تفسير النسائي - ج ١

أبي عبدالرحمن ابن شعيب بن علي النسائي

تفسير النسائي - ج ١

المؤلف:

أبي عبدالرحمن ابن شعيب بن علي النسائي


المحقق: صبري بن عبدالخالق الشافعي وسيّد بن عبّاس الجليمي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة الكتب الثقافية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٨٧
الجزء ١ الجزء ٢

[٤١] قوله تعالى :

(وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً) [٢٣٤]

[٦٣] ـ أنا محمّد بن عبد الأعلى ، أنا خالد ـ يعني ابن الحارث ، أنا ابن عون ، عن محمّد قال : لقيت مالكا (١) فقلت : [كيف](*) كان ابن مسعود يقول في شأن سبيعة ، قال : [قال](*) أتجعلون عليها التّغليظ ، ولا تجعلون لها الرّخصة ، لأنزلت سورة النّساء القصرى بعد الطّولى.

__________________

(١) في الأصل «ملكا» والتصحيح من المجتبى للمصنف.

(*) سقطت من الأصل واستدركناها من المجتبى للمنصف.

__________________

(٦٣) ـ * أخرجه البخاري في صحيحه : (رقم ٤٥٣٢) كتاب التفسير ، باب والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا ... ـ إلى قوله ـ بما تعملون خبير و (رقم ٤٩١٠) معلقا كتاب التفسير ، باب وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ... إلى قوله ـ يجعل له من أمره يسرا كلاهما بأطول من هذه الرواية.

وأخرجه المصنف في المجتبى : (رقم ٣٥٢١) كتاب الطلاق ، باب عدة الحامل المتوفى عنها زوجها أيضا بأطول من هذه الرواية ، كلاهما من طريق محمد عن مالك بن عامر أبو عطية الهمداني ـ به ، انظر تحفة الأشراف (٩٥٤٤). محمد في الإسناد هو ابن سيرين ، ومالك هو ابن عامر أبو عطية الهمداني.

وقد جاء هذا الأثر من غير وجه عن ابن مسعود ، بألفاظ متقاربة ، وانظر ما يأتي (رقم ٦٢٤).

والخبر أخرجه الطبري في تفسيره (٢٨ / ٩٢) ، وعبد الرزاق في المصنف (رقم ـ

٢٦١

[٦٤] ـ أنا محمّد بن سلمة ، أنا ابن القاسم ، عن مالك ، عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة ، عن عمّته زينب بنت كعب بن عجرة ، أنّ الفريعة بنت مالك بن سنان ـ وهي أخت أبي سعيد الخدريّ ، أخبرتها أنّها جاءت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم تسأله أترجع إلى أهلها بني خدرة ، فإنّ زوجها خرج في طلب أعبد له أبقوا حتّى إذا كانوا في طرف القدوم لحقهم فقتلوه ، قالت : [فسألت](١)

__________________

(١) زيادة من الموطأ.

__________________

ـ ١١٧١٥) ، والطبراني في الكبير (رقم ٩٦٤٦) ، والبيهقي في سننه (٧ / ٤٣٠) ، وغيرهم من طريق ابن سيرين عن مالك أبي عطية ـ به.

وزاد السيوطي نسبته في الدر المنثور (٦ / ٢٣٦) لعبد بن حميد وابن مردويه عن ابن مسعود.

ومعني قول ابن مسعود كما جاء مفسرا في الروايات الأخرى : أن آية وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن التي في سورة الطلاق ، أنزلت بعد آية البقرة (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) ، ومعنى هذا أن المتوفي عنها زوجها تعتد بأقرب الأجلين ، ويعني ابن مسعود : إن كان هناك نسخ ، فالمتأخر هو الناسخ ، وإلّا فالتحقيق أن لا نسخ هناك ، بل عموم آية البقرة مخصوص بآية الطلاق.

(٦٤) ـ حسن صحيح * أخرجه أبو داود في سننه (رقم ٢٣٠٠) : كتاب الطلاق ، باب في المتوفى عنها تنتقل ، والترمذي في جامعه (رقم ١٢٠٤) : باب ما جاء أين تعتد المتوفى عنها زوجها. وصححه ، وأخرجه المصنف في المجتبى (رقم ٣٥٢٨ ، ٣٥٢٩ ، ٣٥٩٠) : كتاب الطلاق ، باب مقام المتوفى عنها زوجها في بيتها حتى تحل ، و (رقم ٣٥٣٢) عدة المتوفى عنها زوجها من يوم

٢٦٢

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن أرجع إلى أهلي ، فإنّ زوجي لم يتركني في مسكن يملكه ولا نفقة ، قالت : فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «نعم» ، فخرجت حتّى إذا كنت في الحجرة ، أو في المسجد دعاني أو أمر بي ، فدعيت ، فقال : «كيف قلت؟» قالت : فرددت عليه ، فقال :

«امكثي في بيتك حتّى يبلغ الكتاب / أجله» فاعتددت أربعة أشهر وعشرا ، فلمّا كان عثمان أرسل إليّ فأخبرته ، فاتّبعه ، وقضى به.

__________________

ـ يأتيها الخبر ، وأخرجه ابن ماجه في سننه (رقم ٢٠٣١) : كتاب الطلاق ، باب أين تعتد المتوفى عنها زوجها ، من طريق كلهم من سعد بن إسحاق عن عمته زينب بنت كعب ـ به ، وانظر تحفة الأشراف (رقم ١٨٠٤٥).

وإسناده قوي ، فرجاله ثقات كلهم ، ومداره على سعد ، عن عمته ، عن الفريعة رضي الله عنها ، وسعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة ثقة ولا يضره قول ابن حزم فيه أنه غير مشهور العدالة ، ومرة يقول مضطرب في اسمه غير مشهور الحال [المحلى (٣ / ٢٧٣ ، ٤ / ١٣٨ ، ١٠ / ٣٠٢)] فقد وثقه ابن معين والنسائي والدارقطني وابن حبان والعجلي وابن سعد وصالح جزرة ، وقال أبو حاتم : «صالح» وقال ابن عبد البر : «ثقة لا يختلف فيه».

أما «زينب بنت كعب بن عجرة» فقد اختلف في صحبتها : فذكرها أبو إسحاق بن فتحون في الصحابة ، كما ذكره ابن حجر في الإصابة (٤ / ٣١٨) ، وذكرها ابن عبد البر في الاستيعاب (٤ / ٣٢٢) بهامش الإصابة ؛ وذكر عن ابن إسحاق حديثا صرّحت فيه بالسماع من النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قلت : وهو خطأ من الرواة ـ والله أعلم ـ أو وهم ، فقد روى هذا الحديث أحمد (٣ / ٨٦) ، ومن طريقه الحاكم في المستدرك (٣ / ١٣٤) وصححه وأقره الذهبي ، من طريق ابن إسحاق حدثني عبد الله بن عبد الرحمن أبو طوالة عن سليمان ابن محمد بن كعب بن عجرة عن عمته زينب بنت كعب عن أبي سعيد فذكره وفيه : فقام : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فينا خطيبا

٢٦٣

__________________

فسمعته يقول : «أيها الناس لا تشكوا عليا ... الحديث». وسنده حسن إلى زينب ، والصواب إثبات أبي سعيد وهو الذي صرح بالسماع ، وكذا عزاه في كنز العمال (رقم ٣٣٠١٤) وزاد نسبته للضياء في «المختارة» ، وفي جمع الجوامع ، ومجمع الزوائد للهيثمي (٩ / ١٢٩) وكلهم جعلوه من مسند أبي سعيد الخدري ، فليس هناك دليل صريح يثبت صحبتها وإن كانت صحبتها محتملة ، فهي زوجة الصحابي الجليل أبي سعيد الخدري ووالدها الصحابي الجليل كعب بن عجرة ، وقد ذكرها ابن حبان في الثقات (٤ / ٢٧١) وقال : «لها صحبة» ، وقد روى عنها ثقتان هما : سعد بن إسحاق ـ وقد سبق ذكره ـ ، وسليمان بن محمد بن كعب بن عجرة وهو ابن أخيها أيضا وقد وثقه أبو زرعة كما في الجرح والتعديل (٤ / ١٣٨) وذكره ابن حبان في الثقات (٦ / ٣٩١) ، وذكر ابن حجر في التهذيب أن ابن الأثير ذكرها في الصحابة ولم أرها في «أسد الغابة في معرفة الصحابة» ، والله أعلم ، وقال عنها الحافظ في التقريب : «مقبولة» يعني عند المتابعة.

* وجملة القول : أنها إن صحت صحبتها ، فلا خلاف في صحة الحديث ، وإلّا فلا يقل عن رتبة الحسن ، وقد صحح حديثها هذا غير واحد من الأئمة كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

وحديث الفريعة ـ رضي الله عنها ـ قد أخرجه أيضا الشافعي في الرسالة : فقرة (رقم ١٢١٤) وفي الأم (٥ / ٢٠٨ ـ ٢٠٩) ، ومالك (٢ / ٥٩١) ، وأحمد (٦ / ٣٧٠ ، ٤٢٠) ، وعبد الرزاق في مصنفه (من رقم ١٢٠٧٣ ـ ١٢٠٧٦) ، ومحمد بن الحسن في موطئه (رقم ٥٩٣) ، وسعيد بن منصور (رقم ١٣٦٥) ، وابن أبي شيبة في مصنفه (٥ / ١٨٤ ـ ١٨٥) ، وابن سعد (٨ / ٢٦٧ ، ٢٦٨) ، والطبري في تفسيره (٢ / ٣١٩) ، والطيالسي (رقم ١٦٦٤) ، والدارمي (٢ / ١٦٨) ، وابن الجارود في المنتقى (رقم ٧٥٩) ، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (٣ / ٧٧) ، والطبراني في الكبير (ج ٢٤ / من رقم ١٠٧٤ ـ ١٠٩١) ، وابن حبان في صحيحه (رقم ١٣٣١ ، ١٣٣٢ ـ موارد) ، والحاكم في ـ

٢٦٤

__________________

المستدرك (٢ / ٢٠٨) وصححه وأقره الذهبي ، والتنوخي في «الفوائد العوالي» بتخريج الصوري (رقم ١) ، والبيهقي في سننه (٧ / ٤٣٤ ، ٤٣٥) ، والبغوي في شرح السنة (رقم ٢٣٨٦) ، وابن حزم في المحلى (١٠ / ٣٠١) ، وابن الأثير في «أسد الغابة» (رقم ٧١٩٨) ، والذهبي في «سير أعلام النبلاء» (٨ / ١٠٣ ، ١٠٤) ، من طرق ، كلهم عن سعيد بن إسحاق عن عمته عن الفريعة رضي الله عنها. وزاد الزيلعي في نصف الراية (٣ / ٢٦٣) نسبته لإسحاق بن راهويه وأبي يعلى الموصلي.

ونقل الحاكم تصحيحه عن محمد بن يحيى الذهلي ، وصححه ابن القطان كما في نصب الراية (٣ / ٢٦٤) وفي التلخيص (٣ / ٢٤٠) ، وكذا صححه ابن القيم كما في زاد المعاد (٥ / ٦٧٩ ـ ٦٨١) ورد على ابن حزم ، ونقل قول ابن عبد البر بأنه حديث مشهور عند أهل الحجاز.

قوله «في طلب أعبد له أبقوا» : أي في طلب أعبد (جمع عبد) يملكهم ، وقد فرّوا وهربوا.

قوله «طرف القدوم» : بفتح القاف وضم الدال مع تخفيفها أو تشديدها ، وهو موضع على ستة أميال من المدينة.

٢٦٥

[٤٢] قوله جلّ ثناؤه :

(حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) [٢٣٨]

[٦٥] ـ أنا إسحاق بن إبراهيم ، أنا عيسى ، عن الأعمش ، عن مسلم ، عن شتير بن شكل ، عن عليّ عليه‌السلام (١) قال : شغلوا النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن صلاة العصر حتّى صلّاها بين صلاتي العشاء ، فقال : «شغلونا عن صلاة الوسطى ، ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا».

__________________

(١) هكذا بالأصل ، ولعله من تصرف الناسخ ، وقد قال الحافظ ابن كثير في تفسيره (٣ / ٥١٧ ـ ٥١٨): «قال الجمهور من العلماء لا يجوز إفراد غير الأنبياء بالصلاة لأن هذا قد صار شعار الأنبياء إذا ذكروا ، فلا يلحق بهم غيرهم ... وإن كان المعنى صحيحا ، كما لا يقال محمد عزوجل ، وإن كان عزيزا جليلا ، لأن هذا من شعار ذكر الله عزوجل ...» ثم قال : «وأمّا السّلام ؛ فقال الشيخ أبو محمد الجويني من أصحابنا هو في معنى الصلاة فلا يستعمل في الغائب ، ولا يفرد به غير الأنبياء ...». ثم قال : «وقد غلب هذا في عبارة كثير من النسّاخ للكتب ، أن يفرد عليّا رضي الله عنه بأن يقال عليه‌السلام من دون سائر الصحابة ، أو كرم الله وجهه ؛ وهذا إن كان معناه صحيحا ، لكن ينبغي أن يسوّى بين الصحابة في ذلك ، فإن هذا من باب التعظيم والتكريم ، فالشيخان وأمير المؤمنين عثمان أولى بذلك منه ، رضي الله عنهم أجمعين» أ. ه.

وقد روى إسماعيل القاضي في «فضل الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم» (رقم ٧٥ ، ٧٦) النهي عن ذلك من قول ابن عباس ، وعمر بن عبد العزيز ، فليراجعه من شاء.

__________________

(٦٥) ـ أخرجه مسلم في صحيحه (٦٢٧ / ٢٠٥) : كتاب المساجد ومواضع الصلاة ، باب الدليل لمن قال الصلاة الوسطى هي صلاة العصر ، وأخرجه المصنف في الكبرى الصلاة (٢٩ ب ـ مخطوط الأزهرية) ، كلاهما من طريق الأعمش عن أبي الضحى مسلم بن صبيح عن شتير بن شكل ـ به ، وانظر تحفة الأشراف (رقم ـ

٢٦٦

__________________

١٠١٢٣). وللحديث طرق كثيرة عن علي رضي الله عنه يأتي بعضها إن شاء الله تعالى.

والحديث أخرجه أحمد (١ / ٨١ ـ ٨٢ ، ١١٣ ، ١٢٦ ، ١٤٦ ، ١٥١) ، وعبد الرزاق في المصنف (رقم ٢١٩٤) ، والطبري في تفسيره (٢ / ٣٤٥) ، وأبو يعلى (رقم ٣٨٩ ، ٣٩١ ، ٣٩٢) ، وابن خزيمة (رقم ١٣٣٧) ، والبيهقي في سننه (١ / ٤٦٠) ، وغيرهم كلهم من طريق الأعمش عن أبي الضحى ـ به ، وعند أبي يعلى (٣٨٩) الأعمش ومنصور.

وزاد نسبته في الدرّ (١ / ٣٠٣) لابن أبي شيبة وعبد بن حميد.

وأخرجه البخاري في صحيحه (رقم ٢٩٣١) ، ومسلم (٦٢٧ / ٢٠٢) ، وأبو داود (رقم ٤٠٩) ، والترمذي (رقم ٢٩٨٤) وصححه ، والنسائي في المجتبى (رقم ٤٧٣) ، وأحمد (١ / ٧٩ ، ١٢٢ ، ١٣٥ ، ١٣٧ ، ١٤٤ ، ١٥٢ ، ١٥٣ ، ١٥٤) ، والطبري (٢ / ٣٤٥) ، والدارمي (١ / ٢٨٠) ، وأبو يعلى (رقم ٣٨٤ ، ٣٨٥ ، ٣٩٠ ، ٣٩٣ ، ٦٢١) ، وعبد بن حميد (رقم ٧٧ ـ منتخب) ، وابن خزيمة (رقم ١٣٣٥) ، وابن الجارود (رقم ١٥٧) ، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (١ / ١٧٤) ، وعبد الرزاق في مصنفه (رقم ٢١٩٢) ، والبيهقي في سننه (١ / ٤٥٩ ـ ٤٦٠) ، والبغوي في تفسيره (١ / ٢٢٠) وفي شرح السنة (رقم ٣٨٧ ، ٣٨٨) ، وغيرهم من طرق عن عبيدة عن علي رضي الله عنه ـ به ، وقد وقع التصريح بأنها (صلاة العصر) عند البخاري (رقم ٦٣٩٦) ، وأبي داود (رقم ٤٠٩) ، وغيرهما كما يعلم من التخريج السابق ، خلافا لقول الحافظ في تخريج أحاديث الكشاف : أن الحديث في الكتب الستة دون قوله (صلاة العصر) فعند مسلم في صحيحه.

وأخرجه ابن ماجه في سننه (رقم ٦٨٤) ، والطيالسي (رقم ١٦٤) ، وابن خزيمة (رقم ١٣٣٦) ، وأبو يعلى (رقم ٣٨٦ ، ٣٨٧) ، وأحمد (١ / ١٥٠) ،

٢٦٧

__________________

والطحاوي (١ / ١٧٣) ، وابن حبان (رقم ١٧٤٥ ـ الإحسان) ، كلهم من طريق عاصم عن زرّ عن علي ـ به.

وقد جاء الحديث أيضا من طريق يحيى بن الجزار وغيره عن علي رضي الله عنه.

وللحديث شاهد : أخرجه مسلم (٦٢٨ / ٢٠٦) ، والترمذي (رقم ١٨١ ، ٢٩٨٥) وصححه ، وابن ماجه (رقم ٦٨٦) ، والطبري (٢ / ٣٤٤ ، ٣٤٥) ، والطيالسي (رقم ٣٦٦) ، وأحمد (١ / ٣٩٢ ، ٤٠٣ ـ ٤٠٤ ، ٤٥٦) ، والطحاوي (١ / ١٧٤) ، وابن حبان (رقم ١٧٤٦ ـ الإحسان) ، والبيهقي في سننه (١ / ٤٦٠) ، وغيرهم من حديث ابن مسعود ، وانظر الدرّ (١ / ٣٠٣ ـ ٣٠٥). وله شواهد كثيرة وفيها أن الصلاة الوسطى هي صلاة العصر. وقد نقل الحافظ ابن كثير في تفسيره (١ / ٢٩٢) عن الحافظ الدمياطي في كتابه المسمى «بكشف الغطا في تبيين الصلاة الوسطى» : وقد نص فيه أنها العصر ، وحكاه عن عمر وعلي وابن مسعود وأبي أيوب وعبد الله عمرو وسمرة بن جندب وأبي هريرة وأبيّ وحفصة وأم حبيبة وأم سلمة ، وعن ابن عمر وابن عباس وعائشة على الصحيح عنهم. وبه قال عبيدة ، وإبراهيم النخعي ورزين ، وزرّ بن حبيش ، وسعيد بن جبير ، وابن سيرين والحسن وقتادة والضحاك والكلبي ومقاتل وعبيد بن مريم وغيرهم. وهو مذهب أحمد بن حنبل ، قال القاضي الماوردي : والشافعي ، قال ابن المنذر : وهو الصحيح عن أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد ، واختاره ابن حبيب المالكي رحمهم‌الله.

٢٦٨

[٦٦] ـ أنا قتيبة بن سعيد ، عن مالك ، والحارث بن مسكين ـ قراءة عليه ، وأنا أسمع ، عن ابن القاسم قال : حدّث مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن القعقاع بن حكيم ، عن أبي يونس ـ مولى عائشة زوج النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أنّه قال :

__________________

(٦٦) ـ * أخرجه مسلم في صحيحه : (رقم ٦٢٩ / ٢٠٧) كتاب المساجد ومواضع الصلاة ، باب الدليل لمن قال الصلاة الوسطى هي صلاة العصر.

* وأخرجه أبو داود في سننه : (رقم ٤١٠) كتاب الصلاة ، باب في وقت صلاة العصر.

* وأخرجه الترمذي في جامعه : (رقم ٢٩٨٢) كتاب تفسير القرآن ، باب ومن سورة البقرة.

* وأخرجه المصنف في المجتبى : (رقم ٤٧٢) كتاب الصلاة ، باب المحافظة على صلاة العصر ، من طرق كلهم عن مالك عن زيد بن أسلم ، عن القعقاع بن حكيم ، عن أبي يونس ـ به ، انظر تحفة الأشراف (١٧٨٠٩) ، وقال الترمذي : «هذا حديث حسن صحيح».

وأخرجه أيضا مالك في الموطأ (١ / ١٣٨ ـ ١٣٩) ، وأحمد (٦ / ٧٣ ، ١٧٨) ، وابن جرير الطبري (٢ / ٣٤٩) ، والطحاوي في «معاني الآثار» (١ / ١٧٢) ، وابن أبي داود في «المصاحف» (ص ٨٤) ، والبيهقي (١ / ٤٦٢) ، والبغوي في تفسيره (١ / ٢٢٠) ، وغيرهم من طريق زيد بن أسلم ـ به.

وعند الطبري قال بلغه عن أبي يونس ، لم يذكر القعقاع ، وزاد السيوطي في الدرّ (١ / ٣٠٢) نسبته لعبد بن حميد ، وابن الأنباري في المصاحف عن أم المؤمنين عائشة ـ به.

وللحديث شاهد من حديث أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها :

٢٦٩

أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفا ، وقالت : إذا بلغت هذه الآية ، فآذنّي (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) ـ فلمّا بلغتها آذنتها فأملت عليّ : حافظوا على الصّلوات ، والصّلاة الوسطى ، وصلاة العصر ، وقوموا لله قانتين ، ثمّ قالت : سمعتها من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

* * *

__________________

وقد أخرجه ابن جرير (٢ / ٣٤٤ ، ٣٤٨ ، ٣٤٨ ـ ٣٤٩ ، ٣٤٩) ومالك (١ / ١٣٩) ، وابن أبي داود (ص ٨٥ ، ٨٦ ، ٨٧) ، وابن حبان في صحيحه [(رقم ١٧٢٢ ـ موارد) ، (٨ / ٧٨ رقم ٦٢٨٩ ـ الإحسان)] ، والطحاوي في «شرح المعاني» (١ / ١٧٢ ، ١٧٣) ، والبيهقي في سننه (١ / ٤٦٢ ، ٤٦٣) ، وغيرهم. وذكره الحافظ في «المطالب العالية» (رقم ٣٥٥٠) وعزاه لأبي يعلى ، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٦ / ٣٢٠) وقال : «رواه أبو يعلى ورجاله ثقات».

وزاد نسبته في الدرّ (١ / ٣٠٢) لعبد الرزاق والبخاري في تاريخه وأبي عبيد وعبد بن حميد وابن الأنباري في المصاحف ، عن حفصة ـ به.

وفي الباب عن أم سلمة رضي الله عنها.

قولها «فآذنّي» : أي فأعلمني.

٢٧٠

[٤٣] قوله جلّ ثناؤه :

(وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) [٢٣٨]

[٦٧] ـ أنا سويد (١) بن نصر ، أنا عبد الله ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن الحرث ـ وهو ابن شبيل عن أبي عمرو الشّيبانيّ ،

عن زيد بن أرقم قال : كنّا في عهد النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم يكلّم أحدنا صاحبه في الصّلاة في حاجته حتّى نزلت هذه الآية (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) فأمرنا حينئذ بالسّكوت.

__________________

(١) في الأصل : سوار. وهو تحريف.

__________________

(٦٧) ـ * أخرجه البخاري في صحيحه : (رقم ١٢٠٠) كتاب العمل في الصلاة ، باب ما ينهى من الكلام في الصلاة و (رقم ٤٥٣٤) كتاب التفسير ، باب وقوموا للّه قانتين.

* وأخرجه مسلم في صحيحه : (رقم ٥٣٩ / ٣٥) كتاب المساجد ومواضع الصلاة ، باب تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان من إباحته.

* وأخرجه أبو داود في سننه : (رقم ٩٤٩) كتاب الصلاة ، باب النهي عن الكلام في الصلاة.

وأخرجه الترمذي في جامعه : (رقم ٤٠٥) كتاب الصلاة ، باب ما جاء في نسخ الكلام في الصلاة ، و (رقم ٢٩٨٦) كتاب تفسير القرآن ، باب ومن سورة البقرة.

وأخرجه المصنف في المجتبي : (رقم ١٢١٩) كتاب السهو ، الكلام في

٢٧١

__________________

الصلاة. ، من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن الحارث بن شبيل ـ به ، انظر تحفة الأشراف (٣٦٦١) ، وقال الترمذي : «حديث حسن صحيح» ، ولم يرو ابن ماجه هذا الحديث.

وأخرجه أيضا أحمد (٤ / ٣٦٨) ، والبخاري في تاريخه (١ / ٢ / ٢٦٩) ، وابن جرير (٢ / ٣٥٤) ، وعبد بن حميد (رقم ٢٦٠ ـ منتخب) ، وابن خزيمة (رقم ٨٥٦ ، ٨٥٧) ، وأبو عوانة (٢ / ١٣٩) ، والطبراني في الكبير (رقم ٥٠٦٢ ، ٥٠٦٣ ، ٥٠٦٤) ، والطحاوى في «معاني الآثار» (١ / ١٧٠) ، وابن حبان (رقم ٢٢٤٥ ، ٢٢٤٦ ، ٢٢٥٠ ـ الإحسان) ، والخطابي في «غريب الحديث» (١ / ٦٩١) ، وأبو جعفر النحاس في «معاني القرآن» (١ / ٢٤٠ ـ ٢٤١) وفي «الناسخ والمنسوخ» (ص ١٩) ، والبيهقي في سننه (٢ / ٢٤٨) ، والبغوي في تفسيره (١ / ٢٢١) وفي شرح السنة (رقم ٧٢٢) ، وغيرهم من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد عن الحارث ـ به.

وزاد السيوطي نسبته في الدرّ (١ / ٣٠٥ ـ ٣٠٦) لوكيع وابن المنذر وابن أبي حاتم عن زيد بن أرقم ـ به. وللحديث شواهد عن جمع من الصحابة ، ولا مجال لتخريجها ، وانظر الدر المنثور.

[تنبيه] : قال الحافظ ابن كثير في تفسيره (١ / ٢٩٥ ، ٢٩٦) : «وقد أشكل هذا الحديث على جماعة من العلماء حيث ثبت عندهم أن تحريم الكلام في الصلاة كان بمكة قبل الهجرة إلى المدينة ، وبعد الهجرة إلى أرض الحبشة ، كما دلّ على ذلك حديث ابن مسعود الذي في الصحيح قال : كنا نسلم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قبل أن نهاجر إلى الحبشة وهو في الصلاة ، فيردّ علينا ، قال : فلما قدمنا ؛ سلمت عليه ، فلم يردّ علىّ ، فأخذني ما قرب وما بعد ، فلما سلّم قال : «إني لم أردّ عليك إلّا أني كنت في الصلاة ، وإن الله يحدث من أمره ما شاء ، وإن مما أحدث أن لا تكلموا في الصلاة». وقد كان ابن مسعود ممن أسلم قديما وهاجر إلى الحبشة ، ثم قدم منها إلى مكة مع من قدم ، فهاجر إلى المدينة ، وهذه الآية (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ)

٢٧٢

[٤٤] قوله تعالى :

(لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ) [٢٥٦]

[٦٨] ـ أنا إبراهيم بن يونس بن محمّد ، أنا عثمان بن عمر ، أنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن حبير ، عن ابن عبّاس قال : كانت المرأة من الأنصار لا يكون لها ولد / تجعل على نفسها لئن (١) كان لها ولد لتهوّدنّه ، فلمّا أسلمت الأنصار ، قالوا : كيف نصنع بأبنائنا؟ فنزلت هذه الآية (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ).

__________________

(١) غير واضحة بالأصل.

__________________

مدنية بلا خلاف ، فقال قائلون : إنما أراد زيد بن أرقم بقوله : كان الرجل يكلم أخاه في حاجته في الصلاة ؛ الإخبار عن جنس الكلام ، واستدل على تحريم ذلك بهذه الآية بحسب ما فهمه منها واللّه أعلم ، وقال آخرون : إنما أراد أن ذلك قد وقع بالمدينة بعد الهجرة إليها ، ويكون ذلك قد أبيح مرتين وحرّم مرتين ، كما اختار ذلك قوم من أصحابنا وغيرهم ، والأول أظهر ، واللّه أعلم. أ. ه.

وجمع البعض بأن نسخ الكلام كان بمكة ، وإنما لم يبلغهم ذلك إلا بعد عودتهم من الهجرة الثانية من الحبشة إلى المدينة ، وكان معهم ابن مسعود ، وحمل البعض حديث زيد على أنه وقومه لم يبلغهم النسخ ، وقالوا لا مانع أن يتقدم الحكم ثم تنزل الآية بوفقه ، يعني أن النسخ كان بالسّنة ثم نزل القرآن بوفقه. ومن شاء البسط ، فليراجع : فتح الباري (٣ / ٧٤) ، شرح معاني الآثار للطحاوي (١ / ٤٥٠ ـ ٤٥٢) ، وأقوال الحافظ ابن حبان في صحيحه (انظر الإحسان).

(٦٨) ـ صحيح * أخرجه أبو داود في سننه (رقم ٢٦٨٢) : كتاب الجهاد ،

٢٧٣

__________________

باب في الأسير يكره على الإسلام ، من طرق عن شعبة عن أبي بشر ـ به ، وسيأتي (رقم ٦٩) من وجه آخر عن شعبة ، وانظر تحفة الأشراف (رقم ٥٤٥٩). وإسناده صحيح ، شيخ المصنف هو البغدادي ، لقبه حرميّ ، وهو صدوق لا بأس به ، وقد توبع ، وعثمان بن عمر هو ابن فارس العبدي ، وأبو بشر هو جعفر بن إياس بن أبي وحشية وهو ثقة من أثبت الناس في سعيد بن جبير ، وباقي رجاله ثقات ، وقد جاء الحديث مرسلا ، والموصول محفوظ كما سنبينه إن شاء الله تعالى.

والحديث رواه الطبري في تفسيره (٣ / ١٠) ، وابن حبان في صحيحه [(رقم ١٧٢٥ ـ موارد) ، (١٤٠ ـ الإحسان)] ، والبيهقي في سننه (٩ / ١٨٦) ، وأبو جعفر النحاس في «معاني القرآن» (١ / ٢٦٦ ـ ٢٦٧) وفي ناسخه (ص ٩٨) ، والواحدي في «الأسباب» (ص ٥٨ ـ ٥٩) ، من طرق عن شعبة عن أبي بشر عن سعيد عن ابن عباس ـ به.

وقد رواه أيضا الطبري (٣ / ١٠) من طريق محمد بن جعفر ، والخطابي في «غريب الحديث» (٣ / ٨٠ ـ ٨١) ، والبيهقي في سننه (٩ / ١٨٦) من طريق أبي عوانة ، كلاهما عن شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير مرسلا.

أقول : وهذا لا ينافي الموصول ، فقد وصله جمع من الثقات هم : عثمان بن عمر ، ووهب بن جرير ، ومحمد بن إبراهيم بن أبي عدي ، وأشعث بن عبد الله السجستاني ، فهم أكثر عددا.

وقد زاد السيوطي نسبته في الدرّ (١ / ٣٢٩) لابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مندة في «غرائب شعبة» ، وابن مردويه ، والضياء في «المختارة» عن ابن عباس. وقد جاء عند الطبري (٣ / ١٠) من وجه آخر عن عكرمة أو عن سعيد عن ابن عباس نحوه ، وسنده ضعيف. وقد جاء مرسلا عن الشعبى ، ومجاهد وغيرهما.

٢٧٤

__________________

[فائدة] قد اختلف في هذه الآية (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ) هل هي محكمة أو منسوخة : ـ

فذهب قوم إلى أن الآية محكمة ، ثم اختلفوا في وجه الإحكام على قولين :

أحدهما : أنه من العام المخصوص ، وأنه خص منه أهل الكتاب ، فإنهم لا يكرهون على الإسلام بل يخيرون بينه وبين أداء الجزية.

والثاني : أن المراد (بالدين في الآية) ليس الدين ما يدين به في الظاهر على جهة الإكراه عليه ، ولم يشهد به القلب ، وينطوي عليه الضمائر ، إنما الدين هو المعتقد بالقلب.

وذهب آخرون أنها منسوخة ، لأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد أكره العرب على دين الإسلام وقاتلهم ، والناسخ قوله «يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين» ، وأن الآية (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ) نزلت قبل الأمر بالقتال ، وإلى هذا القول ذهب الكثير من المفسرين.

وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره (١ / ٣١١) : «أى لا تكرهوا أحدا على الدخول في دين الإسلام فإنه بين واضح جلي دلائله وبراهينه ، لا يحتاج إلى أن يكره أحد على الدخول فيه ، بل من هداه الله للإسلام ، وشرح صدره ، ونوّر بصيرته ؛ دخل فيه على بينه ، ومن أعمى الله قلبه ، وختم على سمعه وبصره فإنه لا يفيده الدخول في الدين مكرها مقسورا». أ. ه.

ومن شاء البسط فليطالع نواسخ القرآن لابن الجوزي (١ / ٢١٧ ـ ٢٢٠) ، وفتح القدير (١ / ٢٧٥) ، وتفسير الطبري وغيرها.

٢٧٥

[٤٥] قوله تعالى :

(قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِ) [٢٥٦]

[٦٩] ـ أنا محمّد بن بشّار ـ في حديثه ، عن ابن أبي عديّ ، عن شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس قال : كانت المرأة (١) تجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تهوّده ، فلمّا أجليت بنو النّضير كان فيهم من أبناء الأنصار ، قالوا : لا ندع أبنائنا ، فأنزل الله عزوجل (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِ).

__________________

(١) في الأصل : امرأة .. وما أثبتناه هو الصواب.

__________________

(٦٩) ـ سبق تخريجه (رقم ٦٨).

٢٧٦

[٤٦] قوله تعالى :

(وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى) [٢٦٠]

[٧٠] ـ أنا عمرو بن منصور ، نا عبد الله بن محمّد ، نا جويرية ، عن مالك بن أنس ، عن الزّهريّ أنّ سعيد بن المسيّب ، وأبا عبيد ، أخبراه عن أبي هريرة ، أنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «رحم الله إبراهيم ، نحن أحقّ بالشّك منه (قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) فذكر الآية ، ويرحم الله لوطا (١) ، كان يأوي إلى ركن شديد ، ولو لبثت في السّجن ما لبث يوسف ، ثمّ جاءني الدّاعي لأجبته».

__________________

(١) في الأصل : كتب فوقها «صح».

__________________

(٧٠) ـ أخرجه البخاري في صحيحه : (رقم ٣٣٨٧) كتاب أحاديث الأنبياء ، باب قول اللّه تعالى : لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ و (رقم ٦٩٩٢) كتاب التعبير ، باب رؤيا أهل السجون والفساد والشرك لقوله تعالى : وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ ـ إلى قوله ـ أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ ، وأخرجه مسلم في صحيحه : (رقم ١٥١ / ٢٣٨) كتاب الإيمان ، باب زيادة طمأنينة القلب بتظاهر الأدلة و (رقم ١٥١ / ١٥٢) كتاب الفضائل ، باب من فضائل إبراهيم الخليل صلّى اللّه عليه وسلّم. وسيأتي (رقم ٢٧٣) كلهم من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي عبيد سعد عن أبي هريرة ، انظر تحفة الأشراف (رقم ١٢٩٣١) ، وأخرجه أيضا الطحاوي ـ من هذا الوجه ـ في مشكل الآثار (رقم ٣٢٨ ، ٣٢٩).

وأخرجه أيضا البخاري في صحيحه (رقم ٣٣٧٢ ، ...) ، ومسلم (١٥١ /

٢٧٧

__________________

١٥٢ ، ٢٣٨ / ص ١٨٣٩ ، ١١٣) ، وابن ماجه في سننه (رقم ٤٠٢٦) ، وأحمد (٢ / ٣٢٦) ، والطبري [(٣ / ٣٤) ، (١٢ / ٥٣ ، ١٣٩)] ، والطحاوي في المشكل (رقم ٣٢٦ ، ٣٢٧) ، والبغوي في تفسيره (١ / ٢٤٧ ـ ٢٤٨) وفي شرح السنة (رقم ٦٣) ، وغيرهم كلهم من طريق يونس بن يزيد عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وسعيد بن جبير كلاهما عن أبي هريرة ـ به.

وقد أخرجه الترمذي في جامعه (رقم ٣١١٦) بأتم من هذا ـ دون قصة إبراهيم ـ وحسنه ، وسيأتي هنا (رقم ٢٧٤) ، وأخرجه أحمد (٢ / ٣٣٢ ، ٣٤٦ ، ٣٨٩) مطولا ومختصرا ، والطبري (١٢ / ٥٣ ، ١٣٩) ، والبخاري في «الأدب المفرد» (رقم ٦٠٥) ، والطحاوي في المشكل (رقم ٣٣٠) والحاكم في المستدرك (٢ / ٣٤٦ ـ ٣٤٧ ، ٥٦١ ، ٥٧٠ ـ ٥٧١) مطولا ومختصرا وصححه وأقره الذهبي ، كلهم من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة.

ولبعض أجزاء الحديث شواهد وطرق ، في مسلم وغيره ، ولا مجال لاستقصائها الآن ، وقد زاد نسبته في الدرّ (١ / ٢٣٥) لعبد بن حميد ، وابن مردويه والبيهقي في الأسماء عن أبي هريرة.

قوله «نحن أحق بالشكّ» : فيه أقوال كثيرة أحسنها ما قاله الخطابي : «ليس في قوله (نحن أحق بالشكّ من إبراهيم) اعتراف بالشكّ على نفسه ، ولا على إبراهيم ، لكن فيه نفي الشكّ عنهما بقول : إذا لم أشك أنا في قدرة الله تعالى على إحياء الموتى ، فإبراهيم أولى بأن لا يشكّ ، وقال ذلك على سبيل التواضع والهضم من النفس».

وانظر تفسير البغوي وابن كثير ، والطبري ، وقول الطحاوي في «مشكل الآثار» عقب حديث (رقم ٣٢٩) وغيره ، وابن قتيبة في «تأويل مختلف الحديث» (ص ٧٧ ـ ٧٩ / رقم ٦) ، والشوكاني في فتح القدير (١ / ٢٨١ ـ ٢٨٣).

٢٧٨

[٤٧] قوله تعالى :

(الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ) [٢٦٨]

[٧١] ـ أنا هنّاد بن السّريّ ، عن أبي الأحوص ، عن عطاء ، عن مرّة ، عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّ للشّيطان لمّة ، وللملك لمّة ، فأمّا لمّة الشّيطان فإيعاد بالشّرّ ، وتكذيب بالحقّ وأمّا لمّة الملك فإيعاد بالخير ، وتصديق بالحقّ ، فمن وجد من ذلك فليعلم أنّه من الله ، فليحمد الله ، ومن وجد (من) (١) الآخر ، فليتعوّذ من الشّيطان ، ثمّ قرأ (الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ وَاللهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً)» /

__________________

(١) سقطت من الأصل وألحقت بالحاشية وكتب فوقها «صح».

__________________

(٧١) ـ إسناد ضعيف * أخرجه الترمذي في جامعه (رقم ٢٩٨٨) : كتاب تفسير القرآن ، باب ومن سورة البقرة ، عن هناد بن السري بهذا الإسناد ، وانظر تحفة الأشراف (رقم ٩٥٥٠) ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب ... لا نعلمه مرفوعا إلا من حديث أبي الأحوص. قلت : ورجاله ثقات غير عطاء بن السائب فهو صدوق ولكنه اختلط ، وسماع أبي الأحوص سلّام بن سليم ـ الظاهر ـ أنه بعد الاختلاط ، فإنه متأخر عن شعبة والثوري ـ وقد سمعا من عطاء قبل الاختلاط ـ ، بل قد روى عن الثوري ، ولم يذكر أحد من الأئمة ـ فيما أعلم ـ أنه سمع من عطاء قبل الاختلاط ، على أنه قد خالفه غيره فروى الحديث موقوفا وهو الصحيح كما سيأتي إن شاء اللّه تعالى ، ومرّة هو ابن شراحيل ـ المعروف بالطيب ـ الهمداني ، وعبد اللّه هو ابن مسعود الصحابي الجليل رضي

٢٧٩

__________________

الله عنه وعن الصحابة أجمعين.

والحديث أخرجه الطبري في تفسيره (٣ / ٥٩) ، وأبو يعلى (رقم ٤٩٩٩) ، كلاهما عن هناد ـ به مرفوعا ، وعن أبي يعلى ؛ رواه ابن حبان في صحيحه [(رقم ٤٠ ـ موارد) ، (رقم ٩٩٧ ـ الإحسان)] ، ورواه ابن أبي حاتم عن أبي زرعة عن هنّاد ـ به ـ كما في تفسير ابن كثير (١ / ٣٢٢).

ورواه الطبري في تفسيره (٣ / ٥٩ ، ٦٠) من طريق عمرو بن قيس الملائي ، وحماد بن سلمة ، وجرير بن عبد الحميد الضّبي ـ فرّقهم ـ عن عطاء عن مرّة عن ابن مسعود ـ موقوفا.

ورواه الطبري أيضا (٣ / ٥٩) من طريق ابن علية عن عطاء عن أبي الأحوص ـ أو عن مرة ـ عن ابن مسعود موقوفا ، وأبو الأحوص هنا هو (عوف بن مالك بن نضلة) ، ومما يقوي أنه عن مرّة وأبي الأحوص ، ما ذكره ابن كثير في تفسيره (١ / ٣٢٢) أنه رواه مسعر عن عطاء عن أبي الأحوص عن ابن مسعود من قوله.

ومما يرجح أنه من قول ابن مسعود ، ما رواه عبد الرزاق في تفسيره (ص ١٦ مخطوط) ، ومن طريقه ابن جرير (٣ / ٥٩) عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن مسعود موقوفا ، وهو منقطع لأن عبيد الله لم يسمع من عم أبيه ابن مسعود.

ورواه أبو بكر بن مردويه ـ كما في تفسير ابن كثير ـ من طريق أبي ضمرة عن الزهري ـ به مرفوعا.

ورواه الطبري (٣ / ٥٩ ـ ٦٠) من طريق فطر عن المسيب بن رافع عن عامر بن عبدة عن ابن مسعود موقوفا بنحوه ، ورجال إسناده ثقات غير فطر فهو صدوق ، وشيخ الطبري (المثني بن إبراهيم الآملي) فلم أجد له ترجمة ، أما عامر بن عبدة فقد وثقه ابن معين ، والعجلي ، وابن حبان ، فالإسناد حسن لو لا جهالة حال شيخ الطبري ، ولكنه يتقوى بالطرق الأخرى الموقوفة ، وكما يلوح لنا فجميع الطرق

٢٨٠