تفسير النسائي - ج ١

أبي عبدالرحمن ابن شعيب بن علي النسائي

تفسير النسائي - ج ١

المؤلف:

أبي عبدالرحمن ابن شعيب بن علي النسائي


المحقق: صبري بن عبدالخالق الشافعي وسيّد بن عبّاس الجليمي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة الكتب الثقافية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٨٧
الجزء ١ الجزء ٢

سورة البقرة

بسم الله الرّحمن الرّحيم

[٢] قوله تبارك وتعالى :

(وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) [٣١]

[٤] ـ أخبرني إبراهيم بن الحسن ، نا الحارث بن عطيّة ، عن هشام الدّستوائيّ (١) ، عن قتادة ،

عن أنس بن مالك أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «يجتمع المؤمنون يوم القيامة فيقولون : لو استشفعنا إلى ربّنا حتّى يريحنا من مكاننا هذا ، فيأتون آدم فيقولون : يا آدم انت أبو النّاس ، خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته ، وعلّمك أسماء كلّ شيء ، فاشفع لنا إلى ربّك حتّى تريحنا من مكاننا هذا»

وساق حديث الشّفاعة بطوله.

__________________

(١) في الأصل : «هشام الرسواني» وهو تحريف.

__________________

(٤) ـ أخرجه البخاري في صحيحه (رقم ٤٤٧٦) : كتاب التفسير (سورة البقرة) باب قول اللّه وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ، و (رقم ٧٤١٠) : كتاب التوحيد ، باب قوله اللّه تعالى : لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ، و (رقم ٧٤٥٠) باب ما جاء في قول اللّه تعالى : إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ وذكره مختصرا جدا ، و (رقم ٧٥١٦) باب ما جاء في قوله عزّ وجل : وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً

١٦١

[٣] قوله جلّ ثناؤه :

(اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما) [٣٥]

[٥] ـ أنا قتيبة بن سعيد ، نا يعقوب ، عن عمرو ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «احتجّ آدم وموسى عليهما‌السلام ، فقال له موسى : يا آدم ، خلقك الله بيده ، ثمّ نفخ فيك من

__________________

ـ وأخرجه مسلم (١٩٣ / ٣٢٤) : كتاب الإيمان ، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها ، وذكره مختصرا من هذا الوجه (هشام عن قتادة ـ به) وقد ذكر المزي هنا رواية خليفة عن يزيد بن زريع ، وهو وهم ؛ لأنها عن سعيد عن قتادة كما تعقبه الحافظ في النكت الظراف ، وستأتي هذه الطريق هنا في التفسير (رقم ٢٦٣) ، وانظر تحفة الأشراف (رقم ١٣٥٧) ، (١٣٧١).

(٥) ـ صحيح* تفرد به المصنف من هذا الوجه (طريق عمرو عن الأعرج عن أبي هريرة) ، وانظر تحفة الأشراف (رقم ١٣٩٥٠) ، وسيأتي هنا (رقم ٨٠) في سورة آل عمران بهذا الإسناد ، وإسناده صحيح ، رجاله رجال الشيخين ، يعقوب هو ابن عبد الرحمن ، وعمر هو ابن أبي عمرو ـ مولى المطلب ـ. والحديث قد أخرجه البخاري (رقم ٣٤٠٩) ، ومسلم (٢٦٥٢ / ١٣ ـ ١٥) وغيرهما من غير هذا الوجه عن أبي هريرة ، وانظر ما يأتي هنا (رقم ٦ ، ٢٠٦ ٢٠٧ ، ٣٤٩ ، ٤٦٣) من حديث أبي هريرة.

والحديث أخرجه ابن أبي عاصم في «السنة» (رقم ١٥٤) ، والآجرّي في «الشريعة» (ص) ، كلاهما عن عبد العزيز بن محمد ، وابن مندة في «التوحيد» (١ / ٢١١ رقم ٨٠) من طريق يعقوب بن عبد الرحمن القاري ، كلاهما عن عمرو بن عمرو بن أبي عمرو ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة مرفوعا ...

١٦٢

روحه ، ثمّ قال لك : كن ، فكنت ، ثمّ أمر الملائكة فسجدوا لك ، ثمّ قال : (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ) فنهاك عن شجرة واحدة ، فعصيت ربّك ، فقال آدم : يا موسى ، ألم تعلم أنّ الله قدّر هذا علىّ قبل أن يخلقني» ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لقد حجّ آدم موسى ، لقد حجّ آدم موسى ، لقد حجّ آدم موسى» (١)

__________________

(١) في الأصل : في الثلاث جمل زيادة واو بين آدم وموسى هكذا : «لقد حجّ آدم وموسى» وهو تحريف من الناسخ.

__________________

وقال ابن مندة : رواه جماعة عن أبي هريرة منهم أبو سلمة ، وطاوس ، وأبو صالح ، وغيرهم ، ولم يذكر منهم واحد في حديثه : اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ. وهذه اللفظة في حديث روي عن أبي ذر ـ رضي اللّه عنه ..

وقال الحافظ في الفتح (١١ / ٥٠٦) : وقع لنا من طريق عشرة عن أبي هريرة ... ثم ذكر رواية المصنف وغيرها ، وقال (ص ٥٠٧) : وهذا يشعر بأن جميع ما ذكر في هذه الروايات محفوظ ، وأن بعض الرواة. حفظ ما لم يحفظ الآخر.

وفي الباب عن جندب ، وأبي سعيد الخدري ، وأبي موسى الأشعري وعمر بن الخطاب ، وغيرهم رضي اللّه عنهم أجمعين ، وانظر الدرّ المنثور (١ / ٥٤ ، ٥٥).

قوله حج آدم موسى : أي غلبه بالحجّة.

[فائدة] : قال ابن عبد البر : (هذا الحديث أصل جسيم لأهل الحق في إثبات القدر ، وأن اللّه قضى أعمال العباد ، فكل أصل يصير لما قدر له بما سبق في علم اللّه ... وليس فيه حجة للجبرية.).

١٦٣

__________________

وفي قوله «فحج آدم موسى» أقوال كثيرة ، أمثلها ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه‌الله ـ : «فآدم ـ عليه‌السلام ـ إنما حج موسى ، لأن موسى لامه على ما فعل لأجل ما حصل لهم من المصيبة ، بسبب أكله من الشجرة ، لم يكن لومه له لأجل حق الله في الذنب ، فإن آدم كان قد تاب من الذنب ، كما قال تعالى : (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ ...) ، وقال تعالى : (ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى) ، وموسى ـ ومن هو دون موسى ـ عليه‌السلام يعلم أنه بعد التوبة والمغفرة لا يبقى ملام على الذنب ، وآدم أعلم بالله من أن يحتج بالقدر على الذنب ، وموسى عليه‌السلام أعلم بالله تعالى من أن يقبل هذه الحجة ، فإن هذه لو كانت حجة على الذنب لكانت حجّة لإبليس عدو آدم ، وحجة لفرعون عدو موسى ، وحجة لكل كافر وفاجر وبطل أمر الله ونهيه ...»

وقال : «... فإن الإنسان ليس مأمورا أن ينظر إلى القدر عند ما يؤمر به من الأفعال ، ولكن عند ما يجري عليه من المصائب التي لا حيلة له في دفعها ، فما أصابك بفعل الآدميين أو بغير فعلهم اصبر عليه ، وارض وسلّم ، وقال تعالى : «ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه» ...... ـ وأيضا : فإن آدم أحتج بالقدر ، وليس لأحد أن يحتج بالقدر على الذنب باتفاق المسلمين ، وسائر أهل الملل ، وسائر العقلاء ، فإن هذا لو كان مقبولا لأمكن كل أحد أن يفعل ما يخطر له ، من قتل النفوس ، وأخذ الأموال ، وسائر أنواع الفساد في الأرض ، ويحتج بالقدر. ونفس المحتجّ بالقدر : إذا اعتدي عليه واحتج المعتدي بالقدر لم يقبل منه ، بل يتناقض ، وتناقض القول يدل على فساده ، فالاحتجاج بالقدر معلوم الفساد في بدائه العقول ...».

وقال : «... وعلى العبد أن يؤمن بالقدر ، وليس له أن يحتج به على الله ، فالإيمان به هدى ، والاحتجاج به على الله ضلال وغيّ ، بل الإيمان بالقدر يوجب أن يكون العبد صبارا شكورا ، صبورا على البلاء ، شكورا على الرخاء ، إذا أصابته نعمة علم أنها من عند الله فشكره ، سواء كانت النعمة حسنة فعلها ، أو كانت خيرا حصل

١٦٤

[٦] ـ أنا عيسى بن حمّاد ، أنا اللّيث ، عن محمّد بن عجلان ، عن القعقاع بن حكيم ، عن أبي صالح ،

عن أبي [هريرة](١) عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «لقى آدم موسى ، فقال / له موسى : أنت الّذي فعلت بنا الفعل ، كنت في الجنّة ، فأهبطتنا إلى الأرض ، فقال له آدم عليه‌السلام : أنت موسى الّذي آتاك الله التّوراة؟ قال : نعم ، قال : في كم تجد (٢) التّوراة كتبت قبل خلقي؟ قال موسى عليه‌السلام : بكذا وكذا ، قال آدم : فلم تجد فيها خطيئتي ، قال : بلي ، قال : فتلومني في شيء كتبه الله علىّ قبل خلقي» قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «فحجّ آدم موسى ، فحجّ آدم موسى».

__________________

(١) سقطت من الأصل.

(٢) في الأصل : «بحد».

__________________

بسبب سعيه ، فإن اللّه هو الذي يسر عمل الحسنات ، وهو الذي تفضل بالثواب عليها ، فله الحمد في ذلك كله. وإذا أصابته مصيبة : صبر عليها ، وإن كانت تلك المصيبة قد جرت على يد غيره ، فاللّه هو الذي سلّط ذلك الشخص ... إلخ ، وانظر تتمه هذه الكلام النفيس في مواضع من المجلد الثامن من مجموع الفتاوى ، وانظر أيضا رسالته في القدر ، وهي مطبوعة مفردة.

وانظر باقي الأقوال والرويات في فتح الباري (١١ / ٥٠٦ ـ ٥١٢) ، ومرقاة المفاتيح (١ / ١٢٣ ـ ١٢٥) لملّا علي قاري ، وابن خزيمة في التوحيد (رقم ٥٩ ـ ٦٥ ، ٦٧ ، ١٥٩ ، ١٦٠ ؛ ١٦١) ، والسنة لابن أبي عاصم (رقم ١٣٧ ـ ١٦٠ ، ٥٩٧).

(٦) ـ صحيح * تفرّد به المصنف من هذا الوجه ، وانظر تحفة الأشراف (رقم

١٦٥

[٤] قوله :

(فَلا)(١)(تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [٢٢]

[٧] ـ أنا قتيبة بن سعيد ، نا جرير ، عن منصور ، عن أبي وائل ، عن عمرو بن شرحبيل ،

عن عبد الله قال : سألت النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أيّ الذّنب أعظم عند الله؟ قال : «أن تجعل لله ندّا وهو خلقك» قلت : إنّ ذلك لعظيم ، قلت : ثمّ أيّ؟ قال : «ثمّ تقتل ولدك أن يطعم معك» قلت : ثمّ أيّ؟ قال : «أن تزاني حليلة جارك».

__________________

(١) في الأصل : ولا. وما أثبتناه هو رسم المصحف.

__________________

١٢٨٧٢). وسنده حسن لحال محمد بن عجلان ، والحديث صحيح كما سبق لطرقه وشواهده ، وشيخ المصنف هو ابن مسلم التّجيبي ولقبه ولقب أبيه أيضا زغبه ولقب أبيه أيضا وهو آخر من حدّث عن الليث من الثقات ، أبو صالح هو ذكوان السمان الزيات المدني ، ورجال الإسناد كلهم ثقات سوى ابن عجلان فهو صدوق إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة ؛ قاله الحافظ ، والليث هو ابن سعد الفهمي المصري.

والحديث أخرجه ابن أبي عاصم في السنة (رقم ١٥٧) من طريق عبد اللّه بن صالح كاتب الليث ـ وفيه ضعف ـ عن الليث بن سعد ـ به. ولم يسق لفظه.

٧ ـ * أخرجه البخاري في صحيحه (رقم ٤٤٧٧) : كتاب التفسير ، باب قوله تعالى : فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ، و (رقم ٧٥٢٠) : كتاب

١٦٦

__________________

التوحيد ، باب قول الله تعالى : (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً) ، و (رقم ٦٠٠١) : كتاب الأدب ، باب قتل الولد خشية أن يأكل معه ، و (رقم ٦٨٦١) : كتاب الديات ، باب قول الله تعالى : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ) ، و (رقم ٧٥٣٢) :

التوحيد ، باب قول الله تعالى : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ) ، و (رقم ٤٧٦١) : التفسير ، باب (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِ) ... الآية» ، و (رقم ٦٨١١) : كتاب المحاربين (الحدود) : باب إثم الزناة ،. وأخرجه مسلم (٨٦ / ١٤١ ، ١٤٢) : كتاب الإيمان ، باب كون الشرك أقبح الذنوب وبيان أعظمها بعده ،. وأبو داود في سننه (رقم ٢٣١٠) : كتاب الطلاق ، باب تعظيم الزنا ،. والترمذي (رقم ٣١٨٢) : كتاب التفسير ، باب «ومن سورة الفرقان» ،. والمصنف في المجتبي (رقم ٤٠١٣) : كتاب تحريم الدم ، باب ذكر أعظم الذنب ، وعزاه الإمام المزي للمصنف في كتاب الرجم من الكبرى ، وسيأتي هنا في التفسير (رقم ٣٨٩) ، كلهم من طريق أبي وائل شقيق بن سلمة عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل الهمداني عن ابن مسعود مرفوعا ، وانظر تحفة الأشراف (رقم ٩٤٨٠).

وفي بعض طرق هذا الحديث : وتلا هذه الآية ، وفي رواية : (فأنزل الله عزوجل تصديقها) (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ ، وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً) [الفرقان : ١٦٨].

وقد أخرجه البخاري في صحيحه (رقم ٤٧٦١) ، والترمذي (رقم ٣١٨٣) ، والنسائي في المجتبى (رقم ٤٠١٤ ، ٤٠١٥) وفي الرجم : الكبرى ـ كما في النكت الظراف (٩٣١١) ـ وغيرهم من طريق واصل الأحدب عن أبي وائل عن ، ابن مسعود ـ به ، لم يذكر عمرو بن ميسرة في الإسناد.

[تنبهان] :. سقط طريق واصل الأحدب من النسخة المطبوعة من فتح الباري ، وهو ثابت في تحفة الأشراف وفي شرح الحافظ في الفتح ، وفي المطبوع من متن البخاري (بغير شرح الحافظ).

١٦٧

[٥] قوله تعالى :

(وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى) [٥٧]

[٨] ـ أنا إسحاق بن إبراهيم ، وعليّ بن حجر قالا : أنا جرير ، عن مطرّف ، عن الحكم بن عتيبة ، عن الحسن العرنيّ ، عن عمرو بن حريث ،

عن سعيد بن زيد ، عن النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «الكمأة من المنّ» قال عليّ (١) في حديثه : «الّذي أنزل الله على بني إسرائيل وماؤها شفاء للعين».

__________________

(١) هو الشيخ الثاني للمصنف في هذا الحديث.

__________________

وقع في النسائي (٤٠١٥) عاصم وهو خطأ كما قال الإمام النسائي عقبه ، والصواب واصل.

(٨) ـ * أخرجه البخاري في صحيحه (رقم ٤٦٣٩) : كتاب التفسير ، باب المنّ والسلوى (عقب باب ولما جاء موسى لميقاتنا وكلّمه ربّه ... الآية) ، و (رقم ٥٧٠٨) : كتاب الطب ، باب المنّ شفاء للعين ، و (رقم ٤٤٧٨) : كتاب التفسير ، باب وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى ... الآية ،. ومسلم (٢٠٤٩ / ١٥٧ ـ ١٦٢) : كتاب الأطعمة (الأشربة) ، باب فضل الكمأة ، ومداواة العين بها ،. والترمذي في جامعه (رقم ٢٠٦٧) وصححه : كتاب الطب ، ما جاء في الكمأة والعجوة ،. والمصنف في الكبرى : كتاب الطب (ص ٩٩ ب ـ مخطوط) ، وكتاب الوليمة (ص ٧٦ ب ـ مخطوط) ، وسيأتي هنا في التفسير (رقم ٢٠٨ ، ٢٠٩) ،. وابن ماجة في سننه

١٦٨

__________________

(رقم ٣٤٥٤) : كتاب الطب ، باب الكمأة والعجوة ، كلهم من طريق عمرو بن حريث عن سعيد بن زيد (كلاهما صحابي) رضي الله عنهما ، وانظر تحفة الأشراف (رقم ٤٤٦٥).

وهناك زيادة في الحديث : «... والعجوة من الجنة وفيها شفاء من السمّ» وهي صحيحة بطرقها. وجملة («الذي أنزل الله على بني إسرائيل» هي في صحيح مسلم وغيره.

وأخرجه الحميدي (رقم ٨١) ، وأبو عوانة (٥ / ٣٩٩ ـ ٤٠٢) ، وابن أبي حاتم (رقم ٥٥٥ ـ البقرة) ، وأبو يعلى (رقم ٩٦١ ، ٩٦٥ ، ٩٦٧ ، ٩٦٨) ، وابن مندة في «التوحيد» (١ / ٢٠٣ رقم ٧٢) ، والهيثم بن كليب (رقم ١٨٨ ، ١٨٩) ، وغيرهم من حديث سعيد ابن زيد.

وفي الباب عن أبي هريرة ، وجابر بن عبد الله ، وأبي سعيد ، وابن عباس ، وأنس ، وعائشة ، وغيرهم ، وانظر «الدرّ المنثور» (١ / ٧٠) ، ومسند الإمام أحمد (١ / ١٨٧ ، ١٨٨) ، (٢ / ٣٠١ ، ٣٠٥ ، ٣٢٥ ، ٣٥٦ ، ٣٥٧ ، ٤٢١ ، ٤٨٨ ، ٤٩٠ ، ٥١١) ، (٣ / ٤٨) ، (٥ / ٣٤٦ ، ٣٥١) ، وانظر تفسير ابن كثير (١ / ٩٦ ، ٩٧) ، والفتح (١٠ / ١٦٣ ـ ١٦٥) ، وتحفة الأشراف (١٣٤٩٦).

قوله «الكمأة من المنّ» : الكمأة ـ نبات يقال له : شحم الأرض (أو جدري الأرض) ، يوجد في الربيع تحت الأرض ، وهو أصل مستدير كالقلقاس لا ساق له ولا عرق ولا ورق ، لونه يميل إلى الغبرة وواحدها كمء على غير قياس وهو من النوادر (وقيل أكمؤ) والقياس العكس.

والمنّ : في المراد به ثلاثة أقوال : أحدها : أنها من المن الذي أنزل على بني إسرائيل ، وهو الطل الذي يسقط على الشجر فيجمع ويؤكل حلوا ويدل عليه «الكمأة من المن الذي أنزل على بني إسرائيل» الثاني أن المعنى أنها من المنّ الذي امتن الله ـ

١٦٩

[٦] قوله تعالى :

(وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً) [٥٨]

[٩] ـ أنا محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم ، عن عبد الرّحمن ، نا عبد الله بن المبارك ، عن معمر ، عن همّام بن منبّه ،

عن أبي هريرة قال : قيل لبني إسرائيل : ادخلوا الباب سجّدا وقولوا حطّة ، فدخلوا الباب يزحفون على أستاههم ، وبدّلوا فقالوا : حنطة حبّة في شعرة.

__________________

ـ به على عبادة عفوا بغير علاج ، الثالث : أن المن الذي أنزل على بني إسرائيل ليس هو ما يسقط على الشجر فقط بل كان أنواعا منّ الله عليهم بها من النبات الذي يوجد عفوا ، ومن للطير التي تسقط عليهم بغير اصطياد ، ومن الطلّ الذي يسقط على الشجر. والمنّ مصدر بمعني المفعول أي ممنون به ، فلما لم يكن للعبد فيه شائبة كسب كان منّا محضا ، وإن كانت جميع نعم الله تعالى على عبيده منّا منه عليهم.

(٩) ـ * أخرجه البخاري في صحيحه (رقم ٤٤٧٩) : كتاب التفسير ، باب (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ ...) الآية ، مرفوعا ،

* وسيأتي للمصنف هنا (رقم ١٠) مرفوعا ببعضه ، كلاهما من طريق ابن المبارك عن معمر ـ به ، وانظر تحفة الأشراف (رقم ١٤٦٨٠) ، والمرفوع صحيح بلا شك.

وقد أخرجه البخاري (رقم ٣٤٠٣) ، ومسلم (٣٠١٥ / ١) ، والترمذي في جامعه (رقم ٢٩٥٦) ، وأحمد (٢ / ٣١٢ ، ٣١٨) ، والطبري في تفسيره (١ / ٢٤٠) ، وابن أبي حاتم (رقم ٥٧٩ ، ٥٩١ ـ البقرة) ، والبغوي في ـ

١٧٠

[٧] قوله تعالى :

(وَقُولُوا حِطَّةٌ) [٥٨]

[١٠] ـ أخبرني محمّد بن عبيد بن محمّد ، نا عبد الله بن المبارك / ، عن معمر ، عن همّام ،

عن أبي هريرة ، عن النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم في قوله (حِطَّةٌ) قال : «بدّلوا فقالوا : حبّة».

* * *

__________________

ـ تفسيره (١ / ٧٦) ، والخطيب في تاريخه (٢ / ٢٦٦) ، وغيرهم من طريق معمر عن وهب بن منبه عن أبي هريرة ـ به.

وزاد السيوطي نسبته في الدر المنثور (١ / ٧١) لعبد الرازق ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، عن أبي هريرة ـ به ، وعزاه السيوطي في الجامع الصغير لأبي داود ، وكذا في كنز العمال (رقم ٢٨٨٦).

وللحديث شاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما ، وغيره.

قوله (وَقُولُوا حِطَّةٌ) : أى قولوا حطّ عنّا ذنوبنا.

(١٠) ـ سبق تخريجه (رقم ٩).

١٧١

[٨] قوله تعالى :

(فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ) [٧٩]

[١١] ـ أنا الحسن بن أحمد بن حبيب ، حدّثنا محمّد ـ وهو ابن عبد الله بن نمير ، نا وكيع ، نا سفيان ، عن عبد الرّحمن بن علقمة قال :

سمعت ابن عبّاس يقول : الّذين يكتبون الكتاب بأيديهم ، نزلت في أهل الكتاب (١).

* * *

__________________

(١) في الأصل «أهل مكة» ، والتصويب من تحفة الأشراف ، والدرّ ، والبخاري في «خلق أفعال العباد».

__________________

(١١) ـ صحيح * تفرد به المصنف ، وانظر تحفة الأشراف (رقم ٥٨١٩). وإسناده قوي ، رجاله كلهم ثقات غير شيخ المصنف وهو الكرماني ، فقال عنه المصنف : (لا بأس به إلا في حديث مسدّد) ، وليس هذا منها ؛ على أنه قد توبع.

فقد أخرجه البخاري في (خلق أفعال العباد) (رقم ٤١٢) عن يحيى عن وكيع عن سفيان ـ به. ويحيى هو ابن يحيى النيسابوري وهو ثقة ، وسفيان هو الثوري ، ووكيع هو ابن الجرّاح.

وقد عزاه السيوطي في الدرّ المنثور (٢ / ٨٢) لوكيع وابن المنذر ، عن ابن عباس ـ به.

١٧٢

[٩] قوله تعالى :

(مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ) [٩٧]

[١٢] ـ أنا محمّد بن المثنّى ، نا خالد ـ يعني ابن الحارث ، عن حميد ،

عن أنس ـ إن شاء الله ـ قال : جاء عبد الله بن سلام إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، مقدمه إلى المدينة فقال : إنّي سائلك عن ثلاث لا يعلمهنّ إلّا نبيّ ، ما أوّل أشراط السّاعة؟ وأوّل ما يأكل أهل الجنّة؟ والولد ينزع إلى أبيه وإلى أمّه؟ فقال : «أخبرني بهنّ جبريل عليه‌السلام آنفا» قال عبد الله : ذلك رذلة (١) عدو لليهود من الملائكة ، قال : «أمّا

__________________

(١) هذه اللفظة «رذلة» لا توجد في جميع طرق الحديث ومعناها مستقيم مع السياق ، فلم احذفها.

__________________

(١٢) ـ صحيح * أخرجه المصنف في الكبرى : كتاب المناقب (ص ١٠٨ / ب ـ مخطوط) عن ابن المثنى بهذا الإسناد ، وقد تفرد به من هذا الوجه ، وانظر تحفة الأشراف (رقم ٦٤٨). وإسناده صحيح ، رجاله ثقات رجال الشيخين ، وقد صرح حميد بن أبي حميد الطويل بالسماع من أنس عند البخاري (رقم ٣٩٣٨) ، وعند المصنف في عشرة النساء (رقم ١٨٩) من الكبرى ، وغيرهما ، على أنه مقرون بثابت البناني كما عند أحمد (٣ / ٢٧١) ، وأبي يعلى (رقم ٣٤١٤) ، وغيرهما ، وله طرق أخري. ـ

١٧٣

أوّل أشراط السّاعة ، فنار (١) تحشرهم من المشرق إلى المغرب ، وأمّا أوّل طعام يأكله أهل الجنّة فزيادة كبد حوت ، وأمّا الولد ، فإذا سبق ماء الرّجل نزعه ، وإذا سبق ماء المرأة نزعت». قال : أشهد

__________________

(١) في الأصل «فناء» وهو تصحيف.

__________________

ـ وقد أخرجه البخاري في صحيحه (رقم ٣٣٢٩ ، ٣٩٣٨ ، ٤٤٨٠) ، والنسائي في عشرة النساء (الكبرى) : (رقم ١٨٩) ، وأحمد في مسنده (٣ / ١٠٨ ، ١٨٩ ، ٢٧١) ، وأبو يعلى (رقم ٣٤١٤ ، ٣٨٥٦) بتمامه ، و (رقم ٣٧٤٢ ، ٣٧٨٢) ، مختصرا جدا ، وابن مندة في التوحيد (١ / ٢٢٩) ، وأبو نعيم في الدلائل (رقم ٢٤٧ ـ منتخب) ، والبيهقي في الدلائل (٢ / ٥٢٨ ـ ٥٣٠) ، والبغوي في شرح السنة (رقم ٣٧٦٩) ، والرافعي في أخبار قزوين (٢ / ٤٢٠ ـ ٤٢١) ، وغيرهم من طرق عن حميد عن أنس ـ به.

وأخرجه البخاري (رقم ٣٩١١) ، وأحمد (٣ / ٢١١) ، وغيرهما من طريق عبد العزيز بن صهيب عن أنس مطولا دون ذكر سؤال ابن سلام رضي اللّه عنه للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم عن ثلاث ....

وزاد السيوطي نسبته في الدرّ المنثور (١ / ٩١) لابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن حبان عن أنس ـ به.

ولبعضه شواهد من حديث ابن عباس ، وقد أخرجه أحمد (١ / ٢٧٤ ، ٢٧٨) ، وابن سعد (١ / ١ / ١١٥ ـ ١١٦) ، والطيالسي (رقم ٢٧٣١) ، والطبري في تفسيره (١ / ٣٤٢) ، والطبراني في الكبير (رقم ١٢٤٢٩) ، وعنه أبو نعيم في الحلية (٤ / ٣٠٤ ـ ٣٠٥) ، وقد أخرجه أيضا الترمذي في جامعه (رقم ٣١١٧) مختصرا وحسنه ، والنسائي في عشرة النساء (الكبرى) : (رقم ـ

١٧٤

أن لا إله إلّا الله ، وأشهد أنّك رسول الله ، قال : يا رسول الله ، إنّ اليهود قوم بهت ، وإن علموا بإسلامي قبل أن تسألهم عنّي بهتوني عندك ، فجاءت اليهود ، فقال لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أيّ رجل فكم عبد الله بن سلام؟» قالوا : خيرنا وابن خيرنا ، وسيّدنا وابن سيدنا ، وأعلمنا. قال : «أرأيتم إن أسلم عبد الله بن سلام؟» قالوا : أعاذه الله من ذلك ، فخرج إليهم فقال : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأشهد أنّ محمّدا رسول الله ، قالوا : شرّنا ، وابن شرّنا ، وانتقصوه ، قال : هذا ما كنت أخاف / يا رسول الله.

* * *

__________________

ـ ١٨٧) ، وابن مندة في التوحيد (١ / ١٦٨) ، وغيرهم. وانظر مجمع الزوائد (٨ / ٢٤١ ، ٢٤٢).

وفي الباب شواهد أخرى تركناها اختصارا ، منها من مرسل الشعبى ، وعن ابن سلام نفسه ، ومما يشهد لبعضه حديث ثوبان عند مسلم (٣١٥ / ٣٤) ، وأحمد وغيرهما.

قوله «رذلة» الرذل من الناس الدون ، وقيل الدون (الخسيس) في منظره وحالاته ، وقيل : هو الرديء من كل شيء.

قوله «بهت» : جمع بهوت : أي كذابون ومفترون.

١٧٥

[١٠] قوله تعالى :

(وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ) [١٠٢]

[١٣] ـ أنا محمّد بن العلاء ، نا أبو معاوية ، حدّثنا الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ،

عن ابن عبّاس قال : كان الّذي أصاب سليمان بن داود عليه‌السلام في سبب امرأة من أهله ـ يقال لها جرادة ـ وكانت أحبّ نسائه إليه ، وكان إذا أراد أن يأتي نساءه أو يدخل الخلاء أعطاها الخاتم ، فجاء أناس من أهل الجرادة يخاصمون قوما إلى سليمان بن داود عليه‌السلام ، فكان هوى سليمان أن يكون الحقّ لأهل الجرادة ، فيقضي لهم ، فعوقب حين لم يكن هواه فيهم [واحدا](*) ، فجاء حين أراد الله أن يبتليه فأعطاها الخاتم ودخل الخلاء ، ومثّل الشّيطان في صورة سليمان قال : هاتي خاتمي ، فأعطته خاتمه ، فلبسه فلمّا لبسه دانت (١) له الشّياطين ، والإنس ، والجنّ ، وكلّ شيء ، جاءها سليمان قال : هاتي خاتمي ، قالت : اخرج ، لست بسليمان ، قال سليمان عليه‌السلام : إنّ ذاك من أمر الله [إنه بلاء](*) أبتلى به ،

__________________

(*) زيادة يقتضيها السياق من الطبري.

(١) في الأصل «ونت» بالواو وهو تصحيف.

__________________

(١٣) ـ موقوف * تفرد به المصنف ، وانظر تحفة الأشراف (رقم ٥٦٣١). ـ

١٧٦

(فخرج) (١) فجعل إذا قال : أنا سليمان رجموه حتّى يدمون (٢) عقبه ، فخرج يحمل على شاطئ البحر ، ومكث هذا الشّيطان فيهم مقيم ينكح نساءه ويقضي بينهم ، فلمّا أراد الله عزوجل أن يردّ على سليمان ملكه انطلقت الشّياطين ، وكتبوا كتبا فيها سحر وفيها كفر ، فدفنوها تحت كرسيّ سليمان عليه‌السلام ثمّ أثاروها ، وقالوا : هذا كان يفتن الجنّ والإنس ، قال : فأكفر النّاس سليمان حتّى بعث الله محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأنزل الله عزوجل على محمّد عليه‌السلام (وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا) يقول : الّذي صنعوا ، فخرج سليمان يحمل على شاطئ البحر ، قال : ولمّا أنكر النّاس ـ لمّا أراد الله أن يردّ على سليمان ملكه أنكروا ـ انطلقت الشّياطين جاءوا إلى نسائه فسألوهنّ / فقلن : إنّه ليأتينا ، ونحن حيّض ، وما كان يأتينا قبل

__________________

(١) في الأصل : خرج.

(٢) هكذا بالأصل. والصواب : يدموا بحذف النون لأنه فعل من الأفعال الخمسة منصوب يحذف النون.

__________________

ـ ورجاله ثقات غير المنهال بن عمرو الأسدي الكوفي فهو صدوق ربما وهم ، والأعمش مدلس وقد عنعن ، وإنما تحمل عنعنته على الاتصال في الشيوخ اللذين أكثر عنهم كأبي صالح وإبراهيم وأبي وائل ، وأبو معاوية في الإسناد هو محمد بن خازم الضرير ، وفي متن الخبر نكارة واضحة ، وهو موقوف على ابن عباس ؛ ولعله مما تلقاه عن أهل الكتاب. ـ

١٧٧

ذلك ، فلمّا رأى الشّيطان أنّه حضر هلاكه هرب ، وأرسل به فألقاه في البحر ، وفي الحديث ـ فتلقّاه سمكه فأخذه ، وخرج الشّيطان حتّى لحق بجزيرة في البحر ، وخرج سليمان عليه‌السلام يحمل لرجل سمكا قال : بكم تحمل ، قال : بسمكة من هذا السّمك فحمل معه حتّى بلغ به ، أعطاه السّمكة الّتي في بطنها الخاتم ، فلمّا أعطاه السّمكة ، شقّ بطنها يريد يشويها ، فإذا الخاتم فلبسه ، فأقبل إليه الإنس والشّياطين ، فأرسل في طلب الشّيطان فجعلوا لا يطيقونه فقال : احتالوا له فذهبوا فوجدوه نائما قد سكر ، فبنوا عليه بيتا من رصاص ، ثمّ جاءوا ليأخذوه فوثب ، فجعل لا يثب في ناحية إلّا أماط (١) الرّصاص معه فأخذوه فجاءوا به إلى سليمان ، فأمر بتخت من رخام ، فنقر ، ثمّ أدخله في جوفه ، ثمّ سدّه بالنّحاس ، ثمّ أمر به فطرح في البحر.

__________________

(١) في الأصل «أماطا» بزيادة ألف في آخره.

__________________

ـ وقد رواه أيضا الطبري في تفسيره (١ / ٣٥٧) من طريق أبي معاوية عن الأعمش ـ به ، ولم يسقه بتمامه ، وعزاه في الدر المنثور (١ / ٩٥) لابن أبي حاتم.

١٧٨

[١٤] ـ أنّا محمّد بن العلاء ، عن أبي أسامة ، نا الأعمش ، عن المنهال ، عن سعيد بن جبير ،

عن ابن عبّاس قال : كان آصف كاتب سليمان بن داود عليه‌السلام ، وكان يعلم الاسم [الأعظم](١) كان يكتب كلّ شيء يأمره به سليمان عليه‌السلام ، ويدفنه تحت كرسيّه ، فلمّا مات سليمان أخرجته الشّياطين فكتبوا بين كلّ سطر من سحر وكذب (٢) وكفر ، فقالوا : هذا الّذي كان يعمل سليمان بها ، فأكفره جهّال النّاس وسفهاؤهم وسبّوه ووقف علماؤهم ، فلم يزل جهّالهم يسبّونه حتّى أنزل الله جلّ وعزّ : (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ ، وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا).

__________________

(١) زيادة يقتضيها السياق ، وهي في رواية ابن أبي حاتم التي ذكرها ابن كثير في تفسيره.

(٢) رسم هذه الجملة في الأصل محتمل هكذا : «فكتبوا بين كل سطرين سحر وكذب» لكنه لا يصح لغويا.

__________________

(١٤) ـ موقوف * تفر به المصنف ، وانظر تحفة الأشراف (رقم ٥٦٣٢). ورجاله ثقات غير المنهال كما سبق (رقم ١٣) ، وأبو أسامة هو حماد بن أسامة وهو ثقة ربما دلس ، والخبر موقوف ولعله مما تلقاه ابن عباس عن أهل الكتاب.

وقد رواه ابن أبي حاتم (رقم ٩٨٨ ـ البقرة) عن أبي سعيد الأشجّ عن أبي أسامة ـ به.

١٧٩

[١١] قوله تعالى :

(ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها)(١) [١٠٦]

[١٥] ـ أنا عمرو بن عليّ ، نا يحيى ، نا سفيان ، عن حبيب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس قال :

قال عمر : أقرؤنا (٢) أبيّ ، وأقضانا عليّ ، وإنّا لندع / من قول أبيّ ، وذلك أنّه يقول : لا تدع شيئا سمعته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقد قال الله عزوجل : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها)(٣).

__________________

(١) في الأصل : ننساها.

(٢) في الأصل : «أقرأنا» وما أثبتناه أقرب للصواب.

(٣) في الأصل باقي السطر ضرب عليه.

__________________

(١٥) ـ * أخرجه البخاري (رقم ٤٤٨١) : كتاب التفسير ، باب قوله ما ننسخ من آية أو ننسأها ، و (رقم ٥٠٠٥) كتاب فضائل القرآن ، باب القرّاء من أصحاب النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ، وليس فيه ذكر (علي رضي اللّه عنه) ، كلاهما من طريق يحيى القطان عن سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت ـ به ، وانظر تحفة الأشراف (رقم ٧١ ، ١٠٤٩٣).

قال الحافظ في الفتح (٩ / ٥٣) عن عدم ذكر علي في الطريق الثاني (رقم ٥٠٠٥) : وبه جزم المزي ... وقد ثبت في رواية النسفي عن البخاري ، فأول الحديث عنده (عليّ أقضانا وأبيّ أقرؤنا).

وأخرجه ابن سعد في الطبقات (٢ / ٢ / ١٠٢) ، والحاكم في المستدرك

١٨٠