تاريخ مدينة دمشق - ج ٧٠

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٧٠

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٠٤
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

أنبأنا أبو طاهر بن الحنائي ، أنا أبو علي الأهوازي.

ح وأخبرنا أبو القاسم بن السوسي ، أنا سهل بن بشر ، أنا طرفة بن أحمد الحرستاني.

قالا : أنا عبد الوهاب الكلابي ، أنا أبو الجهم بن طلّاب ، أنا أحمد بن أبي الحواري ، نا جعفر بن محمّد ، عن أبيه قال : كان من دعاء مريم أم عيسى : اللهمّ املأ قلبي منك فرحا ، وغشّ وجهي منك الحياء ، وكان من دعاء بعض التابعين : اللهمّ وأمت قلبي بخوفك وخشيتك ، وأحيه بحبك وذكرك.

أخبرنا أبو القاسم بن أبي بكر ، أنا أبو الفضل بن البقال ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا عثمان بن أحمد ، نا حنبل بن إسحاق ، حدّثني أبو عبد الله ، نا سفيان ، عن أبي هارون ، يعني موسى بن أبي عيسى (١) أخو عيسى الحناط : أنها فقدت عيسى فذهبت تطلبه فلقيت حائكا ، فقال : ذهب هكذا ، قال سفيان : كذبها ـ قالت : اللهم توهه ـ فلا تجده إلّا تائها.

قال : وسألت رجلا خياطا فأرشدها فهم يجلس إليهم.

أخبرنا أبو الحسن بركات بن عبد العزيز ، وأبو محمّد عبد الكريم بن حمزة ، قالا : نا أبو بكر الخطيب ، أخبرني محمّد بن أحمد بن محمّد ، أنا أحمد بن سندي بن الحسن ، نا الحسن بن علي القطّان ، نا إسماعيل بن عيسى ، [نا أبو حذيفة](٢) قال : وقال علي بن عاصم ، فأخبرني يحيى بن حبيب قال (٣) :

بلغني أن أهل بيت من بني إسرائيل كانوا أهل بيت الملك ، قال : فاندسّت إليهم مريم إلى نسائهم ، فقالت : هذا الملك قد ظفر بعيسى فقتله ، وصلبه ، فما يصنع بصلبه وقد بلغ حاجته منه؟ فلو كلمتم صاحبكم ، أو من يكلمه أن يهب لي جسده ، قال : فكلم ، فوعدهم أن يفعل ، قال : فوجد منه خلوة ، قال : فذكروا له أن أهل هذا البيت كانوا منقطعين إلينا ، وقد ظفرت به فقتلته وبلغت حاجتك منه ، فما تصنع بصلبه. هب لي جسده؟ قال : نعم ، قد وهبت لك ، قال : فاستنزل فدفن. قال : وأهل الفتى الذي ألقي عليه شبه عيسى قد فقدوه ، وهم يبكون ، لا يدرون ما فعل ، فقالت مريم لأم يحيى : انطلقي بنا نزور قبر المسيح ، وهم لا يرون إلّا أنّه

__________________

(١) راجع ترجمته في تهذيب الكمال ١٨ / ٥٠١.

(٢) الزيادة عن المطبوعة ، وهذه الزيادة مستدركة أيضا فيها.

(٣) رواه ابن كثير في البداية والنهاية ٢ / ١١٢ نقلا عن ابن عساكر من طريق يحيى بن حبيب.

١٢١

عيسى ، قال : فخرجتا تمشيان متسترتين (١) فلما أن برزتا تركتا بعض التستر ، فبينما هما يمشيان إذ تسترت مريم قال : وذلك حين دنت من القبر ، قال : وجعلت أم يحيى لا تستتر (٢) ، قالت لها مريم : ما لك لا تستترين؟ قالت : وممن أستتر؟ قالت : أوما ترين الرجل على قبر المسيح؟ قالت لها أم يحيى : ما أرى أحدا ، قالت : لا ، قال : فرجت (٣) مريم أن يكون جبريل ، قال : ولم يكن لها عهد بجبريل بعد الوقعة الأولى ، فقالت لأم يحيى : كما أنت لا تبرحي ومضت إلى القبر ، فلما انتهت إليه قال لها جبريل : يا مريم أين تريدين؟ قال : فعرفته ، فقالت : أريد قبر المسيح ، أسلم عليه ، وأحدث به عهدا ، قال : يا مريم إن هذا ليس بالمسيح ، إن الله قد رفع المسيح وطهره من الذين كفروا ، ولكن هذا الفتى الذي ألقي عليه شبه عيسى ، فأخذ وقتل وصلب ، وعلامة ذلك أن أهله قد فقدوه ، فلا يدرون ما فعل. فهم يبكون عليه ، فإذا كان يوم كذا وكذا فأتي غيضة كذا وكذا ، فإنك تلقين المسيح ، قال : فرجعت إلى أختها ، وصعد جبريل ، قال : فأخبرت أم يحيى أنه جبريل ، وما أخبرها جبريل من إتيان الغيضة من يوم كذا وكذا ، فلمّا كان ذلك اليوم الذي أمرها به فيه جبريل غدت مريم إلى الغيضة ، فإذا هي بعيسى في الغيضة ، فلما رآها أسرع إليها ، فأكب عليها ، فقبّل رأسها وجعل يدعو لها كما كان يفعل ، وقال : يا أمه إن القوم لم يقتلوني ، ولكن الله رفعني إليه ، وأذن لي في لقائك ، والموت يأتيك قريبا فاصبري واذكري (٤) الله ثم صعد عيسى ، فلم تلقه إلّا تلك اللقاء (٥) حتى ماتت وبلغني أن مريم بقيت بعد رفع عيسى خمس سنين ، وكان عمرها ثلاثا وخمسين سنة (٦).

٩٤٢٨ ـ مريّة ـ ويقال : مرّية ـ امرأة هشام بن عبد الملك

ومروان بن محمّد ، ويقال : إنها بنت مروان بن محمّد

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش سبيع بن المسلم ، عن رشأ بن

__________________

(١) تقرأ بالأصل : «مشتريان» والمثبت عن المختصر والمطبوعة.

(٢) بالأصل : «تستر» والمثبت عن المختصر والمطبوعة.

(٣) بالأصل : فرحت ، والمثبت عن المختصر وابن كثير.

(٤) بالأصل : «واذكر» والمثبت عن البداية والنهاية.

(٥) كذا بالأصل : لقاة ، وهي اللقية ، وفي البداية والنهاية : «المرة».

(٦) في تاريخ الطبري : بقيت بعد رفعه (عيسى) ست سنين وكان جميع عمرها نيفا وخمسين سنة ، وذكر أنّها حملت به وكان عمرها ثلاث عشرة وأن عيسى عاش إلى أن رفع اثنتين وثلاثين سنة وبقيت بعده ست سنوات (وإذا حسبنا أشهر الحمل) يصبح عمرها ٥٢ سنة.

١٢٢

نظيف ، ونقلته من خطه ، أنا أبو الفتح إبراهيم بن علي بن إبراهيم بن الحسين بن محمّد بن سيبخت البغدادي ، نا أبو بكر محمّد بن يحيى بن العباس الصولي ، حدّثني ميمون بن إبراهيم ، حدّثني عيسى بن سهل ، نا طلحة بن عبد الرّحمن أن أباه أخبره قال :

قال إبراهيم بن المهدي : دخلت على الخيزران أم الرشيد فوجدتها على نمط (١) أرضي ، والنمط على بساط أرمني ، وعن يمين البساط ويساره نمارق (٢) أرمنية ، وعلى أعلى نمرقة فيها زينب بنت سليمان بن علي ، وعلى سائر النمارق أمهات أولاد المنصور والمهدي والهادي ، ونسوة من نساء بني هاشم ، والبساط والنمط والنمارق في صحن الدار ، المعروفة بدار الخيزران ، وهي التي صارت لأم محمّد بنت الرشيد ، ثم صارت بعد ذلك لأشناس مولى أمير المؤمنين ، إذ وقفت امرأة على طرف البساط ، فسلّمت ، ثم قالت : يا زوج أمير المؤمنين ، وأم أمير المؤمنين ، وابنة أمير المؤمنين ، أنا مرية زوج هشام بن عبد الملك ، ثم مروان بن محمّد من بعده ، نكبها الزمان ، وزلّت بها النعل حتى أصارها الدهر إلى عارية ، ما يسترها مما هو عليها ، قال إبراهيم : فبينت زينب الدموع تدور في عين الخيزران ، وخافت أن يدخلها رقة عليها. فقطعت على مرية الكلام أن قالت : يا أم أمير المؤمنين ، اتقي الله أن يدخله رقة لهذه الملعونة فتتبوّئي مقعدك من النار ، ثم التفتت إلى مرية فقالت لها : بل فدام ما أنت فيه يا مرية! كأنك أنسيت دخولي عليك بحرّان (٣) ، وأنت جالسة في صحن دار مروان بن محمّد ، على هذا النمط وتحته هذا البساط ، وعن يمين نمطك هذا ويساره هذه النمارق عليها أمّهات جبابرتكم وبعض جواريكم ، وقد مثلت في المكان الذي أنت ماثلة [فيه](٤) وأنا أسألك وأتضرّع إليك في استيهاب جثة إبراهيم الإمام من مروان لأن لا يمثّل (٥) بها ، وقولك وأنت مكحلة في وجهي : ما للنساء والدخول في أمر الرجال؟ ثم أمرت بإخراجي من دارك بغلظة ، فلجأت إلى مروان فوجدته على حال أشدّ تعطفا على رحمة منك ، وقال لي : لقد ساءني وفاة ابن عمي ، وما أردت المثلة به ، وكيف يمثّل الرجل بابن عمه؟ وخيّرني بين إطلاق تجهيزه له ،

__________________

(١) النمط : محركة ، ظهارة فرش ما ، أو ضرب من البسط ، وثوب صوف يطرح على الهودج (القاموس).

(٢) النمارق جمع نمرقة وهي الوسادة.

(٣) حران : بتشديد الراء ، مدينة مشهورة عظيمة ، وهي قصبة ديار مضر ، وهي على طريق الموصل والشام والروم (معجم البلدان).

(٤) سقطت من الأصل ، وزيدت عن المطبوعة.

(٥) بالأصل : تمثل.

١٢٣

وبين تسليمه إليّ. فاخترت تسليمه إليّ ، وأمر لي بجهاز ، فقبلته منه. قال : فالتفت مرية إلى زينب فقالت لها : كأنك يا بنت سليمان حمدت لي عاقبة أمري في قطيعة رحمي ، فأردت أن تزيّني قطيعة الرحم لأم أمير المؤمنين ، ثم التفتت إلى الخيزران فقالت : لقد صدقت فيما ذكرت عني. وذلك الفعل مني أحلّني هذا المحل. والسعيد من اتعظ بغيره ، وخرجت.

فوجهت الخيزران من عدل بها إلى ناحية من دارها إلى أن انصرفت زينب بنت سليمان ، ثم أدخلتها فأحسنت إليها حتى بلغت في أيامها من حسن الحال أعلى (١) ما كانت عليه في أيام بني أمية.

أخبرنا أبو الفرج غيث بن علي الخطيب في كتابه ، وحدّثني أبو إسحاق إبراهيم بن طاهر بن بركات عنه ، أنا أبو طاهر مشرف بن علي بن الخضر التّمّار (٢) ، إجازة ، أنا أبو خازم (٣) محمّد بن الحسين بن الفراء ، قال : قرأت على محمّد بن أحمد بن رزق ، نا إسماعيل ابن علي ، حدّثني محمّد بن موسى بن حمّاد البربري ، نا أبو موسى محمّد بن الفضل بن يعقوب كاتب عيسى بن جعفر ووصيّه قال : حدّثني أبي قال :

كنت آلف زينب بنت سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس ، وأكتب عنها أخبار أهلها. وكانت لها جارية يقال لها : كتاب ، فوقعت في نفسي ، فبكرت إليها يوما ، وقلت : لي حاجة؟ قالت : سلني ما أحببت ، فقلت : إنّ كتابا جاريتك قد شغلت قلبي عليّ ، فهبيها إليّ ، فقالت : اقعد أحدثك حديثا كان أمس أنفع لك من كلّ كتاب على ظهر الأرض ، وأنت من كتاب على وعد. كنت أمس عند الخيزران ، وعادتها إذا كنت عندها أن تجلس في عتبة الرواق (٤) المقابل للإيوان وأجلس بإزائها ، وفي الصدر مجلس للمهدي معدّ ، وهو يقصدنا في كل وقت فيجلس ساعة ثم ينهض ، فبينما نحن كذلك إذ دخلت عليها جارية من جواريها اللاتي كن يحجبها ، فقالت : أعز الله السيدة ، بالباب امرأة لها جمال ، وخلقة حسنة ليس وراء ما هي عليه من سوء الحال [غاية](٥) تستأذن عليك ، وقد سألتها عن اسمها فامتنعت أن تخبرني ، فالتفتت إليّ

__________________

(١) بالأصل : على ، والمثبت عن المطبوعة.

(٢) تحرفت بالأصل إلى : النجار ، قياسا إلى سند مماثل.

(٣) تحرفت بالأصل إلى : حازم ، والصواب «خازم» بالخاء المعجمة انظر سير أعلام النبلاء (١٤ / ٤٨٣ ت ٤٧٥٢) ط دار الفكر ترجمة ابن أخيه محمد بن محمد بن الحسين أبي خازم.

(٤) الرواق : بالضم وبكسر الراء : مقدم البيت ، وشقة البيت التي دون الشقة العليا (القاموس).

(٥) سقطت من الأصل واستدرك للإيضاح عن المختصر والمطبوعة.

١٢٤

الخيزران فقالت : من ترين؟ فقلت : أدخليها فإنه لا بد من فائدة أو ثواب. فدخلت امرأة كأجمل النساء وأكملهن لا تتوارى ، فوقفت إلى جانب عضادة الباب (١) ، فسلمت متضائلة ، ثم قالت : أنا مرية بنت مروان بن محمّد الأموي ، فقالت زينب : وكنت متكئة واستويت جالسة ، فقلت : مرية فإياك لا حيا الله ، ولا قرّبك ، فالحمد لله الذي أزال نعمتك ، وهتك سترك ، ولذلك تذكرين يا عدوّة الله حين أتاك عجائز أهل بيتي يسألنك (٢) أن تكلمي صاحبك في الإذن لي في الدفن لإبراهيم بن محمّد ، فوثبت عليهن ، وأسمعتهن (٣) ما أسمعت ، وأمرت بإخراجهن ، فأخرجن على الجهة التي أخرجن عليها؟

قال : فضحكت. فما أنسى حسن ثغرها ، وعلو صرّتها (٤) بالقهقهة ، ثم قالت : إي بنت عم ، أي شيء أعجبك من حسن صنيع الله لي على العقوق حتى أردت أن تتأسى في فيه؟ الله إني فعلت بنساء من أهل بيتك ما فعلت. فأسلمني الله إليك ذليلة ، جائعة ، عريانة ، فكان هذا مقدار شكرك الله على ما أولاك بي؟! ثم قالت : السّلام عليكم ، وولّت ، فصاحت بها الخيزران : ليس هذا لك ، عليّ استأذنت ، وإليّ قصدت فما ذنبي؟ فرجعت وقالت : لعمري ، لقد صدقت يا أخية ، وكان مما ردني إليك ما أنا عليه من الضرّ والجهد ، قالت زينب : فنهضت إليها الخيزران لتعانقها فقالت : ما فيّ لذلك موضع مع الحال التي أنا عليها ، قال : فقالت لها الخيزران : فالحمام إذا ، وأمرت جماعة من جواريها بالدخول معها إلى الحمام وتنظيفها ، فدخلت فطلبت ماشطة ترمي ما على وجهها من الشعر ، فخرجت جارية من جواري الخيزران وهي تضحك ، فقالت لها الخيزران : ما يضحكك؟ قالت : أضحك يا سيدتي من هذه المرأة ومن تحكّمها علينا ، وانتهارها لنا ؛ فإنها تفعل من ذلك فعلا ما تفعلينه أنت ، فلم تزل حتى خرجت من الحمام ، فوافتها الخلع (٥) والطيب ، فأخذت من الثياب ما أرادت ، ثم تطيبت وخرجت إلينا. فعانقتها الخيزران ، وأجلستها في الموضع الذي يجلس فيه أمير المؤمنين المهدي ، إذا دخل. فقالت لها الخيزران هل لك في الطعام؟ فإنا لم نطعم [بعد](٦) فقالت : والله ما فيكن أحد أحوج إليه مني ، فعجلوه ، فأتي بالمائدة ؛ فجعلت تأكل

__________________

(١) عضادة الباب : جانب العتبة منه.

(٢) بالأصل : يسلنك.

(٣) بالأصل : وأسمعتيهن.

(٤) في المختصر : صوتها. والصرة : بالكسر ، أشد الصياح (القاموس).

(٥) الخلع واحدتها خلعة ، وهي ما يخلع على الإنسان ، وخيار المال (القاموس).

(٦) استدركت عن هامش الأصل ، وبعدها صح.

١٢٥

غير محتشمة وتلقمنا ، وتصنع بين أيدينا ثم غسلنا أيدينا ، فقالت لها الخيزران من وراءك مما تغتنين (١) به؟ فقالت ما خارج هذه الدار أحد من خلق الله بيني وبينه سبب ، فقالت الخيزران : إن كان هذا هكذا فقومي بنا حتى تختاري لنفسك مقصورة من مقاصيرنا وأحوّل إليها جميع ما تحتاجين إليه ، ثم لا نفترق حتى يفرّق بيننا الموت ، فقامت ، وطفنا بها في المقاصير (٢) ، فاختارت أوسعها وأنزهها ، ولم نبرح حتى حوّل إليها جميع ما تحتاج إليه من الفرش والكساء والخزائن والرقيق ، ثم جعلناها فيها وخرجنا عنها ، فقالت الخيزران : إنّ هذه المرأة قد كانت فيما كانت فيه ، وقد مسّها ضر ، وليس يغسل ما في قلبها إلّا المال ، فاحملوا إليها خمسمائة ألف درهم ، فحملت إليها.

ووافانا المهدي ، فسألنا عن الخبر فحدثته حديثها ، وما لقيتها به ، فو الله ما انتظر أن أعرّفه الجواب حتى وثب في وجهي مغضبا فقال : زينب. الله! إنّ هذا مقدار شكرك لله على نعمته وقد أمكنك الله من مثل هذه المرأة ، على هذه الحال التي هي عليها ، فو الله لو لا محلك من قلبي لحلفت أن لا أكلمك أبدا ، قالت : فقلت : قد اعتذرت إليها ورضيت ثم قصصت عليه قصتها كلها ، وما فعلت الخيزران بها. فقال لخادم كان معه : احمل إليها مائة بدرة (٣) وأدخل إليها أبلغها مني السلام وقل لها : والله ما سررت من دهري مثل سروري اليوم بمكانك. وأنا أخوك ، ومن يوجبك حقك ، فلا تدعي حاجة إلّا سألتها ، ولو لا أنّي أكره أن أحشمك لصرت إليك مسلما عليك ، وقاضيا لحقك. فمضى الخادم بالمال والرسالة ، فأقبلت إلينا معه فسلّمت على المهدي وشكرت له فعله ، وأثنت على الخيزران عنده. وقالت : ما عليّ من أمير المؤمنين حشمة. أنا في عدة حرمه ، وقعدت ساعة ثم قامت (٤) إلى منزلها ، فحلقها عند الخيزران كأنها لم تزل في ذلك القصر.

فهذا الحديث خير لك من كتاب! وقد وهبت لك كتابا. قم ، فانصرفت من عندها.

__________________

(١) غير واضحة بالأصل ، وفي المختصر : تعنين ، والمثبت عن المطبوعة.

(٢) المقاصير واحدتها مقصورة ، وقيل في جمعها : مقاصر. والمقصورة : الدار الواسعة المحصنة ، أو هي أصغر من الدار ولا يدخلها إلا صاحبها (القاموس).

(٣) البدرة : كيس فيه ألف أو عشرة آلاف درهم. راجع الصحاح.

(٤) في المطبوعة : عادت.

١٢٦

٩٤٢٩ ـ ملكة بنت داود بن محمّد بن سعيد القرطكي العالمة الصوفية

امرأة من المعمّرات ، سمعت بمصر من الشريف أبي (١) إبراهيم أحمد بن القاسم بن ميمون الحسني «سنن الشافعي» ، وبمكة من كريمة بنت أحمد (٢).

وسكنت دمشق مدة في دويرة السّميساطي.

سمع منها شيخنا أبو الفرج الصوري ، وأجازت لي جميع حديثها.

أخبرتنا العالمة ملكة بنت داود بن محمّد بن سعيد الصوفية إجازة قالت : أنا الشريف أبو (٣) إبراهيم أحمد بن القاسم بن ميمون بن حمزة الحسيني (٤) بمصر سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة ، أنا جدي أبو القاسم الميمون بن حمزة ، أنا أبو جعفر أحمد بن محمّد بن سلامة الطحاوي ، أنا أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني ، نا محمّد بن إدريس الشافعي ، عن مالك (٥) ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من باع نخلا قد أبرت (٦) فثمرتها (٧) للبائع ، إلّا أن يشترط المبتاع» [١٣٨٣٦].

أخبرناه عاليا أبو محمّد السيدي ، أنا أبو عثمان البحيري ، أنا أبو علي زاهر بن أحمد ، أنا إبراهيم بن عبد الصّمد ، نا أبو مصعب ، نا مالك فذكره.

قرأت بخط أبي الفرج غيث بن علي قال : حضرت عند ملكة بدمشق وسألتها عن مولدها ، فذكرت أنه على ما ذكرته لها والدتها : في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وأربعمائة ببلد كرّ (٨) ناحية حيرة (٩) ، وقالت مرة : بدبيل (١٠) ، ونشأت بتفليس (١١).

توفيت ملكة يوم السبت الرابع من شوال سنة سبع وخمسمائة ، ودفنت عند قبر بلال في

__________________

(١) تحرفت بالأصل إلى : «ابن» والمثبت عن المختصر والمطبوعة.

(٢) هي كريمة بنت أحمد بن محمد بن حاتم المروزية ، أم الكرام ، ترجمتها في سير الأعلام (١٣ / ٥٦٧ ت ٤١٨٣) ط دار الفكر.

(٣) بالأصل : ابن.

(٤) كذا بالأصل والمطبوعة هنا : «الحسيني» وتقدم قريبا فيهما «الحسني».

(٥) موطأ مالك ، باب ما جاء في ثمر المال يباع أصله ، رقم ١٢٩٨ (ص ٤٢٤).

(٦) أبرت أي لقحت ، وتأبير النخل : تلقيحه وإصلاحه.

(٧) في موطأ مالك : فثمرها.

(٨) كرّ بالضم والتشديد : موضع بفارس ، (انظر معجم البلدان ٤ / ٤٥١).

(٩) حيرة : قرية بأرض فارس.

(١٠) دبيل : مدينة بأرمينية تتاخم أرّان (معجم البلدان).

(١١) تفليس بفتح أوله وبكسر ، بلد بأرمينية الأولى ، وبعض يقول : بأران (معجم البلدان).

١٢٧

مقبرة الباب الصغير ، وحضرت دفنها ، والصلاة عليها ، وكان الجمع متوافرا ، وعاشت مائة وأربع سنين وأشهرا.

٩٤٣٠ ـ مؤمنة بنت بهلول (١)

إحدى النسوة العابدات.

حكى عنها أحمد بن أبي الحواري ، وعيسى بن إسحاق.

أخبرنا أبو محمّد بن طاوس ، أنا أبو القاسم بن أبي العلاء ، أنا أبو بكر محمّد بن رزق الله بن عبد الله المقرئ ، نا أبو علي محمّد بن محمّد (٢) بن عبد الحميد بن آدم ، نا أحمد بن بشر ، نا ابن أبي الحواري قال : وسمعت مؤمنة ابنة بهلول تقول : إلهي وسيدي لا تجمع عليّ الأمرين (٣) : فقدانك والعذاب.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن الحسن البروجردي ، أنا أبو سعد علي بن عبد الله ابن أبي صادق ، أنا محمّد بن عبد الله بن باكويه الشيرازي ، نا عبد الواحد بن بكر ، نا إسحاق ابن أحمد بن علي ، نا إبراهيم بن يوسف ، نا أحمد بن أبي الحواري قال : سمعت مؤمنة ابنة بهلول وهي زاهدة دمشق وهي تقول : ما طابت الدنيا والآخرة إلّا به ومعه.

قال : وسمعتها تقول : العاقل (٤) ينام ولا يقوم ، ولا تطيب ساعة لا يكون فيها ذكر الله عزوجل.

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، نا ـ وأبو منصور بن خيرون ، أنا ـ أبو بكر الخطيب (٥) ، أنا أبو العلاء محمّد بن الحسن بن محمّد الورّاق ، نا أحمد بن كامل القاضي ، قال : سمعت عيسى بن إسحاق يقول : سمعت مؤمنة بنت بهلول [تقول :](٦) ما النعيم إلّا في الأنس بالله والموافقة لتدبيره.

أخبرنا أبو محمّد هبة الله بن أحمد ، أنا علي بن محمّد الفقيه ، أنا عبد الرّحمن بن عبيد

__________________

(١) أخبارها في صفة الصفوة ٢ / ٥٢٧.

(٢) بالأصل : «محمد بن محمد بن محمد بن عبد الحميد» تقدمت ترجمته في كتابنا تاريخ مدينة دمشق ٥٥ / ١٨١ رقم ٦٩٤٩ طبعة دار الفكر.

(٣) بالأصل : «الأمر من» والمثبت عن المختصر والمطبوعة.

(٤) كذا بالأصل ، وفي المختصر : الغافل ، وهو أشبه.

(٥) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١١ / ١٧١ في ترجمة عيسى بن إسحاق الخطمي.

(٦) سقطت من الأصل وزيدت عن تاريخ بغداد.

١٢٨

الله بن عبد الله الحرفي ، أنا أحمد بن سلمان النجاد ، نا ابن أبي الدنيا قال : وبلغني عن ابن أبي الحواري قال :

قالت لي مؤمنة الصغيرة : أنا في شيء قد شغل قلبي ، قلت : ما هو؟ قالت : أريد أن أعرف نعمة الله عليّ طرفة عين ، أو أعرف تقصيري عن شكر النعمة طرفة عين ، فقلت لها : أنت تريدين ما لا تهتدي إليه عقولنا.

٩٤٣١ ـ مهدية ابنة إبراهيم بن محمّد بن صالح بن سنان القرشي (١)

حدثت عن وجودها في كتاب أبيها.

روى عنها علي بن محمّد الحنائي.

قرأت بخط أبي الحسن الحنائي ، أخبرتنا مهدية ابنة إبراهيم بن محمّد بن صالح بن سنان قالت : وجدت في كتاب أبي (٢) أبي إسحاق : نا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم بن بسر القرشي ، وأبو هشام عبد الرّحمن بن عبد الصّمد بن البرزور ، قالا : نا إبراهيم بن عبد الله بن العلاء بن زبر ، نا أبي عبد الله بن العلاء ، عن ثور ، عن الشعبي قال : سمعت النعمان بن بشير على منبر الكوفة ، وهو يغمز أذنيه يقول (٣) : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إن الحلال بيّن ، وإنّ الحرام بيّن ، وبين ذلك أمور مشتبهات متى ما يدعهن المرء يكن استبرأ لعرضه ودينه ، ومن يرتع فيهن يوشك أن يرتع في الحرام ، كالمرتع إلى جانب الحمى يوشك أن يوقع في الحمى ألا وإنّ لكل ملك حمى (٤) ، وإن حمى الله محارمه» [١٣٨٣٧].

أخبرناه أبو الحسن علي بن المسلّم ، أنا أبو عبد الله الحسن بن أحمد بن عبد الواحد ، أنا أبو الحسن بن السمسار ، أنا أبو عبد الله بن مروان ، أنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم ، نا إبراهيم بن عبد الله ، نا أبي ، عن ثور ، عن الشعبي قال : سمعت النعمان بن بشير يقول على منبر الكوفة ، فذكر نحوه ولم يرفعه.

__________________

(١) تقدمت ترجمة أبيها في كتاب تاريخ مدينة دمشق ٧ / ١٣٨ رقم ٤٩٥ طبعة دار الفكر.

(٢) تحرفت بالأصل إلى : «ابن» والصواب ما أثبت ، راجع الحاشية السابقة ، وكنية أبيها «أبو إسحاق».

(٣) رواه ابن الأثير في أسد الغابة ٤ / ٥٥١ في ترجمة النعمان بن بشير من طريق آخر.

(٤) الحمى بكسر الحاء المرعى الذي حميه السلطان من أن يرتع منه غير دوابه ، وكان الشريف في الجاهلية إذا نزل أرضا في حيه استعوى كلبا ، فحمى مدى عواء الكلب لا يشركه فيه غيره. وقد نهى الإسلام عن ذلك إلّا أن يكون الحمى للخيل التي ترصد للجهاد وإبل الزكاة.

١٢٩

والحديث محفوظ مرفوعا إلّا أن غير ابن زبر رواه عن ثور فزاد في إسناده : مجالد بن سعيد.

أنبأناه أبو علي الحسن بن أحمد ، وحدّثني أبو مسعود عبد الرحيم بن علي عنه ، أنا أبو نعيم الحافظ ، نا سليمان بن أحمد الطبراني ، نا أحمد بن عبد القاهر الخيبري (١) اللخمي الدمشقي ، نا منبه بن عثمان ، نا ثور بن يزيد ، حدّثني مجالد بن سعيد ، حدّثني عامر الشعبي ، قال : سمعت النعمان بن بشير يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول :

«الحلال بيّن والحرام بيّن ، وبين الحلال والحرام أمور مشتبهات ، لا يدري كثير من الناس أمن الحلال هي أم من الحرام؟ ومتى يدعهن المرء يكن (٢) أشدّ استبراء لعرضه ودينه ، ومتى يقع فيهن يوشك أن يقع في الحرام ، كمن يرتع (٣) إلى جانب الحمى ، يوشك أن يرتع في الحمى ، ألا وإن لكلّ ملك حمى ، وإنّ حمى الله محارمه» [١٣٨٣٨].

٩٤٣٢ ـ منيسون بنت بحدل بن أنيف بن دلجة بن قنافة بن عدي

ابن زهير بن حارثة بن جناب بن امرئ القيس بن حارثة ـ ويقال :

ابن زهير بن جناب بن هبل بن عبد الله بن كنانة بن بكر بن عوف

ابن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب ، الكلبية (٤)

زوج معاوية بن أبي سفيان ، وأم يزيد بن معاوية.

روت عن معاوية.

روى عنها محمّد بن علي ، وكانت امرأة لبيبة.

بلغني أن معاوية دخل عليها ومعه حديج الخصي ، فاستترت منه ، فقال لها معاوية : إنّ هذا بمنزلة المرأة فعلام تستترين منه؟ فقالت له : كأنك ترى أن المثلة أحلّت لي مني ما حرم الله عليه.

__________________

(١) بالأصل : «بن الخيبري» وفي المعجم الصغير للطبراني ١ / ١٢ ورد : بن العنبري.

(٢) بالأصل : يكون.

(٣) بالأصل : «يرعى» وفوق «عى» علامة تحويل إلى الهامش وكتب على الهامش : «تع» وفوقها صح ، وهو ما أثبت : يرتع. وفي المطبوعة : يرعى.

(٤) انظر أخبارها في نسب قريش ص ١٢٧ وتاريخ الطبري (الفهارس) والبداية والنهاية (الفهارس) والكامل لابن الأثير (الفهارس) والمحبر (ص ٢٧).

١٣٠

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو القاسم بن مسعدة ، أنا حمزة بن يوسف ، أنا أبو أحمد بن عدي (١) ، نا محمّد بن نوح الجند سابوري ، نا أحمد بن محمّد بن أنس أبو العباس البغدادي.

وقرأت على أبوي محمّد : هبة الله بن أحمد المزكي ، وعبد الكريم بن حمزة ، عن أبي بكر الخطيب ، أخبرني أبو القاسم عبيد الله بن أحمد بن عثمان الصيرفي ، نا أبو الحسن علي ابن عمر بن أحمد الحافظ ، نا محمّد بن نوح الجنديسابوري ، نا أبو العباس أحمد بن محمّد بن أنس ببغداد.

نا أبو عبد الرّحمن الطبري ، نا خالد بن يزيد القسري (٢) ، عن عمار الدّهني (٣) ، عن محمّد بن علي ، عن ميسون بنت بحدل ـ زاد علي بن عمر : امرأة معاوية ، ثم قالا : ـ عن معاوية أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «سيكون قوم ينالهم الإخصاء ، فاستوصوا بهم خيرا» [١٣٨٣٩].

أو نحو هذا من الكلام.

قال أبو الحسن الدار قطني : غريب من حديث عمار الدهني ما كتبناه إلّا عن هذا الشيخ.

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا أبو بكر الخطيب ، أنا أبو الحسن الحمامي ، أنا علي (٤) بن أحمد بن أبي قيس.

ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو منصور بن عبد العزيز ، أنا أبو الحسين ابن بشران ، أنا عمر بن علي (٥) الأشناني قالا :

نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدّثني عبيد الله بن سعد الزهري ، عن عمّه يعقوب بن إبراهيم قال : ميسون بنت بحدل بن أنيف بن دلجة بن قنافة ـ وفي رواية ابن أبي قيس [قتادة

__________________

(١) رواه أبو أحمد بن عدي في الضعفاء الكبير ٣ / ١٥ ـ ١٦ في ترجمة خالد بن يزيد بن أسد القسري.

(٢) رسمها بالأصل : السرى ، أعجمت عن الكامل لابن عدي.

(٣) تقرأ بالأصل : الرهني.

(٤) بالأصل : أبو علي.

(٥) كذا بالأصل ونسبه إلى جده ، وهو عمر بن الحسن بن علي بن مالك أبو الحسين الشيباني البغدادي ، ترجمته في سير الأعلام ١٥ / ٤٠٦.

١٣١

وهو وهم ـ بن عدي بن زهير بن جناب من كلب ـ وفي رواية ابن أبي قيس :](١) بن كلب ، وهو وهم.

أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمّد ، قالت : أنا أبو طاهر بن محمود ، أنا أبو بكر بن (٢) المقرئ ، نا محمّد بن جعفر الزراد ، نا عبيد الله بن سعد الزهري ، عن عمه قال :

أم يزيد بن معاوية ميسون بنت بحدل بن أنيف بن دلجة بن قنافة بن زهير بن حارثة بن جناب (٣) ، وأمّها أسدة بنت أسيد بن ثعلبة بن سويد بن إسحاق بن حارثة بن هبل ، وأمّها : ابنة صامت بن قيس بن حارثة بن مبذول بن القين ، كذا قال ؛ وقنافة هو ابن عدي بن زهير.

كذلك قال الزبير.

أنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا أبو علي بن الفهم ، نا محمّد بن سعد قال : ميسون بنت بحدل بن أنيف ابن دلجة بن قنافة بن عدي بن زهير بن حارثة بن جناب (٤) بن ذهل (٥) بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب.

قال الصوري : الصواب هبل.

قرأت على أبي غالب بن البنا ، عن أبي الفتح بن المحاملي ، أنا أبو الحسن الدار قطني قال : وأما ميسون ، فهي ميسون بنت بحدل بن أنيف الكلبية ، أم يزيد بن معاوية بن أبي سفيان.

قال ابن الكلبي : هي ميسون بنت بحدل بن أنيف بن دلجة بن قنافة بن عدي بن زهير بن حارثة بن جناب (٦) بن هبل (٧).

قرأت على أبي محمّد بن حمزة ، عن أبي زكريا البخاري.

وحدّثنا خالي أبو المعالي محمّد بن يحيى القاضي ، نا أبو الفتح الزاهد ، أنا أبو بكر ،

__________________

(١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك للإيضاح عن المطبوعة.

(٢) سقطت من المطبوعة.

(٣) تقرأ بالأصل هنا : حباب.

(٤) بالأصل هنا : حباب.

(٥) كذا بالأصل ، وسينبه المصنف إلى أن الصواب : هبل.

(٦) بالأصل : حباب.

(٧) كذا ضبطت بالأصل.

١٣٢

نا عبد الغني بن سعيد قال : وأما ميسون بالياء معجمة بنقطتين من تحتها وسين غير معجمة وبالنون فهي ميسون بنت بحدل الكلبية.

قرأت على أبي محمّد السلمي ، عن علي بن هبة الله قال (١) : وأما ميسون آخره (٢) نون فميسون بنت بحدل بن أنيف بن دلجة بن قنافة بن عدي بن زهير بن حارثة بن جناب بن هبل الكلبية ، أم يزيد بن معاوية ، روت عن معاوية بن أبي سفيان زوجها عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، روى حديثها محمّد بن نوح الجنديسابوري ، عن أبي العباس أحمد بن محمّد بن أنس ، عن أبي عبد الرّحمن الطبري ، عن خالد بن يزيد القسري ، عن عمار الدهني ، عن محمّد بن علي بن ميسون ، عن معاوية ، وهو منكر جدا ولا يصح.

أخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، أنا الأمير أبو محمّد الحسن بن أبي الفتح عيسى بن المقتدر بالله ، قراءة عليه ، سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة ، قال : إن ميسون ابنة بحدل الكلبية لما زوّجت معاوية بن أبي سفيان ونقلت إلى دمشق ، وأسكنت قصرا من قصور الخلافة حنت ذات يوم إلى البادية فأنشأت تقول (٣) :

للبس (٤) عباءة وتقرّ عيني

أحبّ إليّ من لبس الشفوف (٥)

وبيت تخفق الأرواح فيه

أحب إليّ من قصر منيف (٦)

وكلب ينبح الطراق عني

أحب إليّ من هرّ (٧) ألوف

قرأت في كتاب لبعض الشاميين جمعه في الحنين إلى الأوطان ، أنا أحمد بن محمّد البغدادي ، أنا أبو بكر بن دريد قال :

تزوج معاوية بن أبي سفيان ميسون بنت بحدل الكلبية أم يزيد فبقيت عنده مديدة ، فسئمته ، فأنشأت تقول وحنت إلى وطنها :

__________________

(١) الاكمال لابن ماكولا ٧ / ١٩٣.

(٢) بالأصل : أخبره ، والمثبت عن الاكمال.

(٣) الأبيات في خزانة الأدب ٨ / ٥٠٣ ـ ٥٠٤ وانظر بهامشها تخريجها وانظر بهامش المختصر تخريجها أيضا.

(٤) في الخزانة : «ولبس» وتقرّ منصوبة بأن المضمرة بعد الواو.

(٥) الشفوف جمع شف وهو الثوب الرقيق.

(٦) الخفق : الاضطراب ، والمنيف : العالي. والأرواح جمع ريح.

(٧) في الخزانة : قط ألوف.

١٣٣

لبيت تخرق الأرواح فيه

أحب إليّ من قصر منيف

وكلب ينبح الطراق عني

أحب إليّ من قط ألوف

وبكر يتبع (١) الأظعان صعب (٢)

أحب إليّ من بغل زفوف (٣)

ولبس عباءة وتقرّ عيني

أحبّ إليّ من لبس الشفوف (٤)

[وخرق (٥) من بني عمي نحيف

أحب إليّ من علج عليف

وأصوات الرياح بكل فج

أحب إليّ من نقر الدفوف

خشونة عيشتي في البدو أشهى

إلى نفسي من العيش الطريف

فما أبغي سوى وطني بديلا

فحسبي ذاك من وطن شريف

[عليف (٦) : أي سمين ، والقط هاهنا : السنّور ، والقط : الكتاب ، والقط : ساعة من الليل.

فقال معاوية : جعلتني علجا ، وطلّقها ، وألحقها بأهلها (٧).

٩٤٣٣ ـ ميّة

مولاة معاوية بن أبي سفيان.

وقف ابن الزبير على باب ميّة ، مولاة كانت لمعاوية ترفع حوائج الناس إليه.

قال عمر بن شبة :

فقلت يا أبا بكر (٨) ، على باب ميّة؟ قال : نعم ، إذا أعيتك الأمور من رءوسها ، فأتها من أذنابها.

__________________

(١) بالأصل : تتبع ، والمثبت عن الخزانة.

(٢) في الخزانة : سقبا.

(٣) البكر بفتح الموحدة : الفتي من الإبل ، والأظعان جميع ظعينة وهي المرأة ما دامت في الهودج. والزفوف : المسرع.

(٤) هنا يوجد سقط بالأصل وخرم كبير يستمر على مساحة بقية حرف الميم في أسماء النساء إلى بداية حرف النون ، في ترجمة نائلة بنت الفرافصة.

(٥) استدركنا البيت الأول من مختصر ابن منظور ، والأبيات الأخرى من خزانة الأدب.

(٦) من هنا نستدرك السقط من مختصر ابن منظور.

(٧) زيد في خزانة الأدب : وقال لها : كنت فبنت ، فقالت : لا والله ما سررنا إذ كنا ولا أسفنا إذ بنّا.

(٨) يعني محمّد بن الحسن بن مقسم ، أبا بكر ، روى الخبر عن أحمد بن يحيى ثعلب ، كما في المطبوعة.

١٣٤

قال :

وأتى لميّة عبد الرّحمن بن الحكم بن أبي العاص بقرطاس فقال : فيه حاجة لي فارفعيها إلى أمير المؤمنين ، فدفعته إلى معاوية ، فقرأه ، فقال : يا ميّة ، ما أحسب هذا الرجل إلّا كاذبا. قالت : لا يفعل يا أمير المؤمنين ، ما يقول إلّا حقّا ، قال : أتدرين ما كتب؟ قالت : لا والله ، فقرأ عليها (١) :

سائلا مية هل نبهتها

بعد ما نامت بعرد ذي عجر

فتخاجت (٢) فتقاعست لها

جلسة الحازر يستنجي الوتر

فقال : كذب عليه لعنة الله.

أسماء النساء على حرف النون

٩٤٣٤ ـ نائلة بنت عمارة الكلبية زوج معاوية بن أبي سفيان

لما تزوّج معاوية نائلة قال لميسون (٣) : انطلقي فانظري إلى ابنة عمك فنظرت إليها ، فقال : كيف رأيتها؟ فقالت : جميلة ، كاملة ، ولكن رأيت تحت سرتها خالا ليوضعن رأس زوجها في حجرها ، فطلّقها معاوية. فتزوجها حبيب بن مسلمة الفهري ، ثم خلف عليها بعد حبيب النعمان بن بشير الأنصاري ، فقتل ووضع رأسه في حجرها.

٩٤٣٥ ـ نائلة بنت الفرافصة بن الأحوص بن عمرو ـ ويقال : عفير ـ

ابن ثعلبة بن الحارث بن حصن بن ضمضم (٤)

زوج عثمان بن عفان.

(سمعت عثمان.

__________________

(١) نسب البيتان لعبد الرحمن بن حسان كما في هامش المختصر.

(٢) البيت في تاج العروس : بزخ ، ونسبه إلى عبد الرحمن بن حسان وروايته فيها :

فتبازت فتبازخت لها

جلسة الجازر يستنجي الوتر

(٣) الخبر رواه الطبري في تاريخه ٣ / ٢٦٤ (ط. بيروت) تحت عنوان : ذكر نساء معاوية وولده ، حوادث سنة ٦٠.

(٤) ترجمتها وأخبارها في نسب قريش ص ١٠٥ والأغاني ١٦ / ٣٢٢ وطبقات ابن سعد ٩ / ٤٨٣ وتاريخ الطبري (الفهارس) والكامل لابن الأثير (الفهارس) وأنساب الأشراف ٥ / ١١٤ وما بعدها (طبعة دار الفكر) والمحبر (الفهارس).

١٣٥

روى عنها : النعمان بن بشير ، وأم هلال بنت وكيع) (١).

قدمت على معاوية بعد قتل عثمان ، فخطبها ، فأبت أن تنكحه.

قالت نائلة :

لما حصر عثمان ظل اليوم الذي كان قبل قتله بيوم صائما. فلما كان عند إفطاره سألهم الماء العذب ، فأبوا عليه ، وقالوا : دونك الركي ـ وركي في الدار التي يلقى فيها النتن ـ قال : فلم يفطر ، فأتيت جارات لنا على أجاجير (٢) متواصلة ، وذلك في السحر ، فسألتهم الماء العذب ، فأعطوني كوزا من ماء ، فأتيته فقلت : هذا ماء عذب أتيتك به ، قالت : فنظر ، فإذا الفجر قد طلع ، فقال : إني أصبحت صائما.

[قالت :] فقلت : من أين ، ولم أر أحدا أتاك بطعام ولا شراب؟ فقال : إني رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم اطلع عليّ من هذا السقف ، ومعه دلو من ماء ، فقال : اشرب يا عثمان ، فشربت حتى رويت ، ثم قال : ازدد ، فشربت حتى ثملت ـ أو نهلت ـ ثم قال : أما إن القوم سيبكرون عليك ، فإن قاتلتهم ظفرت ، وإن تركتهم أفطرت عندنا ، فدخلوا عليه من يومه فقتلوه.

(قال الزبير بن بكار في ذكر ولد عثمان ـ يعني بن عفان ـ وأم خالد ، وأروى ، وأم أبان الصغرى بنات عثمان ، أمّهن نائلة بنت الفرافصة بن الأحوص بن عمرو بن ثعلبة بن الحارث ابن حصن بن ضمضم بن عدي بن جناب من كلب بن وبرة ، زوّج نائلة بنت الفرافصة أخوها ضب ، وهو الذي حملها إلى عثمان ، وكان ضب مسلما ، وكان أبوها نصرانيا ، فأمر ابنه ضبا بذلك) (٣).

وفي ذلك تقول نائلة بنت الفرافصة لأخيها ضب (٤) :

أحقّا تراه اليوم يا ضب إنني

مرافقة (٥) نحو المدينة أركبا

لقد كان في فتيان حصن بن ضمضم

وجدك ما يغني الخباء المحجّبا (٦)

__________________

(١) ما بين قوسين زيادة عن المطبوعة.

(٢) أجاجير : جمع أجار ، وهو السطح.

(٣) ما بين قوسين زيد عن نسب قريش للمصعب ص ١٠٥.

(٤) البيتان في الأغاني ١٦ / ٣٢٣ والأول في أنساب الأشراف ٥ / ١١٤ (طبعة دار الفكر).

(٥) في الأغاني وأنساب الأشراف :

ألست ترى يا ضب بالله إنني

مصاحبة ...

(٦) في الأغاني :

لقد كان في أبناء ...

لك الويل ما يغني الخباء المطنبا

١٣٦

وكل اسم في العرب فرافصة ، فهو مضموم الفاء ، إلّا الفرافصة بن الأحوص ، فإنه بفتح الفاء الأولى.

وكان (١) سعيد بن العاص تزوج أخت نائلة بنت الفرافصة ، وهو أمير على الكوفة ، فبلغ ذلك عثمان بن عفان ، فكتب إليه :

بلغني أنك تزوجت امرأة ، فأخبرني عن حسبها وجمالها فكتب إليه :

أما عن حسبها فإنها ابنة الفرافصة ، وأما جمالها فإنها بيضاء وكتب إليه :

إن كان لها أخت ، فزوجنيها.

فدعا الفرافصة فقال له : زوّج أمير المؤمنين ، فقال الفرافصة لابنه ضب : ـ وكان مسلما ، والفرافصة نصراني ـ زوّج أختك أمير المؤمنين ، فزوّجه نائلة ، وحملها إليه.

فلما دخلت على عثمان وضع القلنسوة عن رأسه ، وبدا الصلع ، فقال : لا يغمنك ما ترين ، فإن من ورائه ما تحبين. قالت له : أما ما ذكرت من صلعك فإني من نسوة أحب أزواجهن إليهن السادة الصلع.

ثم قال لها : إما أن تتحولي إليّ أو أتحول إليك. قالت : ما قطعت من جنبات السماوة أبعد مما بيني وبينك. فتحولت إليه ، فكانت من أحظى النساء عنده.

قالوا : وتزوجها وهي نصرانية على نسائه ، ثم أسلمت على يديه. ولما قتل عثمان قالت نائلة فيه (٢) :

ألا إن خير الناس بعد ثلاثة

قتيل التجيبي الذي جاء من مصر

وما لي لا أبكي وأبكي قرابتي

وقد غيبت عني فضول أبي عمرو

قال : وكانت كلب كلهم يومئذ نصارى](٣).

[أخبرنا أبو محمّد هبة الله بن أحمد بن عبد الله ، وأبو المجد معالي بن هبة الله بن الحسن قالا : أخبرنا سهل بن بشر ، أخبرنا علي بن منير ، أخبرنا الحسن بن رشيق ، أخبرنا أبو

__________________

(١) انظر الخبر في الأغاني ١٦ / ٣٢٢ وانظر أنساب الأشراف ٥ / ١١٤.

(٢) البيتان في الأغاني ١٦ / ٣٢٣ ونسبا لنائلة ، والثاني في أنساب الأشراف ٥ / ١١٥ ونسب لنائلة ، ومعه بيت آخر.

وهما في الإصابة ٣ / ٦٣٨ ونسبا لنائلة. وهما في الكامل للمبرد ٢ / ٩١٦ ونسبا للوليد بن عقبة بن أبي معيط.

(٣) إلى هنا انتهى الاستدراك عن المختصر. ونعود إلى الأصل المعتمد بين أيدينا النسخة السليمانية (س).

١٣٧

جعفر أحمد بن حماد بن مسلم التجيبي ، حدّثني سعيد بن الحكم بن أبي مريم أخبرنا يحيى ابن أيوب ونافع بن يزيد قالا : حدّثنا عمر مولى عفرة ، قال : سمعت عبد الله بن علي بن السائب بن عبيد بن عبد بن يزيد بن هشام](١) بن [عبد](٢) المطلب من بني عبد مناف يقول :

إن عثمان بن عفان تزوج نائلة بنت الفرافصة ، وهي نصرانية على نسائه ، وكلب كلهم يومئذ نصارى ، قال : فدخلت على جارية مثل الخلفة (٣) فقلت : سلام عليك ، قالت : وعليك السّلام ورحمة [الله] ، ونساء كلب ذلك الزمان لا يكلّمن أزواجهن سنة ، أو كما قال ، ثم قلت : أين أنت من شيخ أثرم (٤) هرم فقالت : إنّي من قوم يحبون الكهولة ، فسررت بذلك ، قلت : أتأذنين لي فآتيك ، قالت : بل أنا أحق أن أقوم إليك ، قال : فما زلت متشكرا لها ، ثم أسلمت على يديه.

أحدهما نحو حديث صاحبه ولم يذكر ابن أيوب (٥) : «على نسائه».

أخبرنا أبو غالب الماوردي ، أنا أبو الحسن السيرافي ، أنا أحمد بن إسحاق ، نا أحمد ابن عمران ، نا موسى ، نا خليفة قال (٦) : وفيها يعني سنة ثمان وعشرين تزوج عثمان بن عفان ابنة الفرافصة الكلبية ، فيما حدّثني ابن الكلبي عن أشياخه.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أبو بكر بن سيف ، نا السري بن يحيى ، نا شعيب بن إبراهيم ، نا سيف بن عمر ، عن محمّد وطلحة وأبي حارثة ، وأبي عثمان قالوا (٧) :

لما خرج محمّد بن أبي بكر وعرفوا انكساره ثار قتيرة وسودان بن حمران السكونيان والغافقي ـ يعني ـ فضربه الغافقي بجريدة (٨) معه وضرب المصحف برجله ، واستدار المصحف وانتشر فاستقر بين يديه ، وسالت عليه الدماء ، وجاء سودان بن حمران ليضربه ، فأكبت عليه

__________________

(١) ما بين معكوفتين استدرك عن المطبوعة لتقويم السند.

(٢) سقطت من الأصل.

(٣) الخلفة : الناقة الحامل.

(٤) الثرم : انكسار السن من أصلها ، وثرم الرجل إذا انكسرت رباعيته فهو أثرم.

(٥) يعني : يحيى بن أيوب ، أحد رواة الخبر.

(٦) الخبر رواه خليفة بن خيّاط في تاريخه ص ١٦٠.

(٧) الخبر رواه الطبري في تاريخه ٢ / ٦٧٦ (ط. بيروت) حوادث سنة ٣٥.

(٨) كذا بالأصل والمختصر ، وفي تاريخ الطبري : بحديدة.

١٣٨

نائلة واتّقت السيف بيدها فتعمّدها ونفح أصابعها ، فأطنّ (١) أصابع يدها وولّت فغمز أوراكها ، وقال : إنها لكيّدة (٢) العجيزة وتضرّب عثمان فقتله ، وقد دخل مع القوم غلمة لعثمان لينصروه ، وقد كان عثمان أعتق من كف منهم ، فلما رأى سودان قد ضربه أهوى إليه فضرب عنقه ، ووثب قتيرة على الغلام فقتله ، وانتهبوا ما في البيت ، وأخرجوا من فيه ، ثم أغلقوه على ثلاثة قتلى ، فلما خرجوا إلى الدار وثب غلام لعثمان آخر على قتيرة فضربه فقتله ، ودار القوم فأخذوا ما وجدوا حتى تناولوا ما على النساء ، وأخذ رجل ملاءة نائلة ، والرجل يدعى كلثوم من تجيب فتنحّت (٣) نائلة فقال : ويح أمك من عكيزة (٤) ، ما أتمك؟ ويضربه غلام آخر لعثمان فقتله ، وذكر الحديث.

قرأت على أبي منصور بن خيرون ، عن أبي محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا محمّد بن خلف بن المرزبان ، أخبرني أحمد بن حرب ، أخبرني الزبير بن أبي بكر ، حدّثني يحيى بن محمّد بن عبد الله بن ثوبان قال :

نظرت نائلة بنت الفرافصة امرأة عثمان بن عفان في المرآة فأعجبها ثغرها ، فأخذت فهرا (٥) فكسرت ثناياها وقالت : والله لا يجتنيكن أحد بعد عثمان ، ثم إن معاوية بن أبي سفيان خطبها فأبت عليه وأنشأت تقول :

أبى الله إلّا أن تكوني غريبة

بيثرب لا تلقين أما ولا أبا

أخبرنا أبو سعد بن البغدادي ، أنا أبو عمرو بن مندة ، أنا الحسن بن محمّد بن أحمد ، أنا أحمد بن محمّد بن عمر ، نا ابن أبي الدنيا ، أخبرني العباس بن هشام بن محمّد ، عن أبيه ، عن أبي عمران العنزي (٦) ، عن محمّد بن عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب قال :

خطب نائلة بنت الفرافصة قوم من قريش بعد موت عثمان ، فدعت بمرآة فنظرت فيها ،

__________________

(١) يعني قطعها.

(٢) كذا بالأصل والمختصر والمطبوعة ، يعني جيدة العجيزة ، تلفظ فيها الكاف جيم ، وفي تاريخ الطبري : لكبيرة العجيزة.

(٣) رسمها بالأصل : «محب» والمثبت عن الطبري والمختصر.

(٤) بالأصل : عكبرة ، وفي الطبري : عجيزة ، والمثبت عن المختصر.

(٥) الفهر : الحجر ملء الكف (القاموس).

(٦) بدون إعجام بالأصل.

١٣٩

وكانت من أحسن الناس ثغرا ، فأخذت فهرا فدقت به أسنانها ، فسال الدم على صدرها ، فبكى جواريها وقلن لها : ما صنعت بنفسك؟ قالت : إنّي رأيت الحزن يبلى كما يبلى الثوب ، وإنّي خفت أن يبلى حزني على عثمان فيطلع مني رجل على ما اطّلع عثمان وذلك ما لا يكون أبدا ، وهي التي قالت :

أبى الله إلّا أن تكوني غريبة

بيثرب لا تلقين أما ولا أبا

ذكر أبو بكر أحمد بن يحيى في جمل أنساب الأشراف (١) : حدّثني عبد الله بن صالح العجلي ، عن ابن أبي الزناد ، عن أبيه قال :

خرجت نائلة امرأة عثمان ليلة دفن ومعها السراج وقد شقّت جيبها وهي تصيح وا عثماناه ، وا أمير المؤمنيناه ، فقال لها جبير بن مطعم : أطفئي السراج ، فقد ترين من الباب ، فأطفأت السراج ، وانتهوا إلى البقيع ، فصلّى عليه جبير ، وخلفه حكيم بن حزام بن خويلد بن [أسد بن](٢) عبد العزى ، وأبو جهم بن حذيفة ، [ونيار بن مكرم] ، ونائلة ، وأم البنين بنت عيينة بن حصن امرأتاه (٣) ، ونزل في حفرته نيار ، وأبو جهم ، وجبير ، وكان حكيم والامرأتان يدلّونه على الرجال حتى قبر وبني (٤) عليه وغموا (٥) قبره وتفرقوا وخرجت نائلة إلى الشام فخطبها معاوية ، فنزعت ثنيتيها (٦) ولم تجبه.

أخبرنا أبو محمّد بن طاوس ، أنا طراد بن محمّد الزينبي ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا أبو علي بن صفوان ، نا ابن أبي الدنيا ، نا أحمد بن جميل المروزي ، أنا عبد الله بن المبارك ، عن سفيان بن عيينة ، عن طعمة بن عمرو ، وكان رجلا قد يبس وشحب من العبادة فقيل له : ما شأنك؟ قال : إني كنت حلفت أن ألطم عثمان ، فلما قتل جئت فلطمته ، فقالت لي امرأته : أشلّ الله يمينك ، وصلّى وجهك النار ، فقد شلّت يميني وأنا أخاف.

قال : ونا ابن أبي الدنيا ، نا خالد بن خداش بن العجلان ، حدّثني معلى بن عيسى

__________________

(١) الخبر رواه البلاذري في أنساب الأشراف ٦ / ٢٢٢ طبعة دار الفكر.

(٢) الزيادة عن أنساب الأشراف.

(٣) بالأصل : امرأته ، والمثبت عن أنساب الأشراف.

(٤) بالأصل : وهي ، والمثبت عن أنساب الأشراف.

(٥) بالأصل : وعمر ، والمثبت عن أنساب الأشراف.

(٦) إعجامها مضطرب بالأصل ، وثمة إشارة تحويل إلى الهامش ، وكتب عليه : «ثنييها» والمثبت عن أنساب الأشراف.

١٤٠