها على شيء من جهة الاشتباه المصداقى دون المفهومى وذكر الشيخ قدس‌سره ان ظاهر كلامه هذا الحاق الشك فى المصداق مطلقا بالشك فى وجود الغاية سواء كان منشأ الشك الامور الخارجية او اجمال مفهوم الغاية وانما اخرج من كلامه صورة الشك فى كون شيء غاية مستقلة.

(قوله الى غاية معينة فى الواقع الخ) يعنى غاية خاصة سواء كان معلومة لدينا بالتفصيل ام لا كما لو علم اجمالا او تفصيلا بنص او اجماع ان عقد النكاح مثلا يستمر اثره الى ان يتحقق ما جعله الشارع مزيلا له وهو امر معين فى الواقع فلو تردد ذلك المعين عندنا بين خصوص الطلاق او الاعم منه ومن شيء آخر كاللعان مثلا فحينئذ لا ينقض اليقين بالشك وفى ذيل كلامه تصريح بما يشرح ما اراده بهذه العبارة الى آخرها فلا تغفل.

(قوله ثم علمنا صدق تلك الغاية على شيء) ومثله ما اذا لم يعلم صدق تلك الغاية على شيء معين لكن علم صدقها على احد الشيئين او الاشياء لا على التعيين فان المختار عند المحقق ايضا الرجوع الى اصل الاشتغال كما يفهم مما يذكره بعد قوله والحاصل وذكر فى مواضع أخر هذه العبارة نعم لو حصل يقين بالتكليف

٣١٤

بامر ولم يظهر معنى ذلك الامر بل يكون مرددا بين امور فلا يبعد حينئذ القول بوجوب تلك الامور جميعا ليحصل اليقين بالبراءة وكذا لو قال الآمر انّ الامر الفلانى مشروط بكذا ولم يعلم او يظن المراد من كذا فعلى هذا ايضا الظاهر وجوب الاتيان بكل ما يمكن ان يكون كذا حتى يحصل اليقين او الظن بحصوله انتهى.

(قوله وشككنا فى ان الشيء الآخر مزيل ام لا) بان تكون الشبهة حكمية ويشك فى كون الشيء الآخر غاية مستقلة من جهة عدم العلم ببيان الشارع.

(قوله لعدم ثبوت حكم العقل الخ) لان العقل انما يحكم بتحصيل العلم ببراءة الذمة او الظن المعتبر عند المحقق فيما اذا ثبت استمرار الحكم الى غاية معينة فى الواقع من غير اشتراطه بشيء من العلم او وجوب شيء مثلا معين فى الواقع مردّد عندنا بين امرين او امور والشك فى كون شيء غاية مستقلة ليس من احد هذين الامرين بل اللّازم عنده الرجوع الى اصل البراءة حتى فى موارد ثبوت العلم الاجمالى (قوله وان كان فيه بعض المناقشات) مثل عدم جواز التمسك بخبر الواحد فى المسألة الاصولية وان كانت عمليّة وسيصرّح بهذه المناقشة فى الحاشية الاخرى التى نقلها السيّد الصدر قدس‌سره عنه وسيأتى نقلها فى كلام المصنّف.

(قوله فتامل) لعلّ وجه التامّل غموض المطلب المذكور عند المحقق وعدم تيقنه باشتمال الرّوايات على ثبوت الحكم فى الصورتين المزبورتين فقط دون غيرهما ويمكن ان يكون وجهه ورود المناقشة المزبورة على التمسك بالرّوايات فلا تكون حجّة اصلا حتى فى الصورتين اللتين ذكرهما فعمدة دليله اجراء اصالة الاشتغال واصالة البراءة.

٣١٥

(فان قلت) الاستصحاب الذى يدعونه فيما نحن فيه وانت منعته الظاهر انه من قبيل ما اعترفت به لان حكم النجاسة ثابت ما لم يحصل مطهر شرعى اجماعا وهنا لم يحصل الظن المعتبر شرعا بوجود المطهر لان حسنة ابن المغيرة وموثقة ابن يعقوب ليستا حجة شرعية خصوصا مع معارضتهما بالروايات المتقدمة فغاية الامر حصول الشك بوجود المطهر وهو لا ينقض اليقين.

(قلت) كونه من قبيل الثانى ممنوع اذ لا دليل على ان النجاسة باقية ما لم يحصل مطهر شرعى وما ذكر من الاجماع غير معلوم لان غاية ما اجمعوا عليه ان التغوط اذا حصل لا يصح الصلاة بدون الماء والتمسح رأسا لا بالثلاثة ولا بشعب الحجر الواحد فهذا الاجماع لا يستلزم الاجماع على ثبوت حكم النجاسة حتى يحدث شيء معين فى الواقع مجهول عندنا قد اعتبره الشارع مطهرا فلا يكون من قبيل ما ذكرنا.

(قوله الظاهر انه من قبيل ما اعترفت به الخ) اقول قد ذكر بعض الاعلام انّه داخل فى احدى الصورتين اللتين اعترف المحقّق قده بجريان الاستصحاب فيهما فانّ حكم النجاسة ثابت ما لم يحصل مطهر شرعى معين فى الواقع غير معين عندنا.

(فهو اما داخل فى الصورة الاولى) وهو ما اذا شكّ فى وجود الغاية او فى الصورة الثانية وهو ما اذا شكّ فى غائية الموجود وصدقها عليه بعد العلم بصدقها على شيء آخر وهذا التعبير ليس بجيّد بل الصواب الحكم بدخوله فى الصورة الثانية يقينا لانّ صدق المطهر الواقعى على الاحجار الثلاثة معلوم والشك فى صدقه على الحجر الواحد ذى الجهات الثلاث ويدلّ على ما ذكرنا تصريح المحقق بقوله كونه من قبيل الثانى ممنوع.

٣١٦

(فان قلت) هب انه ليس داخلا تحت الاستصحاب المذكور لكن نقول قد ثبت بالاجماع وجوب شيء على المتغوط فى الواقع وهو مردد بين ان يكون المسح بثلاثة احجار او الاعم منه ومن المسح بجهات حجر واحد فما لم يأت بالاول لم يحصل اليقين بالامتثال والخروج عن العهدة فيكون الاتيان به واجبا.

(قلت) نمنع الاجماع على وجوب شيء معين فى الواقع مبهم فى نظر المكلف بحيث لو لم يأت بذلك الشيء المعين لاستحق العقاب بل الاجماع على ان ترك الامرين معا سبب لاستحقاق العقاب فيجب ان لا يتركهما.

(فان قلت) قوله ما لم يحصل مطهر شرعى اجماعا وقوله حصول الشك لوجود المطهر يدلّ على ان ما نحن فيه داخل فى القسم الاول وهو ما اذا كان الشك فى وجود الغاية.

(قلت) لا دلالة لهما على ذلك اذ المقصود الشك فى حصول المطهر بوصف انه مطهر ومن المعلوم انه يجتمع مع الشك فى مطهّرية الموجود ومن هذه النكتة يظهر وجه جريان الاستصحاب فى الشك فى غائية الموجود.

(بيان ذلك) انّه لا يجرى فيه استصحاب عدم الوجود لانّ الوجود فى الزّمان الثانى مقطوع به وكذلك لا يجرى استصحاب عدم غائيّة الموجود لعدم الحالة السابقة المتيقنة ففى الصورة الاولى لا يوجد الشك اللّاحق وفى الصورة الثانية لا يوجد اليقين السابق ولا بدّ من الامرين فى الاستصحاب فالوجه جريان استصحاب عدم وجود الغاية بوصف انّه غايته.

(وبعبارة اخرى) مجموع المقيّد والقيد ولا شكّ فى كونه واجدا للامرين المتيقن السابق والمشكوك اللاحق ومثله ما اذا شكّ فى وجود رجل عالم فى الدّار بعد عدم وجوده اصلا فى الزّمان السابق ثم علم بوجود رجل شكّ فى كونه عالما

٣١٧

فانّه يستصحب عدم وجود الرجل العالم فى الدار لمكان احراز جميع شرائط الاستصحاب فيه وسيجيء شطر ممّا يتعلّق بذلك فى الامر السابع من تنبيهات هذا الباب عند بيان اصالة تأخر الحادث فانتظر ومثله الكلام فى الشك فى رافعية الموجود (قوله ليستا حجة شرعية) هذا على زعم المورد والّا فقد عرفت انّ كلّ واحد من الحسنة والموثّقة حجّة شرعيّة عند مشهور الطائفة والمحقّق ايضا يقول بحجّيتهما كما ظهر ممّا نقلنا عنه.

(قوله وهو لا ينقض اليقين) يحتمل ان يكون مراده من الكلام المزبور التمسك بالرّوايات لاثبات الاستصحاب ويمكن ان يكون مراده التمسك بقاعدة الاشتغال ولعلّ الثانى اظهر.

(قوله كونه من قبيل الثانى ممنوع) يعنى ان كونه من قبيل ما ثبت فيه استمرار الحكم الى غاية معيّنة فى الواقع علم صدقها على شيء وشكّ فى صدقها على شيء آخر ممنوع لانّ كونه من قبيله لا بدّ فيه من دلالة الدليل على استمرار الحكم الى زمان كذا او حال كذا والدليل فى المقام امّا النصّ او الاجماع والاول مفقود اذ لم يرد نصّ يكون مفاده هو ذلك وامّا الاجماع فانّما قام على انّ المتغوّط اذا ترك الامرين من التمسّح بثلاثة احجار والتمسّح بحجر واحد ذى الجهات الثلاث كان مستحقا للعقاب ولم يقم على ان حكم النجاسة باق الى ثبوت شيء معيّن عند الله غير معيّن عندنا حتى يكون موردا للاشتغال ويحكم من جهته بالاستصحاب ولا يخفى صراحة كلامه فى انّه لو دلّ الدليل على استمرار النجاسة الى ثبوت المطهر الشرعى فى المثال لكان من قبيل القسم الثانى ويكون الاستصحاب فيه حجّة.

(ومن المعلوم) انّ منشأ الشكّ فى صدق المطهر الشرعى على الحجر الواحد ذى الجهات هو اجمال النصّ مثلا ويكون الشبهة فيه حكميّة لا موضوعيّة فهذه قرينة واضحة على ما ذهب اليه بعض الاعلام خلافا للمصنّف وجمع من انّ القسم الثانى يشمل الشبهة الحكميّة والموضوعيّة كلتيهما فيكون الاستصحاب عند المحقق

٣١٨

الخوانسارى حجة فى ثلاثة اقسام لا فى قسمين.

(ثم) انّ ما ذكره المحقق الخوانسارى من عدم الدّليل على ثبوت النجاسة الى ثبوت المطهر الشّرعى ممنوع لان ما فى الحسنة والموثقة الحجّتين عنده على ما سمعت من قوله عليه‌السلام حتّى ينقّى ما ثمّة او يذهب الغائط صريح الدّلالة على استمرار النجاسة الى حصول النقاء او اذهاب الغائط الصّادقين على ثلاثة احجار ويشكّ فى صدقهما على الحجر الواحد ذى الجهات من جهة الشّبهة الحكميّة بل الانصاف ثبوت الاجماع على ذلك ايضا ومثله النّكاح المستمرّ الى حصول مزيله الصّادق على مثل انت طالق او يشك فى صدقه على مثل انت خليّة وبرّية من جهة الشبهة الحكميّة ايضا.

(قوله فان قلت هب انه ليس داخلا الخ) يعنى سلّمنا انّ ما نحن فيه ليس من موارد الاستصحاب الّذي لا بدّ فيه ان يكون الحكم مستمرّا الى غاية معيّنة فى الواقع مبهمة فى نظرنا لما ذكر من عدم ثبوت دليل دالّ على ذلك لكن لا نسلّم عدم دخوله فى مورد اصل الاشتغال المقتضى لعدم كفاية الحجر الواحد ذى الجهات وانّه لا بدّ من جهة لزوم تحصيل البراءة اليقينيّة من التمسّح بثلاثة احجار فلا يصح ما ذكرت من كفاية الحجر الواحد على ما علم سابقا فيكون موارد الاشتغال اعم من موارد الاستصحاب كما هو واضح.

(والفرق بين الاعتراضين) ان محطّ النّظر فى الاول انّما هو دعوى الاجماع على بقاء النجاسة وعدم ارتفاعها الّا برافع شرعى فما دام لم يثبت وجود الرافع يجب الحكم ببقائها للاستصحاب بالمعنى الذى اعترف بحجيّته وامّا الايراد الثّانى فمبناه دعوى الاجماع على وجوب شيء معيّن فى الواقع على المتغوّط مع قطع النظر عن بقاء النجاسة وعدمه فمقتضاه تحصيل الجزم بفراغ الذمة لقاعدة الاشتغال لا الاستصحاب فتأمّل.

(قوله قلت نمنع الاجماع) يعنى الحكم بوجوب التمسّح بثلاثة احجار

٣١٩

فقط من جهة قاعدة الاشتغال موقوف على كون المورد من مواردها ولا يكون كذلك الّا مع ثبوت الاجماع على وجوب شيء معيّن فى الواقع غير معيّن عندنا والاجماع على هذا النحو غير ثابت بل الثابت هو الاجماع على ان ترك الامرين موجب للعقاب لا ما ذكر فلا مسرح لقاعدة الاشتغال المقتضى لذلك الّذى ذكر فان قلت فما يصنع المحقّق بالعلم الاجمالى المقتضى للاحتياط قلت العلم الاجمالى غير منجز للتكليف عنده ولا يجرى قاعدة الاشتغال من جهته.

٣٢٠