تفسير النسائي - ج ١

أبي عبدالرحمن ابن شعيب بن علي النسائي

تفسير النسائي - ج ١

المؤلف:

أبي عبدالرحمن ابن شعيب بن علي النسائي


المحقق: صبري بن عبدالخالق الشافعي وسيّد بن عبّاس الجليمي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة الكتب الثقافية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٨٧
الجزء ١ الجزء ٢

__________________

ـ ٢٨٨٧) ، والنسائي في الكبرى ـ تحفة (رقم ٢٩٧٧) ـ والطبري (٦ / ٢٨) ، والطيالسي (رقم ١٧٤٢) ، والبيهقي في سننه (٦ / ٢٣١) ، والواحدي في «الأسباب» (ص ١٤٠) ، من طريق أبي الزبير عن جابر ـ به.

وزاد نسبته في الدرّ (٢ / ٢٥٠) لابن سعد عن جابر.

وللحديث طريق آخر عن شعبة وسيأتي إن شاء الله تعالى في ذيل التفسير (٩) ، وقد سبق هنا (رقم ١١١) من طريق ابن جريج عن ابن المنكدر عن جابر.

[فائدة] : قد اختلفت الطرق والروايات في حديث جابر هذا ، وجاء في بعضها أن الآية التي نزلت في قصة فرضه هى آية (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ ...) [النساء : ١١] ، وفي بعض الروايات أن الآية هي (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ ...) [النساء : ١٧٦] ، وفى بعضها فنزلت آية الفرائض وفي البعض الآخر فنزلت آية المواريث ، فقال الحافظ ـ بالنسبة لرواية ابن جريج ـ في الفتح (٨ / ٢٤٣) : «وقيل إنه وهم في ذلك وأن الصواب أن الآية التي نزلت في قصة جابر هذه الآية الأخيرة من النساء ... لأن جابرا يومئذ لم يكن له ولد ولا والد ، والكلالة من لا ولد له ولا والد ...» ثم قال الحافظ (٨ / ٢٤٤) : «ولم ينفرد ابن جريج بتعيين الآية المذكورة فقد ذكرها ابن عيينة أيضا على الاختلاف عنه ... فالحاصل أن المحفوظ عن ابن المنكدر أنه قال (آية المواريث أو آية الفرائض) ، والظاهر أنها (يُوصِيكُمُ اللهُ) كما صرح به في رواية ابن جريج ومن تابعه ، وأما من قال إنها (يَسْتَفْتُونَكَ) فعمدته أن جابرا لم يكن له حينئذ ولد ، وإنما كان يورث كلالة ، فكان المناسب لقصته نزول الآية الأخيرة ، لكن ليس ذلك بلازم ، لأن الكلالة مختلف في تفسيرها : فقيل هي اسم المال الموروث ، وقيل اسم ـ

٤٢١

[١٥٥] ـ أنا إسحاق بن إبراهيم ، أنا معاذ بن هشام ، حدّثني أبي ، عن قتادة ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن معدان بن أبي طلحة اليعمريّ

__________________

ـ الميت ، وقيل اسم الإرث ، وقيل ما تقدم ...» وانظر بقية كلام الحافظ ففيه فوائد.

ورجح البعض ـ ومنهم الحافظ ابن كثير في تفسيره (١ / ٤٥٨) ـ أن قصة جابر نزلت فيها الآية الأخيرة من النساء ، أما آية (يُوصِيكُمُ اللهُ ...) فنزلت في قصة ابنتي سعد بن الربيع ، وقد قتل أبوهما في يوم أحد شهيدا ، وهو من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر ... وقد رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم وانظر الدرّ (٢ / ١٢٥).

وأقول : حديث جابر الأخير فيه (عبد الله بن محمد بن عقيل) وفي حفظه شيء ، ولذا قال عنه الحافظ : «صدوق في حديثه لين ، ويقال تغير بآخرة فالأولى أن يقال أن الآيتين نزلتا في قصة جابر ، والله تعالى أعلم».

(١٥٥) ـ أخرجه مسلم في صحيحه (٥٦٧ / ٧٨) : كتاب المساجد ومواضع الصلاة ، باب نهي من أكل ثوما أو بصلا أو كراثا أو نحوها ـ مطولا ـ وفيه قصة الكلالة ، و (١٦١٧ / ٩) : كتاب الفرائض ، باب ميراث الكلالة ـ بقصة الكلالة ـ ، وأخرجه المصنف في المجتبى (رقم ٧٠٨) : كتاب المساجد ، باب من يخرج من المسجد ـ بقصة الثوم والبصل دون الكلالة ـ وفي الكبرى : كتاب الوليمة (ص ٨٦ ب ـ مخطوط) مرفوعا وموقوفا ـ بقصة الثوم والبصل دون الكلالة ـ وأخرجه ابن ماجه في سننه (رقم ١٠١٤) : كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها ، و (رقم ٣٣٦٣) : كتاب الأطعمة ، باب أكل الثوم والبصل والكراث ـ كلاهما بقصة الثوم والبصل دون الكلالة ـ و (رقم ٢٧٢٦) : كتاب الفرائض ، باب الكلالة ـ بقصة الكلالة ـ

٤٢٢

أنّ عمر بن الخطّاب خطب يوم الجمعة ، فقال : إنّي لا أدع شيئا بعدي أهمّ إليّ من الكلالة ولا أغلظ لي في شيء مذ ـ يعني صحبته (١) ـ ما أغلظ لي في الكلالة حتّى طعن بأصبعه في صدري ، وقال : «يا عمر ، إنّما يكفيك آية الصّيف الّتي في سورة النّساء» ، وإنّي إن أعش أقض فيها بقضيّة يقضي بها من يقرأ القرآن ، ومن لا يقرأ (٢).

ـ مختصر.

__________________

(١) بحاشية الأصل : «صاحبته» وكتب فوقها «صح».

(٢) قوله وإني إن أعش أقضي فيها ... إلخ هذا من كلام عمر لا من كلام النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

__________________

ـ فقط ـ ، كلهم من طريق سالم بن أبي الجعد ـ به ، وانظر تحفة الأشراف (رقم ١٠٦٤٦).

والحديث قد رواه مسلم وغيره مطولا بتمامه ، وأوله : أن عمر بن الخطاب حطب يوم الجمعة فذكر نبي اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وذكر أبا بكر. قال : إني رأيت كأن ديكا نقرني ثلاث نقرات ، وإني لا أراه إلّا حضور أجلي ... فذكره ، وقد روى شعبة هذا الحديث عن قتادة فزالت شبهة تدليس قتادة.

والحديث أخرجه أيضا أحمد (١ / ١٥ ، ٢٦ ، ٢٧ ـ ٢٨ ، ٤٨ ، ٤٩) ، والطبري في تفسيره (٦ / ٢٩ ، ٣٠) ، وأبو يعلى (رقم ١٨٤ ، ٢٥٦) ، وأبو عوانة (١ / ٤٠٧ ، ٤٠٨ ، ٤٠٩) ، والبيهقي في سننه (٦ / ٢٢٤) من طرق عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد ـ به. وهو في مسند

٤٢٣

__________________

ـ الحميدي (رقم ٢٩) مختصرا جدا ، ليس فيه للكلالة ذكر.

وقد روى مالك في الموطأ (٢ / ٥١٥) عن زيد بن أسلم أن عمر بن الخطاب سأل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن الكلالة ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يكفيك من ذلك ، الآية التي أنزلت في الصيف ، آخر سورة النساء». قلت : وهو مرسل. وللحديث طرق أخرى منها : ما أخرجه أحمد (٤ / ٢٩٣ ، ٢٩٥ ، ٣٠١) ، وأبو داود (رقم ٢٨٨٩) ، والترمذي في جامعه (رقم ٣٠٤٢) ، وأبو يعلى (رقم ١٦٥٦) ، وغيرهم من طريق أبي إسحاق السبيعي عن البراء قال : سئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن الكلالة فقال : «تكفيك آية الصيف».

والسبيعي مدلس وقد عنعن ثم هو مختلط ورواه أحمد (١ / ٣٨) من طريق النخعي عن عمر ، وسنده منقطع ، وانظر الروايات في الدر المنثور.

[فائدة] : قال النووي في شرح مسلم (١١ / ٦٢) : «أما آية الصيف فلأنها نزلت فى الصيف ، وأمّا قوله (وإني إن أعش ... إلى آخره) هذا من كلام عمر ، لا من كلام النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وإنما أخّر القضاء فيها لأنه لم يظهر له في ذلك الوقت ظهورا يحكم به ، فأخّره حتى يتم اجتهاده فيه ، ويستوفي نظره ، ويتقرر عنده حكمه ، ثم يقضي به ويشيعه بين الناس ، ولعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إنما أغلظ له لخوفه من اتكاله ، واتكال غيره على ما نصّ عليه صريحا ؛ وتركهم الاستنباط من النصوص ، وقد قال الله تعالى (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) فالاعتناء بالاستنباط من آكد الواجبات المطلوبة ، لأن النصوص الشرعية لا تفي إلّا بيسير من المسائل الحادثة ، فإذا أهمل الاستنباط ؛ فات القضاء في معظم الأحكام النازلة أو في بعضها ، والله أعلم» ا. ه

وانظر أيضا معالم السنن فقد قال نحوه.

٤٢٤

[١٥٦] ـ أنا عليّ بن حجر ، حدّثنا سعدان ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي إسحاق السّبيعي ، عن البراء قال : آخر آيات أنزلت في القرآن آخر سورة النّساء /.

* * *

__________________

(١٥٦) ـ * أخرجه مسلم في صحيحه : (رقم ١٦١٨ / ١٠) كتاب الفرائض ، باب آخر آية أنزلت آية الكلالة* وأخرجه المصنف في الكبرى : كتاب الفرائض ، كلاهما من طريق إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي إسحاق ـ به ، انظر تحفة الأشراف (رقم ١٨٢٥) وانظر الحديث السابق (رقم ١٥٣) ، وما سيأتي (رقم ٢٣٢).

٤٢٥

سورة المائدة

بسم الله الرّحمن الرّحيم

[١١٢] قوله تعالى :

(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) [٣]

[١٥٧] ـ أنا إسحاق بن إبراهيم ، أنا عبد الله بن إدريس ، عن أبيه ، عن قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب قال :

قال يهوديّ لعمر : لو علينا نزلت معشر اليهود هذه الآية اتّخذناه عيدا (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) الآية ، قال عمر : قد علمت اليوم الّذي أنزلت فيه ، واللّيلة الّتي أنزلت ، ليلة الجمعة ، ونحن مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعرفات.

__________________

(١٥٧) ـ * أخرجه البخاري في صحيحه : (رقم ٤٥) كتاب الإيمان : باب زيادة الإيمان ونقصانه وقول الله تعالى (وَزِدْناهُمْ هُدىً) ـ (وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً) وقال (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) فإذا ترك شيئا من الكمال فهو ناقص و (رقم ٤٤٠٧) كتاب المغازي ، باب حجة الوداع و (رقم ٤٦٠٦) كتاب التفسير ، باب (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) و (رقم ٧٢٦٨) كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة* وأخرجه مسلم في صحيحه : (رقم ٣٠١٧ / ٣ ، ٤ ، ٥) كتاب التفسير* وأخرجه الترمذي في جامعه : (رقم ٣٠٤٣) كتاب تفسير القرآن ، باب «ومن سورة المائدة» * وأخرجه المصنف في المجتبى : (رقم ٣٠٠٢) كتاب مناسك الحج ، ما ذكر في يوم ـ

٤٢٦

[١٥٨] ـ أنا إسحاق بن منصور ، أنا عبد الرّحمن ، عن معاوية بن صالح ، عن أبي الزّاهريّة ، عن جبير بن نفير قال :

دخلت على عائشة ، فقالت لي : هل تقرأ سورة المائدة؟ قلت : نعم ، قالت : أما إنّها آخر سورة نزلت ، فما وجدتم فيها من حلال فاستحلّوه ، وما وجدتم فيها من حرام فحرّموه ، وسألتها عن خلق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قالت : القرآن.

__________________

ـ عرفة و (رقم ٥٠١٢) كتاب الإيمان وشرائعه ، زيادة الإيمان ، كلهم من طريق قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب ـ به ، انظر تحفة الأشراف (١٠٤٦٨).

(١٥٨) ـ إسناده صحيح* تفرد به المصنف ، انظر تحفة الأشراف (١٦٠٤٩). ورجال إسناده ثقات غير معاوية بن صالح بن حدير فهو صدوق له أوهام ، وأبو الزاهرية هو حدير بن كريب وقد وثقه غير واحد من الأئمة ـ منهم المصنف ـ وقال أبو حاتم والدارقطني : «لا بأس به» ، ومع ذلك قال عنه الحافظ : «صدوق» ، فالإسناد حسن للخلاف في معاوية بن صالح ، وعبد الرحمن هو ابن مهدي ، وقد تابعه ابن وهب كما يعلم من التخريج.

والحديث أخرجه أيضا أحمد (٦ / ١٨٨) ، والنحاس في ناسخه (ص ١٤١) ، والحاكم في مستدركه (٢ / ٣١١) ، وعنه البيهقي في سننه (٧ / ١٧٢) ، كلهم من طريق معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية ـ به.

وقال الحاكم : «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه» ، وأقره الذهبي ، وفيه نظر فإن معاوية وأبا الزاهرية وجبير لم يخرج لهم البخاري ، وزاد نسبته في الدرّ (٢ / ٢٥٢) لأبي عبيد في فضائله ، وابن المنذر ، وابن مردويه ، عن عائشة. ـ

٤٢٧

__________________

ـ ويشهد لشطره الأول : ما أخرجه الترمذي في جامعه (رقم ٣٠٦٣) وحسنه ، والحاكم في مستدركه (٢ / ٣١١) وصححه وأقره الذهبي ، وعنه البيهقي (٧ / ١٧٢) ، من طريق حيي بن عبد الله المعافري عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد الحبلي عن عبد الله بن عمرو بن العاصي قال : آخر سورة أنزلت : المائدة.

وزاد نسبته في الدرّ (٢ / ٢٥٢) لأحمد وابن مردويه عن ابن عمرو ـ به.

قلت : وفي إسناده حيي بن عبد الله المعافرى ذكره ابن حبان في الثقات ، وقال عنه أحمد : أحاديثه مناكير ، وقال البخاري : فيه نظر ، وقال النسائي : ليس بالقوي ، وقال ابن معين : ليس به بأس ، وكذا قال ابن عديّ وزاد ... إذا روى عنه ثقة ، وقال الحافظ : «صدوق يهم» ، فالإسناد حسن إن شاء الله تعالى في الشواهد.

ويشهد لشطره الأخير (كان خلقه القرآن) : ما أخرجه مسلم في صحيحه (٧٤٦ / ١٣٩) وغيره من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وسيأتي تخريجه (رقم ٦٤٧ ، ٦٤٨) ، وانظر مسند أحمد (٦ / ٥٤ ، ٩١ ، ١١١ ، ١٦٣ ، ٢١٦) وغيره.

[فائدة] : قد ورد أن آخر سورة نزلت (براءة) كما سبق هنا (رقم ١٥٣) ، وسيأتي (رقم ٧٣٣) أن آخر سورة نزلت (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ ...) ، أما حديث الباب فيدل على أن آخر سورة نزلت هي المائدة ، فالجمع بين هذه الأحاديث أن كل صحابي أخبر بحسب علمه ، أو أنها جميعا من آخر ما نزل من القرآن ، وقال الحافظ في الفتح (٨ / ٣١٦) عن سورة براءة : «وأولى من ذلك أن كلا منهما أراد آخرية مخصوصة ، وأما السورة فالمراد بعضها أو معظمها ، وإلا ففيها آيات كثيرة نزلت قبل سنة الوفاة النبوية ، ـ

٤٢٨

[١١٣] قوله تعالى :

(يا أَهْلَ الْكِتابِ) [١٥]

[١٥٩] ـ أنا محمّد بن عليّ بن الحسن ، قال : أبي أنا (١) عن الحسين ، عن يزيد وأنا محمّد بن عقيل ، أنا عليّ بن الحسين ، حدّثني أبي ، حدّثني يزيد النّحويّ ، حدّثني عكرمة ،

__________________

(١) هكذا في الأصل بتقديم ذكر أبيه على صيغة الإخبار ، وهو صواب.

__________________

ـ وأوضح من ذلك أن أول براءة نزل عقب فتح مكة في سنة تسع عام حج أبي بكر ، وقد نزل الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وهي في المائدة : في حجة الوداع سنة عشر ، فالظاهر أن المراد معظمها ، ولا شك أن غالبها نزل في غزوة تبوك وهي آخر غزوات النبي صلّى اللّه عليه وسلّم .. ، وقال أيضا (٨ / ٧٣٤) عن سورة النصر : والجمع بينهما أن آخرية سورة النصر نزولها كاملة ، بخلاف براءة كما تقدم توجيهه ....

أقول : ويحتمل أن المراد بالآخرية في سورة براءة أي في أحكام القتال ، وفي سورة المائدة أي المتعلقة بأحكام الدين وغيره ، أما سورة النصر فهي آخر سورة كاملة مطلقا ، واللّه أعلم.

(١٥٩) ـ صحيح * تفرّد به المصنف ، وأخرجه أيضا في كتاب الرجم [(ص ٩٣ أ ـ مخطوط) (من الكبرى)] عن محمد بن عقيل عن علي ابن الحسين بن واقد بهذا الإسناد ، وفات الحافظ المزي أنه هنا في التفسير ، ـ

٤٢٩

عن ابن عبّاس قال : من كفر بالرّجم فقد كفر بالقرآن من حيث لا يحتسب ، وذلك قول الله تعالى : (يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) فكان ممّا أخفوا الرّجم.

* * *

__________________

ـ وانظر تحفة الأشراف (رقم ٦٢٦٩). والإسناد الأول صحيح ، والثاني حسن لأن علي بن الحسين واقد المروزي : صدوق يهم ، وحمد بن عقيل بن خويلد ، قال عنه الحافظ : «صدوق حدّث من حفظه بأحاديث فأخطأ في بعضها ، وقد توبعا وباقي رجال الإسنادين ثقات ، شيخ المصنف في الإسناد الأول هو محمد ابن علي بن الحسن بن شقيق ، ويزيد هو ابن أبي سعيد النحوي.

وأخرجه أيضا الطبري في تفسيره (٦ / ١٠٣) ، وابن حبان [(رقم ١٥١١ ـ موارد) ، (٦ / ٣٠٢ رقم ٤٤١٣ ـ الإحسان)] ، والحاكم في مستدركه (٤ / ٣٥٩) وصححه ووافقه الذهبي ، كلهم من طريق الحسين بن واقد عن يزيد النحوى ـ به وعند ابن حبان : من كفر بالرجم فقد كفر بالرحمن ... وزاد نسبته في الدرّ (٢ / ٢٦٩) لابن الضريس ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس.

٤٣٠

[١١٤] قوله تعالى :

(قالُوا يا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا) [٢٤]

[١٦٠] ـ أنا أبو بكر بن أبي النّضر ، قال : حدّثني أبو النّضر ، نا عبيد الله الأشجعيّ ، عن سفيان ، عن مخارق ، عن ابن شهاب ، عن عبد الله قال : جاء / المقداد يوم بدر وهو على فرس له فقال : يا رسول الله ، إنّا لا نقول كما قالت بنوا إسرائيل لموسى : (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ) ولكنه : امضه ونحن معك ، فكأنّه سرّي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

[١٦١] ـ أنا محمّد بن المثنّى ، عن خالد ، حدّثنا حميد ،

__________________

(١٦٠) ـ * أخرجه البخاري في صحيحه : (رقم ٣٩٥٢) كتاب المغازي ، باب قول الله تعالى (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ) ـ إلى قوله ـ (فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) و (رقم ٤٦٠٩) كتاب التفسير ، باب (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ) ، من طريق مخارق عن طارق بن شهاب عن ابن مسعود ـ به ، انظر تحفة الأشراف (رقم ٩٣١٨).

(١٦١) ـ صحيح* تفرّد به المصنف ، وأخرجه أيضا في الكبرى : كتاب السير عن ابن المثنى بهذا الإسناد ، وانظر تحفة الأشراف (رقم ٦٤٩). ورجاله ثقات رجال الشيخين ، خالد هو ابن الحارث ، وحميد هو ابن أبي حميد الطويل وقد توبع ، وللحديث شواهد كثيرة يأتي بعضها. ـ

٤٣١

عن أنس بن مالك أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سار إلى بدر ، فاستشار المسلمين ، فأشار عليه أبو بكر ، ثمّ استشار رجلا فأشار عليه عمر ثمّ استشارهم ، فقالت الأنصار : يا معشر الأنصار : إيّاكم يريد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : إذا لا نقول كما قالت بنوا إسرائيل لموسى (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا [إِنَّا هاهُنا])(١) والّذي بعثك بالحقّ ، لو ضربت كبدنا إلى برك الغماد لاتّبعناك.

__________________

(١) سقطت من الأصل ، وألحقت بالهامش.

__________________

ـ والحديث أخرجه أيضا أحمد (٣ / ١٠٥ ، ١٨٨) ، وأبو يعلى (رقم ٣٧٦٦ ، ٣٨٠٣) ، وابن حبان في صحيحه (٧ / ١٠٩ رقم ٤٧٠١ ـ الإحسان) ، وابن مردويه ـ كما في تفسير ابن كثير (٢ / ٤٠) ـ ، من طرق عن حميد عن أنس ـ به ، ولم ينفرد به حميد : فقد رواه ابن حبان (رقم ٤٧٠٢ ـ الإحسان) من طريق حماد عن ثابت عن أنس نحوه بأتم مما هاهنا ، وسنده جيد قوي.

ويشهد له ما سبق (رقم ١٦٠) من حديث ابن مسعود ، وفي الباب عن عتبة السلمي والمقداد وغيرهما ، وانظر الدرّ المنثور (٢ / ٢٧١).

قوله برك الغماد : موضع في أقاصي هجر ، وقيل في طرف اليمن ، وقيل وراء مكة بخمس ليال مما يلي البحر ، و (برك) : بفتح أوله للأكثر وقيل بالكسر ، وسكون الراء وضعف فتحها ، و (الغماد) : يروى بضم الغين المعجمة وكسرها وهما صحيحان ، كما يروى بالراء بدل الدال مع كسر الغين (المعجمة).

٤٣٢

[١٦٢] ـ أنا عليّ بن خشرم ، أنا عيسى ، عن الأعمش ، عن عبد الله ابن مرّة ، عن مسروق ، عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا تقتل نفس ظلما إلّا كان على ابن آدم الأوّل كفل من دمها ، لأنّه أوّل من سنّ القتل» ،

* * *

__________________

(١٦٢) ـ * أخرجه البخاري في صحيحه : (رقم ٣٣٣٥) كتاب أحاديث الأنبياء ، باب خلق آدم وذريته. و (رقم ٦٨٦٧) كتاب الديات ، باب قول الله تعالى (وَمَنْ أَحْياها ..). و (رقم ٧٣٢١) كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة ، باب إثم من دعا إلى ضلالة أو سن سنة سيئة لقول الله تعالى (وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ) الآية* وأخرجه مسلم في صحيحه : (رقم ١٦٧٧ / ٢٧) كتاب القسامة ، باب بيان إثم من سن القتل* وأخرجه الترمذي في جامعه : (رقم ٢٦٧٣) كتاب العلم ، باب ما جاء الدال على الخير كفاعله* وأخرجه المصنف في المجتبى : (رقم ٣٩٨٥) كتاب تحريم الدم* وأخرجه ابن ماجه في سننه : (رقم ٢٦١٦) كتاب الديات ، باب التغليظ في قتل مسلم ظلما ، كلهم من طريق عبد الله بن مرّة ، عن مسروق ـ به ، انظر تحفة الأشراف (٩٥٦٨).

قوله «كفل من دمها» الكفل : النصيب. أي أن ابن آدم الأول له نصيب في هذا الظلم الواقع.

٤٣٣

[١١٥] قوله جلّ ثناؤه :

(إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) [٣٣]

[١٦٣] ـ أنا عمرو بن عثمان بن سعيد ، عن الوليد ، عن الأوزاعيّ ، عن يحيى ، عن أبي قلابة ،

__________________

(١٦٣) ـ * أخرجه البخاري في صحيحه : (رقم ٢٣٣) كتاب الوضوء ، باب أبوال الإبل والدواب والغنم ومرابضها ، و (رقم ٣٠١٨) كتاب الجهاد ، باب إذا حرّق المشرك المسلم هل يحرّق؟ و (رقم ٤١٩٣) كتاب المغازي ، باب قصة عكل وعرينة ـ وفيه قصة عمر بن عبد العزيز وعنبسة ابن سعيد ـ و (رقم ٤٦١٠) كتاب التفسير ، باب (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) ـ إلى قوله ـ (أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ) الآية ، و (رقم ٦٨٠٢) كتاب الحدود ، باب المحاربين من أهل الكفر والردة وقول الله تعالى (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) ـ إلى قوله ـ (أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ) ، و (رقم ٦٨٠٣) باب لم يحسم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم المحاربين من أهل الردة حتى هلكوا ، و (رقم ٦٨٠٤) باب لم يسق المرتدون المحاربون حتى ماتوا ، و (رقم ٦٨٠٥) باب سمر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أعين المحاربين ، و (رقم ٦٨٩٩) كتاب الديات ، باب القسامة ـ وفيه ذكر عمر بن عبد العزيز والقسامة وعنبسة ابن سعيد* وأخرجه مسلم في صحيحه : (رقم ١٦٧١ / ١٠ ، ١١ ، ١٢) كتاب القسامة ، باب حكم المحاربين والمرتدين* وأخرجه أبو داود في سننه : (رقم ٤٣٦٤ ، ٤٣٦٥ ، ٤٣٦٦) كتاب الحدود ، باب ما جاء في المحاربة* وأخرجه المصنف في المجتبى : (رقم ٤٠٢٤ ، ٤٠٢٥ ، ٤٠٢٦ ، ٤٠٢٧) كتاب تحريم الدم ، تأويل قول الله عزوجل (إِنَّما جَزاءُ) ـ

٤٣٤

عن أنس ، أنّ نفرا من عكل قدموا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأسلموا ، واجتووا المدينة ، فأمرهم النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يأتوا إبل الصّدقة ، فيشربوا من أبوالها ، وألبانها ، فقتلوا راعيها ، واستاقوها ، فبعث النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم في طلبهم قافّة ، فأتي بهم ، فقطع أيديهم وأرجلهم ، وسمل أعينهم ، ولم يحسمهم ، وتركهم حتّى ماتوا ، فأنزل الله عزوجل (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) الآية.

* * *

__________________

ـ (الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) ـ إلى قوله ـ (أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ) وفيمن نزلت وذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر أنس بن مالك فيه ، كلهم من طريق عبد الله بن زيد أبي قلابة ـ به انظر تحفة الأشراف (رقم ٩٤٥).

قوله «عكل» : بضم المهملة ، وإسكان الكاف قبيلة من تيم الرباب.

قوله «اجتووا المدينة» : اجتويت البلد إذا كرهت المقام فيه وإن كنت في نعمة ، وقيدت بما إذا تضرر بالإقامة وهو المناسب للقصة.

قوله «قافة» : جمع قائف : وهو الذي يقتفي الأثر.

قوله «سمل أعينهم» : سمل بالتخفيف : فقء العين بأي شيء كان.

قوله «لم يحسمهم» : أي لم يك ما قطع منهم بالنار لينقطع الدم بل تركه ينزف.

٤٣٥

[١١٦] قوله تعالى :

(يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي / الْكُفْرِ) [٤١]

[١٦٤] ـ أنا محمّد بن العلاء ، نا أبو معاوية ، نا الأعمش ، عن عبد الله بن مرّة ، عن البراء بن عازب قال : مرّ على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بيهوديّ محمّم مجلود ، فدعاهم ، فقال : «هكذا تجدون حدّ الزّاني في كتابكم؟» قالوا : نعم ، فدعا رجلا (١) من علمائهم ، فقال : «أنشدك بالله الّذي

__________________

(١) في الأصل : «رجلان» وهو تصحيف فإن رواية مسلم وغيره رجلا بالإفراد والتنوين فلعله تصحيف سمع ، سمعه رجلا بالتنوين ، فكتب التنوين نونا ، وحتى لو كان الصواب بالتثنية فلا يصح : إلا «رجلين» لأنه مفعول به منصوب بالياء لأنه مثنى ، والله تعالى أعلم.

__________________

(١٦٤) ـ * أخرجه مسلم في صحيحه : (رقم ١٧٠٠ / ٢٨) كتاب الحدود ، باب رجم اليهود أهل الذمة في الزنى ، و (رقم ٤٤٤٧ ، ٤٤٤٨) كتاب الحدود ، باب في رجم اليهوديين * وأخرجه المصنف في الكبرى : كتاب الرجم * وأخرجه ابن ماجة في سننه : (رقم ٢٣٢٧) مختصرا كتاب الأحكام ، باب بما يستحلف أهل الكتاب ، و (رقم ٢٥٥٨) كتاب الحدود ، باب رجم اليهوديّ واليهودية ، كلهم من طريق الأعمش عن عبد اللّه بن مرة ـ به ، انظر تحفة الأشراف (رقم ١٧٧١).

قوله محمّم : أي مسودّ الوجه ، من الحممة : الفحمة.

٤٣٦

أنزل التّوراة على موسى ، أهكذا تجدون حدّ الزّاني في كتابكم؟» فقال : لا ، ولو لا ما نشدتني لم أخبرك ، نجد حدّ الزّاني في كتابنا الرّجم ، ولكنّه ظهر في أشرافنا ، فكنّا إذا أخذنا الرّجل الشّريف تركناه ، وإذا أخذنا الرّجل الضّعيف أقمنا عليه الحدّ ، فقلنا : تعالوا نجتمع على شيء نقيمه على الشّريف الوضيع ، فاجتمعنا على التّحمّم والجلد ، وتركنا الرّجم ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّي أوّل من أحيا أمرك إذ أماتوه.» فأمر به فرجم ، فأنزل الله عزوجل (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ) إلى (إِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا) يقول : ائتوا محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فإن أفتاكم بالتّحمّم والجلد فخذوه ، وإن أفتاكم بالرّجم فاحذروا إلى قوله (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) (٤٤) في اليهود ، وإلى قوله (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٤٥) في اليهود ، إلى قوله (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (٤٧) قال في الكفّار كلّها ـ يعني الآية.

* * *

٤٣٧

[١١٧] قوله تعالى :

(وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ) [٤٥]

[١٦٥] ـ أنا محمّد بن المثنّى ، نا خالد ، نا حميد ، عن أنس قال : كسرت الرّبيّع ثنيّة جارية ، فطلبوا إليهم العفو ، فأبوا ، فعرضوا عليهم الأرش ، فأبوا وأتوا النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأمر بالقصاص ، فقال أنس بن النّضر : يا رسول الله ، تكسر ثنيّة الرّبيّع ، والّذي / بعثك بالحقّ لا تكسر. قال : «يا أنس ، كتاب الله القصاص» فرضي القوم وعفوا فقال : «إنّ من عباد الله من لو أقسم على الله لأبرّه».

__________________

(١٦٥) ـ صحيح* وقد أخرجه المصنف في المجتبى : (رقم ٤٧٥٧) كتاب القسامة ، القصاص من الثنية ، وفي الكبرى : كتاب المناقب* وأخرجه ابن ماجه في سننه : (رقم ٢٦٤٩) كتاب الديات ، باب القصاص في السن ، كلاهما عن أبي موسى محمد بن المثنى عن خالد بن الحارث ـ زاد ابن ماجه وابن أبي عدي ـ عن حميد عن أنس ـ به ، وانظر تحفة الأشراف (رقم ٦٣٦ ، ٧٦٠). ورجاله ثقات رجال الشيخين ، وابن أبي عدي هو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي ، وقد سبق الحديث عن عنعنة حميد عن أنس (انظر رقم ٩٧) ، على أنه قد صرح بالسماع عند البخاري وغيره في هذا الحديث ، وقد تابعه ثابت أيضا كما يعلم من التخريج. فقد أخرجه البخاري في صحيحه (رقم ٢٧٠٣ ، ..) ، ومسلم (١٦٧٥ / ٢٤) ، وأبو داود في سننه (رقم ٤٥٩٥) ، والنسائي في المجتبى (رقم ٤٧٥٥ ، ٤٧٥٦) ، ـ

٤٣٨

[١١٨] قوله تعالى :

(فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ) [٤٥]

[١٦٦] ـ أنا عليّ بن حجر ، عن جرير ، عن مغيرة ، عن الشّعبيّ ، عن ابن الصّامت قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من تصدّق من جسده بشيء كفّر الله عنه بقدر ذلك من ذنوبه»

__________________

ـ وأحمد (٣ / ١٢٨ ، ١٦٧ ، ٢٨٤) ، وابن أبي شيبة في المصنف (٩ / ٢٢٢) مختصرا وأبو يعلى (رقم ٣٣٩٦ ، ٣٥١٩) ، والبيهقي في سننه (٨ / ٢٥) ، والبغوي في شرح السنة (رقم ٢٥٢٩) ، من طرق ـ بعضهم عن حميد ، وبعضهم عن ثابت ـ كلاهما عن أنس ـ به.

وزاد نسبته في الدرّ (٢ / ٢٨٨) لابن سعد وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه عن أنس ـ به.

(١٦٦) ـ صحيح* تفرد به المصنف ، انظر تحفة الأشراف (٥٠٩٣). ورجاله ثقات ، جرير هو ابن عبد الحميد الضبي ، ومغيرة هو ابن مقسم الضبي ، والشعبي هو عامر بن شراحيل ، والصحابي هو عبادة بن الصامت رضي الله عنه ، وإسناده صحيح لو لا التردد في سماع الشعبي من عبادة ، فقال البيهقي : «منقطع» ، والصواب أن الشعبي قد أدرك عبادة بالسن ولا يعلم له سماع فالإسناد متصل على رأي الجمهور ، فإن وفاة عبادة سنة (٣٤ ه‍) والشعبي ولد سنة (١٩ ـ ٢٣ ه‍) على الخلاف فيه ، على أن للحديث شواهد يأتي ذكرها إن شاء الله تعالى.

والحديث أخرجه أحمد (٥ / ٣١٦) وعبد الله في زوائد المسند ـ

٤٣٩

__________________

(٥ / ٣٢٩ ، ٣٣٠) ، والطبري في تفسيره (٦ / ١٦٨ ـ ١٦٩) ، والبغوي في تفسيره (٢ / ٤١) ، كلهم من طريق مغيرة عن الشعبي عن عبادة ـ به.

وعزاه في الجامع وكنز العمال (رقم ٣٩٨٥١ ، ٣٩٨٥٢) للطبراني في الكبير والضياء في المختارة عن عبادة ـ به. ورواه الطيالسي (رقم ٥٨٧) ، ومن طريقه البيهقي في سننه (٨ / ٥٦) عن محمد بن أبان الجعفي عن علقمة ابن مرثد عن الشعبي عن عبادة مرفوعا بلفظ : «من أصيب بجسده بقدر نصف دينه فعفا كفر عنه نصف سيئاته ، وإن كان ثلثا أو ربعا فعلى قدر ذلك ..» وفي سنده محمد بن أبان شيخ الطيالسي ، وهو ضعيف.

وللحديث شاهد : أخرجه أحمد (٦ / ٤٤٨) ، والترمذي في جامعه (رقم ١٣٩٣) ، وابن ماجه في سننه (رقم ٢٦٩٣) ، والطبري في تفسيره (٦ / ١٦٨) ، والبيهقي في سننه (٨ / ٥٥) ، كلهم من طريق يونس بن أبي إسحاق عن أبي السفر سعيد بن يحمد عن أبي الدرداء مرفوعا بلفظ : «ما من رجل يصاب بشيء في جسده فيتصدق به إلّا رفعه الله به درجة وحط عنه به خطيئة» ، وسنده منقطع ، فإن أبا السفر لم يسمع أبا الدرداء.

وشاهد آخر : أخرجه أحمد (٥ / ٤١٢) عن رجل من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم مرفوعا : من أصيب بشيء في جسده فتركه لله كان كفارة له» ، وسنده ضعيف.

وشاهد : أخرجه الطبري (٦ / ١٦٩) ، وأبو يعلى (رقم ٦٨٦٩) ، وابن مردويه ـ كما في تفسير ابن كثير (٢ / ٦٥) ـ وعزاه في الدرّ (٢ / ٢٨٨) لسعيد بن منصور ، عن عدي بن ثابت عن رجل : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «من تصدق بدم أو دونه كان كفارة له من يوم ولد إلى يوم تصدق» ، ـ

٤٤٠