تفسير الصّافي - ج ٥

محمّد بن المرتضى [ الفيض الكاشاني ]

تفسير الصّافي - ج ٥

المؤلف:

محمّد بن المرتضى [ الفيض الكاشاني ]


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: منشورات مكتبة الصدر
المطبعة: خورشيد
الطبعة: ٣
ISBN الدورة:
964-6847-51-X

الصفحات: ٤٠٠

(٢٨) ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ قيل مالي من المال والتبّع والقمّيّ يعني ماله الذي جمعه.

(٢٩) هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ قيل ملكي وتسلّطي على الناس والقمّيّ أي حجّته.

(٣٠) خُذُوهُ يقال لخزنة النّار خذوه فَغُلُّوهُ.

(٣١) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ.

(٣٢) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ.

القمّيّ عن الصادق عليه السلام : لو أنّ حلقة واحدة من السلسلة التي طولها سبعون ذراعاً وضعت على الدنيا لذابت الدنيا من حرّها.

وفي الكافي عنه عليه السلام : وكان معاوية صاحب السلسلة التي قال الله عزّ وجلّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها الآية قال وكان فرعون هذه الأمّة.

وفي البصائر عن الباقر عليه السلام قال : كنت خلف أبي وهو على بغلته فنفرت بغلته فإذا هو شيخ في عنقه سلسلة ورجل يتبعه فقال يا عليّ بن الحسين اسقني فقال الرّجل لا تسقه لا سقاه الله قال وكان الشيخ معاوية وعنه عليه السلام : انَّه نزل وادي ضجنان فقال ثلاث مرّات لا غفر الله لك ثمّ قال لأصحابه أتدرون لم قلت ما قلت فقالوا لم قلت جعلنا الله فداك قال مرّ بي معاوية بن أبي سفيان يجرّ في سلسلة قد أدلى لسانه يسألني ان استغفر له وانّه ليقال إنّ هذا واد من أودية جهنّم والقمّيّ قال : معنى السلسلة السبعون ذراعاً في الباطن هم الجبابرة السّبعون.

(٣٣) إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ.

(٣٤) وَلا يَحُضُ ولا يحثّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ.

(٣٥) فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ قريب يحميه.

(٣٦) وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ غسالة أهل النار وصديدهم

٢٢١

القمّيّ قال عرق الكفّار.

(٣٧) لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخاطِؤُنَ اصحاب الخطايا من خطى الرّجل إذا تعمّد الذنب.

(٣٨) فَلا أُقْسِمُ لا مزيدة بِما تُبْصِرُونَ.

(٣٩) وَما لا تُبْصِرُونَ بالمشاهدات والمغيبات.

(٤٠) إِنَّهُ انّ القرآن لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ على الله يبلّغه عن الله فانّ الرسول لا يقول عن نفسه والمراد امّا محمّد صلّى الله عليه وآله أو جبرئيل.

(٤١) وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ كما تزعمون تارة قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ.

(٤٢) وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ كما تدعون اخرى قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ ولذلك يلتبس الأمر عليكم قيل ذكر الإيمان مع نفي الشاعريّة والتذكّر مع نفي الكاهنيّة لأنّ عدم مشابهة القرآن للشعر أمر بيّن لا ينكره الّا معاند بخلاف مباينته للكهانة فان العلم بها يتوقّف على تذكّر أحوال الرسول ومعاني القرآن المنافية لطريقة الكهنة ومعاني أقوالهم وقرئ بالياء فيهما.

(٤٣) تَنْزِيلٌ هو تنزيل مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ نزّله على لسان جبرئيل.

(٤٤) وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ القمّيّ يعني رسول الله صلّى الله عليه وآله.

(٤٥) لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ بيمينه أو بقوّتنا القمّيّ قال انتقمنا منه بقوّة.

(٤٦) ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ أي نياط قلبه والقمّيّ قال عرق في الظَّهر يكون منه الولد وهو تصوير لإِهلاكه بأفظع ما يفعله الملوك بمن يغضبون عليه.

(٤٧) فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ دافعين يعني أنّه لا يتكلّف الكذب علينا لأجلكم مع علمه انّه لو تكلّف ذلك لعاقبناه ثمّ لم تقدروا على دفع عقوبتنا عنه القمّيّ يعني لا يحجز الله أحد ولا يمنعه عن رسول الله صلّى الله عليه وآله.

٢٢٢

(٤٨) وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ.

(٤٩) وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ.

(٥٠) وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ إذا رأوا ثواب المؤمنين به.

(٥١) وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ الذي لا ريب فيه.

(٥٢) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ فسبّح الله بذكر اسمه العظيم تنزيهاً له عن الرضا بالتقوّل عليه وشكراً على ما أوحى إليك.

في الكافي عن الكاظم عليه السلام : إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ يعني جبرئيل من الله في ولاية عليّ عليه السلام قال : قالوا إنّ محمّداً كذب على ربّه وما أمره الله بهذا في عليّ فأنزل الله بذلك قرآناً فقال إنّ ولاية عليّ عليه السلام تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ الآية ثمّ عطف القول فقال إنّ ولاية عليّ عليه السلام لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ للعالمين وانّ عليّاً عليه السلام لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ وانّ ولايته لَحَقُّ الْيَقِينِ فَسَبِّحْ يا محمّد بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ يقول اشكر ربّك العظيم الذي أعطاك هذا الفضل.

والعيّاشي عن الصادق عليه السلام قال : لمّا أخذ رسول الله صلّى الله عليه وآله بيد عليّ وأظهر ولايته قالا جميعاً والله ما هذا من تلقاء الله ولا هذا الّا شيء أراد أن يشرّف به ابن عمّه فأنزل الله وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ الآيات أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ فلاناً وفلاناً وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ يعني عليّاً عليه السلام والقمّيّ : يعني أمير المؤمنين عليه السلام.

في ثواب الأعمال عن الصادق عليه السلام : أكثر من قراءة الحاقة فانّ قراءتها في الفرائض والنوافل من الإِيمان بالله ورسوله لأنّها انّما نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام ومعاوية ولم يسلب قارئها دينه حتّى يلقى الله عزّ وجلّ.

وفي المجمع عن الباقر عليه السلام : مثله بدون قوله لأنّها انّما نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام ومعاوية عليه الهاوية.

٢٢٣

سُورة المعارج

مكّيّة عدد آيها أربع وأربعون آية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(١) سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ أي دعا داع به بمعنى استدعاه وقرئ سأل بالألف وهو امّا لغة فيه وامّا من السّيلان.

(٢) لِلْكافِرينَ.

في الكافي مقطوعاً : انّها نزلت لِلْكافِرينَ بولاية عليّ عليه السلام قال هكذا والله نزل بها جبرئيل على محمّد صلّى الله عليه وآله وهكذا هو والله مثبت في مصحف فاطمة عليها السلام.

أقولُ : ويدلّ على هذا ما مرّ في سبب نزولها في سورة الأنفال عند قوله تعالى وَإِذْ قالُوا اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ.

والقمّيّ عن الباقر عليه السلام : أنّه سئل عن معنى هذه الآية فقال نار تخرج من المغرب وملك يسوقها من خلفها حتّى تأتي دار بني سعد بن همام عند مسجدهم فلا تدع داراً لبني أميّة الّا أحرقتها وأهلها ولا تدع داراً فيها وتر لآل محمّد صلوات الله عليهم الّا أحرقتها وذلك المهديّ قال في حديث آخر : لما اصطفّت الخيلان يوم بدر رفع أبو جهل يده فقال اللهم أقطعنا للرّحم وأتانا بما لا نعرفه فاجأه العذاب فأنزل الله تبارك وتعالى سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ يردّه.

٢٢٤

(٣) مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ ذي المصاعد وهي الدرجات التي تصعد فيها الكلم الطيّب والعمل الصالح ويترقّى فيها المؤمنون في سلوكهم وتعرج الملائكة والرّوح فيها.

(٤) تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ استئناف لبيان ارتفاع تلك المعارج وبعد مداها على سبيل تمثيل الملكوت بالملك في نحو الامتداد الزّماني المنزّه عنه الملكوت.

والقمّيّ عن النبيّ صلّى الله عليه وآله قال : تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ في صبح ليلة القدر إليه من عند النبيّ صلّى الله عليه وآله والوصيّ عليه السلام.

وفي الإِحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام : وقد ذكر النبيّ صلّى الله عليه وآله قال أسرى به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى مسيرة شهر وعرج به في ملكوت السماوات مسيرة خمسين ألف عام أقلّ من ثلث ليلة حتّى انتهى إلى ساق العرش.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام : انّ للقيامة خمسين موقفاً كلّ موقف مقام ألف سنة ثمّ تلا فِي يَوْمٍ الآية.

وفي المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : قيل له يا رسول الله ما أطول هذا اليوم فقال والذي نفس محمّد صلّى الله عليه وآله بيده انّه ليخف على المؤمن حتّى يكون أخفّ عليه من صلاة مكتوبة يصلّيها في الدنيا وعن الصادق عليه السلام : لو ولّى الحساب غير الله لمكثوا فيه خمسين ألف سنة من قبل أن يفرغوا والله سبحانه يفرغ من ذلك في ساعة.

وعنه عليه السلام قال : لا ينتصف ذلك اليوم حتّى يقيل أهل الجنّة في الجنّة وأهل النار في النّار.

(٥) فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً القمّيّ أي لتكذيب من كذّب أنّ ذلك يكون.

(٦) إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً من الإِمكان.

(٧) وَنَراهُ قَرِيباً من الوقوع.

٢٢٥

(٨) يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ القّمي قال الرصاص الذّائب والنّحاس كذلك تذوب السّماء.

(٩) وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ كالصوف المصبوغ الواناً قيل لأنّ الجبال مختلفة الألوان فإذا بسّت وطيّرت في الجوّ أشبهت العهن المنفوش إذا طيّرته الرّيح.

(١٠) وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً ولا يسأل قريب قريباً عن حاله وقرئ على البناء للمفعول.

(١١) يُبَصَّرُونَهُمْ القمّيّ عن الباقر عليه السلام قال : يقول يعرفونهم ثمّ لا يتساءلون يوم يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ.

(١٢) وَصاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ.

(١٣) وَفَصِيلَتِهِ قيل وعشيرته التي فصل عنهم الَّتِي تُؤْوِيهِ تضمّه في النّسب وعند الشدائد والقمّيّ وهي أمّه التي ولدته.

(١٤) وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ.

(١٥) كَلَّا ردع للمجرم عن الودادة ودلالة على أنّ الافتداء لا ينجيه إِنَّها لَظى انّ النّار لهب خالص.

(١٦) نَزَّاعَةً لِلشَّوى وقرئ بالنّصب والشّوى الاطراف أو جمع شواة وهو جلدة الرّأس القمّيّ قال تنزع عينيه وتسود وجهه.

(١٧) تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى قال تجرّه إليها.

(١٨) وَجَمَعَ فَأَوْعى وجمع المال فجعله في وعاء وكنزه حرصاً وتأميلاً القمّيّ قال جمع مالاً ودفنه ووعاه ولم ينفقه في سبيل الله.

(١٩) إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً شديد الحرص قليل الصّبر.

(٢٠) إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً القمّيّ قال الشرّ هو الفقر والفاقة.

٢٢٦

(٢١) وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً قال الغنى والسّعة.

(٢٢) إِلَّا الْمُصَلِّينَ.

القمّيّ عن الباقر عليه السلام قال : ثمّ استثنى فوصفهم بأحسن أعمالهم.

(٢٣) الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ قال يقول إذا فرض على نفسه شيئاً من النوافل دام عليه.

وفي الخصال عن أمير المؤمنين عليه السلام : الذين يقضون ما فاتهم من الليل بالنّهار وما فاتهم من النهار باللّيل.

(٢٤) وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ.

(٢٥) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ

في الكافي عن السجّاد عليه السلام : الحقّ المعلوم الشيء يخرجه من ماله ليس من الزكاة ولا من الصدقة المفروضتين وهو الشيء يخرجه من ماله إن شاء أكثر وإن شاء أقلّ على قدر ما يملك يصل به رحماً ويقوي به ضعيفاً ويحمل به كلًّا ويصل به أخاً له في الله أو لنائبة تنوبه وفي معناه أخبار أخر.

وعن الصادق عليه السلام : الْمَحْرُومِ المحارف الذي قد حرم كدّ يده في الشّراء والبيع وفي رواية : الْمَحْرُومِ الذي ليس بعقله بأس ولم يبسط له في الرّزق وهو محارف.

(٢٦) وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ.

في الكافي عن الباقر عليه السلام قال : بخروج القائم عليه السلام.

(٢٧) وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ خائفون على أنفسهم.

(٢٨) إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ اعتراض يدلّ على أنّه لا ينبغي لأحد ان يأمن من عذاب الله وان بالغ في طاعته.

(٢٩) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ.

٢٢٧

(٣٠) إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ.

(٣١) فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ مضى تفسيرها في سورة المؤمنين.

(٣٢) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ حافظون وقرئ لأمانتهم.

(٣٣) وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ لا يكتمون ولا ينكرون وقرئ بشهاداتهم لاختلاف الأنواع.

(٣٤) وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ فيراعون شرائطها وآدابها.

في الكافي والمجمع عن الباقر عليه السلام قال : هي الفريضة والَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ هي النافلة.

وعن الكاظم عليه السلام : أولئك أصحاب الخمسين صلاة من شيعتنا.

(٣٥) أُولئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ.

(٣٦) فَما لِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ حولك مُهْطِعِينَ مسرعين.

(٣٧) عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ قيل فرقاً شتّى جمع عِزَة والقمّيّ يقول قعود.

وفي الإِحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام : وقد ذكر المنافقين قال وما زال رسول الله صلّى الله عليه وآله يتألّفهم ويقرّبهم ويجلسهم عن يمينه وشماله حتّى اذن الله عزّ وجلّ له في ابعادهم بقوله وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً وبقوله فَما لِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ الآيات.

(٣٨) أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ بلا إيمان قيل هو إنكار لقولهم لو صحّ ما يقوله لنكون فيها أفضل حظّاً منهم كماً في الدنيا.

(٣٩) كَلَّا ردع عن هذا الطمع إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ القمّيّ قال من نطفة ثمّ علقة.

٢٢٨

أقولُ : يعني أنّ المخلوق من النّطفة القذرة لا يتأهّل لعالم القدس ما لم يستكمل بالإِيمان والطاعة ولم يتخلّق بالأخلاق الملكيّة.

(٤٠) فَلا أُقْسِمُ لا مزيدة للتّأكيد وهو شائع في كلامهم القمّيّ أي اقسم بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ قال قال مشارق الشّتاء ومشارق الصيف ومغارب الشتاء ومغارب الصّيف.

وفي المعاني عن أمير المؤمنين عليه السلام : في هذه الآية قال لها ثلاثمائة وستّون مشرقاً وثلاثمائة وستّون مغرباً فيومها الّذي تشرق فيه لا تعود فيه الّا من قابل ويومها الذي تغرب فيه لا تعود فيه الّا من قابل.

وفي الإِحتجاج عنه عليه السلام : فيها قال لها ثلاثمائة وستّون برجاً تطلع كلّ يوم من برج وتغيب في آخر فلا تعود إليه الّا من قابل في ذلك اليوم إِنَّا لَقادِرُونَ.

(٤١) عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ أي نهلكهم ونأتي بخلق أمثل منهم وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ بمغلوبين ان أردنا ذلك.

(٤٢) فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ.

(٤٣) يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ من القبور سِراعاً مسرعين كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ الى منصوب للعبادة أو علم يسرعون القمّيّ قال إلى الدّاعي يبادرون وقرئ نصب بضمّتين على الجمع.

(٤٤) خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ في الدنيا.

في ثواب الأعمال عن الصادق عليه السلام : أكثروا من قراءة سأل سائل فانّ من أكثر قراءتها لم يسأله الله تعالى يوم القيامة عن ذنب عمله وأسكنه الجنّة مع محمّد صلّى الله عليه وآله وفي المجمع عن الباقر عليه السلام : مثله.

٢٢٩

سُورة نوح عليه السلام

(مكّيّة عدد آيها ثمان وعشرون آية)

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(١) إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ.

(٢) قالَ يا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ.

(٣) أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ.

(٤) يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ قيل بعض ذنوبكم وهو ما سبق فانّ الإِسلام يجبه وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى هو أقصى ما قدّر لكم بشرائط الإِيمان والطاعة إِنَّ أَجَلَ اللهِ انّ الأجل الذي قدّره الله إِذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ فبادروا في أوقات الامهال والتأخير لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ صحة ذلك وتؤمنون فيه أنهم لانهماكهم في حبّ الحياة كأنهم شاكون في الموت به.

(٥) قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهاراً أي دائماً.

(٦) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلَّا فِراراً عن الإِيمان والطاعة.

(٧) وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ الى الإِيمان لِتَغْفِرَ لَهُمْ بسببه جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ سدّوا مسامعهم عن استماع حقّ الدعوة وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ القمّيّ قال استتروا وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً قال عزموا على أن لا يسمعوا شيئاً.

(٨) ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً.

(٩) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً يعني دعوتهم مرّة بعد أخرى وكرّة بعد أولى سرّاً وعلانية وعلى أيّ وجه أمكنني وثمّ لتفاوت الوجوه أو لتراخي بعضها

٢٣٠

عن بعض.

(١٠) فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ بالتوبة عن العصيان إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً للتائبين.

(١١) يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً كثير الدرّ.

(١٢) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ بساتين وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً قيل لما طالت دعوتهم وتمادى إصرارهم حبس الله عنهم القطر أربعين سنة واعقم أرحام نسائهم فوعدهم بذلك وقد سبق قصّتهم في سورة هود عليه السلام.

(١٣) ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً

القمّيّ عن الباقر عليه السلام قال : لا تخافون لله عظمته.

(١٤) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً القمّيّ قال على اختلاف الاهواء والإرادات والمشيئات وقيل أي تارات تراباً ثمّ نطفة ثمّ علقة ثمّ مضغة ثمّ عظاماً ولحوماً ثمّ أنشأه خلقاً آخر فانّه يدلّ على عظم قدرته وكمال حكمته.

(١٥) أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً بعضها فوق بعض.

(١٦) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً مثّلها به لأنّها تزيل ظلمة الليل عن وجه الأرض.

كما يزيلها السّراج عمّا حوله.

(١٧) وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً أنشأكم منها.

(١٨) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها مقبورين وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً بالحشر.

(١٩) وَاللهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً تتقلّبون عليها.

(٢٠) لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلاً فِجاجاً واسعة جمع فج ضمن السلوك معنى الاتخاذ فعدّى بمن.

(٢١) قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي فيما أمرتهم به وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ

٢٣١

إِلَّا خَساراً واتبعوا رؤسائهم البطرين بأموالهم المغترين بأولادهم بحيث صار ذلك سبباً لزيادة خسارهم في الآخرة وفيه أنّهم انّما اتّبعوهم لوجاهة حصلت لهم بأموال وأولاد ادّت بهم الى الخسار القمّيّ قال واتّبعوا الأغنياء وقرئ وولده بالضمّ والسّكون.

(٢٢) وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً كبيراً في الغاية.

(٢٣) وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ أي عبادتها وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً ولا تذرنّ هؤلاء خصوصاً قيل هي أسماء رجال صالحين كانوا بين آدم ونوح فلمّا ماتوا صوّروا تبرّكاً بهم فلمّا طال الزمان عبدوا وقد انتقلت إلى العرب والقمّيّ قال : كان قوم مؤمنين قبل نوح فماتوا فحزن عليهم النّاس فجاء إبليس فاتّخذ لهم صورهم ليأنسوا بها فأنسوا بها ولمّا جاءهم الشتاء أدخلوهم البيوت فمضى ذلك القرن وجاء القرن الآخر فجاءهم إبليس فقال لهم انّ هؤلاء آلهة كان آباؤكم يعبدونها فعبدوهم وضلّ منهم بشر كثير فدعا عليهم نوح عليه السلام فأهلكهم الله.

وفي العلل عن الصادق عليه السلام : ما يقرب منه والقمّيّ قال كانت ودّ صنماً لكلب وسواع لهذيل ويغوث لمراد ويعوق لهمدان ونسر لحصين وقرئ ودّاً بالضمّ.

(٢٤) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً يعني الرؤساء أو الأصنام وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالاً القمّيّ قال هلاكاً وتدميراً.

(٢٥) مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ من اجل خطيئاتهم وما مزيدة للتأكيد والتفخيم وقرئ ممّا خطاياهم أُغْرِقُوا بالطوفان فَأُدْخِلُوا ناراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْصاراً إذ لا يقدر آلهتهم على نَصرهم.

(٢٦) وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً أي أحداً.

(٢٧) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً.

القمّيّ عن الباقر عليه السلام : أنّه سئل ما كان علم نوح حين دعا على قومه انّهم

٢٣٢

لا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً فقال أما سمعت قوله الله تعالى لنوح عليه السلام أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ.

(٢٨) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً.

في الكافي والقمّيّ عن الصادق عليه السلام : يعني الولاية من دخل في الولاية دخل في بيت الأنبياء وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً.

القمّيّ عن الباقر عليه السلام : أي خساراً.

في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق عليه السلام : من كان يؤمن بالله ويقرأ كتابه لا يدع قراءة سورة إنّا أرسلنا نوحاً إلى قومه فأيّ عبد قرأها محتسباً صابراً في فريضة أو نافلة أسكنه الله مساكن الأبرار وأعطاه ثلاث جنان مع جنّته كرامة من الله وزوّجه مأتي حوراء وأربعة آلاف بيت إن شاء الله تعالى.

٢٣٣

سُورة الجنّ

هي مكيّة عدد آيها ثمان وعشرون آية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(١) قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً كتاباً بديعاً مبايناً لكلام النّاس في حسن نظمه ودقّة معناه.

(٢) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ إلى الحق والصواب فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً قد سبقت قصّتهم في سورة الأحقاف.

(٣) وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا قيل أي عظمته مستعار من الجدّ الذي هو البخت والقمّيّ قال هو شيء قالته الجنّ بجهالة ولم يرضه الله منهم ومعنى جدّ ربّنا بخت ربّنا.

وفي التهذيب والخصال والمجمع عن الباقر عليه السلام : انّما هو شيء قالته الجنّ بجهالة فحكى الله عنهم وقرئ إنّه بالكسر وكذا ما بعده الّا قول أَنْ لَوِ اسْتَقامُوا وَأَنَّ الْمَساجِدَ مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً.

(٤) وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللهِ شَطَطاً قولاً بعيداً عن الحقّ مجاوزاً عن الحدّ القمّيّ أي ظلماء.

(٥) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللهِ كَذِباً اعتذاراً عن اتباعهم السّفيه في ذلك.

(٦) وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِ.

القمّيّ عن الباقر عليه السلام : في هذه الآية قال كان الرجل ينطلق إلى الكاهن

٢٣٤

الذي يوحي إليه الشيطان فيقول قل لشيطانك فلان قد عاذ بك فَزادُوهُمْ رَهَقاً فزادوا الجنّ باستعاذتهم بهم كبراً وعتوّاً والقمّيّ أي خسراناً يقال كان الجنّ ينزلون على قوم من الانس ويخبرونهم الاخبار التي سمعوها من السماء من قبل مولد رسول الله صلّى الله عليه وآله وكان الناس يكهنون بما أخبروهم الجنّ.

(٧) وَأَنَّهُمْ وانّ الانس ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أيّها الجنّ أو بالعكس أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ أَحَداً الآيتان امّا من كلام الجنّ بعضهم لبعض أو استيناف كلام من الله ومن فتح انّ فيهما جعلهما من الموحى به.

(٨) وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ التمسناها اي طلبنا بلوغها أو خبرها فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً حراساً اسم جمع شَدِيداً قويّاً وهم الملائكة الذين يمنعونهم عنها وَشُهُباً جمع شهاب وهو المضيء المتولّد من النّار.

(٩) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ خالية عن الحرس والشهب صالحة للترصّد والاستماع فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً أي شهاباً راصداً له ولأجله يمنعه عن الاستماع بالرجم وقد مرّ بيان ذلك في سورة الحجر والصافّات.

وفي الاحتجاج عن الصادق عليه السلام في حديث : يذكر فيه سبب اخبار الكاهن قال وامّا اخبار السماء فانّ الشياطين كانت تقعد مقاعد استراق السمع إذ ذاك وهي لا تحجب ولا ترجم بالنجوم وانّما منعت من استراق السمع لئلّا يقع في الأرض سبب يشاكل الوحي من خبر السماء ويلبس على أهل الأرض ما جاءهم عن الله لإثبات الحجّة ونفي الشبهة وكان الشيطان يسترق الكلمة الواحدة من خبر السماء بما يحدث من الله في خلقه فيختطفها ثمّ يهبط بها إلى الأرض فيقذفها إلى الكاهن فإذا قد زاد كلمات من عنده فيختلط الحقّ بالباطل فما أصاب الكاهن من خبر ممّا كان يخبر به فهو ما أدّاه إليه شيطانه ممّا سمعه وما اخطأ فيه فهو من باطل ما زاد فيه فمذ منعت الشياطين عن استراق السمع انقطعت الكهانة.

(١٠) وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً خيراً.

٢٣٥

(١١) وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ قوم دون ذلك كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً متفرّقة من قد إذا قطع القمّيّ أي على مذاهب مختلفة.

(١٢) وَأَنَّا ظَنَنَّا علمنا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللهَ فِي الْأَرْضِ كائنين أينما كنّا فيها وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً هاربين منها إلى السماء ولن نعجزه في الأرض هرباً ان طلبنا.

(١٣) وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً نقصان في الجزاء ولا ان يرهقه ذلّة القمّيّ قال البخس النقصان والرهق العذاب.

في الكافي عن الكاظم عليه السلام قال : الْهُدى الولاية آمَنَّا بمولانا فمن آمن بولاية مولاه فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً قيل تنزيل قال لا تأويل.

(١٤) وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ الجائرون عن طريق الحقّ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً توخّوا رشداً عظيماً يبلغهم إلى دار الثواب.

القمّيّ عن الباقر عليه السلام : أي الذين أقرّوا بولايتنا.

(١٥) وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً توقد بهم نارها.

(١٦) وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا وانّه لو استقاموا عَلَى الطَّرِيقَةِ الطريقة المثلى لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً لوسّعنا عليهم الرزق والغدق الكثير.

في المجمع عن الصادق عليه السلام قال : معناه لأفدناهم علماً كثيراً يتعلّمونه من الأئمّة عليهم السلام.

وفي الكافي عن الباقر عليه السلام : يعني لَوِ اسْتَقامُوا على ولاية أمير المؤمنين عليّ والأوصياء من ولده عليهم السلام وقبلوا طاعتهم في أمرهم ونهيهم لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً يقول لأشربنا قلوبهم الإِيمان.

(١٧) لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ لنختَبرهم كيف يشكرونه وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ

القمّيّ عن ابن عبّاس قال : ذكر ربّه ولاية عليّ بن أبي طالب عليه السلام يَسْلُكْهُ يدخله عَذاباً صَعَداً شاقاً يعلو المعذّب ويغلبه.

٢٣٦

(١٨) وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ مختصّة به فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً.

في الفقيه عن أمير المؤمنين عليه السلام : يعني ب الْمَساجِدَ الوجه واليدين والركبتين والإبهامين.

وفي الكافي عن الصادق والعيّاشي عن الجواد عليهما السلام والقمّيّ : مثله.

وفي الكافي عن الكاظم عليه السلام : أَنَّ الْمَساجِدَ هم الأوصياء.

والقمّيّ عن الرضا : هم الأئمّة عليهم السلام.

(١٩) وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللهِ يعني محمّداً صلّى الله عليه وآله يَدْعُوهُ يعبده القمّيّ كناية عن الله كادُوا قال يعني قريشاً يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً من ازدحامهم عليه تعجّباً ممّا رأوا من عبادته وسمعوا من قراءته.

(٢٠) قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً فليس ذلك ببدع ولا منكر يوجب اطباقكم على مقتي وتعجّبكم وقرئ قل على الامر للنبيّ صلّى الله عليه وآله ليوافق ما بعده.

(٢١) قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً.

في الكافي عن الكاظم عليه السلام : انّ رسول الله صلّى الله عليه وآله دعا الناس إلى ولاية عليّ عليه السلام فاجتمعت إليه قريش فقالوا يا محمّد اعفنا من هذا فقال لهم رسول الله صلّى الله عليه وآله هذا إلى الله ليس إليّ فاتّهموه وخرجوا من عنده فأنزل الله عزّ وجلّ قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ الآية.

(٢٢) قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ أَحَدٌ قال ان عصيته وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً متحرفا وملتجأً.

(٢٣) إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللهِ وَرِسالاتِهِ قيل استثناء من مُلْتَحَداً أي الا تبليغاً مِنَ اللهِ آياته وَرِسالاتِهِ فانه ملتجأي أو من لا أَمْلِكُ أي لا أملك سوى تبليغ وحي الله بتوفيقه وعونه.

٢٣٧

في الكافي عن الكاظم عليه السلام : إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللهِ وَرِسالاتِهِ في عليّ عليه السلام قيل هذا تنزيل قال نعم وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ قال في ولاية عليّ عليه السلام فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً.

(٢٤) حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً هو أوهم قال يعني بذلك القائم عليه السلام وأنصاره.

والقمّيّ قال : القائم وأمير المؤمنين عليهما السلام في الرجعة وقال أيضاً : يعني الموت والقيامة.

(٢٥) قُلْ إِنْ أَدْرِي ما ادري أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً اجلاً القمّيّ : لمّا أخبرهم رسول الله صلّى الله عليه وآله ما يكون من الرجعة قالوا متى يكون هذا قال الله قُلْ يا محمد إِنْ أَدْرِي الآية.

(٢٦) عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ فلا يطّلع عَلى غَيْبِهِ أَحَداً.

(٢٧) إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ.

في الكافي عن الباقر عليه السلام في هذه الآية قال : وكان محمّد صلّى الله عليه وآله ممّن ارتضاه.

وفي الخرائج عن الرضا عليه السلام : فيها فرسول الله صلّى الله عليه وآله عند الله مرتضى ونحن ورثة ذلك الرسول الذي اطلعه الله على ما يشاء من غيبه فعلمنا ما كان وما يكون إلى يوم القيامة فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ بين يدي المرتضى وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً القمّيّ قال : يخبر الله رَسُولَهُ الَّذِي يرتضيه بما كان قبله من الاخبار وما يكون بعده من اخبار القائم عليه السلام والرجعة والقيامة وقيل رَصَداً أي حرساً من الملائكة يحرسونه من اختطاف الشياطين وتخاليطهم.

(٢٨) لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا قيل أي ليعلم النبيّ الموحى إليه ان قد أبلغ جبرئيل والملائكة النّازلون بالوحي أو ليعلم الله ان قد أبلغ الأنبياء بمعنى ليتعلّق علمه به موجوداً رِسالاتِ رَبِّهِمْ كما هي محروسة عن التغيّر وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ بما عند الرّسل

٢٣٨

وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً حتى القطر والرّمل.

في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق عليه السلام : من أكثر قراءة قل أوحي لم يصبه في الحياة الدنيا شيء من أعين الجنّ ولا من نفثهم ولا من سحرهم ولا من كيدهم وكان مع محمّد صلّى الله عليه وآله فيقول يا ربّ لا أريد بهم بدلاً ولا أريد أن أبتغي عنهم حولاً.

٢٣٩

سورة المُزمّل

مكّيّة قيل مدنيّة وقيل بعضها مكّي وبعضها مدني

وهي عشرون آية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(١) يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ أصله المتزَّمِّل من تزمّل إذا تلفّف بها

القمّيّ قال : هو النبيّ صلّى الله عليه وآله كان يتزمّل بثوبه وينام فقال الله يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ.

(٢) قُمِ اللَّيْلَ أي إلى الصلاة إِلَّا قَلِيلاً.

(٣) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً.

(٤) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ.

في المجمع عن الصادق عليه السلام قال : القليل النصف أو انقص من القليل قليلاً أو زد على القليل قليلاً والقّمي : ما يقرب منه وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً.

في الكافي عن الصادق عليه السلام : أنّه سئل عن هذه الآية فقال قال أمير المؤمنين عليه السلام بيّنه بياناً ولا تهذّه هذّ الشعر ولا تنثره نثر الرّمل ولكن افرغوا قلوبكم القاسية ولا يكن همّ أحدكم آخر السورة وقد مرّ شرح هذا الحديث وأخبار أخر في معنى الترتيل في المقدّمة الحادية عشرة.

(٥) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً قيل أي القرآن فانّه لما فيه من التكاليف ثقيل على المكلّفين وقيل أي ثقيل نزوله عليه فانّه كان يتغيّر حاله عند نزوله ويعرق.

العيّاشي عن أمير المؤمنين عليه السلام : لقد نزلت عليه سورة المائدة وهو على بغلة شهباء وثقل عليه الوحي حتّى وقعت وتدلّى بطنها حتّى رأيت سرّتها تكاد تمسّ

٢٤٠