تفسير النسائي - ج ١

أبي عبدالرحمن ابن شعيب بن علي النسائي

تفسير النسائي - ج ١

المؤلف:

أبي عبدالرحمن ابن شعيب بن علي النسائي


المحقق: صبري بن عبدالخالق الشافعي وسيّد بن عبّاس الجليمي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة الكتب الثقافية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٨٧
الجزء ١ الجزء ٢

[٢٠] قوله تعالى :

(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [١٦٤] الآية

[٣٠] ـ أنا هارون بن عبد الله ، ويوسف بن سعيد ـ واللّفظ له ، نا حجّاج ، عن ابن جريج قال : أخبرني إسماعيل بن أميّة ، عن أيّوب بن خالد ، عن عبد الله بن رافع ،

عن أبي هريرة قال : أخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بيدي ، فقال : «خلق الله التّربة يوم السّبت ، وخلق الجبال يوم الأحد ، وخلق الأشجار يوم

__________________

ـ وزاد السيوطي نسبته في الدرّ المنثور (١ / ١٥٩) لابن الأنباري في «المصاحف» ، وابن أبي حاتم بن عائشة. ـ وفي الباب عن أنس بن مالك بلفظ : «كنا نرى أنهما من أمر الجاهلية ، فلما جاء الإسلام أمسكنا عنهما ، فأنزل الله تعالى : «إن الصفا والمروة ـ إلى قوله ـ أن يطوّف بهما»» ، وقد أخرجه البخاري (رقم ١٦٤٨ ، ٤٤٩٦) ، ومسلم (١٢٧٨ / ٢٦٤) ، والترمذي (رقم ٢٩٦٦) ، والنسائي في الكبرى : كتاب الحج ـ كما في تحفة الأشراف (٩٢٩) ـ ، وابن خزيمة (رقم ٢٧٦٨) ، والطبري في تفسيره (٢ / ٢٨ ، ٢٩) ، وعبد بن حميد (رقم ١٢٢٦ ـ منتخب) ، وابن أبي داود في «المصاحف» (ص ١٠٠) ، والحاكم (٢ / ٢٧٠) وصححه ووافقه الذهبي! ، والبيهقي في سننه (٥ / ٩٧) ، وزاد نسبته في الدرّ (١ / ١٥٩) لابن أبي حاتم وابن السكن عن أنس.

وفي الباب عن ابن عباس ، وابن عمر.

(٣٠) ـ صحيح* أخرجه مسلم في صحيحه (٢٧٨٩ / ٢٧) : كتاب صفات المنافقين ، باب ابتداء الخلق وخلق آدم عليه‌السلام ، عن سريج بن يونس ـ

٢٠١

الاثنين ، وخلق المكروه يوم الثلاثاء ، وخلق النّور (١) يوم الأربعاء ، وبثّ فيها الدّوابات (٢) يوم الخميس ، وخلق آدم يوم الجمعة بعد العصر آخر الخلق آخر ساعات النّهار».

__________________

(١) كذا في الأصل وفي باقي الروايات ، وقال النووي (١٧ / ١٣٩): «وروايات ثابت بن القاسم (النون)» بالنون في آخره ، قال القاضي : وكذا رواه بعض رواة صحيح مسلم وهو الحوت ، ولا منافاة أيضا فكلاهما خلق يوم الأربعاء».

(٢) كذا في الأصل ، وفي رواية مسلم «الدوابّ».

__________________

ـ وهارون بن عبد اللّه قالا : حدثنا حجاج ـ به ، وانظر تحفة الأشراف (رقم ١٣٥٥٧). وإسناده حسن إن شاء اللّه تعالى ـ فرجاله ثقات ، وقد صرح عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج بالسماع فزالت شبهة تدليسه ، وحجاج هو ابن محمد المصيصي الأعور ، وأيوب بن خالد هو ابن صفوان الأنصاري ، ويعرف بأيوب بن خالد بن أبي أيوب الأنصاري ، وقد فرّق بينهما أبو حاتم وأبو زرعة ، وجعلهما البخاري وابن يونس ؛ واحدا ، ورجّحه الخطيب والحافظ ابن حجر في التهذيب ، وأيوب هذا : ذكره ابن حبان في الثقات (٦ / ٥٤) ونسبه لابن أبي أيوب الأنصاري ، وذكر أيوب ابن خالد بن صفوان فيه أيضا (٤ / ٢٥) فجعلهما اثنين ، وقال عنه الأزدي : تكلم فيه أهل العلم بالحديث ، وكان يحيى بن سعيد ونظراؤه لا يكتبون حديث ، وقال عنه الحافظ في التقريب : فيه لين ، وكأنه قال ذلك لقول الأزدي المذكور ، والأزدي نفسه متكلم فيه ، ولم يضعفه أحد غيره فيما أعلم ، وقد روى عنه جمع ، وأخرج له مسلم في صحيحه ، وروى الحديث ابن معين ولم يعلّه به ولا بغيره ، وكذا صنيع ابن المديني ، فهو إن شاء اللّه تعالى لا بأس به.

وسيأتي هنا (رقم ٤١٢) من طريق ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعا ما يؤيده. ـ

٢٠٢

__________________

وقد أعلّ هذا الحديث غير واحد ، وسيأتي تحقيق ذلك عقب التخريج إن شاء الله تعالى.

فالحديث رواه أيضا ابن معين في «تاريخه» رواية الدوري (ج ٣ / ص ٥٢ / رقم ٢١٠) عن هشام بن يوسف عن ابن جريج ، ومن طريق ابن معين أخرجه الدولابي في «الكنى» (١ / ١٧٥) ، وأخرجه أيضا الإمام أحمد (٢ / ٣٢٧) ، والطبري في تفسيره (٢٤ / ٥٤ ـ ٥٥ ، ٦١) وفي تاريخه (١ / ٥٦) ، وابن أبي حاتم (١ / ١٨٣) ، والبيهقي في سننه (٩ / ٣) وفي الأسماء والصفات أيضا ، والمزي في تهذيبه في ترجمة «أيوب بن خالد» ، والثقفي في «الثقفيات» ـ كما في الصحيحة (رقم ١٨٣٣) ـ ، كلهم من طريق ابن جريح عن إسماعيل بن أمية عن أيوب بن خالد عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمه عن أبي هريرة ـ به ، وقد علقه البخاري في تاريخه الكبير (١ / ١ / ٤١٣ ـ ٤١٤) في ترجمة أيوب بن خالد. وزاد السيوطي نسبته في الدرّ المنثور (١ / ٤٣) لابن المنذر ، وأبي الشيخ في «العظمة» ، وابن مردويه ، عن أبي هريرة ـ به. وهذا الحديث قد أعله غير واحد من الأئمة منهم ابن المديني والبخاري وابن جرير وابن كثير ، وتبعهم في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والمناوي وغيرهم.

وقال ابن كثير : «وهذا الحديث من غرائب صحيح مسلم ... وقد تكلم في هذا الحديث على بن المديني والبخاري والبيهقي وغيرهم من الحفاظ ، قال البخاري في التاريخ : (وقال بعضهم عن كعب ، وهو أصحّ) ، يعني أن هذا الحديث مما سمعه أبو هريرة وتلقاه من كعب الأحبار ، فإنهما كانا يصطحبان ، ويتجالسان للحديث ، فهذا يحدثه عن صحفه ، وهذا يحدثه بما يصدقه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فكان هذا الحديث مما تلقاه أبو هريرة عن كعب عن صحفه ، فوهم بعض الرواة فجعله مرفوعا إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأكد رفعه بقوله : «أخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بيدي» ، ثم في متنه غرابة شديدة ، فمن ذلك أنه ليس فيه ذكر خلق السموات ، وفيه ذكر خلق ـ

٢٠٣

__________________

الأرض وما فيها في سبعة أيام ، وهذا خلاف القرآن ؛ لأن الأرض خلقت في أربعة أيام ، ثم خلقت السموات في يومين من دخان ...» ، وانظر قول ابن كثير ـ رحمه‌الله ـ في البداية (١ / ١٧) وفي مواضع من تفسيره [(١ / ٦٩ ـ ٧٠ / البقرة : ٢٩) ، (٢ / ٢٢١ / الأعراف : ٥٤) ، (٣ / ٤٥٨ / السجدة : ٤ ، ٥) ، (٤ / ٩٥ / فصلت : ١٢)].

وقد يحتجّ لقول البخاري ؛ بما رواه مسلم في التمييز (رقم ١٠) بسند صحيح عن بسر بن سعيد قال : «اتقوا الله وتحفّظوا من الحديث ، فو الله لقد رأيتنا نجالس أبا هريرة فيحدّث عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ويحدّثنا عن كعب الأحبار ثم يقوم ، فأسمع بعض ما كان معنا يجعل حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن كعب ، وحديث كعب عن رسول الله وتحفّظوا في الحديث». هكذا أورده ابن كثير في البداية (٨ / ١٠٩) ، والذهبي في «سير أعلام النبلاء» (٢ / ٦٠٦) ، وهو في تاريخ ابن عساكر.

والجواب عن هذا ما ذكره العلامة عبد الرحمن المعلّمي في «الأنوار الكاشفة» (ص ١٦٣) قال : «إنما يقع مثل هذا ممن يحضر المجلس من ضعفاء الضبط ومن لا عناية له بالعلم ، ومثل هؤلاء لا يوثقهم الأئمة ولا يحتجون بأخبارهم ولا بد أن يتنبهوا لغلطهم ، وعلى كل حال فلا ذنب لأبي هريرة في هذا».

* وأما ما ذكره البيهقي في «الأسماء والصفات» عن ابن المديني بأنه يرى أنّ إسماعيل بن أمية (الراوي عن أيوب بن خالد) إنما أخذه عن إبراهيم بن أبي يحيى ـ متروك ـ عن أيوب ـ به.

والجواب : أن إسماعيل بن أمية ثقة ثبت ولا يعرف بالتدليس في الرواية ، وإنما الرواية التى فيها (ابن أبي يحيى) رواها الحاكم في «معرفة علوم الحديث» (ص ٣٣ ـ ٣٤) في النوع الثامن من المسلسل ... وفيه شبّك بيدي إبراهيم بن أبي يحيى ، وقال إبراهيم : شبّك بيدي صفوان بن سليم ، وقال صفوان : شبّك بيدي أيوب بن خالد الأنصارى ، وقال أيوب : ... إلى أن ذكر الحديث هكذا مسلسلا بالتشبيك ، وقال عقبه الحاكم : «... وإني لا أحكم لبعض هذه الأسانيد بالصحة

٢٠٤

__________________

وإنما ذكرتها ليستدل بشواهدها عليها إن شاء الله». والحديث ضعيف جدا بهذه الصفة (مسلسلا) فإن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى : متروك الحديث ، وهذا لا يقدح في الحديث (بدون التشبيك) ، وهكذا شأن أكثر المسلسلات ، يتكلف لها الضعفاء والمتروكون ليضفي عليها الغرابة (مع صحة أصل الحديث).

* وقد استوفي العلامة المعلّمي اليماني في «الأنوار الكاشفة» (ص ١٨٨ ـ ١٩٣) الشبه ، والردّ عليها ، فليراجعها من شاء.

* وأما قول ابن كثير إن ظاهر الحديث يخالف القرآن ؛ فقد دفعه غير واحد.

فقال الشيخ العلّامة المعلّمي (ص ١٩٠ ـ ١٩١) : «أما الوجه الأول فيجاب عنه بأن الحديث وإن لم ينص على خلق السماء فقد أشار إليه بذكره في اليوم الخامس : النور ، وفي السادس : الدواب ، وحياة الدواب محتاجة إلى الحرارة ، والنور والحرارة مصدرهما الأجرام السماوية. والذي فيه أن خلق الأرض نفسها كان في أربعة أيام كما في القرآن ، إذ ذكر خلق الأرض في أربعة أيام ، لم يذكر ما يدل أن من جملة ذلك خلق النور والدواب ، وإذا ذكر خلق السماء في يومين لم يذكر ما يدل أنه في أثناء ذلك لم يحدث في الأرض شيئا ، والمعقول أنها بعد تمام خلقها أخذت في التطور بما أودعه الله تعالى فيها ، والله سبحانه لا يشغله شأن عن شأن.

ويجاب عن الوجه الثاني ـ أنه جعل الخلق في سبعة أيام ـ بأنه ليس في هذا الحديث أنه خلق في اليوم السابع غير آدم ، وليس في القرآن ما يدل أن خلق آدم كان في الأيام الستة ولا في القرآن ولا في السنّة ولا المعقول أن خالقية الله عزوجل وقفت بعد الأيام الستة ، بل هذا معلوم البطلان. وفي آيات خلق آدم أوائل سورة البقرة ، وبعض الآثار ما يؤخذ منه أنه قد كان في الأرض عمّار قبل آدم عاشوا فيها دهرا ، فهذا يساعد القول بأن خلق آدم متأخر بمدة عن خلق السموات والأرض.

فتدبر الآيات والحديث على ضوء هذا البيان يتضح لك إن شاء الله أن دعوى مخالفة هذا الحديث لظاهر القرآن قد اندفعت ولله الحمد». ا. ه.

وقال العلامة الشيخ الألباني في تعليقه على المشكاة (رقم ٢٧٨٩) : «وليس ـ

٢٠٥

__________________

هو ـ يعني الحديث ـ بمخالف للقرآن بوجه من الوجوه ، خلافا لما توهمه بعضهم ، فإن الحديث يفصّل كيفية الخلق على الأرض وحدها ، وأن ذلك كان في سبعة أيام ، ونص القرآن على أن خلق السموات والأرض كان في ستة أيام ، والأرض في يومين لا يعارض ذلك ، لاحتمال أن هذه الأيام الستة غير الأيام السبعة المذكورة في الحديث ، وأنه ـ أعني الحديث ـ تحدّث عن مرحلة من مراحل تطور الخلق على وجه الأرض حتى صارت صالحة للسكنى ، ويؤيده أن القرآن يذكر أن بعض الأيام عند الله كألف سنة ، وبعضها مقداره خمسون ألف سنة ، فما المانع أن تكون الأيام الستة من هذا القبيل؟ والأيام السبعة من أيامنا هذه؟ كما هو صريح الحديث ، وحينئذ فلا تعارض بينه وبين القرآن».

وسيأتي الحديث (رقم ٤١٢) عن أبي هريرة مرفوعا وفيه : «... إن الله خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش يوم السابع ...» ، وهو يدل على عدم مخالفة الحديث للقرآن. فقال العلامة الشيخ الألباني في مختصر العلو (رقم ٧١) : «وخلاصة ذلك أن الأيام السبعة في الحديث هي غير الأيام الستة في القرآن ، وأن الحديث يتحدث عن شيء من التفصيل الذي أجراه الله على الأرض ، فهو يزيد على القرآن ولا يخالفه» أ. ه.

وأقوى الأجوبة ـ عندى ـ والله اعلم هو قول العلامة اليماني ، وإن كان كلام شيخنا الألباني لا ينافيه في بعض مراميه ، وهو جمع قوي.

* وجملة القول أن الحديث جيد قوي ولا يقل عن رتبة الحسن المحتج به ، وإن كان لا يصل إلى الدرجة العليا من الصحة ، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب ، وإليه المرجع والمآب.

٢٠٦

[٢١] قوله تعالى :

(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْداداً) [١٦٥]

[٣١] ـ أنا إسحاق بن إبراهيم ، أنا النّضر بن شميل ، نا شعبة ، وأنا محمّد بن عبد (١) الأعلى ، وإسماعيل بن مسعود قالا : نا خالد ـ وهو ابن الحارث ، نا شعبة ، عن سليمان ، عن أبي وائل ، عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من مات يجعل لله ندا أدخله النّار».

وأنا أقول : من مات لا يجعل لله ندّا أدخله الجنّة.

__________________

(١) في الأصل «عمر» وهو تحريف.

__________________

(٣١) ـ * أخرجه البخاري في صحيحه : (رقم ١٢٣٨) كتاب الجنائز ، باب في الجنائز ومن كان آخر كلامه لا إله إلا اللّه ، و (رقم ٤٤٩٧) كتاب التفسير ، باب ومن الناس من يتخذ من دون اللّه أندادا و (رقم ٦٦٨٣) كتاب الأيمان والنذور ، باب إذا قال واللّه لا أتكلم اليوم فصلى أو قرأ أو سبح أو كبر أو حمد أو هلل على نيته.

وأخرجه مسلم في صحيحه : (رقم ٩٢ / ١٥٠) كتاب الإيمان ، باب من مات لا يشرك باللّه شيئا دخل الجنة ومن مات مشركا دخل النار ، كلاهما من طريق سليمان بن مهران الأعمش عن أبي وائل شقيق بن سلمة ، عن عبد اللّه بن مسعود ـ به ، وانظر تحفة الأشراف (رقم ٩٢٥٥). وفي بعض الرويات في أول الحديث ؛

٢٠٧

__________________

قال ابن مسعود : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كلمة ، وقلت أخرى ... ، فالجملة الأولى في الحديث من المرفوع الصريح ، والجملة الثانية وإن كانت موقوفة لفظا إلّا أن لها حكم الرفع ، فمثله لا يقال من قبيل الرأي ، وقد جاء في أحد طرقه عند أحمد (١ / ٣٧٤ ، ٣٨٢ ، ٤٠٢ ، ٤٠٧ ، ٤٢٥ ، ٤٤٣ ، ٤٦٢ ، ٤٦٤) ، والطيالسي (رقم ٢٥٦) ، وأبو يعلى (رقم ٥٠٩٠ ، ٥١٩٨) ، وأبو عوانة (١ / ١٧) ، والطبراني في الكبير (١٠٤١٠ ، ١٠٤١٦) ، وابن حبان في صحيحه (رقم ٢٥١ ـ الإحسان) ، وابن مندة في «الإيمان» (رقم ٦٦ ـ ٧٣) ، وابن خزيمة في «التوحيد» (رقم ٥٦٢ ـ ٥٦٥) ، والواحدي في «١ / ٢٣٦ ـ ٢٣٧» ، وغيرهم من حديث عبد الله بن مسعود ـ به.

[تنبيه] : وقع عند أبي عوانة في الحديث السابق بلفظ أبي معاوية قلب في الجملتين ، فجعل المرفوع الوعد [من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة] ، والموقوف هو الوعيد [من مات يشرك بالله شيئا دخل النار] ، والمحفوظ أن الوعيد هو المرفوع ، والوعد هو الموقوف.

ويشهد للموقوف : ما أخرجه مسلم في صحيحه (٩٣ / ١٥١ ، ١٥٢) ، وأحمد (٣ / ٣٢٥ ، ٣٤٥ ، ٣٧٤ ، ٣٩١ ، ٣٩١ ـ ٣٩٢) ، وأبو يعلى (رقم ٢٢٧٨) ، وأبو عوانة (١ / ١٧ ـ ١٨ ، ١٨) ، وابن مندة (رقم ٧٤ ـ ٧٧) ، وغيرهم من حديث جابر بن عبد الله عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ، ومن مات يشرك بالله شيئا دخل النار». وفي الباب عن المعرور بن سويد ، وأبي ذر ، وأبي سعيد الخدري ، وغيرهم.

[فائدة] قال الحافظ في الفتح (٣ / ١١١ ـ ١١٢) : «... ولم تختلف الرويات في الصحيحين في أن المرفوع الوعيد ، والموقوف الوعد. وزعم الحميدي في (الجمع) وتبعه مغلطاي في شرحه ، ومن أخذ عنه ، أن في رواية مسلم من طريق وكيع وابن نمير بالعكس بلفظ «من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ، ـ

٢٠٨

__________________

وقلت أنا : من مات يشرك بالله شيئا دخل النار» ، وكأن سبب الوهم في ذلك ما وقع عند أبي عوانة والإسماعيلي من طريق وكيع بالعكس ، لكن بيّن الإسماعيلي أن المحفوظ عن وكيع كما في البخاري ، قال وإنما المحفوظ أن الذي قلبه أبو عوانة (وفي نسخة : أبو معاوية) ، وكذلك جزم ابن خزيمة في صحيحه ، والصواب رواية الجماعة ... ، وهذا هو الذي يقتضيه النظر لأن جانب الوعيد ثابت بالقرآن ، وجاءت السنة على وفقه فلا يحتاج إلى استنباط ، بخلاف جانب الوعد فإنه في محل البحث إذ لا يصح حملة على ظاهره ، كما تقدم ، وكأن ابن مسعود لم يبلغه حديث جابر الذي أخرجه مسلم ... ، وقال النووى : الجيد أن يقال سمع ابن مسعود اللفظتين من النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولكنه في وقت حفظ إحداهما وتيقنها ، ولم يحفظ الأخرى ، فرفع المحفوظة وضم إليها الأخرى وفي وقت بالعكس ، قال : فهذا جمع بين روايتى ابن مسعود ، وموافقته لرواية غيره في رفع اللفظتين. انتهى. وهذا الذي قال محتمل بلا شك ، لكن فيه بعد مع اتحاد مخرج الحديث ، فلو تعدد مخرجه إلى ابن مسعود لكان احتمالا قريبا مع أنه يستغرب من انفراد راو من الرواة بذلك دون رفقته وشيخهم ومن فوقه ، فنسبة السهو إلى شخص ليس بمعصوم أولى من هذا التعسّف» أ. ه.

قلت : ومقصد الحافظ بأنه لا يصحّ كل الحديث على ظاهره ، لأن القواعد استقرت على أن حقوق الآدميين لا تسقط بمجرد الموت على الإيمان ، وقال الحافظ : «ويحتمل أن يكون المراد بقوله (دخل الجنة) أي صار إليها إمّا ابتداء من أول الحال ، وإما بعد أن يقع من العذاب ، نسأل الله العفو والعافية ...» أ. ه.

٢٠٩

[٢٢] قوله تعالى :

(إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً)(١) [آل عمران : ٧٧]

[٣٢] ـ أنا الهيثم بن أيّوب (٢) ، نا يحيى بن زكريّا ، عن الأعمش ، عن شقيق قال :

قال ابن مسعود : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من حلف على يمين يقطع بها مالا ، لقي الله وهو عليه غضبان ، وتصديقه في كتاب الله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ) قال :

فجاء الأشعث بن قيس ، فقال : ما يحدّثكم أبو عبد الرحمن؟

__________________

(١) هكذا ترجم المصنف في هذه السورة ـ البقرة ـ بآية من سورة آل عمران ، ولعل مراد المصنف أن يترجم لآية من سورة البقرة وهي قوله تعالى : «إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ» [١٧٤] ولكن ترجم بآية آل عمران لأنها في نص الحديث. وسيكرر المصنف في آل عمران الترجمة بنفس الآية وأورد تحتها نفس الحديث إسنادا ومتنا. وسيأتي نحو هذا الصنيع في (رقم ١٠٠).

(٢) في الأصل «أبويه» وهو تحريف والتصويب من تحفة الاشراف ورقم (٨٢).

__________________

(٣٢) ـ سيأتي تخريجه في الموضع اللائق به ، في سورة آل عمران (رقم ٨٢) بهذا الإسناد بعينه. وسيأتي من حديث ابن مسعود وحده ، (رقم ٨٣) من طريق مسلم البطين وعبد الملك بن أعين كلاهما عن أبي وائل ـ به. والحديث صحيح.

٢١٠

قلنا : كذا وكذا ، قال : صدق والله ، أنزلت فيّ وفي فلان بن فلان ، كانت بيني وبينه خصومة ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم / : «شهودك أو يمينه (١)» قلت : إذا يحلف ، قال : «من حلف على يمين يقطع بها مالا وهو فيها كاذب لقي الله وهو عليه غضبان» ، فأنزل الله عزوجل هذه الآية.

* * *

__________________

(١) في الأصل «بينة» وهو تحريف رقم (٨٢) وباقي الرويات.

٢١١

[٣٣] ـ أنا محمّد بن بشّار (١) ، عن محمّد ، نا شعبة ، عن عليّ بن مدرك ، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير ، عن خرشة بن الحرّ ، عن أبي ذرّ ، عن النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «ثلاثة لا يكلّمهم الله يوم القيامة ، ولا ينظر إليهم ، ولا يزكّيهم ، ولهم عذاب أليم» قال أبو ذرّ : خابوا وخسروا قال : «المسبل إزاره ، والمنفّق سلعته بالحلف الكاذب ، والمنّان عطاءه».

__________________

(١) في الأصل «بشارة» وهو تحريف.

__________________

* أخرجه مسلم في صحيحه : (رقم ١٠٦ / ١٧١) كتاب الإيمان ، باب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار والمنّ بالعطية وتنفيق السلعة بالحلف ....

* وأخرجه أبو داود في سننه : (رقم ٤٠٨٧ ، ٤٠٨٨) كتاب اللباس ، باب ما جاء في إسبال الإزار.

* وأخرجه الترمذي في جامعه : (رقم ١٢١١) كتاب البيوع ، باب ما جاء فيمن حلف على سلعة كاذبا * وأخرجه المصنف في المجتبى : (رقم ٢٥٦٣ ، ٢٥٦٤) كتاب الزكاة ، باب المنّان بما أعطى و (رقم ٤٤٥٨ ، ٤٤٥٩) كتاب البيوع ، باب المنفق سلعته بالحلف الكاذب و (رقم ٥٣٣٣) كتاب الزينة ، باب إسبال الإزار ، وفي الكبرى : كتاب الزينة (ص ١٢٩ أ ـ مخطوط) * وأخرجه ابن ماجة في سننه : (رقم ٢٢٠٨) كتاب التجارات ، باب ما جاء في كراهية الأيمان في الشراء والبيع ، كلهم من حديث خرشة بن الحرّ الفزاري عن أبي ذر ـ به ، انظر تحفة الأشراف (١٩٠٩). وقال الترمذي : حسن صحيح.

وأخرجه أيضا أحمد (٥ / ١٤٨ ، ١٦٢ ، ١٦٨ ، ١٧٧ ـ ١٧٨) ، والدارمي (٢ / ٢٦٧) ، والطيالسي (رقم ٤٦٧) ، وأبو عوانة (١ / ٣٩ ، ٤٠ ،

٢١٢

[٢٣] قوله تعالى (١) :

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ) [١٧٨]

[٣٤] ـ أنا عبد الجبّار بن العلاء بن عبد الجبّار ، عن سفيان ، عن عمرو ، عن مجاهد ،

عن ابن عبّاس قال : كان القصاص في بني إسرائيل ، ولم يكن فيهم الدّية ، فقال الله تبارك وتعالى لهذه الأمّة : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ) إلى قوله : (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ)

__________________

(١) سقطت من الأصل.

__________________

ـ ٤١) ، والبيهقي في سننه (٤ / ١٩١ ، ٥ / ٢٦٥) ، وغيرهم من طريق خرشة عن أبي ذر ـ به.

وزاد نسبته في الدرّ (٢ / ٤٦) لعبد بن حميد ، والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي ذر.

قوله المسبل إزاره : هو الذي يطوّل ثوبه ويرسله إلى الأرض إذا مشى.

قوله المنفّق سلعته : المنفق بالتشديد : من النفاق وهو ضدّ الكساد ، ويقال المنفق (بالتخفيف).

(٣٤) ـ * أخرجه البخاري في صحيحه : (رقم ٤٤٩٨) كتاب التفسير ، باب يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ ... إلى قوله ـ عذاب أليم و (رقم ٦٨٨١) كتاب الديات ، باب من قتل له قتيل فهو بخير النظرين

٢١٣

فالعفو أن تقبل الدّية في العمد (١) ، واتّباع المعروف : أن تتبع هذا بمعروف ، وتؤدّي (٢) هذا بإحسان ، فخفّف عن هذه الأمّة.

* * *

__________________

(١) في الأصل : «العبد» والتصحيح من باقي الروايات.

(٢) في الأصل «وبدى».

__________________

ـ * وأخرجه المصنف في المجتبى : (رقم ٤٧٨١) كتاب القسامة ، تأويل قوله عزّ وجل فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ، و (رقم ٤٧٨٢) ولم يذكر ابن عباس ، كلهم من حديث عمرو بن دينار المكي عن مجاهد ـ به ، انظر تحفة الأشراف (٦٤١٥ ، ١٩٢٧٣).

ورواية المصنف في المجتبى (رقم ٤٧٨٢) من طريق ورقاء عن عمرو عن مجاهد (لم يذكر ابن عباس) شاذة ، ولا تنافي الموصول بذكر ابن عباس في الإسناد ، وقد تابع سفيان بن عيينة ؛ محمد بن مسلم عن عمرو بن دينار ، وكذا رواه ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس ، وخالف الجميع حماد بن سلمة فرواه عن عمرو عن جابر بن زيد عن ابن عباس ، وكلها في تفسير الطبري (٢ / ٦٥) ، وأرقامها (٢٥٩٤ ، ٢٥٩٥ ، ٢٥٩٦) على الولاء ، فالمحفوظ الأول (بذكر ابن عباس) وقد صححه البخاري وابن حبان وغيرهما ، وانظر النكت الظراف للحافظ ابن حجر ، وقد صرح مجاهد بالسماع من ابن عباس.

وأخرجه النحاس في ناسخه (ص ٢١) ، وابن حبان في صحيحه (٧ / ٦٠١ رقم ٥٩٧٨ ـ الإحسان) ، والبيهقي في سننه (٨ / ٥١ ، ٥٢) ، وغيرهم من طريق عمرو عن مجاهد عن ابن عباس ـ به.

وزاد نسبته في الدرّ (١ / ١٧٣) لعبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس ـ به.

٢١٤

[٢٤] قوله تعالى :

(كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) [١٨٣]

[٣٥] ـ أنا عبيد (١) الله بن سعيد ، نا يحيى ، عن هشام ، أخبرني أبي ،

عن عائشة قالت : كان يوم عاشوراء يوما (٢) تصومه قريش في الجاهليّة ، وكان رسول الله يصومه ، فلمّا قدم المدينة صامه وأمر بصيامه ، فنزل صوم رمضان هو الفريضة ، فمن شاء صام يوم عاشوراء ، ومن شاء ترك.

__________________

(١) في الأصل (عبد الله) ، وهو خطأ ؛ والصواب (عبيد الله) ، وانظر تحفة الأشراف وغيره.

(٢) في الأصل (يوم) ، وهو لحن ، والصواب ما أثبتنا.

__________________

(٣٥) ـ * أخرجه البخاري في صحيحه : (رقم ٣٨٣١) كتاب مناقب الأنصار ، باب أيام الجاهلية و (رقم ٤٥٠٤) كتاب التفسير ، باب يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ ـ إلى قوله ـ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ.

* وأخرجه المصنف في الكبرى : (كتاب الصوم) ، كلاهما من طريق يحيى القطان عن هشام عن أبيه ـ به ، انظر تحفة الأشراف (٧٣١٠).

وسيأتي (رقم ٣٦) نحوه عن عائشة وهو في الصحيحين.

٢١٥

[٣٦] ـ أنا قتيبة بن سعيد قال : نا اللّيث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، أنّ عراكا ، أخبره أنّ عروة أخبره ،

عن عائشة : أنّ قريشا كانت تصوم يوم عاشوراء في الجاهليّة ، ثمّ أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم / بصيامه حتّى فرض رمضان ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من شاء فليصمه ، ومن شاء أفطره».

* * *

__________________

(٣٦) ـ * أخرجه البخاري في صحيحه : (رقم ١٨٩٣) كتاب الصوم ، باب وجوب صوم رمضان وقول الله تعالى : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ ـ إلى قوله ـ لعلكم تتقون».

* وأخرجه مسلم في صحيحه : (رقم ١١٢٥ / ١١٦).

* وأخرجه المصنف في الكبرى : كتاب الصوم ، كلاهما من طريق عراك بن مالك المدني عن عروة ـ به ، انظر تحفة الأشراف (١٦٣٦٨).

٢١٦

[٢٥] قوله تعالى :

(وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ)(١) [١٨٤]

[٣٧] ـ أنا قتيبة بن سعيد ، نا بكر ـ يعني ابن مضر ، عن عمرو بن الحارث ، عن بكير ، عن يزيد ـ مولى سلمة بن الأكوع ،

عن سلمة بن الأكوع قال : لمّا نزلت هذه الآية (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ) ـ كان من أراد منّا أن يفطر ، ويفتدي حتّى نزلت الآية الّتي بعدها فنسختها.

__________________

(١) في الأصل «مساكين» وهو مخالف للفظ الآية.

__________________

(٣٧) ـ * أخرجه البخاري في صحيحه : (رقم ٤٥٠٧) كتاب التفسير ، باب فمن شهد منكم الشهر فليصمه.

* وأخرجه مسلم في صحيحه : (رقم ١١٤٥ / ١٤٩) كتاب الصيام ، باب بيان نسخ قوله تعالى : وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ بقوله فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ.

* وأخرجه أبو داود في سننه : (رقم ٢٣١٥) كتاب الصوم ، باب نسخ قوله تعالى : وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ.

* وأخرجه الترمذي في جامعه : (رقم ٧٩٨) وصححه ، كتاب الصوم ، باب ما جاء وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ.

* وأخرجه المصنف في المجتبى : (رقم ٢٣١٦) كتاب الصيام ، تأويل قول اللّه عزّ وجل : وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ ، كلهم عن قتيبة عن ـ

٢١٧

[٣٨] ـ أنا محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم ، نا يزيد بن هارون ، أنا ورقاء ، عن عمرو بن دينار ، عن عطاء ،

عن ابن عبّاس في قوله (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ) قال : تطيقونه : تكلّفونه فدية طعام مسكين واحد ، فمن تطوّع فزاد مسكينا آخر ليست (١) بمنسوخة ، فهو خير له ، (وَأَنْ تَصُومُوا

__________________

(١) في الأصل : «ليس» والتصويب من رواية المصنف في المجتبى.

__________________

ـ بكر عن عمرو عن بكير بن عبد اللّه بن الأشجّ عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة ـ به ، وأخرجه مسلم (١١٤٥ / ١٥٠) بنحوه عن عمرو بن سوّاد عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث ـ به ، وانظر تحفة الأشراف (رقم ٤٥٣٤).

وأخرجه أيضا الطبري في تفسيره (٢ / ٧٨ ـ ٧٩) ، والدارمي (٢ / ١٥) ، وابن خزيمة (رقم ١٩٠٣) ، وابن حبان في صحيحه (٥ / ١٩٨ رقم ٣٤٦٩ ـ الإحسان) ، والطبراني (رقم ٦٣٠٢) في الكبير ، والنحاس في ناسخه (ص ٢٦) ، والحاكم في مستدركه (١ / ٤٢٣) وصححه وأقره الذهبي ، والبيهقي في سننه (٤ / ٢٠٠) ، وابن الجوزي (ص ١٧٤) في نواسخ القرآن ، كلهم من طريق عمرو بن الحارث عن بكير ـ به.

وزاد نسبته في الدرّ (١ / ١٧٧ ـ ١٧٨) لأبي عوانة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سلمة بن الأكوع.

(٣٨) ـ * أخرجه البخاري في صحيحه : (رقم ٤٥٠٥) كتاب التفسير ، باب أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ ... إلى قوله .. إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ.

* وأخرجه المصنف في المجتبى : (رقم ٢٣١٧) كتاب الصيام ، تأويل قول ـ

٢١٨

خَيْرٌ لَكُمْ) ، لا يرخّص في هذا إلّا للكبير الّذي لا يطيق الصّيام ، والمريض الّذي لا يشفى.

* * *

__________________

ـ الله عزوجل : (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ) ، كلاهما من طريق عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس ـ به. وسيأتي (رقم ٣٩) ببعضه ، انظر تحفة الأشراف (٥٩٤٥).

وقد أخرجه أيضا الطبري (٢ / ٨١) ، وعبد الرزاق في مصنفه (رقم ٧٥٧٧) ، والطبراني في الكبير (رقم ١١٣٨٨) ، والدارقطني في سننه (٢ / ٢٠٥) وصححه ، والحاكم في المستدرك (١ / ٤٤٠) وصححه ووافقه الذهبي ، والبيهقي في سننه (٤ / ٢٧٠ ـ ٢٧١) ، وابن الجوزى في نواسخ القرآن (ص ١٧٥) ، كلهم من طريق عمرو عن عطاء عن ابن عباس ـ به ، وقد جاء نحوه عن ابن عباس من غير هذا الوجه.

وزاد السيوطي في الدر المنثور (١ / ١٧٨) نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس ، وفاته العزو للنسائي.

٢١٩

[٣٩] ـ أنا محمّد بن عبد الوهّاب ، نا محمّد بن سابق ، نا ورقاء ، أنا ابن أبي نجيح ، عن عمرو بن دينار ، عن عطاء ،

عن ابن عبّاس ، قال : الّذين يطوّقونه (١).

__________________

(١) في الأصل : «يطبقونه» وهو خطأ من الناسخ لأن قراءة ابن عباس «يطوقونه» كما في البخاري.

__________________

(٣٩) ـ سبق تخريجه (رقم ٣٨) ، وقد صح ذلك عن ابن عباس.

وقد عزاه في الدرّ (١ / ١٧٨) لوكيع وسفيان وعبد الرزاق والفريابي والبخاري وأبي داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف والطبراني والدارقطني والبيهقي من طرق عن ابن عباس.

وجملة القول أن هذه القراءة ثابتة عن ابن عباس (بتشديد الواو) ، وقال الحافظ في الفتح (٨ / ١٨٠) : وهي قراءة ابن مسعود أيضا. ، ورواه عبد الرزاق (رقم ٧٥٧٧) بسند صحيح ، ومن طريقه الطبري (٢ / ٨٠) عن عائشة ، وكذا رواه الطبري عن عطاء ، ومجاهد ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير.

وقال الطبري (٢ / ٧٧) : فإن قراءة كافة المسلمين وعلى الذين يطيقونه وعلى ذلك خطوط مصاحفهم ، وهي القراءة التي لا يجوز لأحد من أهل الإسلام خلافها ، لنقل جميعهم تصويب ذلك قرنا عن قرن. ثم قال أيضا (٢ / ٨٢) : وأما قراءة من قرأ ذلك وعلى الذين يطوّقونه فقراءة لمصاحف أهل الإسلام خلاف ، وغير جائز لأحد من أهل الإسلام الاعتراض بالرأي على ما نقله المسلمون وراثة عن نبيهم صلّى اللّه عليه وسلّم نقلا ظاهرا قاطعا للعذر ؛ لأن ما جاءت به الحجة من الدين ، هو الحق الذي لا شك فيه أنه من عند اللّه ، ولا يعترض على ما قد ثبت وقامت به حجة أنه من عند اللّه بالآراء والظنون والأقوال الشاذّة.

٢٢٠