الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٩

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٩

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-180-7
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٦٠

فإنا لن نسلمكم ، إن قوتلتم قاتلنا معكم وإن أخرجتم خرجنا معكم. فتربصوا ذلك من نصرهم فلم يفعلوا ، وقذف الله في قلوبهم الرعب فسألوا رسول الله أن يجليهم ويكف عن دمائهم على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا الحلقة.

وقال العوفي : عن ابن عباس ، أعطى كل ثلاثة بعيرا يعتقبونه (و) وسقا (١). رواه البيهقي.

وروى : من طريق يعقوب بن محمد ، عن الزهري ، عن إبراهيم بن جعفر بن محمود بن محمد بن مسلمة ، عن أبيه ، عن جده ، عن محمد بن مسلمة ، أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بعثه إلى بني النضير وأمره أن يؤجلهم في الجلاء ثلاث ليال.

وروى البيهقي وغيره : أنه كانت لهم ديون مؤجلة ، فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : ضعوا وتعجلوا.

وفي صحته نظر ، والله أعلم.

قال ابن إسحاق : فاحتملوا من أموالهم ما استقلت به الإبل ، فكان الرجل منهم يهدم بيته عن نجاف (٢) بابه ، فيضعه على ظهر بعيره فينطلق به ، فخرجوا إلى خيبر ، ومنهم من سار إلى الشام ، فكان من أشراف من ذهب منهم إلى خيبر : سلّام بن أبي الحقيق وكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق وحيي بن أخطب ، فلما نزلوها دان لهم أهلها.

فحدثني عبد الله بن أبي بكر أنه حدث : أنهم استقبلوا بالنساء والأبناء

__________________

(١) الوسق : حمل البعير.

(٢) النجاف : أسكفة الباب.

٤١

والأموال ، معهم الدفوف والمزامير والقيان يعزفن خلفهم بزهاء وفخر ، ما رؤي مثله لحي من الناس في زمانهم.

قال : وخلوا الأموال لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، يعني النخيل والمزارع ، فكانت له خاصة يضعها حيث شاء ، فقسمها على المهاجرين الأولين دون الأنصار ، إلا أن سهل بن حنيف وأبا دجانة ذكرا فقرا فأعطاهما ، وأضاف بعضهم إليهما الحارث بن الصمة. حكاه السهيلي.

قال ابن إسحاق : ولم يسلم من بني النضير إلا رجلان وهما يامين بن عمير بن كعب ابن عم عمرو بن جحاش وأبو سعد بن وهب ، فأحرزا أموالهما.

قال ابن إسحاق : وقد حدثني بعض آل يامين أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قال ليامين : ألم تر ما لقيت من ابن عمك وما همّ به من شأني؟ فجعل يامين لرجل جعلا على أن يقتل عمرو بن جحاش ، فقتله لعنه الله.

قال ابن إسحاق : فأنزل الله فيهم سورة الحشر بكاملها ، يذكر فيها ما أصابهم به من نقمته ، وما سلط عليهم به رسوله ، وما عمل به فيهم.

إلى أن قال ابن كثير : فأسرهم بالمحاصرة بجنوده ونفسه الشريفة ست ليال ، فذهب بهم الرعب كل مذهب حتى صانعوا وصالحوا على حقن دمائهم وأن يأخذوا من أموالهم ما استقلت به ركابهم ، على أنهم لا يصحبون شيئا من السلاح إهانة لهم واحتقارا ، فجعلوا يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين ، فاعتبروا يا أولي الأبصار.

إلى أن قال : وقد روى البخاري ومسلم جميعا عن قتيبة ، عن الليث ، عن نافع ، عن ابن عمر : أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» حرق نخل بني النضير وقطع ، وهي البويرة ، فأنزل الله : (ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها

٤٢

قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ) (١).

وعند البخاري من طريق جويرية بن أسماء ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» حرق نخل بني النضير وقطع ، وهي البويرة ، ولها يقول حسان بن ثابت :

وهان على سراة بن لؤي

حريق بالبويرة مستطير

فأجابه أبو سفيان بن الحارث يقول :

أدام الله ذلك من صنيع

وحرق في نواحيها السعير

ستعلم أينا منها بستر

وتعلم أي أرضينا نضير

قال ابن إسحاق : وقال كعب بن مالك يذكر إجلاء بني النضير وقتل كعب بن الأشرف فالله أعلم :

لقد خزيت بغدرتها الحبور (٢)

كذاك الدهر ذو صرف يدور

وذلك أنهم كفروا برب

عظيم أمره أمر كبير

وقد أوتوا معا فهما وعلما

وجاءهم من الله النذير

نذير صادق أدى كتابا

وآيات مبينة تنير

فقالوا ما أتيت بأمر صدق

وأنت بمنكر منا جدير

فقال : بلى لقد أديت حقا

يصدقني به الفهم الخبير

فمن يتبعه يهد لكل رشد

ومن يكفر به يخز الكفور

__________________

(١) الآية ٥ من سورة الحشر.

(٢) الحبور : جمع حبر ، وهم علماء اليهود.

٤٣

فلما أشربوا غدرا وكفرا

وجدّ بهم عن الحق النفور

أرى الله النبي برأي صدق

وكان الله يحكم لا يجور

فأيده وسلطه عليهم

وكان نصيره نعم النصير

فغودر منهم كعب صريعا

فذلت بعد مصرعه النضير

على الكفين ثم وقد علته

بأيدينا مشهرة ذكور

بأمر محمد إذ دس ليلا

إلى كعب أخا كعب يسير

فما كره فأنزله بمكر

ومحمود أخو ثقة جسور

فتلك بنو النضير بدار سوء

أبارهم بما اجترموا المبير (١)

غداة أتاهم في الزحف رهوا (٢)

رسول الله وهو بهم بصير

وغسان الحماة مؤازروه

على الأعداء وهو لهم وزير

فقال السلم ويحكم فصدوا

وخالف أمرهم كذب وزور

فذاقوا غب أمرهم وبالا

لكل ثلاثة منهم بعير

وأجلوا عامدين لقينقاع

وغودر منهم نخل ودور

وقد ذكر ابن إسحاق جوابها لسمال اليهودي ، فتركناه قصدا.

قال ابن إسحاق : وكان مما قيل في بني النضير قول ابن لقيم العبسي ، ويقال : قالها قيس بن بحر بن طريف الأشجعي :

__________________

(١) أبارهم : أهلكهم.

(٢) رهوا : يسيرا سهلا.

٤٤

أهلي فداء لامرئ غير هالك

أحل اليهود بالحسي المزنم (١)

يقيلون في جمر العضاة وبدلوا

أهيضب عودا بالودي المكمم (٢)

فإن يك ظني صادقا بمحمد

تروا خيله بين الصلا ويرمرم (٣)

يؤم بها عمرو بن بهثة إنهم

عدو وما حي صديق كمحرم

عليهن أبطال مساعير في الوغى

يهرون أطراف الوشيج المقوم (٤)

وكل رقيق الشفرتين مهند

توورثن من أزمال عاد وجرهم

فمن مبلغ عني قريشا رسالة

فهل بعدهم في المجد من متكرم

بأن أخاهم فاعلمن محمدا

تليد الندى بين الحجون وزمزم

فدينوا له بالحق تجسم أموركم

وتسمو من الدنيا إلى كل معظم

نبي تلاقته من الله رحمة

ولا تسألوه أمر غيب مرجم

فقد كان في بدر لعمري عسيرة

لكم يا قريش والقليب الملمم

غداة أتى في الخزرجية عامدا

إليكم مطيعا للعظيم المكرم

__________________

(١) الحسي : ما يحسى من الطعام.

والمزنم : الرجل يكون في القوم ليس منهم ، يريد : أحلهم بأرض غربة في غير عشائرهم ، وانظر الروض الأنف ج ٢ ص ١٧٧.

(٢) جمر : الأصل خمر. وما أثبته من ابن هشام ، والعضاة : شجر ، وأهيضب : مكان مرتفع ، والودي : صغار النخل ، والمكمم : الذي خرج كمامه.

(٣) الصلا : موضع ، ويرمرم : جبل.

(٤) الوشيج : شجر الرّماح.

٤٥

معانا بروح القدس ينكى عدوه

رسولا من الرحمن حقا لم يتلعم

رسولا من الرحمن يتلو كتابه

فلما أنار الحق لم يتلعثم

أرى أمره يزداد في كل موطن

علوا لأمر حمه الله محكم

قال ابن إسحاق : وقال علي بن أبي طالب ، وقال ابن هشام : قالها رجل من المسلمين ، ولم أر أحدا يعرفها لعلي :

عرفت ومن يعتدل يعرف

وأيقنت حقا ولم أصدف

عن الكلم المحكم اللاء من

لدى الله ذي الرأفة الأرأف

رسائل تدرس في المؤمنين

بهن اصطفى أحمد المصطفى

فأصبح أحمد فينا عزيزا

عزيز المقامة والموقف

فيا أيها الموعدوه سفاها

ولم يأت جورا ولم يعنف

ألستم تخافون أدنى العذاب

وما آمن الله كالأخوف

وأن تصرعوا تحت أسيافه

كمصرع كعب أبي الأشرف

غداة رأى الله طغيانه

وأعرض كالجمل الأجنف

فأنزل جبريل في قتله

بوحي إلى عبده ملطف

فدس الرسول رسولا له

بأبيض ذي هبة مرهف

فباتت عيون له معولات

متى ينع كعب لها تذرف

وقلن لأحمد ذرنا قليلا

فإنا من النوح لم نشتف

فخلاهم ثم قال اظعنوا

دحورا على رغم الآنف

وأجلى النضير إلى غربة

وكانوا بدار ذوى أخرف

٤٦

إلى أذرعات ردافا وهم

على كل ذي ذمر أعجف

وتركنا جوابها أيضا من سمال اليهودي قصدا.

ثم ذكر تعالى حكم الفيء ، وأنه حكم بأموال بني النضير لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وملكها له ، فوضعها رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» حيث أراه الله تعالى.

كما ثبت في الصحيحين ، عن عمر بن الخطاب أنه قال : كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب ، فكانت لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» خاصة ، فكان يعزل نفقة أهله سنة ثم يجعل ما بقي في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله.

إلى أن قال :

قال الإمام أحمد : حدثنا عارم وعفان ، قالا : حدثنا معتمر : سمعت أبي يقول : حدثنا أنس بن مالك ، عن نبي الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : أن الرجل كان يجعل له من ماله النخلات أو كما شاء الله ، حتى فتحت عليه قريظة والنضير ، قال : فجعل يرد بعد ذلك.

قال : وإن أهلي أمروني أن آتي نبي الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» فأسأله الذي كان أهله أعطوه ، أو بعضه ، وكان نبي الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أعطاه أم أيمن أو كما شاء الله.

قال : فسألت النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» فأعطانيهن ، فجاءت أم أيمن فجعلت الثوب في عنقي وجعلت تقول : كلا والله الذي لا إله إلا هو لا أعطيكهن وقد أعطانيهن أو كما قالت.

فقال النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : لك كذا وكذا.

٤٧

وتقول : كلا والله.

قال : ويقول لك كذا وكذا ، وتقول : كلا والله.

قال : ويقول لك كذا وكذا ، حتى أعطاها حسبت أنه قال عشرة أمثاله ، أو قال قريبا من عشرة أمثاله أو كما قال. أخرجاه بنحوه من طرق عن معتمر به. ثم ذكر ابن كثير وغيره :

قصة عمرو بن سعدى القرظي :

حين مر على ديار بني النضير وقد صارت بعدها ليس بها داع ولا مجيب ، وقد كانت بنو النضير أشرف من بني قريظة ، حتى حداه ذلك على الإسلام وأظهر صفة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من التوراة.

قال الواقدي : حدثنا إبراهيم بن جعفر ، عن أبيه ، قال : لما خرجت بنو النضير من المدينة أقبل عمرو بن سعدى فأطاف بمنازلهم ، فرأى خرابها وفكر ، ثم رجع إلى بني قريظة فوجدهم في الكنيسة ، فنفخ في بوقهم ، فاجتمعوا.

فقال الزبير بن باطا : يا أبا سعيد أين كنت منذ اليوم لم تزل؟. وكان لا يفارق الكنيسة وكان يتأله في اليهودية.

قال : رأيت اليوم عبرا قد عبرنا بها ، رأيت منازل إخواننا خالية بعد ذلك العز والجلد ، والشرف الفاضل ، والعقل البارع ، قد تركوا أموالهم ، وملكها غيرهم ، وخرجوا خروج ذل ، ولا والتوراة ما سلط هذا على قوم قط لله بهم حاجة ، وقد أوقع قبل ذلك بابن الأشرف ذي عزهم ثم بيّته في بيته آمنا ، وأوقع بابن سنينة سيدهم ، وأوقع ببني قينقاع فأجلاهم وهم أهل جد يهود ، وكانوا أهل عدة وسلاح ونجدة ، فحصرهم فلم يخرج إنسان

٤٨

منهم رأسه حتى سباهم.

وكلهم فيهم فتركهم على أن أجلاهم من يثرب. يا قوم قد رأيتم ما رأيتم فأطيعوني وتعالوا نتبع محمدا ، والله إنكم لتعلمون أنه نبي قد بشرنا به وبأمره ابن الهيبان أبو عمير وابن حراش ، وهما أعلم يهود جاءانا يتوكفان قدومه وأمرانا باتباعه ، جاءانا من بيت المقدس وأمرانا أن نقرئه منهما السلام ، ثم ماتا على دينهما ودفناهما بحرتنا هذه.

فأسكت القوم فلم يتكلم منهم متكلم.

ثم أعاد هذا الكلام ونحوه ، وخوفهم بالحرب والسباء والجلاء ، فقال الزبير بن باطا : قد والتوراة قرأت صفته في كتاب باطا ، التوراة التي نزلت على موسى ، ليس في المثاني الذي أحدثنا.

قال : فقال له كعب بن أسد : ما يمنعك يا أبا عبد الرحمن من اتّباعه؟

قال : أنت يا كعب.

قال كعب : فلم؟ والتوراة ما حلت بينك وبينه قط.

قال الزبير : بل أنت صاحب عهدنا وعقدنا فإن اتّبعته اتّبعناه وإن أبيت أبينا.

فأقبل عمرو بن سعدى على كعب ، فذكر ما تقاولا في ذلك ، إلى أن قال عمرو : ما عندي في أمره إلا ما قلت ، ما تطيب نفسي أن أصير تابعا! رواه البيهقي (١).

__________________

(١) السيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ١٤٥ ـ ١٥٦ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٧٤ ـ ٨١ والنصوص المتقدمة موجودة ـ كلا أو بعضا ـ في المصادر التالية : الثقات ج ١

٤٩

__________________

ص ٢٤٠ ـ ٢٤٣ وتاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٤٩ والطبقات الكبرى ج ٢ ص ٥٧ وفتوح البلدان قسم ١ ص ١٨ ـ ٢٢ والوفاء ص ٦٨٩ ـ ٢١٣ والتنبيه والإشراف ص ٢١٣ والبدء والتاريخ ج ٤ ص ٢١٢ و ٢١٣ ودلائل النبوة لأبي نعيم ص ٤٢٢ ـ ٤٣١ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٦٠ ـ ٤٦٣ ومناقب آل أبي طالب ج ١ ص ١٩٦ و ١٩٧ ومجمع البيان ج ٩ ص ٢٥٧ ـ ٢٦٢ والبحار ج ٢٠ ص ١٥٧ ـ ١٧٣ وتفسير القمي ج ٢ ص ٣٥٩ و ٣٦٠ وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص ١٩٧ و ١٩٨ و ١١٩ ـ ١٢٣ والكامل لابن الأثير ج ٣ ص ١٧٣ و ١٧٤ وحياة الصحابة ج ٢ ص ٣٩٧ و ٣٩٨ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ١٩٩ ـ ٢١٢ وبهجة المحافل ج ١ ص ٢١٣ وشرحه بهامشه ، نفس الصفحات والمصنف للصنعاني ج ٥ ص ٣٥٧ ـ ٣٦١ والسيرة النبوية لدحلان ج ١ ص ٢٦٠ ـ ٢٦٣ وأنساب الأشراف قسم حياة النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ج ١ ص ٣٣٩ وتاريخ الأمم والملوك (ط دار المعارف) ج ٢ ص ٥٥٠ ـ ٥٥٥ ولباب التأويل ج ٤ ص ٢٤٤ فما بعدها ، ومدارك التنزيل بهامشه ، نفس الجزء والصفحة ، وتفسير جامع البيان ج ٢٨ ص ١٩ فما بعدها ، وغرائب القرآن بهامشه ج ٢٨ ص ٢٩ فما بعدها والجامع لأحكام القرآن ج ١٨ ص ٢ فما بعدها وفتح القدير ج ٥ ص ١٩٥ فما بعدها وأحكام القرآن للجصاص ج ٣ ص ٤٢٨ فما بعدها وأسباب النزول ص ٢٣٦ ـ ٢٣٩ وأحكام القرآن لابن العربي ج ٤ ص ١٧٦٤ فما بعدها والتفسير الكبير ج ٢٩ ص ٢٧٨ فما بعدها وزاد المعاد ج ٢ ص ١١٠ و ٧١ و ٧٢ وكذلك في ج ٤ ص ٤٩٨ فما بعدها والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج ٢ قسم ٢ ص ٢٨ وجوامع الجامع ص ٤٨٦ ـ ٤٨٨ وتفسير الصافي ج ٥ ص ١٥٣ فما بعدها وتفسير البرهان ج ٤ ص ٣١٣ والدر المنثور ج ٦ ص ١٨٧ ـ ٢٠٢ وحبيب السير ج ١ ص ٣٥٥ ـ ٣٥٦ ومغازي الواقدي ج ١ ص ٣٦٥ ـ ٣٨٣ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٦٣ ـ ٢٧٠ وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج ٤ ص ٣٣٠ ـ ٣٤٤ وعمدة القاري ج ١٢ ص ٤٣ وج ١٧ ص ١٢٥ فما بعدها.

٥٠

والنضير اسم جبل نزلوا به ، فسموا باسمه (١).

القتال في بني النضير :

يقول اليعقوبي ، بعد أن ذكر إنذار النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إياهم بالخروج من ديارهم وأموالهم ، فلم يمتثلوا استنادا لوعود ابن أبي والمنافقين : «.. فسار إليهم رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بعد العصر ، فقاتلهم ، فقتل منهم جماعة ، وخذلهم عبد الله بن أبي وأصحابه ، فلما رأوا : أنه لا قوة لهم على حرب رسول الله طلبوا الصلح ، فصالحهم على أن يخرجوا من بلادهم ولهم ما حملت الإبل ، من خرتي (٢) متاعهم. لا يخرجون معهم بذهب ، ولا فضة ، ولا سلاح» (٣).

وقال ابن الجوزي : «فقاموا على حصنهم يضربون بالنبل والحجارة» (٤).

وعند البعض : أنه لما جاء يستعينهم : «هموا بالغدر به ، وخرجوا يجمعون الرجال والسلاح» (٥).

وسيأتي ـ حين الحديث عن خراب بيوتهم ـ ما يدل على ذلك أيضا ..

__________________

(١) تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٤٩.

(٢) الخرتي : أردأ المتاع ، راجع : لسان العرب ج ٢ ص ١٤٥.

(٣) تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٤٩.

(٤) الوفاء ص ٦٨٩ وراجع : تاريخ الخميس ج ١ ص ٤٦١ وسيرة مغلطاي ص ٥٣ والبحار ج ٢٠ ص ١٦٥ عن الكازروني وغيره وزاد المعاد ج ٢ ص ٧١ ومغازي الواقدي ج ١ ص ٣٧١ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٦٥.

(٥) البدء والتاريخ ج ٤ ص ٢١٢.

٥١

وبعد أن ذكر الواقدي قدوم النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لحصارهم ، قال :

«.. وجعلوا يرمون ذلك اليوم بالنبل والحجارة ، حتى أظلموا ، وجعل أصحاب رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يقدمون من كان تخلف في حاجته ، حتى تتاموا عند صلاة العشاء. فلما صلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» العشاء رجع إلى بيته في عشرة من أصحابه ، عليه الدرع ، وهو على فرس ، وقد استعمل عليا على العسكر ، ويقال : أبا بكر.

وبات المسلمون يحاصرونهم ، يكبرون حتى أصبحوا.

ثم أذن بلال بالمدينة ، فغدا رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بأصحابه الذين كانوا معه ، فصلى بالناس في فضاء بني خطمة ، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم» (١).

وسيأتي عن قريب : أن بعض النصوص تقول : إنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» حصرهم ، وطلب منهم : أن يعطوه عهدا ، فأبوا. فقاتلهم يومهم ذاك ، ثم غدا على بني قريظة ، ودعاهم إلى أن يعاهدوه ، ففعلوا ، فغدا على بني النضير بالكتائب فقاتلهم حتى نزلوا على الجلاء.

وإنما قاتلهم لأنه كان بينهم وبين رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عهد ومدة ، فنقضوا عهدهم (٢).

قال السمهودي بعد ذكره رواية ابن إسحاق : «وأصح منه ما رواه ابن

__________________

(١) مغازي الواقدي ج ١ ص ٣٧١ وراجع : السيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٦٥.

(٢) تفسير القمي ج ٢ ص ٣٥٩. ومصادر كثيرة أخرى ستأتي في الفصل الثاني حين الكلام حول تاريخ غزوة بني النضير.

٥٢

مردويه ، بسند صحيح : أنهم أجمعوا على الغدر ، فبعثوا إلى النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : أخرج إلينا في ثلاثة من أصحابك ، ويلقاك ثلاثة من علمائنا ، فإن آمنوا بك اتبعناك.

فاشتمل اليهود الثلاثه على الخناجر ، فأرسلت امرأة من بني النضير إلى أخ لها من الأنصار مسلم ، تخبره بأمر بني النضير ، فأخبر أخوها النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بأمر بني النضير قبل أن يصل إليهم ، فرجع وصبحهم بالكتائب. فحصرهم يومه ، ثم غدا على بني قريظة ، فحاصرهم فعاهدوه. فانصرف عنهم إلى بني النضير ، فقاتلهم حتى نزلوا على الجلاء الخ ..» (١).

نصوص أخرى حول قضية بني النضير :

وفي بعض النصوص : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أجلهم عشرا ـ أو ثلاث ليال ـ فمن رؤي بعد ذلك ضربت عنقه ، فمكثوا أياما يتجهزون ، وأرسلوا إلى ظهر لهم بذي الجدر ، وتكاروا من أشجع إبلا ، فأرسل إليهم ابن أبي : أن

__________________

(١) وفاء الوفاء ج ١ ص ٣٩٨ وحياة الصحابة ج ١ ص ٢٩٦ و ٢٩٧ وفتح الباري ج ٧ ص ٢٥٥ وقال الكاندهلوي : وأخرجه أيضا أبو داود من طريق عبد الرازق عن معمر بطوله مع زيادة ، وعبد الرزاق ، وابن المنذر والبيهقي في الدلائل كما في بذل المجهود ج ٤ ص ١٢٤ عن الدر المنثور. وعن عبد بن حميد في تفسيره وراجع : شرح بهجة المحافل ج ١ ص ٢١٤ والمصنف ج ٥ ص ٣٥٩ وتفسير لباب التأويل ج ٤ ص ٢٤٤ وأسباب النزول ص ٢٣٧ والدر المنثور ج ٦ ص ١٨٩ عن عبد الرازق ، وعبد بن حميد ، وأبي داود ، وابن المنذر والبيهقي في الدلائل والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٦٤ و ٢٦٣ وتفسير القمي ج ٢ ص ٣٥٩.

٥٣

معه ألفين من قومه ، وغيرهم من العرب ، يدخلون معهم حصنهم ، ويموتون عن آخرهم ، وتمدهم قريظة ، وحلفاؤهم من غطفان ، فطمع حيي بن أخطب الخ .. (١).

وتذكر بعض النصوص : أنهم حين حاصرهم «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وقطع نخلهم ، قالوا : نحن نخرج من بلادك ..

فقال «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : لا أقبله اليوم. ولكن اخرجوا منها ، ولكم دماؤكم ، وما حملت الإبل ، إلا الحلقة ، فنزلت يهود على ذلك. وكان حاصرهم خمسة عشر يوما ..

إلى أن قال : وتحملوا على ستمائة بعير (٢).

ونلاحظ هنا : اختلاف النصوص في مدة الحصار ، من خمسة عشر يوما حسبما أشير إليه آنفا .. إلى : ست ليال (٣).

__________________

(١) راجع على سبيل المثال : طبقات ابن سعد ج ٢ ص ٥٧.

(٢) الطبقات الكبرى ج ٢ ص ٥٨ وعمدة القاري ج ١٧ ص ١٢٦ وحول حصرهم خمسة عشر يوما ، راجع : الوفاء ص ٦٩٠ والتنبيه والإشراف ص ٢١٣ ودلائل النبوة لأبي نعيم ص ٤٢٩ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٦١ وسيرة مغلطاي ص ٥٣ والبحار ج ٢٠ ص ١٦٥ و ١٦٦ عن الكازروني وغيره ، والسيرة النبوية لدحلان ج ١ ص ٢٦١ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٥٥٣ وأنساب الأشراف (قسم حياة النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله») ص ٣٣٩.

(٣) تاريخ ابن الوردي ج ١ ص ٥٩ والبدء والتاريخ ج ٤ ص ٢١٣ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٦١ عن سيرة ابن هشام ، وعن الوفاء ، وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص ١٩٨ ووفاء الوفاء ج ١ ص ٢٩٧ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٣

٥٤

وقيل : خمسا وعشرين (١).

أو ثلاثا وعشرين وفيها نزلت صلاة الخوف (٢).

أو نيفا وعشرين (٣).

أو قريبا من عشرين (٤).

أو عشرين (٥).

أو إحدى وعشرين (٦).

ومن جهة أخرى روي عن بعض أهل العلم : أن بني النضير قد ألقوا الحجر على رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فأخذه جبرئيل (٧).

__________________

ص ٢٢٠ والسيرة النبوية لدحلان ج ١ ص ٢٦١ وزاد المعاد ج ٢ ص ١١٠ والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج ٢ قسم ٢ ص ٢٨ وحبيب السير ج ١ ص ٣٥٥ والمغازي للواقدي ج ١ ص ٣٩٤ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٦٥ وتفسير القرآن العظيم ج ٤ ص ٣٣٢.

(١) عمدة القاري ج ١٧ ص ١٢٦ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٦٥.

(٢) عمدة القاري ج ١٧ ص ١٢٦ والجامع للقيرواني ص ٢٧٨ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٦٥.

(٣) مناقب آل أبي طالب ج ١ ص ١٩٧.

(٤) السيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ٢٦١.

(٥) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٦٥.

(٦) البحار ج ٢٠ ص ١٦٦ عن الكازروني وغيره وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٦٢ والجامع لأحكام القرآن ج ١٨ ص ٤ وبهجة المحافل ج ١ ص ٢١٤ والكشاف ج ٤ ص ٤٩٨ ولباب التأويل ج ٤ ص ٢٤٤ ومدارك التنزيل بهامش لباب التأويل ج ٤ ص ٢٤٤.

(٧) دلائل النبوة لأبي نعيم ص ٤٢٣.

٥٥

وفي نص آخر : أنه لما أشرف حامل الصخرة بها أخبر النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» جبرائيل بالأمر (١).

وكان الذين ذهبوا مع النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلى بني النضير ، لا يبلغون عشرة ، وهم : أبو بكر ، وعمر ، وعلي ، وطلحة ، والزبير ، وسعد بن معاذ ، وأسيد بن حضير ، وسعد بن عبادة (٢).

وفي رواية : لما رأوا قلة أصحابه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قالوا : «نقتله ، ونأخذ أصحابه أسارى إلى مكة ، فنبيعهم من قريش» (٣).

«ولزم رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» الدرع فبات فيه» (٤).

«وكان سعد بن عبادة يحمل التمر إلى المسلمين» (٥).

ولم يغثهم أحد ، ولم يقدر ابن أبي أن يصنع شيئا ، فجهدهم الحصار ، وضاقت عليهم الأحوال. فأرسلوا إلى النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بقبولهم الجلاء (٦).

وبعد حصارهم ، وقطع نخلهم قالوا : «يا محمد نخرج من بلادك ، وأعطنا مالنا ، فقال : لا ، ولكن تخرجون ولكم ما حملت الإبل ، فلم يقبلوا

__________________

(١) دلائل النبوة لأبي نعيم ص ٤٢٥ وراجع : مغازي الواقدي ج ١ ص ٣٦٥.

(٢) دلائل النبوة لأبي نعيم ص ٤٢٥ والمغازي ج ١ ص ٣٦٤ وعمدة القاري ج ١٧ ص ١٢٥ والسيرة النبوية لدحلان ج ١ ص ٢٦٠.

(٣) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٦٣.

(٤) مغازي الواقدي ج ١ ص ٣٧٢.

(٥) مغازي الواقدي ج ١ ص ٣٧٢ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٦٥.

(٦) راجع : تاريخ الخميس ج ١ ص ٤٦١.

٥٦

ذلك ، فبقوا أياما ثم قالوا : نخرج ولنا ما حملت الإبل ، فقال : لا ولكن تخرجون ولا يحمل أحد منكم شيئا ، فمن وجدنا معه شيئا من ذلك قتلناه. فخرجوا على ذلك» (١).

وكان منهم جماعة من أولاد الأنصار ، لأن المرأة من الأنصار كان إذا لم يعش لها ولد تجعل على نفسها : إن عاش لها ولد ، تهوده ، فلما أجليت بنو النضير ، قال آباء أولئك : لا ندع أبناءنا ، وأنزل الله : (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ) (٢) ، وهي مخصوصة بهؤلاء الذين تهودوا قبل الإسلام ، وإلا .. فإكراه الكفار الحربيين سائغ الخ .. (٣).

وقد ذكر البعض : أن ابن يامين قد جعل لرجل عشرة دنانير ، ليقتل عمرو بن جحاش (٤).

__________________

(١) تفسير القمي ج ٢ ص ٣٥٩ والبحار ج ٢ ص ١٦٩ و ١٧٠ عنه وراجع حول عدم قبول النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» منهم : لباب التأويل ج ٤ ص ٢٤٤ ـ ٢٤٥ ومدارك التنزيل بهامشه نفس الجلد والصفحة. وغرائب القرآن ، مطبوع بهامش جامع البيان ج ٢٨ ص ٣٣ ـ ٣٨ والجامع لأحكام القرآن ج ١٨ ص ١١ وتفسير الصافي ج ٥ ص ١٥٥.

(٢) الآية ٢٥٦ من سورة البقرة.

(٣) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٦٧ والجامع لأحكام القرآن ج ٣ ص ٢٨٠ عن أبي داود ولباب التأويل ج ١ ص ١٨٥ وفتح القدير ج ٥ ص ٢٧٥ عن أبي داود والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، وابن حبان ، وابن مردويه والبيهقي في السنن والضياء في المختارة والدر المنثور ج ١ ص ٣٢٨ عنهم وعن ابن مندة في غرائب شعبة وعن النحاس في ناسخه وعبد بن حميد وسعيد بن منصور.

(٤) مغازي الواقدي ج ١ ص ٣٧٤.

٥٧

وذكر البعض : أن المسلمين قد مشوا إلى بني النضير على أرجلهم ؛ لأنهم كانوا على ميلين من المدينة ، وكان رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» على حمار فحسب (١) أو على جمل (٢).

وكانت منازلهم بناحية الفرع ، وما يقربها ، بقرية يقال لها : زهرة (٣).

ليخبرن بما هممتم به :

وتذكر النصوص : أنهم حين ائتمروا بإلقاء الصخرة عليه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قال لهم سلام بن مشكم : لا تفعلوا ، والله ، ليخبرن بما هممتم به ، وإنه لنقض العهد الذي بيننا وبينه (٤).

زاد الواقدي : ألا فو الله ، لو فعلتم الذي تريدون ، ليقومن بهذا الدين منهم قائم إلى يوم القيامة ، يستأصل اليهود ، ويظهر دينه (٥).

وفي نص آخر : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» حين قام من بين أصحابه ،

__________________

(١) تاريخ الخميس ج ١ ص ٤٦١ والسيرة النبوية لدحلان ج ١ ص ٢٦٢ وراجع : ص ٢٦١ وذكر المسافة في فتح القدير ج ٥ ص ١٩٧. وراجع : الجامع لأحكام القرآن ج ١٨ ص ١١.

(٢) غرائب القرآن مطبوع بهامش جامع البيان ج ٢٨ ص ٣٨ وراجع : الجامع لأحكام القرآن ج ١٨ ص ١١.

(٣) وسيأتي توضيح ذلك مع مصادر أخرى إن شاء الله تعالى ..

(٤) الطبقات الكبرى ج ٢ ص ٥٧ ودلائل النبوة لأبي نعيم ص ٤٢٥ والسيرة النبوية لدحلان ج ١ ص ٢٦٠ وزاد المعاد ج ٢ ص ٧١ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٦٣ وعمدة القاري ج ١٧ ص ١٢٥.

(٥) مغازي الواقدي ج ١ ص ٣٦٥.

٥٨

وأبطأ ، ولم يرجع قال كنانة بن صوريا : جاءه والله الخبر الذي هممتم به (١).

وفي نص آخر : أنه قال لهم : هل تدرون لم قام محمد؟!

قالوا : لا والله ، ما ندري ، وما تدري أنت!

قال : بلى والتوراة إني لأدري ، قد أخبر محمد ما هممتم به من الغدر ، فلا تخدعوا أنفسكم ، والله ، إنه لرسول الله ، وما قام إلا لأنه أخبر بما هممتم به ، وإنه لآخر الأنبياء ، كنتم تطمعون أن يكون من بني هارون ، فجعله الله حيث شاء.

وإن كتبنا ، الذي درسنا في التوراة التي لم تغيّر ولم تبدل : أن مولده بمكة ، ودار هجرته يثرب ، وصفته بعينها لا تخالف حرفا مما في كتابنا ، وما يأتيكم به أولى من محاربته إياكم ، ولكأني أنظر إليكم ظاعنين ، يتضاغى (٢) صبيانكم ، قد تركتم دوركم خلوفا وأموالكم ، وإنما هي شرفكم ، فأطيعوني في خصلتين ، والثالثة لا خير فيها.

قالوا : ما هما؟

قال : تسلمون وتدخلون مع محمد ، فتأمنون على أموالكم ، وأولادكم ، وتكونون من علية أصحابه ، وتبقى بأيديكم أموالكم ، ولا تخرجون من دياركم.

قالوا : لا نفارق التوراة ، وعهد موسى.

قال : فإنه مرسل إليكم : أخرجوا من بلدي ، فقولوا : نعم ، فإنه لا

__________________

(١) الثقات ج ١ ص ٢٤١ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٥٥٢ والمغازي للواقدي ج ١ ص ٣٦٥ والسيرة النبوية لدحلان ج ١ ص ٢٦١ وزاد : من الغدر ، فلا تخدعوا أنفسكم والله ، إنه لرسول الله ، فأبوا أن يقبلوا.

(٢) تضاغى : تضور من الجوع وصاح.

٥٩

يستحل لكم دما ولا مالا ، وتبقى أموالكم ، إن شئتم بعتم ، وإن شئتم أمسكتم.

قالوا : أما هذا فنعم.

قال : أما والله إن الأخرى خيرهن لي ، قال : أما والله ، لولا أني أفضحكم لأسلمت ، ولكن والله ، لا تعيّر شعثاء بإسلامي أبدا ، حتى يصيبني ما أصابكم ، وابنته شعثاء التي كان حسان ينسب بها ، فقال : سلام بن مشكم : قد كنت لما صنعتم كارها الخ ..» (١).

ثم أرسل إليهم النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» محمد بن مسلمة وذكرهم بما كانوا ذكروه له من علامات النبي الموعود ، والمنطبقة على رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

وتستمر الرواية إلى أن تذكر رفض حيي بن أخطب مغادرة بلادهم ، فقال له سلام بن مشكم :

لا تفعل يا حيي ، فو الله ، إنك لتعلم ونعلم معك : أنه رسول الله ، وأن صفته عندنا ، وإن لم نتبعه ، حسدناه حين خرجت النبوة من بني هارون. فتعال ، فلنقبل ما أعطانا من الأمن ، ونخرج من بلاده. فقد عرفت أنك خالفتني في الغدر به ، فإذا كان أوان الثمر جئنا ، أو جاءه من جاء منا إلى ثمره. فباعها وصنع ما بدا له ، ثم انصرف إلينا. فكأنّا لم نخرج من بلادنا إذا

__________________

(١) مغازي الواقدي ج ١ ص ٣٦٥ و ٣٦٦ ودلائل النبوة لأبي نعيم ص ٤٢٦ ـ ٤٢٧ ويوجد ملخص عنه في إعلام الورى ص ٨٨ و ٨٩ والبحار ج ٢٠ ص ١٦٣ ـ ١٦٩ وتفسير القمي ج ٢ ص ٣٥٩ وتفسير الصافي ج ٥ ص ١٥٣.

٦٠