تفسير الصّافي - ج ٥

محمّد بن المرتضى [ الفيض الكاشاني ]

تفسير الصّافي - ج ٥

المؤلف:

محمّد بن المرتضى [ الفيض الكاشاني ]


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: منشورات مكتبة الصدر
المطبعة: خورشيد
الطبعة: ٣
ISBN الدورة:
964-6847-51-X

الصفحات: ٤٠٠

بالمعاصي والملك يزجره عنها وقوله تعالى عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ.

وفي الجوامع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله قال : كاتب الحسنات على يمين الرجل وكاتب السيئات على شماله وصاحب اليمين امير على صاحب الشمال فإذا عمل حسنة كتبها ملك اليمين عشراً وإذا عمل سيّئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال دعه سبع ساعات لعلّه يسبّح أو يستغفر.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام عنه صلّى الله عليه وآله : ما يقرب منه ويستفاد منه انّ كليهما ملكان كاتبان فلعلّ الكاتبين غير الآمر والزاجر.

(١٩) وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِ لما ذكر استبعادهم البعث وأزاح ذلك بتحقيق قدرته وعلمه أعلمهم بانّهم يلاقون ذلك عن قريب عند الموت وقيام الساعة ونبّه على اقترابه بأن عبّر عنه بلفظ الماضي وسكرة الموت شدّته الذّاهبة بالعقل.

وفي المجمع في الشواذ : وجاءت سكرة الحقّ بالموت قال ورواها أصحابنا عن أئمّة الهدى عليهم السلام. والقمّيّ قال نزلت وجاءت سكرة الحق بالموت ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ تميل وتفرّ عنه والخطاب للإنسان القمّيّ قال نزلت في الأوّل.

(٢٠) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ يعني البعث ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ يوم تحقّق الوعيد وإنجازه.

(٢١) وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ.

في نهج البلاغة : سائِقٌ يسوقها الى محشرها وشاهد يشهد عليها بعملها.

(٢٢) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا على إضمار القول فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ الغطاء الحاجب لأمور المعاد وهو الغفلة والانهماك في المحسوسات والالف بها وقصور النظر عليها فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ نافذ لزوال المانع للابصار.

(٢٣) وَقالَ قَرِينُهُ قيل الملك الموكّل عليه أو الشيطان الذي قيّض له والقمّيّ أي شيطانه هو الثاني.

٦١

وفي المجمع عنهما عليهما السلام : يعني الملك الشهيد عليه هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ هذا ما هو مكتوب عندي حاضر لديّ أو هذا ما عندي وفي ملكتي هيّأته لجهنّم باغوائي واضلالي.

(٢٤) أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ قيل خطاب من الله للسّائق والشهيد.

والقمّيّ مخاطبة للنبيّ صلّى الله عليه وآله وعليّ عليه السلام وذلك قول الصادق عليه السلام : عليّ قسيم الجنّة والنار.

وعن السجّاد عن أبيه عن جدّه أمير المؤمنين عليه السلام قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : انّ الله تبارك وتعالى إذا جمع النّاس يوم القيامة في صعيد واحد كنت انا وأنت يومئذ عن يمين العرش ثمّ يقول الله تبارك وتعالى لي ولك قوما فألقيا من أبغضكما وكذّبكما في النار.

وفي المجمع والأمالي من طريق العامّة مثله وزاد : وأدخلا الجنّة من احبّكما وذلك قوله تعالى أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ.

وفي رواية أخرى في الأمالي قال : نزلت فيّ وفيك يا ابن أبي طالب الحديث.

(٢٥) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ كثير المنع للمال عن حقوقه المفروضة مُعْتَدٍ متعدّ مُرِيبٍ شاكّ في الله وفي دينه.

(٢٦) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَأَلْقِياهُ فِي الْعَذابِ الشَّدِيدِ.

(٢٧) قالَ قَرِينُهُ أي الشيطان المقيّض له رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ كأنّ الكافر قال هو اطغاني فقال قرينه ما أطغيته وَلكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ فأعنته عليه فانّ إغواء الشيطان انّما يؤثّر فيمن كان مختلّ الرأي مايلاً الى الفجور كما قال وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي القمّيّ قال المنّاع الثاني ولِلْخَيْرِ ولاية عليّ عليه السلام وحقوق آل محمّد صلوات الله عليهم ولمّا كتب الأوّل كتاب فدك بردّها على فاطمة عليها السلام منعه الثاني فهو مُعْتَدٍ مُرِيبٍ الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ قال هو ما قال نحن كافرون بمن جعل لكم الإمامة والخمس وامّا قوله قالَ قَرِينُهُ أي شيطانه وهو

٦٢

الثاني رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ يعني الأوّل.

(٢٨) قالَ أي الله لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَ أي في موقف الحساب فانّه لا فائدة فيه وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ على الطغيان في كتبي وعلى ألسنة رسُلي فلم يبق لكم حجّة.

(٢٩) ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَ بوقوع الخلف فيه وعفو بعض المذنبين لبعض الأسباب ليس من التبديل لأنّه انّما يكون عمّن قضى بالعفو عنه فهو أيضاً ممّا لا يبدّل لديه وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ فاعذّب من ليس لي تعذيبه.

(٣٠) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ وقرئ بالياء هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ قيل سؤال وجواب جيء بهما للتخييل والتصوير والمعنى انّها مع اتساعها تطرحُ فيها الجنّة والنّاس فوجاً فوجاً حتّى تمتلي لقوله لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ* وانّها من السعة بحيث يدخلها من يدخلها وفيها بعد فراغ وانّها من شدّة زفيرها وحدّتها وتشبّثها بالعصاة كالمستكثر لهم والطّالب لزيادتهم والقمّيّ قال هو استفهام لأنّ الله وعد النار ان يملأها فتمتلي النّار ثمّ يقول لها هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ على حدّ الاستفهام اي ليس في مزيد قال : فتقول الجنّة يا ربّ وعدت النّار ان تملأها ووعدتني ان تملأني فلم تملأني وقد ملأت النار قال فيخلق الله يومئذ خلقاً فيملأ بهم الجنّة فقال أبو عبد الله عليه السلام : طُوبى لَهُمْ لم يروا غموم الدنيا وهمومها.

(٣١) وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ قربت لهم غَيْرَ بَعِيدٍ مكاناً غير بعيد القمّيّ أزلفت اي زيّنت غير بعيد قال بسرعة.

(٣٢) هذا ما تُوعَدُونَ على إضمار القول وقرئ بالياء لِكُلِّ أَوَّابٍ رجّاع إلى الله بدل من لِلْمُتَّقِينَ باعادة الجارّ حَفِيظٍ حافظ لحدوده.

(٣٣) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ.

(٣٤) ادْخُلُوها يقال لهم ادْخُلُوها بِسَلامٍ سالمين من العذاب وزوال النعم أو مسلّماً عليكم من الله وملائكته ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ.

(٣٥) لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها وَلَدَيْنا مَزِيدٌ وهو ما لا يخطر ببالهم ممّا لا عين رأت

٦٣

ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر القمّيّ قال النظر إلى رحمة الله وقد مضى في سورة السجدة ولقمان عليه السلام حديث في معنى هذه الآية.

(٣٦) وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ قبل قومك مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً قوّة كعاد وثمود فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ فخرقوا البلاد وتصرّفوا فيها أو جالوا في الأرض كلّ مجال وأصل التنقيب التنقير عن الشيء والبحث عنه هَلْ مِنْ مَحِيصٍ لهم من الله أو من الموت

(٣٧) إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أي قلب واع يتفكّر في حقائق

في الكافي عن الكاظم عليه السلام في حديث هشام : يعني عقل أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ او أصغى لاستماعه وَهُوَ شَهِيدٌ حاضر بذهنه ليفهم معانيه وفي تنكير القلب وإبهامه تفخيم واشعار بأنّ كلّ قلب لا يتفكّر ولا يتدبّر كلا قلب.

في المعاني عن أمير المؤمنين عليه السلام : انا ذو القلب ثمّ تلا هذه الآية في حديث له.

(٣٨) وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ مرّ تفسيره مراراً وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ من تعب واعياء وهو ردّ لما زعمت اليهود من انّه تعالى بدأ خلق العالم يوم الأحد وفرغ منه يوم الجمعة واستراح يوم السبت واستلقى على العرش.

وفي روضة الواعظين روي : انّ اليهود أتت النبيّ صلّى الله عليه وآله فسألته عن خلق السماوات والأرض فقال خلق الله الأرض يوم الأحد والاثنين وخلق الجبال وما فيهنّ يوم الثلاثاء وخلق يوم الأربعاء الشجر والماء والمدائن والعمران والخراب وخلق يوم الخميس السماء وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر والملائكة قالت اليهود ثمّ ما ذا يا محمّد قال ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ قالوا قد أصبت لو أتممت قالوا ثمّ استراح فغضب النبيّ صلّى الله عليه وآله غضباً شديداً فنزلت وَلَقَدْ خَلَقْنَا الآية.

(٣٩) فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ ما يقول المشركون من وصف الحقّ بما لا يليق بجنابه وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ونزّهه عن الوصف بما يوجب التشبيه حامداً له على ما أنعم عليك من اصابة الحقّ وغيرها قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ يعني الفجر

٦٤

والعصر وقد مضى فضيلة الوقتين.

(٤٠) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وسبّحه بعض اللّيل وَأَدْبارَ السُّجُودِ وأعقاب الصلاة وقرئ بالكسر من أدبرت الصلاة إذا انقضت.

في المجمع عن الصادق عليه السلام : أنّه سئل عن هذه الآية فقال تقول حين تصبح وحين تمسي عشر مرّات لا الهَ الّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

وفي الكافي عن الباقر عليه السلام : انه سئل عن قوله تعالى وَأَدْبارَ السُّجُودِ فقال ركعتان بعد المغرب.

ومثله في المجمع عن النبيّ وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما والحسن المجتبى عليه السلام. والقمّيّ عن الرضا عليه السلام قال : أربع ركعات بعد المغرب.

وفي المجمع عن الصادق عليه السلام : انّه الوتر من آخر الليل.

(٤١) وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ قيل للبعث وفصل القضاء والقمّيّ قال يناد المنادي باسم القائم واسم أبيه عليهما السلام مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ بحيث يصل نداؤه الى الكلّ على سواء.

(٤٢) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِ القمّيّ قال صيحة القائم من السماء ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ.

القمّيّ عن الصادق عليه السلام قال : هي الرجعة.

(٤٣) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ في الدنيا وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ في الآخرة.

(٤٤) يَوْمَ تَشَقَّقُ تتشقّق وقرئ بالتخفيف الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً مسرعين ذلِكَ حَشْرٌ بعث وجمع عَلَيْنا يَسِيرٌ هيّن القمّيّ قال في الرجعة.

(٤٥) نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ تسلية للنبيّ صلّى الله عليه وآله وتهديدهم لهم وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ بمسلّط تقهرهم على الايمان أو تفعل بهم ما تريد وانّما أنت داع فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ فانّه لا ينتفع به غيره.

٦٥

في ثواب الأعمال والمجمع عن الباقر عليه السلام : من أدمن في فرائضه ونوافله سورة ق وسّع الله عليه في رزقه وأعطاه كتابه بيمينه وحاسبه حساباً يسيراً.

٦٦

سُورة الذَّاريات

مكيّة عَدد آيها سِتّون آية بالإجماع

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(١) وَالذَّارِياتِ ذَرْواً يعني الرياح تذرو التراب وغيره.

(٢) فَالْحامِلاتِ وِقْراً فالسحب الحاملة للامطار.

(٣) فَالْجارِياتِ يُسْراً فالسفن الجارية في البحر سهلاً.

(٤) فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً الملائكة التي تقسم الأمور من الأمطار والأرزاق وغيرها.

القمّيّ عن الصادق عليه السلام : انّ أمير المؤمنين عليه السلام سئل عن الذَّارِياتِ ذَرْواً قال الريح وعن فَالْحامِلاتِ وِقْراً قال السحاب وعن فَالْجارِياتِ يُسْراً قال هي السفن وعن فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً قال الملائكة.

وفي الاحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام : مثله وفي الفقيه عن الرضا عليه السلام : في قوله فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً قال الملائكة تقسّم أرزاق بني آدم ما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس فمن نام فيما بينهما نام عن زرقه والقمّيّ وهو قسم كلّه.

وفي المجمع عن الباقر والصادق عليهما السلام قالا : لا يجوز لأحد ان يقسم الا بالله تعالى والله سبحانه يقسم بما شاء من خلقه.

وفي الكافي عن الباقر عليه السلام : ما في معناه.

(٥) إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ.

٦٧

(٦) وَإِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ جواب القسم قيل كأنّه استدلّ باقتداره على هذه الأشياء العجيبة المخالفة لمقتضى الطبيعة على اقتداره على البعث الموعود والدين الجزاء والواقع الحاصل.

(٧) وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ قيل ذات الطرائق الحسنة وأريد بها مسير الكواكب او نضدها على طرائق التزيين.

وفي المجمع عن أمير المؤمنين عليه السلام : ذات الحسن والزينة.

والقمّيّ عن الرضا عليه السلام : أنّه سئل عن هذه الآية فقال هي محبوكة إلى الأرض وشبك بين أصابعه فقيل كيف يكون محبوكة إلى الأرض والله يقول رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ فقال سبحان الله أليس يقول بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها فقيل بلى فقال فثم عمد ولكن لا ترونها فقيل كيف ذلك فبسط كفّه اليسرى ثمّ وضع اليمنى عليها فقال هذه ارض الدنيا والسماء الدنيا عليها فوقها قبّة والأرض الثانية فوق السماء الدنيا والسماء الثانية فوقها قبّة والأرض الثالثة فوق السماء الثانية والسماء الثالثة فوقها قبّة والأرض الرابعة فوق السماء الثالثة والسماء الرابعة فوقها قبّة والأرض الخامسة فوق السماء الرابعة والسماء الخامسة فوقها قبّة والأرض السادسة فوق السماء الخامسة والسماء السادسة فوقها قبّة والأرض السابعة فوق السماء السادسة والسماء السابعة فوقها قبّة وعرش الرحمن تبارك وتعالى فوق السماء السابعة وهو قول الله الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَ فامّا صاحب الامر فهو رسول الله والوصيّ بعد رسول الله صلوات الله عليهما قائم على وجه الأرض فانّما يتنزّل الأمر إليه من فوق السماء بين السماوات والأرضين قيل فما تحتنا الّا ارض واحدة قال وما تحتنا الّا ارض واحدة وانّ الستّ لهي فوقنا.

والعيّاشي عنه عليه السلام : مثله.

أقولُ : كأنّه جعل كلّ سماء ارضاً بالإضافة الى ما فوقها وسماء بالإضافة الى ما تحتها فيكون التعدّد باعتبار تعدّد سطحيها.

٦٨

(٨) إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ.

(٩) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ يصرف عنه من صرف.

في الكافي عن الباقر عليه السلام : لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ في أمر الولاية قال مَنْ أُفِكَ عن الولاية افك عن الجنّة.

والقمّيّ ما في معناه.

(١٠) قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ الكذّابون من أصحاب القول المختلف وأصله الدعاء بالقتل اجري مجرى اللّعن القمّيّ الْخَرَّاصُونَ الذين يخرصون الدّين بآرائهم من غير علم ولا يقين.

(١١) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ في جهل وضلال يغمرهم ساهُونَ غافلون عمّا أمروا به.

(١٢) يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ متى يكون يوم الجزاء اي وقوعه.

(١٣) يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ يحرقون ويعذّبون.

(١٤) ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ يقال لهم هذا القول.

(١٥) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ.

(١٦) آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ قابلين لما أعطاهم راضين به ومعناه أنّ كلّ ما أتاهم حسن مرضيّ متلقّى بالقبول إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ قد أحسنوا أعمالهم وهو تعليل لاستحقاقهم ذلك.

(١٧) كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ ينامون تفسير لإحسانهم.

في الكافي عن الصادق عليه السلام : كانوا أقلّ اللّيالي يفوتهم لا يقومون فيها.

وفي التهذيب عن الباقر عليه السلام : كان القوم ينامون ولكن كلّما انقلب أحدهم قال الحمد لله ولا اله إلّا الله والله أكبر.

٦٩

(١٨) وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ.

في التهذيب والمجمع عن الصادق عليه السلام : كانوا يستغفرون الله في الوتر في آخر الليل سبعين مرّة.

(١٩) وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌ نصيب يستوجبونه على أنفسهم تقرّباً إلى الله واشفاقاً على النّاس لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ.

في الكافي عن الصادق عليه السلام قال : الْمَحْرُومِ المحارف الذي قد حرم كدّ يده في الشراء والبيع.

عنه وعن أبيه عليهما السلام : الْمَحْرُومِ الرجل الذي ليس بعقله بأس ولا يبسط له في الرزق وهو محارف.

(٢٠) وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ دلائل تدلّ على عظمة الله وعلمه وقدرته وارادته ووحدته وفرط رحمته كما قيل وفي كلّ شيء له آية تدلّ على أنّه واحد.

(٢١) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أي وفي أنفسكم آيات إذ ما في العالم شيء الّا وفي الإنسان له نظير يدلّ دلالته مع ما انفرد به من الهيئات النافعة والمناظر البهيّة والتركيبات العجيبة والتمكّن من الافعال الغريبة واستنباط الصنايع المختلفة واستجماع الكمالات المتنوّعة.

في المجمع عن الصادق عليه السلام : يعني أنّه خلقك سميعاً بصيراً تغضب وترضى وتجوع وتشبع وذلك كلّه من آيات الله والقمّيّ مثله أَفَلا تُبْصِرُونَ تنظرون نظر من يعتبر.

في الخصال عن الصادق عن أبيه عليهم السلام : انّ رجلاً قام الى أمير المؤمنين عليه السلام فقال يا أمير المؤمنين بما عرفت ربّك قال بفسخ العزم ونقض الهمّ لمّا ان هممت فحال بيني وبين همّي وعزمت فخالف القضاء عزمي علمت انّ المدبّر غيري.

وفي التوحيد مثل هذا السؤال والجواب عن الصادق عليه السلام.

٧٠

(٢٢) وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ أسباب رزقكم وَما تُوعَدُونَ قيل أي الجنّة فانّها فوق السماء السابعة والقمّيّ قال المطر ينزل من السماء فتخرج به أقوات العالم من الأرض وَما تُوعَدُونَ من اخبار الرجعة والقيامة والاخبار التي في السماء.

وعن الحسن المجتبى عليه السلام : أنّه سئل عن أرزاق الخلائق فقال في السماء الرابعة تنزل بقدر وتبسط بقدر.

(٢٣) فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ أي مثل نطقكم كما انّه لا شكّ لكم في انّكم تنطقون ينبغي أن لا تشكّوا في تحقيق ذلك وقرئ مثل بالرفع.

(٢٤) هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ.

(٢٥) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ عدل به الى الرفع لقصد الثبات حتّى تكون تحيّته أكثر من تحيّتهم وقرئ سلم قَوْمٌ مُنْكَرُونَ أي أنتم منكرون.

(٢٦) فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فذهب إليهم في خفية من ضيفه فانّ من ادب المضيف ان يبادر بالقرى حذراً من أن يكفّه الضيف أو يصير منتظراً فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ لأنّه كان عامّة ماله البقر.

(٢٧) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قالَ أَلا تَأْكُلُونَ أي منه.

(٢٨) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً فأضمر منهم خوفاً لما رأى اعراضهم عن طعامه لظنّه انّهم جاؤوه لشرّ قالُوا لا تَخَفْ انّا رسل ربّك وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ هو اسحق عَلِيمٍ يكمل علمه إذا بلغ.

(٢٩) فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ سارة فِي صَرَّةٍ قيل في صيحة من الصرير.

وفي المجمع عن الصادق عليه السلام : في جماعة القمّيّ مثله فَصَكَّتْ وَجْهَها قيل فلطمت بأطراف الأصابع جبهتها فعل المتعجّب والقمّيّ أي غطّته وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ أي انا عجوز عاقر فكيف ألد.

٧١

(٣٠) قالُوا كَذلِكَ قالَ رَبُّكِ وانما نخبرك به عنه إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ فيكون قوله حقّاً وفعله محكماً.

(٣١) قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ لمّا علم انّهم ملائكة وانّهم لا ينزلون مجتمعين الّا لأمر عظيم سأل عنه.

(٣٢) قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ يعنون قوم لوط.

(٣٣) لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ يريد السجيل فانّه طين متحجّر.

(٣٤) مُسَوَّمَةً مرسلة أو معلمة عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ المجاوزين الحدّ في الفجور.

(٣٥) فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها في قرى قوم لوط مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ممّن آمن بلوط.

(٣٦) فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ غير أهل بيت وهي منزل لوط كما في العلل عن النبيّ صلّى الله عليه وآله.

(٣٧) وَتَرَكْنا فِيها آيَةً علامة عبرة للسيّارة لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ فانّهم المعتبرون بها وقد مضت هذه القصّة في سورة الأعراف وهود والحجر مفصّلة.

(٣٨) وَفِي مُوسى إِذْ أَرْسَلْناهُ إِلى فِرْعَوْنَ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ هو معجزاته كاليد والعصا.

(٣٩) فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ فأعرض عن الايمان به كقوله وَنَأى بِجانِبِهِ* او فتولّى بما كان يتقوّى به من جنوده وَقالَ ساحِرٌ أي هو ساحر أَوْ مَجْنُونٌ كأنّه جعل ما ظهر عليه من الخوارق منسوباً الى الجنّ وتردّد في انّه حصل ذلك باختياره وسعيه أو بغيرهما.

(٤٠) فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِ فأغرقناهم في البحر وَهُوَ مُلِيمٌ آت بما يلام عليه من الكفر والعناد.

(٤١) وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ قيل سمّاها عقيماً لأنّها أهلكتهم

٧٢

وقطعت دابرهم أو لأنّها لم تتضمّن منفعة.

في الفقيه عن أمير المؤمنين عليه السلام : الرياح خمسة منها الرِّيحَ الْعَقِيمَ فتعوّذوا بالله من شرّها.

وفيه وفي الكافي عن الباقر عليه السلام : انّ لله عزّ وجلّ جنوداً من الريح يعذّب بها من عصاه.

(٤٢) ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ مرّت عليه إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ كالرماد من الرّم وهو البلى والتفتت.

(٤٣) وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ تمتّعوا في داركم ثلاثة أيّام.

(٤٤) فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فاستكبروا عن امتثاله فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بعد الثلاثة وقرئ الصعقة وهي المرّة من الصعق وَهُمْ يَنْظُرُونَ اليها فانّها جاءتهم معاينة بالنّهار.

(٤٥) فَمَا اسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ وَما كانُوا مُنْتَصِرِينَ ممتنعين منه وقد مضت قصّتهم غير مرّة.

(٤٦) وَقَوْمَ نُوحٍ وَقرئ بالجرّ مِنْ قَبْلُ من قبل هؤلاء إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ خارجين عن الاستقامة بالكفر والعصيان.

(٤٧) وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ بقوّة وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ قيل أي لقادرون من الوسع بمعنى الطاقة أو لموسعون السماء.

(٤٨) وَالْأَرْضَ فَرَشْناها مهّدناها لتستقرّوا عليها فَنِعْمَ الْماهِدُونَ نحن.

(٤٩) وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ.

في الكافي عن الرضا عليه السلام في خطبة : وبمضادّته بين الأشياء عرف ان لا ضدّ له وبمقارنته بين الأشياء عرف ان لا قرين له ضادّ النّور بالظلمة واليبس بالبلل والخشن باللّين والصّرد بالحرور مؤلّفاً بين متعادياتها مفرّقاً بين متدانياتها دالّة بتفريقها على مفرّقها وبتأليفها على مؤلّفها وذلك قوله وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ

٧٣

تَذَكَّرُونَ ففرّق بين قبل وبعد ليعلم ان لا قبل لا ولا بعد الحديث.

(٥٠) فَفِرُّوا إِلَى اللهِ قيل فرّوا من عقابه الى الايمان والتوحيد وملازمة الطاعة.

وفي الكافي والمعاني عن الصادق عليه السلام : فَفِرُّوا إِلَى اللهِ قال حجّوا الى الله.

وفي المجمع عن الصادق عليه السلام : مثله إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ قيل أي من عذابه المعدّ لمن أشرك وعصى.

(٥١) وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ تكرير للتأكيد أو الأوّل مرتّب على ترك الايمان والطاعة والثاني على الاشراك.

(٥٢) كَذلِكَ أي الأمر مثل ذلك والإشارة الى تكذيبهم الرسول وتسميتهم إيّاه ساحراً أو مجنوناً ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ كالتفسير له.

(٥٣) أَتَواصَوْا بِهِ أي كأنّ الأوّلين والآخرين منهم أوصى بعضهم بعضاً بهذا القول حتّى قالوه جميعاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ اضراب عن انّ التواصي جامعهم لتباعد ايّامهم الى انّ الجامع لهم على هذا القول مشاركتهم في الطغيان الحامل عليه.

(٥٤) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فأعرض عن مجادلتهم بعد ما كرّرت عليهم الدعوة فأبوا الّا الإصرار والعناد فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ على الاعراض بعد ما بذلت جهدك في البلاغ.

(٥٥) وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ فانّها تزداد بصيرة.

في الكافي عن الباقر والصادق عليهما السلام انّهما قالا : انّ الناس لما كذبوا رسول الله صلّى الله عليه وآله هم الله تعالى باهلاك أهل الأرض الّا عليّاً فما سواه بقوله فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ ثم بدا له فرحم المؤمنين ثمّ قال لنبيّه صلّى الله عليه وآله وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ والقمّيّ مثله.

وفي العيون عن الرضا عليه السلام : أراد هلاكهم ثمّ بدا لله فقال وَذَكِّرْ الآية.

٧٤

وفي المجمع عن عليّ عليه السلام : لمّا نزلت فَتَوَلَّ عَنْهُمْ لم يبق أحد منّا الّا أيقن بالهلكة فلمّا نزل وَذَكِّرْ الآية طابت أنفسنا.

(٥٦) وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ.

في العلل عن الصادق عليه السلام قال : خرج الحسين بن عليّ عليهما السلام على أصحابه فقال أيّها الناس انّ الله جلّ ذكره ما خلق العباد الّا ليعرفوه فإذا عرفوه عبدوه وإذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة من سواه فقال له رجل يا ابن رسول الله بأبي أنت وأمّي فما معرفة الله قال معرفة أهل كلّ زمان امامهم الذي تجب عليهم طاعته.

وعن الصادق عليه السلام : أنّه سئل عن هذه الآية فقال خلقهم ليأمرهم بالعبادة قيل قوله تعالى وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ ولذلك خلقهم قال خلقهم ليفعلوا ما يستوجبون به رحمته فيرحمهم.

والقمّيّ قال خلقهم للأمر والنهي والتكليف وليست خلقة جبر أن يعبدوه ولكن خلقة اختيار ليختبرهم بالأمر والنهي ومن يطع الله ومن يعصي وفي حديث آخر هي منسوخة بقوله وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ.

والعيّاشي عنه عليه السلام : أنّه سئل عنها قال خلقهم للعبادة قيل قوله وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ فقال نزلت هذه بعد تلك.

أقولُ : لمّا كان خلق العالم انّما هو للإمام الذي لا تخلو الأرض منه وخلق الامام انّما هو للعبادة الناشئة من المعرفة المورثة لمعرفة اخرى كما حقّق في محلّه صحّ أن يقال خلق الجنّ والإنس انّما هو لحصول العبادة ولمّا كان الكلّ داخلاً تحت التكليف والعبادة مطلوبة من الكلّ اختياراً واختباراً وان لم يأتمر الكلّ بسوء اختيار بعضهم جاز أن يقال خلقهم انّما هو للتكليف بها ولمّا صاروا مختلفين وتمرّد أكثرهم عن العبادة بعد كونهم جميعاً مأمورين بها جاز أن يقال هذه منسوخة بتلك فالاخبار كلّها متلائمة غير مختلفة ولا نسخ في الحقيقة بالمعنى المعهود منه فليتدبّر.

٧٥

(٥٧) ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ كما هو شأن السّادة مع عبيدهم فانّهم انّما يملكونهم ليستعينوا بهم في تحصيل معايشهم تعالى الله عن ذلك قيل ويحتمل ان يقدّر بقل فيكون بمعنى قوله قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً*.

(٥٨) إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ الذي يرزق كل ما يفتقر الى الرزق ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ.

(٥٩) فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا رسول الله بالتكذيب وغصب حقوق أهل بيته القمّيّ ظلموا آل محمّد حقّهم صلوات الله عليهم ذَنُوباً نصيباً من العذاب مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ مثل نصيب نظرائهم من الأمم السالفة وهو مأخوذ من مقاسمة السقاة الماء بالدلاء فانّ الذنوب هو الدلو العظيم المملوء فَلا يَسْتَعْجِلُونِ القمّيّ العذاب.

(٦٠) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ من يوم القيامة أو الرجعة.

في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق عليه السلام : من قرأ سورة والذّاريات في يومه أو في ليلته أصلح الله له معيشته وأتاه برزق واسع ونوّر له في قبره بسراج يزهر إلى يوم القيامة إن شاء الله.

٧٦

سُورة الطُّور

مكّيّة عدد آيها تسع وأربعون آية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(١) وَالطُّورِ قيل يريد طور سنين وهو جبل بمدين سمع فيها موسى عليه السلام كلام الله والقمّيّ ما يقرب منه.

(٢) وَكِتابٍ مَسْطُورٍ مكتوب.

(٣) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ الرقّ الجلد الذي يكتب فيه استعير لما كتب فيه الكتاب وتنكيرهما للتعظيم والاشعار بانّهما ليسا من المتعارف بين الناس.

(٤) وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ القمّيّ قال هو في السماء الرابعة وهو الضراح يدخله كلّ يوم سبعون ألف ملك ثمّ لا يعودون إليه أبداً.

وفي المجمع عن الباقر عليه السلام انّه قال : انّ الله وضع تحت العرش أربع أساطين وسمّاهنّ الضراح وهو الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ وقال للملائكة طوفوا به ثمّ بعث ملائكة فقالوا ابنوا في الأرض بيتاً بمثاله وقدره وامر من في الأرض ان يطوفوا بالبيت.

وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال : ويدخله كلّ يوم سبعون ألف ملك ثمّ لا يعودون إليه أبداً وعن النبيّ صلّى الله عليه وآله : الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ في السماء الدنيا.

وعنه عليه السلام : البيت الذي في السماء يقال له الضُّراح وهو بفناء البيت الحرام لو سقط لسقط عليه يدخله كلّ يوم ألف ملك ثمّ لا يعودون فيه أبداً.

أقولُ : وفي حديث المعراج انّه في السماء السابعة رواه القمّيّ والعيّاشي.

٧٧

(٥) وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ القمّيّ قال السماء.

ورواه في المجمع عن عليّ عليه السلام.

(٦) وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ قيل أي المملوء وهو المحيط أو الموقد من قوله وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ والقمّيّ قال يسجر يوم القيامة

وروي : انّ الله يجعل يوم القيامة البحار ناراً يسجر بها جهنّم.

(٧) إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ لنازل.

(٨) ما لَهُ مِنْ دافِعٍ يدفعه قيل وجه دلالة هذه الأمور المقسم بها على ذلك انّها امور تدلّ على كمال قدرة الله وحكمته وصدق اخباره وضبط أعمال العباد للمجازاة.

(٩) يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً تضطرب.

(١٠) وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً القمّيّ أي تسير مثل الريح.

وعن السجّاد عليه السلام في حديث : النفختين وقد سبق في سورة الزمر قال يعني تبسط.

(١١) فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ.

(١٢) الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ القمّيّ قال يخوضون في المعاصي.

(١٣) يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا يدفعون إليها بعنف.

(١٤) هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ أي يقال لهم ذلك.

(١٥) أَفَسِحْرٌ هذا أي كنتم تقولون للوحي هذا سحر فهذا المصداق أيضاً سحر أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ هذا كما كنتم لا تبصرون في الدنيا ما يدلّ عليه وهو تقريع وتهكّم.

(١٦) اصْلَوْها فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا أي ادخلوها على أيّ وجه شئتم من الصبر وعدمه فانّه لا محيص لكم عنها سَواءٌ عَلَيْكُمْ أي الأمران الصبر وعدمه إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ تعليل للاستواء.

٧٨

(١٧) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ في ايّة جنّات وأيّ نعيم.

(١٨) فاكِهِينَ ناعمين متلذّذين بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ.

(١٩) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ.

(٢٠) مُتَّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ مصطفّة وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ سبق حديثهنّ في سورة الدخان.

(٢١) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وقرئ وَاتْبَعْناهُمْ وَذُرِّياتِهِمْ.

روي عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : انّ الله يرفع ذرّية المؤمن في درجته وان كانوا دونه لتقرّبهم عينه ثمّ تلا هذه الآية.

وفي الكافي والفقيه والتوحيد عن الصادق عليه السلام : في هذه الآية قال قصرت الأبناء عن عمل الآباء فالحقوا الأبناء بالآباء لتقرّ بذلك أعينهم.

وفي المجمع عنه عليه السلام قال : أطفال المؤمنين يهدون الى آبائهم يوم القيامة والقمّيّ : مثله.

وفي الفقيه عنه عليه السلام قال : انّ الله تبارك وتعالى كفّل إبراهيم وسارة أطفال المؤمنين يغذوانهم بشجرة في الجنّة لها أخلاف كأخلاف البقر في قصر من درّة فإذا كان يوم القيامة البسوا وطيّبوا واهدوا الى آبائهم فهم ملوك في الجنّة مع آبائهم وهذا قول الله عزّ وجلّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ الآية وَما أَلَتْناهُمْ وما نقصناهم وقرئ بكسر اللّام وهو بمعناه مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ بهذا الإلحاق بل نتفضّل عليهم.

في الكافي والقمّيّ عن الصادق عليه السلام : الَّذِينَ آمَنُوا النبيّ وأمير المؤمنين وذرّيته الأئمّة والأوصياء عليهم السلام أَلْحَقْنا بِهِمْ ولم ننقص ذرّيتهم الحجّة التي جاء بها محمّد في عليّ وحجّتهم واحدة وطاعتهم واحدة كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ بعمله مرهون عند الله فان عمل صالحاً فكّه والّا أهلكه.

٧٩

(٢٢) وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ وزدناهم وقتاً بعد وقت ما يشتهون من أنواع النعم.

(٢٣) يَتَنازَعُونَ فِيها يتعاطونهم وجلسائهم بتجاذب كَأْساً خمراً سمّاها باسم محلّها ولذلك انّث ضميرها لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ أي لا يتكلمون بلغو الحديث في أثناء شربها ولا يفعلون ما يؤثم به فاعله كما هو عادة الشاربين في الدنيا وذلك مثل قوله لا فِيها غَوْلٌ وقرئ بالفتح القمّيّ قال ليس في الجنّة غناء ولا فحش ويشرب المؤمن ولا يأثم.

(٢٤) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ أي بالكأس غِلْمانٌ لَهُمْ أي مماليك مخصوصون بهم وقيل أولادهم الّذين سبقوهم كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ مصون في الصدف من بياضهم وصفائهم.

في المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : انّه سئل الخادم كاللّؤلؤ فكيف المخدوم فقال والذي نفسي بيده انّ فضل المخدوم على الخادم كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب.

(٢٥) وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ يسأل بعضهم بعضاً عن أحواله واعماله.

(٢٦) قالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ القمّيّ أي خائفين من العذاب.

(٢٧) فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنا بالرحمة وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ عذاب النّار النافذة في المسام نفوذ السموم.

القمّيّ قال السموم الحرّ الشديد.

(٢٨) إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ من قبل ذلك في الدنيا نَدْعُوهُ نعبده إِنَّهُ وقرئ بالفتح هُوَ الْبَرُّ المحسن الرَّحِيمُ الكثير الرحمة.

(٢٩) فَذَكِّرْ فاثبت على التذكير ولا تكترث بقولهم فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بحمد الله وانعامه بِكاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ كما يقولون.

٨٠