تفسير الصّافي - ج ٥

محمّد بن المرتضى [ الفيض الكاشاني ]

تفسير الصّافي - ج ٥

المؤلف:

محمّد بن المرتضى [ الفيض الكاشاني ]


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: منشورات مكتبة الصدر
المطبعة: خورشيد
الطبعة: ٣
ISBN الدورة:
964-6847-51-X

الصفحات: ٤٠٠

فاطمة وعليها كساء من ثلّة الإبل وهي تطحن بيدها وترضع ولدها فدمعت عينا رسول الله صلّى الله عليه وآله لمّا أبصرها فقال يا بنتاه تعجّلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة فقد أنزل الله عليَ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى.

وفي المناقب عنه عليه السلام مثله وفيه بعد قوله بحلاوة الآخرة : فقالت يا رسول الله الحمد لله على نعمائه والشكر على آلائه فأنزل الله وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى.

وفي المجمع قال الصادق عليه السلام : رضي جدّي ان لا يبقى في النار موحّد وعن محمّد بن عليّ ابن الحنفيّة انّه قال : يا أهل العراق تزعمون انّ أرجى آية في كتاب الله تعالى يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا الآية وانّا أهل البيت نقول أرجى آية في كتاب الله عزّ وجلّ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى هي والله الشفاعة ليعطينا في أهل لا اله إلّا الله حتّى يقول ربّي رضيت.

(٦) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى.

(٧) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى.

(٨) وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى تعديد لما أنعم عليه تنبيهاً على انه كما أحسن إليه فيما مضى يحسن فيما يستقبل ومعناه في الظاهر ظاهر.

والعيّاشي عن الرضا عليه السلام : يَتِيماً فرداً لا مثل لك في المخلوقين فَآوى النّاس إليك وضَالًّا في قوم لا يعرفون فضلك فهداهم إليك وعائِلاً تعول اقواماً بالعلم فأغناهم الله بك.

والقمّيّ عن أحدهما عليهما السلام : ما في معناه والقمّيّ قال : اليتيم الذي لا مثل له ولذلك سمّيت الدّرة اليتيمة لأنّه لا مثل لها وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى قال : فأغناك بالوحي فلا تسأل عن شيء أحداً وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى قال وجدك ضالًّا في قوم لا يعرفون فضل نبوّتك فهداهم الله بك.

وفي العيون عن الرضا عليه السلام في حديث : عصمة الأنبياء عليهم السلام أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى يقول ألم يجدك وحيداً فاوى إليك الناس وَوَجَدَكَ ضَالًّا يعني عند

٣٤١

قومك فَهَدى أي هداهم الله إلى معرفتك وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى يقول بأن جعل دعاءك مستجاباً.

وفي المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : منّ عليّ ربّي وهو أهل المنّ وسئل الصادق عليه السلام لم اوتم النبيّ صلّى الله عليه وآله عن أبويه فقال لئلّا يكون لمخلوق عليه حقّ.

(٩) فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ القمّيّ أي لا تظلم والمخاطبة للنبيّ صلّى الله عليه وآله والمعنى للنّاس.

(١٠) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ أي لا تطرد (١).

(١١) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ قال بما أنزل الله عليك وأمرك به من الصلاة والزكاة والصوم والحجّ والولاية وبما فضّلك الله به فحدّث.

وفي المجمع عن الصادق عليه السلام : معناه فحدّث بما أعطاك الله وفضّلك ورزقك وأحسن إليك وهداك.

وفي المحاسن عن الحسين بن عليّ عليهما السلام قال : أمره ان يحدّث بما أنعم الله عليه من دينه.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام قال : فَحَدِّثْ بدينه وما أعطاه الله وما أنعم به عليه.

وعنه عليه السلام قال : إذا أنعم الله على عبده بنعمة فظهرت عليه سمّي حبيب الله محدّثاً بنعمة الله وإذا أنعم الله على عبده بنعمة فلم تظهر عليه سمّي بغيض الله مكذّباً بنعمة الله سبق ثواب قراءتها في سورة الشمس.

__________________

(١) ولا ترده إذا أتاك يسألك فقد كنت فقيراً.

٣٤٢

سُورة ألم نشرح

مكيّة عدد آيها ثماني آيات بالإجماع

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(١) أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ قيل ألم نفسحه بالعلم والحكمة وتلقّي الوحي والصبر على الأذى والمكاره حتّى وسع مناجاة الحق ودعوة الخلق فكان غائباً حاضراً.

القمّيّ قال : بعليّ عليه السلام فجعلناه وصيّك قال : وحين فتح مكّة ودخلت قريش في الإسلام شرح الله صدره وسرّه.

وفي المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : انّه قيل له لينشرح الصدر قال نعم قالوا يا رسول الله وهل لذلك علامة يعرف بها قال نعم التجافي عن دار الغرور والإنابة إلى دار الخلود والاعداد للموت قبل نزوله.

(٢) وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ ما ثقل عليك احتماله القمّيّ قال ثقل الحرب.

(٣) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ قيل أي أثقل ظهرك حتّى حمله على النقيض وهو صوت الرجل من ثقل الحمل وهو مثل معناه لو كان حملاً لسمع نقيض ظهره.

(٤) وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ القمّيّ قال : تذكر إذا ذكرت وهو قول الناس أشهد أن لا إله إلّا الله وانّ محمّداً رسول الله صلّى الله عليه وآله.

وفي المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله في هذه الآية قال : قال لي جبرئيل قال الله عزّ وجلّ إذا ذكِرْتُ ذكِرتَ معي.

٣٤٣

(٥) فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ كضيق الصدر والوزر المنقض للظهر وضلال القوم وإيذائهم يُسْراً كشرح الصدر ووضع الوزر وتوفيق القوم للاهتداء والطاعة فلا تيأس من روح الله إذا أراك ما يغمّك.

(٦) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً تأكيد واستئناف بوعد يسر آخر كثواب الآخرة.

في المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : انّه خرج مسروراً فرحاً وهو يضحك ويقول لن يغلب عسر يسرين فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً قيل الوجه فيه انّ الْعُسْرِ معرّف فلا يتعدّد سواء كان للعهد أو الجنس واليسر منكّر فالثاني غير الأوّل.

(٧) فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ.

(٨) وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ قيل يعني إذا فرغت من عبادة عقّبها باخرى وأوصل بعضها ببعض ولا تخلّ وقتاً من أوقاتك فارغاً لم تشغله بعبادة.

في المجمع عن الباقر والصادق عليهما السلام : فَإِذا فَرَغْتَ من الصلاة المكتوبة فَانْصَبْ الى ربّك في الدعاء وارغب إليه في المسألة يعطيك.

وعن الصادق عنه عليه السلام : هو الدعاء في دبر الصلاة وأنت جالس.

والقمّيّ عنه عليه السلام قال : فَإِذا فَرَغْتَ من نبوتّك فَانْصَبْ عليّاً وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ في ذلك.

وفي الكافي عنه عليه السلام في حديث قال : يقول فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ علمك وأعلن وصيّك فأعلمهم فضله علانية فقال من كنت مولاه فعليّ مولاه الحديث قال وذلك حين اعلم بموته ونعيت إليه نفسه والقمّيّ : فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ أمير المؤمنين عليّ ابن أبي طالب عليه السلام والمستفاد من هذه الأخبار انّه بكسر الصاد من النصب بالتسكين بمعنى الرّفع والوضع يعني فَإِذا فَرَغْتَ من امر تبليغ الرسالة وما يجب عليك انهاؤه من الشرايع والأحكام فَانْصَبْ علمك بفتح اللّام اي ارفع علم هدايتك للنّاس وضع من يقوم به خلافتك موضعك حتّى يكون قائماً مقامك من بعدك بتبليغ الأحكام وهداية الأنام لئلّا ينقطع خيط الهداية والرسالة بين الله وبين عباده بل يكون ذلك

٣٤٤

مستمرّاً بقيام امام مقام امام أبداً إلى يوم القيامة قال الزمخشري في كشّافه ومن البِدَع ما روي عن بعض الرافضة انّه قرئ فانصب بكسر الصاد اي فانصب عليّاً عليه السلام للإمامة قال ولو صحّ هذا للرّافضي لصحّ للنّاصبي أن يقرأ هكذا ويجعله أمراً بالنصب الذي هو بغض عليّ عليه السلام وعداوته.

أقولُ : نصب الامام والخليفة بعد تبليغ الرسالة أو الفراغ من العبادة امر معقول بل واجب لئلّا يكون النّاس بعده في حيرة وضلال فيصحّ ان يترتّب عليه وامّا بغض عليّ عليه السلام وعداوته فما وجه ترتّبه على تبليغ الرسالة أو العبادة وما وجه معقوليته على انّ كتب العامّة مشحونة بذكر محبّة النبيّ صلّى الله عليه وآله لعليّ عليه السلام وإظهاره فضله للناس مدّة حياته وانّ حبّه ايمان وبغضه كفر انظروا الى هذا الملقّب بجار الله العلّامة كيف أعمى الله بصيرته بغشاوة حميّة التعصّب.

في المجمع عن العيّاشي عن الصادق عليه السلام : لا تجمع سورتين في ركعة واحدة الّا الضّحى وأ لم نشرح وَأ لَمْ تَرَ كَيْفَ وَلِايلاف قريش.

٣٤٥

سورة التين

مكيّة وهي ثماني آيات

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(١) وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ قيل خصهما من الثمار بالقسم لأنّ التين فاكهة طيّبة لا فضلة له وغذاء لطيف سريع الهضم ودواء كثير النفع فانّه يليّن الطّبع ويحلل البلغم ويطهر الكليتين ويزيل رمل المثانة ويفتح سدّة الكبد والطحال ويسمن البدن وفي الحديث : انّه يقطع البواسير وينفع من النقرس والزيتون فاكهة وإدام ودواء وله دهن لطيف كثير المنافع.

(٢) وَطُورِ سِينِينَ قيل يعني به الجبل الذي ناجى عليه موسى ربّه وسِينِينَ وسَيْناءَ اسمان للموضع الذي هو فيه.

(٣) وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ أي الآمن يعني مكّة.

وفي الخصال والمعاني عن الكاظم عليه السلام قال قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : انّ الله تبارك وتعالى اختار من البلدان أربعة فقال تعالى وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ فالتّين المدينة والزيتون البيت المقدّس وطور سينين الكوفة وهذا البلد الأمين مكّة والقمّيّ قال : التِّينِ رسول الله صلّى الله عليه وآله والزَّيْتُونِ أمير المؤمنين عليه السلام وطُورِ سِينِينَ الحسن والحسين عليهما السلام وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ الأئمّة عليهم السلام.

وفي المناقب عن الكاظم عليه السلام : التِّينِ وَالزَّيْتُونِ الحسن والحسين عليهما السلام وطُورِ سَيْناءَ عليّ بن أبي طالب عليه السلام وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ

٣٤٦

محمّد صلّى الله عليه وآله.

(٤) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ بأن خصّ بانتصاب القامة وحسن الصورة واستجماع خواصّ الكائنات ونظائر ساير الموجودات.

(٥) ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ قيل بأن جعلناه من أهل النّار القمّيّ نزلت في الأوّل.

وفي المناقب عن الكاظم عليه السلام قال : الْإِنْسانَ الأوّل ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ ببغضه أمير المؤمنين عليه السلام.

(٦) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ قال : عليّ بن أبي طالب عليه السلام.

(٧) فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ فأيّ شيء يكذّبك يا محمّد دلالة أو نطقاً بعد ظهور هذه الدلائل كذا قيل بِالدِّينِ في حديث المناقب : بولاية عليّ بن أبي طالب عليه السلام وقيل بالجزاء والقمّيّ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا قال : ذاك أمير المؤمنين عليه السلام بالدين قال بأمير المؤمنين عليه السلام فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ أي لا يمنّ عليهم به.

(٨) أَلَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ تحقيق لما سبق يعني أليس الذي فعل ذلك من الخلق والردّ بأحكم الحاكمين صنعاً وتدبيراً ومن كان كذلك كان قادراً على الإعادة والجزاء.

في المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وفي العيون عن الرضا عليه السلام انّهما قالا عند الفراغ منها : بلى وانَا عَلى ذلكَ من الشاهِدين.

وفي الخصال : مثله عن أمير المؤمنين عليه السلام : فيما علّم به أصحابه.

في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق عليه السلام : من قرأ والتّين في فرائضه ونوافله أعطي من الجنّة حيث يرضى.

٣٤٧

سُورة العلق

مكيّة عدد آيُها عِشرُونَ آية حجازيّ وتسع عشرة عراقي وثماني

عشرة شاميّ اختلافها آيتان الَّذِي يَنْهى غير الشاميّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ حجازي

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(١) اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خلق جميع المخلوقات على مقتضى حكمته وأخرجهم من العدم إلى الوجود بكمال قدرته.

والقمّيّ عن الباقر عليه السلام : انها أول سورة نزلت قال نزل جبرئيل على محمّد صلّى الله عليه وآله فقال يا محمّد اقرأ قال وما اقرأ قال اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ يعني خلق نورك القديم قبل الأشياء.

(٢) خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ من دم جامد بعد النّطفة.

(٣) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ.

(٤) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ القمّيّ قال علّم الإنسان بالكتابة التي بها تتمُّ امور الدنيا في مشارق الأرض ومغاربها.

(٥) عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ من أنواع الهدى والبيان.

والقمّيّ عن الباقر عليه السلام قال : يعني عَلَّمَ عليّاً من الكتابة لك ما لَمْ يَعْلَمْ قبل ذلك قيل عدّد سبحانه مبدأ أمر الإنسان ومنتهاه إظهاراً لما أنعم عليه من نقله من اخسّ المراتب الى أعلاها تقريراً لربوبيّته وتحقيقاً لأكرميّته.

(٦) كَلَّا ردع لمن كفر بنعمة الله لطغيانه إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى.

(٧) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى أي رأى نفسه مستغنية القمّيّ قال إِنَّ الْإِنْسانَ إذا

٣٤٨

اسْتَغْنى يكفر ويطغى وينكر الى ربّه الرجعى.

(٨) إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى الخطاب للإنسان على الالتفات تهديداً وتحذيراً من عاقبة الطغيان.

(٩) أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى.

(١٠) عَبْداً إِذا صَلَّى ما ذا يكون جزاؤه وما يكون حاله القمّيّ قال : كان الوليد بن المغيرة ينهى الناس عن الصلاة وان يطاع الله ورسوله فقال أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى عَبْداً إِذا صَلَّى وفي المجمع جاء في الحديث : انّ أبا جهل قال هل يعفّر محمّد وجهه بين أظهركم قالوا نعم قال فبالذي يحلف به لئن رأيته يفعل ذلك لأطأنّ على رقبته فقيل ها هو ذلك يصلّي فانطلق ليطأ على رقبته فما جاءهم الّا وهو ينكص على عقبيه ويتّقي بيديه فقالوا ما لك يا أبا الحكم قال إنّ بيني وبينه خندقاً من نار وهو لا وأجنحة وقال نبيّ الله والذي نفسي بيده لو دنا منّي لاختطفته الملائكة عضواً عضواً فأنزل الله سبحانه أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى إلى آخر السورة.

(١١) أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى يعني العبد المنهي عن الصلاة وهو محمّد صلّى الله عليه وآله.

(١٢) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى عن الشرك يعني امر بالإخلاص والتوحيد ومخافة الله تعالى كيف يكون حال من ينهاه عن الصلاة ويزجره عنها.

(١٣) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ من ينهاه وَتَوَلَّى عن الايمان وأعرض عن قبوله والإصغاء إليه ما الذي يستحقّ بذلك من العقاب.

(١٤) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى ما يفعله ويعلم ما يصنعه.

(١٥) كَلَّا ردع للنّاهي لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ عمّا هو فيه لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ لنأخذن بناصيته ولنسحبنه بها إلى النار السّفع القبض على الشيء وجذبه بشدّة.

(١٦) ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ.

٣٤٩

(١٧) فَلْيَدْعُ نادِيَهُ أي أهل ناديه ليعينوه وهو المجلس الذي ينتدي فيه القوم روي أنّ أبا جهل مرّ برسول الله وهو يصلّي فقال ألم أنهك فاغلظ له رسول الله صلّى الله عليه وآله فقال أبو جهل تهدّدني وانا أكثر أهل الوادي نادياً فنزلت والقمّيّ قال : لمّا مات أبو طالب نادى أبو جهل والوليد عليهما لعاين الله هلمّ فاقتلوا محمّداً فقد مات الذي كان ناصره فقال الله فَلْيَدْعُ نادِيَهُ.

(١٨) سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ ليجرّوه إلى النّار وهو في الأصل الشّرط واحدها زبنية القمّيّ قال كما دعا الى قتل محمّد رسول الله صلّى الله عليه وآله نحن أيضاً ندع الزَّبانِيَةَ.

(١٩) كَلَّا ردع أيضاً للنّاهي لا تُطِعْهُ واثبت أنت على عبادة ربّك وَاسْجُدْ ودم على سجودك وَاقْتَرِبْ وتقرّب الى ربّك.

في الكافي والعيون عن الرضا عليه السلام : أقرب ما يكون العبد من الله عزّ وجلّ وهو ساجد وذلك قوله تعالى وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ.

وفي الفقيه عن الصادق عليه السلام وفي المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : ما في معناه.

في الخصال والمجمع عن الصادق عليه السلام : انّ العزائم أربع اقرء باسم ربّك الذي خلق والنجم وتنزيل السجدة وحم السّجدة.

وزاد في المجمع : وما عداها في جميع القرآن مسنون وليس بمفروض.

في العيون عن الرضا عن أبيه عن جدّه عليهم السلام : انّ أوّل سورة نزلت بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ وآخر سورة نزلت إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام مثله في ثواب الأعمال والمجمع عنه عليه السلام : من قرأ في يومه أو ليلته اقرأ باسم ربّك ثمّ مات في يومه أو ليلته مات شهيداً وبعثه الله شهيداً أو كان كمن ضرب بسيفه في سبيل الله مع رسول الله صلّى الله عليه وآله.

٣٥٠

سُورة القدر

مكيّة وقيل مدنيّة عدد آيُها ستّ آيات مكيّ شاميّ خمس في الباقين

اختلافها آية لَيْلَةِ الْقَدْرِ الثالث مكيّ وشاميّ

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(١) إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ يعني القرآن.

(٢) وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ فيه تفخيم لها وانّما سمّيت بليلة القدر لأنّ فيها يقدر كلّ شيء يكون في تلك السنة الى مثلها من قابل.

في المعاني عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : قال لي رسول الله صلّى الله عليه وآله يا عليّ أتدري ما معنى لَيْلَةِ الْقَدْرِ فقلت لا يا رسول الله فقال إنّ الله تعالى قدّر فيها ما هو كائن إلى يوم القيامة فكان فيما قدّر ولايتك وولاية الأئمّة عليهم السلام من ولدك إلى يوم القيامة وقد مضى معنى نزول القرآن فيها في المقدّمة التاسعة من هذا الكتاب.

(٣) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ.

في الكافي عن الصادق عليه السلام قال : اري رسول الله صلّى الله عليه وآله في منامه أنّ بني أميّة يصعدون على منبره من بعده ويضلّون النّاس على الصراط القهقرى فأصبح كئيباً حزيناً قال فهبط عليه جبرئيل فقال يا رسول الله صلّى الله عليه وآله ما لي أراك كئيباً حزيناً قال يا جبرئيل انّي رأيت بني أميّة في ليلتي هذه يصعدون منبري من بعدي يضلّون الناس عن الصراط القهقرى فقال والذي بعثك بالحقّ نبيّاً انّي ما اطّلعت عليه فعرج إلى السماء فلم يلبث ان نزل عليه بآي من القرآن يؤنسه بها قال أفرأيت ان متّعناهم سنين ثمّ جاءهم ما كانوا

٣٥١

يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتّعون وانزل عليه إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ جعل الله ليلة القدر لنبيّه صلّى الله عليه وآله خيراً من الف شهر ملك بني أميّة وفي معناه أخبار أخر فيه وفي غيره والقمّيّ قال : أري رسول الله صلّى الله عليه وآله كأنَّ قروداً تصعد منبره فغمّه ذلك فأنزل الله سورة القدر إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ تملكه بني أميّة ليس فيها ليلة القدر.

وفي المجمع عن ابن عبّاس قال : ذكر لرسول الله صلّى الله عليه وآله رجل من بني إسرائيل انّه حمل السلاح على عاتقه في سبيل الله الف شهر فعجب من ذلك عجباً شديداً وتمنّى أن يكون ذلك في أمّته فقال يا ربّ جعلت أمّتي أقصر الأمم اعماراً واقلّها اعمالاً فأعطاه الله ليلة القدر وقال لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ الذي حمل الاسرائيلي السلاح في سبيل الله لك ولامّتك من بعدك إلى يوم القيامة في كلّ رمضان.

في الكافي عن الباقر عليه السلام : أنّه سئل عن قوله تعالى إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ قال نعم لَيْلَةِ الْقَدْرِ وهي في كلّ سنة في شهر رمضان في العشر الأواخر فلم ينزل القرآن الّا في ليلة القدر.

وعنه عليه السلام : أنّه سئل عن لَيْلَةِ الْقَدْرِ فقال التمسها ليلة احدى وعشرين او ليلة ثلاث وعشرين وفي رواية : ليلة تسع عشرة واحدى وعشرين وثلاث وعشرين قيل فان أخذت إنساناً الفترة أو علّة ما المعتمد عليه من ذلك فقال ثلاث وعشرون.

وعن أحدهما عليهما السلام : انّ علامتها ان يطيب ريحها وان كانت في برد دفئت وان كانت في حرّ بردت.

وفي رواية العامّة : لا حارّة ولا باردة تطلع الشمس في صبيحتها ليس لها شعاع.

وعن الصادق عليه السلام : العمل فيها خير من العمل في الف شهر ليس

٣٥٢

فيها ليلة القدر.

والقمّيّ عن الباقر عليه السلام : أنّه سئل تعرفون لَيْلَةِ الْقَدْرِ فقال وكيف لا نعرف والملائكة يطوفون بنا فيها.

(٤) تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ القمّيّ قال : تنزّل الملائكة وروح القدس على امام زمان ويدفعون إليه ما قد كتبوه.

وعن الصادق عليه السلام قال : إذا كان لَيْلَةِ الْقَدْرِ نزلت الملائكة والرّوح والكتبة إلى السماء الدنيا فيكتبون ما يكون من قضاء الله في تلك السنة الحديث وقد مرّ في سورة الرعد وفي الكافي : ما في معناه.

وعنه عليه السلام : انّ الرُّوحُ أعظم من جبرئيل وانّ جبرئيل أعظم من الْمَلائِكَةُ وانّ هو خلق أعظم من الملائكة أليس يقول الله تبارك وتعالى تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ.

(٥) سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ القمّيّ قال : تحيّة تحيي بها الامام الى ان يطلع الفجر.

وفي الكافي عن السجّاد عليه السلام : يقول يسلّم عليك يا محمّد ملائكتي وروحي سلامي من أول ما يهبطون الى مطلع الفجر وفي دعائه لدخول شهر رمضان : سلام دائم البركة الى طلوع الفجر على من يشاء من عباده بما احكم من قضائه وقرئ مطلع بكسر اللّام.

في ثواب الأعمال والمجمع عن الباقر عليه السلام : من قرأ انّا أنزلناه في ليلة القدر فجهر بها صوته كان كالشاهر سيفه في سبيل الله ومن قرأها سرّاً كان كالمتشحّط بدمه في سبيل الله ومن قرأها سرّاً مرّات محا الله عنه الف ذنب من ذنوبه.

٣٥٣

سُورة البيّنة

سُورة لم يكن وتسمّى سورة البرية وسورة القيامة مدنية وقيل مكيّة وهي تسع آيات

بصري ثمان في الباقين اختلافها آية مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ بصريّ

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

(١) لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ القمّيّ يعني قريشاً قال هم في كفرهم حتّى تأتيهم البيّنة.

وعن الباقر عليه السلام : انّ الْبَيِّنَةُ محمد صلّى الله عليه وآله.

وفي المجمع اللّفظ لفظ الاستقبال ومعناه المضيّ.

(٢) رَسُولٌ مِنَ اللهِ بيان ل الْبَيِّنَةُ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً في السماء لا يمسّها الّا الملائكة المطهّرون.

(٣) فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ مكتوبات مستقيمة عادلة غير ذات عوج وقيل مطهّرة عن الباطل وأريد بالصحف ما تضمّنه الصحف من المكتوب فيها لأنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله كان يتلو عن ظهر قلبه لا عن كتاب ولكنّه لمّا تلا مثل ما في الصحف كان كالتالي لها.

(٤) وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ عمّا كانوا عليه إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ قيل يعني لم يزل كانوا مجتمعين في تصديق محمّد صلّى الله عليه وآله حتّى بعثه الله فلمّا بعث تفرّقوا في أمره واختلفوا فآمن به بعضهم وكفر آخرون القمّيّ قال لمّا جاءهم رسول الله بالقرآن خالفوه وتفرّقوا بعده.

(٥) وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ أي لا يشركون به

٣٥٤

حُنَفاءَ مايلين عن العقائد الزايغة القمّيّ قال ظاهرين وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ أي دين الملّة القيّمة.

(٦) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها القمّيّ قال أنزل الله عليهم القرآن فارتدّوا وكفروا وعصوا أمير المؤمنين عليه السلام أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ أي الخليقة وقرئ البرئية بالهمزة.

(٧) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ القمّيّ قال نزلت في آل محمّد صلوات الله عليهم.

وفي الأمالي عن جابر بن عبد الله قال : كنّا عند النبيّ صلّى الله عليه وآله فأقبل عليّ بن أبي طالب عليه السلام فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله قد أتاكم أخي ثمّ التفت إلى الكعبة فضربها بيده ثمّ قال والذي نفسي بيده إنّ هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة ثمّ قال إنّه اوّلكم ايماناً معي وأوفاكم بعهد الله وأقومكم بأمر الله وأعدلكم في الرعيّة وأقسمكم بالسويّة وأعظمكم عند الله مزيّة قال فنزلت إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ قال وكان أصحاب محمّد صلّى الله عليه وآله إذا اقبل عليّ قالوا جاء خَيْرُ الْبَرِيَّةِ.

وعن النبيّ صلّى الله عليه وآله في هذه الآية : انّه التفت إلى عليّ عليه السلام وقال هم والله أنت وشيعتك يا عليّ وميعادك وميعادهم الحوض غداً غرّ محجّلين متوّجين.

وفي المجمع : ما في معناه وفي المحاسن عن الباقر عليه السلام قال : هم شيعتنا أهل البيت.

(٨) جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ لانّه بلغهم أقصى أمانيهم ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ فانّ الخشية ملاك الامر والباعث على كلّ خير.

في الكافي عن الصادق عليه السلام قال : لرجل من الشيعة أنتم أهل الرضا

٣٥٥

عن الله جلّ ذكره يرضاه عنكم والملائكة إخوانكم في الخير فإذا اجتهدتم ادعوا وإذا غفلتم اجهدوا وأنتم خَيْرُ الْبَرِيَّةِ دياركم لكم جنّة وقبوركم لكم جنّة للجنّة خلقتم وفي الجنّة نعيمكم وإلى الجنّة تصيرون.

في ثواب الأعمال والمجمع عن الباقر عليه السلام قال : من قرأ سورة لم يكن كان بريئاً من الشرك وادخل في دين محمّد صلّى الله عليه وآله بعثه الله عزّ وجلّ مؤمناً وحاسبه حساباً يسيراً.

٣٥٦

سُورة إذا زُلزلت

وتسمّى سُورة الزّلزال مدنيّة عن ابن عبّاس وقتادة مكيّة عن

الضحّاك وعطاء عدد آيها ثمان آيات كوفي والمدني الأوّل تسع في الباقين

اختلافها آية أَشْتاتاً غير الكوفيّ والمدني الأوّل

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(١) إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها اضطرابها.

(٢) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها من الدفاين والأموات جمع ثقل وهو متاع البيت والقمّيّ قال من الناس.

(٣) وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها قال : ذلك أمير المؤمنين عليه السلام.

(٤) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها.

في الخرائج عن الباقر عليه السلام : انّه قرئت هذه السورة عند أمير المؤمنين عليه السلام فقال أنا الْإِنْسانُ وايّاي تُحَدِّثُ أَخْبارَها.

وفي العلل عن تميم بن حاتم قال : كنّا مع عليّ عليه السلام حيث توجّهنا الى البصرة قال فبينما نحن نزول إذا اضطربت الأرض فضربها عليّ عليه السلام بيده الشريفة وقال لها ما لك ثمّ اقبل علينا بوجهه الكريم ثمّ قال لنا أما انّها لو كانت الزلزلة التي ذكرها الله عزّ وجلّ في كتابه العزيز لاجابتني ولكنّها ليست بتلك.

وفي الكافي : ما في معناه.

وفي العلل عن فاطمة عليها السلام قالت : أصاب الناس زلزلة على عهد أبي بكر وفزع الناس الى أبي بكر وعمر فوجدوهما قد خرجا فزعين الى عليّ

٣٥٧

عليه السلام فتبعهما الناس إلى أن انتهوا الى باب عليّ عليه السلام فخرج عليهم غير مكترث لما هم فيه فمضى واتبعه الناس حتّى انتهوا الى تلعة فقعد عليها وقعدوا حوله وهم ينظرون إلى حيطان المدينة ترتج جائية وذاهبة فقال لهم عليّ (ع) كأنّكم قد هالكم ما ترون قالوا وكيف لا يهولنا ولم نر مثلها قطّ قال فحرّك شفتيه ثمّ ضرب الأرض بيده الشريفة ثمّ قال ما لك اسكني فسكنت بإذن الله فتعجّبوا من ذلك أكثر من تعجّبهم الأوّل حيث خرج إليهم قال لهم فانّكم قد عجبتم من صنيعي قالوا نعم قال انا الرجل الذي قال الله إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها فانا الإنسان الذي يقول لها ما لك يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها ايّاي تحدّث.

وفي المجمع جاء في الحديث : انّ النبيّ صلّى الله عليه وآله قال : أتدرون ما أَخْبارَها قالوا الله ورسوله أعلم قال أخبارها أن تشهد على كلّ عبد وأمة بما عمله على ظهرها تقول عمل كذا وكذا فهذه أخبارها.

(٥) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها أي تحدّث بسبب ايحاء ربّك لها أو بإيحاء ربّك لها.

(٦) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ (١) من في القبور الى الموقف أَشْتاتاً متفرّقين بحسب مراتبهم القمّيّ قال : يجيئون أشتاتاً مؤمنين وكافرين ومنافقين لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ قال ليقفوا على ما فعلوه.

(٧) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ.

(٨) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ وقرئ يُره بضمّ الياء فيهما.

ورواها في المجمع عن عليّ عليه السلام قيل هي أحكم آية في القرآن وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله يسمّيها الجامعة.

والقمّيّ عن الباقر عليه السلام : هذه الآية فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ قال

__________________

(١) أي يرجع الناس عن موقف الحساب بعد العرض متفرقين أهل الإيمان على حدّة وأهل كل دين على حدة.

٣٥٨

يقول ان كان من أهل النّار وقد كان عمل في الدنيا مثقال ذرّة خيراً يره يوم القيامة حسرة انّه كان عمله لغير الله وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ قال يقول ان كان من أهل الجنّة عمل شرّاً يرى ذلك الشرّ يوم القيامة ثمّ غفر له.

في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق عليه السلام : لا تملّوا من قراءة إذا زلزلت الأرض فانّ من كانت قراءته في نوافله لم يصبه الله بزلزلة أبداً ولم يمت بها ولا بصاعقة ولا بآفة من آفات الدنيا فإذا مات امر به إلى الجنّة فيقول الله عزّ وجلّ عبدي أبحتك جنّتي فاسكن منها حيث شئت وهويت لا ممنوعاً ولا مدفوعاً وفي الكافي ما في معناه مع زيادات.

٣٥٩

سُورة العاديات

مدنية عن ابن عبّاس وقتادة وقيل مكيّة عدد آيها احدى عشرة آية بالإجماع

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(١) وَالْعادِياتِ ضَبْحاً قيل أقسم الله بخيل الغزاة تعدو فتضبح ضَبْحاً وهو أصوات أنفاسها عند العدو.

وفي المجمع عن عليّ عليه السلام : هي الإبل حين ذهب إلى غزوة بدر تمدّ أعناقها في السير فهي تضبح اي تضبع.

وفي رواية أخرى عنه عليه السلام : هي الإبل من عرفة الى مزدلفة ومن مزدلفة إلى منى.

(٢) فَالْمُورِياتِ قَدْحاً فالتي توري النار أي تخرجها بحوافرها من حجارة الأرض القمّيّ قال كانت بلادهم فيها حجارة فإذا وطأتها سنابك الخيل كان تنقدح عنها النار.

(٣) فَالْمُغِيراتِ تغير أهلها على العدو صُبْحاً في وقت الصبح القمّيّ أي صبّحهم بالغارة.

(٤) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً فهيّجن بذلك غباراً القمّيّ أي ثارت الغبرة من ركض الخيل.

(٥) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً من جموع الاعداء القمّيّ قال توسّط المشركون بجمعهم كأنّه أراد به احاطتهم بالمشركين أو هو من غلط الكتّاب والصحيح المشركين.

٣٦٠