موسوعة التاريخ الإسلامي - ج ٤

الشيخ محمّد هادي اليوسفي الغروي

موسوعة التاريخ الإسلامي - ج ٤

المؤلف:

الشيخ محمّد هادي اليوسفي الغروي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: أضواء الحوزة ـ لبنان
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٧٢

وصيّة عمر السياسية :

روى ابن قتيبة في «الإمامة والسياسة» : أن عمر أرسل إلى علي بن أبي طالب ، وعثمان بن عفّان ، والزبير بن العوام ، وسعد بن أبي وقاص ، وعبد الرحمن بن عوف ، وطلحة بن عبيد الله ، فجمعهم إلّا طلحة فإنه كان غائبا.

ولما اجتمع هؤلاء الأوّلون من المهاجرين قال لهم : يا معشر المهاجرين الأوّلين ؛ إني نظرت في أمر الناس فلم أجد فيهم شقاقا ولا نفاقا! فإن يكن بعدي شقاق ونفاق فهو فيكم! تشاوروا ثلاثة أيام ، وأعزم عليكم بالله أن لا تتفرّقوا اليوم الثالث حتى تستخلفوا أحدكم ، وأحضروا معكم الحسن بن علي وعبد الله بن العباس فإنّ لهما قرابة وأرجو لكم البركة في حضورهما وليس لهما من أمركم شيء! وأحضروا معكم من شيوخ الأنصار وليس لهم من أمركم شيء! ويحضر ابني عبد الله وليس له من الأمر شيء!

فإن جاءكم طلحة إلى ذلك .. فإن استقام أمر خمسة منكم وخالف واحد فاضربوا عنقه! وإن استقام أربعة وخالف اثنان فاضربوا أعناقهما ، وإن استقر ثلاثة وخالف ثلاثة فاحتكموا إلى ابني عبد الله (كذا) فلأيّ الثلاثة قضى فالخليفة منهم وفيهم! فإن أبى الثلاثة الآخرون ذلك فاضربوا أعناقهم! (فإن لم يرضوا بحكم عبد الله فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف) (١).

__________________

(١) عن خبر الطبري ٤ : ٢٢٩ عن النميري البصري وأبي مخنف عن عمرو بن ميمون الأودي الأنصاري عن ابن عمر.

ومن هنا ـ محورية ابن عوف ـ عرف علي عليه‌السلام صرف الأمر عنه إلى عثمان من خلال ابن عوف فإنه صهر عثمان على اخته ، وسعد ابن عم عبد الرحمن فلا يخالفه ، فحتى لو كان الآخران مع علي عليه‌السلام لم ينفعاه شيئا ، كما عنه عليه‌السلام في الطبري ٤ : ٢٢٩ ، ٢٣٠.

٣٠١

فقال له أحدهم (وكأنه سعد) : يا أمير المؤمنين ؛ قل فينا مقالة نستدلّ بها على رأيك ونقتدي بك!

فقال له : يا سعد والله ما يمنعني أن استخلفك إلّا لشدّتك وغلظتك!

وقال لعبد الرحمن : وما يمنعني منك يا عبد الرحمن إلّا أنك فرعون هذه الأمة!

وقال للزبير : وما يمنعني منك يا زبير إلّا أنك مؤمن الرضا وكافر الغضب!

وقال لعثمان : وما يمنعني منك يا عثمان إلّا عصبيّتك وحبّك لقومك وأهلك!

وقال لعليّ [عليه‌السلام] : إلّا حرصك عليها! وإنك أحرى القوم ـ إن وليتها ـ أن تقيم على الحق المبين والصراط المستقيم!

وقال : وما يمنعني من طلحة إلّا نخوته وكبره! ولو وليها وضع خاتمه في اصبع امرأته!

ثم غشي عليه ، ثم أفاق فصلّى ، ثم التفت إلى عليّ بن أبي طالب فقال له :

__________________

ولعل من أسباب ذلك مشورة كعب الأحبار على عمر ، فيما نقله المعتزلي في شرح النهج ١٢ : ٨١ عن أمالي محمد بن حبيب ما رواه عن ابن عباس : أن عمر قال لكعب الأحبار يوما وأنا عنده : يا كعب ، إني أظنّ وفاتي قد دنت ، وقد أحببت أن أعهد إلى من يقوم بهذا الأمر ، فأشر علي برأيك في عليّ فما تقول فيه؟

فقال له : أما من طريق الرأي : فإنه رجل متين الدين لا يغضي عن عورة ولا يحلم عن زلّة ، ولا يعمل إلّا باجتهاد رأيه ، وليس هذا من سياسة الرعيّة في شيء ، فلا يصلح له! وذلك لأنه أراق الدماء فحرمه الله الملك!

فقال عمر : فمن تجدونه عندكم يفضي إليه الأمر؟ قال : نجده بعد صاحب الشريعة واثنين من أصحابه ينتقل إلى أعدائه الذين حاربهم على الدين وحاربوه! فتذكّر عمر حديث الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله : لقد رأيت بني أميّة في منامي ينزون على منبري نزو القردة!

فعمل عمر على هذا الخبر وإن كان خبرا عن أمر منكر!

٣٠٢

لعلّ هؤلاء القوم يعرفون لك حقّك وشرفك وقرابتك من رسول الله ، وما آتاك الله من العلم والفقه والدين ، فيستخلفوك ، فإن وليت هذا الأمر فاتّق الله ـ يا عليّ ـ فيه ولا تحمل أحدا من بني هاشم على رقاب الناس!

ثم التفت إلى عثمان فقال : يا عثمان ؛ لعلّ هؤلاء القوم يعرفون لك صهرك من رسول الله وسنّتك وشرفك وسابقتك فيستخلفوك ، فإن وليت هذا الأمر فلا تحمل أحدا من بني أميّة على رقاب الناس!

ثم قال لهم : اخرجوا عنّي. فخرجوا من عنده ، وتوفى في يومه ذلك (١).

تنفيذ الوصية السياسية :

روى ابن قتيبة قال : اجتمع القوم بعد دفن عمر في بيت أحدهم! واحضروا معهم الحسن بن علي [عليه‌السلام] وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر ، يومين فلم يبرموا أمرا.

ثم نقل عن المسور بن مخرمة الزّهري ابن اخت عبد الرحمن بن عوف قال : جاءني خالي عبد الرحمن في عشية اليوم الثاني فوجدني نائما فخرجت إليه فقال لي : أراك نائما ، فو الله ما اكتحلت عيني بنوم منذ هذه الثلاثة ، ادع لي فلانا وفلانا (من المهاجرين) فدعوتهم له ، فاجتمع بهم في المسجد فناجاهم طويلا ، ثم قاموا من عنده فخرجوا.

ثم دعا عليا [عليه‌السلام] فناجاه طويلا ، ثم قام من عنده.

ثم دعا عثمان ، فناجاه طويلا حتى آنت صلاة الصبح.

فلما صلّوا جمعهم ، وكان اليوم الثالث فقال لهم : أتدرون أيّ يوم هذا؟ هذا يوم عزم عليكم صاحبكم أن لا تتفرّقوا فيه حتى تستخلفوا أحدكم ؛ قالوا : أجل ،

__________________

(١) الإمامة والسياسة : ٢٨ ـ ٢٩. وانظر معالم المدرستين ١ : ١٣٥ ـ ١٤٠.

٣٠٣

قال : فإني عارض عليكم أمرا. قالوا : وما تعرض؟ قال : أن تولّوني أمركم وأهب لكم نصيبي فيها وأختار لكم من أنفسكم؟! قالوا : قد أعطيناك الذي سألت. قال : فاجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم ، وكان طلحة قد حضر فجعل أمره إلى عثمان ، وجعل سعد أمره إلى ابن عوف الزهري ، وجعل الزبير أمره إلى علي [عليه‌السلام].

فأخذ على كل واحد من الاثنين العهد والميثاق : لئن بايعتك لتقيمنّ لنا كتاب الله وسنة رسوله وسنّة (؟!) صاحبيك من قبلك! ولئن بايعت غيرك لترضينّ ولتسلمن ، وليكوننّ سيفك معي على من أبى!

ثم أخذ بيد عثمان فقال له : عليك عهد الله وميثاقه لئن بايعتك لتقيمنّ لنا كتاب الله وسنّة رسوله وسنّة (؟!) صاحبيك ، وشرط عمر : أن لا تجعل أحدا من بني أميّة على رقاب الناس! فقال عثمان : نعم!

ثم أخذ بيد علي [عليه‌السلام] فقال له : ابايعك على شرط عمر : أن لا تجعل أحدا من بني هاشم على رقاب الناس؟! فعند ذلك قال علي : إذا قطعتها في عنقي فما لك وهذا؟! فإن عليّ الاجتهاد لأمة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله حيث علمت القوة والأمانة استعنت بها كان في بني هاشم أو غيرهم!

فقال عبد الرحمن : لا والله حتى تعطيني هذا الشرط! فقال علي : فو الله لا أعطيكه أبدا! فتركه وخرج إلى المسجد وقاموا معه ، ودعا الناس للاجتماع ، فلما اجتمعوا حمد الله وأثنى عليه ثم قال لهم :

إني نظرت في أمر الناس فلم أرهم يعدلون بعثمان ، فلا تجعل ـ يا عليّ ـ على نفسك سبيلا فإنه السيف لا غير! ثم أخذ بيد عثمان فبايعه ، وبايع الناس (١).

هذا ما في «الإمامة والسياسة» لابن قتيبة عن المسور بن مخرمة الزهري عن خاله ابن عوف.

__________________

(١) الإمامة والسياسة : ٣٠ بتصرف يسير.

٣٠٤

وأما الطبري فإنه بعد أن نقل المفصّل من خبر الشورى عن عمر بن شبّة عن علي بن محمد المدائني عن أبي مخنف عن عمرو بن ميمون الأدوي الأنصاري وعبيد الله بن عمر (١) في سبع صفحات تقريبا ، ذكر سنده إلى المسور بن مخرمة : أنّ الخمسة من أهل الشورى ـ غير طلحة ـ نزّلوا عمر في قبره (!) ثم خرجوا لبيوتهم فناداهم خاله ابن عوف : إلى أين؟ هلمّوا ، فتبعوه إلى داره التي فيها زوجته فاطمة ابنة قيس الفهري ـ اخت الضحّاك بن قيس الفهري ـ وبدأ بالكلام فقال :

يا هؤلاء ، إن عندي رأيا وإن لكم نظرا ، فاسمعوا تعلموا وأجيبوا تفقهوا ... أنتم أئمة يهتدى بكم ، وعلماء يصدر إليكم ، فلا تفلّوا المدى بالاختلاف بينكم ، ولا تغمدوا السيوف عن أعدائكم فتوتروا ثاركم وتولتوا (تنقصوا) أعمالكم ، لكل أجل كتاب ، ولكل بيت إمام بأمره يقومون وبنهيه يزعون قلّدوا أمركم واحدا منكم تمشوا الهوينا وتلحقوا الطلب. لو لا فتنة عمياء وضلالة حيراء ... ما عدت نيّاتكم معرفتكم ، ولا أعمالكم نياتكم. احذروا نصيحة الهوى ولسان الفرقة ، فإنّ الحيلة في المنطق أبلغ من السيوف في الكلم (الجرح) علّقوا أمركم رحب الذراع فيما حلّ ، مأمون الغيب فيما نزل ، رضا منكم وكلكم رضا ، ومقترعا منكم وكلكم منتهى ، لا تطيعوا مفسدا ينتصح ولا تخالفوا مرشدا ينتصر. أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.

ثم تكلّم أخو زوجته عثمان فقال : الحمد لله الذي اتخذ محمدا نبيّا وبعثه رسولا ، صدقه وعده ووهب له نصره ، على كل من بعد نسبا أو قرب رحما ، وجعلنا له تابعين وبأمره مهتدين ، فهو لنا نور ونحن بأمره نقوم ، عند تفرّق الأهواء ومجادلة

__________________

(١) كما في تاريخ الطبري ٤ : ٢٢٧ ، هذا والصحيح أن عمرو بن ميمون يروي عن عبد الله بن عمر كما فيه : ٢٣٢.

٣٠٥

الأعداء! وجعلنا الله بفضله أئمة وبطاعته أمراء! لا يخرج أمرنا منّا ولا يدخل علينا غيرنا إلّا من سفه الحقّ ونكل عن القصد ، وأحربها ـ يا ابن عوف ـ أن تترك واحذر بها أن تكون! إن خولف أمرك وترك دعاؤك فأنا أول مجيب لك وداع إليك ، وكفيل بما أقول زعيم ، واستغفر الله لي ولكم.

ثم تكلّم الزبير بن العوام بعده فقال : أما بعد فإن داعي الله لا يجهل ومجيبه لا يخذل ، عند تفرّق الأهواء وليّ الأعناق ، ولن يقصر عمّا قلت إلّا غوىّ ولن يترك ما دعوت إليه إلّا شقيّ ، لو لا حدود لله فرضت وفرائض لله حدت ... لكان الموت من الإمارة نجاة والفرار من الولاية عصمة! ولكن لله علينا إجابة الدعوة وإظهار السنة ، لئلا نموت ميتة عميّة ولا نعمى عمى جاهلية! فأنا مجيبك إلى ما دعوت ومعينك على ما أمرت ، ولا حول ولا قوة إلّا بالله ، واستغفر الله لي ولكم.

ثم تكلم سعد بن أبي وقاص فقال : الحمد لله بديئا كان وآخرا يعود ، أحمده لما نجّاني من الضلالة وبصّرني من الغواية ، فبهدى الله فاز من نجا وبرحمته أفلح من زكا ، وبمحمد بن عبد الله أنارت الطرق واستقامت السبل ، وظهر كل حق ومات كل باطل. إياكم ـ أيها النفر ـ وقول الزور وأمنية أهل الغرور ، فلقد سلبت الأمانيّ قوما قبلكم ورثوا ما ورثتم ونالوا ما نلتم ، فاتّخذهم الله عدوّا ولعنهم لعنا كبيرا ... إني انكب قرني (جعبتي) فآخذ سهمي وآخذ لطلحة بن عبيد الله ما ارتضيت لنفسي! فأنا به كفيل وبما أعطيت عنه زعيم! والأمر إليك ـ يا ابن عوف ـ بجهد النفس وقصد النصح ، وعلى الله قصد السبيل وإليه الرجوع ، واستغفر الله لي ولكم.

ثم تكلم عليّ بن أبي طالب [عليه‌السلام] فقال : الحمد لله الذي بعث محمدا منّا نبيّا ، وبعثه إلينا رسولا ، فنحن بيت النبوة ومعدن الحكمة ، وأمان أهل الأرض ونجاة لمن طلب (١). لنا حق إن نعطه نأخذه وإن نمنعه نركب أعجاز الإبل ولو طال السرى.

__________________

(١) من هنا نقله الرضيّ في نهج البلاغة في قصار الجمل : ٢٢.

٣٠٦

لو عهد إلينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عهدا لأنفذنا عهده ، ولو قال لنا قولا لجادلنا عليه حتى نموت (١)! لن يسرع قبلي أحد إلى دعوة حق وصلة رحم وعائدة كرم! ولا حول ولا قوة إلّا بالله.

اسمعوا كلامي وعوا منطقي : عسى أن تروا هذا الأمر من بعد هذا الجمع تنقضى فيه السيوف وتخان فيه العهود حتى يكون بعضكم أئمة لأهل الضلالة وشيعة لأهل الجهالة! ثم تمثل ببيتين من الشعر.

فقال عبد الرحمن : أيكم يطيب نفسا أن يخرج نفسه من هذا الأمر ويولّيه غيره؟ فأمسكوا ، فقال : فإنّي أخرج نفسي وابن عمّي. فقلّدوه ، فقام بهم إلى منبر رسول الله في المسجد فأحلفهم : ليبايعنّ من بايع وإن بايع بإحدى يديه الأخرى (أليس أخرج نفسه؟!) ثم تفرقوا.

وأقام عبد الرحمن في داره بجوار المسجد (٢).

وجاء في خبر عمر بن شبّة عن المدائني عن أبي مخنف عن عمرو بن ميمون الأنصاري وعبيد الله بن عمر (٣).

قالا : حتى إذا كانت الليلة التي يستكمل الأجل في صبيحتها وبعد برهة منها جاء ابن عوف إلى دار ابن اخته المسور بن مخرمة الزهري فأيقظه وبعثه ليدعو له سعد بن مالك الزهري والزبير ، فدعاهما.

فذهب بالزبير إلى مؤخّر المسجد في الصفّة إلى جانب دار مروان بن الحكم ، فقال له : خلّ ابني عبد مناف (عليا وعثمان) وهذا الأمر! فقال : فنصيبي لعلي.

__________________

(١) ومن هنا نقله الرضيّ بعنوان : ومن كلام له عليه‌السلام في وقت الشورى في نهج البلاغة ، الخطبة ١٣٩.

(٢) تاريخ الطبري ٤ : ٢٣٤ ـ ٢٣٧.

(٣) مرّ التعليق عليه فراجع.

٣٠٧

ثم دعا بسعد فقال له : أنا وأنت كلالة ، فاجعل نصيبك لي فأختار! فقال سعد : أيها الرجل بايع لنفسك وأرحنا وارفع رءوسنا! فقال : يا أبا إسحاق ؛ إني قد خلعت نفسي منها على أن أختار. فقال : إن اخترت نفسك وإلّا فعليّ أحبّ إليّ! وأنصرف سعد والزبير (١).

وفي خبر مسور قال : قال لي : يا مسور ، قلت : لبيك .. قال : اذهب فادع لي عليا وعثمان ، فقلت : يا خال بأيهما أبدأ؟ قال : كما تشاء ، وكان هواي في علي [عليه‌السلام] فأتيته فقلت : أجب خالي! فقال : ومعي غيري؟ قلت : نعم ، عثمان ، قال : فأمرك أن تبدأ بمن؟ قلت : قال : بأيهما شئت ، وكان هواي فيك فبدأت بك. فخرج معي حتى أتينا المقاعد (٢) فجلس عليها علي [عليه‌السلام]

وانصرفت إلى عثمان فوجدته يصلّي الوتر ، فقلت له : أجب خالي ، فقال : ومعي غيري؟ قلت : نعم ، علي ، قال : فأمرك أن تبدأ بمن؟ قلت : قال : بأيهما شئت ، وهذا عليّ على المقاعد. فخرج معي حتى دخلنا المسجد وخالي قائم يصلّي ، ثم انصرف والتفت فإذا عليّ وعثمان ، فاجتمع بهما وقال لهما : إني قد سألت عنكما وعن غيركما ، فلم أجد الناس يعدلون بكما! يا عليّ ، هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنة نبيّه وفعل أبي بكر وعمر؟ فقال : اللهم لا ولكن على جهدي وطاقتي! فالتفت إلى عثمان فقال له : هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنة نبيّه وفعل أبي بكر وعمر؟ فقال : اللهم نعم. فقال لهما : إذا شئتما فنهضا. ودخل ابن عوف وخرج وقد تعمّم بعمامته التي عمّمه بها رسول الله متقلدا سيفه (٣).

__________________

(١) تاريخ الطبري ٤ : ٢٣١ ـ ٢٣٢.

(٢) تاريخ الطبري ٤ : ٢٣٨.

(٣) تاريخ الطبري ٤ : ٢٣٨.

٣٠٨

فلما صلّوا الصبح جمع الرهط وبعث إلى من حضره من المهاجرين ، وأهل السابقة والفضل من الأنصار ، وإلى امراء الأجناد فاجتمعوا حتى امتلأ المسجد ، فقام وقال : أيها الناس ، إن الناس قد أحبّوا أن يلحق أهل الأمصار بأمصارهم وقد علموا من أميرهم.

فقال عمار بن ياسر : إن أردت أن لا يختلف المسلمون فبايع عليا!

فقال المقداد بن الأسود : صدق عمّار! ، إن بايعت عليا قلنا : سمعنا وأطعنا!

فقال سعد بن أبي سرح : إن أردت أن لا تختلف قريش فبايع عثمان!

فقال عبد الله بن أبي ربيعة : صدق ، إن بايعت عثمان قلنا : سمعنا وأطعنا.

وقال عمّار لابن أبي سرح : ومتى كنت ناصحا للمسلمين؟! ثم التفت إلى الناس وقال لهم :

أيها الناس ؛ إن الله عزوجل أكرمنا بنبيّه ، وأعزّنا بدينه ، فأنّى تصرفون هذا الأمر عن أهل بيت نبيّكم؟

وحيث كان عمّار حليف بني مخزوم قام إليه رجل منهم وقال له : يا ابن سميّة لقد عدوت طورك! وما أنت وتأمير قريش لأنفسها!

فقال سعد لابن عوف : افرغ قبل أن يفتتن الناس!

فنادى عبد الرحمن : أيها الرهط ، إني قد نظرت وشاورت فلا تجعلن على أنفسكم سبيلا (١).

ثم ركب المنبر فوقف يدعو خافتا ، ثم تكلّم فقال : أيها الناس ، إني قد سألتكم سرّا وجهدا عن إمامكم ، فلم أجدكم تعدلون بأحد هذين الرجلين :

__________________

(١) تاريخ الطبري ٤ : ٢٣٢ ـ ٢٣٣. هذا وقد مرّ أن عمر كان قد ولّاه الكوفة في صدر هذه السنة ، فيبدو أنه رجع ليحجّ ، وبعد حجّه كان يومئذ في المدينة ، وسيأتي أن عثمان أقرّه على عمله لفترة ثم عزله.

٣٠٩

إما علي وإما عثمان. ثم التفت إلى عليّ وقال له : فقم إليّ يا علي. فقام عليّ إليه حتى وقف إلى جانب المنبر ، فأخذ عبد الرحمن بيده وقال له : هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنّة نبيّه وفعل أبي بكر وعمر؟ قال : اللهم لا ولكن جهدي من ذلك وطاقتي! فأرسل يده. ثم نادى : قم إليّ يا عثمان ، فأخذ بيده فقال له : هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنة نبيّه وفعل أبي بكر وعمر؟ قال : اللهم نعم ، فرفع رأسه ويده في يد عثمان وقال : اللهم اسمع واشهد ، اللهم إني قد جعلت ما في رقبتي من ذاك في رقبة عثمان! ثم قعد ابن عوف مقعد النبيّ من المنبر وأقعد عثمان على الدرجة الثانية (١).

فقال له علي : حبوته حبو الدهر ، ليس هذا أول يوم تظاهرتم فيه علينا ، فصبر جميل ، والله المستعان على ما تصفون ، والله ما ولّيت عثمان إلّا ليردّ الأمر إليك ، والله كل يوم في شأن! ثم خرج وهو يقول : سيبلغ الكتاب أجله!

فناداه عبد الرحمن : يا علي ، لا تجعل على نفسك سبيلا! فإني قد نظرت وشاورت الناس فإذا هم لا يعدلون بعثمان!

فقال له المقداد : يا عبد الرحمن! أما والله لقد تركته وهو من الذين يقضون بالحقّ وبه يعدلون! ثم قال : ما رأيت مثل ما أوتي إلى أهل هذا البيت بعد نبيّهم! إني لأعجب من قريش أنهم تركوا رجلا ما أقول إن أحدا أعلم ولا أقضى منه بالعدل ، أما والله لو أجد عليه أعوانا!

فقال له رجل : رحمك الله من أهل هذا البيت؟ ومن هذا الرجل؟ قال : أهل البيت بنو عبد المطّلب والرجل عليّ بن أبي طالب.

فقال له عبد الرحمن : يا مقداد اتّق الله فإنّي خائف عليك الفتنة!

__________________

(١) تاريخ الطبري ٤ : ٢٣٨.

٣١٠

وقال المغيرة بن شعبة لعبد الرحمن : يا أبا محمد ، قد أصبت إذ بايعت عثمان ، وقال لعثمان : لو بايع عبد الرحمن غيرك ما رضينا! فقال له عبد الرحمن : كذبت يا أعور ، لو بايعت غيره لبايعته ولقلت هذا (١).

واكتفى اليعقوبي بنقل اشتراط ابن عوف على عليّ وعثمان سرا ـ دون الجهر ـ وقال : فقال علي [عليه‌السلام] : إن كان كتاب الله وسنة نبيّه فلا يحتاج معهما إلى هجّيرى أحد (٢) وأنت تجتهد أن تزوي هذا الأمر عنّي (٣).

__________________

(١) تاريخ الطبري ٤ : ٢٣٣.

(٢) هجّيرا الرجل : دأبه وديدنه ـ الفائق ٣ : ١٩٤ والهجير : الدأب والعمل والعادة ـ مجمع البحرين ٣ : ٥١٦ ، وفي اليعقوبي : اجيرى ، ولعله من قلب الهاء ألفا كما في أراق وهراق ، ولم أره في اللغة. وتزوى : تدفع.

(٣) تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٦٢. وانظر أمالي الطوسي : ٧٠٩ ، الحديث ١٥١٢.

٣١١
٣١٢

عهد خلافة عثمان

٣١٣
٣١٤

البيعة والخطبة وموقف المقداد :

وكان ذلك يوم الجمعة غرّة محرم الحرام لعام (٢٤) (١) فصعد المنبر وجلس في موضع رسول الله! فلم يتكلم مليا ثم قال : إن أبا بكر وعمر كانا يعدّان لهذا المقام مقالا ، وإن تعيشوا فستأتيكم الخطب! وأنتم إلى إمام عادل أحوج منكم إلى إمام يشقّق لكم الخطب! ثم نزل.

ومال قوم إلى علي [عليه‌السلام] منهم المقداد بن عمرو الأسود الكندي (مولاهم) وقام في المسجد جاثيا على ركبتيه وقال : وا عجبا لقريش ودفعهم هذا الأمر عن أهل بيت نبيّهم. وفيهم أول المؤمنين وابن عم رسول الله ، أعلم الناس وأفقههم في دين الله ، وأعظمهم غناء في الإسلام ، وأبصرهم بالطريق وأهداهم للصراط المستقيم ، والله لقد زووها عن الهادى المهتدي ، والطاهر النقيّ ، وما أرادوا إصلاحا في الأمة ولا صوابا في المذهب! ولكنّهم آثروا الدنيا على الآخرة؟ فبعدا وسحقا للقوم الظالمين!

__________________

(١) مروج الذهب ٢ : ٣٣١ ، والتنبيه والإشراف : ٢٥٣.

٣١٥

قال الراوي : فخرجت فلقيت أبا ذرّ فذكرت له ذلك فقال : لقد صدق أخي المقداد (١).

مناشدته عليه‌السلام في الشورى :

روى الصدوق في «الخصال» بسنده عن أبي الجارود الزيدي الأعمى عن عامر بن واثلة مناشدة له عليه‌السلام يوم الشورى في عشر صفحات (٢).

وقال المعتزلي : قد روى الناس ما استفاض من الروايات من مناشدته أصحاب الشورى وتعديده فضائله وخصائصه التي بان بها منهم ومن غيرهم ، فأكثروا في ذلك. ولم يكن الأمر كما روى من تلك التعديدات الطويلة ، ولكنّه بعد أن بايع عبد الرحمن والحاضرون لعثمان ، قال لهم :

أنشدكم الله! أفيكم أحد آخى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بينه وبين نفسه ـ حيث آخى بين بعض المسلمين وبعض ـ غيري؟! فقالوا : لا.

فقال : أفيكم أحد قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «من كنت مولاه فهذا مولاه» غيري؟! قالوا : لا.

قال : أفيكم أحد قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبيّ بعدي» غيري؟! قالوا : لا.

قال : أفيكم من اؤتمن على سورة براءة وقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنه لا يؤدّي عنّي إلّا أنا أو رجل منّي» غيري؟! قالوا : لا.

قال : أتعلمون أنّ أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فرّوا عنه في مأزق الحرب في غير موطن وما فررت عنه قط! قالوا : بلى.

__________________

(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٦٣.

(٢) الخصال للصدوق : ٥٥٤ ـ ٥٦٣.

٣١٦

قال : ألا تعلمون أني أوّل القوم إسلاما؟! قالوا : بلى.

فقال : فأيّنا أقرب إلى رسول الله نسبا؟ قالوا : أنت.

فقطع عليه عبد الرحمن بن عوف كلامه وقال له : يا علي ؛ قد أبى الناس إلّا عثمان! فلا تجعلنّ على نفسك سبيلا!

ثم التفت إلى أبي طلحة الأنصاري وقال له : يا أبا طلحة ؛ ما الذي أمرك به عمر؟ قال : أن أقتل من شقّ عصا الجماعة! فقال لعلي : إذن بايع وإلّا اتّبعت غير سبيل المؤمنين ؛ وانفذنا فيك ما أمرنا به!

فقال [عليه‌السلام] : لقد علمتم أني أحقّ بها من غيري! وو الله لأسلمنّ ما سلمت امور المسلمين ولم يكن فيها جور إلّا عليّ خاصة ، التماسا لأجر ذلك وفضله ، وزهدا فيما تنافستموه من زخرفه وزبرجه (١).

نقل هذه المقالة المعتزليّ في «شرح نهج البلاغة» هنا كذا بلا ذكر مصدر ، وعاد على نقل مثله عن عوانة بن الحكم عن الشعبي في كتاب الشورى ، وعن أبي بكر الجوهري في زيادات كتاب السقيفة.

قال الشعبي : فأما ما يذكره الناس! من المناشدة وقول علي عليه‌السلام لأهل الشورى : أفيكم أحد قال له رسول الله كذا ... فإنه كان بعد يوم البيعة بقليل ؛ بلغه عن أهل الشورى قوارص وهنات فدخل عليه‌السلام على عثمان وعنده جماعة من الناس وفيهم أهل الشورى فقال لهم : أفيكم ...؟ أفيكم؟ وكل ذلك وهم يقولون : لا. ثم قال لهم : ولكنّي اخبركم عن أنفسكم :

أما أنت ـ يا عثمان ـ فقد تولّيت يوم التقى الجمعان ، وفررت يوم حنين!

__________________

(١) شرح النهج للمعتزلي ٦ : ١٦٧ ـ ١٦٨ ، بلا ذكر مصدر والخطبة في الطبري ونهج البلاغة الخطبة ٧٤.

٣١٧

وأما أنت ـ يا طلحة ـ فقد قلت : إن مات محمد لنركضنّ بين خلاخيل نسائه كما ركض بين خلاخيل نسائنا!

وأما أنت ـ يا عبد الرحمن ـ فصاحب قراريط!

وأما أنت ـ يا سعد ـ فأدقّ من أن تذكر! ثم خرج.

فقال عثمان لمن عنده : أما كان فيكم أحد يردّ عليه؟! قالوا : وما منعك من ذلك؟! وأنت أمير المؤمنين! وقاموا فتفرقوا.

وروى عن الجوهريّ خطاب عمّار يومذاك قال : يا معشر المسلمين ؛ إنا قد كنا وما نستطيع الكلام قلة وذلة فأعزّنا الله بدينه وأكرمنا برسوله ، فالحمد لله رب العالمين.

يا معشر قريش ؛ إلى متى تصرفون هذا الأمر عن أهل بيت نبيّكم! تحوّلونه هاهنا مرّة وهاهنا مرّة! ما أنا آمن أن ينزعه الله منكم ويضعه في غيركم كما نزعتموه من أهله ووضعتموه في غير أهله!

فصاحت قريش بعمّار وانتهروه ، وحيث كان حليف بني مخزوم انبرى له منهم هاشم بن الوليد بن المغيرة المخزومي أخو خالد بن الوليد فقال له :

يا ابن سميّة ؛ لقد عدوت طورك وما عرفت قدرك! ما أنت وما رأت قريش لأنفسها! إنك لست في شيء من أمرها وإمارتها فتنحّ عنها!

فقال : الحمد لله ربّ العالمين ؛ ما زال أعوان الحقّ أذلّاء ، ثم قام وانصرف.

وقد نقل مقالة المقداد عن الجوهري وعن عوانة عن الشعبي عن عبد الرحمن بن جندب ، عن أبيه جندب بن عبد الله الأزدي الكوفي : أنه كان يومئذ بالمدينة فسمع المقداد بن عمرو يقول : والله ما رأيت مثل ما اتي إلى أهل هذا البيت. فقال له ابن عوف : يا مقداد ، وما أنت وذاك؟! فقال : إني والله أحبّهم لحبّ رسول الله لهم ، وإني لأعجب من قريش وتطاولهم على الناس بفضل رسول الله ثم انتزاعهم سلطانه من أهله!

٣١٨

فقال ابن عوف : أما والله لقد أجهدت نفسي لكم!

فقال المقداد : أما والله لقد تركت رجلا من الذين يأمرون بالحق وبه يعدلون! أما والله لو أن لي أعوانا على قريش لقاتلتهم قتالي إياهم ببدر وأحد!

فقال ابن عوف : ثكلتك أمك! لا يسمع الناس منك هذا الكلام فإني أخاف أن تكون صاحب فتنة وفرقة!

فقال المقداد : إنّ من دعا إلى الحق وأهله وولاة الأمر لا يكون صاحب فتنة ، ولكن من أقحم الناس في الباطل وأكثر الهوى على الحقّ ، فذلك صاحب الفتنة والفرقة!

فتربّد وجه عبد الرحمن وقال : لو أعلم أنك إياي تعني لكان لي ولك شأن!

فقال المقداد : يا ابن أمّ عبد الرحمن إيّاي تهدّد؟! وقام وانصرف ، فاتبعته وقلت له : يا عبد الله أنا من أعوانك! فقال لي : رحمك الله إن هذا الأمر لا يغني فيه الرجلان ولا الثلاثة ، فتركته.

ودخلت على علي عليه‌السلام وقلت له : إن المقداد بن عمرو وعبد الرحمن بن عوف قالا كذا وكذا ، ثم قام المقداد فتبعته وقلت كذا فقال كذا. فقال علي عليه‌السلام : لقد صدق فما أصنع؟ فقلت : ألا تقوم في الناس فتدعوهم إلى نفسك وتخبرهم أنك أولى بالنبيّ وتسألهم النصر على هؤلاء المظاهرين عليك ، فإن أجابك عشرهم شددت بهم على الباقين ، فإن دانوا لك فذاك ، وإلّا قاتلتهم وكنت أولى بالعذر وأعلى عند الله حجة قتلت أو بقيت!

فقال : يا جندب ؛ أترجو أن يبايعني من كل عشرة واحد؟ قلت : أرجو ذلك ، قال : لكنّي لا أرجو ذلك ولا من المائة واحد لا والله! وسأخبرك (لما ذا؟) : إن الناس إنما ينظرون إلى قريش فيقولون : هم قوم محمد وقبيله. وأما قريش فتقول : إن آل محمد يرون لهم بنبوته فضلا على الناس ، ويرون أنهم أولياء هذا الأمر

٣١٩

دون قريش ودون غيرهم من الناس ، فهم إن ولوه لم يخرج السلطان منهم إلى أحد أبدا ، أما ما كان في غيرهم فإن قريشا تتداوله بينها! لا والله لا يدفع الناس إلينا هذا الأمر طائعين أبدا!

فقلت له : يا ابن عمّ رسول الله جعلت فداك! لقد صدعت قلبي بهذا القول أفلا أرجع إلى مصري (الكوفة) فاوذن الناس بمقالتك وأدعوهم إليك؟ فقال : يا جندب ليس هذا زمان ذاك. فقمت من عنده ثم انصرفت إلى العراق (١).

ونقل عن الشعبيّ أيضا مقال المقداد في خبر آخر قال : لقي المقداد ابن عوف بعد البيعة بيوم فأخذ بيده وقال له : إن كنت بما صنعت أردت وجه الله فأثابك الله ثواب الآخرة ، وإن كنت إنما أردت الدنيا فأكثر الله مالك! فقال له ابن عوف : اسمع رحمك الله اسمع! فجذب المقداد يده من يده وقال : والله لا أسمع! ومضى.

ودخل على علي عليه‌السلام فقال له : قم فقاتل نقاتل معك!

فقال له علي عليه‌السلام : بمن أقاتل رحمك الله؟

ودخل عمّار ينادي : أما والله لو أنّ لي أعوانا لقاتلتهم! والله لئن قاتلهم واحد لأكوننّ له ثانيا.

فقال له علي عليه‌السلام : يا أبا اليقظان ؛ والله لا أجد عليهم أعوانا ولا أحبّ ان اعرّضكم لما لا تطيقون! وبقي في داره ومعه نفر من أهله ، ولا يدخل إليه أحد مخافة عثمان!

وقال لمن معه من بني عبد المطلب : يا بني عبد المطلب ؛ إنّ قومكم عادوكم بعد وفاة النبيّ كعداوتهم النبيّ في حياته ؛ وإن يطع قومكم لا تؤمّروا أبدا! وو الله لا ينيب هؤلاء إلى الحقّ إلّا بالسيف!

__________________

(١) شرح النهج للمعتزلي ٩ : ٥٦ ـ ٥٨ وتمامه : فكنت أذكر فضل علي للناس فيقولون لي : دع عنك هذا وخذ فيما ينفعك! فلما ولينا الوليد بن عقبة رفع قولي ذلك إليه فحبسني!

٣٢٠