أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]
المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٠٤
تتأخّر ، فضرب دابته وانطلق. ثم صحبنا رجل [آخر](١) فقال : يا أم الدّرداء دعاء كان يدعو به : اللهم اجعلني أرجو رحمتك ، وأخاف عذابك ، إذ يأمنك من لا يرجو رحمتك ، ولا يخاف عذابك ، وأسألك الأمن يوم يخافون. فقالت لي أم الدّرداء : اكتبه ، فكتبته.
أخبرنا أبو جعفر أحمد بن محمّد العباسي ، أنا الحسن بن عبد الرّحمن الشافعي ، أنا أحمد بن إبراهيم بن أحمد ، أنا محمّد بن إبراهيم الدّيبلي (٢) ، نا إدريس بن سليمان بن أبي الرباب (٣) ، نا رديح بن عطية (٤) ، عن إبراهيم بن أبي عبلة ، عن أم الدّرداء :
أن رجلا أتاها ، فقال لها : إنه قد نال منك رجل عند عبد الملك. قالت : إن نؤبن (٥) بما فينا فطال ما زكّينا بما ليس فينا ، قال : ورأيت أم الدّرداء تصلي وهي جالسة متربعة.
كذا رواه لنا ، وإنما يرويه ابن فراس عن عباس بن قتيبة (٦) ، عن إدريس بن سليمان.
أخبرنا أبو البركات بن المبارك ، أنا أحمد بن الحسن بن خيرون ، أنا أبو العلاء الواسطي ، أنا أبو بكر البابسيري ، أنا الأحوص بن المفضل ، نا أبي ، نا هشام ، نا رديح بن عطية أبو الوليد القرشي ، عن إبراهيم بن أبي عبلة ، عن أم الدّرداء :
أن رجلا أتاها فقال : إن رجلا قد نال منك عند عبد الملك فقالت : إن نؤبن بما ليس فينا فطال ما زكّينا بما ليس فينا.
أخبرنا أبو الحسن السلمي ، نا عبد العزيز الكتاني.
ح وأخبرنا أبو الحسين بن أبي الحديد ، أنا جدي الحسن بن أحمد.
قالا : أنا محمّد بن عوف ، أنا محمّد بن موسى ، أنا محمّد بن خريم ، نا هشام بن عمار ، نا رديح بن عطية ، نا إبراهيم بن أبي عبلة ، عن أم الدّرداء :
أن رجلا أتاها فقال : إن رجلا قد نال منك عند عبد الملك ، فقالت : إن نؤبن بما ليس فينا فطال ما زكّينا بما ليس فينا.
__________________
(١) سقطت من الأصل ، وزيدت عن «ز».
(٢) بالأصل و «ز» : الدبيلي.
(٣) بالأصل : الدباب ، والمثبت عن «ز».
(٤) من طريق رديح بن عطية المقدسي رواه المزي في تهذيب الكمال ٢٢ / ٤٦٧.
(٥) ابن الرجل : اتهمه وعابه.
(٦) كذا نسبه إلى جدّ أبيه ، وهو عباس بن محمد بن الحسن بن قتيبة.
قال : ورأيت أم الدّرداء تصلي متربعة.
أخبرنا أبو عبد الله بن البنا ، قراءة عن أبي تمام علي بن محمّد ، عن أبي عمر بن حيوية ، أنا محمّد بن القاسم ، نا ابن أبي خيثمة ، نا نصر بن المغيرة البخاري قال : قال سفيان : عوتبت أم الدّرداء في شيء فقيل لها : لم فعلت كذا وكذا؟ قالت : نقص الناس فنقصت كما نقصوا.
أخبرنا أبو جعفر العباسي ، أنا الحسن بن عبد الرّحمن ، أنا أحمد بن إبراهيم ، أنا محمّد بن إبراهيم ، نا محمّد بن يزيد المستملي ، نا محمّد بن القاسم الأسدي (١) ، عن ثور ، عن زياد بن أبي سودة قال : عوتبت أم الدّرداء في شيء فقالت : إنّي أدركت زمانا انتقص الناس فيه فانتقصت معهم.
كذا رواه لنا ، وإنما يرويه ابن فراس عن عباس بن قتيبة ، عن محمّد بن يزيد.
أخبرنا أبو الفضل بن ناصر ، عن جعفر بن يحيى ، أنا أبو نصر الوائلي ، أنا الخصيب ابن عبد الله ، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرّحمن ، [أخبرني أبي](٢) أنا محمّد بن يزيد بن عبد الصّمد ، نا عبد الرّحمن بن يحيى ، نا أبو سليمان [محمّد بن سليمان](٣) بن أبي الدرداء ، عن (٤) سعيد بن عبد العزيز ، عن إسماعيل بن عبيد الله قال : قالت لي أم الدّرداء : يا بني ما يقول الناس في الحارث الكذاب (٥)؟ قال إسماعيل : يا أمه يزعمون أنك قد بايعته (٦). قال : فلم تسل أم الدّرداء من الذي قال لئلا يكون في صدرها غلّ لأحد.
أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، وأبو بكر ابن إسماعيل ، قالا : نا يحيى بن محمّد بن صاعد ، نا الحسين بن الحسن ، أنا عبد الله بن المبارك (٧) ، أنا إسماعيل بن عياش ، أخبرني عبد الله أو عبيد الله بن سليمان ، عن عثمان بن
__________________
(١) رواه المزي من طريقه في تهذيب الكمال ٢٢ / ٤٦٧.
(٢) «أخبرني أبي» سقط من الأصل ، واستدرك لتقويم السند عن «ز».
(٣) «محمد بن سليمان» سقط من الأصل ، واستدرك عن «ز» ، لتقويم السند.
(٤) من هنا .. إلى قوله : يا بني ، سقط من «ز».
(٥) يعني الحارث بن سعيد الكذاب المتنبئ. تقدمت ترجمته في تاريخ مدينة دمشق ١١ / ٤٢٧ رقم ١١٣٢ طبعة دار الفكر.
(٦) بالأصل و «ز» : بايعتيه.
(٧) نقلا عن ابن المبارك روي في تهذيب الكمال ٢٢ / ٤٦٧.
حيّان قال : أكلنا مع أم الدّرداء طعاما فأغفلنا الحمد لله ، فقالت : يا بني لا تدعوا أن تأدموا طعامكم بذكر الله ، أكلا وحمدا (١) خير من أكل وصمت.
أخبرنا أبو المظفر بن القشيري ، وأبو القاسم الشحامي ، قالا : أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا أبو الحسين إسحاق بن أحمد الكاذي ، نا عبد الله بن أحمد بن محمّد بن حنبل ، نا أبي ، نا سيار ، نا جعفر ، حدّثني شيخ من بني تميم (٢) ، حدّثني هزّان قال :
قالت لي أم الدّرداء : يا هزّان ألا أحدثك ما يقول الميت إذا وضع على سريره؟ قال : قلت : بلى ، قالت : فإنه ينادي يا أهلاه ، ويا جيراناه ، ويا حملة سريري ـ وقال الشحامي : سريراه ـ لا تغرّنكم الدنيا كما غرّتني ، ولا تلعبن بكم كما تلعبت (٣) بي ، فإنّ أهلي لم يحملوا عني من وزري شيئا ، ولو حاجوني اليوم عند الجبار لحجّوني (٤) ، ثم قالت أم الدّرداء : الدنيا أسحر لقلب العبد من هاروت وماروت ، وما آثرها عبد قط إلّا صرعته ـ وقال الشحامي : أضرعت (٥) خده.
الرجل التميمي هو نبيط السعدي ، بين ذلك قطن (٦) بن نسير ، عن جعفر.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، وأبو عبد الله الحسين بن ظفر بن الحسين بن يزداد (٧) بن المناطقي (٨) ، قالا : أنا أبو الحسين بن النّقور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أبو القاسم البغوي ، نا قطن بن نسير ، نا جعفر بن سليمان ، نا نبيط السعدي قال :
بلغنا أن أم الدّرداء قالت : يا هزّان ، وكان هزان رجلا من أهل سنجار ، فقالت : يا هزّان ، هل تدري ما يقول الميت حين يوضع على سريره؟ يقول : يا أهلي ، ويا جيراني ، ويا حملة نعشي ، لا تغرّنكم الدنيا كما غرّتني ، إن أهلي لم يحملوا عني من ذنوبي شيئا ، ولو
__________________
(١) في تهذيب الكمال : أكل وحمد.
(٢) رواه ابن الجوزي في صفة الصفوة ٤ / ٢٩٦ ـ ٢٩٧.
(٣) في صفة الصفوة : لعبت بي.
(٤) يعني غلبوني بحجتهم.
(٥) أضرعت خده : جعلته ذليلا.
(٦) بالأصل : فطن ، تصحيف ، والتصويب عن «ز».
(٧) بالأصل : رداد ، والمثبت عن «ز».
(٨) بالأصل : المناطفى ، والمثبت عن «ز».
حاجّوني عند الجبار لحجّوني ثم قالت : وللدنيا أسحر من هاروت وماروت ، ولا يؤثرها عبد إلّا أضرعت خدّه.
أخبرنا أبو عبد الله الخلال ، أنا أبو طاهر بن محمود ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، نا أبو عروبة الحراني ، نا مخلد بن مالك ، نا حفص بن ميسرة ، عن زيد بن أسلم :
أن عبد الملك بن مروان بعث إلى أم الدّرداء فكانت عنده ، فلمّا كان ذات ليلة قام عبد الملك من الليل فدعا خادمه فكأنه أبطأ عنه فلعنه ، فلما أصبح قالت له أم الدّرداء : قد سمعتك الليلة لعنت خادما ، قال : إنه أبطأ عني ، قالت : سمعت أبا الدّرداء يقول : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا يكون اللعانون شفعاء ، ولا شهداء يوم القيامة» [١٣٨٤٨].
أخبرنا أبو محمّد ، نا أبو محمّد ، أنا أبو محمّد ، أنا أبو الميمون ، نا أبو زرعة (١) ، حدّثني هشام ، نا الهيثم بن عمران قال : سمعت إسماعيل بن عبيد الله يقول : كانت أم الدّرداء تتكئ (٢) على عبد الملك بن مروان إذا خرجت من صخرة بيت المقدس.
أخبرنا أبو الحسن الفرضي ، وعلي بن زيد ، قالا : نا أبو الفتح الزاهد ـ زاد الفرضي : وأبو محمّد الكلاعي ، قالا : ـ أنا ابن عوف ، أنا ابن منير ، أنا ابن خريم ، نا هشام ، نا الهيثم ابن عمران قال : سمعت إسماعيل بن عبيد الله يقول (٣) :
كان عبد الملك بن مروان جالسا في صخرة بيت المقدس ، وأم الدّرداء معه جالسة ، حتى إذا نودي للمغرب قام عبد الملك ، وقامت أم الدّرداء تتوكّأ على عبد الملك بن مروان حتى يدخل بها المسجد ، فإذا دخلت جلست مع النساء ، ومضى عبد الملك إلى المقام ، فصلّى بالناس.
أخبرنا أبو الحسن الخطيب ، أنا أبو منصور النهاوندي ، أنا أبو العباس ، أنا أبو القاسم ، نا البخاري ، حدّثني أحمد بن محمّد ، أنا عبد الله بن المبارك ، أنا إسماعيل بن عيّاش ، حدّثني عبد ربه بن سليمان قال : وحجت أم الدّرداء سنة إحدى وثمانين (٤).
__________________
(١) رواه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه ١ / ٣٣٣.
(٢) تحرفت بالأصل و «ز» إلى : تبكي ، والتصويب عن تاريخ أبي زرعة.
(٣) من طريقه رواه الذهبي في سير الأعلام ٤ / ٢٧٩.
(٤) تهذيب الكمال ٢٢ / ٤٦٨ وسير أعلام النبلاء ٤ / ٢٧٩.
[هند](١)
٩٤٤١ ـ هند بنت أسماء بن خارجة بن حصن الفزارية (٢)
كانت زوج عبيد الله بن زياد ، وقيل : إنّها كانت لا تفارقه ، وحين توجهه من دمشق كانت معه.
حكى جعفر بن شاذان عن الحرمازي (٣) ، أخبرني الوليد بن هشام بن قحذم (٤) كاتب خالد بن عبد الله ، وكاتب يوسف بن عمر ، قال :
كانت هند بنت أسماء بن خارجة عند عبيد الله بن زياد بن أبيه وهو ابتكرها ، وكانا لا يفترقان في سفر ولا حضر ، فقتل يوم الخازر (٥) وهو من الزاب ، وهي معه ، فقالت : لا يستمكن هؤلاء مني ، ثم شدّت عليها (٦) قباءه وعمامته ومنطقته ، وركبت فرسه الكامل ، ثم خرجت حتى دخلت الكوفة في بقية يومها وليلتها ليس معها أنيس ، ثم كانت بعد من أشدّ خلق الله حزنا عليه ، وتذكّرا له وذكر ، قال : فقالت هند : إني لأشتاق إلى القيامة لأرى فيها عبيد الله بن زياد ، قال : فقال العتبي : لم يكن في زمانها امرأة شبيهها جمالا وكمالا ، وعقلا وأدبا.
٩٤٤٢ ـ هند بنت جعفر بن عبد الرزّاق
ابن عبد الوهاب بن عبد الرزّاق
حدّثت عن أبيها أبي الحسين جعفر بن عبد الرزّاق.
روى عنها عبد العزيز الكتاني ، ولم يخرج عنها في معجمه شيئا.
__________________
(١) موجودة فقط في «ز».
(٢) أنساب الأشراف ٥ / ٤٠٨ (طبعة دار الفكر) ، وجمهرة ابن حزم ص ١٠٦ ونسب قريش للمصعب ص ١٦٩.
(٣) تحرفت بالأصل و «ز» إلى : الحرمادي.
(٤) بدون إعجام بالأصل ، وفي «ز» : قحرم.
(٥) بالأصل : «الحارر» وفي «ز» : «الحادر» وكلاهما تصحيف ، والمثبت عن معجم البلدان ، وفيه أن الخازر نهر بين إربل والموصل ، ثم بين الزاب والموصل كانت عنده وقعة بين عبيد الله بن زياد وإبراهيم بن مالك الأشتر في أيام المختار.
(٦) بالأصل : عليه ، والمثبت عن «ز».
٩٤٤٣ ـ هند بنت عبد الله بن عامر بن كريز
ابن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس العبشمية القرشية (١)
زوج يزيد بن معاوية.
لها ذكر في حديث مقتل الحسين ، ذكرته في ترجمة أبي برزة نضلة بن عبيد.
٩٤٤٤ ـ هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس
ابن عبد مناف بن قصي العبشمية القرشية (٢)
أم معاوية بن أبي سفيان ، من النسوة اللاتي بايعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أسلمت يوم فتح مكة.
وروت عن النبي صلىاللهعليهوسلم.
روى عنها ابنها معاوية ، وعائشة أم المؤمنين.
وشهدت اليرموك ، وقدمت على ابنها معاوية في خلافة عمر بن الخطاب.
أخبرنا أبو محمّد عبد الرّحمن بن أبي الحسن بن إبراهيم ، أنا سهل بن بشر ، أنا أبو الحسن علي بن بقاء الوراق ، أنا أبو محمّد عبد الغني بن سعيد الأزدي ، نا أبو حفص عمر بن محمّد العطار ، نا عثمان بن خرّزاذ (٣) ، نا عيسى بن مينا قالون (٤) ، نا محمّد بن جعفر بن أبي كثير أخو إسماعيل بن جعفر ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة عن هند ابنة عتبة امرأة أبي سفيان قالت :
قلت للنبي صلىاللهعليهوسلم إن أبا سفيان شحيح ، وإنه لا يعطيني وولدي إلّا ما أخذت منه ، وهو لا يعلم ، فهل عليّ في ذلك حرج؟ قال : «خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف (٥)» [١٣٨٤٩].
__________________
(١) نسب قريش للمصعب ص ١٢٩.
(٢) انظر أخبارها في نسب قريش للمصعب ص ١٠٤ و ١٠٥ وأنساب الأشراف ٥ / ١١ وتاريخ الطبري (الفهارس) وسيرة ابن هشام (الفهارس) وأسد الغابة ٦ / ٢٩٢ والإصابة ٤ / ٤٢٥ وطبقات ابن سعد ٨ / ٢٣٥ وتاريخ خليفة (الفهارس) والبداية والنهاية (الفهارس) ، والاستيعاب ٤ / ٤٢٤ (هامش الإصابة).
(٣) تحرفت بالأصل إلى : «حرزاد» ومثله في «ز». والصواب ما أثبت.
(٤) تحرفت بالأصل إلى : فالون ، والمثبت عن «ز» ، وهو عيسى بن ميناء أبو موسى قالون ، مقرئ المدينة ، ترجمته في سير الأعلام ١٠ / ٣٢٦.
(٥) الإصابة ٤ / ٤٢٥ والاستيعاب ٤ / ٤٢٧.
رواه الناس عن هشام فقالوا عن عائشة أن هندا قالت للنبي صلىاللهعليهوسلم ، ولم يقولوا عن هند.
قرأت في كتاب أبي الهيذام عبد المنعم بن إبراهيم ، نا أبو الفضل محمّد بن يحيى بن محمّد بن عبد الحميد السكسكي البتهلي (١) ، أخبرني أبي ، نا أبو حسان الزيادي قال : وصاحت هند بنت عتبة عضدوا القلفان يا معشر المسلمين يعني يوم اليرموك.
أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنا ، قالا : أنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، أنا أحمد ابن عبيد إجازة ، نا محمّد بن الحسين ، نا ابن أبي خيثمة ، أنا مصعب بن عبد الله ، قال (٢) : هند بنت عتبة تزوجها حفص بن المغيرة بن عبد الله بن عمر (٣) بن مخزوم ، فولدت أبان ثم خلف عليها أبو سفيان بن حرب ، فولدت له معاوية.
أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنا ، قالوا : أنا أبو جعفر ابن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أحمد بن سليمان ، نا الزبير بن بكار ، قال (٤) :
فولد عتبة بن ربيعة : الوليد ، وأبا الحكم ، وعبد شمس ، وأبا أمية ، والمغيرة ، وهشاما ، وهاشما ، وهندا بني عتبة ، تزوج هند حفص بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، فولدت له أبان (٥) ثم خلف عليها أبو سفيان بن حرب ، فولدت له معاوية وعتبة.
أخبرنا أبو غالب بن البنّا بقراءتي عليه ، عن أبي محمّد الحسن بن علي [وحدّثنا عمي رحمهالله ، أنا أبو طالب بن يوسف ، أنا الحسن بن علي](٦) الجوهري قراءة ، أنا محمّد بن العباس ، أنا أحمد بن معروف ، أنا الحسين بن فهم ، نا ابن سعد قال (٧) في تسمية النساء المسلمات المبايعات : هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف وأمّها : صفية بنت أمية بن حارثة بن الأوقص بن مرة بن هلال بن فالج (٨) بن ذكوان بن ثعلبة بن بهثة بن سليم ، تزوج هندا حفص بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، فولدت له أبانا.
__________________
(١) في «ز» : السلمي ، وفوقها علامة تحويل إلى الهامش ، وكتب على الهامش ، فيها : البتلهي.
(٢) رواه مصعب الزبيري في نسب قريش ص ١٥٣.
(٣) كذا بالأصل و «ز» وفي نسب قريش : عمرو.
(٤) نسب قريش ص ١٥٣.
(٥) كذا بالأصل و «ز» ، وفي نسب قريش : «أبانا» منونة.
(٦) ما بين معكوفتين زيادة عن «ز».
(٧) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٨ / ٢٣٥.
(٨) بالأصل و «ز» : فالح.
أخبرنا أبو الفتح الماهاني ، أنا شجاع بن علي ، أنا أبو عبد الله بن مندة قال : هند بنت عتبة بن ربيعة امرأة أبي سفيان بن حرب ، روت عنها عائشة.
أنبأنا أبو سعد المطرز ، وأبو علي الحداد ، قالا : أنا أبو نعيم الحافظ قال : هند بنت عتبة بن ربيعة بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف امرأة أبي سفيان ، أم معاوية ، روت عنها عائشة.
أنبأنا أبو محمّد بن الآبنوسي ، وأخبرني أبو الفضل بن ناصر عنه ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو الحسين بن المظفر ، أنا أبو علي المدائني ، أنا أبو بكر بن البرقي ، قال :
وأم هند صفية بنت أمية بن حارثة بن الأوقص بن مرة بن هلال بن فالج (١) بن ذكوان بن ثعلبة بن بهثة بن سليم ، وأمّها : أمة بنت نوفل بن عبد مناف ، وأمّها : قلابة بنت جابر بن نصر ابن مالك بن حسل بن عامر ، وأمها : بنت الحارث بن نوفل بن جذيمة بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر ، وأمها : أسماء بنت سعيد بن سهم ، وأمها : عاتكة بنت عبد العزى بن قصي ، وأمها : ريطة بنت كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب ، وأمّها : قيلة بنت حذافة بن جمح.
أخبرنا أبو السعود بن المجلي (٢) الواعظ ، أنا أحمد بن محمّد بن أحمد بن النقور ، ومحمّد بن وشاح الزينبي.
وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا ابن النقور.
قالا : أنا عيسى بن علي بن عيسى ، نا أبو عبيد (٣) علي بن الحسين بن حرب ، نا أبو السكين زكريا بن يحيى بن عمر ، حدّثني عمّ أبي زحر بن حصن ، عن جدّه حميد بن منهب قال :
كانت هند بنت عتبة تحت الفاكه بن المغيرة المخزومي ، وكان الفاكه من فتيان قريش ، وكان له بيت للضيافة يغشاه الناس عن غير إذن ، فخلا ذلك البيت يوما ، فاضطجع الفاكه وهند فيه في وقت [القائلة. ثم خرج الفاكه لبعض حاجته ، وأقبل](٤) رجل ممن كان يغشاه فولج
__________________
(١) بالأصل : فالح ، وبدون إعجام في «ز».
(٢) بالأصل و «ز» : المحلى.
(٣) كذا بالأصل و «ز» ، وفي المطبوعة : عبيد الله.
(٤) ما بين معكوفتين ممحو بالأصل ، والمستدرك عن «ز».
البيت ، فلمّا رأى المرأة ولّى هاربا ، وأبصره الفاكه وهو خارج من البيت ، فأقبل إلى هند فضربها برجله وقال : من هذا الذي كان عندك؟ قالت : ما رأيت أحدا ، ولا انتبهت حتى أنبهتني. قال لها : الحقي بأبيك ، وتكلّم فيها الناس ، فقال لها أبوها : يا بنية إن الناس قد أكثروا فيك ، فأنبئيني (١) نبأك ، فإن يكن الرجل عليك صادقا دسست إليه من يقتله ، فينقطع (٢) عنك القالة ، وإن يك كاذبا حاكمته إلى بعض كهان اليمن. فحلفت له بما كانوا يحلفون في الجاهلية إنه الكاذب عليها. فقال عتبة للفاكه : يا هذا إنك قد رميت ابنتي بأمر عظيم ، فحاكمني إلى بعض كهان اليمن.
فخرج الفاكه في جماعة من بني مخزوم ، وخرج عتبة في جماعة من بني عبد مناف ، وخرجوا معهم بهند ونسوة معها ، فلمّا شارفوا البلاد قالوا : غدا نرد على الكاهن. تنكّرت حال هند ، وتغيّر وجهها. فقال لها أبوها : إنه قد أرى ما بك من تنكّر الحال وما ذاك عندك إلا لمكروه. فألا كان هذا قبل أن يشتهر للناس مسيرنا؟ قالت : والله يا أبتاه ما ذاك لمكروه. ولكني أعرف أنكم تأتون بشرا يخطئ ، ويصيب ولا آمنه أن يسمني ميسما يكون عليّ سبّة في العرب ، قال : إنّي سوف اختبره قبل أن ينظر في أمرك ، فصفر لفرسه حتى أدلى ، ثم أخذ حبة من حنطة ، فأدخلها في إحليله وأوكأ عليها بسير (٣). فلما وردوا على الكاهن أكرمهم ونحر لهم ، فلما قعدوا قال له عتبة : إنا قد جئناك في أمر ، وإني قد خبأت لك خبأ أختبرك به ، فانظر ما هو ، قال : ثمرة في كمرة ، قال : أريد أبين من هذا ، قال : حبّة من برّ في إحليل مهر ، قال : صدقت انظر في أمر هؤلاء النسوة ، فجعل يدنو من إحداهن فيضرب كتفها ويقول : انهضي حتى دنا من هند فضرب كتفها قال انهضي غير رسحاء (٤) ولا زانية ، ولتلدن ملكا يقال له : معاوية ، فوثب إليها الفاكه فأخذ بيدها فنثرت يدها من يده ، وقالت : إليك فو الله لأحرصنّ (٥) على أن يكون ذاك من غيرك.
فتزوجها أبو سفيان فجاءت بمعاوية.
__________________
(١) كذا بالأصل ، وفي «ز» ، والمطبوعة : فانبئني.
(٢) كذا بالأصل ، وفي «ز» : ينقطع.
(٣) في «ز» : بسر.
(٤) بالأصل و «ز» : رشحاء ، بالشين المعجمة ، تصحيف ، والصواب ما أثبت رسحاء بالسين المهملة ، والرسحاء من النساء هي القبيحة ، أو القليلة لحم العجز والفخذين (تاج العروس واللسان : رسح).
(٥) تحرفت بالأصل إلى : لأحرضن ، والمثبت عن «ز».
أخبرنا أبو القاسم الخضر بن علي بن الخضر بن أبي هشام ، أنا أبو محمّد عبد الله بن الحسن بن حمزة العطار ، أنا عبد الرّحمن بن محمّد بن ياسر (١) ، أنا هارون بن محمّد الموصلي ، نا زكريا بن أحمد البلخي ، أنا الحسن بن علي بن الأشعث المصري ، نا محمّد بن عبد الله بن عبد الحكم ، أنا الشافعي أو غيره.
ح وأخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن الموازيني ، أنا محمّد بن سلامة القضاعي في كتابه ، قال : قرأت على محمّد بن أحمد بن محمّد بن عمرو بن شاكر القطان ، نا الحسن بن رشيق ، نا محمّد بن يحيى بن آدم ، نا محمّد بن عبد الله بن عبد الحكم ، أنا الشافعي قال :
كان عتبة بن ربيعة زوّج هندا رجلا من قريش ، فمات عنها أو فارقها ، فقالت لأبيها : إنك قد زوّجتني ولم تشاورني [فإذا أردت شيئا فشاورني](٢) فخطبها أبو سفيان بن حرب ، وسهيل بن عمرو ، فذكر ذلك لها ـ زاد الخضر : أبوها ، وقالا : ـ فقال : خطبك سهيل بن عمرو وهو (٣) سيد قومه وخطبك أبو سفيان وهو من تعلمين قالت : صفهما ـ وقال الخضر : فصفهما ـ لي قال : أما سهيل بن عمرو فنقضين ـ وقال الخضر : فرجل تقضين ـ عليه في أهله وماله. وأما أبو سفيان فرجل شرس لا تتكلمين إلّا نهاك ، ولا تخالفينه إلّا ضربك ، قالت : زوّجني من (٤) أبي سفيان ، فإن أتى منه ولد يكون ـ وقال الخضر : فسيكون ـ سيدا ، وأما سهيل فإن كان منه ولد فليس يكون إلّا أحمق ، قال : فتزوجت أبا سفيان ، فولدت منه ـ وقال الخضر : له ـ معاوية ، وتزوّج سهيل امرأة فولدت له غلاما ، فمر ذات يوم مع أبيه برجل يقود ناقة وشاة فقال لأبيه : هذه بنت هذه؟ فقال : ـ وقال الموازيني : هذه ابنة هذه ، قال : ـ رحم الله هندا.
قرأت على أبي غالب بن البنا ، عن أبي محمّد الجوهري.
وحدّثنا عمي رحمهالله ، أنا ابن يوسف ، أنا أبو محمّد.
أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، أنا أبو علي بن الفهم ، نا ابن سعد (٥) ، أنا
__________________
(١) أقحم بعدها بالأصل : «أنا هارون بن محمد بن ياسر» والمثبت يوافق ما جاء في «ز».
(٢) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن «ز».
(٣) بالأصل و «ز» : هو.
(٤) تحرفت بالأصل إلى : «ابن» والتصويب عن «ز».
(٥) الخبر رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٨ / ٢٣٥.
مالك بن إسماعيل أبو غسان النهدي ، نا عمر بن زياد الهلالي ، عن عبد الملك بن نوفل بن مساحق شيخ من أهل المدينة من بني عامر بن لؤي قال :
قالت هند لأبيها : إنّي امرأة قد ملكت أمري فلا تزوّجني رجلا حتى تعرضه عليّ ، قال : فقال لها : ذلك لك ، ثم قال لها يوما : إنه قد خطبك رجلان من قومك ولست مسميا لك واحدا منهما حتى أصفه لك. أما الأول ففي الشرف الصميم والحسب الكريم ، تخالين به هوجا من غفلته وذلك إسجاح (١) من شيمته ، حسن الصحابة حسن الإجابة ، إن تابعته تابعك ، وإن ملت كان معك ، تقضين (٢) عليه في ماله وتكتفين (٣) برأيك في ضعفه.
وأما الآخر ففي الحسب الحسيب والرأي الأريب ، بدر أرومته وعزّ (٤) عشيرته يؤدب أهله ولا يؤدّبونه. إن اتبعوه أسهل بهم وإن جانبوه توعر بهم (٥) ، شديد الغيرة ، سريع الطيرة ، شديد (٦) حجاب القبة إن حاج فغير منزور (٧) ، وإن نوزع فغير مقهور ، قد بيّنت لك حالهما.
قالت : أما الأول فسيّد مطيع لكريمته مؤات لها فيما عسى إن لم تعصم أن تلين بعد إبائها ويضيع تحت جناحها (٨) ، إن جاءت له بولد أحمقت وإن أنجبته فعن خطأ ما أنجبت أطو ذكر هذا عني ، فلا تسمّه لي ، وأما الآخر فبعل الحرة الكريمة ، إني لأخلاق هذا لواقعة وإني له لموافقة ، وإنّي لآخذة بأدب البعل مع لزومي قبتي ، وقلة تلفّتي وإن السليل بيني وبينه لحري أن يكون المدافع عن حريم عشيرته ، الذائد (٩) عن كتيبتها ، المحامي عن حقيقتها ، الرأس (١٠) لأرومتها غير مؤاكل ولا زمّيل (١١) عند صعصعة (١٢) الحوادث ، فمن هو؟ قال : ذاك أبو سفيان
__________________
(١) الإسجاح : حسن العفو ، والسهولة. يقال : خلق سجيح : لين ، سهل.
(٢) بالأصل : «تقضي» ، وفي «ز» : «يقضي».
(٣) بالأصل : «تكتفي» ومثله في «ز».
(٤) بالأصل : «عن» والمثبت عن «ز».
(٥) بالأصل : «حابوه وعرهم» وفي «ز» : «جانبوه وعريهم» والمثبت : «جانبوه توعر بهم» عن ابن سعد.
(٦) بالأصل و «ز» : سديد ، والمثبت عن ابن سعد.
(٧) بدون إعجام بالأصل ، وفي «ز» : مبرور ، والمثبت عن ابن سعد.
(٨) كذا بالأصل و «ز» ، وفي ابن سعد : وتضبع تحت جنائها.
(٩) بالأصل و «ز» والمطبوعة : الزائد ، والمثبت عن ابن سعد.
(١٠) كذا بالأصل و «ز» ، وفي ابن سعد : الزائن.
(١١) الزميل : الضعيف والجبان.
(١٢) كذا بالأصل و «ز» ، وفي ابن سعد : ضعضعة ، والصعصعة : الاضطراب ، ويقال : قد تصعصع القوم في الحرب إذا اضطربوا ، قاله أبو علي القالي في الأمالي في تفسيرها ٢ / ١٠٤.
ابن حرب ، قالت : فزوّجه ، ولا تلقني (١) إليه المتسلّس السلس ، ولا تسمه سمة (٢) المواطس الضرس (٣) ، استخر الله في السماء يخر لك بعلمه في القضاء.
أخبرنا أبو الحسين المعدل ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا أبي علي الفقيه ، أنا محمّد ابن أحمد ، أنا محمّد بن عبد الرّحمن ، أنا أبو عبد الله الطوسي ، نا الزبير ، حدّثني علي بن محمّد بن سيف قال :
خطب (٤) هند بنت عتبة أبو سفيان بن حرب وسهيل بن عمرو ، فقال لها أبوها : قد خطبك رجلان من قومك كفءان ، قالت : صفهما لي. قال : أحدهما سهيل بن عمرو ، فهو موسر سخيّ ، سيد مفوّض إلى أهله ، والآخر أبو سفيان بن حرب ، شريف سيد حازم. قالت : الحازم أحبهما إليّ ، فتزوجها أبو سفيان.
قال الزبير : وأنشدني عمي مصعب بن عبد الله لهند بنت عتبة بن ربيعة تبكي أباها عتبة ابن ربيعة (٥) :
أعيني جودا بدمع سرب |
|
على خير خندف لم ينقلب |
على عتبة الخير ذي المكرمات |
|
وذي المفضلات قريع العرب |
ساد الكهول سيدا ناشئا |
|
وساد الشباب ولما يشب |
تداعى له قومه (٦) غدوة |
|
بنو هاشم وبنو المطلب |
ببيض خفاف جلتها القيون |
|
تلوح بأيديهم كالشهب |
يذيقونه حدّ أسيافهم |
|
يعلونه بعد ما قد سحب (٧) |
فمن كان في نسب خاملا |
|
فنحن سلالة بيت الذهب |
ولسنا كجلدة رفغ (٨) البعير |
|
بين العجان وبين الذنب |
__________________
(١) بالأصل : تلقى ، وفي المطبوعة : «تلق» والمثبت عن «ز» ، وابن سعد.
(٢) بالأصل : بسمة ، والمثبت عن «ز» ، وفي ابن سعد : سوم.
(٣) بالأصل : «المراطس الطرس» ومثله في «ز». والمثبت عن ابن سعد. والوطس : الضرب الشديد بخفّ وبغيره ، والضرس : الصعب الخلق.
(٤) في «ز» : خطبت.
(٥) بعض الأبيات في سيرة ابن هشام ٣ / ٤٠ وقال ابن هشام : وبعض أهل العلم بالشعر ينكرها لهند.
(٦) في سيرة ابن هشام : رهطه.
(٧) في سيرة ابن هشام : عطب.
(٨) بالأصل و «ز» : رفع ، والمثبت عن سيرة ابن هشام. والرفغ بفتح الراء وبضمها : أصول الفخذين من باطن.
قال الزبير : ووجدت البيت الثاني منها بخط الضحاك.
أخبرنا أبو العزّ بن كادش ، فيما ناولني إياه وقرأ عليّ إسناده ، وقال : اروه عني ، أنا محمّد بن الحسين ، أنا المعافي بن زكريا القاضي (١) ، نا ابن دريد ، نا السكن بن سعيد ، عن محمّد بن عباد ، عن هشام بن محمّد قال :
كان مسافر بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس من فتيان قريش جمالا وسخاء وشعرا ، فعشق هندا بنت عتبة حتى اشتهر (٢) أمرهما ، فاستحيى ، وخرج إلى الحيرة ليسلوها ، فنادم عمرو بن هند ، وكان له مكرما ، ثم إنّ أبا سفيان بن حرب تزوّج هندا في غيبة مسافر هذه ، ثم خرج أبو سفيان إلى الحيرة تاجرا ، فلقي مسافر بن أبي عمرو فسأله مسافر عن مكة وأخبار قريش ، فأخبره من ذلك ، ثم قال : وإنّي تزوجت هندا بنت عتبة ، فأسف مسافر من ذلك ومرض حتى سقي (٣) بطنه فقال : (٤)
ألا إن هندا أصبحت منك (٥) محرما |
|
وأصبحت من أدنى حموتها حما (٦) |
وأصبحت كالمسلوب جفن سلاحه |
|
تقلب بالكفين قوسا وأسهما |
فدعا له عمرو بن هند الأطباء ، فسألهم عن حاله فقالوا : ليس له دواء إلّا الكيّ ، فقال له : ما ترى قال : افعل ، فدعا له طبيبا من العباد فأحمى مكاويه حتى صارت كالنار ، ثم قال : امسكوه لي ، فقال له مسافر : لست أحتاج إلى ذلك ، فجعل يضع عليه المكاوي ، فلما رأى الطبيب صبره هاله ذلك ، ففعلها ـ يعني الحدث ـ فقال مسافر : قد يضرط العير والمكواة في النار (٧) فأرسلها مثلا. قال : فلم ينفعه ذلك شيئا ، فخرج يريد مكة ، فأدركه الموت بهبالة (٨) فدفن بها ، ونعي إلى أهل مكة.
__________________
(١) الخبر رواه المعافي بن زكريا الجريري القاضي في الجليس الصالح الكافي ٤ / ٢٠٩ وفي الأغاني ٩ / ٥٠.
(٢) في الجليس الصالح : شهر.
(٣) يقال : سقي بطنه يسقى سقيا ، والسقي ماء أصفر يقع في البطن.
(٤) البيتان في الأغاني ٩ / ٥٠ والجليس الصالح ٤ / ٢٠٩ وهما في نسب قريش ص ٣١٨ ، ونسبا إلى هشام بن المغيرة ، وفي الأغاني ٩ / ٥٤ وقيل إن البيتين هما لعبد الله بن عجلان قالهما في زوجته هند.
(٥) بالأصل : منا ، والمثبت عن «ز» ، والجليس الصالح والأغاني.
(٦) بالأصل : «ادى حموها حما» والمثبت عن «ز» ، والجليس الصالح والأغاني.
(٧) مثل. انظره في مجمع الأمثال ٢ / ٢٨ وجمهرة الأمثال ٢ / ١٢٣ وفصل المقال ص ٤٣٢ والفاخر ٧١ و ١٥٤.
(٨) كذا بالأصل و «ز» ، والأغاني ، وفي الجليس الصالح : زبالة. وهبالة : موضع لبني عقيل ، كما في معجم ما استعجم ، وفي معجم البلدان : هبالة وهبيل من مياه بني نمير.
قرأت على أبي محمّد بن حمزة ، عن أبي بكر الخطيب ، أنا أبو الحسن محمّد بن أحمد ابن رزق ، أنا أبو الحسن المظفر بن يحيى الشرابي ، نا أبو العباس أحمد بن محمّد بن عبد الله المرثدي ، عن أبي إسحاق الطلحي ، أخبرني إبراهيم بن سعدان قال : قال عبد الله بن مسلم ، عن زياد بن حدير (١) قال :
قال معاوية أسرجوا لي حمارا غليظ الوسط ، فركبه ، ومرّ بشيخ فقال له : أرأيت أبا سفيان؟ قال : نعم رأيته حين تزوج هندا ، فأطعمنا في أول يوم لحم جزور ، وسقانا خمرا ، وفي اليوم الثاني لحم غنم وسقانا نبيذا ، وفي اليوم الثالث لحم طير وسقانا عسلا ، وإن كانت لذات أزواج ، فقال معاوية : كلهم كان كريما.
أنبأنا أبو الحسن علي بن الحسن الموازيني ، عن أبي عبد الله القضاعي ، أنا أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن محمّد بن عمرو بن شاكر القطان ، نا الحسن بن رشيق ، نا محمّد بن يحيى بن آدم ، نا محمّد بن عبد الله بن عبد الحكم ، أنا الشافعي.
ح (٢) وأخبرنا أبو القاسم الخضر بن علي بن الخضر ، أنا أبو محمّد عبد الله بن الحسن ابن حمزة ، أنا عبد الرّحمن بن محمّد بن يحيى بن ياسر ، أنا أبو موسى هارون بن محمّد الموصلي ، نا أبو يحيى زكريا بن أحمد بن يحيى البلخي ، نا الحسن بن علي بن الأشعث المصري ، نا محمّد بن عبد الله بن عبد الحكم ، نا الشافعي قال :
قال أبو هريرة : رأيت هندا بمكة كأن وجهها فلقة قمر ، وخلفها من عجيزتها مثل الرجل الجالس ، ومعها صبي يلعب ، فمرّ رجل فنظر إليه فقال : إنّي لأرى غلاما إن عاش ليسودنّ قومه ، فقالت هند : إن لم يسد إلّا قومه فأماته الله.
وهو معاوية بن أبي سفيان.
أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا عبد العزيز الكتاني ، أنا عبيد الله بن أحمد الأزهري إجازة ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، نا محمّد بن خلف بن المرزبان ، حدّثني أبو العباس بن الصباح ، حدّثني الغلابي قال :
سافر أبو سفيان سفرا أضرت به فيه الغربة ، فاشترى جارية فبلغ ذلك هندا فوجدت عليه وكتبت إليه :
__________________
(١) كذا بالأصل و «ز» ، وفي المطبوعة : حديرة.
(٢) «ح» حرف التحويل سقط من الأصل وأضيف عن «ز».
يا قليل الوفاء ما كان فيما |
|
كان منا إليك ما ترعانا |
كيف يبقى لك الجديد من النا |
|
س إذا كنت تطرح الخلقانا |
قال : فوجه أبو سفيان بالجارية التي كان اشترى.
أخبرنا أبو بكر الحاسب ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن فهم ، نا محمّد بن سعد (١) ، نا هوذة بن خليفة ، نا عوف ، عن محمّد قال :
بلغني أن هندا بنت عتبة بن ربيعة جاءت في الأحزاب يوم أحد ، وكانت قد نذرت لئن قدرت على حمزة بن عبد المطلب لتأكلن من كبده ، قال : فلمّا كان حيث أصيب حمزة ، ومثلوا بالقتلى جاءوا بحزّة (٢) من كبده (٣) ، فأخذتها تمضغها لتأكلها فلم تستطع أن تبتلعها ، فلفظتها ، فبلغ ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «إنّ الله قد حرم على النار أن تذوق من لحم حمزة شيئا أبدا» [١٣٨٥٠].
قال محمّد : وهذه شديدة على هذه المسكينة (٤).
قال : ونا ابن سعد (٥) ، أنا عفان بن مسلم ، نا حماد بن سلمة ، أنا عطاء بن السائب ، عن الشعبي ، عن ابن مسعود قال :
قال أبو سفيان يوم أحد : قد كانت في القوم مثلة ، وإن كانت عن غير ملأ مني ، ما أمرت ، ولا نهيت ، ولا أحببت ، ولا كرهت ، ولا ساءني ، ولا سرّني ، قال : فنظروا فإذا حمزة قد بقر بطنه ، وأخذت هند كبده فلاكتها ، فلم تستطع هند أن تأكلها ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أكلت منها شيئا؟» قالوا : لا ، قال : «ما كان الله ليدخل شيئا من حمزة النار» [١٣٨٥١].
أخبرنا أبو بكر أيضا ، أنا أبو محمّد ، أنا ابن حيوية ، أنا عبد الوهاب بن أبي حية ، أنا محمّد بن شجاع ، أنا الواقدي (٦) ، حدّثني سعيد بن أبي زيد ، عن مروان بن أبي سعيد بن المعلى قال :
__________________
(١) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٣ / ١٢ ـ ١٣ في أخبار حمزة بن عبد المطلب.
(٢) تقرأ بالأصل : محره ، وفي «ز» : «بحره» والمثبت عن ابن سعد.
(٣) في ابن سعد : من كبد حمزة.
(٤) في طبقات ابن سعد : وهذه شدائد على هند المسكينة.
(٥) الطبقات الكبرى لابن سعد ٣ / ١٣.
(٦) رواه الواقدي في مغازيه ١ / ٢٧٢.
قيل لأم عمارة : هل كن نساء قريش يومئذ يقاتلن مع أزواجهن؟ فقالت : أعوذ بالله ، لا والله ما رأيت امرأة منهن رمت بسهم ، ولا بحجر ، ولكن رأيت معهن الدفاف والأكبار (١) ، يضربن ويذكّرن القوم قتلى بدر ، ومعهن مكاحل ومراود ، فكلّ ما ولّى رجل أو تكعكع (٢) ناولته إحداهن مرودا ومكحلة ويقلن : إنّما أنت امرأة. ولقد رأيتهن ولّين منهزمات مشمرات ، ولها عنهن الرجال أصحاب الخيل ، ونجوا على متون الخيل يتبعن الرجال على الأقدام ، فجعلن يسقطن في الطريق ، ولقد رأيت هندا بنت عتبة ، وكانت امرأة ثقيلة ولها خلق (٣) ، قاعدة خاشية (٤) من الخيل ما بها مشي ، ومعها امرأة أخرى حتى كرّ القوم علينا ، فأصابوا ما أصابوا ، فعند الله نحتسب ما أصابنا يومئذ من قبل الرماة ومعصيتهم الرسول (٥).
أخبرنا أبو الحسين وأبو غالب ، وأبو عبد الله ، قالوا : أنا أبو جعفر ، أنا المخلص ، أنا الطوسي ، أنا الزبير ، قال (٦) :
فولد عتبة بن ربيعة : أبا حذيفة بن عتبة ، وكان من المهاجرين الأولين ، شهد بدرا وقتل يوم القيامة شهيدا ، وله تقول أخته هند بنت عتبة (٧) :
فما شكرت أبّا رباك من صغر |
|
حتى شببت شبابا غير محجون |
الأحول الأثعل المشئوم (٨) طائره |
|
أبو حذيفة شر الناس في الدين (٩) |
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، وأبو المواهب أحمد بن محمّد بن عبد الملك بن عبد العزيز ، قالا : أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو الحسين بن المظفر ، نا أبو بكر الباغندي ، أخبرني أحمد بن محمّد بن عبد الله الكورحي وكتب به إليّ ، حدّثني محمّد بن إسماعيل ، حدّثني عبد الله بن سلمة بن سلم ، عن سليمان بن عاصم ، عن عمر بن عبد العزيز قال :
__________________
(١) الأكبار واحدها كبر ، وهي الطبول.
(٢) تكعكع الرجل إذا أحجم وتأخّر.
(٣) في «ز» : خلف.
(٤) بدون إعجام بالأصل و «ز» ، والمثبت عن مغازي الواقدي.
(٥) في مغازي الواقدي : ومعصيتهم لرسول الله صلىاللهعليهوسلم.
(٦) نسب قريش للمصعب الزبيري ص ١٥٣.
(٧) البيتان في سير أعلام النبلاء ٣ / ١٠٥ في أخبار أبي حذيفة قالتهما أخته هند ، وقد دعا يوم بدر أباه إلى البراز.
(٨) سير الأعلام : المذموم طائره.
(٩) الأثعل : المرادف الأسنان ، والأثعل : المتراكب الأسنان.
سمعت سلمى مولاة مروان بن الحكم تقول : حدّثني مروان بن الحكم قال : سمعت معاوية ابن أبي سفيان يقول : سمعت أمي هند بنت عتبة تقول ـ وهي تذكر رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهي تقول :
فعلت يوم أحد ما فعلت من المثلة بعمه (١) وأصحابه ، كلما سارت قريش مسيرا فأنا معها بنفسي ، حتى رأيت في النوم ثلاث ليال ، رأيت كأنّي في ظلمة لا أبصر سهلا ولا جبلا ، وأرى من تلك الظلمة انفرجت عني بضوء مكانه ، فإذا رسول الله صلىاللهعليهوسلم يدعوني ، ثم رأيت في الليلة الثانية كأني على طريق ، فإذا بهبل (٢) على يميني يدعوني ، وإذا بيساف (٣) يدعوني عن يساري وإذا رسول الله صلىاللهعليهوسلم بين يدي قال : تعالي (٤) ، هلم إلى الطريق ، ثم رأيت في الليلة الثالثة كأني واقفة على شفير جهنم ، يريدون أن يدفعوني فيها ، وإذا أنا بهبل يقول : ادخلي فيها ، فالتفتّ فإذا رسول الله صلىاللهعليهوسلم من ورائي آخذ بثيابي ، فتباعدت عن شفير جهنم ، وفزعت (٥) ، فقلت : هذا شيء قد بيّن لي ، فغدوت إلى صنم في بيتنا فجعلت أضربه وأقول : طال ما كنت منك إلّا في غرور ، وأتيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأسلمت ، وبايعته.
أخبرنا أبو الفتح الماهاني ، أنا شجاع المصقلي ، أنا أبو عبد الله العبدي ، أنا خيثمة ، نا خلف بن محمّد كردوس الواسطي ، نا يعقوب بن محمّد الزهري ، نا عبد الله بن محمّد بن يحيى بن عروة بن هشام عن عروة ، عن أبيه قال (٦) :
قالت هند لأبي سفيان : إني أريد أن أتابع (٧) محمّدا ، قال : قد رأيتك تكرهين هذا الحديث أمس. قالت : إنّي والله والله ، ما رأيت الله عبد حقّ عبادته في هذا المسجد قبل الليلة ، والله إن يأتوا (٨) إلّا مصلين قياما وركوعا وسجودا ، قال : فإنك قد فعلت ما فعلت ، فاذهبي برجل من قومك معك ، فذهبت إلى عثمان (٩) فذهب [معها](١٠) فاستأذن لها ودخلت
__________________
(١) تحرفت بالأصل و «ز» إلى : نعمه.
(٢) هبل ، من أصنامهم ، كانت قريش تعظمه.
(٣) بالأصل : يساب ، تصحيف ، والمثبت عن «ز». ويساف من أصنامهم أيضا ، ويقال وهو المشهور : أساف.
(٤) بالأصل : «تعلي» وفي «ز» : تعال.
(٥) فزع من نومه : هبّ.
(٦) الخبر في الإصابة ٤ / ٤٢٥ ـ ٤٢٦ ومختصرا في أسد الغابة ٦ / ٢٩٣.
(٧) كذا بالأصل و «ز» ، وفي الإصابة وأسد الغابة : أبايع.
(٨) كذا بالأصل ، وفي «ز» ، والإصابة وأسد الغابة : باتوا.
(٩) كذا بالأصل و «ز» ، وأسد الغابة ، وفي الإصابة : عمر ، وزيد في أسد الغابة : وقيل إلى أخيها أبي حذيفة بن عتبة.
(١٠) الزيادة عن «ز».
وهي متنقبة (١) فقال : «تبايعيني (٢) على أن لا تشركي بالله شيئا ، ولا تسرقي ، ولا تزني» ، فقالت : أو هل تزني الحرة؟ قال : «لا ، ولا تقتلي ولدك» ، فقالت : إنا ربيناهم صغارا وقتلتهم كبارا ، قال : «قتلهم الله يا هند» فلما فرغ من الآية (٣) بايعته ، فقالت : يا رسول الله إنّي بايعتك على أن لا أسرق ، ولا أزني ، وإنّ أبا سفيان رجل بخيل ولا يعطيني ما يكفيني إلّا ما أخذت منه من غير علمه قال : «ما تقول يا أبا سفيان؟» فقال أبو سفيان : أما يابسا فلا ، وإما رطبا فأحله ، قال : فحدثتني عائشة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال لها : «خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف» [١٣٨٥٢].
أنبأنا أبو سعد المطرز ، وأبو علي الحداد ، قالا : أنا أبو نعيم الحافظ ، نا سليمان بن أحمد ، نا محمّد بن عبيد الله الحضرمي.
ح وأخبرنا أبو عبد الله بن الخطّاب (٤) في كتابه ، أنا أبو الفضل محمّد بن أحمد بن عيسى [السعدي](٥) ، أنا عبيد الله بن محمّد العكبري ، أنا عبد الله بن محمّد البغوي.
قالا : نا محمّد بن عبد الله المخرمي ، نا يعقوب بن محمّد الزهري ، نا أبو بكر بن أبي أويس ، عن أبي أيوب مولى القاسم بن محمّد ، عن ابن عجلان ـ وفي رواية الحضرمي : مولى القاسم ، عن محمّد بن عجلان ـ عن أبيه ، عن فاطمة بنت عتبة بن ربيعة :
أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة ذهب بها وبأختها هند يبايعان رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلما اشترط عليهن ، قالت هند : أو تعلم في نساء قومك من هذه الهناة (٦) والعاهات شيئا؟ فقال : ـ زاد البغوي : أبو حذيفة : ـ أيّها (٧) فبايعنه فقال : «فهكذا نشترط» وليس في حديث البغوي : ابن ربيعة ، ولا ابن عتبة الأخيرة.
__________________
(١) بالأصل : منتقبة ، والمثبت عن «ز» ، والإصابة ، وفي أسد الغابة : منتقبة.
(٢) بالأصل : تبايعني ، والمثبت عن «ز» ، وأسد الغابة.
(٣) يشير إلى الآية ١٧ من سورة الأنفال : «فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم».
(٤) تحرفت بالأصل و «ز» إلى : الخطاب.
(٥) سقطت من الأصل ، وأضيفت عن «ز».
(٦) بالأصل و «ز» : الهناة. وفي المطبوعة : الهنات. وفي تاج العروس : والصواب الهناة بالهاء المربوطة كما في المحكم وغيره. والهناة : الشدائد وأمور عظام ، والهناة : الشرور والفساد. ج هنوات. وقيل واحدها : هنت وهنة (تاج العروس : هنو).
(٧) بالأصل و «ز» : أيهن.
أخبرنا أبو بكر الأنصاري ، أنا أبو محمّد الحسن بن علي ، أنا أبو عمر ، أنا عبد الوهاب ابن أبي حيّة ، أنا محمّد بن شجاع ، أنا محمّد بن عمر (١) ، نا ابن أبي سبرة ، عن موسى بن عقبة ، عن أبي حبيبة مولى الزبير ، عن عبد الله بن الزبير قال :
لما كان يوم الفتح أسلمت هند بنت عتبة ، وأسلمت أم حكيم بنت الحارث بن هشام امرأة عكرمة بن أبي جهل ، وأسلمت امرأة صفوان بن أمية البغوم بنت المعدل من كنانة ، وأسلمت فاطمة بنت الوليد بن المغيرة ، وأسلمت هند بنت منبّه بن الحجاج ، وهي أم عبد الله ابن عمرو بن العاص في عشر نسوة من قريش ، فأتين رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو بالأبطح ، يبايعنه (٢) فدخلن عليه ، وعنده زوجتاه (٣) وابنته فاطمة ونساء من بني عبد المطلب ، فتكلّمت هند بنت عتبة فقالت : يا رسول الله ، الحمد لله الذي أظهر الدين الذي اختار لنفسه ، لتمسّني رحمتك يا محمّد ، إني امرأة مؤمنة بالله مصدّقة ، ثم كشفت عن نقابها فقالت : أنا هند بنت عتبة ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «مرحبا بك» فقالت : والله يا رسول الله ما كان على الأرض من أهل خباء أحبّ إليّ أن يذلوا من [أهل](٤) خبائك ولقد أصبحت وما على وجه (٥) الأرض من أهل خباء أحبّ إليّ أن يعزّوا من [أهل] خبائك ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «وزيادة أيضا» ثم قرأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم عليهن القرآن وبايعن ، فقالت هند من بينهن : يا رسول الله نماسحك ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنّي لا أصافح النساء ، إنّ قولي لمائة امرأة مثل قولي لامرأة واحدة» ، ويقال : وضع على يده ثوبا ثم مسحن على يده يومئذ ، ويقال كان يؤتى بقدح من ماء فيدخل يده فيه ثم يرفعه إليهن فيدخلن أيديهن فيه ، والقول الأول أثبتها عندنا : «إنّي لا أصافح النساء» [١٣٨٥٣].
قرأت على أبي غالب بن البنا ، عن أبي محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر.
وحدّثنا عمي ، أنا ابن يوسف ، أنا الجوهري ، أنا ابن حيوية.
أنا أحمد بن معروف ، نا ابن الفهم ، نا محمّد بن سعد (٦) ، أنا عبد الله بن جعفر الرقي ، نا أبو المليح ، عن ميمون بن مهران :
__________________
(١) رواه الواقدي في المغازي ٢ / ٨٥٠.
(٢) كذا بالأصل و «ز» ، وفي مغازي الواقدي : فبايعنه.
(٣) كذا بالأصل و «ز» ، وفي المغازي : زوجته.
(٤) سقطت من الأصل و «ز» ، واستدركت عن المغازي ، وهي مستدركة فيها.
(٥) سقطت من «ز» ، والمغازي.
(٦) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٨ / ٢٣٧.
أن نسوة أتين النبي صلىاللهعليهوسلم فيهن هند بنت عتبة بن ربيعة ، وهي أم معاوية ، يبايعنه فلمّا أن قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا تشركن بالله شيئا ولا تسرقن» (١) قالت هند : يا رسول الله إنّ أبا سفيان رجل مسّيك (٢) فهل عليّ حرج أن أصيب من طعامه من غير إذنه ، قال : فرخّص لها رسول الله صلىاللهعليهوسلم في الرطب ، ولم يرخص لها في اليابس ، قال : «ولا تزنين» قالت : وهل تزني الحرة؟ قال : «ولا تقتلن أولادكن» قالت : وهل تركت لنا ولدا إلّا قتلته يوم بدر ، قال : «ولا يعصينك في معروف» وقال ميمون : فلم يجعل الله لنبيه عليهن الطاعة إلّا في المعروف ، والمعروف طاعة الله.
قال : وأنا ابن سعد (٣) ، أنا عبيد الله (٤) بن موسى ، أنا عمر بن أبي زائدة قال : سمعت الشعبي يذكر أن النساء جئن (٥) يبايعن فقال : «تبايعن (٦) على ألّا تشركن بالله شيئا» ، فقالت هند : إنا لقائلوها [قال :](٧) «ولا تسرقن» فقالت هند : كنت أصبت من مال أبي سفيان. قال أبو سفيان : فما أصبت من مالي فهو حلال قال : «ولا تزنين» فقالت هند : وهل تزني الحرة؟ [قال :](٨) «ولا تقتلن أولادكن» ، قالت هند : أنت قتلتهم.
أخبرنا أبو غالب الماوردي ، أنا أبو الحسن السيرافي ، أنا القاضي أبو القاسم علي بن الحسين الشافعي ، نا أبو الحسن علي بن محمّد بن خشنام (٩) المالكي ، نا أبو يزيد خالد بن النضر القرشي ، نا محمّد بن عبد الأعلى ، نا معتمر بن سليمان ، نا أبي قال :
وفرغ رسول الله صلىاللهعليهوسلم من بيعة الرجال قال : ثم دعا النساء ورسول الله صلىاللهعليهوسلم على الصفا وعمر أسفل منه ، يبايع النساء لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئا» وهند مقنّعة رأسها بين النساء ، فقالت : ـ ورفعت رأسها ـ والله إنك لتأخذ علينا أمرا ما رأيتك أخذته على الرجال ، وقد أعطيناك ، قال : «ولا تسرقن» ، قالت : والله إنّي لأجد من أبي
__________________
(١) عند ابن سعد : «لا يشركن ... يسرقن».
(٢) يعني بخيل.
(٣) الطبقات الكبرى لابن سعد ٨ / ٢٣٧.
(٤) في ابن سعد : عبد الله. تصحيف.
(٥) بالأصل و «ز» : حين ، والمثبت عن ابن سعد.
(٦) بالأصل و «ز» : يبايعن ، والمثبت عن ابن سعد.
(٧) زيادة لازمة عن ابن سعد.
(٨) زيادة عن ابن سعد.
(٩) بالأصل و «ز» : حشنام ، بالحاء المهملة. والمثبت عن المطبوعة.