تفسير النسائي - ج ١

أبي عبدالرحمن ابن شعيب بن علي النسائي

تفسير النسائي - ج ١

المؤلف:

أبي عبدالرحمن ابن شعيب بن علي النسائي


المحقق: صبري بن عبدالخالق الشافعي وسيّد بن عبّاس الجليمي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة الكتب الثقافية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٨٧
الجزء ١ الجزء ٢

لأبي : أجب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيما قال : فقال : والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. فقلت لأمّي : أجيبي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيما قال. قالت : والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. فقلت : وأنا جارية حديثة السّنّ / لا أقرأ من القرآن كثيرا ـ : إنّي والله لقد علمت ، لقد سمعتم هذا الحديث حتّى (١) استقرّ في أنفسكم وصدّقتم به ، فلئن قلت لكم إنّي بريئة لا تصدّقوني ، ولئن اعترفت لكم بأمر ـ والله يعلم أنّي منه بريئة ـ لتصدّقنّني. فو الله ما أجد لى مثلا ولا لكم إلّا أبا يوسف حين قال : (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ) فو الله ما رام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مجلسه حتّى أنزل الله عزوجل : ـ (إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ) العشر الآيات كلّها ـ مختصر.

[٢٧٢] ـ أنا محمد بن سلمة ، أنا ابن القاسم ، عن مالك ، قال : حدثنى هشام بن عروة ، عن أبيه ،

__________________

(١) في الأصل : في وهو خطأ والتصويب من باقي الروايات.

__________________

(٢٧٢) ـ أخرجه البخاري في صحيحه : كتاب الأذان ، باب أهل العلم والفضل أحق بالإمامة (رقم ٦٧٩) وباب إذا بكى الإمام في الصلاة (رقم ٧١٦) وكتاب الاعتصام بالكتاب والسنة ، باب ما يكره من التعمق والتنازع والغلو في الدين والبدع (رقم ٧٣٠٣) وأخرجه الترمذي في جامعه كتاب المناقب ، باب في مناقب أبى بكر وعمر رضي اللّه عنهما كليهما (رقم ٣٦٧٢) كلاهما من طريق مالك بن أنس عن هشام عن عروة ـ به.

انظر : تحفة الأشراف للمزي (رقم ١٧١٥٣). ـ

٦٠١

عن عائشة أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «مروا أبا بكر فليصلّ للنّاس (١)» قالت عائشة : يا رسول الله ، إنّ أبا بكر إذا قام في مقامك لم يسمع النّاس من البكاء ، فمر عمر فليصلّ بالنّاس ، قال : «مروا أبا بكر فليصلّ بالنّاس». قالت عائشة : فقلت لحفصة : قولي له إنّ أبا بكر إذا قام في مقامك لم يسمع النّاس من البكاء ، فأمر عمر فليصلّ بالنّاس ففعلت حفصة فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّكنّ لأنتنّ صواحب يوسف ، مروا أبا بكر فليصلّ للنّاس. قالت حفصة : ما كنت لأصيب منك خيرا».

* * *

__________________

(١) هكذا الأصل. وهي لغة صحيحة ، صلى فلان للناس يعني صلى بهم إماما.

__________________

ـ قوله : إنكن لأنتن صواحب يوسف قصد بذلك امرأة العزيز ، ووجه الشبه في هذا التشبيه ، إظهار أمر وإخفاء آخر ، فامرأة العزيز جمعت النسوة بقصد أن يرين يوسف ، فيعذرنها في رغبتها فيه ، وعائشة رضي اللّه عنها كرهت أن يخلف أبو بكر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم للناس ؛ خشية أن يتشاءموا منه وأظهرت خلاف هذا. رضي اللّه عنهن جميعا.

٦٠٢

[١٩٢] قوله تعالى :

(فَلَمَّا جاءَهُ الرَّسُولُ) [٥٠]

[٢٧٣] ـ أنا العبّاس بن عبد العظيم ، نا عبد الله بن محمد ، أنا جويرية بن أسماء ، عن مالك بن أنس ، عن الزّهريّ ، أن سعيد بن المسيّب ، وأبا عبيد أخبراه ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «رحم الله إبراهيم ، نحن أحقّ بالشّكّ منه. قال : (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ : أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) [البقرة (٢٦٠)] وقال : «يرحم الله لوطا ، كان يأوي إلى ركن شديد. ولو لبثت في السّجن ما لبث يوسف ثمّ جاءنى الدّاعي لأجبته».

* * *

__________________

(٢٧٣) ـ سبق تخريجه (رقم ٧٠).

٦٠٣

[١٩٣] قوله تعالى :

(ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ / فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَ) [٥٠]

[٢٧٤] ـ أنا يوسف بن عيسى ، أنا الفضل ، أنا محمد ، نا أبو سلمة ،

__________________

(٢٧٤) ـ صحيح*. أخرجه الترمذي في جامعه : (رقم ٣١١٦) : كتاب تفسير القرآن ، باب ومن سورة يوسف ، وانظر : تحفة الأشراف (رقم ١٥٠٨١). وقال الترمذي : «هذا حديث حسن». وإسناده حسن ، رجاله ثقات رجال الشيخين سوى محمد بن عمرو بن علقمة أخرج له البخاري مقرونا ، ومسلم في المتابعات ، وقال عنه الحافظ في التقريب : «صدوق له أوهام» ، والفضل بن موسى ثقة.

والحديث أخرجه البخاري في الأدب المفرد (رقم ٦٠٥) ، والإمام أحمد في مسنده (٢ / ٣٣٢) ، (٢ / ٣٤٦ ، ٣٨٩) مختصرا ، وابن جرير في تفسيره (١٢ / ٥٣ ، ١٣٩) ، والطحاوي في المشكل (رقم ٣٣٠) ، والحاكم في مستدركه (٢ / ٣٤٦ ـ ٣٤٧ ، ٥٦١ ، ٥٧٠ ـ ٥٧١) وقال : «صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه» ووافقه الذهبي ، كلهم من حديث محمد بن عمرو عن أبي سلمة ـ به.

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٧ / ٤٠) : «رواه أحمد وفيه محمد بن عمرو وهو حسن الحديث». وزاد السيوطي نسبته في الدر المنثور (٤ / ٢٣) لابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه عن أبي هريرة ـ به.

ولبعض الحديث شواهد في الصحيحين وغيرهما ، وله طرق ، وانظر الدر المنثور فقد أخرج الشطر الأول منه : البخاري في صحيحه (رقم ٤٦٨٩) ، ومسلم (٢٣٧٨ / ٨) من حديث أبي هريرة ، وأخرج الشطر الثاني ـ بدون

٦٠٤

عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّ الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم : يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرّحمن».

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لو لبثت في السّجن ما لبث يوسف ثمّ جاءني الدّاعى لأجبته إذ (جاءَهُ الرَّسُولُ قالَ ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَ)».

* * *

__________________

ـ ذكر الآية ـ البخاري في صحيحه (رقم ٤٦٩٤) من حديث سعيد بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة ـ به وانظر ما سبق (رقم ٧٠).

٦٠٥

[١٩٤] قوله تعالى :

(حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ) [١١٠]

[٢٧٥] ـ أنا الحسن بن محمّد ، نا حجّاج ، عن ابن جريج ، قال : قال لي ابن أبي مليكة : أخبرني عروة ، عن عائشة أنّها خالفت ذلك وأبته ـ قالت : ما وعد الله محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم من شيء إلّا وقد علم أنّه سيكون حتّى مات ، وإنّه لم تزل البلايا بالرّسل حتّى ظنّوا أنّ من معهم من المؤمنين قد كذبوهم.

ـ قال ابن أبي مليكة في حديث عروة : وكانت عائشة تقرؤها (ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا) مثقّلة.

[٢٧٦] ـ أنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا ابن أبي عديّ ، عن ابن جريج ، قال : أخبرني ابن أبي مليكة ،

__________________

(٢٧٥) ـ أخرجه البخاري في صحيحه : كتاب التفسير ، باب «أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء ـ إلى ـ قريب» (٤٥٢٥) ـ وسيأتي (رقم ٢٧٦) شطره الثاني.

انظر : تحفة الأشراف للمزي (رقم ١٦٣٥٣).

قوله «استيأس الرسل» أي : يئسوا.

قوله : «البلايا» جمع بلاء وهو في الأصل الاختبار والامتحان.

(٢٧٦) ـ سبق تخريج الشطر الثاني برقم ٢٧٥ ، وأما الشطر الأول فأخرجه

٦٠٦

عن ابن عبّاس (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا) قال : ذهب هاهنا ـ وأشار إلى (١) السّماء ـ قال ابن أبي مليكة : وتلا ابن عبّاس (حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ) [البقرة (٢١٤)].

قال ابن أبي مليكة فذكرت ذلك لعروة بن الزّبير قال : قالت عائشة : معاذ (٢) الله ، والله ما حدّث الله تعالى رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم شيئا إلّا علم أنّه سيكون قبل أن يموت ، ولكن نزل بالأنبياء البلاء حتّى خافوا أن يكون من معهم من المؤمنين قد كذبوهم ، وكانت تقرأ (كَذَّبُوا) مثقّلة.

[٢٧٧] ـ أنا إسحاق بن إبراهيم ، أنا وهب بن جرير ، نا أبي ، عن كلثوم / بن جبر ، عن سعيد بن جبير ،

__________________

(١) سقطت من الأصل.

(٢) ألحقت بالهامش.

__________________

البخاري في صحيحه : كتاب التفسير ، باب أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء ـ إلى ـ قريب (رقم ٤٥٢٤).

انظر : تحفة الأشراف للمزي (رقم ٥٧٩٤).

(٢٧٧) ـ حسن * تفرد به المصنف ، انظر : تحفة الأشراف للمزي (رقم ٥٦٠٣). وإسناده حسن ، رجاله رجال الشيخين غير كلثوم بن جبر : صدوق يخطي وقد أخرج له مسلم ، وتابعه غيره عن سعيد ـ به. ـ

٦٠٧

عن ابن عبّاس ، أنّه قرأ (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا) خفيفة. قال : إذا استيأس الرّسل من إيمان قومهم ، وظنّ قومهم أنّ الرّسل كذبوهم.

* * *

__________________

ـ وأخرجه ابن جرير الطبري (١٣ / ٥٤ ، ٥٥) من طرق عن ابن عباس نحوه ، وكذا أخرج نحوه (١٣ / ٥٥) من قول سعيد بن جبير.

وعزاه السيوطي في الدر المنثور (٤ / ٤١) وزاد نسبته لأبي عبيد وسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه من طرق عن ابن عباس ـ به.

٦٠٨

سورة الرّعد

بسم الله الرّحمن الرّحيم

[١٩٥] قوله تعالى :

(ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى) [٨]

[٢٧٨] ـ أنا عليّ بن حجر ، عن إسماعيل ـ وهو : ابن جعفر ـ عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «مفاتيح الغيب خمس

__________________

(٢٧٨) ـ صحيح* تفرد به المصنف من هذا الوجه ، تحفة الأشراف (رقم ٧١٤٦). وإسناده صحيح ، رجاله ثقات رجال الشيخين.

وقد أخرجه البخاري في صحيحه (رقم ١٠٣٩ ، ٤٦٩٧ ، ٧٣٧٩) ، وأحمد في مسنده (٢ / ٢٤ ، ٥٢ ، ٥٨) ، والطبري في تفسيره (٢١ / ٥٦) ، ثلاثتهم من حديث عبد الله بن دينار عن ابن عمر ـ به ، وأخرجه أحمد (٢ / ٨٥) من حديث محمد بن زيد عن ابن عمر ـ به نحوه. وزاد السيوطي نسبته في الدر المنثور (٥ / ١٦٩) للفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عمر ـ به.

وللحديث شواهد منها ما أخرجه البخاري في صحيحه (رقم ٥٠ ، ٤٧٧٧) ، ومسلم في صحيحه (٩ / ٥) ، (١٠ / ٧) ، كلاهما من حديث أبي هريرة مطولا. ـ

٦٠٩

لا يعلمها إلّا الله ؛ لا يعلم ما تغيض الأرحام أحد إلّا الله ، ولا يعلم ما في غد إلّا الله ، ولا يعلم متى يأتي المطر إلّا الله ، ولا تعلم نفس بأيّ أرض تموت ، ولا يعلم متى تقوم السّاعة أحد إلّا الله عزوجل».

* * *

__________________

ـ قوله «تغيض» : تنقص.

٦١٠

[١٩٦] قوله تعالى :

(وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ) [١٣]

[٢٧٩] ـ أنا عمرو بن منصور ، نا عبد الله بن عبد الوهاب ، قال : حدثني عليّ بن أبي سارة ، حدّثنا ثابت البنانيّ ،

__________________

(٢٧٩) ـ حسن* تفرد به المصنف ، وانظر تحفة الأشراف (٤٥٨) ، وإسناده ضعيف فإن علي بن أبي سارة ضعيف ، وباقي رجاله ثقات ، ولكن تابعه ديم بن غزوان وقد قال عنه الحافظ في التقريب : «صدوق وكان يرسل» قلت : قد صرح بالسماع من ثابت فالحديث جيد قوي.

والحديث أخرجه الطبري في تفسيره (١٣ / ٨٤) ، والطبراني في الأوسط (ج ٣ / ص ٢٨٦ / رقم ٢٦٢٣) ، والواحدي في الأسباب (ص ٢٠٥) ، والعقيلي في الضعفاء (٣ / ٢٣٢ ـ ٢٣٣) ، وأبو يعلى في مسنده (ج ٦ / ص ٨٩ / رقم ٣٣٤٢) ، ولم يسق لفظه ، كلهم من حديث ابن أبي سارة عن ثابت ـ به.

وأخرجه أبو يعلى في مسنده (ج ٦ / ص ٨٧ ـ ٨٨ / رقم ٣٣٤١) ، والبزار (رقم ٢٢٢١ ـ كشف الأستار) ، والبيهقي في الدلائل (٦ / ٢٨٣) ، وابن أبي عاصم في السنة (رقم ٦٩٢) ، كلهم من طريق ديلم بن غزوان عن ثابت عن أنس ـ به.

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٧ / ٤٢) : «رواه أبو يعلى والبزار بنحوه إلا أنه قال : «إلى رجل من فراعنة العرب ... ، وبنحو هذا رواه الطبراني في لأوسط وقال «فرعدت وأبرقت» ورجال البزار رجال الصحيح غير دليم بن غزوان وهو ثقة ، وفي رجال أبي يعلى والطبراني علي بن أبي سارة وهو ضعيف. وفاته رحمه‌الله رواية أبي يعلى من طريق ديلم بن غزوان. ـ

٦١١

عن أنس بن مالك قال : بعث النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم مرّة رجلا إلى رجل من فراعنة العرب أن «ادعه لي» قال : يا رسول الله إنّه أعتى من ذلك ، قال : «اذهب إليه فادعه» قال : فأتاه فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يدعوك. قال : أرسول الله؟ وما الله؟ أمن ذهب هو؟ أم من فضّة هو؟ أمن نحاس هو؟ فرجع إلى النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال. يا رسول الله قد أخبرتك أنه أعتى من ذلك ، وأخبر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم بما قال : قال «فارجع إليه فادعه» فرجع فأعاد عليه المقالة الأولى ، فردّ عليه مثل الجواب ، فأتى النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأخبره ، فقال : «ارجع إليه فادعه» فرجع إليه ، فبينما هما يتراجعان الكلام بينهما إذ بعث الله سحابة حيال رأسه ، فرعدت ؛ / ووقعت (١) منها صاعقة فذهبت بقحف رأسه ، وأنزل الله

__________________

(١) في الأصل : «وبعث» وفي الحاشية العليا للصفحة «وقعت» وهو الموافق لجميع طرقه.

__________________

ـ وقد زاد السيوطي نسبته في الدر المنثور (٣ / ٥٢) لابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه ، عن أنس بن مالك ـ به.

وللحديث شاهد ـ لا يصلح للاعتبار ـ من حديث ابن عباس أخرجه الثعلبي وابن مردويه ـ كما في تخريج الكشاف ـ ولكن في إسناده محمد بن السائب الكلبي وهو متروك متهم بالكذب ، وشاهد آخر أخرجه الطبري (١٣ / ٨٤) من حديث عبد الرحمن بن صحار العبدي مرسلا ، ومن حديث مجاهد نحوه مختصرا ، وأخرجه ابن عدي (٥ / ١٩٨٦) مختصرا عن ابن مسعود ، وفي إسناده عبيد بن إسحاق ، وهو منكر الحديث ، وقال ابن عدي : غير محفوظ.

٦١٢

عزوجل : (وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ).

* * *

__________________

قوله : «بقحف رأسه» : الذي فوق الدماغ ، وقيل هو ما انفلق من جمجمته وانفصل منه. قوله تعالى «شديد المحال» قال ابن جرير : «شديد مماحلته في عقوبة من طغى عليه وعتا وتمادى في كفره».

٦١٣

سورة إبراهيم

بسم الله الرّحمن الرّحيم

[٢٨٠] ـ أنا محمد بن مسلم ، قال : حدّثني إسماعيل بن عبيد ابن أبي كريمة ، قال : حدّثنا محمّد بن سلمة ، عن أبي عبد الرحيم ، عن زيد بن أبي أنيسة ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس ، عن أبيّ بن كعب ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «قام موسى يوما فى قومه فذكّرهم بأيّام الله ، وأيّام الله نعماؤه».

* * *

__________________

(٢٨٠) ـ صحيح* تفرد به المصنف من هذا الوجه هكذا مختصرا ، وانظر تحفة الأشراف (رقم ٤٨).

ورجاله ثقات ، وسيأتي مطولا ، انظر تحفة الأشراف (رقم ٣٩).

فقد أخرجه المصنف هنا في التفسير (رقم ٣٢٧) ، والبخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي إسحاق عن سعيد ، عن ابن عباس ـ به مطولا ، وانظر أيضا (رقم ٣٢٦) هنا.

٦١٤

[١٩٧] قوله تعالى :

(كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ) [٢٤]

[٢٨١] ـ أنا علىّ بن حجر ، أنا إسماعيل ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّ من الشّجر شجرة لا يسقط ورقها ، وإنّها مثل المؤمن ، فحدّثوني ما هي؟».

قال عبد الله : فوقع النّاس في شجر البوادي ، ووقع في نفسي أنّها النّخلة فاستحييت. فقالوا : حدّثنا ما هي يا رسول الله؟. قال : «هي النّخلة».

[٢٨٢] ـ أنا إسحاق بن إبراهيم ، أنا النّضر بن شميل ، نا حمّاد ابن سلمة ، عن شعيب بن الحباب (١) ،

__________________

(١) هكذا في الأصل وصوابها : «شعيب بن الحبحاب» وقد نص الحافظ على ضبطها في ترجمته ابنه أبي بكر بن شعيب.

__________________

(٢٨١) ـ أخرجه البخاري في صحيحه : كتاب العلم ، باب قول المحدث حدثنا أو أخبرنا وأنبأنا (رقم ٦١).

وأخرجه مسلم في صحيحه : كتاب صفات المنافقين وأحكامهم ، باب مثل المؤمن مثل النخلة (رقم ٢٨١١ / ٦٣) كلاهما من طريق إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير المدني ، عن عبد اللّه بن دينار ـ به.

انظر تحفة الأشراف للمزي (رقم ٧١٢٦).

(٢٨٢) ـ رجاله ثقات * أخرجه الترمذي في جامعه (رقم ٣١١٩) : كتاب ـ

٦١٥

عن أنس بن مالك ؛ قال : أتي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بقناع من بسر ، فقرأ ومثل كلمة طيّبة كشجرة طيّبة قال : «هى النّخلة».

__________________

ـ تفسير القرآن ، باب ومن سورة إبراهيم ، وانظر تحفة الأشراف (رقم ٩١٦) ، ورجاله ثقات رجال الشيخين سوى حماد بن سلمة فقد أخرج له مسلم ، أما البخاري فأخرج له تعليقا إلا في موضع واحد في كتاب الرقاق قال : قال لنا أبو الوليد حدثنا حماد بن سلمة ـ به ، وقد أخرجه أبو يعلى الموصلى (ج ٧ / ص ١٨٢ ـ ١٨٣ / رقم ٤١٦٥) ، ومن طريقه ابن حبان في صحيحه (رقم ١٧٤٨ ـ موارد) ، وابن جرير الطبري في تفسيره (١٣ / ١٣٦) ، والحاكم في مستدركه (٢ / ٣٥٢) ، كلهم من حديث حماد بن سلمة عن شعيب بن الحبحاب عن أنس ـ به مرفوعا ، وقال الحاكم : «صحيح على شرط مسلم» ووافقه الذهبي كما في التلخيص.

وعزاه السيوطي وزاد نسبته في الدر المنثور (٤ / ٧٦) لابن أبي حاتم وابن مردويه عن أنس مرفوعا.

وقد أخرجه الترمذي في جامعه عقب حديث (رقم ٣١١٩) ، من حديث أبي بكر بن شعيب بن الحبحاب وحماد بن زيد ـ فرقهما ـ ، والطبري في تفسيره (١٣ / ١٣٦) من حديث مهدي بن ميمون ، و (١٣ / ١٤٠) من حديث ابن علية ، كلهم من حديث شعيب بن الحبحاب عن أنس موقوفا.

وقال الترمذي : «وهذا أصح من حديث حماد بن سلمة ، وروى غير واحد مثل هذا موقوفا ولا نعلم أحدا رفعه غير حماد بن سلمة ، ورواه معمر وحماد بن زيد وغير واحد ولم يرفعوه».

وحماد بن سلمة ـ وإن كانت ثقة وزيادة الثقة مقبولة ـ قد خالف من هم أكثر منه عددا فرفع الحديث وهم أوقفوه ، فزيادته هذه شاذة والله أعلم فالحديث صحيح موقوفا ، ولا يصح مرفوعا.

قوله : «بقناع من بسر» طبق فيه تمر النخل قبل أن يرطب.

٦١٦

[١٩٨] قوله تعالى :

(وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ [١٦] يَتَجَرَّعُهُ) [١٧]

[٢٨٣] ـ أنا سويد بن نصر ، أنا عبد الله ، عن صفوان بن عمرو عن عبيد (١) الله بن بسر ،

__________________

(١) في الأصل : عبد الله والتصويب من تحفة الأشراف والترمذي وغيرهما.

__________________

(٢٨٣) ـ إسناد ضعيف *. أخرجه الترمذي في جامعه (رقم ٢٥٨٣) : كتاب صفة جهنم ، باب ما جاء في صفة شراب أهل النار ، انظر تحفة الأشراف (رقم ٤٨٩٤). وقال الترمذي هذا حديث غريب ، ورجاله ثقات إلا عبيد اللّه بن بسر فهو مجهول لا يعرف ، وقال الذهبي في الميزان (٣ / ٤) : عبيد اللّه بن بسر ، عنه صفوان بن عمرو وحده. لا يعرف ، فيقال هو عبد اللّه الصحابي ، وقيل عبد اللّه بن بسر الحبراني التابعي وهو أظهر. قلت : عبد اللّه بن بسر الحبراني الحمصي : ضعيف أيضا ، وكذلك رجح أبو نعيم أنه عبد اللّه الحبراني الحمصي السكسكي ، وقال أبو حاتم (٥ / ٣٠٨) : عبيد اللّه بن بسر ويقال عبد اللّه روى عنه ....

والحديث أخرجه أحمد (٥ / ٢٦٥) ، وابن المبارك في الزهد ـ زوائد نعيم على رواية المروزي ـ (رقم ٣١٤) ، وابن جرير الطبري في تفسيره (١٣ / ١٣١) ، والطبراني في الكبير (ج ٨ / ص ١٠٦ / رقم ٧٤٦٠) ، والحاكم في مستدركه (٢ / ٣٥١ ، ٣٦٨ ـ ٣٦٩) وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي!! ، وأبو نعيم في الحلية (٨ / ١٨٢) ، والبيهقي في البعث والنشور (رقم ٦٠٢) ، والبغوي في شرح السنة (رقم ٤٤٠٥) ، كلهم من طريق صفوان بن عمرو عن عبيد اللّه بن بسر ـ به. ووقع عند ابن ـ

٦١٧

عن أبي أمامة ، عن النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم في قوله : (وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ * يَتَجَرَّعُهُ) قال : «يقرّب إليه فيتكرّهه ، فإذا أدنى منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه ، فإذا شربه قطّع أمعاءه ، حتّى يخرج من دبره ، يقول الله تعالى : (وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ) [محمد (١٥)] / ويقول الله تعالى : (وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ) [الكهف (٢٩)]».

* * *

__________________

ـ المبارك ـ في المطبوع ـ «عبد الله بن بشر» بالمعجمة وهو خطأ ، ووقع عند الطبراني والحاكم وأبي نعيم والبيهقي : «عبد الله بن بسر».

وزاد السيوطي نسبته في الدر المنثور (٤ / ٧٣) لأبي يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي أمامة ـ به.

قوله «يتجرعه» : أي يتغصصه ويتكرهه ، يشربه قهرا وقسرا.

قوله «فروة رأسه» : جلدته بما عليها من الشعر.

٦١٨

[١٩٩] قوله تعالى :

(يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ) [٢٧]

[٢٨٤] ـ أنا محمد بن بشّار ، نا محمد ، نا شعبة ، عن علقمة بن مرثد ، عن سعد بن عبيدة ، عن البراء بن عازب ، عن النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) قال : «نزلت في عذاب القبر ؛ يقال له : من ربّك؟ فيقول : ربّي الله. ودين محمّد (١) صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فذلك قوله : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا)».

__________________

(١) كذا بالأصل دون ذكر السؤال عن الدين وأول الجواب عنه.

__________________

(٢٨٤) ـ أخرجه البخاري في صحيحه : كتاب الجنائز ، باب ما جاء في عذاب القبر (رقم ١٣٦٩ ، مكرر) وكتاب التفسير ، باب يثبت اللّه الذين آمنوا بالقول الثابت (رقم ٤٦٩٩) ، وأخرجه مسلم في صحيحه : كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها ، باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه ، وإثبات عذاب القبر (رقم ٢٨٧١ / ٧٣) ، وأخرجه أبو داود في سننه : كتاب السنة ، باب في المسألة في القبر وعذاب القبر (رقم ٤٧٥٠) ، وأخرجه الترمذي في جامعه : كتاب تفسير القرآن ، باب ومن سورة إبراهيم عليه السّلام (رقم ٣١٢٠) ، وأخرجه المصنف في سننه : كتاب الجنائز ، عذاب القبر (رقم ٢٠٥٧) ، وأخرجه ابن ماجة في سننه : كتاب الزهد ، باب ذكر القبر والبلى (رقم ٤٢٦٩) كلهم من طريق سعد بن عبيدة ـ به.

انظر تحفة الأشراف للمزي (رقم ١٧٦٢)

٦١٩

[٢٨٥] ـ أنا القاسم بن زكريّا بن دينار ، نا يحيى بن أبي بكير (١) [نا](٢) شريك ، عن سالم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس في قوله : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) قال : المخاطبة في القبر : من ربّك؟ وما دينك؟ ومن نبيّك؟ (وَفِي الْآخِرَةِ) مثل ذلك.

__________________

(١) في الأصل : بكيرة بتاء التأنيث وهو خطأ صوبناه من تحفة الأشراف وغيره.

(٢) سقط من الأصل ، واستدركناه من تحفة الأشراف.

__________________

(٢٨٥) ـ صحيح *. تفرد به المصنف ، وانظر تحفة الأشراف (رقم ٥٥١٢). وإسناده حسن في الشواهد ، رجاله ثقات غير شريك بن عبد اللّه النخعي القاضي فهو صدوق يخطي كثيرا ، سالم هو ابن عجلان الأفطس ، وللحديث شواهد يصح بها.

وقد أخرجه الطبراني في الكبير (ج ١١ / ص ٤٣٧ / رقم ١٢٢٤٢) ، والبيهقي في إثبات عذاب القبر (رقم ١٠) ، كلاهما من حديث شريك عن سالم الأفطس ـ به. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٧ / ٤٤) : رواه أحمد وفيه أحمد بن عبيد بن نسطاس ولم أعرفه ، وبقية رجاله ثقات. وأظنه خطأ ، فإني لم أره في مسند أحمد ، والراوي المذكور هو في إسناد الطبراني.

وقد جاء الحديث من طريق آخر بنحوه ، أخرجه البيهقي في عذاب القبر (رقم ١٤) من حديث عكرمة عن بن عباس ـ به ، وزاد السيوطي نسبته في الدر المنثور (٤ / ٧٩) لابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس ـ به. ويشهد لهذا الخبر ما سبق هنا في التفسير (رقم ٢٨٤) ، وله شاهد أيضا من حديث ابن مسعود أخرجه الطبري في تفسيره (١٣ / ١٤٤) ، والطبراني في الكبير ـ

٦٢٠