كشف الغمّة في معرفة الأئمّة - ج ١

أبي الحسن علي بن عيسى بن أبي الفتح الاربلي

كشف الغمّة في معرفة الأئمّة - ج ١

المؤلف:

أبي الحسن علي بن عيسى بن أبي الفتح الاربلي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مكتبة بني هاشمي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩٤
الجزء ١ الجزء ٢

الْقَوْلِ بِبُغْضِهِمْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ صلی الله علیه وسلم

قَوْلُهُ تَعَالَى (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) (١) عَنْ عَلِيٍّ علیهما السلام قَالَ الْحَسَنَةُ حُبُّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ وَالسَّيِّئَةُ بُغْضُنَا مَنْ جَاءَ بِهَا أَكَبَّهُ اللهُ عَلَى وَجْهِهِ فِي النَّارِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى (فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ) عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیهما السلام قَالَ هُوَ عَلِيٌّ علیهما السلام.

قَوْلُهُ تَعَالَى (إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ) (٢) عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ دَعَاكُمْ إِلَى وَلَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام.

قَوْلُهُ تَعَالَى (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَتَذَاكَرَ أَصْحَابُهُ الْجَنَّةَ فَقَالَ صلی الله علیه وسلم إِنَّ أَوَّلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولاً إِلَيْهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ أَبُو دُجَانَةَ الْأَنْصَارِيُّ يَا رَسُولَ اللهِ أَخْبَرْتَنَا أَنَّ الْجَنَّةَ مُحَرَّمَةٌ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ حَتَّى تَدْخُلَهَا أَنْتَ وَعَلَى الْأُمَمِ حَتَّى تَدْخُلَهَا أُمَّتُكَ قَالَ بَلَى يَا أَبَا دُجَانَةَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ لِلَّهِ لِوَاءً مِنْ نُورٍ وَعَمُوداً مِنْ يَاقُوتٍ مَكْتُوبٌ عَلَى ذَلِكَ النُّورِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولِي آلُ مُحَمَّدٍ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ صَاحِبُ اللِّوَاءِ إِمَامُ الْقِيَامَةِ وَضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ فَسَرَّ رَسُولُ اللهِ بِذَلِكَ عَلِيّاً فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَرَّمَنَا وَشَرَّفَنَا بِكَ فَقَالَ لَهُ أَبْشِرْ يَا عَلِيُّ مَا مِنْ عَبْدٍ يَنْتَحِلُ مَوَدَّتَنَا (٣) إِلَّا بَعَثَهُ اللهُ مَعَنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللهِ (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ).

قَوْلُهُ تَعَالَى (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ) (٤) عَنْ عَلِيٍّ علیهما السلام قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم إِنَّ فِيكَ مَثَلاً مِنْ عِيسَى أَحَبَّهُ قَوْمٌ فَهَلَكُوا فِيهِ وَأَبْغَضَهُ قَوْمٌ فَهَلَكُوا فِيهِ فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ أَمَا رَضِيَ لَهُ مَثَلاً إِلَّا عِيسَى فَنَزَلَتْ.

قَوْلُهُ تَعَالَى (وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) (٥) عَنْ زَاذَانَ عَنْ عَلِيٍّ علیهما السلام تَفْتَرِقُ هَذِهِ الْأُمَّةُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً اثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَهُمُ الَّذِينَ قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ

________________

(١) الأنعام : ١٦٠.

(٢) الأنفال : ٢٤.

(٣) وفي بعض النسخ «مودتك» بدل «مودتنا»

(٤) الزخرف : ٥٧.

(٥) الأعراف : ١٨١.

٣٢١

بِهِ يَعْدِلُونَ) وَهُمْ أَنَا وَشِيعَتِي

قَوْلُهُ تَعَالَى (وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ) (١) عَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم لِعَلِيٍّ علیهما السلام إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أُدْنِيَكَ وَلَا أُقْصِيَكَ وَأَنْ أُعْلِمَكَ وَأَنْ تَعِيَ فَنَزَلَتْ وَحَقٌّ عَلَى اللهِ أَنْ تَعِيَ فَنَزَلَتْ وَعَنْ مَكْحُولٍ قَالَ قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم هَذِهِ الْآيَةَ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ فَقَالَ إِنِّي سَأَلْتُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَهَا أُذُنَكَ : وَبِالْإِسْنَادِ قَالَ فَسَأَلْتُ رَبِّي فَقُلْتُ اللهُمَّ اجْعَلْهَا أُذُنَ عَلِيٍّ فَكَانَ عَلِيٌّ علیهما السلام يَقُولُ مَا سَمِعْتُ مِنْ نَبِيِّ اللهِ صلی الله علیه وسلم كَلَاماً إِلَّا وَعَيْتُهُ وَحَفِظْتُهُ فَلَمْ أَنْسَهُ.

قوله تعالى (أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِ) الآية وقد تقدم ذكرها.

قَوْلُهُ تَعَالَى (تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً) (٢) عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهما السلام أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ علیهما السلام.

" قَوْلُهُ تَعَالَى (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا) (٣) عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام وَذَلِكَ أَنَّ نَفَراً مِنْ قُرَيْشٍ كَانُوا يُؤْذُونَهُ وَيَكْذِبُونَ عَلَيْهِ.

" قَوْلُهُ تَعَالَى (وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا) (٤) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ وَرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ ابْتَاعَ مِنْهُ أَرْضاً.

قوله تعالى (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً) (٥) هو علي وفاطمة ع.

قوله تعالى (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ) (٦) قيل ذلك علي علیهما السلام لأنه كان مؤمنا مهاجرا ذا رحم.

قَوْلُهُ تَعَالَى (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ) عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ علیهما السلام قَالَ نَزَلَتْ فِي وَلَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام

________________

(١) الحاقّة : ١٢.

(٢) الفتح : ٢٩.

(٣) الأحزاب : ٥٨.

(٤) النور : ٤٧.

(٥) الفرقان : ٥٤.

(٦) الأحزاب : ٦.

٣٢٢

" قَوْلُهُ تَعَالَى (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ سَبَقَ إِلَى مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ علیهما السلام وَمُؤْمِنُ آلِ يَاسِينَ سَبَقَ إِلَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام سَبَقَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم.

قَوْلُهُ تَعَالَى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) الْآيَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ حَدِيثُ غَدِيرِ خُمٍّ وَرَفَعَهُ بِيَدِ عَلِيٍّ علیهما السلام فَنَزَلَتْ فَقَالَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم اللهُ أَكْبَرُ عَلَى إِكْمَالِ الدِّينِ وَإِتْمَامِ النِّعْمَةِ وَرِضَا الرَّبِّ بِرِسَالَتِي وَالْوَلَايَةِ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام.

قوله تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) نزلت في مبيته على فراش رسول الله صلی الله علیه وسلم وقد تقدم ذكرنا لها.

قَوْلُهُ تَعَالَى (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (١) عَنْ عَبْدِ الْغَفَّارِ بْنِ الْقَاسِمِ قَالَ سَأَلْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ علیهما السلام عَنْ (أُولِي الْأَمْرِ) فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ كَانَ وَاللهِ عَلِيٌّ مِنْهُمْ.

قَوْلُهُ تَعَالَى (وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ) (٢) هُوَ حِينَ أَذَّنَ عَلِيٌّ علیهما السلام بِالْآيَاتِ مِنْ سُورَةِ بَرَاءَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهَا مِنْ مُسْنَدِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حِينَ أَنْفَذَهَا مَعَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأَتْبَعَهُ بِعَلِيٍّ علیهما السلام وَقَالَ قَدْ أُمِرْتُ أَنْ لَا يُبَلِّغَهَا إِلَّا أَنَا أَوْ وَاحِدٌ مِنِّي.

" قَوْلُهُ تَعَالَى (طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ) (٣) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ هِيَ شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ أَصْلُهَا فِي حُجْرَةِ عَلِيٍّ وَلَيْسَ فِي الْجَنَّةِ حُجْرَةٌ إِلَّا وَفِيهَا غُصْنٌ مِنْ أَغْصَانِهَا.

" قَوْلُهُ تَعَالَى (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ) (٤) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مُنْتَقِمُونَ بِعَلِيٍّ علیهما السلام.

" قَوْلُهُ تَعَالَى (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ) (٥) عَنْ أَنَسٍ قَالَ عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ

________________

(١) المائدة : ٥٩.

(٢) التوبة : ٣.

(٣) الرعد : ٢٩.

(٤) الزخرف : ٤١.

(٥) الرحمن : ٢١.

٣٢٣

(يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) قَالَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ علیهما السلام وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ (بَيْنَهُما بَرْزَخٌ) النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم (يَخْرُجُ مِنْهُمَا) الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ صلوات الله عليهم.

قَوْلُهُ تَعَالَى (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم مَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَجِبُ عَلَيْنَا حُبُّهُمْ قَالَ عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَابْنَاهُمَا قَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

قَوْلُهُ تَعَالَى (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ) عَنْ مُجَاهِدٍ نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ علیهما السلام وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیهما السلام (الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ) مُحَمَّدٌ صلی الله علیه وسلم وَالَّذِي (صَدَّقَ بِهِ) عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام.

قَوْلُهُ تَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ) عَنْ عَلِيٍّ علیهما السلام قَالَ نَاكِبُونَ عَنْ وَلَايَتِنَا.

قَوْلُهُ تَعَالَى (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ) قَالَ عَلِيٌّ علیهما السلام الْحَسَنَةُ حُبُّنَا وَالسَّيِّئَةُ بُغْضُنَا قَوْلُهُ تَعَالَى (وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ) (١) عَنْ عَلِيٍّ علیهما السلام قَالَ نَحْنُ أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ مَنْ عَرَفْنَاهُ بِسِيمَاهُ أَدْخَلْنَاهُ الْجَنَّةَ.

قوله تعالى (هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) قيل هو علي بن أبي طالب علیهما السلام.

" وَقَوْلُهُ تَعَالَى سَلَامٌ عَلَى آلِ يَاسِينَ وَقَوْلُهُ (وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) وَقَوْلُهُ (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ آلُ يَاسِينَ آلُ مُحَمَّدٍ وَنَحْنُ كَبَابِ حِطَّةٍ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ (وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) عَلِيٌّ علیهما السلام وَقَوْلُهُ (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ) عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام (وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) قيل هو علي بن أبي طالب علیهما السلام قوله تعالى (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ

________________

(١) الأعراف : ٤٨.

(٢) النحل : ٧٦.

٣٢٤

عَنْكُمُ الرِّجْسَ) الآية وقد تقدم ذكر ما أوردته أم سلمة وعائشة رضي الله عنهما وغيرهما في ذلك وقد أورد الحافظ أبو بكر بن مردويه ذلك من عدة طرق لعلها تزيد على المائة فمن أرادها فقد دللته.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى (أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ) عَنْ مُجَاهِدٍ نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ وَحَمْزَةَ.

قَوْلُهُ تَعَالَى (إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) قِيلَ نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ وَحَمْزَةَ وَعُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ حِينَ بَارَزُوا عُتْبَةَ وَشَيْبَةَ وَالْوَلِيدَ قُرْآنٌ فَأَمَّا الْكُفَّارُ فَنَزَلَ فِيهِمْ (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى (عَذابَ الْحَرِيقِ) وَفِي عَلِيٍّ وَأَصْحَابِهِ (إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) الْآيَةَ

قَوْلُهُ تَعَالَى (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) (١) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام يَا رَسُولَ اللهِ أَيُّمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ أَنَا أَمْ فَاطِمَةُ قَالَ فَاطِمَةُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْكَ وَأَنْتَ أَعَزُّ عَلَيَّ مِنْهَا وَكَأَنِّي بِكَ وَأَنْتَ عَلَى حَوْضِي تَذُودُ عَنْهُ النَّاسَ وَإِنَّ عَلَيْهِ لَأَبَارِيقَ مِثْلَ عَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ وَأَنْتَ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَفَاطِمَةُ وَعَقِيلٌ وَجَعْفَرٌ فِي الْجَنَّةِ (إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) أَنْتَ مَعِي وَشِيعَتُكَ فِي الْجَنَّةِ ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم (إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) لَا يَنْظُرُ أَحَدُهُمْ فِي قَفَاءِ صَاحِبِهِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى (يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ) (٢) عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام " قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَ (وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَزَلَتْ فِي رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَعَلِيٍّ خَاصَّةً وَهُمَا أَوَّلُ مَنْ صَلَّى وَرَكَعَ.

قلت هذا ما نقلته مما نزلت فيه علیهما السلام من طرق الجمهور فإن العز المحدث

________________

(١) الحجر : ٤٧.

(٢) الفتح : ٢٩.

٣٢٥

كان صديقنا وكنا نعرفه وكان حنبلي المذهب وابن مردويه وإن كان قد جمع كتابا في مناقبه علیهما السلام اجتهد فيه وبالغ فيما أورده ولم يأل جهدا فقد أورد فيه مواضع لا يقولها الشيعة ولا يوردونها ولم أذكر نزول القرآن فيه علیهما السلام من طرق أصحابنا دفعا للمكابرة واستغناء بما نقلوه من مناقبه ع.

(شعر)

قال فيه البليغ ما قال ذو

العي فكل بفضله منطيق

وكذاك العدو لم يعد أن

قال جميلا كما يقول الصديق

في ذكر المؤاخاة له علیهما السلام

مِنْ مُسْنَدِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم آخَى بَيْنَ الصَّحَابَةِ فَبَقِيَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعَلِيٌّ فَآخَى بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَقَالَ لِعَلِيٍّ علیهما السلام أَنْتَ أَخِي.

وَبِالْإِسْنَادِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم آخَى بَيْنَ النَّاسِ وَتَرَكَ عَلِيّاً حَتَّى بَقِيَ آخِرَهُمْ لَا يَرَى لَهُ أَخاً فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ آخَيْتَ بَيْنَ النَّاسِ وَتَرَكْتَنِي قَالَ وَلِمَنْ تَرَانِي تَرَكْتُكَ إِنَّمَا تَرَكْتُكَ لِنَفْسِي أَنْتَ أَخِي وَأَنَا أَخُوكَ فَإِنْ ذَاكَرَكَ أَحَدٌ فَقُلْ أَنَا عَبْدُ اللهِ وَأَخُو رَسُولِ اللهِ لَا يَدَّعِيهَا بَعْدَكَ إِلَّا كَذَّابٌ.

وَبِالْإِسْنَادِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أدمي [أَبِي أَوْفَى] قَالَ دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَذَكَرَ علیهما السلام قِصَّةَ مُؤَاخَاةِ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم قَالَ فَقَالَ عَلِيٌّ لَقَدْ ذَهَبَتْ رُوحِي وَانْقَطَعَ ظَهْرِي حِينَ رَأَيْتُكَ فَعَلْتَ بِأَصْحَابِكَ مَا فَعَلْتَ غَيْرِي فَإِنْ كَانَ هَذَا مِنْ سَخَطٍ عَلَيَّ فَلَكَ الْعُتْبَى وَالْكَرَامَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ مَا اخْتَرْتُكَ إِلَّا لِنَفْسِي فَأَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي وَأَنْتَ أَخِي وَوَارِثِي قَالَ قَالَ وَمَا أَرِثُ مِنْكَ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ مَا وَرِثَ الْأَنْبِيَاءُ قَبْلِي كِتَابَ اللهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِمْ وَأَنْتَ مَعِي فِي قَصْرِي

٣٢٦

فِي الْجَنَّةِ مَعَ ابْنَتِي فَاطِمَةَ وَأَنْتَ أَخِي وَرَفِيقِي ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم (إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) (١) الْمُتَحَابُّونَ فِي اللهِ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ.

وَبِالْإِسْنَادِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ عَلِيّاً كَانَ يَقُولُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ (أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ) لَأُقَاتِلَنَّ عَلَى مَا قَاتَلَ عَلَيْهِ حَتَّى أَمُوتَ وَاللهِ إِنِّي لَأَخُوهُ وَوَلِيُّهُ وَابْنُ عَمِّهِ وَوَارِثُهُ وَمَنْ أَحَقُّ بِهِ مِنِّي؟!.

وَبِالْإِسْنَادِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام قَالَ طَلَبَنِي رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَوَجَدَنِي فِي حَائِطٍ نَائِماً فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ وَقَالَ قُمْ وَاللهِ لَأَرْضِيَنَّكَ أَنْتَ أَخِي وَأَبُو وُلْدِي تُقَاتِلُ عَلَى سُنَّتِي مَنْ مَاتَ عَلَى عَهْدِي فَهُوَ فِي كَنَفِ اللهِ (٢) وَمَنْ مَاتَ عَلَى عَهْدِكَ فَقَدْ (قَضى نَحْبَهُ) وَمَنْ مَاتَ يُحِبُّكَ بَعْدَ مَوْتِكَ يَخْتِمُ اللهُ لَهُ بِالْأَمْنِ وَالْإِيمَانِ مَا طَلَعَتْ شَمْسٌ أَوْ غَرَبَتْ.

عَنْ جَابِرٍ مِثْلَهُ وَفِي آخِرِهِ عَلِيٌّ أَخِي وَصَاحِبُ لِوَائِي.

وَعَنْ عَلِيٍّ علیهما السلام بِالْإِسْنَادِ قَالَ جَمَعَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِيهِمْ رَهْطٌ كُلُّهُمْ يَأْكُلُ الْجَذَعَةَ وَيَشْرَبُ الْفَرَقَ (٣) قَالَ فَصَنَعَ لَهُمْ مُدّاً مِنْ طَعَامٍ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا قَالَ وَبَقِيَ الطَّعَامُ كَمَا هُوَ كَأَنَّهُ لَمْ يُمَسَّ ثُمَّ دَعَا بِغَمْرٍ (٤) فَشَرِبُوا حَتَّى رَوَوْا وَبَقِيَ الشَّرَابُ كَأَنَّهُ لَمْ يُشْرَبْ مِنْهُ وَلَمْ يُمَسَّ فَقَالَ يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِنِّي بُعِثْتُ إِلَيْكُمْ خَاصَّةً وَإِلَى النَّاسِ عَامَّةً وَقَدْ رَأَيْتُمْ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ مَا رَأَيْتُمْ فَأَيُّكُمْ يُبَايِعُنِي عَلَى أَنْ يَكُونَ أَخِي وَصَاحِبِي قَالَ فَلَمْ يُقِمْ إِلَيْهِ أَحَدٌ فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى يَدِي.

قال أفقر عباد الله تعالى إلى رحمته ـ علي بن عيسى بن أبي الفتح عفا الله تعالى

________________

(١) الصافّات : ٤٤.

(٢) وفي المخطوطتين «في كنز اللّه» مكان «كنف اللّه».

(٣) الجذعة مؤنث الجذع وهو من البقر والمعز : ما دخل في السنة الثانية. والفرق مكيال قيل إنه ستة عشر رطلا.

(٤) الغمر ـ كصرد ـ : قدح صغير وقيل : أصغر الاقداح.

٣٢٧

عنه هذا الحديث قد سبق ذكره أبسط من هذا ولكني نقلته هنا من كتاب العمدة لابن البطريق أحسن الله جزاه فتبعت ما رواه :

قَالَ وَمِنْ مَنَاقِبِ الْفَقِيهِ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْمَغَازِلِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمَ الْمُبَاهَلَةِ آخَى النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَعَلِيٌّ وَاقِفٌ يَرَاهُ وَيَعْرِفُ مَكَانَهُ وَلَمْ يُؤَاخِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدٍ فَانْصَرَفَ عَلِيٌّ بَاكِيَ الْعَيْنِ فَافْتَقَدَهُ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم فَقَالَ مَا فَعَلَ أَبُو الْحَسَنِ قَالُوا انْصَرَفَ بَاكِيَ الْعَيْنِ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ يَا بِلَالُ اذْهَبْ فَائْتِنِي بِهِ فَمَضَى بِلَالٌ إِلَى عَلِيٍّ علیهما السلام وَقَدْ دَخَلَ مَنْزِلَهُ بَاكِيَ الْعَيْنِ.

فَقَالَتْ فَاطِمَةُ مَا يُبْكِيكَ لَا أَبْكَى اللهُ عَيْنَيْكَ قَالَ يَا فَاطِمَةُ آخَى النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَأَنَا وَاقِفٌ يَرَانِي وَيَعْرِفُ مَكَانِي وَلَمْ يُؤَاخِ بَيْنِي وَبَيْنَ أَحَدٍ قَالَتْ علیهما السلام لَا يَحْزُنُكَ اللهُ لَعَلَّهُ إِنَّمَا ادَّخَرَكَ لِنَفْسِهِ فَقَالَ بِلَالٌ يَا عَلِيُّ أَجِبِ النَّبِيَّ علیهما السلام فَأَتَى عَلِيٌّ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم فَقَالَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ فَقَالَ وَاخَيْتَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ يَا رَسُولَ اللهِ وَأَنَا وَاقِفٌ تَرَانِي وَتَعْرِفُ مَكَانِي وَلَمْ تُؤَاخِ بَيْنِي وَبَيْنَ أَحَدٍ قَالَ إِنَّمَا ذَخَرْتُكَ لِنَفْسِي أَلَا يَسُرُّكَ أَنْ تَكُونَ أَخَا نَبِيِّكَ قَالَ بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ أَنَّى لِي بِذَلِكَ فَأَخَذَهُ بِيَدِهِ فَأَرْقَاهُ الْمِنْبَرَ فَقَالَ اللهُمَّ إِنَّ هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ أَلَا إِنَّهُ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى أَلَا مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ.

قَالَ فَانْصَرَفَ عَلِيٌّ قَرِيرَ الْعَيْنِ فَاتَّبَعَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقَالَ بَخْ بَخْ يَا أَبَا الْحَسَنِ أَصْبَحْتَ مَوْلَايَ وَمَوْلَى كُلِّ مُسْلِمٍ.

وَبِالْإِسْنَادِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَقَالَ إِنِّي مُؤَاخٍ بَيْنَكُمْ كَمَا آخَى اللهُ تَعَالَى بَيْنَ الْمَلَائِكَةِ ثُمَّ قَالَ لِعَلِيٍّ أَنْتَ أَخِي وَرَفِيقِي ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ (إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) الْأَخِلَّاءُ فِي اللهِ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ.

وَعَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ يَرْفَعُهُ إِلَى ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم لِعَلِيٍّ علیهما السلام أَنْتَ أَخِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

وَبِالْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم خَيْرُ إِخْوَانِي عَلِيٌ.

٣٢٨

وَبِالْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم لِعَلِيٍّ علیهما السلام يَوْمَ الْمُؤَاخَاةِ أَنْتَ أَخِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

وَبِالْإِسْنَادِ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ آخَى رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ كَانَ يُؤَاخِي بَيْنَ الرَّجُلِ وَنَظِيرِهِ ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ هَذَا أَخِي قَالَ حُذَيْفَةُ فَرَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم سَيِّدُ الْمُرْسَلِينَ وَإِمَامُ الْمُتَّقِينَ وَرَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ الَّذِي لَيْسَ لَهُ شَبِيهٌ وَلَا نَظِيرٌ وَعَلِيٌّ أَخُوهُ.

(شعر)

ينيل العدو والصديق وإنما

يعادي الفتى أمثاله ويصادق

وَبِالْإِسْنَادِ عَنْ أَبِي الْحَمْرَاءِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ رَأَيْتُ عَلَى سَاقِ الْعَرْشِ الْأَيْمَنِ أَنَا وَحْدِي لَا إِلَهَ غَيْرِي غَرَسْتُ جَنَّةَ عَدْنٍ بِيَدِي مُحَمَّدٌ صَفْوَتِي أَيَّدْتُهُ بِعَلِيٍ.

وَمِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ الصِّحَاحِ السِّتِّ لِرَزِينٍ الْعَبْدِيِّ فِي بَابِ مَنَاقِبِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام.

وَبِالْإِسْنَادِ الْمُقَدَّمِ مِنْ سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَصَحِيحِ التِّرْمِذِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ لَمَّا آخَى رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم بَيْنَ أَصْحَابِهِ جَاءَ عَلِيٌّ تَدْمَعُ عَيْنَاهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ آخَيْتَ بَيْنَ أَصْحَابِكَ وَلَمْ تُؤَاخِ بَيْنِي وَبَيْنَ أَحَدٍ قَالَ فَسَمِعْتُ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ أَنْتَ أَخِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

قال يحيى بن الحسن بن البطريق قوله صلی الله علیه وسلم لعلي علیهما السلام أنت أخي في الدنيا والآخرة أراد بذلك غاية المدحة له ونهاية المبالغة في علو المنزلة لأنه علیهما السلام لما آخى بين المرء ونظيره ولم يجد لعلي علیهما السلام نظيرا غيره فهو نظيره من وجوه.

نظيره في الأصل بدليل شاهد النسب الصريح بينهما بلا ارتياب ونظيره في العصمة بدليل قوله تعالى (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) ونظيره في أنه ولي الأمة بدليل قوله تعالى (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَ

٣٢٩

الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) واختصاص هذه الآية بأمير المؤمنين علیهما السلام قد تقدم من الصحاح ونظيره في الأداء والتبليغ بدليل الوحي الوارد عليه يوم إعطاء سورة براءة لغيره فنزل جبرئيل علیهما السلام وقال لا يؤديها إلا أنت أو من هو منك فاستعادها منه فأداها علي علیهما السلام بوحي الله تعالى في الموسم بما تقدم ثبوت طرقه وبما يأتي ذكره أنه لا يؤدي عنه إلا هو أو علي في باب ذكر خاصف النعل ونظيره في كونه علیهما السلام مولى الأمة بدليل قَوْلِهِ علیهما السلام مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ بما تقدم ذكره من عدة طرق ونظيره في مماثلة نفسيهما وأن نفسه قامت مقام نفسه علیهما السلام وأن الله قد جعله نفس رسوله صلی الله علیه وسلم بدليل قوله سبحانه وتعالى (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) فجعل نفس علي نفسه صلی الله علیه وسلم لأنه علیهما السلام قال (تَعالَوْا نَدْعُ) والداعي لا يدعو نفسه وإنما يدعو غيره فثبت أن المراد بنفسه في الدعاء نفس علي علیهما السلام وبذلك ورد تفسير هذه الآية وقد تقدم ذكرها ونظيره في فتح بابه في المسجد كفتح باب رسول الله صلی الله علیه وسلم وجوازه في المسجد كجوازه ودخوله في المسجد جنبا كحال رسول الله على السواء وقد ذكرت ذلك وسأذكره فيما بعد.

فثبتت المناظرة والمشابهة والمشاكلة له بالنبي صلی الله علیه وسلم إلا ما استثناه من الأمر الذي لا نظير له فيه وهو النبوة بقوله إلا أنه لا نبي بعدي فلذلك صح من النبي صلی الله علیه وسلم أن يجعله أخاه في الدنيا والآخرة بما ثبت له من المشابهة والمشاكلة في هذه المنازل بمشاركته له في منزله في الجنة بما تضمنته هذه الأخبار

في ذكر سد الأبواب

مِنْ مُسْنَدِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ كَانَ لِنَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم أَبْوَابٌ شَارِعَةٌ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ يَوْماً سُدُّوا هَذِهِ الْأَبْوَابَ إِلَّا بَابَ عَلِيٍّ قَالَ فَتَكَلَّمَ فِي ذَلِكَ أُنَاسٌ قَالَ فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى

٣٣٠

عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أُمِرْتُ بِسَدِّ هَذِهِ الْأَبْوَابِ غَيْرَ بَابِ عَلِيٍّ فَقَالَ فِيهِ قَائِلُكُمْ وَاللهِ مَا سَدَدْتُ شَيْئاً وَلَا فَتَحْتُهُ وَلَكِنِّي أُمِرْتُ بِشَيْءٍ فَاتَّبَعْتُهُ.

" وَبِالْإِسْنَادِ الْمُقَدَّمِ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ لَقَدْ أُوتِيَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام ثَلَاثاً لَأَنْ أَكُونَ أُوتِيتُهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُعْطَى حُمْرَ النَّعَمِ جِوَارُ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم لَهُ فِي الْمَسْجِدِ وَالرَّايَةُ يَوْمَ خَيْبَرَ وَالثَّالِثَةُ نَسِيَهَا سُهَيْلٌ.

" وَبِالْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كُنَّا نَقُولُ خَيْرُ النَّاسِ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ وَلَقَدْ أُوتِيَ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ ثَلَاثَ خِصَالٍ لَأَنْ يَكُونَ لِي وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ زَوَّجَهُ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم بِنْتَهُ وَوَلَدَتْ لَهُ وَسَدَّ الْأَبْوَابَ إِلَّا بَابَهُ فِي الْمَسْجِدِ وَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ يَوْمَ خَيْبَرَ.

وَمِنْ مَنَاقِبِ الْفَقِيهِ ابْنِ الْمَغَازِلِيِّ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم إِلَى الْمَسْجِدِ فَقَالَ إِنَّ اللهَ أَوْحَى إِلَى نَبِيِّهِ مُوسَى أَنِ ابْنِ لِي مَسْجِداً طَاهِراً لَا يَسْكُنُهُ إِلَّا مُوسَى وَهَارُونُ وَابْنَا هَارُونَ وَإِنَّ اللهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ أَبْنِيَ مَسْجِداً طَاهِراً لَا يَسْكُنُهُ إِلَّا أَنَا وَعَلِيٌّ وَابْنَا عَلِيٍ.

وَبِالْإِسْنَادِ الْمُقَدَّمِ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أُسَيْدٍ الْغِفَارِيِّ قَالَ لَمَّا قَدِمَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم الْمَدِينَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ بُيُوتٌ فَكَانُوا يَبِيتُونَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم لَا تُبَيِّتُوا فِي الْمَسْجِدِ فَتَحْتَلِمُوا ثُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ بَنَوْا بُيُوتاً حَوْلَ الْمَسْجِدِ وَجَعَلُوا أَبْوَابَهَا إِلَى الْمَسْجِدِ وَإِنَّ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم بَعَثَ إِلَيْهِمْ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ فَنَادَى أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللهِ يَأْمُرُكَ أَنْ تَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ وَتَسُدَّ بَابَكَ فَقَالَ سَمْعاً وَطَاعَةً فَسَدَّ بَابَهُ وَخَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَأْمُرُكَ أَنْ تَسُدَّ بَابَكَ الَّذِي فِي الْمَسْجِدِ وَتَخْرُجَ مِنْهُ فَقَالَ سَمْعاً وَطَاعَةً لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ غَيْرُ أَنِّي أَرْغَبُ إِلَى اللهِ تَعَالَى فِي خَوْخَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَأَبْلَغَهُ مُعَاذٌ مَا قَالَهُ عُمَرُ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَعِنْدَهُ رُقَيَّةُ فَقَالَ سَمْعاً وَطَاعَةً فَسَدَّ بَابَهُ وَخَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى حَمْزَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَسَدَّ بَابَهُ فَقَالَ

٣٣١

سَمْعاً وَطَاعَةً لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَعَلِيٌّ علیهما السلام عَلَى ذَلِكَ مُتَرَدِّدٌ لَا يَدْرِي أَهُوَ فِيمَنْ يُقِمْ أَوْ فِيمَنْ يَخْرُجْ وَكَانَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم قَدْ بَنَى لَهُ فِي الْمَسْجِدِ بَيْتاً بَيْنَ أَبْيَاتِهِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم اسْكُنْ طَاهِراً مُطَهَّراً فَبَلَغَ حَمْزَةَ قَوْلُ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم لِعَلِيٍّ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ تُخْرِجُنَا وَتُمْسِكُ غِلْمَانَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ـ فَقَالَ لَهُ نَبِيُّ اللهِ لَوْ كَانَ الْأَمْرُ إِلَيَّ مَا جَعَلْتُ دُونَكُمْ مِنْ أَحَدٍ وَاللهِ مَا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ إِلَّا اللهُ وَإِنَّكَ لَعَلَى خَيْرٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ أَبْشِرْ فَبَشَّرَهُ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم فَقُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ شَهِيداً وَنَفِسَ ذَلِكَ رِجَالٌ عَلَى عَلِيٍّ علیهما السلام فَوَجَدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَتَبَيَّنَ فَضْلُهُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم فَقَامَ خَطِيباً فَقَالَ إِنَّ رِجَالاً يَجِدُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ فِي أَنْ أَسْكُنَ عَلِيّاً فِي الْمَسْجِدِ وَاللهِ مَا أَخْرَجْتُهُمْ وَلَا أَسْكَنْتُ إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَوْحَى (إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) وَأَمَرَ مُوسَى أَنْ لَا يَسْكُنَ مَسْجِدَهُ وَلَا يَنْكِحَ فِيهِ وَلَا يَدْخُلَهُ إِلَّا هَارُونُ وَذُرِّيَّتُهُ وَإِنَّ عَلِيّاً بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى وَهُوَ أَخِي دُونَ أَهْلِي وَلَا يَحِلُّ مَسْجِدِي لِأَحَدٍ يَنْكِحَ فِيهِ النِّسَاءَ إِلَّا عَلِيٌّ وَذُرِّيَّتُهُ فَمَنْ سَاءَهُ فَهَاهُنَا وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ نَحْوَ الشَّامِ.

" وَبِالْإِسْنَادِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ كَانَتْ لِعَلِيٍّ مَنَاقِبُ لَمْ تَكُنْ لِأَحَدٍ كَانَ يَبِيتُ فِي الْمَسْجِدِ وَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ يَوْمَ خَيْبَرَ وَسَدَّ الْأَبْوَابَ إِلَّا بَابَ عَلِيٍ.

وَبِالْإِسْنَادِ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ كَانَ لِنَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم أَبْوَابٌ شَارِعَةٌ فِي الْمَسْجِدِ وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم قَالَ سُدُّوا هَذِهِ الْأَبْوَابَ غَيْرَ بَابِ عَلِيٍّ فَتَكَلَّمَ فِي ذَلِكَ نَاسٌ فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَمَرْتُ بِسَدِّ هَذِهِ الْأَبْوَابِ غَيْرَ بَابِ عَلِيٍّ علیهما السلام فَقَالَ قَائِلُكُمْ وَإِنِّي وَاللهِ مَا سَدَدْتُ شَيْئاً وَلَا فَتَحْتُهُ وَلَكِنِّي أُمِرْتُ بِشَيْءٍ فَاتَّبَعْتُهُ.

وَبِالْإِسْنَادِ الْمُقَدَّمِ عَنْ سَعْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم أَمَرَ بِسَدِّ الْأَبْوَابِ فَسُدَّتْ وَتُرِكَتْ بَابُ عَلِيٍّ فَأَتَاهُ الْعَبَّاسُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ سَدَدْتَ أَبْوَابَنَا وَتَرَكْتَ بَابَ عَلِيٍّ فَقَالَ مَا أَنَا فَتَحْتُهَا وَلَا أَنَا سَدَدْتُهَا.

وَبِالْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم سَدَّ أَبْوَابَ

٣٣٢

الْمَسْجِدِ غَيْرَ بَابِ عَلِيٍ

وَبِالْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضاً أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم أَمَرَ بِسَدِّ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا فَسُدَّتْ إِلَّا بَابُ عَلِيٍ.

وَبِالْإِسْنَادِ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ مَنْ خَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم قَالَ مَا أَنْتَ وَذَاكَ لَا أُمَّ لَكَ ثُمَّ اسْتَغْفَرَ اللهَ وَقَالَ خَيْرُهُمْ بَعْدَهُ مَنْ كَانَ يَحِلُّ لَهُ مَا يَحِلُّ لَهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ قُلْتُ مَنْ هُوَ قَالَ عَلِيٌّ سَدَّ أَبْوَابَ الْمَسْجِدِ وَتَرَكَ بَابَ عَلِيٍّ وَقَالَ لَكَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ مَا لِي وَعَلَيْكَ فِيهِ مَا عَلَيَّ وَأَنْتَ وَارِثِي وَوَصِيِّي تَقْضِي دَيْنِي وَتُنْجِزُ عِدَاتِي وَتَقْتُلُ عَلَى سُنَّتِي كَذَبَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُبْغِضُكَ وَيُحِبُّنِي.

قال الشيخ العالم ـ يحيى بن الحسن بن البطريق الأسدي رحمه‌الله فقد أبان الله سبحانه وتعالى الفرق بين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیهما السلام وبين غيره فيما حل له وحرم على غيره وإذا كان الحرام على غيره حلا له وجبت ميزته وثبتت عصمته لموضع الأمن منه لوقوع ما يكره الله سبحانه ووقوعه من غيره وهذا محمول على ما تقدم من شواهد الكتاب العزيز له ولولديه وزوجته علیهما السلام وهو قوله تعالى (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) والنبي صلی الله علیه وسلم فتح أبواب الجميع على ظاهر الحال لأن ظاهرها كانت صالحة ولا يعلم النبي من حال الأمة غير الظاهر إلا ما يطلعه عليه القديم تعالى الذي يعلم الغيوب والبواطن ففتح الأبواب للجميع ولم يفرق بين القريب والصاحب لظاهر الأحوال الصالحة فمنع القديم تعالى للقوم من الجواز وسد أبوابهم لا يخلو من قسمين إما أن يكون على ظاهر الحال أو على باطنها فظاهر الحال قد بينا أنها كانت صالحة وهي التي بين النبي صلی الله علیه وسلم فيها فعله في الإباحة فلم يبق إلا أن يكون منع الله تعالى لهم على باطن الحال لا على ظاهره لأنه سبحانه وتعالى هو المتوالي للبواطن فعلم سبحانه وتعالى من

٣٣٣

حاله وصلاحها ما لم يحط به النبي صلی الله علیه وسلم علما إلا بعد وحي الله تعالى إليه لأن علم الغيب إليه لا إلى غيره تعالى ولا يحيط بعلم الغيب ولا يظهر عليه إلا لمن ارتضاه الله من رسله كما قال (فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) وإذا كان علیهما السلام قد انفرد بصلاح الباطن دون غيره وشاركهم في صلاح الظاهر فقد اتفق له صلاحهما معا فظهرت ميزته على الناس بما عرفه الله من باطن حاله ولم يعرفه من غيره وهذا واضح.

ثم إن منعهم من الجواز إما أن يكون بسبب موجب أو لغير سبب ولا جائز أن يعرى من سبب لأن العبث والخلق من الحكمة في أفعال الله محال فتعين أن يكون لسبب وحكمة وإذا ثبت وجه الحكمة في منع غيره وإباحته هو علیهما السلام فثبت له ما لا يشاركه فيه غيره فوجب له الفضل على غيره ووجب اتباعه والاقتداء به لتخصصه بهذه المنزلة الحاصلة له بوحي من الله تعالى وأقوال النبي صلی الله علیه وسلم فيه تعضد هذا أو تدل على صلاح باطنه علیهما السلام كَقَوْلِهِ عَلِيٌّ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ وَكَقَوْلِهِ أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى وَكَقَوْلِهِ أَنْتَ أَخِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَكَقَوْلِهِ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ وَقَوْلِهِ صلی الله علیه وسلم صَلَّتِ الْمَلَائِكَةُ عَلَيَّ وَعَلَى عَلِيٍّ سَبْعَ سِنِينَ قَبْلَ النَّاسِ وقوله تعالى (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) وغير ذلك من مناقبه ومزاياه ومآثره وسجاياه التي تفوت الحد وتتجاوز العد ولو لا ثبوت ذلك له لما أنزله من نفسه بهذه المنازل ولما أقامه مقام نفسه في شيء من ذلك ولا أذن له في تخصيصه وتبيين مكانه بما ميزه عن الأمثال والأضراب باستبداده وبصلاح باطنه ومشاركته غيره في الظاهر.

وكما تميز على الأصحاب في فتح بابه دون أبوابهم بصلاح الباطن فقد امتاز عليهم في الظاهر وهو أنه يعتبر بأشياء أولها العلم وهو موجب للفضل بدليل قوله تعالى (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) وقوله تعالى (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) وقوله عزوجل (وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ) وعلي علیهما السلام أعلم الأمة بعد رسول الله صلی الله علیه وسلم لرجوع الصحابة إلى حكمه وعملهم في كثير

٣٣٤

من قضاياهم برأيه ولم يسأل هو أحدا ولا رجع إلى حكمه وهذا ثابت واضح قد نقله الناس في كتبهم وصحاحهم ولأنه وارثه بِقَوْلِهِ تَرِثُ مِنِّي مَا وَرِثَ الْأَنْبِيَاءُ مِنْ قَبْلِكَ وهو كتاب الله وسنة نبيهم ومن ورث الكتاب والسنة فهو أعلم الناس لأن العلم لا يخرج عنهما.

أذكر أحاديث في ذكر خاصف النعل

مِنَ الصِّحَاحِ السِّتَّةِ لِرَزِينٍ الْعَبْدَرِيِّ مِنَ الْجُزْءِ الثَّالِثِ فِي ذِكْرِ غَزْوَةِ الْحُدَيْبِيَةِ مِنْ سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَصَحِيحِ التِّرْمِذِيِّ بِالْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْحُدَيْبِيَةِ خَرَجَ إِلَيْنَا أُنَاسٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ رُؤَسَائِهِمْ فَقَالُوا قَدْ خَرَجَ إِلَيْكُمْ مِنْ أَبْنَائِنَا وَأَرِقَّائِنَا وَإِنَّمَا خَرَجُوا فِرَاراً مِنْ خِدْمَتِنَا فَارْدُدْهُمْ إِلَيْنَا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ لَتَنْتَهُنَّ عَنْ مُخَالَفَةِ أَمْرِ اللهِ أَوْ لَيَبْعَثَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ مَنْ يَضْرِبُ رِقَابَكُمْ بِالسَّيْفِ الَّذِينَ قَدْ (امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى) قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم مَنْ أُولَئِكَ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ مِنْهُمْ خَاصِفُ النَّعْلِ وَكَانَ قَدْ أَعْطَى عَلِيّاً علیهما السلام نَعْلَهُ يَخْصِفُهَا.

وَمِنْ مُسْنَدِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ عَنْ عَلِيٍّ علیهما السلام أَنَّ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو أَتَى النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ قَوْمَنَا لَحِقُوا بِكَ فَارْدُدْهُمْ عَلَيْنَا فَغَضِبَ حَتَّى رُئِيَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ لَتَنْتَهُنَّ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَوْ لَيَبْعَثَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ رَجُلاً مِنْكُمْ امْتَحَنَ اللهُ قَلْبَهُ لِلْإِيمَانِ يَضْرِبُ رِقَابَكُمْ عَلَى الدِّينِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ أَبُو بَكْرٍ قَالَ لَا قِيلَ فَعُمَرُ قَالَ لَا وَلَكِنْ خَاصِفُ النَّعْلِ فِي الْحُجْرَةِ ثُمَّ قَالَ عَلِيٌّ أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ لَا تَكْذِبُوا عَلَيَّ فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً أَوْلَجَتْهُ النَّارُ.

وَبِالْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم لَيَنْتَهُنَّ أَوْ لَأَبْعَثَنَّ إِلَيْهِمْ رَجُلاً يَمْضِي فِيهِمْ أَمْرِي فَيَقْتُلُ الْمُقَاتِلَةَ وَيَسْبِي الذُّرِّيَّةَ قَالَ فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ فَمَا رَاعَنِي إِلَّا بَرْدُ كَفِّ عُمَرَ فِي حُجْزَتِي مِنْ خَلْفِي قَالَ مَنْ تَرَاهُ يَعْنِي قُلْتُ مَا يَعْنِيكَ وَلَكِنْ يَعْنِي

٣٣٥

خَاصِفَ النَّعْلِ يَعْنِي عَلِيّاً علیهما السلام.

قال علي بن عيسى عفا الله عنه قد سبق ذكري لهذه الأحاديث بألفاظ تقارب هذه وإنما أوردتها هاهنا لأذكر عقيبها ما أورده ابن البطريق عقيب إيرادها.

قال رحمه‌الله اعلم أن رسول الله صلی الله علیه وسلم إنما قال ذلك تنويها بذكر أمير المؤمنين ونصا عليه بأمور منها أنه ولي الأمة بعده لأنه قال يضرب رقابكم على الدين بعد قوله امتحن الله قلبه للإيمان وجعل ذلك ببعث الله سبحانه وتعالى له لا من قبل نفسه وهذا نص منه علیهما السلام ومن الله سبحانه وتعالى على أمير المؤمنين علیهما السلام لاستحقاق استيفاء حق الله تعالى له ممن كفر ولا يستحق ذلك بعد النبي إلا الإمام ودليل صحته قوله صلی الله علیه وسلم في خبر من هذه الأخبار رجلا مني أو قال مثل نفسي فدل على أن المراد بذلك التنويه باستحقاق الولاء لكونه مثل نفسه إذ قال مثل نفسي ويزيده بيانا وإيضاحا قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه في حديث آخر وقسمه بالله تعالى أنه ما اشتهى الإمارة إلا يومئذ والمتمني والمشتهي لا يطلب ما هو دون قدره بدليل قوله تعالى (وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ) فالمتمني يكون بما فضل به البعض على البعض لا لما استووا فيه ويزيده بيانا ما تقدم في الخبر من قول أبي بكر أنا هو يا رسول الله صلى الله عليك وآلك قال لا ولو لم يعلما أن ذلك كان علامة من النبي صلی الله علیه وسلم تدل على مستحق الأمر بعده ما تطاولا إلى طلبته ذلك.

فإن قيل إنما تطاولا لذلك لأنه أمر محبوب إلى كل أحد أن يكون قد امتحن الله قلبه للإيمان لا لموضع استحقاق الأمر بعده.

قلنا الذي يدل على أنه لاستحقاق الولاء دون ما عداه قوله صلی الله علیه وسلم إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله فجعل القاتلين سواء لأنه ذكرهما بكاف التشبيه لأن إنكار التأويل كإنكار التنزيل لأن منكر التنزيل جاحد لقبوله ومنكر التأويل جاحد لقبول العمل به فهما سواء في الجحود وليس مرجع قتال الفريقين

٣٣٦

إلا إلى النبي أو إلى من يقوم مقامه فدل على أن الكتابة إنما كانت لاستحقاق الإمامة كما تقدم.

فأما ما ورد في الخبر بلفظ (الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى) وهو واحد فلا يخلو إما أن يكون الراوي غيره إما غلطا وإما تعمدا للغلط ليضيع الفائدة أو يكون ورد هكذا فإن كان الأولان فالواقع من كون المعين واحدا يدل على بطلانه وإن كان الثالث فهو كقوله تعالى (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) فذكره سبحانه في هذه الآية في موضعين بلفظ الذين وهو واحد وكذلك قوله تعالى (وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) على الجمع وهو واحد.

وأما قوله علیهما السلام منهم خاصف النعل فلم يرد أن ثم من هو بهذه الصفة ولكنه أراد أن هذه الصفة موجودة فيه لا في غيره وذلك مثل قوله تعالى (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَ) لم يرد بذلك إلا جميع من قال بهذه المقالة ولم يستثن بعضا من كل.

وقوله تعالى (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَ) وأراد بذلك جميع من كان بهذه الصفة وإبانة من هو مستحق لإطلاقها عليه.

وقوله تعالى (وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ) لم يرد أنه ترك البعض ممن هو بهذه الصفة وترك البعض وإنما أراد بيان من هو مستحق لهذه الصفة دون غيره لا لأنه بعض.

في قول النبي صلی الله علیه وسلم

أنت وارثي وحامل لوائي وما هو مكتوب على باب الجنة

مِنْ مُسْنَدِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم آخَى بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ أَنْتَ يَا عَلِيُّ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى غَيْرَ أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي أَمَا عَلِمْتَ يَا عَلِيُّ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ يُدْعَى بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُدْعَى بِي فَأَقُومُ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ فَأُكْسَى حُلَّةً خَضْرَاءَ مِنْ

٣٣٧

حُلَلِ الْجَنَّةِ ثُمَّ يُدْعَى بِالنَّبِيِّينَ بَعْضُهُمْ عَلَى أَثَرِ بَعْضٍ فَيَقُومُونَ سِمَاطَيْنِ (١) عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ وَيُكْسَوْنَ حُلَلاً خُضْراً مِنْ حُلَلِ الْجَنَّةِ أَلَا إِنِّي أُخْبِرُكَ يَا عَلِيُّ أَنَّ أُمَّتِي أَوَّلُ الْأُمَمِ يُحَاسَبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ أَنْتَ أَوَّلُ مَنْ يُدْعَى بِكَ لِقَرَابَتِكَ وَمَنْزِلَتِكَ عِنْدِي وَيُدْفَعُ إِلَيْكَ لِوَائِي وَهُوَ لِوَاءُ الْحَمْدِ فَتَسِيرُ بِهِ بَيْنَ السِّمَاطَيْنِ آدَمُ علیهما السلام وَجَمِيعُ خَلْقِ اللهِ يَسْتَظِلُّونَ بِظِلِّ لِوَائِي وَطُولُهُ مَسِيرَةَ أَلْفِ سَنَةٍ سِنَانُهُ يَاقُوتَةٌ حَمْرَاءُ وَلَهُ ثَلَاثُ ذَوَائِبَ مِنْ نُورٍ ذُؤَابَةٌ فِي الْمَشْرِقِ وَذُؤَابَةٌ فِي الْمَغْرِبِ وَالثَّالِثَةُ وَسَطُ الدُّنْيَا مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا ثَلَاثَةُ أَسْطُرٍ الْأَوَّلُ (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) وَالثَّانِي (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) وَالثَّالِثُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ طُولُ كُلِّ سَطْرٍ أَلْفُ سَنَةٍ وَعَرْضُهُ أَلْفُ سَنَةٍ.

قَالَ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى عَفَا اللهُ عَنْهُ هَكَذَا أَوْرَدَهُ ابْنُ الْبِطْرِيقِ رَحِمَهُ اللهُ وَقُدْرَةُ اللهِ لَا يُعَظَّمُ فِيهَا شَيْءٌ مِنَ الْمُمْكِنَاتِ.

قَالَ فَتَسِيرُ بِاللِّوَاءِ وَالْحَسَنُ عَنْ يَمِينِكَ وَالْحُسَيْنُ عَنْ يَسَارِكَ حَتَّى تَقِفَ بَيْنِي وَبَيْنَ إِبْرَاهِيمَ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ ثُمَّ تُكْسَى حُلَّةً خَضْرَاءَ مِنْ حُلَلِ الْجَنَّةِ ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ نِعْمَ الْأَبُ أَبُوكَ إِبْرَاهِيمُ وَنِعْمَ الْأَخُ أَخُوكَ عَلِيٌّ أَبْشِرْ يَا عَلِيُّ إِنَّكَ تُكْسَى إِذَا كُسِيتُ وَتُدْعَى إِذَا دُعِيتُ وَتُحَيَّا إِذَا حُيِّيتُ

وَبِالْإِسْنَادِ الْمُقَدَّمِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم أُعْطِيتُ فِي عَلِيٍّ خَمْسَ خِصَالٍ هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا أَمَّا وَاحِدَةٌ فَهُوَ كَابٍ (٢) بَيْنَ يَدَيِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يَفْرُغَ النَّاسُ مِنَ الْحِسَابِ.

وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلِوَاءُ الْحَمْدِ بِيَدِهِ وَآدَمُ علیهما السلام وَمَنْ وَلَدَ تَحْتَهُ.

وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَوَاقِفٌ عَلَى عَقْرِ حَوْضِي (٣) يَسْقِي مَنْ عَرَفَ مِنْ أُمَّتِي.

________________

(١) السماط : الجماعة من الناس.

(٢) من قولهم كبى لوجهه : سفط.

(٣) العقر ـ بالضم ـ : مؤخر الحوض وقيل مقام الشارب منه.

٣٣٨

وَأَمَّا الرَّابِعَةُ فَسَاتِرُ عَوْرَتِي وَمُسَلِّمِي إِلَى رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ.

وَأَمَّا الْخَامِسَةُ فَلَسْتُ أَخْشَى عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ زَانِياً بَعْدَ إِحْصَانٍ وَلَا كَافِراً بَعْدَ إِيمَانٍ (١)

وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم رَأَيْتُ مَكْتُوباً عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ عَلِيٌّ أَخُوهُ.

وَعَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم مَكْتُوبٌ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ عَلِيٌّ أَخُو رَسُولِ اللهِ قَبْلَ أَنْ يُخْلَقَ السَّمَاوَاتُ بِأَلْفَيْ عَامٍ وَمِثْلُهُ مِنْ مَنَاقِبِ الْمَغَازِلِيِ.

وَعَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم لِكُلِّ نَبِيٍّ وَصِيٌّ وَوَارِثٌ وَإِنَّ وَصِيِّي وَوَارِثِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.

قال ابن البطريق اعلم أن في هذه الأخبار دليل على نفي الشك عن أمير المؤمنين إلا أن يكون رسول الله صلی الله علیه وسلم أولا لأنه قال إنه وارثه وفسر ما يرثه منه فقال كتاب الله وسنة الرسول وذكر أن ذلك هو وراثة الأنبياء قبله وهذا هو غاية التنويه بذكره في استحقاق الأمر بعده لأن الميراث هو حق جعله الله تعالى لمستحقه ليس بجعل المتوفى فإذا كان ميراث الأنبياء هو الكتاب والسنة وهما مستحقان من قبل الله تعالى وبهما صحت النبوة والإمامة فرع عليها فوارثهما قائم مقام الأنبياء وجار على طرائقهم وحينئذ يجب على الأمة اتباعه والانقياد إلى طاعته فيكونوا عند ذلك لربهم طائعين ولنبيهم تابعين لأن من كان وارثا لما به صحت النبوة كان أعلم به ووجب اتباعه وقد ثبتت الإمامة لعلي علیهما السلام بما ثبتت به النبوة للنبي صلی الله علیه وسلم فتارك الاقتداء بإمامته علیهما السلام كتارك الاقتداء بنبوته صلی الله علیه وسلم.

قال علي بن عيسى رحمه‌الله هذا ما لخصته من كتاب ابن البطريق من فصل ذكر المؤاخاة إلى هنا فإن ذكرت شيئا من كتابه بعد هذا نبهت عليه.

________________

(١) كأنّه تعريض على غيره ممن رجع كافرا بعد الايمان بعد موت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم أو في زمن حياته.

٣٣٩

ذكر مخاطبته بأمير المؤمنين في عهد النبي صلى الله

عليه وآله الطاهرين

يقول علي بن عيسى مستمدا من الله حسن التوفيق ومستهديا برحمته إلى سواء الطريق إن الشيعة مجمعون على أن النبي صلی الله علیه وسلم خاطبه بإمرة المؤمنين مرارا منها ما صدر عن وحي وأمر من الله له بذلك ومنها ما قاله له من تلقاء نفسه وحكم ذلك أيضا حكم الوحي لأنه صلی الله علیه وسلم لا ينطق عن الهوى فذكر ذلك من طرق الشيعة لا معنى له ولا يكون حجة على من ينكر ذلك من الجمهور على أني باحثت بعض علمائهم من مدرسي مذهب أحمد بن حنبل رحمة الله عليه فأوردت عليه حديثا من مسند إمامه فقال أحاديث المسند لم يلتزم أحمد فيها الصحة فتكون حجة على ما وردت مثل ذلك الحديث من صحيح الترمذي فطعن في رجل من رجاله فقلت له تعذر وامتنع البحث معكم فقال كيف قلت لأنكم تطعنون فيما نورده نحن وفيما توردونه أنتم عن مشايخكم وأئمتكم فكيف يتحقق بيننا بحث أو يقوم على ما ندعيه دليل ولكن نورد من ذلك ما هو من طرقهم فإن أذعنوا وانقادوا فذاك وإلا فسبيله سبيل غيره مما أنكروه وعاندوا فيه الحق ليس عليك هداهم.

وقد كان السعيد رضي الدين علي بن موسى بن طاوس رحمه‌الله وألحقه بسلفه جمع في ذلك كتابا سماه كتاب اليقين باختصاص مولانا علي علیهما السلام بإمرة المؤمنين ونقل ذلك مما يزيد على ثلاثمائة طريق فاقتصرت من ذلك على ما أوردته نقلا من كتابه رحمه‌الله ونسبت كل حديث إلى من أورده من علماء الجمهور مقتصرا عليهم دون من عداهم.

قال قال الحافظ أبو بكر أحمد بن مردويه وهو من عظماء علماء الجمهور وقد رأيت في مدحه من كتاب معجم البلدان لياقوت بن عبد الله الحموي من ترجمة إسكاف ما هذا لفظه وممن ينسب إليها أبو بكر بن مردويه ومات بإسكاف سنة

٣٤٠