تفسير الصّافي - ج ٥

محمّد بن المرتضى [ الفيض الكاشاني ]

تفسير الصّافي - ج ٥

المؤلف:

محمّد بن المرتضى [ الفيض الكاشاني ]


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: منشورات مكتبة الصدر
المطبعة: خورشيد
الطبعة: ٣
ISBN الدورة:
964-6847-51-X

الصفحات: ٤٠٠

(١١) فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ منصبّ وهو مبالغة وتمثيل لكثرة الأمطار وشدّة انصبابها.

(١٢) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً وجعلنا الأرض كلّها كأنّها عيون منفجرة وأصله وفجّرنا عيون الأرض فغيّر للمبالغة فَالْتَقَى الْماءُ ماء السماء وماء الأرض عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ قدّره الله عزّ وجلّ.

في الكافي عن الصادق عن أمير المؤمنين عليهما السلام قال : لم تنزل قطرة من السماء من مطر الّا بعدد معدود ووزن معلوم الّا ما كان من يوم الطّوفان في عهد نوح عليه السلام فانّه نزل ماء منهمر بلا وزن ولا عدد.

(١٣) وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ ذات أخشاب عريضة وَدُسُرٍ القمّيّ قال الألواح السّفينة والدّسر المسامير قال وقيل الدّسر ضرب من الحشيش شدّ به السّفينة.

(١٤) تَجْرِي بِأَعْيُنِنا بمرأىٍ منّا القمّيّ بأمرنا وحفظنا جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ أي فعلنا ذلك جزاء لنوح لأنّه نعمة كفروها فانّ كلّ نبيّ نعمة من الله ورحمة على أمّته.

(١٥) وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً يعبّر بها إذ شاع خبرها فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ معتبر.

(١٦) فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ انذاراتي أو رسلي وقد مضى تمام هذه القصّة في سورة هود.

(١٧) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ سهّلناه لِلذِّكْرِ للاذكار والاتّعاظ لمن يذّكر بأن صرّفنا فيه أنواع المواعظ والعبر فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ متّعظ.

(١٨) كَذَّبَتْ عادٌ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ وإنذار أتى لهم بالعذاب قبل نزوله.

(١٩) إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً باردة فِي يَوْمِ نَحْسٍ شؤم مُسْتَمِرٍّ أي مستمرّ شؤمه الى مثله.

في العلل عن الصادق عليه السلام : الأربعاء يوم نحس مستمرّ لأنّه أوّل يوم وآخر يوم من الأيّام الّتي قال الله عزّ وجلّ سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً.

وفي العيون برواية الرضا عليه السلام عن أمير المؤمنين عليه السلام.

١٠١

وفي المجمع برواية العيّاشي عن الباقر عليه السلام : انّه كان في يوم الأربعاء وزاد العيّاشي : في آخر الشهر لا يدور.

وفي الفقيه والخصال عن الباقر عليه السلام : انّ لله عزّ وجلّ جنودا من الرّيح يعذّب بها من عصاه موكّل بكلّ ريح منهنّ ملك مطاع فإذا أراد الله عزّ وجلّ ان يعذّب قوماً بعذاب اوحى الله الى الملك الموكّل بذلك النوع من الريح الذي يريد أن يعذّبهم به فيأمرها الملك فتهيّج كما يهيّج الأسد المغضب ولكلّ ريح منهنّ اسم اما تسمع لقول الله عزّ وجلّ إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ وفي الكافي : ما في معناه.

(٢٠) تَنْزِعُ النَّاسَ تقلعهم روي : انّهم دخلوا في الشعاب والحفر وتمسّك بعضهم ببعض فنزعتهم الرّيح منهم وصرعتهم موتى كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ اصول نخل منقلع عن مغارسه ساقط على الأرض قيل شبّهوا بالاعجاز لأنّ الريح طيّرت رؤوسهم وطرحت أجسادهم.

(٢١) فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ كرّره للتّهويل وقيل الأوّل لما حاق بهم في الدنيا والثاني لما يحيق بهم في الآخرة كما قال أيضاً في قصّتهم لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى وقد مضى تمام القصّة في سُورة الأعراف وهود.

(٢٢) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ.

(٢٣) كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ بالإنذارات والمواعظ أو الرّسل.

(٢٤) فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا من جنسنا واحِداً منفرداً لا تبع له نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ جمع سعير كأنّهم عكسوا عليه فرتّبوا على اتّباعهم إيّاه ما رتّبه على ترك اتّباعهم له.

(٢٥) أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ الكتاب والوحي عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا وفينا من هو أحقّ منه بذلك بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ حمله بطره على الترفّع علينا بادّعائه.

(٢٦) سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ الذي حمله اشره على الاستكبار على الحقّ وطلب الباطل أصالح أم من كذّبه وقرئ ستعلمون على الالتفات أو حكاية ما أجابهم به صالح.

١٠٢

(٢٧) إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ مخرجوها وباعثوها فِتْنَةً لَهُمْ اختباراً فَارْتَقِبْهُمْ فانتظرهم وتبصر ما يصنعون وَاصْطَبِرْ على إذاهم.

(٢٨) وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ مقسوم لها يوم ولهم يوم كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ يحضره صاحبه في نوبته.

(٢٩) فَنادَوْا صاحِبَهُمْ قدّار بن سالف بن أحيمر ثمود فَتَعاطى فَعَقَرَ فاجترأ على تعاطي قتلها فقتلها أو فتعاطى السّيف فقتلها والتعاطي تناول الشيء بتكلّف.

(٣٠) فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ.

(٣١) إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ كالحشيش الّذي يجمعه صاحب الحظيرة لماشيته في الشتاء وقد مضى قصّتهم مفصّلة في سورة الأعراف.

(٣٢) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ.

(٣٣) كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ.

(٣٤) إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً ريحاً تحصبهم بالحجارة اي ترميهم إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ في آخر اللّيل.

(٣٥) نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا انعاماً منّا كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ شكر نعمتنا بالايمان والطاعة.

(٣٦) وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ لوط بَطْشَتَنا أخذتنا بالعذاب فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ فكذّبوا بالنّذر متشاكسين وتدافعوا بالإنذار على وجه الجدال بالباطل.

(٣٧) وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ قصدوا الفجور بهم فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ فمسحناها وسوّيناها بسائر الوجه أهوى جبرئيل بإصبعه نحوهم فذهب أعينهم وفي رواية أخذ كفّاً من بطحاء فضرب بها وجوههم فقال شاهت الوجوه فعمي أهل المدينة كلّهم وقد سبقت الروايتان مع تمام القصّة في سورة هود فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ فقلنا لهم ذوقوا على السنة الملائكة أو ظاهر الحال.

(٣٨) وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ يستقرّ بهم حتّى يسلّمهم إلى النّار.

١٠٣

(٣٩) فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ.

(٤٠) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ كرّر ذلك في كلّ قصّة اشعاراً بأنّ تكذيب كلّ رسول مقتض لنزول العذاب واستماع كلّ قصّة مستدع للادّكار والاتعاظ واستينافاً للتنبيه والإيقاظ لئلّا يغلبهم السّهو والغفلة وهكذا تكرير قوله فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ووَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ* ونحوهما.

(٤١) وَلَقَدْ جاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ اكتفى بذكرهم عن ذكره للعلم بأنّه أولى بذلك.

(٤٢) كَذَّبُوا بِآياتِنا كُلِّها قيل يعني الآيات التسع.

وفي الكافي عن الباقر عليه السلام : يعني الأوصياء عليهم السلام كلّهم.

فَأَخَذْناهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ أخذ من لا يغالب ولا يعجزه شيء.

(٤٣) أَكُفَّارُكُمْ يا معشر قريش خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ من هذه الأمم الهالكة أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ أي لكم براءة في الكتب ان لا تهلكوا كما هلكوا.

(٤٤) أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ نحن جماعة أمرنا مجتمع منتصر من الاعداء لا نغلب القمّيّ قال قريش قد اجتمعنا لننتصر بقتلك يا محمّد فأنزل الله أَمْ يَقُولُونَ الآية.

(٤٥) سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ قال يعني يوم بدر حين هزموا وأسروا وقتلوا.

(٤٦) بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ يعني القيامة موعد عذابهم الأصلي وما يحيق بهم في الدنيا من طلائعه وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ أشدّ واغلظ وامرّ مذاقاً من عذاب الدنيا.

(٤٧) إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ عن الحق في الدنيا وَسُعُرٍ ونيران في الآخرة القمّيّ وسعير واد في جهنّم عظيم.

(٤٨) يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ يجرّون عليها ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ يقال لهم ذوقوا حرّ النّار وألمها قيل سقر علم لجهنّم.

في ثواب الأعمال عن الصادق عليه السلام : انّ في جهنّم لوادياً للمتكبّرين يقال له

١٠٤

سقر شكا إلى الله شدّة حرّه وسأله أن يأذن له ان يتنفّس فأحرق جهنم.

(٤٩) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ مقدّراً مكتوباً في اللّوح قبل وقوعه القمّيّ قال له وقت واجل ومدّة.

في الإكمال عن الصادق عليه السلام قال : انّ القدرية مجوس هذه الأمّة وهم الذين أرادوا ان يصفوا الله بعدله فأخرجوه عن سلطانه وفيهم نزلت هذه الآية يَوْمَ يُسْحَبُونَ إلى قوله بِقَدَرٍ وقد سئل عن الرقى أتدفع من القدر شيئاً فقال هي من القدر.

وفي ثواب الأعمال عنه عليه السلام قال : ما أنزل الله هذه الآيات الّا في القدرية إِنَّ الْمُجْرِمِينَ إلى قوله بِقَدَرٍ.

وعن الباقر عليه السلام : نزلت هذه الآية في القدريّة ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ.

والقمّيّ عن الصادق عليه السلام قال : وجدت لأهل القدر اسماً في كتاب الله إِنَّ الْمُجْرِمِينَ إلى قوله بِقَدَرٍ قال فهم المجرمون.

(٥٠) وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ القمّيّ يعني يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ في اليسر والسرعة.

(٥١) وَلَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْياعَكُمْ اتباعكم واشباهكم في الكفر من عبّاد الأصنام فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ متّعظ.

(٥٢) وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ مكتوب في كتب الحفظة.

(٥٣) وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ من الاعمال مُسْتَطَرٌ مسطور.

(٥٤) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ.

(٥٥) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ في مكان مرضيّ أو حقّ لا لغو فيه ولا تأثيم عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ مقرّبين عند من تعالى أمره في الملك والاقتدار بحيث أبهمه ذووا الافهام.

وفي ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق عليه السلام : من قرأ سورة اقتربت السّاعة أخرجه الله من قبره على ناقة من نوق الجنّة إن شاء الله.

١٠٥

سُورَة الرّحْمن

مكيّة وقيل مدنيّة عدد آيها ثمان وسبعون آية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

(١) الرَّحْمنُ.

(٢) عَلَّمَ الْقُرْآنَ.

(٣) خَلَقَ الْإِنْسانَ.

(٤) عَلَّمَهُ الْبَيانَ قيل لمّا كانت هذه السورة مشتملة على تعداد النّعم الدنيويّة والاخرويّة صدّرها ب الرَّحْمنُ وقدّم أجلّ النعم وأشرفها وهو تعليم القرآن فانّه أساس الدّين ومنشأ الشرع وأعظم الوحي وأعزّ الكتب إذ هو باعجازه واشتماله على خلاصتها مصدّق لنفسه ولها ثمّ اتبعه بنعمة خلق الإنسان وايتائه بما تميّز به عن سائر الحيوان من التعبير عمّا في الضّمير وافهام الغير ما أدركه.

وفي المجمع قال الصادق عليه السلام : الْبَيانَ الاسم الأعظم الذي علم به كلّ شيء.

(٥) الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ يجريان بحساب معلوم مقدّر في بروجهما ومنازلهما ويتّسق بذلك أمور الكائنات ويختلف الفصول والأوقات ويعلم السنون.

(٦) وَالنَّجْمُ النبات الذي ينجم اي يطلع من الأرض ولا ساق له وَالشَّجَرُ الذي له ساق يَسْجُدانِ ينقاد ان لله فيما يريد بهما طبعاً انقياد السّاجد من المكلّفين طوعاً.

(٧) وَالسَّماءَ رَفَعَها خلقها مرفوعة محلّا ومرتبة فانّها منشأ أقضيته ومتنزّل أحكامه

١٠٦

ومحلّ ملائكته وَوَضَعَ الْمِيزانَ العدل بان وفّر على كلّ مستعدّ مستحقّه ووفّى كلّ ذي حقّ حقّه حتّى انتظم امر العالم واستقام كما قال صلّى الله عليه وآله بالعدل قامت السّماوات والأرض.

(٨) أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ لئلّا تطغوا فيه اي لا تعتدوا ولا تجاوزوا الإنصاف.

(٩) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ ولا تنقصوه فانّ من حقّه ان يسوّى لأنّه المقصود من وضعه.

(١٠) وَالْأَرْضَ وَضَعَها حفظها مدحوّة لِلْأَنامِ للخلق.

(١١) فِيها فاكِهَةٌ ضروب ممّا يتفكّه به وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ اوعية التمر.

(١٢) وَالْحَبُ والثمرة كالحنطة والشّعير وساير ما يتغذّى به ذُو الْعَصْفِ ذو الورق اليابس كالتّبن وَالرَّيْحانُ يعني المشموم الرّزق من قولهم خرجت اطلب ريحان الله.

القمّيّ عن الرضا عليه السلام : الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ قال الله علّم القرآن قيل خَلَقَ الْإِنْسانَ قال ذلك أمير المؤمنين عليه السلام قيل عَلَّمَهُ الْبَيانَ قال علّمه بيان كلّ شيء يحتاج اليه الناس قيل الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ قال هما بعذاب الله قيل الشّمس والقمر يعذبان قال سألت عن شيء فأتقنه انّ الشمس والقمر آيتان من آيات الله تجريان بأمره مطيعان له ضوؤهما من نور عرشه وحرّهما من جهنّم فإذا كانت القيامة عاد إلى العرش نورهما وعاد إلى النّار حرّهما فلا يكون شمس ولا قمر وانّما عناهما لعنهما الله أو ليس قد روى الناس انّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال : انّ الشمس والقمر نوران في النّار قيل بلى قال أما سمعت قول النّاس فلان وفلان شمسا هذه الأمّة ونورهما فهما في النّار والله ما عنى غيرهما. قيل النَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ قال النّجم رسول الله صلّى الله عليه وآله وقد سمّاه الله في غير موضع فقال وَالنَّجْمِ إِذا هَوى وقال وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ فالعلامات الأوصياء والنجم رسول الله صلوات الله عليهم قيل يَسْجُدانِ قال يعبدان وقوله وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ قال السماء رسول الله رفعه الله إليه والميزان أمير المؤمنين صلوات الله عليهما نصبه لخلقه قيل أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ قال لا تعصوا الامام قيل وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ قال أقيموا الإِمام بالعدل

١٠٧

قيل وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ قال لا تبخسوا الامام حقّه ولا تظلموه وقوله وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ قال للناس فِيها فاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ قال يكبر ثمر النخل في القمع ثمّ يطلع منه قوله وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ قال الحبّ الحنطة والشّعير والحبوب والعصف التبن والرّيحان ما يؤكل منه.

(١٣) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ القمّيّ قال : في الظّاهر مخاطبة الجنّ والإنس وفي الباطن فلان وفلان.

وعن الصادق عليه السلام : أنّه سئل عنه قال قال الله فبأيّ النّعمتين تكفران بمحمّد صلّى الله عليه وآله أم بعليّ عليه السلام.

وفي الكافي مرفوعاً : بالنبيّ صلّى الله عليه وآله أم بالوصيّ وقد تكلّف المفسّرون للآلاء في كلّ موضع من هذه السورة معنى غير معناه في الموضع الآخر استنبطوه ممّا تقدّم ذكره طوينا ذلك مكتفين بما في هذا الحديث ووجه التكرير نظير ما مرّ في سورة القمر.

(١٤) خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ الصلصال الطّين اليابس الّذي له صلصلة والفخّار الخزف وقد خلق آدم من تراب جعله طيناً ثمّ حمأً مسنوناً ثمّ صلصالاً فلا تنافي بين ما ورد بكلّ منها.

(١٥) وَخَلَقَ الْجَانَ أبا الجنّ كما مضى في سورة الحجر مِنْ مارِجٍ من صاف من الدّخان مِنْ نارٍ بيان لمارج فانّه في الأصل للمضطرب من مرج إذا اضطرب.

(١٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ.

(١٧) رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ مشرقي الشتاء والصّيف ومغربيهما. وفي الاحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام : أنّه سئل عن هذه الآية فقال إنّ مشرق الشتاء على حدة ومشرق الصّيف على حدة انّما تعرف ذلك من قرب الشمس وبعدها قال وامّا قوله بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ فانّ لها ثلاث مائة وستّين برجاً تطلع كلّ يوم من برج وتغيب في الآخر فلا تعود إليه الّا من قابل في ذلك اليوم والقمّيّ بعد ما فسّرهما بما فسّرنا.

وروي عن الصادق عليه السلام : انّ المشرقين رسول الله وأمير المؤمنين صلوات الله

١٠٨

عليهما والمغربين الحسن والحسين عليهما السلام قال وفي أمثالهما يجري.

(١٨) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ.

(١٩) مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ أرسل البحر العذاب والبحر الملح يَلْتَقِيانِ يتجاوزان.

(٢٠) بَيْنَهُما بَرْزَخٌ حاجز من قدرة الله لا يَبْغِيانِ لا يبغي أحدهما على الآخر بالممازجة وإبطال الخاصّية.

(٢١) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ.

(٢٢) يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ كبار الدرّ وصغاره وقيل المرجان الخرز الأحمر وقرئ يخرج على البناء للمفعول.

وفي قرب الإسناد عن الصادق عن أبيه عن عليّ عليهم السلام : يَخْرُجُ مِنْهُمَا قال من ماء السّماء ومن ماء البحر فإذا أمطرت فتحت الاصداف أفواهها في البحر فيقع فيها من ماء المطر فتخلق الّلئالي الصّغيرة من القطرة الصغيرة واللّؤلؤ الكبيرة من القطرة الكبيرة.

والقمّيّ عن الصادق عليه السلام قال : عليّ وفاطمة صلوات الله عليهما بحران عميقان لا يبغي أحدهما على صاحبه يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ قال الحسن والحسين عليهما السلام.

وفي المجمع عن سلمان الفارسيّ وسعيد بن جبير وسفيان الثوري : انّ الْبَحْرَيْنِ عليّ وفاطمة عليهما السلام والبرزخ محمّد صلّى الله عليه وآله واللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ الحسن والحسين عليهما السلام.

(٢٣) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ.

(٢٤) وَلَهُ الْجَوارِ السفن جمع جارية الْمُنْشَآتُ قيل المرفوعات الشراع وقرئ بكسر الشين اي الرّافعات الشراع فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ كالجبال جمع علم وهو الجبل الطّويل.

(٢٥) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ.

(٢٦) كُلُّ مَنْ عَلَيْها من على وجه الأرض فانٍ.

١٠٩

(٢٧) وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ ذو الاستغناء المطلق والفضل العام وذلك لأنّك إذا استقريت جهات الموجودات وتصفّحت وجوهها وجدتها بأسرها فانية في حدّ ذاتها الّا وجه الله اي الوجه الذي يلي جهته والقمّيّ كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ قيل من على وجه الأرض وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ قال دين ربّك.

وعن السجّاد عليه السلام : نحن وجه الله الّذي يؤتى منه.

وفي المناقب عن الصادق عليه السلام : وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ قال نحن وجه الله.

وفي التوحيد عن الجواد عليه السلام في حديث : وإذا أفنى الله الأشياء أفنى الصّور والهجاء ولا ينقطع ولا يزال من لم يزل عالماً.

(٢٨) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ.

(٢٩) يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فانّهم مفتقرون إليه في ذواتهم وصفاتهم وسائر ما يهمّهم ويعنّ لهم والمراد بالسؤال ما يدلّ على الحاجة الى تحصيل الشيء نطقاً كان أو غيره كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ من احداث بديع لم يكن كذا.

عن أمير المؤمنين عليه السلام في خطبة رواها في الكافي والقمّيّ قال يحيي ويميت ويرزق ويزيد وينقص.

وفي المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : في هذه الآية قال من شأنه ان يغفر ذنباً ويفرّج كرباً ويرفع قوماً ويضع آخرين قيل هو ردٌّ لقول اليهود انّ الله لا يقضي يوم السّبت شيئاً أو انّه قد فرغ من الامر.

(٣٠) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ.

(٣١) سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ وقرئ بالياء قيل أي سنتجرّد بحسابكم وجزائكم وذلك يوم القيامة فانّه ينتهي يومئذ شئون الخلق كلّها فلا يبقى الّا شأن واحد وهو الجزاء فجعل ذلك فراغاً على سبيل التمثيل وقيل تهديد مستعار من قولك لمن تهدّده سأفرغ لك فانّ المتجرّد للشّيء كان أقوى عليه واجدّ فيه والثّقلان الجنّ والإنس.

والقمّيّ قال نحن وكتاب الله والدّليل على ذلك قول رسول الله صلّى الله عليه وآله : انّي تاركٌ فيكم الثّقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي.

١١٠

(٣٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ.

(٣٣) يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ان قدرتم ان تخرجوا من جوانب السماوات والأرض هاربين من الله فارّين من قضائه فَانْفُذُوا فاخرجوا لا تَنْفُذُونَ لا تقدرون على النّفوذ إِلَّا بِسُلْطانٍ الّا بقوّة وقهر وأنّى لكم ذلك أو إن قدرتم ان تنفذوا لتعلموا ما في السماوات والأرض فانفذوا لتعلموا لكن لا تنفذون ولا تعلمون الا ببيّنة نصبها الله فتعرجون عليها بأفكاركم كذا قيل وفي المجمع قد جاء في الخبر : يحاط على الخلق بالملائكة وبلسان من نار ثمّ ينادون يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ إلى قوله شُواظٌ مِنْ نارٍ.

وعن الصادق عليه السلام : إذا كان يوم القيامة جمع الله العباد في صعيد واحد وذلك انّه يوحي إلى السماء الدّنيا ان اهبطي بمن فيك فيهبط أهل السماء الدّنيا بمثلي من في الأرض من الجنّ والإنس والملائكة ثمّ يهبط أهل السماء الثانية بمثل الجميع مرّتين فلا يزالون كذلك حتّى يهبط أهل سبع سماوات فتصير الجنّ والإنس في سبع سرادقات من الملائكة ثمّ ينادي مناد يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ الآية فينظرون فإذا قد أحاط بهم سبعة اطواق من الملائكة والقمّيّ ما يقرب منه وقد مرّ في سورة البقرة عند قوله تعالى هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ.

(٣٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ.

(٣٥) يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ دخان أو صفر مذاب يصب على رؤوسهم وقرئ بكسر السين وهو لغة ونحاس بالجر فَلا تَنْتَصِرانِ فلا تمتنعان.

(٣٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ.

(٣٧) فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً قيل أي حمراء كوردة النّبات أو كلون الفرس الورد وهو الأبيض الّذي يضرب الى الحمرة أو الصّفرة أو الغبرة ويختلف في الفصول والوردة واحدة الورد فشبّه السماء يوم القيامة في اختلاف ألوانها بذلك كَالدِّهانِ قيل كالدهان الّتي يصبّ بعضها فوق بعض بألوان مختلفة وقيل مذابة كالدّهن وهو اسم لما يدهن به أو جمع دهن وقيل هو الأديم الأحمر.

١١١

(٣٨) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ.

(٣٩) فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌ قيل لأنّهم يعرفون بسيماهم والقمّيّ قال منكم يعني من الشيعة قال معناه من تولّى أمير المؤمنين عليه السلام وتبرّأ من أعدائه وآمن بالله واحلّ حلاله وحرّم حرامه ثمّ دخل في الذنوب ولم يتب في الدنيا عذّب بها في البرزخ ويخرج يوم القيامة وليس له ذنب يسئل عنه يوم القيامة.

وفي المجمع عن الرضا عليه السلام قال : في هذه الآية انّ من اعتقد الحقّ ثمّ أذنب ولم يتب في الدنيا عذّب عليه في البرزخ ويخرج يوم القيامة وليس له ذنب يسئل عنه.

(٤٠) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ.

(٤١) يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ (١) قيل هو ما يعلوهم من الكآبة والحزن فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ.

في البصائر عن الصادق عليه السلام : أنّه سأل بعض أصحابه ما يقولون في هذا قال يزعمون انّ الله تعالى يعرف المجرمين بسيماهم في القيامة فيأمر بهم فيؤخذ بنواصيهم وأقدامهم فيلقون في النّار فقال وكيف يحتاج تبارك وتعالى الى معرفة خلق هو انشأهم وهو خلقهم قال وما ذاك قال عليه السلام ذاك لو قام قائمنا أعطاه الله السّيماء فيأمر بالكافرين فيؤخذ بنواصيهم وأقدامهم ثمّ يخبط بالسيف خبطاً.

(٤٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ.

(٤٣) هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ.

(٤٤) يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ ماء بلغ النهاية في الحرارة.

وفي المجمع عنه عليه السلام : هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كنتما بها تكذّبان اصلياها فلا تموتان فيها ولا تحييان والقمّيّ ما في معناه.

(٤٥) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ.

(٤٦) وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ.

__________________

(١) أي بعلامتهم وهي سواد الوجه وزرقة العيون.

١١٢

في الكافي عن الصادق عليه السلام : في هذه الآية قال من علم ان الله يراه ويسمع ما يقول ويعلم ما يعلمه من خير أو شرّ فيحجزه ذلك عن القبيح من الأعمال فذلك الّذي خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى وفي الفقيه في مناهي النبيّ صلّى الله عليه وآله : من عرضت له فاحشة أو شهوة فاجتنبها من مخافة الله تعالى حرّم الله عليه النار وآمنه من الفزع الأكبر وأنجز له ما وعده في كتابه في قوله تعالى وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ.

(٤٧) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ.

(٤٨) ذَواتا أَفْنانٍ ذواتا الوان من النّعيم أو أنواع من الأشجار والثمار جمع فنّ أو أغصان جمع فنن وهي الغصنة الّتي تتشعّب من فرع الشجر وتخصيصها بالذكر لأنّها التي تورق وتثمر وتمدّ الظلّ.

(٤٩) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ.

(٥٠) فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ.

(٥١) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ.

(٥٢) فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ صنفان غريب ومعهود أو رطب ويابس.

(٥٣) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ.

(٥٤) مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ من ديباج ثخين فما ظنّك بالظّهائر وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ مجنيهما قريب يناله القاعد والمضطجع.

(٥٥) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ.

(٥٦) فِيهِنَ في الجنان قاصِراتُ الطَّرْفِ نساء قصرن ابصارهنّ على أزواجهنّ لم يردن غيرهم والقمّيّ قال الحور العين يقصر الطرف عنها من ضوء نورها لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌ لم يمسّ الانسيّات انس ولا الجنيّات جنّ وقرئ بضمّ الميم.

(٥٧) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ.

(٥٨) كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ في حمرة الوجنة وبياض البشرة وصفائهما.

١١٣

وفي المجمع في الحديث : انّ المرأة من أهل الجنة يرى مخ ساقها وراء سبعين حلة من حرير.

وفي الكافي عن الباقر عليه السلام عن النبيّ صلّى الله عليه وآله في حديث : مثله بدون قوله من حرير.

والقمّيّ عن الصادق عليه السلام : ما في معناه مع زيادات وقد مضى في سورة الحجّ.

(٥٩) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ.

(٦٠) هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ القمّيّ قال : ما جزاء من أنعمت عليه بالمعرفة الّا الجنّة.

ورواه في التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام وفي العلل عن الحسن بن عليّ عليهما السلام عن النبيّ صلّى الله عليه وآله قال : هل جزاء من قال لا إله إلّا الله الّا الجنّة.

وفي المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : انّه قرأ هذه الآية فقال هل تدرون ما يقول ربّكم قالوا الله ورسوله أعلم قال فانّ ربّكم يقول هل جزاء من أنعمنا عليه بالتوحيد الّا الجنّة.

وعن العيّاشي عن الصادق عليه السلام : انّ هذه الآية جرت في الكافر والمؤمن والبرّ والفاجر من صنع إليه معروف فعليه ان يكافي به وليس المكافاة ان تصنع كما صنع حتّى تربى فان صنعت كما صنع كان له الفضل بالابتداء.

(٦١) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ.

(٦٢) وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ ومن دون تينك الجنّتين الموعودتين للخائفين مقام ربّهم جنّتان لمن دونهم.

في المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : جَنَّتانِ من فضّة أبنيتهما وما فيهما

١١٤

وجَنَّتانِ من ذهب أبنيتهما وما فيهما.

وعن الصادق عليه السلام : لا تقولنّ الجنّة واحدة انّ الله يقول مِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ ولا تقولنّ درجة واحدة انّ الله يقول بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ* انّما تفاضل القوم بالأعمال.

وعنه عليه السلام : قيل له الناس يتعجّبون منّا إذا قلنا يخرج قوم من النّار فيدخلون الجنّة فيقولون لنا فيكونون مع أولياء الله في الجنّة فقال إنّ الله يقول وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ لا والله ما يكونون مع أولياء الله.

والقمّيّ عنه عليه السلام : أنّه سئل عن قوله وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ قال خضراوان في الدنيا يأكل المؤمنون منهما حتّى يفرغ من الحساب.

(٦٣) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ.

(٦٤) مُدْهامَّتانِ خضراوان تضربان الى السّواد من شدّة الخضرة.

القمّيّ عن الصادق عليه السلام : في هذه الآية قال يتّصل ما بين مكّة والمدينة نخلاً.

(٦٥) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ.

(٦٦) فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ فوّارتان.

القمّيّ عنه عليه السلام قال : تفوران.

(٦٧) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ.

(٦٨) فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ عطفهما على الفاكهة بياناً لفضلهما فانّ ثمرة النخل فاكهة وغذاء والرمان فاكهة ودواء.

في الكافي عن الصادق عليه السلام : الفاكهة مائة وعشرون لوناً سيّدها الرمّان.

وعنه عليه السلام : خمس من فواكه الجنّة في الدنيا الرمّان الا مليسيّ والتفاح

١١٥

والشيقان والسفرجل والعنب الرّازقي والرّطب المشان.

(٦٩) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ.

(٧٠) فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ.

في المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : أي نساء خيرات الأخلاق حسان الوجوه.

في الكافي عن الصادق عليه السلام : هنّ صوالح المؤمنات العارفات.

وفي الفقيه عنه عليه السلام : الخيرات الحسان من نساء أهل الدنيا وهنّ أجمل من الحور العين والقمّيّ قال جوار نابتات على شطّ الكوثر كلّما أخذت منها واحدة نبتت مكانها اخرى.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام : أنّه سئل عن قول الرجل للرجل جزاك الله خيراً ما يعني به قال إنّ خير نهر في الجنّة مخرجه من الكوثر والكوثر مخرجه من ساق العرش عليه منازل الأوصياء وشيعتهم على حافّتي ذلك النّهر جواري نابتات كلّما قلعت واحدة نبتت اخرى سمّين باسم ذلك النّهر وذلك قوله تعالى فيهنّ خَيْراتٌ حِسان فإذا قال الرجل لصاحبه جزاك الله خيراً فانّما يعني بذلك تلك المنازل التي اعدّها الله لصفوته وخيرته من خلقه.

(٧١) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ.

(٧٢) حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ مخدّرات.

في الكافي عن الصادق عليه السلام قال : الحور هنّ البيض المقصورات المخدّرات في خيام الدرّ والياقوت والمرجان لكلّ خيمة أربعة أبواب على كلّ باب سبعون كاعباً حجّاباً لهنّ ويأتيهنّ في كلّ يوم كرامة من الله عزّ ذكره يبشّر الله عزّ وجلّ بهنّ المؤمنين والقمّيّ حُورٌ مَقْصُوراتٌ قال يقصر الطرف عنها وقيل مقصورة الطّرف على أزواجهنّ.

١١٦

وفي المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : الخيمة درّة واحدة طولها في السماء ستّون ميلاً في كلّ زاوية منها أهل للمؤمن لا يراه الآخرون.

وعنه صلّى الله عليه وآله قال : مررت ليلة اسري بي بنهر حافّتاه قباب المرجان فنوديت منه السلام عليك يا رسول الله فقلت يا جبرئيل من هؤلاء قال هؤلاء جوار من الحور العين استأذنّ ربّهنّ عزّ وجلّ ان يسلّمن عليك فأذن لهنّ فقلن نحن الخالدات فلا نموت ونحن النّاعمات فلا نيأس أزواج رجال كرام ثمّ قرأ صلّى الله عليه وآله حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ.

(٧٣) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ.

(٧٤) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌ.

(٧٥) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ.

(٧٦) مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ وسائد أو نمارق جمع رفرفة وقيل الرّفرف ضرب من البسط أو ذيل الخيمة وقد يقال لكلّ ثوب عريض خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ قيل زرابيّ وقيل كلّ ثوب موشّى فهو عبقريّ وقيل العبقريّ منسوب الى عبقر تزعم العرب انّه اسم بلد الجنّ فينسبون إليه كلّ شيء عجيب والمراد به الجنس ولذلك وصف بالجمع وقرئ في الشّواذ رفارف خضر وعباقريّ.

وفي المجمع رواها عن النبيّ صلّى الله عليه وآله.

(٧٧) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ.

(٧٨) تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ تعالى اسمه فما ظنّك بذاته ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ وقرئ بالرّفع صفة للاسم.

القمّيّ عن الباقر عليه السلام : في هذه الآية قال نحن جلال الله وكرامته التي أكرم الله تبارك وتعالى العباد بطاعتنا ومحبّتنا.

في الكافي عن جابر بن عبد الله قال : لمّا قرأ رسول الله صلّى الله عليه وآله

١١٧

الرّحمن على النّاس سكتوا فلم يقولوا شيئاً فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله الجنّ كانوا أحسن جواباً منكم لمّا قرأت عليهم فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ* قالوا لا بشيء من آلاءِ رَبّنا نكذّب.

في ثواب الأعمال عن الصادق عليه السلام : من قرأ سورة الرحمن فقال عند كل فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ* لا بشيء من آلائِك ربّ اكذّب فان قرأها ليلاً ثمّ مات مات شهيداً وان قرأها نهاراً ثمّ مات مات شهيداً.

وفي المجمع اخبار اخر في فضلها.

١١٨

سُورة الواقعة مكّيّة

وقال ابن عبّاس وقتادة الّا آية منها نزلت بالمدينة وهي وَتَجْعَلُونَ

رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ وقيل الّا قوله ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وقوله أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ نزلت في

سفره إلى المدينة عدد آيها تسع وتسعون آية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(١) إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ إذا حدثت القيامة سمّاها واقعة لتحقّق وقوعها.

(٢) لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ نفس كاذبة.

القمّيّ قال القيامة هي حقّ.

(٣) خافِضَةٌ قال بأعداء الله رافِعَةٌ قال لأولياء الله.

وفي الخصال عن السجّاد عليه السلام : إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ يعني القيامة خافِضَةٌ خفضت والله بأعداء الله إلى النّار رافِعَةٌ رفعت والله أولياء الله إلى الجنّة.

(٤) إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا حرّكت تحريكاً شديداً القمّيّ قال يدقّ بعضها على بعض.

(٥) وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا قال قلعت الجبال قلعاً وقيل فتّت كالسويق الملتوت.

(٦) فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا غباراً منتشراً القمّيّ قال الهباء الذي يدخل في الكّوة من شعاع الشمس.

(٧) وَكُنْتُمْ أَزْواجاً أصنافاً ثَلاثَةً قال يوم القيامة.

(٨) فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ قال وهم المؤمنون من أصحاب التبعات يوقفون للحساب.

١١٩

(٩) وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ.

(١٠) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ قيل الذين سبقوا إلى الجنّة بلا حساب.

(١١) أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ.

(١٢) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ.

في الكافي عن الصادق عليه السلام : انّ الله تبارك وتعالى خلق الخلق ثلاثة أصناف وهو قوله عزّ وجلّ وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً الآيات قال فالسّابقون هم رسول الله. وخاصّة الله من خلقه جعل فيهم خمسة أرواح ايّدهم بروح القدس فبه عرفوا الأشياء وأيدهم بروح الايمان فبه خافوا الله عزّ وجلّ وايّدهم بروح القوّة فبه قدروا على طاعة الله وايّدهم بروح الشهوة فبه اشتهوا طاعة الله عزّ وجلّ وكرهوا معصيته وجعل فيهم روح المدرج الذي به يذهب الناس ويجيئون وجعل في المؤمنين أصحاب الميمنة روح الايمان فبه خافوا الله وجعل فيهم روح القوّة فبه قووا على طاعة الله وجعل فيهم روح الشهوة فبه اشتهوا طاعة الله وجعل فيهم روح المدرج الذي به يذهب النّاس ويجيئون.

وفي الأمالي عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : انّه سئل عن هذه الآية فقال قال لي جبرئيل ذلك عليّ وشيعته هم السَّابِقُونَ إلى الجنّة الْمُقَرَّبُونَ من الله بكرامته.

وفي الخصال عن عليّ عليه السلام قال : وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فيَّ نزلت.

وفي الإكمال عن الباقر عليه السلام : في حديث ونحن السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ونحن الآخرون.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام قال : قال أبي لُاناس من الشيعة أنتم شيعة الله وأنتم أنصار الله وأنتم السابقون الأوّلون والسابقون الآخرون والسابقون في الدنيا الى ولايتنا والسّابقون في الآخرة إلى الجنّة.

وفي المجمع عن الباقر عليه السلام : السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أربعة ابن آدم المقتول

١٢٠