كشف الغمّة في معرفة الأئمّة - ج ١

أبي الحسن علي بن عيسى بن أبي الفتح الاربلي

كشف الغمّة في معرفة الأئمّة - ج ١

المؤلف:

أبي الحسن علي بن عيسى بن أبي الفتح الاربلي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مكتبة بني هاشمي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩٤
الجزء ١ الجزء ٢

غَيْرُهُ هُوَ أَوَّلُ عَرَبِيٍّ وَعَجَمِيٍّ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَهُوَ الَّذِي كَانَ لِوَاؤُهُ مَعَهُ فِي كُلِّ زَحْفٍ (١) وَهُوَ الَّذِي صَبَرَ مَعَهُ يَوْمَ الْمِهْرَاسِ.

[يَوْمُ الْمِهْرَاسِ يَوْمُ حُنَيْنٍ وَهُوَ الْحَوْضُ مِنَ الْحِجَارَةِ أَيْضاً وَإِنَّمَا سُمِّيَ بِذَلِكَ لِشِدَّتِهِ مَأْخُوذٌ مِنَ الْهَرْسِ وَهُوَ الدَّقُّ].

وَهُوَ الَّذِي غَسَّلَهُ وَأَدْخَلَهُ قَبْرَهُ ص.

وَنَقَلْتُ مِنْ مُسْنَدِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ عَلِيٍّ علیهما السلام قَالَ انْطَلَقْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّ حَتَّى أَتَيْنَا الْكَعْبَةَ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ اجْلِسْ وَصَعِدَ عَلَى مَنْكِبَيَّ فَذَهَبْتُ لِأَنْهُضَ بِهِ فَرَأَى مِنِّي ضَعْفاً فَنَزَلَ وَجَلَسَ وَقَالَ لِي نَبِيُّ اللهِ صلی الله علیه وسلم اصْعَدْ عَلَى مَنْكِبَيَّ فَصَعِدْتُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ قَالَ فَنَهَضَ بِي قَالَ فَإِنَّهُ تَخَيَّلَ إِلَيَّ أَنِّي لَوْ شِئْتُ لَنِلْتُ أُفُقَ السَّمَاءِ حَتَّى صَعِدْتُ عَلَى الْبَيْتِ وَعَلَيْهِ تِمْثَالُ صُفْرٍ أَوْ نُحَاسٍ فَجَعَلْتُ أُزَاوِلُهُ (٢) عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ وَبَيْنَ [مِنْ] يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ حَتَّى إِذَا اسْتَمْكَنْتُ مِنْهُ قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم اقْذِفْ بِهِ فَقَذَفْتُ بِهِ فَتَكَسَّرَ كَمَا تَتَكَسَّرُ الْقَوَارِيرُ ثُمَّ نَزَلْتُ وَانْطَلَقْتُ أَنَا وَرَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم نَسْتَبِقُ حَتَّى تَوَارَيْنَا بِالْبُيُوتِ خَشْيَةَ أَنْ يَلْقَانَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ.

وَمِنْهُ عَنْ حَدِيثٍ فِي آخِرِ الْمُجَلَّدِ الْأَوَّلِ عَنْ عَلِيٍّ علیهما السلام أَنَّهُ قَالَ اللهُمَّ لَا أَعْرِفُ أَنَّ عَبْداً لَكَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَبَدَكَ قَبْلِي غَيْرَ نَبِيِّكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَلَقَدْ صَلَّيْتُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ النَّاسُ سَبْعاً.

وَمِنْهُ عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِيِّ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيّاً علیهما السلام يَقُولُ أَنَا أَوَّلُ مَنْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللهِ ص.

وَمِنْ مُسْنَدِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ إِنِّي لَجَالِسٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ إِذْ أَتَاهُ تِسْعَةُ رَهْطٍ فَقَالُوا يَا ابْنَ عَبَّاسٍ إِمَّا أَنْ تَقُومَ مَعَنَا وَإِمَّا أَنْ تَخْلُونَا بِهَؤُلَاءِ قَالَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ بَلْ أَقُومُ مَعَكُمْ قَالَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ صَحِيحٌ لَمْ يَعْمَ قَالَ فَابْتَدَءُوا فَتَحَدَّثُوا فَلَا نَدْرِي مَا قَالُوا قَالَ فَجَاءَ يَنْفُضُ ثَوْبَهُ وَهُوَ يَقُولُ أُفٍّ وَتُفٍ (٣).

________________

(١) الرخف : الجهاد والقاء العدو في الحرب.

(٢) المؤاولة : المحاولة والمعالجة.

(٣) يقال اماله اى قذ أله والتنوين للتنكير وقف اتباع له وفيها سبع لغات بالحركات الثلاث منونة وغير منونة وافى (ه م)

٨١

وَقَعُوا فِي رَجُلٍ لَهُ عَشْرٌ وَقَعُوا فِي رَجُلٍ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم لَأَبْعَثَنَّ رَجُلاً لَا يُخْزِيهِ اللهُ أَبَداً يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ قَالَ فَاسْتَشْرَفَ لَهَا مَنِ اسْتَشْرَفَ قَالَ أَيْنَ عَلِيٌّ قَالُوا هُوَ فِي الرَّحْلِ يَطْحَنُ قَالَ وَمَا كَانَ أَحَدُكُمْ يَطْحَنُ مَكَانَهُ قَالَ فَجَاءَ وَهُوَ أَرْمَدُ لَا يَكَادُ أَنْ يُبْصِرَ شَيْئاً قَالَ فَنَفَثَ فِي عَيْنِهِ (وَالنَّفَثُ رِيحٌ بِلَا رِيقَ وَهُوَ شَبِيهٌ بِالنَّفْخِ).

ثُمَّ هَزَّ الرَّايَةَ ثَلَاثاً فَأَعْطَاهَا إِيَّاهُ فَجَاءَهُ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حَيٍّ قَالَ ثُمَّ بَعَثَ فُلَاناً بِسُورَةِ التَّوْبَةِ فَبَعَثَ عَلِيّاً خَلْفَهُ فَأَخَذَهَا مِنْهُ قَالَ لَا يَذْهَبُ بِهَا إِلَّا رَجُلٌ هُوَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ قَالَ وَقَالَ لِبَنِي عَمِّهِ أَيُّكُمْ يُوَالِينِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ قَالَ وَعَلِيٌّ جَالِسٌ مَعَهُمْ فَأَبَوْا فَقَالَ عَلِيٌّ أَنَا أُوَالِيكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَقَالَ (أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) قَالَ فَتَرَكَهُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ وَقَالَ أَيُّكُمْ يُوَالِينِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَأَبَوْا قَالَ فَقَالَ عَلِيٌّ أَنَا أُوَالِيكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَقَالَ (أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) فَقَالَ كَانَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ النَّاسِ بَعْدَ خَدِيجَةَ قَالَ وَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم ثَوْبَهُ فَوَضَعَهُ عَلَى عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَحَسَنٍ وَحُسَيْنٍ فَقَالَ (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) قَالَ وَشَرَى عَلِيٌّ نَفْسَهُ لَبِسَ ثَوْبَ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم ثُمَّ نَامَ مَكَانَهُ قَالَ وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَرُومُونَ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَعَلِيٌّ علیهما السلام نَائِمٌ وَأَبُو بَكْرٍ يُحْسَبُ أَنَّهُ نَبِيُّ اللهِ قَالَ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ إِنَّ نَبِيَّ اللهِ قَدِ انْطَلَقَ إِلَى بِئْرِ مَيْمُونٍ (١) فَأَدْرَكَهُ فَانْطَلَقَ أَبُو بَكْرٍ فَدَخَلَ مَعَهُ الْغَارَ قَالَ وَجَعَلَ عَلِيٌّ يُرْمَى بِالْحِجَارَةِ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم يُرْمَى وَهُوَ يَتَضَوَّرُ (٢) قَدْ لَفَّ رَأْسَهُ فِي الثَّوْبِ لَا يُخْرِجُهُ حَتَّى أَصْبَحَ ثُمَّ كَشَفَ عَنْ رَأْسِهِ فَقَالُوا إِنَّكَ لَلَئِيمٌ كَانَ صَاحِبُكَ نَرْمِيهِ فَلَا يَتَضَوَّرُ وَأَنْتَ تَتَضَوَّرُ وَقَدِ اسْتَنْكَرْنَا ذَلِكَ.

قَالَ وَخَرَجَ بِالنَّاسِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ قَالَ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ أَخْرُجُ مَعَكَ فَقَالَ لَهُ نَبِيُّ اللهِ صلی الله علیه وسلم لَا فَبَكَى عَلِيٌّ فَقَالَ لَهُ أَلَا تَرْضَى (٣) أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى

________________

(١) وفي بعض النسخ «نحو بئر ميمون»

(٢) التضور : التلوى عند الضرب.

(٣) وفي بعض النسخ «اما ترضى»

٨٢

إِلَّا أَنَّكَ لَسْتَ بِنَبِيٍّ لَا يَنْبَغِي أَنْ أَذْهَبَ إِلَّا وَأَنْتَ خَلِيفَتِي قَالَ وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم أَنْتَ وَلِيِّي فِي كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِي قَالَ وَسَدَّ أَبْوَابَ الْمَسْجِدِ غَيْرَ بَابِ عَلِيٍّ قَالَ فَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ جُنُباً وَهُوَ طَرِيقُهُ لَيْسَ لَهُ طَرِيقُ غَيْرِهِ قَالَ وَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَإِنَّ مَوْلَاهُ عَلِيٌّ قَالَ وَأَخْبَرَنَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ قَدْ رَضِيَ عَنْهُمْ عَنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ (فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ) هَلْ حَدَّثَنَا أَحَدٌ أَنَّهُ سَخِطَ عَلَيْهِمْ بَعْدُ.

وَمِنَ الْمُسْنَدِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَوَّلُ مَنْ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم بَعْدَ خَدِيجَةَ عَلِيٌّ علیهما السلام وَقَالَ مَرَّةً أَسْلَمَ.

قَالَ أَبُو الْمُؤَيَّدِ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم السُّبَّقُ ثَلَاثَةٌ فَالسَّابِقُ إِلَى مُوسَى يُوشَعُ بْنُ نُونٍ وَالسَّابِقُ إِلَى عِيسَى صَاحِبُ يَاسِينَ وَالسَّابِقُ إِلَى مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام وَمِنَ الْمَنَاقِبِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ إِنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ عَلِمْتُهُ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم أَنِّي قَدِمْتُ مَكَّةَ فِي عُمُومَةٍ لِي فَأَرْشَدُونَا عَلَى الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِ وَهُوَ جَالِسٌ إِلَى مَنْ ثَمَّ فَجَلَسْنَا إِلَيْهِ فَبَيْنَا نَحْنُ عِنْدَهُ إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ بَابِ الصَّفَا تَعْلُوهُ حُمْرَةٌ وَلَهُ وَفْرَةٌ جَعْدَةٌ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ أَقْنَى الْأَنْفِ بَرَّاقُ الثَّنَايَا أَدْعَجُ الْعَيْنَيْنِ كَثُّ اللِّحْيَةِ دَقِيقُ الْمَسْرُبَةِ شَثْنُ الْكَفَّيْنِ حَسَنُ الْوَجْهِ مَعَهُ مُرَاهِقٌ أَوْ مُحْتَلِمٌ تَقْفُوهُ امْرَأَةٌ قَدْ سَتَرَتْ مَحَاسِنَهَا حَتَّى قَصَدُوا نَحْوَ الْحَجَرِ فَاسْتَلَمَهُ ثُمَّ اسْتَلَمَ الْغُلَامُ ثُمَّ اسْتَلَمَتْهُ الْمَرْأَةُ ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعاً وَالْغُلَامُ وَالْمَرْأَةُ يَطُوفَانِ مَعَهُ فَقُلْنَا يَا أَبَا الْفَضْلِ إِنَّ هَذَا الدِّينَ لَمْ نَكُنْ نَعْرِفُهُ فِيكُمْ أَوَشَيْءٌ حَدَثَ قَالَ هَذَا ابْنُ أَخِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ وَالْغُلَامُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَالمَرْأَةُ امْرَأَتُهُ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ مَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَحَدٌ يَعْبُدُ اللهَ تَعَالَى بِهَذَا الدِّينِ إِلَّا هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ

[يقال إن الوفرة الشعرة إلى شحمة الأذن ثم الجمة ثم اللمة وهي التي ألمت بالمنكبين والقنا احديداب في الأنف يقال رجل أقنى الأنف وامرأة قنواء بينة القنا وهو عيب في الخيل والدعج شدة سواد العين مع سعتها يقال عين دعجاء كث اللحية كاثة أي كثف ولحية كثة وكثاء أيضا ورجل كث اللحية المسربة بضم الراء الشعر المستدق الذي يأخذ من الصدر إلى السرة يقال شثنت كفه بالكسر أي خشنت

٨٣

وغلظت ورجل شثن الأصابع بالتسكين والمراهق المقارب للاحتلام واستلم الحجر لمسه إما بالقبلة أو باليد ولا يهمز].

وَمِثْلُهُ عَنْ عَفِيفٍ الْكِنْدِيِّ قَالَ كُنْتُ امْرَأً تَاجِراً فَقَدِمْتُ الْحَجَّ فَأَتَيْتُ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لِأَبْتَاعَ مِنْهُ بَعْضَ التِّجَارَةِ وَكَانَ امْرَأً تَاجِراً فَوَ اللهِ إِنِّي لَعِنْدَهُ بِمِنًى إِذْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ خِبَاءٍ قَرِيبٍ مِنْهُ فَنَظَرَ إِلَى الشَّمْسِ فَلَمَّا رَآهَا قَدْ مَالَتْ قَامَ يُصَلِّي قَالَ ثُمَّ خَرَجَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْخِبَاءِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَقَامَتْ خَلْفَهُ فَصَلَّتْ ثُمَّ خَرَجَ غُلَامٌ حِينَ رَاهَقَ الْحُلُمَ مِنْ ذَلِكَ الْخِبَاءِ فَقَامَ مَعَهُ فَصَلَّى قَالَ فَقُلْتُ لِلْعَبَّاسِ مَنْ هَذِهِ يَا عَبَّاسُ قَالَ هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ابْنُ أَخِي قَالَ فَقُلْتُ مَنْ هَذِهِ الْمَرْأَةُ قَالَ امْرَأَتُهُ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ قَالَ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا الْفَتَى قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ابْنُ عَمِّهِ علیهما السلام قَالَ فَقُلْتُ لَهُ مَا هَذَا الَّذِي يَصْنَعُ قَالَ يُصَلِّي وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ وَلَمْ يَتَّبِعْهُ عَلَى أَمْرِهِ إِلَّا امْرَأَتُهُ وَابْنُ عَمِّهِ هَذَا الْفَتَى وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّهُ سَتُفْتَحُ عَلَيْهِ كُنُوزُ كِسْرَى وَقَيْصَرَ وَكَانَ عَفِيفٌ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ يَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَدْ أَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ لَوْ كَانَ رَزَقَنِي اللهُ الْإِسْلَامَ يَوْمَئِذٍ فَأَكُونُ ثَانِياً مَعَ عَلِيٍّ ع.

وَقَدْ رَوَاهُ بِطُولِهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي مُسْنَدِهِ نَقَلْتُهُ مِنَ الَّذِي اخْتَارَهُ وَجَمَعَهُ عِزُّ الدِّينِ الْمُحَدِّثُ وَتَمَامُهُ مِنَ الْخَصَائِصِ بَعْدَ قَوْلِهِ ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الرُّكْنَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَكَبَّرَ وَقَامَ الْغُلَامُ وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَكَبَّرَ وَرَفَعَتِ الْمَرْأَةُ يَدَيْهَا وَكَبَّرَتْ وَرَكَعَ وَرَكَعَا وَسَجَدَ وَسَجَدَا وَقَنَتَ وَقَنَتَا فَرَأَيْنَا شَيْئاً لَمْ نَعْرِفْهُ أَوْ شَيْئاً حَدَثَ بِمَكَّةَ فَأَنْكَرْنَا ذَلِكَ وَأَقْبَلْنَا عَلَى الْعَبَّاسِ فَقُلْنَا لَهُ يَا أَبَا الْفَضْلِ الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ.

" وَمِنْ كِتَابِ الْمَنَاقِبِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ أَوَّلُ مَنْ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع.

وَمِنْهُ عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ صَلَّى النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم أَوَّلَ يَوْمِ الْإِثْنَيْنِ وَصَلَّتْ خَدِيجَةُ آخِرَ يَوْمِ الْإِثْنَيْنِ وَصَلَّى عَلِيٌّ يَوْمَ الثَّلَاثَاءِ مِنَ الْغَدِ وَصَلَّى مُسْتَخْفِياً قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم سَبْعَ سِنِينَ وَأشهر.

٨٤

قال الخوارزمي هذا الحديث إن صح فتأويله أنه صلى مع النبي صلی الله علیه وسلم قبل جماعة تأخر إسلامهم لا أنه صلى سبع سنين قبل عبد الرحمن بن عوف وعثمان وسعد بن أبي وقاص وطلحة والزبير فإن المدة بين إسلام هؤلاء وإسلام علي علیهما السلام لا تمتد إلى هذه الغاية عند أصحاب السير والتواريخ كلهم.

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ أَسْلَمَ عَلِيٌّ علیهما السلام وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ.

ولبعض أهل الكوفة في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیهما السلام في أيام صفين :

أنت الإمام الذي نرجو بطاعته

يوم النشور من الرحمن غفرانا

أوضحت من ديننا ما كان ملتبسا

جزاك ربك عنا فيه إحسانا

نفسي فداء لخير الناس كلهم

بعد النبي علي الخير مولانا

أخي النبي ومولى المؤمنين معا

وأول الناس تصديقا وإيمانا.

ونقلت من أحاديث نقلها صديقنا عز الدين عبد الرزاق بن رزق الله بن أبي بكر المحدث الحنبلي الرسعني (١) الأصل الموصلي المنشأ وكان رجلا فاضلا أديبا حسن المعاشرة حلو الحديث فصيح العبارة اجتمعت به في الموصل وتجارينا في أحاديث فقلت له يا عز الدين أريد أن أسألك عن شيء وتنصفني فقال نعم فقلت هل يجوز أن تلزمونا معشر الشيعة بما في صحاحكم ومن رجالها عمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان وعمران بن حطان وكان من الخوارج (٢) فقال لا والله وكان منصفا ره وقتل في سنة أخذ الموصل وهي سنة ستين وستمائة.

عَنْ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم قَالَ لِعَلِيٍّ إِنَّكَ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ مَعِي إِيمَاناً وَأَعْلَمُهُمْ بِآيَاتِ اللهِ أَوْفَاهُمْ بِعَهْدِ اللهِ وَأَرْأَفُهُمْ بِالرَّعِيَّةِ وَأَقْسَمُهُمْ بِالسَّوِيَّةِ وَأَعْظَمُهُمْ عِنْدَ اللهِ مَزِيَّةً وَمِمَّا خَرَّجَهُ الْمَذْكُورُ مِنْ مُسْنَدِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ مِنْ حَدِيثِ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم

________________

(١) بفتح المهملة وسكون السين وفتح المهملة الثالثة ثم النون نسبة الى مدينة رأس عين ديار بكر بخرج منها ماه دجلة (عن شرح المواهب ج ٧ صلی الله علیه وسلم ١٤)

(٢) ونقل ابن حجر في تهذيب التهذيبفي ذمه كلمات القوم فراجح ج ٨ صلی الله علیه وسلم ١٢٧ من ذلك الكتاب.

٨٥

قَالَ لِفَاطِمَةَ علیهما السلام أَلَا تَرْضَيْنَ أَنِّي زَوَّجْتُكَ أَقْدَمُ أُمَّتِي سِلْماً وَأَكْثَرُهُمْ عِلْماً وَأَعْظَمُهُمْ حِلْماً.

وَمِنْ تَفْسِيرِ الثَّعْلَبِيِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ) (١) قَالَ الثَّعْلَبِيُّ قَدِ اتَّفَقَتِ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ بَعْدَ خَدِيجَةَ مِنَ الذُّكُورِ بِرَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيِّ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ وَرَبِيعَةِ الرَّأْيِ (٢) وَأَبِي الْجَارُودِ الْمَدَنِيِ وَقَالَ الْكَلْبِيُ أَسْلَمَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ علیهما السلام إِلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَهُوَ ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ (٣).

وَمِنَ الْخَصَائِصِ لِلنَّطَنْزِيِّ عَنْ عَلِيٍّ علیهما السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم نَزَلَتْ عَلَيَّ النُّبُوَّةُ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ وَصَلَّى عَلِيٌّ مَعِي يَوْمَ الثَّلَاثَاءِ

وَمِنَ الْخَصَائِصِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) (٤) قَالَ إِنَّمَا نَزَلَتْ فِي النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم وَعَلِيٍّ علیهما السلام خَاصَّةً لِأَنَّهُمَا أَوَّلُ مَنْ صَلَّى وَرَكَعَ.

وَمِنْ كِتَابِ الْخَصَائِصِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ وَسَلْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالا أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم بِيَدِ عَلِيٍّ فَقَالَ إِنَّ هَذَا أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِي وَهَذَا فَارُوقُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهَذَا يَعْسُوبُ الْمُؤْمِنِينَ وَأَوَّلُ مَنْ يُصَافِحُنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهَذَا الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ.

وَمِنْ كِتَابِ الْخَصَائِصِ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهُوَ يَقُولُ كُفُّوا عَنْ ذِكْرِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ فِي عَلِيٍّ ثَلَاثُ خِصَالٍ وَدِدْتُ أَنَّ لِي وَاحِدَةً مِنْهُنَّ فَوَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ كُنْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَنَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ

________________

(١) التوبة : ١٠٠

(٢) هو ربيعة بن أبي عبد الرحمن فروخ التميمي المتوفى سنة ١٣٦ وكان ممدوحاً عند العامة ومذموما عند الخاصة ووجه تسميته بالرأي الستقلاله بالرأي في الحكام الله تعالى وهو اقدم من أبي حنيفة لادراكه الامام زين العابدين دونه واسبق منه في العمل بالرأي راجع تهذيب التهذيب ج ٣ : ٢٥٨ وتنقيح المقال ج ١ : ٤٢٧.

(٣) وفي بعض النسخ «تسع» بدل «سبع»

(٤) البقرة : ٤٣.

٨٦

رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم إِذْ ضَرَبَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم عَلَى كَتِفِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام فَقَالَ يَا عَلِيُّ أَنْتَ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ إِسْلَاماً وَأَنْتَ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَاناً وَأَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى كَذَبَ يَا عَلِيُّ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُحِبُّنِي وَيُبْغِضُكَ وَاسْمُ عَلِيٍّ مُشْتَقٌّ مِنِ اسْمِ اللهِ الْأَعْلَى قَالَ أَبُو طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ :

سَمَّيْتُهُ بِعَلِيٍّ كَيْ يَدُومَ لَهُ

عِزُّ الْعُلُوِّ وَفَخْرُ الْعِزِّ أَدُومُهُ

وَمِنْ تَفْسِيرِ ابْنِ الْحَجَّامِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ) (١) الْآيَةَ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ علیهما السلام يَا رَسُولَ اللهِ هَلْ نَقْدِرُ أَنْ نَزُورَكَ فِي الْجَنَّةِ كُلَّمَا أَرَدْنَا قَالَ يَا عَلِيُّ إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ رَفِيقاً أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أُمَّتِهِ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ (فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم عَلِيّاً فَقَالَ لَهُ إِنَّ اللهَ قَدْ أَنْزَلَ بَيَانَ مَا سَأَلْتَ فَجَعَلَكَ رَفِيقِي لِأَنَّكَ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ وَأَنْتَ الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ.

وَمِنْ كِتَابِ الْمُسْتَرْشِدِ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدِي أَوَّلُهَا إِسْلَاماً عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع.

وَمِنْ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ للبيهقي عَنْ عَلِيٍّ علیهما السلام قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم بِمَكَّةَ فَخَرَجَ فِي بَعْضِ نَوَاحِيهَا فَمَا اسْتَقْبَلَهُ شَجَرٌ وَلَا جَبَلٌ إِلَّا قَالَ لَهُ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ

ذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ وَهُوَ مِنْ أَجَلِّ رُوَاةِ أَصْحَابِنَا فِي كِتَابِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم لَمَّا أَتَى لَهُ سَبْعٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً كَانَ يَرَى فِي نَوْمِهِ كَأَنَّ آتِياً أَتَاهُ فَيَقُولُ يَا رَسُولَ اللهِ فَيُنْكِرُ ذَلِكَ فَلَمَّا طَالَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ وَكَانَ بَيْنَ الْجِبَالِ يَرْعَى غَنَماً لِأَبِي طَالِبٍ فَنَظَرَ إِلَى شَخْصٍ يَقُولُ لَهُ يَا رَسُولَ اللهِ فَقَالَ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا جَبْرَئِيلُ أَرْسَلَنِي اللهُ إِلَيْكَ لِيَتَّخِذَكَ رَسُولاً فَأَخْبَرَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم خَدِيجَةَ بِذَلِكَ وَكَانَتْ خَدِيجَةُ قَدِ انْتَهَى إِلَيْهَا خَبَرُ الْيَهُودِيِّ وَخَبَرُ

________________

(١) النساء : ٦٩.

٨٧

بَحِيرَاءَ وَمَا حَدَّثَتْ بِهِ آمِنَةُ أُمُّهُ فَقَالَتْ يَا مُحَمَّدُ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ كَذَلِكَ وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَكْتُمُ ذَلِكَ فَنَزَلَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلُ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ مَاءً مِنَ السَّمَاءِ فَقَالَ لَهُ يَا مُحَمَّدُ قُمْ تَوَضَّأْ لِلصَّلَاةِ فَعَلَّمَهُ جَبْرَئِيلُ علیهما السلام الْوُضُوءَ عَلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ مِنَ الْمِرْفَقِ وَمَسْحِ الرَّأْسِ وَالرِّجْلَيْنِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَعَلَّمَهُ السُّجُودَ وَالرُّكُوعَ فَلَمَّا تَمَّ لَهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً أَمَرَهُ بِالصَّلَاةِ وَعَلَّمَهُ حُدُودَهَا وَلَمْ يُنْزِلْ عَلَيْهِ أَوْقَاتِهَا فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَأْلَفُهُ وَيَكُونُ مَعَهُ فِي مَجِيئِهِ وَذَهَابِهِ وَلَا يُفَارِقُهُ فَدَخَلَ عَلِيٌّ علیهما السلام إِلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَهُوَ يُصَلِّي فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ يُصَلِّي قَالَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ مَا هَذَا قَالَ هَذِهِ الصَّلَاةُ الَّتِي أَمَرَنِي اللهُ بِهَا فَدَعَاهُ إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمَ وَصَلَّى مَعَهُ وَأَسْلَمَتْ خَدِيجَةُ وَكَانَ لَا يُصَلِّي إِلَّا رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَعَلِيٌّ وَخَدِيجَةُ خَلْفَهُ فَلَمَّا أَتَى لِذَلِكَ أَيَّامٌ دَخَلَ أَبُو طَالِبٍ إِلَى مَنْزِلِ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَمَعَهُ جَعْفَرٌ فَنَظَرَ إِلَى رَسُولِ اللهِ وَعَلِيٌّ بِجَنْبِهِ يُصَلِّيَانِ فَقَالَ لِجَعْفَرٍ يَا جَعْفَرُ صَلِّ جَنَاحَ ابْنِ عَمِّكَ فَوَقَفَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ فَلَمَّا وَقَفَ جَعْفَرٌ عَلَى يَسَارِهِ بَدَرَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم مِنْ بَيْنِهِمَا وَتَقَدَّمَ.

وَأَنْشَأَ أَبُو طَالِبٍ فِي ذَلِكَ يَقُولُ :

إِنَّ عَلِيّاً وَجَعْفَراً ثِقَتِي

عِنْدَ مُلِمِّ الزَّمَانِ وَالْكَرْبِ (١)

وَاللهِ لَا أَخْذُلُ النَّبِيَّ وَلَا

يَخْذُلُهُ مِنْ نَبِيٍّ ذُو حَسَبٍ

لَا تَخْذُلَا وَانْصُرَا ابْنَ عَمِّكُمَا

أَخِي لِأُمِّي مِنْ بَيْنِهِمْ وَأَبِي

كَانَ عَبْدُ اللهِ وَأَبُو طَالِبٍ لِأُمٍّ وَاحِدَةٍ

في ذكر الصديقين

مِنْ مَنَاقِبِ ابْنِ الْمَغَازِلِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) (٢) قَالَ سَبَقَ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ إِلَى مُوسَى وَسَبَقَ صَاحِبُ آلِ يَاسِينَ إِلَى

________________

(١) الململة : الناز لة الشديدة من وازل الدنيا.

(٢) الواقعة : ٦٠.

٨٨

عِيسَى وَسَبَقَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَهُوَ أَفْضَلُهُمْ.

وَمِنْ مُسْنَدِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عُبَادَةَ عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام يَقُولُ أَنَا عَبْدُ اللهِ وَأَخُو رَسُولِهِ صلی الله علیه وسلم وَأَنَا الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ لَا يَقُولُهَا بَعْدِي إِلَّا كَاذِبٌ مُفْتَرٍ وَلَقَدْ صَلَّيْتُ قَبْلَ النَّاسِ بِسَبْعِ سِنِينَ.

وَمِنَ الْمُسْنَدِ عَنْ أَبِي لَيْلَى قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم الصِّدِّيقُونَ ثَلَاثَةٌ حَبِيبٌ النَّجَّارِ مُؤْمِنُ آلِ يَاسِينَ الَّذِي قَالَ (يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ) وَخَرْبِيلُ مُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ الَّذِي قَالَ (أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ) وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَهُوَ أَفْضَلُهُمْ وَمِنْ بَصَائِرِ الدَّرَجَاتِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهما السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم إِنَّ أُمَّتِي عَرَضَتْ عَلَيَّ عِنْدَ أَخْذِ الْمِيثَاقِ فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِي وَصَدَّقَنِي عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام حِينَ بُعِثْتُ وَهُوَ الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ.

وَمِنَ الرَّضَوِيَّاتِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهما السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم لَيْسَ فِي الْقِيَامَةِ رَاكِبٌ غَيْرُنَا وَنَحْنُ أَرْبَعَةٌ قَالَ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَقَالَ فَدَاكَ أَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ أَنْتَ وَمَنْ فَقَالَ أَنَا عَلَى الْبُرَاقِ وَأَخِي صَالِحٌ عَلَى نَاقَةِ اللهِ الَّتِي عُقِرَتْ وَعَمِّي حَمْزَةُ عَلَى نَاقَتِي الْعَضْبَاءِ وَأَخِي عَلِيٌّ عَلَى نَاقَةٍ مِنْ نُوقِ الْجَنَّةِ بِيَدِهِ لِوَاءُ الْحَمْدِ بَيْنَ يَدَيِ الْعَرْشِ فَيَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ قَالَ فَيَقُولُ الْآدَمِيُّونَ مَا هَذَا إِلَّا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ أَوْ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ أَوْ حَامِلُ عَرْشِ رَبِّ الْعَالَمِينَ قَالَ فَيُجِيبُهُمْ مَلَكٌ مِنْ بُطْنَانِ الْعَرْشِ مَعَاشِرَ الْآدَمِيِّينَ مَا هَذَا مَلَكٌ وَلَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَلَا حَامِلُ الْعَرْشِ بَلْ هَذَا الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ص.

٨٩

في محبة الرسول صلی الله علیه وسلم إياه وتحريضه على محبته

وموالاته ونهيه عن بغضه

نَقَلْتُ مِنْ مُسْنَدِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللهُ مِنَ الْمُجَلَّدِ الْأَوَّلِ مِنَ الْجُزْءِ السَّابِعِ مِنْهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم أَخَذَ بِيَدِ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ وَقَالَ مَنْ أَحَبَّنِي وَأَحَبَّ هَذَيْنِ وَأَبَاهُمَا وَأُمَّهُمَا كَانَ مَعِي فِي دَرَجَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنَ الْمُسْنَدِ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ علیهما السلام وَاللهِ إِنَّهُ لِمَا عَهِدَ إِلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم أَنَّهُ قَالَ لَا يُبْغِضُنِي إِلَّا مُنَافِقٌ وَلَا يُحِبُّنِي إِلَّا مُؤْمِنٌ وَمِنَ الْمُسْنَدِ مِنَ الْمُجَلَّدِ الثَّانِي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَكَانَ يُسَمِّرُ (١) مَعَ عَلِيٍّ علیهما السلام قَالَ كَانَ يَلْبَسُ ثِيَابَ الصَّيْفِ فِي الشِّتَاءِ وَثِيَابَ الشِّتَاءِ فِي الصَّيْفِ فَقِيلَ لَهُ لَوْ سَأَلْتُهُ فَسَأَلَهُ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم بَعَثَ إِلَيَّ وَأَنَا أَرْمَدُ الْعَيْنِ فَتَفَلَ فِي عَيْنِي وَقَالَ اللهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ فَمَا وَجَدْتُ حَرّاً وَلَا بَرْداً مُنْذُ يَوْمَئِذٍ وَقَالَ لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلاً يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ لَيْسَ بِفَرَّارٍ فَتَشَرَّفَ لَهَا أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم فَأَعْطَانِيهَا وَمِنَ الْمُسْنَدِ قَالَ عَلِيٌ كَانَتْ لِي مِنْ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم مَنْزِلَةٌ لَمْ تَكُنْ لِأَحَدٍ مِنَ الْخَلَائِقِ كُنْتُ آتِيهِ كُلَّ سَحَرٍ فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ مِنْهُ فَأَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ فِي صَلَاةٍ سَبَّحَ وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ أَذِنَ لِي.

وَنَقَلْتُ مِنْ كِتَابِ الْآلِ لِابْنِ خَالَوَيْهِ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِقَصَبَةِ الْيَاقُوتِ (٢) الَّتِي خَلَقَهَا اللهُ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ لَهَا كُونِي فَكَانَتْ فَلْيَتَوَلَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ مِنْ بَعْدِي وَمِثْلُهُ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَحْيَا حَيَاتِي وَيَمُوتَ مِيتَتِي وَيَتَمَسَّكَ بِالْقَصَبَةِ الْيَاقُوتَةِ الَّتِي خَلَقَهَا

________________

(١) سمر فلان : لم ينم وتحدث ليلا.

(٢) وفي بعض النسخ «بقضيبة ياقوتة».

٩٠

اللهُ ثُمَّ قَالَ لَهَا كُونِي فَكَانَتْ فَلْيَتَوَلَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ مِنْ بَعْدِي.

قُلْتُ : رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي حِلْيَةِ الْأَوْلِيَاءِ وَتَفَرَّدَ بِهِ بِشْرٌ عَنْ شَرِيكٍ وَمِنْ كِتَابِ الْآلِ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا لَمَّا أَتَتْ فَاطِمَةُ علیهما السلام بِالْعَصِيدَةِ قَالَ أَيْنَ عَلِيٌّ وَابْنَاهُ قَالَتْ فِي الْبَيْتِ قَالَ ادْعِيهِمْ لِي فَأَقْبَلَ عَلِيٌّ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَنَاوَلَ الْكِسَاءَ عَلَى مَا قُلْنَاهُ آنِفاً وَقَالَ اللهُمَّ إِنَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي وَأَحَبُّ الْخَلْقِ إِلَيَّ (الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ) :

وَمِنْ كِتَابِ ابْنِ خَالَوَيْهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم لِعَلِيٍّ علیهما السلام حُبُّكَ إِيمَانٌ وَبُغْضُكَ نِفَاقٌ وَأَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مُحِبُّكَ وَأَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ النَّارَ مُبْغِضُكَ وَقَدْ جَعَلَكَ اللهَ أَهْلاً لِذَلِكَ فَأَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ وَلَا نَبِيَّ بَعْدِي وَمِنْهُ أَيْضاً عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم مِنْ بَيْتِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ (٢) حَتَّى أَتَى بَيْتَ أُمِّ سَلَمَةَ فَجَاءَ دَاقٌّ فَدَقَّ الْبَابَ فَقَالَ يَا أُمَّ سَلَمَةَ قُومِي فَافْتَحِي لَهُ قَالَتْ فَقُلْتُ وَمَنْ هَذَا يَا رَسُولَ اللهِ الَّذِي بَلَغَ مِنْ خَطَرِهِ أَنْ أَفْتَحَ لَهُ الْبَابَ وَأَتَلَقَّاهُ بِمَعَاصِمِي (٣) وَقَدْ نَزَلَتْ فِي بِالْأَمْسِ آيَاتٌ مِنْ كِتَابِ اللهِ فَقَالَ يَا أُمَّ سَلَمَةَ إِنَّ طَاعَةَ الرَّسُولِ طَاعَةُ اللهِ وَإِنَّ مَعْصِيَةَ الرَّسُولِ مَعْصِيَةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنَّ بِالْبَابِ لَرَجُلاً [رَجُلاً] لَيْسَ بِنَزِقٍ (٤) وَلَا خَرِقٍ وَمَا كَانَ لِيَدْخُلَ مَنْزِلاً حَتَّى لَا يَسْمَعَ حِسّاً وَهُوَ يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ قَالَتْ فَفَتَحْتُ الْبَابَ فَأَخَذَ بِعِضَادَتَيِ الْبَابِ ثُمَّ جِئْتُ حَتَّى دَخَلْتُ الْخِدْرَ فَلَمَّا أَنْ لَمْ يَسْمَعْ وَطْئِي دَخَلَ ثُمَّ سَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم ثُمَّ قَالَ يَا أُمَّ سَلَمَةَ وَأَنَا مِنْ وَرَاءِ الْخِدْرِ أَتَعْرِفِينَ هَذَا قُلْتُ نَعَمْ هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ هُوَ أَخِي سَجِيَّتُهُ سَجِيَّتِي السَّجِيَّةُ الْخُلُقُ وَالطَّبِيعَةُ وَلَحْمُهُ مِنْ لَحْمِي وَدَمُهُ مِنْ دَمِي يَا أُمَّ سَلَمَةَ هَذَا قَاضِي عِدَاتِي مِنْ بَعْدِي فَاسْمَعِي وَاشْهَدِي يَا أُمَّ سَلَمَةَ هَذَا وَلِيِّي مِنْ بَعْدِي فَاسْمَعِي وَاشْهَدِي يَا أُمَ

________________

(١) العصيدة : دقيق يلت (اى يمزج وبخلط) بالسمن يطبخ.

(٢) من موجات النبي (صلی الله علیه وسلم) واول من ماتت من نسائه (صلی الله علیه وسلم) بعده.

(٣) الخطر : القدر والمنزلة. والمعصم موضع السوار من الساعد (ه م)

(٤) النزق : الخفيف الطياش ، والاخرق : ضد الرفيق والخرق ـ بالتحريك الدهش من الخوف والحياء وقد خرق بالكسر فهو خرق (ه م)

٩١

سَلَمَةَ لَوْ أَنَّ رَجُلاً عَبَدَ اللهَ أَلْفَ سَنَةٍ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ وَلَقِيَ اللهَ مُبْغِضاً لِهَذَا أَكَبَّهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى وَجْهِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ.

وَقَدْ رَوَاهُ الْخَطِيبُ فِي كِتَابِ الْمَنَاقِبِ وَفِيهِ زِيَادَةٌ وَدَمُهُ مِنْ دَمِي وَهُوَ عَيْبَةُ عِلْمِي اسْمَعِي وَاشْهَدِي هُوَ قَاتِلُ النَّاكِثِينَ وَالْقَاسِطِينَ وَالْمَارِقِينَ مِنْ بَعْدِي اسْمَعِي وَاشْهَدِي هُوَ وَاللهِ مُحْيِي سُنَّتِي اسْمَعِي وَاشْهَدِي لَوْ أَنَّ عَبْداً عَبَدَ اللهَ أَلْفَ عَامٍ مِنْ بَعْدِ أَلْفِ عَامٍ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ ثُمَّ لَقِيَ اللهَ مُبْغِضاً لِعَلِيٍّ أَكَبَّهُ اللهُ عَلَى مَنْخِرَيْهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ.

وَمِنْ كِتَابِ الْآلِ عَنْ مَالِكِ بْنِ حَمَامَةَ قَالَ طَلَعَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ مُتَبَسِّماً يَضْحَكُ فَقَامَ عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَقَالَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ مَا الَّذِي أَضْحَكَكَ قَالَ بِشَارَةٌ أَتَتْنِي مِنْ عِنْدِ اللهِ فِي ابْنِ عَمِّي وَأَخِي وَابْنَتِي إِنَّ اللهَ تَعَالَى لَمَّا زَوَّجَ فَاطِمَةَ أَمَرَ رِضْوَانَ فَهَزَّ شَجَرَةَ طُوبَى فَحَمَلَتْ رِقَاقاً يَعْنِي بِذَلِكَ صِكَاكاً وَهِيَ جَمْعُ صَكٍّ وَهُوَ الْكِتَابُ بِعَدَدِ مُحِبِّينَا أَهْلَ الْبَيْتِ ثُمَّ أَنْشَأَ مِنْ تَحْتِهَا مَلَائِكَةً مِنْ نُورٍ فَأَخَذَ كُلُّ مَلَكٍ رَقّاً فَإِذَا اسْتَوَتِ الْقِيَامَةُ بِأَهْلِهَا هَاجَتِ الْمَلَائِكَةُ وَالْخَلَائِقُ فَلَا يَلْقَوْنَ مُحِبّاً لَنَا مَحْضاً أَهْلَ الْبَيْتِ إِلَّا أَعْطَوْهُ رَقّاً فِيهِ بَرَاءَةٌ مِنَ النَّارِ فَنُثَارُ عَمِّي وَابْنِ أَخِي وَابْنِ عَمِّي وَابْنَتِي فَكَاكُ رِقَابِ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ مِنْ أُمَّتِي مِنَ النَّارِ.

كان ينبغي أن أذكر هذا الحديث عند ذكر تزويج أمير المؤمنين بسيدة نساء العالمين فاطمة علیهما السلام ولكن جرى القلم بسطره وأينما ذكر فهو من أدلة شرفها وشرفه وفخرها وفخره ومهما ظن أنه مبالغة في أوصافهما فهو على الحقيقة دون قدرها وقدره.

خير البرايا كلها آدم

وخير حي بعده هاشم

وصفوة الرحمن من خلفه

محمد وابنته فاطم

وبعلها الهادي وسبطاهما

وقائم يتبعه قائم

منهم إلى الحشر فمن قال لا

فقل له لا أفلح النادم

٩٢

وَمِنَ الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللهِ (١) قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام وَهُوَ يَقُولُ هَذَا وَلِيِّي وَأَنَا وَلِيُّهُ عَادَيْتُ مَنْ عَادَى وَسَالَمْتُ مَنْ سَالَمَ.

وَرَوَى الْحَافِظُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْأَخْضَرِ الْجَنَابِذِيُّ فِي كِتَابِهِ مَرْفُوعاً إِلَى فَاطِمَةَ علیهما السلام قَالَتْ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم عَشِيَّةَ عَرَفَةَ فَقَالَ إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ بَاهَى بِكُمْ وَغَفَرَ لَكُمْ عَامَّةً وَلِعَلِيٍّ خَاصَّةً وَإِنِّي رَسُولُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْكُمْ غَيْرُ مَحَابٍّ لِقَرَابَتِي إِنَّ السَّعِيدَ كُلَّ السَّعِيدِ مَنْ أَحَبَّ عَلِيّاً فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ.

قَالَ كَهْمَسٌ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام يَهْلِكُ فِيَّ ثَلَاثَةٌ وَيَنْجُو فِيَّ ثَلَاثَةٌ اللَّاعِنُ وَالْمُسْتَمِعُ وَالْمُفْرِطُ وَالْمَلِكُ الْمُتْرَفُ يُتَقَرَّبُ إِلَيْهِ بِلَعْنِي وَيُتَبَرَّأُ إِلَيْهِ مِنْ دِينِي وَيُقْضَبُ عِنْدَهُ حَسَبِي (٢) وَإِنَّمَا دِينِي دِينُ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَحَسَبِي حَسَبُ رَسُولِ اللهِ وَيَنْجُو فِيَّ ثَلَاثَةٌ الْمُحِبُّ وَالْمُوَالِي لِمَنْ وَالانِي وَالْمُعَادِي لِمَنْ عَادَانِي فَإِنْ أَحَبَّنِي مُحِبٌّ أَحَبَّ مُحِبِّي وَأَبْغَضَ مُبْغِضِي وَشَايَعَ مُشَايِعِي فَلْيَمْتَحِنْ أَحَدُكُمْ قَلْبَهُ فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَجْعَلْ (لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) فَيُحِبَّ بِأَحَدِهِمَا وَيُبْغِضَ بِالْآخَرِ.

وَرُوِيَ أَنَّهُ قَالَ سَلْمَانُ لِعَلِيٍّ علیهما السلام مَا جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَأَنَا عِنْدَهُ إِلَّا ضَرَبَ عَضُدِي أَوْ بَيْنَ كَتِفَيَّ وَقَالَ صلی الله علیه وسلم يَا سَلْمَانُ هَذَا وَحِزْبُهُ الْمُفْلِحُونَ.

وَمِنَ الْفِرْدَوْسِ عَنْ مُعَاذٍ عَنِ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم حُبُّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ حَسَنَةٌ لَا تُضِرُّ مَعَهَا سَيِّئَةٌ وَبُغْضُهُ سَيِّئَةٌ لَا تَنْفَعُ مَعَهَا حَسَنَةٌ.

" وَمِنْهُ ابْنِ مَسْعُودٍ حُبُّ آلِ مُحَمَّدٍ يَوْماً خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ سَنَةٍ وَمَنْ مَاتَ عَلَيْهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ.

وَمِنْهُ أَبُو ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم عَلِيٌّ بَابُ عِلْمِي وَهَدْيِي (٣) وَمُبَيِّنٌ لِأُمَّتِي مَا أُرْسِلْتُ

________________

(١) يعنى ابن مسعود.

(٢) في هامش بعض المخطوطة [اى جاب].

(٣) الهدى كتمر : السيرة والطرية. وفى حديث على (علیهما السلام) : كنت اشبههم برسول الله هديا.

٩٣

بِهِ مِنْ بَعْدِي حُبُّهُ إِيمَانٌ وَبُغْضُهُ نِفَاقٌ وَالنَّظَرُ إِلَيْهِ رَأْفَةٌ وَمَوَدَّتُهُ عِبَادَةٌ.

وَعَنْ أَنَسٍ مِمَّا خَرَّجَهُ الْمُحَدِّثُ قَالَ كُنْتُ جَالِساً مَعَ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم إِذْ أَقْبَلَ عَلِيٌّ علیهما السلام فَقَالَ النَّبِيُّ أَنَا وَهَذَا حُجَّةُ اللهِ عَلَى خَلْقِهِ.

وَرُوِيَ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ قَالَ لِعَلِيٍّ علیهما السلام أَشْهَدُ لَكَ بِالْوَلَايَةِ وَالْإِخَاءِ وَيُزَادُ [زاد] الْحُكْمُ وَالْوَصِيَّةُ.

ونقلت من الأحاديث التي جمعها العز المحدث رَوَى الْمَنْصُورُ عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْعَبَّاسِ قَالَ كُنْتُ أَنَا وَأَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ جَالِسَيْنِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم إِذْ دَخَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام فَسَلَّمَ فَرَدَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم السَّلَامَ وَبَشَّ بِهِ (١) وَقَامَ إِلَيْهِ وَاعْتَنَقَهُ وَقَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَأَجْلَسَهُ عَنْ يَمِينِهِ فَقَالَ الْعَبَّاسُ أَتُحِبُّ هَذَا يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ يَا عَمَّ رَسُولِ اللهِ وَاللهِ لَلَّهُ أَشَدُّ حُبّاً لَهُ مِنِّي إِنَّ اللهَ جَعَلَ ذُرِّيَّةَ كُلِّ نَبِيٍّ فِي صُلْبِهِ وَجَعَلَ ذُرِّيَّتِي فِي صُلْبِ هَذَا.

وَمِنْهُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ نَظَرَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام فَقَالَ أَنْتَ سَيِّدٌ فِي الدُّنْيَا وَسَيِّدٌ فِي الْآخِرَةِ مَنْ أَحَبَّكَ فَقَدْ أَحَبَّنِي وَحَبِيبِي حَبِيبُ اللهِ وَمَنْ أَبْغَضَكَ فَقَدْ أَبْغَضَنِي وَبَغِيضِي بَغِيضُ اللهِ فَالْوَيْلُ لِمَنْ أَبْغَضَكَ بَعْدِي

وَمِنْهُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم لَيْلَةَ عُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ رَأَيْتُ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ مَكْتُوباً لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ عَلِيٌّ حَبِيبُ اللهِ ـ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ صَفْوَةُ اللهِ ـ فَاطِمَةُ أَمَةُ اللهِ عَلَى بَاغِضِهِمْ لَعْنَةُ اللهِ.

وَمِنْهُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم لِعَلِيٍّ كَذَبَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُحِبُّنِي وَيُبْغِضُكَ.

وَمِنْهُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم يَا عَلِيُّ مَنْ فَارَقَنِي فَارَقَ اللهُ وَمَنْ فَارَقَكَ يَا عَلِيُّ فَارَقَنِي.

وَمِنْهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم آخِذاً بِيَدِ عَلِيٍّ وَهُوَ يَقُولُ

________________

(١) بش الصديق بالصديق : فرح به وسر.

٩٤

اللهُ وَلِيِّي وَأَنَا وَلِيُّكَ وَمُعَادِي مَنْ عَادَاكَ وَمُسَالِمُ مَنْ سَالَمَكَ.

وَمِنْهُ قَالَتْ عَائِشَةُ سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه وسلم أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ فَاطِمَةُ فَقُلْتُ وَمِنَ الرِّجَالِ قَالَ زَوْجُهَا وَمِنْهُ عَنْ أَبِي عَلْقَمَةَ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ قَالَ صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم الصُّبْحَ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا فَقَالَ مَعَاشِرَ أَصْحَابِي رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ عَمِّي حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأَخِي جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَبَيْنَ أَيْدِيهِمَا طَبَقٌ مِنْ نَبَقٍ (١) فَأَكَلَا سَاعَةً ثُمَّ تَحَوَّلَ النَّبِقُ عِنَباً فَأَكَلَا سَاعَةً ثُمَّ تَحَوَّلَ الْعِنَبُ رُطَباً فَأَكَلَا سَاعَةً فَدَنَوْتُ مِنْهُمَا وَقُلْتُ بِأَبِي وَأُمِّي أَنْتُمَا أَيَّ الْأَعْمَالِ وَجَدْتُمَا أَفْضَلَ قَالا فَدَيْنَاكَ بِالْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَجَدْنَا أَفْضَلَ الْأَعْمَالِ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ وَسَقْيَ الْمَاءِ وَحُبَّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَقَدْ أَوْرَدَهُ الْخُوَارِزْمِيُّ فِي مَنَاقِبِهِ.

وَنَقَلْتُ مِنْ كِتَابِ الْأَرْبَعِينَ الَّذِي خَرَّجَهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ بْنِ أَبِي بَكْرٍ اللَّفْتُوَانِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم يَا بَنِي هَاشِمٍ إِنِّي سَأَلْتُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَكُمْ ثَلَاثاً يَهْدِي ضَالَّكُمْ وَيُعَلِّمُ جَاهِلَكُمْ وَيُثْبِتُ قَائِلَكُمْ (٢) وَسَأَلْتُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَكُمْ جُوَدَاءَ رُحَمَاءَ نُجَبَاءَ وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً صَفَنَ (٣) بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ فَصَلَّى وَصَامَ ثُمَّ مَاتَ وَهُوَ مُبْغِضُ أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه وسلم دَخَلَ النَّارَ.

وَمِنْهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم قَالَ لِعَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَحَسَنٍ وَحُسَيْنٍ علیهما السلام أَنَا سِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكُمْ وَحَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكُمْ (٤).

وَمِنْهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ مَرَّ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم عَلَى بَيْتٍ فِيهِ فَاطِمَةُ وَعَلِيٌّ وَحَسَنٌ وَحُسَيْنٌ فَقَالَ أَنَا حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبْتُمْ وَسِلْمٌ لِمَنْ سَالَمْتُمْ (٥).

________________

(١) النبق ـ بفتح النون وكسر الباء وقد تسكن ـ نمرة السدورأشه شيء بما العناب قبل ان تشتد حمرته.

(٢) وفي بعض النسخ «قائمكم».

(٣) النجباء جمع نجيب وهو الكريم / صفن : قام (ه م).

(٤) وفي بعض النسخ : سلم لمن سالمتم وحرب لمن حاربتم.

(٥)»». حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم.

٩٥

وَمِنْهُ عَنْ زِيَادِ بْنِ مُطَرِّفٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَرُبَّمَا لَمْ يُذْكَرْ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَحْيَا حَيَاتِي وَيَمُوتَ مِيتَتِي وَيَسْكُنَ جَنَّةَ الْخُلْدِ الَّتِي وَعَدَنِي رَبِّي فَإِنَّ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ غَرَسَ قُضْبَانَهَا بِيَدِهِ فَلْيَتَوَلَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَإِنَّهُ لَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ هُدًى وَلَنْ يُدْخِلَكُمْ فِي ضَلَالَةٍ.

وَنَقَلْتُ مِنْ مَنَاقِبِ الْخُوَارِزْمِيِّ عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام قَالَ أُهْدِيَ إِلَى النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم قِنْوُ مَوْزٍ (١) فَجَعَلَ يُقَشِّرُ الْمَوْزَةَ وَيَجْعَلُهَا فِي فَمِي فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّكَ تُحِبُّ عَلِيّاً قَالَ أَوَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَلِيّاً مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ.

قلت : قوله صلی الله علیه وسلم هو مني وأنا منه يدل على مكانة أمير المؤمنين علیهما السلام ومنزلته وأنه قد بلغ من الشرف والكمال إلى أقصى غايته وتسنم من كاهل المجد أعلى ذروته (٢) ورفعه رسول الله صلی الله علیه وسلم بما أثبته من تنبيهه على محله منه ونسبته وبيان هذه الجملة التي أسفر محياها وإيضاح هذه المنقبة التي تضوع عرفها وفاح رياها (٣) وكشف غطاء هذه الفضيلة التي اتفق لفظها ومعناها أنه لما قَالَ صلی الله علیه وسلم سَلْمَانُ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ حصل لسلمان رضي الله عنه بذلك شرف مد أطنابه ونصب على قمة الجوزاء قبابه (٤) وفاق به أمثاله من الأصحاب وأضرابه فلما ذكر عليا وخصه بأنت مني سما به عن تلك الرتبة وتجاوز به عن تلك المحلة ولو اختصر عليها كانت مع كونها متعالية عن رتبة سلمان قريبة منها فلما قال له فأنا منك تم المنقبة وكملها وزين سيرته بهذه الفريدة وجملها فإنها عظيمة المحل ظاهرة الفضل

________________

(١) القنو : العذق (ه م)

(٢) تسنم الشيء : علاء والكاهل : ما بين الكتفين. وذروة كل شيء : اعلاء.

(٣) السفر وجيه : حسن واشرق. والمحيا ـ بضم الميم وفتح الحاء وتشديد الياء جماعة الوجه. تضوع المسك : تحرك فانتشرت رائحته. والعرف بالفتح الرائحة الطيبة وفاح بمعنى تضوع وريا بفتح الراء وتشديد الياء ـ : الريح الطيبة.

(٤) القمة ـ بالكسر ـ : اعلى كل شيء.

٩٦

تشهد لشرفه ومكانه ورجاحة فضله وثقل ميزانه وذلك لأنها دلت أن كل واحد منهما صلی الله علیه وسلم أصل للآخر ونازل منزلته وأنه لم يرض أن يقتصر له علیهما السلام بأن عليا منه حتى جعل نفسه من علي ص.

وَقَدْ أَوْرَدَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ وَابْنُ أَثِيرٍ الْجَزَرِيُّ فِي تَارِيخِهِمَا أَنَّهُ كَانَ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ لِعَلِيٍّ فِي يَوْمِ أُحُدٍ وَقَدْ فَرَّ مِنَ الزَّحْفِ مَنْ فَرَّ وَقَرَّ مَعَ النَّبِيِّ مَنْ قَرَّ يَا عَلِيُّ اكْفِنِي أَمْرَ هَؤُلَاءِ اكْفِنِي أَمْرَ هَؤُلَاءِ إِشَارَةً إِلَى الْكُفَّارِ وَعَلِيٌّ علیهما السلام يُجَالِدُ بَيْنَ يَدَيْهِ بَاذِلاً نَفْسَهُ دُونَهُ خَائِضاً غُمَارَ الْحَرْبِ (١) فِي نَصْرِهِ صَابِراً عَلَى مُنَازَلَةِ الْأَقْرَانِ وَمُصَاوَلَةِ الشُّجْعَانِ (٢) وَمُقَارَعَةِ صَنَادِيدِ الْعَرَبِ وَمُصَارَعَةِ الْفُرْسَانِ الْجَاهِلِيَّةِ بِعَزْمٍ لَا يَنْثَنِي (٣) وَهِمَّةٍ لَا تَنِي وَبَأْسٍ يُذِلُّ مَرَدَةَ الطُّغْيَانِ وَنَجْدَةٍ تُقَيِّدُ شَيَاطِينَ الْكُفْرِ فِي أَشْطَانِ الذُّلِّ (٤) وَالْهَوَانِ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ وَاللهِ يَا مُحَمَّدُ مَا هَذِهِ الْمُوَاسَاةُ فَقَالَ هُوَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ فَقَالَ وَأَنَا مِنْكُمَا فانظر إلى هذه الحال التي خص بها الإمام علیهما السلام ما أجلها والمنزلة التي طلب جبرئيل علیهما السلام أن ينالها ويتفيأ ظلها والحديث ذو شجون أي يدخل بعضه في بعض (٥).

وَمِنْ كِتَابِ الْمَنَاقِبِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم الْتَزَمَ عَلِيّاً وَقَبَّلَهُ وَيَقُولُ

________________

(١) الغمار ـ بالضم ـ : جماعة الناس ولغيفهم بقال «دخلت في غمار الناس» اى في جماعتهم المتكائف.

(٢) صاوله مصاولة : وانبه.

(٣) اى لا تضعف يقال : شى الرجل في الامر : فتروضعف وكل واعيا.

(٤) النجدة : الشجاعة. الشدة والباس. واشطان جمع الشطن ـ محركة ـ : الحبل الطويل تربط به الدابة.

(٥) قال السيداني في مجمع الامثال : الحديث ذو شجون اى ذو طرق الواحد شجن بسكون الجيم ، والشواجن اودية كثيرة الشجر الواحدة شاجنة واصل هذه الكلمة الاتصال والالتفات ومنه الشجنة ، والشجنة : الشجرة الملتغة الاعضان يضرب هذا المثل في الحديث يتذكر به غيره ثم ذكر في ذلك قصة فراجع ج ١ : ٢٠٦.

٩٧

بِأَبِي الْوَحِيدُ الشَّهِيدُ.

وَمِنَ الْمَنَاقِبِ أَيْضاً عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ كُنْتُ أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم فِي بَعْضِ طُرُقِ الْمَدِينَةِ فَأَتَيْنَا عَلَى حَدِيقَةٍ وَهِيَ الرَّوْضَةُ ذَاتُ الشَّجَرِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ مَا أَحْسَنَ هَذِهِ الْحَدِيقَةُ فَقَالَ مَا أَحْسَنَهَا وَلَكَ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْهَا ثُمَّ أَتَيْنَا عَلَى حَدِيقَةٍ أُخْرَى فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ مَا أَحْسَنَهَا مِنْ حَدِيقَةٍ فَقَالَ لَكَ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْهَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى سَبْعِ حَدَائِقَ أَقُولُ يَا رَسُولَ اللهِ مَا أَحْسَنَهَا فَيَقُولُ صلی الله علیه وسلم لَكَ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْهَا فَلَمَّا خَلَا لَهُ الطَّرِيقُ اعْتَنَقَنِي وَأَجْهَشَ بَاكِياً فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ مَا يُبْكِيكَ قَالَ ضَغَائِنُ فِي صُدُورِ أَقْوَامٍ لَا يُبْدُونَهَا إِلَّا بَعْدِي فَقُلْتُ فِي سَلَامَةٍ مِنْ دِينِي قَالَ فِي سَلَامَةٍ مِنْ دِينِكَ

[الجهش أن يفزع الإنسان إلى غيره وهو مع ذلك يريد البكاء كالصبي يفزع إلى أمه وقد تهيأ للبكاء يقال جهش إليه يجهش والضغائن الأحقاد].

وَمِنْهُ عَنْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ اجْتَمَعَ عَلِيٌّ وَجَعْفَرٌ وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ فَقَالَ جَعْفَرٌ أَنَا أَحَبُّكُمْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَقَالَ عَلِيٌّ أَنَا أَحَبُّكُمْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَقَالَ زَيْدٌ : (١) أَنَا مُعْتَقُ النَّبِيِّ أَنَا أَحَبُّكُمْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَانْطَلِقُوا بِنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَنَسْأَلُهُ قَالَ أُسَامَةُ فَاسْتَأْذَنُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم وَأَنَا عِنْدَهُ قَالَ اخْرُجْ فَانْظُرْ مَنْ هَؤُلَاءِ فَخَرَجْتُ ثُمَّ جِئْتُ فَقُلْتُ هَذَا جَعْفَرٌ وَعَلِيٌّ وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ يَسْتَأْذِنُونَ قَالَ ائْذَنْ لَهُمْ فَدَخَلُوا فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ جِئْنَا نَسْأَلُكَ مَنْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْكَ قَالَ فَاطِمَةُ قَالُوا إِنَّمَا نَسْأَلُكَ عَنِ الرِّجَالِ فَقَالَ أَمَّا أَنْتَ يَا جَعْف َرُ فَيُشْبِهُ خَلْقُكَ خَلْقِي وَخُلُقُكَ

________________

(١) قال ابن الاثير في اسد الغابة زيد بن حارثة بن شراحيل ويكنى ابا اسامة هو مولى رسول الله (صلی الله علیه وسلم) اشهر مواليه ، اصابه سباء في الجاهلية ، لان امه خرجت به تزور فومها بنى معن فأغارت عليهم خيل بني القين بن حبر مأخذوا زيداً فقدموا به سوق عكاظ فاشتراة حكيم بن حزام لسته خديجة بنت خويلد ، وقيل : اشتراء من سوق حباشة فوهبته خديجة للنبي (صلی الله علیه وسلم) بمكة قبل النبوة وهو ابن ثمانى سنين ، وقيل : بل رآه رسول الله (صلی الله علیه وسلم) بالبطحاء بمكة ينادي عليه ليباع فأتى خديجة فذكره لها فشتراه من مالها فوهبته لرسول الله (صلی الله علیه وسلم) فاعتقه ثم ذكرله قصه وذكر حديث مواخاة رسول الله (صلی الله علیه وسلم) بينه وبين حمزة فراجع ان شئت ٢٢٤ ـ ٢٢٧.

٩٨

خُلُقِي وَأَنْتَ إِلَيَّ وَمِنْ شَجَرَتِي وَأَمَّا أَنْتَ يَا عَلِيُّ فَخَتَنِي وَأَبُو وُلْدِي وَمِنِّي وَإِلَيَّ وَأَحَبُّ الْقَوْمِ إِلَيَ.

وَقَرِيبٌ مِنْهُ مَا نَقَلْتُهُ مِنْ مُسْنَدِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ره حِينَ اخْتَصَمَ عَلِيٌّ وَجَعْفَرٌ وَزِيدٌ فِي ابْنَةَ حَمْزَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَقَضَى بِهَا لِخَالَتِهَا قَالَ لِعَلِيٍّ أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ وَقَالَ لِجَعْفَرٍ أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي وَقَالَ لِزَيْدٍ أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلَانَا يُرِيدُ عَبَدْنَا [بل أراد صلی الله علیه وسلم به حبيبنا وناصرنا وذو عهدنا ولا يقال إنه أخونا وعبدنا وإن كان عبدا] (١) فتبصر كلامه صلی الله علیه وسلم وحسن مقصده وبلاغة لفظه وعذوبة مورده واقطع بأنه أوتي جواهر الكلم فاختارها وانتقاها وحكم في الفصاحة فتسنم ذراها وافترع (٢) رباها فإنه أضاف عليا إلى نفسه فقال أنت مني وأجرى جعفرا مجراه فقال أشبهت خلقي وخلقي ولما لم يكن زيد رحمه‌الله من رجال هذا الميدان أولاه من لطفه إحسانا وأدبه بقوله أنت أخونا ومولانا فأضافه إلى نفسه صلی الله علیه وسلم وإليهما بنون الجماعة ليعلم أن رتبته لا تبلغ تلك الرتب المنيفة ومحله يقصر عن محالهم الشريفة وكيف ومن أين يقع المولى موقع الخليفة.

وَمِنْ كِتَابِ الْمَنَاقِبِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم جَاءَنِي جَبْرَئِيلُ مِنْ عِنْدِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِوَرَقَةِ آسٍ خَضْرَاءَ مَكْتُوبٌ فِيهَا بِبَيَاضٍ إِنِّي افْتَرَضْتُ مَحَبَّةَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَى خَلْقِي فَبَلِّغْهُمْ ذَلِكَ عَنِّي.

وَمِنْهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم لَوِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى حُبِّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیهما السلام لَمَا خَلَقَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ النَّارَ.

أقول : ربما وقف على هذا الحديث بعض من يميل إلى العناد طبعه ويتسع في الخلاف والنصب ذرعه فيرد عليه منه ما يضيق به [عنه] وسعه فيجزم بخفض مناره عند ما يعييه دفعه [رفعه] ويسارع إلى القدح في راويه ومعتقده وينكر على ناقله بلسانه وقلبه ويده وهو لا يعلم أنه إنما أصيب من

________________

(١) ما بين المعقفتين انما هو في النسخة المطبوعة دون غيرها.

(٢) افترع البكر : ازال بكارتها.

٩٩

قبل طبعه الذميم وأتي من قبل تصوره السقيم ووجه تبيينه أن محبة علي علیهما السلام فرع على محبة النبي صلی الله علیه وسلم وتصديقه في جميع ما جاء به ومحبة النبي صلی الله علیه وسلم وتصديقه فرع على معرفة الله تعالى ووحدانيته والعمل بأوامره واجتناب نواهيه والأخذ بكتابه وسنة نبيه صلی الله علیه وسلم ومن المعلوم أن الناس كافة لو خلقوا على هذه الفطرة لم يخلق الله النار وكيف يحب عليا من خالف مذهبه في علمه وحلمه وزهده وورعه وصلاته وصيامه ومسارعته إلى طاعات الله وإقدامه والأخذ بكتاب الله في تحليل حلاله وتحريم حرامه ومجاهدته في ذات الله شارعا لرمحه شاهرا لحسامه (١) وقناعته بخشونة ملبسه وجشوبة مأكله (٢) وانتصابه في محرابه يقطع الليل بصالح عمله وهذه أوصاف لا يستطيعها غيره من العباد ولكنه قَالَ علیهما السلام أَعِينُونِي بِوَرَعٍ وَاجْتِهَادٍ وَقَدْ وَصَفَ شِيعَتَهُ فَقَالَ إِنَّهُمْ خُمْصُ الْبُطُونِ مِنَ الطَّوَى عُمْشُ الْعُيُونِ مِنَ الْبُكَاءِ (٣).

وَقَالَ علیهما السلام وَقَدْ سَأَلَهُ هَمَّامٌ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ وَكَانَ هَمَّامٌ هَذَا رَجُلاً عَابِداً وَالْكَلَامُ مَذْكُورٌ فِي نَهْجِ الْبَلَاغَةِ أَذْكُرُ مِنْهُ شَيْئاً ـ : فَالْمُتَّقُونَ فِيهَا (وَالضَّمِيرُ لِلدُّنْيَا) هُمْ أَهْلُ الْفَضَائِلِ مَنْطِقُهُمُ الصَّوَابُ وَمَلْبَسُهُمُ الِاقْتِصَادُ وَمَشْيُهُمُ التَّوَاضُعُ غَضُّوا أَبْصَارَهُمْ عَمَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَوَقَفُوا أَسْمَاعَهُمْ عَلَى الْعِلْمِ النَّافِعِ لَهُمْ نَزَلَتْ أَنْفُسُهُمْ مِنْهُمْ فِي الْبَلَاءِ كَالَّذِي نَزَلَتْ فِي الرَّخَاءِ وَلَوْ لَا الْأَجَلُ الَّذِي كَتَبَ اللهُ لَهُمْ لَمْ تَسْتَقِرَّ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ طَرْفَةَ عَيْنٍ شَوْقاً إِلَى الثَّوَابِ وَخَوْفاً مِنَ الْعِقَابِ عَظُمَ الْخَالِقُ فِي أَنْفُسِهِمْ فَصَغُرَ مَا دُونَهُ فِي أَعْيُنِهِمْ فَهُمْ وَالْجَنَّةُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا فَهُمْ فِيهَا مُنَعَّمُونَ وَهُمُ وَالنَّارُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا فَهُمْ فِيهَا مُعَذَّبُونَ قُلُوبُهُمْ مَحْزُونَةٌ وَشُرُورُهُمْ مَأْمُونَةٌ وَأَجْسَادُهُمْ نَحِيفَةٌ وَحَاجَتُهُمْ خَفِيفَةٌ وَأَنْفُسُهُمْ عَفِيفَةٌ صَبَرُوا أَيَّاماً قَصِيرَةً أَعْقَبَتْهُمْ

________________

(١) الحسام ـ بضم الحاء ـ : السيف القاطع.

(٢) جشب الطعام : غلظ.

(٣) خمص البطن : فرغ وضر اى عزل ودق وقل لحبه والطرى : الجوع وعمشت عينه : ضعف بصرها مع سيلان دمعها في اكثر الاوقات.

١٠٠