تفسير الصّافي - ج ٥

محمّد بن المرتضى [ الفيض الكاشاني ]

تفسير الصّافي - ج ٥

المؤلف:

محمّد بن المرتضى [ الفيض الكاشاني ]


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: منشورات مكتبة الصدر
المطبعة: خورشيد
الطبعة: ٣
ISBN الدورة:
964-6847-51-X

الصفحات: ٤٠٠

في الكافي عن الباقر عليه السلام قال : انّ الله خلقنا من على علّيين وخلق قلوب شيعتنا ممّا خلقنا منه وخلق أبدانهم من دون ذلك وقلوبهم تهوى إلينا لأنّها خلقت ممّا خلقنا ثمّ تلا هذه الآية كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ كِتابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ وخلق عدوّنا من سجّين وخلق قلوب شيعتهم ممّا خلقهم منه وأبدانهم من دون ذلك فقلوبهم تهوى إليهم لأنّها خلقت ممّا خلقوا منه ثمّ تلا هذه الآية كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ كِتابٌ مَرْقُومٌ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ.

أقولُ : الأفاعيل المتكرّرة والاعتقادات الراسخة في النّفوس بمنزلة النّقوش الكتابيّة في الألواح فمن كانت معلوماته أموراً قدسيّة وأخلاقه زكيّة واعماله صالحة يأتي كتابه بيمينه اي من جانبه الأقوى الرّوحاني وهو جهة علّيّين وذلك لأنّ كتابه من جنس الألواح العالية والصحف المكرّمة المرفوعة المطهّرة بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرامٍ بَرَرَةٍ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ ومن كانت معلوماته مقصورة على الجرميّات وأخلاقه سيّئة واعماله خبيثة يأتي كتابه بشماله اي من جانبه الأضعف الجسماني وهو جهة سجّين وذلك لأنّ كتابه من جنس الأوراق السّفليّة والصّحائف الحسّيّة القابلة للاحتراق فلا جسم يعذّب بالنّار وانّما عود الأرواح الى ما خلقت منه كما قال سبحانه كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فما خلق من علّيين فكتابه في علّيين وما خلق من سجّين فكتابه في سجّين.

(٢٢) إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ.

(٢٣) عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ على الأسرّة في الحجال ينظرون إلى ما يسرّون به من النّعيم.

(٢٤) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ بهجة التنعّم وبريقه وقرئ تعرف على بناء المفعول ونضرة بالرّفع.

(٢٥) يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ شراب خالص مَخْتُومٍ.

(٢٦) خِتامُهُ مِسْكٌ قيل أي مختوم أوانيه بالمسك مكان الطين ولعلّه تمثيل لنفاسته والقمّيّ قال ماء إذا شربه المؤمن وجد رائحة المسك فيه.

٣٠١

أقول : لعلّه أراد به انّه يجدها في آخر شربه وقرئ خاتمه بفتح التاء اي ما يختم به وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ فليرتغب المرتغبون.

(٢٧) وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ علم لعين بعينها سمّيت تسنيماً لارتفاع مكانها أو رفعة شرابها قيل هو مصدر سنّمه إذا رفعه لأنّها أرفع شراب أهل الجنّة أو لأنّها تأتيهم من فوق والقمّيّ قال أشرف شراب أهل الجنّة يأتيهم من عالي يسنم عليهم في منازلهم.

(٢٨) عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ قال وهم آل محمّد صلوات الله عليهم يقول الله السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ رسول الله صلّى الله عليه وآله وخديجة وعليّ بن أبي طالب عليه السلام وذرّياتهم تلحق بهم يقول الله أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ والمقرّبون يشربون من تسنيم صرفاً وساير المؤمنين ممزوجاً قيل إنّما يشربونها صرفاً لأنّهم لم يشتغلوا بغير الله.

(٢٩) إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ يستهزءون.

(٣٠) وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ يغمز بعضهم بعضاً ويشيرون بأعينهم.

(٣١) وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ ملتذّين بالسّخريّة منهم وقرئ فكهين القمّيّ قال يسخرون القمّيّ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا الأوّل والثاني ومن تابعهما يتغامزون برسول الله إلى آخر السورة.

وفي المجمع : قيل نزل في عليّ بن أبي طالب عليه السلام وذلك انّه كان في نفر من المسلمين جاؤوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله فسخر منهم المنافقون وضحكوا وتغامزوا ثمّ رجعوا إلى أصحابهم فقالوا رأينا اليوم الأصلع فضحكنا منه فنزلت الآيات قبل أن يصل عليّ وأصحابه إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله.

وعن ابن عبّاس : إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا منافقوا قريش والَّذِينَ آمَنُوا عليّ بن أبي طالب عليه السلام.

٣٠٢

(٣٢) وَإِذا رَأَوْهُمْ قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ وإذا رأوا المؤمنين نسبوهم إلى الضلال.

(٣٣) وَما أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ على المؤمنين حافِظِينَ يحفظون عليهم أعمالهم ويشهدون برشدهم وضلالتهم.

(٣٤) فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ حين يرونهم اذلّاء مغلولين في النّار

وروي : أنّه يفتح لهم باب إلى الجنّة فيقال لهم اخرجوا إليها فإذا وصلوا اغلق دونهم فيضحك المؤمنون منهم.

(٣٥) عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ.

(٣٦) هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ هل أثيبوا ما كانُوا يَفْعَلُونَ.

في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق عليه السلام : من قرأ في الفريضة ويل للمطفّفين أعطاه الأمن يوم القيامة من النّار ولم تره ولم يرها ولا يمرّ على جسر جهنّم ولا يحاسب يوم القيامة إن شاء الله.

٣٠٣

سُورَة انْشَقَّتْ

وتسمّى سُورة الإِنشقاق مكيّة عدد آيها ثلاث وعشرون آية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(١) إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ قيل بالغمام لقوله تعالى يَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ.

وروي عن عليّ عليه السلام : تنشقّ من المجرة القمّيّ قال يوم القيامة.

(٢) وَأَذِنَتْ لِرَبِّها واستمعت له اي انقادت لتأثير قدرته حين أراد انشقاقها انقياد المطواع الذي يأذن للأمير ويذعن له وَحُقَّتْ وجعلت حقيقة بالاستماع والانقياد.

(٣) وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ بسطت بأن تزال جبالها واكامها.

في المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله قال : تبدّل الأرض غير الأرض والسماوات فيبسطها ويمدّها مدَّ الأديم العكاظي لا ترى فيها عوجاً ولا امتاً.

(٤) وَأَلْقَتْ ما فِيها ما في جوفها من الكنوز والأموات وَتَخَلَّتْ وتكلّفت في الخلّو القصى جهدها حتّى لم يبق شيء في باطنها القمّيّ قال تمدّ الأرض فتنشقّ فيخرج النّاس منها.

(٥) وَأَذِنَتْ لِرَبِّها في الإلقاء والتخلية وَحُقَّتْ للاذن وجواب إذا محذوف.

(٦) يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ ساع إليه سعياً الى لقاء جزائه.

(٧) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ.

(٨) فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً سهلاً لا مناقشة فيه.

٣٠٤

في المعاني عن الباقر عليه السلام قال قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : كلّ محاسب معذّب فقال له قائل يا رسول الله فأين قول الله عزّ وجلّ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً قال ذلك العرض يعني الصفح وفي الجوامع روي : أنّ الحساب اليسير هو الإثابة على الحسنات والتجاوز عن السيّئات ومن نوقش في الحساب عذّب.

(٩) وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً الى عشيرته المؤمنين والحور العين.

(١٠) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ قيل أي يؤتى كتابه بشماله من وراء ظهره وقيل تغلّ يمناه إلى عنقه وتجعل يسراه وراء ظهره.

(١١) فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً يتمنّى الثبور ويقول وا ثبوراه وهو الهلاك والقمّيّ الثّبور الويل.

(١٢) وَيَصْلى سَعِيراً وقرئ يصلّي بالتّشديد من التصلية.

(١٣) إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً بطر بالمال والجاه فارغاً عن الآخرة.

(١٤) إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ لن يرجع بعد ما يموت.

(١٥) بَلى يرجع إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً عالماً بأعماله فلا يهمله بل يرجعه ويجازيه.

(١٦) فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ القمّيّ الحمرة بعد غروب الشمس.

(١٧) وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ وما جمعه وستره.

(١٨) وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ اجتمع وثمَّ بدراً.

(١٩) لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ حالاً بعد حال مطابقة لأختها.

في الإكمال عن الصادق عليه السلام : لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ أي سير من كان قبلكم.

وفي الجوامع عنه عليه السلام : لَتَرْكَبُنَ سنن من قبلكم من الأوّلين وأحوالهم.

٣٠٥

وفي الاحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام : أي لتسلكنّ سبيل من كان قبلكم من الأمم في العذر بالأوصياء بعد الأنبياء.

وفي الكافي والقمّيّ : عن الباقر عليه السلام : أولم تركب هذه الأمّة بعد نبيّها طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ في أمر فلان وفلان وفلان.؟

والقمّيّ : يقول لَتَرْكَبُنَ سبيل من كان قبلكم حذو النّعل بالنّعل والقذّة بالقذّة لا تخطون طريقهم ولا يخطي شبر بشبر وذراع بذراع وباع بباع حتّى ان لو كان من قبلكم دخل حجر ضبّ لدخلتموه.

قالوا اليهود والنّصارى تعني يا رسول الله.

قال فمن أعني لينقض عرى الإسلام عروة عروة فيكون أوّل ما تنقضون من دينكم الأمانة وآخره الصلاة وقرئ لتركبنّ بالفتح على خطاب الإنسان باعتبار اللّفظ.

(٢٠) فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ.

(٢١) وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ لا يخضعون أو لا يسجدون لتلاوته.

في الجوامع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : انّه قُرِئَ ذات يوم وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ فسجد هو من معه من المؤمنين وقريش تصفق فوق رؤوسهم وتصفر فنزلت.

(٢٢) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ.

(٢٣) وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ بما يضمرون في صدورهم من الكفر والعداوة.

(٢٤) فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ استهزاء بهم.

(٢٥) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ استثناء منقطع أو متّصل والمراد من

٣٠٦

تاب وآمن منهم لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ غير مقطوع أو غير ممنون به عليهم.

سبق ثواب قراءتها في سورة الإنفطار.

٣٠٧

سورة البروج

(مكيّة عدد آيها اثنتان وعشرون آية بالإِجماع)

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(١) وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ يعني البروج الاثني عشر وقد سبق بيانها في سورة الحجر.

(٢) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ القمّيّ أي يوم القيامة.

وفي المجمع وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ يوم القيامة في قول جميع المفسّرين وهو اليوم الذي يجازى فيه الخلائق ويفصل فيه القضاء.

(٣) وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ القمّيّ قال : الشّاهد يوم الجمعة والمشهود يوم القيامة.

وفي المعاني عن الباقر عليه السلام : أنّه سئل عن ذلك فقال ما قيل لك فقال السائل قالوا شاهِدٍ يوم الجمعة وَمَشْهُودٍ يوم عرفة فقال ليس كما قيل لك الشّاهد يوم عرفة والمشهود يوم القيامة أما تقرأ القرآن قال الله عزّ وجلّ ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ.

وعن الصادق عليه السلام : الشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم عرفة والْمَوْعُودِ يوم القيامة وفي المجمع عن الحسن المجتبى عليه السلام : أنّه سئل عن ذلك فقال امّا الشّاهد فمحمّد وامّا المشهود فيوم القيامة أما سمعت الله سبحانه يقول يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وقال ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ.

وفي الكافي والمعاني عن الصادق عليه السلام : أنّه سئل عن ذلك قال : النبيّ

٣٠٨

صلّى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام.

(٤) قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ أي الخدّ وهو الشقّ في الأرض.

(٥) النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ.

(٦) إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ على جوانبها قاعدون.

(٧) وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ.

(٨) وَما نَقَمُوا وما أنكروا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا الّا لان يؤمنوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ.

(٩) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ.

في المجمع عن العيّاشي عن الباقر عليه السلام قال : أرسل عليّ عليه السلام الى أسقف نجران يسأله عن أَصْحابُ الْأُخْدُودِ فأخبره بشيء فقال عليه السلام ليس كما ذكرت ولكن سأخبرك عنهم انّ الله بعث رجلاً حبشيّاً نبيّاً وهم حبشة فكذّبوه فقاتلهم فقتلوا أصحابه وأسروه وأسروا أصحابه ثمّ بنوا له حيراً ثمّ ملأه ناراً ثمّ جمعوا النّاس فقالوا من كان على ديننا وأمرنا فليعزل ومن كان على دين هؤلاء فليرم نفسه في النار معه فجعل أصحابه يتهافتون في النار فجاءت امرأة معها صبيّ لها ابن شهر فلمّا هجمت هابت ورقّت على ابنها فناداها الصبيّ لا تهابي وارميني ونفسك في النّار فانّ هذا والله في الله قليل فرمت بنفسها في النار وصبيّها وكان ممّن تكلّم في المهد.

وفي المحاسن عنه عليه السلام : ما في معناه والقمّيّ قال : كان سببهم انّ الذي هيّج الحبشة على غزوة اليمن ذو نواس وهو آخر من ملك من حمير تهوّد واجتمعت معه حمير على اليهوديّة وسمّى نفسه يوسف واقام على ذلك حين من الدّهر ثمّ أخبر انّ بنجران بقايا قوم على دين النصرانية وكانوا على دين عيسى عليه السلام وعلى حكم الإنجيل ورأس ذلك الدين عبد الله بن برياس فحمله أهل دينه على أن يسير إليهم ويحملهم على اليهوديّة ويدخلهم فيها فسار حتّى قدم نجران فجمع من كان بها

٣٠٩

على دين النصرانيّة ثمّ عرض عليهم دين اليهوديّة والدخول فيها فأبوا عليه فجادلهم وعرض عليهم وحرض الحرض كلّه فأبوا عليه وامتنعوا من اليهوديّة والدخول فيها واختاروا القتل فاتّخذ لهم اخدوداً وجمع فيه من الحطب وأشعل فيه النار فمنهم من احرق بالنار ومنهم من قتل بالسّيف ومثّل بهم كلّ مثلة فبلغ عدد من قتل وأحرق بالنّار عشرين الفاً وأفلت رجل منهم يدعى درس ذو بغلتان على فرس له وركض واتبعوه حتى أعجزهم في الرّمل ورجع ذو نواس الى ضيعة من جنوده فقال الله قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ إلى قوله الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ.

وفي المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله قال : كان ملك فيمن كان قبلكم له ساحر فلمّا مرض السّاحر قال إنّي قد حضر اجلي فادفع إليّ غلاماً أعلّمه السّحر فدفع اليه غلاماً وكان يختلف إليه وبين السّاحر والملك راهب فمرّ الغلام بالرّاهب فأعجبه كلامه وأمره فكان يطيل عنده القعود فإذا ابطأ عن السّاحر ضربه وإذا ابطأ عن اهله ضربوه فشكا ذلك الى الرّاهب فقال يا بنيّ إذا استبطأك الساحر فقل حبسني أهلي وإذا استبطأك أهلك فقل حبسني السّاحر فبينما هو ذات يوم إذا بالنّاس قد غشيتهم دابّة عظيمة فقال اليوم اعلم امر الساحر أفضل أم امر الرّاهب فأخذ حجراً فقال اللهمّ ان كان امر الرّاهب أحبّ إليك فاقتل هذه الدابّة فرمى فقتلها ومضى النّاس فأخبر بذلك الرّاهب فقال يا بنيّ انّك ستبتلي فإذا ابتليت فلا تدلّ عليّ قال وجعل يداوي الناس فيبرئ الأكمه والأبرص فبينما هو كذلك إذ عمي جليس للملك فأتاه وحمل إليه مالاً كثيراً فقال اشفني ولك ما هاهنا فقال انا لا اشفي أحداً ولكنّ الله يشفي فان آمنت بالله دعوت الله فشفاك قال فآمن فدعا الله فشفاه فذهب فجلس الى الملك فقال يا فلان من شفاك فقال ربّي قال انا قال لا ربّي وربّك الله قال أو انّ لك ربّاً غيري قال نعم ربّي وربّك الله فأخذه فلم يزل به حتّى دلّه على الغلام فبعث الى الغلام فقال لقد بلغ من أمرك ان تشفي الأكمه والأبرص قال ما اشفي أحداً ولكن ربّي يشفي قال أو انّ لك ربّاً غيري قال نعم ربّي وربّك الله فأخذ فلم يزل به حتّى دلّه على الرّاهب فوضع المنشار عليه فنشره حتّى وقع شقّاه فقال للغلام ارجع عن دينك فأبى فأرسل معه نفراً وقال اصعدوا به جبلاً كذا وكذا فان رجع عن دينه والّا فدهدهوه منه قال فعلوا به الجبل

٣١٠

فقال اللهمّ اكفنيهم بما شئت فرجف بهم الجبل فتدهدهوا أجمعون وجاء الى الملك فقال ما صنع أصحابك فقال كفانيهم الله فأرسل به مرّة أخرى قال انطلقوا به فلجّجوه في البحر فان رجع والّا فغرّقوه فانطلقوا به في قرقور فلمّا توسّطوا به البحر قال اللهمّ اكفنيهم بما شئت فانكفئت بهم السّفينة وجاء حتّى قام بين يدي الملك فقال ما صنع أصحابك فقال كفانيهم الله ثمّ قال إنّك لست بقاتلي حتّى تفعل ما أمرك به اجمع النّاس ثمّ اصلبني على جذع ثمّ خذ سهماً من كنانتي ثمّ ضعه على كبد القوس ثمّ قال باسم ربّ الغلام فإنّك ستقتلني قال فجمع الناس فصلبه ثمّ أخذ سهماً من كنانة فوضعه على كبد القوس وقال باسم ربّ الغلام ورمى فوقع في صدغه فمات فقال الناس آمنّا بربّ الغلام فقيل له أرأيت ما كنت تخاف قد نزل والله بك آمن الناس فأمر بالأخدود فخدّدت على أفواه السّكك ثمّ أضرمها ناراً فقال من رجع عن دينه فدعوه ومن أبى فاقحموه فيها فجعلوا يقتحمونها وجاءت امرأة بابن لها فقال لها يا أماه اصبري فانّك على الحقّ قال ابن المسيّب كنا عند عمر بن الخطّاب إذ ورد عليه انّهم احتفروا فوجدوا ذلك الغلام وهو واضع يده على صدغه فكلّما مدّت يده عادت الى صدغه فكتب عمر واروه حيث وجدتموه.

(١٠) إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بلاهم بالأذى ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ بكفرهم وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ العذاب الزائد في الإحراق بفتنتهم.

وقيل المراد ب الَّذِينَ فَتَنُوا أَصْحابُ الْأُخْدُودِ وبعذاب الحريق ما

روي : أنّ النار انقلب عليهم فاحرقهم.

(١١) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ إذ الدنيا وما فيها يصغر دونه.

(١٢) إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ مضاعف عنفه فانّ البطش أخذ بعنف.

(١٣) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ يبدأ الخلق ويعيده.

(١٤) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ لمن تاب وأطاع.

(١٥) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ العظيم في ذاته وصفاته.

٣١١

القمّيّ عن الباقر عليه السلام : في قوله ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ قال فهو الله الكريم المجيد.

(١٦) فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ لا يمتنع عليه مراد.

(١٧) هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ.

(١٨) فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ أريد بفرعون هو وقومه والمعنى قد عرفت تكذيبهم للرّسل وما حاق بهم فتسل واصبر على تكذيب قومك وحذّرهم مثل ما أصابهم.

(١٩) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ لا يرعوون عنه.

(٢٠) وَاللهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ لا يفوتونه.

(٢١) بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ بل هذا الّذي كذّبوا به كتاب شريف وحيد في النظم والمعني.

(٢٢) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ من التحريف والتبديل.

القمّيّ عن الصادق عليه السلام قال : بينا رسول الله صلّى الله عليه وآله وعنده جبرئيل إذ حانت من جبرئيل نظرة قِبَل السّماء إلى أن قال قال جبرئيل عليه السلام انّ هذا إسرافيل حاجب الرب واقرب خلق الله منه واللّوح بين عينيه من ياقوتة حمراء فإذا تكلّم الربّ تبارك وتعالى بالوحي ضرب اللّوح جبينه فنظر فيه ثمّ ألقاه إلينا تسعى به في السماوات والأرض والقمّيّ قال : اللّوح له طرفان طرف على يمين العرش وطرف على جبين إسرافيل فإذا تكلّم الربّ جلّ ذكره بالوحي ضرب اللّوح جبين إسرافيل فنظر في اللّوح فيوحي بما في اللّوح الى جبرئيل.

في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق عليه السلام : من قرأ والسّماء ذات البروج في فرائضه فانّها سورة النبيّين عليهم السلام كان محشره وموقفه مع النبيّين والمرسلين والصالحين إن شاء الله.

٣١٢

سُورة الطّارق

مكيّة عدد آيها ستّ عشر آية بلا خلاف

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(١) وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ الكوكب الذي يبدو باللّيل.

(٢) وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ.

(٣) النَّجْمُ الثَّاقِبُ المضيء كأنّه يثقب الأفلاك بضوئه فينفذ فيها القمّيّ قال : الطَّارِقُ النَّجْمُ الثَّاقِبُ وهو نجم العذاب ونجم القيامة وهو زحل في على المنازل.

وفي الخصال عن الصادق عليه السلام : انّه قال لرجل من أهل اليمن ما زحل عندكم من النجوم قال اليماني نجم نحس فقال عليه السلام لا تقولنّ هذا فانه نجم أمير المؤمنين عليه السلام وهو نجم الأوصياء وهو النَّجْمُ الثَّاقِبُ الذي قال الله في كتابه فقال له اليماني فما يعني بالثاقب قال لأنّ مطلعه في السماء السابعة وانّه ثقب بضوئه حتّى أضاء في السماء الدنيا فمن ثمّ سمّاه الله النَّجْمُ الثَّاقِبُ.

(٤) إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ جواب القسم اي انّ الشأن كلّ نفس لعليها حافظ رقيب فان هي المخففة واللّام الفاصلة وما مزيدة وان قرئ لمّا بالتشديد فهي بمعنى الّا وإن نافية القمّيّ حافِظٌ قال الملائكة.

(٥) فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ ليعلم صحّة إعادته فلا يملي على حافظه الّا ما ينفعه في عاقبته.

(٦) خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ الدّفق صبّ فيه دفع القمّيّ قال النطفة التي تخرج بقوّة.

٣١٣

(٧) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ بين صلب الرّجل وترائب المرأة وهي صدرها.

(٨) إِنَّهُ أي الخالق ويدلّ عليه خلق عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ قال كما خلقه من نطفة يقدر أن يردّه إلى الدنيا والى القيامة.

(٩) يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ تختبر وتتعرّف وتتميّز بين ما طاب منها وما خبث القمّيّ قال يكشف عنها.

وفي المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : انّه سئل ما هذه السَّرائِرُ التي ابتلى الله بها العباد في الآخرة قال سرائركم هي أعمالكم من الصلاة والصيام والزكاة والوضوء والغسل من الجنابة وكلّ مفروض لأنّ الأعمال كلّها سرائر خفيّة فان شاء الرجل قال صلّيت ولم يصلّ وإن شاء قال توضّأت ولم يتوضّأ فذلك قوله يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ.

(١٠) فَما لَهُ فما للإنسان مِنْ قُوَّةٍ وَلا ناصِرٍ.

القمّيّ عن أبي بصير قال : فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ يقوى بها على خالقه وَلا ناصِرٍ من الله ينصره إن أراد به سوء.

(١١) وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ قيل ترجع في كل دورة إلى الموضع الذي تحركت عنه.

والقمّيّ قال ذات المطر قيل انّما سمّي المطر رجعاً واوباً لأنّ الله يرجعه وقتاً فوقتاً.

(١٢) وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ قال ذات النبات.

أقول : يعني تتصدّع بالنبات وتشق بالعيون.

(١٣) إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ.

في المجمع عن الصادق عليه السلام : يعني أنّ القرآن يفصل بين الحقّ والباطل

٣١٤

بالبيان عن كلّ واحد منهما.

(١٤) وَما هُوَ بِالْهَزْلِ فانه جدّ كلّه.

(١٥) إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً في إبطاله وإطفاء نوره.

(١٦) وَأَكِيدُ كَيْداً واقابلهم بكيدي في استدراجهم وانتقامي منهم بحيث لا يحتسبون فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ فلا تشتغل بالانتقام منهم ولا تستعجل باهلاكهم أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً امهالاً يسيراً القمّيّ قال دعهم قليلاً.

في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق عليه السلام : من كان قراءته في فرائضه بالسماء والطّارق كانت له عند الله يوم القيامة جاه ومنزلة وكان من رفقاء النبيّين عليهم السلام وأصحابهم في الجنّة.

٣١٥

سُورة الأعلى

مكيّة وقيل مدنيّة وهي تسع عشر آية بالإجماع

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(١) سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى القمّيّ قال : قل سبحان ربّي الأعلى.

وفي المجمع عن الباقر عليه السلام قال : إذا قرأت سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى فقل سبحان ربّي الأعلى وان كنت في الصلاة فقل فيما بينك وبين نفسك.

وعن ابن عبّاس : كان النبيّ صلّى الله عليه وآله إذا قرأ سورة سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى قال سبحان ربّي الأعلى.

وكذلك روي عن عليّ عليه السلام وفي التهذيب والعيّاشي عن عقبة بن عامر الجهني قال : لمّا نزلت فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ قال رسول الله اجعلوها في ركوعكم ولمّا نزلت سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى قال اجعلوها في سجودكم قيل وكانوا يقولون في الركوع اللهم لك ركعت وفي السجود اللهمّ لك سجدت.

(٢) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى خلق كلّ شيء فسوّى خلقه بأن جعل له ما به يتأتّى كماله ويتم معاشه.

(٣) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى القمّيّ قال قدّر الأشياء بالتقدير الأوّل ثمّ هدى إليها من يشاء وقرئ قدر بالتخفيف.

وفي المجمع : هو قراءة عليّ عليه السلام.

(٤) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى القمّيّ قال اي النّبات.

٣١٦

(٥) فَجَعَلَهُ بعد إخراجه غُثاءً أَحْوى يابساً أسود القمّيّ قال يصير هشيماً بعد بلوغه ويسودّ.

(٦) سَنُقْرِئُكَ قال اي نعلّمك فَلا تَنْسى.

(٧) إِلَّا ما شاءَ اللهُ القمّيّ قال ثمّ استثنى لأنّه لا يؤمن عليه النّسيان لأنّ الذي لا ينسى هو الله.

وفي المجمع عن ابن عبّاس قال : كان النبيّ صلّى الله عليه وآله إذا نزل عليه جبرئيل بالوحي يقرأ مخافة أن ينساه فكان لا يفرغ جبرئيل من آخر الوحي حتّى يتكلّم هو بأوّله فلمّا نزلت هذه الآية لم ينس بعد ذلك شيئاً إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى ما ظهر من أحوالكم وما بطن.

(٨) وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى الطريقة اليسرى في حفظ الوحي (١)

(٩) فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى.

(١٠) سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى سيتّعظ وينتفع بها من يخشى الله.

(١١) وَيَتَجَنَّبُهَا ويتجنّب الذكرى الْأَشْقَى.

(١٢) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى القمّيّ قال نار يوم القيامة.

(١٣) ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها فيستريح وَلا يَحْيى حياة تنفعه فيكون كما قال الله وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ.

(١٤) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى تطهّر من الشّرك والمعصية.

(١٥) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ بقلبه ولسانه فَصَلَّى القمّيّ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى قال زكاة الفطر إذا أخرجها قبل صلاة العيد وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى قال صلاة الفطر والأضحى.

وفي الفقيه عن الصادق عليه السلام : أنّه سئل عن قول الله عزّ وجلّ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ

__________________

(١) وقيل معناه تسهل لك من الألطاف والتأييد ما يثبتك على أمرك ويسهل عليك المستصعب من تبليغ الرسالة والصبر عليه.

٣١٧

تَزَكَّى قال من أخرج الفطرة قيل له وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى قال خرج إلى الجبانة فصلّى.

في الكافي عن الرضا عليه السلام : قال لرجل ما معنى قوله تعالى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى قال كلّما ذكر اسم ربّه قام فصلّى فقال لقد كلّف الله هذا شططا قال فكيف هو فقال كلّما ذكر اسم ربّه فَصَلّى على محمّد وآله عليهم السلام.

(١٦) بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا وقرئ بالياء.

(١٧) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى فانّ نعيمها خالص عن الغوائل لا انقطاع له.

(١٨) إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى.

(١٩) صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى عليهم السلام إشارة إلى ما سبق من قوله قَدْ أَفْلَحَ.

وفي الخصال عن أبي ذرّ : انّه سأل رسول الله صلّى الله عليه وآله كم أنزل الله من كتاب قال مائة كتاب وأربعة كتب أنزل الله على شيث خمسين صحيفة وعلى إدريس عليه السلام ثلاثين صحيفة وعلى إبراهيم عليه السلام عشرين صحيفة وانزل التوراة والإنجيل والزبور والفرقان قال قلت يا رسول الله وما كان صحف إبراهيم عليه السلام قال كانت أمثالاً كلّها وكان فيها أيّها الملك المبتلى المغرور انّي لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها إلى بعض ولكنّي بعثتك لتردّ عنّي دعوة المظلوم فانّي لا أردّها وان كانت من كافر وعلى العاقل ما لم يكن مغلوباً أن يكون له ثلاث ساعات ساعة يناجي فيها ربّه وساعة يحاسب فيها نفسه وساعة يتفكّر فيما صنع الله عزّ وجلّ إليه وساعة يخلو فيها بحظّ نفسه من الحلال فانّ هذه الساعة عون لتلك الساعات واستجمام القلوب وتوديع لها وعلى العاقل أن يكون بصيراً بزمانه مقبلاً على شأنه حافظاً للسانه فانّ من حسب كلامه من عمله قلّ كلامه الّا فيما يعنيه وعلى العاقل أن يكون طالباً لثلاث مرمّة لمعاش أو تزوّد لمعاد أو تلذّذ في غير محرّم قال قلت يا رسول الله فما كانت صحف موسى قال كانت عبراً كلّها وفيها عجيبٌ لمن أيقن بالموت كيف يفرح ولمن أيقن بالنّار كيف يضحك ولمن يرى الدنيا وتقلّبها بأهلها كيف يطمئنّ إليها ولمن يؤمن بالقدر

٣١٨

كيف ينصب ولمن أيقن بالحساب ثمّ لا يعمل قال قلت فهل في أيدينا ممّا أنزل الله عليك شيء ممّا كان في صحب إبراهيم وموسى عليهم السلام قال يا أبا ذرّ اقرأ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى إلى آخر السورة.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام : انّ الله عزّ وجلّ لم يعط الأنبياء شيئاً الا وقد أعطاه محمّداً (ص) قال وقد أعطى محمّداً (ص) ما أعطى الأنبياء وعندنا الصحف التي قال الله عزّ وجلّ صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى عليهما السلام قيل هي الألواح قال نعم.

في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق عليه السلام : من قرأ سبّح اسم ربّك الأعلى في فريضة أو نافلة قيل له يوم القيامة ادخل الجنّة من أيّ أبواب الجنّة شئت ان شاء الله وعنه عليه السلام : الواجب على كلّ مؤمن إذا كان لنا شيعة ان يقرأ في ليلة الجمعة بالجمعة وسبّح اسم ربّك الأعلى.

٣١٩

سُورة الغاشية

مكيّة عدد آيها ستّ وعشرون آية بلا خلاف

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(١) هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ الداهية التي تغشى الناس بشدائدها يعني يوم القيامة.

(٢) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ ذليلة.

(٣) عامِلَةٌ ناصِبَةٌ عملت ونصبت في أعمال لا تنفعها يومئذ.

(٤) تَصْلى ناراً حامِيَةً متناهية في الحرّ.

(٥) تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ بلغت إناها في الحرّ.

القمّيّ : هم الذين خالفوا دين الله.

وصلّوا وصاموا ونصبوا لأمير المؤمنين عليه السلام عملوا ونصبوا فلا يقبل منهم شيء من أفعالهم وتَصْلى وجوههم ناراً حامِيَةً.

(٦) لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ.

(٧) لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ قال قال عرق أهل النار وما يخرج من فروج الزّواني.

في المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : الضّريع شيء يكون في النّار يشبه الشوك أمرّ من الصبر وأنتن من الجيفة وأشدّ حرّاً من النّار سمّاه الله الضّريع.

وفي رواية القمّيّ عنه صلّى الله عليه وآله عن جبرائيل : لو أنّ قطرة من الضّريع قطرت في شراب أهل الدنيا لمات أهل الدنيا من نتنها.

٣٢٠