أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي
المحقق: مركز بحوث دار الحديث
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-493-385-1
ISBN الدورة:
الصفحات: ٧٢٢
وَنَعْرِفُ إِذَا تَرَكْتُمُوهُ ». (١)
٦٤٣ / ٧. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ وَبُرَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَزُرَارَةَ :
أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ أَعْيَنَ قَالَ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام : إِنَّ الزَّيْدِيَّةَ وَالْمُعْتَزِلَةَ قَدْ أَطَافُوا بِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ (٢) ، فَهَلْ لَهُ سُلْطَانٌ؟
فَقَالَ : « وَاللهِ ، إِنَّ عِنْدِي لَكِتَابَيْنِ (٣) فِيهِمَا تَسْمِيَةُ كُلِّ نَبِيٍّ وَكُلِّ مَلِكٍ يَمْلِكُ الْأَرْضَ ؛ لَا وَاللهِ ، مَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا ». (٤)
٦٤٤ / ٨. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ بَشِيرٍ ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ (٥) سُكَّرَةَ ، قَالَ :
دَخَلْتُ عَلى أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام ، فَقَالَ : « يَا فُضَيْلُ ، أَتَدْرِي فِي أَيِّ شَيْءٍ كُنْتُ أَنْظُرُ قُبَيْلُ (٦)؟ » قَالَ (٧) : قُلْتُ : لَا ، قَالَ : « كُنْتُ أَنْظُرُ فِي كِتَابِ فَاطِمَةَ عليهاالسلام لَيْسَ مِنْ مَلِكٍ يَمْلِكُ
__________________
تأخذونها عنّا من الشرائع والأحكام ؛ فنعلم أيّكم يعمل به ، وأيّكم لايعمل به ».
(١) بصائر الدرجات ، ص ١٥٤ ، ح ٧ ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم أو غيره ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن بكر بن كرب الصيرفي. وفيه ، ص ١٤٢ ، ح ١ ، بسند آخر عن بكر بن كرب ، وفيه : « وإنّكم لتأتوننا فتدخلون علينا ، فنعرف خياركم من شراركم » ؛ وفيه ، ص ١٤٩ ، ح ١٤ ، بسند آخر عن بكر بن كرب ، إلى قوله : « كلّ حلال وحرام » ، مع زيادة في أوّله الوافي ، ج ٣ ، ص ٥٨٢ ، ح ١١٣٩.
(٢) هو محمّد بن عبد الله بن الحسن الملقّب بالنفس الزكيّة الذي خرج على المنصور الدوانيقي وقتل ، كما سيأتي قصّته. راجع : شرح المازندراني ، ج ٥ ، ص ٣٩٣ ؛ مرآة العقول ، ج ٣ ، ص ٦٠.
(٣) في « بس » : « الكتابين ».
(٤) بصائر الدرجات ، ص ١٦٩ ، ح ٢ ، بسنده عن ابن أبي عمير ، مع اختلاف يسير. وفيه ، ح ٤ و ٦ ، بسند آخر ، مع اختلاف الوافي ، ج ٣ ، ص ٥٨٤ ، ح ١١٤٢.
(٥) في « ب ، بف » : ـ « بن ». هذا ، وبعض نسخ رجال البرقي ورجال الطوسي أيضاً خالية من « بن ». راجع : رجال البرقي ، ص ٣٤ ؛ رجال الطوسي ، ص ٢٧٠ ، الرقم ٣٨٨٠.
(٦) في « ألف ، ض ، ف ، بف » وحاشية « ج ، بح » والبصائر ، ح ٣ والعلل : « قبل ».
(٧) في « بف » والعلل : ـ « قال ».
الْأَرْضَ (١) إِلاَّ وَهُوَ مَكْتُوبٌ فِيهِ (٢) بِاسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ ، وَمَا وَجَدْتُ لِوُلْدِ الْحَسَنِ فِيهِ شَيْئاً ». (٣)
٤١ ـ بَابٌ فِي شَأْنِ ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ )(٤) وَتَفْسِيرِهَا
٦٤٥ / ١. مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ؛ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِيعاً ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْحَرِيشِ (٥) :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي عليهالسلام ، قَالَ عليهالسلام : « قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليهالسلام : بَيْنَا (٦) أَبِي عليهالسلام يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ إِذَا رَجُلٌ مُعْتَجِرٌ (٧) قَدْ قُيِّضَ لَهُ (٨) ، فَقَطَعَ عَلَيْهِ أُسْبُوعَهُ (٩) حَتّى أَدْخَلَهُ إِلى دَارٍ جَنْبَ الصَّفَا ،
__________________
(١) في « ب ، ف ، بح ، بس ، بف » والوافي والبصائر ، ح ٣ والعلل : ـ « الأرض ».
(٢) في « ج » : « فيه مكتوب ». وفي البصائر : « إلاّ وفيه مكتوب ».
(٣) بصائر الدرجات ، ص ١٦٩ ، ح ٣ ، عن أحمد بن محمّد. علل الشرائع ، ص ٢٠٧ ، ح ٧ ، بسنده عن الحسين بن سعيد. وفي بصائر الدرجات ، ص ١٦٩ ، ح ٥ ، بسند آخر ، مع اختلاف الوافي ، ج ٣ ، ص ٥٨٤ ، ح ١١٤٣.
(٤) القدر (٩٧) : ١.
(٥) في البحار ، ج ١٣ و ٢٥ : « الجريش » ، وهو سهو ظاهراً. راجع : رجال النجاشي ، ص ٦٠ ، الرقم ١٣٨ ؛ الفهرست للطوسي ، ص ١٣٦ ، الرقم ١٩٨ ؛ الرجال لابن الغضائري ، ص ٥١ ، الرقم ٣٤.
(٦) « بينا » : ظرف زمان. وأصله « بَيْنَ » بمعنى الوسط ، أُشبعت الفتحة فصارت ألفاً. وربّما زيدت عليه « ما » ، والمعنى واحد. تقول : بينا نحن نرقبه أتانا أي أتانا بين أوقات رِقْبَتنا إيّاه. وما بعده مرفوع على الابتداء والخبر ، وعند الأصمعي مجرور. راجع : الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢٠٨٤ ( بين ).
(٧) « المُعْتَجِر » ، من الاعتجار ، وهو لبس المِعْجَر ، وهو ما تشدّ المرأة على رأسها. يقال : اعتجرت المرأة ، فالمعتجر : ذو مِعْجَر على رأسه. أو من الاعتجار بمعنى لفّ العمامة على الرأس. أو من الاعتجار بالعمامة ، وهو أن يلفّها على رأسه ويردّ طرفها على وجهه ، ولا يعمل منها شيئاً تحت ذَقَنه. راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٧٣٧ ؛ النهاية ، ج ٣ ، ص ١٨٥ ( عجر ).
(٨) « قُيِّضَ له » ، أي جيء به من حيث لا يحتسب. يقال : قَيَّض الله فلاناً لفلان : جاءه به وأتاحه له. وقيّض الله له قريناً : هيّأه وسبّبه له من حيث لا يحتسبه. راجع : لسان العرب ، ج ٧ ، ص ٢٢٥ ( قيض ).
(٩) « اسبوعة » أي طوافه. راجع : لسان العرب ، ج ٨ ، ص ١٤٦ ( سبع ).
فَأَرْسَلَ إِلَيَّ فَكُنَّا ثَلَاثَةً ، فَقَالَ : مَرْحَباً يَا ابْنَ (١) رَسُولِ اللهِ ، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلى رَأْسِي ، وَقَالَ : بَارَكَ اللهُ فِيكَ (٢) يَا أَمِينَ اللهِ بَعْدَ آبَائِهِ.
يَا أَبَا جَعْفَرٍ (٣) ، إِنْ شِئْتَ فَأَخْبِرْنِي ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَخْبَرْتُكَ (٤) ، وَإِنْ شِئْتَ سَلْنِي ، وَإِنْ شِئْتَ سَأَلْتُكَ ، وَإِنْ شِئْتَ فَاصْدُقْنِي ، وَإِنْ شِئْتَ صَدَقْتُكَ ، قَالَ : كُلَّ ذلِكَ أَشَاءُ.
قَالَ (٥) : فَإِيَّاكَ أَنْ يَنْطِقَ (٦) لِسَانُكَ عِنْدَ مَسْأَلَتِي بِأَمْرٍ (٧) تُضْمِرُ لِي غَيْرَهُ (٨) ، قَالَ :
إِنَّمَا يَفْعَلُ ذلِكَ مَنْ فِي قَلْبِهِ عِلْمَانِ يُخَالِفُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ ، وَإِنَّ (٩) اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ أَبى أَنْ يَكُونَ لَهُ عِلْمٌ فِيهِ اخْتِلَافٌ.
قَالَ : هذِهِ مَسْأَلَتِي (١٠) وَقَدْ فَسَّرْتَ طَرَفاً مِنْهَا ، أَخْبِرْنِي عَنْ هذَا الْعِلْمِ ـ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ اخْتِلَافٌ ـ مَنْ يَعْلَمُهُ؟
قَالَ : أَمَّا جُمْلَةُ الْعِلْمِ ، فَعِنْدَ اللهِ جَلَّ ذِكْرُهُ. وَأَمَّا مَا لَابُدَّ لِلْعِبَادِ مِنْهُ ، فَعِنْدَ الْأَوْصِيَاءِ.
__________________
(١) في الوافي والبحار ، ج ٥٢ : « بابن » بدل « يا ابن ».
(٢) « بارك الله فيك » ، أي أثبت لك وأدام ما أعطاك من التشريف والكرامة ، وهو من بَرَكَ البعيرُ إذا ناخ في موضع فلزمه. وتطلق البركة أيضاً على الزيادة ، أي زاده الله فيك خيراً ، والأصل الأوّل. راجع : النهاية ، ج ١ ، ص ١٢٠ ( برك ).
(٣) في الوافي : « تقدير الكلام : ثمّ التفت إلى أبي فقال : يا أبا جعفر ».
(٤) في « ف » : ـ « وإن شئت فأخبرتك ».
(٥) في « بح » : ـ « قال ».
(٦) في « ج » : « أن تنطق ».
(٧) متعلّق بقوله : « ينطق ».
(٨) في المرآة : « بأمر تضمر لي غيره » أي لا تخبرني بشيء يكون في علمك شيء آخر ، يلزمك لأجله القول بخلاف ما أخبرت ، كما في أكثر علوم أهل الضلال ، فإنّه يلزمهم أشياء لايقولون بها ؛ أو المعنى : أخبرني بعلم يقيني لايكون عندك احتمال خلافه. ؛ أو أراد به : لاتكتم عنّي شيئاً من الأسرار. مرآة العقول ، ج ٣ ، ص ٦٢.
(٩) في « بر » وحاشية « ف » والوافي : « فإنّ ».
(١٠) في الوافي : « يعني مسألتي هي أنّ الله تعالى هل له علمٌ ليس فيه اختلاف ، أم لا؟ ثمّ العلم الذي لا اختلاف فيهعند مَن هو؟ ».
قَالَ : فَفَتَحَ الرَّجُلُ عَجِيرَتَهُ (١) ، وَاسْتَوى جَالِساً ، وَتَهَلَّلَ وَجْهُهُ (٢) ، وَقَالَ : هذِهِ أَرَدْتُ ، وَلَهَا أَتَيْتُ ، زَعَمْتَ (٣) أَنَّ عِلْمَ مَا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ مِنَ الْعِلْمِ عِنْدَ الْأَوْصِيَاءِ ؛ فَكَيْفَ يَعْلَمُونَهُ؟
قَالَ : كَمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم يَعْلَمُهُ ، إِلاَّ أَنَّهُمْ لَايَرَوْنَ مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم يَرى ؛ لِأَنَّهُ كَانَ نَبِيّاً وَهُمْ مُحَدَّثُونَ (٤) ؛ وَأَنَّهُ كَانَ يَفِدُ (٥) إِلَى اللهِ جَلَّ جَلَالُهُ (٦) ، فَيَسْمَعُ الْوَحْيَ ، وَهُمْ لَايَسْمَعُونَ (٧).
فَقَالَ : صَدَقْتَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ ، سَآتِيكَ بِمَسْأَلَةٍ (٨) صَعْبَةٍ : أَخْبِرْنِي عَنْ هذَا الْعِلْمِ ، مَا لَهُ لَايَظْهَرُ كَمَا كَانَ يَظْهَرُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم؟
قَالَ : فَضَحِكَ أَبِي عليهالسلام (٩) ، وَقَالَ : أَبَى اللهُ أَنْ (١٠) يُطْلِعَ عَلى عِلْمِهِ إِلاَّ مُمْتَحَناً لِلْإِيمَانِ بِهِ ، كَمَا قَضى عَلى رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم أَنْ يَصْبِرَ عَلى أَذى قَوْمِهِ ، وَلَايُجَاهِدَهُمْ إِلاَّ بِأَمْرِهِ ، فَكَمْ مِنِ اكْتِتَامٍ قَدِ اكْتَتَمَ بِهِ حَتّى قِيلَ لَهُ : ( فَاصْدَعْ (١١) بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ
__________________
(١) في « و » وحاشية « ض » وشرح المازندراني والبحار ، ج ١٣ و ٢٥ و ٤٦ : « عجرته ». وفي مرآة العقول : « ففتحالرجل عجيرته ، أي اعتجاره ، أو طرف العمامة الذي اعتجر به ».
(٢) « تهلّل وجْهُه » ، أي استنار وتلألأ فرحاً وظهرت عليه أمارات السرور. النهاية ، ج ٥ ، ص ٢٧٢ ( هلل ).
(٣) في البحار ، ج ٢٥ : « وزعمت ».
(٤) في الوافي : « محدّثون » يعني يحدّثهم الملك ولايرونه.
(٥) يقال : وَفَد إليه وعليه يَفِد وَفْداً ، ووفوداً ، ووِفادةً ، وإفادةً ، أي قَدِم وورد. القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٤٧٠ ( وفد ).
(٦) هكذا في النسخ التي قوبلت. وفي المطبوع : « عزّ وجلّ ».
(٧) في « ج » : + « قال ».
(٨) في الوافي « سأسألك مسألة ».
(٩) في المرآة : « لعلّ ضحكه عليهالسلام كان لهذا النوع من السؤال الذي ظاهرة الامتحان تجاهلاً ، مع علمه بأنه عارفبحاله ؛ أو لعدّه المسألة صعبة ، وليست عنده عليهالسلام كذلك ».
(١٠) في « ف » : + « يكون ».
(١١) قوله تعالى : (فَاصْدَعْ) أي تكلّم به جهاراً ، يقال : صدعتُ الشيءَ ، أي أظهرته وبيّنته ، وصدعتُ بالحقِّ ، أيتكلّمتُ به جهاراً. راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ١٤٤٢ ( صدع ).
عَنِ الْمُشْرِكِينَ ) (١) وَايْمُ اللهِ (٢) أَنْ لَوْ صَدَعَ قَبْلَ ذلِكَ لَكَانَ آمِناً ، وَلكِنَّهُ إِنَّمَا نَظَرَ فِي الطَّاعَةِ وَخَافَ الْخِلَافَ ، فَلِذلِكَ كَفَّ ، فَوَدِدْتُ أَنَّ عَيْنَكَ (٣) تَكُونُ مَعَ مَهْدِيِّ هذِهِ الْأُمَّةِ ، وَالْمَلَائِكَةُ بِسُيُوفِ آلِ دَاوُدَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ تُعَذِّبُ أَرْوَاحَ الْكَفَرَةِ مِنَ الْأَمْوَاتِ ، وَتُلْحِقُ (٤) بِهِمْ أَرْوَاحَ أَشْبَاهِهِمْ مِنَ الْأَحْيَاءِ (٥).
ثُمَّ أَخْرَجَ سَيْفاً ، ثُمَّ قَالَ : هَا ، إِنَّ هذَا مِنْهَا ، قَالَ (٦) : فَقَالَ أَبِي : إِي (٧) وَالَّذِي اصْطَفى مُحَمَّداً عَلَى الْبَشَرِ.
قَالَ : فَرَدَّ الرَّجُلُ اعْتِجَارَهُ ، وَقَالَ : أَنَا إِلْيَاسُ ، مَا سَأَلْتُكَ عَنْ أَمْرِكَ وَبِي (٨) مِنْهُ (٩) جَهَالَةٌ ، غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُ أَنْ يَكُونَ هذَا الْحَدِيثُ قُوَّةً لِأَصْحَابِكَ ، وَسَأُخْبِرُكَ بِآيَةٍ أَنْتَ تَعْرِفُهَا ، إِنْ خَاصَمُوا بِهَا فَلَجُوا (١٠).
__________________
(١) الحجر (١٥) : ٩٤.
(٢) « أيمُ الله » : الأصل فيه : أيْمُنُ الله ، وهو اسم وضع للقسم ، وألفه ألف وصل عند أكثر النحويّين ، ولم يجئ في الأسماء ألف وصل مفتوحة غيرها ، فتذهب الألف في الوصل ، وهو مرفوع بالابتداء ، وربّما حذفوا منه النون فقالوا : ايْمُ الله وايم الله. وقيل : الأصل في أيمن الله أنّهم كانوا يحلفون باليمين ، ويجمع اليمين على أيْمُن ، ثمّ حلفوا به ، ثمّ حذف النون لكثرة الاستعمال ، وألفه ألف قطع ، وإنّما خفّفت همزتها وطرحت في الوصل لكثرة استعمالهم لها. راجع : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٢٢١ ( يمن ).
(٣) في البحار ، ج ١٣ ، ٤٦ ، ٥٢ : « عينيك ».
(٤) في البحار ، ج ١٣ ، ٥٢ : « يلحق ».
(٥) في « ج » : « الأرواح ».
(٦) في الوافي : « قال ، يعني أبا عبد الله عليهالسلام ».
(٧) في « ف » : « وإي ».
(٨) في البحار ج ١٣ ، ٤٦ ، ٥٢ : « لي ».
(٩) في « ف » : « فيه ». وفي البحار ج ٢٥ ، ٤٦ ، ٥٢ : « به ».
(١٠) في « بر » : « فلحوا ». و « فَلَجُوا » ، أي ظفروا وفازوا ؛ من الفَلْج بمعنى الظفر والفوز. يقال : فَلَجَ الرجل على خصمه ، إذا غلبه. راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ٣٣٥ ( فلج ).
وفي الوافي ، ج ٢ ، ص ٣٨ : « وتقرير هذه الحجّة على ما يطابق عبارة الحديث مع مقدّماتها المطويّة ، أن يقال : قد ثبت أنَّ الله سبحانه أنزل القرآن في ليلة القدر على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأنّه كان تنزّل الملائكة والروح فيها من كلّ أمر ببيان وتأويل سنة فسنة ، كما يدلّ عليه فعل المستقبل الدالّ على التجدّد في الاستقبال ، فنقول :
هل كان لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم طريق إلى العلم الذي يحتاج إليه الامّة سوى ما يأتيه من السماء من عند الله سبحانه ، إِمّا
قَالَ : فَقَالَ لَهُ أَبِي : إِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ بِهَا ، قَالَ : قَدْ شِئْتُ ، قَالَ : إِنَّ شِيعَتَنَا إِنْ (١) قَالُوا لِأَهْلِ الْخِلَافِ لَنَا : إِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ يَقُولُ لِرَسُولِهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) إِلى آخِرِهَا فَهَلْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم يَعْلَمُ مِنَ الْعِلْمِ شَيْئاً لَايَعْلَمُهُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ ، أَوْ
__________________
في ليلة القدر ، أو في غيرها ، أم لا؟ والأوّل باطل ؛ لما أجمع عليه الامّة من أنّ علمه ليس إِلاّ من عند الله سبحانه ، كما قال تعالى : (إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحى) [ النجم (٥٣) : ٤ ] ؛ فثبت الثاني.
ثمّ نقول : فهل يجوز أن لا يظهر هذا العلم الذي يحتاج إليه الامّة ، أم لابدّ من ظهوره لهم؟ والأوّل باطل ؛ لأنّه يوحى إليه ليبلغ إليهم ويهديهم إلى الله عزّوجلّ ؛ فثبت الثاني.
ثمّ نقول : فهل في ذلك العلم النازل من السماء من عند الله جلّ وعلا إلى الرسول اختلافٌ ، بأن يحكم في أمر في زمان بحكم ، ثمّ يحكم في ذلك الأمر بعينه في ذلك الزمان بعينه بحكم آخر يخالفه ، أم لا؟ والأوّل باطل ؛ لأنّ الحكم إنّما هو من عند الله جلّ وعزّ ، وهو متعال عن ذلك ، كما قال : (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) [ النساء (٤) : ٨٢ ].
ثمّ نقول : فمن حكم بحكم فيه اختلاف ، كالذي يجتهد في الحكم الشرعي بتأويله المتشابه برأيه ، ثمّ ينقض ذلك الحكم راجعاً عن ذلك الرأي لزعمه أنّه قد أخطأ فيه ، هل وافَقَ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في فعله ذلك وحكمه ، أم خالَفَه؟ والأوّل باطل ؛ لأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يكن في حكمه اختلاف ؛ فثبت الثاني.
ثمّ نقول : فمن لم يكن في حكمه اختلاف ، فهل له طريق إلى ذلك الحكم من غير جهة الله سبحانه إمّا بواسطة أو بغير واسطة ، ومن دون أن يعلم تأويل المتشابه الذي بسببه يقع الاختلاف أم لا؟ والأوّل باطل ؛ فثبت الثاني.
ثمّ نقول : فهل يعلم تأويل المتشابه الذي بسببه يقع الاختلاف إلاّ الله والراسخون في العلم الذين ليس في علمهم اختلاف ، أم لا؟ والأوّل باطل ؛ لأنّ الله سبحانه يقول : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) [ آل عمران (٣) : ٧ ].
ثمّ نقول : فرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي هو من الراسخين في العلم ، هل مات وذهب بعلمه ذلك ولم يبلّغ طريق علمه بالمتشابه إلى خليفته من بعده ، أم بلّغه؟ والأوّل باطل ؛ لأنّه لو فعل ذلك فقد ضيّع مَن في أصلاب الرجال ممّن يكون بعده ؛ فثبت الثاني.
ثمَّ نقول : فهل خليفته من بعده ، كسائر آحاد الناس يجوز عليه الخطأ والاختلاف في العلم ، أم هو مؤيّد من عند الله ، يحكم بحكم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بأن يأتيه ويحدّثه من غير وحي ورؤية ، أو ما يجري مجرى ذلك ، وهو مثله إلاّفي النبوّة؟ والأوّل باطل ؛ لعدم إغنائه حينئذٍ ؛ لأنّ من يجوز عليه الخطأ لا يؤمن عليه الاختلاف في الحكم ، ويلزم التضييع من ذلك أيضاً ؛ فثبت الثاني.
فلابدّ من خليفة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم راسِخ في العلم ، عالم بتأويل المتشابه ، مؤيّد من عند الله ، لايجوز عليه الخطأ ولا الاختلاف في العلم ، يكون حجّة على العباد ؛ وهو المطلوب.
(١) في « ب » : « لو ».
يَأْتِيهِ بِهِ جَبْرَئِيلُ عليهالسلام فِي غَيْرِهَا (١)؟ فَإِنَّهُمْ سَيَقُولُونَ : لَا ، فَقُلْ لَهُمْ : فَهَلْ كَانَ لِمَا عَلِمَ بُدٌّ مِنْ أَنْ يُظْهِرَ (٢)؟ فَيَقُولُونَ : لَا ، فَقُلْ لَهُمْ : فَهَلْ (٣) كَانَ فِيمَا أَظْهَرَ رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم مِنْ عِلْمِ اللهِ ـ عَزَّ ذِكْرُهُ ـ اخْتِلَافٌ؟
فَإِنْ قَالُوا : لَا ، فَقُلْ لَهُمْ : فَمَنْ حَكَمَ (٤) بِحُكْمِ اللهِ (٥) فِيهِ اخْتِلَافٌ ، فَهَلْ خَالَفَ رَسُولَ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ ـ فَإِنْ قَالُوا : لَا ، فَقَدْ نَقَضُوا أَوَّلَ كَلَامِهِمْ ـ فَقُلْ لَهُمْ : ( ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ) (٦).
فَإِنْ قَالُوا : مَنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ؟ فَقُلْ : مَنْ لَايَخْتَلِفُ فِي عِلْمِهِ.
فَإِنْ قَالُوا : فَمَنْ هُوَ ذَاكَ (٧)؟ فَقُلْ : كَانَ رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم صَاحِبَ ذلِكَ (٨) ، فَهَلْ بَلَّغَ أَوْ لَا؟ فَإِنْ قَالُوا : قَدْ بَلَّغَ ، فَقُلْ (٩) : فَهَلْ مَاتَ (١٠) صلىاللهعليهوآلهوسلم وَالْخَلِيفَةُ مِنْ بَعْدِهِ يَعْلَمُ عِلْماً لَيْسَ فِيهِ اخْتِلَافٌ؟ فَإِنْ قَالُوا : لَا ، فَقُلْ (١١) : إِنَّ (١٢) خَلِيفَةَ رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم مُؤَيَّدٌ ، وَ (١٣) لَايَسْتَخْلِفُ رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم إِلاَّ مَنْ يَحْكُمُ بِحُكْمِهِ ، وَإِلاَّ مَنْ يَكُونُ مِثْلَهُ إِلاَّ النُّبُوَّةَ ، وَإِنْ (١٤) كَانَ رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم لَمْ يَسْتَخْلِفْ فِي عِلْمِهِ (١٥) أَحَداً ، فَقَدْ ضَيَّعَ مَنْ (١٦) فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ مِمَّنْ
__________________
(١) والمعنى : هل له صلىاللهعليهوآلهوسلم علم من غير تينك الجهتين؟ فقوله : « يأتيه » عطف على المنفيّ ، أي يعلمه. ومعنى قوله : « لا » أي ليس لعلمه طريق ثالث ، بل طريقه منحصر في الوحي ، إمّا في ليلة القدر أو غيرها.
(٢) يجوز فيه المبنيّ للفاعل كما يظهر من مرآة العقول.
(٣) في الوسائل : « قل لهم هل » بدل « فقل لهم فهل ».
(٤) في « ف » : « يحكم ».
(٥) في « ف » : + « الذي ». وهو ممّا لابدّ منه إن كان « حكم الله » موصوفاً لا ذا الحال. وفي الوسائل : ـ « الله ».
(٦) آل عمران (٣) : ٧.
(٧) في الوسائل : « من ذاك » بدل « فمن هو ذاك ».
(٨) في الوسائل : « ذاك ».
(٩) في « ف » : + « لهم ».
(١٠) في « ج ، ف » : + « رسول الله ».
(١١) في « ف » : + « لهم ».
(١٢) في « بح » : « فإنّ ».
(١٣) في « ب ، بف » : ـ « و ».
(١٤) في البحار ، ج ٢٥ : « فإن ».
(١٥) في الوسائل : ـ « في علمه ».
(١٦) في « ف » : « ممّن ».
يَكُونُ بَعْدَهُ.
فَإِنْ قَالُوا لَكَ : فَإِنَّ عِلْمَ رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم كَانَ مِنَ الْقُرْآنِ ، فَقُلْ : ( حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ ) (١) إِلى قَوْلِهِ : ( إِنّا كُنّا مُرْسِلِينَ ) (٢).
فَإِنْ قَالُوا لَكَ : لَايُرْسِلُ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ إِلاَّ إِلى نَبِيٍّ ، فَقُلْ : هذَا الْأَمْرُ الْحَكِيمُ ـ الَّذِي يُفْرَقُ فِيهِ ـ هُوَ (٣) مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ الَّتِي تَنْزِلُ (٤) مِنْ سَمَاءٍ (٥) إِلى سَمَاءٍ ، أَوْ (٦) مِنْ سَمَاءٍ إِلى أَرْضٍ (٧)؟
فَإِنْ (٨) قَالُوا : مِنْ سَمَاءٍ إِلى سَمَاءٍ ، فَلَيْسَ فِي السَّمَاءِ أَحَدٌ يَرْجِعُ مِنْ طَاعَةٍ إِلى مَعْصِيَةٍ (٩) ، فَإِنْ (١٠) قَالُوا : مِنْ سَمَاءٍ إِلى أَرْضٍ ، وَأَهْلُ الْأَرْضِ أَحْوَجُ الْخَلْقِ إِلى ذلِكَ ، فَقُلْ (١١) : فَهَلْ (١٢) لَهُمْ بُدٌّ مِنْ سَيِّدٍ يَتَحَاكَمُونَ إِلَيْهِ؟ فَإِنْ قَالُوا : فَإِنَّ الْخَلِيفَةَ هُوَ حَكَمُهُمْ (١٣) ، فَقُلْ : ( اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ ) إِلى قَوْلِهِ ( خالِدُونَ ) (١٤) لَعَمْرِي (١٥) ،
__________________
(١) هكذا في النسخ التي قوبلت والوافي والبحار ، ج ٢٥. وفي المطبوع : + « [ (إِنّا كُنّا مُنْذِرِينَ فِيها) ] ».
(٢) الدخان (٤٤) : ١ ـ ٥.
(٣) في « ب » : ـ « هو ».
(٤) هكذا في « ب ، ج ، ض ، ف ، بر ، بس ، بف ». وفي « بح » : « الذي ينزل ». والروح ممّا يذكّر ويؤنّث. وفي المطبوع : « تنزّل » ، أي تتنزّل ، بحذف إحدى التاءين.
(٥) في حاشية « ض » : « السماء ».
(٦) في « ف » : « و ».
(٧) في « ج ، ف » وحاشية « ض ، بر » والوافي : « الأرض ». وفي شرح المازندراني : « الجملة خبريّة بمعنى الاستفهام ».
(٨) في « بح » : « وإن ».
(٩) في « ف ، بح ، بر » : « من طاعته إلى معصيته ».
(١٠) كذا ؛ والسياق يقتضي « وإن ».
(١١) في « ف » : + « لهم ».
(١٢) في « ب » : « هل ».
(١٣) « الحكم » بالتحريك : الحاكم ، وهو القاضي. النهاية ، ج ١ ، ص ٤١٨ ( حكم ).
(١٤) البقرة (٢) : ٢٥٧.
(١٥) « العَمْرُ » و « العُمْرُ » ، هما وإن كانا مصدرين بمعنى ، إلاّ أنّه استعمل في القسم أحدهما ، وهو المفتوح وهو القسم بالحياة. راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٧٥٦ ( عمر ).
مَا فِي الْأَرْضِ وَلَا (١) فِي السَّمَاءِ وَلِيٌّ لِلّهِ (٢) ـ عَزَّ ذِكْرُهُ (٣) ـ إِلاَّ وَهُوَ مُؤَيَّدٌ (٤) ، وَمَنْ أُيِّدَ لَمْ يُخْطِ (٥) ؛ وَمَا فِي الْأَرْضِ عَدُوٌّ لِلّهِ (٦) ـ عَزَّ ذِكْرُهُ (٧) ـ إِلاَّ وَهُوَ مَخْذُولٌ (٨) ، وَمَنْ خُذِلَ لَمْ يُصِبْ ، كَمَا أَنَّ الْأَمْرَ لَابُدَّ مِنْ تَنْزِيلِهِ مِنَ السَّمَاءِ يَحْكُمُ بِهِ أَهْلُ الْأَرْضِ ، كَذلِكَ (٩) لَابُدَّ مِنْ وَالٍ.
فَإِنْ قَالُوا : لَانَعْرِفُ هذَا ، فَقُلْ لَهُمْ (١٠) : قُولُوا مَا أَحْبَبْتُمْ ، أَبَى اللهُ (١١) بَعْدَ مُحَمَّدٍ صلىاللهعليهوآلهوسلم أَنْ يَتْرُكَ الْعِبَادَ وَلَاحُجَّةَ عَلَيْهِمْ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليهالسلام : ثُمَّ وَقَفَ (١٢) ، فَقَالَ : هَاهُنَا يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ بَابٌ غَامِضٌ (١٣) ، أَرَأَيْتَ إِنْ قَالُوا : حُجَّةُ اللهِ الْقُرْآنُ؟ قَالَ : إِذَنْ أَقُولَ لَهُمْ : إِنَّ الْقُرْآنَ لَيْسَ بِنَاطِقٍ يَأْمُرُ وَيَنْهى (١٤) ، وَلكِنْ لِلْقُرْآنِ أَهْلٌ يَأْمُرُونَ وَيَنْهَوْنَ.
__________________
(١) في « ف » : « وما ».
(٢) في « ف » : « الله ».
(٣) في « ج » : « عزّ وجلّ ». وفي « بس » : « عزّ وجلّ ذكره ».
(٤) « مُؤَيَّدٌ » ، أي مُقَوَّى ، من الأيْد بمعنى القوّة ، يقال : آدَ الرجلُ يئيدُ أيْداً : اشتدّ وقوي ، وتقول منه : أيّدتُه تأييداً ، أي قوّيته. راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٤٤٣ ( أيد ).
(٥) في « ج » : « لم يخطئ » ، وهو الأصل ، فقلبت الهمزة ياءً ثمّ سقطت الياء بالجازم.
(٦) في « ف » : « الله ».
(٧) في « ألف ، بف » : « عزّ وجلّ ». وفي « ب ، ف ، بح ، بر ، بس » : « عزّ وجلّ ذكره ».
(٨) « مَخْذُول » ، من خَذَلَهُ يَخْذُلُه خِذْلاناً ، أي ترك عَوْنَهُ ونُصْرَتَهُ. الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٦٨٣ ( خذل ).
(٩) في الوافي : + « و ».
(١٠) في « بس ، بف » والوافي : ـ « لهم ».
(١١) هكذا في « ألف ، ب ، ج ، ض ، ف ، و ، بح ، بس ، بف » وشرح المازندراني. وفي « بر » والمطبوع : + « عزّ وجلّ ».
(١٢) في مرآة العقول : « قال : ثمّ وقف ، أي ترك أبي الكلام ؛ فقال ، أي إلياس. وقيل : ضمير وقف أيضاً لإلياس ، أيقام تعظيماً. والأوّل أظهر ».
(١٣) الغامِضُ من الكلام خلافُ الواضح. قال المجلسي في مرآة العقول : « باب غامض ، أي شبهة مشكلة استشكلها المخالفون لقول عمر عند إرادة النبيّ الوصيّة : حسبنا كتاب الله. وقيل : الغامض بمعنى السائر المشهور ، من قولهم : غمض في الأرض ، إذا ذهب وسار ». وراجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٨٧٨ ( غمض ).
(١٤) في « بر » : « بأمر ونهي ».
وَأَقُولَ : قَدْ عَرَضَتْ لِبَعْضِ أَهْلِ الْأَرْضِ مُصِيبَةٌ (١) مَا هِيَ فِي السُّنَّةِ وَالْحُكْمِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ اخْتِلَافٌ ، وَلَيْسَتْ فِي الْقُرْآنِ ، أَبَى اللهُ ـ لِعِلْمِهِ بِتِلْكَ الْفِتْنَةِ ـ أَنْ تَظْهَرَ فِي الْأَرْضِ ، وَلَيْسَ فِي حُكْمِهِ (٢) رَادٌّ لَهَا وَمُفَرِّجٌ عَنْ أَهْلِهَا.
فَقَالَ : هَاهُنَا تَفْلُجُونَ (٣) يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ ، أَشْهَدُ أَنَّ اللهَ ـ عَزَّ ذِكْرُهُ ـ قَدْ عَلِمَ بِمَا يُصِيبُ الْخَلْقَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ ، أَوْ فِي أَنْفُسِهِمْ مِنَ الدِّينِ أَوْ غَيْرِهِ ، فَوَضَعَ الْقُرْآنَ دَلِيلاً (٤).
قَالَ : فَقَالَ الرَّجُلُ : هَلْ تَدْرِي (٥) يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ ، دَلِيلُهُ (٦) مَا هُوَ (٧)؟
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليهالسلام : نَعَمْ ، فِيهِ جُمَلُ الْحُدُودِ ، وَتَفْسِيرُهَا عِنْدَ الْحَكَمِ (٨) ، فَقَالَ (٩) : أَبَى اللهُ أَنْ يُصِيبَ عَبْداً بِمُصِيبَةٍ فِي دِينِهِ أَوْ فِي (١٠) نَفْسِهِ أَوْ (١١) مَالِهِ لَيْسَ فِي أَرْضِهِ مَنْ (١٢) حُكْمُهُ قَاضٍ بِالصَّوَابِ فِي تِلْكَ الْمُصِيبَةِ.
__________________
(١) في الوافي : « المصيبة » أي قضيّة مشكلة ومسألة معضلة.
(٢) في شرح المازندراني : « الحكم ، إمّا بالتحريك ، أو بضمّ الحاء وسكون الكاف. والضمير راجع إلى الله ».
(٣) في « بر » : « تُفْلِجُون ». وفي البحار ، ج ٢٥ : « يفلجون ».
(٤) في « ف » : + « عليه ».
(٥) في حاشية « ض » : « أتدري ».
(٦) هكذا في « ف ». وجملة « دليله ما هو » في محلّ نصب سدّ مسدّ مفعول « تدري ». وفي « بر » : « دليلك ». وفي المطبوع وأكثر النسخ : « دليل ».
(٧) في « ض » والبحار ، ج ٢٥ : « فقال ».
(٨) هكذا في « ض ، بف » أي بالتحريك وليس في غيرهما ما ينافيه ، وهو الذي يقتضيه المقام ، واختاره الفيضفي الوافي وقال : « الحكَم ، بفتح الكاف يعني الحجّة ». وهو الظاهر من كلام المازندراني في شرحه ، حيث قال : « وتفسيرها عند الحاكم العالم بمعانيه ». وفي « بح » : « الحكيم ».
(٩) في « ب ، ف ، بح ، بف » وحاشية « ج ، ض ، بر » والوافي والبحار ، ج ٢٥ : « فقد ».
(١٠) في « بس » : ـ « في ».
(١١) هكذا في « ب ، ج ، ض ، و ، بح ، بر ، بس ، بف » والبحار ، ج ٢٥. وفي « ألف » والمطبوع : + « في ».
(١٢) هكذا في « ب ، ف ، بر ، بس » أي بفتح الميم ، وليس في غيرها ما ينافيه. وفي الوافي ، ج ٢ ، ص ٤١ : لفظة « من » في « من حكمه » إمّا اسم موصول ، فتكون اسم ليس ؛ أو حرف جرّ ، فتكون صلة للخروج الذي يتضمّنه معنى القضاء في قاضٍ ، أي قاضٍ خارج من حكمه بالصواب. وراجع : مرآة العقول ، ج ٣ ، ص ٧١.
قَالَ : فَقَالَ الرَّجُلُ : أَمَّا فِي هذَا الْبَابِ ، فَقَدْ فَلَجْتَهُمْ (١) بِحُجَّةٍ إِلاَّ أَنْ يَفْتَرِيَ خَصْمُكُمْ عَلَى اللهِ ، فَيَقُولَ : لَيْسَ لِلّهِ ـ جَلَّ ذِكْرُهُ ـ حُجَّةٌ.
وَلكِنْ أَخْبِرْنِي عَنْ تَفْسِيرِ ( لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ ) : مِمَّا خُصَّ بِهِ عَلِيٌّ عليهالسلام (٢) ( وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ ) (٣) قَالَ : فِي أَبِي فُلَانٍ وَأَصْحَابِهِ (٤) ، وَاحِدَةٌ مُقَدِّمَةٌ ، وَوَاحِدَةٌ مُؤَخِّرَةٌ (٥) ؛ لَا تَأْسَوْا عَلى مَا فَاتَكُمْ مِمَّا خُصَّ بِهِ عَلِيٌّ عليهالسلام (٦) ( وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ ) مِنَ الْفِتْنَةِ الَّتِي عَرَضَتْ لَكُمْ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فَقَالَ الرَّجُلُ : أَشْهَدُ أَنَّكُمْ أَصْحَابُ الْحُكْمِ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ ، ثُمَّ قَامَ الرَّجُلُ وَذَهَبَ ، فَلَمْ أَرَهُ ». (٧)
٦٤٦ / ٢. وَ (٨) عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام ، قَالَ : « بَيْنَا أَبِي جَالِسٌ وَعِنْدَهُ نَفَرٌ إِذَا (٩)
__________________
(١) في الوافي والبحار ، ج ٢٥ : « فلجتم ».
(٢) في « ب ، ض ، ف ، بح ، بر ، بس ، بف » : « عليّ به ». وقوله : ممّا خصّ به عليّ عليهالسلام ، من كلام أبي جعفر عليهالسلام ، بتقدير قال ، كأنّه سقط من النسّاخ. أو من كلام إلياس. راجع : الوافي ، ج ٢ ، ص ٤١ ؛ مرآة العقول ، ج ٣ ، ص ٧٢.
(٣) الحديد (٥٧) : ٢٣. وفي « ف » : + « من الفتنة ».
(٤) في البحار ، ج ٢٥ : « ولكن أخبرني عن تفسير « لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَآءَاتَل ـ كُمْ » قال : في أبي فلان وأصحابه » بدل « ولكن أخبرني ـ إلى ـ وأصحابه ».
(٥) في « بج ، بس ، بو ، جل » : + « و ».
(٦) في الوافي : « عليّ عليهالسلام به » بدل « به عليّ عليهالسلام ».
(٧) تفسير القمّي ، ج ٢ ، ص ٣٥١ ، من قوله : « أخبرني عن تفسير : « لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ » الوافي ، ج ٢ ، ص ٣٢ ، ح ٤٨٣ ؛ الوسائل ، ج ٢٧ ، ص ١٧٧ ، ح ٣٣٥٣٤ ، من قوله : « فقل لهم فهل كان فيما أظهر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من علم الله » إلى قوله : « في أصلاب الرجال عمّن يكون بعده » ؛ البحار ، ج ١٣ ، ص ٣٩٧ ، ح ٤ ؛ وج ٢٥ ، ص ٧٤ ، ح ٦٤ ؛ وج ٤٦ ، ص ٣٦٣ ، ح ٤ ؛ وج ٥٢ ، ح ٣٧١ ، ح ١٦٣.
(٨) هكذا في النسخ. وفي المطبوع : ـ « و ». ثمّ إنّ السند معلّق على ما قبله ، ويروي الكليني عن أبي عبد الله عليهالسلام بالسندين المذكورين في ح ١. يدلّ على ذلك ما يأتي في سندي الحديثين : الثالث والرابع من عبارة : « وبهذا الإسناد ».
(٩) في « ض ، بر » : « إذ ».
اسْتَضْحَكَ حَتَّى اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ (١) دُمُوعاً (٢) ، ثُمَّ قَالَ : هَلْ تَدْرُونَ مَا أَضْحَكَنِي؟ قَالَ : فَقَالُوا : لَا ، قَالَ : زَعَمَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّهُ مِنَ ( الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا ) (٣) ، فَقُلْتُ لَهُ (٤) : هَلْ رَأَيْتَ الْمَلَائِكَةَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ ، تُخْبِرُكَ بِوَلَايَتِهَا لَكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مَعَ الْأَمْنِ مِنَ الْخَوْفِ وَالْحُزْنِ؟ قَالَ : فَقَالَ : إِنَّ اللهَ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ يَقُولُ : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ) (٥) وَقَدْ دَخَلَ فِي هذَا جَمِيعُ الْأُمَّةِ ، فَاسْتَضْحَكْتُ.
ثُمَّ قُلْتُ : صَدَقْتَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ ، أَنْشُدُكَ اللهَ (٦) هَلْ فِي حُكْمِ اللهِ ـ جَلَّ ذِكْرُهُ ـ اخْتِلَافٌ؟ قَالَ : فَقَالَ : لَا ، فَقُلْتُ : مَا تَرى فِي رَجُلٍ ضَرَبَ رَجُلاً أَصَابِعَهُ بِالسَّيْفِ حَتّى سَقَطَتْ ، ثُمَّ ذَهَبَ وَأَتى رَجُلٌ آخَرُ ، فَأَطَارَ كَفَّهُ ، فَأُتِيَ بِهِ إِلَيْكَ وَأَنْتَ قَاضٍ ، كَيْفَ أَنْتَ صَانِعٌ (٧)؟
قَالَ (٨) : أَقُولُ لِهذَا الْقَاطِعِ : أَعْطِهِ دِيَةَ كَفِّهِ (٩) ، وَأَقُولُ لِهذَا الْمَقْطُوعِ (١٠) : صَالِحْهُ عَلى (١١) مَا شِئْتَ ، وَابْعَثْ (١٢) بِهِ إِلى ذَوَيْ عَدْلٍ.
قُلْتُ : جَاءَ الِاخْتِلَافُ فِي حُكْمِ اللهِ عَزَّ ذِكْرُهُ ، وَنَقَضْتَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ ، أَبَى اللهُ
__________________
(١) « اغْرَوْرَقَتْ عيناه » ، أي غَرِقَتا بالدموع. وهو افْعَوْعَلَتْ من الغَرَق. النهاية ، ج ٣ ، ص ٣٦١ ( غرق ).
(٢) قال المجلسي في مرآة العقول ، ج ٣ ، ص ٧٤ : « ودُمُوعاً ، تميز ، وقيل : هو مصدر دَمَعَتْ عينه ، كمنع إذا ظهر منه الدمع ، وهو مفعول له ، أو جمع دَمْع بالفتح وهو ماء العين ، فهو بتقدير مِنْ ، مثل : الحوضُ ملآن ماءً ، أو هو مفعول فيه ».
(٣) فصّلت (٤١) : ٣٠ ؛ الأحقاف (٤٦) : ١٣.
(٤) في البحار ، ج ٤٢ : ـ « له ».
(٥) الحجرات (٤٩) : ١٠.
(٦) يقال : نَشَدْتُك اللهَ ، وأنْشُدُك اللهَ وبالله ، ناشدتُك اللهَ وبالله ، أي سألتك وأقسمتُ عليك ، أي سألتك به مُقْسِماًعليك. ويقال : نَشَدْتُ فلاناً أنْشُدُه نَشداً ، إذا قلت له : نَشَدْتك اللهَ ، أي سألتك بالله كأنّك ذَكّرتَهُ إيّاه فنشد ، أي تذكّر. راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٤٥٣ ؛ النهاية ، ج ٥ ، ص ٥٣ ( نشد ).
(٧) في « ف ، بر ، بف » والبحار ، ج ٢٥ ، ٤٢ : + « به ».
(٨) في حاشية « ف » : « فقال ».
(٩) في « ألف » : « الكفّ ».
(١٠) في « ف » : + « أصابعه ».
(١١) في « ف » : ـ « على ».
(١٢) في « ض ، بر » : « وأبْعَثُ ». والمقام يقتضي أن يكون العاطف « أو ». والمعنى هو التخيير بين الصلح وأخذ الأرش.
ـ عَزَّ ذِكْرُهُ ـ أَنْ يُحْدِثَ فِي خَلْقِهِ شَيْئاً مِنَ الْحُدُودِ (١) لَيْسَ (٢) تَفْسِيرُهُ فِي الْأَرْضِ ؛ اقْطَعْ (٣) قَاطِعَ الْكَفِّ أَصْلاً ، ثُمَّ أَعْطِهِ دِيَةَ الْأَصَابِعِ ، هكَذَا (٤) حُكْمُ اللهِ لَيْلَةً يَنْزِلُ (٥) فِيهَا أَمْرُهُ ، إِنْ جَحَدْتَهَا بَعْدَ مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فَأَدْخَلَكَ اللهُ النَّارَ ، كَمَا أَعْمى بَصَرَكَ يَوْمَ جَحَدْتَهَا (٦) عَلَى ابْنِ أَبِي طَالِبٍ ، قَالَ (٧) : فَلِذلِكَ عَمِيَ بَصَرِي (٨) ، قَالَ : وَمَا عِلْمُكَ بِذلِكَ؟ فَوَ اللهِ (٩) ، إِنْ عَمِيَ بَصَرُهُ (١٠) إِلاَّ مِنْ صَفْقَةِ (١١) جَنَاحِ الْمَلَكِ ، قَالَ (١٢) : فَاسْتَضْحَكْتُ ، ثُمَّ تَرَكْتُهُ يَوْمَهُ ذلِكَ لِسَخَافَةِ عَقْلِهِ.
ثُمَّ لَقِيتُهُ ، فَقُلْتُ : يَا ابْنَ عَبَّاسٍ ، مَا تَكَلَّمْتَ بِصِدْقٍ مِثْلِ أَمْسِ ، قَالَ لَكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ : إِنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي كُلِّ سَنَةٍ ، وَإِنَّهُ (١٣) يَنْزِلُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ (١٤) أَمْرُ (١٥) السَّنَةِ ، وَإِنَّ لِذلِكَ الْأَمْرِ وُلَاةً بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فَقُلْتَ : مَنْ هُمْ؟ فَقَالَ : أَنَا وَأَحَدَ عَشَرَ مِنْ
__________________
(١) في « بح » : « الحدّ ».
(٢) هكذا في « ألف ، ب ، ض ، و ، بر » والوافي. والجملة صفة « شيئاً ». وفي « ج ، بح » والبحار ، ج ٢٥ و ٤٢ : « فليس ». وفي « بس ، بف » والمطبوع : « وليس ».
(٣) في « ب » : « فاقطع ». وفي الكافي ، ح ١٤٢٩١ والتهذيب : + « يد ».
(٤) في « ب ، ج ، بح ، بس » وحاشية « ف ، بر » والكافي ، ح ١٤٢٩١ والتهذيب : « هذا ».
(٥) هكذا في « ألف ، ب ، ض ، و ، بح ، بس » والوافي. وفي « ج » : « ينزّل ». وفي « بر » والمطبوع وشرح المازندراني : « تنزَّل ». وفي « بف » : « نزل ».
(٦) في « بر » : + « على ».
(٧) في « بر » : « فقال ».
(٨) قال المجلسي في مرآة العقول : « قوله : فلذلك عمي بصري » ، الظاهر أنّ هذا تصديق واعتراف منه بذلك كما يدلّ ما سيأتي ، لا استفهام إنكار كما يتراءى من ظاهره ».
(٩) قال الفيض في الوافي : « فوالله ، من كلام الصادق عليهالسلام ، معترض » ، وقال المجلسي في مرآة العقول : « قوله : فو الله ، من كلام الباقر عليهالسلام ، وإنْ نافية ، وقائل فاستضحكتُ أيضاً الباقر عليهالسلام ».
(١٠) هكذا في « ألف ، ب ، ج ، ض ، و ، بح ، بر ، بس ، بف » والوافي والبحار ، ج ٢٥. وفي المطبوع : « بصري ».
(١١) « الصَفْقَةُ » : مرّة من التصفيق باليد ، وهو التصويت بها. والصَفْق : الضرب الذي يُسْمَعُ له صوت ، يقال : صَفَق له بالبيع والبيعة صَفْقاً ، أي ضرب يده على يده. راجع : الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٥٠٧ ( صفق ).
(١٢) في « ب ، بح ، بس » : ـ « قال ».
(١٣) في « ف » : « وإنّها ».
(١٤) في « بر » : « الليل ».
(١٥) في البحار ، ج ٤٦ : + « تلك ».
صُلْبِي أَئِمَّةٌ مُحَدَّثُونَ (١) ، فَقُلْتَ : لَا أَرَاهَا كَانَتْ إِلاَّ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم فَتَبَدّى لَكَ (٢) الْمَلَكُ الَّذِي يُحَدِّثُهُ (٣) ، فَقَالَ : كَذَبْتَ يَا عَبْدَ اللهِ ، رَأَتْ (٤) عَيْنَايَ الَّذِي حَدَّثَكَ بِهِ عَلِيٌّ ـ وَلَمْ تَرَهُ عَيْنَاهُ ، وَلكِنْ وَعى قَلْبُهُ (٥) ، وَوُقِرَ (٦) فِي سَمْعِهِ ـ ثُمَّ صَفَقَكَ (٧) بِجَنَاحِهِ (٨) فَعَمِيتَ.
قَالَ : فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : مَا اخْتَلَفْنَا فِي شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ (٩) ، فَقُلْتُ لَهُ : فَهَلْ (١٠) حَكَمَ اللهُ فِي حُكْمٍ مِنْ حُكْمِهِ بِأَمْرَيْنِ؟ قَالَ : لَا ، فَقُلْتُ : هَاهُنَا هَلَكْتَ وَأَهْلَكْتَ ». (١١)
__________________
(١) في شرح المازندرانى ، ج ٦ ، ص ٥ : « قوله : أئمّة محدّثون ، خبر لقوله : أنا وأحد عشر من صلبي ، أو حال عنهوهو خبر مبتدأ محذوف وهو « هُمْ » ، أو خبر مبتدأ محذوف ، أي نحن أئمّة ».
(٢) « فتبدّى لك » ، أي ظهر لك. تبدّى في اللغة بمعنى أقام بالبادية ، نعم جاء في بعض كتب اللغة الحديثة بمعنى ظهر. راجع : المعجم الوسيط ، ص ٤٤ ( بدا ) ؛ شرح المازندراني ، ج ٦ ، ص ٦.
(٣) في « بس ، بف » : « تحدّثه ».
(٤) في البحار ، ج ٢٥ : « رأيت ».
(٥) « وَعَى قَلْبُهُ » ، أي حفظ ما أُلقي إليه. يقال : وَعَيْتُ الحديثَ أعِيه وَعْياً فأنا واع ، إذا حَفِظْتَه وفَهِمْتَه ، وفلان أوعى من فلان ، أي أحفظ وأفهم. راجع : النهاية ، ج ٥ ، ص ٢٠٧ ( وعا ).
(٦) في « ض ، و ، بح ، بر » : « وقّر ». و « وَقَرَ » كوَعَدَ بمعنى ثبت وسكن ، على ما في الشروح. وفي اللغة : وَقَرَ في القلب ، أي سكن فيه وثبت ، من الوَقار بمعنى الحِلْم والرَزانة. راجع : النهاية ، ج ٥ ، ص ٢١٣ ( وقر ).
(٧) هكذا في « ألف ، ب ، ج ، ض ، و ، بح ، بر ، بس ، بف ». وفي المطبوع : « صفّقك ». وفي حاشية « ج » : « خفقك » وقال الجوهري : الصَفْق : الضرب الذي يُسْمَعُ له صوت ، وكذلك التصفيق ، يقال : صَفَقَتْهُ الريحُ وصَفَّقَتْه. الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٥٠٧ ( صفق ).
(٨) في حاشية « ج » والبحار ، ج ٢٥ ، ٤٢ : « بجناحيه ».
(٩) في الوافي : « كأنّه نفى [ ابن عبّاس ] بهذا الكلام أن يكون في الامّة من علم حكم المختلف فيه ؛ فاحتجّ عليهالسلام بأنّه إذاكان الحكم مردوداً إلى الله ، وليس عند الله في الواقع إلاّحكم واحد ، فكيف يحكمون تارة بأمر وتارة بآخر ، وهل هذا إِلاّ مخالفة للهسبحانه في أحد الحكمين ، التي هي سبب الهلاك والإهلاك ».
(١٠) في « ف » : + « عليك ».
(١١) الكافي ، كتاب الحجّة ، باب ما جاء في الاثني عشر والنصّ عليهم عليهمالسلام ، ح ١٣٩٨. وفي الغيبة للنعماني ، ص ٦٠ ، ح ٣ ، عن محمّد بن يعقوب الكليني ، عن عدّة من رجاله ، عن أحمد بن أبي عبد الله محمّد بن خالد البرقي ، عن الحسن بن العبّاس بن الحريش ، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليهمالسلام وفيهما من قوله : « إنّ ليلة القدر في كلّ سنة » إلى قوله : « أئمّة محدّثون ». الكافي ، كتاب الديات ، باب نادر ،
٦٤٧ / ٣. وَبِهذَا الْإِسْنَادِ (١) :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليهالسلام ، قَالَ : « قَالَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ : ( فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) (٢) يَقُولُ : يَنْزِلُ فِيهَا كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (٣). وَالْمُحْكَمُ لَيْسَ بِشَيْئَيْنِ ، إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ ، فَمَنْ حَكَمَ بِمَا لَيْسَ فِيهِ اخْتِلَافٌ ، فَحُكْمُهُ مِنْ حُكْمِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ؛ وَمَنْ حَكَمَ بِأَمْرٍ فِيهِ اخْتِلَافٌ ، فَرَأى أَنَّهُ مُصِيبٌ ، فَقَدْ حَكَمَ (٤) بِحُكْمِ الطَّاغُوتِ (٥) ؛ إِنَّهُ لَيَنْزِلُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ إِلى وَلِيِّ الْأَمْرِ تَفْسِيرُ الْأُمُورِ سَنَةً سَنَةً ، يُؤْمَرُ فِيهَا فِي أَمْرِ نَفْسِهِ بِكَذَا وَكَذَا ، وَفِي أَمْرِ النَّاسِ بِكَذَا وَكَذَا ، وَإِنَّهُ لَيَحْدُثُ لِوَلِيِّ الْأَمْرِ سِوى ذلِكَ كُلَّ يَوْمٍ عِلْمُ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ الْخَاصُّ وَالْمَكْنُونُ الْعَجِيبُ الْمَخْزُونُ مِثْلُ مَا يَنْزِلُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ مِنَ الْأَمْرِ ». ثُمَّ قَرَأَ : ( وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ إِنَّ
__________________
ح ١٤٢٩١ ، عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن العبّاس بن الحريش. التهذيب ، ج ١٠ ، ص ٢٧٦ ، ح ١٠٨٢ ، بسنده عن سهل بن زياد ، وفيهما من قوله : « يابن عبّاس أُنشدك » إلى قوله : « هكذا حكم الله ». وفي الخصال ، ص ٤٧٩ ، باب الاثني عشر ، ح ٤٧ ؛ وكمال الدين ، ص ٣٠٤ ، ح ١٩ ؛ وكفاية الأثر ، ص ٢٢٠ ، بسندها عن محمّد بن يحيى. وفي الغيبة للطوسي ، ص ١٤١ ، ح ١٠٦ ، بسنده عن سهل بن زياد ، وفي الأربعة الأخيرة من قوله : « إنّ ليلة القدر في كلّ سنة » إلى قوله : « أئمّة محدّثون » وراجع : الكافي ، كتاب الحجّة ، باب أنّ الأئمّة عليهمالسلام محدّثون مفهّمون ، ح ٧١١ الوافي ، ج ٢ ، ص ٤٣ ، ح ٤٨٤ ؛ الوسائل ، ج ٢٩ ، ص ١٧٢ ، ح ٣٥٣٩٩ ؛ البحار ، ج ٢٥ ، ص ٧٨ ، ح ٦٥ ؛ وج ٤٢ ، ص ١٥٨ ، ح ٢٧.
(١) إشارة إلى السند المتقدّم في ح ١ ، والناقل عن أبي جعفر الظاهرِ في أبي جعفر الباقر عليهالسلام ، هو أبو جعفر الثاني عليهالسلام.
(٢) الدخان (٤٤) : ٤.
(٣) قال ابن الأثير : « الحَكِيمُ ، هو المُحْكم الذي لا اختلاف فيه ولا اضطراب ، فعيل بمعنى مُفْعَل ، احْكِمَ فهو مُحْكَمٌ ». وقال المجلسي : « الحكيم فعيل بمعنى المفعول ، أي المعلوم اليقيني ، من حَكَمَهُ كنصره : إذا أتقنه ومنعه عن الفساد ، كأحكمه ». راجع : مرآة العقول ، ج ٣ ، ص ٧٩ ؛ النهاية ، ج ١ ، ص ٤١٩ ( حكم ).
(٤) في « بس » : + « فيه ».
(٥) « الطاغوت » : الكاهن ، والشيطان ، وكلّ رأس ضلال ، وكلّ معبود من دون الله تعالى ، أو صَدَّ عن عبادة الله ، أو اطيع بغير أمر الله ، وكلّ متعدٍّ ؛ من الطُغيان بمعنى تجاوز الحدّ في العصيان. وأصله طَغَوُوت ، ولكن قُلِبَ لام الفعل نحو صاعقة وصاقعة ، ثمّ قُلِبَ الواو ألفاً لتحرّكه وانفتاح ما قبله. راجع : المفردات للراغب ، ص ٥٢٠ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٧١٣ ( طغا ).
اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) (١). (٢)
٦٤٨ / ٤. وَبِهذَا الْإِسْنَادِ (٣) :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام ، قَالَ : « كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ـ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ ـ يَقُولُ : ( إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) صَدَقَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ، أَنْزَلَ اللهُ (٤) الْقُرْآنَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ( وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ ) (٥) قَالَ رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم : لَا أَدْرِي (٦).
قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ، قَالَ لِرَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم : وَهَلْ تَدْرِي لِمَ هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ؟ قَالَ : لَا ، قَالَ : لِأَنَّهَا ( تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها ) (٧) ( بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ) وَإِذَا أَذِنَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ بِشَيْءٍ ، فَقَدْ رَضِيَهُ.
( سَلامٌ هِيَ حَتّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ) (٨) يَقُولُ : تُسَلِّمُ (٩) عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ ، مَلَائِكَتِي وَرُوحِي بِسَلَامِي مِنْ أَوَّلِ مَا يَهْبِطُونَ إِلى مَطْلَعِ الْفَجْرِ.
ثُمَّ قَالَ فِي بَعْضِ كِتَابِهِ : ( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ ) (١٠) ( الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ) (١١) فِي ( إِنّا أَنْزَلْناهُ (١٢) فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) ، وَقَالَ فِي بَعْضِ كِتَابِهِ ( وَما مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ
__________________
(١) لقمان (٣١) : ٢٧.
(٢) الوافي ، ج ٢ ، ص ٤٥ ، ح ٤٨٥ ؛ الوسائل ، ج ٢٧ ، ص ١٧٧ ، ح ٣٣٥٣٤ ، وفيه قطعة منه ؛ البحار ، ج ٢٤ ، ص ١٨٣ ، ح ٢٢ ، من قوله : « إنّه لينزل في ليلة القدر إلى وليّ الأمر » ؛ وج ٢٥ ، ص ٧٩ ، ح ٦٦.
(٣) إشارة إلى السند المذكور في ح ١.
(٤) في « ب ، ج ، بر ، بس ، بف » وشرح المازندراني : ـ « الله ».
(٥) في « بف » : ـ « وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ ».
(٦) في « ف » : « ما أدري ».
(٧) هكذا في « بج ، جه ، بر » وحاشية « بح » والقرآن. وفي سائر النسخ والمطبوع : « تنزّل فيها الملائكة والروح ».
(٨) القدر (٩٧) : ١ ـ ٥.
(٩) في « بح » والبحار : « يسلّم ».
(١٠) في مرآة العقول : « أقول : فيها قراءتان : إحدهما : « لاتُصِيبَنَّ » وهي المشهورة ، والاخرى « لَتصيبنّ » باللامالمفتوحة ... فما ذكره عليهالسلام [ أي قوله عليهالسلام : فهذه فتنة أصابتهم خاصّة ] شديد الانطباق على القراءة الثانية ».
(١١) الأنفال (٨) : ٢٥.
(١٢) في شرح المازندراني : « قوله : في إنّا أنزلناه ، ظرف للظلم المستفاد من ظلموا ».
أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشّاكِرِينَ ) (١).
يَقُولُ فِي الْآيَةِ الْأُولى : إِنَّ مُحَمَّداً حِينَ يَمُوتُ يَقُولُ أَهْلُ الْخِلَافِ لِأَمْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : مَضَتْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ فَهذِهِ فِتْنَةٌ (٢) أَصَابَتْهُمْ خَاصَّةً ، وَبِهَا ارْتَدُّوا (٣) عَلى أَعْقَابِهِمْ ؛ لِأَنَّهُمْ إِنْ قَالُوا : لَمْ تَذْهَبْ (٤) ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لِلّهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ فِيهَا أَمْرٌ ، وَإِذَا أَقَرُّوا بِالْأَمْرِ ، لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ صَاحِبٍ بُدٌّ ». (٥)
٦٤٩ / ٥. وَعَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (٦) عليهالسلام ، قَالَ : « كَانَ عَلِيٌّ عليهالسلام كَثِيراً مَا يَقُولُ (٧) : اجْتَمَعَ (٨) التَّيْمِيُّ (٩) وَالْعَدَوِيُّ (١٠) عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم وَهُوَ يَقْرَأُ ( إِنّا أَنْزَلْناهُ ) بِتَخَشُّعٍ وَبُكَاءٍ (١١) ، فَيَقُولَانِ : مَا أَشَدَّ رِقَّتَكَ لِهذِهِ السُّورَةِ! فَيَقُولُ رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم : لِمَا رَأَتْ عَيْنِي ، وَوَعى قَلْبِي (١٢) ،
__________________
(١) آل عمران (٣) : ١٤٤.
(٢) في « ج » : ـ « فتنة ». و « الفِتْنَةُ » : الضلال والإثم ، يقال : فَتَنَتْهُ الدنيا ، أي أضلّته عن طريق الحقّ ، والفاتن : المضلّعن الحقّ. راجع : لسان العرب ، ج ١٣ ، ص ٣١٨ ( فتن ).
(٣) قال الجوهري : الارتداد : الرجوع ، ومنه المُرتَدّ. الصحاح ، ج ٢ ، ص ٤٧٣ ( ردد ).
(٤) في « ف » والبحار : « لم يذهب ».
(٥) الوافي ، ج ٢ ، ص ٤٧ ، ح ٤٨٦ ؛ البحار ، ج ٢٥ ، ص ٨٠ ، ح ٦٧.
(٦) في « ف » : « بهذا الإسناد عن أبي عبد الله ». والسند معلّق ، ويروي الكليني بكلا سنديه المتقدّمين في ح ١ ، عنأبي عبد الله عليهالسلام.
(٧) في « ج » : « يقول كثيراً ». وفي « بر » : « يقول كثيراً ما ». وفي « بس ، بف » : « كثيراً يقول ».
(٨) هكذا في « ألف ، ج ، بح ، بر » والوافي. وهو مقتضى السياق. وفي سائر النسخ والمطبوع : « ما اجتمع ». وفي شرح المازندراني : « وما زائدة للمبالغة ».
(٩) « التَيْمِيُّ » : نسبة إلى تَيْم في قريش ، رهط أبي بكر ، وهو تَيْم بن مُرَّة بن كعب بن لؤيّ بن غالب بن فِهْر بنمالك بن النَضْر. الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٨٧٩ ( تيم ).
(١٠) في « ب ، ف » : « العدوي والتميمي ». و « العَدَوِيُّ » : نسبة إلى عَدِيّ من قريش ، رهط عمر بن الخطّاب ، وهو عَدِيُّ بن كعب بن لؤيّ بن غالب بن فهر بن مالك بن النَضْر. راجع : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٤٢٢ ( علا ).
(١١) في « ف » : « ويتخشّع ويبكي ».
(١٢) « وَعَى قلبي » ، أي حفظ ما اوحي إليه ، يقال : وَعَيْتُ الحديثَ أعِيه وَعْياً فأنا واع ، إذا حفظتَه وفهمتَه ، وفلان
وَلِمَا يَرى قَلْبُ هذَا مِنْ بَعْدِي.
فَيَقُولَانِ : وَمَا الَّذِي رَأَيْتَ؟ وَمَا الَّذِي يَرى؟
قَالَ : فَيَكْتُبُ لَهُمَا فِي التُّرَابِ : ( تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ) قَالَ : ثُمَّ يَقُولُ (١) : هَلْ بَقِيَ شَيْءٌ بَعْدَ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : ( كُلِّ أَمْرٍ )؟ فَيَقُولَانِ : لَا ، فَيَقُولُ : هَلْ تَعْلَمَانِ مَنِ الْمُنْزَلُ إِلَيْهِ بِذلِكَ؟ فَيَقُولَانِ : أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ ، فَيَقُولُ : نَعَمْ.
فَيَقُولُ : هَلْ تَكُونُ (٢) لَيْلَةُ الْقَدْرِ مِنْ بَعْدِي؟ فَيَقُولَانِ : نَعَمْ ، قَالَ (٣) : فَيَقُولُ : فَهَلْ (٤) يَنْزِلُ ذلِكَ الْأَمْرُ فِيهَا؟ فَيَقُولَانِ : نَعَمْ ، قَالَ : فَيَقُولُ : إِلى مَنْ؟ فَيَقُولَانِ : لَانَدْرِي ، فَيَأْخُذُ بِرَأْسِي وَيَقُولُ (٥) : إِنْ لَمْ تَدْرِيَا فَادْرِيَا ، هُوَ هذَا مِنْ بَعْدِي.
قَالَ : فَإِنْ (٦) كَانَا لَيَعْرِفَانِ (٧) تِلْكَ اللَّيْلَةَ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم مِنْ شِدَّةِ مَا يُدَاخِلُهُمَا (٨) مِنَ الرُّعْبِ ». (٩)
٦٥٠ / ٦. وَ (١٠) عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليهالسلام ، قَالَ (١١) : « يَا مَعْشَرَ الشِّيعَةِ ، خَاصِمُوا بِسُورَةِ
__________________
أوعى من فلان ، أي أحفظ وأفهم. راجع : النهاية ، ج ٥ ، ص ٢٠٧ ( وعا ).
(١) في « ف ، بر » : « قال ».
(٢) في « ب ، بح ، بس » : « يكون ».
(٣) في « ب » : ـ « قال ».
(٤) في « بح » : « هل ».
(٥) في الوافي والبصائر : « فيقول ».
(٦) « إنْ » مخفّفة من المثقّلة ، يلزمها اللام للفرق بينها وبين النافية ، ويجوز إبطال عملها وإدخالها على كان ونحوه ، وضمير الشأن محذوف بقرينة لام التأكيد في الخبر ؛ يعني فإنّ الشأن أنّهما كانا ليعرفان ألبتّة تلك الليلة بعد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لشدّة الرعب الذي تداخلهما فيه. والرعب إمّا لإخبار النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بنزول الملائكة ، أو بمحض النزول بالخاصّيّة ، أو بإلقاء الله سبحانه الرعب في قلوبهم لإتمام الحجّة. راجع : شرح المازندراني ، ج ٦ ، ص ١١ ؛ الوافي ، ج ٢ ، ص ٥٠ ؛ مرآة العقول ، ج ٣ ، ص ٨٧.
(٧) في البصائر : « يفرقان ».
(٨) في « ألف ، ب ، ج ، و ، بح ، بس » وحاشية بدرالدين : « تداخلهما ».
(٩) بصائر الدرجات ، ص ٢٢٤ ، ح ١٦ ، عن أحمد بن محمّد وأحمد بن إسحاق ، عن القاسم بن يحيى ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليهالسلام الوافي ، ج ٢ ، ص ٤٩ ، ح ٤٨٧ ؛ البحار ، ج ٩٧ ، ص ٢١ ، ح ٤٧.
(١٠) السند معلّق على ح ١ ، كما لايخفى.
(١١) في البحار : « أنّه قال ».
( إِنّا أَنْزَلْناهُ ) (١) تَفْلُجُوا (٢) ، فَوَ اللهِ ، إِنَّهَا لَحُجَّةُ اللهِ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ عَلَى الْخَلْقِ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وَإِنَّهَا لَسَيِّدَةُ دِينِكُمْ ، وَإِنَّهَا لَغَايَةُ عِلْمِنَا (٣).
يَا مَعْشَرَ الشِّيعَةِ ، خَاصِمُوا بِـ ( حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنّا كُنّا مُنْذِرِينَ ) (٤) فَإِنَّهَا لِوُلَاةِ الْأَمْرِ خَاصَّةً بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
يَا مَعْشَرَ الشِّيعَةِ ، يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالى (٥) : ( وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاّ خَلا فِيها نَذِيرٌ ) » (٦).
قِيلَ (٧) : يَا أَبَا جَعْفَرٍ ، نَذِيرُهَا مُحَمَّدٌ (٨) صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قَالَ (٩) : « صَدَقْتَ ، فَهَلْ كَانَ نَذِيرٌ ـ وَهُوَ حَيٌّ ـ مِنَ الْبَعَثَةِ (١٠) فِيأَقْطَارِ (١١) الْأَرْضِ؟ » فَقَالَ السَّائِلُ : لَا ، قَالَ (١٢) أَبُو جَعْفَرٍ عليهالسلام : « أَرَأَيْتَ (١٣) بَعِيثَهُ ، أَلَيْسَ (١٤) نَذِيرَهُ ، كَمَا أَنَّ (١٥) رَسُولَ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم فِي (١٦) بِعْثَتِهِ مِنَ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ نَذِيرٌ؟ » فَقَالَ (١٧) : بَلى ، قَالَ : « فَكَذلِكَ لَمْ يَمُتْ مُحَمَّدٌ صلىاللهعليهوآلهوسلم إِلاَّ وَلَهُ بَعِيثٌ نَذِيرٌ ».
قَالَ (١٨) : « فَإِنْ قُلْتُ : لَا ، فَقَدْ ضَيَّعَ رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم مَنْ فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ مِنْ
__________________
(١) في « ض » والبحار : + « ( فِى لَيْلَةٍ الْقَدْر ) ».
(٢) في « ف » : « تفلحوا ». و « تَفْلُجُوا » ، أي تظفروا وتفوزوا ، من الفَلْج بمعنى الفوز والظفر ، يقال : فَلَجَ الرجل على خصمه إذا غلبه. راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ٣٣٥ ( فلج ).
(٣) في الوافي : « لسيّدة دينكم » يعني لسيّدة حجج دينكم. « لغاية علمنا » أي نهاية ما يحصل لنا من العلم ؛ لكشفها عن ليلة القدر التي تحصل لنا فيما غرائب العلم ومكنوناته. وفي بعض النسخ : « غاية ما علمنا ».
(٤) الدخان (٤٤) : ١ ـ ٣. في البحار : ـ « ( إِنَّآ أَنزَلْنهُ فِى لَيْلَةٍ مُّبرَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ ) ».
(٥) في البحار : « إنّ الله تبارك وتعالى يقول » بدل « يقول الله تبارك وتعالى ».
(٦) فاطر (٣٥) : ٢٤.
(٧) في البحار : « فقيل ».
(٨) في البحار : « نذير هذه الامّة محمّد ».
(٩) في « ب ، ج ، بح ، بر » والوافي : « فقال ».
(١٠) « البعثة » هي بكسر الباء وسكون العين مصدر ، أي من جهة بعثته صلىاللهعليهوآلهوسلم أصحابه إلى أقطار الأرض. أو بفتحهما ، جمع « بعيث » بمعنى المبعوث. راجع : الوافي ، ج ٢ ، ص ٥٢ ؛ مرآة العقول ، ج ٣ ، ص ٨٨.
(١١) « الأقطار » : جمع القُطر ، وهو الجانب والناحية. راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٧٩٥ ( قطر ).
(١٢) في البحار : « فقال ».
(١٣) في البحار : + « أن ».
(١٤) في « بر » وحاشية « ف » والبحار : « ليس » بدون همزة الاستفهام.
(١٥) في « بس » : « كان ».
(١٦) في « ج » : + « يوم ».
(١٧) في « ب » : « قال ».
(١٨) في البحار : ـ « قال ».
أُمَّتِهِ ». قَالَ : وَمَا يَكْفِيهِمُ (١) الْقُرْآنُ؟ قَالَ : « بَلى ، إِنْ وَجَدُوا لَهُ مُفَسِّراً (٢) ». قَالَ : وَمَا فَسَّرَهُ رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ قَالَ : « بَلى (٣) ، قَدْ (٤) فَسَّرَهُ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ ، وَفَسَّرَ لِلْأُمَّةِ شَأْنَ ذلِكَ الرَّجُلِ ، وَهُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عليهالسلام ».
قَالَ السَّائِلُ : يَا أَبَا جَعْفَرٍ ، كَأَنَّ (٥) هذَا أَمْرٌ (٦) خَاصٌّ لَايَحْتَمِلُهُ (٧) الْعَامَّةُ؟ قَالَ (٨) : « أَبَى اللهُ أَنْ يُعْبَدَ إِلاَّ سِرّاً حَتّى يَأْتِيَ إِبَّانُ أَجَلِهِ (٩) الَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ دِينُهُ ، كَمَا أَنَّهُ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم مَعَ خَدِيجَةَ مُسْتَتِراً (١٠) حَتّى أُمِرَ بِالْإِعْلَانِ ».
قَالَ السَّائِلُ : يَنْبَغِي (١١) لِصَاحِبِ هذَا الدِّينِ أَنْ يَكْتُمَ؟ قَالَ : « أَوَمَا كَتَمَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عليهالسلام يَوْمَ أَسْلَمَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم حَتّى ظَهَرَ (١٢) أَمْرُهُ؟ » قَالَ : بَلى ، قَالَ : « فَكَذلِكَ أَمْرُنَا حَتّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ ». (١٣)
٦٥١ / ٧. وَ (١٤) عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليهالسلام ، قَالَ : « لَقَدْ خَلَقَ اللهُ ـ جَلَّ ذِكْرُهُ ـ لَيْلَةَ الْقَدْرِ أَوَّلَ مَا خَلَقَ الدُّنْيَا ؛ وَلَقَدْ خَلَقَ فِيهَا أَوَّلَ نَبِيٍّ يَكُونُ ، وَأَوَّلَ وَصِيٍّ يَكُونُ ؛ وَلَقَدْ قَضى أَنْ يَكُونَ فِي كُلِّ سَنَةٍ لَيْلَةٌ يَهْبِطُ فِيهَا بِتَفْسِيرِ الْأُمُورِ إِلى مِثْلِهَا مِنَ السَّنَةِ الْمُقْبِلَةِ (١٥) ؛ مَنْ (١٦)
__________________
(١) في البحار : « فقال السائل : أولم يكفهم » بدل « قال : وما يكفيهم ».
(٢) في « ج » : « معبّراً ».
(٣) في « ب » : + « و ».
(٤) في البحار : « ولكن ».
(٥) هكذا في « ج ، ض ، و ، بح ، بر » والوافي. ويقتضيه رفع « أمر ». وفي المطبوع : « كان ».
(٦) في البحار : « الأمر ».
(٧) في « ج » : « لا يحمله ».
(٨) في البحار : + « نعم ».
(٩) « إبّان أجله » أي وقت أجله. والنون أصليّة فيكون فِعّالاً. وقيل : هي زائدة ، وهو فِعلان من أبّ الشيء ، إذا تهيّأللذهاب. والأجل : هو الوقت المضروب المحدود في المستقبل ». النهاية ، ج ١ ، ص ١٧ ( أبن ) ؛ وص ٢٦ ( أجل ).
(١٠) في « بر » : « لمستتراً ».
(١١) في البحار : « أينبغي ».
(١٢) في البحار : « أظهر ».
(١٣) الوافي ، ج ٢ ، ص ٥٠ ، ح ٤٨٨ ؛ الوسائل ، ج ٢٧ ، ص ١٧٧ ، ح ٣٣٥٣٤ ؛ البحار ، ج ٢٥ ، ص ٧١ ، ح ٦٢.
(١٤) السند معلّق على سند ح ١ ، كما لايخفى.
(١٥) في « ف » : « المستقبلة ».
(١٦) في البحار : « فمن ».