تاريخ مدينة دمشق - ج ٧٠

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٧٠

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٠٤
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

تتأخّر ، فضرب دابته وانطلق. ثم صحبنا رجل [آخر](١) فقال : يا أم الدّرداء دعاء كان يدعو به : اللهم اجعلني أرجو رحمتك ، وأخاف عذابك ، إذ يأمنك من لا يرجو رحمتك ، ولا يخاف عذابك ، وأسألك الأمن يوم يخافون. فقالت لي أم الدّرداء : اكتبه ، فكتبته.

أخبرنا أبو جعفر أحمد بن محمّد العباسي ، أنا الحسن بن عبد الرّحمن الشافعي ، أنا أحمد بن إبراهيم بن أحمد ، أنا محمّد بن إبراهيم الدّيبلي (٢) ، نا إدريس بن سليمان بن أبي الرباب (٣) ، نا رديح بن عطية (٤) ، عن إبراهيم بن أبي عبلة ، عن أم الدّرداء :

أن رجلا أتاها ، فقال لها : إنه قد نال منك رجل عند عبد الملك. قالت : إن نؤبن (٥) بما فينا فطال ما زكّينا بما ليس فينا ، قال : ورأيت أم الدّرداء تصلي وهي جالسة متربعة.

كذا رواه لنا ، وإنما يرويه ابن فراس عن عباس بن قتيبة (٦) ، عن إدريس بن سليمان.

أخبرنا أبو البركات بن المبارك ، أنا أحمد بن الحسن بن خيرون ، أنا أبو العلاء الواسطي ، أنا أبو بكر البابسيري ، أنا الأحوص بن المفضل ، نا أبي ، نا هشام ، نا رديح بن عطية أبو الوليد القرشي ، عن إبراهيم بن أبي عبلة ، عن أم الدّرداء :

أن رجلا أتاها فقال : إن رجلا قد نال منك عند عبد الملك فقالت : إن نؤبن بما ليس فينا فطال ما زكّينا بما ليس فينا.

أخبرنا أبو الحسن السلمي ، نا عبد العزيز الكتاني.

ح وأخبرنا أبو الحسين بن أبي الحديد ، أنا جدي الحسن بن أحمد.

قالا : أنا محمّد بن عوف ، أنا محمّد بن موسى ، أنا محمّد بن خريم ، نا هشام بن عمار ، نا رديح بن عطية ، نا إبراهيم بن أبي عبلة ، عن أم الدّرداء :

أن رجلا أتاها فقال : إن رجلا قد نال منك عند عبد الملك ، فقالت : إن نؤبن بما ليس فينا فطال ما زكّينا بما ليس فينا.

__________________

(١) سقطت من الأصل ، وزيدت عن «ز».

(٢) بالأصل و «ز» : الدبيلي.

(٣) بالأصل : الدباب ، والمثبت عن «ز».

(٤) من طريق رديح بن عطية المقدسي رواه المزي في تهذيب الكمال ٢٢ / ٤٦٧.

(٥) ابن الرجل : اتهمه وعابه.

(٦) كذا نسبه إلى جدّ أبيه ، وهو عباس بن محمد بن الحسن بن قتيبة.

١٦١

قال : ورأيت أم الدّرداء تصلي متربعة.

أخبرنا أبو عبد الله بن البنا ، قراءة عن أبي تمام علي بن محمّد ، عن أبي عمر بن حيوية ، أنا محمّد بن القاسم ، نا ابن أبي خيثمة ، نا نصر بن المغيرة البخاري قال : قال سفيان : عوتبت أم الدّرداء في شيء فقيل لها : لم فعلت كذا وكذا؟ قالت : نقص الناس فنقصت كما نقصوا.

أخبرنا أبو جعفر العباسي ، أنا الحسن بن عبد الرّحمن ، أنا أحمد بن إبراهيم ، أنا محمّد بن إبراهيم ، نا محمّد بن يزيد المستملي ، نا محمّد بن القاسم الأسدي (١) ، عن ثور ، عن زياد بن أبي سودة قال : عوتبت أم الدّرداء في شيء فقالت : إنّي أدركت زمانا انتقص الناس فيه فانتقصت معهم.

كذا رواه لنا ، وإنما يرويه ابن فراس عن عباس بن قتيبة ، عن محمّد بن يزيد.

أخبرنا أبو الفضل بن ناصر ، عن جعفر بن يحيى ، أنا أبو نصر الوائلي ، أنا الخصيب ابن عبد الله ، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرّحمن ، [أخبرني أبي](٢) أنا محمّد بن يزيد بن عبد الصّمد ، نا عبد الرّحمن بن يحيى ، نا أبو سليمان [محمّد بن سليمان](٣) بن أبي الدرداء ، عن (٤) سعيد بن عبد العزيز ، عن إسماعيل بن عبيد الله قال : قالت لي أم الدّرداء : يا بني ما يقول الناس في الحارث الكذاب (٥)؟ قال إسماعيل : يا أمه يزعمون أنك قد بايعته (٦). قال : فلم تسل أم الدّرداء من الذي قال لئلا يكون في صدرها غلّ لأحد.

أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، وأبو بكر ابن إسماعيل ، قالا : نا يحيى بن محمّد بن صاعد ، نا الحسين بن الحسن ، أنا عبد الله بن المبارك (٧) ، أنا إسماعيل بن عياش ، أخبرني عبد الله أو عبيد الله بن سليمان ، عن عثمان بن

__________________

(١) رواه المزي من طريقه في تهذيب الكمال ٢٢ / ٤٦٧.

(٢) «أخبرني أبي» سقط من الأصل ، واستدرك لتقويم السند عن «ز».

(٣) «محمد بن سليمان» سقط من الأصل ، واستدرك عن «ز» ، لتقويم السند.

(٤) من هنا .. إلى قوله : يا بني ، سقط من «ز».

(٥) يعني الحارث بن سعيد الكذاب المتنبئ. تقدمت ترجمته في تاريخ مدينة دمشق ١١ / ٤٢٧ رقم ١١٣٢ طبعة دار الفكر.

(٦) بالأصل و «ز» : بايعتيه.

(٧) نقلا عن ابن المبارك روي في تهذيب الكمال ٢٢ / ٤٦٧.

١٦٢

حيّان قال : أكلنا مع أم الدّرداء طعاما فأغفلنا الحمد لله ، فقالت : يا بني لا تدعوا أن تأدموا طعامكم بذكر الله ، أكلا وحمدا (١) خير من أكل وصمت.

أخبرنا أبو المظفر بن القشيري ، وأبو القاسم الشحامي ، قالا : أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا أبو الحسين إسحاق بن أحمد الكاذي ، نا عبد الله بن أحمد بن محمّد بن حنبل ، نا أبي ، نا سيار ، نا جعفر ، حدّثني شيخ من بني تميم (٢) ، حدّثني هزّان قال :

قالت لي أم الدّرداء : يا هزّان ألا أحدثك ما يقول الميت إذا وضع على سريره؟ قال : قلت : بلى ، قالت : فإنه ينادي يا أهلاه ، ويا جيراناه ، ويا حملة سريري ـ وقال الشحامي : سريراه ـ لا تغرّنكم الدنيا كما غرّتني ، ولا تلعبن بكم كما تلعبت (٣) بي ، فإنّ أهلي لم يحملوا عني من وزري شيئا ، ولو حاجوني اليوم عند الجبار لحجّوني (٤) ، ثم قالت أم الدّرداء : الدنيا أسحر لقلب العبد من هاروت وماروت ، وما آثرها عبد قط إلّا صرعته ـ وقال الشحامي : أضرعت (٥) خده.

الرجل التميمي هو نبيط السعدي ، بين ذلك قطن (٦) بن نسير ، عن جعفر.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، وأبو عبد الله الحسين بن ظفر بن الحسين بن يزداد (٧) بن المناطقي (٨) ، قالا : أنا أبو الحسين بن النّقور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أبو القاسم البغوي ، نا قطن بن نسير ، نا جعفر بن سليمان ، نا نبيط السعدي قال :

بلغنا أن أم الدّرداء قالت : يا هزّان ، وكان هزان رجلا من أهل سنجار ، فقالت : يا هزّان ، هل تدري ما يقول الميت حين يوضع على سريره؟ يقول : يا أهلي ، ويا جيراني ، ويا حملة نعشي ، لا تغرّنكم الدنيا كما غرّتني ، إن أهلي لم يحملوا عني من ذنوبي شيئا ، ولو

__________________

(١) في تهذيب الكمال : أكل وحمد.

(٢) رواه ابن الجوزي في صفة الصفوة ٤ / ٢٩٦ ـ ٢٩٧.

(٣) في صفة الصفوة : لعبت بي.

(٤) يعني غلبوني بحجتهم.

(٥) أضرعت خده : جعلته ذليلا.

(٦) بالأصل : فطن ، تصحيف ، والتصويب عن «ز».

(٧) بالأصل : رداد ، والمثبت عن «ز».

(٨) بالأصل : المناطفى ، والمثبت عن «ز».

١٦٣

حاجّوني عند الجبار لحجّوني ثم قالت : وللدنيا أسحر من هاروت وماروت ، ولا يؤثرها عبد إلّا أضرعت خدّه.

أخبرنا أبو عبد الله الخلال ، أنا أبو طاهر بن محمود ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، نا أبو عروبة الحراني ، نا مخلد بن مالك ، نا حفص بن ميسرة ، عن زيد بن أسلم :

أن عبد الملك بن مروان بعث إلى أم الدّرداء فكانت عنده ، فلمّا كان ذات ليلة قام عبد الملك من الليل فدعا خادمه فكأنه أبطأ عنه فلعنه ، فلما أصبح قالت له أم الدّرداء : قد سمعتك الليلة لعنت خادما ، قال : إنه أبطأ عني ، قالت : سمعت أبا الدّرداء يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا يكون اللعانون شفعاء ، ولا شهداء يوم القيامة» [١٣٨٤٨].

أخبرنا أبو محمّد ، نا أبو محمّد ، أنا أبو محمّد ، أنا أبو الميمون ، نا أبو زرعة (١) ، حدّثني هشام ، نا الهيثم بن عمران قال : سمعت إسماعيل بن عبيد الله يقول : كانت أم الدّرداء تتكئ (٢) على عبد الملك بن مروان إذا خرجت من صخرة بيت المقدس.

أخبرنا أبو الحسن الفرضي ، وعلي بن زيد ، قالا : نا أبو الفتح الزاهد ـ زاد الفرضي : وأبو محمّد الكلاعي ، قالا : ـ أنا ابن عوف ، أنا ابن منير ، أنا ابن خريم ، نا هشام ، نا الهيثم ابن عمران قال : سمعت إسماعيل بن عبيد الله يقول (٣) :

كان عبد الملك بن مروان جالسا في صخرة بيت المقدس ، وأم الدّرداء معه جالسة ، حتى إذا نودي للمغرب قام عبد الملك ، وقامت أم الدّرداء تتوكّأ على عبد الملك بن مروان حتى يدخل بها المسجد ، فإذا دخلت جلست مع النساء ، ومضى عبد الملك إلى المقام ، فصلّى بالناس.

أخبرنا أبو الحسن الخطيب ، أنا أبو منصور النهاوندي ، أنا أبو العباس ، أنا أبو القاسم ، نا البخاري ، حدّثني أحمد بن محمّد ، أنا عبد الله بن المبارك ، أنا إسماعيل بن عيّاش ، حدّثني عبد ربه بن سليمان قال : وحجت أم الدّرداء سنة إحدى وثمانين (٤).

__________________

(١) رواه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه ١ / ٣٣٣.

(٢) تحرفت بالأصل و «ز» إلى : تبكي ، والتصويب عن تاريخ أبي زرعة.

(٣) من طريقه رواه الذهبي في سير الأعلام ٤ / ٢٧٩.

(٤) تهذيب الكمال ٢٢ / ٤٦٨ وسير أعلام النبلاء ٤ / ٢٧٩.

١٦٤

[هند](١)

٩٤٤١ ـ هند بنت أسماء بن خارجة بن حصن الفزارية (٢)

كانت زوج عبيد الله بن زياد ، وقيل : إنّها كانت لا تفارقه ، وحين توجهه من دمشق كانت معه.

حكى جعفر بن شاذان عن الحرمازي (٣) ، أخبرني الوليد بن هشام بن قحذم (٤) كاتب خالد بن عبد الله ، وكاتب يوسف بن عمر ، قال :

كانت هند بنت أسماء بن خارجة عند عبيد الله بن زياد بن أبيه وهو ابتكرها ، وكانا لا يفترقان في سفر ولا حضر ، فقتل يوم الخازر (٥) وهو من الزاب ، وهي معه ، فقالت : لا يستمكن هؤلاء مني ، ثم شدّت عليها (٦) قباءه وعمامته ومنطقته ، وركبت فرسه الكامل ، ثم خرجت حتى دخلت الكوفة في بقية يومها وليلتها ليس معها أنيس ، ثم كانت بعد من أشدّ خلق الله حزنا عليه ، وتذكّرا له وذكر ، قال : فقالت هند : إني لأشتاق إلى القيامة لأرى فيها عبيد الله بن زياد ، قال : فقال العتبي : لم يكن في زمانها امرأة شبيهها جمالا وكمالا ، وعقلا وأدبا.

٩٤٤٢ ـ هند بنت جعفر بن عبد الرزّاق

ابن عبد الوهاب بن عبد الرزّاق

حدّثت عن أبيها أبي الحسين جعفر بن عبد الرزّاق.

روى عنها عبد العزيز الكتاني ، ولم يخرج عنها في معجمه شيئا.

__________________

(١) موجودة فقط في «ز».

(٢) أنساب الأشراف ٥ / ٤٠٨ (طبعة دار الفكر) ، وجمهرة ابن حزم ص ١٠٦ ونسب قريش للمصعب ص ١٦٩.

(٣) تحرفت بالأصل و «ز» إلى : الحرمادي.

(٤) بدون إعجام بالأصل ، وفي «ز» : قحرم.

(٥) بالأصل : «الحارر» وفي «ز» : «الحادر» وكلاهما تصحيف ، والمثبت عن معجم البلدان ، وفيه أن الخازر نهر بين إربل والموصل ، ثم بين الزاب والموصل كانت عنده وقعة بين عبيد الله بن زياد وإبراهيم بن مالك الأشتر في أيام المختار.

(٦) بالأصل : عليه ، والمثبت عن «ز».

١٦٥

٩٤٤٣ ـ هند بنت عبد الله بن عامر بن كريز

ابن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس العبشمية القرشية (١)

زوج يزيد بن معاوية.

لها ذكر في حديث مقتل الحسين ، ذكرته في ترجمة أبي برزة نضلة بن عبيد.

٩٤٤٤ ـ هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس

ابن عبد مناف بن قصي العبشمية القرشية (٢)

أم معاوية بن أبي سفيان ، من النسوة اللاتي بايعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أسلمت يوم فتح مكة.

وروت عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

روى عنها ابنها معاوية ، وعائشة أم المؤمنين.

وشهدت اليرموك ، وقدمت على ابنها معاوية في خلافة عمر بن الخطاب.

أخبرنا أبو محمّد عبد الرّحمن بن أبي الحسن بن إبراهيم ، أنا سهل بن بشر ، أنا أبو الحسن علي بن بقاء الوراق ، أنا أبو محمّد عبد الغني بن سعيد الأزدي ، نا أبو حفص عمر بن محمّد العطار ، نا عثمان بن خرّزاذ (٣) ، نا عيسى بن مينا قالون (٤) ، نا محمّد بن جعفر بن أبي كثير أخو إسماعيل بن جعفر ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة عن هند ابنة عتبة امرأة أبي سفيان قالت :

قلت للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إن أبا سفيان شحيح ، وإنه لا يعطيني وولدي إلّا ما أخذت منه ، وهو لا يعلم ، فهل عليّ في ذلك حرج؟ قال : «خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف (٥)» [١٣٨٤٩].

__________________

(١) نسب قريش للمصعب ص ١٢٩.

(٢) انظر أخبارها في نسب قريش للمصعب ص ١٠٤ و ١٠٥ وأنساب الأشراف ٥ / ١١ وتاريخ الطبري (الفهارس) وسيرة ابن هشام (الفهارس) وأسد الغابة ٦ / ٢٩٢ والإصابة ٤ / ٤٢٥ وطبقات ابن سعد ٨ / ٢٣٥ وتاريخ خليفة (الفهارس) والبداية والنهاية (الفهارس) ، والاستيعاب ٤ / ٤٢٤ (هامش الإصابة).

(٣) تحرفت بالأصل إلى : «حرزاد» ومثله في «ز». والصواب ما أثبت.

(٤) تحرفت بالأصل إلى : فالون ، والمثبت عن «ز» ، وهو عيسى بن ميناء أبو موسى قالون ، مقرئ المدينة ، ترجمته في سير الأعلام ١٠ / ٣٢٦.

(٥) الإصابة ٤ / ٤٢٥ والاستيعاب ٤ / ٤٢٧.

١٦٦

رواه الناس عن هشام فقالوا عن عائشة أن هندا قالت للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولم يقولوا عن هند.

قرأت في كتاب أبي الهيذام عبد المنعم بن إبراهيم ، نا أبو الفضل محمّد بن يحيى بن محمّد بن عبد الحميد السكسكي البتهلي (١) ، أخبرني أبي ، نا أبو حسان الزيادي قال : وصاحت هند بنت عتبة عضدوا القلفان يا معشر المسلمين يعني يوم اليرموك.

أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنا ، قالا : أنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، أنا أحمد ابن عبيد إجازة ، نا محمّد بن الحسين ، نا ابن أبي خيثمة ، أنا مصعب بن عبد الله ، قال (٢) : هند بنت عتبة تزوجها حفص بن المغيرة بن عبد الله بن عمر (٣) بن مخزوم ، فولدت أبان ثم خلف عليها أبو سفيان بن حرب ، فولدت له معاوية.

أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنا ، قالوا : أنا أبو جعفر ابن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أحمد بن سليمان ، نا الزبير بن بكار ، قال (٤) :

فولد عتبة بن ربيعة : الوليد ، وأبا الحكم ، وعبد شمس ، وأبا أمية ، والمغيرة ، وهشاما ، وهاشما ، وهندا بني عتبة ، تزوج هند حفص بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، فولدت له أبان (٥) ثم خلف عليها أبو سفيان بن حرب ، فولدت له معاوية وعتبة.

أخبرنا أبو غالب بن البنّا بقراءتي عليه ، عن أبي محمّد الحسن بن علي [وحدّثنا عمي رحمه‌الله ، أنا أبو طالب بن يوسف ، أنا الحسن بن علي](٦) الجوهري قراءة ، أنا محمّد بن العباس ، أنا أحمد بن معروف ، أنا الحسين بن فهم ، نا ابن سعد قال (٧) في تسمية النساء المسلمات المبايعات : هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف وأمّها : صفية بنت أمية بن حارثة بن الأوقص بن مرة بن هلال بن فالج (٨) بن ذكوان بن ثعلبة بن بهثة بن سليم ، تزوج هندا حفص بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، فولدت له أبانا.

__________________

(١) في «ز» : السلمي ، وفوقها علامة تحويل إلى الهامش ، وكتب على الهامش ، فيها : البتلهي.

(٢) رواه مصعب الزبيري في نسب قريش ص ١٥٣.

(٣) كذا بالأصل و «ز» وفي نسب قريش : عمرو.

(٤) نسب قريش ص ١٥٣.

(٥) كذا بالأصل و «ز» ، وفي نسب قريش : «أبانا» منونة.

(٦) ما بين معكوفتين زيادة عن «ز».

(٧) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٨ / ٢٣٥.

(٨) بالأصل و «ز» : فالح.

١٦٧

أخبرنا أبو الفتح الماهاني ، أنا شجاع بن علي ، أنا أبو عبد الله بن مندة قال : هند بنت عتبة بن ربيعة امرأة أبي سفيان بن حرب ، روت عنها عائشة.

أنبأنا أبو سعد المطرز ، وأبو علي الحداد ، قالا : أنا أبو نعيم الحافظ قال : هند بنت عتبة بن ربيعة بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف امرأة أبي سفيان ، أم معاوية ، روت عنها عائشة.

أنبأنا أبو محمّد بن الآبنوسي ، وأخبرني أبو الفضل بن ناصر عنه ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو الحسين بن المظفر ، أنا أبو علي المدائني ، أنا أبو بكر بن البرقي ، قال :

وأم هند صفية بنت أمية بن حارثة بن الأوقص بن مرة بن هلال بن فالج (١) بن ذكوان بن ثعلبة بن بهثة بن سليم ، وأمّها : أمة بنت نوفل بن عبد مناف ، وأمّها : قلابة بنت جابر بن نصر ابن مالك بن حسل بن عامر ، وأمها : بنت الحارث بن نوفل بن جذيمة بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر ، وأمها : أسماء بنت سعيد بن سهم ، وأمها : عاتكة بنت عبد العزى بن قصي ، وأمها : ريطة بنت كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب ، وأمّها : قيلة بنت حذافة بن جمح.

أخبرنا أبو السعود بن المجلي (٢) الواعظ ، أنا أحمد بن محمّد بن أحمد بن النقور ، ومحمّد بن وشاح الزينبي.

وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا ابن النقور.

قالا : أنا عيسى بن علي بن عيسى ، نا أبو عبيد (٣) علي بن الحسين بن حرب ، نا أبو السكين زكريا بن يحيى بن عمر ، حدّثني عمّ أبي زحر بن حصن ، عن جدّه حميد بن منهب قال :

كانت هند بنت عتبة تحت الفاكه بن المغيرة المخزومي ، وكان الفاكه من فتيان قريش ، وكان له بيت للضيافة يغشاه الناس عن غير إذن ، فخلا ذلك البيت يوما ، فاضطجع الفاكه وهند فيه في وقت [القائلة. ثم خرج الفاكه لبعض حاجته ، وأقبل](٤) رجل ممن كان يغشاه فولج

__________________

(١) بالأصل : فالح ، وبدون إعجام في «ز».

(٢) بالأصل و «ز» : المحلى.

(٣) كذا بالأصل و «ز» ، وفي المطبوعة : عبيد الله.

(٤) ما بين معكوفتين ممحو بالأصل ، والمستدرك عن «ز».

١٦٨

البيت ، فلمّا رأى المرأة ولّى هاربا ، وأبصره الفاكه وهو خارج من البيت ، فأقبل إلى هند فضربها برجله وقال : من هذا الذي كان عندك؟ قالت : ما رأيت أحدا ، ولا انتبهت حتى أنبهتني. قال لها : الحقي بأبيك ، وتكلّم فيها الناس ، فقال لها أبوها : يا بنية إن الناس قد أكثروا فيك ، فأنبئيني (١) نبأك ، فإن يكن الرجل عليك صادقا دسست إليه من يقتله ، فينقطع (٢) عنك القالة ، وإن يك كاذبا حاكمته إلى بعض كهان اليمن. فحلفت له بما كانوا يحلفون في الجاهلية إنه الكاذب عليها. فقال عتبة للفاكه : يا هذا إنك قد رميت ابنتي بأمر عظيم ، فحاكمني إلى بعض كهان اليمن.

فخرج الفاكه في جماعة من بني مخزوم ، وخرج عتبة في جماعة من بني عبد مناف ، وخرجوا معهم بهند ونسوة معها ، فلمّا شارفوا البلاد قالوا : غدا نرد على الكاهن. تنكّرت حال هند ، وتغيّر وجهها. فقال لها أبوها : إنه قد أرى ما بك من تنكّر الحال وما ذاك عندك إلا لمكروه. فألا كان هذا قبل أن يشتهر للناس مسيرنا؟ قالت : والله يا أبتاه ما ذاك لمكروه. ولكني أعرف أنكم تأتون بشرا يخطئ ، ويصيب ولا آمنه أن يسمني ميسما يكون عليّ سبّة في العرب ، قال : إنّي سوف اختبره قبل أن ينظر في أمرك ، فصفر لفرسه حتى أدلى ، ثم أخذ حبة من حنطة ، فأدخلها في إحليله وأوكأ عليها بسير (٣). فلما وردوا على الكاهن أكرمهم ونحر لهم ، فلما قعدوا قال له عتبة : إنا قد جئناك في أمر ، وإني قد خبأت لك خبأ أختبرك به ، فانظر ما هو ، قال : ثمرة في كمرة ، قال : أريد أبين من هذا ، قال : حبّة من برّ في إحليل مهر ، قال : صدقت انظر في أمر هؤلاء النسوة ، فجعل يدنو من إحداهن فيضرب كتفها ويقول : انهضي حتى دنا من هند فضرب كتفها قال انهضي غير رسحاء (٤) ولا زانية ، ولتلدن ملكا يقال له : معاوية ، فوثب إليها الفاكه فأخذ بيدها فنثرت يدها من يده ، وقالت : إليك فو الله لأحرصنّ (٥) على أن يكون ذاك من غيرك.

فتزوجها أبو سفيان فجاءت بمعاوية.

__________________

(١) كذا بالأصل ، وفي «ز» ، والمطبوعة : فانبئني.

(٢) كذا بالأصل ، وفي «ز» : ينقطع.

(٣) في «ز» : بسر.

(٤) بالأصل و «ز» : رشحاء ، بالشين المعجمة ، تصحيف ، والصواب ما أثبت رسحاء بالسين المهملة ، والرسحاء من النساء هي القبيحة ، أو القليلة لحم العجز والفخذين (تاج العروس واللسان : رسح).

(٥) تحرفت بالأصل إلى : لأحرضن ، والمثبت عن «ز».

١٦٩

أخبرنا أبو القاسم الخضر بن علي بن الخضر بن أبي هشام ، أنا أبو محمّد عبد الله بن الحسن بن حمزة العطار ، أنا عبد الرّحمن بن محمّد بن ياسر (١) ، أنا هارون بن محمّد الموصلي ، نا زكريا بن أحمد البلخي ، أنا الحسن بن علي بن الأشعث المصري ، نا محمّد بن عبد الله بن عبد الحكم ، أنا الشافعي أو غيره.

ح وأخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن الموازيني ، أنا محمّد بن سلامة القضاعي في كتابه ، قال : قرأت على محمّد بن أحمد بن محمّد بن عمرو بن شاكر القطان ، نا الحسن بن رشيق ، نا محمّد بن يحيى بن آدم ، نا محمّد بن عبد الله بن عبد الحكم ، أنا الشافعي قال :

كان عتبة بن ربيعة زوّج هندا رجلا من قريش ، فمات عنها أو فارقها ، فقالت لأبيها : إنك قد زوّجتني ولم تشاورني [فإذا أردت شيئا فشاورني](٢) فخطبها أبو سفيان بن حرب ، وسهيل بن عمرو ، فذكر ذلك لها ـ زاد الخضر : أبوها ، وقالا : ـ فقال : خطبك سهيل بن عمرو وهو (٣) سيد قومه وخطبك أبو سفيان وهو من تعلمين قالت : صفهما ـ وقال الخضر : فصفهما ـ لي قال : أما سهيل بن عمرو فنقضين ـ وقال الخضر : فرجل تقضين ـ عليه في أهله وماله. وأما أبو سفيان فرجل شرس لا تتكلمين إلّا نهاك ، ولا تخالفينه إلّا ضربك ، قالت : زوّجني من (٤) أبي سفيان ، فإن أتى منه ولد يكون ـ وقال الخضر : فسيكون ـ سيدا ، وأما سهيل فإن كان منه ولد فليس يكون إلّا أحمق ، قال : فتزوجت أبا سفيان ، فولدت منه ـ وقال الخضر : له ـ معاوية ، وتزوّج سهيل امرأة فولدت له غلاما ، فمر ذات يوم مع أبيه برجل يقود ناقة وشاة فقال لأبيه : هذه بنت هذه؟ فقال : ـ وقال الموازيني : هذه ابنة هذه ، قال : ـ رحم الله هندا.

قرأت على أبي غالب بن البنا ، عن أبي محمّد الجوهري.

وحدّثنا عمي رحمه‌الله ، أنا ابن يوسف ، أنا أبو محمّد.

أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، أنا أبو علي بن الفهم ، نا ابن سعد (٥) ، أنا

__________________

(١) أقحم بعدها بالأصل : «أنا هارون بن محمد بن ياسر» والمثبت يوافق ما جاء في «ز».

(٢) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن «ز».

(٣) بالأصل و «ز» : هو.

(٤) تحرفت بالأصل إلى : «ابن» والتصويب عن «ز».

(٥) الخبر رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٨ / ٢٣٥.

١٧٠

مالك بن إسماعيل أبو غسان النهدي ، نا عمر بن زياد الهلالي ، عن عبد الملك بن نوفل بن مساحق شيخ من أهل المدينة من بني عامر بن لؤي قال :

قالت هند لأبيها : إنّي امرأة قد ملكت أمري فلا تزوّجني رجلا حتى تعرضه عليّ ، قال : فقال لها : ذلك لك ، ثم قال لها يوما : إنه قد خطبك رجلان من قومك ولست مسميا لك واحدا منهما حتى أصفه لك. أما الأول ففي الشرف الصميم والحسب الكريم ، تخالين به هوجا من غفلته وذلك إسجاح (١) من شيمته ، حسن الصحابة حسن الإجابة ، إن تابعته تابعك ، وإن ملت كان معك ، تقضين (٢) عليه في ماله وتكتفين (٣) برأيك في ضعفه.

وأما الآخر ففي الحسب الحسيب والرأي الأريب ، بدر أرومته وعزّ (٤) عشيرته يؤدب أهله ولا يؤدّبونه. إن اتبعوه أسهل بهم وإن جانبوه توعر بهم (٥) ، شديد الغيرة ، سريع الطيرة ، شديد (٦) حجاب القبة إن حاج فغير منزور (٧) ، وإن نوزع فغير مقهور ، قد بيّنت لك حالهما.

قالت : أما الأول فسيّد مطيع لكريمته مؤات لها فيما عسى إن لم تعصم أن تلين بعد إبائها ويضيع تحت جناحها (٨) ، إن جاءت له بولد أحمقت وإن أنجبته فعن خطأ ما أنجبت أطو ذكر هذا عني ، فلا تسمّه لي ، وأما الآخر فبعل الحرة الكريمة ، إني لأخلاق هذا لواقعة وإني له لموافقة ، وإنّي لآخذة بأدب البعل مع لزومي قبتي ، وقلة تلفّتي وإن السليل بيني وبينه لحري أن يكون المدافع عن حريم عشيرته ، الذائد (٩) عن كتيبتها ، المحامي عن حقيقتها ، الرأس (١٠) لأرومتها غير مؤاكل ولا زمّيل (١١) عند صعصعة (١٢) الحوادث ، فمن هو؟ قال : ذاك أبو سفيان

__________________

(١) الإسجاح : حسن العفو ، والسهولة. يقال : خلق سجيح : لين ، سهل.

(٢) بالأصل : «تقضي» ، وفي «ز» : «يقضي».

(٣) بالأصل : «تكتفي» ومثله في «ز».

(٤) بالأصل : «عن» والمثبت عن «ز».

(٥) بالأصل : «حابوه وعرهم» وفي «ز» : «جانبوه وعريهم» والمثبت : «جانبوه توعر بهم» عن ابن سعد.

(٦) بالأصل و «ز» : سديد ، والمثبت عن ابن سعد.

(٧) بدون إعجام بالأصل ، وفي «ز» : مبرور ، والمثبت عن ابن سعد.

(٨) كذا بالأصل و «ز» ، وفي ابن سعد : وتضبع تحت جنائها.

(٩) بالأصل و «ز» والمطبوعة : الزائد ، والمثبت عن ابن سعد.

(١٠) كذا بالأصل و «ز» ، وفي ابن سعد : الزائن.

(١١) الزميل : الضعيف والجبان.

(١٢) كذا بالأصل و «ز» ، وفي ابن سعد : ضعضعة ، والصعصعة : الاضطراب ، ويقال : قد تصعصع القوم في الحرب إذا اضطربوا ، قاله أبو علي القالي في الأمالي في تفسيرها ٢ / ١٠٤.

١٧١

ابن حرب ، قالت : فزوّجه ، ولا تلقني (١) إليه المتسلّس السلس ، ولا تسمه سمة (٢) المواطس الضرس (٣) ، استخر الله في السماء يخر لك بعلمه في القضاء.

أخبرنا أبو الحسين المعدل ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا أبي علي الفقيه ، أنا محمّد ابن أحمد ، أنا محمّد بن عبد الرّحمن ، أنا أبو عبد الله الطوسي ، نا الزبير ، حدّثني علي بن محمّد بن سيف قال :

خطب (٤) هند بنت عتبة أبو سفيان بن حرب وسهيل بن عمرو ، فقال لها أبوها : قد خطبك رجلان من قومك كفءان ، قالت : صفهما لي. قال : أحدهما سهيل بن عمرو ، فهو موسر سخيّ ، سيد مفوّض إلى أهله ، والآخر أبو سفيان بن حرب ، شريف سيد حازم. قالت : الحازم أحبهما إليّ ، فتزوجها أبو سفيان.

قال الزبير : وأنشدني عمي مصعب بن عبد الله لهند بنت عتبة بن ربيعة تبكي أباها عتبة ابن ربيعة (٥) :

أعيني جودا بدمع سرب

على خير خندف لم ينقلب

على عتبة الخير ذي المكرمات

وذي المفضلات قريع العرب

ساد الكهول سيدا ناشئا

وساد الشباب ولما يشب

تداعى له قومه (٦) غدوة

بنو هاشم وبنو المطلب

ببيض خفاف جلتها القيون

تلوح بأيديهم كالشهب

يذيقونه حدّ أسيافهم

يعلونه بعد ما قد سحب (٧)

فمن كان في نسب خاملا

فنحن سلالة بيت الذهب

ولسنا كجلدة رفغ (٨) البعير

بين العجان وبين الذنب

__________________

(١) بالأصل : تلقى ، وفي المطبوعة : «تلق» والمثبت عن «ز» ، وابن سعد.

(٢) بالأصل : بسمة ، والمثبت عن «ز» ، وفي ابن سعد : سوم.

(٣) بالأصل : «المراطس الطرس» ومثله في «ز». والمثبت عن ابن سعد. والوطس : الضرب الشديد بخفّ وبغيره ، والضرس : الصعب الخلق.

(٤) في «ز» : خطبت.

(٥) بعض الأبيات في سيرة ابن هشام ٣ / ٤٠ وقال ابن هشام : وبعض أهل العلم بالشعر ينكرها لهند.

(٦) في سيرة ابن هشام : رهطه.

(٧) في سيرة ابن هشام : عطب.

(٨) بالأصل و «ز» : رفع ، والمثبت عن سيرة ابن هشام. والرفغ بفتح الراء وبضمها : أصول الفخذين من باطن.

١٧٢

قال الزبير : ووجدت البيت الثاني منها بخط الضحاك.

أخبرنا أبو العزّ بن كادش ، فيما ناولني إياه وقرأ عليّ إسناده ، وقال : اروه عني ، أنا محمّد بن الحسين ، أنا المعافي بن زكريا القاضي (١) ، نا ابن دريد ، نا السكن بن سعيد ، عن محمّد بن عباد ، عن هشام بن محمّد قال :

كان مسافر بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس من فتيان قريش جمالا وسخاء وشعرا ، فعشق هندا بنت عتبة حتى اشتهر (٢) أمرهما ، فاستحيى ، وخرج إلى الحيرة ليسلوها ، فنادم عمرو بن هند ، وكان له مكرما ، ثم إنّ أبا سفيان بن حرب تزوّج هندا في غيبة مسافر هذه ، ثم خرج أبو سفيان إلى الحيرة تاجرا ، فلقي مسافر بن أبي عمرو فسأله مسافر عن مكة وأخبار قريش ، فأخبره من ذلك ، ثم قال : وإنّي تزوجت هندا بنت عتبة ، فأسف مسافر من ذلك ومرض حتى سقي (٣) بطنه فقال : (٤)

ألا إن هندا أصبحت منك (٥) محرما

وأصبحت من أدنى حموتها حما (٦)

وأصبحت كالمسلوب جفن سلاحه

تقلب بالكفين قوسا وأسهما

فدعا له عمرو بن هند الأطباء ، فسألهم عن حاله فقالوا : ليس له دواء إلّا الكيّ ، فقال له : ما ترى قال : افعل ، فدعا له طبيبا من العباد فأحمى مكاويه حتى صارت كالنار ، ثم قال : امسكوه لي ، فقال له مسافر : لست أحتاج إلى ذلك ، فجعل يضع عليه المكاوي ، فلما رأى الطبيب صبره هاله ذلك ، ففعلها ـ يعني الحدث ـ فقال مسافر : قد يضرط العير والمكواة في النار (٧) فأرسلها مثلا. قال : فلم ينفعه ذلك شيئا ، فخرج يريد مكة ، فأدركه الموت بهبالة (٨) فدفن بها ، ونعي إلى أهل مكة.

__________________

(١) الخبر رواه المعافي بن زكريا الجريري القاضي في الجليس الصالح الكافي ٤ / ٢٠٩ وفي الأغاني ٩ / ٥٠.

(٢) في الجليس الصالح : شهر.

(٣) يقال : سقي بطنه يسقى سقيا ، والسقي ماء أصفر يقع في البطن.

(٤) البيتان في الأغاني ٩ / ٥٠ والجليس الصالح ٤ / ٢٠٩ وهما في نسب قريش ص ٣١٨ ، ونسبا إلى هشام بن المغيرة ، وفي الأغاني ٩ / ٥٤ وقيل إن البيتين هما لعبد الله بن عجلان قالهما في زوجته هند.

(٥) بالأصل : منا ، والمثبت عن «ز» ، والجليس الصالح والأغاني.

(٦) بالأصل : «ادى حموها حما» والمثبت عن «ز» ، والجليس الصالح والأغاني.

(٧) مثل. انظره في مجمع الأمثال ٢ / ٢٨ وجمهرة الأمثال ٢ / ١٢٣ وفصل المقال ص ٤٣٢ والفاخر ٧١ و ١٥٤.

(٨) كذا بالأصل و «ز» ، والأغاني ، وفي الجليس الصالح : زبالة. وهبالة : موضع لبني عقيل ، كما في معجم ما استعجم ، وفي معجم البلدان : هبالة وهبيل من مياه بني نمير.

١٧٣

قرأت على أبي محمّد بن حمزة ، عن أبي بكر الخطيب ، أنا أبو الحسن محمّد بن أحمد ابن رزق ، أنا أبو الحسن المظفر بن يحيى الشرابي ، نا أبو العباس أحمد بن محمّد بن عبد الله المرثدي ، عن أبي إسحاق الطلحي ، أخبرني إبراهيم بن سعدان قال : قال عبد الله بن مسلم ، عن زياد بن حدير (١) قال :

قال معاوية أسرجوا لي حمارا غليظ الوسط ، فركبه ، ومرّ بشيخ فقال له : أرأيت أبا سفيان؟ قال : نعم رأيته حين تزوج هندا ، فأطعمنا في أول يوم لحم جزور ، وسقانا خمرا ، وفي اليوم الثاني لحم غنم وسقانا نبيذا ، وفي اليوم الثالث لحم طير وسقانا عسلا ، وإن كانت لذات أزواج ، فقال معاوية : كلهم كان كريما.

أنبأنا أبو الحسن علي بن الحسن الموازيني ، عن أبي عبد الله القضاعي ، أنا أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن محمّد بن عمرو بن شاكر القطان ، نا الحسن بن رشيق ، نا محمّد بن يحيى بن آدم ، نا محمّد بن عبد الله بن عبد الحكم ، أنا الشافعي.

ح (٢) وأخبرنا أبو القاسم الخضر بن علي بن الخضر ، أنا أبو محمّد عبد الله بن الحسن ابن حمزة ، أنا عبد الرّحمن بن محمّد بن يحيى بن ياسر ، أنا أبو موسى هارون بن محمّد الموصلي ، نا أبو يحيى زكريا بن أحمد بن يحيى البلخي ، نا الحسن بن علي بن الأشعث المصري ، نا محمّد بن عبد الله بن عبد الحكم ، نا الشافعي قال :

قال أبو هريرة : رأيت هندا بمكة كأن وجهها فلقة قمر ، وخلفها من عجيزتها مثل الرجل الجالس ، ومعها صبي يلعب ، فمرّ رجل فنظر إليه فقال : إنّي لأرى غلاما إن عاش ليسودنّ قومه ، فقالت هند : إن لم يسد إلّا قومه فأماته الله.

وهو معاوية بن أبي سفيان.

أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا عبد العزيز الكتاني ، أنا عبيد الله بن أحمد الأزهري إجازة ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، نا محمّد بن خلف بن المرزبان ، حدّثني أبو العباس بن الصباح ، حدّثني الغلابي قال :

سافر أبو سفيان سفرا أضرت به فيه الغربة ، فاشترى جارية فبلغ ذلك هندا فوجدت عليه وكتبت إليه :

__________________

(١) كذا بالأصل و «ز» ، وفي المطبوعة : حديرة.

(٢) «ح» حرف التحويل سقط من الأصل وأضيف عن «ز».

١٧٤

يا قليل الوفاء ما كان فيما

كان منا إليك ما ترعانا

كيف يبقى لك الجديد من النا

س إذا كنت تطرح الخلقانا

قال : فوجه أبو سفيان بالجارية التي كان اشترى.

أخبرنا أبو بكر الحاسب ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن فهم ، نا محمّد بن سعد (١) ، نا هوذة بن خليفة ، نا عوف ، عن محمّد قال :

بلغني أن هندا بنت عتبة بن ربيعة جاءت في الأحزاب يوم أحد ، وكانت قد نذرت لئن قدرت على حمزة بن عبد المطلب لتأكلن من كبده ، قال : فلمّا كان حيث أصيب حمزة ، ومثلوا بالقتلى جاءوا بحزّة (٢) من كبده (٣) ، فأخذتها تمضغها لتأكلها فلم تستطع أن تبتلعها ، فلفظتها ، فبلغ ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «إنّ الله قد حرم على النار أن تذوق من لحم حمزة شيئا أبدا» [١٣٨٥٠].

قال محمّد : وهذه شديدة على هذه المسكينة (٤).

قال : ونا ابن سعد (٥) ، أنا عفان بن مسلم ، نا حماد بن سلمة ، أنا عطاء بن السائب ، عن الشعبي ، عن ابن مسعود قال :

قال أبو سفيان يوم أحد : قد كانت في القوم مثلة ، وإن كانت عن غير ملأ مني ، ما أمرت ، ولا نهيت ، ولا أحببت ، ولا كرهت ، ولا ساءني ، ولا سرّني ، قال : فنظروا فإذا حمزة قد بقر بطنه ، وأخذت هند كبده فلاكتها ، فلم تستطع هند أن تأكلها ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أكلت منها شيئا؟» قالوا : لا ، قال : «ما كان الله ليدخل شيئا من حمزة النار» [١٣٨٥١].

أخبرنا أبو بكر أيضا ، أنا أبو محمّد ، أنا ابن حيوية ، أنا عبد الوهاب بن أبي حية ، أنا محمّد بن شجاع ، أنا الواقدي (٦) ، حدّثني سعيد بن أبي زيد ، عن مروان بن أبي سعيد بن المعلى قال :

__________________

(١) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٣ / ١٢ ـ ١٣ في أخبار حمزة بن عبد المطلب.

(٢) تقرأ بالأصل : محره ، وفي «ز» : «بحره» والمثبت عن ابن سعد.

(٣) في ابن سعد : من كبد حمزة.

(٤) في طبقات ابن سعد : وهذه شدائد على هند المسكينة.

(٥) الطبقات الكبرى لابن سعد ٣ / ١٣.

(٦) رواه الواقدي في مغازيه ١ / ٢٧٢.

١٧٥

قيل لأم عمارة : هل كن نساء قريش يومئذ يقاتلن مع أزواجهن؟ فقالت : أعوذ بالله ، لا والله ما رأيت امرأة منهن رمت بسهم ، ولا بحجر ، ولكن رأيت معهن الدفاف والأكبار (١) ، يضربن ويذكّرن القوم قتلى بدر ، ومعهن مكاحل ومراود ، فكلّ ما ولّى رجل أو تكعكع (٢) ناولته إحداهن مرودا ومكحلة ويقلن : إنّما أنت امرأة. ولقد رأيتهن ولّين منهزمات مشمرات ، ولها عنهن الرجال أصحاب الخيل ، ونجوا على متون الخيل يتبعن الرجال على الأقدام ، فجعلن يسقطن في الطريق ، ولقد رأيت هندا بنت عتبة ، وكانت امرأة ثقيلة ولها خلق (٣) ، قاعدة خاشية (٤) من الخيل ما بها مشي ، ومعها امرأة أخرى حتى كرّ القوم علينا ، فأصابوا ما أصابوا ، فعند الله نحتسب ما أصابنا يومئذ من قبل الرماة ومعصيتهم الرسول (٥).

أخبرنا أبو الحسين وأبو غالب ، وأبو عبد الله ، قالوا : أنا أبو جعفر ، أنا المخلص ، أنا الطوسي ، أنا الزبير ، قال (٦) :

فولد عتبة بن ربيعة : أبا حذيفة بن عتبة ، وكان من المهاجرين الأولين ، شهد بدرا وقتل يوم القيامة شهيدا ، وله تقول أخته هند بنت عتبة (٧) :

فما شكرت أبّا رباك من صغر

حتى شببت شبابا غير محجون

الأحول الأثعل المشئوم (٨) طائره

أبو حذيفة شر الناس في الدين (٩)

أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، وأبو المواهب أحمد بن محمّد بن عبد الملك بن عبد العزيز ، قالا : أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو الحسين بن المظفر ، نا أبو بكر الباغندي ، أخبرني أحمد بن محمّد بن عبد الله الكورحي وكتب به إليّ ، حدّثني محمّد بن إسماعيل ، حدّثني عبد الله بن سلمة بن سلم ، عن سليمان بن عاصم ، عن عمر بن عبد العزيز قال :

__________________

(١) الأكبار واحدها كبر ، وهي الطبول.

(٢) تكعكع الرجل إذا أحجم وتأخّر.

(٣) في «ز» : خلف.

(٤) بدون إعجام بالأصل و «ز» ، والمثبت عن مغازي الواقدي.

(٥) في مغازي الواقدي : ومعصيتهم لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(٦) نسب قريش للمصعب الزبيري ص ١٥٣.

(٧) البيتان في سير أعلام النبلاء ٣ / ١٠٥ في أخبار أبي حذيفة قالتهما أخته هند ، وقد دعا يوم بدر أباه إلى البراز.

(٨) سير الأعلام : المذموم طائره.

(٩) الأثعل : المرادف الأسنان ، والأثعل : المتراكب الأسنان.

١٧٦

سمعت سلمى مولاة مروان بن الحكم تقول : حدّثني مروان بن الحكم قال : سمعت معاوية ابن أبي سفيان يقول : سمعت أمي هند بنت عتبة تقول ـ وهي تذكر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهي تقول :

فعلت يوم أحد ما فعلت من المثلة بعمه (١) وأصحابه ، كلما سارت قريش مسيرا فأنا معها بنفسي ، حتى رأيت في النوم ثلاث ليال ، رأيت كأنّي في ظلمة لا أبصر سهلا ولا جبلا ، وأرى من تلك الظلمة انفرجت عني بضوء مكانه ، فإذا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يدعوني ، ثم رأيت في الليلة الثانية كأني على طريق ، فإذا بهبل (٢) على يميني يدعوني ، وإذا بيساف (٣) يدعوني عن يساري وإذا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بين يدي قال : تعالي (٤) ، هلم إلى الطريق ، ثم رأيت في الليلة الثالثة كأني واقفة على شفير جهنم ، يريدون أن يدفعوني فيها ، وإذا أنا بهبل يقول : ادخلي فيها ، فالتفتّ فإذا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من ورائي آخذ بثيابي ، فتباعدت عن شفير جهنم ، وفزعت (٥) ، فقلت : هذا شيء قد بيّن لي ، فغدوت إلى صنم في بيتنا فجعلت أضربه وأقول : طال ما كنت منك إلّا في غرور ، وأتيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأسلمت ، وبايعته.

أخبرنا أبو الفتح الماهاني ، أنا شجاع المصقلي ، أنا أبو عبد الله العبدي ، أنا خيثمة ، نا خلف بن محمّد كردوس الواسطي ، نا يعقوب بن محمّد الزهري ، نا عبد الله بن محمّد بن يحيى بن عروة بن هشام عن عروة ، عن أبيه قال (٦) :

قالت هند لأبي سفيان : إني أريد أن أتابع (٧) محمّدا ، قال : قد رأيتك تكرهين هذا الحديث أمس. قالت : إنّي والله والله ، ما رأيت الله عبد حقّ عبادته في هذا المسجد قبل الليلة ، والله إن يأتوا (٨) إلّا مصلين قياما وركوعا وسجودا ، قال : فإنك قد فعلت ما فعلت ، فاذهبي برجل من قومك معك ، فذهبت إلى عثمان (٩) فذهب [معها](١٠) فاستأذن لها ودخلت

__________________

(١) تحرفت بالأصل و «ز» إلى : نعمه.

(٢) هبل ، من أصنامهم ، كانت قريش تعظمه.

(٣) بالأصل : يساب ، تصحيف ، والمثبت عن «ز». ويساف من أصنامهم أيضا ، ويقال وهو المشهور : أساف.

(٤) بالأصل : «تعلي» وفي «ز» : تعال.

(٥) فزع من نومه : هبّ.

(٦) الخبر في الإصابة ٤ / ٤٢٥ ـ ٤٢٦ ومختصرا في أسد الغابة ٦ / ٢٩٣.

(٧) كذا بالأصل و «ز» ، وفي الإصابة وأسد الغابة : أبايع.

(٨) كذا بالأصل ، وفي «ز» ، والإصابة وأسد الغابة : باتوا.

(٩) كذا بالأصل و «ز» ، وأسد الغابة ، وفي الإصابة : عمر ، وزيد في أسد الغابة : وقيل إلى أخيها أبي حذيفة بن عتبة.

(١٠) الزيادة عن «ز».

١٧٧

وهي متنقبة (١) فقال : «تبايعيني (٢) على أن لا تشركي بالله شيئا ، ولا تسرقي ، ولا تزني» ، فقالت : أو هل تزني الحرة؟ قال : «لا ، ولا تقتلي ولدك» ، فقالت : إنا ربيناهم صغارا وقتلتهم كبارا ، قال : «قتلهم الله يا هند» فلما فرغ من الآية (٣) بايعته ، فقالت : يا رسول الله إنّي بايعتك على أن لا أسرق ، ولا أزني ، وإنّ أبا سفيان رجل بخيل ولا يعطيني ما يكفيني إلّا ما أخذت منه من غير علمه قال : «ما تقول يا أبا سفيان؟» فقال أبو سفيان : أما يابسا فلا ، وإما رطبا فأحله ، قال : فحدثتني عائشة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لها : «خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف» [١٣٨٥٢].

أنبأنا أبو سعد المطرز ، وأبو علي الحداد ، قالا : أنا أبو نعيم الحافظ ، نا سليمان بن أحمد ، نا محمّد بن عبيد الله الحضرمي.

ح وأخبرنا أبو عبد الله بن الخطّاب (٤) في كتابه ، أنا أبو الفضل محمّد بن أحمد بن عيسى [السعدي](٥) ، أنا عبيد الله بن محمّد العكبري ، أنا عبد الله بن محمّد البغوي.

قالا : نا محمّد بن عبد الله المخرمي ، نا يعقوب بن محمّد الزهري ، نا أبو بكر بن أبي أويس ، عن أبي أيوب مولى القاسم بن محمّد ، عن ابن عجلان ـ وفي رواية الحضرمي : مولى القاسم ، عن محمّد بن عجلان ـ عن أبيه ، عن فاطمة بنت عتبة بن ربيعة :

أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة ذهب بها وبأختها هند يبايعان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فلما اشترط عليهن ، قالت هند : أو تعلم في نساء قومك من هذه الهناة (٦) والعاهات شيئا؟ فقال : ـ زاد البغوي : أبو حذيفة : ـ أيّها (٧) فبايعنه فقال : «فهكذا نشترط» وليس في حديث البغوي : ابن ربيعة ، ولا ابن عتبة الأخيرة.

__________________

(١) بالأصل : منتقبة ، والمثبت عن «ز» ، والإصابة ، وفي أسد الغابة : منتقبة.

(٢) بالأصل : تبايعني ، والمثبت عن «ز» ، وأسد الغابة.

(٣) يشير إلى الآية ١٧ من سورة الأنفال : «فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم».

(٤) تحرفت بالأصل و «ز» إلى : الخطاب.

(٥) سقطت من الأصل ، وأضيفت عن «ز».

(٦) بالأصل و «ز» : الهناة. وفي المطبوعة : الهنات. وفي تاج العروس : والصواب الهناة بالهاء المربوطة كما في المحكم وغيره. والهناة : الشدائد وأمور عظام ، والهناة : الشرور والفساد. ج هنوات. وقيل واحدها : هنت وهنة (تاج العروس : هنو).

(٧) بالأصل و «ز» : أيهن.

١٧٨

أخبرنا أبو بكر الأنصاري ، أنا أبو محمّد الحسن بن علي ، أنا أبو عمر ، أنا عبد الوهاب ابن أبي حيّة ، أنا محمّد بن شجاع ، أنا محمّد بن عمر (١) ، نا ابن أبي سبرة ، عن موسى بن عقبة ، عن أبي حبيبة مولى الزبير ، عن عبد الله بن الزبير قال :

لما كان يوم الفتح أسلمت هند بنت عتبة ، وأسلمت أم حكيم بنت الحارث بن هشام امرأة عكرمة بن أبي جهل ، وأسلمت امرأة صفوان بن أمية البغوم بنت المعدل من كنانة ، وأسلمت فاطمة بنت الوليد بن المغيرة ، وأسلمت هند بنت منبّه بن الحجاج ، وهي أم عبد الله ابن عمرو بن العاص في عشر نسوة من قريش ، فأتين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو بالأبطح ، يبايعنه (٢) فدخلن عليه ، وعنده زوجتاه (٣) وابنته فاطمة ونساء من بني عبد المطلب ، فتكلّمت هند بنت عتبة فقالت : يا رسول الله ، الحمد لله الذي أظهر الدين الذي اختار لنفسه ، لتمسّني رحمتك يا محمّد ، إني امرأة مؤمنة بالله مصدّقة ، ثم كشفت عن نقابها فقالت : أنا هند بنت عتبة ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «مرحبا بك» فقالت : والله يا رسول الله ما كان على الأرض من أهل خباء أحبّ إليّ أن يذلوا من [أهل](٤) خبائك ولقد أصبحت وما على وجه (٥) الأرض من أهل خباء أحبّ إليّ أن يعزّوا من [أهل] خبائك ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «وزيادة أيضا» ثم قرأ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عليهن القرآن وبايعن ، فقالت هند من بينهن : يا رسول الله نماسحك ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّي لا أصافح النساء ، إنّ قولي لمائة امرأة مثل قولي لامرأة واحدة» ، ويقال : وضع على يده ثوبا ثم مسحن على يده يومئذ ، ويقال كان يؤتى بقدح من ماء فيدخل يده فيه ثم يرفعه إليهن فيدخلن أيديهن فيه ، والقول الأول أثبتها عندنا : «إنّي لا أصافح النساء» [١٣٨٥٣].

قرأت على أبي غالب بن البنا ، عن أبي محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر.

وحدّثنا عمي ، أنا ابن يوسف ، أنا الجوهري ، أنا ابن حيوية.

أنا أحمد بن معروف ، نا ابن الفهم ، نا محمّد بن سعد (٦) ، أنا عبد الله بن جعفر الرقي ، نا أبو المليح ، عن ميمون بن مهران :

__________________

(١) رواه الواقدي في المغازي ٢ / ٨٥٠.

(٢) كذا بالأصل و «ز» ، وفي مغازي الواقدي : فبايعنه.

(٣) كذا بالأصل و «ز» ، وفي المغازي : زوجته.

(٤) سقطت من الأصل و «ز» ، واستدركت عن المغازي ، وهي مستدركة فيها.

(٥) سقطت من «ز» ، والمغازي.

(٦) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٨ / ٢٣٧.

١٧٩

أن نسوة أتين النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيهن هند بنت عتبة بن ربيعة ، وهي أم معاوية ، يبايعنه فلمّا أن قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا تشركن بالله شيئا ولا تسرقن» (١) قالت هند : يا رسول الله إنّ أبا سفيان رجل مسّيك (٢) فهل عليّ حرج أن أصيب من طعامه من غير إذنه ، قال : فرخّص لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في الرطب ، ولم يرخص لها في اليابس ، قال : «ولا تزنين» قالت : وهل تزني الحرة؟ قال : «ولا تقتلن أولادكن» قالت : وهل تركت لنا ولدا إلّا قتلته يوم بدر ، قال : «ولا يعصينك في معروف» وقال ميمون : فلم يجعل الله لنبيه عليهن الطاعة إلّا في المعروف ، والمعروف طاعة الله.

قال : وأنا ابن سعد (٣) ، أنا عبيد الله (٤) بن موسى ، أنا عمر بن أبي زائدة قال : سمعت الشعبي يذكر أن النساء جئن (٥) يبايعن فقال : «تبايعن (٦) على ألّا تشركن بالله شيئا» ، فقالت هند : إنا لقائلوها [قال :](٧) «ولا تسرقن» فقالت هند : كنت أصبت من مال أبي سفيان. قال أبو سفيان : فما أصبت من مالي فهو حلال قال : «ولا تزنين» فقالت هند : وهل تزني الحرة؟ [قال :](٨) «ولا تقتلن أولادكن» ، قالت هند : أنت قتلتهم.

أخبرنا أبو غالب الماوردي ، أنا أبو الحسن السيرافي ، أنا القاضي أبو القاسم علي بن الحسين الشافعي ، نا أبو الحسن علي بن محمّد بن خشنام (٩) المالكي ، نا أبو يزيد خالد بن النضر القرشي ، نا محمّد بن عبد الأعلى ، نا معتمر بن سليمان ، نا أبي قال :

وفرغ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من بيعة الرجال قال : ثم دعا النساء ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على الصفا وعمر أسفل منه ، يبايع النساء لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئا» وهند مقنّعة رأسها بين النساء ، فقالت : ـ ورفعت رأسها ـ والله إنك لتأخذ علينا أمرا ما رأيتك أخذته على الرجال ، وقد أعطيناك ، قال : «ولا تسرقن» ، قالت : والله إنّي لأجد من أبي

__________________

(١) عند ابن سعد : «لا يشركن ... يسرقن».

(٢) يعني بخيل.

(٣) الطبقات الكبرى لابن سعد ٨ / ٢٣٧.

(٤) في ابن سعد : عبد الله. تصحيف.

(٥) بالأصل و «ز» : حين ، والمثبت عن ابن سعد.

(٦) بالأصل و «ز» : يبايعن ، والمثبت عن ابن سعد.

(٧) زيادة لازمة عن ابن سعد.

(٨) زيادة عن ابن سعد.

(٩) بالأصل و «ز» : حشنام ، بالحاء المهملة. والمثبت عن المطبوعة.

١٨٠