تفسير الصّافي - ج ٥

محمّد بن المرتضى [ الفيض الكاشاني ]

تفسير الصّافي - ج ٥

المؤلف:

محمّد بن المرتضى [ الفيض الكاشاني ]


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: منشورات مكتبة الصدر
المطبعة: خورشيد
الطبعة: ٣
ISBN الدورة:
964-6847-51-X

الصفحات: ٤٠٠

الأرض والقمّيّ قَوْلاً ثَقِيلاً قال قيام اللّيل وهو قوله إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ الآية.

(٦) إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ قيل أي النّفس التي تنشأ من مضجعها الى العبادة اي تنهض أو العبادة التي تنشأ باللّيل اي تحدث هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً أي كلفةً أو ثبات قدم وقرئ وطأً أي مواطأة القلب اللّسان لها أو فيها وَأَقْوَمُ قِيلاً وأسدّ مقالاً واثبت قراءة لحضور القلب وهدوء الأصوات والقّمي قال أصدق القول.

وفي الفقيه والتهذيب عن الصادق عليه السلام في قوله إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ الآية قال : قيام الرجل عن فراشه يريد به الله عزّ وجلّ لا يريد به غيره وفي رواية : لا يريد إلّا الله.

وفي الكافي والعلل عنه عليه السلام : ما في معناه.

(٧) إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً.

القّمي عن الباقر عليه السلام : يقول فراغاً طويلاً لنومك وحاجتك.

(٨) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً وانقطع إليه بالعبادة وجرّد نفسك عمّا سواه القّمي يقول أخلص إليه إخلاصاً.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام في هذه الآية قال : الدعاء بإصبع واحدة يشير بها.

وعنه عليه السلام : التبتّل الإيماء بالإصبع.

وفي المجمع عنهما عليهما السلام : انّ التبتّل هنا رفع اليدين في الصلاة

وفي رواية : هو رفع يدك إلى الله وتضرّعك إليه.

وفي المعاني عن الكاظم عليه السلام : التبتّل ان تقلّب كفّيك في الدعاء إذا دعوت.

والقّمي قال : رفع اليدين وتحريك السّبّابتين.

(٩) رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً.

٢٤١

(١٠) وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ.

في الكافي عن الكاظم عليه السلام قال : ما يقولون فيك وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً بأن تجانبهم وتداريهم وتكل أمرهم إلى الله.

(١١) وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ دعني وإيّاهم وكل إليّ أمرهم فانّ بي غُنية عنك في مجازاتهم.

في الكافي عن الكاظم عليه السلام : وَالْمُكَذِّبِينَ بوصيّتك قيل إنّ هذا تنزيل قال نعم أُولِي النَّعْمَةِ أرباب التنعّم وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً.

في الاحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث : يذكر فيه المنافقين قال وما زال رسول الله صلّى الله عليه وآله يتألّفهم ويقرّبهم ويجلسهم عن يمينه وشماله حتّى أذن الله عزّ وجلّ له في ابعادهم بقوله وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً.

(١٢) إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً تعليل للأمر والنكل القيد الثقيل وَجَحِيماً.

(١٣) وَطَعاماً ذا غُصَّةٍ طعاماً ينشب في الحلق كالضّريع والزقّوم وَعَذاباً أَلِيماً ونوعاً آخر من العذاب مؤلماً لا يعرف كنهه إلّا الله وفسّر بالحرمان عن لقاء الله لأنّ النفوس العاصية المنهمكّة في الشهوات تبقى مقيّدة بحبّها والتعلّق بها عن التخلّص الى عالم القدس متحرّقة بحرقة الفرقة متجرّعة غصّة الهجران معذّبة بالحرمان عن تجلّي أنوار القدس.

في المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : انّه سمع قارئاً يقرؤها فصعق.

(١٤) يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ تضطرب وتزلزل والقمّيّ تخسف وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلاً قال مثل الرمل تنحدر.

(١٥) إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شاهِداً عَلَيْكُمْ يشهد عليكم يوم القيامة بالإجابة والامتناع كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً يعني موسى عليه السلام ولم يعيّنه لأنّ المقصود لم يتعلّق به.

٢٤٢

(١٦) فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلاً ثقيلاً.

(١٧) فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً من شدّة هوله.

القمّيّ : من الفزع حيث يسمعون الصّيحة قال يقول كيف ان كفرتم تتّقون ذلك اليوم.

(١٨) السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ (١) منشقّ كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً.

(١٩) إِنَّ هذِهِ الآيات الموعدة تَذْكِرَةٌ عظة فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً أي تقرّب إليه بسلوك التقوى.

(٢٠) إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وقرئ ونصفه وثلثه بالنّصب وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يعلم مقادير ساعاتهما كما هي إلّا الله عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ ان لن تحصوا تقدير الأوقات أو لن تستطيعوا ضبط السّاعات فَتابَ عَلَيْكُمْ بالترخيص في ترك القيام المقدّر ورفع التبعة فيه فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ فصلّوا بما تيسّر عليكم من القراءة.

في المجمع عن الرضا عن أبيه عن جدّه عليهم السلام قال : ما تيسّر منه لكم فيه خشوع القلب وصفاء السرّ.

والقمّيّ عن الباقر عليه السلام : في قوله تعالى إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ ففعل النبيّ صلّى الله عليه وآله ذلك وبشّر النّاس به فاشتدّ ذلك عليهم وعَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ وكان الرجل يقوم ولا يدري متى ينتصف اللّيل ومتى يكون الثلثان وكان الرّجل يقوم حتّى يصبح مخافة أن لا يحفظه فأنزل الله إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ إلى قوله عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ يقول متى يكون النصف والثلث نسخت هذه الآية فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ واعلموا انّه لم يأت نبيّ قطّ الّا خلا بصلاة اللّيل ولا جاء نبيّ قطّ بصلاة اللّيل في أوّل اللّيل عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى استئناف يبيّن حكمة أخرى مقتضية للترخيص والتخفيف وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ

__________________

(١) الهاء تعود إلى اليوم ، وهذا كما يقال فلان بالكوفة.

٢٤٣

يسافرون للتجارة وتحصيل العلم وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يريد به سائر الانفاقات في سبيل الخير القمّيّ قال هو غير الزكاة وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً أي تجدوه خيراً والضمير للفصل والعماد وقيل صفة للهاء في تَجِدُوهُ وَأَعْظَمَ أَجْراً من الذي تؤخّرونه الى الوصيّة عند الموت أو من متاع الدنيا وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ في مجامع أحوالكم فانّكم لا تخلون من تفريط إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ.

في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق عليه السلام : من قرأ سورة المزمّل في العشاء الآخرة أو في آخر اللّيل كان له اللّيل والنهار شاهدين مع سورة المزمّل وأحياه الله حياة طيبة وأماته ميتة طيبة.

٢٤٤

سورة المُدَّثِر

مكيّة عدد آيها خمسون وستّ آيات عراقيّ وخمس شاميّ

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(١) يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ أي المتدثّر وهو لابس الدّثار القّمي قال : تدثّر رسول الله صلّى الله عليه وآله فالمدّثر يعني المدّثر بثوبه روي انّه قال : كنت بحراء فنوديت فنظرت عن يميني وشمالي فلم أر شيئاً فنظرت فوقي فإذا هو على عرش بين السماء والأرض يعني الملك الذي ناداه فرعبت ورجعت إلى خديجة فقلت دثّروني فنزل جبرئيل عليه السلام وقال يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ.

وفي المجمع : ما يقرب منه مع زيادات.

(٢) قُمْ فَأَنْذِرْ

(٣) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وصفه بالكبرياء عقداً وقولاً روي : انّه لمّا نزلت كبر أيقن انّه الوحي وذلك أنّ الشيطان لا يأمر بذلك.

(٤) وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ.

في الكافي عن الصادق عليه السلام قال : أي فشمّر وفي رواية : يقول ارفعها ولا تجرّها.

وعن الكاظم عليه السلام : انّ الله عزّ وجلّ قال لنبيّه وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ وكانت ثيابه طاهرة وانّما أمره بالتّشمير.

وفي المجمع عن الصادق عليه السلام : معناه فثيابك فقصّر.

٢٤٥

وعنه عن أمير المؤمنين عليهما السلام قال : غسل الثّياب يذهب الهمّ والحزن وهو طهور للصلاة وتشمير الثّياب طهور لها وقد قال الله سبحانه وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ أي فشمّر والقمّيّ : تطهيرها تشميرها ويقال شيعتنا يطهّرون.

(٥) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ القّمي الرّجز الخبيث وقرئ بالضمّ وهو لغة فيه.

(٦) وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ.

القمّيّ عن الباقر عليه السلام : لا تعط العطيّة تلتمس أكثر منها.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام قال : في هذه الآية لا تستكثر ما عملت من خير لله.

(٧) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ على مشاقّ التكليف وأذى المشركين.

(٨) فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ فإذا نفخ في الصور.

(٩) فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ.

(١٠) عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ تأكيد يشعر بيسره على المؤمنين.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام في هذه الآية قال : إنّ منّا اماماً مظفّراً مستتراً فإذا أراد الله إظهار أمره نكت في قلبه نكتة فظهر فقام بأمر الله.

(١١) ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً قيل نزل في الوليد بن المغيرة عمّ أبي جهل فانّه كان يلقّب بالوحيد سمّاه الله به تهكّماً وقيل أي ذَرْنِي وحدي معه فانّي أكفيكه.

وفي المجمع عن الباقر عليه السلام : انّ الوحيد من لا يعرف له أب.

(١٢) وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً مبسوطاً كثيراً.

(١٣) وَبَنِينَ شُهُوداً حضوراً معه بمكّة يتمتّع بلقائهم.

(١٤) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً وبسطت له في الرّياسة والجاه العريض حتّى لقّب ريحانة قريش والوحيد.

٢٤٦

(١٥) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ على ما اوتي وهو استبعاد لطمعه.

(١٦) كَلَّا إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً.

(١٧) سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً سأغشيه عقبة شاقّة المصعد وهو مثل لما يلقى من الشدائد وروي : أنّ الصعود جبل من النار يصعد فيه سبعين خريفاً ثمّ يهوي فيه كذلك أبداً وفي رواية : فإذا وضع يده عليه ذابت وإذا رفعها عادت وكذلك رجله.

(١٨) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَكَّرَ فيما تخيّل طعناً في القرآن وَقَدَّرَ في نفسه ما يقول فيه.

(١٩) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ تعجيب من تقديره.

(٢٠) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ تكرير للمبالغة وثمّ للدلالة على أنّ الثانية أبلغ من الأولى.

(٢١) ثُمَّ نَظَرَ أي في أمر القرآن مرّة أخرى.

(٢٢) ثُمَّ عَبَسَ قطب وجهه ثمّ لما لم يجد فيه طعناً ولم يدر ما يقول وَبَسَرَ اتباع لعبس.

(٢٣) ثُمَّ أَدْبَرَ عن الحقّ وَاسْتَكْبَرَ عن اتّباعه.

(٢٤) فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ يروى ويتعلّم.

(٢٥) إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ القمّيّ : نزلت في الوليد بن المغيرة وكان شيخاً كبيراً مجرّباً من دهاة العرب وكان من المستهزئين برسول الله صلّى الله عليه وآله وآله وكان رسول الله يقعد في الحجر ويقرأ القرآن فاجتمعت قريش إلى الوليد بن المغيرة فقالوا يا عبد شمس ما هذا الذي يقول محمّد صلّى الله عليه وآله أشعر هو أم كهانة أم خطب فقال دعوني أسمع كلامه فدنى من رسول الله صلّى الله عليه وآله فقال يا محمّد أنشدني من شعرك قال ما هو شعر ولكنه كلام الله الذي ارتضته ملائكته وأنبياؤه ورسله فقال اتل عليّ منه شيئاً فقرأه عليه رسول الله صلّى الله عليه وآله حم

٢٤٧

السّجدة فلمّا بلغ قوله فَإِنْ أَعْرَضُوا يا محمّد قريش فَقُلْ لهم أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ قال فاقشعرّ الوليد وقامت كلّ شعرة في رأسه ولحيته ومرّ الى بيته ولم يرجع إلى قريش من ذلك اليوم فمشوا الى أبي جهل فقالوا يا أبا الحكم انّ أبا عبد شمس صبا إلى دين محمّد أما تراه لم يرجع إلينا فغدا أبو جهل إلى الوليد فقال له يا عمّ نكست رؤوسنا وفضحتنا وأشمتّ بنا عدوّنا وصَبَوْتَ الى دين محمّد صلّى الله عليه وآله فقال ما صبوت الى دينه ولكنّي سمعت منه كلاماً صعباً تقشعرّ منه الجلود فقال له أبو جهل اخطب هو قال لا انّ الخطب كلام متّصل وهذا كلام منثور ولا يشبه بعضه بعضاً قال أفشعر هو قال لا اما انّي لقد سمعت اشعار العرب بسيطها ومديدها ورملها ورجزها وما هو بشعر قال فما هو قال دعني أفكّر فيه فلمّا كان من الغد قالوا له يا أبا عبد شمس ما تقول فيما قلناه قال قولوا هو سحر فانّه أخذ بقلوب النّاس فأنزل الله على رسوله في ذلك ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً وانّما سمّي وحيداً لأنّه قال لقريش أنا أتوحّد بكسوة البيت سنة وعليكم في جماعتكم سنة وكان له مال كثير وحدائق كان له عشر بنين بمكّة وكان له عشرة عبيد عند كلّ ألف دينار يتجرّ بها.

وفي الجوامع روي : أنّ الوليد قال لبني مخزوم والله لقد سمعت من محمّد آنفاً كلاماً ما هو من كلام الانس ولا من كلام الجنّ انّ له لحلاوة وانّ عليه لطلاوة وانّ أعلاه لمثمر وانّ أسفله لمغدق وانّه يعلو وما يعلى فقالت قريش صبا والله وليد ليصبأنّ قريش فقال له أبو جهل انا أكفيكموه وقعد إليه حزيناً وكلّمه بما أجماه فقام فأتاهم فقال تزعمون انّ محمّداً صلّى الله عليه وآله مجنون فهل رأيتموه يخنّق وتقولون انّه كاهن فهل رأيتموه يتحدّث بما يتحدّث به الكهنة وتزعمون انّه شاعر فهل رأيتموه يتعاطى شعراً قطّ وتزعمون انّه كذّاب فهل جرّبتم عليه شيئاً من الكذب فقالوا في كلّ ذلك اللهمّ لا قالوا له فما هو ففكّر فقال ما هو إلّا ساحر أما رأيتموه يفرّق بين الرجل وأهله وولده ومواليه وما يقوله سحر يؤثر عن أهل بابل فتفرّقوا متعجّبين منه.

وفي رواية أخرى للقمّي عن الصادق عليه السلام : انّها نزلت في عمر في إنكاره الولاية وانّه انّما سمّي وحيداً لأنّه كان ولد زنا ثمّ أوّل الآيات فيه.

٢٤٨

(٢٦) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (١)

(٢٧) وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ تفخيم لشأنها.

(٢٨) لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ لا تُبقي على شيء يلقى فيها ولا تدعه حتّى تهلكه.

(٢٩) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ مسوّدة لأعالي الجلد.

في الكافي عن الصادق عليه السلام : انّ في جهنّم لوادياً للمتكبّرين يقال له سَقَرُ شكا إلى الله عزّ وجلّ حرّه وسأله ان يأذن له ان يتنفّس فتنفّس فأحرق جهنّم.

وفي روضة الواعظين عن الباقر عليه السلام : انّ في جهنّم جبلاً يقال له صعود وانّ في صعود لوادياً يقال له سَقَرُ وانّ في سقر لجبّاً يقال له هبهب كلّما كشف غطاء ذلك الجبّ يضجّ أهل النار من حرّه وذلك منازل الجبّارين.

(٣٠) عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ ملكاً يتولّون أمرها القمّيّ قال لكلّ رجل تسعة عشر من الملائكة يعذّبونه.

(٣١) وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً ليخالفوا جنس المعذّبين فلا يرقّوا لهم ولا يستروحون إليهم ولأنّهم أقوى الخلق بأساً وأشدّهم غضباً لله روي : أنّ أبا جهل لمّا سمع عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ قال لقريش أيعجز كلّ عشرة منكم ان يبطشوا برجل منهم فنزلت وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وما جعلنا عددهم الّا العدد الذي اقتضى فتنتهم وهو التسعة عشر قيل افتتانهم به استقلالهم له واستهزاؤهم واستبعادهم ان يتولّى هذا العدد القليل تعذيب أكثر الثقلين لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ أي ليكتسبوا اليقين بنبوّة محمّد صلّى الله عليه وآله وصدق القرآن لمّا رأوا ذلك موافقاً لما في كتابهم.

في الكافي عن الكاظم عليه السلام : يستيقنون انّ الله ورسوله ووصيّه حقّ وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً بالإِيمان به أو بتصديق أهل الكتاب له وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ

__________________

(١) أي سأدخله جهنم وألزمه إياها ، وقيل : سقر دركة من دركاتها.

٢٤٩

أي في ذلك وهو تأكيد للاستيقان وزيادة الإِيمان ونفي لما يعرض المتيقّن حيثما عراه شبهة وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ شكّ أو نفاق وَالْكافِرُونَ الجازمون في التكذيب ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً أيّ شيء أراد بهذا العدد المستغرب استغراب المثل كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ أصناف خلقه على ما هم عليه إِلَّا هُوَ وَما هِيَ قيل وما سقر أو عدّة الخزنة أو السّورة.

وفي الكافي عن الكاظم عليه السلام قال : يعني ولاية عليّ عليه السلام إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ الّا تذكرة لهم.

(٣٢) كَلَّا ردع لمن أنكرها أو إنكار لأن يتذكّروا بها وَالْقَمَرِ.

(٣٣) وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ دبر بمعنى أدبر كقبل بمعنى اقبل اي ولّى وانقضى وقيل دبر اي جاء في أثر النّهار وقرئ إذ أدبر من الأدبار.

(٣٤) وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ أضاء.

(٣٥) إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ لإحدى البلايا الكبر

في الحديث : السابق قال الولاية.

(٣٦) نَذِيراً لِلْبَشَرِ إنذار لهم أو منذرة.

(٣٧) لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ ليتقدّم إلى الخير أو يتأخّر عنه قال في الحديث السابق من تقدّم إلى ولايتنا أخّر عن سقر ومن تأخّر عنها تقدّم إلى سقر.

(٣٨) كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ مرهونة عند الله.

(٣٩) إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ فانّهم فكّوا رقابهم بما أحسنوا من أعمالهم في الحديث السابق هم والله شيعتنا والقمّيّ قال الْيَمِينِ أمير المؤمنين عليه السلام وأصحابه شيعته.

(٤٠) فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ

(٤١) عَنِ الْمُجْرِمِينَ يسأل بعضهم بعضاً أو يسألون غيرهم عن حالهم كقولك تداعيناه اي دعوناه.

٢٥٠

(٤٢) ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ حكاية لما جرى بين المسئولين أو المجرمين.

(٤٣) قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ قيل يعني الصلاة الواجبة في نهج البلاغة : تعاهدوا امر الصلاة وحافظوا عليها واستكثروا منها وتقرّبوا بها فانّها كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً ألا تسمعون إلى جواب أهل النار حين سئلوا ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ.

وفي الكافي عنه عليه السلام : مثله وعن الصادق عليه السلام قال : عنى لم نك من اتباع الأئمّة الذين قال الله فيهم وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ أما ترى الناس يسمّون الّذي يلي السابق في الحلبة مصلّياً فذلك الذي عني حيث قال لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ أي لم نك من اتباع السابقين.

وعن الكاظم عليه السلام قال : يعني انّا لم نتولّ وصيّ محمّد والأوصياء من بعده عليهم السلام ولم نصلّ عليهم.

(٤٤) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ما يجب إعطاؤه القمّيّ قال : حقوق آل محمّد صلوات الله عليهم من الخمس لذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل وهم آل محمّد صلوات الله عليهم.

(٤٥) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ نشرع في الباطل مع الشارعين فيه.

(٤٦) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ أي وكنّا بعد ذلك كلّه مكذّبين بالقيامة وتأخيره لتعظيمه.

(٤٧) حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ الموت.

(٤٨) فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ لو شفعوا لهم جميعا.

(٤٩) فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ.

في الكافي عن الكاظم عليه السلام قال : أي عن الولاية معرضين والقّمي قال : عمّا يذكر لهم من موالاة أمير المؤمنين عليه السلام.

٢٥١

(٥٠) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ.

(٥١) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ شبّههم في إعراضهم ونفارهم عن استماع الذكر بحمر نافرة فرّت من أسد.

(٥٢) بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً قراطيس تنشر وتقرأ قيل وذلك لأنّهم قالوا للنبيّ صلّى الله عليه وآله لن نتّبعك حتّى تأتي كلًّا منّا بكتاب من السماء فيه من الله الى فلان اتّبع محمّداً صلّى الله عليه وآله.

والقمّيّ عن الباقر عليه السلام : وذلك انّهم قالوا يا محمّد قد بلغنا أنّ الرجل من بني إسرائيل كان يذنب الذنب فيصبح وذنبه مكتوب عند رأسه وكفّارته فنزل جبرئيل عليه السلام على رسول الله صلّى الله عليه وآله وقال يسألك قومك سنّة بني إسرائيل في الذنوب فان شاءوا فعلنا ذلك بهم وأخذناهم بما كنّا نأخذ به بني إسرائيل فزعموا انّ رسول الله صلّى الله عليه وآله كره ذلك لقومه.

(٥٣) كَلَّا ردع عن اقتراحهم الآيات بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ فلذلك اعرضوا عن التذكرة.

(٥٤) كَلَّا ردع عن اعراضهم إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ وأيّ تذكرة.

(٥٥) فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ.

(٥٦) وَما يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ وقرئ بالتاء هُوَ أَهْلُ التَّقْوى حقيق بأن يتّقى عقابه وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ حقيق بأن يغفر لعباده.

في التوحيد عن الصادق عليه السلام في هذه الآية قال : قال الله تبارك وتعالى انا اهل ان اتّقى ولا يشرك بي عبدي شيئاً وانا أهل ان لم يشرك بي عبدي شيئاً ان ادخله الجنّة وقال عليه السلام : انّ الله تبارك وتعالى اقسم بعزّته وجلاله ان لا يعذّب اهل توحيده بالنار أبداً.

في ثواب الأعمال والمجمع عن الباقر عليه السلام : من قرأ في الفريضة سورة

٢٥٢

المدّثر كان حقّاً على الله عزّ وجلّ أن يجعله مع محمّد صلّى الله عليه وآله في درجته ولا يدركه في الحياة الدنيا شقاء أبداً إن شاء الله.

٢٥٣

سُورة القيامة

مكّيّة وهي أربعون آية كوفيّ تسع وثلاثون في الباقين

اختلافها آية لِتَعْجَلَ بِهِ كوفيّ

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(١) لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ لا مزيدة للتأكيد.

(٢) وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ التي تلوم نفسها أبداً وان اجتهدت في الطاعة.

(٣) أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ بعد تفرّقها

قيل : نزلت في عدي بن ربيعة سأل رسول الله صلّى الله عليه وآله عن امر القيامة فأخبره به فقال لو عاينت ذلك اليوم لم أصدّقك أو يجمع الله هذه العظام.

(٤) بَلى نجمعها قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ بجمع سلاميّاته وضمّ بعضها إلى بعض كما كانت مع صغرها ولطافتها فكيف بكبار العظام القمّيّ قال أطراف الأصابع لو شاء الله لسوّاها.

(٥) بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ ليدوم على فجوره فيما يستقبله من الزّمان القمّيّ قال يقدّم الذنب ويؤخّر التوبة ويقول سوف أتوب.

(٦) يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ متى يكون استبعاد أو استهزاء.

(٧) فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ تحيّر فزعاً من برق الرّجل إذا نظر إلى البرق فدهش بصره القمّيّ يبرق البصر فلا يقدر أن يطرف وقرئ بفتح الراء وهو لغة أو من البريق من شدّة شخوصه.

(٨) وَخَسَفَ الْقَمَرُ ذهب ضوءه.

٢٥٤

(٩) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ في الغيبة عن القائم عليه السلام : أنّه سئل متى يكون هذا الأمر إذا حيل بينكم وبين سبيل الكعبة واجتمع الشمس والقمر واستدار بهما الكواكب والنجوم فقيل متى فقال في سنة كذا وكذا تخرج دابّة الأرض من بين الصفا والمروة معه عصا موسى وخاتم سليمان عليه السلام يسوق الناس إلى المحشر. وقيل أريد بهذه الآيات ظهور أمارات الموت.

(١٠) يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ يقوله قول الآيس من وجدانه المتمنّي.

(١١) كَلَّا ردع عن طلب المفر لا وَزَرَ لا ملجأ مستعار من الجبل واشتقاقه من الوزر وهو الثّقل.

(١٢) إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ اليه وحده والى حكمه ومشيئته موضع الفرار.

(١٣) يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ القمّيّ قال يخبر بما قدّم وأخّر.

وعن الباقر عليه السلام : بِما قَدَّمَ من خير وشرّ وما أخّر فما سنّ من سنّة ليستنّ بها من بعده فان كان شرّاً كان عليه مثل وزرهم ولا ينقص من وزرهم شيئاً وإن كان خيراً كان له مثل أجورهم ولا ينقص من أجورهم شيئاً.

(١٤) بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ حجّة بيّنة على أعمالها لأنّه شاهد بها أو عين بصيرة بها فلا يحتاج إلى الانباء.

(١٥) وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ ولو جاء بكلّ ما يمكن ان يعتذر به القمّيّ قال يعلم ما صنع وان اعتذر.

وفي الكافي والعيّاشي عن الصادق عليه السلام قال : ما يصنع أحدكم ان يظهر حسنة ويستر شيئاً أليس إذا راجع إلى نفسه يعلم أنّه ليس كذلك والله عزّ وجلّ يقول بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ انّ السريرة إذا أصلحت قويت العلانية.

وعنه عليه السلام : انّه تلا هذه الآية فقال ما يصنع الإِنسان ان يعتذر الى النّاس بخلاف ما يعلم الله منه انّ رسول الله صلّى الله عليه وآله كان يقول من أسرّ سريرة البسه الله رداءها إن خيراً فخير وإن شرّاً فشرّ.

٢٥٥

(١٦) لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ لا تحرّك يا محمّد بالقرآن لسانك قبل أن يتمّ وحيه لتأخذه على عجلة مخافة أن ينفلت منك.

في المجمع عن ابن عبّاس : كان النبيّ صلّى الله عليه وآله إذا نزل عليه القرآن عجّل بتحريك لسانه لحبّه إيّاه وحرصه على اخذه وضبطه مخافة أن ينساه فنهاه الله عن ذلك ويأتي في سبب نزوله وجه آخر عن القمّيّ عن قريب.

(١٧) إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ في صدرك وَقُرْآنَهُ وإثبات قراءته في لسانك وهي تعليل للنهي.

(١٨) فَإِذا قَرَأْناهُ بلسان جبرائيل عليك فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ قرائته بتكراره حتّى تقرر في ذهنك.

في المجمع عن ابن عبّاس : فكان النبيّ صلّى الله عليه وآله بعد هذا إذا نزل عليه جبرئيل اطرق فإذا ذهب قرأ.

(١٩) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ بيان ما أشكل عليك من معانيه.

(٢٠) كَلَّا لعلّه ردع عن إلقاء الإنسان المعاذير مع أنّه على نفسه بصيرة وما بينهما اعتراض بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ القمّيّ قال الدنيا الحاضرة.

(٢١) وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ قال تدعون وقرئ بالياء فيهما.

(٢٢) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ.

(٢٣) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ قال ينظرون إلى وجه الله اي الى رحمة الله ونعمته وفي العيون عن الرضا عليه السلام قال : يعني مشرقة تنتظر ثواب ربّها.

وفي التوحيد والاحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث قال : ينتهي أولياء الله بعد ما يفرغ من الحساب الى نهر يسمّى الحيوان فيغتسلون فيه ويشربون منه فتبيضّ وجوههم اشراقاً فيذهب عنهم كلّ قذى ووعث ثمّ يؤمرون بدخول الجنّة فمن هذا المقام ينظرون إلى ربّهم كيف يثيبهم قال فذلك قوله تعالى إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ وانّما يعني بالنّظر إليه النظر إلى ثوابه تبارك وتعالى.

وزاد في الإِحتجاج : والنّاظرة في بعض اللغة هي المنتظرة ألم تسمع إى قوله

٢٥٦

فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ أي منتظرة.

(٢٤) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ شديدة العبوس.

(٢٥) تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ داهية تكسر الفقار.

(٢٦) كَلَّا ردع على إيثار الدنيا على الآخرة إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ القمّيّ قال يعني النّفس إذا بلغت الترقوة.

(٢٧) وَقِيلَ مَنْ راقٍ قال يقال له من يرقيك.

(٢٨) وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ علم انّه الذي نزل به فراق الدنيا ومحابّها.

(٢٩) وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ التوت شدّة فراق الدنيا بشدّة خوف الآخرة.

(٣٠) إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ القمّيّ قال يساقون إلى الله.

وفي الكافي عن الباقر عليه السلام : أنّه سئل عن هذه الآية فقال ذلك ابن آدم إذا حلّ به الموت قال هل من طبيب انّه الفراق أيقن بمفارقة الأحبّة قال وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ التفّت الدنيا بالآخرة إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ قال المصير الى ربّ العالمين.

(٣١) فَلا صَدَّقَ ما يجب تصديقه وَلا صَلَّى ما فرض عليه.

(٣٢) وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى عن الطاعة.

(٣٣) ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى يتبختر افتخاراً بذلك من المط.

(٣٤) أَوْلى لَكَ فَأَوْلى قيل أي ويل لك.

(٣٥) ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى أي يتكرّر ذلك عليك مرّة بعد أخرى.

وفي العيون عن الجواد عليه السلام : أنّه سئل عن هذه الآية فقال يقول الله عزّ وجلّ بُعداً لك من خير الدنيا وبُعداً لك من خير الآخرة القمّيّ قال : كان سبب نزولها انّ رسول الله صلّى الله عليه وآله دعا الى بيعة عليّ عليه السلام يوم غدير

٢٥٧

خم فلمّا بلغ الناس وأخبرهم في عليّ عليه السلام ما أراد أن يخبر رجعوا النّاس فاتّكى معاوية على المغيرة بن شعبة وأبي موسى الأشعري ثمّ اقبل يتمطّى نحو اهله ويقول ما نقر لعليّ بالولاية أبداً ولا نصدّق محمّداً صلّى الله عليه وآله مقالته فأنزل الله جلّ ذكره فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى الآيات فصعد رسول الله صلّى الله عليه وآله المنبر وهو يريد البراءة منه فأنزل الله لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ فسكت رسول الله صلّى الله عليه وآله ولم يسمّه.

وفي المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : انّه أخذ بيد أبي جهل ثمّ قال له أَوْلى لَكَ فَأَوْلى ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى فقال أبو جهل بأيّ شيء تهدّدني لا تستطيع أنت ولا ربّك ان تفعلا بي شيئاً أو انّي لاعزّ أهل هذا الوادي فأنزل الله سبحانه كما قال له رسول الله صلّى الله عليه وآله.

(٣٦) أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً مهملاً القمّيّ قال لا يحاسب ولا يعذّب ولا يسئل عن شيء.

(٣٧) أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى.

(٣٨) ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى فقدّره فعدله.

(٣٩) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الصنفين الذَّكَرَ وَالْأُنْثى.

(٤٠) أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى.

في المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : انّه لمّا نزلت هذه الآية قال سبحانك اللهمَّ بلى.

قال وهو المرويّ عن الباقر والصادق عليهما السلام وفي العيون عن الرضا عليه السلام : انّه إذا قرأ هذه السّورة قال عند فراغها ذلك.

في ثواب الأعمال والمجمع عن الباقر عليه السلام : من أدمن قراءة لا أقسم وكان يعمل بها بعثه الله مع رسوله صلّى الله عليه وآله من قبره في أحسن صورة ويبشّره ويضحك في وجهه حتّى يجوز على الصّراط والميزان.

٢٥٨

سُورة الإِنسان

وتُسمّى سورة الدّهر قيل مكيّة كُلّها وقيل مدنيّة كلّها وقيل مدنية

الّا قولهُ وَلا تُطِعْ الآية وهي إحدى وثلاثون آية بالإِجماع

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(١) هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ استفهام تقرير وتقريب ولذلك فسرّ بقد حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ طائفة من الزمان لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً.

في الكافي عن الصادق عليه السلام قال : كان مقدوراً غير مذكور.

وفي المجمع قال : كان شيئاً مقدوراً ولم يكن مكوّناً.

وعن الباقر عليه السلام قال : كان شيئاً ولم يكن مذكوراً.

ومثله في المحاسن عن الصادق عليه السلام وفي المجمع عنهما عليهما السلام : كان مذكوراً في العلم ولم يكن مذكوراً في الخلق.

(٢) إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ اخلاط.

القمّيّ عن الباقر عليه السلام : ماء الرجل والمرأة اختلطا جميعاً نَبْتَلِيهِ نختبره فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً ليتمكّن من استماع الآيات ومشاهدة الدّلائل.

(٣) إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ بنصب الدلائل وانزال الآيات القمّيّ أي بيّنا له طريق الخير والشرّ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً.

في الكافي والتوحيد عن الصادق عليه السلام قال : عرّفناه امّا آخذا وامّا تاركا.

والقمّيّ عن الباقر عليه السلام : امّا آخذ فشاكر وامّا تارك فكافر.

٢٥٩

(٤) إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَلاسِلَ بها يقادون وَأَغْلالاً بها يقيدون وَسَعِيراً بها يحرقون وقرئ سلاسلاً للمناسبة.

(٥) إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ من خمر وهي في الأصل القدح تكون فيه كانَ مِزاجُها ما يمزج بها كافُوراً لبرده وعذوبته وطيب عرفه.

(٦) عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ القمّيّ أي منها يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً يجرونها حيث شاءوا إجراءً سهلا.

في المجالس عن الباقر عليه السلام : هي عين في دار النبيّ صلّى الله عليه وآله يفجّر الى دور الأنبياء والمؤمنين.

(٧) يُوفُونَ بِالنَّذْرِ بيان لما رزقوا لأجله وهو ابلغ في وصفهم بالتوفّر على أداء الواجبات لأنّ من وفي بما أوجبه على نفسه كان اوفى بما أوجبه الله عليه وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً شدائده فاشياً منتشراً غاية الانتشار القمّيّ المستطير العظيم.

وفي المجالس عن الباقر عليه السلام : يقول كلوحاً عابساً.

(٨) وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ حبّ الطعام.

في المجالس عن الباقر عليه السلام : يقول على شهوتهم للطعام وإيثارهم له مِسْكِيناً قال من مساكين المسلمين وَيَتِيماً قال من يتامى المسلمين وَأَسِيراً قال من أسارى المشركين.

(٩) إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً قال يقولون إذا أطعموهم ذلك قال والله ما قالوا هذا لهم ولكنّهم أضمروه في أنفسهم فأخبر الله بإضمارهم يقولون لا نريد منكم جزاء تكافئوننا به ولا شكوراً تثنون علينا به ولكنّا انّا أطعمناكم لوجه الله وطلب ثوابه.

(١٠) إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً يعبس فيه الوجوه قَمْطَرِيراً شديد العبوس.

٢٦٠