تاريخ مدينة دمشق - ج ٧٠

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٧٠

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٠٤
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

سفيان هنات فما أدري أيحلّهن أم لا؟ فقال أبو سفيان : ما أصبت من شيء فيما مضى ، وفيما غبر فهو لك حلال ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «وإنّك لهند بنت عتبة؟» قالت (١) : نعم ، فاعف عما سلف عفا الله عنك ، قال : «ولا تقتلن أولادكن» قالت : قد ربيناهم صغارا وقتلتموهم (٢) ببدر كبارا ، وأنت وهم أعلم ، فضحك عمر حتى استغرب (٣) ، وقال : «ولا تأتين ببهتان تفترينه بين أيديكن وأرجلكن» ، قالت : والله إنّ البهتان لشيء قبيح ، ولبعض التجاوز أمثل ، وما أمرتنا إلّا بالرشد ومكارم الأخلاق ، قال : «ولا تعصين في معروف» قالت : ما جلسنا في هذا المجلس ونحن نحب أن نعصيك في شيء ، قال : «ولا تزنين» قالت : أو تزني الحرة؟ فأقرّ النساء بما أخذ عليهن نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأمر عمر فبايعهن ، واستغفر لهن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

كتب إليّ أبو المظفر محمّد بن أحمد بن محمّد الأبيوردي ، أخبرني فهد (٤) بن عبد الرّحمن الصوفي ، أنا أبو غانم حميد بن [المأمون](٥) ، نا أبو بكر بن لال الفقيه ، نا أبو عمرو عثمان بن أحمد الدقاق المعروف بابن السّمّاك ، أنا أبو محمّد عبد الله بن ثابت المقرئ (٦) ، نا أبي ، نا أبو صالح الهذيل (٧) بن حبيب الدّنداني (٨) ، عن مقاتل بن سليمان.

في قوله : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ [بِاللهِ شَيْئاً])(٩)(١٠) وذلك يوم فتح مكة ، لما فرغ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من بيعة الرجال وهو جالس على الصفا ، وعمر بن الخطاب أسفل منه. قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم للنساء : «أبايعكن على ألّا تشركن بالله شيئا» ، وكانت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان متنقبة (١١) مع النساء فرفعت رأسها فقالت : والله

__________________

(١) بالأصل : قال ، والتصويب عن «ز».

(٢) كذا بالأصل و «ز» ، وفي المطبوعة : وقتلتهم.

(٣) كذا بالأصل و «ز» ، وفي المطبوعة : استغرق. واستغرب في الضحك : بالغ فيه.

(٤) تقرأ بالأصل و «ز» : فهر ، والمثبت عن المطبوعة.

(٥) سقطت من الأصل وزيدت عن «ز».

(٦) تقرأ بالأصل : «النقري» والمثبت عن «ز».

(٧) تقرأ بالأصل و «ز» : «الهزيل» انظر الحاشية التالية.

(٨) الأصل : «الربدانى» وفي «ز» : «الزيداني» تصحيف ، والصواب ما أثبت : «الدنداني» عن الأنساب (٢ / ٤٩٧) وذكره السمعاني وترجم له باسم : الهذيل بن حبيب الدنداني ، من أهل بغداد.

(٩) زيادة عن «ز».

(١٠) سورة الممتحنة ، الآية : ١٢.

(١١) بالأصل : منتقبة. والمثبت عن «ز».

١٨١

إنك لتأخذ علينا أمرا ما رأيتك أخذته على الرجال ، فقد أعطيناكه ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ولا تسرقن» فقالت : والله إنّي لأصيب من مال أبي سفيان هنات ، فما أدري أيحلّهن لي أم لا؟ فقال أبو سفيان : نعم ما أصبت من شيء فيما مضى وفيما غبر فهو لك حلال ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «وإنك لهند بنت عتبة؟» قالت : نعم ، فاعف عما سلف عفا الله عنك ، قال : «ولا تزنين» قالت (١) : فهل تزني الحرة؟ ثم قال : «ولا تقتلن أولادكن» (٢) قالت : ربيناهم صغارا وقتلتموهم كبارا ، وأنت أعلم وهم ، فضحك عمر حتى استلقى ، ويقال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ضحك من قولها ثم قال : «ولا يأتين ببهتان يفترينه (٣) بين أيديهن وأرجلهن» والبهتان : أن تقذف المرأة ولدا من غير زوجها ، على زوجها ، لتقول لزوجها هو منك وليس منه ، قالت : والله إن البهتان لقبيح ، وبعض التجاوز أمثل ، وما تأمرنا إلّا بالرشد ومكارم الأخلاق ، ثم قال : (وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ) ، يعني في طاعة الله ، فيما نهى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عنه من النوح ، وتمزيق الثياب ، وأن تخلو مع غريب في حضر أو سفر ، أو تسافر فوق ثلاثة أيام إلّا مع ذي محرم ، ونحو ذلك ، قالت هند : ما جلسنا مجلسنا هذا وفي أنفسنا أن نعصيك في شيء ، فأقرّ النسوة بما أخذ عليهن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم بعث عمر بن الخطاب فبايعهن واستغفر لهن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فذلك قوله : (وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ) لما كان في الشرك منهن ، (رَحِيمٌ)(٤) فيما بقي.

أنبأنا أبو طاهر أحمد بن محمّد ، وأبو الفضل محمّد بن ناصر بن علي ، وجماعة قالوا : أنا أبو الفضل محمّد بن عبد السلام بن أحمد الأنصاري ، أنا الحسن بن أحمد بن إبراهيم ، أنا الحسن بن محمّد (٥) بن كيسان النحوي ، نا إسماعيل بن إسحاق القاضي ، نا محمّد بن أبي بكر ، نا سعيد بن عامر ، عن جويرية قال :

قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لهند يوم الفتح : «كيف ترين الإسلام؟» قالت : بأبي وأمي ، ما أحسنه لو لا ثلاث خصال : التجبية (٦) والخمار ، وزقوّ (٧) هذا العبد الأسود فوق الكعبة ، فقال : «أما قولك

__________________

(١) بالأصل و «ز» : قال.

(٢) بالأصل : «يقتلن أولادهن» والمثبت عن «ز».

(٣) في «ز» : ولا تأتين ببهتان تفترينه.

(٤) سورة الممتحنة ، الآية : ١٢.

(٥) في «ز» : «أحمد» وكتب فوقها : محمد.

(٦) بالأصل و «ز» : «التحبية» والصواب ما أثبت ، والتجبية وهو وضع اليدين على الركبتين في الصلاة ، أو على الأرض. وأراد هنا الركوع (راجع اللسان : جبى).

(٧) بالأصل : زفو ، والمثبت عن «ز» ، والزقو : الصياح. ولعلها أرادت الأذان وصوت بلال يرفع الأذان.

١٨٢

التجبية فلا صلاة إلّا بركوع ، وأما زقو هذا العبد الأسود فوق الكعبة ، فنعم عبد الله هو ، وأما الخمار فأي شيء أستر من الخمار؟» فقالت : بأبي وأمي إني كنت أحب أن تعرف الفرعاء من الزعراء (١). قال : وكانت امرأة لها شعر.

أخبرنا أبو المظفر بن القشيري ، أنا أبو سعد محمّد بن عبد الرّحمن ، أنا أبو عمرو محمّد بن أحمد بن حمدان.

ح وأخبرتنا أم المجتبى العلوية ، قالت : قرئ على أبي القاسم المستملي ، أنا أبو بكر ابن المقرئ.

قالا : أنا أبو يعلى الموصلي ، نا نصر بن علي ، قال : حدثتنا ـ وقال ابن حمدان : حدثتني ـ عطية أم عمرو عجوز من بني مجاشع قالت : حدثتني عمتي ، عن جدي ، عن عائشة قالت :

جاءت هند بنت عتبة ـ زاد ابن حمدان : بن ربيعة ـ إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لتبايعه فنظر ـ وفي حديث ابن المقرئ قالت : فنظر ـ إلى يديها فقال : ـ زاد ابن حمدان : لها ، وقالا : ـ «اذهبي فغيري يدك» ، قالت : فذهبت فغيّرتها بحناء ، ثم جاءت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وقال ابن حمدان : إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : ـ «أبايعك على أن لا تشركي بالله شيئا ، ولا تسرقي ولا تزني» قالت : أو تزني الحرة؟ قال : «ولا تقتلن أولادكن خشية إملاق» قالت : وهل تركت لنا أولادا نقتلهم؟! قال : فبايعته ثم قالت له وعليها سواران من ذهب : ما تقول في هذين السوارين؟ قال : «جمرتان من نار جهنم» ، وقال ابن حمدان : «من جمر جهنم» [١٣٨٥٤].

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو محمّد الصريفيني ، أنا أبو بكر محمّد بن عمر ابن علي بن خلف بن زنبور ، نا عبد الله بن سليمان بن الأشعث ، نا أحمد بن صالح ، نا عنبسة بن خالد ، نا يونس ، عن ابن شهاب ، حدّثني عروة ، عن عائشة زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : جاءت هند بنت عتبة بن ربيعة فقالت : يا رسول الله والله ما كان على الأرض من أهل (٢) خباء أحب إليّ أن يذلوا من أهل خبائك ، وما أصبح اليوم على ظهر الأرض أهل خباء أحبّ إليّ أن يعزّوا من أهل خبائك ، فقال : «وأيضا والذي نفسي بيده» ثم قالت : يا رسول الله إنّ أبا سفيان

__________________

(١) الزعراء من النساء هي القليلة الشعر.

(٢) سقطت من «ز».

١٨٣

رجل ممسك ، فهل عليّ حرج في أن أطعم من الذي له عيالنا؟ قال : «لا ، بالمعروف».

أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر السوسي ، أنا أبو القاسم بن أبي حيّة ، أنا محمّد بن شجاع ، أنا محمّد بن عمر (١) ، حدّثني عبد الرّحمن بن أبي الزناد ، عن عبد المجيد بن سهيل قال : لما أسلمت هند بنت عتبة جعلت تضرب صنمها (٢) في بيتها بالقدوم فلذة فلذة وهي تقول : كنا منك في غرور.

قال : وأنا محمّد بن عمر (٣) ، حدّثني عبد الله بن يزيد ، عن أبي حصين الهذلي قال : لما أسلمت هند بنت عتبة أرسلت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بهدية ، وهو بالأبطح مع مولاة لها بجديين مرضوفين (٤) وقد. فانتهت الجارية إلى خيمة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فسلمت واستأذنت ، فأذن لها ، فدخلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو بين نسائه أم سلمة زوجته ، وميمونة ، ونساء من نساء بني عبد المطلب ، فقالت : إنّ مولاتي أرسلت إليك بهذه الهدية ، وهي معتذرة إليك وتقول : إن غنمنا اليوم قليلة الوالدة ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «بارك الله لكم في غنمكم وأكثر والدتها» فرجعت المولاة إلى هند ، فأخبرتها بدعاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فسرّت بذلك ، وكانت المولاة تقول لقد رأينا من كثرة غنمنا ووالدتها ما لم نكن (٥) نرى قبل ولا قريب ، فتقول هند : هذا دعاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وبركته ، فالحمد لله الذي هدانا للإسلام ، ثم تقول : لقد كنت أرى في النوم أني في الشمس أبدا قائمة والظل مني قريب ، لا أقدر عليه ، فلما دنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم منا رأيت كأني دخلت الظل.

قيل : إنّ القدّ لبأ يجعل في جلد سخلة صغيرة [١٣٨٥٥].

أخبرنا أبو القاسم بن أبي بكر ، أنا أبو الحسين البزاز (٦) ، أنا أبو طاهر الذهبي ، أنا أحمد بن عبد الله بن سيف ، أنا أبو عبيدة السري بن يحيى (٧) ، أنا شعيب بن إبراهيم ، نا

__________________

(١) رواه الواقدي في مغازيه ٢ / ٨٧١.

(٢) كذا بالأصل و «ز» ، وفي المغازي : صنما لها.

(٣) مغازي الواقدي ٢ / ٨٦٨.

(٤) بالأصل : «موصوفين» وفي «ز» : «مرصوفين» والمثبت عن المغازي. وقوله مرضوفين ، المرضوف الذي يشوى على الرضف ، والرضف هي الحجارة المحماة على النار (النهاية).

(٥) بالأصل و «ز» : يكن ، والمثبت عن المغازي.

(٦) بالأصل و «ز» : البزار.

(٧) رواه الطبري في تاريخه ٢ / ٧٥٦ (ط. بيروت) حوادث سنة ٢٣.

١٨٤

سيف بن عمر ، عن الربيع بن النعمان ، وأبي المجالد جرار (١) بن عمرو ، وأبي عثمان ، وأبي حارثة ، وأبي عمرو (٢) مولى إبراهيم بن طلحة ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه قالوا :

إن هندا بنت عتبة قامت إلى عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه ، فاستقرضته من بيت المال أربعة آلاف درهم تتجر فيها وتضمنها ، فأقرضها فخرجت فيها إلى بلاد كلب فاشترت وباعت فبلغها أن أبا سفيان وعمرو (٣) بن أبي سفيان قد أتيا فعدلت إليه من بلاد كلب ، فأتت معاوية ، وكان أبو سفيان قد طلّقها فقال : ما أقدمك أي أمّه؟ قالت : النظر إليك أي بني ، إنه عمرو ، وإنما يعمل لله ، وقد أتاك أبوك فخشيت أن تخرج إليه من كلّ شيء ، وأهل ذاك ، فلا يعلم الناس من أين أعطيته فيؤنبوك ويؤنبك عمر ، فلا تستقيلها أبدا ، فبعث إلى أبيه وإلى أخيه بمائة دينار ، وكساهما وحملهما ، فتعظّمها عمرو. فقال أبو سفيان : لا تعظّمها ، فإن هذا عطاء لم تغب عنه هند ، ومشورة قد حضرتها هند.

ورجعوا (٤) جميعا ، فقال أبو سفيان لهند : أربحت (٥)؟ قالت : الله أعلم معي تجارة إلى المدينة ، فلما أتت المدينة وباعت شكت الوضيعة عن أمره ، فقال لها عمر : لو كان مالي لتركته ، ولكنه مال المسلمين ، هذه مشورة لم يغب عنها أبو سفيان. فبعث إليه فحبسه حتى وفته (٦) ، وقال له بكم أجازك (٧) معاوية؟ قال : بمائة دينار.

أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمّد الكاتب ، أنا الحسن بن عيسى بن المقتدر بالله ، نا أبو العباس أحمد بن منصور اليشكري ، قال : قرأت على ابن دريد ، قلت له : حدثكم أبو حاتم عن العتبي عن أبيه قال :

شخص أبو سفيان إلى معاوية بالشام ومعه ابناه عتبة وعنبسة ، فكتبت هند إلى معاوية سرّا : قد قدم أبوك وأخواك (٨) ، فلا تغذم (٩) لهم فيعزلك ابن الخطاب ـ قال لي أبو العباس

__________________

(١) كذا بالأصل و «ز» ، وفي تاريخ الطبري : جراد.

(٢) بالأصل و «ز» : «عمر» والمثبت عن الطبري.

(٣) بالأصل و «ز» : «عمر» والمثبت عن الطبري.

(٤) بالأصل و «ز» : «ورجعا» والمثبت عن الطبري.

(٥) بالأصل : ارتحت ، والمثبت عن «ز» ، والطبري.

(٦) كذا بالأصل و «ز» ، وفي الطبري : «أوفته» وكلاهما بمعنى.

(٧) بالأصل : «أجارك» والمثبت عن «ز» ، والطبري.

(٨) في المطبوعة : وأخوك.

(٩) بالأصل : تقدم ، واللفظة غير واضحة في «ز» ، والمثبت عن المطبوعة وسيأتي تفسير الكلمة.

١٨٥

اليشكري : لا تعطهم الكثير ، ويقال : غذم له من المال ـ احمل أباك على فرس ، وأعطه أربعة آلاف درهم ، واحمل عتبة على بغل واعطه ألفي درهم ، واحمل عنبسة على حمار واعطه ألف درهم ، ففعل معاوية ذلك ، فقال أبو سفيان : أشهد أن هذا رأي هند.

قال : ونا أبو بكر ، أنا أبو حاتم ، عن العتبي ، عن أبيه قال :

كانت هند امرأة عاقلة جزلة ، فلما ولّى عمر بن الخطاب يزيد بن أبي سفيان ما ولاه من الشام خرج إليه معاوية فقال أبو سفيان لهند : كيف ترين؟ صار ابنك تابعا لابني ، فقالت : إن اضطرب حبل العرب فستعلم أين يقع ابنك مما يكون فيه ابني ، فمات يزيد بالشام ، فولّى عمر معاوية موضعه ، فقالت هند لمعاوية : والله يا بني إنه لقلّ ما ولدت حرّة مثلك ، وقد استنهضك هذا الرجل ، فاعمل بموافقته ، أحببت ذلك أم كرهت ، وقال له أبو سفيان : يا بني إنّ هؤلاء الرهط من المهاجرين ، سبقونا وتأخرنا ، فرفعهم سبقهم وقصر بنا تأخرنا ، فصاروا قادة وصرنا أتباعا ، وقد ولّوك جسيما من أمورهم ، فلا تخالفهم ، فإنك تجري إلى أمد فنافس (١) فيه ، فإن بلغته أورثته عقبك.

٩٤٤٥ ـ هند بنت معاوية بن أبي سفيان صخر

ابن حرب بن أمية بن عبد شمس الأموية (٢)

زوج عبد الله بن عامر بن كريز.

كانت دارها بدمشق بدرب القلي ، تعرف اليوم ببني حجيجة (٣).

أخبرنا أبو الحسين (٤) بن الفراء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنا ، قالوا : أنا أبو جعفر المعدل ، أنا أبو طاهر المخلص ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزبير قال في تسمية ولد معاوية (٥) : هند بنت معاوية تزوجها عبد الله بن عامر بن كريز ، وأمّها فاختة بنت قرظة بن عبد عمرو بن نوفل بن عبد مناف ، ولهند ورملة ابنتي معاوية يقول عبد الرّحمن بن الحكم (٦) :

__________________

(١) كذا بالأصل و «ز» ، وفي المطبوعة : تنافس.

(٢) نسب قريش للمصعب ص ١٢٨ وأنساب الأشراف ٥ / ٢٩٦ (طبعة دار الفكر).

(٣) بالأصل : حجيمة ، والمثبت عن «ز».

(٤) تحرفت بالأصل إلى : الحسن ، والمثبت عن «ز».

(٥) نسب قريش للمصعب ص ١٢٨.

(٦) بالأصل : «عبد الرحمن بن أم الحكم» ومثله في «ز» ، وكتب فيها فوق الاسم ، «الحكم» والصواب ما أثبت عن نسب قريش ، وهو عبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاص.

١٨٦

أؤمل هندا أن يموت ابن عامر

ورملة يوما أن يطلقها عمرو (١)

أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن فهم ، نا محمّد بن سعد قال :

فولد معاوية عبد الله وهو مبقّت (٢) وعبد الرّحمن ، وهندا تزوجها عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس ، وأمهم فاختة بنت قرظة بن عبد عمرو بن نوفل بن عبد مناف بن قصي.

أنبأنا أبو الحسن بن العلاف ، وأخبرني أبو المعمر الأنصاري عنه.

وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو علي بن أبي جعفر ، وأبو الحسن.

قالا : أنا أبو القاسم الواعظ ، أنا أحمد بن إبراهيم ، نا محمّد بن جعفر ، نا إسماعيل بن علي الرقّي ، نا عبد الله بن شبيب ، نا العتبي محمّد بن عبيد الله بن عمرو بن عتبة بن أبي سفيان قال :

زوج معاوية ابنته من عبد الله بن عامر بن كريز ، فلما كانت ليلة البناء بها امتنعت منه امتناعا شديدا حتى لم يقدر منها على شيء ، فضربها ، فبكت فلمّا سمع جواريها بكاءها صحن ، فسمع معاوية الصوت فجاء مبادرا ، فسمع مقالتهن ، فأخبروه فدخل عليه فقال : مثل هذه تضرب ، قبح الله رأيك ، وقبح ما أتيت به أخرج عني إلى غير هذا البيت ، فلمّا خرج قال معاوية لابنته : لا تفعلي ، فإنما هو زوجك الذي أحلّه الله لك أما سمعت قول الشاعر :

من الخفرات البيض أما حرامها

فصعب وأما حلّها فذلول؟

ثم خرج ورجع زوجها إليها ، فلانت له حتى نال منها حاجته.

أخبرنا أبو العزّ بن كادش ، فيما ناولني إياه ، وقرأ عليّ إسناده وقال : اروه عني ، أنا أبو علي الجازري (٣) ، أنا أبو الفرج الجريري (٤) ، نا محمّد بن الحسن بن دريد (٥) ، نا أبو حاتم ،

__________________

(١) تقدم البيت في ترجمة رملة بنت معاوية في هذا الجزء.

(٢) مبقت كمعظم : الأحمق ، ولقب عبد الله بن معاوية بن أبي سفيان ، قاله في القاموس المحيط.

(٣) بالأصل : «الحارري» وفي «ز» : «الحاردي» كلاهما تصحيف ، والتصويب عن أسانيد مماثلة ، والسند معروف.

(٤) بالأصل و «ز» : الحريري ، تصحيف.

(٥) الخبر رواه الجريري في الجليس الصالح الكافي ٤ / ١٣٧.

١٨٧

أنا محمّد بن عبيد الله (١) بن عمرو بن معاوية بن عتبة بن أبي سفيان قال :

زوّج معاوية بن أبي سفيان ابنته من عبد الله بن عامر بن كريز ، فلمّا ابتنى (٢) بها امتنعت عليه امتناعا شديدا لم يصل معه منها إلى شيء ، فضربها ، فبكت ، وسمع الجواري بكاءها ، فصحن ، ووقع ذلك في أذن معاوية فجاء مبادرا ، وسمع مقالة الجواري ، فدخل على عبد الله البيت فقال له : مثل هذه تضرب؟ قبح الله رأيك ، وقبح ما أتيت به ، أخرج عن هذا البيت إلى غيره ، فلمّا خرج أقبل على ابنته فقال : يا بنية لا تفعلي فإنّما هو زوجك الذي أحلّه الله لك ، أوما سمعت يا بنية قول الشاعر :

من الخفرات البيض أما حرامها

فصعب وأما حلّها فذلول

ثم نهض فخرج ، وعاد زوجها إلى البيت ، فلانت وأذعنت.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن محمّد بن كرتيلا ، أنا أبو بكر محمّد بن علي الخياط ، أنا أحمد بن عبد الله السوسنجردي ، أنا أبو جعفر أحمد بن أبي طالب علي بن محمّد ، أنا أبي ، أنا محمّد بن مروان بن عمر السعيدي ، حدّثني أبو الضحاك مخلد بن محمّد بن الضحاك بن مخلد أبي عاصم النبيل ، نا الزبير بن محمّد بن خالد العثماني ، حدّثني عبد الله بن القاسم الأيلي قال :

زوّج معاوية بن أبي سفيان ابنته هندا من عبد الله بن عامر بن كريز ، وبنى له قصرا (٣) إلى جانب قصره ، وجعل بينهما بابا وأدخلت عليه وهي بنت تسع سنين ، قال : فبينا هو (٤) في المشرقة (٥) يوما إذ مرّت به حاضنتها فقال لها : ما فعلت تلكم؟ فقالت : بخير يا أمير المؤمنين ، قال : فإني أعزم عليكم بحقي عليك قالت : يا أمير المؤمنين فإنها مصعت واعتاصت عليه ، فقام حافيا آخذا بأزرار ثيابه ومضى حتى دخل عليها ، فسلّم والنسوة عندها ،

__________________

(١) في الجليس الصالح : عبد الله.

(٢) كذا بالأصل و «ز» والجليس الصالح ، قال القاضي الجريري : قال جمهور من اللغويين : الكلام الصحيح في هذا : بنى عليها ، وذاك أن الرجل من العرب كان إذا تزوج بنى على امرأته بنيا من خباء وغيره للخلوة بها والإفضاء إليها ، وكثر ذلك وعرف حتى قيل لكل من دخل بزوجته : قد بنى عليها ، ومما حدث في زماننا من كلام سفلة العامة أن يقولوا لمن غشي امرأته : قد ابتنى بها ، وإن كان إتيانه بها زنا وسفاحا.

(٣) بالأصل : قصر ، والمثبت عن «ز».

(٤) بالأصل و «ز» : هن.

(٥) المشرقة : موضع القعود في الشمس.

١٨٨

قال : فكسرت له نمرقة (١) فجلس فقال : السّلام عليكن يا بنية ، بيض عطرات أوانس خفرات ، أما حرامهن فصعب ، وأما حلالهن فسهل به سمحات ، ثم رجع إلى مجلسه فمر به ابن عامر فقال له : النجاء إلى أهلك ، فرب صعب قد ذلّلته لكم ، وحزن قد سهلته لكم ، قال : ثم مرت به الحاضنة من الغد فقال لها : كيف تلكم؟ فقالت (٢) : صارت امرأة من النساء.

أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ، قالوا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا الطوسي ، أنا الزبير بن أبي بكر ، حدّثني عمي مصعب ابن عبد الله (٣) ، عن بعض القرشيين قال :

كانت هند بنت معاوية أبرّ شيء بعبد الله بن عامر ، وأنها جاءته يوما بالمرآة والمشط ، وكانت تولّى (٤) خدمته بنفسها ، فنظر في المرآة فالتقى وجهه ووجهها في المرآة فرأى شبابها وجمالها ، ورأى الشيب في لحيته قد ألحقه بالشيوخ ، فرفع رأسه إليها فقال : الحقي بأبيك ، فانطلقت حتى دخلت على أبيها فأخبرته بخبرها فقال : وهل تطلّق الحرة؟ قالت : ما أتي من قبلي ، وأخبرته خبرها فأرسل إليه ، فقال : أكرمتك ببنتي ثم رددتها عليّ؟ قال : أخبرك عن ذلك ، إنّ الله منّ علي بفضله وخلقني كريما ، لا أحب أن يتفضّل عليّ أحد ، وإن ابنتك أعجزتني مكافأتها لحسن (٥) صحبتها ، فنظرت ، فإذا أنا شيخ وهي شابة ، لا أزيدها مالا إلى مالها ، ولا شرفا إلى شرفها ، فرأيت أن أردّها إليك لتزوجها فتى من فتيانك ، كأنّ وجهه ورقة مصحف.

٩٤٤٦ ـ هند بنت المهلب بن أبي صفرة

حدّثت عن أبيها ، والحسن البصري ، وأبي الشعثاء جابر بن زيد.

حكى عنها ابنا أخيها حجاج ومحمّد ابنا أبي عتبة (٦) بن المهلب ، وزياد بن عبد الله القرشي ، وأبو سلمة مولى العتيك.

__________________

(١) النمرقة : الوسادة الصغيرة.

(٢) بالأصل و «ز» : فقال.

(٣) نسب قريش للمصعب الزبيري ص ١٤٩ والمستدرك للحاكم ٣ / ٦٣٩ ـ ٦٤٠.

(٤) في «ز» ، ونسب قريش : تتولى.

(٥) كذا بالأصل و «ز» ، وفي نسب قريش : بحسن.

(٦) كذا بالأصل ، وفي «ز» : عيينة ، وكتب فوقها : «عتبة ح» وقد جاء في التاريخ الكبير ١ / ٢ / ٣٧٨ حجاج بن أبي عيينة عن هند بنت المهلب ... هو ابن المهلب المهلبي أخو محمد بن أبي عيينة.

١٨٩

ووفدت على عمر بن عبد العزيز.

قرأت على أبي غالب بن البنا ، عن أبي محمّد الجوهري ، أنا محمّد بن العباس ، حدّثني أبي العباس بن محمّد بن حيوية ، نا أبو شعيب (١) الحرّاني ، نا زياد بن عبد الله القرشي قال :

دخلت على هند بنت المهلب بن أبي صفرة امرأة الحجاج بن يوسف ، فرأيت في يدها مغزلا فقلت : أتغزلين وأنت امرأة أمير؟ قالت : سمعت أبي يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أطولكن طاقة أعظمكن أجرا ، وهو يطرد الشيطان ، ويذهب بحديث النفس» [١٣٨٥٦].

[قال ابن عساكر :](٢) كذا قال ، وقد أسقطه منه يزيد (٣) بن مروان.

أنبأناه أبو بكر وجيه بن طاهر ، وأبو سعد عبد الله بن أسعد بن حيان ، قالا : أنا أبو المظفر موسى بن عمران ، أنا الحاكم أبو عبد الله ، نا بكر بن محمّد بن حمدان الصيرفي بمرو ، نا أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني ، نا يزيد بن مروان ، نا زياد بن عبد الله القرشي قال :

دخلت على هند بنت المهلب بن أبي صفرة وهي امرأة الحجاج بن يوسف ، فرأيتها بيدها مغزل تغزل ، فقلت : تغزلين وأنت امرأة خليفة؟ فذكر مثله.

[قال ابن عساكر :](٤) صوابه امرأة أمير كما تقدم.

أخبرنا أبوا (٥) الحسن الفقيهان ، وأبو المعالي بن الشعيري ، قالوا : أنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنا جدي ، أنا أبو بكر الخرائطي ، نا أبو قلابة عبد الملك بن محمّد ، نا أبي ، نا حمّاد بن زيد ، عن حجاج بن أبي عتبة (٦) قال : حدثتني هند ابنة المهلب قالت : قلت للحسن : يا أبا سعيد ، ينظر الرجل إلى عنق أخته ، وإلى قرطها ، وإلى شعرها ، قال : لا ولا كرامة.

__________________

(١) في «ز» : «أبو سعيد» وكتب فوقها : «شعيب ح» والصواب ما أثبت : أبو شعيب ، واسمه عبد الله بن الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحراني ، ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٣ / ٥٣٦.

(٢) زيادة منا.

(٣) تحرفت بالأصل إلى : زيد ، والتصويب عن «ز». وسيرد على الصواب في الخبر التالي.

(٤) زيادة منا للإيضاح.

(٥) في «ز» : أبو الحسن.

(٦) كذا بالأصل ، وفي «ز» : «عقبة» وكتب فوقها : «عتبة خ» وسينبه المصنف في آخر الخبر إلى الصواب. وانظر ما لاحظناه قريبا بشأنه.

١٩٠

[قال ابن عساكر :] كذا في الأصل ، والصواب ابن أبي عيينة.

أخبرنا أبو محمّد عبد الله بن أبي أسد بن عمار ، بقراءتي عليه ، عن عبد العزيز بن أحمد ، أنا عبد الوهاب بن جعفر بن علي ، أنا تمام بن محمّد الرازي ، نا أبو عبد الرّحمن الضحاك بن يزيد بن أبي كبشة ، نا أبو هاشم وريزة (١) بن محمّد بن وريزة (٢) الغساني ، نا الحارث بن همام ، نا أبي ، عن أبيه قال : قدمت هند بنت المهلب على عمر بن عبد العزيز (٣) بخناصرة (٤) فقالت له : يا أمير المؤمنين علام حبست أخي؟ قال : تخوّفت أن يشق عصا المسلمين ، قال : فقالت له : فالعقوبة بعد الذنب أو قبل الذنب؟

أنبأنا أبو الحسن بن العلّاف ، وأخبرني أبو المعمر عنه.

وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو علي بن أبي جعفر ، وابن العلاف.

قالا : أنا أبو القاسم بن بشران ، أنا أحمد بن إبراهيم ، نا الخرائطي ، نا يعقوب بن إسحاق القلوسي ، نا أبو عاصم النبيل ، نا حماد بن زيد ، عن أيوب السّختياني (٥) قال : ما رأيت امرأة أعقل من هند بنت المهلب.

قال : ونا الخرائطي ، نا عمران بن موسى حكاية عن هند بنت المهلب بن أبي صفرة وكانت من عقلاء الناس قالت : شيئان لا تؤمن المرأة عليهما : الرجال والطيب.

أنبأنا أبو علي الحداد ، أنا أبو نعيم ، نا عبد الله بن محمّد ، نا محمّد بن عبد الله بن رستة ، نا محمّد بن عبيد بن حساب ، نا حماد بن زيد ، نا حجاج بن أبي عيينة ، عن هند بنت المهلب.

وذكروا عندها جابر بن زيد قالوا : إنّه كان إباضيا (٦) قالت : كان جابر بن زيد (٧) أشد الناس انقطاعا إليّ وإلى أمي ، فما أعلم شيئا كان يقربني إلى الله إلّا أمرني به ، ولا شيئا

__________________

(١) بدون إعجام بالأصل ، وفي «ز» : ورزة ، والصواب ما أثبت ، راجع تبصير المنتبه.

(٢) في «ز» : ورزه.

(٣) بالأصل و «ز» : عبد الملك ، خطأ ، والصواب ما أثبت ، عن المختصر ، وقد تقدم في أول الترجمة وفودها عليه.

(٤) خناصرة بليدة من أعمال حلب. تحاذي قنسرين إلى البادية (معجم البلدان).

(٥) بالأصل و «ز» : السجستاني ، تصحيف والتصويب عن تهذيب الكمال وهو أيوب بن أبي تميمة كيسان السختياني ٢ / ٤٠٤ والسختياني بفتح المهملة بعدها معجمة ثم مثناة ثم تحتانية وبعد الألف نون. كما في تقريب التهذيب.

(٦) الإباضية إحدى فرق الخوارج ، وهم أتباع عبد الله بن إباض.

(٧) هو جابر بن زيد الأزدي اليحمدي البصري ، أبو الشعثاء ، ترجمته في سير الأعلام (٥ / ٣٩٨ ت ٥٥١) ط دار الفكر.

١٩١

يباعدني عن الله إلّا نهاني عنه ، وما دعاني إلى الاباضية قط ، ولا أمرني بها ، وإن كان ليأمرني أين أضع الخمار ، ووضعت يدها على الجبهة.

أخبرنا أبو الفضل بن ناصر ، وأبو منصور بن الجواليقي إذنا ، قالا : أنا المبارك بن عبد الجبار ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا عثمان بن عمرو بن المنتاب ، أنا جعفر بن محمّد بن نصير ، نا أحمد بن محمّد بن مسروق ، نا محمّد بن الحسين البرجلاني ، حدّثني محمّد بن أيوب العتكي ، حدّثني أبي أيوب بن صالح العتكي ، حدثتني أمي أم عبد الله قالت : كنت أدخل على هند بنت المهلب وهي تسبّح باللؤلؤ ، فإذا فرغت من تسبيحها ألقته إلينا فقالت : اقتسمنه بينكن.

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وحدّثنا أخي أبو الحسين (١) الحافظ رحمه‌الله ، أنا علي ، أنا أبو الحسن رشأ بن نظيف [المقرئ](٢) ، أنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن شرام ، أنا أبو بكر محمّد بن جعفر بن محمّد بن سهل السامري ، نا إبراهيم بن الجنيد ، نا محمّد بن الحسين ، نا أبو عمر الضرير ، نا أبو سلمة مولى لعتيك قال : قالت هند : إذا رأيتم النّعم مستدرّة فبادروا بتعجيل الشكر قبل حلول الزوال.

أخبرنا أبو بكر بن المزرفي (٣) ، نا أبو الحسين بن المهتدي ، أنا عبيد الله بن محمّد بن أبي مسلم ، أنا عثمان بن أحمد ، نا إسحاق بن إبراهيم بن سنين (٤) ، نا عبد الله بن المعلى الكوفي ، نا أبو عمر الضرير ، حدّثني أبو سلمة مولى لعتيك قال : قالت هند بنت المهلب إذا رأيتم النعم مستدرة ، فبادروها بتعجيل الشكر قبل حلول الزوال.

أخبرنا أبو الفتوح (٥) محمّد بن الحسن بن منصور المؤذن ، أنا أبو القاسم عبد الرّحمن ابن محمّد بن إسحاق ، أنا علي بن محمّد بن علي المقرئ ، أنا الحسن بن محمّد بن إسحاق ، أنا الغلابي ، نا محمّد بن عباد قال : قالت هند بنت المهلب وذكرت عندها امرأة

__________________

(١) بالأصل : الحسن تصحيف ، والتصويب عن «ز». وهو الصائن هبة الله بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله ، أخو المصنف ، ترجمته في سير الأعلام (١٥ / ٢١٨ ترجمة ٥٠٨٩) ط دار الفكر وكناه أبا الحسين ، وفي طبقات الإسنوي ٢ / ٢١٥ كناه أبا الحسن.

(٢) زيدت عن «ز».

(٣) الأصل : المزرقي ، وفي «ز» : المرزقي ، كلاهما تصحيف.

(٤) تحرفت بالأصل إلى سفيان ، والتصويب عن «ز».

(٥) في «ز» : «الفرج» وفوقها علامة تحويل إلى الهامش ، وكتب عليه : الفتوح وفوقها خ.

١٩٢

بجمال ، فقالت : ما تحلّين النساء تحلية (١) أحسن عليهن من لبّ طاهر ، تحته أدب كامل.

أنبأنا أبو الحسن بن العلاف ، وأخبرني أبو المعمر عنه.

وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو علي بن المسلمة ، وعلي بن محمّد.

قالا : أنا عبد الملك بن محمّد ، أنا أبو العباس الكندي ، نا أبو بكر الخرائطي ، حدّثني إبراهيم بن الجنيد ، نا محمّد بن الحسين ، نا محمّد بن عباد بن عباد ، قال : قالت هند بنت المهلب : ما رأيت للأسرة خيرا من السكن (٢) ، ولربّ مسكون إليه غير طائل ، والسكن على كل حال أجمع.

قال : ونا محمّد بن عباد بن (٣) عباد ، حدثتني مولاة لنا قديمة قالت : قالت هند بنت المهلب : ما رأيت لصالح النساء وشرارهن خيرا لهن من إلحافهنّ (٤) باسكانهن.

قال : ونا محمّد بن عباد قال : سمعت أبي يقول : قالت هند : رأيت صلاح الحرة إلفها وفسادها بحدّتها (٥) ، وإنما يجمع ذلك ويفرقه التوفيق.

أخبرنا أبو الفضل بن ناصر ، وأبو منصور موهوب (٦) بن الخضر في كتابيهما ، قالا : أنا أبو الحسين بن الطيوري ، أنا الحسن بن علي ، أنا عثمان بن عمرو بن المنتاب ، أنا جعفر بن محمّد بن نصير ، نا أحمد بن محمّد بن مسروق ، نا محمّد بن الحسين ، حدّثني محمّد بن عباد ، حدّثني أبو زيد مولانا وكان ثقة رضا ، قال :

قالت هند : الطاعة مقرونة بالمحبة ، فالمطيع محبوب ، وإن نأت داره ، وقلّت آثاره ، والمعصية مقرونة بالبغض ، فالعاصي ممقوت ، وإن مستك رحمه ، ونالك معروفه.

٩٤٤٧ ـ هند الخولانية (٧)

امرأة بلال بن رباح مؤذن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهي من أهل داريا قيل : إنّ لها صحبة.

__________________

(١) كذا بالأصل و «ز» ، وفي المختصر : «بحلية» وهو أشبه.

(٢) رسمها بالأصل : «السكر» والمثبت عن «ز».

(٣) كذا بالأصل و «ز» ، وفي المطبوعة : نا عباد.

(٤) في «ز» : إلحاقهن.

(٥) بدون إعجام بالأصل ، وفي «ز» : «تحديها» والمثبت عن المختصر والمطبوعة.

(٦) بالأصل : مرهوب ، والمثبت عن «ز».

(٧) ترجمتها في الإصابة ٤ / ٤٢٨ وأسد الغابة ٦ / ٢٩٠ وتاريخ داريا ص ٥٨ و ٥٩.

١٩٣

حكت عن زوجها بلال.

روى عنها عمير بن هانئ ، وعاتكة اللخمية.

أنبأنا (١) أبو البركات بن المبارك ، أنا أبو الحسين بن الطيوري ، أنا عبد العزيز بن علي الأزجي ، أنا عبد الرّحمن بن عمر بن أحمد بن حمّة (٢) الخلال ، أنا أبو بكر محمّد بن أحمد ابن يعقوب بن شيبة ، حدّثني [جدي](٣) ، نا عبد الرّحمن بن المبارك ، نا عبد الأعلى بن عبد الأعلى ، نا سعيد الجريري (٤) ، عن أبي الورد القشيري ، حدثتني امرأة من بني عامر عن امرأة بلال :

أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أتاها فسلم فقال : «أثمّ بلال» فقالت : لا ، فقال : «لعلك غضبي على بلال» فقالت : إنه يجيئني كثيرا فيقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما حدثك عني فقد صدقك بلال (٥) ، بلال لا يكذب ، لا تغضبي بلالا ، فلا يقبل منك عمل ما غضب عليك بلال» (٦) [١٣٨٥٧].

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا أبو محمّد الكتّاني ، نا علي بن محمّد بن طوق ، أنا عبد الجبار بن محمّد بن مهنّا (٧) ، نا أحمد بن سليمان ، نا أبو زرعة.

ح (٨) وأخبرناه عاليا أبو محمّد أيضا ، نا عبد العزيز ، أنا أبو القاسم البجلي ، أنا أبو عبد الله الكندي ، نا أبو زرعة.

حدّثني أبو مسهر ، ويحيى بن صالح ، قالا : نا محمّد بن مهاجر ، عن عمير بن هانئ ، عن هند الخولانية امرأة بلال قال : قالت : كان بلال إذا أخذ مضجعه قال : اللهم : تقبّل حسناتي وتجاوز عن سيئاتي ، واعذرني بعلاتي.

__________________

(١) الخبر من هذا الطريق في أسد الغابة ٦ / ٢٩١.

(٢) بالأصل والمطبوعة : «حمد» وفي أسد الغابة : «خيثمة» تصحيف والصواب ما أثبت ، راجع ترجمته في سير الأعلام ١٧ / ٨٢.

(٣) سقطت من الأصل ، وزيدت عن «ز» ، وأسد الغابة.

(٤) بالأصل : «الحررى» والمثبت عن «ز» ، وأسد الغابة.

(٥) كذا بالأصل و «ز» ، واللفظة ليست في أسد الغابة.

(٦) عقب ابن الأثير بعد ما ذكر الحديث : وهذا عندي فيه نظر ، فإن بلالا إنما تزوج في خولان لما أقام بالشام ، وذلك بعد وفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وليس في الحديث أنها من خولان ، ولعل هذه غير الخولانية ، والله أعلم.

(٧) الخبر رواه القاضي عبد الجبار في تاريخ داريا ص ٥٨ ـ ٥٩.

(٨) زيد حرف التحويل عن «ز».

١٩٤

رواه معاوية بن صالح ، عن عمير بن هانئ ، عن امرأة بلال ولم يسمها.

أنبأنا أبو علي المقرئ وغيره ، قالوا : أنا أبو بكر بن ريذة ، أنا سليمان بن أحمد ، نا أبو زرعة الدمشقي ، نا أبو مسهر ، نا محمّد بن مهاجر الأنصاري ، نا عمير بن هانئ ، عن هند امرأة بلال ، قالت : كان بلال إذا أخذ مضجعه قال : اللهم تجاوز عن سيئاتي واعذرني بعلاتي.

أخبرنا أبو الأعزّ قراتكين بن الأسعد ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو الحسن (١) بن لؤلؤ ، أنا أبو بكر محمّد بن الحسين بن شهريار ، نا أبو حفص الفلاس ، نا عبد الملك بن بديل ابن غزوان (٢) قال : حدثتنا عاتكة اللخمية قالت : حدثتني هند الخولانية امرأة بلال قالت : كان بلال إذا أخذ مضجعه من الليل قال : اللهمّ اغفر لي خطاياي واعذرني لعلاتي.

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا أبو محمّد الكتّاني ، أنا أبو القاسم البجلي ، نا أبو عبد الله ، نا أبو زرعة قال في تسمية من حدّث بالشام من النساء : هند الخولانية ، زوجة بلال.

أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله قراءة ، عن أبي الحسين بن الآبنوسي ، أنا أبو القاسم ابن عتاب ، أنا أحمد بن عمير إجازة.

ح وأخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد ، أنا الحسن بن أحمد ، أنا علي بن الحسن ، أنا عبد الوهاب بن الحسن ، أنا ابن جوصا ، قراءة ، قال : سمعت ابن سميع يقول : هند الخولانية امرأة بلال ، تنزل داريا.

أخبرنا أبو الفتح الماهاني ، أنا شجاع ، أنا ابن مندة ، قال (٣) : هند امرأة بلال بن رباح ، سمّاها سعيد بن عبد الملك عن الأوزاعي ، عن عمير بن هانئ ، عن هند الخولانية امرأة بلال ، قالت : كان بلال إذا أوى إلى فراشه قال : اللهمّ اغفر زلّاتي وتقبّل حسناتي ، واعذرني في علّاتي.

أخبرناه محمّد بن محمّد بن يعقوب ، نا إبراهيم بن محمّد الفرائضي ، نا محمّد بن عيسى المصيصي ، عن سعيد بن عبد الملك بهذا ، ولها حديث مسند رواه الجريري ، عن أبي الورد ، عن امرأة من بني عامر عنها.

__________________

(١) تحرفت بالأصل إلى : الحسين ، والمثبت عن «ز».

(٢) تحرفت بالأصل إلى : عزران ، والمثبت عن «ز».

(٣) رواه من طريقه ابن حجر في الإصابة ٤ / ٤٢٨.

١٩٥

أنبأنا أبو علي الحداد ، وأبو سعد المطرز ، قالا : قال لنا أبو نعيم الحافظ : هند امرأة بلال ، سمّاها سعيد بن عبد الملك ، عن الأوزاعي ، عن عمير بن هانئ ، عن هند الخولانية امرأة بلال ، ولها حديث مسند فيما رواه الجريري (١) ، عن أبي الورد ، عن امرأة عنها ذكرها المتأخر.

٩٤٤٨ ـ هوى

جارية أديبة اشتراها معاوية وبعث بها إلى الحسين بن علي رضي‌الله‌عنه على ما قيل.

قرأت على أبي محمّد طاهر بن سهل بن بشر ، عن أبي الحسن بن صصرى.

ح وأنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني ، أنا أبو الحسن علي بن الحسين بن أحمد بن صصرى ، أنا أبو منصور طاهر بن العباس بن منصور المروزي العماري بمكة ، نا أبو القاسم عبيد الله بن محمّد بن أحمد بن جعفر السقطي ، بمكة ، نا إسحاق بن محمّد بن إسحاق السوسي ، نا أبو بكر محمّد بن أحمد بن صديق ، نا أبو بكر محمّد بن إبراهيم العوّامي ، حدّثني ابن الأعرابي ، عن المبرد ، حدّثني المازني ، قال : قال الأصمعي :

عرضت على معاوية جارية فأعجبته ، فسأل عن ثمنها ، فإذا ثمنها مائة ألف درهم ، فابتاعها ، ونظر إلى عمرو بن العاص ، فقال : لمن تصلح هذه الجارية؟ فقال : لأمير المؤمنين. قال : ثم نظر إلى غيره فقال له كذلك فقال : لا فقيل : لمن؟ قال : للحسين بن علي ابن أبي طالب ، فإنه أحق بها لما له من الشرف ، ولما كان بيننا وبين أبيه ، فأهداها له ، فأمر من يقوم عليها ، فلما مضت أربعون يوما حملها ، وحمل معها أموالا عظيمة ، وكسوة ، وغير ذلك وكتب : إن أمير المؤمنين اشترى جارية فأعجبته ، فآثرك بها ، فلمّا قدمت على الحسين بن علي أدخلت عليه ، فأعجب بجمالها ، فقال لها : ما اسمك؟ فقالت : هوى ، قال : أنت هوى كما سمّيت ، هل تحسنين شيئا ، قالت : نعم ، أقرأ القرآن ، وأنشد الأشعار ، قال : اقرئي ، فقرأت (وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ)(٢) قال : أنشديني (٣) ، قالت : ولي الأمان ، قال : نعم ، فأنشأت تقول :

__________________

(١) تحرفت بالأصل إلى : الجوهري ، وفي «ز» : الحريري. والتصويب عن الإصابة.

(٢) سورة الأنعام ، الآية : ٥٩.

(٣) بالأصل و «ز» : أنشدني ، والمثبت عن المختصر.

١٩٦

أنت نعم المتاع لو كنت تبقى

غير أن لا بقاء للإنسان

فبكى الحسين ثم قال : أنت حرة ، وما بعث به معاوية معك فهو لك ، ثم قال لها : هل قلت في معاوية شيئا؟ فقالت :

رأيت الفتى يمضي ويجمع جهده

رجاء الغنى والوارثون قعود

وما للفتى إلّا نصيب من التقى

إذا فارق الدنيا عليه يعود

فأمر لها بألف دينار وأخرجها ، ثم قال : رأيت أبي (١) كثيرا ما ينشد (٢) :

ومن يطلب الدنيا لحال تسرّه (٣)

فسوف لعمري عن قليل يلومها

إذا أدبرت كان على المرء فتنة

وإن أقبلت كانت قليل دوامها (٤)

ثم بكى وقام إلى صلاته.

حرف اللام ألف وحرف الياء فارغان

ذكر من ذكرت منهن بكنيتها دون التعريف لها بتسميتها

٩٤٤٩ ـ أم أبان بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف (٥)

أخت هند وخالة معاوية.

كانت بالشام ، وشهدت الفتح مع أخيها أبي هاشم ، وزوجها أبان بن سعيد بن العاص ابن أمية بن عبد شمس ، وقتل عنها يوم أجنادين (٦) ، وقيل إنه لم يكن معها سوى ليلتين حتى قتل عنها ذكر ذلك عبد الله بن محمّد بن ربيعة القدامي في كتاب «فتوح الشام» تصنيفه.

أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنا ، قالوا : أنا أبو جعفر

__________________

(١) في المختصر : أبي أمير المؤمنين.

(٢) البيتان في ديوان الإمام علي بن أبي طالب ط. بيروت ص ١٨١.

(٣) صدره في الديوان :

فمن يحمد الدنيا لعيش يسره

(٤) روايته في الديوان :

إذا أقبلت كانت على المرء حسرة

وإن أدبرت كانت كثيرا همومها

(٥) نسب قريش ص ١٥٣.

(٦) انظر نسب قريش للمصعب ص ١٧٤ وأنساب الأشراف ٦ / ٤٧ طبعة دار الفكر.

١٩٧

المعدل ، أنا أبو طاهر بن عبد الرّحمن ، أنا أبو عبد الله ، نا الزبير قال : في تسمية ولد عتبة بن ربيعة قال (١) : وولد : أبا هاشم بن عتبة ، وأم أبان ، ولدت لطلحة بن عبيد الله وأمّهم (٢) خناس بنت مالك بن مضرّب ، وأخواهم لأمهم (٣) : مصعب وأبو عزيز (٤) ابنا عمير بن هاشم ابن عبد الدار بن قصي.

أنبأنا أبو محمّد عبد الجبار بن محمّد بن (٥) أحمد الفقيه ، ونا أبو الحسين علي بن سليمان الفقيه عنه ، قال : أنا أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، قراءة عليه ، نا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني عبيد الله بن محمّد بن أحمد البلخي ببغداد من أصل كتابه ، نا أبو إسماعيل محمّد بن إسماعيل الترمذي ، نا سليمان بن أيوب بن سليمان بن عيسى بن موسى بن طلحة ابن عبيد الله القرشي ، حدّثني أبي ، عن جدي ، عن موسى بن طلحة بن عبيد الله قال :

خطب عمر بن الخطاب أم أبان بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس فأبته ، فقيل لها : ولم؟ قالت : إن دخل دخل ببأس (٦) ، وإن خرج خرج بيأس قد أذهله (٧) أمر آخرته عن أمر دنياه كأنه ينظر إلى ربه بعينه ، ثم خطبها الزبير بن العوام فأبته ، فقيل لها : ولم؟ قالت : ليس لزوجته منه إلّا شارة في قراملها (٨) ، ثم خطبها علي فأبت ، فقيل لها : ولم؟ قالت : ليس لزوجته منه إلّا شارة في قراملها ثم خطبها علي فأبت فقيل لها : ولم قالت : ليس لزوجته منه إلّا قضاء حاجته ، ويقول كنت وكنت ، وكان وكان ، ثم خطبها طلحة [بن عبيد الله](٩) ، فقالت : زوجي حقّا قالوا : وكيف ذلك ، قالت : إنّي عارفة بخلائقه ، إن دخل دخل ضحاكا ، وإن خرج خرج بسّاما ، إن سألت أعطى ، وإن سكتّ ابتدأ ، وإن عملت شكر ، وإن أذنبت

__________________

(١) انظر نسب قريش ص ١٥٣.

(٢) في نسب قريش : وأمهما.

(٣) في نسب قريش : وأخواهما لأمهما.

(٤) بالأصل : عزير ، والمثبت عن «ز» ، ونسب قريش. وأخطأ ابن حزم ص ١١٧ في اسمه فقال : «زرارة بن عزيز بن عمير» وهو زرارة أبو عزيز ، راجع ترجمته في الإصابة والاستيعاب.

(٥) بالأصل : «محمد بن محمد أحمد» وفي «ز» : بن محمد بن محمد وكتب فوق محمد الأخيرة «أحمد ح» كذا.

صوبنا الاسم عن مشيخة ابن عساكر ١٠١ / ب.

(٦) بالأصل : بيأس ، والمثبت عن «ز».

(٧) بالأصل : أدخله ، والمثبت عن «ز» ، والمختصر.

(٨) القرامل هي ضفائر من شعر أو من صوف تصل بها المرأة شعرها.

(٩) ما بين معكوفتين سقط من الأصل و «ز» ، واستدرك للإيضاح عن المختصر والمطبوعة.

١٩٨

غفر ، فلما أن ابتنى بها قال علي : يا أبا محمّد ، إن أذنت لي أن أكلّم أم أبان قال : كلّمها. قال : فأخذ سجف الحجلة ثم قال : السلام عليك يا غريرة نفسها. قالت : وعليك السلام ، قال : خطبك أمير المؤمنين وسيد المسلمين فأبيته قالت : كان ذلك ، قال : وخطب الزبير ابن عمّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأحد حوارييه (١) فأبيته قالت : وقد كان ذلك ، قال : وخطبتك أنا ، وقرابتي من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ قالت : قد كان ذلك ، قال : أما والله لقد تزوجت أحسننا وجها ، وأبذلنا كفا يعطي هكذا وهكذا.

أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنا ، قالوا : أنا أبو جعفر ، أنا أبو طاهر ، أنا أحمد ، نا الزبير ، حدّثني محمّد بن سلام ، عن محمّد بن حفص التيمي قال :

قدمت أم أبان بنت عتبة بن ربيعة من الشام ، فخطبها عمر بن الخطاب ، وخطبها علي ابن أبي طالب ، فأبت ، وتزوجت طلحة بن عبيد الله ، ودعا طلحة أصحابه للوليمة فقال له علي : يا أبا محمّد أكلّمها؟ قال : كلّم بنت عمك بما شئت ، قال : يا عدوة نفسها ، خطبك أمير المؤمنين فأبيته ، وخطبك ابن عمّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وصهره فأبيته ، وتزوجت ابن ابنة (٢) الحضرمي؟ فقالت : ما ألوت نفسي خيرا ، قال : والله إنه لفتانا ، وأسخانا آل محمّد وآل الزبير.

وقد روى غيره : أن الزبير بن العوام أيضا ممن كان خطبها ، وأن علي بن أبي طالب قال لها : وخطبك الزبير بن العوام حواريّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

٩٤٥٠ ـ أم أبيها بنت عبد الله بن جعفر بن أبي طالب

ابن عبد مناف بن قصي القرشية الجعفرية (٣)

حدثت عن أبيها.

روى عنها علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، والحسن بن الحسن بن علي ، والحسن بن محمّد بن علي.

__________________

(١) بالأصل و «ز» : حواريه.

(٢) طلحة بن عبيد الله بن عثمان وأمه الصعبة بنت الحضرمي واسمه عبد الله بن عماد بن مالك الحضرمي ، انظر أسد الغابة ٢ / ٤٦٧ ونسب قريش ص ٢٨٠.

(٣) ترجمتها في تهذيب الكمال ٢٢ / ٤٤٥ ط دار الفكر وتهذيب التهذيب وتقريبه (٨٩٩٣) ط دار الفكر ونسب قريش ص ٨٣ وأنساب الأشراف ٢ / ٣٢٥ ط دار الفكر.

١٩٩

وكانت عند عبد الملك بن مروان بدمشق ، فطلّقها فتزوجها علي بن عبد الله بن عباس.

أخبرنا أبو البركات عمر بن إبراهيم بن محمّد الزيدي بالكوفة ، أنا أبو الفرج محمّد بن أحمد بن [محمّد بن](١) علان ابن الخازن (٢) ، أنا القاضي أبو عبد الله محمّد بن عبد الله بن الحسين الجعفي ، نا أبو جعفر محمّد بن جعفر بن محمّد بن رباح الأشجعي ، نا علي بن المنذر ، نا محمّد بن فضيل ، نا مسعر ، عن أبي بكر بن حفص ، عن الحسن بن الحسن قال :

زوج عبد الله بن جعفر بنته فخلا بها. قال الحسن : فلقيتها ، فقلت : ما قال لك؟ قالت : قال لي يا بنية إذا نزل بك الموت ، أو أمر تفظعين (٣) به فقولي لا إله إلّا الله الحكيم (٤) الكريم ، سبحان الله رب العرش العظيم ، الحمد لله رب العالمين ، فأتيت الحجاج فقلتهن ، فقال لي : لقد جئتيني وأنا أريد أن أضرب عنقك ، وما من أهلك الآن أحد أحب إليّ منك ، فسلي ما شئت.

أخبرنا أبو الحسن (٥) الفقيهان ، قالا : أنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنا جدي ، أنا أبو بكر الخرائطي ، نا إبراهيم بن الهيثم البلدي ، حدّثني أبي ، نا العباس بن الفضل ، عن الحسن ابن حسن قال :

لما زوج عبد الله بن جعفر ابنته خلا بها ، فقلت : ومني؟ قال : ومنك ، فلما قضى حاجته إليها قلت : عزمت عليك لتحدثيني بما قال لك ، فقالت : قال لي : إذا نزل بك الموت أو أمر فظيع من أمر الدنيا فاستقبليه بأن تقولي : لا إله إلّا الله الحليم الكريم ، سبحان الله رب العرش العظيم ، والحمد لله رب العالمين. قال : فأرسل إليّ الحجاج ، فلما أتيته قلتهن فقال : إنّي أرسلت إليك وأنا أريد قتلك ، وما من أهل بيتك الآن أكرم عليّ منك فاسأل (٦) حاجتك.

أخبرنا أبو الحسين محمّد بن محمّد بن الفراء ، وأبو غالب أحمد بن الحسن بن البنا قالا : أنا أبو يعلى محمّد بن الحسين بن الفراء ، أنا أبو القاسم موسى بن عيسى بن عبد الله

__________________

(١) «محمد بن» سقط من الأصل ، واستدرك عن «ز».

(٢) بالأصل و «ز» : الحارث ، وفي المطبوعة : «الخارف» والمثبت عن مشيخة ابن عساكر ١٥٤ / ب.

(٣) بالأصل و «ز» : تقطعين ، والمثبت عن المختصر ، يقال : فظع بالأمر فظاعة واستفظعه وأفظعه : رآه فظيعا.

(٤) في «ز» : الحليم.

(٥) في «ز» : أبو الحسن.

(٦) بالأصل و «ز» : فاسألي.

٢٠٠