تاريخ مدينة دمشق - ج ٧٠

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٧٠

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٠٤
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

قلت : من أنت يا ظريفة؟ قالت :

كنت فيما مضى لآل الوحيد

ثم قد صرت بعد ملك قريش

في بني عامر لآل الوليد

فغنائي لمعبد ونشيدي

لفتى الناس الأحوص الصنديد

فتضاحكت ثم قلت : أنا الأحو

ص والشيخ معبد فأعيدي

فأعادت وأحسنت ثم ولّت

تتثنى ، فقلت : أم سعيد

يعجز المال عن شراك ، ولكن

أنت في ذمة الإمام الوليد

سوف أطريك للإمام بصوت

معبديّ يدر (١) حبل الوريد

يفعل الله ما يشاء وظني

ثم خيرا هناك عند ورودي

فلما قدما على الوليد بن يزيد ، كان أول شعر غنّاه معبد شعر الأحوص الثاني ، فقال له الوليد : من قال هذا الشعر ومتى صنعت اللحن فيه؟ فحدّثه حديث الجارية ، فوجه فاشتريت له بأرفع ثمن ، وأدخلت عليه ، فغنته فما برحا حتى أخذا من خلعتها وجائزتها.

٩٤٧٢ ـ أم سلمة بنت هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموية

زوج عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك ، حجت في زمن أبيها ، لها ذكر.

أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، وأبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنا ، قالوا : أنا أبو جعفر ، أنا المخلص ، أنا الطوسي ، أنا الزبير قال (٢) : في تسمية ولد هشام : زينب تزوجها محمّد بن عبد الله بن عبد الملك ، فولدت له ، وأم سلمة تزوجها عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك وهما لأم ولد.

أنبأنا أبو بكر الحاسب وغيره ، عن أبي محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا سليمان بن إسحاق بن إبراهيم أخبرنا الحارث بن محمّد ، أنا محمّد بن سعد ، أنا محمّد بن عمر قال : وفيها يعني سنة أربع وعشرين ومائة حجّ بالناس محمّد بن هشام ، وحج عامئذ عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك بن مروان ومعه امرأته أم سلمة بنت هشام بن عبد الملك ، فحدّثني يزيد مولى أبي الزناد قال : رأيت محمّد بن هشام على بابها يرسل بالسلام وألطافه (٣)

__________________

(١) في «ز» : معبد بن بدر.

(٢) انظر نسب قريش للمصعب ص ١٦٨.

(٣) الألطاف واحدها لطف ، وهو الهدية (تاج العروس).

٢٤١

على بابها كثيرة لم تقبل ، كانت وجدت عليه في ترك اللطف لها بالطريق ، فهو يتعذر (١) وتأبى ، حتى يئس من قبول هديته ، ثم أمرت بقبضها.

٩٤٧٣ ـ أم سلمة بنت يعقوب بن سلمة بن عبد الله بن الوليد بن الوليد (٢)

ابن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشية المخزومية

امرأة حازمة ، كانت تحت عبد العزيز بن الوليد بن عبد الملك ، ثم خلف عليها مسلمة ابن هشام بن عبد الملك ، ثم تزوجها أبو العباس السفاح ، لها ذكر.

أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنا ، قالا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا محمّد ابن عبد الرّحمن ، أنا أحمد بن سليمان ، نا الزبير قال (٣) : ومن ولد سلمة بن عبد الله : أم سلمة بنت يعقوب بن سلمة بن عبد الله ، كانت عند مسلمة بن هشام بن عبد الملك ، ثم خلف عليها أبو العباس أمير المؤمنين عبد الله بن محمّد بن علي بن عبد الله بن العباس ، فولدت له محمّدا ، وريطة ابني أبي العباس ، كانت ريطة بنت أبي العباس عند المهدي أمير المؤمنين ، ولدت له : عليا ، وعبيد الله ابني المهدي ، وأمّ أمّ سلمة بنت يعقوب : هند بنت عبد الله بن جبّار بن سلمى بن مالك بن جعفر بن كلاب ، ولأخيها حبيب بن جبّار يقول الأعور بن براء الكلبي :

لقد علم ابن جبار بن سلمى

حبيب إنما الدنيا متاع

وأن لا يخلد الإبل الصفايا

ولا طول الإهابة (٤) والشياع (٥)

قرأت على أبي محمّد بن حمزة ، عن أبي نصر بن ماكولا قال (٦) : أم سلمة بنت يعقوب ابن سلمة بن عبد الله بن الوليد بن الوليد بن المغيرة ، أمّها هند بنت عبد الله بن جبّار بن سلمى ، ولجبار شعر (٧).

__________________

(١) تعذر : اعتذر واحتج لنفسه (تاج العروس : عذر).

(٢) كتب على هامش «ز» : مكرر بالنسخة ، انظر نسب قريش ص ٣٢٩.

(٣) انظر نسب قريش للمصعب الزبيري ص ٣٣٠.

(٤) الإهابة : الصوت بالإبل ودعاؤها. وأهاب الراعي بغنمه : صاح لتقف أو لترجع (تاج العروس : هيب) ٢ / ٥٠١.

(٥) الشياع : أشاع بالإبل : أهاب بها أي صاح بها ودعاها إذا استأخر بعضها والشياع : مزمار الراعي ، وفي الأساس : هو منفاخ الراعي سمي به لأنه يصيح بها على الإبل فتجتمع. والشياع : صوت الراعي. (تاج العروس : شيع).

(٦) الاكمال لابن ماكولا ٢ / ٣٧ في باب جبّار.

(٧) إلى هنا ينتهي كلام ابن ماكولا.

٢٤٢

وبلغني عن المدائني أن العباس بن الوليد بن عبد الملك لما وجهه الوليد بن يزيد بن عبد الملك لإحصاء ما في خزائن هشام ، أمره أن لا يعرض لمسلمة بن هشام لأنه كان يكفّ أباه عن الوليد ، وكان مسلمة يشرب ، فلما قدم العباس كتبت إليه أم سلمة : إنّ مسلمة ما يفيق من الشراب ، ولا يهتم بشيء مما فيه إخوته ، ولا لموت أبيه ، فلمّا راح مسلمة إلى العباس قال له : يا مسلمة كان أبوك يرشّحك للخلافة ، ونحن نرجوك لغير ما بلغني عنك ، وأنبه وعاتبه على الشراب ، فأنكر مسلمة ذلك وقال : من أخبرك بهذا؟ قال : كتبت إليّ أم سلمة ، فطلّقها في ذلك المجلس ، فخرجت إلى فلسطين وبها كانت تنزل ، فتزوجها أبو العباس السفاح هناك.

أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنا ، قالا : أنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، عن أبي الحسن الدارقطني.

[ح](١) وقرأت على أبي غالب بن البنا ، عن أبي الفتح عبد الكريم بن محمّد ، أنا الدارقطني.

نا أبو علي الحسين بن القاسم بن جعفر الكوكبي [قال](٢) قال أبو الفضل الربعي : نا إسحاق الموصلي ، أخبرني أبو عبد الله الزبيري قال :

كانت أم سلمة بنت يعقوب بن سلمة بن عبد الله بن الوليد بن الوليد بن المغيرة عند عبد العزيز بن الوليد بن عبد الملك ، ثم خلف عليها أبو شاكر مسلمة بن هشام بن عبد الملك ، فإما فارقها وإمّا مات عنها ، فخرجت مع جواريها وحشمها مبتدية (٣) نحو الشراة ، فبينا هي ذات يوم جالسة إذ مرّ بها أبو العباس عبد الله بن محمّد بن علي بن عبد الله بن العباس ، وهو يومئذ عزب ، فأرسلت إليه مولاة لها تعرض عليه أن يتزوجها ، فجاءته الجارية فأبلغته السلام ، وأدت إليه الرسالة فقال : أبلغيها السلام ، وأخبريها برغبتي فيها ، وقولي لها : لو كان عندي من المال ما أرضاه لك فعلت ، فقالت لها : قولي له : هذه سبعمائة دينار ، أبعث بها إليك ، وكان لها مال عظيم ، وجوهر ، وحشم كثير ، فأتته المرأة فعرضت ذلك عليه ،

__________________

(١) «ح» حرف التحويل سقط من الأصل واستدرك عن «ز».

(٢) سقطت من الأصل والمطبوعة ، وزيدت عن «ز».

(٣) كذا بالأصل و «ز» ، يقال : بدا القوم بدوا أي خرجوا إلى باديتهم ، وتبدّى الرجل : أقام في البادية.

٢٤٣

فأنعم (١) لها ، فدفعت إليه المال ، فأقبل إلى أخيها فخطبها إليه فزوّجه إياها ، فأرسل إليها بصداقها خمسمائة دينار ، وأهدى إليها مائتي دينار ، ثم دخل عليها فإذا هي على منصة ، فصعد إليها ، فذكر خبرا.

أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله ، فيما قرأ علي إسناده وناولني إياه وقال اروه عني ، أنا أبو علي محمّد بن الحسين الجازري ، أنا أبو الفرج المعافى بن زكريا القاضي (٢)(٣) ، نا الحسين بن القاسم (٤) ، نا الربعي أبو الفضل العباس بن الفضل (٥) قال : قال إسحاق يعني ابن إبراهيم الموصلي قال شبيب بن شيبة :

دخل خالد بن صفوان التميمي على أبي العباس وليس عنده أحد فقال : يا أمير المؤمنين ، إنّي والله ما زلت منذ قلدك الله خلافته (٦) أطلب أن أصير إلى مثل هذا الموقف في الخلوة ، فإن رأى أمير المؤمنين أن يأمر بإمساك الباب حتى أفرغ فعل قال : فأمر الحاجب بذلك ، فقال : يا أمير المؤمنين إنّي فكرت في أمرك ، وأجلت الفكر فيك فلم أر أحدا له مثل ما قلدك (٧) ، أقل اتساعا في الاستمتاع بالنساء منك ، ولا أضيق فيهن عيشا ، إنك ملكت امرأة من نساء العالمين واقتصرت عليها ، فإن مرضت مرضت ، وإن غابت غبت ، وإن عركت (٨) عركت وحرمت نفسك يا أمير المؤمنين [التلذذ](٩) باستطراف الجواري وبمعرفة اختلاف أحوالهن ، والتلذذ بما يشتهى منهن؟ إنّ منهن يا أمير المؤمنين الطويلة التي تشتهى لجسمها ، والبيضاء التي تستحب (١٠) للونها والسمراء اللعساء ، والصفراء العجزاء ، ومولّدات المدينة ، والطائف واليمامة ذوات الألسن العذبة والجواب الحاضر ، وبنات سائر الملوك ، ما يشتهي من نظافتهن وحسن أنسهن ، وتحلّل بلسانه فأطنب في صفات ضروب الجواري وشوّقه إليهن ،

__________________

(١) أي أنه أجابها بقوله : نعم.

(٢) أقحم بعدها بالأصل : «بن زكريا القاضي».

(٣) الخبر رواه المعافى بن زكريا القاضي الجريري في الجليس الصالح الكافي ٣ / ٤٥٦ وما بعدها.

(٤) في الجليس الصالح : حدّثنا الحسين بن القاسم بن جعفر الكوكبي.

(٥) في الجليس الصالح : حدّثنا أبو الفضل الربعي.

(٦) في الجليس الصالح : خلافة المسلمين.

(٧) في الجليس الصالح : مثل قدرك.

(٨) أي حاضت.

(٩) سقطت من الأصل ، وزيدت عن «ز» ، والجليس الصالح.

(١٠) كذا بالأصل و «ز» ، وفي الجليس الصالح التي تحب لروعتها.

٢٤٤

فلما فرغ خالد قال : ويحك ما سلك مسامعي والله كلام قطّ أحسن من هذا ، فأعد عليّ كلامك فقد وقع مني موقعا ، فأعاد عليه خالد كلامه بأحسن مما ابتدأه ، ثم قال : انصرف ، وبقي أبو العباس يفكر فيما سمع من خالد ، يقسّم (١) أمره ، فبينا هو يفكر إذ دخلت عليه أم سلمة ، وقد كان أبو العباس حلف ألّا يتخذ عليها ووفى لها ، فلما رأته مفكرا متغيرا ، قالت له : إنّي لأنكرك يا أمير المؤمنين ، فهل حدث أمر تكرهه أو أتاك خبر ارتعت له؟ فقال : لا والحمد لله ، ثم لم تزل تستخبره حتى أخبرها بمقالة خالد ، قالت : فما قلت لابن الفاعلة؟ فقال لها : ينصحني فتشتميه فخرجت إلى مواليها من البخارية (٢) فأمرتهم بضرب خالد ، قال خالد : فخرجت إلى الدار مسرورا بما ألقيت إلى أمير المؤمنين ، ولم أشك في الصلة ، فبينا أنا مع الصحابة واقفا إذ أقبلت البخارية تسأل عني ، فحققت الجائزة والصلة ، فقلت لهم : ها أنذا ، فاستبق إليّ أحدهم بخشبة فلمّا أهوى إليّ غمزت برذوني ولحقني فضرب كفله ، وتنادى إليّ الباقون وغمزت البرذون فأسرع ، ثم راكضتهم ففتهم واختبأت في منزلي أياما ـ قال القاضي (٣) : الصواب استخفيت ـ ووقع في قلبي أني أتيت من قبل أم سلمة ، فطلبني أبو العباس فلم يجدني ، فلم أشعر إلّا بقوم قد هجموا عليّ وقالوا : أجب أمير المؤمنين ، فسبق إلى قلبي أنه الموت ، فقلت : إنا لله وإنا إليه راجعون ، لم أر دم شيخ أضيع ، فركبت إلى دار أمير المؤمنين ، ثم لم ألبث أن أذن لي فأصبته خاليا فرجع إليّ عقلي ، ونظرت في المجلس وبيت عليه ستور رقاق ، فقال : يا خالد لم أرك ، قلت : كنت عليلا. قال : ويحك إنك وضعت لأمير المؤمنين في آخر دخلة دخلتها عليّ من أمور النساء والجواري صفة لم يخرق مسامعي كلام قط أحسن منه ، فأعده عليّ ـ قال : وسمعت حسّا خلف الستر ـ فقلت : نعم يا أمير المؤمنين ، أعلمتك أن العرب إنّما اشتقت اسم الضّرّتين من الضّرّ ، وإن أحدا لم يكن عنده من النساء أكثر من واحدة إلّا كان في ضرّ وتنغيص. قال له أبو العباس : لم يكن هذا [في](٤) الحديث ، قال : بلى والله يا أمير المؤمنين قال : فأنسيت إذا فأتمم الحديث ، قال : وأخبرتك أن الثلاث من النساء كأثافي القدر يغلي عليهن. قال : برئت من قرابتي من رسول

__________________

(١) بالأصل : فقسم ، والمثبت عن «ز» ، والجليس الصالح.

(٢) بالأصل و «ز» : النجارية ، والمثبت عن الجليس الصالح.

(٣) يريد القاضي المعافى بن زكريا الجريري صاحب كتاب الجليس الصالح.

(٤) زيادة عن الجليس الصالح.

٢٤٥

الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إن كنت سمعت هذا منك ، ولا مرّ في حديثك قال : وأخبرتك أن الأربع من النساء شرّ مجموع لصاحبه يشيبنه ويهرمنه ويحقرنه ويقسمنه ، قال : لا والله ما سمعت هذا منك ولا من غيرك ، قلت : بلى والله يا أمير المؤمنين (١) ، قال : أفتكذبني؟ قلت : أفتقتلني! نعم والله يا أمير المؤمنين ، وأخبرتك أن أبكار الإماء رجال إلّا أنهن ليست لهن خصى. قال خالد : فسمعت ضحكا من خلف الستر ، ثم قلت : نعم ، وأخبرتك أن عندك ريحانة قريش وأنك تطمح بعينيك إلى النساء والجواري. قال : فقيل من وراء الستر ؛ صدقت والله يا عمّاه ، وبهذا حدثته ، ولكنه غير حديثك ، ونطق عن لسانك.

فقال أبو العباس : ما لك قاتلك الله. وفعل بك وفعل. قال : فانسللت قال : فبعثت إليّ أم سلمة بعشرة آلاف درهم ، وبرذون وتخت (٢).

قال القاضي أبو الفرج :

قوله في هذا الخبر السمراء اللعساء التي في شفتها سمرة وسواد ومن ذلك قول ذي الرمة (٣) :

لمياء في شفتيها حوة لعس

وفي اللثات وفي أنيابها شنب (٤)

اللمى (٥) ، مقصور ، سمرة في الشفة ، والحوة : الحمرة إلى السواد شبيه به ، واللعس مثل ذلك ، والشنب برد وعذوبة في الأسنان ، ويقال : امرأة لمياء ورجل ألمى ، وذكر عن الأصمعي أنه قال : اللعس السواد الخالص ، ويقال : ليل ألعس ، ولا أدري يقال : لعس أم لا؟ ويقال : حوي يحوى وقياسه في اللمى : لمي يلمى.

وقوله : ينصحني وتشتمينه ، الكلام الفصيح السائر : وينصح لي ، قال الله تعالى (إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ)(٦) ، ويقال : فنصحت لكم ، ونصحت فلانا ، لغة قد حكيت ، وهي

__________________

(١) قوله : «يا أمير المؤمنين» ليس في الجليس الصالح.

(٢) بالأصل و «ز» : خط ، والمثبت عن الجليس الصالح.

(٣) بالأصل : «ونحست» والمثبت عن «ز» ، والجليس الصالح. والتخت : وعاء تصان فيه الثياب ، فارسي ، وقد تكلمت به العرب.

(٤) ديوان ذي الرمة ص ٥.

(٥) اللمى السمرة في الشفة تضرب إلى الخضرة ، والحوة حمرة في الشفة تضرب إلى السواد والشنب برودة في الفم ورقة في الأسنان (شرح الديوان ص ٥).

(٦) سورة هود ، الآية : ٣٤.

٢٤٦

دون هذه في الفصاحة ، من ذلك قول الشاعر (١) :

نصحت بني عوف فلم يتقبلوا

رسولي ولم تنجح لديهم رسائلي

وأصل النصح الإخلاص ، والمناصحة ، والمخالصة ، ويقال : هذا شيء ناصح أي خالص كما قال الشاعر :

تركت (٢) بنا لوحا ولو شئت جادنا

بعيد الكرى ثلج بكرمان ناصح

٩٤٧٤ ـ أم سنان بنت خيثمة بن حرشة (٣) المذحجية

من أهل المدينة ، امرأة شاعرة ، وفدت على معاوية متظلمة من عامله على المدينة.

أخبرنا أبو العز مناولة وإذنا ، وقرأ عليّ إسناده ، أنا محمّد بن الحسين ، أنا أبو الفرج القاضي ، أنا الحسن بن أحمد بن محمّد بن سعيد الكلبي ، نا الغلابي ، نا العباس بن بكار ، نا عبيد الله بن سليمان المديني ، عن أبيه ، عن سعد بن حذافة قال (٤) :

حبس مروان بن الحكم غلاما من بني ليث في جناية جناها بالمدينة ، فأتته جدة الغلام أم أبيه ، وهي أم سنان بنت خيثمة بن حرشة (٥) المذحجية فكلمته في الغلام فأغلظ لها وزبرها ، فخرجت إلى معاوية واستأذنت عليه ، فأذن لها ، فلما جلست (٦) قال : يا ابنة خيثمة ، ما أقدمك أرضي ، وقد عهدتك تشنئين قومي وتحضين عليّ عدوي؟ قالت : يا أمير المؤمنين إن لبني عبد مناف أخلاقا طاهرة وأعلاما ظاهرة ، لا يجهلون بعد علم ، ولا يسفهون بعد حلم ، ولا يتعقبون بعد عفو ، وإن أولى الناس باتباع سنن آبائه لأنت. قال : صدقت ، نحن كذلك ، فكيف قولك :

عزب الرقاد فمقلتي ما ترقد

والليل يصدر بالهموم ويورد

يا آل مذحج لا مقام فشمروا

إن العدو لآل أحمد يقصد

هذا علي كالهلال يحفه

وسط السماء من الكواكب أسعد

__________________

(١) البيت التالي للنابغة الذبياني وهو في ديوانه ص ٩٣.

(٢) في الأصل و «ز» : نزلت ، والمثبت عن الجليس الصالح.

(٣) بالأصل : حرث ، وفي المختصر : خرشة ، والمثبت عن «ز».

(٤) الخبر في الجليس الصالح الكافي ٤ / ٢١١ وما بعدها وبلاغات النساء ص ٩٢.

(٥) في الجليس الصالح : خرشة.

(٦) بالأصل و «ز» ، والمطبوعة : جلس ، والمثبت عن الجليس الصالح.

٢٤٧

خير الخلائق وابن عمّ محمّد

وكفى بذلك والعدو تهدد

ما زال مذ عرف الحروب مظفرا

والنصر فوق لوائه ما يفقد

قال : قد كان ذلك يا أمير المؤمنين ، وإنا لنطمع بك خلفا ، قال رجل من جلسائه : كيف يا أمير المؤمنين وهي القائلة :

إما هلكت أبا الحسين فلم تزل

بالحق تعرف هاديا مهديا

فاذهب عليك سلام ربك ما دعت

فوق الغصون حمامة قمريا

قالت : يا أمير المؤمنين ، لسان نطق ، وقول صدق ، ولئن تحقق فيك ما ظننا فحظك وافر ، والله ما أورثك الشناءة في قلوب المسلمين إلّا هؤلاء ، فادحض مقالتهم ، وأبعد منزلهم ، فإنك إن فعلت ازددت بذلك من الله قربا ، ومن المسلمين حبا ، قال : إنك لتقولين ذلك! قالت : سبحان الله ، والله ما مثلك [مدح](١) بباطل ، ولا اعتذر إليه بكذب ، وإنك لتعلم ذلك من رأينا (٢) وضمير قلوبنا. كان والله عليّ أحب إلينا منك إذ كان حيا. وأنت أحب إلينا من غيرك إذ أنت باق ، وقال : ممن؟ قالت : من مروان بن الحكم وسعيد بن العاص. قال : وبم استحققت ذلك عليهما؟ قالت : بحسن حلمك ، وكرم عفوك. قال : وإنهما ليطمعان في ذلك؟ قالت : هما والله لك من الرأي على ما كنت عليه لعثمان. قال : والله لقد قاربت. فما حاجتك؟ قالت : إن مروان بن الحكم تبنّك بالمدينة تبنّك من لا يريد البراح منها لا يحكم بعدل ، ولا يقضي بسنّة ، يتتبع عثرات المسلمين ، ويكشف عورات المؤمنين ، حبس ابن ابني ، فأتيته ، فقال كيت وكيت ، فألقمته أخشن من الحجر ، وألعقته أمرّ من الصاب (٣).

قال أبو عبد الله : الصاب : الحضيض. قال القاضي : الحظظ بالظاء وهو معروف ، قال أبو ذؤيب الهذلي (٤) :

نام الخلي وبت الليل مشتجرا

كأن عيني فيها الصاب مذبوح

مذبوح : مشقوق ، والذبح : الشق ، قال الشاعر (٥) :

__________________

(١) سقطت من الأصل ، وقوله : «مدح بباطل» استدرك على هامش «ز» ، والمثبت عن الجليس الصالح.

(٢) بالأصل و «ز» : «ورائنا» والمثبت عن الجليس الصالح.

(٣) بالأصل و «ز» : الصبر ، والمثبت عن الجليس الصالح.

(٤) شرح أشعار الهذليين ١ / ١٢٠.

(٥) الرجز في اللسان (ذبح) ونسبه إلى منظور بن مرثد الأسدي.

٢٤٨

كأن بين فكها والفك

فارة مسك ذبحت في سك

رجع الخبر : ثم رجعت إلى نفسي بالملامة ، وأتيتك يا أمير المؤمنين لتكون في أمري ناظرا وعليه معديا ، قال : صدقت لا أسألك عن ذنبه (١). ولا أسألك القيام بحجته.

اكتبوا لها بإخراجه ، قالت : يا أمير المؤمنين وأنّى لي بالرجعة وقد نفد زادي. وكلّت راحلتي ، فأمر لها براحلة موطاة ، وخمسة آلاف درهم.

٩٤٧٥ ـ أم عاصم

قيل إن اسمها ليلى بنت عاصم بن عمر بن الخطاب بن نفيل القرشية العدوية أم عمر بن عبد العزيز.

سكنت دمشق مدة ، ولما شجّ ابنها عمر بن عبد العزيز ، وأدخل عليها كانت بدمشق على ما ذكره سالم الأفطس مولى بني أمية.

حدثت عن أبيها.

روى عنها ابنها عمر.

قرأت على أبي القاسم زاهر بن طاهر ، عن أبي بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ [قال :] نا أبو محمّد المزني ، وهو أحمد بن عبد الله ببخارى أنا إبراهيم بن محمّد بن أبي الأزهر الدمشقي ، نا وريزة بن محمّد ، نا محمّد بن هاشم بن منصور الكندي ، حدّثني أبي ، عن عمرو بن قيس ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن أمه ، عن أبيها ، عن عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «نعم الإدام الخل» [١٣٨٦٢].

أخبرناه عاليا أبو العز بن كادش ، أنا محمّد بن محمّد بن علي الشروطي ، حدّثنا أبو الحسن الدارقطني ، حدّثني أبو عبد الله محمّد بن إسماعيل الفارسي ، نا أبو هاشم وريزة بن محمّد بن وريزة الحمصي بدمشق ، نا محمّد بن هاشم بن منصور الكندي ، حدّثني أبي عن عمرو بن قيس وهو السكوني ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن أمّه ، عن أبيها ، عن عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «نعم الإدام الخل» [١٣٨٦٣].

وأخبرتنا به أم البهاء خجسته (٢) بنت أبي الوفاء بن عمر قالت : أنا شجاع بن علي ، أنا

__________________

(١) بالأصل : دينه ، والمثبت عن «ز» ، والجليس الصالح.

(٢) إعجامها مضطرب بالأصل و «ز» ، ورسمها : «خحسه».

٢٤٩

أبو عبد الله بن مندة ، نا الحسن بن منصور ، أنا وريزة الغساني فذكره.

خالفهما علي بن سراج المصري ، فرواه عن وريزة عن يحيى بن سعيد السكوني ، عن أبيه ، عن عمرو.

قرأت على أبي محمّد السلمي ، عن أبي بكر الخطيب ، نا أبو سعد أحمد بن محمّد الماليني ، أنا أبو جعفر عمر بن أحمد بن نعيم ، نا علي بن سراج ، نا وريزة بن محمّد الغساني ، نا يحيى بن سعيد السكوني ، نا أبي [نا](١) عمرو بن قيس قال : سمعت عمر بن عبد العزيز يحدث عن أمه ، عن أبيها ، عن عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «نعم الإدام الخل» [١٣٨٦٤].

أخبرنا أبو عبد الله ، وأبو غالب ابنا البنا ، قالا : أنا أبو الحسين (٢) بن الآبنوسي ، أنا أحمد بن عبيد إجازة ، قالا : وأنا أبو تمام علي بن محمّد إجازة ، أنا أبو بكر بن بيري (٣) قراءة ، أنا محمّد بن الحسين ، نا ابن أبي خيثمة ، نا منصور بن أبي مزاحم ، نا مروان بن شجاع ، عن سالم الأفطس :

أن عمر بن عبد العزيز رمحته دابة ، وهو غلام بدمشق ، فأتيت به أم عاصم بنت عاصم ابن عمر بن الخطاب ـ رضي‌الله‌عنه ـ فضمّته إليها ، وجعلت تمسح الدم عن وجهه ، ودخل أبوه عليها على تلك الحال ، فأقبلت عليه تعذله وتلومه وتقول : ضيعت ابني ولم تضم إليه خادما ، ولا حاضنا يحفظه من مثل هذا ، فقال لها : اسكتي يا أم عاصم فطوباك إن كان أشجّ (٤) بني أميّة.

أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله أيضا ، قالا : أنا أبو جعفر ، أنا المخلص ، نا أحمد ، نا الزبير قال (٥) : وأم عاصم وحفصة ابنتا (٦) عاصم بن عمر ، وأمهما : أم عمارة بنت سفيان بن عبد الله بن ربيعة الثقفي.

__________________

(١) سقطت من الأصل ، واستدركت عن «ز».

(٢) تحرفت بالأصل إلى : الحسن ، والمثبت عن «ز».

(٣) تحرفت بالأصل إلى : «بشري» وبدون إعجام في «ز».

(٤) في «ز» : «أشجع».

(٥) نسب قريش للمصعب ص ٣٦١.

(٦) بالأصل و «ز» : ابنتي ، والمثبت عن نسب قريش.

٢٥٠

قرأت على أبي غالب أحمد بن الحسن ، عن أبي محمّد الحسن بن علي.

وحدّثنا عمي رحمه‌الله ، أخبرنا أبو طالب عبد القادر بن محمّد ، أنا الحسن قراءة.

أنا محمّد بن العباس ، أنا أحمد بن معروف ، نا ابن الفهم ، نا ابن سعد قال :

فولد عاصم بن عمر بن الخطاب : حفصة بنت (١) عاصم ، وأم عاصم بنت عاصم ، وهي أم عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم ، وأمّهم أم عمارة بنت سفيان بن عبد الله (٢) ابن ربيعة بن الحارث بن حبيب بن الحارث بن مالك بن حطيط بن جشم بن ثقيف.

قال : وأنا محمّد بن العباس ، أنا سليمان بن إسحاق الجلاب ، نا الحارث بن أبي أسامة ، نا محمّد بن سعد (٣) ، أنا أحمد بن أبي إسحاق ، وهو الدورقي ، نا إبراهيم بن عباس (٤) ، حدّثني ضمرة ، عن أبي شوذب قال :

لما أراد عبد العزيز بن مروان أن يتزوج أم عمر بن عبد العزيز قال لقيمه : اجمع لي أربعمائة دينار من طيب مالي فإني أريد أن أتزوج إلى أهل بيت لهم صلاح ، قال : فتزوج أم عمر بن عبد العزيز.

أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ، قالا : أنا محمّد بن أحمد ، أنا محمّد بن عبد الرّحمن ابن العباس ، أنا أحمد بن سليمان ، نا الزبير قال (٥) :

لما ماتت رقية بنت عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه عند إبراهيم بن نعيم بن عبد الله فدفنت بالبقيع ، انصرف به عاصم إلى منزله ، فأخرج له ابنتيه حفصة وأم عاصم فقال له : اختر أيهما شئت ، فإنّا لا نحب أن ينقطع صهرك [منا](٦) قال إبراهيم : لم يخف عليّ أن أم عاصم أجمل المرأتين ، فتجاوزت عنها وقلت : يصيب بها أبوها رغبة من بعض الملوك لما رأيت من جمالها ، وتزوجت حفصة ، فتزوج عبد العزيز بن مروان بن الحكم أم عاصم ، فولدت له عمر ابن عبد العزيز وإخوة له ، ثم هلكت عنده ، وهلك إبراهيم بن نعيم ، عن حفصة بنت عاصم

__________________

(١) بالأصل و «ز» : «بن».

(٢) أقحم بعدها بالأصل : «بن الحارث بن ربيعة» ، والمثبت يوافق عبارة «ز».

(٣) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٥ / ٣٣١.

(٤) بالأصل و «ز» : عباس ، والمثبت عن طبقات ابن سعد.

(٥) رواه المصعب الزبيري في نسب قريش ص ٣٦١.

(٦) زيادة عن نسب قريش.

٢٥١

فتزوجها عبد العزيز بن (١) مروان بعد مهلك أم عاصم بنت عاصم ، وحملت إليه بمصر ، وكان بأيلة إنسان به خبل ، يقال له شرشمير (٢) فكانت أم عاصم مرت به فتعرض لها ، فأعطته وأحسنت إليه ، ثم مرت به بعدها حفصة بنت عاصم فتعرض لها فلم ترفع به (٣) رأسا ، فسئل : أين حفصة من أم عاصم؟ فقال ليس حفصة من رجال أم عاصم.

أخبرنا أبو الحسن الفرضي ، أنا جعفر بن أحمد بن الحسين السراج ، أنا الشيخ أبو نصر إبراهيم بن الحسين بن صالح ، قراءة عليه ، نا أبو أحمد الفرضي ، أنا أبو بكر محمّد بن جعفر ابن محمّد الأدمي القارئ (٤) قراءة عليه في مسجد الجامع يوم الجمعة يوم عرفة سنة أربعين وثلاثمائة ، نا أحمد بن عبيد بن ناصح ، نا أبو قبيصة محمّد بن حرب بن قطن ، حدّثني حماد ابن زيد ، [عن عاصم](٥) عن أبي وائل قال :

مر عمر بعجوز تبيع لبنا معها في سوق الليل ، فقال لها : يا عجوز لا تغشي المسلمين ، وزوّار بيت الله تعالى ، ولا تشوبي اللبن بالماء ، فقالت : نعم يا أمير المؤمنين ، ثم مرّ بعد ذلك ، فقال : يا عجوز ألم أتقدم إليك أن لا تشوبي لبنك بالماء؟ فقالت : والله ما فعلت ، فتكلمت ابنة لها من داخل الخباء فقالت : يا أمه ، أغشا وكذبا جمعت على نفسك؟ فسمعها عمر فهمّ بمعاقبة العجوز ، فتركها لكلام ابنتها ، ثم التفت إلى بنيه. فقال : أيكم يتزوج هذه ، فلعل الله أن يخرج منها نسمة طيبة مثلها ، فقال عاصم بن عمر : أنا أتزوجها يا أمير المؤمنين ، فزوّجها إياه فولدت له أم عاصم ، فتزوج أم عاصم عبد العزيز بن مروان ، فولدت له عمر بن عبد العزيز ، ثم تزوّج بعدها حفصة ، وقيل فيها : ليست حفصة من رجال أم عاصم.

أنبأنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمّد بن بيان (٦) ، أنا عبد الملك بن محمّد بن بشران ، أنا أبو بكر الآجري ، نا أبو سعيد الحسن بن علي الجصاص ، نا محمّد بن عبد الله بن عبد الحكم بن أعين ، أخبرني قال : نا عبد الله بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن جده أسلم قال (٧) :

__________________

(١) من قوله : «بن مروان» إلى هنا مكرر بالأصل.

(٢) بالأصل و «ز» : شرشرين ، والمثبت عن نسب قريش.

(٣) في نسب قريش : إليه.

(٤) بالأصل : «العارنى» والمثبت عن «ز».

(٥) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك لتقويم السند عن «ز».

(٦) رسمها بالأصل : «سار» وفي «ز» : «سان».

(٧) الخبر باختلاف الرواية في سيرة عمر بن عبد العزيز لابن عبد الحكم ص ٢٣.

٢٥٢

بينا أنا مع عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه وهو يعسّ (١) بالمدينة إذ أعيا فاتكأ على جانب جدار في جوف الليل ، فإذا امرأة تقول لابنتها : قومي إلى ذلك اللبن فامذقيه (٢) بالماء ، فقالت : يا أمتاه وما علمت ما كان من عزمة أمير المؤمنين اليوم؟ قالت : وما كان من عزمته؟ قالت : إنه أمر مناديا فنادى : لا يشاب اللبن بالماء ، فقالت لها : يا ابنتاه قومي إلى اللبن فامذقيه بالماء فإنك في موضع لا يراك عمر ولا منادي عمر ، فقالت الصبية : والله ما كنت لأطيعه في الملأ وأعصيه في الخلاء ، وعمر يسمع كل ذلك ، فقال : يا أسلم ، علّم الباب ، واعرف الموضع ، ثم مضى في عسّه فلما أصبح قال : يا أسلم امض إلى الموضع فانظر من القائلة ، ومن المقول لها وهل لهم من بعل ، فأتيت الموضع ، فإذا أيم لا بعل لها ، وإذا تيك أمها ، وإذا ليس لهم رجل ، فأتيت عمر بن الخطاب ، فأخبرته ، فدعا عمر ولده فجمعهم ، فقال : هل فيكم من يحتاج إلى امرأة أزوجه ؛ ولو كان بأبيكم حركة إلى النساء ما سبقه منكم أحد إلى هذه الجارية ، فقال عبد الله لي زوجة ، وقال عبد الرّحمن : لي زوجة ، وقال عاصم : يا أبتاه لا زوجة لي فزوّجني ، فبعث إلى الجارية (٣) فزوّجها من عاصم ، فولدت لعاصم بنتا وولدت الابنة ابنة ، وولدت الابنة عمر بن عبد العزيز.

[قال ابن عساكر :](٤) كذا قال : والصحيح ما تقدم أن أم عاصم بنت عاصم لا بنت (٥) ابنته.

أخبرنا أبو جعفر حنبل بن علي بن الحسين بن الحسن بهراة مناولة وقرأ علي إسناده ، أنا أبو محمّد أحمد بن محمّد بن أحمد البوني ، أنا أبو عبد الله محمّد بن محمّد الشروطي ببست ، أنا أبو حاتم محمّد بن حبّان البستي ، نا عمرو بن محمّد الأنصاري ، نا الغلابي ، نا عبيد الله بن محمّد التيمي قال :

كان عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه بمنى فعطش ، فانتهى إلى عجوز فاستسقاها ماء. فقالت : ما عندنا ماء ، فقال : لبن ، فقالت : ما عندنا [لبن ،](٦) فبدرت جارية فقالت لها :

__________________

(١) يعس : يطوف بالليل ، يريد أنّه كان يطوف بالليل بالمدينة يحرس الناس ويكشف أهل الريبة ، انظر اللسان : عس.

(٢) مذق اللبن : خلطه.

(٣) في سيرة عمر بن عبد العزيز لابن عبد الحكم أنها امرأة من بني هلال.

(٤) زيادة منا للإيضاح.

(٥) بالأصل : «لابنة» والمثبت عن «ز».

(٦) سقطت من الأصل و «ز» ، وأضيفت عن «ز».

٢٥٣

أتكذبين وما تستحيين؟ ثم قالت لعمر : هذا السقاء فيه لبن ، فسأل عمر عن الجارية فإذا أبوها ثقفي فخطبها على عاصم بن عمر فزوّجها منه ، فولد منها أم عاصم فتزوجها عبد العزيز بن مروان فولدت له عمر بن عبد العزيز.

أنبأنا أبو المظفر بن القشيري ، عن أبي الوليد الحسن بن محمّد الدربندي ، أنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن عبد الرّحمن ، نا أحمد بن جعفر بن سعيد ، نا أحمد بن مهدي ، نا عبد الله بن صالح ، حدّثني الليث بن سعد ، حدّثني يزيد بن أبي حبيب :

أن عمر بن الخطاب نهى الأعراب ، وتقدم إليهم ألّا يمذقوا اللبن. فبينا هو يعسّ ليلة من الليالي في نواحي المدينة إذ مرّ بأهل بيت من الأعراب لبني هلال فسمع امرأة منهم تقول لابنتها : يا بنية قومي فامذقي فقد مذق الناس ، فقالت لها ابنتها : يا أمه أوليس قد نهى عمر بن الخطاب عن الماء؟ فقالت لها : بلى ، ولكن الناس يمذقون. فقالت لها ابنتها : والله لا أمذق وقد نهى عنه عمر ولا أكون ـ قال أبو جعفر : أحسبه قال : ـ ممن يعصي عمر ، قال : فعجب عمر من قولها ، فلمّا انصرف قال لابنه عاصم : يا بني اذهب إلى موضع كذا وكذا فوصف له منزلها ، وقال له : انظر جارية كذا وكذا ، فوصفها له ، فسل (١) عنها فإن كان له زوج فبارك الله لزوجها ، وإن لم يكن لها زوج فتزوّجها ، فإنّي أرجو أن يخرج الله منها سليلة تسود (٢) العرب ، قال : فذهب عاصم فسأل عنها فقيل (٣) : ليس لها زوج فقال : زوجونيها. فقيل : ومن أنت؟ قال : أنا عاصم بن عمر بن الخطاب ، قالوا : فمرحبا بك وأهلا فزوجوها منه ، فولدت منه أم عاصم بنت عاصم ، ثم تزوج أم عاصم عبد العزيز بن مروان ، فجاءت بعمر بن عبد العزيز.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع ، أنا أبو عمرو بن مندة ، أنا الحسن بن محمّد بن أحمد [أنا أحمد](٤) بن محمّد بن عمر ، نا ابن أبي الدنيا ، حدّثني سويد بن سعيد ، نا ضمام (٥) ، عن أبي قبيل : أن عمر بن عبد العزيز بكى وهو غلام صغير قد جمع القرآن ، فأرسلت إليه أمه ، فقالت : ما يبكيك؟ قال : ذكر الموت ، فبكت أمه من ذلك.

__________________

(١) في «ز» : فسأل.

(٢) بالأصل : لتسود ، والمثبت عن «ز».

(٣) بالأصل : فقال ، والمثبت عن «ز».

(٤) ما بين معكوفتين سقط من الأصل استدرك عن «ز» لتقويم السند.

(٥) بدون إعجام بالأصل و «ز». وهو ضمام بن إسماعيل بن مالك المرادي المعافري أبو إسماعيل المصري ، ترجمته في تهذيب الكمال ٩ / ١٨٥.

٢٥٤

أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزبير قال : وقال محمّد بن سلام الجمحي : حدّثني ابن جعدبة (١) قال : لما ردّ عمر بن عبد العزيز مظالم أهل بيته ، وأخذهم بالحق قال مولى لآل مروان بربري ، وأنتم أيضا فتزوجوا بنات عمر بن الخطاب.

٩٤٧٦ ـ أم عبد الله بنت أبي هاشم

ابن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس الأسدية

بنت خال معاوية ، كتبت تسأل النعمان بن بشير وهو على حمص عن بعض الأمر ، لها ذكر.

أخبرنا أبو محمّد بن حمزة ، نا أحمد بن علي بن ثابت ، أنا علي بن محمّد بن عبد الله ، أنا الحسين بن صفوان ، نا عبد الله بن محمّد بن عبيد ، نا أبو مسلم عبد الرّحمن بن يونس ، نا عبد الله بن إدريس ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، قال :

جاءنا يزيد بن النعمان بن بشير إلى حلقة القاسم بن عبد الرّحمن بكتاب أبيه النعمان في نسخة :

بسم الله الرحمن الرحيم ، من النعمان بن بشير إلى أم عبد الله ابنة أبي هاشم ، سلام عليك ، فإنّي أحمد إليك الله الذي لا إله إلّا هو ، فإنّك كتبت إليّ لأكتب إليك بشأن زيد بن خارجة ، وإنّه كان من شأنه أنه أخذه وجع في حلقه ، وهو يومئذ من أصحّ أهل المدينة ، فتوفي بين صلاة الأولى وصلاة العصر ، فأضجعناه لظهره وغشّيناه بردين وكساء ، فأتاني آت وأنا أسبّح بعد المغرب ، فقال : إنّ زيدا قد تكلّم بعد وفاته فانصرفت إليه مسرعا ، وقد حضره قوم من الأنصار وهو يقول : ـ أو يقال على لسانه : ـ الأوسط أجلد القوم الذي كان لا يبالي في الله لومة لائم ، كان لا يأمر الناس أن يأكل قويّهم ضعيفهم ، عبد الله أمير المؤمنين. صدق ، صدق ، كان ذلك في الكتاب الأول ، قال : ثم قال : عثمان أمير المؤمنين وهو يعافي الناس من ذنوب كثيرة ، خلت اثنتان وبقي أربع ، ثم اختلف الناس ، وأكل بعضهم بعضا فلا (٢) نظام وأبيحت الاحماء ، ثم ارعوى المؤمنون فقالوا : كتاب الله وقدره ، أيها الناس ، أقبلوا على

__________________

(١) كذا نسبه إلى جده بالأصل و «ز» ، واسمه يزيد بن عياض بن جعدبة الليثي أبو الحكم المدني ، ترجمته في تهذيب الكمال ٢٠ / ٣٦٤.

(٢) بالأصل : بلا نظام ، والمثبت عن «ز».

٢٥٥

أميركم واسمعوا وأطيعوا ، فمن تولّى فلا يعهدن دما كان أمر الله قدرا مقدورا [الله أكبر](١) هذه الجنة وهذه النار ويقول النبيون والصدّيقون. سلام عليك يا عبد الله بن رواحة هل أحسست لي خارجة ـ لأبيه (٢) ـ وسعدا اللذين قتلا يوم أحد (كَلَّا إِنَّها لَظى نَزَّاعَةً لِلشَّوى ، تَدْعُوا مَنْ)(٣)(أَدْبَرَ وَتَوَلَّى ، وَجَمَعَ فَأَوْعى)(٤) ، ثم خفت صوته فسألت الرهط عما سبقني من كلامه ، فقالوا : سمعناه يقول (٥) أنصتوا ، أنصتوا فنظر بعضنا إلى بعض فإذا الصوت من تحت الثياب فكشفنا عن وجهه (٦) فقال : هذا أحمد رسول الله ، سلام عليكم يا رسول الله ورحمة الله وبركاته ثم قال أبو بكر الصدّيق الأمين ، خليفة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، كان ضعيفا في جسمه قويا في أمر الله ، صدق صدق ، وكان في الكتاب الأول.

روى محمّد بن عائذ معنى هذه الحكاية عن محمّد بن شعيب بن شابور :

أخبرني بعض ولد النعمان بن بشير بن سعد الأنصاري أن أم عبد الله بنت أبي هاشم كتبت إلى النعمان بن بشير تسأله عما ألقي على لسان زيد بن خارجة بعد موته ، فكتب إليها : بسم الله الرحمن الرحيم ، من النعمان بن بشير إلى أم عبد الله بنت أبي هاشم ، سلام عليك ، فذكره.

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، وابن السمرقندي ، وأبو تراب المقرئ ، قالوا : نا عبد العزيز بن أحمد ، أنا أبو محمّد بن أبي نصر ، أنا أبو القاسم بن أبي العقب ، أنا ابن عائذ ، أنا محمّد بن شعيب فذكره.

٩٤٧٧ ـ أم عمر ـ يقال : أم عمرو ـ بنت مروان بن الحكم بن أبي العاص

ابن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموية (٧)

كانت عند سعيد بن خالد بن عمرو بن عثمان.

__________________

(١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن «ز».

(٢) قوله : هل أحسست لي خارجة لأبيه ، مطموس بالأصل والمثبت عن «ز».

(٣) «تدعو من» مطموس بالأصل والمثبت عن «ز».

(٤) سورة المعارج ، الآيات ١٥ ـ ١٨.

(٥) من قوله : سبقني إلى هنا مطموس بالأصل واستدرك عن «ز».

(٦) من قوله : فإذا ... إلى هنا مطموس بالأصل واستدرك عن «ز».

(٧) نسب قريش للمصعب الزبيري ص ١٦١ والطبقات الكبرى لابن سعد ٥ / ٣٥ و ٣٧٣ وأنساب الأشراف ٦ / ٣٠٧ (طبعة دار الفكر).

٢٥٦

وأدركت خلافة عمر بن عبد العزيز ، لها ذكر ، وكانت دارها بدمشق بناحية القلانسيين (١) موضع دار الوكالة التي ببيت قيسارية.

قرأت على أبي غالب بن البنا ، عن أبي محمّد الجوهري.

وحدّثنا عمي ، أنا ابن يوسف ، أنا الجوهري.

أنا أبو عمر بن حيوية ، أنا سليمان بن إسحاق بن إبراهيم ، نا الحارث بن أبي أسامة ، نا محمّد بن سعد (٢) ، أنا عبيد الله بن محمّد التيمي قال : سمعت أبي وغيره يحدّث أن عمر بن عبد العزيز لما ولي منع قرابته ما كان يجري عليهم وأخذ منهم القطائع التي كانت في أيديهم قال : فشكوه إلى عمته أم عمر ، قال : فدخلت عليه ، فقالت : إن قرابتك شكوك (٣) ويزعمون ويذكرون أنك أخذت منهم خير غيرك ، قال : ما منعتهم حقا أو شيئا كان لهم ، وما أخذت منهم حقا أو شيئا كان لهم فقالت : إنّي رأيتهم يتكلمون وإنّي أخاف أن يهيجوا عليك يوما عصيبا. فقال : كلّ يوم أخافه دون يوم القيامة ، فلا وقاني الله شره. قال : فدعا بدينار وجنب ومجمرة ، فألقى ذلك الدينار في النار وجعل ينفخ على الدينار حتى إذا احمرّ تناوله بشيء فألقاه على الجنب فنشّ (٤) وقتر (٥) قال ابن عمّه : أما تأوين لابن أخيك من مثل هذا؟ قال : فقامت فخرجت إلى قرابته فقالت : تزوجون آل عمر فإذا نزع الشبه جزعتم اصبروا له.

وقد روي أن التي (٦) كلّمته عمته فاطمة ، فلا أدري هل تكنى أم عمر ، أم هما جميعا كلّمتاه.

أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، وأبو عبد الله ، وأبو غالب قالوا : أنا ابن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزبير قال [؟] :

فولد مروان بن الحكم : عمر بن مروان ، وأم عمر تزوجها سعيد بن خالد بن عمرو بن

__________________

(١) بالأصل : القلاسين ، والمثبت عن «ز».

(٢) روى ابن سعد في الطبقات الكبرى ٥ / ٣٧٣ في أخبار عمر بن عبد العزيز.

(٣) كذا بالأصل و «ز» ، وفي ابن سعد : يشكونك.

(٤) نش اللحم نشّا ونشيشا سمع له صوت على المقلى.

(٥) بالأصل و «ز» : وفتر ، والمثبت عن ابن سعد. يقال : قتر اللحم إذا سطعت ريح قتاره ، والقتار : ريح الشواء.

(٦) بالأصل و «ز» : الذي ، خطأ.

٢٥٧

عثمان ، وأمهما (١) زينب بنت عمر بن أبي سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن [عمر بن](٢) مخزوم (٣).

قرأت على أبي غالب بن البنا ، عن أبي محمّد الجوهري.

وحدّثنا عمي ، أنا ابن يوسف ، أنا الجوهري.

أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن فهم ، نا محمّد بن سعد (٤) قال : فولد مروان : عمرو بن مروان ، وأم عمرو وأمهما زينب بنت عمر بن (٥) أبي سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم.

٩٤٧٨ ـ أم عمرو زوج يزيد بن عبد الملك

استفتت سالم بن عبد الله. روى قصتها عمرو بن دينار البصري.

أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر (٦) ، أنا محمّد بن عبد الواحد ابن زوج الحرة ، أنا أبو بكر محمّد بن إسماعيل الورّاق ، أنا يحيى بن محمّد بن صاعد ، نا أحمد بن منصور ، نا الحجاج بن المنهال ، وأبو سلمة ـ واللفظ للحجاج ـ نا حمّاد بن سلمة ، عن عمرو ابن دينار الأعور قهرمان آل الزبير ، قال :

كنت مع سالم بن عبد الله بين مكة والمدينة ، فسمع صوت جرس ، فقال : ما هذا؟

فقلت : هذه أم عمرو امرأة يزيد بن عبد الله (٧) فقال : أقرئها السلام ، وقل لها : إنّ أبي حدّثني عن أبيه أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم واعد جبريل عليه‌السلام موعدا فأبطأ عليه جبريل ، فقال : «ما حبسك؟» فقال : إنّا لا نقرب مكانا فيه جرس ولا صورة [١٣٨٦٥].

[قال ابن عساكر :](٨) كذا قال ، وهو يزيد بن عبد الملك.

__________________

(١) كذا بالأصل و «ز» ، وفي نسب قريش : وأمها.

(٢) الزيادة بين معكوفتين عن «ز».

(٣) الذي في أنساب الأشراف ٦ / ٣٠٨ أن زينب هذه المذكورة آنفا هي أم عمرو بن مروان بن الحكم. وأن أم عمرو بنت مروان أمّها عائشة بنت معاوية بن المغيرة بن أبي العاص بن أمية.

(٤) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٥ / ٣٦ في أخبار مروان بن الحكم.

(٥) قوله : «عمر بن» سقط من طبقات ابن سعد.

(٦) أقحم بعدها بالأصل : «أنا محمّد بن عمر» والمثبت يوافق رواية «ز».

(٧) كذا بالأصل و «ز» ، وسينبه المصنف في آخر الخبر إلى أن الصواب يزيد بن عبد الملك.

(٨) زيادة منا.

٢٥٨

وقد أخبرنا بالحديث على الصواب بتمامه أبو محمّد بن حمزة ، نا أبو بكر الخطيب ، أنا أبو علي الحسن بن الحسين بن العباس النعالي ، أنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن هارون الرازي الحربي ، أنا جعفر بن محمّد بن الحسن الفريابي ، نا عبد الواحد بن غياث ، نا حمّاد ابن سلمة ، عن عمرو بن دينار الأعور قال : كنت مع سالم بن عبد الله بين مكة والمدينة قال : فسمع صوت جرس ، فقال : ما هذا؟ فقلت : هذه (١) أم عمرو امرأة يزيد بن عبد الملك ، قال : اذهب إليها فاقرئها السلام وأخبرها أنّ أبي أخبرني عن أبيه أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم واعد جبريل عليه‌السلام موعدا فأبطأ عليه جبريل فقال : «ما حبسك يا جبريل» فقال : إنا لا نقرب مكانا فيه جرس ولا صورة ، فقل لها : فلتقطعه أو لتحشه (٢) ، فأتيتها فأخبرتها بذلك ، قال : فقطعته أوه تشح (٣). قالت : قل له : إنّ عندنا وسائد فيها تصاوير فكيف نصنع بها؟ فأتيته فأخبرته بذلك ، فنظر هنيّة فقال : كانوا لا يرون بما يوطأ بأسا.

٩٤٧٩ ـ أم كلثوم بنت عبد الله بن عامر بن كريز بن حبيب

ابن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب (٤)

زوج يزيد بن معاوية ، امرأة عاقلة ، لها ذكر.

أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنا ، قالوا : أنا أبو جعفر ، أنا أبو طاهر ، أنا أحمد بن سليمان ، نا الزبير قال (٥) :

فولد عبد الله بن عامر ؛ فذكر أولاده ثم قال : وأم كلثوم بنت عبد الله ، ولدت ليزيد بن معاوية ، وأمّها : أمة (٦) بنت الوارث بن الحارث بن ربيعة بن خويلد بن نفيل بن عمرو بن كلاب.

قال (٧) : ولأم كلثوم بنت عبد الله يقول يزيد بن معاوية ، وكان معاوية وجهه يغزو

__________________

(١) بالأصل و «ز» : هذا.

(٢) كذا بالأصل و «ز» ، وفي المختصر : لتجشه.

(٣) كذا بالأصل و «ز» ، وفي المختصر : جشّته.

(٤) أخبارها في نسب قريش ص ١٢٩ و ١٤٩ وأنساب الأشراف ٥ / ٣٠٣ و ٣٧٧.

(٥) رواه المصعب بن عبد الله الزبيري ص ١٤٩.

(٦) في نسب قريش : أمة الله.

(٧) يعني الزبير بن بكار ، وانظر الخبر في نسب قريش ص ١٢٩.

٢٥٩

الروم ، فأقام بدير سمعان (١) ووجّه الجنود ، وتلك غزوة الطوانة (٢) فأصابهم الوباء فقال يزيد ابن معاوية (٣) :

أهون علي (٤) بما لاقت جموعهم

يوم الطوانة (٥) من حمى ومن موم

إذا اتكأت (٦) على الأنماط مرتفقا

بدير سمعان (٧) عندي أم كلثوم

فبلغ معاوية ما قال : فقال : أقسم بالله لتلحقن بهم حتى يصيبك ما أصابهم ، فألحقه بهم.

قال : ونا الزبير قال : حدّثني عبد العزيز بن عمر العنبسي عن مفتي بن عبد الله بن عنبسة ، عن أبيه قال (٨) :

تزوج الأسوار عبد الله بن يزيد بن معاوية أم عثمان بنت سعيد بن العاص فولدت له أبا سفيان ، وأبا عتبة ، وهي أم سعيد ورملة ابني خالد بن عمرو بن عثمان ، فقيل لسعيد بن خالد : اخطب أمّه ، فأتى أمه أم كلثوم بنت عبد الله بن عامر يخطبها وهي بادية بظهر ذنبة (٩) عليها قبة نمور. قد اشترت غشاءها بألف دينار ، فأتاها وهو غلام يرعد فقال : أحب أن تزوجيني نفسك ، وهي يومئذ كبيرة قد قيدت فاها بالذهب ، فقالت : مرحبا بابن أخي ، لو كنت متزوجة أحدا من قريش لتزوجتك ، إنّ أمك امرأة شابة وأنا عجوز كبيرة ، وإن هذا شيء لا يصنعه نساء قريش أبدا ، قيل لك : تزوج أمّه كما تزوج أمك ، انطلق يا ابن أخي.

__________________

(١) دير سمعان : هو بظاهر أنطاكية ، وهو غير الدير الذي يقع بنواحي دمشق راجع معجم البلدان ٢ / ٥١٧ و ٥٣٤.

(٢) الطوانة : بلد بثغور المصيصة وهي بين أنطاكية وبلاد الروم تقارب طرسوس (معجم البلدان).

(٣) البيتان في معجم البلدان (الطوانة) ونسب قريش ص ١٣٠ ومعجم البلدان (دير مران ، وغذقذونة) والأغاني ١٧ / ٢١٠ والبيت الثاني في أنساب الأشراف ٥ / ٣٠٣.

(٤) في الأغاني : فما أبالي بما.

(٥) الأغاني : بالغذقذونة.

(٦) الأغاني : إذا ارتفعت.

(٧) الأغاني وأنساب الأشراف : بدير مران.

(٨) الخبر باختلاف الرواية في أنساب الأشراف ٥ / ٣٩٣ طبعة دار الفكر.

(٩) ذنبة في أكثر من موضع كما في معجم البلدان ، والمراد هنا موضع بعينه من أعمال دمشق.

٢٦٠