الوصائل إلى الرسائل - ج ٤

آية الله السيد محمد الشيرازي

الوصائل إلى الرسائل - ج ٤

المؤلف:

آية الله السيد محمد الشيرازي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة عاشوراء للطباعة والنشر
المطبعة: مطبعة أمير
الطبعة: ٢
ISBN: 964-7263-03-1
ISBN الدورة:
964-7263-04-X

الصفحات: ٤٠٠

مثل الشبهة الغير المحصورة ، وما لو علم إن عليه فوائت لا يحصي عددها ، وغير ذلك ،

______________________________________________________

(مثل الشبهة غير المحصورة) فانّ قاعدة الاحتياط جارية فيها لكن يرفع اليد عنها بسبب دليل العسر.

(وما لو علم إنّ عليه فوائت لا يحصي عددها) فانّ قاعدة الاحتياط تقتضي أن يصلي حتى يعلم بالبراءة منها ، لكن دليل العسر يرفع هذا العلم الاجمالي ، فانّ بناء بعض الفقهاء أن يصلّي ما لا يحصي عددها ، وبناء بعض الفقهاء أن يصلي حتى يحصل له الظّن بأنّه صلى ما عليه ، وبناء بعض الفقهاء أن يصلي بالقدر المتيقن ، وفي جميع ذلك لم يعمل بقاعدة الاحتياط الّتي تقتضي أن يصلّي حتى يحصل له العلم ببراءته من الفوائت.

(وغير ذلك) من الأمثلة ، مثل : ما إذا علم إنّه مديون لأحد جماعة دينارا ، فانّ قاعدة الاحتياط تفرض عليه أن يعطي لكلّ واحد منهم دينارا ، لكنّ الضّرر وهو في عداد العسر والحرج يرفع هذا الاحتياط ، فيقسّم الدّينار بينهم.

وكذلك إذا نذر أن يذبح شاة في إحدى المدن المقدسة ثم نسي تلك المدينة التيّ تعلق نذره بها فانّه يكفيه أن يذبح في أحدها فقط.

وهكذا إذا كانت له عشرة ثياب إحداها طاهرة ، فانّه لا يصلي عشر صلوات لما فيه من العسر ، بل يصلي صلاة واحدة.

وكذا لو نذر أن يصوم يوم الجمعة ، لكنّه شك بأن متعلق نذره أيّ جمعة في السنة؟ فانّه يصوم جمعة واحدة ، وإلى غير ذلك من الأمثلة الكثيرة ، التي ذكرها الفقهاء في مواردها في الفقه وإن كان في بعضها مناقشة.

٣٨١

بل أدلّة نفي العسر بالنسبة إلى قاعدة الاحتياط من قبيل الدّليل بالنسبة إلى الأصل.

فتقديمها عليها أوضح من تقديمها على العمومات الاجتهادية.

______________________________________________________

(بل أدلّة نفي العسر بالنّسبة الى قاعدة الاحتياط من قبيل الدّليل بالنسبة إلى الأصل) فكما يقدّم الدّليل على الأصل ، كذلك يقدّم دليل نفي العسر على قاعدة الاحتياط ، فانّ قاعدة الاحتياط أصل عملي موضوع في حال الجهل ، ودليل نفي العسر يرفع الجهل.

وعليه : (فتقديمهما) أي : أدلة نفي العسر (عليها) أي : على قاعدة الاحتياط (أوضح من تقديمها) أي : من تقديم أدلّة العسر (على العمومات الاجتهاديّة) فانّه كما تقدّم قاعدة العسر على الصلاة قياما ، أو الصوم ، أو الحجّ ، أو ما أشبه ذلك ، وهي عمومات اجتهادية ، فكذلك تقدّم على قاعدة الاحتياط.

بل تقديم قاعدة العسر على قاعدة الاحتياط أوضح من تقديم قاعدة العسر على العمومات الاجتهادية ، لوضوح : إنّ أدلة نفي العسر واردة على قاعدة الاحتياط ، وحاكمة على العمومات الاجتهادية ، وتقديم الوارد على المورود أوضح من تقديم الحاكم على المحكوم.

بل التعبير بالتقديم في باب الورود ليس على نحو الحقيقة ، لأنّه لا اجتماع للدليلين حتى يقال : انّ هذا يقدّم على ذاك ، وإنّما إذا تحقّق موضوع الوارد ، انتفى موضوع المورود كما هو واضح.

ثم إنّ المورد قال : إنّ الاحتياط لا يبطل بلزوم الحرج ، ونقض بما لو أدى اجتهاد المجتهد بالظّن الى فتوى توجب الحرج ، فكما إنّ الحرج لا يوجب إبطال فتوى المجتهد ، بل اللازم أن يأتي الانسان بفتوى المجتهد وإن لزم عليه الحرج ،

٣٨٢

وأمّا ما ذكره من فرض أداء ظنّ المجتهد إلى وجوب أمور يلزم من فعلها الحرج.

فيرد عليه :

أوّلا : منع إمكانه ، لأنّا علمنا بأدلّة نفي الحرج أنّ الواجبات الشرعيّة في الواقع ليست بحيث يوجب العسر على المكلّف.

ومع هذا العلم الاجماليّ يمتنع الظنّ التفصيلي بوجوب أمور في الشريعة يوجب ارتكابها العسر ، على ما مرّ نظيره في الايراد على دفع الرجوع الى البراءة.

______________________________________________________

كذلك الاحتياط في أطراف الانسداد يلزم الاتيان به وإن لزم الحرج.

فأجاب عنه المصنّف بقوله : (وأمّا ما ذكره : من فرض أداء ظنّ المجتهد إلى وجوب أمور يلزم من فعلها الحرج ، فيرد عليه) ما يلي :

(أولا :) إنّه كيف يفتي المجتهد بما يوجب الحرج والحال إنّا نعلم إنّه لا حرج في الدّين؟ ولذا نحن نقول : ب (منع إمكانه) أي : إمكان ما يوجب الحرج من أداء ظنّ المجتهد (لأنّا علمنا بأدلة نفي الحرج : إنّ الواجبات الشرعيّة في الواقع ليست بحيث يوجب العسر على المكلّف) وعلمنا بذلك من الأدلة المتواترة لنفي الحرج.

(ومع هذا العلم الاجمالي) بانّه لا حرج في الدّين (يمتنع الظنّ التفصيلي) أي : ظنّ المجتهد بما يوجب الحرج (بوجوب أمور في الشريعة ، يوجب ارتكابها العسر ، على ما مرّ نظيره في الايراد على دفع الرّجوع الى البراءة) حيث تقدّم عن المصنّف في الوجه الثالث قوله : فان قلت : إذا فرضنا انّ ظنّ المجتهد أدّى في جميع الوقائع الى ما يوافق البراءة ، فما تصنع؟ انتهى.

٣٨٣

وثانيا : سلّمنا إمكان ذلك ، إمّا لكون الظنون الحاصلة في المسائل الفرعيّة كلّها أو بعضها ظنونا نوعيّة لا ينافي العلم الاجماليّ بمخالفة البعض للواقع ، أو بناء على إنّ المستفاد من أدلّة نفي العسر ، ليس هو القطع ، ولا الظنّ الشخصيّ بانتفاء العسر ،

______________________________________________________

ومن المعلوم : إنّ ظنّ الحرج ، والعلم بعدم الحرج ، لا يمكن جمعهما ، لأنّ في مقابل العلم لا يعقل الوهم والشّك ، فكيف يعقل الظنّ؟.

(وثانيا : سلّمنا إمكان ذلك) أي : الجمع بين العلم الاجمالي والظنّ بالخلاف ، لكن إنّما يمكن الجمع بالوجوه التالية :

أولا : (إمّا لكون الظّنون الحاصلة في المسائل الفرعيّة كلّها أو بعضها ظنونا نوعية لا ينافي العلم الاجمالي بمخالفة البعض للواقع) فاذا علم زيد ـ مثلا ـ علما إجماليا بانّه لا عسر في الشريعة ، ونوع المتشرعة يظنون بأنّ الواجب عشر صلوات في الثياب المشتبهة ، لكن زيدا لا يظنّ بالعسر في عشر صلوات ، فقد اجتمع عند زيد : علمه الاجمالي بأنّه لا عسر ، وظنّه التفصيلي بلزوم عشر صلوات.

وإنّما قلنا بهذا التوجيه لانّه لا يمكن للانسان الواحد أن يجتمع عنده العلم بشيء والظّن بخلافه ، أما إنسانان يعلم أحدهما شيئا ، ويظنّ الآخر شيئا خلاف ذلك الشيء ، فليس ذلك بتناقض.

والحاصل : إنّ الظنّ النوعيّ لا ينافي العلم الاجمالي الشخصيّ.

ثانيا : أن عدم العسر ظنّ نوعيّ ، والعسر ظنّ شخصيّ ، فلا يتنافيان ، وإليه أشار المصنّف بقوله : (أو بناء على إنّ المستفاد من أدلّة نفي العسر ، ليس هو القطع ، ولا الظّنّ الشخصي بانتفاء العسر) فانّ الشخص لا يقطع بانتفاء العسر ولا يظنّ

٣٨٤

بل غايته الظنّ النوعيّ الحاصل من العمومات بذلك ، فلا ينافي الظنّ الشخصيّ التفصيليّ في المسائل الفرعيّة على الخلاف ، وإمّا بناء على ما ربّما يدّعى من عدم التنافي بين الظنون التفصيليّة الشخصيّة والعلم الاجماليّ بخلافها ، كما في الظنّ

______________________________________________________

بانتفائه لأنّ الدّليل لا يفيده هذا القطع أو الظّنّ.

(بل غايته) أي غاية المستفاد من أدلة نفي العسر (الظنّ النوعيّ الحاصل من العمومات) أى : عمومات أدلّة نفي العسر والحرج (بذلك) أي : بانتفاء العسر (فلا ينافي الظّنّ الشخصي) على نحو الموجبة الجزئية ، الظنّ (التفصيليّ في المسائل الفرعيّة على الخلاف) أي : على خلاف ذلك الظنّ النوعيّ.

ومن الواضح : انّ الجواب الثاني هذا ، الّذي ذكره بقوله «أو بناء على انّ المستفاد» الخ ، حاصله : التصرف في العلم الاجمالي وتحويله الى ظنّ نوعيّ.

وثالثا : إنّه لا منافاة بين الظنون التفصيلية الشخصية والعلم الاجمالي على الخلاف ، فاذا علم الانسان علما إجماليا بلزوم إهانة الفسّاق من العلماء ، لم يناف علمه الاجمالي ذلك بأن يظنّ بلزوم احترام زيد ، ويظنّ بلزوم احترام عمرو ، ويظنّ بلزوم احترام بكر ، فيما لم تجتمع تلك الظّنون عنده ، فانّ اجتماع تلك الظّنون ينافي العلم الاجمالي بالخلاف ، أما تفرق تلك الظّنون فكل ظنّ لا ينافي العلم الاجمالي بالخلاف.

وإلى هذا المعنى أشار المصنّف بقوله : (وأمّا بناء على ما ربّما يدّعى : من عدم التنافي بين الظنون التفصيلية الشخصيّة) إذا كانت ظنونا متفرقة لا مجتمعة ـ كما أشرنا إليه ـ (والعلم الاجمالي بخلافها) أي : بخلاف تلك الظّنون (كما في الظّن

٣٨٥

الحاصل من الغلبة ، مع العلم الاجماليّ بوجود الفرد النادر على الخلاف. ولكن نمنع وقوع ذلك ، لأنّ الظّنون الحاصلة للمجتهد ، بناء على مذهب الاماميّة من عدم اعتبار الظنّ القياسيّ وأشباهه ، ظنون

______________________________________________________

الحاصل من الغلبة ، مع العلم الاجمالي بوجود الفرد النادر على الخلاف) فانّ غلبة وجوب إهانة الفساق لا ينافي الظّن بأنّ هذا الفاسق لا يهان ، وهذا الفاسق الثاني أيضا لا يهان ، إلى غير ذلك ممّا بيناه.

وقد ذكر بعض المحشين في توضيح ذلك : بأنّه إذا دلّ الدّليل على وجوب إهانة الفساق ، وعلمنا إجمالا بأنّ فيهم قليلا نادرا لم يجز إهانته ، فهذا العلم الاجمالي غير مانع من حصول الظّن التفصيليّ الحاصل من غلبة هذا الحكم في الأفراد ، أو غلبة وجود الأفراد التي حكمها ذلك بوجود هذا الحكم في كل فرد فرد من الأفراد ، والانصاف : إنّ الظّن التفصيلي في كل فرد إن لوحظ معه حكم سائر الأفراد ، فالظّن التفصيلي بأنّ حكم كلّ فرد شخصي حكمه كذا ممتنع في المفروض ، وإن لم يلاحظ معه غيره ، فالظّن التفصيلي من أوّل الأفراد الى آخرها مع العلم الاجمالي جائز غير ممتنع انتهى.

(ولكن نمنع وقوع ذلك) وهذا متعلّق بقوله : «وثانيا : سلمنا امكان ذلك» أي : إنّه وإن كان ممكنا أن يفتي المجتهد فتوى حرجيا ، لكن نمنع إنّه وقع من المجتهد فتوى حرجيا.

وعليه : فالجواب الأول من المصنّف حيث قال : أولا : هو منع الامكان.

والجواب الثاني هو : تسليم الامكان ، لكن أجاب عنه المصنّف : بانّه نمنع وقوعه (لأنّ الظنون الحاصلة للمجتهد ـ بناء على مذهب الاماميّة : من عدم اعتبار الظّنّ القياسي وأشباهه) كالمصالح المرسلة ، والاستحسان ، وما أشبه (ظنون

٣٨٦

حاصلة من أمارات مضبوطة محصورة ، كأقسام الخبر والشهرة والاستقراء والاجماع المنقول والأولويّة الاعتباريّة ونظائرها.

ومن المعلوم للمتتبّع فيها أنّ مؤدّياتها لا تفضي الى الحرج ، لكثرة ما يخالف الاحتياط فيها ، كما لا يخفى على من لاحظها وسبرها سبرا إجماليّا.

وثالثا : سلّمنا إمكانه ووقوعه ، لكنّ العمل بتلك الظنون لا يؤدّي

______________________________________________________

حاصلة من أمارات مضبوطة محصورة) في الفقه (كأقسام الخبر ، والشهرة ، والاستقراء ، والاجماع المنقول ، والأولويّة الاعتبارية) التي تسمّى بالملاك القطعي (ونظائرها) كالسّيرة ، والاجماعات التقديرية ، كما تقدّم بعض أمثلتها.

(ومن المعلوم للمتتبّع فيها) أي : في هذه الأمارات (أنّ مؤدّياتها) أي : مؤدّيات هذه الأمارات (لا تفضي) أي : لا تنتهي (إلى الحرج) وإنّما لا تنتهي الى الحرج (لكثرة ما يخالف الاحتياط فيها) أي : في هذه الأمارات (كما لا يخفى على من لاحظها وسبرها) والسبر بالموحدة : أخذ مقدار الشيء (سبرا إجماليّا) وإن لم يلاحظها ملاحظة تفصيلية.

وإنّما أخرج القياس وإخوته : لوضوح : إنّ القياس وما أشبهه لا ملاك لها ، بل إنّ الفقهاء من العامّة مختلفون في القياسات ، والمصالح المرسلة والاستحسانات ، وما أشبه ، لانّه لا ضابط لهم فيها ، ولهذا فمن الممكن أن يستلزمهم الحرج ، بخلاف الأدلّة عند الامامية ، فلا توجب لهم الحرج.

(وثالثا : سلّمنا إمكانه ووقوعه) أي : إمكان فرض أداء ظنّ المجتهد إلى وجوب أمور يلزم فعلها الحرج ووقوع ذلك (لكنّ العمل بتلك الظّنون) التي تجب على المقلّد لأنّ مجتهده يقول بها ، وإن كان العمل بها عسرا ، لكنّه (لا يؤدّي

٣٨٧

إلى اختلال النظام ، حتّى لا يمكن إخراجها عن عمومات نفي العسر ، فنعمل بها في مقابلة عمومات نفي العسر ونخصّصها بها ، لما عرفت من قبولها التخصيص في غير مورد الاختلال.

وليس في هذا كرّا على ما فرّ منه ، حيث إنّا عملنا بالظنّ فرارا عن لزوم العسر ، فاذا أدّى إليه فلا وجه للعمل به ،

______________________________________________________

إلى اختلال النظام).

بينما العمل بالاحتياط المطلق من أوّل الفقه الى آخر الفقه في باب الانسداد يؤدّي الى اختلال النظام ، واختلال النظام قطعا لا يجوز ، بخلاف موارد العسر التي أدى اليها اجتهاد المجتهد ، فان العمل بها لا يخلّ بالنظام (حتى لا يمكن إخراجها) أي : إخراج تلك الظنون الاجتهادية (عن عمومات نفي العسر).

فانّ عمومات نفي العسر تخصّص بهذه الظنون (فنعمل بها) أي : بتلك الظنون الاجتهادية (في مقابلة عمومات نفي العسر) فانّه لا بأس من العسر بالعمل بهذه الظنون الاجتهادية (و) ذلك لانّا (نخصّصها) أي : نخصّص عمومات نفي العسر (بها) أي : بتلك الظّنون (لما عرفت من قبولها) أي : قبول عمومات نفي العسر (التخصيص في غير مورد الاختلال) فانّ الاختلال لا يمكن أن يخصّص عموم نفي العسر ، أما غير الاختلال فعموم العسر أحيانا يخصّص به ، كموارد الجهاد ، والخمس ، وما أشبه ذلك.

(وليس في هذا) الذي ذكرناه : من العمل بالظنون الاجتهادية الموجبة للعسر والحرج (كرّا على ما فرّ منه) وقد بيّن إنّه كيف كان هذا كرّا على ما فر منه بقوله : (حيث إنّا عملنا بالظّن فرارا عن لزوم العسر) بعد انسداد باب العلم (فاذا أدّى اليه) أي : أدّى العمل بالظنون الاجتهادية الى العسر (فلا وجه للعمل به) أي :

٣٨٨

لأن العسر اللازم على تقدير طرح العمل بالظنّ كان بالغا حدّ اختلال النظام من جهة لزوم مراعاة الاحتمالات الموهومة والمشكوكة.

وأمّا الظنون المطابقة لمقتضى الاحتياط ، فلا بدّ من العمل عليها ، سواء عملنا بالظنّ ام عملنا بالاحتياط. وحينئذ ليس العسر اللازم من العمل بالظنون الاجتهاديّة في فرض المعترض من جهة العمل بالظنّ ، بل من جهة المطابقة لمقتضى الاحتياط ،

______________________________________________________

بالظنون الاجتهادية.

وانّما لم يكن ذلك كرّا على ما فر (لأنّ العسر اللازم على تقدير طرح العمل بالظّن كان بالغا حدّ اختلال النظام) وإنّما يبلغ حدّ اختلال النظام (من جهة لزوم مراعاة الاحتمالات الموهومة والمشكوكة) بالاضافة الى المظنونة.

ومن الواضح : انّ الانسان الذي يراعي كلّ الاحتمالات : موهوما ، ومشكوكا ، ومظنونا ، يقع في اختلال نظام المعاش والمعاد ، كما سبق بيانه.

(وأمّا الظّنون المطابقة لمقتضى الاحتياط) التي أفتى بها المجتهد (فلا بدّ من العمل عليها) أي : على تلك الظنون (سواء عملنا بالظّنّ ، أم عملنا بالاحتياط) فان العمل بالظنّ ليس عملا بالشّك والوهم.

(وحينئذ) أي : حين عمل بالظنون الاحتياطية الّتي افتى بها المجتهد ، (ليس العسر اللازم من العمل بالظنون الاجتهادية في فرض المعترض) أي : فرض المستشكل الذي قال : فرض أداء ظن المجتهد الى وجوب أمور يلزم من فعلها الحرج (من جهة العمل بالظّنّ ، بل من جهة المطابقة لمقتضى الاحتياط).

إذن : فالاحتياط إنّما هو في العمل بالظّنون لا بالأعمّ من الظنون وغير الظّنون ، والعمل بالظّنون فقط يوجب العسر لا الاختلال ، بينما العمل بالظّنون وغير الظّنون

٣٨٩

فلو عمل بالاحتياط وجب عليه أن يضيف إلى تلك الظنون الاحتمالات الموهومة والمشكوكة المطابقة للاحتياط.

ومنها : أنّه يقع التعارض بين الأدلّة

______________________________________________________

يوجب الاختلال (فلو عمل بالاحتياط) مطلقا لا في دائرة الظنون فقط (وجب عليه أن يضيف الى تلك الظّنون الاحتمالات الموهومة والمشكوكة المطابقة للاحتياط).

فتحصّل : إنّ الناقص قال : إنّه كما يلزم العمل بظنون المجتهد المؤدي الى العسر ، كذلك يلزم العمل بالظنون الانسدادية ، المؤدي الى العسر أيضا ، فانّ هذا العسر خارج عن أدلة نفي العسر ، كخروج الجهاد ونحوه ، فانّه وان كان عسرا ، لكنّه يلزم العمل به.

أجاب المصنّف بالفرق بين العسرين ، إذ العسر في الظنون الانسدادية ، عسر يخلّ بالنظام ، فدليل نفي العسر محكّم فيه ، بخلاف الظنون الاجتهادية ، حيث إنّها عسر فقط بدون أن يكون مخلّا بالنظام.

وإنّما كان فرقا بين العسرين ، لأنّ الظّنون الاجتهادية لا تشمل الوهم والشّك ، بخلاف الظّنون الانسدادية ، فانّ الظّنون على الانسداد يلزم الاحتياط فيها وفي الوهم والشك أيضا.

ثم انّ المصنّف ذكر قبل صفحتين : بانّه قد يورد على إبطال الاحتياط بلزوم الحرج بوجوه ذكر منها : النقض بما لو أدّى اجتهاد المجتهد وعمله بالظّن الى فتوى يوجب الحرج الى آخره ، فانّه كان ذلك هو الايراد الأول على إبطال الاحتياط.

ثم إنّه ذكر الايراد الثاني هنا بقوله : (ومنها : أنّه يقع التعارض بين الأدلّة) التي

٣٩٠

الدالّة على حرمة العمل بالظنّ ، والعمومات النّافية للحرج.

والأوّل أكثر ، فيبقى أصالة الاحتياط مع العلم الاجماليّ بالتكاليف الكثيرة ، سليمة عن المزاحم.

وفيه : ما لا يخفى ، لما عرفت في تأسيس الأصل ، من أنّ العمل بالظنّ ليس فيه إذا لم يكن بقصد التشريع

______________________________________________________

مقتضاها العمل بالاحتياط ، وهي الأدلة (الدّالّة على حرمة العمل بالظّنّ ، و) بين (العمومات النّافية للحرج) والّتي مقتضاها العمل بالظّن دون الاحتياط.

وعليه : فإنّ من الأدلة ما يقول : لا تعمل بالظّنّ ، ومقتضى ذلك : أن يعمل بالاحتياط التام في المظنونات والمشكوكات والموهومات.

ومنها ما يقول : لا حرج عليك ، ومقتضاها : أن يعمل بالظّن فقط دون الاحتياط ، لأن الاحتياط مستلزم للحرج.

(والأوّل) أي : الأدلّة الدالّة على حرمة العمل بالظّن (أكثر) فانّ بعض العلماء جمع مائتي آية وخمسمائة رواية في حرمة العمل بالظّن ، وحيث يتعارض الدّليلان (فيبقى أصالة الاحتياط مع العلم الاجمالي بالتكاليف الكثيرة ، سليمة عن المزاحم).

وإنّما كان الأصل : الاحتياط ، للعلم الاجمالي بوجود الأحكام الوجوبية والتحريمية في سلسلة الموهومات والمشكوكات والمظنونات جميعا ، فيجب العمل بما يرتفع به العلم الاجمالي على ما هي القاعدة في سائر العلوم الاجمالية التي تقتضي العمل بجميع أطراف العلم ، لأنه يكون من الشك في المكلّف به بعد العلم بأصل التكليف.

(وفيه ما لا يخفى : لما عرفت في تأسيس الأصل) في أوائل الكتاب (: من أنّ العمل بالظّن ليس فيه) أي : في ذلك العمل بالظن (إذا لم يكن بقصد التشريع

٣٩١

والالتزام شرعا بمؤدّاه ، حرمة ذاتيّة. وإنّما يحرم إذا أدّى إلى مخالفة الواقع من وجوب أو تحريم : فالنّافي للعمل بالظنّ فيما نحن فيه ، ليس إلّا قاعدة الاحتياط الآمرة باحراز الاحتمالات الموهومة وترك العمل بالظنون المقابلة لتلك الاحتمالات ،

______________________________________________________

والالتزام شرعا بمؤداه ، حرمة ذاتيّة) فانّ العامل بالظنّ إذا نسب مؤدّاه الى الشرع كان له حرمة تشريعية ، وهذا ما عبّر عنه المصنّف : بالحرمة الذاتية ، بخلاف ما إذا لم ينسب مؤدّاه الى الشارع ، بل أتى به من باب الاحتياط ، فان الاحتياط مقابل للتشريع.

(وإنّما يحرم) أي : العمل بالظّن من دون الالتزام بمؤدّاه شرعا (اذا أدّى الى مخالفة الواقع من وجوب أو تحريم) فالعمل بالظنّ يحرم في صورتين :

الأولى : ما إذا نسبه الى الشارع حيث إنّه تشريع.

الثانية : اذا كان مؤدّى ظنّه مخالفا للواقع ، كما إذا ظنّ بالوجوب فعمل به بينما كان يحرم واقعا ، أو ظنّ بالحرمة فتركه بينما كان يجب واقعا ، مثل إنّه يشرب التتن للظنّ بوجوبه والحال إنّه كان حراما واقعا ، أو يترك الدّعاء عند رؤية الهلال بظن حرمته وكان في الواقع واجبا.

والحاصل : إنّه اذا عمل بالظنّ دون ان ينسبه الى الشارع لم يكن له حرمة ، إلّا إذا أدى الى مخالفة الواقع من وجوب أو تحريم.

وعليه : (فالنّافي للعمل بالظّنّ فيما نحن فيه ، ليس) هو التشريع ، أو الأداء الى مخالفة الواقع من وجوب أو تحريم ، بل انّ النافي ما هو (إلّا قاعدة الاحتياط الآمرة بإحراز الاحتمالات الموهومة) والمشكوكة والمظنونة (وترك العمل بالظّنون المقابلة لتلك الاحتمالات) فالتقابل بين قاعدة الاحتياط وبين العمل

٣٩٢

وقد فرضنا أنّ قاعدة الاحتياط ساقطة بأدلّة نفي العسر.

ثمّ لو فرضنا ثبوت الحرمة الذاتيّة للعمل بالظنّ ولو لم يكن على جهة التشريع ، لكن عرفت سابقا عدم معارضة عمومات نفي العسر بشيء من العمومات المثبتة للتكليف المتعسّر.

ومنها : إنّ الأدلّة النافية للعسر

______________________________________________________

بالظنّ (وقد فرضنا : إن قاعدة الاحتياط ساقطة بأدلّة نفي العسر) فلا يبقى مانع عن العمل بالظن.

(ثمّ لو فرضنا) انّ العمل بالظنّ محرّم ذاتا لم تصل النوبة الى الاحتياط أيضا ، إذ هذا الحرام الذاتي رفعه دليل العسر ، فانّه حيث كان في الاحتياط عسر ، ولم يكن طريق للامتثال الّا الظنّ جاز العمل بالظنّ المحرّم في نفسه ، لأنّ دليل العسر حاكم على كل محرّم في نفسه ، كما إنّه حاكم على واجب في نفسه.

فلو فرض (ثبوت الحرمة الذاتيّة للعمل بالظنّ ولو لم يكن على جهة التشريع) بان كان العمل بالظن محرّما بسبب تلك الآيات والرّوايات ، لا أن الحرمة تشريعية بسبب نسبته الى الشارع بل كان العمل بالظنّ من المحرّمات الذاتية ، كشرب الخمر وأكل لحم الخنزير (لكن عرفت سابقا : عدم معارضة عمومات نفي العسر بشيء من العمومات المثبتة للتكليف المتعسّر) لحكومة أدلّة العسر على تلك العمومات الأوليّة ، فاذا لم يجب الاحتياط لأنّه عسر ، لم يكن طريق الّا الى العمل بالظنّ.

(ومنها :) أي : ممّا أورد على إبطال الاحتياط بلزوم الحرج ما معناه : لزوم الاحتياط في حال الانسداد وإن لزم الحرج كما قال : (إنّ الأدلّة النّافية للعسر) مثل

٣٩٣

إنّما تنفي وجود : في الشريعة بحسب أصل الشرع أوّلا وبالذات ، فلا تنافي وقوعه بسبب عارض لا يسند الى الشارع ، ولذا لو نذر المكلّف امورا عسيرة ، كالأخذ بالاحتياط في جميع الأحكام الغير المعلومة ، وكصوم الدهر أو إحياء بعض الليالي

______________________________________________________

قوله تعالى : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) (١) (إنّما تنفي وجوده) أي : وجود العسر (في الشريعة بحسب اصل الشّرع أوّلا وبالذات) بمعنى : إنّ الشارع لم يجعل حكما ضرريّا أو حرجيّا أو عسريّا بنفسه ، فاذا كان كذلك (فلا تنافي وقوعه) أي : وقوع الحكم العسري (بسبب عارض) مثل اختفاء الأحكام الواقعية التي جعلها الشارع غير عسيرة ، فانّ هذا الاختفاء المسبّب للعسر (لا يسند الى الشارع).

وعليه : فالعسر المسند الى الشارع منفي ، أما العسر الذي لا يسند الى الشارع فليس بمنفي.

(ولذا) أي : لاجل ما ذكرناه : من إنّ العسر بسبب العارض ليس بمنفي ، نرى (لو نذر المكلّف امورا عسيرة ، كالأخذ بالاحتياط في جميع الأحكام غير المعلومة) له ، فهو وإن كان مجتهدا ، فانّه لا يعلم بالأحكام علما قطعيّا ، وإنّما يستظهرها من ظاهر الأدلة ، فان نذر أن يأخذ بالاحتياط في كل حكم غير ضروري كان عسرا عليه.

(وكصوم الدّهر) حيث أنّه عسر شديد لغالب الناس.

(أو إحياء بعض اللّيالي) بالعبادة مما يكون في إحيائه عسر وحرج على

__________________

(١) ـ سورة البقرة : الآية ١٨٥.

٣٩٤

أو المشي الى الحجّ أو الزيارات ، لم يمنع تعسّرها عن انعقاد نذرها ، لأنّ الالتزام بها إنّما جاء من قبل المكلّف وكذا لو آجر نفسه لعمل شاقّ لم يمنع مشقّته من صحّة الاجارة ووجوب الوفاء بها.

وحينئذ فنقول : لا ريب أنّ وجوب الاحتياط باتيان كلّ ما يحتمل الوجوب وترك كلّ ما يحتمل الحرمة ،

______________________________________________________

الناذر ، لطول الليل ، وشدة النعاس.

(أو المشي الى الحجّ أو الزّيارات) راجلا ، بل وحافيا ، خصوصا بالنسبة الى من ابتعد منزله عن الحجّ ، وعن المراقد الطاهرة ، مما يوجب عسرا وحرجا وإرهاقا على الناذر.

فان ذلك (لم يمنع تعسّرها) أي : تعسر هذه الامور المتعلقة للنذر (عن انعقاد نذرها) فانّ الفقهاء يقولون : إنّ متعلق النذر لو كان راجحا انعقد وان كان في المتعلق عسرا ، وذلك (لأنّ الالتزام بها) أي بهذه الامور العسيرة (إنّما جاء من قبل المكلّف) لم يجعلها الشرع عليه أولا وبالذات بحسب اصل الشرع ، وانّما أمضى الشارع ما ألزمه المكلّف على نفسه فمثل هذه الامور لا تشملها أدلة نفي العسر والحرج.

(وكذا لو آجر نفسه لعمل شاقّ) مثل : حفر البئر وما أشبه ذلك ، خصوصا في الأعماق البعيدة من الأرض فانّه (لم يمنع مشقّته) أي : مشقة العمل (من صحّة الاجارة ووجوب الوفاء بها) أي : بتلك الاجارة ، وهكذا إذا كانت هناك مصالحة على مثل هذا الأمر ، أو نحو ذلك.

(وحينئذ) أي : حين لم يكن العسر من الشارع ابتداء ، وقلنا بعلم البأس بالحكم العسري الناشئ من قبل المكلّف (فنقول : لا ريب إنّ وجوب الاحتياط بإتيان كلّ ما يحتمل الوجوب وترك كلّ ما يحتمل الحرمة) في حال انسداد باب

٣٩٥

إنّما هو من جهة اختفاء الأحكام الشرعيّة المسبّب عن المكلّفين المقصّرين في محافظة الآثار الصادرة عن الشارع ، المبيّنة للأحكام والمميّزة للحلال عن الحرام.

وهذا السبب وإن لم يكن عن فعل كلّ مكلّف لعدم مدخليّة أكثر المكلّفين في ذلك ، إلّا أنّ التكليف بالعسر ليس قبيحا عقليا حتى يقبح أن يكلّف به من لم يكن سببا له ويختصّ عدم قبحه بمن صار التعسّر من سوء اختياره ،

______________________________________________________

العلم والعلميّ (إنّما هو من جهة اختفاء الأحكام الشرعيّة المسبّب) ذلك الاختفاء (عن المكلّفين المقصّرين في محافظة الآثار الصادرة عن الشارع ، المبيّنة) تلك الآثار (للأحكام) الشرعيّة (والمميزة للحلال عن الحرام) كالاخبار الواردة عن المعصومين من النبيّ الى الإمام المهدي عليهم‌السلام.

(وهذا السبب) أي : اختفاء الأحكام (وإن لم يكن عن فعل كلّ مكلّف لعدم مدخليّة أكثر المكلّفين في ذلك) فانّ المقصّرين هم الذين عاصروا المعصومين عليهم‌السلام ، أما الأجيال المتأخرة فليس لهم تقصير في ذلك (إلّا انّ التكليف بالعسر) بالنسبة الى من لم يكونوا سببا لاختفاء الأحكام (ليس قبيحا عقليّا حتى يقبح أن يكلف به من لم يكن سببا له).

إذن : فالقبيح العقلي لا يمكن للحكيم التكليف به ، أما غير القبيح العقلي كالعسر ، فرفعه امتنان لا انّه واجب عقلا حتى يقال : انّ التكليف العسر على من لم يسبّب اختفاء الأحكام لا يجوز.

(و) حتى (يختص عدم قبحه بمن صار التعسّر من سوء اختياره) كالّذين عاصروا الائمة عليهم‌السلام.

٣٩٦

بل هو أمر منفيّ بالأدلّة الشرعيّة.

وظاهرها أنّ المنفيّ هو جعل الأحكام الشرعيّة أولا وبالذات على وجه يوجب العسر على المكلّف ، فلا ينافي عروض التعسّر لامتثالها من جهة تقصير المقصّرين في ضبطها وحفظها عن الاختفاء مع كون ثواب الامتثال حينئذ أكثر بمراتب ؛ ألا ترى أنّ الاجتهاد الواجب على المكلّفين ، ولو كفاية ،

______________________________________________________

(بل هو) أي : العسر (أمر منفي بالأدلّة الشرعية) الامتنانية.

(وظاهرها) أي : ظاهر تلك الأدلّة الشرعيّة (: إنّ المنفي هو جعل الأحكام الشرعيّة أوّلا وبالذّات على وجه يوجب العسر على المكلّف) فالشارع لا يجعل الأحكام العسرة على المكلّف ـ حسب امتنانه على المكلفين ـ فلا يجعل عليهم صلاة عسرة ، أو صوما عسرا ، أو حجا عسرا ، أو ما اشبه ذلك (فلا ينافي عروض التعسّر لامتثالها) أي : امتثال الأحكام (من جهة تقصير المقصّرين في ضبطها وحفظها عن الاختفاء) حتى ضاعت واختفت.

هذا (مع كون ثواب الامتثال حينئذ) أي : حين لم يكن المكلّف هو سببا للاختفاء ، كما في الأجيال المتأخرة عن زمان الائمة الطاهرين عليهم‌السلام فيكون ثوابهم (أكثر بمراتب) لأنهم يؤدّون تكليفا عسرا ، والأجر على قدر المشقّة.

والحاصل : إنّه يكون هنا أمران وهما :

أولا : لا قبح في تكليف عسير.

ثانيا : إنّ المولى يتداركه بثواب أكثر مما إذا كان التكليف غير عسير.

ولنمثل للتكليف العسير الموجب للثواب الأكثر ، الذي لم يكن المكلّف هو سببا للعسر ، وإنّما كان غيره سببا للعسر ، بما نذكره : (ألا ترى أنّ الاجتهاد الواجب على المكلّفين ولو كفاية) فيما اذا كان هناك من يقوم بأعباء الاجتهاد

٣٩٧

من الامور الشاقّة جدّا ، خصوصا في هذه الأزمنة. فهل السّبب فيه الّا تقصير المقصّرين الموجبين لاختفاء آثار الشريعة ، وهل يفرّق في نفي العسر بين الوجوب الكفائي والعينيّ.

______________________________________________________

(من الامور الشاقة جدا ، خصوصا في هذه الأزمنة) المتأخرة عن زمان المعصومين عليهم‌السلام (فهل السبب فيه) أي : في عسر الاجتهاد (إلّا تقصير المقصّرين الموجبين لاختفاء آثار الشرعيّة؟) كخلفاء الجور والغاصبين ، وليس مثل شيخ الطائفة ، والمحقّق ، والشهيدين ، والعلّامة ، ومن اشبههم فانّهم هم الذين وقع عليهم العبء الثقيل وأجهدوا أنفسهم الشريفة بسب اختفاء الأحكام.

(وهل يفرّق في نفي العسر بين الوجوب الكفائيّ والعينيّ؟) فانّه لا فرق بين وجوب : الاجتهاد الكفائي ، وبين وجوب : الاحتياط العيني ، فكما يمكن العسر في الوجوب الكفائي يمكن ذلك في الوجوب العيني ايضا ، فاذا كان الاجتهاد العسر واجبا كفائيا بالنسبة الى المجتهدين الّذين يخوضون هذا المضمار كذلك يكون الاحتياط العسر واجبا عينيا على كافة المكلفين الذين اختفت عليهم الأحكام بسبب انسداد باب العلم والعلمي على حدّ سواء.

انتهى

الجزء الرابع ويليه

الجزء الخامس في تتمّة

المقدّمة الثّالثة للانسداد

وله الشّكر

٣٩٨

المحتويات

الدليل الثاني : السنّة........................................................... ٧

الدليل الثالث : الاجماع وتقريره من وجوه...................................... ٥٠

١ ـ ادعاء الاجماع على حجيّة الخبر الواحد.................................... ٥٠

حجيّة الاخبار مطلقة لا تختص بالمحفوف بالقرينة................................ ٨٤

تأويل تنافي اجماعيّ الشيخ والسيد........................................... ١١٢

القرائن الدالة على صحة الاجماع بحجيّة الخبر الواحد........................... ١٣٥

المتيقن من دلالة الاجماع.................................................... ١٥٤

٢ ـ الاجماع على وجوب العمل بالخبر عند انسداد باب القرائن................ ١٥٨

٣ ـ استقرار سيرة المسلمين على العمل بالخبر الواحد......................... ١٦٠

٤ ـ استقرار سيرة العقلاء على العمل بالخبر الواحد............................ ١٦٧

٥ ـ اجماع الصحابة على العمل بالخبر الواحد................................. ١٧٦

الاشكال على هذا الوجه................................................... ١٧٧

٦ ـ الاجماع على جواز الرجوع الى الاخبار الموجودة في أصول الشيعة......... ١٧٩

الاشكال على هذا الوجه................................................... ١٨٠

الدليل الرابع : العقل وتقريره من وجهين...................................... ١٨٦

اثبات حجيّة الخبر الواحد بدليل العقل من وجوه :............................ ١٨٦

الوجه الأوّل : الاستدلال بالعلم الاجمالي..................................... ١٨٧

الجواب عن الوجه الأوّل.................................................... ٢٠٤

الوجه الثاني : ثبوت التكاليف بالخبر الواحد فقط.............................. ٢١٨

الجواب عن الوجه الثاني.................................................... ٢٢٠

٣٩٩

الوجه الثالث : دليل صاحب الحاشية ومرجعه الى دليل الانسداد................ ٢٢٣

الجواب عن الوجه الثالث................................................... ٢٢٥

ملخص الكلام : في أدلة حجيّة الخبر الواحد.................................. ٢٣٧

اثبات حجيّة الخبر الواحد لحجيّة مطلق الظنّ وتقريره من وجوه................. ٢٣٨

الوجه الأوّل :............................................................. ٢٣٩

الوجه الثاني :............................................................. ٢٨٦

الوجه الثالث :............................................................ ٢٩٣

دليل الانسداد............................................................. ٢٩٧

المقدمة الاولى : انسداد باب العلم والعلمي.................................. ٣٠٤

المقدمة الثانية : عدم جواز إهمال الوقائع.................................... ٣٠٧

الاجماع على عدم اجراء البراءة............................................... ٣٠٨

استلزام نفي الحكم للمخالفة القطعيّة......................................... ٣١١

عدم الدليل على الرجوع الى البراءة........................................... ٣٣٢

المقدمة الثالثة : بطلان الاحتياط............................................. ٣٥٨

الإجماع على عدم وجوب الاحتياط.......................................... ٣٦٠

لزوم العسر والحرج في التزام الاحتياط......................................... ٣٦٢

الاشكال على ابطال الاحتياط والجواب عنه................................... ٣٧٠

المحتويات................................................................. ٣٩٩

٤٠٠