تفسير النسائي - ج ١

أبي عبدالرحمن ابن شعيب بن علي النسائي

تفسير النسائي - ج ١

المؤلف:

أبي عبدالرحمن ابن شعيب بن علي النسائي


المحقق: صبري بن عبدالخالق الشافعي وسيّد بن عبّاس الجليمي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة الكتب الثقافية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٨٧
الجزء ١ الجزء ٢

__________________

ـ «رواه الطبراني في الأوسط وفيه قيس بن الربيع ، وثقه شعبة والثوري وضعفه جماعة». قلت : فظاهر كلام الهيثمي أن الطبراني رواه من غير طريق كثير بن زاذان ، إلّا أن في الإسناد ؛ قيس بن الربيع الأسدي ، وقد قال عنه الحافظ : «صدوق تغيّر لما كبر وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدّث به» ، فأخشى أن يكون هذا الحديث مما أدخله عليه ابنه.

ـ وشاهد آخر : أخرجه الطبراني وعنه ابن مردويه ـ كما قال الزيلعي ـ من طريق نصر بن محمد بن سليمان بن أبي ضمرة السلمي عن أبيه عن عبد الله بن أبي قيس عن ابن عمر مرفوعا نحو حديث أبي هريرة. وسنده ضعيف ؛ فإن نصر بن أبي ضمرة : ضعيف ، وأبيه محمد بن سليمان قال عنه أبو حاتم (٧ / ٢٦٨) : «حدثنا الوحاظي عنه بأحاديث مستقيمة» ، وذكره ابن حبان في الثقات (٧ / ٤٣٠) ، وقال الحافظ : «مقبول» ، يعني حيث يتابع وإلّا فليّن الحديث.

وزاد نسبته في الكنز (رقم ٢٩٩٦) لابن عساكر عن ابن عمر ـ به.

وشاهد آخر : أخرجه أبو الشيخ ـ كما في الدرّ (٣ / ٣١٦) ـ عن أبي أمامة رضي الله عنه مرفوعا ، ولم أقف على سنده.

* [فائدة] : قال الزمخشري في كشافه حول هذه الآية : «والذي يحكى أنه حين قال (آمنت) أخذ جبريل من حال البحر فدسّه في فيه ؛ فللغضب لله على الكافر في وقت قد علم أن إيمانه لا ينفعه. وأمّا ما يضمّ إليه من قولهم : (خشية أن تدركه رحمة الله) فمن زيادات الباهتين لله وملائكته ، وفيه جهالتان ؛ إحداهما :

أن الإيمان يصح بالقلب كإيمان الأخرس ، فحال البحر لا يمنعه ، والأخرى : أن من كره إيمان الكافر وأحبّ بقاءه على الكفر فهو كافر ، لأن الرضا بالكفر كفر» ا. ه.

هكذا قال ، وقد ردّه الزيلعي ، والحافظ ابن حجر فقال : «هذا إفراط منه في ـ

٥٨١

سورة هود

بسم الله الرّحمن الرّحيم

[١٨٣] قوله تعالى :

(وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) [٧]

[٢٥٩] ـ أنا عمران بن بكّار بن راشد ، نا عليّ بن عيّاش ، نا شعيب قال : حدّثني أبو الزّناد ممّا حدّثه عبد الرّحمن الأعرج ممّا ذكر أنّه سمع

__________________

ـ الجهل بالمنقول ، والغضّ من أهله ، فإن الحديث صحيح الزيادات ، وقد أخرجه ..... إلخ». ثم قال الحافظ : «وأمّا الوجهان اللذان ذكرهما الزمخشري ، فللحديث توجيه وجيه ، لا يلزم منه ما ذكره الزمخشري ، وذلك أن فرعون كان كافرا كفر عناد ، ألا ترى إلى قصته حيث توقف النيل ، وكيف توجّه منفردا ، وأظهر أنه مخلص ، فأجري له النيل ، ثم تمادى على طغيانه وكفره فخشي جبريل أن يعاود تلك العادة فيظهر الإخلاص بلسانه فتدركه رحمة الله ، فيؤخره في الدنيا ، فيستمر على غيه وطغيانه ، فدسّ في فمه الطين ، ليمنعه التكلم بما يقتضي ذلك ، هذا وجه الحديث ، ولا يلزم منه جهل ولا رضا بكفر ، بل الجهل كلّ الجهل ممن اعترض على المنقول الصحيح برأيه الفاسد. وأيضا فإيمانه في تلك الحالة على تقدير أنه كان صدقا بقلبه ؛ لا يقبل لأنه وقع في حال الاضطرار ، ولذلك عقب في الآية بقوله تعالى : (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ) ، وفيه إشارة في قوله تعالى : (فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا)» ا. ه.

(٢٥٩) ـ * أخرجه البخاري في صحيحه : (رقم ٤٦٨٤) كتاب التفسير ، باب (وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) و (رقم ٧٤١١) كتاب التوحيد ، باب قول الله ـ

٥٨٢

أبا هريرة يحدّث به عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «يمين الله ملأى لا تغيضها ، نفقة سحّاء الليل والنّهار وقال : أرأيتم ما أنفق منذ خلق / السّماوات والأرض ، فإنّه لم ينفق ما في يمينه ، وعرشه على الماء ، وبيده الأخرى الميزان يخفض ويرفع».

* * *

__________________

ـ تعالى : (لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَ) عن أبي اليمان عن شعيب عن أبي الزناد ـ به ، انظر تحفة الأشراف (رقم ١٣٧٤٠).

وله طرق أخرى عن أبي هريرة.

قوله «لا تغيضها نفقة» : أي لا تنقصها نفقة.

قوله «سحّاء الليل والنهار» : سحاء : بمهملتين مثقلا ممدود أي : دائمة.

٥٨٣

[٢٦٠] ـ أنا محمّد بن عبد الأعلى ، نا خالد ـ يعني ابن الحارث ، نا عبد الرّحمن قال : أنبأني جامع بن شدّاد ، عن صفوان بن محرز ، عن ابن حصين (١) قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «كان الله ولا شيء غيره ، وكان عرشه على الماء فكتب في الذّكر كلّ شيء ثمّ خلق سبع سماوات».

* * *

__________________

(١) في الأصل «ابن حصيب» بالموحدة من تحت وهو تحريف. وكتب فوقها : «كذا». وفي حاشية الأصل : «صوابه حصين» ثم حشى بعضهم بحذاء الحديث حاشية نصها : «سمع صفوان بن محرز من : ابن مسعود ، وعمران بن حصين».

روى عنه : الحسن ، وقتادة (في الأصل : أبو قتادة ، وهو خطأ) ، ومورّق العجلي.

__________________

(٢٦٠) ـ * أخرجه البخاري في صحيحه : (رقم ٣١٩٠ ، ٣١٩١) مطولا ـ كتاب بدء الخلق ، باب ما جاء في قول اللّه تعالى : وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ و (رقم ٤٣٦٥) ـ بقصة وفدي بني تميم واليمن فقط ـ كتاب المغازي ، باب وفد بني تميم و (رقم ٤٣٨٦) ـ بقصة وفدي بني تميم واليمن ـ باب قدوم الأشعريين وأهل اليمن و (رقم ٧٤١٨) بأتم من هنا ـ كتاب التوحيد ، باب وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ، وأخرجه الترمذي في جامعه : (رقم ٣٩٥١) ـ بقصة وفدي بني تميم واليمن ـ كتاب المناقب ، باب مناقب في ثقيف وبني حنيفة ، كلاهما من طريق جامع بن شداد عن صفوان بن محرز المازني ـ به ، انظر تحفة الأشراف (رقم ١٠٨٢٩).

٥٨٤

[١٨٤] قوله تعالى :

(وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ) [١٧]

[٢٦١] ـ أنا محمد بن عبد الأعلى ، نا خالد ، عن شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن أبي موسى ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا يسمع بي (١) من أمّتي أو يهوديّ أو نصرانيّ ثمّ لا يؤمن بي إلّا دخل النّار».

__________________

(١) كذا في الأصل بدون كلمة «أحد» وهي عند الآخرين.

__________________

(٢٦١) ـ صحيح * تفرد به المصنف من هذا الوجه ، وانظر تحفة الأشراف (رقم ٨٩٩٥) ورجاله ثقات رجال الشيخين. خالد هو ابن الحارث ، وأبو بشر هو ابن إياس ، وسنده صحيح لولا التردد في سماع سعيد من أبي موسى ، والراجح أنه لم يسمع منه ، فإن أبا موسى توفي سنه (٥٠ ه). وقيل بعدها ، وأكثر ما قيل سنة (٥٣ ه) ، وقد ولد سعيد سنة (٤٥ ه) ، وهو محتمل ، ولا يضر ذلك ؛ فله شاهد عند مسلم وغيره كما سيأتي إن شاء اللّه تعالى.

والحديث أخرجه أحمد (٤ / ٣٩٦ ، ٣٩٨) عن محمد بن جعفر وعفان ـ فرقهما ـ والطبري في تفسيره (١٢ / ١٣) من حديث ابن المبارك ، والطيالسي (رقم ٥٠٩) ، ومن طريقه البزار (رقم ١٦ ـ كشف) كلهم عن شعبة عن أبي بشر ـ به ، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٨ / ٢٦١ ـ ٢٦٢) : رواه الطبراني وأحمد بنحوه ، ورجال أحمد رجال الصحيح ، والبزار أيضا باختصار.

وقد عزاه السيوطي في الدرّ المنثور (٣ / ٣٢٥) وزاد نسبته لسعيد بن ـ

٥٨٥

[٢٦٢] ـ أنا أحمد بن أبي عبيد الله ، نا يزيد بن زريع ، نا سعيد ، عن قتادة ، عن صفوان بن محرز قال :

__________________

ـ منصور ، وابن المنذر ـ وابن مردويه من طريق سعيد عن أبي موسى ـ به.

وقال البزار : «لا نعلم أحدا رواه عن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ إلا أبو موسى بهذا الإسناد ، ولا أحسب سمع سعيد من أبي موسى».

قلت : قد أخرجه مسلم (١٥٣ / ٢٤٠) وغيره من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ : «والذي نفس محمد بيده ، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار».

وأخرجه الحاكم في مستدركه (٢ / ٣٤٢) من حديث سعيد عن ابن عباس مرفوعا وصححه ووافقه الذهبي ، وعزاه السيوطي في الدر المنثور (٣ / ٣٢٥) وزاد نسبته لابن جرير ـ ولم أجده ـ وابن أبي حاتم ـ به.

وفي الحديث نسخ شريعته صلى‌الله‌عليه‌وسلم لما سبقه من الشرائع ، وأن من ظل من أهل الكتاب على ملّته بعد بعثه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فهو كافر بالله يخلد في النار ، مصداقا لقول الله تعالى : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) [آل عمران : ٨٥] ، وكذا فإن موسى وعيسى عليهما‌السلام ، لو وجدا في زمن بعثه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، لما وسعهما إلا أن يتبعاه.

(٢٦٢) ـ أخرجه البخاري في صحيحه : كتاب المظالم ، باب قول الله تعالى : (أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) (رقم ٢٤٤١) وكتاب التفسير ، باب «ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين» (رقم ٤٦٨٥) وكتاب الأدب ، باب ستر المؤمن على نفسه (رقم ٦٠٧٠) وكتاب التوحيد ، باب كلام الرب عزوجل يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم (رقم ٧٥١٤) ، وأخرجه مسلم في صحيحه : كتاب التوبة ، باب قبول توبة القاتل ، وإن كثر قتله ـ

٥٨٦

قال عبد الله بن عمر : سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول في النّجوى ـ قال سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : يدنو المؤمن من ربّه يوم القيامة فيضع عليه كنفه ثمّ يقرّره بذنوبه : هل تعرف؟ فيقول : ربّ أعرف حتّى إذا بلغ به ما شاء الله قال : وإنّي سترتها عليك في الدّنيا ، وأغفرها لك اليوم ، ثمّ يعطى صحيفة حسناته ، وأمّا الكفّار : فينادي ربهم على رءوس الأشهاد (هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) [١٨].

* * *

__________________

ـ (رقم ٢٧٦٨ / ٥٢) وأخرجه ابن ماجه في سننه : المقدمة ، باب فيما أنكرت الجهمية (رقم ١٨٣) كلهم من طريق صفوان بن محرز المازني ـ به.

وعزاه المزي في تحفة الأشراف للنسائي في الكبرى : كتاب الرقائق.

انظر تحفة الأشراف للمزي (رقم ٧٠٩٦).

قوله : «فيضع عليه كنفه» الكنف : هو الجانب والناحية.

٥٨٧

[١٨٥] قوله تعالى :

(فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) [٤٦]

[٢٦٣] ـ أنا أبو الأشعث ، نا خالد بن الحارث ، قال : نا سعيد ، عن قتادة ، عن أنس : أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «يجتمع المؤمنون يوم القيامة فيقولون : لو استشفعنا إلى ربّنا فأراحنا من مكاننا هذا ، فيأتون آدم ـ عليه‌السلام ـ فيقولون : أنت أبو النّاس ، خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته فاشفع لنا عند ربّك / ، فيقول : لست هناكم ـ ويذكر لهم ويشكو إليهم ذنبه الّذي أصاب فيستحيي الله من ذلك ـ ولكن ائتوا نوحا فإنّه أوّل رسول بعثه الله إلى أهل الأرض ، فينادونه فيقول : لست هناكم ـ ويذكر سؤاله ربّه ما ليس له به علم ويستحيي من ذلك

__________________

(٢٦٣) ـ أخرجه البخاري في صحيحه : كتاب التفسير ، باب قول الله : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) (رقم ٤٤٧٦) وأخرجه مسلم في صحيحه : كتاب الإيمان ، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها (رقم ١٩٣ / ٣٢٣) وأخرجه ابن ماجه في سننه : كتاب الزهد ، باب ذكر الشفاعة (رقم ٤٣١٢) كلهم من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة ـ به.

انظر تحفة الأشراف للمزي (رقم ١١٧١).

قوله «سماطين» مفردها : سماط وهي الجماعة من الناس.

قوله «برّة» هي الحبة من القمح.

٥٨٨

ـ ولكن ائتوا إبراهيم خليل الرّحمن فيأتونه ، فيقول : لست هناكم ، ولكن ائتوا موسى عبدا كلّم الله وأعطاه التّوراة ، فيأتونه ، فيقول : لست هناكم ـ ويذكر قتله النّفس بغير النّفس ـ ولكن ائتوا عيسى : عبد الله ورسوله وكلمة الله وروحه. فيأتونه فيقول : لست هناك ، ولكن ائتوا محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعلى جميع أنبياء الله ، عبدا غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر» قال : «فيأتونني فأنطلق» ـ (قال سعيد : فذكر هذا الحرف عن الحسن ـ فأمشي بين سماطين من المؤمنين ـ ثمّ عاد إلى حديث أنس قال :) فأستأذن على ربّي فيأذن لي. فإذا رأيته وقعت ساجدا فيدعنى ما شاء الله أن يدعنى ، ثمّ يقال : ارفع يا محمّد ، قل تسمع ، سل تعطه ، اشفع تشفّع ، فأرفع رأسي فأحمده بتحميد يعلّمنيه ثمّ أشفع فيحدّ لي حدّا فيدخلهم الجنّة ، ثمّ أعود الثّانية ، فإذا رأيته وقعت ساجدا فيدعني ما شاء الله أن يدعني ، ثمّ يقال : ارفع يا محمّد ، قل تسمع ، سل تعطه ، اشفع تشفّع ، فأرفع رأسي فأحمده بتحميد يعلّمنيه ثمّ أشفع فيحدّ لي حدّا فيدخلهم الجنّة ، ثمّ أعود الثّالثة ، فإذا رأيت ربّي وقعت له ساجدا فيدعني ما شاء الله ، ثمّ يقال لي. ارفع يا محمّد ، قل تسمع. سل تعطه ، اشفع تشفّع ، فأرفع رأسي فأحمده بتحميد يعلّمنيه ، ثمّ أشفع فيحدّ لي حدّا فيدخلهم الجنّة. ثمّ أعود الرابعة ، فأقول : «يا ربّ ما بقي إلّا من حبسه القرآن».

٥٨٩

قال : ويقول قتادة على / أثر هذا الحديث : حدّثنا أنس بن مالك أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «يخرج من النّار من قال لا إله إلّا الله ، وكان لبه من الإيمان مثقال شعيرة من خير ، ويخرج من النّار من قال : لا إله إلّا الله ، وكان في قلبه مثقال برّة من خير ، ويخرج من النّار في قلبه مثقال ذرّة من خير».

* * *

٥٩٠

[١٨٦] قوله تعالى :

(مُنِيبٌ) [٧٥]

[٢٦٤] ـ أنا عبد الحميد بن محمّد ، نا مخلد ، نا مالك بن مغول ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه قال : لقيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأدخله المسجد ورجل يقرأ وآخر يدعو ، قال : ثمّ خرج اللّيلة المقبلة فلقيته فأخذ بيدي وقد أضاء المسجد ، فسمعنا صوتا فقلت : يا رسول الله ، أتراه مرائيا؟ قال : «لا ، بل مؤمن منيب ، بل مؤمن منيب».

* * *

__________________

(٢٦٤) ـ صحيح* تفرد به المصنف ، وانظر تحفة الأشراف (رقم ٢٠٠٠). وإسناده حسن رجاله رجال الشيخين سوى شيخ المصنف ، وهو ثقة ، ومخلد بن يزيد القرشي : صدوق له أوهام وقد تابعه غيره ، وانظر الذيل (رقم ٢٧).

وقد أخرجه الإمام أحمد (٥ / ٣٤٩) مطولا عن عثمان بن عمر ، عن مالك ـ به ، وإسناده على شرط الشيخين ، وأخرجه (٥ / ٣٥٩) مختصرا عن زيد بن الحباب ـ صدوق ـ عن مالك بن مغول ـ وإسناده على شرط مسلم.

[فائدة] : الرجل القارئ المبهم في الحديث هو أبو موسى الأشعري رضي الله عنه وكان حسن الصوت بالقراءة ، كما صرح به في رواية أحمد.

٥٩١

[١٨٧] قوله تعالى :

(وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ) [١٠٢]

[٢٦٥] ـ أنا أبو بكر بن علي ، نا يحيى بن معين ، نا أبو معاوية ، عن بريد ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّ الله عزوجل ليملي للظّالم حتّى إذا أخذه لم يفلته ـ أو : يمهله ـ ثمّ قرأ : (وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ)».

* * *

__________________

(٢٦٥) ـ أخرجه البخاري في صحيحه : كتاب التفسير ، باب «وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد» (رقم ٤٦٨٦) وأخرجه مسلم في صحيحه : كتاب البر والصلة والآداب ، باب تحريم الظلم (رقم ٢٥٨٣ / ٦١) وأخرجه الترمذي في جامعه : كتاب تفسير القرآن ، باب «ومن سورة هود» (رقم ٣١١٠ مكرر) وأخرجه ابن ماجه في سننه : كتاب الفتن ، باب العقوبات (رقم ٤٠١٨) كلهم من طريق بريد بن عبد الله ، عن أبي بردة ـ به.

انظر : تحفة الأشراف للمزي (رقم ٩٠٣٧).

قوله : «ليملي للظالم» أي يؤخر عقوبته ، ويتركه ويمهله.

٥٩٢

[١٨٨] قوله تعالى :

(فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ) [١٠٥]

[٢٦٦] ـ أنا عليّ بن حجر ، نا يزيد بن هارون ، عن فطر ، عن سلمة بن كهيل ، عن زيد بن وهب ، ونا شريك ، عن الأعمش ، عن زيد بن وهب ، عن عبد الله بن مسعود قال : (حدّثنا) (١) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو الصّادق المصدوق : «إنّ خلق ابن آدم يجمع في بطن أمّه لأربعين ثمّ يكون علقة مثل ذلك ، ثمّ يكون مضغة مثل ذلك ، ثمّ يبعث إليه ملكا فيكتب أربعا : أجله ، وعمله ورزقه ، وشقيّا أم سعيدا».

__________________

(١) في الأصل : «نا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم» والصواب «حدثنا» كما في مسلم وغيره ، وهذا أيضا من أعجب الاختصار في الحديث وقد مر مثله (رقم ٢٣)

__________________

(٢٦٦) ـ أخرجه البخاري في صحيحه : كتاب بدء الخلق ، باب ذكر الملائكة (رقم ٣٢٠٨) وكتاب أحاديث الأنبياء ، باب خلق آدم وذريته (رقم ٣٣٣٢) وكتاب القدر ، باب (رقم ٦٥٩٤) وكتاب التوحيد ؛ باب قوله تعالى : وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ (رقم ٧٤٥٤). وأخرجه مسلم في صحيحه : كتاب القدر ، باب كيفية الخلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله وعمله ، وشقاوته وسعادته (رقم ٢٦٤٣ / ١ ، ١ مكرر) وأخرجه أبو داود في سننه : كتاب السنة ، باب في القدر (رقم ٤٧٠٨) وأخرجه الترمذي في جامعه : كتاب ـ

٥٩٣

[١٨٩] قوله تعالى :

(أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ) [١١٤]

[٢٦٧] ـ / أنا قتيبة بن سعيد ، نا ابن أبي عديّ ، عن سليمان التّيميّ ،

وأنا إسماعيل بن مسعود ، عن يزيد ـ وهو ابن زريع ـ وبشر قالا : حدثنا سليمان التّيميّ ، عن أبي عثمان ، عن ابن مسعود : أنّ رجلا أصاب من امرأة قبلة فأتى النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم يسأله عن كفّارتها ، فأنزل الله عزوجل (أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) قال يا رسول الله ألي هذه؟ قال : «بل هى لمن عمل بها من أمّتي».

__________________

ـ القدر ، باب ما جاء أن الأعمال بالخواتيم (رقم ٢١٣٧) وأخرجه ابن ماجه في سننه : المقدمة ، باب في القدر (رقم ٧٦) كلهم من طريق زيد بن وهب الجهني ـ به.

انظر : تحفة الأشراف للمزي (رقم ٩٢٢٨).

قوله : «مضغة» أي قطعة من اللحم.

(٢٦٧) ـ أخرجه البخاري في صحيحه : كتاب مواقيت الصلاة ، باب الصلاة كفارة (رقم ٥٢٦) وكتاب التفسير ، باب «وأقم الصلاة طرفى النهار وزلفا من الليل ، إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين» (رقم ٤٦٨٧) ـ

٥٩٤

[٢٦٨] ـ أنا محمد بن حاتم بن نعيم ، أنا سويد ، أنا عبد الله ، عن شريك ، نا عثمان بن موهب ، عن موسى بن طلحة ،

__________________

ـ وذكره معلقا في ترجمة باب (٢٦) من كتاب الحدود وأخرجه مسلم في صحيحه : كتاب التوبة ، باب قوله تعالى : «إن الحسنات يذهبن السيئات» (رقم ٢٧٦٣ / ٣٩ ، ٤٠ ، ٤١) وأخرجه الترمذي في جامعه كتاب تفسير القرآن ، باب «ومن سورة هود» (رقم ٣١١٤) وأخرجه ابن ماجه في سننه : كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها ، باب ما جاء في أن الصلاة كفارة (رقم ١٣٩٨) وكتاب الزهد ، باب ذكر التوبة (رقم ٤٢٥٤).

وعزاه المزي للنسائي في الكبرى : كتاب الصلاة وكتاب الرجم كلهم من طريق عبد الرحمن بن ملّ ـ به. انظر : تحفة الأشراف للمزي (رقم ٩٣٧٦). انظر مسند الهيثم (رقم ٣٦٤ ـ ٣٦٦ ، ٤٢٥ ، ٤٢٦).

(٢٦٨) ـ حسن* أخرجه الترمذي في جامعه (٣١١٥) : التفسير ، باب ومن سورة هود ، وعزاه المزي للنسائي في سننه الكبرى : كتاب الرجم كلاهما من طريق موسى بن طلحة ـ به ، وانظر تحفة الأشراف (رقم ١١١٢٥). وقال الترمذي : «هذا حديث حسن صحيح» ، وإسناده حسن في الشواهد ، رجاله كلهم ثقات غير شريك بن عبد الله فهو صدوق يخطئ كثيرا رغم عدالته وعبادته وشدته على أهل البدع ، وقد تابعه قيس بن الربيع عند الترمذي وغيره.

فقد أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (١٢ / ٨٢) ، والطبراني في الكبير (ج ١٩ / ص ١٦٥) (رقم ٣٧١) ، كلاهما من حديث قيس بن الربيع عن عثمان بن عبد الله بن موهب ـ به. وقيس بن الربيع وثقه غير واحد ، وضعفه وكيع وغيره ، وقال عنه الحافظ في التقريب : «صدوق تغير لما كبر وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به»

٥٩٥

عن أبي اليسر (١) بن عمرو ، قال : أتته امرأة ، وزوجها قد بعثه النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم في بعث ، فقالت له : بعني بدرهم تمرا. قال : فقلت لها ـ وأعجبتني (٢) ـ : إنّ في البيت تمرا أطيب من هذا ، فانطلق بها فغمزها وقبّلها ، ففزع ثمّ خرج فلقي أبا بكر فقال له : هلكت. قال : ما شأنك ، فقصّ عليه أمره ، وقال له : هل لي من توبة؟ قال : نعم ، تب ولا تعد ولا تخبرنّ أحدا ، ثمّ انطلق حتّى أتى النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقصّ عليه فقال : «خلّفت رجلا من المسلمين غازيا في سبيل الله بهذا؟!» وظننت أنّي من أهل النّار ، وأنّ الله لا يغفر لي أبدا ، و [أ] طرق (٣) عنّي نبيّ الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتّى نزلت عليه (أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ ، إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ) فأرسل إليّ نبيّ الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقرأهنّ علىّ.

* * *

__________________

(١) في الأصل : «الميسر» وهو خطأ ، والتصحيح من الترمذي وتحفة الأشراف.

(٢) في الأصل : «وأعجبتى»

(٣) في الأصل : «وطرق» بدون ألف ، وهو خطأ.

وقوله : «أطرق عني» يعني سكت.

__________________

ـ فالحديث بطريقيه حسن ، وقد زاد السيوطي نسبته في الدر المنثور (٣ / ٣٥٢) للبزار وابن مردويه عن أبي اليسر ـ به ، وانظر الفتح (٨ / ٣٥٦).

وأصل القصة صحيح من غير وجه ، ولها شواهد ، وانظر الدر المنثور (٣ / ٣٥٢ ـ ٣٥٤) وتفسير ابن كثير (٢ / ٤٦٣ ـ ٤٦٥).

٥٩٦

سورة يوسف

بسم الله الرّحمن الرّحيم

[١٩٠] قوله تعالى :

(لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ) [٧]

[٢٦٩] ـ أنا عمرو بن علىّ ، ومحمد بن المثنّى ، عن يحيى ، نا عبيد الله (١) ، حدثني سعيد بن أبي سعيد ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : قيل : يا رسول الله من / أكرم النّاس؟ قال : «أتقاهم» ، قالوا : ليس عن هذا نسألك قال : «يوسف نبيّ الله ، ابن نبيّ الله ، ابن نبيّ الله ، ابن خليل الله» قالوا : ليس (٢) عن هذا نسألك. قال : «فعن معادن العرب تسألوني؟ فإنّ خيارهم في الجاهليّة خيارهم في الإسلام إذا فقهوا». قال أبو عبد الرّحمن : خالفه محمّد بن بشر.

__________________

(١) في الأصل : عبد الله بالتكبير ، وهو خطأ ، والصواب ما اثبتناه كما في تحفة الأشراف وباقي طرقه ومصادره ، وهو عبيد الله بن عمر.

(٢) في الأصل : أليس وهو خطأ.

__________________

(٢٦٩) ـ أخرجه البخاري في صحيحه : كتاب أحاديث الأنبياء ، باب قول اللّه تعالى : [١٦٥ النساء] واتخذ اللّه إبراهيم خليلا (رقم ٣٣٥٣) ، ـ

٥٩٧

[٢٧٠] ـ أنا أحمد بن سليمان ، نا محمد بن بشر ، نا عبيد الله ، عن سعيد ، عن أبي هريرة ـ مثله.

* * *

__________________

ـ وكتاب المناقب باب قول الله تعالى : [١٣ الحجرات] : «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم» (رقم ٣٤٩٠) ، وأخرجه مسلم في صحيحه : كتاب الفضائل ، باب من فضائل يوسف ـ عليه‌السلام (رقم ٢٣٧٨ / ١٦٨) كلاهما من طريق عبيد الله بن عمر ، عن سعيد المقبري ، عن أبيه.

انظر : تحفة الأشراف للمزي (رقم ١٤٣٠٧).

(٢٧٠) ـ أخرجه البخاري في صحيحه : كتاب أحاديث الأنبياء ، باب «أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت» إلى قوله ـ ونحن له مسلمون» (رقم ٣٣٧٤) ، وباب قول الله تعالى : (لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ) (٣٣٨٣) وكتاب التفسير ، باب (لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ) (رقم ٤٦٨٩).

انظر : تحفة الأشراف للمزي (رقم ١٢٩٨٧).

٥٩٨

[١٩١] قوله تعالى :

(فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعانُ

عَلى ما تَصِفُونَ) [١٨]

[٢٧١] ـ أنا أبو داود ـ سليمان بن سيف ـ نا يعقوب بن إبراهيم ، نا أبي ، عن صالح ، عن ابن شهاب ، قال : حدثني عروة بن الزّبير ، وسعيد بن المسيّب ، وعلقمة بن وقّاص ، وعبيد الله بن عبد الله ،

__________________

(٢٧١) ـ أخرجه البخاري في صحيحه : كتاب الشهادات ، باب إذا عدّل رجل رجلا فقال : لا نعلم إلا خيرا ، أو ما علمت إلا خيرا (رقم ٢٦٣٧) وباب تعديل النساء بعضهن بعضا (رقم ٢٦٦١) ، وكتاب الجهاد ، باب حمل الرجل امرأته في الغزو دون بعض نسائه (رقم ٢٨٧٩) ، وكتاب المغازي ، باب ١٢ ، (رقم ٤٠٢٥) وباب حديث الإفك (رقم ٤١٤١) وكتاب التفسير ، باب «قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل» (رقم ٤٦٩٠) وباب «لو لا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم» (رقم ٤٧٥٠) وكتاب الأيمان والنذور ، باب قول الرجل : لعمر الله (رقم ٦٦٦٢) وباب اليمين فيما لا يملك وفي المعصية وفي الغضب (رقم ٦٦٧٩) وكتاب الاعتصام بالكتاب والسنة ، باب قوله تعالى : «وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ» «وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ» (رقم ٧٣٦٩) وكتاب التوحيد ، باب قول الله تعالى : (يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ) (رقم ٧٥٠٠) وباب قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : الماهر بالقرآن مع سفرة الكرام البررة ، وزينوا القرآن بأصواتكم (رقم ٧٥٤٥) وأخرجه مسلم في صحيحه : كتاب التوبة ، باب في حديث الإفك وقبول توبة القاذف (رقم ٢٧٧٠ / ٥٦ ، ٥٧) ، وذكره الترمذي في جامعه تعليقا كتاب تفسير القرآن ، باب ومن سورة النور (رقم ٣١٨٠) ، وعزاه المزي للبخاري في صحيحه : كتاب الشهادات ، باب إذا عدّل رجل رجلا فقال : لا نعلم إلا خيرا ، ـ

٥٩٩

عن عائشة زوج النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين قال أهل الإفك ما قالوا فبرّأها الله منه.

قال : وكلّهم حدّثني طائفة من حديثها ، وبعضهم كان أوعى لحديثها من بعض وأثبت له اقتصاصا ، وقد وعيت عن كلّ رجل منهم الحديث الّذي حدّثني عن عائشة ، وبعض حديثهم يصدّق بعضا ، وإن كان بعضهم أوعى له من بعض.

قالت : دخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فسلّم ثمّ جلس فتشهّد (١) حين جلس ، ثمّ قال : «أمّا بعد يا عائشة ، فإنّه قد بلغني عنك كذا وكذا فإن كنت بريئة فسيبرّئك الله ، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله ، وتوبى إليه ، فإنّ العبد إذا اعترف بذنبه ثمّ تاب ، تاب الله عليه» فقلت

__________________

(١) في الأصل بعد هذه الكلمة : با وهي إقحام من الناسخ لا معنى له.

__________________

ـ أو ما علمت إلا خيرا (٢٦٣٧ تعليقا) وأخرجه النسائي في سننه الكبرى : كتاب عشرة النساء ، باب قرعة الرجل بين نسائه إذا أراد السفر (وفيه حديث الإفك) (رقم ٤٥) ـ كلهم من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب ـ به وسيأتي (رقم ٣٨٠)

انظر : تحفة الأشراف للمزي (رقم ١٦١٢٦).

قوله : اقتصاصا يقال : قصصت الرؤيا على فلان إذا أخبرته بها ، والقص : البيان.

قوله : رام أي برح مكانه.

٦٠٠