كشف الغمّة في معرفة الأئمّة - ج ١

أبي الحسن علي بن عيسى بن أبي الفتح الاربلي

كشف الغمّة في معرفة الأئمّة - ج ١

المؤلف:

أبي الحسن علي بن عيسى بن أبي الفتح الاربلي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مكتبة بني هاشمي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩٤
الجزء ١ الجزء ٢

بساعة قوله

أحب الذي من مات من أهل وده

تلقاه بالبشرى لدى الموت يضحك

ومن مات يهوى غيره من عدوه

فليس له إلا إلى النار مسلك

أبا حسن تفديك نفسي وأسرتي

ومالي وما أصبحت في الأرض أملك

أبا حسن إني بفضلك عارف

وإني بحبل من هواك لممسك

وأنت وصي المصطفى وابن عمه

وإنا نعادي مبغضيك ونترك

مواليك ناج مؤمن بين الهدى

وقاليك معروف الضلالة مشرك

ولاح لحاني في علي وحزبه

فقلت لحاك الله إنك أعفك

الأعفك الأحمق.

وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ مِنْ بُطْنَانِ الْعَرْشِ أَيْنَ خَلِيفَةُ اللهِ فِي أَرْضِهِ فَيَقُومُ دَاوُدُ النَّبِيُّ علیهما السلام فَيَأْتِي النِّدَاءُ مِنْ عِنْدِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لَسْنَا إِيَّاكَ أَرَدْنَا وَإِنْ كُنْتَ لِلَّهِ تَعَالَى خَلِيفَةً ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ أَيْنَ خَلِيفَةُ اللهِ فِي أَرْضِهِ فَيَقُومُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام فَيَأْتِي النِّدَاءُ مِنْ قِبَلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ يَا مَعْشَرَ الْخَلَائِقِ هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ خَلِيفَةُ اللهِ فِي أَرْضِهِ وَحُجَّتُهُ عَلَى عِبَادِهِ فَمَنْ تَعَلَّقَ بِحَبْلِهِ فِي دَارِ الدُّنْيَا فَلْيَتَعَلَّقْ بِحَبْلِهِ فِي هَذَا الْيَوْمِ يَسْتَضِيءُ بِنُورِهِ وَلْيَتَّبِعْهُ إِلَى الدَّرَجَاتِ الْعُلَى مِنَ الْجِنَانِ قَالَ فَيَقُومُ أُنَاسٌ قَدْ تَعَلَّقُوا بِحَبْلِهِ فِي الدُّنْيَا فَيَتَّبِعُونَهُ إِلَى الْجَنَّةِ ثُمَّ يَأْتِي النِّدَاءُ مِنْ عِنْدِ اللهِ جَلَّ جَلَالُهُ أَلَا مَنِ ائْتَمَّ بِإِمَامٍ فِي دَارِ الدُّنْيَا فَلْيَتَّبِعْهُ إِلَى حَيْثُ يَذْهَبُ بِهِ فَحِينَئِذٍ يَتَبَرَّءُوا (الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا

________________

وينشدهم فيه حتّى روى رجل عن أبي الرعل المرادي انه قدم أمير المؤمنين عليه السلام فتطهر للصلاة فنزع خفه فانسابت فيه أفعى ، فلما دعى ليلبسه انقضت غراب فحلقت ثمّ ألقاها فخرجت الأفعى منه ، قال : فأعطاه السيّد ما وعده وأنشأ يقول :

الا يا قوم للعجب العجاب

لخف أبى الحسين وللحباب (الأبيات)

 (١) القالى : المبغض.

(٢) لحى فلانا : لامه وسبه وعابه.

١٤١

الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ)

وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ علیهما السلام قَالَ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَجُمِعَ النَّاسُ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ حُفَاةً عُرَاةً يَقِفُونَ (١) عَلَى طَرِيقِ الْمَحْشَرِ فَيَعْرَقُونَ عَرَقاً شَدِيداً وَتَشْتَدُّ أَنْفَاسُهُمْ فَيَمْكُثُونَ مَا شَاءَ اللهُ كَمَا قَالَ (فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً) فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ تِلْقَاءِ الْعَرْشِ أَيْنَ نَبِيُّ الرَّحْمَةِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ فَيَتَقَدَّمُ صلی الله علیه وسلم أَمَامَ النَّاسِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى الْحَوْضِ فَيُنَادِي بِصَاحِبِكُمْ فَيَقِفُ مَعَهُ ثُمَّ يُؤْذَنُ لِلنَّاسِ فَيَمُرُّونَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیهما السلام فَبَيْنَ وَارِدٍ يَوْمَئِذٍ وَمَصْرُوفٍ فَإِذَا رَأَى رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم مَنْ يَصْرِفُ مِنْ مُحِبِّينَا أَهْلَ الْبَيْتِ بَكَى وَقَالَ يَا رَبِّ شِيعَةُ عَلِيٍّ يَا رَبِّ شِيعَةُ عَلِيٍّ فَيَبْعَثُ اللهُ إِلَيْهِ مَلَكاً فَيَقُولُ مَا يُبْكِيكَ فَيَقُولُ كَيْفَ لَا أَبْكِي لِأُنَاسٍ مِنْ شِيعَةِ أَخِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَرَاهُمْ قَدْ صُرِفُوا (تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ) وَمُنِعُوا مِنْ وُرُودِ حَوْضِي قَالَ فَيَقُولُ اللهُ قَدْ وَهَبْتُهُمْ لَكَ وَصَفَحْتُ عَنْ ذُنُوبِهِمْ وَأَلْحَقْتُهُمْ بِكَ وَبِمَنْ كَانُوا يَتَوَلَّوْنَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ وَجَعَلْتُهُمْ فِي زُمْرَتِكَ وَأَوْرَدْتُهُمْ حَوْضَكَ وَقَبِلْتُ شَفَاعَتَكَ وَأَكْرَمْتُكَ بِذَلِكَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیهما السلام فَكَمْ مِنْ بَاكٍ يَوْمَئِذٍ وَبَاكِيَةٍ يُنَادُونَ وَا مُحَمَّدَاهْ فَلَا يَبْقَى أَحَدٌ كَانَ يَتَوَلَّانَا وَيُحِبُّنَا إِلَّا كَانَ فِي حِزْبِنَا وَمَعَنَا وَوَرَدَ حَوْضَنَا.

وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم لِعَلِيٍّ علیهما السلام أَلَا أُبَشِّرُكَ أَلَا أَمْنَحُكَ قَالَ بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ فَإِنِّي خُلِقْتُ أَنَا وَأَنْتَ مِنْ طِينَةٍ وَاحِدَةٍ فَفَضَلَتْ مِنْهَا فَضْلَةٌ فَخُلِقَ مِنْهَا شِيعَتُنَا فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ دُعِيَ النَّاسُ بِأُمَّهَاتِهِمْ إِلَّا شِيعَتُكَ (٢) فَإِنَّهُمْ يُدْعَوْنَ بِآبَائِهِمْ لِطِيبِ مَوْلِدِهِمْ

________________

(١) وفي نسخة «يوقفون».

(٢) وفي نسخة «إلا شيعتنا».

١٤٢

في بيان أنه مع الحق والحق معه

وأنه مع القرآن والقرآن معه

نَقَلْتُ مِنَ الْمَنَاقِبِ لِلْإِمَامِ أَبِي الْمُؤَيَّدِ الْخُوَارِزْمِيِّ عَنْ أَبِي لَيْلَى قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم سَتَكُونُ مِنْ بَعْدِي فِتْنَةٌ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَالْزَمُوا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَإِنَّهُ الْفَارُوقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ.

وَمِنْهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم مَنْ فَارَقَ عَلِيّاً فَارَقَنِي وَمَنْ فَارَقَنِي فَارَقَ اللهَ عَزَّ وَجَلَ.

وَمِنْهُ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ لِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ تَقْتُلُكَ الْفِئَةَ الْبَاغِيَةَ وَأَنْتَ مَعَ الْحَقِّ وَالْحَقُّ مَعَكَ يَا عَمَّارُ إِذَا رَأَيْتَ عَلِيّاً سَلَكَ وَادِياً وَسَلَكَ النَّاسُ وَادِياً غَيْرَهُ فَاسْلُكْ مَعَ عَلِيٍّ وَدَعِ النَّاسَ إِنَّهُ لَنْ يُدْلِيَكَ فِي رَدًى وَلَنْ يُخْرِجَكَ مِنَ الْهُدَى يَا عَمَّارُ إِنَّهُ مَنْ تَقَلَّدَ سَيْفاً أَعَانَ بِهِ عَلِيّاً عَلَى عَدُوِّهِ قَلَّدَهُ اللهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِشَاحاً مِنْ دُرٍّ وَمَنْ تَقَلَّدَ سَيْفاً أَعَانَ بِهِ عَدُوَّ عَلِيٍّ علیهما السلام قَلَّدَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِشَاحاً مِنْ نَارٍ.

وَمِنْ مَنَاقِبِ ابْنِ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ كُنَّا جُلُوساً عِنْدَ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم فِي نَفَرٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَمَرَّ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ الْحَقُّ مَعَ ذَا.

وَمِنْهُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم قَالَ الْحَقُّ مَعَ عَلِيٍّ يَزُولُ مَعَهُ حَيْثُ مَا زَالَ

وَمِنْهُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ إِنَّ عَلِيّاً مَعَ الْحَقِّ وَالْحَقُّ مَعَهُ لَنْ يَزُولَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ.

وَمِنْهُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ كَانَ عَلِيٌّ عَلَى الْحَقِّ مَنِ اتَّبَعَهُ اتَّبَعَ الْحَقَّ وَمَنْ تَرَكَهُ

________________

(١) الادلاء : الالقاء والإرسال.

(٢) الوشاح ـ ككتاب ـ : شيء ينسخ من أديم عريضا ويرصع بالجواهر ويوضع ، شبه قلادة تلبسه النساء.

١٤٣

تَرَكَ الْحَقَّ عَهْداً مَعْهُوداً قَبْلَ يَوْمِهِ هَذَا

وَمِنْهُ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْكِنْدِيِّ قَالَ حَجَّ مُعَاوِيَةُ فَأَتَى الْمَدِينَةَ وَأَصْحَابُ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم مُتَوَافِرُونَ فَجَلَسَ فِي حَلْقَةٍ بَيْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى فَخِذِ ابْنِ عَبَّاسٍ ثُمَّ قَالَ أَمَا كُنْتُ أَحَقَّ وَأَوْلَى بِالْأَمْرِ مِنِ ابْنِ عَمِّكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَبِمَ قَالَ لِأَنِّي ابْنُ عَمِّ الْخَلِيفَةِ الْمَقْتُولِ ظُلْماً قَالَ هَذَا إِذًا يَعْنِي ابْنَ عُمَرَ أَوْلَى بِالْأَمْرِ مِنْكَ لِأَنَّ أَبَا هَذَا قُتِلَ قَبْلَ ابْنِ عَمِّكَ قَالَ فَانْصَاعَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أي انفتل أو كلمة نحو هذا وَأَقْبَلَ عَلَى سَعْدٍ قَالَ وَأَنْتَ يَا سَعْدُ الَّذِي لَمْ تَعْرِفْ حَقَّنَا مِنْ بَاطِلِ غَيْرِنَا فَتَكُونَ مَعَنَا أَوْ عَلَيْنَا قَالَ سَعْدٌ إِنِّي لَمَّا رَأَيْتُ الظُّلْمَةَ قَدْ غَشِيَتِ الْأَرْضَ قُلْتُ لِبَعِيرِي هِخْ (١) فَأَنَخْتُه حَتَّى إِذَا اسْتَقَرَّتْ مَضَيْتُ قَالَ وَاللهِ لَقَدْ قَرَأْتُ الْمُصْحَفَ يَوْماً بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ مَا وَجَدْتُ فِيهِ هِخْ فَقَالَ أَمَّا إِذَا أَبَيْتَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ لِعَلِيٍّ أَنْتَ مَعَ الْحَقِّ وَالْحَقُّ مَعَكَ قَالَ لَتَجِيئَنِّي بِمَنْ سَمِعَهُ مَعَكَ أَوْ لَأَفْعَلَنَّ قَالَ أُمُّ سَلَمَةَ قَالَ فَقَامَ وَقَامُوا مَعَهُ حَتَّى دَخَلُوا عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ قَالَ فَبَدَأَ مُعَاوِيَةُ فَتَكَلَّمَ فَقَالَ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ الْكَذَّابَةَ قَدْ كَثُرَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم بَعْدَهُ فَلَا يَزَالُ قَائِلٌ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم مَا لَمْ يَقُلْ فَإِنَّ سَعْداً رَوَى حَدِيثاً زَعَمَ أَنَّكِ سَمِعْتِهِ مَعَهُ قَالَتْ مَا هُوَ قَالَ زَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم قَالَ لِعَلِيٍّ أَنْتَ مَعَ الْحَقِّ وَالْحَقُّ مَعَكَ قَالَتْ صَدَقَ فِي بَيْتِي قَالَهُ فَأَقْبَلَ عَلَى سَعْدٍ فَقَالَ الْآنَ أُلْزِمَ مَا كُنْتُ عِنْدِي وَاللهِ لَوْ سَمِعْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم مَا زِلْتُ خَادِماً لِعَلِيٍّ حَتَّى أَمُوتَ.

قلت فانظر هداك الله إلى سلوك طريقه وأيدك بمعرفة توضح لك بطل كل أمر من حقه إلى معاوية واستمراره على بغيه وعنقه (٢) في سبل غيه ومكابرته الحق اللائح وتنكبه الجدد الواضح وعدوله عن السنن وبقائه على غمط حق أبي الحسن وكيف تستر الشمس بالنقاب أو يقاس الشراب بالسراب فإنه قد

________________

(١) كلمة يتكلم بها عند اناخة البعير.

(٢) العنق ـ محركة ـ : سير للدابّة.

١٤٤

أبان في هذا الحديث عن عدة أمور تدل على بهتانه وتنبئ أنه ثنى عن الهدى فضل عنانه وركب هواه جامحا في باطله تابعا لشيطانه وملك حب الدنيا قلبه فقاده في أشطانه وصدفه عن الآخرة فما تخطر على قلبه ولا تجري على لسانه.

وبيان ذلك أنه قد يغلب على الإنسان هواه عند ميل نفسه إلى أمر ما فيعمى عن الحق ويضل عن الصواب ويترك الهدى كما قيل حبك الشيء يعمي ويصم فلا يزال خابطا في جهالته راكبا لهواه متبعا ميل نفسه حتى إذا بلغ غرضه ونال منيته وسكنت دواعيه الهائجة وقرت نفسه التواقة الثائرة راجع الحق وعرفه ولام هواه وعنفه واسترجع وندم وأضرب عن ذلك الأمر ونسيه أو تناساه وأحب أن لا يذكر ولا تجري به الألسنة وسكت من عساه يفيض فيه وبكته وعادى من أعاده وردده ونكبه وعرف أنه كان مخطئا غير مصيب وتعلل بأنه جرى القضاء وفات الأمر ونفد السهم وهذا معاوية كان أعرف الناس بفضل علي علیهما السلام وشرفه واستحقاقه هذا الأمر ومكانه وقرابته من النبي صلی الله علیه وسلم فغلب حب الدنيا معرفته وترك حظه من الآخرة وفعل ما فعل من حرب علي علیهما السلام ومناصبته وخسر الدنيا والآخرة بما أقدم عليه ثم هو بعد بلوغه ما أراد وانتقال أمير المؤمنين علیهما السلام إلى جوار الله تعالى مستمر على ما كان عليه لا يراقب الله ولا رسوله ولا يستحيي من الصحابة ناطقا بملإ فيه أما كنت أحق وأولى بهذا الأمر من ابن عمك ثم جعله الدليل على استحقاقه كونه ابن عم عثمان وهل هذا إلا جهل محض أو تغاب عن الحق وقوله لسعد لم تعرف حقنا من باطل غيرنا استهانة بالله ورسوله واستخفافا بجلة الصحابة وجرأة على قول المحال ثم إنكاره ما أورده سعد حتى سأل عنه أم سلمة وهذا القول وأمثاله من النبي صلی الله علیه وسلم في حق علي علیهما السلام أشهر من فلق الصباح ثم حلفه أني لو سمعت هذا لكنت خادما لعلي حتى أموت وبداية العقول تقتضي كذبه وفجوره فإنه عرف من فضل علي أكثر من هذا ونبهه علي علیهما السلام فيما كاتبه به وعرفه ما يلزمه فما ارعوى ثم على تقدير صدقه وتصديقه أن الحق مع علي بما شهد به عنده سعد وأم سلمة ـ فعلي علیهما السلام قد سلم هذا الأمر

١٤٥

إلى ابنه الحسن علیهما السلام بذلك الحق الذي هو معه فهلا سلم الأمر إليه عملا بما قد استثبته وهيهات أن يميل ذلك الإنسان إلى حق أو يرغب في هدى وقد طبع الله على قلبه (وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً) ونعوذ بالله تعالى.

وَمِنْهُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم قَالَ الْحَقُّ مَعَ عَلِيٍّ وَعَلِيٌّ مَعَ الْحَقِّ وَلَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ.

" وَمِنْهُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ عَلِيٌّ مَعَ الْحَقِّ مَنِ اتَّبَعَهُ اتَّبَعَ الْحَقَّ وَمَنْ تَرَكَهُ تَرَكَ الْحَقَّ عَهْدٌ مَعْهُودٌ قَبْلَ مَوْتِهِ " وَمِنْهُ عَنْهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثْلُهُ قَالَتْ وَاللهِ إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ لَعَلَى الْحَقِّ قَبْلَ الْيَوْمِ عَهْداً مَعْهُوداً وَقَضَاءً مَقْضِيّاً

وَمِنْهُ عَنْ أَبِي الْيُسْرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنَّا عِنْدَ عَائِشَةَ فَقَالَتْ مَنْ قَتَلَ الْخَوَارِجَ فَقُلْتُ قَتَلَهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَتْ كَذَبْتَ فَقُلْتُ مَا كَانَ أَغْنَانِي يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ تُكَذِّبِينِي قَالَ فَدَخَلَ مَسْرُوقٌ فَقَالَتْ مَنْ قَتَلَ الْخَوَارِجَ فَقَالَ قَتَلَهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَذَكَرُوا ذَا الثَّدْيَةِ فَقَالَتْ مَا يَمْنَعُنِي أَنْ أَقُولَ الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم سَمِعْتُهُ يَقُولُ عَلِيٌّ مَعَ الْحَقِّ وَالْحَقُّ مَعَهُ.

وَمِنْهُ عَنْ عَلِيٍّ علیهما السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَا عَلِيُّ إِنَّ الْحَقَّ مَعَكَ وَالْحَقَّ عَلَى لِسَانِكَ وَفِي قَلْبِكَ وَبَيْنَ عَيْنَيْكَ.

وَمِنْهُ عَنْ أَبِي رَافِعٍ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجَةِ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم فَأَخْبَرَهَا بِيَوْمِ الْجَمَلِ فَقَالَتْ إِلَى أَيْنَ طَارَ قَلْبُكَ إِذْ طَارَتِ الْقُلُوبُ مَطَايِرَهَا قَالَ كُنْتُ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَتْ أَحْسَنْتَ وَأَصَبْتَ أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ يَرِدُ عَلِيٌّ الْحَوْضَ وَأَشْيَاعُهُ وَالْحَقُّ مَعَهُمْ لَا يُفَارِقُونَهُ.

وَمِنْهُ عَنْ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم قَالَ يَا أَبَا رَافِعٍ كَيْفَ أَنْتَ وَقَوْمٌ يُقَاتِلُونَ عَلِيّاً وَهُوَ عَلَى الْحَقِّ وَهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ يَكُونُ حَقّاً فِي اللهِ جِهَادُهُمْ فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ جِهَادُهُمْ بِيَدِهِ فَيُجَاهِدُهُمْ بِلِسَانِهِ فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ بِلِسَانِهِ فَيُجَاهِدُهُمْ بِقَلْبِهِ وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ شَيْءٌ قَالَ قُلْتُ ادْعُ اللهَ لِي إِنْ أَدْرَكْتُهُمْ أَنْ يُعِينَنِي وَيُقَوِّيَنِي عَلَى قِتَالِهِمْ فَلَمَّا بَايَعَ النَّاسُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَخَالَفَهُ مُعَاوِيَةُ وَسَارَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ إِلَى

١٤٦

الْبَصْرَةِ قُلْتُ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ الَّذِينَ قَالَ فِيهِمْ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم مَا قَالَ فَبَاعَ أَرْضَهُ بِخَيْبَرَ وَدَارَهُ بِالْمَدِينَةِ وَيَقْوَى بِهَا هُوَ وَوُلْدُهُ ثُمَّ خَرَجَ مَعَ عَلِيٍّ بِجَمِيعِ أَهْلِهِ وَوُلْدِهِ وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى اسْتُشْهِدَ عَلِيٌّ علیهما السلام فَرَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ مَعَ الْحَسَنِ وَلَا أَرْضَ لَهُ بِالْمَدِينَةِ وَلَا دَاراً فَأَقْطَعَهُ الْحَسَنُ علیهما السلام أَرْضاً بِيَنْبُعَ مِنْ صَدَقَةِ عَلِيٍّ علیهما السلام وَأَعْطَاهُ دَاراً.

وَمِنْهُ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ الْحَقَّ مَعَ عَلِيٍّ وَلَكِنْ مَالَتِ الدُّنْيَا بِأَهْلِهَا وَلَقَدْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ لَهُ يَا عَلِيُّ أَنْتَ مَعَ الْحَقِّ وَالْحَقُّ بَعْدِي مَعَكَ.

وَمِنْهُ عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ (١) عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم قَالَ رَحِمَ اللهُ عَلِيّاً اللهُمَّ أَدِرِ الْحَقَّ مَعَهُ حَيْثُ دَارَ.

وَمِنْهُ أَنَّ عَائِشَةَ لَمَّا عُقِرَ جَمَلُهَا وَدَخَلَتْ دَاراً بِالْبَصْرَةِ فَقَالَ لَهَا أَخُوهَا مُحَمَّدٌ أَنْشُدُكِ بِاللهِ أَتَذْكُرِينَ يَوْمَ حَدَّثْتِنِي عَنِ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم أَنَّهُ قَالَ الْحَقُّ لَنْ يَزَالَ مَعَ عَلِيٍّ وَعَلِيٌّ مَعَ الْحَقِّ لَنْ يَخْتَلِفَا وَلَنْ يَفْتَرِقَا فَقَالَتْ نَعَمْ.

" وَمِنْهُ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ سَأَلَتْنِي عَائِشَةُ عَنْ أَصْحَابِ النَّهْرَوَانِ عَنْ ذِي الثَّدْيَةِ فَأَخْبَرْتُهَا فَقَالَتْ يَا مَسْرُوقُ أَتَسْتَطِيعُ أَنْ تَأْتِيَنِي بِأُنَاسٍ مِمَّنْ شَهِدُوا فَأَتَيْتُهَا مِنْ كُلِّ سَبْعٍ بِرَجُلٍ فَشَهِدُوا أَنَّهُمْ رَأَوْهُ وَشَهِدُوهُ فَقَالَتْ رَحِمَ اللهُ عَلِيّاً إِنَّهُ كَانَ عَلَى الْحَقِّ وَلَكِنَّنِي كُنْتُ امْرَأَةً مِنَ الْأَحْمَاءِ. (٢)

وَمِنْهُ لَمَّا أُصِيبَ زَيْدُ بْنُ صُوحَانَ يَوْمَ الْجَمَلِ أَتَاهُ عَلِيٌّ علیهما السلام وَبِهِ رَمَقٌ فَوَقَفَ عَلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیهما السلام وَهُوَ لِمَا بِهِ فَقَالَ رَحِمَكَ اللهُ يَا زَيْدُ فَوَ اللهِ مَا عَرَفْتُكَ إِلَّا خَفِيفَ الْمَئُونَةِ كَثِيرَ الْمَعُونَةِ قَالَ فَرَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ فَقَالَ وَأَنْتَ فَرَحِمَكَ اللهُ فَوَ اللهِ مَا

________________

(١) وفي بعض النسخ «التميمي» والظاهر ما اخترناه وهو يحيى بن سعيد بن حيان المتوفّى سنة ١٤٥ وهو من الثقات عند العامّة.

(٢) الأحماء : أقارب الزوج وسيأتي الحديث بلفظ آخر وفيه «وما كان بيني وبينه الا ما يكون بين المرأة وأحمائها».

١٤٧

عَرَفْتُكَ إِلَّا بِاللهِ عَالِماً وَبِآيَاتِهِ عَارِفاً وَاللهِ مَا قَاتَلْتُ مَعَكَ مَنْ جَهِلَ وَلَكِنِّي سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ ـ عَلِيٌّ أَمِيرُ الْبَرَرَةِ وَقَاتِلُ الْفَجَرَةِ مَنْصُورٌ مَنْ نَصَرَهُ مَخْذُولٌ مَنْ خَذَلَهُ أَلَا وَإِنَّ الْحَقَّ مَعَهُ يَتَّبِعُهُ أَلَا فَمِيلُوا مَعَهُ وَمِنْهُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ عَلِيٌّ مَعَ الْقُرْآنِ وَالْقُرْآنُ مَعَهُ لَا يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ.

وَمِنْهُ عَنْهَا قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ عَلِيٌّ مَعَ الْقُرْآنِ وَالْقُرْآنُ مَعَ عَلِيٍّ وَلَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ.

وَبِالْإِسْنَادِ لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

وَمِنْهُ قَالَ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ كُنْتُ عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا فَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقِيلَ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا أَبُو ثَابِتٍ مَوْلَى أَبِي ذَرٍّ قَالَتْ مَرْحَباً بِأَبِي ثَابِتٍ ادْخُلْ فَدَخَلَ فَرَحَّبَتْ بِهِ وَقَالَتْ أَيْنَ طَارَ قَلْبُكَ حِينَ طَارَتِ الْقُلُوبُ مَطَايِرَهَا قَالَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَتْ وُفِّقْتَ وَالَّذِي نَفْسِ أُمِّ سَلَمَةَ بِيَدِهِ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ ـ عَلِيٌّ مَعَ الْقُرْآنِ وَالْقُرْآنُ مَعَ عَلِيٍّ لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ وَلَقَدْ بَعَثْتُ ابْنِي عُمَرَ وَابْنَ أَخِي عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ وَأَمَرْتُهُمَا أَنْ يُقَاتِلَا مَعَ عَلِيٍّ مَنْ قَاتَلَهُ وَلَوْ لَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ أَمَرَنَا أَنْ نَقِرَّ فِي حِجَالِنَا وَفِي بُيُوتِنَا لَخَرَجْتُ حَتَّى أَقِفَ فِي صَفِّ عَلِيٍّ علیهما السلام.

[الحجلة بالتحريك واحدة حجال العروس وهي بيت يزين بالثياب والأسرة والستور].

في بيان أنه علیهما السلام أفضل الأصحاب

قد سبق فيما أوردناه من رسالة أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ في تفضيل بني هاشم على سبيل الإجمال (١) ما فيه غنية وبلاغ ووصفنا ما ورد ونقل من شرف نسبه ومكانه من قريش وقرابته من رسول الله صلی الله علیه وسلم وعلمه الذي اشتهر وفاق به الأصحاب كافة وحب النبي صلی الله علیه وسلم له وأمره بمحبته والكون من أتباعه وأصحابه

________________

(١) مر في صفحة : ٢٩ من هذه الطبعة.

١٤٨

والنهي عن التخلف عنه وكونه مع الحق والقرآن وكونهما معه لا يفارقانه حتى يردا معه الحوض يوم القيامة حسب ما رواه الرواة والأثبات من علماء الجمهور نقلا عن جلة الصحابة وأعيان التابعين ما يكتفي به من أراد الحق وطلبه ورغب في الهدى ومال إليه فأما من جنح إلى الهوى وتورط في العمى وتبع كل ناعق فذاك لا يهتدي إلى صواب ولا يفرق بين مسألة وجواب فهو يخبط خبط العشواء (١) ويهوي على أم رأسه في غياهب الظلماء (٢) ولا يتبع دليلا ولا يسلك سبيلا ضال تابع ضلال وجاهل مقلد جهال فلا طمع في هدايته ولا رغبة في إنقاذه من هوة غوايته (٣) وإنما خاطب الله تعالى ذوي العلم وأرباب الفهم الذين عضدهم الله بمعاونة التوفيق وهداهم إلى سواء الطريق فهم يستخرجون الغوامض بالفكر الدقيق وينظرون إلى الغيب من وراء ستر رقيق (وَقَلِيلٌ ما هُمْ).

ونذكر هاهنا ما ورد في تفضيله علیهما السلام على الأصحاب صريحا وبالله المستعان.

نَقَلْتُ مِنْ مَنَاقِبِ الْخُوَارِزْمِيِّ عَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم قُمْ بِنَا يَا بُرَيْدَةُ نَعُودُ فَاطِمَةَ فَلَمَّا أَنْ دَخَلْنَا عَلَيْهَا أَبْصَرَتْ أَبَاهَا دَمَعَتْ عَيْنَاهَا قَالَ مَا يُبْكِيكِ يَا ابْنَتِي قَالَتْ قِلَّةُ الطُّعْمِ وَكَثْرَةُ الْهَمِّ وَشِدَّةُ السُّقْمِ قَالَ لَهَا أَمَا وَاللهِ مَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِمَّا تَرْغَبِينَ إِلَيْهِ يَا فَاطِمَةُ أَمَا تَرْضَيْنَ أَنِّي زَوَّجْتُكِ خَيْرَ أُمَّتِي أَقْدَمَهُمْ سِلْماً وَأَكْثَرَهُمْ عِلْماً وَأَفْضَلَهُمْ حِلْماً وَاللهِ إِنَّ ابْنَيْكَ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ.

وَقَرِيبٌ مِنْهُ مَا نَقَلْتُهُ مِنْ كِتَابِ الذُّرِّيَّةِ الطَّاهِرَةِ لِلدُّولَابِيِّ (٤) بِخَطِّ الشَّيْخِ

________________

(١) العشواء : الناقة التي لا تبصر امامها فهي تخبط بيديها كل شيء إذا مشت لا تتوقى شيئا وقولهم [هو يخبط خبط عشواء] اى يتصرف في الأمور على غير بصيرة.

(٢) الغياهب جمع الغيهب : الشديد السواد من الليل.

(٣) الهوة : ما انهبط من الأرض.

(٤) نسبة إلى دولاب موضع في شرقيّ بغداد واسمه كما في كشف الظنون محمّد بن أحمد وهو الحافظ المشهور المتوفّى سنة ٣١٠ من اجزاء الحديث.

١٤٩

ابْنِ وضاع [وَضَّاحٍ] قَالَ لَمَّا بَلَغَ فَاطِمَةَ تَزْوِيجُهَا بِعَلِيٍّ بَكَتْ فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَقَالَ مَا لَكِ يَا فَاطِمَةُ تَبْكِينَ فَوَ اللهِ لَقَدْ أَنْكَحْتُكِ أَكْثَرَهُمْ عِلْماً وَأَفْضَلَهُمْ حِلْماً وَأَوَّلَهُمْ سِلْماً.

وَمِنْ مُسْنَدِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ وَضَّأْتُ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم (١) ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ هَلْ لَكَ فِي فَاطِمَةَ نَعُودُهَا فَقُلْتُ نَعَمْ فَقَامَ مُتَوَكِّئاً عَلَيَّ فَقَالَ أَمَا إِنَّهُ سَيَحْمِلُ ثِقْلَهَا غَيْرُكَ وَيَكُونُ أَجْرُهَا لَكَ قَالَ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيَّ شَيْءٌ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى فَاطِمَةَ فَقَالَ كَيْفَ تَجِدِينَكِ قَالَتْ وَاللهِ لَقَدِ اشْتَدَّ حُزْنِي وَاشْتَدَّتْ فَاقَتِي وَطَالَ سُقْمِي حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ قَالَ وَجَدْتُ فِي كِتَابِ أَبِي بِخَطِّ يَدِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ أَوَمَا تَرْضَيْنَ أَنِّي زَوَّجْتُكِ أَقْدَمَ أُمَّتِي سِلْماً وَأَكْثَرَهُمْ عِلْماً وَأَعْظَمَهُمْ حِلْماً.

وَمِنْ مَنَاقِبِ الْخُوَارِزْمِيِّ عَنْ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم قَالَ لَمُبَارَزَةُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ لِعَمْرِو بْنِ عَبْدِ وُدٍّ يَوْمَ الْخَنْدَقِ أَفْضَلُ مِنْ عَمَلِ أُمَّتِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

وَمِنْهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أُتِيَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم بِطَائِرٍ فَقَالَ اللهُمَّ ائْتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ فَجَاءَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام فَقَالَ اللهُمَّ وَالِهِ.

وَمِنْهُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم طَيْرٌ فَقَالَ اللهُمَّ ائْتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ يَأْكُلُ مَعِي هَذَا الطَّيْرَ فَجَاءَهُ عَلِيٌّ فَأَكَلَ مَعَهُ قَالَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَخْرَجَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي جَامِعِهِ وَذَكَرَهُ النَّسَائِيُّ فِي حَدِيثِهِ.

وَبِالْإِسْنَادِ عَنْ أَبِي عِيسَى التِّرْمِذِيِّ هَذَا عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَمَرَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ سَعْداً بِسَبِّ عَلِيٍّ فَامْتَنَعَ فَقَالَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسُبَّ أَبَا تُرَابٍ قَالَ أَمَّا مَا ذَكَرْتُ فَثَلَاثٌ قَالَهُنَّ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَلَنْ أَسُبَّهُ لَأَنْ يَكُونَ لِي وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حُمْرِ النِّعَمِ (٢) سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ لِعَلِيٍ

________________

(١) أي ناولته ماء للوضوء أو صببت الماء على يده ليتوضأ.

(٢) الحمر جمع الأحمر وهو من الإبل : ما لم يخالط حمرته شيء وهو أصبر الإبل على الهواجر واشتداد الحر. والنعم : الإبل.

١٥٠

وَخَلَّفَهُ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ علیهما السلام يَا رَسُولَ اللهِ تُخَلِّفُنِي مَعَ الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نُبُوَّةَ بَعْدِي وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ يَوْمَ خَيْبَرَ لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَداً رَجُلاً يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ قَالَ فَتَطَاوَلْنَا لَهَا فَقَالَ ادْعُوا لِي عَلِيّاً قَالَ فَأَتَاهُ وَبِهِ رَمَدٌ فَبَصَقَ فِي عَيْنِهِ فَدَفَعَ الرَّايَةَ إِلَيْهِ فَفَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ وَ [لَمَّا] أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ (نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) (١) الْآيَةَ دَعَا رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم عَلِيّاً وَفَاطِمَةَ وَحَسَناً وَحُسَيْناً فَقَالَ اللهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي.

أبو عيسى الترمذي هذا حديث حسن غريب صحيح من هذا الوجه قال رضي الله عنه ـ

قَوْلُهُ صلی الله علیه وسلم أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مَعِي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا بِطُرُقٍ كَثِيرَةٍ.

قلت ورواه أحمد بن حنبل في مسنده بطرق كثيرة أيضا وأما حديث الراية فقد أخرجه مسلم في صحيحه ونظم ذلك حسان بن ثابت فقال : (٢)

وكان علي أرمد العين يبتغي

دواء فلما لم يحس مداويا

شفاه رسول الله منه بتفلة

فبورك مرقيا وبورك راقيا

وقال سأعطي الراية اليوم فارسا

كميا شجاعا في الحروب محاميا

يحب الإله والإله يحبه

به يفتح الله الحصون الأوابيا

فخص به دون البرية كلها

عليا وسماه الوصي المواخيا

وقد تقدم ذكرنا لهذا الحديث.

وأما آية المباهلة فيجب أن تذكر في أخبار النبي صلی الله علیه وسلم والحال فيها مشهور والإجماع عليها معلوم وقد ذكرت هذا الحديث قبل فأما المباهلة وسببها فإني أذكرها بعد هذا إن شاء الله تعالى.

وَمِنْ كِتَابِ الْمَنَاقِبِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ جَاءَنَا رَسُولُ

________________

(١) آل عمران : ٦١.

(٢) ونسب الاشعار في المناقب إلى خزيمة بن ثابت.

(٣) الكمي : الشجاع. والمحامي : المدافع.

١٥١

اللهِ صلی الله علیه وسلم وَنَحْنُ مُضْطَجِعُونَ فِي الْمَسْجِدِ وَفِي يَدِهِ عَسِيبٌ رَطْبٌ فَقَالَ تَرْقُدُونَ فِي الْمَسْجِدِ قُلْنَا قَدْ أَجْفَلْنَا وَأَجْفَلَ عَلِيٌّ مَعَنَا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم تَعَالَ يَا عَلِيُّ إِنَّهُ يَحِلُّ لَكَ فِي الْمَسْجِدِ مَا يَحِلُّ لِي أَلَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا النُّبُوَّةَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّكَ لَذَائِدٌ عَنْ حَوْضِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَذُودُ عَنْهُ رِجَالاً كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ عَنِ الْمَاءِ بِعَصًا لَكَ مِنْ عَوْسَجٍ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى مَقَامِكَ مِنْ حَوْضِي.

العسيب جريد النخل وهو سعفه وجفل الناس وأجفلوا أسرعوا في الهرب والذياد الطرد يقال ذدته عن كذا طردته.

وَمِنْهُ عَنْ عَلِيٍّ علیهما السلام قَالَ وَجِعْتُ وَجَعاً فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم فَأَنَامَنِي فِي مَكَانِهِ وَقَامَ يُصَلِّي فَأَلْقَى عَلَيَّ طَرَفَ ثَوْبِهِ فَصَلَّى مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ قَالَ يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ قَدْ بَرَأْتَ فَلَا بَأْسَ عَلَيْكَ مَا سَأَلْتُ اللهَ تَعَالَى شَيْئاً إِلَّا وَسَأَلْتُ لَكَ مِثْلَهُ وَلَا سَأَلْتُ اللهَ شَيْئاً إِلَّا أَعْطَانِيهِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ لَا نَبِيَّ بَعْدَكَ.

وَمِنْهُ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَا عَلِيُّ أَخْصِمُكَ بِالنُّبُوَّةِ وَلَا نُبُوَّةَ بَعْدِي وَتَخْصِمُ النَّاسَ بِسَبْعٍ وَلَا يُحَاجُّكَ فِيهِنَّ أَحَدٌ مِنْ قُرَيْشٍ أَنْتَ أَوَّلُهُمْ إِيمَاناً بِاللهِ وَأَوْفَاهُمْ بِعَهْدِ اللهِ وَأَقْوَمُهُمْ بِأَمْرِ اللهِ وَأَقْسَمُهُمْ بِالسَّوِيَّةِ وَأَعْدَلُهُمْ فِي الرَّعِيَّةِ وَأَبْصَرُهُمْ فِي الْقَضِيَّةِ وَأَعْظَمُهُمْ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَزِيَّةً قَالَ صَاحِبُ كِفَايَةِ الطَّالِبِ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ عَالٍ رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي حِلْيَةِ الْأَوْلِيَاءِ وَآخِرُ الْحَدِيثِ وَأَعْظَمُهُمْ عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مَزِيَّةً.

وَمِنْ كِتَابِ الْمَنَاقِبِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم قَالَ عَلِيٌّ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ.

وَمِنْهُ عَنْ جَابِرٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم فَأَقْبَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم قَدْ أَتَاكُمْ أَخِي ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الْكَعْبَةِ فَضَرَبَهَا بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ هَذَا وَشِيعَتَهُ هُمُ الْفَائِزُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ قَالَ إِنَّهُ أَوَّلُكُمْ إِيمَاناً مَعِي وَأَوْفَاكُمْ بِعَهْدِ اللهِ تَعَالَى وَأَقْوَمُكُمْ بِأَمْرِ اللهِ وَأَعْدَلُكُمْ فِي الرَّعِيَّةِ وَأَقْسَمُكُمْ بِالسَّوِيَّةِ وَأَعْظَمُكُمْ عِنْدَ اللهِ

١٥٢

مَزِيَّةً قَالَ وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) (١) قَالَ وَكَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه وسلم إِذَا أَقْبَلَ عَلِيٌّ علیهما السلام قَالُوا قَدْ جَاءَ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ.

وَمِنْهُ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ ره أَنَّهُ سَمِعَ نَبِيَّ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ إِنَّ أَخِي وَوَزِيرِي وَخَيْرَ مَنْ أُخَلِّفُهُ بَعْدِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.

وَمِنْهُ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِ أَنَّ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم مَرِضَ مَرْضَةً فَأَتَتْهُ فَاطِمَةُ علیهما السلام تَعُودُهُ فَلَمَّا رَأَتْ مَا بِرَسُولِ اللهِ مِنَ الْجَهْدِ وَالضَّعْفِ اسْتَعْبَرَتْ (٢) فَبَكَتْ حَتَّى سَالَ الدَّمْعُ عَلَى خَدَّيْهَا فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَا فَاطِمَةُ إِنَّ لِكَرَامَةِ اللهِ إِيَّاكِ زَوَّجْتُكِ مِنْ أَقْدَمِهِمْ سِلْماً وَأَكْثَرِهِمْ عِلْماً وَأَعْظَمِهِمْ حِلْماً إِنَّ اللهَ تَعَالَى اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ اطِّلَاعَةً فَاخْتَارَنِي مِنْهُمْ فَبَعَثَنِي نَبِيّاً مُرْسَلاً ثُمَّ اطَّلَعَ اطِّلَاعَةً فَاخْتَارَ مِنْهُمْ بَعْلَكِ فَأَوْحَى لِي أَنْ أُزَوِّجَهُ إِيَّاكِ وَأَتَّخِذَهُ وَصِيّاً

قلت هذا الحديث قد أخرجه الدارقطني صاحب الجرح والتعديل أتم من هذا وكان في عزمي أن أؤخر ذكره إلى أن أذكر الإمام الخلف الحجة علیهما السلام لكني ذكرته هنا.

هومِنْ كِتَابِ كِفَايَةِ الطَّالِبِ عَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ رِجَالِهِ عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ قَالَ أَتَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ فَقُلْتُ لَهُ هَلْ شَهِدْتَ بَدْراً فَقَالَ نَعَمْ فَقُلْتُ أَلَا تُحَدِّثُنِي بِشَيْءٍ مِمَّا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم فِي عَلِيٍّ وَفَضْلِهِ فَقَالَ بَلَى أُخْبِرُكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم مَرِضَ مَرْضَةً نَقَهَ مِنْهَا فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ فَاطِمَةُ علیهما السلام تَعُودُهُ وَأَنَا جَالِسٌ عَنْ يَمِينِ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَلَمَّا رَأَتْ مَا بِرَسُولِ اللهِ مِنَ الضَّعْفِ خَنَقَتْهَا الْعَبْرَةُ حَتَّى بَدَتْ دُمُوعُهَا عَلَى خَدِّهَا فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم مَا يُبْكِيكِ يَا فَاطِمَةُ قَالَتْ أَخْشَى الضَّيْعَةَ يَا رَسُولَ اللهِ فَقَالَ يَا فَاطِمَةُ أَمَا عَلِمْتِ أَنَّ اللهَ

________________

(١) البينة : ٧.

(٢) أي جرت عبرتها.

(٣) نقه من مرضه ـ بالكسر ـ نقها : إذا صح وهو في عقب علته.

١٥٣

اطَّلَعَ إِلَى الْأَرْضِ اطِّلَاعَةً فَاخْتَارَ مِنْهَا أَبَاكِ فَبَعَثَهُ نَبِيّاً ثُمَّ اطَّلَعَ ثَانِيَةً فَاخْتَارَ مِنْهُمْ بَعْلَكِ فَأَوْحَى إِلَيَّ فَأَنْكَحْتُهُ وَاتَّخَذْتُهُ وَصِيّاً أَمَا عَلِمْتِ أَنَّكِ بِكَرَامَةِ اللهِ إِيَّاكِ زَوَّجَكِ أَعْلَمَهُمْ عِلْماً وَأَكْثَرَهُمْ حِلْماً وَأَقْدَمَهُمْ سِلْماً فَضَحِكَتْ وَاسْتَبْشَرَتْ فَأَرَادَ رَسُولُ اللهِ أَنْ يَزِيدَهَا مَزْيَدَ الْخَيْرِ كُلِّهِ الَّذِي قَسَمَهُ اللهُ لِمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ فَقَالَ لَهَا يَا فَاطِمَةُ وَلِعَلِيٍّ ثَمَانِيَةُ أَضْرَاسٍ يَعْنِي مَنَاقِبَ إِيمَانٌ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَحِكْمَتُهُ وَزَوْجَتُهُ وَسِبْطَاهُ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَأَمْرُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ يَا فَاطِمَةُ إِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ أُعْطِينَا سِتَّ خِصَالٍ لَمْ يُعْطَهَا أَحَدٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَلَمْ يُدْرِكْهَا أَحَدٌ مِنَ الْآخِرِينَ غَيْرَنَا نَبِيُّنَا خَيْرُ الْأَنْبِيَاءِ وَهُوَ أَبُوكِ وَوَصِيُّنَا خَيْرُ الْأَوْصِيَاءِ وَهُوَ بَعْلُكِ وَشَهِيدُنَا خَيْرُ الشُّهَدَاءِ وَهُوَ حَمْزَةُ عَمُّ أَبِيكِ وَمِنَّا سِبْطَا هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهُمَا ابْنَاكِ وَمِنَّا مَهْدِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ الَّذِي يُصَلِّي خَلْفَهُ عِيسَى ثُمَّ ضَرَبَ عَلَى مَنْكِبِ الْحُسَيْنِ فَقَالَ مِنْ هَذَا مَهْدِيُّ الْأُمَّةِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكَنْجِيُّ الشَّافِعِيُّ هَكَذَا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ صَاحِبُ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ.

قلت قد أورده الحافظ أبو نعيم في كتاب الأربعين في أخبار المهدي علیهما السلام أذكره هناك إن شاء الله وهو أبسط من هذا.

وَمِنْ مَنَاقِبِ الْخُوَارِزْمِيِّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ الْهَمْدَانِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّالَقَانِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ عَنِ الْخَالِصِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنِ النَّاصِحِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنِ الثِّقَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنِ الرِّضَا عَلِيِّ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنِ الْأَمِينِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنِ الْبَاقِرِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنِ الزَّكِيِّ زَيْنِ الْعَابِدِينَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنِ الْبِرِّ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنِ الْمُرْتَضَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ

١٥٤

عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنِ الْمُصْطَفَى مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ سَيِّدِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ أَجْمَعِينَ أَنَّهُ قَالَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ يَا أَبَا الْحَسَنِ كَلِّمِ الشَّمْسَ فَإِنَّهَا تُكَلِّمُكَ فَقَالَ عَلِيٌّ علیهما السلام السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْعَبْدُ الْمُطِيعُ لِلَّهِ فَقَالَتِ الشَّمْسُ وَعَلَيْكَ السَّلَامُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِمَامَ الْمُتَّقِينَ وَقَائِدَ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ يَا عَلِيُّ أَنْتَ وَشِيعَتُكَ فِي الْجَنَّةِ يَا عَلِيُّ أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ مُحَمَّدٌ ثُمَّ أَنْتَ وَأَوَّلُ مَنْ يَحْيَى مُحَمَّدٌ ثُمَّ أَنْتَ وَأَوَّلُ مَنْ يُكْسَى مُحَمَّدٌ ثُمَّ أَنْتَ ثُمَّ انْكَبَّ عَلِيٌّ سَاجِداً وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ بِالدُّمُوعِ فَانْكَبَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم فَقَالَ يَا أَخِي وَحَبِيبِي ارْفَعْ رَأْسَكَ فَقَدْ بَاهَى اللهُ بِكَ أَهْلَ سَبْعِ سَمَاوَاتِهِ.

وَمِنَ الْمَنَاقِبِ قَالَ أَنْبَأَنِي الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَطَّارُ يَرْفَعُهُ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَقَدْ أَصْحَرَ يُقَالُ أَصْحَرَ إِذَا خَرَجَ إِلَى الصَّحْرَاءِ فَتَنَفَّسَ الصُّعَدَاءَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ مَا لَكَ تَتَنَفَّسُ قَالَ يَا ابْنَ مَسْعُودٍ نُعِيَتْ إِلَيَّ نَفْسِي قُلْتُ اسْتَخْلِفْ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ مَنْ قُلْتُ أَبَا بَكْرٍ فَسَكَتَ ثُمَّ تَنَفَّسَ فَقُلْتُ مَا لِي أَرَاكَ تَتَنَفَّسُ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ نُعِيَتْ إِلَيَّ نَفْسِي قُلْتُ اسْتَخْلِفْ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ مَنْ قُلْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَسَكَتَ ثُمَّ تَنَفَّسَ فَقُلْتُ مَا لِي أَرَاكَ تَتَنَفَّسُ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ نُعِيَتْ إِلَيَّ نَفْسِي قُلْتُ اسْتَخْلِفْ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ مَنْ قُلْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ أَوَّهْ وَلَنْ تَفْعَلُوا إِذَا أَبَداً وَاللهِ لَئِنْ فَعَلْتُمُوهُ لَيُدْخِلَنَّكُمُ الْجَنَّةَ.

قُلْتُ نَقَلْتُ مِنْ مُسْنَدِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ مِنَ الْمُجَلَّدِ الْأَوَّلِ مِنْهُ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ عَلِيٍّ علیهما السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَا عَلِيُّ إِنْ أَنْتَ وُلِّيتَ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِي فَأَخْرِجْ أَهْلَ نَجْرَانَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ.

عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ أَلَا تَسْتَخْلِفْ عَلِيّاً قَالَ إِنْ تَوَلَّوْا عَلِيّاً تَجِدُوهُ هَادِياً مَهْدِيّاً يَسْلُكُ بِكُمْ الطَّرِيقَ الْمُسْتَقِيمَ وإنما ذكرت هذا ليعلم أنه كان صلی الله علیه وسلم يميل إلى ولايته الأمر فيذكر ذلك مرة تعريضا ومرة

________________

(١) ذرف الدمع : سال.

(٢) الصعداء : التنفس الطويل من هم أو تعب.

١٥٥

تصريحا وسأفرد فصلا أضمنه ما أورد عنه من تسمية أمير المؤمنين في عدة مواضع مصرحا بذلك في كل مشهد ومحفل وعند كل مجمع ولكن لا حياة لمن تنادي وقد أنشدني بعض أصحابنا بيتين لهما نصيب من الحسن وحظ من اللطف والرشاقة وهما

أوصى النبي فقال قائلهم

قد ظل يهجر سيد البشر

وأرى أبا بكر أصاب ولم

يهجر وقد أوصى إلى عمر

وَمِنْ كِتَابِ مَنَاقِبِ الْخُوَارِزْمِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم طَيْرٌ فَقَالَ اللهُمَّ ائْتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ يَأْكُلُ مَعِي مِنْ هَذَا الطَّيْرِ فَقُلْتُ اللهُمَّ اجْعَلْهُ رَجُلاً مِنَ الْأَنْصَارِ فَجَاءَ عَلِيٌّ فَقُلْتُ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم عَلَى حَاجَةٍ فَذَهَبَ ثُمَّ جَاءَ فَقُلْتُ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ فَذَهَبَ ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم افْتَحْ فَفَتَحْتُ ثُمَّ دَخَلَ فَقَالَ مَا حَدِيثُكَ (٢) يَا عَلِيُّ قَالَ هَذِهِ آخِرُ ثَلَاثِ كَرَّاتٍ يَرُدُّنِي أَنَسٌ يَزْعُمُ أَنَّكَ عَلَى حَاجَةٍ قَالَ مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ يَا أَنَسُ قَالَ سَمِعْتُ دُعَاءَكَ فَأَحْبَبْتُ أَنْ يَكُونَ فِي رَجُلٍ مِنْ قَوْمِي فَقَالَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم إِنَّ الرَّجُلَ قَدْ يُحِبُّ قَوْمَهُ.

وَنَقَلْتُ مِنْ مَنَاقِبِ الْحَافِظِ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى بْنِ مَرْدَوَيْهِ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم عَلِيٌّ خَيْرُ الْبَشَرِ مَنْ أَبَى فَقَدْ كَفَرَ وَعَنْ حُذَيْفَةَ أَيْضاً مِثْلَهُ.

وَمِنْهُ قَالَ سُئِلَ حُذَيْفَةُ عَنْ عَلِيٍّ فَقَالَ خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا وَلَا يَشُكُّ فِيهِ إِلَّا مُنَافِقٌ.

وَمِنْهُ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ خَيْرُ مَنْ أُخَلِّفُ بَعْدِي.

وَمِنْهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ سَلْمَانُ رَآنِي رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَنَادَانِي

________________

(١) إشارة إلى قول عمر عند موت النبيّ صلّى اللّه عليه وآله : دعوا الرجل فإنه ليهجر حسبنا كتاب اللّه اه.

(٢) وفي بعض النسخ «ما حسبك».

١٥٦

فَقُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم قَالَ أُشْهِدُكَ الْيَوْمَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ خَيْرُهُمْ وَأَفْضَلُهُمْ

وَمِنْهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ وصي [وَصِيّاً] فَمَنْ وَصِيُّكَ فَسَكَتَ عَنِّي فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ رَآنِي فَقَالَ يَا سَلْمَانُ فَأَسْرَعْتُ إِلَيْهِ وَقُلْتُ لَبَّيْكَ قَالَ تَعْلَمُ مَنْ وَصِيُّ مُوسَى قُلْتُ نَعَمْ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ قَالَ لِمَ قُلْتُ لِأَنَّهُ كَانَ أَعْلَمَهُمْ يَوْمَئِذٍ قَالَ فَإِنَّ وَصِيِّي وَمَوْضِعَ سِرِّي وَخَيْرَ مَنْ أَتْرُكُ (١) بَعْدِي يُنْجِزُ عِدَتِي وَيَقْضِي دَيْنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام.

وَمِنْهُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنِي سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ إِنَّ أَخِي وَوَزِيرِي وَخَيْرُ مَنْ أُخَلِّفُهُ بَعْدِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَرَوَاهُ صَدِيقُنَا الْعِزُّ الْمُحَدِّثُ الْحَنْبَلِيُّ مَرْفُوعاً إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم عَلِيٌّ أَخِي وَصَاحِبِي وَابْنُ عَمِّي وَخَيْرُ مَنْ أَتْرُكُ بَعْدِي يَقْضِي دَيْنِي وَيُنْجِزُ مَوْعِدِي.

وَعَنْ أَنَسٍ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ عَمَّنْ نَأْخُذُ بَعْدَكَ وَبِمَنْ نَثِقُ قَالَ فَسَكَتَ عَنِّي حَتَّى سَأَلْتُ عَشْراً ثُمَّ قَالَ يَا سَلْمَانُ إِنَّ وَصِيِّي وَخَلِيفَتِي وَأَخِي وَوَزِيرِي وَخَيْرَ مَنْ أُخَلِّفُهُ بَعْدِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ـ يُؤَدِّي عَنِّي وَيُنْجِزُ مَوْعِدِي.

وَمِنْهُ عَنْ سَلْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم هَلْ تَدْرِي مَنْ كَانَ وَصِيَّ مُوسَى قُلْتُ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ قَالَ فَإِنَّ وَصِيِّي فِي أَهْلِي وَخَيْرَ مَنْ أُخَلِّفُهُ بَعْدِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام.

وَمِنْهُ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم لِعَلِيٍّ علیهما السلام أَنْتَ خَيْرُ أُمَّتِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

وَمِنْهُ عَنْ حُبْشِيِّ بْنِ جُنَادَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم خَيْرُ مَنْ يَمْشِي عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بَعْدِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.

وَمِنْهُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم عَلِيٌّ خَيْرُ مَنْ تَرَكْتُ بَعْدِي.

وَمِنْهُ عَنْ أَنَسٍ أَيْضاً عَنِ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم قَالَ إِنَّ خَلِيلِي وَوَزِيرِي وَخَلِيفَتِي وَخَيْرُ مَنْ أَتْرُكُ بَعْدِي يَقْضِي دَيْنِي وَيُنْجِزُ مَوْعِدِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام.

________________

(١) وفي نسخة «اخلف» بدل «اترك».

١٥٧

" وَمِنْهُ عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ فَقُلْنَا أَخْبِرْنَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَرَفَعَ حَاجِبَيْهِ ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ مَنْ خَيْرُ الْبَشَرِ" وَمِنْهُ عَنْ عَطِيَّةَ مِثْلَهُ بِعِدَّةِ رِوَايَاتٍ " وَمِنْهُ سُئِلَ جَابِرٌ عَنْ عَلِيٍّ فَقَالَ كَانَ خَيْرَ الْبَشَرِ" وَفِي رِوَايَةٍ فَقِيلَ لَهُ وَمَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ يُبْغِضُ عَلِيّاً قَالَ مَا يُبْغِضُ عَلِيّاً إِلَّا كَافِرٌ

" وَمِنْهُ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ تَذَاكَرُوا فَضْلَ عَلِيٍّ عِنْدَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ فَقَالَ وَتَشُكُّونَ فِيهِ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ إِنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ قَالَ وَلَا يَشُكُّ فِيهِ إِلَّا كَافِرٌ أَوْ مُنَافِقٌ.

" وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ كَانَ خَيْرَ الْبَشَرِ قُلْتُ يَا جَابِرُ كَيْفَ تَقُولُ فِيمَنْ يُبْغِضُ عَلِيّاً قَالَ مَا يُبْغِضُهُ إِلَّا كَافِرٌ.

وَمِنْهُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ بَعَثَ النَّبِيُّ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ إِلَى بَنِي وَلِيعَةَ وَكَانَ بَيْنَهُمْ شَحْنَاءُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمَّا بَلَغَ بَنِي وَلِيعَةَ اسْتَقْبَلُوهُ لِيَنْظُرُوا مَا فِي نَفْسِهِ قَالَ فَخَشِيَ الْقَوْمُ فَرَجَعَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَقَالَ إِنَّ بَنِي وَلِيعَةَ أَرَادُوا قَتْلِي وَمَنَعُوا الصَّدَقَةَ فَلَمَّا بَلَغَ بَنِي وَلِيعَةَ الَّذِي قَالَ عَنْهُمُ الْوَلِيدُ لِرَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم أَتَوْا رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ وَاللهِ لَقَدْ كَذَبَ الْوَلِيدُ وَلَكِنَّهُ قَدْ كَانَتْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ شَحْنَاءُ فَخَشِينَا أَنْ يُعَاقِبَنَا بِالَّذِي كَانَ بَيْنَنَا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم لَتَنْتَهُنَّ يَا بَنِي وَلِيعَةَ أَوْ لَأَبْعَثَنَّ إِلَيْكُمْ رَجُلاً عِنْدِي كَنَفْسِي يَقْتُلُ مُقَاتِلَتَكُمْ وَيَسْبِي ذَرَارِيَّكُمْ وَهُوَ هَذَا خَيْرُ مَنْ تَرَوْنَ وَضَرَبَ عَلَى كَتِفِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأَنْزَلَ اللهُ فِي الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ) (٣) إِلَى آخِرِهَا.

" وَمِنْهُ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ عَلِيٍّ علیهما السلام فَقَالَتْ ذَاكَ مِنْ خَيْرِ الْبَرِيَّةِ وَلَا يَشُكُّ فِيهِ إِلَّا كَافِرٌ.

وَمِنْهُ عَنِ ابْنِ أَبِي الْيُسْرِ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ قَالَ فَقَالَتْ مَنْ قَتَلَ الْخَارِجِيَّةَ قَالَ قُلْتُ قَتَلَهُمْ عَلِيٌّ قَالَتْ مَا يَمْنَعُنِي الَّذِي فِي نَفْسِي عَلَى عَلِيٍّ أَنْ أَقُولَ الْحَقَّ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ يَقْتُلُهُمْ خَيْرُ أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي

________________

(١) الحجرات : ٦.

١٥٨

وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ عَلِيٌّ مَعَ الْحَقِّ وَالْحَقُّ مَعَ عَلِيٍّ علیهما السلام

وَمِنْهُ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَقَالَتْ لِي مَنْ قَتَلَ الْخَوَارِجَ فَقُلْتُ قَتَلَهُمْ عَلِيٌّ قَالَ فَسَكَتَتْ قَالَ فَقُلْتُ لَهَا يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي أَنْشُدُكِ بِاللهِ وَبِحَقِّ نَبِيِّهِ صلی الله علیه وسلم إِنْ كُنْتِ سَمِعْتِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم شَيْئاً أَخْبِرِينِيهِ قَالَ فَقَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ يَقْتُلُهُمْ خَيْرُ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ وَأَعْظَمُهُمْ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَسِيلَةً.

وَمِنْهُ عَنْ مَسْرُوقٍ أَيْضاً قَالَ قَالَتْ لِي عَائِشَةُ يَا مَسْرُوقُ إِنَّكَ مِنْ أَكْرَمِ بَنِي عَلِيٍّ وَأَحَبِّهِمْ إِلَيَّ فَهَلْ عِنْدَكَ عِلْمٌ مِنَ الْمُخْدَجِ (١) قَالَ قُلْتُ نَعَمْ قَتَلَهُ عَلِيٌّ عَلَى نَهَرٍ يُقَالُ لِأَسْفَلِهِ تَامَرَّا وَأَعْلَاهُ النَّهْرَوَانُ بَيْنَ أَخَاقِيقَ وَطَرْفَاءَ (٢) قَالَ فَقَالَتْ فَائْتِنِي مَعَكَ بِمَنْ يَشْهَدُ قَالَ فَأَتَيْتُهَا بِسَبْعِينَ رَجُلاً مِنْ كُلِّ سَبْعَ عَشْرَةَ وَكَانَ النَّاسُ إِذْ ذَاكَ أَسْبَاعاً فَشَهِدُوا عِنْدَهَا أَنَّ عَلِيّاً قَتَلَهُ عَلَى نَهَرٍ يُقَالُ لِأَسْفَلِهِ تَامَرَّا وَأَعْلَاهُ النَّهْرَوَانُ بَيْنَ أَخَاقِيقَ وَطَرْفَاءَ قَالَتْ لَعَنَ اللهُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ فَإِنَّهُ كَتَبَ إِلَيَّ أَنَّهُ قَتَلَهُ عَلَى نِيلِ مِصْرَ قَالَ قُلْتُ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبِرِينِي أَيَّ شَيْءٍ سَمِعْتِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ فِيهِمْ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ يَقْتُلُهُمْ خَيْرُ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ وَأَقْرَبُهُمْ عِنْدَ اللهِ وَسِيلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

وَمِنْهُ عَنْ مَسْرُوقٍ أَيْضاً مِنْ حَدِيثٍ آخَرَ حَيْثُ شَهِدَ عِنْدَهَا الشُّهُودُ فَقَالَتْ قَاتَلَ اللهُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ فَإِنَّهُ كَتَبَ إِلَيَّ أَنَّهُ أَصَابَهُ بِمِصْرَ قَالَ يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ فَحَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ عَائِشَةَ وَذُكِرَ عِنْدَهَا أَهْلُ النَّهَرِ فَقَالَتْ مَا كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ يُوَلِّيَهُ اللهُ إِيَّاهُ قَالُوا وَلِمَ ذَلِكَ قَالَتْ لِأَنِّي سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ إِنَّهُمْ شِرَارُ أُمَّتِي يَقْتُلُهُمْ خِيَارُ أُمَّتِي وَمَا كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ إِلَّا مَا يَكُونُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَأَحْمَائِهَا. (٣)

________________

(١) وهو ذو الثدية رئيس الخوارج سمّي بذلك لأنّه كان مخدج اليد اي ناقصها.

(٢) الاخافيق شقوق في الأرض ، وفي الحديث : فوقصت به ناقته في اخافيق جردان وقال الأصمعي : انما هي لخافيق ، واحدها لخفوق ، وقال الأزهري : هي صحيحة كما جاءت في الحديث اخافيق (ه م)

(٣) الأحماء : أقارب الزوج وقد مر.

١٥٩

وَبِالْإِسْنَادِ عَنْهُ أَنَّهَا قَالَتْ اكْتُبْ لِي بِشَهَادَةِ مَنْ شَهِدَ مَعَ عَلِيٍّ النَّهْرَوَانَ فَكَتَبْتُ شَهَادَةَ سَبْعِينَ مِمَّنْ شَهِدَهُ ثُمَّ أَتَيْتُهَا بِالْكِتَابِ فَقُلْتُ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ لِمَ اسْتَشْهَدْتِ قَالَتْ إِنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ أَخْبَرَنِي أَنَّهُ أَصَابَهُ عَلَى نِيلِ مِصْرَ قَالَ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَسْأَلُكِ بِحَقِّ اللهِ وَبِحَقِّ رَسُولِهِ وَحَقِّي عَلَيْكِ إِلَّا مَا أَخْبَرْتِنِي بِمَا سَمِعْتِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم فِيهِ قَالَتْ إِذْ نَشَدْتَنِي فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ يَقْتُلُهُمْ خَيْرُ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ وَأَقْرَبُهُمْ عِنْدَ اللهِ وَسِيلَةً وَفِي آخَرَ عَنْهُ أَنَّهَا سَأَلَتْهُ وَأَخْبَرَهَا أَنَّ عَلِيّاً قَتَلَهُمْ فَقَالَتْ انْظُرْ مَا تَقُولُ قُلْتُ وَاللهِ لَهُوَ قَتَلَهُمْ فَقَالَتْ مِثْلَ مَا تَقَدَّمَ وَزَادَتْ فِيهِ وَإِجَابَةَ دَعْوَةٍ وَأَوْرَدَهُ صَدِيقُنَا الْعِزُّ الْمُحَدِّثُ الْحَنْبَلِيُّ الْمَوْصِلِيُّ أَيْضاً وَقَدْ وَرَدَ هَذَا عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ بِعِدَّةِ طُرُقٍ اقْتَصَرْنَا مِنْهَا عَلَى مَا أَوْرَدْنَاهُ.

وَمِنْهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم قَالَ لِفَاطِمَةَ إِنَّ زَوْجَكِ (١) خَيْرُ أُمَّتِي أَقْدَمُهُمْ سِلْماً وَأَكْثَرُهُمْ عِلْماً.

وَنَقَلْتُ مِنْ كِتَابِ الْيَوَاقِيتِ لِأَبِي عُمَرَ الزَّاهِدِ قَالَ أَخْبَرَنِي بَعْضُ الثِّقَاتِ عَنْ رِجَالِهِ قَالُوا دَخَلَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِلَى الْكُوفَةِ وَكَانَ فِيهَا رَجُلٌ يُظْهِرُ الْإِمَامَةَ فَسَأَلَ الرَّجُلُ عَنْ أَحْمَدَ مَا لَهُ لَا يَقْصِدُنِي فَقَالُوا لَهُ إِنَّ أَحْمَدَ لَيْسَ يَعْتَقِدُ مَا تُظْهِرُ فَلَا يَأْتِيكَ إِلَّا أَنْ تَسْكُتَ عَنْ إِظْهَارِ مَقَالَتِكَ لَهُ قَالَ فَقَالَ لَا بُدَّ مِنْ إِظْهَارِي لَهُ دِينِي وَلِغَيْرِهِ وَامْتَنَعَ أَحْمَدُ مِنَ الْمَجِيءِ إِلَيْهِ فَلَمَّا عَزَمَ عَلَى الْخُرُوجِ مِنَ الْكُوفَةِ قَالَتْ لَهُ الشِّيعَةُ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ أَتَخْرُجُ مِنَ الْكُوفَةِ وَلَمْ تَكْتُبْ عَنْ هَذَا الرَّجُلِ فَقَالَ مَا أَصْنَعُ بِهِ لَوْ سَكَتَ عَنْ إِعْلَانِهِ بِذَلِكَ كَتَبْتُ عَنْهُ قَالُوا مَا نُحِبُّ أَنْ يَفُوتَكَ مِثْلُهُ فَأَعْطَاهُمْ مَوْعِداً عَلَى أَنْ يَتَقَدَّمُوا إِلَى الشَّيْخِ أَنْ يَكْتُمَ مَا هُوَ فِيهِ وَجَاءُوا مِنْ فَوْرِهِمْ إِلَى الْمُحَدِّثِ يُقَالُ مَشَيْتُ إِلَى مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا وَعُدْتُ مِنْ فَوْرِي مِنْ قَبْلِ أَنْ أَسْكُنَ وَلَيْسَ أَحْمَدُ مَعَهُمْ فَقَالُوا إِنَّ أَحْمَدَ عَالِمُ بَغْدَادَ فَإِنْ خَرَجَ وَلَمْ يَكْتُبْ عَنْكَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَسْأَلَهُ أَهْلُ بَغْدَادَ لِمَ لَمْ تَكْتُبْ عَنْ فُلَانٍ فَتُشْهَرُ بِبَغْدَادَ وَتُلْعَنُ وَقَدْ

________________

(١) وفي نسخة «انى زوجتك».

١٦٠