كشف الغمّة في معرفة الأئمّة - ج ١

أبي الحسن علي بن عيسى بن أبي الفتح الاربلي

كشف الغمّة في معرفة الأئمّة - ج ١

المؤلف:

أبي الحسن علي بن عيسى بن أبي الفتح الاربلي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مكتبة بني هاشمي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩٤
الجزء ١ الجزء ٢

في بيان ما نزل من القرآن في شأنه عليه السلام

نَقَلْتُ مِنْ مَنَاقِبِ أَبِي الْمُؤَيَّدِ الْخُوَارِزْمِيِّ رَحِمَهُ اللهُ يَرْفَعُهُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ أَقْبَلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَّامٍ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ قَوْمِهِ مِمَّنْ قَدْ آمَنُوا بِالنَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ مَنَازِلَنَا بَعِيدَةٌ لَيْسَ لَنَا مَجْلِسٌ وَلَا مُتَحَدِّثٌ دُونَ هَذَا الْمَجْلِسِ وَإِنَّ قَوْمَنَا لَمَّا رَأَوْنَا آمَنَّا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَصَدَّقْنَاهُ رَفَضُونَا وَآلُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنْ لَا يُجَالِسُونَا وَلَا يُنَاكِحُونَا وَلَا يُكَلِّمُونَا فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْنَا فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) (١).

ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ وَالنَّاسُ بَيْنَ قَائِمٍ وَرَاكِعٍ وَبَصُرَ بِسَائِلٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم هَلْ أَعْطَاكَ أَحَدٌ شَيْئاً قَالَ نَعَمْ خَاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم مَنْ أَعْطَاكَهُ قَالَ ذَلِكَ الْقَائِمُ وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ علیهما السلام فَقَالَ صلی الله علیه وسلم عَلَى أَيِّ حَالٍ أَعْطَاكَ قَالَ أَعْطَانِي وَهُوَ رَاكِعٌ فَكَبَّرَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم ثُمَّ قَرَأَ (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ) (٢) وَأَنْشَأَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يَقُولُ

أَبَا حَسَنٍ تَفْدِيكَ نَفْسِي وَمُهْجَتِي

وَكُلُّ بَطِيءٍ فِي الْهُدَى وَمُسَارِعٌ

أَيَذْهَبُ مَدْحِي وَالْمُحَبَّرُ ضَائِعٌ (٣)

وَمَا الْمَدْحُ فِي جَنْبِ الْإِلَهِ بِضَائِعٍ

فَأَنْتَ الَّذِي أَعْطَيْتَ إِذْ كُنْتَ رَاكِعاً

فَدَتْكَ نُفُوسُ الْقَوْمِ يَا خَيْرَ رَاكِعٍ

فَأَنْزَلَ فِيكَ اللهُ خَيْرَ وَلَايَةٍ

وَبَيَّنَهَا فِي مُحْكَمَاتِ الشَّرَائِعِ

وَمِنَ الْمَنَاقِبِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ شَرَاحِيلَ الْأَنْصَارِيِّ كَاتِبِ عَلِيٍّ علیهما السلام قَالَ سَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُولُ حَدَّثَنِي رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَأَنَا مُسْنِدُهُ إِلَى صَدْرِي فَقَالَ أَيْ عَلِيُّ أَلَمْ تَسْمَعْ

________________

(١) المائدة : ٥٥.

(٢) المائدة : ٥٦.

(٣) حبر الشعر ـ بتشديد الباء ـ : حسنه وزينه.

٣٠١

قَوْلَ اللهِ تَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) (١) هُمْ أَنْتَ وَشِيعَتُكَ وَمَوْعِدِي وَمَوْعِدُكُمُ الْحَوْضَ إِذَا جَثَتِ الْأُمَمُ لِلْحِسَابِ يُدْعَوْنَ غُرّاً مُحَجَّلِينَ.

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم مَا أَنْزَلَ اللهُ آيَةً وَفِيهَا (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) إِلَّا وَعَلِيٌّ رَأْسُهَا وَأَمِيرُهَا.

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَقَدْ ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ مُفَسِّرِي الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً) (٢) قَالَ مَرِضَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ فَعَادَهُمَا جَدُّهُمَا رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا وَعَادَهُمَا عَامَّةُ الْعَرَبِ فَقَالُوا يَا أَبَا الْحَسَنِ لَوْ نَذَرْتَ عَلَى وَلَدَيْكَ نَذْراً وَكُلُّ نَذْرٍ لَا يَكُونُ لَهُ وَفَاءٌ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ فَقَالَ عَلِيٌّ علیهما السلام إِنْ بَرَأَ وَلَدَايَ مِمَّا بِهِمَا صُمْتُ لِلَّهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ شُكْراً.

وَقَالَتْ فَاطِمَةُ علیهما السلام إِنْ بَرَأَ وَلَدَايَ مِمَّا بِهِمَا صُمْتُ لِلَّهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ شُكْراً وَقَالَتْ جَارِيَةٌ يُقَالُ لَهَا فِضَّةُ إِنْ بَرَأَ سَيِّدَايَ مِمَّا بِهِمَا صُمْتُ لِلَّهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ شُكْراً فَأُلْبِسَ الْغُلَامَانِ الْعَافِيَةَ وَلَيْسَ عِنْدَ آلِ مُحَمَّدٍ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ فَانْطَلَقَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیهما السلام إِلَى شَمْعُونَ الْخَيْبَرِيِّ وَكَانَ يَهُودِيّاً فَاسْتَقْرَضَ مِنْهُ ثَلَاثَةَ أَصْوُعٍ مِنْ شَعِيرٍ.

وَفِي حَدِيثِ الْمُزَنِيِّ عَنِ ابْنِ مِهْرَانَ الْبَاهِلِيِّ فَانْطَلَقَ إِلَى جَارٍ لَهُ مِنَ الْيَهُودِ يُعَالِجُ الصُّوفَ يُقَالُ لَهُ شَمْعُونُ بْنُ حَانَا فَقَالَ لَهُ هَلْ لَكَ أَنْ تُعْطِيَنِي جِزَّةً مِنْ صُوفٍ تَغْزِلُهَا لَكَ بِنْتُ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه وسلم بِثَلَاثَةِ أَصْوُعٍ مِنْ شَعِيرٍ قَالَ نَعَمْ فَأَعْطَاهُ فَجَاءَ بِالصُّوفِ وَالشَّعِيرِ فَأَخْبَرَ فَاطِمَةَ بِذَلِكَ فَقَبِلَتْ وَأَطَاعَتْ.

قَالُوا فَقَامَتْ فَاطِمَةُ علیهما السلام إِلَى صَاعٍ فَطَحَنَتْهُ وَاخْتَبَزَتْ مِنْهُ خَمْسَةَ أَقْرَاصٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قُرْصٌ وَصَلَّى عَلِيٌّ علیهما السلام الْمَغْرِبَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم ثُمَّ أَتَى الْمَنْزِلَ فَوُضِعَ الطَّعَامُ بَيْنَ يَدَيْهِ إِذْ أَتَاهُمْ مِسْكِينٌ فَوَقَفَ بِالْبَابِ وَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ بَيْتِ مُحَمَّدٍ مِسْكِينٌ مِنْ مَسَاكِينِ الْمُسْلِمِينَ أَطْعِمُونِي أَطْعَمَكُمُ اللهُ مِنْ مَوَائِدِ الْجَنَّةِ فَسَمِعَهُ عَلِيٌّ فَقَالَ :

________________

(١) البينة : ٧.

(٢) الإنسان : ٧.

٣٠٢

فَاطِمُ ذَاتَ الْمَجْدِ وَالْيَقِينِ  

 

يَا بِنْتَ خَيْرِ النَّاسِ أَجْمَعِينَ  

أَمَا تَرَيْنَ الْبَائِسَ الْمِسْكِينَ  

 

قَدْ قَامَ بِالْبَابِ لَهُ حَنِينٌ  

يَشْكُو إِلَى اللهِ وَيَسْتَكِينَ  

 

يَشْكُو إِلَيْنَا جَائِعاً حَزِينٌ  

كُلُّ امْرِئٍ بِكَسْبِهِ رَهِينٌ  

 

وَفَاعِلُ الْخَيْرَاتِ يَسْتَبِينُ  

مَوْعِدُهُ جَنَّةُ عِلِّيِّينَ  

 

حَرَّمَهَا اللهُ عَلَى الضَّنِينِ  

وَلِلْبَخِيلِ مَوْقِفٌ مُهِينٌ  

 

تَهْوِي بِهِ النَّارُ إِلَى سِجِّينٍ  

شَرَابُهُ الْحَمِيمُ وَالْغِسْلِينُ

فَقَالَتْ فَاطِمَةُ ع

أَمْرُكَ يَا ابْنَ عَمِّ سَمْعُ طَاعَةٍ  

 

مَا بِيَ مِنْ لُؤْمٍ وَلَا ضَرَاعَةٍ  

وَأَعْطَوْهُ الطَّعَامَ وَمَكَثُوا يَوْمَهُمْ وَلَيْلَتَهُمْ لَمْ يَذُوقُوا إِلَّا الْمَاءَ الْقَرَاحَ فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِي طَحَنَتْ فَاطِمَةُ علیهما السلام صَاعاً وَاخْتَبَزَتْهُ وَأَتَى عَلِيٌّ علیهما السلام مِنَ الصَّلَاةِ وَوُضِعَ الطَّعَامُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَأَتَاهُمْ يَتِيمٌ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ بَيْتِ مُحَمَّدٍ يَتِيمٌ مِنْ أَوْلَادِ الْمُهَاجِرِينَ اسْتُشْهِدَ وَالِدِي يَوْمَ الْعَقَبَةِ أَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمُ اللهُ عَلَى مَوَائِدِ الْجَنَّةِ فَسَمِعَهُ عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ علیهما السلام فَأَعْطَوْهُ الطَّعَامَ وَمَكَثُوا يَوْمَيْنِ وَلَيْلَتَيْنِ لَمْ يَذُوقُوا إِلَّا الْمَاءَ الْقَرَاحَ.

فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ قَامَتْ فَاطِمَةُ علیهما السلام إِلَى الصَّاعِ الْبَاقِي فَطَحَنَتْهُ وَاخْتَبَزَتْهُ وَصَلَّى عَلِيٌّ علیهما السلام مَعَ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم الْمَغْرِبَ ثُمَّ أَتَى الْمَنْزِلَ فَوُضِعَ الطَّعَامُ بَيْنَ يَدَيْهِ إِذْ أَتَاهُمْ أَسِيرٌ فَوَقَفَ بِالْبَابِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ بَيْتِ مُحَمَّدٍ تَأْسِرُونَنَا وَلَا تُطْعِمُونَنَا أَطْعِمُونِي فَإِنِّي أَسِيرُ مُحَمَّدٍ أَطْعَمَكُمُ اللهُ عَلَى مَوَائِدِ الْجَنَّةِ فَسَمِعَهُ عَلِيٌّ علیهما السلام فَآثَرَهُ وَآثَرُوهُ وَمَكَثُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهَا لَمْ يَذُوقُوا سِوَى الْمَاءِ.

فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ وَقَدْ قَضَوْا نَذْرَهُمْ أَخَذَ عَلِيٌّ الْحَسَنَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَالْحُسَيْنَ بِالْيُسْرَى وَأَقْبَلَ نَحْوَ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَهُمْ يَرْتَعِشُونَ كَالْفِرَاخِ مِنْ شِدَّةِ الْجُوعِ فَلَمَّا بَصُرَ بِهِ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم قَالَ يَا أَبَا الْحَسَنِ مَا أَشَدَّ مَا يَسُوؤُنِي مَا أَرَى بِكُمْ انْطَلِقْ إِلَى ابْنَتِي فَاطِمَةَ فَانْطَلَقُوا إِلَيْهَا وَهِيَ فِي مِحْرَابِهَا تُصَلِّي قَدْ لَصِقَ بَطْنُهَا

٣٠٣

بِظَهْرِهَا مِنْ شِدَّةِ الْجُوعِ وَغَارَتْ عَيْنَاهَا فَلَمَّا رَآهَا النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم قَالَ وَا غَوْثَاهْ بِاللهِ يَا أَهْلَ بَيْتِ مُحَمَّدٍ تَمُوتُونَ جُوعاً فَهَبَطَ جَبْرَئِيلُ علیهما السلام وَقَالَ خُذْ يَا مُحَمَّدُ هَنَّأَكَ اللهُ فِي أَهْلِ بَيْتِكَ قَالَ وَمَا آخُذُ يَا جَبْرَئِيلُ فَأَقْرَأَهُ (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ) إِلَى قَوْلِهِ (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً) إِلَى آخِرِ السُّورَةِ.

قَالَ الْخَطِيبُ الْخُوَارِزْمِيُّ حَاكِياً عَنْهُ وَعَنِ الرَّاوَنْدِيِّ : وَزَادَنِي ابْنُ مِهْرَانَ الْبَاهِلِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ـ فَوَثَبَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم حَتَّى دَخَلَ عَلَى فَاطِمَةَ علیهما السلام فَلَمَّا رَأَى مَا بِهِمْ انْكَبَّ عَلَيْهِمْ يَبْكِي وَقَالَ أَنْتُمْ مُنْذُ ثَلَاثٍ فِيمَا أَرَى وَأَنَا غَافِلٌ عَنْكُمْ فَهَبَطَ جَبْرَئِيلُ بِهَذِهِ الْآيَاتِ (إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً) قَالَ هِيَ عَيْنٌ فِي دَارِ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم تُفَجَّرُ إِلَى دُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُؤْمِنِينَ

وَرَوَى الْخَطِيبُ فِي هَذَا رِوَايَةً أُخْرَى وَقَالَ فِي آخِرِهَا فَنَزَلَ فِيهِمْ (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ) أَيْ عَلَى شِدَّةِ شَهْوَةٍ (مِسْكِيناً) قُرْصَ مَلَّةٍ وَالْمَلَّةُ الرَّمَادُ (وَيَتِيماً) خَزِيرَةً (١) (وَأَسِيراً) حبيسا [حَيْساً] (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ) يُخْبِرُ عَنْ ضَمَائِرِهِمْ (لِوَجْهِ اللهِ) يَقُولُ إِرَادَةَ مَا عِنْدَ اللهِ مِنَ الثَّوَابِ (لا نُرِيدُ مِنْكُمْ) يَعْنِي فِي الدُّنْيَا (جَزاءً) ثَوَاباً (وَلا شُكُوراً).

قلت الضمير في (حُبِّهِ) يجوز أن يعود إلى الطعام كما ذكر ويجوز أن يعود إلى الله تعالى فإن إطعامهم إنما كان خالصا لوجهه وهذه السورة نزلت في هذه القضية بإجماع الأمة لا أعرف أحدا خالف فيها.

وَرُوِيَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ) (٢) قِيلَ نَزَلَتْ فِي أَبِي جَهْلٍ وَالْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَالْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ وَغَيْرِهِمْ مِنْ مُشْرِكِي مَكَّةَ كَانُوا يَضْحَكُونَ مِنْ بِلَالٍ وَعَمَّارٍ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَصْحَابِهِمَا وَقِيلَ إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام جَاءَ فِي نَفَرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَسَخِرَ مِنْهُمُ الْمُنَافِقُونَ وَضَحِكُوا وَتَغَامَزُوا وَقَالُوا لِأَصْحَابِهِمْ رَأَيْنَا الْيَوْمَ الْأَصْلَعَ فَضَحِكْنَا مِنْهُ فَأَنْزَلَ اللهُ

________________

(١) كذا في الأصل وفي بعض النسخ «خريوة» ولا يخلو عن التصحيف.

(٢) المطففين : ٣٤.

٣٠٤

تَعَالَى الْآيَةَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى النَّبِيِّ ص.

وَعَنْ مُقَاتِلٍ وَالْكَلْبِيِ لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) (١) قَالُوا هَلْ رَأَيْتُمْ أَعْجَبَ مِنْ هَذَا يُسَفِّهُ أَحْلَامَنَا وَيَشْتِمُ آلِهَتَنَا وَيَرَى قَتْلَنَا وَيَطْمَعُ أَنْ نُحِبَّهُ فَنَزَلَ (قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ) (٢) أَيْ لَيْسَ لِي مِنْ ذَلِكَ أَجْرٌ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْمَوَدَّةِ تَعُودُ عَلَيْكُمْ وَهُوَ ثَوَابُ اللهِ تَعَالَى وَرِضَاهُ.

وَرُوِيَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) (٣) يَعْنِي عَنْ وَلَايَةِ عَلِيٍّ علیهما السلام وَقَوْلِهِ تَعَالَى (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ) (٤) قِيلَ نَزَلَتْ فِي قِصَّةِ بَدْرٍ فِي حَمْزَةَ وَعَلِيٍّ وَعُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ لَمَّا بَرَزُوا لِقِتَالِ عُتْبَةَ وَشَيْبَةَ وَالْوَلِيدِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) (٥) نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ قَالَ جَابِرٌ كُنَّا يَوْمَئِذٍ أَلْفاً وَأَرْبَعَمِائَةٍ فَقَالَ لَنَا النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم أَنْتُمُ الْيَوْمَ خِيَارُ أَهْلِ الْأَرْضِ فَبَايَعْنَا تَحْتَ الشَّجَرَةِ عَلَى الْمَوْتِ فَمَا نَكَثَ إِلَّا جُزْءُ بْنُ قَيْسٍ وَكَانَ مُنَافِقاً وَأَوْلَى النَّاسِ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ (وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً) يَعْنِي فَتَحَ خَيْبَرَ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى يَدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ص.

قَالَ رَوَى السَّيِّدُ أَبُو طَالِبٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم لِعَلِيٍّ علیهما السلام مَنْ أَحَبَّكَ وَتَوَلَّاكَ أَسْكَنَهُ اللهُ مَعَنَا ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ). (٦)

________________

(١) الشورى : ٢٣.

(٢) سبأ : ٤٧.

(٣) الصافّات : ٢٤.

(٤) الجاثية : ٢١.

(٥) الفتح : ١٨.

(٦) القمر : ٥٤.

٣٠٥

قوله تعالى (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) قيل هم الذين صلوا إلى القبلتين وقيل السابقون إلى الطاعة وقيل إلى الهجرة وقيل إلى الإسلام وإجابة الرسول وكل ذلك موجود في أمير المؤمنين علي علیهما السلام على وجه التمام والكمال والغاية التي لا يقاربه فيها أحد من الناس.

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم عَنْ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) فَقَالَ قَالَ لِي جَبْرَئِيلُ علیهما السلام ذَاكَ عَلِيٌّ وَشِيعَتُهُ هُمُ السَّابِقُونَ إِلَى الْجَنَّةِ الْمُقَرَّبُونَ مِنَ اللهِ بِكَرَامَتِهِ لَهُمْ.

قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً) (١) وقد تقدم ذكر هذه الآية (٢) والأمة مجمعون على أنها نزلت ولم يعمل بها أحد غيره ونزلت الرخصة.

قَوْلُهُ تَعَالَى (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ) (٣) رَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَدْعُو النِّسَاءَ إِلَى الْبَيْعَةِ حِينَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فَكَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدٍ أُمُّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَوَّلَ امْرَأَةٍ بَايَعَتْ.

وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَسَدٍ أُمَّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَوَّلُ امْرَأَةٍ هَاجَرَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ عَلَى قَدَمَيْهَا وَكَانَتْ أَبَرَّ النَّاسِ بِرَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَسَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ إِنَّ النَّاسَ يُحْشَرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عُرَاةً فَقَالَتْ وَا سَوْأَتَاهْ فَقَالَ لَهَا فَإِنِّي أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَبْعَثَكِ كَاسِيَةً وَسَمِعَتْهُ يَذْكُرُ ضَغْطَةَ الْقَبْرِ فَقَالَتْ وَا ضَعْفَاهْ فَقَالَ صلی الله علیه وسلم إِنِّي أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَكْفِيَكِ ذَلِكِ.

قلت هكذا أورده وما قبله الخوارزمي رحمه‌الله وهو بأول هذا الكتاب أنسب حيث ذكرنا أم أمير المؤمنين فلينقل إلى هناك.

________________

(١) المجادلة : ١٢.

(٢) راجع صلی الله علیه وسلم : ١٦٨ من هذه الطبعة.

(٣) الممتحنة : ١٢.

٣٠٦

وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ أُبَيٍّ (١) وَأَصْحَابَهُ خَرَجُوا فَاسْتَقْبَلَهُمْ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ لِأَصْحَابِهِ انْظُرُوا كَيْفَ أَرُدُّ هَؤُلَاءِ السُّفَهَاءَ عَنْكُمْ فَأَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ علیهما السلام وَقَالَ مَرْحَباً يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَخَتَنَهُ سَيِّدَ بَنِي هَاشِمٍ مَا خَلَا رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَقَالَ عَلِيٌّ علیهما السلام يَا عَبْدَ اللهِ اتَّقِ اللهَ وَلَا تُنَافِقْ فَإِنَّ الْمُنَافِقَ شَرُّ خَلْقِ اللهِ فَقَالَ مَهْلاً يَا أَبَا الْحَسَنِ وَاللهِ إِنَّ إِيْمَانَنَا كَإِيمَانِكُمْ ثُمَّ تَفَرَّقُوا قَالَ ابْنُ أُبَيٍّ لِأَصْحَابِهِ كَيْفَ رَأَيْتُمْ مَا فَعَلْتُ فَأَثْنَوْا عَلَيْهِ خَيْراً وَنَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم (وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) (٢) فدلت الآية على إيمان علي علیهما السلام ظاهرا وباطنا وعلى القطع بقوله في أمر المنافقين.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ عَلِيٌّ شَهِدَ لِلنَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم وَهُوَ مِنْهُ.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) (٤) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.

وَرَوَى زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِيٍّ علیهما السلام قَالَ لَقِيَنِي رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَبَا الْحَسَنِ أَمَا وَاللهِ إِنِّي أُحِبُّكَ فِي اللهِ فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلِ الرَّجُلِ فَقَالَ لَعَلَّكَ صَنَعْتَ إِلَيْهِ مَعْرُوفاً فَقَالَ وَاللهِ مَا صَنَعْتُ إِلَيْهِ مَعْرُوفاً

________________

(١) عبد اللّه بن أبي بن أبي سلول هو رئيس منافقى المدينة ، وهو الذي قال «ليخرجن الأعز منها الأذل» ونزلت في ذلك سورة المنافقين ، ورد عليه ابنه استذلالا له ، وهو الذي قال لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله حين ورد المدينة : يا هذا اذهب إلى الذين غروك وخدعوك ، ولا تغشنا في دارنا فسلط اللّه على دورهم الذر فخرب ديارهم وقصة كيده لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله في قتله ورده عليه مشهورة.

(٢) البقرة : ١٤.

(٣) هود : ١٧.

(٤) مريم : ٩٦.

٣٠٧

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ قُلُوبَ الْمُؤْمِنِينَ تَتُوقُ إِلَيْكَ (١) بِالْمَوَدَّةِ فَنَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا).

قَوْلُهُ تَعَالَى (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) (٢) قِيلَ نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ) فِي عُبَيْدَةَ وَحَمْزَةَ وَأَصْحَابِهِمْ كَانُوا تَعَاهَدُوا لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ فَجَاهَدُوا مُقْبِلِينَ حَتَّى قُتِلُوا (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ) عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام مَضَى عَلَى الْجِهَادِ وَلَمْ يُبَدَّلْ وَلَمْ يُغَيَّرْ.

قلت وآية المباهلة قد تقدم ذكرها وكون النبي صلی الله علیه وسلم دعا عليا وفاطمة والحسن والحسين علیهما السلام أمر مشهور متواتر أورده أصحاب الصحاح في كتبهم وأرباب السير والتواريخ في سيرهم وتواريخهم فاستوى في إيراده المؤالف والمخالف وأحاط علما بحقيته الجاهل والعارف وأنا ذاكر هنا مَا أَوْرَدَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي كَشَّافِهِ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى (نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ) أَيْ يَدْعُو كُلٌّ مِنِّي وَمِنْكُمْ أَبْنَاءَهُ وَنِسَاءَهُ وَنَفْسَهُ إِلَى الْمُبَاهَلَةِ (ثُمَّ نَبْتَهِلْ) نَتَبَاهَلُ بِأَنْ نَقُولَ بَهْلَةُ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِ مِنَّا وَمِنْكُمْ وَالْبَهْلَةُ بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ اللَّعْنَةُ وَبَهَلَهُ اللهُ لَعَنَهُ وَأَبْعَدَهُ مِنْ رَحْمَتِهِ مِنْ قَوْلِكَ أَبْهَلَهُ إِذَا أَهْمَلَهُ وَنَاقَةٌ بَاهِلٌ لَا صِرَارَ عَلَيْهَا وَهُوَ خَيْطٌ يُشَدُّ بِهِ ضَرْعُهَا وَأَصْلُ الِابْتِهَالِ هَذَا ثُمَّ اسْتَعْمَلَ فِي كُلِّ دُعَاءٍ يَجْتَهِدُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْتِعَاناً.

وَرُوِيَ أَنَّهُ دَعَاهُمْ إِلَى الْمُبَاهَلَةِ قَالُوا حَتَّى نَرْجِعَ وَنَنْظُرَ فَلَمَّا تَخَالَوْا قَالُوا لِلْعَاقِبِ وَكَانَ ذَا رَأْيِهِمْ يَا عَبْدَ الْمَسِيحِ مَا تَرَى فَقَالَ وَاللهِ لَقَدْ عَرَفْتُمْ يَا مَعْشَرَ النَّصَارَى أَنَّ مُحَمَّداً نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَلَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْفَضْلِ مِنْ أَمْرِ صَاحِبِكُمْ وَاللهِ مَا بَاهَلَ قَوْمٌ نَبِيّاً قَطُّ فَعَاشَ كَبِيرُهُمْ وَلَا نَبَتَ صَغِيرُهُمْ وَلَئِنْ فَعَلْتُمْ لَتَهْلِكَنَّ فَإِنْ أَبَيْتُمْ إِلَّا إِلْفَ دِينِكُمْ وَالْإِقَامَةَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ فَوَادِعُوا الرَّجُلَ وَانْصَرِفُوا إِلَى بِلَادِكُمْ فَأَتَوْا رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَقَدْ غَدَا مُحْتَضِناً الْحُسَيْنَ آخِذاً بِيَدِ الْحَسَنِ وَفَاطِمَةُ تَمْشِي خَلْفَهُ وَعَلِيٌّ خَلْفَهَا وَ

________________

(١) تاق إليه توقا : اشتاق.

(٢) الأحزاب : ٢٣.

٣٠٨

هُوَ يَقُولُ إِذَا أَنَا دَعَوْتُ فَأَمِّنُوا فَقَالَ أُسْقُفُ نَجْرَانَ يَا مَعْشَرَ النَّصَارَى إِنِّي لَأَرَى وُجُوهاً لَوْ شَاءَ اللهُ أَنْ يُزِيلَ جَبَلاً مِنْ مَكَانِهِ لَأَزَالَهُ بِهَا فَلَا تُبَاهِلُوا فَتَهْلِكُوا وَلَا يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ نَصْرَانِيٌّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَقَالُوا يَا أَبَا الْقَاسِمِ رَأَيْنَا أَنْ لَا نُبَاهِلَكَ وَأَنْ نُقِرَّكَ عَلَى دِينِكَ وَنَثْبُتُ عَلَى دِينِنَا قَالَ فَإِذَا أَبَيْتُمُ الْمُبَاهَلَةَ فَأَسْلِمُوا يَكُنْ لَكُمْ مَا لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْكُمْ مَا عَلَيْهِمْ فَأَبَوْا قَالَ فَإِنِّي أُنَاجِزُكُمْ (١) فَقَالُوا مَا لَنَا بِحَرْبِ الْعَرَبِ طَاقَةٌ وَلَكِنْ نُصَالِحُكَ عَلَى أَنْ نُؤَدِّيَ إِلَيْكَ فِي كُلِّ عَامٍ أَلْفَيْ حُلَّةٍ أَلْفاً فِي صَفَرٍ وَأَلْفاً فِي رَجَبٍ وَثَلَاثِينَ دِرْعاً عَادِيَةً مِنْ حَدِيدٍ فَصَالَحَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ الْهَلَاكَ قَدْ تَدَلَّى عَلَى أَهْلِ نَجْرَانَ وَلَوْ لَاعَنُوا لَمُسِخُوا قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ وَلَاضْطَرَمَ الْوَادِي عَلَيْهِمْ نَاراً وَلَاسْتَأْصَلَ اللهُ نَجْرَانَ وَأَهْلَهُ حَتَّى الطَّيْرِ عَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ وَلَمَا حَالَ الْحَوْلُ عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ حَتَّى يَهْلِكُوا. (٢)

وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم خَرَجَ وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَجَّلٌ مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ فَجَاءَ الْحَسَنُ فَأَدْخَلَهُ ثُمَّ جَاءَ الْحُسَيْنُ فَأَدْخَلَهُ ثُمَّ فَاطِمَةُ ثُمَّ عَلِيٌّ ثُمَّ قَالَ (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً). (٢)

فإن قلت ما كان دعاؤه إلى المباهلة إلا ليتبين الكاذب منه ومن خصمه وذلك أمر يختص به وبمن يكاذبه فما معنى ضم الأبناء والنساء.

قلت ذلك آكد في الدلالة على ثقته بحاله واستيقانه بصدقه حيث استجرأ على تعريض أعزته وأفلاذ كبده وأحب الناس إليه لذلك ولم يقتصر على تعريض نفسه له على ثقته بكذب خصمه حتى يهلك خصمه وهلاكه مع أحبته وأعزته هلاك الاستئصال إن تمت المباهلة وخص الأبناء والنساء لأنهم أعز الأهل وألصقهم بالقلوب وربما فداهم الرجل بنفسه وحارب دونهم حتى يقتل ومن ثم كانوا يسوقون مع أنفسهم الظعائن (٣) في الحروب لتمنعهم من الهرب ويسمون الذادة عنها بأرواحهم حماة الحقائق وقدمهم في الذكر على الأنفس لينبه على لطف

________________

(١) ناجزه : قاتله وبارزه. وفي بعض النسخ «احاربكم» مكان «أناجزكم».

(٢) وقد مر الحديث بتمامه في صلی الله علیه وسلم : ٢٣٣ ـ ٢٣٤ مع شرح معضلاته فراجع.

(٣) الظعائن : النساء.

٣٠٩

مكانتهم وقرب منزلتهم وليؤذن بأنهم مقدمون على الأنفس مفدون بها وفيه دليل لا شيء أقوى منه على فضل أصحاب الكساء علیهما السلام وفيه برهان واضح على صحة نبوة النبي صلی الله علیه وسلم لأنه لم يرو أحد من موافق ولا مخالف أنهم أجابوا إلى ذلك وهذا آخر كلام الزمخشري رحمه‌الله وقد تقدم ذكرها.

وَنَقَلْتُ مِمَّا خَرَّجَهُ صَدِيقُنَا الْعِزُّ الْمُحَدِّثُ الْحَنْبَلِيُّ الْمَوْصِلِيُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) قَالَ بُرَيْدَةُ صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم هُوَ صِرَاطُ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ع.

وَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ (وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) (١) هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَقَوْلِهِ تَعَالَى (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) (٢) نَزَلَتْ فِي مَبِيتِ عَلِيٍّ عَلَى فِرَاشِ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم وقد تقدم ذكرها.

وَذَكَرَ ابْنُ الْأَثِيرِ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ كِتَابِ الْإِنْصَافِ الَّذِي جَمَعَ فِيهِ بَيْنَ الْكَاشِفِ وَالْكَشَّافِ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ علیهما السلام وَذَلِكَ حِينَ هَاجَرَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم وَتَرَكَ عَلِيّاً فِي بَيْتِهِ بِمَكَّةَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَنَامَ عَلَى فِرَاشِهِ لِيُوصِلَ إِذَا أَصْبَحَ وَدَائِعَ النَّاسِ إِلَيْهِمْ فَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِجَبْرَئِيلَ وَمِيكَائِيلَ إِنِّي قَدْ آخَيْتُ بَيْنَكُمَا وَجَعَلْتُ عُمُرَ أَحَدِكُمَا أَطْوَلَ مِنْ عُمُرِ الْآخَرِ فَأَيُّكُمَا يُؤْثِرُ أَخَاهُ بِالْبَقَاءِ فَاخْتَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْحَيَاةَ فَأَوْحَى اللهُ إِلَيْهِمَا أَلَّا كُنْتُمَا مِثْلَ عَلِيٍّ آخَيْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ فَبَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ يَفْدِيهِ بِنَفْسِهِ وَيُؤْثِرُهُ بِالْحَيَاةِ اهْبِطَا إِلَيْهِ فَاحْفِظَاهُ مِنْ عَدُوِّهِ فَنَزَلَا إِلَيْهِ فَحَفِظَاهُ ـ جَبْرَئِيلُ عِنْدَ رَأْسِهِ وَمِيكَائِيلَ عِنْدَ رِجْلَيْهِ وَجَبْرَئِيلُ يَقُولُ بَخْ بَخْ يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ مَنْ مِثْلُكَ وَقَدْ بَاهَى اللهُ بِكَ الْمَلَائِكَةَ.

وَقَوْلِهِ (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٣) قَالَ كَانَ عِنْدَ عَلِيٍّ علیهما السلام أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا فَتَصَدَّقَ بِدِرْهَمٍ لَيْلاً وَبِدِرْهَمٍ نَهَاراً وَبِدِرْهَمٍ سِرّاً وَبِدِرْهَمٍ عَلَانِيَةً فَنَزَلَتْ

________________

(١) الآية : ٤٣.

(٢) البقرة : ٢٠٧.

(٣) البقرة : ٢٧٤.

٣١٠

قَوْلُهُ تَعَالَى (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً) (١) قَالَ الْعِزُّ الْمُحَدِّثُ حَبَلُ اللهِ عَلِيٌّ وَأَهْلُ بَيْتِهِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ) (٢) قَالَ الثَّعْلَبِيُّ نَزَلَتْ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام قَالَ بَيْنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ جَالِسٌ عَلَى شَفِيرِ زَمْزَمَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ مُعْتَمٌّ بِعِمَامَةٍ فَجَعَلَ كُلَّمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ الرَّجُلُ قَالَ رَسُولُ اللهِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ سَأَلْتُكَ بِاللهِ مَنْ أَنْتَ فَكَشَفَ الْعِمَامَةَ عَنْ وَجْهِهِ وَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ عَرَفَنِي فَقَدْ عَرَفَنِي وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْنِي فَأَنَا أُعَرِّفُهُ نَفْسِي أَنَا جُنْدَبُ بْنُ جُنَادَةَ الْبَدْرِيُّ أَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِيُّ ـ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ بِهَاتَيْنِ وَإِلَّا صَمَّتَا وَرَأَيْتُهُ بِهَاتَيْنِ وَإِلَّا عَمِيَتَا يَقُولُ عَلِيٌّ قَائِدُ الْبَرَرَةِ وَقَاتِلُ الْكَفَرَةِ مَنْصُورٌ مَنْ نَصَرَهُ مَخْذُولٌ مَنْ خَذَلَهُ أَمَا إِنِّي صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم صَلَاةَ الظُّهْرِ يَوْماً مِنَ الْأَيَّامِ فَسَأَلَ سَائِلٌ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَلَمْ يُعْطِهِ أَحَدٌ فَرَفَعَ السَّائِلُ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ اللهُمَّ اشْهَدْ أَنِّي سَأَلْتُ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَلَمْ يُعْطِنِي أَحَدٌ شَيْئاً وَكَانَ عَلِيٌّ رَاكِعاً فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ بِخِنْصِرِهِ الْيُمْنَى وَكَانَ يَتَخَتَّمُ فِيهِ فَأَقْبَلَ السَّائِلُ فَأَخَذَ الْخَاتَمَ مِنْ يَدِهِ بِعَيْنِ رَسُولِ اللهِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ اللهُمَّ إِنَّ أَخِي مُوسَى سَأَلَكَ فَقَالَ (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) فَأَنْزَلْتَ (سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا) اللهُمَّ وَأَنَا مُحَمَّدٌ نَبِيُّكَ وَصَفِيُّكَ اللهُمَّ فَ (اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي) ... (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي) عَلِيّاً (اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي) قَالَ أَبُو ذَرٍّ فَمَا اسْتَتَمَّ رَسُولُ اللهِ كَلَامَهُ حَتَّى نَزَلَ جَبْرَئِيلُ يَقُولُ لَهُ اقْرَأْ (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ) الْآيَةَ.

________________

(١) آل عمران : ١٠٣.

(٢) المائدة : ٥٥ ـ ٥٦.

٣١١

وَنَقَلْتُ مِمَّا خَرَّجَهُ الْعِزُّ الْمُحَدِّثُ قَالَ وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم أَتَانِي مَلَكٌ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا) عَلَى مَا بُعِثُوا قَالَ قُلْتُ عَلَى مَا بُعِثُوا قَالَ عَلَى وَلَايَتِكَ وَوَلَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَاقِرُ علیهما السلام لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) (١) أَخَذَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم بِيَدِ عَلِيٍّ فَقَالَ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ اللهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (٢) قَالَ هُوَ عَلِيُّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَهُوَ رَأْسُ الْمُؤْمِنِينَ.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى (أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ) (٣) نَزَلَتْ فِي مُلَاحَاةِ الْعَبَّاسِ وَعَلِيٍّ قَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ لَئِنْ سَبَقْتُمُونَا بِالْإِيمَانِ وَالْهِجْرَةِ فَقَدْ كُنَّا نَسْقِي الْحَجِيجَ وَنُعَمِّرُ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَنَزَلَتْ.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (٥) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كُونُوا مَعَ عَلِيٍّ وَأَصْحَابِهِ.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) (٦) : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَضَعَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَدَهُ عَلَى صَدْرِهِ فَقَالَ أَنَا الْمُنْذِرُ وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى مَنْكِبِ عَلِيٍّ وَقَالَ أَنْتَ الْهَادِي يَا عَلِيُّ يَهْتَدِي بِكَ الْمُهْتَدُونَ مِنْ بَعْدِي.

قَوْلُهُ تَعَالَى (كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) قَالَ مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.

قَوْلُهُ تَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) (٨) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ نَزَلَتْ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ جَعَلَ اللهُ لَهُ وُدّاً فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ.

________________

(١) المائدة : ٦٧.

(٢) الأنفال : ٦٤.

(٣) التوبة : ١٩.

(٤) الملاحاة : المنازعة

(٥) التوبة : ١١٩.

(٦) الرعد : ٧.

(٧) الرعد : ١٣.

(٨) مريم : ٩٦.

٣١٢

ومن سورة الحج فِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ كَانَ يُقْسِمُ قَسَماً أَنَ (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) (١) نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ وَحَمْزَةَ وَعُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ الَّذِينَ بارزوا الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ ـ عُتْبَةَ وَشَيْبَةَ ابْناً رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدِ بْنُ عُتْبَةَ.

قَوْلِهِ تَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ) (٢) يَعْنِي صِرَاطَ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ع.

قَوْلُهُ تَعَالَى (أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ) (٣) هُوَ عَلِيٌّ ع.

قَوْلُهُ تَعَالَى (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) الْمُؤْمِنُ عَلِيٌّ وَالْفَاسِقُ الْوَلِيدُ وقد تقدم ذكر ذلك مستوفى (٤).

قَوْلُهُ تَعَالَى (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) (٥) قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم مَسْئُولُونَ عَنْ وَلَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ

قَوْلُهُ تَعَالَى سَلَامٌ عَلَى آلِ يَاسِينَ (٦) قَالَ ابْنُ السَّائِبِ آلُ يَاسِينَ آلُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وو عليهم.

قَوْلُهُ تَعَالَى (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ) (٧) الَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِي صَدَّقَ بِهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَالَهُ مُجَاهِدٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) : (٨) فِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم أَنَّهُ قَالَ لَا تُؤْذُوا فَاطِمَةَ وَعَلِيّاً وَوَلَدَيْهِمَا.

قَوْلُهُ تَعَالَى (السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) هُوَ عَلِيٌّ علیهما السلام : وَكَانَ يُنْشِدُ

سَبَقْتُكُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ طُرّاً

صَغِيراً مَا بَلَغْتُ أَوَانَ حُلُمِي

قَوْلُهُ تَعَالَى (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ) (٩) نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ ع.

________________

(١) الحجّ : ١٩.

(٢) المؤمنون : ٧٤.

(٣) القصص : ٦١.

(٤) راجع صلی الله علیه وسلم : ١٢٠ من هذه الطبعة.

(٥) الصافّات : ٢٤.

(٦) الصافّات : ١٣٠.

(٧) الزمر : ٣٣.

(٨) الشورى : ٢٣

(٩) الحديد : ١٩.

٣١٣

قَوْلُهُ تَعَالَى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً) نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ علیهما السلام (١).

وقد تقدم ذكرها.

قَوْلُهُ تَعَالَى (فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ) (٢) قَالَ مُجَاهِدٌ هُوَ عَلِيٌّ ع.

قَوْلُهُ تَعَالَى (يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ) (٣) نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ وَأَصْحَابِهِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) (٤) قَالُوا نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ ع.

قَوْلُهُ تَعَالَى (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ) قِيلَ إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ علیهما السلام.

هذا آخر ما أورده صديقنا العز المحدث فيما نزل فيه ع.

وأما ما أورده الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه فأنا أذكره على سياقته (وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) قال يرفعه

بِسَنَدِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَا فِي الْقُرْآنِ آيَةٌ وَفِيهَا (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) إِلَّا وَعَلِيٌّ رَأْسُهَا وَقَائِدُهَا.

وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ علیهما السلام قَالَ نَزَلَ الْقُرْآنُ أَرْبَاعاً فَرُبُعٌ فِينَا وَرُبُعٌ فِي عَدُوِّنَا وَرُبُعٌ سِيَرٌ وَأَمْثَالٌ وَرُبُعٌ فَرَائِضُ وَأَحْكَامٌ وَلَنَا كَرَائِمُ الْقُرْآنِ.

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا نَزَلَ فِي أَحَدٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ مَا نَزَلَ فِي عَلِيٍّ ع.

وَعَنْ مُجَاهِدٍ نَزَلَ فِي عَلِيٍّ سَبْعُونَ آيَةً.

قَوْلُهُ تَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) (٥) وَعَنِ الْبَرَاءِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم لِعَلِيٍّ يَا عَلِيُّ قُلِ اللهُمَّ اجْعَلْ لِي

________________

(١) راجع صلی الله علیه وسلم : ١٦٨ من هذه الطبعة.

(٢) التحريم : ٤.

(٣) الحديد : ١٢.

(٤) البينة : ٧.

(٥) قد مضى ذكر السورة ورقم الآية وكذا أكثر الآيات الآتية فلا نذكر الا ما لم يسبق ذكرها.

٣١٤

عِنْدَكَ عَهْداً وَاجْعَلْ لِي عِنْدَكَ وُدّاً وَاجْعَلْ لِي فِي صُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ مَوَدَّةً فنزلت وقد أورده بذلك من عدة طرق.

قَوْلُهُ تَعَالَى (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ) وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى صَدْرِهِ (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى عَلِيٍّ بِكَ يَهْتَدِي الْمُهْتَدُونَ بَعْدِي وهو أيضا من عدة طرق وكذا كلما يورده رحمه‌الله فإنما أقتصر على طريق واحدة ومن أراد الزيادة فقد دللته على الكتاب.

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَ (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) الْمُؤْمِنُ عَلِيٌّ علیهما السلام وَالْفَاسِقُ الْوَلِيدُ وقد تقدم قَوْلُهُ تَعَالَى (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) : قَالَ عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَسَدِيُّ سَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُولُ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ مَا مِنْ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَّا وَقَدْ نَزَلَتْ فِيهِ آيَةٌ أَوْ آيَتَانِ فَقَالَ رَجُلٌ مِمَّنْ تَحْتَهُ فَمَا نَزَلَ فِيكَ أَنْتَ فَغَضِبَ ثُمَّ قَالَ أَمَا إِنَّكَ لَوْ لَمْ تَسْأَلْنِي عَلَى رُءُوسِ الْقَوْمِ مَا حَدَّثْتُكَ وَيْحَكَ هَلْ تَقْرَأُ سُورَةَ هُودٍ ثُمَّ قَرَأَ عَلِيٌّ علیهما السلام (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) رَسُولُ اللهِ عَلَى بَيِّنَةٍ وَأَنَا الشَّاهِدُ مِنْهُ.

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَ (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمْ مَسْئُولُونَ عَنْ وَلَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام قَوْلُهُ تَعَالَى (وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَعَ عَلِيٍّ علیهما السلام قَوْلُهُ تَعَالَى (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ علیهما السلام كَانَتْ عِنْدَهُ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ فَتَصَدَّقْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلَانِيَةً قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً) وقد سبق ذكر هذه الآية وأنه لم يعمل بها أحد غيره قبله ولا بعده قوله تعالى (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ) قد سبق ذكرها وأوردت ما ذكره الثعلبي فيها.

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ سَلَامٍ وَنَفَراً مِمَّنْ آمَنَ مَعَهُ أَقْبَلُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَقَالُوا إِنَّ مَنَازِلَنَا بَعِيدَةٌ لَا نَجِدُ أَحَداً يُجَالِسُنَا وَيُخَالِطُنَا دُونَ هَذَا الْمَسْجِدِ وَإِنَّ قَوْمَنَا لَمَّا رَأَوْنَا قَدْ صَدَّقْنَا اللهَ وَرَسُولَهُ وَتَرَكْنَا دِينَهُمْ أَظْهَرُوا الْعَدَاوَةَ وَقَدْ أَقْسَمُوا أَنْ لَا يُخَالِطُونَا وَلَا يُؤَاكِلُونَا فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْنَا فَبَيْنَمَا هُمْ يَشْكُونَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَكَانَ عَلِيٌّ قَدْ تَصَدَّقَ بِخَاتَمِهِ فِي الصَّلَاةِ نَزَلَتْ وَلَمَّا رَأَوْهُ وَقَدْ

٣١٥

أَعْطَاهُ الْخَاتَمَ كَبَّرُوا قَالَ (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ) وقد مر ذكر هذا بألفاظ تزيد على هذه الرواية نقلا من مناقب أبي المؤيد.

قَوْلُهُ تَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) قَالَ عَلِيٌّ علیهما السلام حَدَّثَنِي رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَأَنَا مُسْنِدُهُ إِلَى صَدْرِي قَالَ أَيْ عَلِيُّ أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ اللهِ تَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) الْآيَةَ أَنْتَ وَشِيعَتُكَ وَمَوْعِدِي وَمَوْعِدُكُمُ الْحَوْضُ إِذَا جَثَتِ الْأُمَمُ لِلْحِسَابِ تُدْعَوْنَ غُرّاً مُحَجَّلِينَ قوله تعالى (نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ) آية المباهلة وقد ذكرتها آنفا مستوفاة قَوْلُهُ تَعَالَى (فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ) (١) عَنِ الْحَسَنِ قَالَ اسْتَوَى الْإِسْلَامُ بِسَيْفِ عَلِيٍّ علیهما السلام قَوْلُهُ تَعَالَى (وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ) عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ صَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى (وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ) (٢) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ النَّاسُ مِنْ شَجَرٍ شَتَّى وَأَنَا وَأَنْتَ يَا عَلِيُّ مِنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ قَرَأَ النَّبِيُّ ص.

قَوْلَهُ تَعَالَى (يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) (٣) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَوَّلُ مَنْ يُكْسَى مِنْ حُلَلِ الْجَنَّةِ إِبْرَاهِيمُ لِخُلَّتِهِ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ مُحَمَّدٌ لِأَنَّهُ صَفْوَةُ اللهِ ثُمَّ عَلِيٌّ يُزَفُّ بَيْنَهُمَا إِلَى الْجِنَانِ ثُمَّ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْآيَةَ وَقَالَ عَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ قوله تعالى (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً) وقد تقدمت وقوله تعالى (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ) وقد ذكرت وقوله تعالى (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ) (٤) وقوله (أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) (٥) وقوله (أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُ) وَقَوْلُهُ تَعَالَى (الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) (٦) قَالَ عَلِيٌّ علیهما السلام قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ مَا هَذِهِ الْفِتْنَةُ

________________

(١) الفتح : ٢٩.

(٢) الرعد : ٤.

(٣) التحريم : ٨.

(٤) الفاطر : ٣٢.

(٥) يوسف : ١٠٨.

(٦) العنكبوت : ١ ـ ٢.

٣١٦

قَالَ يَا عَلِيُّ بِكَ وَإِنَّكَ تُخَاصَمُ فَأَعِدَّ لِلْخُصُومَةِ وَقَالَ عَلِيٌ (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا) نَحْنُ أُولَئِكَ وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى) (١) قَالَ فِي أَمْرِ عَلِيٍّ علیهما السلام وَعَنْهُ (وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ) (٢) قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَآلُ مُحَمَّدٍ (أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُ) عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.

قَوْلُهُ تَعَالَى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) " عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا نَزَلَتْ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) إِلَّا وَعَلِيٌّ أَمِيرُهَا وَشَرِيفُهَا" وَعَنْهُ مَا ذَكَرَ اللهُ فِي الْقُرْآنِ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) إِلَّا وَعَلِيٌّ شَرِيفُهَا وَأَمِيرُهَا وَلَقَدْ عَاتَبَ اللهُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ فِي آيٍ مِنَ الْقُرْآنِ وَمَا ذَكَرَ عَلِيّاً إِلَّا بِخَيْرٍ وَعَنْهُ مِثْلَهُ وَفِيهِ إِلَّا كَانَ عَلِيٌّ رَأْسَهَا وَأَمِيرَهَا وَفِيهِ وَلَقَدْ أَمَرَنَا بِالاسْتِغْفَارِ لَهُ وَعَنْهُ مِثْلَهُ وَفِيهِ رَأْسَهَا وَقَائِدَهَا وَعَنْ حُذَيْفَةَ إِلَّا كَانَ لِعَلِيٍّ لُبُّهَا وَلُبَابُهَا وَعَنْ مُجَاهِدٍ فَإِنَّ لِعَلِيٍّ سَابِقَةُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ سَبَقَهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَّا وَعَلِيٌّ شَرِيفُهَا وَأَمِيرُهَا. قَوْلُهُ تَعَالَى (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ) (٣) عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ علیهما السلام قَالَ هُوَ مَنْ رَدَّ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم فِي عَلِيٍّ علیهما السلام قَوْلُهُ تَعَالَى (وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ) عَنْ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم وَجَّهَ عَلِيّاً علیهما السلام فِي نَفَرٍ مَعَهُ فِي طَلَبِ أَبِي سُفْيَانَ فَلَقِيَهُمْ أَعْرَابِيٌّ مِنْ خُزَاعَةَ فَقَالَ إِنَّ الْقَوْمَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَ (قالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) فَنَزَلَتْ.

قوله تعالى (وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ) ـ ابن مسعود كان يقرأ هذا الحرف وكفى الله المؤمنين القتال بعلي بن أبي طالب وكان الله قويا عزيزا. قوله تعالى (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) أنها نزلت في بيان الولاية.

وَعَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ لَمَّا جَاءَ جَبْرَئِيلُ علیهما السلام بِأَمْرِ الْوَلَايَةِ ضَاقَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم بِذَلِكَ ذَرْعاً وَقَالَ قَوْمِي حَدِيثُو عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ فَنَزَلَتْ قَالَ رِيَاحُ بْنُ الْحَرْثِ كُنْتُ

________________

(١) محمّد (صلی الله علیه وسلم) : ٣٢.

(٢) هود : ٣.

(٣) الزمر : ٣٢.

٣١٧

فِي الرَّحَبَةِ مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ صلی الله علیه وسلم إِذْ أَقْبَلَ رَكْبٌ يَسِيرُونَ حَتَّى أَنَاخُوا بِالرَّحَبَةِ ثُمَّ أَقْبَلُوا يَمْشُونَ حَتَّى أَتَوْا عَلِيّاً علیهما السلام فَقَالُوا السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ قَالَ مَنِ الْقَوْمُ قَالُوا مَوَالِيكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَضْحَكُ وَيَقُولُ مِنْ أَيْنَ وَأَنْتُمْ قَوْمُ عَرَبٍ قَالُوا سَمِعْنَا رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ وَهُوَ آخِذٌ بِعَضُدِكَ يَقُولُ أَيُّهَا النَّاسُ أَلَسْتُ (أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) قُلْنَا بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ فَقَالَ إِنَّ اللهَ مَوْلَايَ وَأَنَا مَوْلَى الْمُؤْمِنِينَ وَعَلِيٌّ مَوْلَى مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ اللهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ فَقَالَ أَنْتُمْ تَقُولُونَ ذَلِكَ قَالُوا نَعَمْ قَالَ وَتَشْهَدُونَ عَلَيْهِ قَالُوا نَعَمْ قَالَ صَدَقْتُمْ فَانْطَلَقَ الْقَوْمُ وَتَبِعْتُهُمْ فَقُلْتُ لِرَجُلٍ مِنْهُمْ مَنْ أَنْتُمْ يَا عُبُدَ اللهِ قَالُوا نَحْنُ رَهْطٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَهَذَا أَبُو أَيُّوبَ صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَصَافَحْتُهُ.

قلت وقد مرت هذه الرواية بألفاظ أخصر من هذه من مسند أحمد بن حنبل ورياح بن الحارث وفي هذا المعنى مَا رُوِيَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي رُمَيْلَةَ أَنَّ رَكْباً أَرْبَعَةً أَتَوْا عَلِيّاً علیهما السلام حَتَّى أَنَاخُوا بِالرَّحَبَةِ ثُمَّ أَقْبَلُوا إِلَيْهِ فَقَالُوا السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ قَالَ وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ أَنَّى أَقْبَلَ الرَّكْبُ قَالُوا أَقْبَلَ مَوَالِيكَ مِنْ أَرْضِ كَذَا وَكَذَا قَالَ أَنَّى أَنْتُمْ مَوَالِيَّ قَالُوا سَمِعْنَا رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ يَقُولُ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ اللهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ.

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا أَمَرَ اللهُ رَسُولَهُ صلی الله علیه وسلم أَنْ يَقُومَ بِعَلِيٍّ علیهما السلام فَيَقُولَ لَهُ مَا قَالَ فَقَالَ صلی الله علیه وسلم يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي حَدِيثُو عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ ثُمَّ مَضَى بِحَجِّهِ فَلَمَّا أَقْبَلَ رَاجِعاً نَزَلَ بِغَدِيرِ خُمٍّ أَنْزَلَ اللهُ عَلَيْهِ (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) الْآيَةَ فَأَخَذَ بِعَضُدِ عَلِيٍّ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى النَّاسِ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ أَلَسْتُ أَوْلَى بِكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ اللهُمَّ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ اللهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ وَأَعِنْ مَنْ أَعَانَهُ وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ وَأَحِبَّ مَنْ أَحَبَّهُ وَأَبْغِضْ مَنْ أَبْغَضَهُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَوَجَبَتْ وَاللهِ فِي رِقَابِ الْقَوْمِ وقال حسان بن ثابت :

٣١٨

يناديهم يوم الغدير نبيهم

بخم وأسمع بالرسول مناديا

يقول فمن مولاكم ووليكم

فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا

إلهك مولانا وأنت ولينا

ولم تر منا في الولاية عاصيا

فقال له قم يا علي فإنني

رضيتك من بعدي إماما وهاديا

" وَعَنِ ابْنِ هَارُونَ الْعَبْدِيِّ قَالَ كُنْتُ أَرَى رَأْيَ الْخَوَارِجِ لَا رَأْيَ لِي غَيْرُهُ حَتَّى جَلَسْتُ إِلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ أُمِرَ النَّاسُ بِخَمْسٍ فَعَمِلُوا بِأَرْبَعٍ وَتَرَكُوا وَاحِدَةً فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يَا أَبَا سَعِيدٍ مَا هَذِهِ الْأَرْبَعُ الَّتِي عَمِلُوا بِهَا قَالَ الصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ وَالْحَجُّ وَالصَّوْمُ صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ قَالَ فَمَا الْوَاحِدَةُ الَّتِي تَرَكُوهَا قَالَ وَلَايَةُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ وَإِنَّهَا مُفْتَرَضَةٌ مَعَهُنَّ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَقَدْ كَفَرَ النَّاسُ قَالَ فَمَا ذَنْبِي.

" عَنْ زِرٌّ عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ كُنَّا نَقْرَأُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) أَنَّ عَلِيّاً مَوْلَى الْمُؤْمِنِينَ (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ).

قَوْلُهُ تَعَالَى (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) (١) عَنْ أَنَسٍ وَبُرَيْدَةَ قَالا قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ) إِلَى قَوْلِهِ (الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ) فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ أَيُّ بُيُوتٍ هَذِهِ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ بُيُوتُ الْأَنْبِيَاءِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَا رَسُولَ اللهِ هَذَا الْبَيْتُ مِنْهَا يَعْنِي بَيْتَ عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ علیهما السلام قَالَ نَعَمْ مِنْ أَفَاضِلِهَا

قَوْلُهُ تَعَالَى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ) (٢) قِيلَ كَانَ عَلِيٌّ علیهما السلام فِي أُنَاسٍ مِنَ الصَّحَابَةِ عَزَمُوا عَلَى تَحْرِيمِ الشَّهَوَاتِ فَنَزَلَتْ.

وَعَنْ قَتَادَةَ أَنَّ عَلِيّاً علیهما السلام وَجَمَاعَةً مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ أَرَادُوا أَنْ يَتَخَلَّوْا عَنِ الدُّنْيَا وَيَتْرُكُوا النِّسَاءَ وَيَتَرَهَّبُوا فَنَزَلَتْ

وعن ابن عباس أنها نزلت في علي وأصحاب له

________________

(١) النور : ٣٦.

(٢) المائدة : ٨٧.

٣١٩

قَوْلُهُ تَعَالَى (وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ) (١) عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَرَضَتْ وَلَايَتُهُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ علیهما السلام فَقَالَ اللهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْ ذُرِّيَّتِي فَفَعَلَ اللهُ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ تَعَالَى (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى) عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِيِّ لَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم بِسَدِّ الْأَبْوَابِ الَّتِي فِي الْمَسْجِدِ شَقَّ عَلَيْهِمْ قَالَ حَبَّةٍ إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَهُوَ تَحْتَ قَطِيفَةٍ حَمْرَاءَ وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ (٢) وَيَقُولُ أَخْرَجْتَ عَمَّكَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَالْعَبَّاسَ وَأَسْكَنْتَ ابْنَ عَمِّكَ فَقَالَ رَجُلٌ يَوْمَئِذٍ مَا يَأْلُو فِي رَفْعِ ابْنِ عَمِّهِ فَعَلِمَ رَسُولُ اللهِ أَنَّهُ قَدْ شَقَّ عَلَيْهِمْ فَدَعَا الصَّلَاةَ جَامِعَةً فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَلَمْ يُسْمَعْ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم خُطْبَةٌ كَانَ أَبْلَغَ مِنْهَا تَمْجِيداً وَتَوْحِيداً فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَا أَنَا سَدَدْتُهَا وَلَا أَنَا فَتَحْتُهَا وَلَا أَنَا أَخْرَجْتُكُمْ وَأَسْكَنْتُهُ وَقَرَأَ (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى) إِلَى قَوْلِهِ (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى).

" قَوْلُهُ تَعَالَى (وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ) يَعْنِي أَبَا جَهْلٍ (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا) عَلِيٌّ وَسَلْمَانُ.

(وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ) (٣) عَلِيٌّ وَسَلْمَانُ (وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ) إِلَى قَوْلِهِ (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) (٤) قَالَ مِنْهُمْ عَلِيٌّ وَسَلْمَانُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

" قَوْلُهُ تَعَالَى (وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ علیهما السلام.

قَوْلُهُ تَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) (٥) عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّ عَلِيّاً علیهما السلام تَلَاهَا لَيْلَةً وَقَالَ أَنَا مِنْهُمْ وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَقَامَ وَهُوَ يَقُولُ (لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها).

" قَوْلُهُ تَعَالَى (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) (٦) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ لَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ

________________

(١) الشعراء : ٨٤.

(٢) ذرف الدمع : سال.

(٣) التوبة : ١٠٠.

(٤) الحجّ : ٣٤ ـ ٣٥.

(٥) الأنبياء : ١٠١.

(٦) محمّد (صلی الله علیه وسلم) : ٣٠.

٣٢٠