تفسير النسائي - ج ١

أبي عبدالرحمن ابن شعيب بن علي النسائي

تفسير النسائي - ج ١

المؤلف:

أبي عبدالرحمن ابن شعيب بن علي النسائي


المحقق: صبري بن عبدالخالق الشافعي وسيّد بن عبّاس الجليمي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة الكتب الثقافية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٨٧
الجزء ١ الجزء ٢

[٢٨٦] ـ أنا إسحاق بن منصور ، أنا عبد الرحمن ، عن سفيان ، عن أبيه ، عن خيثمة ، عن البراء بن عازب (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) قال : نزلت في عذاب القبر.

* * *

__________________

ـ (ج ٩ / ص ٢٦٦ / رقم ٩١٤٥) ، والبيهقي في «عذاب القبر» (رقم ٩) ، ثلاثتهم من حديث ابن مسعود ، وقال الهيثمي في المجمع (٣ / ٥٤) : «رواه الطبراني في الكبير وإسناده حسن» ، قلت : في إسناده المسعودي ثقة ولكنه اختلط ولكن لا بأس به في الشواهد. وشاهد آخر من حديث أبي هريرة : أخرجه الطبري في تفسيره (١٣ / ١٤٣) ، والبيهقي في «عذاب القبر» (رقم ٨) ، وله شواهد أخرى وانظر الدر المنثور.

(٢٨٦) ـ أخرجه مسلم في صحيحه : كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها ، باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه ، وإثبات عذاب القبر ، والتعوذ منه (رقم ٢٨٧١ / ٧٤) وأخرجه المصنف في سننه : كتاب الجنائز ، عذاب القبر (رقم ٢٠٥٦) كلاهما عن خيثمة بن عبد الرحمن بن أبي سبرة ـ به ..

انظر تحفة الأشراف للمزي (رقم ١٧٥٤)

٦٢١

[٢٠٠] قوله تعالى :

(وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ) [٢٨]

[٢٨٧] ـ أنا محمد بن بشّار ، نا محمد ، نا شعبة ، عن القاسم ابن (١) أبي بزّة ، عن أبي الطّفيل ،

سمع عليّا رضى الله عنه وسأله ابن الكوّاء عن هذه الآية : ـ (الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها) قال : هم كفّار قريش يوم بدر.

__________________

(١) في الأصل : «القاسم عن أبي بزة» وهو خطأ والصواب ما أثبتناه كما في تحفة الأشراف وغيرها.

__________________

(٢٨٧) ـ إسناد صحيح *. تفرد به المصنف ، انظر تحفة الأشراف للمزي (رقم ١٠١٥٥) رجاله ثقات رجال الشيخين ، محمد هو ابن جعفر غندر ، أبو الطفيل عامر بن واثلة

وأخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (١٣ / ١٤٦) عن ابن المثنى ، عن محمد بن جعفر ، عن شعبة به ، وأخرجه الحاكم في مستدركه (٢ / ٣٥٢) من حديث بسام الصيرفي عن أبي الطفيل به وقال : هذا حديث صحيح عال وبسام بن عبد الرحمن الصيرفي من ثقات الكوفيين ممن يجمع حديثهم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي في التلخيص ، وفيه : منافقوا قريش بدلا من : كفار قريش.

وعزاه السيوطي وزاد نسبته في الدر المنثور (٤ / ٨٤) لعبد الرزاق والفريابي وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أبي الطفيل عن عليّ ـ به.

٦٢٢

[٢٨٨] ـ أنا قتيبة بن سعيد ، عن سفيان (١) عن عمرو بن دينار ، عن عطاء ، عن ابن عبّاس في قوله تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ) قال : هم أهل مكّة.

قال سفيان : يعني كفّارهم.

[٢٨٩] ـ أنا يونس بن عبد الأعلى ، نا ابن وهب ، أخبرني عمرو ابن الحارث ، أنّ بكر بن سوادة ، حدّثه عن عبد الرحمن بن / جبير ، عن عبد الله بن عمرو بن العاصي (٢) ، أنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، تلا قول الله

__________________

(١) سقط من الأصل ، واستدركناه من تحفة الأشراف.

(٢) قال النووي رحمه‌الله تعالى ، في شرح مقدمة صحيح مسلم : باب «النهي عن الرواية عن الضعفاء والاحتياط من تحملها» : «وأما العاصي فأكثر ما يأتي في كتب الحديث والفقه ونحوها بحذف الياء ، وهي لغة والفصيح الصحيح : العاصي بإثبات الياء ، وكذلك شداد بن الهادي ، وابن أبي الموالي ، فالفصيح الصحيح في كل ذلك وما أشبهه إثبات الياء ولا اغترار بوجوده في كتب الحديث أو أكثرها بحذفها والله أعلم».

وهو كذلك في المخطوطة التي بين أيدينا ـ يعني بإثبات الياء.

__________________

(٢٨٨) ـ أخرجه البخاري في صحيحه : كتاب المغازي ، باب قتل أبي جهل (رقم ٣٩٧٧) وكتاب التفسير ، باب ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة اللّه كفرا (رقم ٤٧٠٠).

انظر تحفة الأشراف للمزي (رقم ٥٩٤٦).

(٢٨٩) ـ أخرجه مسلم في صحيحه : كتاب الإيمان ، باب دعاء النبي صلّى اللّه عليه وسلّم

٦٢٣

تعالى في إبراهيم (رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ) الآية. وقال عيسى (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [المائدة (١١٨)] فرفع يديه ، فقال : «اللهمّ أمّتي أمّتي» وبكى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، «فقال الله : يا جبريل ، اذهب إلى محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وربّك أعلم ـ فاسأله ما يبكيه ، فأتاه جبريل ، فسأله ، فأخبره رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بما قال ـ وهو أعلم ـ فقال الله : يا جبريل ، اذهب إلى محمّد فقل له : إنّا سنرضيك في أمّتك ، ولا نسوؤك.».

[٢٩٠] ـ أنا سويد بن نصر ، أنا عبد الله ، عن معمر ، عن الزّهرىّ ، قال أخبرنى سالم بن عبد الله ، عن أبيه ، أنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، لمّا مرّ بالحجر ، قال : «لا تدخلوا مساكن الّذين ظلموا أنفسهم ، إلّا أن

__________________

ـ لأمته وبكائه شفقة عليهم (رقم ٢٠٢ / ٣٤٦).

انظر تحفة الأشراف للمزي (رقم ٨٨٧٣).

(٢٩٠) ـ أخرجه البخاري في صحيحه : كتاب أحاديث الأنبياء ، باب قول الله تعالى [الأعراف : ٧٣] «وإلى ثمود أخاهم صالحا» وقوله «كذب أصحاب الحجر» الحجر موضع ثمود (رقم ٣٣٨٠) وكتاب المغازي ، باب نزول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم الحجر (رقم ٤٤١٩).

انظر تحفة الأشراف للمزي (رقم ٦٩٤٢).

قوله : «مرّ بالحجر» أي موضع ثمود قوم صالح عليه‌السلام. ـ

٦٢٤

تكونوا باكين ؛ أن يصيبكم مثل ما أصابهم» وتقنّع بردائه وهو على الرّحل.

* * *

__________________

ـ قوله : «تقنّع بردائه» أي رفعه وتغطى به.

قوله «الرّحل» هو ما يوضع على ظهر البعير للركوب.

٦٢٥

سورة الحجر

بسم الله الرّحمن الرّحيم

[٢٩١] ـ أخبرني عثمان بن عبد الله ، قال : حدّثني محمد بن عبّاد المكّىّ ، نا حاتم بن إسماعيل ، نا أبو الحسن الصّيرفىّ ـ وهو بسّام ـ عن يزيد بن صهيب الفقير ، قال :

__________________

(٢٩١) ـ صحيح بشواهده. تفرد به المصنف ، وانظر تحفة الأشراف (رقم ٣١٤٣). وإسناده حسن ، محمد بن عباد بن الزبرقان : «صدوق يهم» ، بسام الصيرفي : «صدوق» ، والحديث صحيح بشواهده.

وقال السيوطي في الدر المنثور (٤ / ٩٢) : أخرجه الطبراني في الأوسط وابن مردويه بسند صحيح عن جابر».

وللحديث شواهد منها :

(١) حديث أبي موسى الأشعري : أخرجه ابن أبي عاصم في السنة (٨٤٣) عن أبي الشعثاء ، عن خالد بن نافع ، عن سعيد بن أبي بردة ، عن أبيه ، عن أبي موسى مرفوعا نحوه ، ورجاله ثقات غير خالد بن نافع الأشعري ، قال عنه ابن عدي في الكامل : «وقد نسبه النسائي إلى الضعف» ، وقال في لسان الميزان (ج ٢ / رقم ١٥٩٢) : ضعفه أبو زرعة والنسائي وهو من أولاد أبي موسى .. ، وقال أبو حاتم : ليس بقوى يكتب حديثه ، وقال أبو داود : متروك ، وهذا تجاوز في الحد فإن الرجل قد حدث عنه أحمد بن حنبل ومسدد فلا يستحق الترك ا. ه وذكره ابن حبان في الثقات». وأخرجه ابن جرير في تفسيره (١٤ / ٣) من طريق خالد بن نافع ، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٧ / ٤٥) : «رواه الطبراني وفيه خالد بن نافع ... وبقية رجاله ثقات» ، وأخرجه الحاكم في المستدرك (٢ / ٢٤٢) وصححه ووافقه الذهبي وفيه نظر ، فإن في إسناده خالد بن نافع الأشعري ، وأخرجه البيهقي في البعث والنشور (رقم ٨٥) من ـ

٦٢٦

__________________

طريقه. وزاد السيوطي في الدر المنثور (٤ / ٩٢) نسبته لابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي موسى مرفوعا.

(٢) حديث ابن عباس : اخرجه ابن جرير في تفسيره (١٤ / ٣ ، ٤ ، ٥) من حديث معاوية عن علي ، عن ابن عباس موقوفا نحوه ، ومن طريق عطاء بن السائب عن مجاهد ، عن ابن عباس ، ومن هذه الطريق أخرجه الحاكم في المستدرك (٢ / ٣٥٣) وصححه ووافقه الذهبي ، وفيه عطاء بن السائب اختلط ـ ولكن لا بأس به في الشواهد ، وأخرجه البيهقي في البعث والنشور (رقم ٨٠ ، ٨١).

وزاد السيوطي نسبته في الدر المنثور (٤ / ٩٢) لابن أبي حاتم ، وسعيد بن منصور ، وهنّاد بن السريّ في الزهد ، وابن المنذر عن ابن عباس.

(٣) حديث أنس : أخرجه ابن أبي عاصم في السنة (رقم ٨٤٤) من حديث أبي الخطاب العتكي عن أنس مرفوعا مختصرا ، وأبو الخطاب حرب بن ميمون العتكي لا يعرف له رواية عن أحد من الصحابة ، وأخرجه الطبراني ، وساق ابن كثير إسناده في تفسيره (٢ / ٥٤٧) من طريق يعقوب بن نباتة عن عبد الرحمن الأغر ، عن أنس مرفوعا بمعناه ، وزاد السيوطي نسبته في الدر (٤ / ٩٣) لهناد بن السري ، والطبراني في الأوسط وأبي نعيم وابن مردويه عن أنس.

وأخرجه ابن جرير الطبري نحوه (١٤ / ٣ ، ٤) من حديث القاسم بن الفضل عن عبد الله بن أبي فروة ، والبيهقي في البعث والنشور (رقم ٨٢) من طريق القاسم بن الفضل عن عبيد الله بن أبي جروة (أو جرول)! عن أنس وابن عباس أنهما تأولا هذه الآية ، فذكرا نحوه بمعناه.

وعزاه السيوطي وزاد نسبته في الدر المنثور (٤ / ٩٢) لابن المبارك في الزهد وابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عباس وأنس.

(٤) حديث أبي سعيد الخدري : أخرجه الطبراني وساق ابن كثير إسناده في تفسيره (٢ / ٥٤٧) من حديث صالح بن أبي شريف عن أبي سعيد الخدري ـ

٦٢٧

كنّا عند جابر ، فذكر الخوارج ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّ ناسا من أمّتي يعذّبون بذنوبهم ، فيكونون في النّار ما شاء الله أن يكونوا ، ثمّ يعيّرهم أهل الشّرك ، فيقولون لهم : ما نرى ما كنتم تخالفونا (١) فيه من تصديقكم وإيمانكم ؛ نفعكم. لما يريد الله أن يري أهل الشّرك من الحسرة ، فما يبقى موحّد إلّا أخرجه الله ، ثمّ تلا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم هذه الآية (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ)».

* * *

__________________

(١) هكذا بالأصل ، والصواب : تخالفوننا ، بالرفع.

__________________

ـ نحوه ، وزاد السيوطي نسبته لإسحاق بن راهويه وابن حبان وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري مرفوعا.

وللحديث شواهد من حديث ابن مسعود وعلي بن أبي طالب مرفوعا نحوه ، وانظر تفسير الطبري (١٤ / ٣ ، ٤ ، ٥) وابن كثير في تفسيره (٢ / ٥٤٧) ، الدر المنثور للسيوطي (٤ / ٩٢ ، ٩٣).

٦٢٨

[٢٠١] قوله تعالى :

(إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ / السَّمْعَ) [١٨]

[٢٩٢] ـ أخبرنى كثير بن عبيد ، عن محمّد بن حرب ، عن الزّبيديّ ، قال : حدثنى الزّهريّ ، عن عليّ بن حسين ، أنّ عبد الله ابن عبّاس ، قال :

أخبرني رجل من أصحاب النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم من الأنصار ، قال : بينما هم جلوس مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فرمى بنجم ، فاستنار ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما كنتم تقولون في الجاهليّة إذا رمى بمثل هذا» قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : «ولد اللّيلة رجل عظيم ومات اللّيلة رجل عظيم ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «فإنّها لا ترمى لموت أحد ولا لحياة أحد ، ولكنّ ربّنا تبارك وتعالى إذا قضى أمرا ، سبّح حملة العرش ، ثمّ سبّح أهل السّماء الّذين يلونهم ، حتّى يبلغ التّسبيح أهل هذه السّماء ، ثمّ قال الّذين يلون حملة العرش لحملة العرش : ما ذا قال ربّكم؟ فيخبرونهم ، فيستخبر أهل السّماء ، بعضهم بعضا ، حتّى يبلغ

__________________

(٢٩٢) ـ أخرجه مسلم في صحيحه : كتاب الطب ، باب الطيرة والفأل ، وما يكون فيه من الشئوم (رقم ٢٢٢٩ / ١٢٤ ، ١٢٤ مكرر) وأخرجه الترمذي في جامعه : كتاب تفسير القرآن ، باب ومن سورة سبأ (رقم ٣٢٢٤) كلاهما من طريق عبد الله بن عباس ـ به.

انظر تحفة الأشراف للمزي (رقم ١٥٦١٢). ـ

٦٢٩

الخبر هذه السّماء الدّنيا ، فيخطف الجنّ السّمع ، فيقذفونه إلى أوليائهم ، فيرمون ، فما جاءوا به على وجهه ، فهو حقّ ، ولكنّهم يقرفون (١) فيه ويزيدون».

* * *

__________________

(١) في الأصل : يفرقون.

ـ وقوله يقرفون أي يضيفون إليه.

* * *

٦٣٠

[٢٠٢] قوله تعالى :

(وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ) [٢٤]

[٢٩٣] ـ أنا قتيبة بن سعيد ، نا نوح ـ وهو ابن قيس ، عن ابن مالك ـ يعني : عمرا ، عن أبي الجوزاء ، عن ابن عبّاس ، قال : كانت امرأة تصلّى خلف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، حسناء من أحسن النّاس ، قال : وكان بعض القوم يتقدّم في الصّفّ الأوّل لأن لا يراها ، ويستأخر بعضهم ، حتّى يكون في الصّفّ المؤخّر ، فإذا ركع ـ وذكر كلمة معناها : نظر من تحت إبطيه ، فأنزل الله عزوجل (وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ).

__________________

(٢٩٣) ـ حسن* أخرجه الترمذي في جامعه (رقم ٣١٢٢) : كتاب التفسير ، باب ومن سورة الحجر ، وأخرجه المصنف في سننه (رقم ٨٧٠) : كتاب الإمامة ، باب المنفرد خلف الصف ، وأخرجه ابن ماجه (رقم ١٠٤٦) : كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها ، باب الخشوع في الصلاة كلاهما من طريق أوس بن عبد الله أبي الجوزاء ـ به ، وانظر تحفة الأشراف (رقم ٥٣٦٤). وإسناده حسن ، نوح بن قيس : صدوق أخرج له مسلم وغيره ، عمرو بن مالك النكري : صدوق له أوهام. وقد أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده (رقم ٢٧١٢) ، وأحمد (١ / ٣٠٥) ، وابن جرير الطبري في تفسيره (١٤ / ١٨) ، والطبراني في الكبير (ج ١٢ / ص ١٧١ / رقم ١٢٧٩١) ، وابن حبان في صحيحه (رقم ١٧٤٩ ـ موارد) ، والحاكم في مستدركه (٢ / ٣٥٣) ، والبيهقي في سننه ـ

٦٣١

__________________

(٣ / ٩٨) ، كلهم من حديث نوح بن قيس ، عن عمرو بن مالك النكري ، عن أبي الجوزاء أوس بن عبد الله الربعي ـ به.

وقال الحاكم : «صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، وقال عمرو بن علي : لم يتكلم أحد في نوح بن قيس الطاحي بحجة وله أصل من حديث سفيان الثوري» ووافقه الذهبي وقال : «هو صدوق خرج له مسلم».

وقال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على المسند (رقم ٢٧٨٤) : «إسناده صحيح».

وقد أعله الترمذي فقال : «وروى جعفر بن سليمان هذا الحديث عن عمرو بن مالك ، عن أبي الجوزاء نحوه ولم يذكر فيه عن ابن عباس ، وهذا أشبه أن يكون أصح من حديث نوح».

وكذا أعله ابن كثير في تفسيره (٢ / ٥٥٠ ، ٥٥١) فقال : «حديث غريب جدا ... وهذا الحديث فيه نكارة شديدة ، وقد رواه عبد الرزاق عن جعفر بن سليمان ، عن عمرو بن مالك ـ النكري ـ أنه سمع أبا الجوزاء يقول .. فالظاهر أنه من كلام أبي الجوزاء فقط ليس فيه لابن عباس ذكر».

وزيادة الثقة مقبولة ، ولم يخالفه من هم أولى منه (صفة أو عددا) فالحديث حسن والله أعلم.

والحديث زاد السيوطي نسبته في الدر المنثور (٤ / ٩٦ ـ ٩٧) لسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن خزيمة وابن مردويه من طريق أبي الجوزاء عن ابن عباس ـ به.

وله شاهد من حديث مروان بن الحكم مختصرا ، أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (١٤ / ١٨) وهو مع كونه مرسلا ، في إسناده رجل لم يسم.

وشاهد آخر من حديث سهل بن حنيف ، أخرجه ابن مردويه وانظر الدر المنثور (٤ / ٩٧).

٦٣٢

[٢٠٣] قوله تعالى :

(وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ) (٨٠)

[٢٩٤] ـ أنا علىّ بن حجر ، عن إسماعيل ، نا / عبد الله بن دينار ، أنّه سمع

ابن عمر ، يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لأصحاب الحجر : «لا تدخلوا على هؤلاء القوم المعذّبين إلّا أن تكونوا باكين ، فإن لم تكونوا باكين ، فلا تدخلوا عليهم ؛ أن يصيبكم مثل ما أصابهم».

* * *

__________________

(٢٩٤) ـ أخرجه مسلم في صحيحه : كتاب الزهد والرقائق ، باب لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين (رقم ٢٩٨٠ / ٣٨).

انظر تحفة الأشراف للمزي (رقم ٧١٣٤).

٦٣٣

[٢٠٤] قوله تعالى :

(وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي) [٨٧]

[٢٩٥] ـ أنا محمد بن بشّار ، نا يحيى ، نا شعبة ، حدثني خبيب ابن عبد الرّحمن ، عن حفص بن عاصم ، عن أبي سعيد بن المعلّى ، قال : مرّ بى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأنا فى المسجد ، فدعانى ، فلم آته ، قال : «ما منعك أن تأتينى» قلت : إنّى كنت أصلّي ، قال : «ألم يقل الله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ) قال : «ألا أعلّمك أفضل سورة في القرآن قبل أن أخرج؟» فلمّا ذهب يخرج ، ذكرت ذلك له قال : فقال : «الحمد لله ربّ العالمين» هى السّبع المثاني والقرآن العظيم الّذى أوتيته».

[٢٩٦] ـ أنا عليّ بن حجر ، أنا شريك ، عن أبي إسحاق.

أنا أحمد بن سليمان ، نا عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن جبير ،

__________________

(٢٩٥) ـ سبق تخريجه (رقم ١).

(٢٩٦) ـ صحيح* أخرجه المصنف في سننه (رقم ٩١٦) : كتاب الافتتاح ، باب تأويل قول الله عزوجل «ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم» ، وانظر تحفة الأشراف (رقم ٥٥٩٠). والإسناد الأول فيه شريك بن ـ

٦٣٤

عن ابن عبّاس ، فى قوله : (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) قال : البقرة وآل عمران والنّساء والأعراف والأنعام والمائدة (١). قال شريك : السّبع الطول.

__________________

(١) هكذا في الأصل ، لم يذكر السورة السابعة.

__________________

ـ عبد اللّه وهو صدوق يخطئ وقد توبع كما في الإسناد الثاني ، وإسناده صحيح لولا عنعنة أبي إسحاق السبيعي وقد روي من غير طريقه ، وأحمد بن سليمان هو الرهاوي.

وقد أخرجه ابن جرير في تفسيره (١٤ / ٣٥ ، ٣٦) من طرق عن ابن عباس ، وأخرجه من طريق. إسرائيل عن أبي إسحاق ـ به وزاد ، قال إسرائيل : وذكر السابعة فنسيتها ، وأخرجه الحاكم في مستدركه (٢ / ٣٥٥) من حديث عبيد اللّه بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن مسلم البطين ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، وذكر السابعة : سورة الكهف ، وقال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي ، وزاد نسبته في الدر المنثور (٤ / ١٠٥) للبيهقي عن ابن عباس.

وقد أخرجه النسائي في سننه (رقم ٩١٥) مختصرا بلفظ السبع الطول من حديث الأعمش عن مسلم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ـ به ، وأخرجه ابن الضريس في فضائل القرآن (رقم ١٨٢) من حديث جعفر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ـ به وذكر السابعة : يونس ،

وأخرجه الطبراني في الكبير (ج ١١ / ص ٥٩ / رقم ١١٠٣٨) من حديث مجاهد عن ابن عباس قال : هي السبع الطوال ، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٧ / ٤٦) : رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.

وأخرجه ابن جرير (١٤ / ٣٦) وذكر السابعة : يونس ، من قول سعيد بن جبير ، وزاد السيوطي نسبته في الدر (٤ / ١٠٥) لسعيد بن منصور وابن

٦٣٥

[٢٠٥] قوله تعالى :

(وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) [٩٩]

[٢٩٧] ـ أنا قتيبة بن سعيد ، نا يعقوب ، عن أبي حازم ، عن بعجة بن بدر الجهني ، عن أبي هريرة ، أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «خير ما عاش النّاس له (١) ، رجل يمسك بعنان فرسه في سبيل الله ، كلّما سمع هيعة أو فزعة ، طار على متن فرسه ، فالتمس الموت في مظانّه ، أو رجل فى

__________________

(١) كذا في الأصل : وفي رواية مسلم «من خير معاش الناس لهم» وفي رواية ابن ماجه «خير معايش الناس لهم».

__________________

ـ الضريس وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن سعيد بن جبير قوله.

(٢٩٧) ـ أخرجه مسلم في صحيحه : كتاب الإمارة ، باب فضل الجهاد والرباط (رقم ١٨٨٩ / ١٢٥ ، ١٢٦ ، ١٢٧) ، وأخرجه ابن ماجة في سننه : كتاب الفتن ، باب العزلة (رقم ٣٩٧٧).

وعزاه المزي للنسائي في سننه الكبرى : كتاب السير كلهم من طريق بعجة ابن عبد اللّه بن بدر ـ به.

انظر : تحفة الأشراف للمزي (رقم ١٢٢٢٤).

قوله : هيعة أي الصوت الذي تفزع منه وتخافه من العدو.

قوله : متن فرسه أي ظهره.

٦٣٦

شعبة (١) من هذه الشّعاب ، أو في بطن واد من هذه الأودية ، في غنيمة له ، يقيم / الصّلاة ، ويؤتى الزّكاة ، ويعبد الله ، حتّى يأتيه اليقين ، ليس من النّاس إلّا في خير».

__________________

(١) في هامش الأصل «شعب» وفوقها «خ».

__________________

ـ قوله : شعبة : الصدع في الجبل يأوي إليه الطير ، أو هو القمة من قمم الجبل أو الطريق إليها في أعلى الجبل. وفي رواية لمسلم ، وكذا رواية ابن ماجة شعفة من الشعاف بالفاء الموحدة من فوق ، وهي أعلى الجبل ، وشعفة كل شيء أعلاه.

٦٣٧

سورة النّحل

بسم الله الرّحمن الرّحيم

[٢٩٨] ـ أنا يحيى بن حكيم ، نا ابن أبي عديّ ، عن شعبة ، عن يعلى بن عطاء ، عن وكيع بن عدس ، عن عمّه أبي رزين (١) العقيليّ ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «مثل المؤمن مثل النّحلة ؛ لا تأكل إلّا طيّبا ، ولا تضع إلّا طيّبا».

__________________

(١) في الأصل «أبي رنين» وهو خطأ.

__________________

(٢٩٨) ـ صحيح لغيره * تفرد به المصنف ، انظر تحفة الأشراف (رقم ١١١٧٩). ورجال إسناده ثقات غير وكيع بن عدس (ويقال حدس ـ بالحاء) ، قال عنه ابن قتيبة في اختلاف الحديث : غير معروف وقال ابن القطان : مجهول الحال ، وذكره ابن حبان في الثقات (٥ / ٤٩٦) ، وقال عنه في التقريب : مقبول يعني عند المتابعة ، وإلّا فليّن الحديث ، وللحديث طرق وشواهد يتقوى ويصح بها.

وقد أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (٤ / ١ / ٢٤٨) ، والطبراني في الكبير (ج ١٩ / رقم ٤٥٩ ، ٤٦٠) ، وابن حبان في صحيحه (رقم ٣٠ ـ موارد) وفي الإحسان (رقم ٢٤٧) ، والقضاعي في مسند الشهاب ، وابن عساكر كما في الصحيحة (رقم ٣٥٥) لشيخنا ، وغيرها ، من طرق عن شعبة ، عن يعلى بن عطاء ، عن ابن عدس عن أبي رزين ـ به ، وعزاه الهيثمي في المجمع (١٠ / ٢٩٥) للطبراني في الأوسط وقال : وفيه حجاج بن نصير وقد وثّق على ضعفه ، وبقية رجاله ثقات قلت : لكنه قد توبع.

٦٣٨

__________________

ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (ج ١١ / ٢١ رقم ١٠٣٩٦) وفي الإيمان (رقم ٨٩) ، عن غندر عن شعبة ، عن يعلى بن عطاء ، عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاصي موقوفا ، ورجاله ثقات غير عطاء العامري ، لم يرو عنه غير ابنه يعلى ، وقال عنه الحسن بن القطان : «مجهول الحال» وتبعه الذهبي في الميزان (٣ / ٧٨) ، وذكره ابن حبان في الثقات (٥ / ٢٠٢) ، وقد رفعه بعضهم ، وإسناده ضعيف.

وللحديث طريق آخر ، فقد رواه عبد الرزاق في مصنفه (رقم ٢٠٨٥٢) ، وأحمد (٢ / ١٩٩) ، والحسين المروزي في «زوائد الزهد لابن المبارك» (رقم ١٦١٠) ، والبزار (رقم ٣٤١٠ ـ كشف) ، والرامهرمزي في الأمثال (رقم ٢٩) ، وأبو الشيخ في «الأمثال» (رقم ٣٤٣) ، والحاكم في المستدرك (١ / ٧٥ ـ ٧٦) ، (٤ / ٥١٣) وصححه ووافقه الذهبي ، والبيهقي في «البعث» (رقم ١٧٢) وفي شعب الإيمان (رقم) ، وغيرهم كلهم من طريق عبد الله بن بريدة عن أبي سبرة عن عبد الله بن عمرو ، وعند الرامهرمزي زيادة (يحيى بن يعمر) بين ابن بريدة وأبي سبرة ، وقال الهيثمي في المجمع (١٠ / ٢٩٥) : «رواه أحمد .. ورجاله رجال الصحيح غير أبي سبرة وقد وثقه ابن حبان ، وقد صحح إسناده الشيخ شاكر في تعليقه على المسند (رقم ٦٥١٤) وأطال في ترجمة أبي سبرة ، فليراجع فإنه مهم ومفيد ، وله ترجمة في الإكمال للحسيني ، وفي إسناد الحاكم (أبو سبرة بن سلمة الهذلي) وقال الحاكم : «وهو تابعي كبير مبين ذكره في المسانيد والتواريخ غير مطعون فيه».

وله طريق ثالث أخرجه البزار (رقم ٣٤٠٩ ـ كشف) عن يوسف بن موسى ثنا عبد الرحمن بن مغراء الدوسي ثنا الأعمش عن أبي أيوب عن ابن عمرو مرفوعا وفيه : «.. كالنحلة ، وقعت فلم تفسد ، وأكلت فلم تكسر ، ووضعت طيبا ..» ، وقال الهيثمي في المجمع (٧ / ٣٢٧) : «وفيه عبد الرحمن بن مغراء ، وثقه أبو زرعة وجماعة وضعفه ابن المدينى ، وبقية رجاله رجال لصحيح» ، وقال الحافظ في مختصر زوائد البزار (رقم ١٦٥٤) ، «إسناده

٦٣٩

[٢٠٦] قوله تعالى :

(وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ) [١٢٦]

[٢٩٩] ـ أنا الحسين بن حريث ، أنا الفضل بن موسى ، عن عيسى بن عبيد (١) ، عن ربيع ، عن أبي العالية (٢) ،

__________________

(١) في هامش الأصل : «عيسى بن عبيد الكندي المروزي : سمع عكرمة والربيع بن أنس ويروي عنه الفضل بن موسى وأبو تميلة يحيى بن واضح. قال أبو زرعة : لا بأس به».

(٢) في الأصل : «ابن العالية» وهو خطأ.

__________________

ـ حسن. قلت : ابن مغراء قال عنه في التقريب : صدوق تكلم في حديثه عن الأعمش ، وأبو أيوب هو المراغي ، قيل اسمه يحيى ، وقيل حبيب بن مالك وهو ثقة.

[تنبيه] : وقع في بعض الكتب المطبوعة عند البعض السابق ذكرهم (النخلة) بالمعجمة وهو تصحيف أو خطأ من الناسخ ، وحديث النخلة حديث آخر غير هذا.

وجملة القول أن الحديث صحيح بهذه الطرق ، واللّه تعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب.

(٢٩٩) ـ حسن * أخرجه الترمذي في جامعه (رقم ٣١٢٩) : كتاب تفسير القرآن ، باب ومن سورة النحل ، وانظر تحفة الأشراف (رقم ١٣). وقال الترمذي : حديث حسن غريب. وإسناده حسن ، عيسى بن عبيد ، والربيع بن أنس كلاهما صدوق ، والباقي ثقات.

وأخرجه عبد اللّه بن أحمد في زوائد المسند (٥ / ١٣٥) عن هدبة بن

٦٤٠