كشف الغمّة في معرفة الأئمّة - ج ١

أبي الحسن علي بن عيسى بن أبي الفتح الاربلي

كشف الغمّة في معرفة الأئمّة - ج ١

المؤلف:

أبي الحسن علي بن عيسى بن أبي الفتح الاربلي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مكتبة بني هاشمي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩٤
الجزء ١ الجزء ٢

ولقد سرى فيما يسير بليلة

بعد العشاء بكربلاء في موكب

حتى أتى متبتلا في قائم

ألقى قواعده بقاع مجدب (١)

فدنا فصاح به فأشرف ماثلا

كالنسر فوق شظية من مرقب

هل قرب قائمك الذي بوأته

ماء يصاب فقال ما من مشرب

إلا بغاية فرسخين ومن لنا

بالماء بين نقا وقي سبسب

فثنى الأعنة نحو وعث فاجتلى

ملساء تلمع كاللجين المذهب

قال اقلبوها إنكم إن تقلبوا

ترووا ولا تروون إن لم تقلب

فاعصوصبوا في قلبها فتمنعت

منهم تمنع صعبة لم تركب

حتى إذا أعيتهم أهوى لها

كفا متى يرد المغالب تغلب

فكأنها كرة بكف حزور

عبل الذراع دحا بها في ملعب

فسقاهم من تحتها متسلسلا

عذبا يزيد على الألذ الأعذب

حتى إذا شربوا جميعا ردها

ومضى فخلت مكانها لم يقرب

أعني ابن فاطمة الوصي ومن يقل

في فضله وفعاله لم يكذب

 (شرح غريب هذه الأبيات) الشظية الفلقة من العصا ونحوها في الأصل وأراد بها هنا عقبة دقيقة ذات حرف تشبيها بها والمرقبة والمرقب الموضع المشرف وماثلا قائما منتصبا النقا بالقصر الكثيب من الرمل وتثنيته نقوان ونقيان أيضا والقي القفر وكذلك القوا والقواء بالمد والقصر ومنزل قواء لا أنيس به والسبسب المفازة وبلد سبسب وسبساب الوعث المكان السهل الكثير الدهس تغيب فيه الأقدام ويشق على من يمشي فيه وأوعثوا وقعوا في الوعث والدهس والدهاس المكان السهل اللين لا يبلغ أن يكون رملا وليس هو بتراب ولا طين واللجين الفضة جاء مصغرا كالثريا والكميت اعصوصبوا اجتمعوا واشتدوا والصعبة الناقة التي لم ترض ولم تذلل الحزور بالتخفيف والتشديد الغلام إذا اشتد وقوي وخدم والجمع الحزاورة

________________

(١) القاع : ارض سهلة مطمئنة قد انفرجت عنها الجبال والآكام. وجدب المكان :محل والمحل : انقطاع المطر ويبس الأرض.

٢٨١

ودحا بها رمى بها.

(ومما رواه أصحابنا من الآيات) التي ظهرت على يديه الشاهدة بما تدل مناقبه ومزاياه عليه رد الشمس عليه مرتين في عهد النبي صلی الله علیه وسلم مرة وبعد وفاته مرة

رَوَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ وَأُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيُّ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم أَنَّ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي مَنْزِلِهِ وَعَلِيٌّ علیهما السلام بَيْنَ يَدَيْهِ إِذْ جَاءَهُ جَبْرَئِيلُ علیهما السلام يُنَاجِيهِ عَنِ اللهِ سُبْحَانَهُ فَلَمَّا تَغْشَاهُ الْوَحْيُ تَوَسَّدَ فَخِذَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیهما السلام وَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ فَصَلَّى الْعَصْرَ جَالِساً إِيمَاءً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیهما السلام فَاتَتْكَ الْعَصْرُ قَالَ صَلَّيْتُهَا قَاعِداً إِيمَاءً فَقَالَ ادْعُ اللهَ يَرُدَّ عَلَيْكَ الشَّمْسَ حَتَّى تُصَلِّيَهَا قَائِماً فِي وَقْتِهَا فَإِنَّ اللهَ يُجِيبُكَ لِطَاعَتِكَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ فَسَأَلَ اللهَ فِي رَدِّهَا فَرُدَّتْ عَلَيْهِ حَتَّى صَارَتْ فِي مَوْضِعِهَا مِنَ السَّمَاءِ وَقْتَ الْعَصْرِ فَصَلَّاهَا ثُمَّ غَرَبَتْ قَالَتْ أَسْمَاءُ وَأُمُّ سَلَمَةَ أَمَا وَاللهِ سَمِعْنَا لَهَا عِنْدَ غُرُوبِهَا كَصَرِيرِ الْمِنْشَارِ.

وبعد النبي صلی الله علیه وسلم حِينَ أَرَادَ أَنْ يَعْبُرُ الْفُرَاتَ بِبَابِلَ وَاشْتَغَلَ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ بِتَعْبِيرِ دَوَابِّهِمْ فَصَلَّى هُوَ صلی الله علیه وسلم مَعَ طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ الْعَصْرَ وَفَاتَتْ جُمْهُورَهُمْ فَتَكَلَّمُوا فِي ذَلِكَ فَلَمَّا سَمِعَ سَأَلَ اللهَ فِي رَدِّهَا لِيَجْتَمِعَ كَافَّةُ أَصْحَابِهِ عَلَى الصَّلَاةِ فَأَجَابَهُ اللهُ تَعَالَى وَرَدَّهَا فَكَانَتْ كَحَالِهَا وَقْتَ الْعَصْرِ فَلَمَّا سَلَّمَ بِالْقَوْمِ غَابَتْ وَسَمِعَ لَهَا وَجِيبٌ شَدِيدٌ هَالَ النَّاسُ وَأَكْثَرُوا التَّسْبِيحَ وَالتَّهْلِيلَ وَالِاسْتِغْفَارَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى نِعْمَتِهِ الَّتِي ظَهَرَتْ فِيهِمْ وَسَارَ خَبَرُ ذَلِكَ فِي الْآفَاقِ وفي ذلك يقول السيد إسماعيل بن محمد الحميري

ردت عليه الشمس لما فاته

وقت الصلاة وقد دنت للمغرب

حتى تبلج نورها في وقتها

للعصر ثم هوت هوي الكوكب

وعليه قد ردت ببابل مرة

أخرى وما ردت لخلق معرب

٢٨٢

إلا ليوشع أو له من بعده

ولردها تأويل أمر معجب (١)

وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ عَلِيّاً علیهما السلام اتَّهَمَ رَجُلاً يُقَالُ لَهُ الغيرار [الْعِيزَارُ] بِرَفْعِ أَخْبَارِهِ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ وَجَحَدَهُ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لَتَحْلِفُ بِاللهِ أَنَّكَ مَا فَعَلْتَ قَالَ نَعَمْ وَبَدَرَ فَحَلَفَ فَقَالَ عَلِيٌّ علیهما السلام إِنْ كُنْتَ كَاذِباً فَأَعْمَى اللهُ بَصَرَكَ فَمَا دَارَتْ عَلَيْهِ الْجُمْعَةُ حَتَّى عَمِيَ وَأُخْرَجَ يُقَادُ وَقَدْ أَذْهَبَ اللهُ بَصَرَهُ.

وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ صلی الله علیه وسلم نَشَدَ النَّاسَ مَنْ سَمِعَ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ فَشَهِدَ اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً مِنَ الْأَنْصَارِ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ فِي الْقَوْمِ لَمْ يَشْهَدْ فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَا أَنَسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَشْهَدَ وَقَدْ سَمِعْتَ مَا سَمِعُوا قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كَبِرْتُ وَنَسِيتُ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیهما السلام اللهُمَّ إِنْ كَانَ كَاذِباً فَاضْرِبْهُ بِبَيَاضٍ أَوْ بِوَضَحٍ لَا تُوَارِيهِ الْعِمَامَةُ قَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُمَيْرٍ فَأَشْهَدُ بِاللهِ لَقَدْ رَأَيْتُهَا بَيْضَاءَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ

وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ نَشَدَ النَّاسَ فَقَالَ أَنْشُدُ اللهَ رَجُلاً سَمِعَ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ اللهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ فَقَامَ اثْنَا عَشَرَ بَدْرِيّاً سِتَّةٌ مِنَ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ وَسِتَّةٌ مِنَ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ فَشَهِدُوا بِذَلِكَ قَالَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ وَكُنْتُ فِيمَنْ سَمِعَ ذَلِكَ فَكَتَمْتُهُ فَذَهَبَ اللهُ بِبَصَرِي وَكَانَ يَتَنَدَّمُ عَلَى مَا فَاتَهُ مِنَ

________________

(١) قال ابن حجر في الصواعق : صلی الله علیه وسلم : ١٢٦ ط مصر ومن كراماته الباهرة ان الشمس ردت عليه لما كان رأس النبيّ صلّى اللّه عليه وسلم في حجره والوحي ينزل عليه وعلى لم يصل العصر ـ وذكر الحديث إلى أن قال ـ : قال سبط بن الجوزي : وفي الباب حكاية عجيبة حدّثني بها جماعة من مشايخنا بالعراق انهم شاهدوا ابا منصور المظفر بن اردشير القباوى الواعظ ذكر بعد العصر هذا الحديث ونمقه بألفاظه ، وذكر فضائل أهل البيت فغطت سحابة الشمس حتّى ظنّ الناس انها قد غابت فقام على المنبر وأومأ إلى الشمس وانشدها :

لا تغربي يا شمس حتّى ينتهى

مدحي لآل المصطفى ولنجله

وأثنى عنانك ان أردت ثنائهم

أنسيت إذ كان الوقوف لأجله

ان كان للمولى وقوفك فليكن

هذا الوقوف لخيله ولرج

لهقالوا : فانجاب السحاب عن الشمس وطلعت.

٢٨٣

الشَّهَادَةِ وَيَسْتَغْفِرُ.

وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ عَلَى الْمِنْبَرِ ـ : أَنَا عَبْدُ اللهِ وَأَخُو رَسُولِ اللهِ وَرِثْتُ نَبِيَّ الرَّحْمَةِ وَنَكَحْتُ سَيِّدَةَ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَنَا سَيِّدُ الْوَصِيِّينَ وَآخِرُ أَوْصِيَاءِ النَّبِيِّينَ لَا يَدَّعِي ذَلِكَ غَيْرِي إِلَّا أَصَابَهُ اللهُ بِسُوءٍ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ عَبْسٍ مَنْ لَا يُحْسِنُ أَنْ يَقُولَ هَذَا أَنَا عَبْدُ اللهِ وَأَخُو رَسُولِ اللهِ فَلَمْ يَبْرَحْ مِنْ مَكَانِهِ حَتَّى تَخَبَّطَهُ الشَّيْطَانُ فَجَرَّ بِرِجْلِهِ إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَسَأَلْنَا قَوْمَهُ هَلْ تَعْرِفُونَ بِهِ عَرْضاً قَبْلَ هَذَا قَالُوا اللهُمَّ لَا.

وَمِنْ ذَلِكَ مَا نَقَلْتُهُ مِنْ كِتَابِ لُطْفِ التَّدْبِيرِ صَنْعَةِ الشَّيْخِ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْخَطِيبِ قَالَ حُكِيَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ لِجُلَسَائِهِ بَعْدَ الْحُكُومَةِ كَيْفَ لَنَا أَنْ نَعْلَمَ مَا تَئُولُ إِلَيْهِ الْعَاقِبَةُ فِي أَمْرِنَا قَالَ جُلَسَاؤُهُ مَا نَعْلَمُ لِذَلِكَ وَجْهاً قَالَ فَأَنَا أَسْتَخْرِجُ عِلْمَ ذَلِكَ مِنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَقُولُ الْبَاطِلَ فَدَعَا ثَلَاثَةَ رِجَالٍ مِنْ ثِقَاتِهِ وَقَالَ لَهُمْ امْضُوا حَتَّى تَصِيرُوا جَمِيعاً مِنَ الْكُوفَةِ عَلَى مَرْحَلَةٍ ثُمَّ تَوَاطَوْا عَلَى أَنْ تَنْعَوْنِي بِالْكُوفَةِ (١) وَلْيَكُنْ حَدِيثُكُمْ وَاحِداً فِي ذِكْرِ الْعِلَّةِ وَالْيَوْمِ وَالْوَقْتِ وَمَوْضِعِ الْقَبْرِ وَمَنْ تَوَلَّى الصَّلَاةَ عَلَيَّ وَغَيْرَ ذَلِكَ حَتَّى لَا تَخْتَلِفُوا فِي شَيْءٍ ثُمَّ لْيَدْخُلْ أَحَدُكُمْ فَلْيُخْبِرْ بِوَفَاتِي ثُمَّ لْيَدْخُلِ الثَّانِي فَيُخْبِرُ بِمِثْلِهِ ثُمَّ لْيَدْخُلِ الثَّالِثُ فَيُخْبِرُ بِمِثْلِ خَبَرِ صَاحِبِهِ وَانْظُرُوا مَا يَقُولُ عَلِيٌّ.

فَخَرَجُوا كَمَا أَمَرَهُمْ مُعَاوِيَةُ ثُمَّ دَخَلَ أَحَدُهُمْ وَهُوَ رَاكِبٌ مُغِذٌّ شَاحِبٌ (٢) فَقَالَ لَهُ النَّاسُ بِالْكُوفَةِ مِنْ أَيْنَ جِئْتَ قَالَ مِنَ الشَّامِ قَالُوا لَهُ الْخَبَرَ قَالَ مَاتَ مُعَاوِيَةُ فَأَتَوْا عَلِيّاً علیهما السلام فَقَالُوا رَجُلٌ رَاكِبٌ مِنَ الشَّامِ يُخْبِرُ بِمَوْتِ مُعَاوِيَةَ فَلَمْ يَحْفِلْ عَلِيٌّ علیهما السلام بِذَلِكَ (٣) ثُمَّ جَاءَ آخَرُ مِنَ الْغَدِ وَهُوَ مُغِذٌّ فَقَالَ لَهُ النَّاسُ مَا الْخَبَرُ فَقَالَ مَاتَ مُعَاوِيَةُ وَخَبَّرَ بِمِثْلِ مَا خَبَّرَ صَاحِبُهُ فَأَتَوْا عَلِيّاً علیهما السلام فَقَالُوا رَجُلٌ رَاكِبٌ آخَرُ يُخْبِرُ مِنْ مَوْتِ مُعَاوِيَةَ بِمِثْلِ مَا خَبَّرَ صَاحِبُهُ وَلَمْ يَخْتَلِفْ كَلَامُهُمَا

________________

(١) أي تخبروا بموتى.

(٢) غذ في السير : اسرع. الشاحب : المتغير اللون.

(٣) أي لم يبال عليه السلام به.

٢٨٤

فَأَمْسَكَ عَلِيٌّ علیهما السلام ثُمَّ دَخَلَ الْآخَرُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَقَالَ النَّاسُ مَا وَرَاءَكَ قَالَ مَاتَ مُعَاوِيَةُ فَسَأَلُوهُ عَمَّا شَاهَدَ وَلَمْ يُخَالِفْ قَوْلَ صَاحِبِهِ فَأَتَوْا عَلِيّاً علیهما السلام فَقَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ صَحَّ الْخَبَرُ هَذَا رَاكِبٌ ثَالِثٌ قَدْ خَبَّرَ بِمِثْلِ مَا خَبَّرَ صاحبيه [صَاحِبَاهُ] فَلَمَّا كَثُرُوا عَلَيْهِ قَالَ عَلِيٌّ صلی الله علیه وسلم كَلَّا أَوْ تُخْضَبَ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ يَعْنِي لِحْيَتَهُ مِنْ هَامَتِهِ وَيَتَلَاعَبَ بِهَا ابْنُ آكِلَةِ الْأَكْبَادِ فَرَجَعَ الْخَبَرُ بِذَلِكَ إِلَى مُعَاوِيَةَ.

وَرَأَيْتُ لَهُ صلی الله علیه وسلم خُطْبَةً يَذْكُرُ فِيهَا وَاقِعَةَ بَغْدَادَ (١) كَأَنَّهُ يُشَاهِدُهَا وَيَقُولُ فِيهَا كَأَنِّي وَاللهِ أَنْظُرُ إِلَى الْقَائِمِ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ وَهُوَ يُقَادُ بَيْنَهُمْ كَمَا يُقَادُ الْجُزُرُ (٢) إِلَى الْأُضْحِيَّةِ لَا يَسْتَطِيعُ دَفْعاً عَنْ نَفْسِهِ وَيْحَهُ مَا أَذَلَّهُ فِيهِمْ لِاطِّرَاحِهِ أَمْرَ رَبِّهِ وَإِقْبَالِهِ عَلَى أَمْرِ دُنْيَاهُ يَقُولُ فِيهَا وَاللهِ لَوْ شِئْتُ لَأَخْبَرْتُكُمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَكِنَاهُمْ وَحِلَاهُمْ وَمَوَاضِعِ قَتْلَاهُمْ وَمَسَاقِطِ رُءُوسِهِمْ.

إلى غير ذلك من أخباره بالغيوب وأخباره التي جرت في كل الأحوال على أسلوبه واطلاعه على الحقائق وإتيانه بالأمور الخوارق ومعجزاته التي أربت على الأواخر والأوائل ووقف عند صفاتها بيان كل قائل.

وَقَدْ رَوَى الْحَافِظُ الْعَالِمُ مُحِبُّ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ النَّجَّارُ فِي كِتَابِهِ فِي تَرْجَمَةِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الدلا عَنْ رِجَالٍ ذَكَرَهُمْ قَالَ سَمِعْتُ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ تَقُولُ سَمِعْتُ سَيِّدَتِي فَاطِمَةَ علیهما السلام تَقُولُ لَيْلَةَ دَخَلَ بِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَفْزَعَنِي فِي فِرَاشِي فَقُلْتُ أَفَزِعْتِ يَا سَيِّدَةَ النِّسَاءِ قَالَتْ سَمِعْتُ الْأَرْضَ تُحَدِّثُهُ وَيُحَدِّثُهَا

________________

(١) وهي الخطبة المشهورة بالزوراء يقول صلوات اللّه : الزوراء وما ادراك ما الزوراء؟ ارض ذات أثل يشيد فيها البنيان ، وتكثر فيها السكان ، ويكون فيها مخازن وخزان ، يتخذها ولد العباس موطنا ؛ ولزخرفهم مسكنا تكون لهم دار لهو ولعب يكون بها الجور الجائر والخيف المخيف ، والأئمّة الفجرة والامراء الفسقة ، والوزراء الخونة تخدمهم أبناء فرس وروم ، لا يأتمرون معروف إذا عرفوه ولا يتناهون عن منكر إذا نكروه تكفى الرجال منهم بالرجال والنساء بالنساء إلى آخر ما ذكره المجلسيّ (ره) في المجلد التاسع من كتاب بحار الأنوار فراجع.

(٢) الجزر : ما ذبح من الشاة.

٢٨٥

فَأَصْبَحْتُ وَأَنَا فَزِعَةٌ فَأَخْبَرْتُ وَالِدِي صلی الله علیه وسلم فَسَجَدَ سَجْدَةً طَوِيلَةً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَقَالَ يَا فَاطِمَةُ أَبْشِرِي بِطِيبِ النَّسْلِ فَإِنَّ اللهَ فَضَّلَ بَعْلَكِ عَلَى سَائِرِ خَلْقِهِ وَأَمَرَ الْأَرْضَ أَنْ تُحَدِّثَهُ بِأَخْبَارِهَا وَمَا يَجْرِي عَلَى وَجْهِهَا مِنْ شَرْقِ الْأَرْضِ إِلَى غَرْبِهَا.

وَقَالَ بَعْضُ أَرْبَابِ الطَّرِيقَةِ إِنَّ عَلِيّاً علیهما السلام إِنَّمَا قَالَ لَوْ كُشِفَ الْغِطَاءُ مَا ازْدَدْتُ يَقِيناً

في أول أمره وابتداء حاله وأما في آخر أمره فإن الغطاء كشف له والحجاب رفع دونه.

وعلى الجملة أي مناقبه أردت وصفها وأي مآثره ابتغيت وصفها وجدتها بحر لا يدرك ساحله ولا يطمع في المفاخرة مساجله فاقتصرت على هذا القدر اقتداء بمن اقتصر وكففت عن عزب القلم وما به من قصور ولا قصر وذللت على ما لم أذكره بما ذكرته وقد يستدل على الشجرة بالواحدة من الثمر (١)

في ذكر رسوخ الإيمان في قلبه عليه أفضل الصلاة والسلام

نَقَلْتُ مِنْ مَنَاقِبِ الْخُوَارِزْمِيِّ رَحِمَهُ اللهُ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ رِبْعِيِّ بْنِ خِرَاشٍ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ علیهما السلام اجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ إِلَى النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم وَفِيهِمْ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالُوا يَا مُحَمَّدُ أَرِقَّاؤُنَا لَحِقُوا بِكَ فَارْدُدْهُمْ عَلَيْنَا فَغَضِبَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم حَتَّى رُئِيَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ لَتَنْتَهُنَّ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَوْ لَيَبْعَثَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ رَجُلاً مِنْكُمُ امْتَحَنَ اللهُ قَلْبَهُ بِالْإِيمَانِ يَضْرِبُ رِقَابَكُمْ عَلَى الدِّينِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ أَبُو بَكْرٍ قَالَ لَا فَقِيلَ عُمَرُ قَالَ لَا وَلَكِنَّهُ خَاصِفُ النَّعْلِ الَّذِي فِي الْحُجْرَةِ قَالَ فَاسْتَفْظَعَ النَّاسُ (٢) ذَلِكَ مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ لَا تَكْذِبُوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ

________________

(١) وقد أفرد الفاضل المتتبع الشيخ ذبيح اللّه المحلاتي دامت بركاته العالية رسالة فارسية وسماه ؛ «اخبار غيبية» وجمع فيها جل ما أخبر به أمير المؤمنين عليه السلام من الاخبار بالملاحم والفتن والغيوب وطبع مرة بطهران.

(٢) استفظع الامر : وجده فظيعا.

٢٨٦

مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً يَلِجُ النَّارَ (١) وقد تقدم ذكر ما هو قريب من هذا (٢)

وَمِنْهُ قَالَ عَلِيٌّ علیهما السلام قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَوْمَ فُتِحَتْ خَيْبَرُ لَوْ لَا أَنْ تَقُولَ فِيكَ طَوَائِفُ مِنْ أُمَّتِي مَا قَالَتِ النَّصَارَى فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ لَقُلْتُ الْيَوْمَ فِيكَ مَقَالاً لَا تَمُرُّ عَلَى مَلَإٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا أَخَذُوا مِنْ تُرَابِ رِجْلَيْكَ وَفَضْلِ طَهُورِكَ يَسْتَشْفُونَ بِهِ وَلَكِنْ حَسْبُكَ أَنْ تَكُونَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ تَرِثُنِي وَأَرِثُكَ وَأَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي وَأَنْتَ تُؤَدِّي دَيْنِي وَتُقَاتِلُ عَلَى سُنَّتِي وَأَنْتَ فِي الْآخِرَةِ أَقْرَبُ النَّاسِ مِنِّي وَأَنَّكَ غَداً عَلَى الْحَوْضِ خَلِيفَتِي تَذُودُ عَنْهُ الْمُنَافِقِينَ وَأَنْتَ أَوَّلُ مَنْ يَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ وَأَنْتَ أَوَّلُ دَاخِلِ الْجَنَّةِ مِنْ أُمَّتِي وَأَنَّ شِيعَتَكَ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ رِوَاءٌ مَرْوِيُّونَ مُبْيَضَّةٌ وُجُوهُهُمْ حَوْلِي أَشْفَعُ لَهُمْ فَيَكُونُونَ غَداً فِي الْجَنَّةِ جِيرَانِي وَأَنَّ عَدُوَّكَ غَداً ظِمَاءٌ مُظْمِئُونَ مُسْوَدَّةٌ وُجُوهُهُمْ مُفْحَمُونَ (٣) حَرْبُكَ حَرْبِي وَسِلْمُكَ سِلْمِي وَسِرُّكَ سِرِّي وَعَلَانِيَتُكَ عَلَانِيَتِي وَسَرِيرَةُ صَدْرِكَ كَسَرِيرَةِ صَدْرِي وَأَنْتَ بَابُ عِلْمِي وَأَنَّ وُلْدَكَ وُلْدِي وَلَحْمَكَ لَحْمِي وَدَمَكَ دَمِي وَأَنَّ الْحَقَّ مَعَكَ وَالْحَقُّ عَلَى لِسَانِكَ وَفِي قَلْبِكَ وَبَيْنَ عَيْنَيْكَ وَالْإِيمَانُ مُخَالِطٌ لَحْمَكَ وَدَمَكَ كَمَا خَالَطَ لَحْمِي وَدَمِي وَأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَنِي أَنْ أُبَشِّرَكَ أَنَّكَ وَعِتْرَتَكَ فِي الْجَنَّةِ وَأَنَّ عَدُوَّكَ فِي النَّارِ وَلَا يَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ مُبْغِضٌ لَكَ وَلَا يَغِيبُ عَنْهُ مُحِبٌّ لَكَ.

قَالَ قَالَ عَلِيٌّ علیهما السلام فَخَرَرْتُ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سَاجِداً وَحَمِدْتُهُ عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيَّ مِنَ الْإِسْلَامِ وَالْقُرْآنِ وَحَبَّبَنِي إِلَى خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَسَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ صلی الله علیه وسلم.

وَمِنْهُ قَالَ بَلَغَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّ قَوْماً تَنَقَّصُوا عَلِيّاً علیهما السلام فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم وَذَكَرَ عَلِيّاً وَفَضْلَهُ وَسَابِقَتَهُ ثُمَّ قَالَ : حَدَّثَنِي عِرَاكُ بْنُ مَالِكٍ الْغِفَارِيُّ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ بَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم عِنْدِي

________________

(١) أي يدخل.

(٢) راجع صلی الله علیه وسلم : ٢١١ ـ ٢١٢. من هذه الطبعة.

(٣) المفحم : العيي وهو العاجز عن التكلم.

٢٨٧

إِذْ أَتَاهُ جَبْرَئِيلُ فَنَاجَاهُ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم ضَاحِكاً فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ قُلْتُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ مَا أَضْحَكَكَ فَقَالَ أَخْبَرَنِي جَبْرَئِيلُ أَنَّهُ مَرَّ بِعَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَهُوَ يَرْعَى ذَوْداً لَهُ (١) وَهُوَ نَائِمٌ قَدْ أَبْدَى بَعْضُ جَسَدِهِ قَالَ فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ ثَوْبَهُ فَوَجَدْتُ بَرْدَ إِيمَانِهِ قَدْ وَصَلَ إِلَى قَلْبِي.

وَمِنْهُ عَنْ فَخْرِ خُوَارِزْمَ أَبِي الْقَاسِمِ مَحْمُودِ بْنِ عُمَرَ الزَّمَخْشَرِيِّ عَنْ رِجَالِهِ قَالَ جَاءَ رَجُلَانِ إِلَى عُمَرَ فَقَالا لَهُ مَا تَرَى فِي طَلَاقِ الْأَمَةِ فَقَامَ إِلَى حَلْقَةٍ فِيهَا رَجُلٌ أَصْلَعُ فَقَالَ مَا تَرَى فِي طَلَاقِ الْأَمَةِ فَقَالَ اثْنَتَانِ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِمَا فَقَالَ اثْنَتَانِ فَقَالَ لَهُ أَحَدُهُمَا جِئْنَاكَ وَأَنْتَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَسَأَلْنَاكَ عَنْ طَلَاقِ الْأَمَةِ فَجِئْتَ إِلَى رَجُلٍ فَسَأَلْتَهُ فَوَ اللهِ مَا كَلَّمَكَ فَقَالَ عُمَرُ وَيْلَكَ أَتَدْرِي مَنْ هَذَا هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ لَوْ أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وُضِعَتْ فِي كِفَّةٍ وَوُضِعَ إِيمَانُ عَلِيٍّ فِي كِفَّةٍ لَرَجَحَ إِيمَانُ عَلِيٍ وَمِنَ الْمَنَاقِبِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم لَسَمِعْتُهُ وَهُوَ يَقُولُ لَوْ أَنَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ وَالْأَرَضِينَ السَّبْعَ وُضِعْنَ فِي كِفَّةِ مِيزَانٍ وَوُضِعَ إِيمَانُ عَلِيٍّ فِي مِيزَانٍ لَرَجَحَ إِيمَانُ عَلِيٍ وَمِنْهُ قَالَ رَأَى أَبُو طَالِبٍ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم يَتْفُلُ فِي فِي عَلِيٍّ فَقَالَ مَا هَذَا يَا مُحَمَّدُ قَالَ إِيمَانٌ وَحِكْمَةٌ فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ لِعَلِيٍّ يَا بُنَيَّ انْصُرِ ابْنَ عَمِّكَ وَآزِرْهُ.

في ذكر أنه أقرب الناس إلى رسول الله صلی الله علیه وسلم وأنه مولى من كان مولاه

أما قَوْلُهُ صلی الله علیه وسلم أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى وَقَوْلُهُ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ فقد أوردت ذلك في عدة مواضع وهو من من الأحاديث المشهورة التي لم ينفرد أحد بإيرادها دون أحد بل أوردها أصحاب الصحاح جميعهم وتداولوا حتى تنزلت منزلة التواتر الذي لا يتداخله ريب ولا يتطرق عليه لبس.

وَنَقَلْتُ مِنْ مَنَاقِبِ الْخُوَارِزْمِيِّ وَقَدْ أَوْرَدَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ

________________

(١) الذود : ثلاثة أبعرة إلى التسعة وقيل إلى العشرة وفيل غير ذلك ، ولا يكون الا من الإناث ، وهو واحد وجمع كالفلك.

٢٨٨

بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ غَزَوْتُ مَعَ عَلِيٍّ إِلَى الْيَمَنِ فَرَأَيْتُ مِنْهُ جَفْوَةً (١) فَقَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَذَكَرْتُ عَلِيّاً علیهما السلام فَنَقَصْتُهُ فَرَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم تَغَيَّرَ فَقَالَ يَا بُرَيْدَةُ أَلَسْتُ (أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ فَقَالَ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ.

وَنَقَلْتُ مِنْ مُسْنَدِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللهُ عَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم فِي سَرِيَّةٍ قَالَ فَلَمَّا قَدِمْنَا قَالَ كَيْفَ رَأَيْتُمْ صَحَابَةَ صَاحِبِكُمْ قَالَ فَإِمَّا شَكَوْتُهُ أَوْ شَكَاهُ غَيْرِي قَالَ فَرَفَعْتُ رَأْسِي وَكُنْتُ رَجُلاً مِكْبَاباً (٢) قَالَ فَإِذَا النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم قَدِ احْمَرَّ وَجْهَهُ وَهُوَ يَقُولُ مَنْ كُنْتُ وَلِيَّهُ فَعَلِيٌّ وَلِيُّهُ.

وَبِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ نَقْلاً مِنْ مُسْنَدِ أَحْمَدَ قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ بُرَيْدَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي بُرَيْدَةُ قَالَ أَبْغَضْتُ عَلِيّاً بُغْضاً لَمْ أُبْغِضْهُ أَحَداً قَطُّ قَالَ وَأَحْبَبْتُ رَجُلاً مِنْ قُرَيْشٍ لَمْ أُحِبَّهُ إِلَّا عَلَى بُغْضِهِ عَلِيّاً رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ فَبَعَثَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى خَيْلٍ فَصَحِبْتُهُ مَا أَصْحَبُهُ إِلَّا عَلَى بُغْضِهِ عَلِيّاً قَالَ فَأَصَبْنَا سَبْياً قَالَ فَكَتَبَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم ابْعَثْ لَنَا مَنْ يُخَمِّسُهُ قَالَ فَبَعَثَ إِلَيْنَا عَلِيّاً رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَفِي السَّبْيِ وَصِيفَةٌ هِيَ مِنْ أَفْضَلِ السَّبْيِ قَالَ وَقَسَمَ فَخَرَجَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ فَقُلْنَا يَا أَبَا الْحَسَنِ مَا هَذَا قَالَ أَلَمْ تَرَوْا إِلَى الْوَصِيفَةِ الَّتِي كَانَتْ فِي السَّبْيِ فَإِنِّي قَسَمْتُ وَخَمَّسْتُ فَصَارَتْ فِي الْخُمُسِ ثُمَّ صَارَتْ فِي أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم ثُمَّ صَارَتْ فِي آلِ عَلِيٍّ وَوَقَعَتْ بِهَا قَالَ فَكَتَبَ الرَّجُلُ إِلَى نَبِيِّ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَقُلْتُ ابْعَثْنِي مُصَدِّقاً قَالَ فَجَعَلْتُ أَقْرَأُ الْكِتَابَ وَأَقُولُ صَدِّقْ قَالَ فَأَمْسَكَ يَدِي وَالْكِتَابَ قَالَ أَتُبْغِضُ عَلِيّاً قَالَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَلَا تُبْغِضْهُ وَإِنْ كُنْتَ تُحِبُّهُ فَازْدَدْ لَهُ حُبّاً فَوَ الَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَنَصِيبُ عَلِيٍّ فِي الْخُمُسِ أَفْضَلُ مِنْ وَصِيفَةٍ قَالَ فَمَا كَانَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ بَعْدَ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ عَلِيٍّ قَالَ عَبْدُ اللهِ فَوَ الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ مَا بَيْنِي وَبَيْنَ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم فِي هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرِ أَبِي بُرَيْدَةَ

________________

(١) أي بحسب زعمه.

(٢) المكباب : الكثير النظر إلى الأرض.

٢٨٩

وَبِالْإِسْنَادِ عَنْ بُرَيْدَةَ مِنَ الْمُسْنَدِ الْمَذْكُورِ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم بَعْثَيْنِ إِلَى الْيَمَنِ عَلَى أَحَدِهِمَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَعَلَى الْآخَرِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَقَالَ إِذَا الْتَقَيْتُمْ فَعَلِيٌّ عَلَى النَّاسِ وَإِنْ افْتَرَقْتُمَا (١) فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا عَلَى جُنْدِهِ قَالَ فَلَقِينَا بَنِي زُبَيْدٍ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَاقْتَتَلْنَا فَظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ فَقَتَلْنَا الْمُقَاتِلَةَ وَسَبَيْنَا الذُّرِّيَّةَ فَاصْطَفَى عَلِيٌّ امْرَأَةً مِنَ السَّبْيِ لِنَفْسِهِ قَالَ بُرَيْدَةُ فَكَتَبَ مَعِي خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم يُخْبِرُهُ بِذَلِكَ فَلَمَّا أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم دَفَعْتُ الْكِتَابَ فَقَرَأَ عَلَيْهِ فَرَأَيْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ هَذَا مَكَانُ الْعَائِذِ بِكَ بَعَثْتَنِي مَعَ رَجُلٍ وَأَمَرْتَنِي بِطَاعَتِهِ فَفَعَلْتُ مَا أَرْسَلْتُ بِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم لَا تَقَعْ فِي عَلِيٍّ فَإِنَّهُ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ وَهُوَ وَلِيُّكُمْ بَعْدِي.

وَمِنْ صَحِيحِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم جَيْشاً وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَمَشَى فِي السَّرِيَّةِ وَأَصَابَ جَارِيَةً فَأَنْكَرُوا عَلَيْهِ وَتَعَاقَدُوا أَرْبَعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَقَالُوا إِذَا لَقِينَا رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم أَخْبَرْنَاهُ بِمَا صَنَعَ عَلِيٌّ وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ إِذَا رَجَعُوا مِنْ سَفَرٍ بَدَءُوا بِرَسُولِ اللهِ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ ثُمَّ انْصَرَفُوا إِلَى رِحَالِهِمْ فَلَمَّا قَدِمْتُ السَّرِيَّةَ سَلَّمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَقَامَ أَحَدُ الْأَرْبَعَةِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ أَلَمْ تَرَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ صَنَعَ كَذَا وَكَذَا فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللهِ فَقَامَ الثَّانِي فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ قَامَ الثَّالِثُ فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ قَامَ الرَّابِعُ فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالُوا فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَالْغَضَبُ يَعْرِفُ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ مَا تُرِيدُونَ مِنْ عَلِيٍّ إِنَّ عَلِيّاً مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ وَهُوَ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ مِنْ بَعْدِي.

وَمِنْ صَحِيحِهِ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ.

وَمِنْهُ رَحِمَ اللهُ عَلِيّاً اللهُمَّ أَدِرِ الْحَقَّ مَعَهُ حَيْثُ دَارَ.

وأنت أيدك الله بلطفه إذا اعتبرت معاني هذه الأحاديث الواردة من هذه الطرق

________________

(١) وفي نسخة «وإذا افترقتما».

٢٩٠

أمكنك معرفة الحق فإن قوله ألست (أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) وقوله وهو ولي كل مؤمن بعدي إلى غير ذلك صريح في إمامته وظاهر في التعيين عليه لا ينكره إلا من يريد دفع الحق بعد ثبوته والتغطية على الصواب بعد بيانه وستر نور الشمس بعد انتشار أشعتها.

شعر

وليس يصح في الأفهام شيء

إذا احتاج النهار إلى دليل

ومن أغرب الأشياء وأعجبها أنهم يقولون إن قوله علیهما السلام في مرضه مروا أبا بكر يصلي بالناس نص خفي في توليته الأمر وتقليده أمر الأمة وهو على تقدير صحته لا يدل على ذلك ومتى سمعوا حديثا في أمر علي علیهما السلام نقلوه عن وجهه وصرفوه عن مدلوله وأخذوا في تأويله بأبعد محتملاته منكبين عن المفهوم من صريحه أو طعنوا في راويه وضعفوه وإن كان من أعيان رجالهم وذوي الأمانة في غير ذلك عندهم هذا مع كون معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة وعمران بن حطان الخارجي وغيرهم من أمثالهم من رجال الحديث عندهم وروايتهم في كتب الصحاح عندهم ثابتة عالية يقطع بها ويعمل عليها في أحكام الشرع وقواعد الدين ومتى روى أحد عن زين العابدين علي بن الحسين وعن ابنه الباقر وابنه الصادق وغيرهم من الأئمة علیهما السلام نبذوا روايته واطرحوها وأعرضوا عنها فلم يسمعوها وقالوا رافضي لا اعتماد على مثله وإن تلطفوا قالوا شيعي ما لنا ولنقله مكابرة للحق وعدولا عنه ورغبة في الباطل وميلا إليه واتباعا لقول من قال (إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ) أو لعلهم رأوا ما جرت الحال عليه أولا من الاستبداد بمنصب الإمامة فقاموا بنصر ذلك محامين عنه غير مظهرين لبطلانه ولا معترفين به استنانا بحمية الجاهلية وهذا مجال طويل لا حاجة بنا إليه.

وَمِنْ مَنَاقِبِ الْخُوَارِزْمِيِّ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم إِنَّ اللهَ لَمَّا خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ دَعَاهُنَّ فَأَجَبْنَهُ فَعَرَضَ عَلَيْهِنَّ نُبُوَّتِي وَوَلَايَةَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَبِلَتَاهُمَا ثُمَّ خَلَقَ اللهُ الْخَلْقَ وَفَوَّضَ إِلَيْنَا أَمْرَ الدِّينِ فَالسَّعِيدُ مَنْ سَعِدَ بِنَا وَالشَّقِيُ

٢٩١

مَنْ شَقِيَ بِنَا نَحْنُ الْمُحِلُّونَ لِحَلَالِهِ وَالْمُحَرَّمُونَ لِحَرَامِهِ.

وَرَوَى الْخَطِيبُ فَخْرُ خُوَارِزْمَ أَيْضاً حَدِيثَ غَدِيرِ خُمٍ وَكَوْنَهُ صلی الله علیه وسلم أَخَذَ بِضَبْعِهِ حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ إِلَى بَيَاضِ إِبْطِهِ ثُمَّ لَمْ يَفْتَرِقَا حَتَّى نَزَلَ (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) الْآيَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم اللهُ أَكْبَرُ عَلَى إِكْمَالِ الدِّينِ وَإِتْمَامِ النِّعْمَةِ وَرِضَا الرَّبِّ بِرِسَالَتِي وَالْوَلَايَةِ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ثُمَّ قَالَ اللهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ وأنشد حسان بن ثابت أبياتا وقد تقدمت.

وَعَنْهُ عَنْ رِجَالِهِ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم لِوَفْدِ ثَقِيفٍ حِينَ جَاءُوهُ لَتُسْلِمُنَّ أَوْ لَيَبْعَثَنَّ اللهُ رَجُلاً مِنِّي أَوْ قَالَ مِثْلَ نَفْسِي فَلَيَضْرِبَنَّ أَعْنَاقَكُمْ وَلَيَسْبِيَنَّ ذَرَارِيَّكُمْ وَلَيَأْخُذَنَّ أَمْوَالَكُمْ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَوَ اللهِ مَا تَمَنَّيْتُ الْإِمَارَةَ إِلَّا يَوْمَئِذٍ جَعَلْتُ أَنْصَبُ صَدْرِي لَهُ رَجَاءَ أَنْ يَقُولَ هُوَ هَذَا قَالَ فَالْتَفَتَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَقَالَ هُوَ هَذَا هُوَ هَذَا.

وَمِنْهُ عَنْ جَابِرٍ قَالَ دَعَا رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم عَلِيّاً يَوْمَ الطَّائِفِ فَانْتَجَاهُ فَقَالَ النَّاسُ لَقَدْ طَالَ نَجْوَاهُ مَعَ ابْنِ عَمِّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَاللهِ مَا أَنَا انْتَجَيْتُهُ وَلَكِنَّ اللهَ انْتَجَاهُ.

وَذَكَرَهُ النَّسَائِيُّ فِي صَحِيحِهِ وَأَوْرَدَهُ التِّرْمِذِيُّ أَيْضاً فِي صَحِيحِهِ وَذَكَرَ بَعْدُ وَلَكِنَّ اللهَ انْتَجَاهُ يَعْنِي أَنَّ اللهَ أَمَرَنِي.

ونقلت من مسند أحمد بن حنبل وقد تكرر هذا الحديث ولكني أوردته حيث جاءت معانيه والفضائل فيه مجموعة في حديث واحد عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ إِنِّي لَجَالِسٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ إِذْ أَتَاهُ تِسْعَةُ رَهْطٍ قَالُوا يَا ابْنَ عَبَّاسٍ إِمَّا أَنْ تَقُومَ مَعَنَا وَإِمَّا أَنْ تَخْلُوَنَا يَا هَؤُلَاءِ قَالَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ بَلْ أَقُومُ مَعَكُمْ قَالَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ صَحِيحٌ قَبْلَ أَنْ يَعْمَى قَالَ فَابْتَدَءُوا فَتَحَدَّثُوا فَلَا نَدْرِي مَا قَالُوا فَجَاءَ يَنْفُضُ ثَوْبَهُ وَيَقُولُ أُفٍّ وَتُفٍّ وَقَعُوا فِي رَجُلٍ لَهُ عَشْرٌ وَقَعُوا فِي رَجُلٍ قَالَ لَهُ النَّبِيُ

٢٩٢

صلى الله عليه وسلم لَأَبْعَثَنَّ رَجُلاً لَا يُخْزِيهِ اللهُ أَبَداً يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ قَالَ فَاسْتَشْرَفَ لَهَا مَنِ اسْتَشْرَفَ قَالَ أَيْنَ عَلِيٌّ قَالُوا هُوَ فِي الرَّحْلِ يَطْحَنُ قَالَ وَمَا كَانَ أَحَدُكُمْ يَطْحَنُ قَالَ فَجَاءَ وَهُوَ أَرْمَدُ الْعَيْنِ لَا يَكَادُ أَنْ يُبْصِرَ شَيْئاً قَالَ فَنَفَثَ فِي عَيْنِهِ ثُمَّ هَزَّ الرَّايَةَ ثَلَاثاً فَأَعْطَاهَا إِيَّاهُ فَجَاءَ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حَيٍّ.

قَالَ ثُمَّ بَعَثَ فُلَاناً بِسُورَةِ التَّوْبَةِ فَبَعَثَ عَلِيّاً علیهما السلام خَلْفَهُ فَأَخَذَهَا مِنْهُ وَقَالَ لَا يَذْهَبُ بِهَا إِلَّا رَجُلٌ هُوَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ.

قَالَ وَقَالَ لِبَنِي عَمِّهِ أَيُّكُمْ يُوَالِينِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ قَالَ وَعَلِيٌّ مَعَهُمْ جَالِسٌ فَأَبَوْا فَقَالَ عَلِيٌّ أَنَا أُوَالِيكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ قَالَ فَتَرَكَهُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَقَالَ أَيُّكُمْ يُوَالِينِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَأَبَوْا فَقَالَ عَلِيٌّ أَنَا أُوَالِيكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَقَالَ (أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) قَالَ وَكَانَ عَلِيٌّ علیهما السلام أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ النَّاسِ مَعَهُ بَعْدَ خَدِيجَةَ.

قَالَ وَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم ثَوْبَهُ فَوَضَعَهُ عَلَى عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَحَسَنٍ وَحُسَيْنٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمْ فَقَالَ (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً).

قَالَ وَشَرَى عَلِيٌّ نَفْسَهُ وَلَبِسَ ثَوْبَ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم ثُمَّ نَامَ مَكَانَهُ قَالَ وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَرْمُونَ رَسُولَ اللهِ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ رَحِمَهُ اللهُ وَعَلِيٌّ نَائِمٌ وَأَبُو بَكْرٍ يَحْسَبُ أَنَّهُ نَبِيُّ اللهِ قَالَ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللهِ قَالَ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ إِنَّ نَبِيَّ اللهِ قَدِ انْطَلَقَ نَحْوَ بِئْرِ مَيْمُونٍ فَأَدْرَكَهُ فَانْطَلَقَ أَبُو بَكْرٍ فَدَخَلَ مَعَهُ الْغَارَ قَالَ وَجَعَلَ عَلِيٌّ يُرْمَى بِالْحِجَارَةِ كَمَا كَانَ يُرْمَى نَبِيُّ اللهِ وَهُوَ يَتَضَوَّرُ (١) وَقَدْ لَفَّ رَأْسَهُ فِي الثَّوْبِ لَا يُخْرِجُهُ حَتَّى أَصْبَحَ ثُمَّ كَشَفَ عَنْ رَأْسِهِ فَقَالُوا إِنَّكَ لَلَئِيمٌ كَانَ صَاحِبُكَ نَرْمِيهِ وَلَا يَتَضَوَّرُ وَأَنْتَ تَتَضَوَّرُ وَقَدِ اسْتَنْكَرْنَا ذَلِكَ.

قَالَ وَخَرَجَ بِالنَّاسِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ قَالَ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ أَخْرُجُ مَعَكَ فَقَالَ لَهُ نَبِيُّ اللهِ صلی الله علیه وسلم لَا فَبَكَى عَلِيٌّ علیهما السلام فَقَالَ لَهُ أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ

________________

(١) مرّ معناه غير مرة.

٢٩٣

لِوَائِي وَهُوَ لِوَاءُ الْحَمْدِ فَتَسِيرُ بِهِ بَيْنَ السِّمَاطَيْنِ آدَمُ وَجَمِيعُ الْخَلْقِ يَسْتَظِلُّونَ بِظِلِ مِنْ مُوسَى علیهما السلام إِلَّا أَنَّكَ لَسْتَ بِنَبِيٍّ لَا يَنْبَغِي أَنْ أَذْهَبَ إِلَّا وَأَنْتَ خَلِيفَتِي.

قَالَ وَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم أَنْتَ وَلِيِّي فِي كُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ بَعْدِي.

قَالَ وَسُدَّ أَبْوَابُ الْمَسْجِدِ غَيْرُ بَابِ عَلِيٍّ قَالَ فَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ جُنُباً وَهُوَ طَرِيقُهُ لَيْسَ لَهُ طَرِيقٌ غَيْرُهُ.

قَالَ وَقَالَ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَإِنَّ مَوْلَاهُ عَلِيٌ وذكر أنه كان بدريا.

قلت وهي فضيلة شاركه فيها غيره ممن شهد بدرا والباقيات تفرد بهن علیهما السلام وقد أوردنا هذا الحديث فيما تقدم من مسند أحمد أيضا وتبعناه في إيراده مرتين لاختلاف رواته والحديث إذا أورده جماعة كان الوثوق به أشد والاعتماد على صحته أقوى.

وَمِنْ مَنَاقِبِ الْخُوَارِزْمِيِّ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام قَالَ دَخَلْتُ عَلَى نَبِيِّ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَهُوَ مَرِيضٌ فَإِذَا رَأْسُهُ فِي حَجْرِ رَجُلٍ أَحْسَنِ مَا رَأَيْتَ مِنَ الْخَلْقِ وَالنَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم نَائِمٌ فَلَمَّا دَخَلْتُ إِلَيْهِ قَالَ الرَّجُلُ ادْنُ إِلَى ابْنِ عَمِّكَ فَأَنْتَ أَحَقُّ بِهِ مِنِّي فَدَنَوْتُ مِنْهُمَا فَقَامَ الرَّجُلُ وَجَلَسْتُ مَكَانَهُ وَوَضَعْتُ رَأْسَ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم فِي حَجْرِي كَمَا كَانَ فِي حَجْرِ الرَّجُلِ فَمَكَثَ سَاعَةً ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم اسْتَيْقَظَ فَقَالَ أَيْنَ الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ رَأْسِي فِي حَجْرِهِ فَقُلْتُ لَمَّا دَخَلْتُ عَلَيْكَ دَعَانِي ثُمَّ قَالَ ادْنُ إِلَى ابْنِ عَمِّكَ فَأَنْتَ أَحَقُّ بِهِ مِنِّي ثُمَّ قَالَ فَجَلَسْتُ مَكَانَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم فَهَلْ تَدْرِي مَنِ الرَّجُلُ فَقُلْتُ لَا بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي فَقَالَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم ذَاكَ جَبْرَئِيلُ علیهما السلام كَانَ يُحَدِّثُنِي حَتَّى خَفَّ عَلَيَّ وَجَعِي (١) وَنِمْتُ وَرَأْسِي فِي حَجْرِهِ.

وَمِنْ كِتَابِ الْمَنَاقِبِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم آخَى بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ قَالَ يَا عَلِيُّ أَنْتَ أَخِي وَأَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى غَيْرَ أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي أَمَا عَلِمْتَ يَا عَلِيُّ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ يُدْعَى بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُدْعَى بِي قَالَ فَأَقُومُ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ فِي ظِلِّهِ فَأُكْسَى حُلَّةً خَضْرَاءَ مِنْ حُلَلِ الْجَنَّةِ أَلَا وَإِنِّي أُخْبِرُكَ يَا عَلِيُّ أَنَّ أُمَّتِي أَوَّلُ الْأُمَمِ يُحَاسَبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ أَنْتَ أَوَّلُ مَنْ يُدْعَى لِقَرَابَتِكَ مِنِّي وَمَنْزِلَتِكَ عِنْدِي وَيُدْفَعُ إِلَيْكَ

________________

(١) وفي نسخة «خف عنى».

٢٩٤

لِوَائِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَطُولُهُ مَسِيرَةَ أَلْفِ سَنَةٍ سِنَانُهُ يَاقُوتَةٌ حَمْرَاءُ قَضِيبُهُ فِضَّةٌ بَيْضَاءُ وَزَجُّهُ (١) دُرَّةٌ خَضْرَاءُ أَوَّلُهُ ثَلَاثُ ذَوَائِبَ مِنْ نُورٍ ذُؤَابَةٌ فِي الْمَشْرِقِ وَذُؤَابَةٌ فِي الْمَغْرِبِ وَالثَّالِثَةُ وَسَطُ الدُّنْيَا مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَسْطُرٍ :

الْأَوَّلُ (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) وَالثَّانِي (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) وَالثَّالِثُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ طُولُ كُلِّ سَطْرٍ مَسِيرَةَ أَلْفِ سَنَةٍ وَتَسِيرُ بِلِوَائِي وَالْحَسَنُ عَنْ يَمِينِكَ وَالْحُسَيْنُ عَنْ يَسَارِكَ حَتَّى تَقِفَ بَيْنِي وَبَيْنَ إِبْرَاهِيمَ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ ثُمَّ تُكْسَى حُلَّةً خَضْرَاءَ مِنَ الْجَنَّةِ ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ نِعْمَ الْأَبُ أَبُوكَ إِبْرَاهِيمُ وَنِعْمَ الْأَخُ أَخُوكَ عَلِيٌّ أَبْشِرْ يَا عَلِيُّ أَبْشِرْ يَا عَلِيُّ إِنَّكَ تُكْسَى إِذَا كُسِيتُ وَتُدْعَى إِذَا دُعِيتُ وَتُحَيَّا إِذَا حُيِّيتُ.

وَعَنْ كِتَابِ الْمَنَاقِبِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لَحْمُهُ مِنْ لَحْمِي وَدَمُهُ مِنْ دَمِي وَهُوَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى غَيْرَ أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي وَقَالَ يَا أُمَّ سَلَمَةَ اسْمَعِي وَاشْهَدِي هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَسَيِّدُ الْمُسْلِمِينَ وَعَيْبَةُ عِلْمِي وَبَابِيَ الَّذِي أُوتَى مِنْهُ وَأَخِي فِي الدُّنْيَا وَخِدْنِي فِي الْآخِرَةِ (٢) وَمَعِي فِي السَّنَامِ الْأَعْلَى.

وَمِنْهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَرْثِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيٍّ علیهما السلام قَالَ مَرِضْتُ مَرَضاً فَعَادَنِي رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَدَخَلَ عَلَيَّ وَأَنَا مُضْطَجِعٌ فَأَتَى إِلَى جَنْبِي ثُمَّ سَجَّانِي بِثَوْبِهِ (٣) فَلَمَّا رَآنِي قَدْ ضَعُفْتُ قَامَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَصَلَّى فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ جَاءَ فَرَفَعَ الثَّوْبَ عَنِّي ثُمَّ قَالَ قُمْ يَا عَلِيُّ فَقَدْ بَرَأْتَ فَقُمْتُ كَأَنِّي مَا اشْتَكَيْتُ قَبْلَ ذَلِكَ فَقَالَ مَا سَأَلْتُ رَبِّي شَيْئاً إِلَّا أَعْطَانِي وَمَا سَأَلْتُ شَيْئاً إِلَّا سَأَلْتُ لَكَ.

وَمِنْهُ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم أَنَا وَعَلِيٌّ مِنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ وَالنَّاسُ مِنْ أَشْجَارٍ شَتَّى.

وَمِنْهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَوْمَ الْخَنْدَقِ اللهُمَّ إِنَّكَ أَخَذْتَ مِنِّي عُبَيْدَةَ بْنَ الْحَارِثِ

________________

(١) الزج ـ بالضم ـ : الحديدة التي في أسفل الرمح.

(٢) الخدن ـ بكسر الخاء وسكون الدال ـ : الصاحب. الحبيب. الرفيق. الصديق.

(٣) أي غطانى به.

٢٩٥

يَوْمَ بَدْرٍ وَحَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَوْمَ أُحُدٍ وَهَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَ (لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ).

وَمِنْهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم عَلِيٌّ مِنِّي مِثْلُ رَأْسِي مِنْ بَدَنِي وَمِنْهُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم مَكْتُوبٌ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَخُو رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِأَلْفَيْ عَامٍ.

وَمِنْهُ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ حَبِيبِي الْمُصْطَفَى مُحَمَّداً صلی الله علیه وسلم يَقُولُ كُنْتُ أَنَا وَعَلِيٌّ نُوراً بَيْنَ يَدَيِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مُطِيفاً يُسَبِّحُ اللهَ ذَلِكَ النُّورُ وَيُقَدِّسُهُ قَبْلَ أَنْ يُخْلَقَ آدَمُ بِأَرْبَعَةِ عَشَرَ أَلْفَ عَامٍ فَلَمَّا خَلَقَ اللهُ تَعَالَى آدَمَ رَكَّبَ ذَلِكَ النُّورَ فِي صُلْبِهِ فَلَمْ يَزَلْ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ حَتَّى افْتَرَقْنَا فِي صُلْبِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَجُزْءٌ أَنَا وَجُزْءٌ عَلِيٌ.

وَمِنْهُ بِالْإِسْنَادِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ علیهما السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم كُنْتُ أَنَا وَعَلِيٌّ نُوراً بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تَعَالَى مِنْ قَبْلِ أَنْ يُخْلَقَ آدَمُ بِأَرْبَعَةِ عَشَرَ أَلْفَ سَنَةٍ فَلَمَّا خَلَقَ اللهُ تَعَالَى آدَمَ سَلَكَ ذَلِكَ النُّورَ فِي صُلْبِهِ فَلَمْ يَزَلِ اللهُ يَنْقُلُهُ مِنْ صُلْبٍ إِلَى صُلْبٍ حَتَّى أَقَرَّهُ فِي صُلْبِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْ صُلْبِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَسَمَهُ قِسْمَيْنِ قِسْماً فِي صُلْبِ عَبْدِ اللهِ وَقِسْماً فِي صُلْبِ أَبِي طَالِبٍ فَعَلِيٌّ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ لَحْمُهُ مِنْ لَحْمِي وَدَمِي مِنْ دَمِهِ فَمَنْ أَحَبَّهُ فَبِحُبِّي أَحَبَّهُ وَمَنْ أَبْغَضَهُ فَبِبُغْضِي أَبْغَضَهُ.

وَمِنْهُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم وَكَانَتْ أَلْطَفَ نِسَائِهِ وَأَشَدَّهُنَّ لَهُ حُبّاً قَالَ وَكَانَ لَهَا مَوْلًى يَحْضَنُهَا وَرَبَّاهَا وَكَانَ لَا يُصَلِّي صَلَاةً إِلَّا سَبَّ عَلِيّاً وَشَتَمَهُ فَقَالَتْ يَا أَبَةِ مَا حَمَلَكَ عَلَى سَبِّ عَلِيٍّ قَالَ لِأَنَّهُ قَتَلَ عُثْمَانَ وَشَرِكَ فِي دَمِهِ قَالَتْ أَمَا إِنَّهُ لَوْ لَا أَنَّكَ مَوْلَايَ وَرَبَّيْتَنِي وَأَنَّكَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ وَالِدِي مَا حَدَّثْتُكَ بِسِرِّ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَلَكِنِ اجْلِسْ حَتَّى أُحَدِّثَكَ عَنْ عَلِيٍّ وَمَا رَأَيْتُهُ :

أَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَكَانَ يَوْمِي وَإِنَّمَا كَانَ يُصِيبُنِي فِي تِسْعَةِ أَيَّامٍ يَوْمٌ وَاحِدٌ فَدَخَلَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم وَهُوَ مُخَلِّلٌ أَصَابِعَهُ فِي أَصَابِعِ عَلِيٍّ وَاضِعاً يَدَهُ عَلَيْهِ فَقَالَ يَا أُمَّ سَلَمَةَ اخْرُجِي مِنَ الْبَيْتِ وَأَخْلِيهِ لَنَا فَخَرَجْتُ وَأَقْبَلَا يَتَنَاجَيَانِ فَأَسْمَعُ الْكَلَامَ وَلَا أَدْرِي مَا يَقُولَانِ حَتَّى إِذَا قُلْتُ قَدِ انْتَصَفَ النَّهَارُ

٢٩٦

وَأَقْبَلْتُ فَقُلْتُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَلِجُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم لَا تَلِجِي وَارْجِعِي مَكَانَكِ ثُمَّ تَنَاجَيَا طَوِيلاً حَتَّى قَامَ عَمُودُ الظُّهْرِ فَقُلْتُ ذَهَبَ يَوْمِي وَشَغَلَهُ عَلِيٌّ فَأَقْبَلْتُ أَمْشِي حَتَّى وَقَفْتُ عَلَى الْبَابِ فَقُلْتُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَلِجُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم لَا تَلِجِي فَرَجَعْتُ فَجَلَسْتُ مَكَانِي حَتَّى إِذَا قُلْتُ قَدْ زَالَتِ الشَّمْسُ الْآنَ يَخْرُجُ إِلَى الصَّلَاةِ فَيَذْهَبُ يَوْمِي وَلَمْ أَرَ قَطُّ أَطْوَلَ مِنْهُ فَأَقْبَلْتُ أَمْشِي حَتَّى وَقَفْتُ فَقُلْتُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَلِجُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم نَعَمْ فَلِجِي فَدَخَلْتُ وَعَلِيٌّ وَاضِعٌ يَدَهُ عَلَى يَدِ رُكْبَتَيْ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم قَدْ أَدْنَى فَاهُ مِنْ أُذُنِ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم وَفَمُ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم عَلَى أُذُنِ عَلِيٍّ وَهُمَا يَتَسَارَّانِ وَعَلِيٌّ يَقُولُ أَفَأَمْضِي وَأَفْعَلُ وَالنَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ نَعَمْ.

فَدَخَلْتُ وَعَلِيٌّ مُعْرِضٌ وَجْهَهُ حَتَّى دَخَلْتُ وَخَرَجَ فَأَخَذَنِي رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَأَقْعَدَنِي فِي حَجْرِهِ فَالْتَزَمَنِي فَأَصَابَ مَا يُصِيبُ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِهِ مِنَ اللُّطْفِ وَالِاعْتِذَارِ ثُمَّ قَالَ يَا أُمَّ سَلَمَةَ لَا تَلُومِينِي فَإِنَّ جَبْرَئِيلَ أَتَانِي مِنَ اللهِ بِأَمْرٍ أَنْ أُوصِيَ بِهِ عَلِيّاً بِمَا هُوَ كَائِنٌ بَعْدِي وَكُنْتُ جَالِساً بَيْنَ جَبْرَئِيلَ وَعَلِيٍّ وَجَبْرَئِيلُ عَنْ يَمِينِي وَعَلِيٌّ عَنْ شِمَالِي فَأَمَرَنِي جَبْرَئِيلُ أَنْ آمُرَ عَلِيّاً بِمَا هُوَ كَائِنٌ بَعْدِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَأَعْذِرِي وَلَا تَلُومِينِي إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ اخْتَارَ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ نَبِيّاً وَاخْتَارَ لِكُلِّ نَبِيٍّ وَصِيّاً فَأَنَا نَبِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَعَلِيٌّ وَصِيِّي فِي عِتْرَتِي وَأَهْلِ بَيْتِي وَأُمَّتِي مِنْ بَعْدِي فَهَذَا مَا شَهِدْتُ مِنْ أَمْرِ عَلِيٍّ الْآنَ يَا أَبَتَاهْ فَسُبَّهُ أَوْ فَدَعْهُ فَأَقْبَلَ أَبُوهَا يُنَاجِي اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ اللهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا جَهِلْتُ مِنْ أَمْرِ عَلِيٍّ فَإِنَّ وَلِيِّي وَلِيُّ عَلِيٍّ وَعَدُوِّي عَدُوُّ عَلِيٍّ فَتَابَ الْمَوْلَى تَوْبَةً نَصُوحاً وَأَقْبَلَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ دَهْرِهِ يَدْعُو اللهَ تَعَالَى أَنْ يَغْفِرَ لَهُ.

وَمِنَ الْمَنَاقِبِ عَنْ عَلِيٍّ علیهما السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم أَتَانِي جَبْرَئِيلُ وَقَدْ نَشَرَ جَنَاحَيْهِ فَإِذَا فِيهَا مَكْتُوبٌ عَلَى أَحَدِهِمَا لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ النَّبِيُّ وَمَكْتُوبٌ عَلَى الْآخَرِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ عَلِيٌّ الْوَصِيُ.

وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ عَنِ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم أَنَّهُ قَالَ لِعَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَحَسَنٍ وَحُسَيْنٍ أَنَا حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكُمْ وَسِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكُمْ.

٢٩٧

قُلْتُ رَوَاهُ الْخُوَارِزْمِيُّ بِسَنَدِهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ عَنِ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم لِمَنْ حَارَبْتُمْ وَلِمَنْ سَالَمْتُمْ بِالتَّاءِ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ نَظَرَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم إِلَى عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ صلی الله علیه وسلم فَقَالَ أَنَا حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكُمْ سِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكُمْ بِالْكَافِ.

وَمِنْ مُسْنَدِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللهُ عَنْ رِيَاحِ بْنِ الْحَرْثِ قَالَ جَاءَ رَهْطٌ إِلَى عَلِيٍّ علیهما السلام بِالرَّحْبَةِ فَقَالُوا السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مَوْلَانَا قَالَ كَيْفَ أَكُونُ مَوْلَاكُمْ وَأَنْتُمْ قَوْمُ عَرَبٍ قَالُوا سَمِعْنَا رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ يَقُولُ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَإِنَّ هَذَا مَوْلَاهُ قَالَ رِيَاحٌ فَلَمَّا مَضَوْا اتَّبَعْتُهُمْ فَسَأَلْتُ مَنْ هَؤُلَاءِ قَالُوا نَفَرٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فِيهِمْ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُ.

وَمِنْ مَنَاقِبِ الْخُوَارِزْمِيِ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ أَسْنَدَ ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ هَلُمُّوا أُحَدِّثْكُمْ عَنْ نَبِيِّكُمْ صلی الله علیه وسلم سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ لِعَلِيٍّ ثَلَاثٌ لَأَنْ تَكُونَ لِي وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ لِعَلِيٍّ اللهُمَّ أَعِنْهُ وَاسْتَعِنْ بِهِ اللهُمَّ انْصُرْهُ وَانْتَصِرْ بِهِ فَإِنَّهُ عَبْدُكَ وَأَخُو رَسُولِكَ.

قَالَ وَرَوَى النَّاصِرُ لِلْحَقِّ بِإِسْنَادِهِ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ قَالَ لَمَّا قَدِمَ عَلِيٌّ علیهما السلام عَلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم بِفَتْحِ خَيْبَرَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم لَوْ لَا أَنْ تَقُولَ فِيكَ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي مَا قَالَتِ النَّصَارَى فِي الْمَسِيحِ لَقُلْتُ الْيَوْمَ فِيكَ مَقَالاً لَا تَمُرُّ بِمَلَإٍ إِلَّا أَخَذُوا التُّرَابَ مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْكَ وَمِنْ فَضْلِ طَهُورِكَ يَسْتَشْفُونَ بِهِ وَلَكِنْ حَسْبُكَ أَنْ تَكُونَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ تَرِثُنِي وَأَرِثُكَ وَأَنَّكَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي وَأَنَّكَ تُبْرِئُ ذِمَّتِي وَتُقَاتِلُ عَلَى سُنَّتِي وَأَنَّكَ فِي الْآخِرَةِ غَداً أَقْرَبُ النَّاسِ مِنِّي وَأَنَّكَ أَوَّلُ مَنْ يَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ وَأَوَّلُ مَنْ يُكْسَى مَعِي وَأَوَّلُ دَاخِلٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ أُمَّتِي وَأَنَّ شِيعَتَكَ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ وَأَنَّ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِكَ وَفِي قَلْبِكَ وَبَيْنَ عَيْنَيْكَ.

" الْآثَارُ عَنْ سَالِمٍ قَالَ قِيلَ لِعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ نَرَاكَ تَصْنَعُ بِعَلِيٍّ شَيْئاً لَا تَصْنَعُهُ

٢٩٨

بِأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم قَالَ إِنَّهُ مَوْلَايَ

وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیهما السلام قَالَ جَاءَ أَعْرَابِيَّانِ إِلَى عُمَرَ يَخْتَصِمَانِ فَقَالَ عُمَرُ يَا أَبَا الْحَسَنِ اقْضِ بَيْنَهُمَا فَقَضَى عَلَى أَحَدِهِمَا فَقَالَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا يَقْضِي بَيْنَنَا فَوَثَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ فَأَخَذَ بِتَلْبِيبِهِ وَلَبَّبَهُ ثُمَّ قَالَ وَيْحَكَ مَا تَدْرِي مَنْ هَذَا هَذَا مَوْلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَوْلَاهُ فَلَيْسَ بِمُؤْمِنٍ.

يقال لببت الرجل تلبيبا إذا جمعت ثيابه عند صدره ونحره في الخصومة ثم جررته

عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ قَالَ اجْتَمَعَ عِنْدَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ فِيهِمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَتَذَاكَرُوا الشَّرَفَ وَعَلِيٌّ علیهما السلام سَاكِتٌ فَقَالَ عُمَرُ مَا لَكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ سَاكِتاً وَكَأَنَّ عَلِيّاً علیهما السلام كَرِهَ الْكَلَامَ فَقَالَ عُمَرُ لَتَقُولَنَّ يَا أَبَا الْحَسَنِ فَقَالَ عَلِيٌّ علیهما السلام :

اللهُ أَكْرَمَنَا بِنَصْرِ نَبِيِّهِ

وَبِنَا أَعَزَّ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ

فِي كُلِّ مُعْتَرَكٍ تُزِيلُ سُيُوفُنَا

فِيهِ الْجَمَاجِمَ عَنْ فِرَاخِ الْهَامِ (١)

وَيَزُورُنَا جِبْرِيلُ فِي أَبْيَاتِنَا

بِفَرَائِضِ الْإِسْلَامِ وَالْأَحْكَامِ

فَنَكُونُ أَوَّلَ مُسْتَحِلٍّ حِلَّهُ

وَمُحَرِّمٌ لِلَّهِ كُلَّ حَرَامٍ

نَحْنُ الْخِيَارُ مِنَ الْبَرِيَّةِ كُلِّهَا

وَنِظَامُهَا وَزِمَامُ كُلِّ زِمَامٍ

إِنَّا لَنَمْنَعُ مَنْ أَرَدْنَا مَنْعَهُ

وَنُقِيمُ رَأْسَ الْأَصْيَدِ الْقَمْقَامِ

وَتَرُدُّ عَادِيَةَ الْخَمِيسِ سُيُوفُنَا

فَالْحَمْدُ لِلرَّحْمَنِ ذِي الْإِنْعَامِ

 [الصيد بالتحريك مصدر الأصيد وهو الذي يرفع رأسه كبرا ومنه قيل للملك أصيد وأصله داء يصيب البعير فيرفع رأسه وإنما قيل للملك لأنه لا يلتفت يمينا وشمالا وكذلك الذي لا يستطيع الالتفات من داء يقول منه صيد بكسر الياء والقمقام السيد وكذلك القماقم والخميس الجيش وعاديته ظلمه وجوره وشره]

________________

(١) المعترك : موضع القتال والجدال. والجماجم جمع الجمجمة. والهام : الرأس.

٢٩٩

وقال السيد الحميري ره

يا بايع الدين بدنياه

ليس بهذا أمر الله

من أين أبغضت علي الرضا

وأحمد قد كان يرضاه

من الذي أحمد من بينهم

يوم غدير الخم ناداه

أقامه من بين أصحابه

وهم حواليه وسماه

هذا علي بن أبي طالب

مولى لمن قد كنت مولاه

فوال من والاه يا ذا العلى

وعاد من قد كان عاداه

ولبديع الزمان أبي الفضل أحمد بن الحسين الهمداني

يا دار منتجع الرسالة

بيت مختلف الملائك

يا ابن الفواطم والعواتك

والترائك والأرائك (١)

أنا حائك إن لم أكن

مولى ولائك وابن حائك

في بيان أمر سورة براءة وكون النبي صلی الله علیه وسلم أمر عليا

عليه السلام بتبليغها

نَقَلْتُ مِنْ مُسْنَدِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ مَرْفُوعاً إِلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم بَعَثَهُ بِبَرَاءَةَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ لَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ وَلَا تَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم مُدَّةٌ فَأَجَلُهُ إِلَى مُدَّتِهِ وَاللهُ (بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ) قَالَ فَسَارَ بِهَا ثَلَاثاً ثُمَّ قَالَ لِعَلِيٍّ علیهما السلام الْحَقْه فَرُدَّ يَا عَلِيُّ أَبَا بَكْرٍ وَبَلِّغْهَا أَنْتَ قَالَ فَفَعَلَ قَالَ فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ علیهما السلام أَبُو بَكْرٍ بَكَى وَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ حَدَثَ فِيَّ شَيْءٌ قَالَ مَا حَدَثَ فِيكَ إِلَّا خَيْرٌ وَلَكِنْ أُمِرْتُ أَنْ لَا يُبَلِّغَهُ إِلَّا أَنَا أَوْ رَجُلٌ مِنِّي وقد تقدم ذكر هذا وأمثاله وهو مشهور فلا حاجة بنا إلى التطويل وتعديد الرواة والروايات

________________

(١) الترائك جمع تريكة : الروضة.

٣٠٠