منتهى الدّراية في توضيح الكفاية - ج ٤

السيّد محمّد جعفر الجزائري المروّج

منتهى الدّراية في توضيح الكفاية - ج ٤

المؤلف:

السيّد محمّد جعفر الجزائري المروّج


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة دار الكتاب ( الجزائري ) للطباعة والنشر
المطبعة: مطبعة أمير
الطبعة: ٣
الصفحات: ٦٧١

.................................................................................................

______________________________________________________

.................................................................................................

__________________

الحكم الشرعي مطابقة ، ومن الدلالة الالتزامية ، كما إذا قال اللغوي : «الصعيد هو التراب الخالص» فانه أيضا اخبار عن الحكم الشرعي ـ وهو جواز التيمم ـ بالدلالة الالتزامية.

وبالجملة : فقول اللغوي حجة بمناط اخباره عن الحكم الشرعي التزاماً ، ولا فرق في حجية الاخبار عنه بين الدلالة المطابقية والالتزامية ، هذا.

أقول : قد يختلج بالبال أنه لا يخلو من الغموض ، إذ يتوجه عليه :

أولا : أن الدلالة الالتزامية وان لم تتبع الدلالة المطابقية في الحجية ، لكنها تتبعها في الوجود ، فدلالة قول اللغوي على الحكم الشرعي التزاماً منوطة بدلالة اللفظ على معناه المطابقي أولا ، والمفروض عدم كون اللغوي من أهل خبرة الأوضاع حتى يدل قوله على المعنى المطابقي ، ويكون الاخبار عنه اخباراً عن لازمه وهو الحكم الشرعي ، وانما هو من أهل خبرة موارد الاستعمال على ما قيل.

وعليه ، فدلالة قول اللغوي على الحكم الشرعي التزاماً ممنوعة ، فلو قال اللغوي : «الصعيد هو التراب الخالص» ودل النص على جواز التيمم بالتراب الخالص لم يدل قوله هذا من ناحية دلالته على جواز التيمم بالتراب الخالص على كونه معنى حقيقياً للصعيد أو مصداقاً له.

وثانياً : أنه يعتبر في الدلالة الالتزامية اللزوم عقلا أو عرفاً على ما هو مذكور في علم الميزان ، وذلك مفقود بين المعنى اللغوي والحكم الشرعي ، ضرورة أن الأحكام الشرعية مجعولات ثابتة لموضوعاتها تعبداً ، وليست من لوازمها

٣٤١

.................................................................................................

______________________________________________________

.................................................................................................

__________________

العقلية أو العرفية ، فجعل الأحكام الشرعية من لوازم المعاني اللغوية حتى يكون قول اللغوي اخباراً عنها التزاماً مما لم يظهر له وجه.

وبعبارة أخرى : لو قال الشارع : «الغناء حرام» وكان معنى الغناء مجملا ، لم يكن قول اللغوي : «الغناء مطلق الصوت المطرب» اخباراً عن حرمة الغناء التزاماً ، إلّا إذا ثبت أنه معنى الغناء مطابقة ، وأن الحرمة من لوازمه ، وقد عرفت آنفاً عدم ثبوتهما.

أما الأول ، فلعدم كون اللغوي من أهل خبرة الأوضاع.

وأما الثاني ، فلعدم كون الأحكام الشرعية من اللوازم العقلية أو العرفية لموضوعاتها.

وثالثاً : أنه يستلزم الدور ، حيث ان الدلالة الالتزامية ـ كما مر ـ تتوقف على الدلالة المطابقية ، وهي تتوقف أيضا على الدلالة الالتزامية ، إذ المفروض أن الاخبار عن اللازم ـ وهو الحكم الشرعي ـ يوجب الاخبار عن ملزومه وهو المعنى المطابقي اللغوي الّذي صار حجة لأجل الاخبار عن اللازم.

ورابعاً : أن قياس قول اللغوي على موضوع الحكم الشرعي ـ الواقع في الاخبار الثابت قطعاً تبعاً لحكمه ـ مع الفارق ، إذ الموجب لحجية خبر الواحد بالنسبة إلى الموضوع هو دلالة الاقتضاء ، بداهة أنه لو لم يثبت الموضوع المذكور في الخبر لم يمكن الاستدلال به على الحكم أصلا ، ولزم لغوية حجية خبر الواحد غالباً ، مثلا إذا قال الراوي : «سألت الإمام عليه‌السلام عن الفأرة التي وقعت في البئر ، فأجاب عليه‌السلام : أنه ينزح منها سبع دلاء» فانه لو لم

٣٤٢

.................................................................................................

______________________________________________________

.................................................................................................

__________________

يثبت بهذا الخبر وقوع الفأرة في البئر لم يكن وجه للاستدلال به على الحكم الشرعي وهو الانفعال الزائل بنزح سبع دلاء.

وما ذكره (قده) من الأمثلة من هذا القبيل سواء أخبر الراوي بالموضوع فقط كما إذا قال : «دخلنا على المعصوم عليه‌السلام يوم الجمعة ، وقال : هذا يوم عيد ، أو هذا المكان وادي العقيق» ، أم أخبر بالموضوع والحكم معاً ، كما إذا قال عليه‌السلام : «هذا مسجد الشجرة يجب الإحرام فيه ، أو المشعر الحرام يجب الوقوف فيه» فانه لو لم يثبت بخبر ابن مسلم مثلا كون هذا المكان أحد المكانين المذكورين لم يثبت وجوب الإحرام أو الوقوف فيه ، لعدم صحة التمسك برواية ابن مسلم مثلا على ذلك بدون ثبوت الموضوع.

والحاصل : أن دلالة الاقتضاء تقتضي حجية الخبر في كل من الحكم والموضوع ، بخلاف قول اللغوي ، لعدم جريان دلالة الاقتضاء فيه ، فلا دليل على حجيته الا ما ذكرناه في التعليقة السابقة لو تم ، فلاحظ.

ثم انه على تقدير عدم حجيته ، فان كان للفظ ظاهر عرفاً أخذ به وان لم يعلم كونه معنى مطابقياً له ، وان لم يكن له ظاهر فان تردد بين المتباينين وكان التكليف المتعلق به إلزامياً كما إذا فرض تردد الواجب يوم الجمعة بين أربع ركعات وركعتين وخطبتين احتاط بالجمع بينهما ، وان تردد بين الأقل والأكثر ، فعلى القول بالاحتياط في الأقل والأكثر الارتباطيين أتى بالأكثر ، وعلى القول بالبراءة فيهما أتى بالأقل.

ثم انه لا بأس ببيان الوجوه التي يمكن الاستدلال بها على حجية قول اللغوي

٣٤٣

.................................................................................................

______________________________________________________

.................................................................................................

__________________

إجمالا ، وهي أمور :

الأول : أن اللغوي من أهل الخبرة ، وقد استقر بناء العقلاء على الرجوع إلى أهل الخبرة من دون اعتبار العدالة والعدد ، بل ولا الإسلام.

وفيه : ما عرفت من أن اللغوي ليس من أهل الخبرة.

الثاني : إجماع العلماء على اعتبار قول اللغوي في تعيين الأوضاع اللغوية والرجوع إليه في تعيينها.

وفيه : أن تحقق الإجماع التعبدي في المقام ـ مع أنه ليس من موارده ـ غير معلوم ، لاحتمال استناد المجمعين إلى سائر الوجوه التي استدل بها على اعتبار قول اللغوي من حصول الوثوق لهم بقوله ، أو الانسداد الصغير ، أو غيرهما.

الثالث : جريان مقدمات الانسداد الصغير في باب اللغات.

وفيه : أن المدار في حجية الظن الانسدادي هو انسداد باب العلم والعلمي في معظم الفقه ـ لا في اللغة ـ كما قرر في محله.

الرابع : ما أفاده سيدنا الأستاذ (قدس‌سره) في حقائق الأصول ، وقد عرفته.

الخامس : ما بيناه في التعليقة السابقة بقولنا : «بل يمكن إثبات الوضع بقول اللغوي أيضا بعد البناء على وثاقته ... إلخ».

السادس : أن قول اللغوي يفيد الاطمئنان.

وفيه : أنه أخص من المدعى ، لاختصاصه بموارد اتفاق اللغويين ، وأما موارد اختلافهم فلا يحصل الوثوق بقولهم فيها.

٣٤٤

فصل (١)

الإجماع المنقول بخبر واحد (٢) [بالخبر الواحد] حجة عند كثير

______________________________________________________

(الإجماع المنقول)

(١) الغرض من عقد هذا الفصل البحث عن صغروية الإجماع المنقول لكبرى الخبر الواحد ، بمعنى : أن الإجماع المنقول بخبر الواحد هل هو من مصاديق الخبر الواحد ـ حتى إذا ثبتت حجية الخبر بما سيأتي من الأدلة كان الإجماع المنقول به حجة أيضا ـ أم لا؟ وسيأتي بيانه.

وقد تعرض لهذه المسألة شيخنا الأعظم بقوله : «ومن جملة الظنون الخارجة عن الأصل الإجماع المنقول بخبر الواحد عند كثير ممن يقول باعتبار الخبر بالخصوص نظراً إلى أنه من أفراده ، فيشمله أدلته ، والمقصود من ذكره هنا مقدماً على بيان الحال في الاخبار هو التعرض للملازمة (*) بين حجية الخبر وحجيته».

(٢) وأما المنقول بالخبر المتواتر فهو كالمحصل في الاعتبار ، ولذا خصصوا النزاع بالمنقول بخبر الواحد.

__________________

(*) لا يخلو هذا التعبير من المسامحة ، إذ المقام من باب استلزام الحكم

٣٤٥

ممن قال باعتبار الخبر بالخصوص (١) من جهة (٢) أنه من أفراده (*) من دون أن يكون عليه (٣) دليل بالخصوص ، فلا بدّ في اعتباره من شمول أدلة اعتباره (٤)

______________________________________________________

(١) أي : بدليل خاص لا بدليل عام كدليل الانسداد.

(٢) متعلق بـ «حجة» وتقريب لدليل المشهور القائلين بحجية الإجماع المنقول من جهة كونه من أفراد الخبر الواحد.

(٣) أي : على اعتبار الإجماع المنقول ، يعني : أن كون الإجماع المنقول من أفراد الخبر الواحد كاف في حجيته بعد ثبوت حجية نفس الخبر الواحد ، ولا تتوقف حجيته على وجود دليل يدل على اعتباره بالخصوص مع الغض عن أدلة حجية الخبر.

(٤) أي : اعتبار الخبر الواحد ، وضميرا «في اعتباره ، له» راجعان إلى الإجماع المنقول.

__________________

الثابت للكلي لبعض أفراده ، لا من باب الملازمة بين المتلازمين ، ولأجل فردية الإجماع المنقول للخبر كان الأنسب تأخيره عن بحث الخبر الواحد وجعله متمماً له ، لأن العلم بشمول أدلة حجية الخبر له منوط بتقديم بحثه على بحث الإجماع المنقول حتى يظهر أن المراد بالخبر معنى يشمل الإجماع المنقول. فلعل الأولى أن يقال : «هو التعرض لفردية الإجماع المنقول لخبر الواحد حتى يشمله دليل اعتباره لكونه من أفراده».

(*) لا يخفى أنه بناء على اختصاص أدلة حجية الخبر بالحسي لا يكون الإجماع المنقول من أفراده حتى يشمله إطلاق أدلته أو عمومها إلّا على بعض المباني في الإجماع كما سيجيء إن شاء الله تعالى.

٣٤٦

له بعمومها أو إطلاقها (١). وتحقيق القول فيه يستدعي رسم أمور:

الأول (٢) : أن وجه اعتبار الإجماع هو القطع برأي الإمام عليه‌السلام ، ومستند القطع به (٣) لحاكيه ـ على ما يظهر من كلماتهم ـ هو علمه (٤) بدخوله عليه‌السلام في المجمعين شخصاً ولم يعرف عيناً (٥) ،

______________________________________________________

(١) هذا الضمير وضمير «عمومها» راجعان إلى أدلة اعتباره.

ملاك حجية الإجماع

(٢) الغرض من عقد هذا الأمر بيان مناط حجية الإجماع المحصل ، وأنه القطع برأي الإمام عليه‌السلام ، ثم التعرض لمنشإ هذا القطع وأنه أحد أمور أربعة تعرض لها في المتن وسيأتي توضيحها.

(٣) أي : مستند القطع برأي الإمام عليه‌السلام لحاكي الإجماع.

(٤) أي : علم الحاكي برأيه عليه‌السلام ، وهذا هو الطريق الأول لاستكشاف قول المعصوم من الإجماع ويسمى بالإجماع الدخولي ، قال شيخنا الأعظم (قده) : «وعلى أي تقدير ، فظاهر إطلاقهم إرادة دخول قول الإمام عليه‌السلام في أقوال المجمعين بحيث يكون دلالته عليه بالتضمن ، فيكون الاخبار عن الإجماع اخباراً عن قول الإمام ... إلخ».

(٥) إذ مع معرفته عليه‌السلام عيناً يخرج المحكي عن الإجماع المنقول قطعاً ويدخل في نفس الخبر الواحد جزماً ، فيكون كسائر الروايات المروية عنهم عليهم‌السلام.

ثم ان هذا الإجماع الدخولي الموجب لعلم الناقل بدخول الإمام عليه‌السلام

٣٤٧

أو قطعه (١)

______________________________________________________

في المجمعين قد يكون بسماع هذا الناقل الحكم من جماعة يعلم إجمالا بأن أحدهم الإمام عليه‌السلام ، وقد يكون بغير السماع كما إذا ظفر بفتاوى متعددة يعلم بأن إحداها فتوى الإمام عليه‌السلام ، فان في هاتين الصورتين يعلم الناقل بدخول رأي الإمام عليه‌السلام في آراء المجمعين (*).

(١) معطوف على «علمه» وضمير «قطعه» راجع إلى حاكي الإجماع ، يعني : أو قطع الحاكي ـ باستلزام ما يحكيه من الإجماع ـ لرضا الإمام عليه‌السلام بمورد الإجماع من باب اللطف. وهذا هو الطريق الثاني من الطرق الأربعة التي يستكشف بها قول المعصوم عليه‌السلام المسمى بالإجماع اللطفي ، وهو طريقة الشيخ الطوسي (قده) وأتباعه ، وتقريبه : أن وجود الحكم الواقعي في أقوال أهل عصر واحد لطف ، وهو واجب على الإمام عليه‌السلام عقلا ، فإذا اتفق أهل عصر واحد على حكم واحد يعلم بقاعدة اللطف رضاه عليه‌السلام به ، قال الشيخ الأعظم (قده) : «الثاني : قاعدة اللطف على ما ذكره الشيخ

__________________

(*) فالمستفاد من كلماتهم اختصاص الإجماع الدخولي بدخول قوله عليه‌السلام في أقوال المجمعين سواء كان شخصه الأجل داخلا فيهم أم لا ، وعلى هذا فيكون فعله وتقريره عليه‌السلام خارجين عن الإجماع الدخولي المصطلح وان كانا حجتين أيضا ، كما إذا صدر فعل عن جماعة نعلم أن أحدهم الإمام عليه‌السلام ، أو صدر فعل من شخص بمحضر جماعة نعلم أن أحدهم الإمام عليه‌السلام ، فسكتوا بأجمعهم مع إمكان الردع منهم على تقدير كونه خلاف الواقع ، فان هذا الفعل أو التقرير ليس من الإجماع الدخولي المصطلح وان كان بنفسه حجة.

٣٤٨

باستلزام ما يحكيه لرأيه عليه‌السلام عقلا (١) من باب اللطف ، أو عادة (٢)

______________________________________________________

في العدة ، وحكى القول به عن غيره من المتقدمين ... إلخ» ثم ذكر بعض عبائر الشيخ من العدة ، فراجع.

(١) قيد للاستلزام ، و «من باب اللطف» متعلق به ، يعني : استلزام ما يحكيه الحاكي لرضا الإمام عليه‌السلام من باب اللطف.

(٢) معطوف على «عقلا» وهذا هو الطريق الثالث ، ويسمى بالإجماع الحدسي ، وهو على وجهين : الأول : أن يحصل العلم برأيه عليه‌السلام من اتفاق جماعة على نظر واحد ، مع الملازمة عادة بين اتفاقهم وبين رأيه عليه ، وذلك لأن اتفاق جمع على مطلب مع اختلاف الأنظار والأفكار يكشف عن كون ذلك المطلب الّذي اتفقوا عليه من رئيسهم ، وهذا الكشف عادي ، لا عقلي ، إذ لا ملازمة عقلا بينهما.

الثاني : أن يحصل العلم برأيه عليه‌السلام من اتفاق جماعة مع عدم الملازمة بين اتفاقهم ورأيه عليه‌السلام ، فالكشف عن رأيه عليه‌السلام يكون من باب الصدفة والاتفاق ، فاتفاق العلماء على حكم كاشف ـ في نظر الناقل ـ عن رأي الإمام من باب الاتفاق بلا استلزام عقلي أو عادي له ، ويكون هذا الكشف من جهة الحدس الّذي هو عبارة عن العلم الناشئ عن غير الحواس الخمس الظاهرة الشامل للاستلزام العقلي والعادي (*).

__________________

(*) لكن جرى اصطلاحهم في هذا المقام على إطلاق الحدس على العلم غير الحاصل من الإجماع الدخولي والتشرفي والملازمة العقلية الثابتة بقاعدة اللطف ، والملازمة الشرعية الناشئة من التقرير ، وهو إمضاؤه عليه‌السلام لقول أو فعل صدر بمحضره الشريف مع عدم مانع من ردعه ، فان سكوته عليه‌السلام

٣٤٩

أو اتفاقاً (١) من جهة الحدس [حدس رأيه عليه‌السلام] وان (*) لم تكن (٢)

______________________________________________________

ثم ان هذا الطريق تعرض له شيخنا الأعظم (قده) بقوله : «الثالث من طرق انكشاف قول الإمام لمدعي الإجماع الحدس ، وهذا على وجهين :

أحدهما : أن يحصل له ذلك من طريق لو علمنا به ما خطأناه في استكشافه إلى أن قال : الثاني : أن يحصل ذلك من مقدمات نظرية واجتهادات كثيرة الخطأ ... إلخ».

(١) معطوف على قوله : «عقلا» فكأنه قيل : أو قطعه باستلزام ما يحكيه لرأيه عليه‌السلام عقلا أو عادة أو اتفاقاً من جهة الحدس ، فمنشأ هذا القطع الاتفاقي هو الحدس.

(٢) قيد لقوله : «اتفاقاً» وبيان له ، يعني : أن هذا القطع الاتفاقي الحاصل من جهة الحدس يكون في صورة عدم الملازمة بين ما يحكيه مدعي الإجماع وبين رأيه عليه‌السلام ، إذ مع الملازمة بينهما لا يكون حصوله اتفاقياً بل هو عقلي أو عادي كما تقدم.

وبالجملة : فمستند القطع برأي الإمام عليه‌السلام كما يكون علم الحاكي بدخوله عليه‌السلام في المجمعين ، أو قطعه باستلزام ما يحكيه لرأيه عليه‌السلام

__________________

تقرير لذلك القول أو الفعل. وعليه ، فالحدس المصطلح عليه في الإجماع المنقول هو العلم الحاصل عادة أو اتفاقاً.

(*) في هذا التعبير مسامحة ، إذ ليس للاتفاق الا فرد واحد ، وهو ما لم يكن فيه ملازمة لا عقلا ولا عادة ، مع أن ظاهر العبارة وجود فردين له أشار إلى الخفي منهما بقوله : «وان لم تكن» فالأولى إبداله بقوله : «بأن لم تكن» ليكون مفسراً للاتفاق.

٣٥٠

ملازمة بينهما (١) عقلا ولا عادة ، كما هو (٢) طريقة المتأخرين في دعوى الإجماع ، حيث (٣) انهم مع عدم الاعتقاد بالملازمة العقلية ولا الملازمة العادية غالباً (٤) ، وعدم العلم بدخول جنابه عليه‌السلام في المجمعين عادة يحكون الإجماع كثيراً ، كما أنه (٥) يظهر ممن اعتذر عن وجود

______________________________________________________

عقلا أو عادة ، للملازمة العقلية أو العادية ، كذلك قد يحصل علمه به من جهة حدسه برأيه عليه‌السلام من باب الاتفاق والصدفة ، لا من جهة الملازمة بينهما عقلا أو عادة.

(١) أي : بين ما يحكيه مدعي الإجماع وبين رأي الإمام عليه‌السلام.

(٢) أي : الاستلزام الاتفاقي ، وغرضه (قده) استظهار المباني المعهودة في الإجماع من الكلمات ـ بعد بيان وجوه مستند القطع برأي الإمام عليه‌السلام ثبوتاً ـ وأنه أحد الطرق الثلاثة المتقدمة ، وسيأتي الرابع منها ، فان الظاهر من كلمات المتأخرين ـ بقرينة عدم اعتقادهم بالملازمة العقلية والعادية ، وعدم العلم بدخول المعصوم عليه‌السلام في المجمعين ـ هو كشف اتفاق المجمعين عن رأيه عليه‌السلام اتفاقاً وتصادفاً. وقد تعرض له شيخنا الأعظم (قده) بقوله : «... فلم يبق مما يصلح أن يكون مستنداً في الإجماعات المتداولة على ألسنة ناقليها الا الحدس ... إلخ» فراجع.

(٣) هذا وجه استظهار المصنف لكون مستند المجمعين هو القطع الحاصل برأيه عليه‌السلام من باب الاتفاق ، وقد تقدم توضيحه.

(٤) قيد لـ «عدم الملازمة» يعني : حيث انهم ـ مع عدم اعتقادهم بوجود الملازمة العقلية والعادية في غالب الموارد ـ يحكون الإجماع ، فقوله : «يحكون» خبر «انهم».

(٥) الضمير للشأن ، وهذا إثبات للإجماع الدخولي استظهاراً من كلمات

٣٥١

المخالف بأنه (١) معلوم النسب أنه (٢) استند في دعوى الإجماع إلى العلم بدخوله عليه‌السلام ، وممن (٣) اعتذر [عنه] بانقراض عصره (٤) أنه استند إلى قاعدة اللطف. هذا (٥)

______________________________________________________

القائلين باعتبار الإجماع ، لدخول الإمام عليه‌السلام في المجمعين ، وحاصله : أن الظاهر ممن يعتذر عن وجود المخالف بأنه معلوم النسب أن مستند علم ناقل الإجماع هو علمه بدخول الإمام عليه‌السلام في المجمعين ، وذلك لعدم قدح خروج معلوم النسب في العلم الإجمالي بدخوله عليه‌السلام في المجمعين ، وإلّا فخروجه قادح في ثبوت الملازمة مطلقاً كما لا يخفى.

(١) أي : بأن المخالف ، وهو متعلق بـ «اعتذر».

(٢) فاعل «يظهر» والضمير راجع إلى الموصول المراد به المعتذر.

(٣) معطوف على «من اعتذر» والغرض منه استظهار الإجماع اللطفي من كلمات الأصحاب ، وتوضيحه : أنه يكفى ـ في استلزام ما يحكيه مدعي الإجماع لرأي الإمام عليه‌السلام بقاعدة اللطف ـ اتفاق أهل عصر واحد ، فلا يقدح خروج من انقرض عصره ـ وان كان مجهول النسب ـ فيما تقتضيه قاعدة اللطف ، بخلاف الإجماع الدخولي ، فان خروج المجهول نسبه قادح في العلم الإجمالي بدخول الإمام عليه‌السلام في المجمعين ، وكذا يقدح في ثبوت الملازمة العادية ، بل الاتفاقية أيضا ، فتدبر.

(٤) أي : عصر المخالف ، وضمير «عنه» راجع إلى وجود المخالف ، وضمير «أنه» إلى المعتذر.

(٥) يعني : ما استظهرناه ـ من المسلكين المزبورين ـ من عباراتهم قد صرحوا به أيضا. وانما جعلنا المشار إليه موردي الاستظهار ـ أعني قوله : «كما

٣٥٢

مضافاً إلى تصريحاتهم بذلك (١) على ما يشهد به (٢) مراجعة كلماتهم ، وربما يتفق (٣) لبعض الأوحدي وجه آخر من (٤) تشرفه برؤيته عليه‌السلام وأخذه [وأخذ] الفتوى من جنابه ، وانما لم ينقل عنه (٥) ، بل يحكي

______________________________________________________

أنه يظهر ممن اعتذر ... إلخ» وقوله : «وممن اعتذر ... إلخ» أي : الإجماع الدخولي واللطفي فقط ، ولم نجعله شاملا للقسم الأول ـ أعني الإجماع الحدسي الاتفاقي ـ لأن المصنف (قده) جعله في كلمات المتأخرين من المسلمات ، ولذا عبر عنه بقوله : «كما هو طريقة المتأخرين».

(١) أي : بموردي الاستظهار وهما : الإجماع الدخولي واللطفي.

(٢) الضمير راجع إلى «ما» الموصول المراد به تصريحات الأصحاب بما ذكرناه من اللطفي والدخولي.

(٣) هذا هو الطريق الرابع من طرق استكشاف رأي الإمام عليه‌السلام والقطع به ، ومستند هذا القطع تشرف مدعي الإجماع بحضوره عليه‌السلام ، ويسمى بالإجماع التشرفي ، فيقول من يرزقه الله تعالى هذه النعمة العظمى : «إجماعاً» أو ينقل رواية مرسلة مثل قوله : «وروى كذا» ومن هنا يقال : ان مراسيل الكافي ليست كسائر المراسيل هذا ، ولا يخفى أن عد هذا من أقسام الإجماع لا يخلو من المسامحة ، بل هو أجنبي عنه.

(٤) بيان لـ «وجه آخر» وضميرا «تشرفه ، أخذه» راجعان إلى حاكي الإجماع

(٥) أي : وانما لم ينقل حاكي الإجماع الحكم عن الإمام عليه‌السلام بعنوان الرواية والحديث بأن يقول : «سمعته» أو «قال» ونحوه ، بل ينقله بنحو الإجماع لبعض دواعي الإخفاء.

٣٥٣

الإجماع لبعض دواعي الإخفاء (١) [الاختفاء].

الأمر الثاني (٢) : أنه لا يخفى اختلاف نقل الإجماع ، فتارة ينقل

______________________________________________________

(١) كالتقية كما في بعض الأزمان ، أو لما ورد من تكذيب من يدعي رؤيته ـ عليه وعلى آبائه الطاهرين أفضل الصلاة والسلام وعجل الله تعالى فرجه الشريف ـ في زمن الغيبة. مثل ما رواه البحار (١) عن إكمال الدين والاحتجاج : «خرج التوقيع إلى أبي الحسن السمري : يا علي بن محمد السمري ، اسمع! أعظم الله أجر إخوانك فيك ، فانك ميت ما بينك وبين ستة أيام ، فاجمع أمرك ، ولا توص إلى أحد يقوم مقامك بعد وفاتك ، فقد وقعت الغيبة التامة ، فلا ظهور الا بعد اذن الله تعالى ذكره ، وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب وامتلاء الأرض جوراً ، وسيأتي من شيعتي من يدعي المشاهدة ، ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذاب مفتر ، ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم» ثم قال العلامة المجلسي (قده) : «لعله محمول على من يدعي المشاهدة مع النيابة وإيصال الاخبار من جانبه عليه‌السلام إلى الشيعة على مثال السفراء ، لئلا ينافي الاخبار التي مضت وستأتي فيمن رآه عليه‌السلام والله يعلم».

اختلاف الألفاظ الحاكية للإجماع

(٢) الغرض من عقد هذا الأمر بيان جهتين : إحداهما ثبوتية ، والأخرى إثباتية. أما الجهة الأولى ـ وهي التي أشار إليها بقوله : «أنه لا يخفى اختلاف نقل الإجماع» ـ فهي : أن نقل الإجماع يتصور ثبوتاً على نحوين : الأول : نقل السبب والمسبب معاً الثاني نقل السبب فقط ، والمراد بالسبب هنا فتاوى العلماء الكاشفة عن رأي المعصوم عليه‌السلام ، والمسبب هو نفس قوله عليه‌السلام.

__________________

(١) البحار ، الطبعة الحديثة ، المجلد ٥٢ ص ١٥١ باب ٢٣ من أبواب الغيبة.

٣٥٤

رأيه عليه‌السلام في ضمن نقله حدساً (١) ، كما هو (٢) الغالب ، أو حساً وهو نادر جداً ، وأخرى لا ينقل إلّا ما هو السبب عند ناقله عقلا (٣) أو

______________________________________________________

أما النحو الأول ، فتارة يكون كلاهما حسيين كالإجماع الدخولي ، فان ناقل الإجماع الدخولي ينقل كلا من السبب والمسبب عن حس ، كما إذا قال : «اتفق المسلمون» أو «أجمعوا» أو «اتفقت الأمة» أو «أهل القبلة» الظاهر في دخول الإمام عليه‌السلام في ضمنهم. وأخرى يكون السبب حسياً والمسبب حدسياً كما في غير الإجماع الدخولي من اللطفي والتقريري ، والمراد بالحدس هنا ـ كما تقدم ـ مطلق ما لم يستند إلى إحدى الحواس الظاهرة ، فيشمل جميع أقسام الإجماع الا الدخولي ، والتشرفي ، أما الدخولي فلما تقدم من أن السبب والمسبب كليهما فيه حسيان ، وأما التشرفي فلخروجه عن الإجماع موضوعاً وان سمي به ، لما تقدم من وجهه.

وأما النحو الثاني أعني نقل السبب فقط ـ وهو الّذي أشار إليه بقوله : «وأخرى لا ينقل» ـ فحاصله : أن غرض ناقل الإجماع هو نقل نفس السبب أعني اتفاق العلماء بمثل «أجمع أصحابنا» الظاهر في عدم شموله للإمام عليه‌السلام ، ولا بد في صحة نقله من كون الاتفاق في نظره سبباً للكشف عن قول المعصوم عليه‌السلام. وأما الجهة الثانية الإثباتية فسيأتي بيانها.

(١) كما إذا أراد بالإجماع اتفاق جميع العلماء حتى الإمام عليه‌السلام ، فحينئذ يكون نقل رأي المعصوم عليه‌السلام حدسياً ، ونقل رأي غيره حسياً.

(٢) يعني : أن نقل رأي الإمام عليه‌السلام حدسي غالباً ، لما عرفت من ندرة الإجماع الدخولي والتشرفي ، فيكون نقل رأيه عليه‌السلام في غيرهما من سائر أنحاء الإجماع عن حدس ، كما هو واضح.

(٣) كما في الإجماع اللطفي.

٣٥٥

عادة (١) أو اتفاقاً (٢). واختلاف (٣) ألفاظ النقل أيضا (٤) صراحة وظهوراً وإجمالا (٥) في ذلك أي في أنه (٦) نقل السبب أو نقل السبب والمسبب.

الأمر الثالث (٧) : أنه لا إشكال في حجية الإجماع المنقول بأدلة

______________________________________________________

(١) كما في الإجماع الملازم عادة لرأي المعصوم عليه‌السلام.

(٢) كما في الإجماع الحدسي الموجب لقطع حاكيه برأيه عليه‌السلام صدفة واتفاقاً.

(٣) معطوف على «اختلاف نقل الإجماع» وهو إشارة إلى الجهة الثانية الإثباتية ، وهي استظهار أنحاء الإجماع من اختلافهم في التعبير ، وحاصله : أن ألفاظ نقل الإجماع تختلف ـ صراحة وظهوراً وإجمالا ـ في نقل السبب والمسبب معاً أو السبب فقط ، فإذا قال مثلا : «اتفق جميع العلماء حتى الإمام» كان صريحاً في نقل كل من السبب والمسبب ، وإذا قال : «اتفقت الأمة» كان ظاهراً في نقل السبب والمسبب معاً ، وإذا قال : «أجمع الأصحاب» كان ظاهراً في نقل السبب فقط ، وإذا قال : «أجمع علماؤنا» مثلا فربما كان مجملا.

(٤) أي : كاختلاف نقل الإجماع.

(٥) كل من هذه الكلمات الثلاث قيود لقوله : «واختلاف ألفاظ النقل» وقد تقدمت أمثلتها آنفاً.

(٦) أي : أن النقل نقل للسبب والمسبب معاً أو نقل للسبب فقط.

(حجية الإجماع المنقول الكاشف عن رأي الإمام)

(٧) الغرض من عقد هذا الأمر بيان حكم ما ذكره من أقسام الإجماع المنقول في الأمر المتقدم ، وأن أيّاً منها مشمول لأدلة حجية الخبر ، وتوضيحه : أن نقل الإجماع ان كان متضمناً لنقل السبب والمسبب معاً عن حس ـ كما في الإجماع

٣٥٦

حجية الخبر إذا كان نقله (١) متضمناً لنقل السبب والمسبب عن حس

______________________________________________________

الدخولي ـ فلا إشكال في شمول أدلة حجية خبر الواحد له ، لكون نقل الإجماع حينئذ من أخبار الآحاد الحسية. وان كان نقل الإجماع متضمناً لنقل السبب فقط عن حس ، فهو يتصور على وجهين :

الأول : أن يكون ذلك السبب سبباً في نظر كل من الناقل والمنقول إليه ، فيكون المسبب اللازم له حسياً أيضا ، وهذا القسم من الإجماع كالقسم المتقدم في الحجية وشمول أدلة اعتبار خبر الواحد له ، لأنه لما كان السبب الحسي سبباً في نظر المنقول إليه أيضا كان المسبب اللازم له حسياً أيضا ، لكن بدلالة التزامية ، ولا فرق في حجية الخبر بين مدلوله المطابقي كالقسم السابق ـ أعني الإجماع الدخولي ـ وبين مدلوله الالتزامي كهذا القسم ، فان الحكم المدلول عليه بالخبر سواء كان محكياً بالدلالة المطابقية أم الالتزامية يكون الخبر الدال عليه حجة ، والمفروض في المقام كون رأي الإمام عليه‌السلام لازماً عقلياً للسبب الّذي يحكيه ناقل الإجماع كما في قاعدة اللطف ، أو شرعياً كما في التقرير ، أو عادياً كما في غيرهما ، وهذا هو الّذي أشار إليه بقوله : «إلّا أنه كان سبباً بنظر المنقول إليه أيضا».

الثاني : أن يكون سبباً في نظر الناقل فقط ، وحاصل ما أفاده فيه : أن الأظهر عدم شمول أدلة حجية الخبر له ، لأنه لما لم يكن السبب في نظر المنقول إليه سبباً حسياً لم يكن المسبب في نظره حسياً ، فلا تشمله أدلة حجية الخبر ، إذ المتيقن من دليلها اللبي ، وكذا المنصرف من دليلها اللفظي من الآيات والروايات بعد تسليم دلالتهما هو الخبر الحسي.

(١) أي : نقل الإجماع ، وقوله : «بأدلة» متعلق بـ «حجية الإجماع».

وهذا إشارة إلى القسم الأول المتقدم بقولنا : «ان كان متضمناً لنقل السبب

٣٥٧

لو لم نقل بأن نقله كذلك (١) في زمان الغيبة موهون جداً (٢). وكذا (٣) إذا لم يكن متضمناً له (٤) ، بل كان ممحضاً لنقل السبب عن حس إلّا أنه (٥) كان سبباً بنظر المنقول إليه أيضا (٦) عقلا (٧) أو عادة (٨) أو اتفاقاً (٩) ،

______________________________________________________

والمسبب معاً».

(١) أي : متضمناً لنقل السبب والمسبب عن حس.

(٢) لندرة هذا النحو من الإجماع أي الدخولي ، وكذا التشرفي كما تقدم ، فما تشمله أدلة حجية الخبر ـ وهو نقل الإجماع متضمناً لنقل السبب والمسبب معاً عن حس ـ نادر جداً ، وما ليس بنادر ـ وهو نقله متضمناً لنقل المسبب فقط وهو رأي المعصوم عليه‌السلام ـ لا تشمله أدلة حجية الخبر ، لاختصاصها بالأخبار الحسية كما سيأتي.

(٣) معطوف على «إذا كان» أي : وكذا لا إشكال في حجية الإجماع إذا لم يكن نقل الإجماع متضمناً لنقل السبب والمسبب معاً عن حس ، بل كان نقلا للسبب فقط عن حس ، وهذا إشارة إلى أول الوجهين الأخيرين المتقدم بقولنا : «أن يكون ذلك السبب سبباً في نظر ...».

(٤) أي : لنقل السبب والمسبب عن حس ،

(٥) أي : أن نقل السبب فقط عن حس كان سبباً ... إلخ.

(٦) يعني : أنه سبب عند المنقول إليه كسببيته عند الناقل.

(٧) في الإجماع اللطفي.

(٨) في الإجماع الحدسي من باب الملازمة العادية.

(٩) في الإجماع الحدسي المجرد عن الملازمة العقلية والعادية.

٣٥٨

فيعامل حينئذ (١) مع المنقول إليه معاملة المحصل (٢) في الالتزام بمسببه بأحكامه (٣) وآثاره.

وأما إذا كان نقله (٤) للمسبب لا عن حس ، بل بملازمة ثابتة عند

______________________________________________________

(١) أي : فيعامل ـ حين كون نقل السبب فقط عن حس مع استلزامه لرأيه عليه‌السلام في نظر المنقول إليه ـ مع هذا الإجماع المنقول معاملة الإجماع المحصل ، لأنه بعد أن ثبت حجية السبب بأدلة اعتبار الخبر كان كتحصيل الإجماع للمنقول إليه ، فيترتب على هذا الإجماع المنقول ما يترتب على الإجماع المحصل من الالتزام بمسببه ، وهو رأي المعصوم عليه‌السلام.

(٢) لأن نقله للسبب ـ الّذي هو سبب بنظر المنقول إليه أيضا ـ نقل للمسبب عن حس ، لكن بدلالة التزامية لا مطابقية كما تقدم.

(٣) بدل عن «بمسببه» وضمائر «بمسببه ، بأحكامه ، آثاره» راجعة إلى المحصل.

(٤) أي : نقل الناقل للمسبب لا عن حس ، بأن نقل حاكي الإجماع السبب عن حس ، فيكون نقله للمسبب عن حس أيضا ، للملازمة بين اتفاق العلماء وبين المسبب عادة ، أو بملازمة ثابتة عند الناقل اتفاقاً لا عادة ، لكن لما لم يكن هذا السبب سبباً بنظر المنقول إليه فيكون مسببه مسبباً عن حدس ، وقد تقدم توضيح هذه الصورة بقولنا : «الثاني : أن يكون سبباً في نظر الناقل فقط ... إلخ» فراجع. وبما أوضحناه في معنى العبارة ظهر : أن الصواب سوق العبارة هكذا : «وأما إذا كان سبباً بنظر الناقل فقط فالمسبب وان كان عن حس لملازمة ثابتة عنده بوجه ، لكن لما لم يكن سبباً بنظر المنقول إليه كان نقله للمسبب بنظره نقلا له لا عن حس ، وفيه حينئذ إشكال أظهره عدم نهوض ... إلخ».

٣٥٩

الناقل بوجه (١) دون (٢) المنقول إليه ، ففيه (٣) إشكال ، أظهره عدم نهوض تلك الأدلة (٤) على حجيته ، إذ (٥) المتيقن من بناء العقلاء غير ذلك (٦). كما أن المنصرف من الآيات والروايات ـ على تقدير دلالتهما ـ ذلك (٧) ، خصوصاً (٨) فيما إذا رأى المنقول إليه خطأ الناقل في اعتقاد

______________________________________________________

(١) متعلق بـ «ثابتة» أي : تثبت الملازمة بأحد الوجوه السابقة من قاعدة اللطف وغيرها.

(٢) أي : لم تكن الملازمة ثابتة عند المنقول إليه.

(٣) جواب «وأما إذا كان».

(٤) أي : أدلة حجية الخبر على حجية الإجماع المنقول المتضمن لنقل المسبب عن حدس.

(٥) تعليل لـ «عدم نهوض» وقد تقدم توضيحه بقولنا : «لأن المتيقن من ... إلخ».

(٦) أي : غير النقل عن حدس ، وهو النقل عن حس.

(٧) المشار إليه : «غير ذلك» فالمراد أن المنصرف من الآيات والروايات هو غير الخبر الحدسي ، بل هو الخبر الحسي.

(٨) وجه الخصوصية هو : عدم كشف مثل هذا النقل عن قول المعصوم عليه‌السلام وعدم دلالته عليه بوجه ، فلا يكون اخباراً عن رأيه عليه‌السلام حتى تشمله أدلة حجية الخبر ، بل على تقدير شمول أدلتها لكل خبر من الحسي والحدسي لا يكون المورد مشمولا لها أيضا ، إذ المفروض عدم كشف هذا النقل الحدسي عن رأي الإمام عليه‌السلام للمنقول إليه حتى يكون من الاخبار الحدسية لتشمله أدلة اعتبار الخبر مطلقاً.

٣٦٠