كشف الغمّة في معرفة الأئمّة - ج ١

أبي الحسن علي بن عيسى بن أبي الفتح الاربلي

كشف الغمّة في معرفة الأئمّة - ج ١

المؤلف:

أبي الحسن علي بن عيسى بن أبي الفتح الاربلي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مكتبة بني هاشمي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩٤
الجزء ١ الجزء ٢

وَوَرَدَ عَلَيْهِ كِتَابُ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَكَانَ قَدْ أَنْفَذَهُ مَعَ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ الْعَبَّاسِ فِي مَسِيرِهِ مِنَ الْكُوفَةِ لِيَلْقَى مُعَاوِيَةَ فَيَرُدُّهُ عَنِ الْعِرَاقِ وَجَعَلَهُ أَمِيراً عَلَى الْجَمَاعَةِ وَقَالَ إِنْ أُصِيبَ فَالْأَمِيرُ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ يُخْبِرُهُ أَنَّهُمْ نَازَلُوا مُعَاوِيَةَ بِإِزَاءِ مَسْكِنَ وَأَنَّ مُعَاوِيَةَ أَرْسَلَ إِلَى عُبَيْدِ اللهِ بْنِ الْعَبَّاسِ يُرَغِّبُهُ فِي الْمَسِيرِ إِلَيْهِ وَضَمِنَ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ يُعَجِّلُ لَهُ مِنْهَا النِّصْفَ وَيُعْطِيهِ النِّصْفَ الْآخَرَ عِنْدَ دُخُولِهِ الْكُوفَةَ فَانْسَلَّ عُبَيْدُ اللهِ لَيْلاً إِلَى مُعَسْكَرِ مُعَاوِيَةَ وَمَعَهُ خَاصَّتُهُ وَأَصْبَحَ النَّاسُ بِغَيْرِ أَمِيرٍ فَصَلَّى بِهِمْ قَيْسٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَنَظَرَ فِي أُمُورِهِمْ فَازْدَادَتْ بَصِيرَةُ الْحَسَنِ علیهما السلام بِخِذْلَانِهِمْ لَهُ وَفَسَادِ نِيَّاتِ الْمُحَكِّمَةِ فِيهِ وَمَا أَظْهَرُوهُ لَهُ مِنْ سَبِّهِ وَتَكْفِيرِهِ وَاسْتِحْلَالِ دَمِهِ وَنَهْبِ أَمْوَالِهِ وَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ مَنْ يَأْمَنُ غَوَائِلَهُ إِلَّا خَاصَّةٌ مِنْ شِيعَتِهِ وَشِيعَةِ أَبِيهِ علیهما السلام وَهُمْ جَمَاعَةٌ لَا يَقُومُونَ بِحَرْبِ أَهْلِ الشَّامِ.

فَكَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ فِي الْهُدْنَةِ وَالصُّلْحِ فَأَنْفَذَ إِلَيْهِ كُتُبَ أَصْحَابِهِ الَّتِي ضَمِنُوا فِيهَا الْفَتْكَ بِهِ وَتَسْلِيمَهُ إِلَيْهِ وَاشْتَرَطَ فِي إِجَابَتِهِ إِلَى الصُّلْحِ شُرُوطاً كَثِيرَةً وَعَقَدَ لَهُ عُقُوداً كَانَ فِي الْوَفَاءِ بِهَا مَصَالِحُ شَامِلَةٌ فَلَمْ يَثِقْ بِهِ الْحَسَنُ علیهما السلام وَعَلِمَ احْتِيَالَهُ وَاغْتِيَالَهُ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ بُدّاً مِنْ إِجَابَتِهِ إِلَى مَا الْتَمَسَ مِنْ تَرْكِ الْحَرْبِ وَإِنْفَاذِ الْهُدْنَةِ لِمَا كَانَ مِنْ ضَعْفِ بَصَائِرِ أَصْحَابِهِ فِي حَقِّهِ وَالْفَسَادِ عَلَيْهِ وَمُخَالَفَتِهِ وَاسْتِحْلَالِ كَثِيرٍ مِنْهُمْ دَمَهُ وَتَسْلِيمِهِ إِلَى خَصْمِهِ وَخِذْلَانِ ابْنِ عَمِّهِ لَهُ (١) وَمَصِيرِهِ إِلَى عَدُوِّهِ وَمَيْلِهِمْ جَمِيعاً إِلَى الدُّنْيَا وَعَاجِلِهَا.

فَتَوَثَّقَ لِنَفْسِهِ علیهما السلام مِنْ مُعَاوِيَةَ تَأْكِيداً لِلْحُجَّةِ عَلَيْهِ وَالْإِعْذَارِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى وَعِنْدَ كَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ تَرْكَ سَبِّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیهما السلام وَالْعُدُولَ عَنِ الْقُنُوتِ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ وَأَنْ يُؤْمِنَ شِيعَتَهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَلَا يَتَعَرَّضَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ بِسُوءٍ وَيُوصِلَ إِلَى كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَأَجَابَهُ مُعَاوِيَةُ إِلَى ذَلِكَ جَمِيعِهِ وَعَاهَدَهُ عَلَيْهِ وَحَلَفَ لَهُ بِالْوَفَاءِ.

فَلَمَّا اسْتَتَمَّتِ الْهُدْنَةُ سَارَ مُعَاوِيَةُ حَتَّى نَزَلَ بِالنُّخَيْلَةِ وَكَانَ يَوْمَ جُمُعَةٍ فَصَلَّى بِالنَّاسِ ضُحَى النَّهَارِ وَخَطَبَهُمْ فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ إِنِّي وَاللهِ مَا أُقَاتِلُكُمْ لِتُصَلُّوا وَلَا لِتَصُومُوا

________________

(١) يعني عبيد اللّه بن عبّاس.

٥٤١

وَلَا لِتَحُجُّوا وَلَا لِتُزَكُّوا إِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ ذَلِكَ وَلَكِنِّي قَاتَلْتُكُمْ لِأَتَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ وَقَدْ أَعْطَانِي اللهُ ذَلِكَ وَأَنْتُمْ كَارِهُونَ أَلَا وَإِنِّي كُنْتُ مَنَّيْتُ الْحَسَنَ وَأَعْطَيْتُهُ أَشْيَاءَ وَجَمِيعُهَا تَحْتَ قَدَمِي لَا أَفِي لَهُ بِشَيْءٍ مِنْهَا.

ثُمَّ سَارَ وَنَزَلَ الْكُوفَةَ فَأَقَامَ بِهَا أَيَّاماً فَلَمَّا اسْتَتَمَّتْ بَيْعَتُهُ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَ النَّاسَ وَذَكَرَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْحَسَنَ علیهما السلام فَنَالَ مِنْهُمَا وَكَانَ الْحُسَيْنُ علیهما السلام حَاضِراً فَأَرَادَ أَنْ يَقُومَ وَيُجِيبَهُ فَأَخَذَ الْحَسَنُ بِيَدِهِ وَأَجْلَسَهُ وَقَامَ وَقَالَ أَيُّهَا الذَّاكِرُ عَلِيّاً أَنَا الْحَسَنُ وَأَبِي عَلِيٌّ وَأَنْتَ مُعَاوِيَةُ وَأَبُوكَ صَخْرٌ وَأُمِّي فَاطِمَةُ وَأُمُّكَ هِنْدٌ وَجَدِّي رَسُولُ اللهِ وَجَدُّكَ حَرْبٌ وَجَدَّتِي خَدِيجَةُ وَجَدَّتُكَ فُتَيْلَةُ فَلَعَنَ اللهُ أَخْمَلَنَا ذِكْراً (١) وَأَلْأَمَنَا حَسَباً وَشَرَّنَا قِدَماً وَأَقْدَمَنَا كُفْراً وَنِفَاقاً فَقَالَ طَوَائِفُ مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ آمِينَ آمِينَ. (٢)

وَخَرَجَ الْحَسَنُ إِلَى الْمَدِينَةِ كَاظِماً غَيْظَهُ مُنْتَظِراً أَمْرَ رَبِّهِ لَازِماً مَنْزِلَهُ إِلَى أَنْ تَمَّ لِمُعَاوِيَةَ عَشْرَ سِنِينَ مِنْ إِمَارَتِهِ وَأَرَادَ أَخْذَ الْبَيْعَةِ لِابْنِهِ دَسَّ إِلَى زَوْجَةِ الْحَسَنِ علیهما السلام جَعْدَةَ بِنْتِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ مَنْ حَمَلَهَا عَلَى سَمِّهِ وَأَرْسَلَ إِلَيْهَا مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَضَمِنَ تَزْوِيجَهَا بِابْنِهِ يَزِيدَ فَسَقَتْهُ السَّمَّ فَبَقِيَ أَرْبَعِينَ يَوْماً مَرِيضاً وَمَضَى لِسَبِيلِهِ فِي صَفَرٍ مِنْ سَنَةِ خَمْسِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ وَعُمُرُهُ يَوْمَئِذٍ ثَمَانٌ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً.

وَكَانَتْ خِلَافَتُهُ عَشْرَ سِنِينَ وَتَوَلَّى أَخُوهُ وَوَصِيُّهُ الْحُسَيْنُ علیهما السلام غُسْلَهُ

________________

(١) خمل ذكره : خفى.

(٢) قال ابن أبي الحديد في شرح النهج ج ٣ صلی الله علیه وسلم ١٦ ط مصر قال أبو الفرج وحدّثني أبو عبيد محمّد بن أحمد قال حدّثني الفضل بن الحسن المصري قال : حدّثني يحيى بن معين ويرفع السند إلى حبيب بن أبي ثابت قال خطب معاوية بالكوفة ـ وذكر الحديث بعينه ـ ثم قال : قال الفضل : قال يحيى بن معين وأنا أقول آمين ، قال أبو الفرج قال أبو عبيد : قال الفضل : وأنا أقول آمين ، ويقول عليّ بن الحسين الأصفهانيّ : آمين.

قلت : ويقول عبد الحميد بن أبي الحديد مصنف هذا الكتاب ، آمين «انتهى» ويقول كاتب هذه الكلمات ومصحح هذا الكتاب آمين.

٥٤٢

وَتَكْفِينَهُ وَدَفْنَهُ عِنْدَ جَدَّتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ علیهما السلام

السادس في علمه علیهما السلام

قال الشيخ كمال الدين بن طلحة كان الله عز وعلا قد رزقه الله الفطرة الثاقبة في إيضاح مراشد ما يعانيه ومنحه الفطنة الصائبة لإصلاح قواعد الدين ومبانيه وخصه بالجبلة التي ردت لها أخلاف مادتها بسور العلم ومعانيه ومرت له أطباء الاهتداء من نجدي جده وأبيه (١) فجنى بفكرة منجبة نجاح مقاصد ما يقتفيه وقريحة مصحبة في كل مقام يقف فيه وكان يجلس في مسجد رسول الله صلی الله علیه وسلم ويجتمع الناس حوله فيتكلم بما يشفي غليل السائلين ويقطع حجج القائلين.

" وَرَوَى الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْوَاحِدِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي تَفْسِيرِهِ الْوَسِيطِ مَا يَرْفَعُهُ بِسَنَدِهِ أَنَّ رَجُلاً قَالَ دَخَلْتُ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَالنَّاسُ حَوْلَهُ فَقُلْتُ لَهُ أَخْبِرْنِي عَنْ (شاهِدٍ وَمَشْهُودٍ) فَقَالَ نَعَمْ أَمَّا الشَّاهِدُ فَيَوْمُ الْجُمُعَةِ وَأَمَّا الْمَشْهُودُ فَيَوْمُ عَرَفَةَ فَجُزْتُهُ إِلَى آخَرَ يُحَدِّثُ فَقُلْتُ لَهُ أَخْبِرْنِي عَنْ (شاهِدٍ وَمَشْهُودٍ) فَقَالَ نَعَمْ أَمَّا الشَّاهِدُ فَيَوْمُ الْجُمُعَةِ وَأَمَّا الْمَشْهُودُ فَيَوْمُ النَّحْرِ فَجُزْتُهُمَا إِلَى غُلَامٍ كَأَنَّ وَجْهَهُ الدِّينَارُ وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَقُلْتُ أَخْبِرْنِي عَنْ (شاهِدٍ وَمَشْهُودٍ) فَقَالَ نَعَمْ أَمَّا الشَّاهِدُ فَمُحَمَّدٌ صلی الله علیه وسلم وَأَمَّا الْمَشْهُودُ فَيَوْمُ الْقِيَامَةِ أَمَا سَمِعْتَهُ يَقُولُ (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً) (٣) وَقَالَ تَعَالَى (ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ) (٤).

فسَأَلْتُ عَنِ الْأَوَّلِ فَقَالُوا ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَأَلْتُ عَنِ الثَّانِي فَقَالُوا ابْنُ عُمَرَ وَسَأَلْتُ عَنِ الثَّالِثِ فَقَالُوا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام وَكَانَ قَوْلُ الْحَسَنِ أَحْسَنَ.

________________

(١) مرت الشيء : ملسه : والأطباء جمع الطبى : حلمة الثدي. والنجد : الثدي.

(٢) البروج : ٣.

(٣) الأحزاب : ٤٥.

(٤) هود : ١٠٣.

٥٤٣

وَنَقَلَ أَنَّهُ علیهما السلام اغْتَسَلَ وَخَرَجَ مِنْ دَارِهِ فِي حُلَّةٍ فَاخِرَةٍ وَبِزَّةٍ طَاهِرَةٍ (١) وَمَحَاسِنَ سَافِرَةٍ وَقَسِمَاتٍ ظَاهِرَةٍ (٢) وَنَفَحَاتٍ نَاشِرَةٍ وَوَجْهُهُ يُشْرِقُ حُسْناً وَشَكْلَةٍ قَدْ كَمَلَ صُورَةً وَمَعْنًى وَالْإِقْبَالُ يَلُوحُ مِنْ أَعْطَافِهِ وَنَضْرَةُ النَّعِيمِ تُعْرَفُ فِي أَطْرَافِهِ وَقَاضِي الْقَدَرِ قَدْ حَكَمَ أَنَّ السَّعَادَةَ مِنْ أَوْصَافِهِ ثُمَّ رَكِبَ بَغْلَةً فَارِهَةً غَيْرَ قَطُوفٍ (٣) وَسَارَ مُكْتَنِفاً مِنْ حَاشِيَتِهِ وَغَاشِيَتِهِ بِصُفُوفٍ (٤) فَلَوْ شَاهَدَهُ عَبْدُ مَنَافٍ لَأَرْغَمَ بِمُفَاخَرَتِهِ بِهِ مَعَاطِسَ أُنُوفٍ (٥) وَعَدَّهُ وَآبَاءَهُ وَجَدَّهُ فِي إِحْرَازِ خِصَلِ الْفَخَارِ يَوْمَ التَّفَاخُرِ بِأُلُوفٍ فَعَرَضَ لَهُ فِي طَرِيقِهِ مِنْ مَحَاوِيجِ الْيَهُودِ هِمٌّ فِي هَدْمٍ قَدْ أَنْهَكَتْهُ الْعِلَّةُ (٦) وَارْتَكَبَتْهُ الذِّلَّةُ وَأَهْلَكَتْهُ الْقِلَّةُ وَجِلْدُهُ يَسْتُرُ عِظَامَهُ وَضَعْفُهُ يُقَيِّدُ أَقْدَامَهُ وَضَرُّهُ قَدْ مَلَكَ زِمَامَهُ وَسُوءُ حَالِهِ قَدْ حَبَّبَ إِلَيْهِ حِمَامَهُ (٧) وَشَمْسُ الظَّهِيرَةِ تَشْوِي شَوَاهُ (٨) وَأَخْمَصُهُ تُصَافِحُ ثَرَى مَمْشَاهُ (٩) وَعَذَابُ عر عريه [عُرْعُرَتِهِ] قَدْ عَرَاهُ (١٠) وَطُولُ طَوَاهُ قَدْ أَضْعَفَ بَطْنَهُ

________________

(١) البزة : الثياب.

(٢) القسمات جمع القسمة : الحسن.

(٣) فره : نشط. وقطفت الدابّة ضاق مشيها وبطأ أو أساءت السير.

(٤) غاشية الرجل : خدمه وزواره الذين يغشونه.

(٥) المعاطس جمع المعطس : الأنوف.

(٦) المحاويج. المحتاجون. الهم ـ بالكسر ـ : الشيخ الفاني. والهدم ـ بالكسر أيضا ـ الثوب البالي. ونهكت الحمى فلانا : أضنته وجهدته ونقصت لحمه.

(٧) الحمام : الموت.

(٨) الشوى : اليدان والرجلان وقحف الرأس وصلدته وما كان غير مقتل من الأعضاء.

(٩) الأخمص : ما لا يصيب الأرض من باطن القدم وربما يراد به القدم كلها.

تصافح الشيئان : انطبق بعضها على بعض.

(١٠) العر ـ بتشديد الراء ـ الجرب.

٥٤٤

وَطَوَاهُ (١) وَهُوَ حَامِلُ جَرٍّ مَمْلُوءاً مَاءً عَلَى مُطَاهُ (٢) وَحَالُهُ يَعْطِفُ عَلَيْهِ الْقُلُوبَ الْقَاسِيَةَ عِنْدَ مَرْآهُ فَاسْتَوْقَفَ الْحَسَنَ علیهما السلام وَقَالَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ أَنْصِفْنِي فَقَالَ علیهما السلام فِي أَيِّ شَيْءٍ فَقَالَ جَدُّكَ يَقُولُ الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَجَنَّةُ الْكَافِرِ وَأَنْتَ مُؤْمِنٌ وَأَنَا كَافِرٌ فَمَا أَرَى الدُّنْيَا إِلَّا جَنَّةً لَكَ تَتَنَعَّمُ بِهَا وَتَسْتَلِذُّ فِيهَا وَمَا أَرَاهَا إِلَّا سِجْناً لِي قَدْ أَهْلَكَنِي ضُرُّهَا وَأَتْلَفَنِي فَقْرُهَا.

فَلَمَّا سَمِعَ الْحَسَنُ علیهما السلام كَلَامَهُ أَشْرَقَ عَلَيْهِ نُورُ التَّأْيِيدِ وَاسْتَخْرَجَ الْجَوَابَ بِفَهْمِهِ مِنْ خِزَانَةِ عِلْمِهِ وَأَوْضَحَ لِلْيَهُودِيِّ خَطَأَ ظَنِّهِ وَخَطَلَ زَعْمِهِ وَقَالَ يَا شَيْخُ لَوْ نَظَرْتَ إِلَى مَا أَعَدَّ اللهُ لِي وَلِلْمُؤْمِنِينَ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ مِمَّا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ لَعَلِمْتَ أَنِّي قَبْلَ انْتِقَالِي إِلَيْهِ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا فِي سِجْنٍ ضَنْكٍ وَلَوْ نَظَرْتَ إِلَى مَا أَعَدَّ اللهُ لَكَ وَلِكُلِّ كَافِرٍ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ مِنْ سَعِيرِ نَارِ الْجَحِيمِ وَنَكَالِ عَذَابِ الْمُقِيمِ لَرَأَيْتَ أَنَّكَ قَبْلَ مَصِيرِكَ إِلَيْهِ الْآنَ فِي جَنَّةٍ وَاسِعَةٍ وَنِعْمَةٍ جَامِعَةٍ.

فانظر إلى هذا الجواب الصادع بالصواب كيف قد تفجرت بمستعذبه عيون علمه وأينعت بمستغربه فنون فهمه فيا له جوابا ما أمتنه وصوابا ما أبينه وخطابا ما أحسنه صدر عن علم مقتبس من مشكاة نور النبوة وتأييد موروث من آثار معالم الرسالة هذا آخر كلام ابن طلحة.

" نَقَلْتُ مِنْ كِتَابِ مَعَالِمِ الْعِتْرَةِ الطَّاهِرَةِ لِلْجَنَابِذِيِّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَرْثِ قَالَ مَرَّ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم مَعَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِذْ رَأَى الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ علیهما السلام وَهُوَ يَلْعَبُ فَأَخَذَهُ فَحَمَلَهُ عَلَى عَاتِقِهِ فَقَالَ بِأَبِي شَبِيهُ النَّبِيِّ لَا شَبِيهاً بِعَلِيٍّ قَالَ وَعَلِيٌّ علیهما السلام يَتَبَسَّمُ. " وَعَنِ ابْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ علیهما السلام أَشْبَهَهُمْ بِرَسُولِ اللهِ ص.

" وَعَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي جُحَيْفَةَ هَلْ رَأَيْتَ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم قَالَ نَعَمْ وَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ علیهما السلام يُشْبِهُهُ صلی الله علیه وسلم

________________

(١) الطوى : الجوع. ولعلّ المراد بالطوى ثانيا ما انطوى عليه بطنه من الأحشاء والأمعاء.

(٢) الجر : الاناء من خزف. والمطا : الظهر.

٥٤٥

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ مَا رَأَيْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ علیهما السلام إِلَّا فَاضَتْ عَيْنَايَ دُمُوعاً وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم خَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ فَوَجَدَنِي فِي الْمَسْجِدِ فَأَخَذَ بِيَدِي فَاتَّكَأَ عَلَيَّ ثُمَّ انْطَلَقَتْ مَعَهُ حَتَّى جِئْنَا سُوقَ بَنِي قَيْنُقَاعَ فَمَا كَلَّمَنِي فَطَافَ وَنَظَرَ ثُمَّ رَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ وَجَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ فَاحْتَبَى ثُمَّ قَالَ ادْعُ لِي لُكَعَ قَالَ فَأَتَى حَسَنٌ يَشْتَدُّ حَتَّى وَقَعَ فِي حَجْرِهِ فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَهُ فِي لِحْيَةِ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَفْتَحُ فَمَهُ وَيُدْخِلُ فَمَهُ فِي فَمِهِ وَيَقُولُ اللهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ وَأُحِبُّ مَنْ يُحِبُّهُ ثَلَاثاً.

وَعَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَخْطُبُ فَأَقْبَلَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ علیهما السلام وَعَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ يَعْثُرَانِ وَيَقُومَانِ فَلَمَّا رَآهُمَا نَزَلَ وَأَخَذَهُمَا ثُمَّ صَعِدَ فَوَضَعَهُمَا فِي حَجْرِهِ ثُمَّ قَالَ صَدَقَ اللهُ (إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) رَأَيْتُ هَذَيْنِ فَلَمْ أَصْبِرْ حَتَّى أَخَذْتُهُمَا.

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَلَا أُعَلِّمُكَ عُوذَةً كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِبْرَاهِيمُ ابْنَيْهِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَأَنَا أَعُوذُ بِهَا ابْنَيَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ قُلْ كَفَى بِسَمْعِ اللهِ وَاعِياً لِمَنْ دَعَا وَلَا مَرْمِيَّ وَرَاءَ أَمْرِ اللهِ لِرَامٍ رَمَى.

" وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ قَالَ لَمَّا وُلِدَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَقَّ عَنْهُ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم بِكَبْشٍ وَحَلَقَ رَأْسَهُ وَأَمَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِزِنَتِهِ فِضَّةً.

" وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ أَشْبَهَهُمْ بِرَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَعْنِي مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ حَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ.

وَعَنْ عَلِيٍّ علیهما السلام قَالَ أَشْبَهَ الْحَسَنُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم مَا بَيْنَ الصَّدْرِ إِلَى الرَّأْسِ وَالْحُسَيْنُ أَشْبَهَ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم مَا كَانَ مِنْ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ.

وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ بَيْنَمَا النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم يَخْطُبُ إِذْ صَعِدَ إِلَيْهِ الْحَسَنُ فَضَمَّهُ إِلَيْهِ وَقَالَ إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَإِنَّ اللهَ عَلَّهُ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَظِيمَتَيْنِ.

وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ علیهما السلام

٥٤٦

كَانَتْ جَمَاجِمُ الْعَرَبِ بِيَدِي يُسَالِمُونَ مَنْ سَالَمْتُ وَيُحَارِبُونَ مَنْ حَارَبْتُ فَتَرَكْتُهَا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ وَحَقْنَ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ.

وَعَنِ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم وَرَأَى الْحَسَنَ مُقْبِلاً فَقَالَ اللهُمَّ سَلِّمْهُ وَسَلِّمْ مِنْهُ.

وَقَالَتْ أُمُّ الْفَضْلِ يَا رَسُولَ اللهِ رَأَيْتُ كَأَنَّ عُضْواً مِنْ أَعْضَائِكَ فِي بَيْتِي قَالَ خَيْراً رَأَيْتِ تَلِدُ فَاطِمَةُ غُلَاماً تُرْضِعِينَهُ بِلَبَنِ قُثَمَ فَوَلَدَتِ الْحَسَنَ فَأَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِ قُثَمَ.

قَالَ وَخَطَبَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ علیهما السلام النَّاسَ حِينَ قُتِلَ عَلِيٌّ علیهما السلام فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ لَقَدْ قُبِضَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ رَجُلٌ لَمْ يَسْبِقْهُ الْأَوَّلُونَ وَلَا يُدْرِكُهُ الْآخِرُونَ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم يُعْطِيهِ رَايَتَهُ وَيُقَاتِلُ جَبْرَئِيلُ عَنْ يَمِينِهِ وَمِيكَائِيلُ عَنْ شِمَالِهِ فَمَا يَرْجِعُ حَتَّى يَفْتَحَ اللهُ عَلَيْهِ وَمَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ صَفْرَاءَ وَلَا بَيْضَاءَ إِلَّا سَبْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ فَضَلَتْ مِنْ عَطَائِهِ أَرَادَ أَنْ يَبْتَاعَ بِهَا خَادِماً لِأَهْلِهِ ثُمَّ قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ عَرَفَنِي فَقَدْ عَرَفَنِي وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْنِي فَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَنَا ابْنُ الْوَصِيِّ وَأَنَا ابْنُ الْبَشِيرِ وَأَنَا ابْنُ النَّذِيرِ وَأَنَا ابْنُ الدَّاعِي إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَأَنَا ابْنُ السِّرَاجِ الْمُنِيرِ وَمِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ الَّذِي كَانَ جَبْرَئِيلُ يَنْزِلُ فِيهِ وَيَصْعَدُ مِنْ عِنْدِنَا وَأَنَا مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ الَّذِينَ أَذْهَبَ اللهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرَهُمْ تَطْهِيراً وَأَنَا مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ الَّذِينَ افْتَرَضَ اللهُ مَوَدَّتَهُمْ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فَقَالَ لِنَبِيِّهِ (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) فَاقْتِرَافُ الْحَسَنَةِ مَحَبَّتُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ.

وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم إِذْ أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ تَبْكِي فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم مَا يُبْكِيكِ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ خَرَجَا فَوَ اللهِ مَا أَدْرِي أَيْنَ سَلَكَا فَقَالَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم لَا تَبْكِينَ فِدَاكِ أَبُوكِ فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَهُمَا وَهُوَ أَرْحَمُ بِهِمَا اللهُمَّ إِنْ كَانَا قَدْ أُخِذَا فِي بَرٍّ فَاحْفَظْهُمَا وَإِنْ كَانَا قَدْ أَخَذَا فِي بَحْرٍ فَسَلِّمْهُمَا فَهَبَطَ جَبْرَئِيلُ علیهما السلام فَقَالَ يَا أَحْمَدُ لَا تَغْتَمَّ وَلَا تَحْزَنْ هُمَا فَاضِلَانِ فِي الدُّنْيَا فَاضِلَانِ فِي الْآخِرَةِ وَأَبُوهُمَا خَيْرٌ مِنْهُمَا وَهُمَا فِي حَظِيرَةِ بَنِي النَّجَّارِ نَائِمَيْنِ وَقَدْ وَكَّلَ اللهُ بِهِمَا مَلَكاً يَحْفَظُهُمَا.

٥٤٧

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَقُمْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَيْنَا حَظِيرَةَ بَنِي النَّجَّارِ فَإِذَا الْحَسَنُ مُعَانِقُ الْحُسَيْنِ وَإِذَا الْمَلَكُ قَدْ غَطَّاهُمَا بِأَحَدِ جَنَاحَيْهِ قَالَ فَحَمَلَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم الْحَسَنَ وَأَخَذَ الْحُسَيْنَ الْمَلَكُ وَالنَّاسُ يَرَوْنَ أَنَّهُ حَامِلُهُمَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَأَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا يَا رَسُولَ اللهِ أَلَا نُخَفِّفُ عَنْكَ بِأَحَدِ الصَّبِيَّيْنِ فَقَالَ دَعَاهُمَا فَإِنَّهُمَا فَاضِلَانِ فِي الدُّنْيَا فَاضِلَانِ فِي الْآخِرَةِ وَأَبُوهُمَا خَيْرٌ مِنْهُمَا.

ثُمَّ قَالَ وَاللهِ لَأُشَرِّفَنَّهُمَا الْيَوْمَ بِمَا شَرَّفَهُمَا اللهُ فَخَطَبَ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ جَدّاً وَجَدَّةً قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم قَالَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ جَدُّهُمَا رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَجَدَّتُهُمَا خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ أَباً وَأُمّاً قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ أَبُوهُمَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَأُمُّهُمَا فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه وسلم أَلَا أُخْبِرُكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ بِخَيْرِ النَّاسِ عَمّاً وَعَمَّةً قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عَمُّهُمَا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَعَمَّتُهُمَا أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ أَيُّهَا النَّاسُ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ خَالاً وَخَالَةً قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ خَالُهُمَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَخَالَتُهُمَا زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم أَلَا إِنَّ أَبَاهُمَا فِي الْجَنَّةِ وَأُمَّهُمَا فِي الْجَنَّةِ وَجَدَّهُمَا فِي الْجَنَّةِ وَجَدَّتَهُمَا فِي الْجَنَّةِ وَخَالَهُمَا فِي الْجَنَّةِ وَخَالَتَهُمَا فِي الْجَنَّةِ وَعَمَّهُمَا فِي الْجَنَّةِ وَعَمَّتَهُمَا فِي الْجَنَّةِ وَهُمَا فِي الْجَنَّةِ وَمَنْ أَحَبَّهُمَا فِي الْجَنَّةِ وَمَنْ أَحَبَّ مَنْ أَحَبَّهُمَا فِي الْجَنَّةِ.

" وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ الْمُغِيرِيُ كَانَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ علیهما السلام أَبْيَضَ مُشْرَباً حُمْرَةً أَدْعَجَ الْعَيْنَيْنِ سَهْلَ الْخَدَّيْنِ دَقِيقَ الْمَسْرُبَةِ كَثَّ اللِّحْيَةِ ذَا وَفْرَةٍ وَكَأَنَّ عُنُقَهُ إِبْرِيقُ فِضَّةٍ عَظِيمَ الْكَرَادِيسِ (١) بَعِيدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ رَبْعَةً لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلَا الْقَصِيرِ مَلِيحاً مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهاً وَكَانَ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ وَكَانَ جَعْدَ الشَّعْرِ حَسَنَ الْبَدَنِ تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً وَوَلِيَ غُسْلَهُ الْحُسَيْنُ وَمُحَمَّدٌ وَالْعَبَّاسُ أَخَوَاهُ مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام وَصَلَّى عَلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ فِي

________________

(١) مر تفسير اللغات في صلی الله علیه وسلم ١٥١ فراجع.

٥٤٨

سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ.

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم حَامِلاً لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَى عَاتِقِهِ فَقَالَ رَجُلٌ نِعْمَ الْمَرْكَبُ رَكِبْتَ يَا غُلَامُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم وَنِعْمَ الرَّاكِبُ هُوَ.

وَعَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم أَنَّهَا أَتَتْ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَمَعَهَا الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ هَذَيْنِ لَمْ تُورِثْهُمَا شَيْئاً قَالَ أَمَّا الْحَسَنُ فَلَهُ هَيْبَتِي وَسُؤْدُدِي وَأَمَّا الْحُسَيْنُ فَلَهُ جُرْأَتِي وَجُودِي.

" وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم كَانَ يُقَبِّلُ نَحْرَ فَاطِمَةَ وَيَشَمُّهُ.

" وَعَنْ أُمِّ عُثْمَانَ أُمِّ وَلَدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام قَالَتْ كَانَتْ لِآلِ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم قَطِيفَةٌ يَجْلِسُ عَلَيْهَا جَبْرَئِيلُ لَا يَجْلِسُ عَلَيْهَا غَيْرُهُ وَإِذَا خَرَجَ طُوِيَتْ وَكَانَ إِذَا عُرِجَ انْتَفَضَ فَيَسْقُطُ مِنْ زَغَبِ رِيشِهِ فَيَقُومُ فَيَتَّبِعُهُ وَيَجْعَلُهُ فِي تَمَائِمِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ (١).

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ وَاحِدُهُمَا أَعْظَمُ مِنَ الْآخَرِ ـ كِتَابَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي لَا يَفْتَرِقَانِ حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ أَلَا إِنَّ كِتَابَ اللهِ حَبَلٌ مَمْدُودٌ أَصْلُهُ فِي الْأَرْضِ وَطَرْفُهُ فِي الْعَرْشِ مَثَلُهُ كَمَثَلِ سَفِينَةِ نُوحٍ مَنْ رَكِبَهَا نَجَا وَمَثَلُهُمْ كَبَابِ حِطَّةٍ مَنْ دَخَلَهُ غُفِرَتْ لَهُ الذُّنُوبُ.

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم إِنِّي مُخَلِّفٌ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا أَبَداً ـ كِتَابَ اللهِ وَأَهْلَ بَيْتِي.

وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ يَقُولُ إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ كِتَابَ اللهِ حَبَلٌ مَمْدُودٌ مِنَ السَّمَاءِ مَنِ اسْتَمْسَكَ بِهِ كَانَ عَلَى الْهُدَى وَمَنْ تَرَكَهُ كَانَ عَلَى الضَّلَالَةِ وَأَهْلَ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَهْلِ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَهْلِ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَهْلِ

________________

(١) الزغب : صغار الريش ، والتمائم جمع التميمة : عوذة تعلق على صغار الإنسان مخافة العين.

٥٤٩

بَيْتِي قَالَ فَقُلْتُ لِزَيْدٍ مَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ فَقَالَ الَّذِينَ لَا تَحِلُّ لَهُمُ الصَّدَقَةُ آلُ عَلِيٍّ وَآلُ عَبَّاسٍ وَآلُ جَعْفَرٍ وَآلُ عَقِيلٍ.

وَعَنْ ذَكْوَانَ مَوْلَى مُعَاوِيَةَ قَالَ قَالَ مُعَاوِيَةُ لَا أَعْلَمَنَّ أَحَداً سَمَّى هَذَيْنِ الْغُلَامَيْنِ ابْنَيْ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَلَكِنْ قُولُوا ابْنَيْ عَلِيٍّ علیهما السلام قَالَ ذَكْوَانُ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَمَرَنِي أَنْ أَكْتُبَ بَنِيهِ (١) فِي الشَّرَفِ قَالَ فَكَتَبْتُ بَنِيهِ وَبَنِي بَنِيهِ وَتَرَكْتُ بَنِي بَنَاتِهِ ثُمَّ أَتَيْتُهُ بِالْكِتَابِ فَنَظَرَ فِيهِ فَقَالَ وَيْحَكَ لَقَدْ أَغْفَلْتَ كِبَرَ بَنِيَّ فَقُلْتُ مَنْ فَقَالَ أَمَّا بَنُو فُلَانَةَ لِابْنَتِهِ بَنِيَّ أَمَّا بَنُو فُلَانَةَ لِابْنَتِهِ بَنِيَّ قَالَ قُلْتُ اللهَ أَيَكُونُ بَنُو بَنَاتِكَ بَنِيكَ وَلَا يَكُونُ بَنُو فَاطِمَةَ بَنِي رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم قَالَ مَا لَكَ قَاتَلَكَ اللهُ لَا يَسْمَعَنَّ هَذَا أَحَدٌ مِنْكَ.

وعن عوف بن الأزرق بن قيس وذكر حديث المباهلة.

وَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم حَامِلٌ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ علیهما السلام عَلَى عَاتِقِهِ وَهُوَ يَقُولُ اللهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ وَفِي رِوَايَةٍ وَأُحِبُّ مَنْ يُحِبُّهُ.

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ نَظَرَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم إِلَى عَلِيٍّ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَفَاطِمَةَ صلی الله علیه وسلم فَقَالَ أَنَا حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكُمْ وَسِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكُمْ.

" وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَرْثِ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم بِلَيَالٍ وَعَلِيٌّ علیهما السلام يَمْشِي إِلَى جَنْبِهِ فَمَرَّ بِحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ يَلْعَبُ مَعَ غِلْمَانٍ فَاحْتَمَلَهُ عَلَى رَقَبَتِهِ وَهُوَ يَقُولُ :

بِأَبِي شَبِيهٌ بِالنَّبِيِ

لَيْسَ شَبِيهاً بِعَلِيٍ

قَالَ وَعَلِيٌّ علیهما السلام يَضْحَكُ.

" وَعَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ حَجَّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ علیهما السلام خَمْساً وَعِشْرِينَ حِجَّةً مَاشِياً وَإِنَّ الْجَنَائِبَ (٢) لَتُقَادُ مَعَهُ

________________

(١) الضمير يرجع إلى معاوية.

(٢) الجنائب جمع الجنيبة ـ ككتائب وكتيبة ـ : الدابّة تقاد وكل طائع منقاد جنيب.

٥٥٠

وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ.

وَعَنْ عَلِيٍّ علیهما السلام قَالَ لَمَّا حَضَرَتْ وِلَادَةُ فَاطِمَةَ علیهما السلام قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم لِأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ وَلِأُمِّ سَلَمَةَ احْضُرَاهَا فَإِذَا وَقَعَ وَلَدُهَا وَاسْتَهَلَّ (١) فَأَذِّنَا فِي أُذُنِهِ الْيُمْنَى وَأَقِيمَا فِي أُذُنِهِ الْيُسْرَى فَإِنَّهُ لَا يُفْعَلُ ذَلِكَ بِمِثْلِهِ إِلَّا عُصِمَ مِنَ الشَّيْطَانِ وَلَا تُحْدِثَا شَيْئاً حَتَّى آتِيَكُمَا فَلَمَّا وَلَدَتْ فَعَلَتَا ذَلِكَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم فَسَرَّهُ وَلَبَأَهُ بِرِيقِهِ (٢) وَقَالَ اللهُمَّ إِنِّي أُعِيذُهُ بِكَ وَوُلْدَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ.

" وَعَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ كَانَتْ عَائِشَةُ الْخَثْعَمِيَّةُ عِنْدَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ علیهما السلام فَلَمَّا أُصِيبَ عَلِيٌّ علیهما السلام وَبُويِعَ الْحَسَنُ علیهما السلام بِالْخِلَافَةِ قَالَتْ لِتَهْنِئْكَ الْخِلَافَةُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ يُقْتَلُ عَلِيٌّ علیهما السلام فَتُظْهِرِينَ الشَّمَاتَةَ اذْهَبِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثاً فَتَلَفَّعَتْ بِسَاجِهَا وَمَضَتْ (٣) فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بَعَثَ إِلَيْهَا بِبَقِيَّةٍ بَقِيَتْ مِنْ صَدَاقِهَا عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ فَقَالَتْ مَتَاعٌ قَلِيلٌ مِنْ حَبِيبٍ مُفَارِقٍ فَلَمَّا بَلَغَهُ قَوْلُهَا بَكَى وَقَالَ لَوْ لَا أَنَّنِي سَمِعْتُ جَدِّي أَوْ حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ سَمِعَ جَدِّي صلی الله علیه وسلم يَقُولُ أَيُّمَا رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثاً قَبْلَ الْأَقْرَاءِ أَوْ ثَلَاثَةً مُبْهَمَةً (فَلا تَحِلُّ لَهُ) ... (حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ)

كذا في الأصل فإما أن يكون حذف الجواب للعلم به أو يكون الناسخ قد أخل به.

وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ دَخَلَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام عَلَى مُعَاوِيَةَ وَعِنْدَهُ شَبَابٌ مِنْ قُرَيْشٍ يَتَفَاخَرُونَ وَالْحَسَنُ سَاكِتٌ فَقَالَ لَهُ يَا

________________

(١) استهل الصبى : رفع صوته بالبكاء عند الولادة وكذا كل متكلم رفع صوته أو خفضه فقد استهل.

(٢) سر الصبى : قطع سره وهو ما تقطعه القابلة من سرته. وقال ابن الأثير في النهاية وفي حديث ولادة الحسن بن عليّ وألبأه بريقه اي صب ريقه في فيه كما يصيب اللبأ في فم الصبى وهو أول ما يحلب عند الولادة.

(٣) تلفع المرأة بمرطها : تلحفت. والساج : الطيلسان الأخضر.

٥٥١

حَسَنُ وَاللهِ مَا أَنْتَ بِكَلِيلِ اللِّسَانِ وَلَا بِمَأْشُوبِ الْحَسَبِ (١) فَلِمَ لَا تَذْكُرُ فَخْرَكُمْ وَقَدِيمَكُمْ فَأَنْشَأَ الْحَسَنُ يَقُولُ

فِيمَ الْكَلَامُ وَقَدْ سَبَقْتُ مُبَرِّزاً

سَبْقَ الْجَوَادِ مِنَ الْمَدَى الْمُتَبَاعِدِ

نَحْنُ الَّذِينَ إِذَا الْقُرُومُ تَخَاطَرُوا

طِبْنَا عَلَى رَغْمِ الْعَدُوِّ الْحَاسِدِ (٢)

وَعَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ لَمَّا حَضَرَتِ الْحَسَنَ الْوَفَاةُ جَعَلَ يَسْتَرْجِعُ فَأَكَبَّ عَلَيْهِ ابْنُهُ عَبْدُ اللهِ فَقَالَ يَا أَبَهْ هَلْ رَأَيْتَ شَيْئاً فَقَدْ غَمَمْتَنَا فَقَالَ علیهما السلام أَيْ بُنَيَّ هِيَ وَاللهِ نَفْسِي الَّتِي لَمْ أُصَبْ بِمِثْلِهَا.

وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ لَمَّا حَضَرَتِ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيِّ الْوَفَاةُ كَأَنَّهُ جَزِعَ عِنْدَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ علیهما السلام كَأَنَّهُ يُعَزِّيهِ يَا أَخِي مَا هَذَا الْجَزَعُ إِنَّكَ تَرِدُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَعَلِيٍّ علیهما السلام وَهُمَا أَبَوَاكَ وَعَلَى خَدِيجَةَ وَفَاطِمَةَ وَهُمَا أُمَّاكَ وَعَلَى الْقَاسِمِ وَالطَّاهِرِ وَهُمَا خَالاكَ وَعَلَى حَمْزَةَ وَجَعْفَرٍ وَهُمَا عَمَّاكَ فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ أَيْ أَخِي إِنِّي أَدْخُلُ فِي أَمْرٍ مِنْ أَمْرِ اللهِ لَمْ أَدْخُلْ فِيهِ

من روى من أولاد الحسن بن علي بن أبي طالب علیهما السلام

عنه عن النبي صلی الله علیه وسلم (زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب ع).

عَنْ زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَّا آخَى رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم بَيْنَ الصَّحَابَةِ آخَى بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَبَيْنَ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ ـ وَبَيْنَ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَبَيْنَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَبَيْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَبَيْنَ الْمِقْدَادِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ فَقَالَ عَلِيٌّ علیهما السلام آخَيْتَ بَيْنَ أَصْحَابِكَ وَأَخَّرْتَنِي قَالَ مَا أَخَّرْتُكَ إِلَّا لِنَفْسِي.

الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِيهِ علیهما السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم إِنَّ مِنْ

________________

(١) فلان مأشوب : اي مخلوط غير صريح في نسبه.

(٢) القروم جمع القرم ـ بالفتح ـ : السيّد العظيم تشبيها بالفحل والتخاطر : تواثب الفحول عند الهياج.

٥٥٢

وَاجِبِ الْمَغْفِرَةِ إِدْخَالُكَ السُّرُورَ عَلَى أَخِيكَ الْمُسْلِمِ.

عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَسَنِ (١) عَنْ أَبِيهِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ علیهما السلام عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم الرَّحِمُ شَجْنَةٌ (٢) مِنَ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ وَصَلَهَا وَصَلَهُ اللهُ وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعَهُ اللهُ تَعَالَى.

وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أُمِّهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ عَنْ فَاطِمَةَ علیهما السلام قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَالَ بِسْمِ اللهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَصَلَّى اللهُ عَلَى رَسُولِ اللهِ اللهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَسَهِّلْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ وَإِذَا خَرَجَ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ يَقُولُ اللهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَسَهِّلْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ وَفَضْلِكَ.

وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَسَنٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ فَاطِمَةَ الْكُبْرَى قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم مَا الْتَقَى جُنْدَانِ ظَالِمَانِ إِلَّا تَخَلَّى اللهُ عَنْهُمَا وَلَمْ يُبَالِ أَيُّهُمَا غَلَبَ وَمَا الْتَقَى جُنْدَانِ ظَالِمَانِ إِلَّا كَانَتِ الدَّبْرَةُ عَلَى أَعْتَاهُمَا.

وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَسَنٍ عَنْ أَبِيهِ حَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم لِلنِّسَاءِ عَشْرُ عَوْرَاتٍ فَإِذَا تَزَوَّجَتِ الْمَرْأَةُ سَتَرَ الزَّوْجُ عَوْرَةً وَإِذَا مَاتَتْ سَتَرَ الْقَبْرُ عَشْرَ عَوْرَاتٍ.

" وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ حَسَنِ بْنِ حَسَنٍ لِابْنِهِ مُحَمَّدٍ اسْتَعِنْ عَلَى السَّلَامَةِ بِطُولِ الصَّمْتِ فِي الْمَوَاطِنِ الَّتِي تَدْعُوكَ نَفْسُكَ إِلَى الْكَلَامِ فِيهَا فَإِنَّ الصَّمْتَ حَسَنٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ.

" وَعَنْ زِيَادِ بْنِ الْمُنْذِرِ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ حَسَنِ بْنِ حَسَنٍ لِابْنِهِ إِيَّاكَ وَمُعَادَاةَ الرِّجَالِ

________________

(١) هو عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهما السلام الملقب بالمحض رامه فاطمة بنت الحسين (علیهما السلام) ترجمه علماء الرجال من العامّة في كتبهم قال ابن حجر ـ بعد ذكر نسبه ـ روى عن أبيه وأمه وابن عم جده اه.

(٢) قلت قال الجوهريّ الشجنة عروق الشجر المشتبكة ، بيني وبينه شجنة رحم اى قرابة مشتبكة ، وفي الحديث : الرحم شجنة من اللّه أي الرحم مشتقة من الرحمن ، يعنى أنها قرابة من اللّه مشتبكة كاشتباك العروق ه. م.

٥٥٣

فَإِنَّكَ لَا تَأْمَنُ مَكْرَ حَلِيمٍ وَمُبَادَرَةَ لَئِيمٍ.

حَسَنُ بْنُ حَسَنٍ (١) عَنْ أُمِّهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ عَنْ فَاطِمَةَ الْكُبْرَى بِنْتِ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم لَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ مَنْ بَاتَ وَفِي يَدِهِ غَمَرٌ قلت الغمر السهك (٢).

وَعَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ زِيَادٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم قَالَ مَنْ أَجْرَى اللهُ عَلَى يَدَيْهِ فَرَجاً لِمُسْلِمٍ فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كُرَبَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

وَقَالَ فِي عَقِبِهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم قَالَ مَنْ عَالَ أَهْلَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَهُمْ وَلَيْلَتَهُمْ غَفَرَ اللهُ لَهُ تَعَالَى ذُنُوبَهُ.

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ أَوْصَى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ابْنَهُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ علیهما السلام فَقَالَ يَا بُنَيَّ اصْبِرْ لِلنَّوَائِبِ وَلَا تَعَرَّضْ لِلْحُتُوفِ وَلَا تُعْطِ نَفْسَكَ مَا ضَرُّهُ عَلَيْكَ أَكْثَرُ مِنْ نَفْعِهِ لِغَيْرِكَ يَا بُنَيَّ إِنَّ اللهَ تَعَالَى رَضِيَنِي لَكَ فَحَذَّرَنِي فِتْنَتَكَ (٣) وَلَمْ يَرْضَكَ لِي فَأَوْصَاكَ بِي.

وَقَالَ أَبُو حَمْزَةَ الثُّمَالِيُّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ علیهما السلام قَالَ كَانَ يَقُولُ لِوُلْدِهِ يَا بَنِيَّ إِذَا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ مِنَ الدُّنْيَا أَوْ نَزَلَ بِكُمْ فَاقَةٌ فَلْيَتَوَضَّأِ الرَّجُلُ فَلْيُحْسِنْ وُضُوءَهُ وَلْيُصَلِّ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ أَوْ رَكْعَتَيْنِ فَإِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ فَلْيَقُلْ يَا مَوْضِعَ كُلِّ شَكْوَى يَا سَامِعَ كُلِّ نَجْوَى يَا شَافِيَ كُلِّ بَلَاءٍ وَيَا عَالِمَ كُلِّ خَفِيَّةٍ وَيَا كَاشِفَ مَا يَشَاءُ مِنْ بَلِيَّةٍ يَا مُنْجِيَ مُوسَى يَا مُصْطَفِيَ مُحَمَّدٍ يَا خَلِيلَ إِبْرَاهِيمَ أَدْعُوكَ دُعَاءَ مَنِ اشْتَدَّتْ

________________

(١) وهو الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب المعبر عنه بالحسن المثلث وهو أخو عبد اللّه بن الحسن أبا وأمّا وقد مدحه أبو الفرج في المقاتل بأنّه كان متألها فاضلا ورعا وقال ابن حجر مات سنة ١٤٥ في حبس منصور وهو ابن ٦٨ سنة.

(٢) قال ابن الأثير وفي الحديث من بات وفي يده غمر. الغمر بالتحريك : الدسم والزهومة من اللحم. وقال غيره : السهك : قبح رائحة اللحم إذا خنز.

(٣) كأنّه إشارة إلى قوله تعالى :(أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ).

٥٥٤

فَاقَتُهُ وَضَعُفَتْ قُوَّتُهُ وَقَلَّتْ حِيلَتُهُ دُعَاءَ الْغَرِيبِ الْغَرِيقِ الْفَقِيرِ الَّذِي لَا يَجِدُ لِكَشْفِ مَا هُوَ فِيهِ إِلَّا أَنْتَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ).

قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ لَا يَدْعُو بِهَا رَجُلٌ أَصَابَهُ بَلَاءٌ إِلَّا فَرَّجَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ.

آخر ما أورده الحافظ عبد العزيز رحمه‌الله تعالى وما أورده عن الإمام زين العابدين عليه وعلى آبائه السلام كان ينبغي أن يورده عند ذكر أخباره علیهما السلام وإنما تبعته أنا ولم أنقله إلى بابه لأني خفت أن يشذ عني أو أسهو عنه عند شروعي في ذكره فكتبته هنا لأن كلما ذكرته في مناقبهم لو قصرته على أحدهم لكانوا فيه شركاء على السوية وما أعطي أحدهم منزلة شرف إلا وكلهم مخصوصون بمثل تلك العطية فهم صلی الله علیه وسلم خلاصة الوجود ومعادن الكرم والجود وشجن الولي وشجا الحسود والعدة والعتاد في اليوم الموعود والسلام.

السابع في عبادته علیهما السلام

قال الشيخ كمال الدين بن طلحة رحمه‌الله تعالى اعلم وصلك الله بحبل تأييده وأوصلك بلطفه إلى مقام توفيقه وتسديده أن العبادة تنقسم إلى ثلاثة أنواع بدنية ومالية ومركبة منهما فالبدنية كالصلاة والصوم وتلاوة القرآن الكريم وأنواع الذكر والمالية كالصدقات والصلات والمبرات والمركب منهما كالحج والجهاد والاعتمار وقد كان الحسن علیهما السلام ضاربا في كل واحد من هذه الأنواع بالقدح الفائز والقدح الحائز.

أما الصلاة والأذكار وما في معناهما فقيامه بها مشهور واسمه في أربابها مذكور.

وأما الصدقات فقد صَحَّ النَّقْلُ فِي مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ بِسَنَدِهِ فِي حِلْيَتِهِ أَنَّهُ علیهما السلام خَرَجَ مِنْ مَالِهِ مَرَّتَيْنِ وَقَاسَمَ اللهَ تَعَالَى مَالَهُ ثَلَاثَ

________________

(١) الشجن ـ محركة ـ : الحاجة. والشجا : ما اعترض في الخلق من عظم ونحوه.

٥٥٥

مَرَّاتٍ وَتَصَدَّقَ بِهِ حَتَّى إِنَّهُ كَانَ لَيُعْطِي نَعْلاً وَيُمْسِكُ نَعْلاً وسيأتي تمام ذلك في الفصل الثامن المعقود لذكر كرمه وصلاته إن شاء الله تعالى.

وأما العبادة المركبة. نَقَلَ الْحَافِظُ الْمَذْكُورُ فِي حِلْيَتِهِ بِسَنَدِهِ أَنَّهُ علیهما السلام قَالَ إِنِّي لَأَسْتَحْيِي مِنْ رَبِّي أَنْ أَلْقَاهُ وَلَمْ أَمْشِ إِلَى بَيْتِهِ فَمَشَى عِشْرِينَ مَرَّةً مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ عَلَى رِجْلَيْهِ.

وَرَوَى صَاحِبُ كِتَابِ صِفَةِ الصَّفْوَةِ بِسَنَدِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ قَالَ حَجَّ الْحَسَنُ علیهما السلام خَمْسَ عَشْرَةَ حِجَّةً مَاشِياً وَإِنَّ الْجَنَائِبَ لَتُقَادُ مَعَهُ.

فأي زهد أعظم من هذا آخر كلامه قال أفقر عباد الله تعالى علي بن عيسى فضائل الحسن وفواضله ومكارمه ونوافله وعبادته وزهادته وسيرته التي جرت بها عادته وسريرته التي عرفت بها قاعدته من الأمور التي اشتهرت وظهرت وكم رام الأعداء سترها فما استترت وهل يخفى النهار لذي عينين ومن الذي يبلغ شأو الحسن والحسين (١) وكيف لا وقد خصا بالولدين والسيدين والريحانتين فمناقبهما صلی الله علیه وسلم تملى وقلم القدر يكتب بالتصديق ويسجل لمواليهما بحسن الاهتداء ومعاونة التوفيق.

ومن كلامه الدال على عبادته ونزاهته الشاهد بقوة تمكنه وعلو مكانته قوله في بعض مواعظه. يَا ابْنَ آدَمَ عِفَّ عَنْ مَحَارِمِ اللهِ تَكُنْ عَابِداً وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللهُ سُبْحَانَهُ تَكُنْ غَنِيّاً وَأَحْسِنْ جِوَارَ مَنْ جَاوَرَكَ تَكُنْ مُسْلِماً وَصَاحِبِ النَّاسَ بِمِثْلِ مَا تُحِبُّ أَنْ يُصَاحِبُوكَ بِمِثْلِهِ تَكُنْ عَدْلاً إِنَّهُ كَانَ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ أَقْوَامٌ يَجْمَعُونَ كَثِيراً وَيَبْنُونَ مَشِيداً وَيَأْمَلُونَ بَعِيداً أَصْبَحَ جَمْعُهُمْ بُوراً (٢) وَعَمَلُهُمْ غُرُوراً وَمَسَاكِنُهُمْ قُبُوراً يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَمْ تَزَلْ فِي هَدْمِ عُمُرِكَ مُنْذُ سَقَطْتَ مِنْ بَطْنِ أُمِّكَ فَخُذْ مِمَّا فِي يَدَيْكَ لِمَا بَيْنَ يَدَيْكَ فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَتَزَوَّدُ

________________

(١) الشأو : الغاية والأمد.

(٢) قوما بورا أي هالكين ، من بار بمعنى هلك.

٥٥٦

وَالْكَافِرَ يَتَمَتَّعُ.

وَكَانَ يَتْلُو بَعْدَ هَذِهِ الْمَوْعِظَةِ (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى).

فتدبر معاني هذا الكلام بفكرك وأعطه نصيبا وافرا من فهمك تجد مشرع العبادة والفصاحة نميرا (١) ويتحقق قوله تعالى (ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ) إن وجدت قلبا عقولا وطرفا بصيرا.

وَرَوَى الْكُلَيْنِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى مَرْفُوعاً عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ علیهما السلام قَالَ خَرَجَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ علیهما السلام إِلَى مَكَّةَ سَنَةً مَاشِياً فَوَرِمَتْ قَدَمَاهُ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ مَوَالِيهِ لَوْ رَكِبْتَ لَيَسْكُنُ عَنْكَ هَذَا الْوَرَمُ فَقَالَ كَلَّا إِذَا أَتَيْنَا هَذَا الْمَنْزِلَ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُكَ أَسْوَدُ وَمَعَهُ دُهْنٌ فَاشْتَرِ مِنْهُ وَلَا تُمَاكِسْهُ (٢) فَقَالَ لَهُ مَوْلَاهُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي مَا قَدِمْنَا مَنْزِلاً فِيهِ أَحَدٌ يَبِيعُ هَذَا الدَّوَاءَ قَالَ بَلَى إِنَّهُ أَمَامَكَ دُونَ الْمَنْزِلِ فَسَارُوا أَمْيَالاً فَإِذَا هُمْ بِالْأَسْوَدِ فَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ علیهما السلام لِمَوْلَاهُ دُونَكَ الرَّجُلَ فَخُذْ مِنْهُ الدُّهْنَ وَأَعْطِهِ الثَّمَنَ فَقَالَ لَهُ الْأَسْوَدُ يَا غُلَامُ لِمَنْ أَرَدْتَ هَذَا الدُّهْنَ فَقَالَ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ علیهما السلام فَقَالَ انْطَلِقْ بِي إِلَيْهِ فَانْطَلَقَ بِهِ فَأَدْخَلَهُ إِلَيْهِ فَقَالَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي لَمْ أَعْلَمْ أَنَّكَ تَحْتَاجُ إِلَى هَذَا وَلَسْتُ آخُذُ لَهُ ثَمَناً إِنَّمَا أَنَا مَوْلَاكَ وَلَكِنِ ادْعُ اللهَ لِي أَنْ يَرْزُقَنِي وَلَداً ذَكَراً سَوِيّاً مُحِبَّكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ فَإِنِّي خَلَّفْتُ أَهْلِي تَمْخَضُ (٣) فَقَالَ انْطَلِقْ إِلَى مَنْزِلِكَ فَقَدْ وَهَبَ اللهُ لَكَ ذَكَراً سَوِيّاً وَهُوَ مِنْ شِيعَتِنَا.

وَمِمَّا رَوَاهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ علیهما السلام قَالَ خَرَجَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ علیهما السلام فِي بَعْضِ عُمُرِهِ وَمَعَهُ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ الزُّبَيْرِ يَقُولُ بِإِمَامَتِهِ فَنَزَلُوا مَنْهَلاً (٤)

________________

(١) المشرع : مورد الشاربة إذا كان نهرا والنمير : الزاكى من الماء.

(٢) ماكسه في البيع : استحطه الثمن واستنقصه إياه.

(٣) مخضت الحامل : دنا ولادها وأخذها الطلق.

(٤) المنهل : المورد موضع الشرب على الطريق.

٥٥٧

تَحْتَ نَخْلٍ يَابِسٍ فَفُرِشَ لِلْحَسَنِ علیهما السلام تَحْتَ نَخْلَةٍ وَلِلزُّبَيْرِيِّ تَحْتَ أُخْرَى فَقَالَ الزُّبَيْرِيُّ لَوْ كَانَ فِي هَذَا النَّخْلِ رُطَبٌ لَأَكَلْنَا مِنْهُ فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ وَإِنَّكَ لَتَشْتَهِي الرُّطَبَ فَقَالَ الزُّبَيْرِيُّ نَعَمْ فَرَفَعَ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَدَعَا بِكَلَامٍ لَمْ أَفْهَمْهُ فَاخْضَرَّتِ النَّخْلَةُ ثُمَّ صَارَتْ إِلَى حَالِهَا وَأَوْرَقَتْ وَحَمَلَتْ رُطَباً فَقَالَ الْجَمَّالُ الَّذِي اكْتَرَوْا مِنْهُ سِحْرٌ وَاللهِ فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ وَيْلَكَ لَيْسَ بِسِحْرٍ وَلَكِنْ دَعْوَةُ ابْنِ نَبِيِّ اللهِ مُسْتَجَابَةٌ فَصَعِدُوا وَصَرَمُوا (١) مَا كَانَ فِي النَّخْلَةِ فَكَفَاهُمْ.

الثامن في كرمه وجوده وصلاته

قال ابن طلحة رحمه‌الله تعالى الجود والكرم غريزة مغروسة فيه وصرفه لصنوف زخارف الدنيا عنه نهج ما زال يقتفيه وإيصال صلاته إلى المعتفين (٢) يعتده من مناقب معانيه وإبقاء الأموال عنده يعتقده من مثالب من يعانيه ويرى إخراج الدنيا عنه خير ما يحتقبه (٣) من عمله ويجتبيه وحجته في ذلك واضحة فإنه حرام على الولد مجامعة مطلقة أبيه وقد نقل عنه من تتابع إرفاده بموجوده (٥) ووقائع استنفاده فيه جل مجهوده ما يشهد له بكرمه وجوده وينضذه في سلك سجاياه مع ركوعه وسجوده.

فَمِنْهَا مَا نُقِلَ عَنْهُ علیهما السلام رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ إِنَّ الْحَسَنَ علیهما السلام سَمِعَ رَجُلاً يَسْأَلُ رَبَّهُ تَعَالَى أَنْ يَرْزُقَهُ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَانْصَرَفَ الْحَسَنُ علیهما السلام إِلَى مَنْزِلِهِ فَبَعَثَ بِهَا إِلَيْهِ.

وَمِنْهَا أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَيْهِ علیهما السلام وَسَأَلَهُ حَاجَةً فَقَالَ لَهُ يَا هَذَا حَقُّ سُؤَالِكَ يَعْظُمُ لَدَيَّ وَمَعْرِفَتِي بِمَا يَجِبُ لَكَ يَكْبُرُ لَدَيَّ وَيَدِي تَعْجِزُ عَنْ نَيْلِكَ بِمَا أَنْتَ أَهْلُهُ وَ

________________

(١) صرم الشيء. قطعه.

(٢) اعتفى فلانا اعتفاء : أتاه يطلب معروفه.

(٣) احتقب الشيء : ادخره.

(٤) ارفده : أعطاه وأعانه.

(٥) استنفد الشئ. أفناه.

٥٥٨

الْكَثِيرُ فِي ذَاتِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ قَلِيلٌ وَمَا فِي مِلْكِي وَفَاءٌ لِشُكْرِكَ فَإِنْ قَبِلْتَ الْمَيْسُورَ وَرَفَعْتَ عَنِّي مَئُونَةَ الِاحْتِفَالِ (١) وَالِاهْتِمَامِ لِمَا أَتَكَلَّفُهُ مِنْ وَاجِبِكَ فَعَلْتُ فَقَالَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ أَقْبَلُ الْقَلِيلَ وَأَشْكُرُ الْعَطِيَّةَ وَأَعْذِرُ عَلَى الْمَنْعِ فَدَعَا الْحَسَنُ علیهما السلام بِوَكِيلِهِ وَجَعَلَ يُحَاسِبُهُ عَلَى نَفَقَاتِهِ حَتَّى اسْتَقْصَاهَا فَقَالَ هَاتِ الْفَاضِلَ مِنَ الثَّلَاثِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَحْضَرَ خَمْسِينَ أَلْفاً قَالَ فَمَا فَعَلَ الْخَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ قَالَ هِيَ عِنْدِي قَالَ أَحْضِرْهَا فَأَحْضَرَهَا فَدَفَعَ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ إِلَى الرَّجُلِ فَقَالَ هَاتِ مَنْ يَحْمِلُهَا لَكَ فَأَتَاهُ بِحَمَّالَيْنِ فَدَفَعَ الْحَسَنُ علیهما السلام إِلَيْهِ رِدَاءَهُ لِكِرَاءِ الْحَمَّالَيْنِ فَقَالَ مَوَالِيهِ وَاللهِ مَا بَقِيَ عِنْدَنَا دِرْهَمٌ فَقَالَ لَكِنِّي أَرْجُو أَنْ يَكُونَ لِي عِنْدَ اللهِ أَجْرٌ عَظِيمٌ.

وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ أَبُو الْحَسَنِ الْمَدَائِنِيُّ قَالَ خَرَجَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ علیهما السلام حُجَّاجاً فَفَاتَهُمْ أَثْقَالَهُمْ فَجَاعُوا وَعَطِشُوا فَمَرُّوا بِعَجُوزٍ فِي خِبَاءٍ لَهَا فَقَالُوا هَلْ مِنْ شَرَابٍ فَقَالَتْ نَعَمْ فَأَنَاخُوا بِهَا وَلَيْسَ لَهَا إِلَّا شُوَيْهَةٌ فِي كَسْرِ الْخَيْمَةِ (٢) فَقَالَتْ احْلُبُوهَا وَامْتَذِقُوا لَبَنَهَا فَفَعَلُوا ذَلِكَ وَقَالُوا لَهَا هَلْ مِنْ طَعَامٍ قَالَتْ لَا إِلَّا هَذِهِ الشَّاةُ فَلْيَذْبَحَنَّهَا أَحَدُكُمْ حَتَّى أُهَيِّئَ لَكُمْ شَيْئاً تَأْكُلُونَ فَقَامَ إِلَيْهَا أَحَدُهُمْ فَذَبَحَهَا وَكَشَطَهَا ثُمَّ هَيَّأَتْ لَهُمْ طَعَاماً فَأَكَلُوا ثُمَّ أَقَامُوا حَتَّى أَبْرَدُوا فَلَمَّا ارْتَحَلُوا قَالُوا لَهَا نَحْنُ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ نُرِيدُ هَذَا الْوَجْهَ فَإِذَا رَجَعْنَا سَالِمِينَ فَأَلِمِّي بِنَا (٥) فَإِنَّا صَانِعُونَ إِلَيْكَ خَيْراً.

ثُمَّ ارْتَحَلُوا وَأَقْبَلَ زَوْجُهَا وَأَخْبَرَتْهُ عَنِ الْقَوْمِ وَالشَّاةِ فَغَضِبَ الرَّجُلُ وَقَالَ وَيْحَكِ أَتَذْبَحِينَ شَاتِي لِأَقْوَامٍ لَا تَعْرِفِينَهُمْ ثُمَّ تَقُولِينَ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ أَلْجَأَتْهُمُ

________________

(١) احتفل في الامر : بالغ فيه.

(٢) شويهة تصغير الشاة والكسر ـ بالكسر ـ : الناحية.

(٣) امتذق اللبن : اختلط بالماء.

(٤) أي نزع جلدها.

(٥) ألم به ـ بتشديد الميم ـ نزل به وزاره.

٥٥٩

الْحَاجَةُ إِلَى دُخُولِ الْمَدِينَةِ فَدَخَلَاهَا وَجَعَلَا يَنْقُلَانِ الْبَعْرَ إِلَيْهَا وَيَبِيعَانِهِ وَيَعِيشَانِ مِنْهُ فَمَرَّتِ الْعَجُوزُ فِي بَعْضِ سِكَكِ الْمَدِينَةِ فَإِذَا الْحَسَنُ علیهما السلام عَلَى بَابِ دَارِهِ جَالِسٌ فَعَرَفَ الْعَجُوزَ وَهِيَ لَهُ مُنْكِرَةٌ فَبَعَثَ غُلَامَهُ فَرَدَّهَا فَقَالَ لَهَا يَا أَمَةَ اللهِ أَتَعْرِفِينَنِي قَالَتْ لَا قَالَ أَنَا ضَيْفُكِ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا فَقَالَتِ الْعَجُوزُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي لَسْتُ أَعْرِفُكَ فَقَالَ فَإِنْ لَمْ تَعْرِفِينِي فَأَنَا أَعْرِفُكِ فَأَمَرَ الْحَسَنُ علیهما السلام فَاشْتَرَى لَهَا مِنْ شَاءِ الصَّدَقَةِ أَلْفَ شَاةٍ وَأَمَرَ لَهَا بِأَلْفِ دِينَارٍ وَبَعَثَ بِهَا مَعَ غُلَامِهِ إِلَى أَخِيهِ الْحُسَيْنِ علیهما السلام فَقَالَ بِكَمْ وَصَلَكِ أَخِيَ الْحَسَنُ فَقَالَتْ بِأَلْفِ شَاةٍ وَأَلْفِ دِينَارٍ فَأَمَرَ لَهَا بِمِثْلِ ذَلِكَ ثُمَّ بَعَثَ بِهَا مَعَ غُلَامٍ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ علیهما السلام فَقَالَ بِكَمْ وَصَلَكِ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ علیهما السلام فَقَالَتْ بِأَلْفَيْ دِينَارٍ وَأَلْفَيْ شَاةٍ فَأَمَرَ لَهَا عَبْدُ اللهِ بِأَلْفَيْ دِينَارٍ وَأَلْفَيْ شَاةٍ وَقَالَ لَوْ بَدَأْتِ بِي لَأَتْعَبْتُهُمَا فَرَجَعَتِ الْعَجُوزُ إِلَى زَوْجِهَا بِذَلِكَ.

قلت هذه القصة مشهورة وفي دواوين جودهم مسطورة وعنهم علیهما السلام مأثورة وكنت نقلتها على غير هذه الرواية. وَإِنَّهُ كَانَ مَعَهُمْ رَجُلٌ آخَرُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَإِنَّهَا أَتَتْ عَبْدَ اللهِ بْنَ جَعْفَرٍ فَقَالَ ابْدَئِي بِسَيِّدَيَّ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ فَأَتَتِ الْحَسَنَ فَأَمَرَ لَهَا بِمِائَةِ بَعِيرٍ وَأَعْطَاهَا الْحُسَيْنُ أَلْفَ شَاةٍ فَعَادَتْ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ فَسَأَلَهَا فَأَخْبَرَتْهُ فَقَالَ كَفَانِي سَيِّدَايَ أَمْرَ الْإِبِلِ وَالشَّاةِ وَأَمَرَ لَهَا بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَصَدَتِ الْمَدَنِيَّ الَّذِي كَانَ مَعَهُمْ فَقَالَ لَهَا أَنَا لَا أُجَازِي أُولَئِكَ الْأَجْوَادَ فِي مَدًى وَلَا أَبْلُغُ عُشْرَ عَشِيرِهِمْ فِي النَّدَى وَلَكِنْ أَعْطَيْتُكَ شَيْئاً مِنْ دَقِيقٍ وَزَبِيبٍ فَأَخَذَتْ وَانْصَرَفَتْ.

رجع الكلام إلى ابن طلحة رحمه‌الله.

قَالَ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ تَزَوَّجَ الْحَسَنُ امْرَأَةً فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا بِمِائَةِ جَارِيَةٍ مَعَ كُلِّ جَارِيَةٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ.

قال إشارة عزيزة وعبارة وجيزة كل من علم أن الدنيا غرور والتمتع بها

٥٦٠