درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٣

السيّد يوسف المدني التبريزي

درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٣

المؤلف:

السيّد يوسف المدني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٧٨

القول باختصاص المقدر بالمؤاخذة وهو يحصل ولو لم يكن المقدر جميع الآثار بل بعضها اذا كان من الاحكام الوضعية.

(قوله فتأمل) اقول لعل وجه التأمل ان ذكر الامور الثلاثة انما هو من باب ذكر بعض الافراد لا للخصوصية او بملاحظة ان اخبار النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله والائمة عليهم‌السلام يكشف بعضها عن بعض وقيل ان وجه التأمل انه اذا ثبت تقدير جميع الآثار فى الثلاثة المذكورة ثبت فى جميعها بملاحظة وحدة السياق.

٦١

(ومما يؤيد) ارادة العموم ظهور كون رفع كل واحد من التسعة من خواص امة النبى اذ لو اختص الرفع بالمؤاخذة اشكل الامر فى كثير من تلك الامور من حيث ان العقل مستقل بقبح المؤاخذة عليها فلا اختصاص له بامة النبى على ما يظهر من الرواية والقول بأن الاختصاص باعتبار رفع المجموع وان لم يكن رفع كل واحد من الخواص شطط من الكلام لكن الذى يهون الامر فى الرواية جريان هذا الاشكال فى الكتاب العزيز ايضا فان موارد الاشكال فيها وهى الخطاء والنسيان وما لا يطاق وما يضطروا اليه هى بعينها ما استوهبها النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله من ربه جل ذكره ليلة المعراج على ما حكاه الله تعالى عنه فى القرآن لقوله تعالى (رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا).

(والذى يحسم) يحسم اى يقطع اصل الاشكال منع استقلال العقل بقبح المؤاخذة على هذه الامور بقول مطلق فان الخطاء والنسيان الصادرين من ترك التحفظ لا يقبح المؤاخذة عليهما وكذا المؤاخذة على ما لا يعلمون مع امكان الاحتياط وكذا فى التكليف الشاق الناشى عن اختيار المكلف والمراد بما لا يطاق فى الرواية هو ما لا يتحمل فى العادة لا ما يقدر عليه اصلا كالطيران فى الهواء واما فى الآية فلا يبعد ان يراد به العذاب والعقوبة فمعنى لا تحملنا ما لا طاقة لنا لا تورد علينا ما لا نطيقه من العقوبة.

(اقول) حاصل ما ذكره قدس‌سره اختصاص المرفوع فى الحديث بالمؤاخذة يوجب عدم اختصاص المرفوع بهذه الامة وهو خلاف ظاهر الحديث فان سوقه فى مقام الامتنان على الامة المرحومة من جهة نبيهم صلى‌الله‌عليه‌وآله من حيث كونه اشرف الانبياء قدرا واعلاهم درجة وافضلهم عند الله تبارك وتعالى.

(بيان الملازمة) ان المؤاخذة على كثير مما ذكر فى الرواية كالخطاء والنسيان وما لا يعلمون وما لا يطيقون وما اضطروا اليه وما اكرهوا عليه قبيحة بحكم العقل من غير فرق بين الامم فلا بد من الحكم بتعميم المرفوع حتى يكون رفع جميع

٦٢

الآثار من خواص الامة المرحومة وان كانت المؤاخذة مرفوعة من جميع الامم.

(قوله والقول بان الاختصاص باعتبار رفع المجموع الخ) والغرض من هذه العبارة دفع الاشكال المذكور على تقدير المؤاخذة(ومحصل) هذا القول التصرف فى لفظ الامة الظاهرة فى العموم الاستغراقى بحملها على العموم المجموعى مع ارادة المجموع من الامور التسعة فيصير المعنى ان مجموع التسعة مرفوع عن مجموع الامة وان لم يكن مرفوعا عن بعضهم وهذا يصح فيما اذا كان العاصم منهم واحدا وهو كذلك فى الامة المرحومة لان الامام عليه‌السلام منهم وهو برىء عن تلك التسعة باعيانها فعلى هذا التصرف اختصاص الامور التسعة بهذه الامة باعتبار المجموع وان لم يكن رفع كل واحد من الخواص.

(وانت خبير) بان هذا التصرف شطط من الكلام (اما اولا) فلان الامرين من هذه التسعة ثابتان للامام عليه‌السلام أيضا وهما الاضطرار والاستكراه فلا يصح القول برفع هذه التسعة عنه عليه‌السلام أيضا(واما ثانيا) فلان رفع هذه الامور بالمعنى المذكور مما لا اختصاص له بهذه الامة لان الامم السابقة أيضا يكون المعصوم موجودا فيهم وهذه الامور مرفوعة عنه (واما ثالثا) فلان هذه الرواية واردة فى مورد الامتنان ومنساقة فى سياق الافتخار وقضية الامتنان رفع كل واحد من التسعة عن كل واحد من الامة ورفع المجموع عن مجموع الامة لا يحصل به الامتنان (واما رابعا) فلان المقصود لو كان رفع هذه الامور عن المعصوم عليه‌السلام فليس المقام مقام الرفع بل المناسب هو الدفع لان هذه الامور لم تكن ثابتة له عليه‌السلام حتى ترفع.

(قوله شطط من الكلام) لان ظاهر الخبر كما قلنا نسبة الرفع الى كل واحد واحد من الاشياء التسعة لا الى المجموع من حيث هو(والشطط) معناه الجور والظلم والبعد عن الحق يقال شطّ فى حكمه أى جار وظلم والمعنى الاخير هو المناسب فى المقام يعنى القول باختصاص التسعة باعتبار رفع المجموع وان لم يكن رفع كل واحد من الخواص شطط من الكلام أى كلام بعيد من الحق.

(قوله لكن الذى يهون الامر فى الرواية جريان هذا الاشكال الخ)

٦٣

غرضه قدس‌سره التفصى عن الاشكال المذكور على تقدير اختصاص المرفوع بالمؤاخذة بعد النقض بكتاب العزيز قال صريحه استيهاب النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله ليلة المعراج المؤاخذة على النسيان والخطاء ونحوهما مما هو مورد الاشكال فى الحديث بقوله تعالى (رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا) بمنع استقلال العقل بقبح المؤاخذة على الامور المذكورة فى الرواية بقول مطلق فان الخطاء والنسيان الصادرين من ترك التحفظ لا يقبح المؤاخذة عليهما وكذا المؤاخذة على ما لا يعلمون مع امكان الاحتياط وكذا فى التكليف الشاق الناشى عن اختيار المكلف والمراد بما لا يطاق فى الرواية هو ما لا يتحمل فى العادة لا ما لا يقدر عليه أصلا كالطيران فى الهواء واما فى الآية فلا يبعد أن يراد به العذاب والعقوبة فمعنى لا تحملنا ما لا طاقة لنا لا تورد علينا ما لا نطيقه من العقوبة.

(قوله وما يضطروا اليه) ذكر الاضطرار لا يناسب المقام اذ ليس مما استوهبها النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(قوله هى بعينها مما استوهبها النبى (ص) فى الصافى عن القمى والعياشى عن الصادق عليه‌السلام أن هذه الآية مشافهة الله تعالى لنبيه لما اسرى به الى السماء قال النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله لما انتهيت الى سدرة المنتهى الى ان قال فقلت ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا او خطأنا فقال الله لا أؤاخذكم فقلت ربنا لا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا فقال لا احملك فقلت ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا انت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين فقال الله تبارك وتعالى قد اعطيك ذلك لك ولامتك الحديث.

(قوله وكذا المؤاخذة على ما لا يعلمون مع امكان الاحتياط) وفيه ان مجرد امكان الاحتياط لو كان رافعا لقبح العقاب عقلا فلا يتم الاستدلال على اصالة البراءة فى شيء من مواردها لان مدركها عقلا هو قبح التكليف والعقاب بلا بيان ولو مع امكان الاحتياط كما هو واضح اللهم إلّا ان يريد بامكان الاحتياط امكان ايجابه فحينئذ لا ريب ان العقل انما يستقل بقبح التكليف والمؤاخذة بلا بيان مع عدم

٦٤

دليل على وجوب الاحتياط وإلّا فهو بيان اجمالى عقلا وشرعا كما هو واضح.

(قوله وكذا فى التكليف الشاق الناشى عن اختيار المكلف) وفيه ان التقييد بالقيد المذكور لا يخلو عن ايراد وهو ان التكليف الشاق اذا لم يبلغ مرتبة اختلال النظام ليس قبيحا اصلا سواء كان ناشئا من سوء اختيار المكلف ام لا ولذا وقع فى الشرائع السابقة مثل كون صلاتهم فى بقاع معلومة وان بعدت وحمل قرابينهم على اعناقهم الى بيت المقدس وغير ذلك مما نقل فى بعض الروايات بل وقع فى هذه الشريعة المطهرة ايضا فى الجملة كالحج والجهاد وغير ذلك.

(غاية الامر) ان الادلة التى تثبت التكليف الشاق فى هذه الشريعة دليل خاص يكون مقدما على حديث الرفع وغيره لكونه عاما.

(نعم) لو كان التكليف الشاق موجبا لاختلال النظم او لوقوع العباد فى المعصية غالبا فهو قبيح لان التكليف بما يوجب الاختلال او وقوع العباد غالبا فى المعصية قبيح عقلا لكون الاول منافيا للغرض من خلق العباد وتشريع احكام بينهم لنظم معادهم ومعاشهم والثانى مناف للّطف الواجب عليه تعالى لفرض كون هذا النحو من التكليف مقربا للعبد الى المعصية لا مبعدا عنه ولا فرق فى ذلك ايضا بين تقصير المكلف وعدمه.

(وان اراد) من التكليف الشاق التكليف بما هو خارج من القدرة ففيه ان التكليف به قبيح عقلا مطلقا سواء كان ناشئا من سوء اختيار المكلف ام لا وما قيل من انه لا دليل على قبح التكليف بالممتنع بالاختيار والعقاب عليه لا ربط له بالمقام.

٦٥

(وبالجملة) فتأييد ارادة رفع جميع الآثار بلزوم الاشكال على تقدير الاختصاص برفع المؤاخذة ضعيف جدا واضعف منه وهن ارادة العموم بلزوم كثرة الاضمار وقلة الاضمار اولى وهو كما ترى وان ذكرها بعض الفحول ولعله اراد بذلك ان المتيقن رفع المؤاخذة ورفع ما عداه يحتاج الى دليل قطعى (وفيه) انه انما يحسن الرجوع اليه بعد الاعتراف باجمال الرواية لا لاثبات ظهورها فى رفع المؤاخذة إلّا ان يراد اثبات ظهورها من حيث ان حملها على خصوص المؤاخذة يوجب عدم التخصيص فى عموم الادلة المثبتة لآثار تلك الامور وحملها على العموم يوجب التخصيص فيها فعموم تلك الادلة مبين لتلك الرواية فان المخصص اذا كان مجملا من جهة تردده بين ما يوجب كثرة الخارج وبين ما يوجب قلته كان عموم العام بالنسبة الى التخصيص المشكوك فيه مبينا لاجماله فتأمل واضعف من الوهن المذكور وهن العموم بلزوم تخصيص كثير من الآثار بل اكثرها حيث انها لا ترتفع بالخطاء والنسيان واخواتهما وهو ناش عن عدم تحصيل معنى الرواية كما هو حقه.

(اقول) بعد دفع الاشكال الذى يلزم على تقدير الاختصاص برفع المؤاخذة بقوله والذى يحسم اصل الاشكال الى آخر ما افاده الشيخ قدس‌سره فلا وجه لصيرورة ذلك مرجحا لتقدير جميع الآثار على تقدير المؤاخذة.

(قوله واضعف منه وهن ارادة العموم الخ) يعنى اضعف من التأييد المذكور قول من قال بتقدير المؤاخذة من جهة كثرة الاضمار على تقدير ارادة جميع الآثار وقلة الاضمار اولى وهذا الوجه محكى عن العلامة فى قواعده حيث قال مقتضى رفع الخطاء مثلا على تقدير ارادة جميع الآثار هو رفع المؤاخذة عن الفعل الصادر عن خطاء ورفع وجوب الاعادة فى الوقت ولزوم القضاء فى خارجه ورفع ساير الغرامات والضمانات مثلا واما على تقدير خصوص المؤاخذة فهو تقدير شيء واحد وهو اولى بالاعتبار ومقتضى الاصل عدم تقدير الزائد عن القدر المتيقن اذ رفع ما عداه يحتاج الى دليل قطعى.

٦٦

(وهو كما ترى) يعنى الوجه المذكور فى قول العلامة فى غاية الضعف لان المقدر فى صورة ارادة جميع الآثار ليس كل فرد فرد من الاثر لكن يلزم المحذور المذكور بل المقدر انما هو لفظ الآثار فحاله كحال المؤاخذة فى انهما باضمار واحد هذا اذا كان المدار فى القلة والكثرة على الكلمة ولو بنى على الحروف فلا شبهة فى ان لفظ المؤاخذة اكثر حرفا من لفظ الآثار كما قيل.

(قوله وفيه انه انما يحسن الرجوع اليه الخ) يعنى ان المدعى اثبات ظهور الرواية فى رفع المؤاخذة ولا ربط له بالاخذ بالقدر المتيقن لان الاخذ بالقدر المتيقن انما يحسن الرجوع اليه بعد الاعتراف باجمال الرواية وترددها بين الاقل والاكثر وإلّا فلو كان اللفظ ظاهرا فى شيء يجب الاخذ به سواء كان قدرا متيقنا ام لا فالطريق المذكور لا يناسب ما هو المدعى.

(قوله إلّا ان يراد اثبات ظهورها من حيث ان حملها على خصوص المؤاخذة الخ) هذا دليل آخر على كون المقدر هو خصوص المؤاخذة لا جميع الآثار وبيان ذلك انه على فرض اجمال حديث الرفع يدور الامر بين تقدير جميع الآثار او خصوص المؤاخذة إلّا انه اذا كان المقدر هو جميع الآثار لزمه تخصيص العمومات المثبتة للضمان والكفارة والقضاء والاعادة وغيرها بغير صورة النسيان والخطاء مثلا واذا كان المقدر هو خصوص المؤاخذة بقيت هذه العمومات على ظاهرها من ارادة العموم فحينئذ اصالة العموم فى الادلة المثبتة للآثار والاحكام تكون قرينة على ظهور الحديث فى رفع المؤاخذة فقط.

(فان المخصص) اذا كان مجملا من جهة تردده بين ما يوجب كثرة الخارج وبين ما يوجب قلته كحديث الرفع اذا كان المقدر فيه المؤاخذة فيقل التخصيص واذا كان المقدر فيه جميع الآثار فيكثر التخصيص كان عموم العام وظهوره فى العموم بملاحظة اصالة عدم التخصيص مبينا لاجمال المخصص المشكوك فيه فههنا بحث طويل لا يسعه هذا المختصر.

(قوله فتامل) الظاهر فى وجه التامل ان اجمال المخصص المنفصل لا يسرى فى

٦٧

ظهور العام واما رفع اجمال المخصص بظهور العام بان يكون مبينا له فغير معلوم.

(ثم اعلم) ان حق المقام ما ذكره اولا من ان حمل الرواية على خصوص المؤاخذة يوجب عدم التخصيص فى عموم الادلة والتعليل بقوله فان المخصص اذا كان مجملا من جهة تردد انما يوجب الشك فى مقدار التخصيص بعد الفراغ عن ثبوت اصل التخصيص.

(قوله واضعف من الوهن المذكور الخ) يعنى لو كان المقدر فى حديث الرفع جميع الآثار فيلزم فيه التخصيص بكثير من الآثار بل اكثرها حيث انها لا ترفع بالخطاء والنسيان واخواتهما ولا يخفى ان هذا التصور اضعف من الوهن المذكور وهو ناش عن عدم تحصيل معنى الرواية كما هو حقه.

(قوله حيث انها لا ترتفع الخ) كالضمان فيما اتلف مال الغير خطاء ووجوب القضاء اذا نسى صلاته حتى خرج الوقت أو أتى باحدى المبطلات نسيانا وكوجوب الدية على العاقلة فى قتل الخطاء الى غير ذلك مما لا يخفى على المتتبع فى مسائل العبادات والمعاملات من ابواب الفقه.

٦٨

(فاعلم) انه اذا بنينا على عموم رفع الآثار فليس المراد بها الآثار المترتبة على هذه العنوانات من حيث هى اذ لا يعقل رفع الآثار الشرعى المترتبة على الخطاء والسهو من حيث هذين العنوانين كوجوب الكفارة المترتب على قتل الخطاء ووجوب سجدتى السهو المترتب على نسيان بعض الاجزاء وليس المراد ايضا رفع الآثار المترتبة على الشىء بوصف عدم الخطاء مثل قوله من تعمد الافطار فعليه كذا لان هذا الاثر يرتفع بنفسه فى صورة الخطاء بل المراد ان الآثار المترتبة على نفس الفعل لا بشرط الخطاء والعمد قد رفعها الشارع عن ذلك الفعل اذا صدر خطاء.

(ثم) المراد بالآثار هى الآثار المجعولة الشرعية التى وضعها الشارع لانها هى القابلة للارتفاع برفعه واما ما لم يكن بجعله من الآثار العقلية والعادية فلا يدل الرواية على رفعها ولا رفع الآثار المجعولة المترتبة عليها (ثم المراد) بالرفع ما يشمل عدم التكليف مع قيام المقتضى له فيعم الدفع ولو بان يوجه التكليف على وجه يختص بالعامد وسيجىء بيانه.

(اقول) على القول بعموم المرفوع لجميع الآثار فى الحديث الشريف المسوق لبيان الامتنان على العباد ليس المراد بها الآثار المترتبة على هذه العنوانات من حيث هى للزوم التناقض بالنسبة الى رفع الآثار على هذه العنوانات وذلك لان هذا العنوان محقق لهذا الاثر واذا كان العنوان بمقتضى حديث الرفع موجبا لارتفاع الاثر المترتب عليه لزم التناقض كما اشار قدس‌سره الى هذا المحذور المذكور بقوله.

(اذ لا يعقل رفع الآثار الشرعى المترتبة على الخطاء والسهو الخ) كالدية المترتبة على القتل الصادر خطاء وسجدتى السهو المترتبتين على النقص او الزيادة الصادرين سهوا او الشك بين الاربع والخمس بعد الفراغ عن السجدتين ورفع الرأس منهما وصلاة الاحتياط المترتبة على الشك فى الركعات وهكذا.

(قوله وليس المراد ايضا رفع الآثار المرتبة على الشىء بوصف عدم

٦٩

الخطاء الخ) يعنى بناء على تقدير عموم الآثار فى الحديث ليس المراد ايضا رفع الآثار المترتبة على الشيء بوصف عدم الخطاء كالقصاص المترتب على تعمد القتل مثلا والكفارة المترتبة على الافطار عمدا فى نهار رمضان وبطلان الصلاة المترتب على الصلاة فى حال النجاسة مع العلم بها.

وهكذا لانه اذا فرضنا كون حكم مترتبا فى الشريعة على شىء بوصف عدم الخطاء كان ارتفاعه فى صورة وجود الخطاء من جهة ارتفاع موضوعه فهو تخصص لا تخصيص وقد اشار قدس‌سره الى هذا بقوله (لان هذا الاثر يرتفع بنفسه فى صورة الخطاء).

(قوله بل المراد ان الآثار المترتبة على نفس الفعل لا بشرط الخطاء والعمد الخ) يعنى اذا عرفت ان ليس المراد من الآثار الآثار المترتبة على العنوانات من حيث هى وان ليس المراد ايضا الآثار المترتبة على الشىء بوصف عدم الخطاء(فاعلم) ان المراد من الآثار التى ترتفع بالامور المذكورة فى حديث الرفع الآثار المترتبة على نفس الفعل من حيث هو من دون اخذ العمد والذكر والخطاء والنسيان والعلم والجهل ونحوها فهذه الآثار قد رفعها الشارع عن ذلك الفعل اذا صدر عن المكلف خطاء هذا.

(واعلم) انه بعد شرح العبارة وتوضيحها بالنسبة الى المراد بالآثار ولا بأس بالتعرض لنقل كلام صاحب بحر الفوائد حيث اتى باحسن التحقيق والتدقيق فى المقام حيث قال ان الآثار والاحكام الشرعية المترتبة على الافعال بالمعنى الاعم من الترك لا يخلو الامر فيها من وجوه ثلاثة.

(لانها اما مترتبة بظاهر دليلها) على الفعل اللابشرط اى الفعل من حيث هو من دون اخذ العمد والذكر والخطاء والنسيان والعلم والجهل ونحوها فيه كما هو الغالب فى اكثر الاحكام والآثار الشرعية المترتبة على افعال المكلفين.

(واما مترتبة على الفعل) من حيث اخذ وصف التعمد والذكر ونحوهما فيه اى الفعل بشرط هذه الاوصاف كالقصاص المترتب على تعمد القتل مثلا والكفارة

٧٠

المترتبة على الافطار عمدا فى نهار رمضان وبطلان الصلاة المترتب على الصلاة فى حال النجاسة مع العلم بها وهكذا.

(واما مترتبة على الفعل) بشرط الخطاء والنسيان والشك ونحوها من الاوصاف كالدية المترتبة على القتل الصادر خطاء وسجدتى السهو المترتبتين على النقص او الزيادة الصادرين سهوا او الشك بين الاربع والخمس بعد الفراغ عن السجدتين ورفع الرأس منهما وصلاة الاحتياط المترتب على الشك فى الركعات.

(ثم) على القول بعموم الرفع لجميع الآثار فى الحديث الشريف المسوق لبيان الامتنان على العباد وحكومته على أدلتها كدليل نفى الحرج والضرر ونحوهما يحكم بحكومته على القسم الاول اذ هو الذى يقبل للشرح والتفسير والبيان

(واما القسمان الآخران) فلا تعرض للحديث لبيان حالهما اصلا بل لا معنى له جزما اذ القسم الثانى منتف بانتفاء موضوعه فى صورة عروض الحالات المذكورة فى الحديث والقسم الثالث يثبت موضوعه بعروض الحالات المذكورة بحيث لا يكون موضوع بالفرض الا فى صورة عروض الحالات فكيف يجعل الحديث شارحا له وموجبا لحمله على غير صورة عروض الحالات وان هو الا طرحه رأسا والمفروض ثبوته مضافا الى ما عرفت من كونه خلاف معنى الحكومة وهذا أمر ظاهر لا سترة فيه اصلا كما لا يخفى انتهى.

(قوله ثم المراد بالآثار هى الآثار المجعولة الشرعية التى وضعها الشارع الخ) يعنى على القول بعموم المرفوع فى الحديث ان المراد بالآثار هى الآثار المجعولة الشرعية التى حملت على الافعال فى الادلة الشرعية اولا وبالذات من دون توسيط امر آخر لانها هى القابلة للارتفاع برفع الشارع.

(واما ما لم يكن بجعل الشارع) من الآثار العقلية والعادية والاول كبطلان العبادة المترتب على نسيان بعض الاجزاء والشرائط ووجه كونه اثرا عقليا كون البطلان عبارة عن مخالفة المأتى به للمأمور به وهى امر عقلى والثانى كالاسكار المترتب على شرب الخمر ولو نسيانا والتألم المترتب على الضرب ولو خطاء فلا تدل الرواية

٧١

على رفعها ولا رفع الآثار المجعولة المترتبة على الآثار العقلية والعادية كوجوب الاعادة المترتب على مخالفة المأتى به للمأمور به الناشئة من نسيان بعض الاجزاء والشرائط لان الظاهر من رفع الشارع من حيث انه شارع لآثار الفعل انما هو رفع ما كان ثبوتها له بجعله وكان موضوعا لها بحسب جعله لا مطلقا نعم لو كان هناك اثر عقلى او عادى مترتب على الاثر الشرعى المترتب على الفعل الذى حكم برفعه يحكم بارتفاعه قهرا من حيث ارتفاع موضوعه.

(قوله ثم المراد بالرفع ما يشمل عدم التكليف الخ) اقول انه قد يستظهر من الحديث كون صدق الرفع موقوفا على وجود دليل يقتضى ثبوت المرفوع بعنوان العموم لكن مراد الشيخ قدس‌سره ان المراد من الرفع ما يشمل الدفع فيكفى فى صدقه مجرد وجود المقتضى لثبوته وان لم يكن عليه دليل لكن مع قيام المقتضى لانه لو لم يقم كان ذلك اندفاعا لا دفعا فلا بد فى تحققه من قيام المقتضى كما انه لا بد فى الرفع من قيام الدليل على التكليف زائدا عليه.

٧٢

(فان قلت) على ما ذكرت يخرج اثر التكليف فيما لا يعلمون عن مورد الرواية لان استحقاق العقاب اثر عقلى له مع انه متفرع على المخالفة بقيد العمد اذ مناطه أعنى المعصية لا يتحقق إلّا بذلك واما نفس المؤاخذة فليست من الآثار المجعولة الشرعية و(الحاصل) انه ليس فيما لا يعلمون أثر مجعول من الشارع مترتب على الفعل لا بقيد العلم ولا الجهل حتى يحكم الشارع بارتفاعه مع الجهل.

(اقول) كلامه قدس‌سره مشتمل على ايرادين ملخص الاول انك قد ذكرت ان المرفوع فى الرواية خصوص الآثار الشرعية واستحقاق العقاب والمؤاخذة من الآثار العقلية فلا يرفع بها.

(وملخص الثانى) انه قد تقدم ان المرفوع بالنبوى هو الاثر المترتب على الشىء مع قطع النظر عن هذه العناوين واستحقاق العقاب من الآثار المترتبة على عنوان المعصية وهى لا تتحقق الا فى صور العمد.

(والحاصل) ان استحقاق العقاب والمؤاخذة ليسا من الآثار الشرعية التى وضعها الشارع بل من الآثار العقلية التى ليست قابلة للارتفاع برفعه وذلك لان المؤاخذة واستحقاق العقاب من جهة مخالفة أمر المولى والحاكم فيها هو العقل وهذا الاشكال ليس مختصا بما لا يعلمون بل يجرى فى جميع الجملات فى الرواية بناء على تقدير المؤاخذة فيها أو تمام الآثار ومنها المؤاخذة.

(قوله واما نفس المؤاخذة فليست من الآثار المجعولة الشرعية) قد ذكره (قدس‌سره) بعد ذكر استحقاق العقاب وما عدّه من الآثار العقلية لان فيه احتمالين :

(الاول) يحتمل أن يراد من نفس المؤاخذة جواز مؤاخذة المولى لعبده فى ترك الواجب أو فعل الحرام ففى هذا الفرض كلاهما من الآثار العقلية فلا حاجة الى ذكره بعد ذكر ان استحقاق العقاب من الآثار العقلية.

٧٣

(الثانى) يحتمل أن يراد من المؤاخذة نفس مؤاخذة المولى لعبده بناء على هذا الاحتمال فهى ليست من الآثار المجعولة الشرعية ولا من الآثار العقلية بل من الافعال وذلك لان الذى يحكم به العقل استحقاق العقوبة واما نفس العقوبة فهو فعل المعاقب.

٧٤

(قلت) قد عرفت ان المراد برفع التكليف عدم توجهه الى المكلف مع قيام المقتضى له سواء هناك دليل يثبته لو لا الرفع أم لا فالرفع هنا نظير رفع الحرج فى الشريعة وح فاذا فرضنا انه لا يقبح فى العقل أن يوجه التكليف بشرب الخمر على وجه يشمل صورة الشك فيه فلم يفعل ذلك ولم يوجب تحصيل العلم ولو بالاحتياط ووجه التكليف على وجه يختص بالعالم تسهيلا على المكلف كفى فى صدق الرفع وهكذا الكلام فى الخطاء والنسيان فلا يشترط فى تحقق الرفع وجود دليل يثبت التكليف فى حال العمد وغيره (نعم) لو قبح عقلا المؤاخذة على الترك كما فى الغافل الغير المتمكن من الاحتياط لم يكن فى حقه رفع أصلا اذ ليس من شأنه أن يوجه اليه التكليف وح فنقول معنى رفع أثر التحريم فيما لا يعلمون عدم ايجاب الاحتياط والتحفظ فيه حتى يلزمه ترتب العقاب اذا افضى ترك التحفظ الى الوقوع فى الحرام الواقعى وكذا الكلام فى رفع أثر النسيان والخطاء فان مرجعه الى عدم ايجاب التحفظ عليه والّا فليس فى التكاليف ما يعمّ صورة النسيان لقبح تكليف الغافل.

(اقول) توضيحه ان المرفوع فى النبوى ليس نفس استحقاق العقاب أولا وبالذات حتى يتوجه عليه السؤال المذكور بل المرفوع أولا وبالذات امر شرعى يترتب على رفعه رفع الاثر العقلى المزبور وهذا الامر الشرعى المرفوع أولا وبالذات هو ايجاب التحفظ والاحتياط لا نفس الحكم الواقعى حتى يلزم على رفعه المحذور المزبور على كل تقدير.

(ولا يخفى عليك) ان جعل المرفوع ايجاب التحفظ والاحتياط لا يتوقف على قيام دليل على ثبوته فى الشرعيات بل يكفى وجود المقتضى لثبوته على ما عرفت فيما تقدم من كون المراد من الرفع ما يشمل الدفع وقد اشار قدس‌سره الى ما ذكرنا بقوله ان المراد برفع التكليف عدم توجهه الى المكلف مع قيام المقتضى له الخ هذا ملخص ما أفاده فى الجواب عن السؤال.

٧٥

(وقد اجاد صاحب بحر الفوائد) فى شرح ما أفاده قدس‌سره فى الجواب عن السؤال حيث قال ان الحرمة الواقعية مثلا المنبعثة عن المفسدة الملزمة الكامنة فى ذوات الافعال المأخوذة بالعنوان اللابشرطى اقتضت ايجاب الشارع لامتثالها واطاعتها مطلقا ومن حيث رعاية وجودها الواقعى والنفس الامرى من غير فرق بين قيام الطريق اليها وعدمه.

(فمقتضاه) ايجاب الشارع للاحتياط عند احتمال وجودها فاذا أخبر الشارع بقوله رفع ما لا يعلمون عن عدم رعايته تمام الرعاية علم عدم ايجابه الاحتياط عند الشك فى الحكم الالزامى.

(فالمرفوع) حقيقة مقتضى الحرمة الواقعية المحمولة على الفعل اللابشرط لا نفسها حتى يتوجه عليه ما ذكر فى طى السؤال فيحكم بارتفاع ايجاب الاحتياط من حيث انه من مقتضيات الالزام الواقعى المحمول على الفعل المأخوذ بالعنوان التجريدى المعرّى عن العلم والشك فكان المرفوع الحكم الواقعى بحسب بعض مراتبه وهو تنجزه وان لم يكن التنجز على ما أسمعناك مرارا حكما مجعولا للشارع فى قبال الحكم الواقعى الثانى.

(فالمرفوع) ما كان له مقتضى الثبوت لا الثابت فعلا بحسب قيام الدليل عليه فان الدليل على الحكم الواقعى لا يمكن اثباته للمعنى المذكور ودلالته عليه وجعله طريقا اليه مع الشك وان كان الحكم الواقعى على تقدير ثبوته فى نفس الامر ثابتا واقعا ومرادا عن المكلفين كذلك والفرق بينهما أى الدلالة والثبوت النفس الامرى والارادة الواقعية لا يكاد أن يخفى.

(وعلى ما ذكرنا يحمل قوله قدس‌سره فى الجواب) وح اذا فرضنا انه لا يقبح فى العقل أن يوجه التكليف بشرب الخمر على وجه يشمل صورة الشك فيه الى آخره فان المراد منه عدم ايجاب الشارع امتثال الحكم الواقعى بقول مطلق لا التوجيه من نفس الخطاب المتعلق بشرب الخمر فان ثبوت الحكم فى مرحلة الواقع تابع للخمر الواقعى وجعله دليلا عليه مع الشك وطريقا اليه محال لا يمكن

٧٦

تصرف الشارع فيه أصلا كما ان المراد بقوله بعد ذلك.

(قوله وإلّا فليس فى التكاليف ما يعم صورة النسيان الخ) فان العموم بمعنى الثبوت النفس الامرى لا يمكن انكاره والذى يقبح عقلا هو ايجاب امتثاله مطلقا حتى مع النسيان الصادر عن ترك التحفظ الذى لا ينفك عن الطبيعة الانسانية فينطبق مع المراد بالتوجيه فى العبارة المتقدمة هذا على تقدير عدم دليل على وجوب الاحتياط مطلقا حتى فى الشبهات البدوية واما على تقدير قيام دليل عليه فيمكن جعل الحديث مخصصا له بما اذا كان هناك علم اجمالى بالتكليف فيخرج عن المعنى الذى ذكرنا اعنى حكومة الحديث على ادلة احكام الموضوعات هذه غاية ما يقال فى الجواب عن السؤال وشرح ما افاده فى المقام وان بقى فى النفس مع ذلك شيء انتهى كلامه رفع مقامه.

٧٧

(والحاصل) ان المرتفع فيما لا يعلمون واشباهه مما لا يشملها ادلة التكليف هو ايجاب التحفظ على وجه لا يقع فى مخالفة الحرام الواقعى ويلزمه ارتفاع العقاب واستحقاقه فالمرتفع اولا وبالذات امر مجعول يترتب عليه ارتفاع امر غير مجعول ونظير ذلك ما ربما يقال فى رد من تمسك على عدم وجوب الاعادة على من صلى فى النجاسة ناسيا بعموم حديث الرفع من ان وجوب الاعادة وان كان حكما شرعيا إلّا انه مترتب على مخالفة المأتى به للمأمور به الموجب لبقاء الامر الاول وهى ليست من الآثار الشرعية للنسيان وقد تقدم ان الرواية لا تدل على رفع الآثار الغير المجعولة ولا الآثار الشرعية المترتبة عليها هنا كوجوب الاعادة فيما نحن فيه ويرده ما تقدم فى نظيره من ان الرفع راجع الى شرطية طهارة اللباس بالنسبة الى الناسى فيقال بحكم حديث الرفع ان شرطية الطهارة شرعا مختصة بحال الذكر فيصير صلاة الناسى فى النجاسة مطابقة للمأمور به فلا يجب الاعادة وكذلك الكلام فى الجزء المنسى فتأمل.

(اقول) ان المرفوع بالنسبة الى ما لا يعلمون ليس نفس استحقاق العقوبة اولا وبالذات بل هو امر شرعى يلزمه بحكم العقل ارتفاع امر غير شرعى وذلك الامر بخلف بالنسبة الى العناوين المذكورة فى الخبر ولكن المرفوع فيما لا يعلمون اولا وبالذات امر مجعول وهو ايجاب التحفظ على وجه لا يقع فى مخالفة الحرام الواقعى ويلزمه ارتفاع امر غير مجعول وهو العقاب واستحقاقه وهما من الآثار العقلية.

(ونظير ذلك) اى نظير الاشكال الذى ذكر فى قوله قدس‌سره فان قلت ما يقال فى رد من تمسك على عدم وجوب الاعادة على من صلى فى النجاسة ناسيا بعموم حديث الرفع وكون هذا نظيرا له من جهة كونه توهما ناشيا مما ذكر من ان المرفوع هو الآثار الشرعية اللابشرطية بلا واسطة كالتوهم المذكور فى قوله فان قلت المتقدم فيما سبق.

(قوله من ان وجوب الاعادة الخ) بيان للموصول المتقدم فى قوله ما ربما يقال وبعبارة اخرى بيان للرد على المتمسك بعموم حديث الرفع على عدم وجوب

٧٨

الاعادة على من صلى فى النجاسة بتقريب ان المرفوع فى الرواية هو الآثار المجعولة الشرعية لا الآثار العقلية ولا العادية ووجوب الاعادة وان كان اثرا شرعيا إلّا انه مترتب على مخالفة المأتى به للمأمور به الموجب لبقاء الامر الاول ولا ريب ان المخالفة المأتى به للمأمور به ليست من الآثار المجعولة الشرعية بل من الآثار العقلية وقد مر ان الرواية لا تدل على رفع الآثار العقلية ولا العادية ولا الآثار المجعولة الشرعية المترتبة على الآثار الغير الشرعية.

(قوله فيقال بحكم حديث الرفع) ملخصه ان المرفوع اولا وبالذات امر مجعول شرعا وهو الشرطية بالنسبة الى الناسى فيقال بحكم حديث الرفع ان شرطية الطهارة شرعا مختصة بحال الذكر فيصير صلاة الناسى فى النجاسة مطابقة للمأمور به فلا يجب الاعادة.

(قوله وكذلك فى الجزء المنسى) يعنى ان الكلام فى الجزء المنسى هو الكلام فى الشرط المنسى تمسكا وايرادا وجوابا فيرجع الرفع هنا الى جزئية الجزء المنسى بالنسبة الى الناسى فيقال بحكم حديث الرفع ان جزئية الجزء المنسى كالسورة مثلا مختصة بحال الذكر وجزئية الجزء كشرطية الشرط من الاحكام الشرعية.

(قوله فتأمل) لعل وجه التأمل عدم صحة جعل المرفوع الشرطية والجزئية لانهما ليستا من المجعولات الشرعية بل من الامور المنتزعة من الاحكام التكليفية كسائر الاحكام الوضعية بناء على مذاق الشيخ قدس‌سره فيها فهى ايضا ليست قابلة للجعل والرفع إلّا ان يقال انهما وان كانتا من الامور الانتزاعية الغير القابلة للجعل والرفع إلّا ان منشأ انتزاعهما هو الحكم التكليفى وهو قابل للرفع فيرتفع الحكم الشرعى المترتب عليه الامر الانتزاعى وفيه ما لا يخفى وقد ذكر فى وجه التأمل وجوه أخر لا فائدة فى التعرض لها وان اردت الاطلاع عليها فراجع الى التعاليق لهذا الكتاب.

٧٩

(واعلم) ايضا انه لو حكمنا بعموم الرفع لجميع الآثار فلا يبعد اختصاصه بما لا يكون فى رفعه ما ينافى الامتنان على الامة كما اذا استلزم الاضرار المسلم فاتلاف المال المحترم نسيانا او خطأ لا يرتفع معه الضمان وكذلك الاضرار بمسلم لدفع الضرر عن نفسه لا يدخل فى عموم ما اضطروا اليه اذ لا امتنان فى رفع الاثر عن الفاعل باضرار الغير فليس الاضرار بالغير نظير ساير المحرمات الالهية المسوّغة لدفع الضرر واما ورود الصحيحة المتقدمة عن المحاسن فى مورد حق الناس اعنى العتق والصدقة فرفع اثر الاكراه عن الحالف يوجب فوات نفع على المعتق والفقراء لا اضرارا بهم وكذلك رفع اثر الاكراه عن المكره فيما اذا تعلق باضرار مسلم من باب عدم وجوب تحمل الضرر لدفع الضرر عن الغير ولا ينافى الامتنان وليس من باب الاضرار على الغير لدفع الضرر عن النفس لينافى ترخيصه الامتنان على العباد فان الضرر اولا وبالذات متوجه على الغير بمقتضى ارادة المكره بالكسر لا على المكره بالفتح فافهم.

(اقول) ان الحديث الشريف لما كان واردا فى مقام الامتنان بالنظر الى سياقه ولو حكمنا بعموم الرفع لجميع الآثار فلا بد ان يحكم باختصاصه بما لا يكون فى رفعه ما ينافى الامتنان على الامة فاتلاف المال المحترم نسيانا او خطاء لا يرفع معه وجوب الغرامة والضمان لان رفعه ينافى الامتنان على مالكه وان كان فيه امتنان على المتلف (وكذلك) اتلافه واكله فى مقام الاضطرار والضرورة لا يرفع معه وجوب الغرامة والضمان فيجمع بين الحكم بجواز اكله فى مقام اضطرار والضمان بمقتضى ما دل على سببية الاتلاف للضمان.

(وكذلك) اى نظير الاتلاف الاضرار بمسلم لدفع الضرر عن نفسه فهو لا يدخل فى عموم ما اضطروا اليه اذ لا امتنان فى رفع الاثر عن الفاعل باضرار الغير اذ رفع الاثر عن الفاعل وان كان امتنانا بالنسبة اليه إلّا ان ثبوت الضرر للغير يمنع عن حصول الامتنان لكل الامة لان الغير ايضا من الامة ومقتضى رفع الاثر عن الامور المذكورة فى الحديث رفعه عن كل الامة.

(فليس الاضرار بالغير) كسائر المحرمات الذاتية الالهية التى جوز الشارع

٨٠