تفسير النسائي - ج ١

أبي عبدالرحمن ابن شعيب بن علي النسائي

تفسير النسائي - ج ١

المؤلف:

أبي عبدالرحمن ابن شعيب بن علي النسائي


المحقق: صبري بن عبدالخالق الشافعي وسيّد بن عبّاس الجليمي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة الكتب الثقافية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٨٧
الجزء ١ الجزء ٢

[٨٣] ـ أنا قتيبة بن سعيد ، أنا عبد الواحد بن زياد ، عن إسماعيل بن سميع ، نا مسلم البطين ، وعبد الملك بن أعين ، عن أبي وائل قال : قال ابن مسعود : نزلت هذه الآية (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً) إلى آخر الآية ثمّ لم ينسخها شيء ، فمن اقتطع مال امرئ مسلم بيمينه فهو من أهل هذه الآية.

__________________

ـ ٢١١ ، ٢١٢ ، ٢١٢ ـ ٢١٣)] ، والحميدي (رقم ٩٥) ، والطيالسي (رقم ٢٦٢ ، ١٠٥٠ ، ١٠٥١) ، والطبري (٣ / ٢٢٩ ، ٢٣٠) ، وأبو عوانة (١ / ٣٨ ، ٣٩) ، وأبو يعلى (رقم ٥١١٤ ، ٥١٩٧) ، وابن أبي حاتم (رقم ٨٢٢ ـ آل عمران) ، والطبراني في الكبير (من رقم ٦٤٠ ـ ٦٤٣) ـ والبغوي في تفسيره (١ / ٣١٨) ، والبيهقي في سننه (١٠ / ١٧٨) ، والواحدي في الأسباب (ص ٨١ ، ٨٢) ، وغيرهم من طرق عن أبي وائل ـ به ، وفي بعضها الاقتصار على المرفوع دون القصة ، وفي بعضها عن ابن مسعود وحده.

وقد جاء عن ابن مسعود من غير طريق أبي وائل شقيق بن سلمة ، وللمرفوع شواهد.

وقد زاد السيوطي نسبته في الدرّ (٢ / ٤٤) لعبد الرزاق ، وسعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، والبيهقي في الشعب.

وانظر شرح هذا الحديث للحافظ ابن حجر في فتح الباري (١١ / ٥٥٨ ـ ٥٦٤).

صحيح* تفرد به المصنف بهذا السياق من طريق مسلم بن عمران البطين ، وانظر تحفة الأشراف (رقم ٩٢٣٨ ، ٩٢٨٣ ، ٩٢٩١). وسنده جيد قوي ، رجاله ثقات غير إسماعيل بن سميع فهو صدوق وقد تكلم فيه لبدعة الخوارج ، وعبد الملك صدوق شيعي ، وهو مقرون بالبطين وهو ثقة ، والحديث صحيح فله طرق عن أبي وائل ، وقد سبق تخريج ذلك (رقم ٨٢) وهو مرفوع صريح. ـ

٣٠١

__________________

وأخرجه الطبراني في الكبير (رقم ١٠٤٧٨) من طريق عبد الواحد بن زياد ـ به موقوفا ، ولم يذكر عبد الملك بن أعين.

وقد أخرج البخاري في صحيحه (رقم ٧٤٤٥) ، ومسلم (١٣٨ / ٢٢٢) ، والحميدي (رقم ٩٥) ، والبيهقي (١٠ / ١٧٨) ، وغيرهم كلهم من طريق عبد الملك بن أعين وجامع بن أبي راشد عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود مرفوعا ، وفيه أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قرأ الآية.

وأخرجه عبد الرزاق في تفسيره (ص ٢٢ ـ مخطوط) من طريق عبد الملك بن أعين عن أبي وائل عن ابن مسعود مرفوعا ، بدون ذكر الآية.

فالحديث صحيح مرفوعا من طرق ، وصحيح من قول ابن مسعود وله حكم الرفع.

[فائدة] : أخرجه البخاري في صحيحه (رقم ٢٠٨٨ ، ٢٦٧٥ ، ٤٥٥١) ، وابن أبي حاتم (رقم ٨٢٣ ـ آل عمران) ـ وعزاه في الدرّ (٢ / ٤٤) وزاد نسبته لعبد بن حميد ، وابن المنذر ـ ، كلهم من حديث عبد الله بن أبي أوفى خ خ أنّ رجلا أقام سلعة في السوق ، فحلف عليها : لقد أعطي بها ما لم يعطه ، ليوقع فيها رجلا من المسلمين. فنزلت (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً) إلى آخر الآية.

فيحتمل أن كلا من الحديثين (ابن مسعود والأشعث ـ وابن أبي أوفى) كانا سببا للنزول ، وإلّا فإن حديث الأشعث أصح ، فإن الراوي عن عبد الله بن أبي أوفى هو إبراهيم بن عبد الرحمن السّكسكي ، فيه مقال معروف ، ولذا قال عنه الحافظ في التقريب : «صدوق ضعيف الحفظ».

٣٠٢

[٥٨] قوله تعالى :

(قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ) [٦٤]

[٨٤] ـ أنا أبو داود سليمان بن سيف ، [نا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، نا أبي ، عن صالح ، عن ابن شهاب ، أني عبيد الله](١) بن عبد الله ، أنّ عبد الله بن عبّاس قال : أخبرني أبو سفيان بن حرب أنّه كان بالشّام في رجال من قريش قدموا تجّارا في المدّة الّتي كانت بين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وبين كفّار قريش ، قال أبو سفيان : فوجدنا رسول قيصر ببعض الشّام ، فانطلق بي وبأصحابي حتّى قدمنا إيلياء فأدخلنا

__________________

(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل وألحق بهامشه وكتب بجواره صح

__________________

(٨٤) ـ * أخرجه البخاري في صحيحه : (رقم ٧) كتاب بدء الوحي ، باب ٦ و (رقم ٥١) كتاب الإيمان ، باب ٣٨ ببعضه و (رقم ٢٦٨١) كتاب الشهادات ، باب من أمر بإنجاز الوعد ، ببعضه و (رقم ٢٨٠٤) كتاب الجهاد ، باب قول اللّه عزّ وجل قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ والحرب سجال ـ ببعضه و (رقم ٢٩٤١) بتمامه ، باب دعاء النبي صلّى اللّه عليه وسلّم الناس إلى الإسلام والنبوة وأن لا يتخذ بعضهم بعضا أربابا من دون اللّه ... و (رقم ٢٩٧٨) ببعضه ، باب قول النبي صلّى اللّه عليه وسلّم نصرت بالرعب مسيرة شهر وقول اللّه عزّ وجل : سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِما أَشْرَكُوا بِاللَّهِ و (رقم ٣١٧٤) كتاب الجزية والموادعة ، باب فضل الوفاء بالعهد ـ ببعضه ـ و (رقم ٤٥٥٣) كتاب التفسير ، باب قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ و (رقم ٥٩٨٠) كتاب الأدب ، باب صلة المرأة أمّها ولها زوج ـ ببعضه ، و (رقم ٦٢٦٠) ببعضه كتاب الاستئذان ، باب كيف يكتب إلى أهل الكتاب و (رقم ٧١٩٦) كتاب الأحكام ، باب ترجمة الحكام وهل يجوز ترجمان واحد؟. ـ

٣٠٣

عليه ، فإذا هو جالس في مجلس ملكه ، وعليه التّاج وحوله علماء الرّوم ، فقال لترجمانه : سلهم أيّهم أقرب نسبا إلى هذا الرّجل الّذي يزعم أنّه نبيّ؟ قال أبو سفيان : أنا أقربهم إليه نسبا ، فقال : ما قرابة ما بينك وبينه؟ فقلت : هو ابن عمّي قال : وليس في الرّكب يومئذ رجل من بني عبد مناف غيري ، قال / : فقال قيصر : أدنوه منّي ، ثمّ أمر بأصحابي فجعلوا خلف ظهري عند كتفيّ ، ثمّ قال لترجمانه : قل لأصحابه : إنّي سائل هذا عن هذا الرّجل الّذي يزعم أنّه نبيّ ، فإن كذب فكذّبوه ، قال أبو سفيان : والله لو لا الحياء يومئذ أن يأثر علىّ أصحابي الكذب لحدّثته عنه حين سألني ، ولكن استحييت أن يأثروا عليّ الكذب ، فصدقته عنه ، ثمّ قال لترجمانه : قل له : كيف نسب هذا الرّجل فيكم؟ قلت : هو فينا ذو نسب قال : فقال : هل قال هذا القول منكم أحد قبله ، قلت : لا ، قال : فهل كنتم تتّهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قلت : لا ، قال : فهل كان من آبائه من ملك؟

__________________

ـ * وأخرجه مسلم في صحيحه : (رقم ١٧٧٣ / ٧٤) كتاب الجهاد والسير ، باب كتاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام.

* وأخرجه أبو داود في سننه : (رقم ٥١٣٦) كتاب الأدب ، باب كيف يكتب إلى الذمي؟؟ ـ ببعضه.

* وأخرجه الترمذي في جامعه : (رقم ٢٧١٧) مختصرا ـ كتاب الاستئذان ، باب ما جاء كيف يكتب إلى أهل الشرك ، من طرق عن الزهري عن عبيد الله ـ به ، انظر تحفة الأشراف (٤٨٥٠).

وانظر تفسير ابن أبي حاتم (رقم ٦٩١ ـ آل عمران) ، وتفسير البغوي (١ / ٣١٢) ، والدرّ (٢ / ٤٠).

٣٠٤

قلت : لا ، قال : فأشراف النّاس اتّبعوه أم ضعفاؤهم؟ قلت : بل ضعفاؤهم ، قال : فيزيدون أم ينقصون؟ قلت : بل يزيدون ، قال : فهل يرتدّ أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ قلت : لا ، قال : فهل يغدر؟ قلت : لا ، ونحن منه الآن في مدّة ، ونحن نخاف أن يغدر ، قال أبو سفيان : ولم يمكنّي كلمة أدخل فيها شيئا أنتقصه بها أخاف أن تؤثر عنّي غيرها ، قال : فهل قاتلتموه؟ وهل قاتلكم؟ فقلت : نعم ، قال : فكيف كان حربكم وحربه؟ قلت : كانت دولا وسجا لا يدال علينا المرّة وندال عليه الأخرى ، قال : فما كان يأمركم به؟ قلت : يأمرنا أن نعبد الله وحده ، ولا نشرك به شيئا ، ونهانا عمّا كان يعبد آباؤنا ، ويأمرنا بالصّلاة ، والصّدق ، والعفاف ، والوفاء بالعهد ، وأداء الأمانة. فقال لترجمانه حين قلت ذلك : قل له : إنّي سألتك عن نسبه فيكم فزعمت أنه فيكم ذو نسب ، وكذلك الرّسل تبعث في

__________________

ـ قوله خ خ أشراف الناس : أي أهل النخوة والتكبر ـ المراد هاهنا ـ حتى لا يرد أبو بكر وعمر وأمثالهما ممن أسلم قبل هذا السؤال.

قوله «المدّة» : يعني مدة الصلح بالحديبية ، وكانت في سنة ست ، وكانت مدتها عشر سنين.

قوله «إيلياء» : هو اسم مدينة بيت المقدس ، وقيل إنما سميت باسم بانيها وهو إلياء إرم بن سام بن نوح عليه‌السلام.

قوله «سخطة» : السّخط والسّخط : الكراهية للشيء وعدم الرضا به.

قوله «دولا وسجالا يدال علينا المرة وندال علي الأخرى» : من الإدالة : الغلبة ، يقال : أديل لنا على أعدائنا أي نصرنا عليهم وكانت الدّولة لنا ، والدّولة : الانتقال من حال الشدة إلى الرخاء ، وسجالا : أى نوبا.

٣٠٥

نسب قومها ، وسألتك : هل قال هذا القول أحد منكم قبله؟ فزعمت أن لا فقلت : ألّو قال / هذا القول أحد منكم قبله قلت : رجل يأتمّ بقول قيل قبله ، وسألتك : هل كنتم تتّهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فزعمت أن لا ، فقد علمت أنّه لم يكن ليذر الكذب على النّاس ، ويكذب على الله ، وسألتك : هل كان من آبائه من ملك؟ فزعمت أن لا فقلت : أن لو كان من آبائه ملك لقلت : رجل يطلب ملك آبائه ، وسألتك : أشراف النّاس اتّبعوه أم ضعفاؤهم؟ فزعمت أنّ ضعفاءهم اتّبعوه ، وهم أتباع الرّسل ، وسألتك : هل يزيدون أو ينقصون؟ فزعمت أنّهم يزيدون ؛ وكذلك الإيمان حتّى يتمّ (١) وسألتك : هل يرتدّ أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ فزعمت أن لا ، وكذلك الإيمان حين يخالط بشاشة القلب لا يبغضه أحد ، وسألتك : هل يغدر؟ فزعمت أن لا ، وكذلك الرّسل لا تغدر ، وسألتك : هل قاتلتوه (٢) وقاتلكم؟ فزعمت أن قد فعل ، وأنّ حربكم وحربه تكون دولا ، يدال عليكم المرّة ، وتدالّون عليه الأخرى ، وكذلك الرّسل تبتلى ويكون لها العاقبة ، وسألتك : بما ذا أمركم؟ فزعمت أنّه يأمركم أن تعبدوا الله وحده ، ولا تشركوا به شيئا ، وينهاكم عمّا كان يعبد آباؤكم ، ويأمركم بالصّلاة ، والصّدق ، والعفاف والوفاء (٣) بالعهد ، وأداء الأمانات قال : وهذه صفة نبيّ قد كنت أعلم أنّه خارج ، ولم أكن أظنّ أنّه منكم ، وإن يكن ما قلت

__________________

(١) في الأصل : يتامن وما أثبتناه هو رواية البخاري.

(٢) كذا في الأصل ، ولعل الصحيح ما في رواية مسلم : «قاتلتموه».

(٣) في الأصل : والفاء وما أثبتناه هو رواية البخاري

٣٠٦

حقا ، فيوشك أن يملك موضع قدميّ هاتين ، فو الله لو أرجو أن أخلص إليه لتجشّمت لقية ولو كنت عنده غسلت عن قدميه ، قال أبو سفيان : ثمّ دعا بكتاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأمر به ، فقرئ فإذا فيه بسم الله الرّحمن الرّحيم / ، من محمّد بن عبد الله رسوله إلى هرقل عظيم الرّوم ، سلام على من اتّبع الهدى ، أما بعد فإنّي أدعوك بدعاية الإسلام ؛ أسلم تسلم ، وأسلم يؤتك الله أجرك مرّتين ، وإن تولّيت فإنّ عليك إثم الأريسيين و (يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) قال أبو سفيان : فلما قضى مقالته علت أصوات الرّوم حوله من عظماء الرّوم وكثر لغطهم فلا أدري ما ذا قالوا ، وأمر بنا فأخرجنا ، قال أبو سفيان : فلمّا خرجت مع أصحابي وخلصت بهم قلت : لقد أمر [أمر](١) ابن أبي كبشة ؛ هذا ملك بني الأصفر يخافه ، قال أبو سفيان : فو الله ما زلت ذليلا (٢) مستيقنا بأنّ أمره سيظهر حتّى أدخل الله قلبي الإسلام وأنا كاره.

__________________

(١) زيادة من البخاري.

(٢) في الأصل قليلا.

__________________

ـ قوله أخلص إليه : أي أصل إليه.

قوله لتجشمت لقيه أي تكلّفت الوصول إليه ، وهذا يدل على أنه كان يتحقق أنه لا يسلم من القتل إن هاجر إلى النبي صلّى اللّه عليه وسلّم.

قوله الأريسيين : جمع أريسي ، والأريس هو الأكار : أي الفلاح ، وقد تقلب الهمزة ياء (اليريسيين). ـ

٣٠٧

[٥٩] قوله تعالى :

(كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ) [٨٦]

[٨٥] ـ أنا محمّد بن عبد الله بن بزيع ، نا يزيد ـ وهو ابن زريع ، نا داود ، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس قال : كان رجل من الأنصار أسلم ثمّ ارتدّ ، ولحق بالشّرك ثمّ ندم (*) فأرسل إلى قومه : سلوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم هل لي من توبة؟ فجاء قومه إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالوا : إنّ فلانا قد ندم (*) ، وإنّه قد أمرنا أن نسألك : هل له من توبة؟ فنزلت (كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ) إلى (غفور رحيم) فأرسل إليه ، فأسلم.

__________________

(٠) (*) في الأصل : قدم ، وفي المجتبى : تندم في الموضع الأول ، وفي الثاني : ندم ، وعند الطبري : ندم وكلاهما عن محمد بن عبد الله بن بزيع بهذا الإسناد ، وفي باقي الروايات : ندم.

__________________

ـ قوله أمر ابن أبي كبشة أمر : بفتح الهمزة وكسر الميم : أي عظم ، وابن أبي كبشة : أراد به النبي صلّى اللّه عليه وسلّم لأن أبا كبشة أحد أجداده ، وعادة العرب إذا انتقصت نسبت إلى جد غامض.

قوله ملك بني الأصفر : هم الروم ، ويقال إن جدهم روم بن عيص تزوج بنت ملك الحبشة فجاء لون ولده بين البياض والسواد فقيل له الأصفر ، وقيل : إنما لقب الأصفر لأن جدته سارة زوج إبراهيم عليه السّلام ـ حلته بالذهب.

(٨٥) ـ إسناد صحيح * * أخرجه المصنف في المجتبى : (رقم ٤٠٦٨) كتاب تحريم الدم ، توبة المرتد ، انظر تحفة الأشراف (٦٠٨٤). ورجال إسناده ثقات رجال الصحيح ، وداود هو ابن أبي هند وهو ثقة ، وقد توبع. ـ

٣٠٨

__________________

والحديث رواه أحمد (١ / ٢٤٧) ، والطبري في تفسيره (٣ / ٢٤١ ، ٢٤١ ـ ٢٤٢) ، وابن أبي حاتم في تفسيره (رقم ٩١٤ ، ٩٢٤ ـ آل عمران) ، وابن حبان في صحيحه [(رقم ١٧٢٨ ـ موارد) ، (٦ / ٣٢٤ ـ الإحسان)] ، والحاكم في المستدرك (٢ / ١٤٢ ، ٤ / ٣٦٦) وصححه وأقره الذهبي في الموضعين ، والبيهقي في سننه (٨ / ١٩٧) ، والواحدي في خ خ الأسباب (ص ٨٤) ، من طرق عن داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس ـ به.

وقد رواه الواحدي أيضا (ص ٨٤) من طريق علي بن عاصم عن خالد بن مهران الحذّاء وداود عن عكرمة عن ابن عباس ـ به. فإن كان ذكر خالد الحذاء محفوظا فذاك ، وإلّا فإن علي بن عاصم بن صهيب صدوق يخطئ ويصرّ.

وقد رواه ابن جرير (٣ / ٢٤١) من طريق عبد الأعلى عن داود عن عكرمة ـ به ، لم يذكر ابن عباس ، وهذا لا ينافي أن الموصول محفوظ ، فقد رواه غير واحد عن داود عن عكرمة عن ابن عباس ، كما يعلم من التخريج ، وقد تابعه خالد الحذاء (إن كان محفوظا).

[فائدة] : جاء تسمية الرجل ب (الحارث بن سويد) ، وهو في مرسل مجاهد وغيره.

* * *

٣٠٩

[٦٠] قوله تعالى :

(لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) [٩٢]

[٨٦] ـ أخبرني هارون بن عبد الله ، نا معن ، نا مالك ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أنس ، أنّ أبا طلحة كان أكثر / أنصاريّ مالا بالمدينة بالنّخل ، وكان أحبّ أمواله إليه بيرحاء وكانت

__________________

(٨٦) ـ * أخرجه البخاري في صحيحه : (رقم ١٤٦١) كتاب الزكاة ، باب الزكاة على الأقارب و (رقم ٢٣١٨) كتاب الوكالة ، باب إذا قال الرجل لوكيله : ضعه حيث أراك الله وقال الوكيل : قد سمعت ما قلت و (رقم ٢٧٥٢) ببعضه ، كتاب الوصايا ، باب إذا وقف أو أوصى لأقاربه ، ومن الأقارب؟ و (رقم ٢٧٦٩) باب إذا وقف أرضا ولم يبين الحدود فهو جائز وكذلك الصدقة و (رقم ٤٥٥٤) كتاب التفسير ، باب «لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ـ إلى قوله ـ به عليم» و (رقم ٥٦١١) كتاب الأشربة ، باب استعذاب الماء.

* وأخرجه مسلم في صحيحه : (رقم ٩٩٨ / ٤٢) كتاب الزكاة ، باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج والأولاد والوالدين ولو كانوا مشركين. كلاهما من طريق مالك بن أنس ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ـ به ، انظر تحفة الأشراف (٢٠٤).

وأخرجه أيضا مالك في الموطأ (٢ / ٩٩٥) ، وأحمد (٣ / ١٤١ ، ٢٥٦) ، والطيالسي (رقم ٢٠٨٠) ، وابن خزيمة (رقم ٢٤٥٥) ، وابن أبي حاتم (رقم ٩٤٧ ـ آل عمران) ، والدارمي (١ / ٣٩٠) ، والطحاوي في خ خ شرح معاني الآثار (٣ / ٢٨٨ ـ ٢٨٩ ، ٢٨٩) ، وابن حبان في صحيحه (٥ / ١٤٢ رقم ٣٣٢٩ ـ الإحسان) ، وأبو نعيم في الحلية (٦ / ٣٣٨) ، والبيهقي في سننه (٦ / ١٦٤ ـ ١٦٥) ، والبغوي في تفسيره (١ / ٣٢٥ ـ ٣٢٦) وفي شرح السنة (رقم ١٦٨٣) ، كلهم من طريق إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس ـ به. ـ

٣١٠

مستقبلة المسجد ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يدخلها فيأكل من ثمرها ، ويشرب من ماء فيها طيّب [قال أنس :](١) فلمّا نزلت هذه الآية (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : يا رسول الله ، إنّ الله يقول : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) وإن أحبّ أموالي إليّ بيرحاء ، وإنّها صدقة لله أرجو برّها وذخرها عند الله فضعها يا رسول الله حيث أراك الله ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «بخ ذلك مال رابح وقد سمعت ما قلت ، وإنّي أرى أن تجعله في الأقربين» فقال أبو طلحة : أفعل يا رسول الله. فقسمها أبو طلحة بين أقربائه ، وبني عمّه ،

__________________

(١) سقطت من الأصل وألحقت بالهامش وكتب فوقها صح

__________________

ـ وأخرجه البخاري (رقم ٤٥٥٥) ، ومسلم (٩٩٨ / ٤٣) ، وأبو داود (رقم ١٦٨٩) ، والترمذي في جامعه (رقم ٢٩٩٧) وصححه ، والنسائي في المجتبى (رقم ٣٦٠٢) وسيأتي هنا (رقم ٨٧) ، وعبد بن حميد (رقم ١٤١٣ ـ منتخب) ، وأحمد (٣ / ١١٥ ، ١٧٤ ، ٢٦٢ ، ٢٨٥) ، والطبري في تفسيره (٣ / ٢٤٦ ، ٢٤٦ ـ ٢٤٧) ، وابن خزيمة (رقم ٢٤٥٨ ، ٢٤٥٩ ، ٢٤٦٠) ، وأبو يعلى (رقم ٣٧٣٢ ، ٣٨٦٥) ، والطحاوي في شرح المعاني (٣ / ٢٨٩) ، والبيهقي (٦ / ١٦٥) ، وغيرهم من طرق عن أنس بن مالك مختصرا ومطولا ، وانظر الدرّ (٢ / ٥٠).

قوله خ خ بيرحاء موضع بقرب المسجد بالمدينة يعرف بقصر بني جديلة.

قوله خ خ بخ : كلمة تقال عند المدح والرضى بالشيء وتكرر للمبالغة.

٣١١

[٨٧] ـ أنا أبو بكر بن نافع ، نا بهز ، نا حمّاد بن سلمة ، نا ثابت ، عن أنس قال : لمّا نزلت (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ)(١)(حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) قال أبو طلحة : أرى ربّنا يسألنا أموالنا ، فأشهدك يا رسول الله أنّي قد جعلت أرضي لله ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «اجعلها في قرابتك» فجعلها في حسّان بن ثابت ، وأبيّ بن كعب.

* * *

__________________

(١) في الأصل البر البر وهو خطأ.

__________________

(٨٧) ـ * أخرجه مسلم في صحيحه : (رقم ٩٩٨ / ٤٣) كتاب الزكاة ، باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج والأولاد والوالدين ولو كانوا مشركين.

* وأخرجه أبو داود في سننه (رقم ١٦٨٩) كتاب الزكاة ، باب في صلة الرحم.

* وأخرجه المصنف في المجتبى : (رقم ٣٦٠٢) كتاب الأحباس ، كيف يكتب الحبس وذكر الاختلاف على ابن عون في خبر ابن عمر فيه ، كلاهما من طريق حماد بن سلمة عن ثابت ـ به ، انظر تحفة الأشراف (٣١٥).

٣١٢

[٦١] قوله تعالى :

(فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [٩٣]

[٨٨] ـ أنا يحيى بن حبيب بن عربيّ (١) من كتابه ، نا يزيد ـ يعني ابن زريع ـ نا شعبة ، نا أيّوب ، عن نافع ، عن ابن عمر أنّه حدّثه لمّا رفعا إلى النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «ما تجدون في كتابكم» قالوا : لا نجد الرّجم ، فقال عبد الله بن سلام : كذبوا ، الرّجم في كتابهم ، فقيل : (فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) فجاءوا بالتّوراة وجاء قارئهم فوضع كفّه على موضع الرّجم ، فجعل يقرأ ما خلا ذلك. قال عبد الله بن سلام : ادخل كفّك فإذا هو / بالرّجم يلوح ، فأمر نبيّ الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بهما فرجما.

__________________

(١) في الأصل عن عدي ، وهو تحريف. والتصويب من تحفة الأشراف.

__________________

(٨٨) ـ * أخرجه البخاري في صحيحه : (رقم ٧٥٤٣) كتاب التوحيد ، باب ما يجوز من تفسير التوراة وغيرها من كتب اللّه بالعربية وغيرها لقول اللّه تعالى : (قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ).

* وأخرجه مسلم في صحيحه : (رقم ١٦٩٩ / ٢٧) كتاب الحدود ، باب رجم اليهود أهل الذمة في الزنى.

* وأخرجه المصنف في الكبري : كتاب الرجم ، ثلاثتهم من طريق شعبة عن أيوب ـ به ، وانظر تحفة الأشراف (رقم ٧٥١٩).

وأخرجه أيضا أبو داود (رقم ٤٤٤٦) ، وأحمد (٢ / ٥) ، وعبد الرزاق في مصنفه (رقم ١٣٣٣٢) ، ومالك (٢ / ٨١٩) ، والدارمي (٢ / ١٧٨ ـ ١٧٩) ، والطبراني في الكبير (رقم ١٣٤٠٧) ، وابن أبي حاتم في تفسيره (رقم ٩٥٩ ـ ـ

٣١٣

[٦٢] قوله تعالى :

(إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ) [٩٦]

[٨٩] ـ أنا بشر بن خالد ، أنا غندر ، عن شعبة ، عن سليمان ، قال : سمعت إبراهيم يحدّث عن أبيه ، عن أبي ذرّ ، عن النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنّه سأله عن أوّل مسجد وضع للنّاس؟ قال : «مسجد الحرام ، وبيت المقدس» فسئل : كم بينهما؟ قال : «أربعون (١) عاما وحيث ما أدركتك الصّلاة ، فصلّ فثمّ مسجد.»

__________________

(١) في الأصل «أربعين» وهو خطأ ، والصحيح ما نثبته وهو موافق لغير المصنف هنا من رواة الحديث.

__________________

ـ آل عمران) ، من طريق نافع عن ابن عمر ـ به.

وأخرجه الترمذي وابن ماجة وغيرهما مختصرا.

وفي الباب عن البراء وأبي هريرة وابن عباس وجابر وغيرهم.

(٨٩) ـ * أخرجه البخاري في صحيحه : (رقم ٣٣٦٦) كتاب أحاديث الأنبياء ، باب ١٠ و (رقم ٣٤٢٥) باب قول اللّه تعالى : ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب ...

* أخرجه مسلم في صحيحه : (رقم ٥٢٠ / ١ ، ٢) كتاب المساجد ومواضع الصلاة ـ وفي أحدهما قصة ـ

* وأخرجه المصنف في المجتبى : (رقم ٦٩٠) كتاب المساجد ، ذكر أي مسجد وضع أولا ـ وفيه قصة ـ

* وأخرجه ابن ماجة في سننه : (رقم ٧٥٣) كتاب المساجد والجماعات ، ـ

٣١٤

__________________

باب أيّ مسجد وضع أول. وسيأتي (رقم ٣٠١) كلهم من طريق الأعمش عن إبراهيم عن أبيه ـ به ، انظر تحفة الأشراف (١١٩٩٤).

* وأخرجه أيضا أحمد (٥ / ١٥٠ ، ١٥٧ ، ١٦٠ ، ١٦٦ ـ ١٦٧) ، وابن أبي شيبة (٢ / ٤٠٢) مختصرا ، وعبد الرزاق في المصنف (رقم ١٥٧٨) ، والطبري (٤ / ٧) ، والطيالسي (رقم ٤٦٢) ، والحميدي (رقم ١٣٤) ، وأبو عوانة (١ / ٣٩٢) ، وابن خزيمة في صحيحه (رقم ١٢٩٠) ، والطحاوي في خ خ مشكل الآثار (١ / ٣٢ رقم ١١٧) ، وابن حبان في صحيحه (رقم ١٥٩٨ ـ الإحسان) ، والبيهقي في سننه (٢ / ٤٣٣) وفي دلائله (٢ / ٤٣) وفي الشعب ، والبغوي في تفسيره (١ / ٣٢٨) ، من طرق عن سليمان بن مهران الأعمش عن إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي ـ به.

وقد تابعه أبو عوانة كما عند أحمد (٥ / ١٥٦) فرواه عن عفان ثنا أبو عوانة والأعمش عن إبراهيم ـ به.

وذكره السيوطي في الدرّ (٢ / ٥٢) وزاد نسبته لعبد بن حميد ، وفاته العزو للنسائي وابن ماجه وغيرهما.

[فائدة] : قال الطحاوي : خ خ فقال قائل : باني المسجد الحرام هو إبراهيم عليه‌السلام ، وباني المسجد الأقصى هو داود وابنه سليمان عليهما‌السلام من بعده ، وقد كان بين إبراهيم وبينهما من القرون ما شاء الله أن يكون ... وفي ذلك من المدد ما يتجاوز الأربعين بأمثالها ، فكان جوابنا له في ذلك : أن من بنى هذين المسجدين هو من ذكره ، ولم يكن سؤال أبي ذر رسول الله عليه‌السلام عن مدة ما بين بنائهما ، إنما سأله عن مدة ما كان بين وضعهما ، فأجابه به ، وقد يحتمل أن يكون واضع المسجد الأقصى كان بعض أنبياء الله قبل داود ، وقبل سليمان ...

وقال ابن القيم في الزاد (١ / ٤٩ ـ ٥٠) : «وقد أشكل هذا الحديث على من لم يعرف المراد به ، فقال : معلوم أن سليمان بن داود هو الذي بني المسجد

٣١٥

[٦٣] قوله تعالى :

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ) [١٠٢]

[٩٠] ـ أنا بشر بن خالد ، أنا غندر ، عن شعبة ، عن سليمان ، عن مجاهد ، عن ابن عبّاس ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) لو أنّ قطرة من الزّقّوم قطرت على الأرض لأمرّت على أهل الأرض معيشتهم ، فكيف من هو طعامه أو ليس له طعام غيره؟»

__________________

ـ الأقصى ، وبينه وبين إبراهيم أكثر من ألف عام ، وهذا من جهل هذا القائل ، فإن سليمان إنما كان له من المسجد الأقصى تجديده ، لا تأسيسه ، والذي أسسه هو يعقوب بن إسحاق صلّى الله عليهما وآلهما وسلّم بعد بناء إبراهيم الكعبة بهذا المقدار».

وهناك أقوال أخر ، وانظر فتح الباري للحافظ ابن حجر (٦ / ٤٠٨ ـ ٤٠٩).

(٩٠) ـ إسناد صحيح** أخرجه الترمذي في جامعه : (رقم ٢٥٨٥) كتاب صفة جهنم ، باب ما جاء في صفة شراب أهل النار.

وأخرجه ابن ماجه في سننه : (رقم ٤٣٢٥) كتاب الزهد ، باب صفة النار ، كلاهما من طريق سليمان بن مهران الأعمش عن مجاهد ـ به ، انظر تحفة الأشراف (٦٣٩٨) ، وقال الترمذي : «هذا حديث حسن صحيح». ورجاله ثقات ، رجال الشيخين ، غندر هو محمد بن جعفر من أثبت الناس في شعبة بن الحجاج ، وسليمان هو ابن مهران الأعمش ، ومجاهد هو ابن جبر ، والأعمش مدلس خاصة في مجاهد ، فقد ذكره الحافظ في المرتبة الثانية (من احتمل الأئمة تدليسه) ، وقد قال أبو حاتم ـ كما في العلل لابنه (٢ / ٢١٠ رقم ٢١١٩) ـ : «إن الأعمش قليل السماع من مجاهد ، وعامة ما يروي عن مجاهد مدلس» أ. ه قلت : لكن الراوي

٣١٦

__________________

عنه شعبة القائل : «كفيتكم تدليس ثلاثة الأعمش وأبي إسحاق وقتادة» ، ولذا قال الحافظ في نهاية مراتب المدلسين : «فهذه قاعدة جيدة في أحاديث هؤلاء الثلاثة أنها إذا جاءت من طريق شعبة دلت على السماع ولو كانت معنعنة». وقد جاء هذا الحديث من غير طريق شعبة ـ كما يأتي ـ فزاد في الإسناد رجلا بين الأعمش ومجاهد.

والحديث هكذا (بذكر الآية مرفوعا) أخرجه أيضا أحمد (١ / ٣٠١ ، ٣٣٨ ـ رقم ٢٧٣٥ ، ٣١٣٦) ، والطيالسي (رقم ٢٦٤٣) ، وابن أبي حاتم في تفسيره (رقم ١٠٩٨ ـ آل عمران) ، والطبراني في الكبير (رقم ١١٠٦٨) وفي الصغير (٢ / ٥١) ، وابن حبان في صحيحه [(رقم ٢٦١١ ـ موارد) ، (٩ / ٢٧٨ ـ الإحسان)] ، والحاكم في مستدركه (٢ / ٢٩٤ ، ٤٥١ ـ ٤٥٢) وصححه على شرط الشيخين وأقره الذهبي ، والبيهقي في خ خ البعث والنشور (رقم ٥٩٦) ، والبغوي في تفسيره (١ / ٣٣٣) ، وفي شرح السنة (رقم ٤٤٠٨) ، من طرق عن شعبة عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس ـ به. وقال الطبراني : خ خ لم يروه عن الأعمش إلّا شعبة.

وزاد السيوطي نسبته في الدرّ (٢ / ٦٠) لابن المنذر عن ابن عباس مرفوعا ، ونقل تصحيحه عن أحمد أيضا ، وقال الحاكم : «أخرجه الإمام أبو يعقوب الحنظلي ...».

وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (١٣ / ١٦١ رقم ١٥٩٩١) عن يحيى بن عيسى الرملي ، وأحمد (١ / ٣٣٨ رقم ٣١٣٨) من طريق فضيل بن عياض ، والبيهقي في البعث (رقم ٥٩٧) من طريق يحيى بن عيسى ، كلاهما عن الأعمش عن أبي يحيى القتّات عن مجاهد عن ابن عباس موقوفا بدون ذكر الآية.

وأبو يحيى القتّات ضعفه غير واحد من الأئمة ، وقال بعضهم : لا بأس به يكتب حديثه ، ولذا قال الحافظ : «لين الحديث» ، فالإسناد فيه ضعيف.

٣١٧

[٦٤] قوله تعالى :

(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) [١١٠]

[٩١] ـ أنا محمّد بن عبد الله بن المبارك ، نا أبو داود الحفريّ ، عن سفيان ، عن ميسرة ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) قال : نحن خير النّاس للنّاس نجيء بهم الأغلال في أعناقهم ، فندخلهم في الإسلام.

__________________

ـ فقد خالف شعبة : يحيى بن عيسى (صدوق يخطئ) ، وفضيل بن عياض (ثقة عابد) ، كلاهما عن الأعمش عن القتّات ـ به موقوفا.

ويمكن الجمع : بأن الأعمش سمعه من مجاهد عن ابن عباس مرفوعا كما سبق ، وتفرد به شعبة عن الأعمش ، [ولا يضره تفرده فهو أمير المؤمنين في الحديث] ، وسمعه الأعمش من أبي يحيى القتّات عن مجاهد عن ابن عباس موقوفا ، وفي سنده ضعف كما تقدم. فهذا أولى من تضعيف الحديث بحجة أن اثنين قد خالفا شعبة ، والله أعلم.

قوله خ خ الزّقّوم : كما وصف الله في كتابه (الصافات : ٦٤ ، ٦٥) : «إنّها شجرة تخرج في أصل الجحيم* طلعها كأنّه رءوس الشياطين».

والزّقم : هو اللّقم الشديد ، والشرب المفرط.

قوله خ خ أمرّت : من المرارة ، وقد وقع في كثير من الطريق : خ خ لأفسدت.

(٩١) ـ أخرجه البخاري في صحيحه : (رقم ٤٥٥٧) : كتاب التفسير ، باب «كنتم خير أمة أخرجت للناس» عن محمد بن يوسف عن سفيان ـ به موقوفا ، وانظر تحفة الأشراف (رقم ١٣٤٣٥). أبو داود في الإسناد هو عمر بن سعد بن عبيد ، وسفيان هو الثوري ، وميسرة هو ابن عمار الأشجعي الكوفي ، وأبو حازم هو سلمان الأشجعي ، وقد جاء نحو هذا الحديث مرفوعا وهو صحيح. ـ

٣١٨

[٩٢] ـ أنا قتيبة بن سعيد ، نا عمرو ، أنا إسرائيل (١) ، عن سماك ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس في قول الله تعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) قال : هم الّذين هاجروا مع النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم من مكّة إلى المدينة.

__________________

(١) في الأصل : إسماعيل. والتصويب من تحفة الأشراف.

__________________

ـ والحديث أخرجه الطبري (٤ / ٢٩ ـ ٣٠) ، وابن أبي حاتم (رقم ١١٦١ ـ آل عمران) ، والحاكم في مستدركه (٤ / ٨٤) وصححه وأقره الذهبي ، من طرق عن سفيان ـ به.

وزاد السيوطي نسبته في الدرّ (٢ / ٦٤) للفريابي ، وعبد بن حميد وابن المنذر عن أبي هريرة موقوفا.

أخرجه البخاري في صحيحه : (رقم ٣٠١٠) ، وأبو داود (رقم ٢٦٧٧) ، وأحمد (٢ / ٣٠٢ ، ٤٠٦ ، ٤٤٨ ، ٤٥٧) ، وابن حبان (رقم ١٣٤ ـ الإحسان) ، وغيرهم من حديث أبي هريرة عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال : عجب اللّه من قوم يدخلون الجنة في السلاسل ، وفي لفظ : يقادون إلى الجنة في السلاسل وله شاهد من حديث أبي أمامة مرفوعا ، وقد أخرجه أحمد (٥ / ٢٤٩ ، ٢٥٦) وغيره.

وقال ابن جبان : والقصد في الخبر السبي الذي يسبيهم المسلمون من دار الشرك مكتّفين في السلاسل ، يقادون بها إلى دور الإسلام حتى يسلموا فيدخلوا الجنة.

انظر تتمة المقال على هذا الحديث في فتح الباري (٦ / ١٤٥ ، ٨ / ٢٢٥)

(٩٢) ـ إسناد جيد * تفرد به المصنف ، انظر تحفة الأشراف (٥٥٢١). ورجال إسناده ثقات غير سماك بن حرب فهو صدوق ، وروايته عن عكرمة خاصّة

٣١٩

[٦٥] قوله تعالى :

(لَيْسُوا سَواءً ، مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) [١١٣]

[٩٣] ـ أنا محمّد بن رافع ، نا أبو النّضر ، نا أبو معاوية ، عن عاصم ، عن زرّ ، عن ابن مسعود قال : أخّر ، رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم / ليلة صلاة العشاء ، ثمّ خرج إلى المسجد ، فإذا النّاس ينتظرون الصّلاة ، فقال : «أما إنّه ليس من هذه الأديان أحد يذكر الله هذه السّاعة

__________________

ـ فيها اضطراب ـ وليس هذا منها ـ ، وعمرو هو : ابن محمد العنقزيّ ، وقال الحافظ في الفتح (٨ / ٢٢٥) : «بإسناد جيد».

والأثر أخرجه أحمد (١ / ٢٧٣ ، ٣١٩ ، ٣٢٤ ، ٣٥٤) ؛ وعبد الرزاق في تفسيره (ص ٢٤ ـ مخطوط) ، والطبري (٤ / ٢٩) ، وابن أبي حاتم (رقم ١١٥٧ ـ آل عمران) ، وابن أبي شيبة (١٢ / ١٥٥) ، والطبراني في الكبير (رقم ١٢٣٠٣) ، والحاكم في المستدرك (٢ / ٢٩٤) وصححه على شرط مسلم وأقره الذهبي ، من طرق عن إسرائيل عن سماك ـ به.

وزاد نسبته في الدرّ (٢ / ٦٣) لعبد بن حميد ، والفريابي ، وابن المنذر عن ابن عباس موقوفا.

وعزاه الحافظ في «المطالب العالية» (٣ / ٣١٥ رقم ٣٥٧٠) للحارث بن أبي أسامة عن ابن عباس.

ورواه ابن جرير (٤ / ٢٩) من طريق آخر عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس ـ به.

وذكره الهيثمي في المجمع (٦ / ٣٢٧) وقال : «رواه أحمد والطبراني ، ورجال أحمد رجال الصحيح».

(٩٣) ـ إسناد حسن* تفرد به المصنف ، انظر تحفة الأشراف (٩٢١٤). ـ

٣٢٠