الكافي - ج ١

أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي

الكافي - ج ١

المؤلف:

أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي


المحقق: مركز بحوث دار الحديث
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-493-385-1
ISBN الدورة:
978-964-493-340-0

الصفحات: ٧٢٢

أَبِي سَعِيدٍ (١) ، قَالَ :

قَالَ (٢) أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام : « يَا ثَابِتُ ، مَا لَكُمْ وَلِلنَّاسِ (٣) ، كُفُّوا (٤) عَنِ النَّاسِ ، وَلَا تَدْعُوا أَحَداً إِلى أَمْرِكُمْ ؛ فَوَ اللهِ ، لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاوَاتِ وَأَهْلَ الْأَرَضِينَ اجْتَمَعُوا عَلى أَنْ يَهْدُوا عَبْداً يُرِيدُ اللهُ ضَلَالَتَهُ (٥) ، مَا اسْتَطَاعُوا عَلى (٦) أَنْ يَهْدُوهُ ؛ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاوَاتِ وَأَهْلَ (٧) الْأَرَضِينَ اجْتَمَعُوا عَلى أَنْ يُضِلُّوا عَبْداً يُرِيدُ اللهُ هِدَايَتَهُ (٨) ، مَا اسْتَطَاعُوا (٩) أَنْ يُضِلُّوهُ (١٠) ،

__________________

فقد أكثر محمّد بن إسماعيل [ بن بزيع ] من الرواية عن أبي إسماعيل السرّاج. راجع : معجم رجال الحديث ، ج ٢١ ، ص ٢٨١ ـ ٢٨٣.

وأمّا ما ورد في « ألف ، بر » من « محمّد بن إسماعيل السرّاج » ، ففيه سقط واضح ، بجواز النظر من « إسماعيل » في « محمّد بن إسماعيل » إلى « إسماعيل » في « أبي إسماعيل السرّاج ».

(١) هكذا في حاشية « ج ، ض ، بح ». وفي « ألف ، ج ، ض ، و ، بر ، بح ، بس ، بف ، جر » والمطبوع : « ثابت بن سعيد ». وفي « ب ، ف » وحاشية « و » وشرح صدر المتألّهين والوافي : « ثابت بن أبي سعيد ».

والصواب ما أثبتناه ؛ فقد روى البرقي الخبر في المحاسن ص ٢٠٠ ، ح ٣٤ ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن أبي إسماعيل السرّاج ، عن ابن مسكان ، عن ثابت أبي سعيد ، قال : قال أبو عبدالله عليه‌السلام. ورواه الكليني أيضاً في الكافي ، ح ٢٢٢٧ ـ باختلاف يسير ـ بسنده عن أبي اسماعيل السرّاج ، عن ابن مسكان ، عن ثابت أبي سعيد. ثمّ إنّ الظاهر أنّ ثابتاً هذا ، هو ثابت بن عبدالله أبو سعيد البجلي. راجع : رجال الطوسي ، ص ١٢٩ ، الرقم ١٣٠٨ ؛ ص ١٧٤ ، الرقم ٢٠٤٩.

وأما ثابت بن سعيد ، أو ثابت بن أبي سعيد ، فلم نجد لهما ذكراً في كتب الرجال.

(٢) في الكافي ، ح ٢٢٢٧ : « قال لي ».

(٣) في « بس » وحاشية « ج » : « والناس ».

(٤) الأمر بالكفّ والنهي عن الدعاء ، إمّا لشدّة التقيّة في ذلك الزمان ، أو القصد منه ترك المبالغة في الدعاء وعدم المخاصمة في أمر الدين ، أو لغير ذلك. وكذا غيرها من الروايات. انظر : شرح المازندراني ، ج ٥ ، ص ٨٥ ؛ مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٢٤٣.

(٥) في « بس » وحاشية بدرالدين : « ضلاله ».

(٦) في « ج » : ـ « على ».

(٧) في « ب » : ـ « أهل ».

(٨) في « ب ، ج ، ض ، بح ، بر ، بس ، بف » وشرح المازندراني والوافي والمحاسن : « هداه ».

(٩) في « ف » : + « على ».

(١٠) في الكافي ، ح ٢٢٢٧ : « فوالله لو أنّ أهل السماء وأهل الأرض اجتمعوا أن يضلّوا عبداً يريد الله هداه ما استطاعوا » بدل « فوالله لو أنّ أهل السماوات وأهل الأرضين ـ إلى قوله ـ أن يضلّوه ».

٤٠١

كُفُّوا عَنِ النَّاسِ ، وَلَا يَقُولُ (١) أَحَدٌ (٢) : عَمِّي وَ (٣) أَخِي وَابْنُ عَمِّي وَجَارِي (٤) ؛ فَإِنَّ اللهَ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْراً ، طَيَّبَ رُوحَهُ ، فَلَا يَسْمَعُ مَعْرُوفاً (٥) إِلاَّ عَرَفَهُ ، وَلَا مُنْكَراً (٦) إِلاَّ أَنْكَرَهُ ، ثُمَّ يَقْذِفُ اللهُ فِي قَلْبِهِ كَلِمَةً يَجْمَعُ بِهَا أَمْرَهُ » (٧). (٨)

__________________

(١) في حاشية « ف » والمحاسن : « لا يقل ». وهو الأنسب.

(٢) في الكافي ، ح ٢٢٢٧ والمحاسن : « أحدكم ».

(٣) في الكافي ، ح ٢٢٢٧ والمحاسن : ـ « عمّي‌و ».

(٤) أي هذا عمّي وأخي وابن عمّي وجاري وقعوا في الضلالة فيلزمني هدايتهم ، أي فتبعثهم الحميّة والغيرة العصبيّة على أن يُنجيهم منها طوعاً وكرهاً ؛ يعني : لا يتأسّف على ضلال أقربائه وجيرانه. انظر : شرح المازندراني ، ج ٥ ، ص ٨٦ ؛ الوافي ، ج ١ ، ص ٥٦١ ؛ مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٢٤٨.

(٥) في الكافي ، ح ٢٢٢٧ : « بمعروف ».

(٦) في الكافي ، ح ٢٢٢٧ : « ولا بمنكر ».

(٧) قال العلاّمة الطباطبائي : « مسألة أنّ « الهداية لله ، وليس للناس فيها صنع » ممّا ثبتت بالنقل والعقل ، وإن كان مستبعداً في بادئ النظر جدّاً ، فاستمع لما يتلى :

المعارف الإلهيّة العالية كالتوحيد والنبوّة والإمامة ونظائرها ممّا لا يكفي فيها مجرّد العلم واليقين كما قال تعالى : (جَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ) الآية [ النمل (٢٧) : ١٤ ] ، وقال تعالى : (وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلى عِلْمٍ) الآية [ الجاثية (٤٥) : ٢٣ ] ، بل يحتاج مع العلم النظري إلى الإيمان بها ، وهو مطاوعة نفسانيّة ، وانفعال قلبيّ خاصّ يوجب الجريان في الجملة بالأعمال المناسبة للعلم المفروض ، وكما أنّ العلوم النظريّة معلومة للأنظار والأفكار الصحيحة المنتجة ، كذلك هذا الأذعان والقبول القلبي معلول لملكات أو أحوال قلبيّة مناسبة له ، فلا يمكن للبخيل الذي فيه ملكة راسخة من البخل أن يؤمن بحسن السخاء وبذل المال ، إلاّ إذا حصل في نفسه من جهة حسن التربية وتراكم العمل حالة الانقياد والقبول ، بحسن السخاء والجود ، بزوال الصورة المباينة من البخل ؛ فالاستدلال للحقّ إنّما يوجب ظهوره على من كان صحيح النظر ، وأمّا إيمانه به وانقياده له فله سبب تكويني ، هو حصول الحالة أو الملكة النفسانيّة الملائمة لحصوله ، وليس مستنداً إلى اختيار الإنسان حتّى يوجد في نفسه أو في نفس غيره الانقياد والإيمان بالحقّ من دون سببه التكويني وهو الهيئة النفسانيّة المذكورة ، فثبت أنّ للإيمان والاهتداء وغير ذلك سبباً تكوينيّاً غير إرادة الإنسان واختياره ، وهو مجموع النظر الصحيح والهيئة النفسانيّة الملائمة الغير المنافية للحقّ ، فهو منسوب إلى الله سبحانه دون اختيار الإنسان على حدّ سائر الأمور التكوينيّة المنسوبة إليه تعالى.

ولذلك كانت الروايات تنسب الإيمان والكفر والهداية والضلال إلى الله سبحانه وتنفي كونها باختيار الإنسان وتنهى عن الإصرار في القبول والمراء والجدال في الدعوة إلى الحقّ كما يدلّ عليه قوله في رواية عقبة الآتية : « ولاتخاصموا الناس لدينكم ؛ فإنّ المخاصمة ممرضة للقلب » الحديث ؛ فإنّها تثير عوامل العصبيّة والإباء عن الحقّ ، وأمّا ما ورد في الكتاب والسنّة من الأوامر بحسن التربية والحثّ على التبليغ والإنذار والدعوة

٤٠٢

٤٣١ / ٢. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ (١) ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ (٢) :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : قَالَ (٣) : « إِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْراً ، نَكَتَ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةً (٤) مِنْ نُورٍ (٥) ، وَفَتَحَ مَسَامِعَ قَلْبِهِ ، وَوَكَّلَ بِهِ مَلَكاً يُسَدِّدُهُ ، وَإِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ سُوءاً ، نَكَتَ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةً سَوْدَاءَ ، وَسَدَّ مَسَامِعَ قَلْبِهِ ، وَوَكَّلَ بِهِ شَيْطَاناً يُضِلُّهُ ».

ثُمَّ تَلَا هذِهِ الْآيَةَ : ( فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ ) (٦). (٧)

__________________

والتذكرة ؛ فإنّها مقرّبات للإنسان من الإيمان والطاعة ، وليست بموجبة ولا ملزمة ، وبالتأمّل فيما ذكرناه يظهر معنى روايات الباب ، والله الهادي ».

(٨) الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب في ترك دعاء الناس ، ح ٢٢٢٧ ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى. المحاسن ، ص ٢٠٠ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ٣٤ ، عن محمّد بن إسماعيل ؛ وأيضاً بسند آخر عن عبدالله بن مسكان. وفيه ، ص ٢٠١ ، ذيل ح ٣٩ ، بسنده عن عبدالله بن مسكان ، وتمام الرواية فيه : « يا ثابت ما لكم وللناس؟ ». الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب طينة المؤمن والكافر ، ضمن ح ١٤٥٠ ، بسند آخر ، من قوله : « فإنّ الله إذا أراد بعبد » إلى قوله : « إلاّ أنكره ». تحف العقول ، ص ٣١٢ ، ضمن وصيّته عليه‌السلام لأبي جعفر محمّد بن النعمان الأحول ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ١ ، ص ٥٦١ ، ح ٤٧٠.

(١) في « ب » : ـ « بن إبراهيم ». وفي « ف » : ـ « بن هاشم ».

(٢) في الكافي ، ح ٢٢٣٢ : « محمّد بن مسلم » بدل « سليمان بن خالد ».

(٣) في الكافي ، ح ٢٢٣٢ : ـ « قال ».

(٤) « النَكْت » : أن تنكُتَ في الأرض بقضيب ، أي تضرب بقضيب فتؤثّر فيها. والمعنى : أثّر في قلبه تأثيراً ، وأفاض عليه علماً يقينيّاً ينقش فيه. انظر : الصحاح ، ج ١ ، ص ٢٦٩ ( نكت ) ؛ مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٢٤٨.

(٥) في الكافي ، ح ٢٢٣٢ وتفسير العيّاشي : « بيضاء » بدل « من نور ».

(٦) الأنعام (٦) : ١٢٥.

(٧) الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب في ترك دعاء الناس ، ح ٢٢٣٢ ، إلى قوله : « وكّل به شيطاناً يضلّه ». التوحيد ، ص ٤١٥ ، ح ١٤ ، بسنده عن عليّ بن إبراهيم. المحاسن ، ص ٢٠٠ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ٣٥ ، بسنده عن سليمان بن خالد ، إلى قوله : « وسدّ مسامع قلبه » ، مع اختلاف وزيادة في آخره. تفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ٣٢١ ، ح ١١٠ ، مع زيادة في آخره ؛ وص ٣٧٦ ، ح ٩٤ ، وفيهما عن سليمان بن خالد الوافي ، ج ١ ، ص ٥٦٢ ، ح ٤٧١ ؛ البحار ، ج ٦٨ ، ص ٢١١ ، ح ١٧.

٤٠٣

٤٣٢ / ٣. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام يَقُولُ (١) : « اجْعَلُوا أَمْرَكُمْ (٢) لِلّهِ ، وَلَا تَجْعَلُوهُ لِلنَّاسِ ؛ فَإِنَّهُ مَا كَانَ لِلّهِ ، فَهُوَ لِلّهِ ؛ وَمَا كَانَ لِلنَّاسِ ، فَلَا يَصْعَدُ إِلَى اللهِ (٣) ، وَلَا تُخَاصِمُوا النَّاسَ (٤) لِدِينِكُمْ (٥) ؛ فَإِنَّ الْمُخَاصَمَةَ مَمْرَضَةٌ (٦) لِلْقَلْبِ ؛ إِنَّ اللهَ تَعَالى قَالَ لِنَبِيِّهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ ) (٧) وَقَالَ : ( أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النّاسَ حَتّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ) (٨) ذَرُوا النَّاسَ ؛ فَإِنَّ النَّاسَ أَخَذُوا عَنِ (٩) النَّاسِ ، وَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١٠) ، إِنِّي سَمِعْتُ أَبِي عليه‌السلام يَقُولُ : إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ ـ إِذَا كَتَبَ عَلى عَبْدٍ أَنْ يَدْخُلَ (١١) فِي هذَا الْأَمْرِ ، كَانَ أَسْرَعَ إِلَيْهِ مِنَ الطَّيْرِ إِلى وَكْرِهِ (١٢) ». (١٣)

__________________

(١) في « ج » وحاشية « ض ، بر ، بس » وشرح صدر المتألّهين : « عن أبيه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : سمعته يقول ».

(٢) في الكافي ، ح ٢٢٢٩ وتفسير العيّاشي : + « هذا ».

(٣) في « ف » : + « قال ». وفي الكافي ، ح ٢٢٢٩ : « إلى السماء ».

(٤) في الوسائل ج ١٦ : ـ « الناس ».

(٥) في الكافي ، ح ٢٢٢٩ : « بدينكم الناس ». وفي تفسير العيّاشي والوسائل ، ج ١٦ : « بدينكم ».

(٦) في التعليقة للداماد ، ص ٣٩١ : « ممرضة ، إمّا بفتح الميم والراء على اسم المكان ، أو بكسر الميم وفتح الراءعلى اسم الآلة ، أو بضمّ الميم وكسر الراء على صيغة الفاعل من باب الإفعال ».

(٧) القصص (٢٨) : ٥٦.

(٨) يونس (١٠) : ٩٩.

(٩) في حاشية « ض » وتفسير العيّاشي : « من ».

(١٠) في الكافي ، ح ٢٢٢٩ والمحاسن وتفسير العيّاشي : + « وعليّ عليه‌السلام ولا سواء ».

(١١) في الكافي ، ح ٢٢٢٩ : « يُدخله ».

(١٢) « الوَكْر » : عشُّ الطائر ، وهو موضعه الذي يبيض فيه ويفرخ في الحيطان والشجر. انظر : لسان العرب ، ج ٥ ، ص ٢٩٢ ( وكر ).

(١٣) الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب في ترك دعاء الناس ، ح ٢٢٢٩ ؛ وباب الرياء ، ح ٢٤٨٨ ، إلى قوله : « فلا يصعد إلى الله » ، وفيهما عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد. المحاسن ، ص ٢٠١ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ٣٨ ، عن ابن فضّال ؛ وفيه ، ص ٢٠١ ، ح ٣٧ ، بسند آخر عن أبي عبدالله عليه‌السلام من قوله : « إنّ الله عزّ وجلّ إذا كتب على عبد » مع اختلاف. التوحيد ، ص ٤١٤ ، ح ١٣ ، بسنده عن أحمد بن محمّد. تفسير العيّاشي ، ج ٢ ، ص ١٣٧ ،

٤٠٤

٤٣٣ / ٤. أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام : نَدْعُو النَّاسَ إِلى هذَا الْأَمْرِ؟ فَقَالَ : « لَا ، يَا فُضَيْلُ ، إِنَّ اللهَ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْراً ، أَمَرَ مَلَكاً فَأَخَذَ بِعُنُقِهِ ، فَأَدْخَلَهُ فِي هذَا الْأَمْرِ طَائِعاً أَوْ كَارِهاً (١) ». (٢)

تَمَّ (٣) كِتَابُ الْعَقْلِ وَالْعِلْمِ (٤) وَالتَّوْحِيدِ (٥) مِنْ كِتَابِ الْكَافِي ، وَيَتْلُوهُ كِتَابُ الْحُجَّةِ

فِي (٦) الْجُزْءِ الثَّانِي (٧) مِنْ كِتَابِ الْكَافِي (٨) تَأْلِيفِ (٩) الشَّيْخِ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ

يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيِّ (١٠) رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ. (١١)

__________________

ح ٤٨ ، عن عليّ بن عقبة الوافي ، ج ١ ، ص ٥٦٤ ، ح ٤٧٦ ؛ الوسائل ، ج ١ ، ص ٧١ ، ح ١٥٨ ؛ وج ١٦ ، ص ١٩٠ ، ح ٢١٣١٦.

(١) قال العلاّمة الطباطبائي : « قوله : طائعاً أو كارهاً ، أي سواء رضيته نفسه إذا كان محلّى بحلية الصفات الكريمة النفسانيّة وملازمة التقوى ، وساعدته الدنيا كالإنسان الصحيح البدن والقوى إذا عرض عليه غذاء لذيذ من غير مانع ، فإنّه يتناوله برضى من نفسه ؛ أو كرهته نفسه إذا كان في نفسه مع صفة القبول صفات اخرى لاترضاه ، أو لم تساعده عليه الدنيا ، وكان دونه حظر خارجيّ كالإنسان المريض يتناول الدواء الكريه الطعم على كره من شهوته ورضى من عقله الحاكم بلزوم شربه ؛ للصحّة المطلوبة ».

(٢) الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب في ترك دعاء الناس ، ح ٢٢٢٨. وفي المحاسن ، ص ٢٠٢ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ٤٤ عن صفوان بن يحيى. وفيه ، ص ٢٠٢ ، ح ٤٢ ، بسنده عن فضيل بن يسار وبسند آخر عن أبي جعفر عليه‌السلام ؛ وفيه ، ص ٢٠٢ ، ح ٤٣ ، بثلاثة طرق أُخَر عن أبي عبدالله عليه‌السلام ؛ وفيه ، ص ٢٠٢ ، ح ٤٦ عن صفوان بن يحيى ، عن حذيفة بن منصور ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه عليهما‌السلام ؛ وفيه ، ص ٢٠٢ ، ذيل ح ٤٦ ، بسند آخر وفي الأربعة الأخيرة مع اختلاف يسير الوافي ، ج ١ ، ص ٥٦٥ ، ح ٤٧٧ ؛ الوسائل ، ج ١٦ ، ص ١٨٩ ، ح ٢١٣١٣ ؛ البحار ، ج ٦٨ ، ص ٢٠٨ ، ح ١٣.

(٣) في « ب » وحاشية « ج » : « كمل ».

(٤) في « ب ، ج ، ض ، ف ، بح ، بر ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين : ـ « والعلم ».

(٥) في « ف » : + « بعون الله الملك المجيد ».

(٦) في « ج ، ض ، بح ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين : ـ « في ».

(٧) في « بر » : ـ « في الجزء الثاني ».

(٨) في « ف » : ـ « في الجزء الثاني من كتاب الكافي ».

(٩) في « بر » : « تصنيف ».

(١٠) في « بس » : ـ « الكليني ».

(١١) في « ف » : « طاب ثراه وجعل الجنّة مثواه ، بمحمّد وآله أصفياه ». وفي « بح » : « رحمة الله تعالى عليه ». وفي « بر » وشرح صدر المتألّهين : « رحمه‌الله ».

٤٠٥
٤٠٦

(٤)

كتاب الحجة

٤٠٧
٤٠٨

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‌

[٤] كِتَابُ الْحُجَّةِ ‌(١)

١ ـ بَابُ الِاضْطِرَارِ ‌(٢) إِلَى الْحُجَّةِ (٣)

٤٣٤ / ١. قَالَ (٤) أَبُو جَعْفَرٍ ، مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ ، مُصَنِّفُ هذَا الْكِتَابِ رحمه‌الله (٥) : حَدَّثَنَا (٦) عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَمْرٍو (٧) الْفُقَيْمِيِّ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ :

__________________

(١) هكذا في أكثر النسخ. وفي « ب » : « بسم الله الرحمن الرحيم ، وهو الموفّق للتتميم. كتاب الحجّة ». وفي « ج » : « بسم الله الرحمن الرحيم ، وبه ثقتي. كتاب الحجّة ». وفي « ف » : « بسم الله الرحمن الرحيم ، وما توفيقي إلاّبالله العليّ العليم الحكيم ». وفي حاشية « ف » بدل « العليم الحكيم » : « العظيم ». وفي المطبوع : « كتاب الحجّة ، بسم الله الرحمن الرحيم ».

(٢) « الاضطرار » : مصدر اضطرّ إلى الشي‌ء ، أي الْجِئ إليه ؛ من الضرورة بمعنى الحاجة. انظر : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٧٢٠ ( ضرر ).

(٣) في شرح المازندراني في شرحه ، ج ٥ ، ص ٩٤ : « الحجّة في اللغة : الغلبة ؛ من حجّه : إذا غلبه. وشاع استعمالها في البرهان مجازاً ، أو حقيقة عرفيّة ، ثمّ شاع في عرف المتشرّعة إطلاقها على الهادي إلى الله المنصوب من قبله ».

(٤) في حاشية « ج » : + « الشيخ ».

(٥) في « ض » وحاشية « بس » وشرح صدر المتألّهين : « رحمة الله عليه ». وفي « ف » : + « تعالى ذكره ».

(٦) في « ج ، و ، بر » : ـ « قال أبو جعفر ـ إلى ـ حدّثنا ».

(٧) هكذا في « ب ، ج ، ض ، ف ، و ، بح ، بر ، بس » والوافي. وفي « ألف ، بف » والمطبوع : « عمر ». والصواب ما أثبتناه كما تقدّم ذيل ح ٢٢٠.

٤٠٩

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام : أَنَّهُ قَالَ لِلزِّنْدِيقِ (١) الَّذِي سَأَلَهُ : مِنْ أَيْنَ أَثْبَتَّ (٢) الْأَنْبِيَاءَ وَالرُّسُلَ؟ قَالَ (٣) : « إِنَّا لَمَّا أَثْبَتْنَا أَنَّ لَنَا خَالِقاً ، صَانِعاً ، مُتَعَالِياً عَنَّا وَعَنْ جَمِيعِ مَا خَلَقَ ، وَكَانَ ذلِكَ الصَّانِعُ حَكِيماً مُتَعَالِياً ، لَمْ يَجُزْ (٤) أَنْ يُشَاهِدَهُ خَلْقُهُ وَلَايُلَامِسُوهُ (٥) ؛ فَيُبَاشِرَهُمْ وَيُبَاشِرُوهُ (٦) ، وَيُحَاجَّهُمْ وَيُحَاجُّوهُ ، ثَبَتَ أَنَّ لَهُ سُفَرَاءَ فِي خَلْقِهِ يُعَبِّرُونَ (٧) عَنْهُ إِلى خَلْقِهِ وَعِبَادِهِ ، وَيَدُلُّونَهُمْ عَلى مَصَالِحِهِمْ وَمَنَافِعِهِمْ وَمَا بِهِ بَقَاؤُهُمْ وَفِي تَرْكِهِ فَنَاؤُهُمْ ، فَثَبَتَ الْآمِرُونَ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْحَكِيمِ الْعَلِيمِ فِي خَلْقِهِ ، وَالْمُعَبِّرُونَ (٨) عَنْهُ جَلَّ وَعَزَّ ، وَهُمُ الْأَنْبِيَاءُ عليهم‌السلام وَصَفْوَتُهُ (٩) مِنْ خَلْقِهِ ، حُكَمَاءَ مُؤَدَّبِينَ (١٠) بِالْحِكْمَةِ (١١) ، مَبْعُوثِينَ بِهَا ، غَيْرَ مُشَارِكِينَ (١٢) لِلنَّاسِ ـ عَلى مُشَارَكَتِهِمْ لَهُمْ فِي الْخَلْقِ وَالتَّرْكِيبِ ـ فِي شَيْ‌ءٍ مِنْ أَحْوَالِهِمْ ، مُؤَيَّدِينَ (١٣) مِنْ عِنْدِ الْحَكِيمِ الْعَلِيمِ بِالْحِكْمَةِ ، ثُمَّ ثَبَتَ ذلِكَ فِي كُلِّ دَهْرٍ‌

__________________

(١) « الزنديق » : مضى ترجمته ذيل ح ٣٣٨. قال المحقّق الداماد في التعليقة ، ص ٣٩٢ : « في بعض التواريخ : أنّ‌لزرادشت كتاباً اسمه « زند » تتّبعه المجوس والملاحدة ؛ ولهذا سمّوا بالزنديق ». وانظر : المغرب ، ص ٢١١ ( زندق ).

(٢) « أثبتَّ » قرئ أيضاً على صيغة الغائب المجهول : اثبت واستبعده المجلسي. انظر : شرح المازندراني ، ج ٥ ، ص ٩٥ ؛ مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٢٥٧.

(٣) في « بر » : « فقال ».

(٤) « لم يجز » : صفة موضحة لـ « متعالياً » ، ويحتمل كونه خبراً بعد خبر لـ « كان » إذا كان قوله : « متعالياً » بمعنى تعاليه‌عن العبث واللغو. وليس جواباً لـ « لمّا » بل جوابها : « ثبت » وإلاّ لبطل نظم الخطاب ، ولم يكن لـ « ثبت » محلّ من الإعراب. انظر : شرح المازندراني ، ج ٥ ، ص ٩٧ ؛ مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٢٥٧.

(٥) في حاشية « بر » والعلل : « ويلامسوه ».

(٦) في « ض ، بح » : « فيباشروه ».

(٧) في حاشية « ف » : « يخبرون ». و « يعبرون » إمّا مجرّد ، من العبور بمعنى المرور. أو مزيد ، من التعبير بمعنى التفسير. والأوّل أظهر. والثاني أنسب بقوله : فالمعبّرون. انظر : شرح المازندراني ، ج ٥ ، ص ٩٨.

(٨) في حاشية « ف » : « المخبرون ».

(٩) « صفوة الشي‌ء » : خالصه. وفي الصاد الحركات الثلاث ، فإذا نزعوا « الهاء » قالوا : له صَفْو مالي ، بالفتح. انظر : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٤٠١ ( صفو ).

(١٠) في حاشية « بح » : « مؤيّدين ».

(١١) في « بس » : + « و ». وفي الوافي : « في الحكمة ».

(١٢) في حاشية « ف » : + « بها ».

(١٣) في « ج » وحاشية « ف ، بر » والوافي : « مؤيّدون ». وقرأ المازندراني في شرحه ، ج ٥ ، ص قال : « في بعض النسخ : مؤيّدين ، والأوّل أولى ؛ لفهم الثاني من قوله : مؤدّبين ».

٤١٠

وَزَمَانٍ مِمَّا أَتَتْ (١) بِهِ الرُّسُلُ وَالْأَنْبِيَاءُ مِنَ الدَّلَائِلِ وَالْبَرَاهِينِ ؛ لِكَيْلَا تَخْلُوَ (٢) أَرْضُ اللهِ مِنْ حُجَّةٍ (٣) يَكُونُ مَعَهُ عِلْمٌ (٤) يَدُلُّ عَلى صِدْقِ مَقَالَتِهِ وَجَوَازِ عَدَالَتِهِ ». (٥)

٤٣٥ / ٢. مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام : إِنَّ اللهَ أَجَلُّ وَأَكْرَمُ مِنْ أَنْ يُعْرَفَ بِخَلْقِهِ ، بَلِ الْخَلْقُ يُعْرَفُونَ (٦) بِاللهِ ، قَالَ : « صَدَقْتَ (٧) ».

قُلْتُ : إِنَّ (٨) مَنْ عَرَفَ أَنَّ لَهُ رَبّاً ، فَقَدْ يَنْبَغِي (٩) لَهُ أَنْ يَعْرِفَ (١٠) أَنَّ لِذلِكَ الرَّبِّ رِضًا‌

__________________

١٠١ : « مؤدّين » ، ثمّ

(١) في مرآة العقول : « في بعض النسخ : ممّا أثبت ، ولا يخفى توجيهه على الوجوه إن قرئ معلوماً أو مجهولاً ».

(٢) في « ب ، ف ، بح ، بف » ومرآة العقول وشرح صدر المتألّهين : « يخلو ».

(٣) في « بح » وحاشية « ف » : « حجّته ».

(٤) في مرآة العقول : « علم ، بفتحتين : أى علامة ودليل. وربّما يقرأ بكسر الأوّل وسكون الثاني ».

(٥) الحديث طويل ، قطّعه الكليني وأورد ذيله هنا ، وصدره في ثلاث مواضع اخرى من الكافي ( : كتاب التوحيد ، باب حدوث العالم وإثبات المحدث ، ح ٢٢٠ ؛ وباب إطلاق القول بأنّه شي‌ء ، ح ٢٢٧ ؛ وباب الإرادة أنّها من صفات الفعل ... ، ح ٣٠٦ ) وكرّر قطعة منه في كتاب التوحيد ، باب آخر وهو من الباب الأوّل ، ح ٣٠٠. كما أشار إليه العلاّمة الفيض في الوافي ، ج ١ ، ص ٣٣٠. وذكر الصدوق قدس‌سره تمام الرواية في التوحيد ، ص ٢٤٣ ، ح ١ ، بسنده عن إبراهيم بن هاشم القمّي. وذكر هذه القطعة في علل الشرائع ، ص ١٢٠ ، ح ٣ ، بسنده عن عليّ بن إبراهيم الوافي ، ج ٢ ، ص ٢١ ، ح ٤٧١.

(٦) الأظهر كونه مجهولاً ، يعني : بل الخلق يُعرَفون بنور الله كما تعرف الذرّات بنور الشمس. ويحتمل كونه معلوماً ، يعني : بل الخلق يعرفون الله بالله ، أي بما عرّف به نفسه من الصفات. انظر : شرح المازندراني ، ج ٥ ، ص ١٠٣ ؛ مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٢٦٢.

(٧) في مرآة العقول : « وربّما يقرأ بالتشديد ؛ إذ كلامه مأخوذ منهم عليهم‌السلام كما مرّ ، ولا يخفى بُعده ». وفي الكافي ، ح ٢٣١ : « رحمك الله » بدل « صدقت ».

(٨) في « ج » وشرح صدر المتألّهين : ـ « إنّ ».

(٩) هكذا في « ب ، ج ، ض ، ف ، و ، بح ، بر ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين وشرح المازندراني والوافي والكافي ، ح ٤٩٧. وفي المطبوع : « فينبغي ».

(١٠) في مرآة العقول : « فقد ينبغي لأن يعرف ». وفي هامش مرآة العقول : « كأنّه نقله بالمعنى ، أو من تصحيف الناسخ ، أو من جهة اختلاف النسخ. وقد مرّ ويأتي أيضاً نظائر هذا الاختلاف في موارد كثيرة ».

٤١١

وَسَخَطاً ، وَأَنَّهُ لَايُعْرَفُ رِضَاهُ وَسَخَطُهُ إِلاَّ بِوَحْيٍ أَوْ رَسُولٍ ، فَمَنْ (١) لَمْ يَأْتِهِ الْوَحْيُ ، فَقَدْ يَنْبَغِي (٢) لَهُ أَنْ يَطْلُبَ الرُّسُلَ ، فَإِذَا لَقِيَهُمْ ، عَرَفَ أَنَّهُمُ الْحُجَّةُ ، وَأَنَّ لَهُمُ الطَّاعَةَ الْمُفْتَرَضَةَ (٣) ؛ وَقُلْتُ (٤) لِلنَّاسِ (٥) : تَعْلَمُونَ (٦) أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كَانَ هُوَ الْحُجَّةَ مِنَ اللهِ عَلى خَلْقِهِ؟ قَالُوا : بَلى.

قُلْتُ : فَحِينَ مَضى رَسُولُ اللهِ (٧) صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، مَنْ كَانَ الْحُجَّةَ عَلى خَلْقِهِ (٨)؟ فَقَالُوا (٩) : الْقُرْآنُ ، فَنَظَرْتُ فِي الْقُرْآنِ ، فَإِذَا هُوَ يُخَاصِمُ بِهِ الْمُرْجِئُ (١٠) وَالْقَدَرِيُّ (١١) وَالزِّنْدِيقُ (١٢) الَّذِي لَايُؤْمِنُ بِهِ حَتّى يَغْلِبَ الرِّجَالَ بِخُصُومَتِهِ ، فَعَرَفْتُ أَنَّ الْقُرْآنَ لَايَكُونُ حُجَّةً إِلاَّ بِقَيِّمٍ (١٣) ، فَمَا قَالَ فِيهِ مِنْ شَيْ‌ءٍ ، كَانَ حَقّاً ، فَقُلْتُ لَهُمْ : مَنْ قَيِّمُ الْقُرْآنِ؟ فَقَالُوا (١٤) : ابْنُ مَسْعُودٍ قَدْ كَانَ يَعْلَمُ ، وَعُمَرُ يَعْلَمُ ، وَحُذَيْفَةُ يَعْلَمُ ، قُلْتُ : كُلَّهُ؟ قَالُوا : لَا ، فَلَمْ أَجِدْ أَحَداً‌

__________________

(١) في حاشية « بح » : « ومن ».

(٢) في الوافي والكافي ، ح ٤٩٧ : « فينبغي ».

(٣) في حاشية « ض ، بح » : « المفروضة ».

(٤) في الوافي والكافي ، ح ٤٩٧ : « فقلت ».

(٥) في حاشية « ف » وفي الكافي ، ح ٤٩٧ والوافي والوسائل : + « أليس ».

(٦) في « بس » وحاشية « ض ، بح ، بر » : « أليس تزعمون ».

(٧) في « بر ، بس ، بف » والوافي والكافي ، ح ٤٩٧ : ـ « رسول الله ».

(٨) في الوافي والكافي ، ح ٤٩٧ : ـ « على خلقه ». وفي العلل : « من بعده » بدل « على خلقه ».

(٩) في « بر » والوافي والوسائل والكافي ، ح ٤٩٧ : « قالوا ».

(١٠) هو إمّا « مُرْجِيّ » نسبة إلى « مُرْج » من المُرجية. أو « مُرْجئيٌّ » نسبة إلى « مرجِئ » ، من المرجئة. والمرجية أوالمرجئة بمعنى التأخير. وهي اسم فرقة من فرق الإسلام يعتقدون أنّه لايضرّ مع الإيمان معصية. ولا ينفع مع الكفر طاعة. سمّوا به ؛ لاعتقادهم أنّ الله أرجأ تعذيبهم على المعاصي ، أي أخّره عنهم. وقد تطلق على من أخّر أمير المؤمنين عليه‌السلام عن مرتبته. انظر : النهاية ، ج ٢ ، ص ٢٠٦ ( رجى ) ؛ شرح المازندراني ، ج ٥ ، ص ١٠٤ ؛ مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٢٦٣.

(١١) في العلل : « والحروري ».

(١٢) تقدّم ترجمة الزنديق ذيل ح ٣٣٨ و ٤٣٤.

(١٣) قيّم القوم : الذي يقوّمهم ويسوس أمرهم. والمراد به هنا من يقوم بأمر القرآن ويعرف القرآن كلّه. انظر : لسان‌العرب ، ج ١٢ ، ص ٥٠٢ ( قوم ) ؛ شرح المازندراني ، ج ٥ ، ص ٨٤ ؛ مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٢٦٤.

(١٤) في الكافي ، ح ٤٩٧ : « قالوا ».

٤١٢

يُقَالُ : إِنَّهُ (١) يَعْرِفُ ذلِكَ (٢) كُلَّهُ إِلاَّ عَلِيّاً عليه‌السلام ، وَإِذَا كَانَ الشَّيْ‌ءُ بَيْنَ الْقَوْمِ ، فَقَالَ هذَا : لَا أَدْرِي ، وَقَالَ هذَا : لَا أَدْرِي ، وَقَالَ هذَا : لَا أَدْرِي (٣) ، وَقَالَ هذَا : أَنَا أَدْرِي ، فَأَشْهَدُ (٤) أَنَّ عَلِيّاً عليه‌السلام كَانَ قَيِّمَ الْقُرْآنِ ، وَكَانَتْ طَاعَتُهُ مُفْتَرَضَةً (٥) ، وَكَانَ الْحُجَّةَ عَلَى النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وَأَنَّ (٦) مَا قَالَ فِي الْقُرْآنِ ، فَهُوَ حَقٌّ ، فَقَالَ : « رَحِمَكَ اللهُ ». (٧)

٤٣٦ / ٣. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ ، قَالَ :

كَانَ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ ، مِنْهُمْ حُمْرَانُ بْنُ أَعْيَنَ وَمُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ وَهِشَامُ بْنُ سَالِمٍ وَالطَّيَّارُ ، وَجَمَاعَةٌ فِيهِمْ (٨) هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ وَهُوَ شَابٌّ ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام : « يَا هِشَامُ ، أَلَاتُخْبِرُنِي كَيْفَ صَنَعْتَ بِعَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ؟ وَكَيْفَ سَأَلْتَهُ؟ » فَقَالَ (٩) هِشَامٌ : يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ ، إِنِّي أُجِلُّكَ (١٠) وَأَسْتَحْيِيكَ ، وَلَايَعْمَلُ لِسَانِي بَيْنَ يَدَيْكَ ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام : « إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْ‌ءٍ ، فَافْعَلُوا ».

__________________

(١) في حاشية « ج » : « يقال له : إنّه ». وفي حاشية « ض » : « يقال له : يعرف ».

(٢) في الكافي ، ح ٤٩٧ : « يعلم القرآن ». وفي الوافي : « يعرف القرآن ».

(٣) في « بس ، بف » : ـ « وقال هذا : لا أدري ».

(٤) في « بر » : « وأشهد ».

(٥) في « ب ، بر ، بف » وحاشية « ض » : « مفروضة ».

(٦) في حاشية « ض ، بف » : « وأيّ ».

(٧) الكافي ، كتاب الحجّة ، باب فرض طاعة الأئمّة عليهم‌السلام ، ح ٤٩٧ ، مع زيادة في آخره ؛ وفيه ، كتاب التوحيد ، باب أنّه لايعرف إلاّبه ، ح ٢٣١. وفي التوحيد ، ص ٢٨٥ ، ح ١ ، بسنده عن الكليني ، وفيهما إلى قوله : « صدقت » هكذا : « قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام : إنّي ناظرت قوماً فقلت لهم : إنّ الله ـ جلّ جلاله ـ أجلّ وأعزّ وأكرم من أن يعرف بخلقه ، بل العباد يُعرفون بالله ، فقال : رحمك الله ». وفي علل الشرائع ، ص ١٩٢ ، ح ١ ؛ ورجال الكشّي ، ص ٤٢٠ ، ح ٧٩٥ ، بسند هما عن صفوان بن يحيى ، مع اختلاف يسير وزيادة في آخره الوافي ، ج ٢ ، ص ٣٠ ، ح ٤٨٢ ؛ الوسائل ، ج ٢٧ ، ص ١٧٦ ، ح ٣٣٥٣٢.

(٨) في حاشية « ف » : « منهم ».

(٩) في « ب ، ض ، بف » والوافي والأمالي والعلل وكمال الدين : « قال ».

(١٠) « اجِلُّكَ » : أي اعظمُك ؛ من الجلال بمعنى العظمة. انظر : النهاية ، ج ١ ، ص ٢٨٧ ( جلل ).

٤١٣

قَالَ هِشَامٌ : بَلَغَنِي (١) مَا كَانَ فِيهِ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ وَجُلُوسُهُ فِي مَسْجِدِ الْبَصْرَةِ ، فَعَظُمَ ذلِكَ عَلَيَّ ، فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ وَدَخَلْتُ الْبَصْرَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، فَأَتَيْتُ مَسْجِدَ الْبَصْرَةِ ، فَإِذَا أَنَا بِحَلْقَةٍ (٢) كَبِيرَةٍ (٣) فِيهَا عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ ، وَعَلَيْهِ شَمْلَةٌ سَوْدَاءُ مُتَّزِراً (٤) بِهَا مِنْ صُوفٍ ، وَشَمْلَةٌ (٥) مُرْتَدِياً (٦) بِهَا وَالنَّاسُ يَسْأَلُونَهُ ، فَاسْتَفْرَجْتُ النَّاسَ ، فَأَفْرَجُوا لِي ثُمَّ قَعَدْتُ فِي آخِرِ الْقَوْمِ عَلى رُكْبَتَيَّ.

ثُمَّ قُلْتُ : أَيُّهَا الْعَالِمُ ، إِنِّي (٧) رَجُلٌ غَرِيبٌ تَأْذَنُ لِي (٨) فِي مَسْأَلَةٍ (٩)؟ فَقَالَ لِي : نَعَمْ ، فَقُلْتُ لَهُ : أَلَكَ عَيْنٌ؟ فَقَالَ (١٠) : يَا بُنَيَّ (١١) ، أَيُّ شَيْ‌ءٍ هذَا مِنَ السُّؤَالِ؟ وَشَيْ‌ءٌ تَرَاهُ كَيْفَ تَسْأَلُ عَنْهُ؟! فَقُلْتُ : هكَذَا (١٢) مَسْأَلَتِي ، فَقَالَ : يَا بُنَيَّ ، سَلْ وَإِنْ كَانَتْ مَسْأَلَتُكَ حَمْقَاءَ (١٣) ، قُلْتُ : أَجِبْنِي فِيهَا ، قَالَ (١٤) لِي : سَلْ.

__________________

(١) في « بح » : « قد بلغني ».

(٢) « الحلقة » : هي الجماعة من الناس مستديرين ، كحلقة الباب وغيره. وحكي عن أبي عمرو : حَلَقَةٌ ، بالتحريك. انظر : النهاية ، ج ١ ، ص ٤٢٦ ( حلق ).

(٣) في « ب ، بر ، بف » وحاشية « ض » والوافي : « عظيمة ».

(٤) يجوز فيه وما يأتي الرفع والنصب ، والنسخ أيضاً مختلفة. وقال صدر المتألّهين في شرحه ، ص ٤٤٢ : « في نسخه : مؤتزر ، من الإزار ، وهو الصحيح عند ابن الأثير ، والمتّزر خطأ ؛ لأنّ الهمزة لا تدغم في التاء ». انظر : النهاية ، ج ١ ، ص ٤٤ ( أزر ).

(٥) « الشملة » : كساء يتغطّى به ويتلفّف فيه. النهاية ، ج ٢ ، ص ٥٠١ ( شمل ).

(٦) قوله : « مرتدياً بها » أي لابسها. يقال : ارتدى ، أي لبس الرِداء. النهاية ، ج ٢ ، ص ٥٠١ ( شمل ).

(٧) في حاشية « ف » والعلل وكمال الدين والأمالي : « أنا ».

(٨) في الأمالي والعلل وكمال الدين : + « فأسألك ».

(٩) في « ف » : « مسألتي ».

(١٠) في « ض » وحاشية « ج » وشرح صدر المتألّهين : + « لي ».

(١١) في حاشية « ف » : « أي بنيّ ».

(١٢) في حاشية « ف » : « هذا ».

(١٣) في « ض ، بر ، بس » والأمالي : « حمقاً ». ووصف « المسألة » بالحمقاء على سبيل التجوّز مبالغة في حماقة السائل. وربّما يقرأ حُمْق. والحُمْق والحُمُق : قلّة العقل وسخافة الرأي. انظر : شرح المازندراني ، ج ٥ ، ص ١٠٨ ؛ مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٢٦٥ ؛ الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٤٦٤ ( حمق ).

(١٤) في حاشية « ف » والعلل وكمال الدين والأمالي : + « فقال ».

٤١٤

قُلْتُ : أَلَكَ عَيْنٌ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قُلْتُ : فَمَا تَصْنَعُ بِهَا؟ قَالَ : أَرى بِهَا الْأَلْوَانَ وَالْأَشْخَاصَ.

قُلْتُ : فَلَكَ (١) أَنْفٌ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قُلْتُ : فَمَا تَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ : أَشَمُّ بِهِ الرَّائِحَةَ.

قُلْتُ : أَلَكَ (٢) فَمٌ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قُلْتُ : فَمَا تَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ : أَذُوقُ (٣) بِهِ الطَّعْمَ.

قُلْتُ : فَلَكَ (٤) أُذُنٌ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قُلْتُ : فَمَا تَصْنَعُ بِهَا؟ قَالَ : أَسْمَعُ بِهَا الصَّوْتَ.

قُلْتُ : أَلَكَ قَلْبٌ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قُلْتُ : فَمَا تَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ : أُمَيِّزُ بِهِ كُلَّ مَا وَرَدَ عَلى هذِهِ الْجَوَارِحِ وَالْحَوَاسِّ.

قُلْتُ : أَوَلَيْسَ فِي هذِهِ الْجَوَارِحِ غِنًى عَنِ الْقَلْبِ؟ فَقَالَ (٥) : لَا.

قُلْتُ (٦) : وَكَيْفَ ذلِكَ (٧) وَهِيَ صَحِيحَةٌ سَلِيمَةٌ؟! قَالَ : يَا بُنَيَّ ، إِنَّ الْجَوَارِحَ إِذَا شَكَّتْ فِي شَيْ‌ءٍ شَمَّتْهُ أَوْ رَأَتْهُ أَوْ ذَاقَتْهُ أَوْ سَمِعَتْهُ ، رَدَّتْهُ إِلَى الْقَلْبِ فَتَسْتَيْقِنُ (٨) الْيَقِينَ ، وَتُبْطِلُ (٩) الشَّكَ.

قَالَ هِشَامٌ : فَقُلْتُ لَهُ : فَإِنَّمَا (١٠) أَقَامَ اللهُ الْقَلْبَ لِشَكِّ الْجَوَارِحِ؟ قَالَ : نَعَمْ.

قُلْتُ (١١) : لَابُدَّ (١٢) مِنَ الْقَلْبِ ، وَإِلاَّ لَمْ تَسْتَيْقِنِ (١٣) الْجَوَارِحُ؟ قَالَ : نَعَمْ.

فَقُلْتُ لَهُ : يَا أَبَا مَرْوَانَ ، فَاللهُ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ لَمْ يَتْرُكْ جَوَارِحَكَ حَتّى جَعَلَ‌

__________________

(١) في « ف » : « أفلك ». وفي الأمالي وكمال الدين : « ألك ».

(٢) في « ف » : « أفلك ».

(٣) في الأمالي والعلل : « أعرف ».

(٤) في « ف » والأمالي والعلل وكمال الدين : « ألك ». وفي حاشية « ف » : « أفلك ».

(٥) في « بر » والأمالي والعلل وكمال الدين : « قال ».

(٦) في « بف » : « فقلت ».

(٧) في « بس » وحاشية « ف » : « ذاك ».

(٨) هكذا في « ب ، و ، بح ، بر ، بس ، بف ». وفي حاشية « ج » : « يستبين ». وفي حاشية « بح » وشرح صدرالمتألّهين : « فيستبين ». وفي « ج ، ض » والمطبوع : « فيستيقن ». ويمكن قراءة ما في المطبوع بالنون المشدّدة.

(٩) هكذا في « ب ، ف ، بح ، بر ، بس ». وفي « ج ، ض ، و » والمطبوع : « ويبطل ».

(١٠) في « بر » والأمالي : « إنّما ».

(١١) في « بر » : « فقلت ».

(١٢) في « ف » : « قلت له : فلابدّ ».

(١٣) في « ف » : « لم يستيقن ». وفي الأمالي : « لم يستقم ».

٤١٥

لَهَا إِمَاماً يُصَحِّحُ لَهَا الصَّحِيحَ ، وَتَتَيَقَّنُ (١) بِهِ مَا شَكَّتْ (٢) فِيهِ ، وَيَتْرُكُ هذَا الْخَلْقَ كُلَّهُمْ فِي حَيْرَتِهِمْ وَشَكِّهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ ، لَايُقِيمُ لَهُمْ إِمَاماً يَرُدُّونَ إِلَيْهِ شَكَّهُمْ وَحَيْرَتَهُمْ ، وَيُقِيمُ لَكَ إِمَاماً لِجَوَارِحِكَ تَرُدُّ إِلَيْهِ حَيْرَتَكَ وَشَكَّكَ؟

قَالَ : فَسَكَتَ ، وَلَمْ يَقُلْ لِي شَيْئاً ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ ، فَقَالَ (٣) لِي (٤) : أَنْتَ هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ؟ فَقُلْتُ : لَا ، قَالَ (٥) : أَمِنْ (٦) جُلَسَائِهِ؟ قُلْتُ (٧) : لَا (٨) ، قَالَ : فَمِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ قَالَ (٩) : قُلْتُ : مِنْ (١٠) أَهْلِ الْكُوفَةِ ، قَالَ : فَأَنْتَ إِذاً هُوَ (١١) ، ثُمَّ ضَمَّنِي إِلَيْهِ ، وَأَقْعَدَنِي فِي مَجْلِسِهِ ، وَزَالَ عَنْ مَجْلِسِهِ ، وَمَا نَطَقَ حَتّى قُمْتُ.

قَالَ : فَضَحِكَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام وَقَالَ (١٢) : « يَا هِشَامُ ، مَنْ عَلَّمَكَ هذَا؟ » قُلْتُ : شَيْ‌ءٌ أَخَذْتُهُ مِنْكَ وَأَلَّفْتُهُ (١٣) ، فَقَالَ : « هذَا وَاللهِ مَكْتُوبٌ فِي صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسى ». (١٤)

__________________

(١) هكذا في « ج ، ض ، و ، بح ، بس ، بف ». وفي « ب ، ف » والمطبوع وشرح صدر المتألّهين : « يتيقّن ».

(٢) هكذا في « ب ، ج ، ض ، ف ، و ، بر ، بس ، بف ». وفي شرح صدر المتألّهين : « شككت ». وفي المطبوع : « شكّ ».

(٣) في « بر » : « وقال ».

(٤) في « ج ، ف ، بح ، بس ، بف » والوافي والعلل وكمال الدين : ـ « لي ».

(٥) في « ج ، ض ، ف ، بح ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين والوافي : « فقال ». وفي حاشية « ج » : « قال لي ».

(٦) في « بس » : « أفمن ».

(٧) في « ض » : « فقلت ».

(٨) في « ف » : ـ « قال أمن جلسائه؟ قلت : لا ».

(٩) في « ب ، بر ، بس » والأمالي والعلل وكمال الدين : ـ « قال ».

(١٠) في حاشية « ج » : « رجل من ».

(١١) في « ب ، بر ، بف » والوافي والعلل : « فإذن أنت هو ». وفي حاشية « ف » : « إذن فأنت هو ».

(١٢) في « ف » وشرح صدر المتألّهين : « فقال ». وفي « بر » : « ثمّ قال ».

(١٣) في « ف » : « فألّفته ».

(١٤) الأمالي للصدوق ، ص ٥٨٩ ، المجلس ٨٦ ، ح ١٥ ؛ وعلل الشرائع ، ص ١٩٣ ، ح ٢ ؛ وكمال الدين ، ص ٢٠٧ ، ح ٢٣ ، بسندها عن إبراهيم بن هاشم ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن يونس بن يعقوب ؛ رجال الكشّي ، ص ٢٧١ ، ح ٤٩٠ ، بسنده عن الحسن بن إبراهيم ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن يونس بن يعقوب الوافي ، ج ٢ ، ص ٢٢ ، ح ٤٨٠.

٤١٦

٤٣٧ / ٤. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ (١) ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ ، قَالَ :

كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، فَوَرَدَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ ، فَقَالَ : إِنِّي رَجُلٌ صَاحِبُ كَلَامٍ وَفِقْهٍ وَفَرَائِضَ ، وَقَدْ جِئْتُ لِمُنَاظَرَةِ أَصْحَابِكَ ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام : « كَلَامُكَ مِنْ كَلَامِ (٢) رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أَوْ مِنْ عِنْدِكَ؟ » فَقَالَ : مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللهِ عليه‌السلام وَمِنْ عِنْدِي ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام : « فَأَنْتَ إِذاً شَرِيكَ رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ » قَالَ : لَا ، قَالَ : « فَسَمِعْتَ الْوَحْيَ عَنِ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ يُخْبِرُكَ؟ » قَالَ : لَا ، قَالَ : « فَتَجِبُ طَاعَتُكَ كَمَا تَجِبُ طَاعَةُ رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ » قَالَ : لَا (٣).

فَالْتَفَتَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام إِلَيَّ ، فَقَالَ : « يَا يُونُسَ بْنَ يَعْقُوبَ ، هذَا قَدْ خَصَمَ (٤) نَفْسَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ ». ثُمَّ قَالَ : « يَا يُونُسُ ، لَوْ كُنْتَ تُحْسِنُ (٥) الْكَلَامَ كَلَّمْتَهُ ». قَالَ (٦) يُونُسُ : فَيَا لَهَا مِنْ حَسْرَةٍ ، فَقُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، إِنِّي سَمِعْتُكَ تَنْهى عَنِ الْكَلَامِ ، وَتَقُولُ : وَيْلٌ لِأَصْحَابِ الْكَلَامِ ؛ يَقُولُونَ : هذَا يَنْقَادُ وَهذَا لَايَنْقَادُ (٧) ، وَهذَا يَنْسَاقُ وَهذَا لَايَنْسَاقُ ، وَهذَا نَعْقِلُهُ وَهذَا لَانَعْقِلُهُ (٨) ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام : « إِنَّمَا قُلْتُ : فَوَيْلٌ (٩) لَهُمْ إِنْ تَرَكُوا مَا أَقُولُ ، وَذَهَبُوا إِلى مَا يُرِيدُونَ ».

ثُمَّ قَالَ لِي (١٠) : « اخْرُجْ إِلَى الْبَابِ ، فَانْظُرْ مَنْ تَرى مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ فَأَدْخِلْهُ ». قَالَ :

__________________

(١) في الإرشاد : « عن جماعة من رجاله » بدل « عمّن ذكره ».

(٢) في « ف » : ـ « كلام ».

(٣) في « بح ، بر ، بس » : + « قال ».

(٤) في « بف » : « خصم » وفي حاشية ميرزا رفيعا : « خاصم » كلاهما بدل « قد خصم ».

(٥) « تحسن » : من الإحسان بمعنى العلم والمعرفة والإتقان ، تقول : أحسنت الشي‌ء ، أي عرفته وأتقنته. انظر : المصباح المنير ، ص ١٣٦ ( حسن ).

(٦) في « ج » ومرآة العقول : « فقال ».

(٧) في « ب ، ف » : « هذا لاينقاد وهذا ينقاد ». وظاهر الشروح كون الفعلين معلومين. وكذا : ينساق ولا ينساق.

(٨) في « ف ، بح » : « هذا يعقله وهذا لا يعقله ».

(٩) في « ب » وحاشية « ض ، بف » : « ويل ».

(١٠) في « بس » : ـ « لي ».

٤١٧

فَأَدْخَلْتُ حُمْرَانَ بْنَ أَعْيَنَ وَكَانَ يُحْسِنُ الْكَلَامَ ، وَأَدْخَلْتُ الْأَحْوَلَ (١) وَكَانَ يُحْسِنُ الْكَلَامَ ، وَأَدْخَلْتُ هِشَامَ بْنَ سَالِمٍ وَكَانَ يُحْسِنُ الْكَلَامَ ، وَأَدْخَلْتُ قَيْساً الْمَاصِرَ (٢) وَكَانَ عِنْدِي أَحْسَنَهُمْ كَلَاماً ، وَكَانَ قَدْ تَعَلَّمَ الْكَلَامَ مِنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عليهما‌السلام.

فَلَمَّا اسْتَقَرَّ بِنَا الْمَجْلِسُ (٣) ـ وَكَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام قَبْلَ الْحَجِّ يَسْتَقِرُّ أَيَّاماً فِي جَبَلٍ فِي طَرَفِ الْحَرَمِ فِي فَازَةٍ (٤) لَهُ مَضْرُوبَةٍ ـ قَالَ : فَأَخْرَجَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام رَأْسَهُ مِنْ فَازَتِهِ (٥) ، فَإِذَا هُوَ بِبَعِيرٍ يَخُبُّ (٦) ، فَقَالَ : « هِشَامٌ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ ». قَالَ (٧) : فَظَنَنَّا (٨) أَنَّ هِشَاماً رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ عَقِيلٍ كَانَ شَدِيدَ الْمَحَبَّةِ لَهُ ، قَالَ : فَوَرَدَ هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ ، وَهُوَ أَوَّلَ مَا اخْتَطَّتْ لِحْيَتُهُ (٩) ، وَلَيْسَ فِينَا إِلاَّ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ سِنّاً مِنْهُ (١٠) ، قَالَ : فَوَسَّعَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام وَقَالَ : « نَاصِرُنَا بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ وَيَدِهِ ».

__________________

(١) في شرح المازندراني ، ج ٥ ، ص ١١٨ : « الأحول ، هو محمّد بن النعمان البجلي الأحول ، أبو جعفر شاه الطاق ، ساكن طاق المحامل بالكوفة ، وقد لقّبه المخالفون بشيطان الطاق والشيعة بمؤمن الطاق ، وكان متكلّماً حاضر الجواب ، وله مع أبي حنيفة مكالمات مشهورة ». وانظر : الوافي ، ج ٢ ، ص ٢٩.

(٢) هكذا في « ألف ، بس ، بف » والوافي. وفي « ب ، ج ، ض ، ف ، و ، بح ، بر » والمطبوع : « قيس بن الماصر ». والصواب ما أثبتناه. والدليل على ذلك ـ مضافاً إلى ما قدّمناه ذيل ح ١٨٤ ـ ما يأتي في موضعين من نفس الخبر من : « ثمّ قال أبو عبدالله عليه‌السلام لقيس الماصر » و « ثمّ التفت إلى قيس الماصر ».

(٣) في شرح المازندراني : « إسناد الاستقرار إلى المجلس مجاز للمبالغة في الكثرة ؛ لأنّ المجلس مستقرّ ، بالكسر ».

(٤) في « ف » وحاشية « ج » : « قارة ». وهي الجبل الصغير المنقطع عن الجبال. وفي حاشية « ج ، ف » : « خيمة ». و « الفازة » : مِظَلَّة تمدّ بعمود أو عمودين ، أي الخيمة. انظر : الصحاح ، ج ٣ ، ص ٨٩١. القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٧١٧ ( فوز ).

(٥) في « ف » : « قارته ».

(٦) « يخبّ » من الخبب ، وهو ضرب من العَدْو ، تقول : خَبّ الفرس يَخُبُّ خبّاً وخَبَباً وخبيباً ، إذا راوح بين يديه‌ورجليه ، أي قام على إحداهما مرّة وعلى الاخرى مرّة. انظر : الصحاح ، ج ١ ، ص ١١٧ ( خبب ).

(٧) في « ف » : « فقال ».

(٨) في « ب » : « فظننت ».

(٩) « اختطّت لحيتُه » ، أي نبتت. يقال : اختطّ الغلام ، أي نبت عِذاره. انظر : الصحاح ، ج ٣ ، ص ١١٢٣ ( خطط ).

(١٠) في « ب » والوافي : « منه سنّاً ».

٤١٨

ثُمَّ قَالَ : « يَا حُمْرَانُ ، كَلِّمِ الرَّجُلَ ». فَكَلَّمَهُ ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ (١) حُمْرَانُ.

ثُمَّ قَالَ : « يَا طَاقِيُّ ، كَلِّمْهُ ». فَكَلَّمَهُ (٢) ، فَظَهَرَ (٣) عَلَيْهِ الْأَحْوَلُ.

ثُمَّ قَالَ : « يَا هِشَامَ بْنَ سَالِمٍ ، كَلِّمْهُ (٤) ». فَتَعَارَفَا. (٥)

ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام لِقَيْسٍ الْمَاصِرِ : « كَلِّمْهُ ». فَكَلَّمَهُ ، فَأَقْبَلَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام يَضْحَكُ مِنْ كَلَامِهِمَا مِمَّا قَدْ أَصَابَ الشَّامِيَّ ، فَقَالَ لِلشَّامِيِّ : « كَلِّمْ هذَا الْغُلَامَ » يَعْنِي هِشَامَ بْنَ الْحَكَمِ ، فَقَالَ : نَعَمْ ، فَقَالَ لِهِشَامٍ : يَا غُلَامُ ، سَلْنِي فِي (٦) إِمَامَةِ هذَا ، فَغَضِبَ هِشَامٌ حَتَّى ارْتَعَدَ (٧) ، ثُمَّ قَالَ لِلشَّامِيِّ : يَا هذَا ، أَرَبُّكَ (٨) أَنْظَرُ (٩) لِخَلْقِهِ أَمْ خَلْقُهُ لِأَنْفُسِهِمْ؟ فَقَالَ الشَّامِيُّ : بَلْ رَبِّي (١٠) أَنْظَرُ لِخَلْقِهِ (١١) ، قَالَ : فَفَعَلَ بِنَظَرِهِ لَهُمْ (١٢) مَا ذَا؟ قَالَ : أَقَامَ لَهُمْ حُجَّةً وَدَلِيلاً كَيْلَا يَتَشَتَّتُوا ، أَوْ (١٣) يَخْتَلِفُوا ، يَتَأَلَّفُهُمْ ، وَيُقِيمُ أَوَدَهُمْ (١٤) ، وَيُخْبِرُهُمْ‌

__________________

(١) « فظهر عليه » ، أي غلب عليه ، تقول : ظهرت على الرجل ، أي غلبته. انظر : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٧٣٢ ( ظهر ).

(٢) في « ض » : ـ « فكلّمه ».

(٣) في « ب ، بر » : « وظهر ».

(٤) في « ض » : « كلّم ».

(٥) في « ج » وشرح صدر المتألّهين : « فتعارقا ». وفي « ض » وحاشية « ج ، بح » : « فتفارقا ». وفي حاشية « ض » : « فتقارنا ». وفي حاشية « بح ، بف » : « فتعاوقا ». وفي الوافي : « فتعاركا ». وقوله : « فتعارفا » ، أي تكلّما بما عرف كلّ منهما صاحبه وكلامه بلا غلبة لأحدهما على الآخر. و « فتعارقا » ، أي سال العرق من كلّ منهما من طول البحث وكثرة الكلام بينهما. و « فتعاوقا » ، أي تعوّق كلّ منهما عن الغلبة. انظر : شرح صدر المتألّهين ، ص ٤٤٤ ؛ شرح المازندراني ، ج ٥ ، ص ١١٩ ؛ مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٢٧١.

(٦) في حاشية « ج » : « من ».

(٧) « ارتعد » ، أي اضطرب. يقال : أرعده فارتعد. الصحاح ، ج ٢ ، ص ٤٧٥ ( رعد ).

(٨) في « ب » : « ربّك » بدل « أربّك ».

(٩) « أنظر » ، أي أرحم وأعطف وأحفظ ؛ من النظر بمعنى الرحمة والعطف والحفظ. انظر : لسان العرب ، ج ٥ ، ص ٢١٨ ( نظر ).

(١٠) في « بح » : + « لهم ».

(١١) في « بح » : ـ « لخلقه ».

(١٢) في الوافي : ـ « لهم ».

(١٣) في « ب ، ج ، ف ، بر » : « و ».

(١٤) « الأوَد » : الاعوجاج. يقال : أوِدَ الشي‌ء يأود أوَداً ، أي اعوجّ. الصحاح ، ج ٢ ، ص ٤٤٢ ( أود ).

٤١٩

بِفَرْضِ رَبِّهِمْ ، قَالَ : فَمَنْ هُوَ؟ قَالَ : رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قَالَ هِشَامٌ : فَبَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مَنْ (١)؟ قَالَ : الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ ، قَالَ هِشَامٌ : فَهَلْ نَفَعَنَا (٢) الْيَوْمَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ (٣) فِي رَفْعِ الِاخْتِلَافِ عَنَّا؟ قَالَ الشَّامِيُّ : نَعَمْ ، قَالَ : فَلِمَ اخْتَلَفْنَا (٤) أَنَا وَأَنْتَ ، وَصِرْتَ إِلَيْنَا مِنَ الشَّامِ فِي (٥) مُخَالَفَتِنَا إِيَّاكَ؟

قَالَ (٦) : فَسَكَتَ الشَّامِيُّ ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام لِلشَّامِيِّ : « مَا لَكَ لَاتَتَكَلَّمُ؟ » قَالَ الشَّامِيُّ : إِنْ قُلْتُ : لَمْ نَخْتَلِفْ ، كَذَبْتُ ؛ وَإِنْ قُلْتُ : إِنَّ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ يَرْفَعَانِ عَنَّا الِاخْتِلَافَ ، أَبْطَلْتُ (٧) ؛ لِأَنَّهُمَا يَحْتَمِلَانِ الْوُجُوهَ ؛ وَإِنْ قُلْتُ : قَدِ اخْتَلَفْنَا وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا يَدَّعِي الْحَقَّ ، فَلَمْ يَنْفَعْنَا إِذَنِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ إِلاَّ (٨) أَنَّ لِي عَلَيْهِ هذِهِ الْحُجَّةَ ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام : « سَلْهُ تَجِدْهُ مَلِيّاً ». (٩)

فَقَالَ الشَّامِيُّ : يَا هذَا ، مَنْ أَنْظَرُ لِلْخَلْقِ؟ أَرَبُّهُمْ أَوْ أَنْفُسُهُمْ؟ فَقَالَ هِشَامٌ : رَبُّهُمْ أَنْظَرُ لَهُمْ مِنْهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ ، فَقَالَ الشَّامِيُّ : فَهَلْ أَقَامَ لَهُمْ مَنْ (١٠) يَجْمَعُ لَهُمْ (١١) كَلِمَتَهُمْ ، وَيُقِيمُ أَوَدَهُمْ ، وَيُخْبِرُهُمْ بِحَقِّهِمْ مِنْ بَاطِلِهِمْ؟ قَالَ هِشَامٌ : فِي وَقْتِ رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أَوِ السَّاعَةِ؟ قَالَ الشَّامِيُّ : فِي وَقْتِ رَسُولِ اللهِ رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وَالسَّاعَةِ مَنْ؟ فَقَالَ هِشَامٌ :

__________________

(١) هكذا في « ب ، ج ، ض ، ف ، و ، بح ، بر ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين. وفي المطبوع : ـ « من ».

(٢) في « بر » وحاشية « بح » : « ينفعنا ».

(٣) في « بس ، بف » : ـ « الكتاب والسنّة ».

(٤) في « ب ، ج ، ف ، بح ، بر ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين والوافي ومرآة العقول : « اختلفت ». وفي « ض » : « اختلف ».

(٥) في حاشية « ض » : « من ».

(٦) في « ب » : « فقال ».

(٧) « أبطلتُ » ، أي أتيتُ بالباطل. يقال : أبطل ، إذا جاء بالباطل. انظر : النهاية ، ج ١ ، ص ١٣٦ ( بطل ).

(٨) في شرح المازندراني ، ج ٥ ، ص ١٢١ : « يجوز أن يكون « ألا » ... بفتح الهمزة وتخفيف اللام من حروف التنبيه. و « إنّ » بالكسر. وضمير « عليه » على التقديرين يعود إلى هشام ».

(٩) في شرح المازندراني : « الملي‌ء ، بالهمزة : الغنيّ المقتدر ، وقد يترك الهمزة ويشدّ الياء ، أي تجده غنيّاً مقتدراً على المناظرة ». وانظر : النهاية ، ج ٤ ، ص ٣٥٢ ( ملأ ) ؛ مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٢٧٢.

(١٠) في « ف » : « الحجّة ممّن » بدل « من ».

(١١) في « ب » : ـ « لهم ».

٤٢٠