أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي
المحقق: مركز بحوث دار الحديث
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-493-385-1
ISBN الدورة:
الصفحات: ٧٢٢
الشَّيْخُ يَقُولُ :
أَنْتَ الْإِمَامُ الَّذِي نَرْجُو بِطَاعَتِهِ |
|
يَوْمَ النَّجَاةِ مِنَ الرَّحْمنِ غُفْرَاناً |
أَوْضَحْتَ مِنْ أَمْرِنَا مَا كَانَ مُلْتَبِساً |
|
جَزَاكَ رَبُّكَ بِالْإِحْسَانِ إِحْسَاناً » (١). |
٤٠٢ / ٢. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام ، قَالَ : « مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ (٢) ، فَقَدْ كَذَبَ عَلَى اللهِ ؛
__________________
الثانية : مسألة القدر ، وهو ثبوت تأثير ماله تعالى في الأفعال ، والأخبار تدلّ فيها أيضاً على الإثبات.
الثالثة : مسألة الجبر والتفويض ، والأخبار تشير فيها إلى نفي كلا القولين ، وتثبت قولاً ثالثاً ، وهو الأمر بين الأمرين ، لا ملكاً للهفقط من غير ملك الإنسان ولا بالعكس ، بل ملكاً في طول ملك ، وسلطنة في ظرف سلطنة. واعلم أيضاً أنّ تسمية هؤلاء بالقدريّة مأخوذة ممّا صحّ عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّ القدريّة مجوس هذه الامّة » الحديث ، فأخذت المجبّرة تسمّى المفوّضة بالقدريّة ؛ لأنّهم ينكرون القدر ويتكلّمون عليها ، والمفوّضة تسمّي المجبّرة بالقدريّة ؛ لأنّهم يثبتون القدر ، والذي يتحصّل من أخبار أئمّة أهل البيت : أنّهم يسمّون كلتا الفرقتين بالقدريّة ، ويطبقون الحديث النبويّ عليهما.
أمّا المجبّرة فلأنّهم ينسبون الخير والشرّ والطاعة والمعصية جميعاً إلى غير الإنسان ، كما أنّ المجوس قائلون بكون فاعل الخير والشرّ جميعاً غير الإنسان ، وقوله عليهالسلام في هذا الخبر مبنيّ على هذا النظر.
وأمّا المفوّضة فلأنّهم قائلون بخالقين في العالم هما الإنسان بالنسبة إلى أفعاله ، والله سبحانه بالنسبة إلى غيرها ، كما أنّ المجوس قائلون بإله الخير وإله الشرّ ، وقوله عليهالسلام في الروايات التالية : لاجبر ولاقدر ، ناظر إلى هذا الاعتبار ».
(١) عيون الأخبار ، ج ١ ، ص ١٣٨ ، ح ٣٨ ، بطرق أربعة :
الأوّل : بسنده عن سهل بن زياد الكوفي ، عن عليّ بن جعفر الكوفي ، عن عليّ بن محمّد الهادي ، عن آبائه ، عن الحسين بن عليّ عليهمالسلام ؛ الثاني : بسنده عن السكوني ، عن جعفر بن محمّد ، عن آبائه ، عن الحسين بن علي عليهمالسلام ؛ الثالث : بسنده عن عبدالله بن نجيح ، عن جعفر بن محمّد ، عن آبائه ، عن عليّ عليهمالسلام ؛ الرابع : بسنده عن ابن عبّاس ، عن أميرالمؤمنين عليهالسلام ؛ التوحيد ، ص ٣٨٠ ، ح ٢٨ ، بطريقين : الأوّل : بسنده عن سهل بن زياد ، عن عليّ بن جعفر الكوفي ، عن الهادي ، عن آبائه ، عن الحسين بن عليّ عليهمالسلام ؛ والثاني : بسنده عن السكوني ، عن جعفر بن محمّد ، عن آبائه ، عن عليّ عليهمالسلام ؛ وفيهما مع اختلاف يسير وزيادة أربعة أبيات في آخره. الإرشاد ، ج ١ ، ص ٢٢٥ ، مرسلاً عن الحسن بن أبي الحسن البصري. تحف العقول ، ص ٤٦٨ ، عن الهادي عليهالسلام ، وفيهما مع اختلاف الوافي ، ج ١ ، ص ٥٣٥ ، ح ٤٣٨.
(٢) « الفحشاء » و « الفحش » و « الفاحشة » : ما عظم قبحه من الأفعال والأقوال. المفردات ، ص ٦٢٦ ( فحش ).
وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ إِلَيْهِ ، فَقَدْ كَذَبَ عَلَى اللهِ ». (١)
٤٠٣ / ٣. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ (٢) ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ (٣) ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ :
عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عليهالسلام ، قَالَ : سَأَلْتُهُ ، فَقُلْتُ : اللهُ فَوَّضَ الْأَمْرَ إِلَى الْعِبَادِ؟ قَالَ (٤) : « اللهُ أَعَزُّ مِنْ ذلِكَ ».
قُلْتُ : فَجَبَرَهُمْ (٥) عَلَى الْمَعَاصِي؟ قَالَ (٦) : « اللهُ أَعْدَلُ وَأَحْكَمُ مِنْ ذلِكَ ». قَالَ : ثُمَّ قَالَ : « قَالَ اللهُ : يَا ابْنَ آدَمَ ، أَنَا أَوْلى بِحَسَنَاتِكَ مِنْكَ ، وَأَنْتَ أَوْلى بِسَيِّئَاتِكَ مِنِّي ؛ عَمِلْتَ الْمَعَاصِيَ بِقُوَّتِيَ الَّتِي جَعَلْتُهَا فِيكَ ». (٧)
٤٠٤ / ٤. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مَرَّارٍ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ ، قَالَ :
قَالَ لِي أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا عليهالسلام : « يَا يُونُسُ ، لَاتَقُلْ بِقَوْلِ الْقَدَرِيَّةِ (٨) ؛ فَإِنَّ الْقَدَرِيَّةَ لَمْ يَقُولُوا (٩) بِقَوْلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَلَا بِقَوْلِ أَهْلِ النَّارِ ، وَلَا بِقَوْلِ إِبْلِيسَ ؛ فَإِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ قَالُوا : ( الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ ) (١٠) وَقَالَ أَهْلُ النَّارِ : ( رَبَّنا غَلَبَتْ ) ( عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنّا قَوْماً ضالِّينَ ) (١١) وَقَالَ إِبْلِيسُ : ( رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي ) (١٢) ».
__________________
(١) المحاسن ، ص ٢٨٤ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ٤١٩ ، بسنده عن حمّاد بن عثمان. تفسير العيّاشي ، ج ٢ ، ص ١٢ ، ح ١٦ عن أبي بصير الوافي ، ج ١ ، ص ٥٣٩ ، ح ٤٣٩.
(٢) في « ب ، بح ، بر ، بس ، بف » : ـ « بن محمّد ».
(٣) في « بح ، بف » : ـ « بن محمّد ».
(٤) في « ج » : « فقال ».
(٥) في التوحيد : « فأجبرهم ». وفي العيون : « أجبرهم ».
(٦) في حاشية « ج » : + « إنّ ».
(٧) التوحيد ، ص ٣٦٢ ، ح ١٠ ؛ وعيون الأخبار ، ج ١ ، ص ١٤٣ ، ح ٤٦ ، بسنده فيهما عن الحسين بن محمّد بن عامر ، عن معلّى بن محمّد البصري الوافي ، ج ١ ، ص ٥٤١ ، ح ٤٤٣.
(٨) في شرح صدر المتألّهين ، ص ٤٠٨ : « لا تقل بقول القَدَرِيَّة ، منع عن الاعتقاد به والذهاب إليه ؛ فإنّ القول إذاتعدّى بالباء يراد به الاعتقاد والمذهب ».
(٩) في شرح صدر المتألّهين : « لايقولون ».
(١٠) الأعراف (٧) : ٤٣.
(١١) المؤمنون (٢٣) : ١٠٦.
(١٢) الحجر (١٥) : ٣٩.
فَقُلْتُ : وَاللهِ ، مَا أَقُولُ بِقَوْلِهِمْ ، وَلكِنِّي أَقُولُ : لَايَكُونُ (١) إِلاَّ بِمَا (٢) شَاءَ اللهُ وَأَرَادَ ، وَقَدَّرَ وَقَضى ، فَقَالَ (٣) : « يَا يُونُسُ ، لَيْسَ هكَذَا ، لَايَكُونُ إِلاَّ مَا (٤) شَاءَ اللهُ وَأَرَادَ ، وَقَدَّرَ وَقَضى ؛ يَا يُونُسُ ، تَعْلَمُ مَا الْمَشِيئَةُ؟ » ، قُلْتُ : لَا ، قَالَ : « هِيَ الذِّكْرُ الْأَوَّلُ (٥) ، فَتَعْلَمُ مَا الْإِرَادَةُ؟ » ، قُلْتُ : لَا ، قَالَ : « هِيَ الْعَزِيمَةُ (٦) عَلى مَا يَشَاءُ (٧) ، فَتَعْلَمُ مَا الْقَدَرُ (٨)؟ » ، قُلْتُ : لَا ، قَالَ : « هِيَ (٩) الْهَنْدَسَةُ (١٠) ، وَوَضْعُ الْحُدُودِ مِنَ الْبَقَاءِ وَالْفَنَاءِ ».
قَالَ (١١) : ثُمَّ قَالَ : « وَالْقَضَاءُ هُوَ الْإِبْرَامُ وَإِقَامَةُ الْعَيْنِ ». قَالَ : فَاسْتَأْذَنْتُهُ (١٢) أَنْ أُقَبِّلَ رَأْسَهُ ، وَقُلْتُ : فَتَحْتَ لِي شَيْئاً كُنْتُ عَنْهُ فِي غَفْلَةٍ. (١٣)
٤٠٥ / ٥. مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسى ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ الْيَمَانِيِّ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام ، قَالَ : « إِنَّ اللهَ خَلَقَ الْخَلْقَ ، فَعَلِمَ مَا هُمْ صَائِرُونَ إِلَيْهِ ، وَأَمَرَهُمْ
__________________
(١) في « ف » وشرح المازندراني : + « شيء ».
(٢) الباء موجودة في أكثر النسخ في كلام يونس دون كلامه عليهالسلام ، فالفرق بينهما بالباء. إذ كلام يونس يدلّ على العلّية واستقلال إرادة الله في فعل العبد فيوهم الجبر ولذا أسقط عليهالسلام الباء. وفي « ف » وحاشية « ج » : « ما » بدون الباء ، فالفرق لايعقل إلاّبنحو التقرير. وكذا في تفسير القمّي ، مع تقديم « قضى » على « قدّر » في كلام يونس ، فالفرق في الترتيب. ولعلّ التوافق صدر من النسّاخ ، ثمّ ألحقوا الباء لحصول الاختلاف. انظر : مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ١٨٥.
(٣) في « ض ، بح ، بر ، بس » : « قال ».
(٤) في « بح » : « بما ».
(٥) في حاشية « ف » وشرح صدر المتألّهين : + « قال ».
(٦) « العزيمة » : مصدر بمعنى الجدّ والقطع في الأمر ، وتأكّد الإرادة والرأي. انظر : النهاية ، ج ٣ ، ص ٢٣١ ( عزم ).
(٧) في حاشية « ف » : + « قال ».
(٨) في « ف » : + « قال ».
(٩) في شرح المازندراني وتفسير القمّي : « هو ».
(١٠) « الهَنْدَسة » : مأخوذ من الهنداز ، وهي فارسيّة ، فصيّرت الزاي سيناً ؛ لأنّه ليس في شيء من كلام العرب زاي بعد الدال ، فالهندسة معرّب هَندازة بلغة الفرس القديم ، ويقال لها في فرس زماننا : « اندازه » يعني المقدار. انظر : الصحاح ، ج ٣ ، ص ٩٩٢ ( هندس ) ؛ شرح صدر المتألّهين ، ص ٤٠٧.
(١١) في « بح » : ـ « قال ».
(١٢) في « ض » وحاشية « ف » : « فسألته أن يأذن لي ».
(١٣) تفسير القمّي ، ج ١ ، ص ٢٤ ، بسنده عن يونس مع اختلاف يسير الوافي ، ج ١ ، ص ٥٤٢ ، ح ٤٤٤.
وَنَهَاهُمْ ، فَمَا أَمَرَهُمْ بِهِ مِنْ شَيْءٍ ، فَقَدْ جَعَلَ لَهُمُ السَّبِيلَ (١) إِلى تَرْكِهِ ، وَلَا يَكُونُونَ آخِذِينَ وَلَا تَارِكِينَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ (٢) ». (٣)
٤٠٦ / ٦. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ ، عَنْ حَفْصِ بْنِ قُرْطٍ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام ، قَالَ : « قَالَ رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم : مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ ، فَقَدْ كَذَبَ عَلَى اللهِ ؛ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ (٤) الْخَيْرَ وَالشَّرَّ بِغَيْرِ مَشِيئَةِ اللهِ ، فَقَدْ أَخْرَجَ اللهَ مِنْ سُلْطَانِهِ ؛ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمَعَاصِيَ (٥) بِغَيْرِ قُوَّةِ اللهِ ، فَقَدْ كَذَبَ عَلَى اللهِ ؛ وَمَنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ ، أَدْخَلَهُ اللهُ (٦) النَّارَ (٧) ». (٨)
٤٠٧ / ٧. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسى ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَابِرٍ ، قَالَ :
كَانَ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَتَكَلَّمُ فِي الْقَدَرِ وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ ، قَالَ : فَقُلْتُ :
__________________
(١) في التوحيد ، ص ٣٤٩ و ٣٥٩ : + « إلى الأخذ به ، وما نهاهم عنه [ في ص ٣٥٩ : من شيء ] فقد جعل لهم السبيل ». واستصوبه الفيض في الوافي ، ج ١ ، ص ٥٤٣.
(٢) في « بس » : ـ « الله ».
(٣) التوحيد ، ص ٣٥٩ ، ح ١ ، بسنده عن حمّاد بن عيسى ؛ وفيه ، ص ٣٤٩ ، ح ٨ ، بسنده عن حمّاد بن عيسى ، عن الحسين بن المختار ، عن إسماعيل بن جابر ، عن الصادق عليهالسلام الوافي ، ج ١ ، ص ٥٤٣ ، ح ٤٤٥.
(٤) في « بح » : ـ « أنّ ».
(٥) في تفسير العيّاشي : + « عملت ».
(٦) في « بح » : ـ « الله ».
(٧) قال العلاّمة الطباطبائي قدسسره : « أي من زعم أنّ الله يأمر بالفحشاء ـ وهو القائل بالجبر ـ يقول بالإرادة الحتميّة في المعاصي فقد كذب على الله ونسبه إلى الكذب في قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ) [ الأعراف (٧) : ٢٨ ] ؛ ومن زعم أنّ الخير والشرّ من الأفعال بغير مشيئة الله ـ وهم المفوّضة ـ يقولون : إنّ الأفعال مخلوقة بمشيئة الإنسان دون الله فقد أخرج الله من سلطانه ، وقد قال تعالى : (وَلَهُ الْمُلْكُ). [ الأنعام (٦) : ٧٣ ] ؛ ومن زعم أنّ المعاصي بغير قوّة الله بل بقوّة الإنسان فقد كذب على الله ؛ حيث يقول : (ما شاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلاّ بِاللهِ) [ الكهف (١٨) : ٣٩ ].
(٨) التوحيد ، ص ٣٥٩ ، ح ٢ ، بسنده عن عليّ بن إبراهيم. العيّاشي ، ج ٢ ، ص ١١ ، ح ١٤ ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبدالله عليهالسلام الوافي ، ج ١ ، ص ٥٤٠ ، ح ٤٤٠.
يَا هذَا ، أَسْأَلُكَ؟ قَالَ : سَلْ ، قُلْتُ : يَكُونُ (١) فِي مُلْكِ اللهِ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ مَا لَايُرِيدُ؟ قَالَ : فَأَطْرَقَ (٢) طَوِيلاً ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيَّ ، فَقَالَ (٣) : يَا هذَا ، لَئِنْ قُلْتُ : إِنَّهُ يَكُونُ فِي مُلْكِهِ مَا لَايُرِيدُ ، إِنَّهُ (٤) لَمَقْهُورٌ ، وَلَئِنْ قُلْتُ (٥) : لَايَكُونُ فِي مُلْكِهِ إِلاَّ مَا يُرِيدُ ، أَقْرَرْتُ لَكَ بِالْمَعَاصِي ، قَالَ : فَقُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام : سَأَلْتُ هذَا الْقَدَرِيَّ ، فَكَانَ مِنْ جَوَابِهِ كَذَا وَكَذَا ، فَقَالَ : « لِنَفْسِهِ نَظَرَ (٦) ، أَمَا (٧) لَوْ قَالَ غَيْرَ مَا قَالَ ، لَهَلَكَ ». (٨)
٤٠٨ / ٨. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ (٩) بْنِ الْحَسَنِ زَعْلَانَ ، عَنْ أَبِي طَالِبٍ الْقُمِّيِّ ، عَنْ رَجُلٍ :
__________________
(١) في « ب ، ف ، بر ، بف » والوافي : « قد يكون ».
(٢) يقال : أطرق الرجل ، إذا سكت فلم يتكلّم ، وأطرق ، أي أرخى عينيه ينظر إلى الأرض. الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٥١٥ ( طرق ).
(٣) هكذا في النسخ التي قوبلت وشرح صدر المتألّهين وشرح المازندراني. وفي المطبوع : + « [ لي ] ».
(٤) أي قلت : إنّه لمقهور.
(٥) في شرح صدر المتألّهين : + « إنّه ».
(٦) في مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ١٩٠ : « لنفسه نظر ، أي تأمّل واحتاط لنفسه ، حيث لم يحكم بما يوجب هلاكه من القول بالقدر الذي هو مذهبه ، أو نفي مذهبه ومذهب الجبريّة أيضاً ».
(٧) في شرح صدر المتألّهين ، ص ٤١٢ : « كلمة « أما » تحتمل مخفّفة ومشدّدة ، فالاولى للتنبيه والتحقيق ، والثانية لافتتاح الكلام ، وتتضمّن الإخبار ».
(٨) الوافي ، ج ١ ، ص ٥٤٠ ، ح ٤٤٢.
(٩) هكذا في « ب ، بح ». وفي « ألف ، ج ، ض ، ف ، و ، بر ، بس ، بف ، جر » والمطبوع : ـ « عن محمّد ». وفي « ض ، ف » : « بن علان » بدل « زعلان ».
هذا ، ولم يرد لمحمّد بن الحسن زعلان ( بن علان ) ذكر في كتب الرجال ، ليُمكننا تعيين الصواب في عنوانه ، والمسلّم من أسناده رواية أحمد بن محمّد [ بن عيسى ] عنه. راجع : معجم رجال الحديث ، ج ١٥ ، ص ٢٢٧ ، الرقم ١٠٤٨٨.
ويؤيّد ذلك ما ورد في حاشية المطبوع ـ نقلاً من بعض النسخ ـ من « أحمد بن محمّد عن محمّد بن الحسن [ بن ] زعلان ». وأمّا عنوان « أحمد بن محمّد بن الحسن زعلان ( بن علان ) » فعدم صحّته واضح ؛ لرواية أحمد بن محمّد بن [ عيسى ] عن محمّد بن الحسن بن علان ( زعلان ) في عدّة من الأسناد. راجع : معجم رجال الحديث ، ج ٢ ، ص ٥٦١ ـ ٥٦٢ وص ٦٩٣.
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام ، قَالَ : قُلْتُ : أَجْبَرَ (١) اللهُ الْعِبَادَ عَلَى الْمَعَاصِي؟ قَالَ : « لَا ». قال (٢) : قُلْتُ : فَفَوَّضَ إِلَيْهِمُ الْأَمْرَ (٣)؟ قَالَ (٤) : « لَا ». قَالَ (٥) : قُلْتُ : فَمَا ذَا؟ قَالَ : « لُطْفٌ مِنْ رَبِّكَ بَيْنَ ذلِكَ (٦) ». (٧)
٤٠٩ / ٩. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَأَبِي عَبْدِ اللهِ عليهماالسلام ، قَالَا : « إِنَّ اللهَ أَرْحَمُ بِخَلْقِهِ (٨) مِنْ أَنْ يُجْبِرَ (٩) خَلْقَهُ (١٠) عَلَى الذُّنُوبِ ، ثُمَّ يُعَذِّبَهُمْ عَلَيْهَا ، وَاللهُ أَعَزُّ مِنْ أَنْ يُرِيدَ أَمْراً ؛ فَلَا يَكُونَ ».
قَالَ : فَسُئِلَا عليهماالسلام : هَلْ بَيْنَ الْجَبْرِ وَالْقَدَرِ (١١) مَنْزِلَةٌ ثَالِثَةٌ؟ قَالَا : « نَعَمْ ، أَوْسَعُ مِمَّا (١٢) بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ». (١٣)
__________________
(١) في « ف » : « أجَبَر ». وفي « بر » : « أجْبَرَ ». والهمزة للاستفهام عند المجلسي. ويحتمل الإفعال أيضاً عندالمازندراني. والكلام على الأوّل إنشاء لفظاً ومعنى ، وعلى الثاني معنى فقط. انظر : شرح المازندراني ، ج ٥ ، ص ٣١ ؛ مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ١٩٠.
(٢) هكذا في « ب ، ض ، ف ، و ، بح ، بر ، بس ، بف » وحاشية « ج ». وفي المطبوع : ـ « قال ».
(٣) هكذا في « ب ، ج ، ض ، ف ، و ، بح ، بر ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين وشرح المازندراني. وفي المطبوع : + « قال ».
(٤) في « بح » : « فقال ».
(٥) في « ب » : ـ « قال ».
(٦) في حاشية « ف » : « بين يديك ». وقال العلاّمة الطباطبائي : « وقوله : « لطف من ربك بين ذلك » أي بين الجبر والقدر ، وقد مرّ توضيحه في أوّل الباب. واللطف هو النفوذ الدقيق ، عبّر به عليهالسلام عن تأثيره تعالى في الأفعال بنحو الاستيلاء الملكي لنفوذه ودقّته كما مرّ بيانه ».
(٧) الوافي ، ج ١ ، ص ٥٤٣ ، ح ٤٤٦ ؛ البحار ، ج ٥ ، ص ٨٣.
(٨) في شرح صدر المتألّهين : « بعبده ».
(٩) يجوز فيه فتح الياء.
(١٠) في شرح صدر المتألّهين : « بخلقه ».
(١١) في حاشية « بر » : « والقدرة ».
(١٢) في « بف » والوافي : « ما ».
(١٣) التوحيد ، ص ٣٦٠ ، ح ٣ ، بسنده عن يونس بن عبدالرحمن الوافي ، ج ١ ، ص ٥٤٤ ، ح ٤٤٧.
٤١٠ / ١٠. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ (١) ، عَنْ صَالِحِ بْنِ سَهْلٍ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ (٢) :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام ، قَالَ : سُئِلَ عَنِ الْجَبْرِ وَالْقَدَرِ ، فَقَالَ : « لَا جَبْرَ وَلَا قَدَرَ ، وَلكِنْ مَنْزِلَةٌ بَيْنَهُمَا فِيهَا الْحَقُّ ؛ الَّتِي بَيْنَهُمَا (٣) لَايَعْلَمُهَا إِلاَّ الْعَالِمُ ، أَوْ مَنْ عَلَّمَهَا إِيَّاهُ الْعَالِمُ ». (٤)
٤١١ / ١١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، عَنْ يُونُسَ ، عَنْ عِدَّةٍ (٥) :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام ، قَالَ : قَالَ لَهُ رَجُلٌ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، أَجْبَرَ (٦) اللهُ الْعِبَادَ عَلَى الْمَعَاصِي؟
فَقَالَ (٧) : « اللهُ أَعْدَلُ مِنْ أَنْ يُجْبِرَهُمْ (٨) عَلَى الْمَعَاصِي ، ثُمَّ يُعَذِّبَهُمْ عَلَيْهَا ».
فَقَالَ لَهُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، فَفَوَّضَ اللهُ إِلَى الْعِبَادِ؟
قَالَ : فَقَالَ : « لَوْ فَوَّضَ إِلَيْهِمْ ، لَمْ يَحْصُرْهُمْ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ ».
فَقَالَ لَهُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، فَبَيْنَهُمَا مَنْزِلَةٌ؟
قَالَ : فَقَالَ : « نَعَمْ ، أَوْسَعُ مِمَّا (٩) بَيْنَ السَّمَاءِ وَ (١٠) الْأَرْضِ ». (١١)
٤١٢ / ١٢. مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ وَغَيْرُهُ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ
__________________
(١) في « ألف ، ج ، ف ، بح ، بس ، بف » : ـ « بن عبدالرحمن ».
(٢) في شرح المازندراني : « أصحابنا ».
(٣) في مرآة العقول : « قوله : « التي بينهما » مبتدأ و « لا يعلمها » خبره ».
(٤) الوافي ، ج ١ ، ص ٥٤٤ ، ح ٤٤٨.
(٥) في « ف » : + « من أصحابنا ».
(٦) في « ض ، ف ، بح » : « أجَبَرَ » ، أي بفتح الجيم.
(٧) في أكثر النسخ وشرح المازندراني والوافي : « قال ». وفي « ف » : + « إنّ ».
(٨) في « ف » : « يجبر العباد ». يجوز فيه الإفعال والمجرّد.
(٩) هكذا في « ض ، ف ، بح » وشرح صدر المتألّهين. وفي سائر النسخ والمطبوع : « ما ».
(١٠) في « ج ، ض ، ف ، و ، بح ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين : « إلى » بدل « و ».
(١١) راجع : تفسير القمّي ، ج ١ ، ص ٢٤ الوافي ، ج ١ ، ص ٥٤٥ ، ح ٤٤٩.
أَبِي نَصْرٍ ، قَالَ :
قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عليهالسلام : إِنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا يَقُولُ بِالْجَبْرِ ، وَبَعْضَهُمْ يَقُولُ بِالِاسْتِطَاعَةِ ، قَالَ : فَقَالَ عليهالسلام لِي : « اكْتُبْ : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليهماالسلام : قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : يَا ابْنَ آدَمَ ، بِمَشِيئَتِي كُنْتَ أَنْتَ الَّذِي تَشَاءُ (١) ، وَبِقُوَّتِي أَدَّيْتَ إِلَيَّ (٢) فَرَائِضِي ، وَبِنِعْمَتِي قَوِيتَ (٣) عَلى مَعْصِيَتِي ؛ جَعَلْتُكَ سَمِيعاً بَصِيراً (٤) ( ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ ) (٥) ، وَذلِكَ أَنِّي أَوْلى بِحَسَنَاتِكَ مِنْكَ (٦) ، وَأَنْتَ أَوْلى بِسَيِّئَاتِكَ مِنِّي ، وَذلِكَ (٧) أَنِّي لَا أُسْأَلُ عَمَّا أَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (٨) ، قَدْ (٩) نَظَمْتُ (١٠) لَكَ كُلَّ شَيْءٍ تُرِيدُ (١١) ». (١٢)
__________________
(١) في الكافي ، ح ٣٩٢ : + « لنفسك ماتشاء ».
(٢) في الكافي ، ح ٣٩٢ : ـ « إليّ ».
(٣) في « ض ، ف » : « قوّيت ».
(٤) في الكافي ، ح ٣٩٢ : + « قويّاً ».
(٥) النساء (٤) : ٧٩.
(٦) في « بح » : ـ « منك ».
(٧) في « بح ، بس ، بف » : ـ « وذلك ».
(٨) إشارة إلى الآية ٢٣ من سورة الأنبياء (٢١) : (لا يُسْئَلُ عَمّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ).
(٩) في حاشية « ج » : « وقد ».
(١٠) « قد نظمت » : من كلام الله تعالى ، أو من كلام الرضا عليهالسلام ، أو من كلام السجّاد عليهالسلام. انظر : الوافي ، ج ١ ، ص ٥٢٥ ؛ مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ١٩٥.
(١١) قال العلاّمة الطباطبائي : « معنى الرواية مبنيّ على القدر ، وهو أنّ الإنسان إنّما يفعل ما يفعل بمشيئة وقوّة ، والله سبحانه هو الذي شاء أن يشاء الإنسان ، ولو لم يشأ لم تكن من الإنسان مشيئة ، وهو الذي ملك الإنسان قوّة من قوّته ، وأنّ القوّة للهجميعاً ، فلا استغناء للإنسان في فعله عنه تعالى ، ثمّ إنّهما نعمتان قوي الإنسان بهما على المعصية ، كما قوي على الطاعة ، ولازم ذلك أن تكون الحسنات للهوهو أولى بها ؛ لأنّ الله هو المعطي للقوّة عليها والأمر بإتيانها وفعلها ؛ وأن تكون السيّئات للإنسان وهو أولى بها دون الله ؛ لأنّه تعالى لم يعطها إلاّنعمة للحسنة ونهى عن استعمالها في السيّئة ، فاللؤم على الإنسان ، وذلك أنّه تعالى لا يسأل عمّا يفعل وهم يسألون ، لأنّه تعالى إنّما يفعل الجميل وهو إفاضة النعمة والهداية إلى الحسنة ، والنهي عن السيّئة ، وكلّ ذلك جميل ، ولا سؤال عن الجميل ، والإنسان إنّما يفعل الحسنة بنعمة من الله ، والسيّئة بنعمة منه ، فهو المسؤول عن النعمة التي اعطيها ما صنع بها ، ثمّ أتمّ الله الحجّة ، وأقام المحنة بأن نظم كلّ ما يريده الإنسان ، ليعلم ماذا يصير إليه حال الإنسان بفعاله ؛ وللرواية معنى آخر أدقّ ، يطلب من مظانّه ».
(١٢) قرب الإسناد ، ص ٣٥٤ ، ح ١٢٦٧ ، عن أحمد بن محمّد ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ؛ الكافي ،
٤١٣ / ١٣. مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ ، عَنْ حُسَيْنِ (١) بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيى ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام ، قَالَ : « لَا جَبْرَ وَلَا تَفْوِيضَ ، وَلكِنْ أَمْرٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ (٢) ».
قَالَ : قُلْتُ : وَمَا أَمْرٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ؟
قَالَ : « مَثَلُ ذلِكَ : رَجُلٌ رَأَيْتَهُ عَلى مَعْصِيَةٍ ، فَنَهَيْتَهُ ، فَلَمْ يَنْتَهِ ، فَتَرَكْتَهُ ، فَفَعَلَ تِلْكَ الْمَعْصِيَةَ ؛ فَلَيْسَ (٣) حَيْثُ لَمْ يَقْبَلْ مِنْكَ فَتَرَكْتَهُ (٤) كُنْتَ أَنْتَ الَّذِي أَمَرْتَهُ بِالْمَعْصِيَةِ ». (٥)
٤١٤ / ١٤. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِيِّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام ، قَالَ (٦) : « اللهُ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يُكَلِّفَ النَّاسَ مَا (٧) لَايُطِيقُونَ (٨) ، وَاللهُ أَعَزُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي سُلْطَانِهِ مَا لَايُرِيدُ ». (٩)
__________________
كتاب التوحيد ، باب المشيّة والإرادة ، ح ٣٩٢ ، بسند آخر عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، وفيهما مع اختلاف يسير. وراجع : المصادر التي ذكرنا ذيل ح ٣٩٢ الوافي ، ج ١ ، ص ٥٢٥ ، ح ٤٣١.
(١) في « بح ، بر ، بف » : « الحسين ».
(٢) في « ف » : « الأمرين ».
(٣) كذا في النسخ ، والأولى : « فلست ».
(٤) في « ض » : « وتركته ».
(٥) التوحيد ، ص ٣٦٢ ، ح ٨ ، بسنده عن محمّد بن أبي عبدالله الكوفي ، عن خنيس بن محمّد ، عن محمّد بن يحيى الخزّاز ، عن المفضّل بن عمر ، عن أبي عبدالله عليهالسلام ( وخنيس بن محمّد عنوان غريب لم نجد له ذكراً في موضع ). وفي الاعتقادات للصدوق ، ص ٢٩ ؛ وتصحيح الاعتقاد ، ص ٤٦ ، مرسلاً عن أبي عبدالله عليهالسلام الوافي ، ج ١ ، ص ٥٤٥ ، ح ٤٥٠.
(٦) في « ف » والمحاسن : + « إنّ ».
(٧) في « ف » : « ممّا ».
(٨) في التوحيد : « لايطيقونه ».
(٩) المحاسن ، ص ٢٩٦ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ٤٦٤. التوحيد ، ص ٣٦٠ ، ح ٤ ، بسنده عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي الوافي ، ج ١ ، ص ٥٤٠ ، ح ٤٤١.
٣١ ـ بَابُ الِاسْتِطَاعَةِ
٤١٥ / ١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ (١) ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَاسَانِيِّ (٢) ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ ، قَالَ :
سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا عليهالسلام عَنِ الِاسْتِطَاعَةِ ، فَقَالَ (٣) : « يَسْتَطِيعُ الْعَبْدُ بَعْدَ أَرْبَعِ خِصَالٍ : أَنْ يَكُونَ مُخَلَّى السَّرْبِ (٤) ، صَحِيحَ الْجِسْمِ ، سَلِيمَ الْجَوَارِحِ ، لَهُ سَبَبٌ وَارِدٌ (٥) مِنَ اللهِ ».
قَالَ : قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، فَسِّرْ لِي هذَا ، قَالَ (٦) : « أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ (٧) مُخَلَّى السَّرْبِ ، صَحِيحَ الْجِسْمِ ، سَلِيمَ الْجَوَارِحِ يُرِيدُ أَنْ يَزْنِيَ ، فَلَا يَجِدُ امْرَأَةً ثُمَّ يَجِدُهَا ، فَإِمَّا أَنْ يَعْصِمَ نَفْسَهُ (٨) ، فَيَمْتَنِعَ كَمَا امْتَنَعَ يُوسُفُ عليهالسلام ، أَوْ يُخَلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إِرَادَتِهِ ، فَيَزْنِيَ ، فَيُسَمّى زَانِياً ،
__________________
(١) لم يعهد وجود راوٍ باسم الحسن بن محمّد في مشايخ عليّ بن إبراهيم ، بل في هذه الطبقة. والظاهر وقوعخلل في السند. يؤكّد ذلك توسّط الحسن بن محمّد بين عليّ بن إبراهيم وبين شيخه عليّ بن محمّد القاساني. راجع : معجم رجال الحديث ، ج ١١ ، ص ٤٧٧ ـ ٤٧٨.
(٢) في « ألف ، بح ، بس » : « القاشاني ».
(٣) في « ج » : « قال ».
(٤) « السَرْب » و « السَرَبُ » : المسلك والطريق. والمعنى : أنّ طريقه إلى الخير والشرّ موسَّع عليه غير مضيّق وخالبلامانع. و « السِرب » : النفس. والمعنى عليه : أنّه لا مانع لنفسه عن الميل إليهما. انظر : شرح صدر المتألّهين ، ص ٤١٨ ؛ شرح المازندراني ، ج ٥ ، ص ٤٧ ؛ الوافي ، ج ١ ، ص ٥٤٧ ؛ مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٢١٣ ؛ لسان العرب ، ج ١ ، ص ٤٦٤ ( سرب ).
(٥) في « ف ، بر » وحاشية « ض » : « وإرادة ».
(٦) في « ف » : + « هذا ».
(٧) في « بف » : « إنّ العبد يكون ».
(٨) في « بف » والتوحيد : ـ « نفسه ».
وَلَمْ يُطِعِ اللهَ بِإِكْرَاهٍ ، وَلَمْ يَعْصِهِ بِغَلَبَةٍ (١) ». (٢)
٤١٦ / ٢. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى وَعَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ جَمِيعاً ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ وَعَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ جَمِيعاً ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ ، قَالَ :
سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليهالسلام عَنِ الِاسْتِطَاعَةِ (٣) ، فَقَالَ (٤) : « أَتَسْتَطِيعُ (٥) أَنْ تَعْمَلَ مَا لَمْ
__________________
(١) في « بس » : « بغلبته ». وفي فقه الرضا : « بقلبه ». وقال العلاّمة الطباطبائي قدسسره : « لا ريب أنّ كلّ أمر خارجي ـ ومنها أفعال الإنسان ـ لا يوجد ما لم يوجد جميع أجزاء علّته التامّة وما يحتاج إليه في وجوده ، فإذا وجدت جميعاً ولم يبق ممّا يحتاج إليه وجوده شيء في العدم وجب وجوده ، وإلاّ كان وجود علّته التامّة وعدمها بالنسبة إليه على السواء ، مثلاً إذا نسب أكل لقمة من الغذاء إلى الإنسان ، وفرض وجود الإنسان وصحّة أدوات التغذي ، ووجود الغذاء بين يديه ، ووجود الإرادة الحتميّة ، وعدم شيء من الموانع مطلقاً ، وجب تحقّق الأكل وكان بالضرورة ، فهذه نسبة الفعل وهو الأكل مثلاً إلى مجموع علّته التامّة ، وأمّا نسبة الفعل كالأكل مثلاً إلى الإنسان المجهّز بآلة الفعل فقط لا إلى مجموع أجزاء العلّة مع فرض وجودها ، فهي نسبة الإمكان والاستعداد التامّ الذي لايفارق الفعل لفرض وجود بقيّة أجزاء العلّة ، وإن لم تكن النسبة إلى جميعها بل إلى الإنسان فقط وهي المسمّاة بالاستطاعة ، فالإنسان مع فرض جميع ما يتوقّف عليه يستطيع أن يأكل بالإرادة وأن لا يأكل بعدمها ؛ وأمّا نسبة الفعل إلى الإنسان مع فرض عدم وجود جميع أجزاء العلّة كنسبة الأكل إلى الإنسان حيث لا غذاء عنده ، ومباشرة النساء حيث لامرأة ، فهي الإمكان والاستعداد الضعيف الناقص ، ولا تسمّى استطاعة ، فالإنسان لايستطيع أن يأكل حيث لا غذاء ، ولا أن يباشر حيث لامرأة ؛ فقوله عليهالسلام في هذه الروايات : « إنّ الاستطاعة مع الفعل » يريد به الاستعداد التامّ الذي لا واسطة بينه وبين الفعل والترك إلاّ إرادة الإنسان ، وأمّا مطلق إمكان الفعل والقدرة عليه ، فليس بمراد ، وليس هذا من قول الأشاعرة : « إنّ القدرة على الفعل توجد مع الفعل لا قبله » في شيء ؛ فإنّه مذهب فاسد كما بيّن في محلّه ، وبالتأمّل في ما ذكرناه يظهر معنى سائر روايات الباب ، والله الهادي ».
(٢) التوحيد ، ص ٣٤٨ ، ح ٧ ، بسنده عن عليّ بن أسباط. وفي فقه الرضا عليهالسلام ، ص ٣٥٢ ؛ والاعتقادات للصدوق ، ص ٣٨ ، مرسلاً مع اختلاف يسير الوافي ، ج ١ ، ص ٥٤٧ ، ح ٤٥١.
(٣) اختلف في أنّ الاستطاعة والقدرة هل هما في العبد قبل الفعل أو معه ، فذهبت الإماميّة والمعتزلة إلى الأوّل ، وهو الحقّ ؛ لكونه ضروريّة ، والأشاعرة إلى الثاني. وظاهر الحديث موافق لمذهب الأشاعرة فيحتاج إلى التأويل ، إمّا بحمله على التقيّة ، أو غيره. وكذا الآتية. انظر : شرح صدر المتألّهين ، ص ٤١٩ ؛ شرح المازندراني ، ج ٥ ، ص ٥٠ ؛ الوافي ، ج ١ ، ص ٥٤٨ ؛ مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٢١٥.
(٤) في « ب ، ج ، ض ، ف ، بح ، بر ، بس ، بف » : + « أبو عبدالله عليهالسلام ».
(٥) في « ب » : « أنت تستطيع ». وفي « بف » : « تستطيع » بدل « أتستطيع ».
يُكَوَّنْ؟ » ، قَالَ : لَا ، قَالَ : « فَتَسْتَطِيعُ أَنْ تَنْتَهِيَ عَمَّا قَدْ كُوِّنَ؟ » قَالَ : لَا ، قَالَ (١) : فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليهالسلام : « فَمَتى أَنْتَ مُسْتَطِيعٌ (٢)؟ » ، قَالَ : لَا أَدْرِي.
قَالَ (٣) : فَقَالَ لَهُ (٤) أَبُو عَبْدِ اللهِ عليهالسلام : « إِنَّ اللهَ خَلَقَ خَلْقاً ، فَجَعَلَ فِيهِمْ آلَةَ الِاسْتِطَاعَةِ ، ثُمَّ لَمْ يُفَوِّضْ إِلَيْهِمْ ، فَهُمْ مُسْتَطِيعُونَ لِلْفِعْلِ (٥) وَقْتَ الْفِعْلِ مَعَ الْفِعْلِ إِذَا فَعَلُوا ذلِكَ الْفِعْلَ ، فَإِذَا لَمْ يَفْعَلُوهُ فِي مُلْكِهِ (٦) ، لَمْ يَكُونُوا مُسْتَطِيعِينَ أَنْ يَفْعَلُوا (٧) فِعْلاً لَمْ يَفْعَلُوهُ ؛ لِأَنَّ اللهَ ـ عَزَّ وجَلَّ ـ أَعَزُّ مِنْ أَنْ (٨) يُضَادَّهُ فِي مُلْكِهِ أَحَدٌ (٩) ».
قَالَ الْبَصْرِيُّ : فَالنَّاسُ مَجْبُورُونَ؟ قَالَ : « لَوْ كَانُوا مَجْبُورِينَ ، كَانُوا مَعْذُورِينَ ». قَالَ : فَفَوَّضَ إِلَيْهِمْ؟ قَالَ : « لَا ». قَالَ : فَمَا هُمْ؟ قَالَ : « عَلِمَ مِنْهُمْ فِعْلاً ، فَجَعَلَ فِيهِمْ آلَةَ الْفِعْلِ ، فَإِذَا فَعَلُوا كَانُوا مَعَ الْفِعْلِ مُسْتَطِيعِينَ ».
قَالَ الْبَصْرِيُّ : أَشْهَدُ أَنَّهُ الْحَقُّ ، وَأَنَّكُمْ أَهْلُ بَيْتِ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ. (١٠)
٤١٧ / ٣. مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ؛ وَعَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ؛ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِيعاً ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ صَالِحٍ (١١) النِّيلِيِّ ، قَالَ :
سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليهالسلام : هَلْ لِلْعِبَادِ مِنَ الِاسْتِطَاعَةِ شَيْءٌ؟ قَالَ : فَقَالَ لِي (١٢) : « إِذَا فَعَلُوا الْفِعْلَ ، كَانُوا مُسْتَطِيعِينَ بِالِاسْتِطَاعَةِ الَّتِي جَعَلَهَا اللهُ فِيهِمْ ».
__________________
(١) في « ف » والوافي : ـ « قال ».
(٢) في « ب » : « تستطيع ».
(٣) في « بس » : ـ « قال ».
(٤) في « ب ، ف » والوافي : ـ « له ».
(٥) في حاشية « ج » : + « في ».
(٦) في « ج » والوافي : ـ « في ملكه ».
(٧) في « ج » : + « في ملكه ».
(٨) في « ف » : + « يكون ».
(٩) في « ف » : + « غيره ».
(١٠) فقه الرضا عليهالسلام ، ص ٣٥١ ، مع اختلاف الوافي ، ج ١ ، ص ٥٤٧ ، ح ٤٥٢.
(١١) في « ض ، بح ، بف » : « الصالح ».
(١٢) في « ف » : + « إنّهم ».
قَالَ : قُلْتُ : وَمَا هِيَ؟ قَالَ : « الْآلَةُ (١) مِثْلُ الزَّانِي (٢) إِذَا زَنى ، كَانَ مُسْتَطِيعاً لِلزِّنى حِينَ (٣) زَنى : وَلَوْ أَنَّهُ تَرَكَ الزِّنى وَلَمْ يَزْنِ ، كَانَ مُسْتَطِيعاً لِتَرْكِهِ إِذَا تَرَكَ ».
قَالَ : ثُمَّ قَالَ : « لَيْسَ لَهُ مِنَ الِاسْتِطَاعَةِ قَبْلَ الْفِعْلِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ ، وَلكِنْ مَعَ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ كَانَ مُسْتَطِيعاً ».
قُلْتُ : فَعَلى مَا ذَا يُعَذِّبُهُ (٤)؟ قَالَ : « بِالْحُجَّةِ الْبَالِغَةِ وَالْآلَةِ الَّتِي رَكَّبَ (٥) فِيهِمْ ؛ إِنَّ اللهَ لَمْ يُجْبِرْ (٦) أَحَداً عَلى مَعْصِيَتِهِ (٧) ، وَلَا أَرَادَ ـ إِرَادَةَ حَتْمٍ ـ الْكُفْرَ (٨) مِنْ أَحَدٍ ، وَلكِنْ حِينَ كَفَرَ كَانَ فِي إِرَادَةِ اللهِ أَنْ يَكْفُرَ ، وَهُمْ فِي إِرَادَةِ اللهِ وَفِي عِلْمِهِ أَنْ لَايَصِيرُوا إِلى شَيْءٍ مِنَ الْخَيْرِ ».
قُلْتُ : أَرَادَ مِنْهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا؟ قَالَ : « لَيْسَ هكَذَا أَقُولُ ، وَلكِنِّي أَقُولُ : عَلِمَ أَنَّهُمْ سَيَكْفُرُونَ ، فَأَرَادَ الْكُفْرَ ؛ لِعِلْمِهِ فِيهِمْ ، وَلَيْسَتْ هِيَ (٩) إِرَادَةَ حَتْمٍ ، إِنَّمَا هِيَ إِرَادَةُ اخْتِيَارٍ ». (١٠)
٤١٨ / ٤. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بْنُ حُمْرَانَ ، قَالَ :
سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليهالسلام عَنِ الِاسْتِطَاعَةِ فَلَمْ يُجِبْنِي ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ دَخْلَةً أُخْرى ، فَقُلْتُ : أَصْلَحَكَ اللهُ ، إِنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِي قَلْبِي مِنْهَا شَيْءٌ لَايُخْرِجُهُ إِلاَّ شَيْءٌ أَسْمَعُهُ مِنْكَ.
قَالَ : « فَإِنَّهُ لَايَضُرُّكَ مَا كَانَ فِي قَلْبِكَ ».
قُلْتُ : أَصْلَحَكَ اللهُ ، إِنِّي أَقُولُ : إِنَّ اللهَ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ لَمْ يُكَلِّفِ الْعِبَادَ مَا لَا
__________________
(١) في شرح صدر المتألّهين : « آلة ».
(٢) في « ب ، ض ، بر » وحاشية « ج » وشرح المازندراني والمرآة والوافي : « الزنى ».
(٣) في « بح » : « حيث ».
(٤) في « ب ، ف ، بح » : « يعذّبهم ».
(٥) في « ب » : « ركّبها ».
(٦) في « ج » : « لايجبر ». ويجوز في الفعل هيئة الإفعال والتجرّد.
(٧) في « ب ، ف ، بح » وحاشية ميرزا رفيعا : « معصية ».
(٨) في « ف » : « للكفر ».
(٩) في « ب ، ج ، بح ، بس ، بف » والوافي : ـ « هي ».
(١٠) الوافي ، ج ١ ، ص ٥٤٩ ، ح ٤٥٣.
يَسْتَطِيعُونَ (١) ، وَلَمْ يُكَلِّفْهُمْ إِلاَّ مَا يُطِيقُونَ ، وَأَنَّهُمْ لَايَصْنَعُونَ شَيْئاً مِنْ ذلِكَ إِلاَّ بِإِرَادَةِ اللهِ وَمَشِيئَتِهِ وَقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ.
قَالَ : فَقَالَ : « هذَا دِينُ اللهِ الَّذِي أَنَا عَلَيْهِ وَآبَائِي ». أَوْ كَمَا قَالَ. (٢)
٣٢ ـ بَابُ الْبَيَانِ وَالتَّعْرِيفِ وَلُزُومِ الْحُجَّةِ
٤١٩ / ١. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى وَغَيْرُهُ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ ، عَنِ ابْنِ الطَّيَّارِ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام ، قَالَ : « إِنَّ اللهَ احْتَجَّ عَلَى النَّاسِ بِمَا آتَاهُمْ وَعَرَّفَهُمْ ». (٣)
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ ، مِثْلَهُ.
٤٢٠ / ٢. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى وَغَيْرُهُ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَكِيمٍ ، قَالَ :
__________________
(١) في « ف » : « بما لايستطيعون ». وفي التوحيد : « إلاّ ما يستطيعون ».
(٢) التوحيد ، ص ٣٤٦ ، ح ٣ ، بسنده عن الحسين بن سعيد ، عن عبيد بن زرارة ( ولم نجد في شيء من الأسناد والطرق رواية الحسين بن سعيد عن عبيد بن زرارة مباشرة ، بل يروي الحسين عنه في كثير من الأسناد بواسطتين وفي بعضها بواسطة واحدة. فما ورد في التوحيد لايخلو من خلل ). راجع : المحاسن ، ص ٢٩٦ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ٤٦٦ ؛ ورجال الكشّي ، ص ١٤٦ ، ح ٢٣٣ الوافي ، ج ١ ، ص ٥٥٠ ، ح ٤٥٤.
وقوله : « أو كما قال » من كلام الراوي. وشكّه في صورة اللفظ هل هي ما قال ، أو شبهه؟ يعني : قال هذا القول بعينه ، أو قال ما هو مثله في المعنى ، أي ما ذكره نقل بالمعنى. انظر : شرح صدر المتألّهين ، ص ٤٢٣ ، شرح المازندراني ، ج ٥ ، ص ٥٨ ؛ مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٢٢٠.
(٣) التوحيد ، ص ٤١٠ ، ح ٢ ، بسنده عن الحسين بن سعيد ؛ وفيه ، ح ٣ ، بسند آخر عن حمزة بن الطيّار. المحاسن ، ص ٢٣٦ ، كتاب مصابيح الظلم ، صدر ح ٢٠٤ ، بسنده عن حمزة بن الطيّار. وفيه ، ص ٢٣٦ ، ح ٢٠٣ ؛ وص ٢٧٥ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ٣٨٨ ، بسند آخر. وفي تفسير العيّاشي ، ج ٢ ، ص ١٠٤ ، صدر ح ١٠٠ ، عن الحلبي ، عن زرارة وحمران ومحمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهماالسلام الوافي ، ج ١ ، ص ٥٥١ ، ح ٤٥٥.
قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام : الْمَعْرِفَةُ مِنْ صُنْعِ مَنْ هِيَ؟
قَالَ : « مِنْ صُنْعِ اللهِ ، لَيْسَ لِلْعِبَادِ فِيهَا صُنْعٌ ». (١)
٤٢١ / ٣. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ الطَّيَّارِ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : ( وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ ) (٢) ، قَالَ : « حَتّى يُعَرِّفَهُمْ مَا يُرْضِيهِ وَمَا يُسْخِطُهُ ».
وَقَالَ : ( فَأَلْهَمَها ) (٣) ( فُجُورَها وَتَقْواها ) (٤) ، قَالَ : « بَيَّنَ (٥) لَهَا مَا تَأْتِي وَمَا تَتْرُكُ ».
وَقَالَ : ( إِنّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمّا شاكِراً وَإِمّا كَفُوراً ) (٦) ، قَالَ : « عَرَّفْنَاهُ ، إِمَّا (٧) آخِذٌ وَإِمَّا تَارِكٌ ».
وَعَنْ قَوْلِهِ : ( وَأَمّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى ) (٨) ، قَالَ : « عَرَّفْنَاهُمْ (٩) فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى وَهُمْ يَعْرِفُونَ ».
وَفِي رِوَايَةٍ : « بَيَّنَّا لَهُمْ (١٠) ». (١١)
٤٢٢ / ٤. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى (١٢) ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ ، عَنِ
__________________
(١) التوحيد ، ص ٤١٠ ، ح ١ ، بسنده عن محمّد بن يحيى العطّار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى. وفيه ، ص ٤١٦ ، ح ١٥ ، بسند آخر مع اختلاف وزيادة في أوّله وآخره الوافي ، ج ١ ، ص ٥٥٦ ، ح ٤٦٤.
(٢) التوبة (٩) : ١١٥.
(٣) « قال : فألهمها » من كلام ثعلبة ، والقائل هو حمزة بن محمّد الطيّار ، أي وسأله عن قوله : فألهمها.
(٤) الشمس (٩١) : ٨.
(٥) في « ف » : « يبيّن ».
(٦) الإنسان (٧٦) : ٣.
(٧) في المحاسن : « فإمّا ».
(٨) فصّلت (٤١) : ١٧.
(٩) في المحاسن : « نهاهم عن قتلهم » بدل « عرّفناهم ».
(١٠) في المحاسن والتوحيد : ـ « وفي رواية بيّنّا لهم ».
(١١) المحاسن ، ص ٢٧٦ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ٣٨٩ ، بطريقين ، أحدهما عن ابن فضّال. التوحيد ، ص ٤١١ ، ح ٤ ، بسنده عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي وراجع : الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب الكفر ، ح ٢٨٤٦ الوافي ، ج ١ ، ص ٥٥٢ ، ح ٤٥٧ ؛ وص ٤٥٨ و ٥٥٣.
(١٢) في « ب » : + « بن عبيد ».
ابْنِ بُكَيْرٍ ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ (١) :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام ، قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : ( وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ ) (٢) قَالَ : « نَجْدَ (٣) الْخَيْرِ وَالشَّرِّ (٤) ». (٥)
٤٢٣ / ٥. وَبِهذَا الْإِسْنَادِ ، عَنْ يُونُسَ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلى ، قَالَ :
قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام : أَصْلَحَكَ اللهُ ، هَلْ جُعِلَ فِي النَّاسِ أَدَاةٌ (٦) يَنَالُونَ بِهَا الْمَعْرِفَةَ؟ قَالَ : فَقَالَ : « لَا ».
قُلْتُ (٧) : فَهَلْ كُلِّفُوا الْمَعْرِفَةَ؟ قَالَ : « لَا ، عَلَى اللهِ الْبَيَانُ ( لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها ) (٨) وَ ( لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاّ ما آتاها ) (٩) ».
قَالَ : وَسَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالى : ( وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ ) (١٠) قَالَ : « حَتّى يُعَرِّفَهُمْ مَا يُرْضِيهِ وَمَا يُسْخِطُهُ ». (١١)
__________________
(١) في « ف » : + « الطيّار ».
(٢) البلد (٩٠) : ١٠.
(٣) « النَجْدُ » في اللغة : الطريق الواضح المرتفع. قال صدر المتألّهين في شرحه ، ص ٤٢٤ : « قال أهل اللغة : النجد ، الطريق الواقع في ارتفاع كجبل ونحوه ، ولعلّ الكناية به عن سبيل الخير والشرّ ، أو دلائل أحدهما ؛ لأجل أنّهما لمّا وضحت فجعلت كالطريق العالية المرتفعة في أنّها للعقول كوضوح الطريق العالي للإيصال ». وانظر : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٤٦٣ ( نجد ).
(٤) في « ف » : « نجد الشرّ ونجد الخير ». وفي حاشية « ف » وشرح صدر المتألّهين : « نجد الخير ونجد الشرّ ».
(٥) التوحيد ، ص ٤١١ ، ح ٥ ، بسنده عن عليّ بن إبراهيم. الأمالي للطوسي ، ص ٦٦٠ ، المجلس ٣٥ ، ح ١١ ، بسند آخر. تفسير القمّي ، ج ٢ ، ص ٤٢٢ ، من دون الإسناد إلى المعصوم عليهالسلام نحوه الوافي ، ج ١ ، ص ٥٥٣ ، ح ٤٥٩ ؛ البحار ، ج ٦٠ ، ص ٢٨٤.
(٦) في شرح المازندراني ، ج ٥ ، ص ٦٨ : « الأداة : الآلة. والمراد بها هنا العقل والذُكاء ». وفي حاشية بدرالدين ، ص ١٢٤ : « الظاهر أنّ المراد بالأداة هنا الحاسّة من البصر أو غيره ». وانظر : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٢٦٥ ( أدو ) ؛ مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٢٢٦.
(٧) في حاشية « ف » : « فقلت ».
(٨) البقرة (٢) : ٢٨٦.
(٩) الطلاق (٦٥) : ٧.
(١٠) التوبة (٩) : ١١٥.
(١١) المحاسن ، ص ٢٧٦ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ٣٩٢ ، إلى قوله : « إلاّ ما آتاه » ؛ والتوحيد ، ص ٤١٤ ، ح ١١ ،
٤٢٤ / ٦. وَبِهذَا الْإِسْنَادِ ، عَنْ يُونُسَ ، عَنْ سَعْدَانَ رَفَعَهُ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام ، قَالَ : « إِنَّ اللهَ لَمْ يُنْعِمْ عَلى عَبْدٍ نِعْمَةً إِلاَّ وَقَدْ أَلْزَمَهُ (١) فِيهَا الْحُجَّةَ مِنَ اللهِ ، فَمَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِ فَجَعَلَهُ قَوِيّاً ، فَحُجَّتُهُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ بِمَا كَلَّفَهُ (٢) ، وَاحْتِمَالُ مَنْ هُوَ دُونَهُ مِمَّنْ هُوَ أَضْعَفُ مِنْهُ ؛ وَمَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِ فَجَعَلَهُ مُوَسَّعاً عَلَيْهِ ، فَحُجَّتُهُ عَلَيْهِ مَالُهُ ، ثُمَّ تَعَاهُدُهُ (٣) الْفُقَرَاءَ بَعْدُ بِنَوَافِلِهِ (٤) ؛ وَمَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِ فَجَعَلَهُ شَرِيفاً فِي بَيْتِهِ (٥) ، جَمِيلاً فِي صُورَتِهِ ، فَحُجَّتُهُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْمَدَ اللهَ تَعَالى عَلى ذلِكَ ، وَأَنْ (٦) لَايَتَطَاوَلَ عَلى غَيْرِهِ (٧) ؛ فَيَمْنَعَ حُقُوقَ الضُّعَفَاءِ لِحَالِ (٨) شَرَفِهِ وَجَمَالِهِ ». (٩)
٣٣ ـ بَابُ اخْتِلَافِ الْحُجَّةِ عَلى عِبَادِهِ (١٠)
٤٢٥ / ١. مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ ، عَنِ
__________________
بسندهما عن يونس بن عبدالرحمن. تفسير العيّاشي ، ج ٢ ، ص ١١٥ ، ح ١٥٠ ، عن عبدالأعلى ، من قوله : « وسألته عن قوله » مع زيادة في آخره الوافي ، ج ١ ، ص ٥٥٣ ، ح ٤٦٠.
(١) في « بح » : + « الله ».
(٢) في « ج » وشرح صدر المتألّهين : + « به ».
(٣) في « ج ، بر ، بف » : « تعاهد ».
(٤) في التوحيد : « فحجّته ماله ، يجب عليه فيه تعاهد الفقراء بنوافله ».
(٥) في التوحيد : « نسبه ».
(٦) في الوافي : ـ « أن ».
(٧) « أن لايتطاول على غيره » أي لايطلب الزيادة على غيره بالتكبّر والافتخار ، ولا ينظر إليه بالإهانة والاستصغار. يقال : تطاول على الناس ، إذا رفع رأسه ورأى أنّ له عليهم فضلاً في القدر. انظر : شرح المازندراني ، ج ٥ ، ص ٧١ ؛ لسان العرب ، ج ١١ ، ص ٤١٢ ( طول ).
(٨) في « ب » : « بحال ».
(٩) التوحيد ، ص ٤١٤ ، ح ١٢ ، بسنده عن يونس بن عبدالرحمن الوافي ، ج ١ ، ص ٥٥٤ ، ح ٤٦١.
(١٠) في « ف » : « العباد ». وفي « ب ، ض ، بس ، بف » : ـ « اختلاف الحجّة على عباده ». وفي مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٢٢٧ : « باب ؛ ليس الباب في بعض النسخ ، وإنّما لم يعنون لأنّه من الباب الأوّل ، وإنّما افرد لامتياز حديثه بخصوصه كما لايخفى ».
الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدٍ (١) ، عَنْ دُرُسْتَ بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام ، قَالَ : « سِتَّةُ أَشْيَاءَ لَيْسَ لِلْعِبَادِ فِيهَا صُنْعٌ : الْمَعْرِفَةُ ، وَالْجَهْلُ ، وَالرِّضَا ، وَالْغَضَبُ ، وَالنَّوْمُ ، وَالْيَقَظَةُ ». (٢)
٣٤ ـ بَابُ حُجَجِ اللهِ عَلى خَلْقِهِ
٤٢٦ / ١. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ أَبِي شُعَيْبٍ الْمَحَامِلِيِّ ، عَنْ دُرُسْتَ بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام ، قَالَ : « لَيْسَ لِلّهِ عَلى خَلْقِهِ أَنْ يَعْرِفُوا (٣) ، وَلِلْخَلْقِ عَلَى اللهِ أَنْ يُعَرِّفَهُمْ ، وَلِلّهِ عَلَى الْخَلْقِ إِذَا عَرَّفَهُمْ أَنْ يَقْبَلُوا (٤) ». (٥)
٤٢٧ / ٢. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ الْحَجَّالِ ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ أَعْيَنَ ، قَالَ :
سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليهالسلام : مَنْ (٦) لَمْ يَعْرِفْ شَيْئاً هَلْ عَلَيْهِ شَيْءٌ؟ قَالَ : « لَا ». (٧)
__________________
(١) في « ف » وحاشية « ج » : « الحسين بن يزيد ». وفي « بر » : « الحسين عن ابن زيد ». وفي حاشية « بف » : « الحسين بن سعيد ».
(٢) التوحيد ، ص ٤١١ ، ح ٦ ؛ والخصال ، ص ٣٢٥ ، أبواب الستّة ، ح ١٣ ، بسندهما عن دُرست بن أبي منصور. المحاسن ، ص ١٠ ، كتاب القرائن ، ح ٢٩ ، مرسلاً الوافي ، ج ١ ، ص ٥٥٥ ، ح ٤٦٢.
(٣) في التوحيد : + « قبل أن يعرّفهم ».
(٤) في التوحيد : « يقبلوه ». وقوله : « أن يقبلوا » ظاهر صدر المتألّهين في شرحه ، ص ٤٢٦ كونه من الإقبال لا من القبول. وهو المحتمل أيضاً عند الفيض في الوافي. والمعنى : أن يُقْبِلُوا ويتوجّهوا بكنههم إليه ويرغبوا فيما عنده ، ويزهدوا فيما يبعدهم عن دار كرامته.
(٥) التوحيد ، ص ٤١٢ ، ح ٧ ، بسنده عن محمّد بن يحيى العطّار الوافي ، ج ١ ، ص ٥٥٦ ، ح ٤٦٥.
(٦) في « ف » والتوحيد : « عمّن ».
(٧) التوحيد ، ص ٤١٢ ، ح ٨ ، بسنده عن أحمد بن محمّد بن عيسى الوافي ، ج ١ ، ص ٥٥٧ ، ح ٤٦٦.
٤٢٨ / ٣. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ زَكَرِيَّا بْنِ يَحْيى :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام ، قَالَ : « مَا حَجَبَ اللهُ (١) عَنِ (٢) الْعِبَادِ ، فَهُوَ مَوْضُوعٌ عَنْهُمْ ». (٣)
٤٢٩ / ٤. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ أَبَانِ الْأَحْمَرِ ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ الطَّيَّارِ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام ، قَالَ : قَالَ لِي : « اكْتُبْ » ، فَأَمْلى عَلَيَّ : « إِنَّ مِنْ قَوْلِنَا : إِنَّ اللهَ يَحْتَجُّ (٤) عَلَى الْعِبَادِ (٥) بِمَا آتَاهُمْ وَعَرَّفَهُمْ ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ (٦) رَسُولاً ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِمُ (٧) الْكِتَابَ ، فَأَمَرَ فِيهِ وَنَهى (٨) : أَمَرَ (٩) فِيهِ بِالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ (١٠) ، فَنَامَ (١١) رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم عَنِ الصَّلَاةِ ، فَقَالَ : أَنَا أُنِيمُكَ (١٢) ، وَأَنَا أُوقِظُكَ (١٣) ، فَإِذَا قُمْتَ (١٤) فَصَلِّ ؛ لِيَعْلَمُوا إِذَا أَصَابَهُمْ ذلِكَ كَيْفَ يَصْنَعُونَ ، لَيْسَ كَمَا يَقُولُونَ : إِذَا نَامَ عَنْهَا هَلَكَ (١٥) ؛ وَكَذلِكَ الصِّيَامُ ، أَنَا أُمْرِضُكَ ، وَأَنَا
__________________
(١) في التوحيد : + « علمه ».
(٢) في « ف ، بح » وحاشية « ج » : « على ».
(٣) التوحيد ، ص ٤١٣ ، ح ٩ ، بسنده عن محمّد بن يحيى العطّار. تحف العقول ، ص ٣٦٥ الوافي ، ج ١ ، ص ٥٥٧ ، ح ٤٦٧ ؛ الوسائل ، ج ٢٧ ، ص ١٦٣ ، ذيل ح ٣٣٤٩٦.
(٤) في حاشية « ض » : « قد يحتجّ ».
(٥) في « ف » : « الخلق ».
(٦) في « ب » : « عليهم ».
(٧) في حاشية « ف » : « إليهم ». وفي المحاسن والتوحيد : « عليه ».
(٨) في « ب ، ج ، ف ، بح ، بف » وحاشية « بر ، بس » وشرح المازندراني : + « عنه ».
(٩) في « بح » وحاشية « ج » والمحاسن : « وأمر ».
(١٠) في حاشية « ف » والمحاسن والتوحيد : « والصوم ».
(١١) في حاشية شرح صدر المتألّهين : + « في بعض أسفاره ». وفي التوحيد : « فأنام ».
(١٢) في « بح ، بس ، بف » وحاشية « ف ، بر » وشرح المازندراني ومرآة العقول : « أنمتك ».
(١٣) في « بس » وحاشية « ف » وشرح المازندراني : « أوقظتك ».
(١٤) في التوحيد : « فاذهب » بدل « فإذا قمت ».
(١٥) في شرح صدر المتألّهين ، ص ٤٢٧ : « وقوله : ليس كما يقولون ؛ إذا نام عنها هلك ، بدل بتقدير « أن » لجملة « إذا » وما بعده ، أي يعلموا أن ليس الأمر كما يزعمون ، أو يتوهّمون أنّه إذا نام أحد عن صلاته فقد هلك واستحقّ المقت والعذاب. أو كلام مستأنف مؤكّد لما قبله. وقوله : وكذلك الصيام ، من تتمّة قول الله ».
أُصِحُّكَ (١) ، فَإِذَا شَفَيْتُكَ فَاقْضِهِ ».
ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليهالسلام : « وَكَذلِكَ إِذَا نَظَرْتَ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ ، لَمْ تَجِدْ أَحَداً فِي ضِيقٍ ، وَلَمْ تَجِدْ أَحَداً إِلاَّ وَلِلّهِ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ ، وَلِلّهِ فِيهِ الْمَشِيئَةُ ، وَلَا أَقُولُ : إِنَّهُمْ مَا شَاؤُوا صَنَعُوا ».
ثُمَّ قَالَ : « إِنَّ اللهَ يَهْدِي وَيُضِلُّ ». وَقَالَ (٢) : « وَ (٣) مَا أُمِرُوا إِلاَّ بِدُونِ (٤) سَعَتِهِمْ (٥) ، وَكُلُّ شَيْءٍ أُمِرَ النَّاسُ بِهِ ، فَهُمْ يَسَعُونَ لَهُ ، وَكُلُّ شَيْءٍ لَايَسَعُونَ لَهُ ، فَهُوَ مَوْضُوعٌ عَنْهُمْ ، وَلكِنَّ (٦) النَّاسَ لَاخَيْرَ فِيهِمْ ».
ثُمَّ تَلَا عليهالسلام : ( لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ ) (٧) فَوُضِعَ عَنْهُمْ ( ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ ) (٨) قَالَ : « فَوُضِعَ عَنْهُمْ ؛ لِأَنَّهُمْ لَايَجِدُونَ ». (٩)
٣٥ ـ بَابُ الْهِدَايَةِ أَنَّهَا مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ
٤٣٠ / ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ أَبِي (١٠) إِسْمَاعِيلَ السَّرَّاجِ ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ ، عَنْ ثَابِتٍ
__________________
(١) في التوحيد : « اصَحِّحك ».
(٢) في « بح » : « فقال ». وفي « بس » : ـ « وقال ».
(٣) في « بح » والمحاسن : ـ « و ».
(٤) في « ف » وحاشية « بف » : « دون ».
(٥) في حاشية « بف » : « وسعهم ».
(٦) في التوحيد : + « أكثر ».
(٧) التوبة (٩) : ٩١.
(٨) التوبة (٩) : ٩١ ـ ٩٢.
(٩) المحاسن ، ص ٢٣٦ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ٢٠٤ ، مع زيادة في آخره. التوحيد ، ص ٤١٣ ، ح ١٠ ، بسنده عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي الوافي ، ج ١ ، ص ٥٥٨ ، ح ٤٦٨ ؛ البحار ، ج ٢ ، ص ٢٨٠ ، ح ٤٦ ، وفيهما إلى قوله : « أمر فيه بالصلاة والصيام ».
(١٠) هكذا في « ج ، ض ، ف » وحاشية « و ، بح ». وفي « ب ، و ، بح ، بس ، بف ، جر » والمطبوع : ـ « أبي » ، وهو سهو ؛