تهذيب اللغة - ج ٨

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٨

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٤٠

سَقَطِ ، والسَّقطُ : الخطأ في الكتابة والحسابِ ، والسَّقَطُ من الأشياء ما تسقطهُ فلا تَعْتَدُّ به من الجند والقوم ونحوهِ ، والسَّاقطةُ : اللَّئيمُ في حسبه ونفسه ، وهو السّاقِط أيضاً ، والجميع السواقِط وأنشد :

نحنُ الصميمُ وهم السّواقِط

ويقال للمرأَةِ الدّنيئةِ الحمقاء : سَقيطةٌ ، والسُّقاطَاتُ من الأشياءِ ما يُتَهَاونُ به من رُذالةِ الطَّعامِ والثياب ونحوها.

ويقال : سَقَطَ الولدُ من بطنِ أمهِ ، ولا يقال وقعَ حينَ يولدُ ، وفلانٌ يحنُّ إلى مسقِطِهِ أي : حيث ولد ، وكل من وقعَ في مهواةٍ ، يقال : وقعَ وسقطَ ، وكذلك إذا وقعَ اسمه من الديوان. يقال : وقعَ وسقَطَ ، ومسقِطُ الرَّملِ حيث ينتهي إليه طرفهُ ، والسِّقاطُ في الفرسِ أن لا يزال منكوباً ، وكذلكَ إذا جاء مسترخيَ المشي والعدو.

يقال : يُساقِط العدْوَ سِقاطاً ، وإذا لم يلحقِ الإنسانُ مَلحقَ الكرامِ ، يقال : ساقط ، وأنشد :

كيف يرجونَ سِقَاطِي بعدَ ما

لفَّعَ الرأسَ مشيبٌ وصلعْ

قال : وسُقْط السحَاب يرَى طرفٌ منهُ كأنه ساقِطٌ على الأرض في ناحيةِ الأفقِ.

وقال غيره : يقال للفرسِ إنه ليساقط الشيء أي : يجيء منه شيءٌ بعد شيءٍ.

وأنشد قوله :

بذي مَيْعةٍ كأنّ أدنَى سِقاطهِ

وتقريبه الأعلى ذآليلُ ثعلبِ

وقال الله جلَّ وعز : (وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ) [الأعراف : ١٤٩].

قال الفراء : يقال : سُقِطَ في يده وأُسْقطَ من الندامة ، وسُقِط أكثر وأجود.

وأخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابيِّ : يقال : تكلم فما أسقطَ كلمةً وما سقط في كلمةٍ ، وخُبِّرَ فلانٌ خبراً فسُقِطَ في يده.

وقال الزّجّاج : يقالُ للرَّجل النَّادم على ما فرَط منه قد سُقِط في يدِه وأُسْقِط.

قال : وقد رُوي سَقَطَ في القراءة ، والمَعنى : لمَّا سقط الندم في أيديهم كما تقول للذي يَحصُل على شيء وإن كان مما لا يكون في اليد قد حصَل في يده من هذا مَكْرُوهٌ ، فشبَّهَ ما يَحصُل في القلب وفي النَّفس بما يَحصل في اليد ويُرَى بالعَين.

قال أبو منصور : وإنما حَسَّنَ قولَهم : سُقِطَ في يده بضمِّ السين غيرَ مسمًّى فاعِلُه الصِّفَةُ التي هي في يده.

ومِثله قولُه :

فَدَعْ عنك نَهْباً صِيحَ في حَجَرَاتِهِ

ولكن حديثاً ما حديثُ الرَّوَاحِل

٣٠١

أيْ : صاحَ المنْتَهِبُ في حَجَراتِه ، وكذلك المرادُ سَقط الندمُ في يدِه.

وأما قولُ الله : (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ) [مريم : ٢٥].

فقرأَ حمزةُ (تَسَاقط) مفتوحةَ التاءِ مُخَفَّفَةً.

وقرأَ حَفْصٌ عن عاصمٍ تُساقِطْ مضمومةَ التاءِ مكسورةَ القَافِ خَفيفةً.

وقرأ يعقوب الحَضْرَمِيُّ (تَسَّاقطْ) مفتوحةً مُشدَّدَةَ السِّينِ.

وقرأَ ابنُ كثيرٍ وأبو عمرو ونافع وابنُ عامر والكسائيُّ (يَسَّاقطْ) بفتح الياءِ والقاف وتَشْديد السِّين.

ورُوِيَتْ عن البرَاءِ بنِ عازبٍ ومَسْرُوق ومعنى يَسَّاقَط وتَسَّاقَطْ أنَّ الياء للجِذْع والتاءَ للنَّخْلة ، ونُصِب قولُه (رُطَباً) على التفسير المُحوَّل أَراد يَسَّاقط رُطَب الجِذع ، فلما حُوِّل الفعل إلى الجِذْع خرج الرُّطب مفسِّراً ، وهذا قول الفرَّاء.

قال : ولو قرأَ قارىءٌ : تُسْقِطْ عليكِ رُطباً يَذهبُ إلى النخلة ، أَو قال يُسْقط عليك : يَذهب إلى الجِذْع كان صواباً.

وقال ابنُ الفرَج : سمعت أبا المِقدامِ السُّلَميَّ يقول : تَسَقَّطْتُ الخَبرَ وتَبَقَّطْتُه إذا أَخذتُه شيئاً بعد شيءٍ قليلاً قليلاً.

وقال ابن السكيت يقال : تكلّمَ بكلامٍ فما سَقط بحرفٍ وما أَسْقطَ حرفاً ، وهو كما تقول : دخلْتُ به وأَدْخلْته وخرجْت به وأَخْرجتُه.

وتقول : سُؤْتُ به ظنّاً وأَسَأتُ به الظنَّ ، وتقولُ : جَنَّ عليه الليلُ بإسقاط الألِف مع الصِّفة ، وَأَجَنَّه الليل ، وجنَّه يَجُنُّه جنوناً.

طسق : قال الليث : الطَّسْقُ : مِكْيالٌ.

قال أبو منصورٍ : الطَّسْقُ شِبْهُ ضريبةٍ معلومة وليس بعَرَبيٍّ صحيح (١).

وقد جاء في بعض الأخبار.

ق س د

قسد  ـ  قدس  ـ  سقد  ـ  سدق (٢)  ـ  دقس  ـ  دسق.

قسد : قال الليث : القِسْوَدُّ : الغليظُ الرَّقبةِ القويّ.

وأنشد :

ضَخْمَ الذَّفارَى قاسياً قِسْوِدّاً

وقال غيره : الْقِسْوَدُّ : دُوَيْبَّةٌ.

__________________

(١) هذه رواية الصاغاني عن الأزهري ، كما جاء في «تاج العروس» (٢٦ / ٨٧) ، وفي «اللسان» (طسق)  ـ  نقلاً عن الأزهري  ـ  : «الطسق شبه الخراج له مقدار معلوم ، وليس بعربي خالص».

(٢) أهمله الليث. وجاء في «اللسان» (سدق): «السيداق ، بكسر السين : شجر ذو ساقٍ واحدةٍ قويّةٍ ، له ورق مثل ورق الصَّعتَر ولا شوك له ، وقشره حَرَّاق عجيب».

٣٠٢

سقد : أهمله الليث.

ورَوَى أبو العباس عن عمرٍو عن أبيه قال : السُّقْدُدُ : الفرسُ المُضَمَّرُ ، وقد أَسْقدَ فرسهُ وسَقَّده إذا ضمَّرَه.

وفي حديث أبي وَائلٍ عن ابن مُعَيْزٍ السَّعديِ : «خرجْتُ بالسحَر أُسَقِّدُ فَرساً» ، أي : أراد أنه خرج بفرَسه يُضَمِّرُه.

دقس : قال الليث : الدَّقْسُ ليس بعربي ، ولكنه اسمُ الملِك الذي بَنى المسجدِ على أصحاب الكهف دَقْيُوسُ.

أبو منصورٍ : كأَنّه روميٌّ.

وفي «نوادر الأعراب» : ما أَدْرِي أين دَقَس ولا أيْنَ دُقِسَ بِهِ ولا أين طَهَسَ وطُهِسَ به ، أي : أينَ ذُهِب به.

دسق : قال الليث : الدَّسَقُ : امتلاءُ الحَوض حتى يَفِيضَ.

يقول : أَدْسَقْتُ الحَوْضَ حتى دَسِق.

وأنشد قولَ رؤبة :

يَرِدْنَ تحتَ الأَثْلِ سَيّاح الدَّسَق

قال : والدَّيْسَقُ : اسم الحَوض المَلآن ماءً.

قال : والسّرابُ يُسمَّى دَيْسقاً إذا اشتدَّ جَرْيُه.

وقال رؤبةُ أيضاً :

هابِي العَشِيِ دَيْسَقٌ ضُحاؤُه

وقال أبو عمرٍو : دَيْسق أبيض وَقْتَ الهاجِرةِ.

وقال ابن الأعرابي : الدَّيْسق : الممتَلِىءُ يعني السَّراب.

وأما قول الأعشى :

وقِدْرٌ وطبّاخٌ وكأْسٌ ودَيْسق

فإنَّ أبا الهيثم قال : الدَّيسق : الطُّشْتَخَانُ وهو الفاثور ، قال : ويقال لكلِّ شيءٍ يُنيرُ ويضيء دَيْسَق ، ويوم دَيسقة يومٌ من أيّامِ العرَب معروفٌ ، وكأَنّه اسمُ موضع.

قال الجَعْدِيُّ :

نحنُ الْفَوارِس يَوْمَ دَيْسَقَةَ الْ

مُغْشُو الكُمَاةِ غَوَارِبَ الأَكَمِ

عمرٌو عن أبيه : الدَّيْسَق : الصّحْراءُ الواسعةُ.

قدس : قال الله عزوجل : (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) [البقرة : ٣٠] ، أي : نُطَهِّرُ أنفسنا لك ، وكذلك نفعلُ بمنْ أطاعَكَ ، نقدِّسهُ أي : نطهِّرُهُ ومن هذا قيل للسَّطْلِ القَدَسُ لأنَّهُ يُتَقَدَّسُ منه : أي : يتطهرُ ، ومن هذا بيت المقدس أي : البيتُ المطهر الذي يُتَطَهَّرِ بِهِ مِن الذُّنوبِ.

وقوله : (الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ) [الحشر : ٢٣].

قال : (الْقُدُّوسُ) : الطاهر : وهو من أسماء الله ، ونحو ذلك.

قال الأخفشُ : وقد قيلَ قَدُّوسٌ بفتحِ

٣٠٣

القافِ ، فأما القِراءة فبضم القافِ.

وجاء في التفسير : أنَ القدوس المباركُ ، ويقال : أرضٌ مقدسةٌ أيْ مباركَةٌ.

أبو نصر عن الأصمعي قال : القوادسُ : السُّفنُ الكبارُ.

وقال أبو عمرو : القادِسُ : السَّفينةُ العَظِيمَةُ ، وأنشد :

وتَهْفو بهَادٍ لَهَا ميلعٍ

كَما أقحَمَ القادِسَ الأَرْدَمُونا

قال : تهفو : تَميلُ يعني النَّاقَةَ ، والميلعُ : الذي يتحرَّكُ هكَذا وهكذا ، والأردمُ : المَلَّاحُ الحاذِقُ.

قال : والقَدَّاسُ : الحجَرُ ينصبُ على مصبِّ الماء في الحوضِ.

وقال غيره : القَدّاسُ : حجَرٌ يكون في وسطِ الحوضِ إذا غمرَهُ الماءُ رَويَتِ الإبلُ. وأنشد أبو عمرو :

لا ريْ حَتَّى يَتَوارَى قَدَّاسْ

ذَاكَ الجُحَيْرُ بالإزَاءِ الخنَّاسْ

وأنشد غيره :

نَئِفَتْ بِهِ وَلقدْ أرَى قَدَّاسَهُ

ما إنْ يوارَى ثم جاء الهيثمُ

قال : نئفَ إذا ارتوى.

وقال امرؤ القيس يَصِفُ الثوْر والكلاب :

فأدْرَكْنَهُ يأَخُذْنَ بالساقِ والنَّسا

كما شَبْرَقَ الولدَانُ ثوبَ المُقدِّس

قال شمر : أرادَ بالمقدسِ الراهِبَ ، وصبيانُ النصارى يتبَرّكونَ به ويمسحونَ ثيابهُ ويأخذُونَ خيوطَهُ حتى يتمزَّق عنه ثوبه.

وقال الليث : القُدْسُ : تنزيهُ اللهِ ، وهو القدُّوسُ المقَدَّسُ المتقدِّسُ.

قلت : لم يجئ في صفة الله غير القدُّوس ، ولا أعرف المتقدس في صفاته.

قال : والقُداسُ : الجمانُ من فضةٍ ، وأنشد :

كنظمِ قُدَاسٍ سِلكهُ متقطعُ

وقُدْسٌ : جَبَلٌ ، وقيل : جبل عظيم في نجد ، والقادسية : قريةٌ بينَ الكوفَةِ وعُذَيب.

وقال أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : القَدّاس : الحجرُ الذي يلقى في البئرِ ليعلم قدر مائها ، وهُوَ الْمِرجاسُ.

ق س ت

س ت ق  ـ  ق س ت : [مستعملة].

ستق : قال الفراءُ وغيره : دِرهمٌ سُتُّوقٌ لا خير فيه ، وهو معربٌ.

وقال أبو عبيد : المساتِقُ : فراءٌ طوالُ الأكمام واحدتُها مُسْتقة ، وأصلها بالفارِسيةِ مُشْتَهْ فعُرِّبتْ ونحو ذلك.

قال الليث : قست : مهمل.

٣٠٤

[ق س ظ] : مهمل (١).

ق س ذ

استعمل : سذق.

سذق : السذَقُ : من أعياد العجمِ معروف وهو معرّبٌ ، أصله شذه.

أبو العباسِ عن عمرو عن أبيه : السَّوذَقُ : الشَّاهينُ.

قال : والسوْذَقُ : السِّوارُ ، وأنشد :

ترى السَّوْذَقَ الوضّاحَ منها بمعصم

نبيلٍ ويأبى الحجلُ أن يَتقدما

أيْ : لا يتقدمُ خلخالها لخدالة ساقها.

وقال ابن الأعرابي : السوذقيُ : النشيط الحذِر المحتالُ ، ويقال للصقرِ سَوْذَقٌ وسَوذَنيقٌ وسوذانقٌ.

قال لبيد :

وَكَأَني ملجمٌ سوذَانقا

أَجْدَلِيّاً كَرُّهُ غَيْر وكَلْ

[ق س ث : مهمل](٢).

ق س ر

قسر  ـ  قرس  ـ  سرق  ـ  سقر : مستعملة.

قسر : قال الليث : القسر : القهْرُ على الكره.

يقال : قسَرته قسْراً واقتسرته أعمُّ ، قال : والقسْوَر : الرامي والصيادُ ، وأنشد :

وشَرشَرٍ وقسور نضرى

قال : الشَّرَشِر : الكلبُ ، والقسورُ : الصيادُ ، والجميعُ قُسورةٌ.

وقال الله : (فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (٥١)) [المدثر : ٥١] ، همُ الرماة.

قال أبو منصور : أخطأ الليث في تفسير الشَّرشِر والقسور معاً ، وأخطأ في القسورةِ أنه جمع القسور ، والشرشر والقَسور نبتانِ معروفانِ وقد رأيتهما معاً في البادِيةِ ، وذَكرهما الأصمعي وابن الأعرابي وغيرهما ، والنَّضْرى : الناضر الأخضرُ.

وأنشد ابن الأعرابي لِجُبَيْهاء في صفة مِعْزَى بحسْن القَبول وسرعةِ السِّمَن عَلَى أَوفَى المَرَاتِعِ :

فلوْ أنها طَافَتْ بطُنْبٍ مُعَجّم

نفَى الريّ عنه جَدْبُه فهو كالِحُ

أجاءَتْ كأَنّ القَسْوَرَ الجَوْنَ بَجَّهَا

عساليجُه والثَّامِرُ المتناوِحُ

قال ابن الأعرابيّ : ووَاحدةُ القَسْوَر قَسْوَرةٌ.

وأما قول الله عزوجل : (فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (٥١)) [المدثر : ٥١] فقد اختَلف أهلُ التفسير فيه ، فرَوى سلمة عن الفرّاء أنه قال : القَسوَرة : الرُّماةُ.

قال : وقال الكلبيُّ بإسنادِهِ هو الأسدُ.

__________________

(١) كذا في «العين» (٥ / ٧٤).

(٢) كذا في «العين» (٥ / ٧٤).

٣٠٥

قال : وحدثني أبو الأحوص عن سعيد بن مسروق عن عكرمة قال : قيل له : الأسد القسْوَرَةُ بلسان الحبشة ، فقال : القسْوَرَةُ : الرُّماةُ ، والأسد بلسان الحبشة عَنْبَسَةٌ.

وقال ابن عُيينة كان ابن عباس يقول : القسْوَرَةُ : رِكز الناس، يريد حِسَّهَمْ.

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي أنه قال : القسْوَرَةُ : الشجاع ، والقسْوَرَةُ : ظلمة أول الليل ، فهذا جميع ما حصلناه في تفسير القسْوَرَةِ.

أبو عبيد عن الفراء ، قال : القياسِرَة : الإبل العظام.

وقال الليث : القَيسريُ : الضخم الشديد المنيع.

قرس : قال الليث : القَرِسُ أكثر الصقيع وأبْردُه ، وأنشد بيت العجاج :

تقذُفنا بالقرْسِ بعد القرْسِ

دون ظهارِ اللِّبْسِ بعد اللِّبْسِ

قال : وقد قَرِسَ المقرورُ إذا لم يستطيع عملاً بيده من شدَّة الْحَصَرِ.

وأنشد :

فقد تصلَّيتُ حرَّ حربِهم

كما تصلَّى المقرور من قَرَسِ

وقد أقْرَسَه البرد ، قال : وإنما سمي القَرِيس قَرِيساً لأنه يجمدُ فيصير ليس بالجامسِ ولا الذَّائب ، تقول : قَرَسْنا قَرِيساً وتركناه حتى أقْرَسَه البرد ، وتقول : أقْرَسَ العودُ إذا جمسَ فيه ماؤه.

وفي الحديث : أن قوماً مروا بشجرةٍ فأكلوا منها فكأنما مرَّت بهم رِيحٌ فأخْمدَتهم فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «قَرِّسوا الماء في الشِّنان فصُبُّوه عليهم فيما بين الأذانين».

قال أبو عبيد قوله : قَرِّسوا يعني برِّدوا ، وفيه لغتان القَرَسُ بفتح الراء والقَرْسُ بسكونها قال : وهذا بالسين.

وأما الحديث الآخر : «أن امرأة سألت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن دم المحيض يُصيبُ الثوبَ فقال : قرِّصيه بالماءِ» ، فإِنّ هذا بالصاد ، يقول قطِّعيهِ ، وكل مقطع فهوَ مقرَّصٌ ، ومنه تقريصُ العجين إذا قطِّعَ لينبسطَ.

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابيّ أنه قال : القَرسُ : الجامد من كل شيء والقِرْسُ بكسر القاف هو : القرقسُ.

وقال ابن السكيت : القِرْقِسُ الذي يقال له الجِرْجِسُ.

وقال الأصمعي : يقال : أصبحَ الماءُ قَرِيساً ، أي : جامداً ، ومنه سُمِّيَ قَرِيسُ السمك ، وإن لَيْلتنا لَقَارِسةٌ ، وإن يومنا لَقارسٌ.

قال : وآلُ قَراسٍ : هضابٌ بناحيةِ السّرَاةِ وكأنَّهُنَّ سُمِّينَ آل قراسٍ لبَرْدِها.

أبو منصور ، هكذا رواه أبو حاتمٍ آل

٣٠٦

قَراسٍ بفتح القاف وتخفيف الرّاء.

وقال الليث : القراسَيةُ : الجمل الضخم ، تقول هذا جملٌ قُراسِيَةٌ ، ويقال للناقةِ أيضاً قُرَاسِيَةٌ ، وهو في الفحول أعَمُّ ، وليست القراسية نسبةً إنما هن على بِناءِ رباعِيَةٍ وهذه ياءات تزاد.

وأنشد لجرير :

يكفي بني سعدٍ إذا ما حارَبوا

عِزٌّ قراسيةٌ وجَدٌّ مِدْفَعُ

سرق : في حديث ابن عمر : أن سائلاً سأله عن بيعِ سَرَقِ الحرير فقال : «هَلَّا قلْتَ شُققَ الحرير».

قال أبو عبيد : سَرَقُ الحريرِ هي الشقَقُ أيضاً إلا أَنها البيضُ خاصةً.

وقال العجاج :

ونَسَجَتْ لوامِعُ الحَرورِ

سَبَائِباً كسَرَقِ الحَرِيرِ

الواحد منها سرقةٌ ، قال : وأَحسب الكلمة فارسيةً أصلها سَرَهْ ، وهو الجيِّدُ فَعُرِّبَ فقيل سَرَقٌ ، كما قالوا للخروفِ بَرَقٌ وأصله بَرَهْ ، وقيل للقباءِ يَلْمَقٌ وأَصله يَلْمَهْ والاسْتَبْرَق أَصله اسْتَبْرَهْ ، وهو الغَليظ من الدِّيباج.

وقال ابن الأعرابي : السَّرَق : شِقاق الحرير.

وقال الليث : السَّرَق مصدر فعل السّارق ، تقول : بَرِئْت إليك من الإباقِ والسَّرقِ في بَيْعِ العبيدِ ، والسّرِقَة الاسم والاستراق الختْلُ سرّاً كالذي يَسْتَرِقُ السمْع ، والكتبةُ يسترِقونَ من بعض الحسابات.

قال : والانسراقُ أن يَخْنِسَ إنسانٌ عن قومٍ ليذْهب ، وأما قولُ الأعشى يصفُ ظبْية :

فهي تَتْلو رَخْصَ الظَّلوفِ ضَيئلاً

فاتِرَ الطَّرْفِ في قواهُ انْسِرَاق

فالانْسراقُ : الْفُتور والضعفُ هاهُنا.

وقول الأعشى :

فيهنَّ مَحْرُوفُ النَّواصِفَ مَسرو

قُ البُغامِ شادِنٌ أَكْحَل

أراد أنَّ في بُغامِهِ غُنَّة فكأنَّ صوْتَهُ مسروقٌ ، وسُرَّقُ إحْدى كُوَرِ الأهْوازِ وهنّ سبع.

ويقال : سَرَّقْتُ الرجل إذا نَسَبْتُهُ إلى السرقةِ ، وفُلانٌ يُسارِق فُلانة النَّظر إذا تغفَّلها فنظر إليْهَا وهي لاهيةٌ عنهُ ، وسُراقةُ ابن مالك اسمُ رجُلِ من بَنِي مُدْلِجٍ ، وأخْبَرني أبو بكرٍ عن شمر قال : قال خالد بن جنبة : سَرَق الحرير جَيَّده ، وقد روي عن الأصمعي أيضاً ، وقال إنما هو بالفارسِيَّةِ سَرهْ ، وقال النَّضرُ : صَرَق بالصَّادِ.

سقر : قال النَّحْوِيُّونَ : سَقَرُ اسمٌ معروفٌ لجهنم نعوذُ بالله من سَقَر وهكذا قُرِئ : (ما سلككم في صقر) غير منصرف ، لأنه

٣٠٧

معرفة ، وكذلك لظى وجهنم.

قال الله تعالى : (وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ (٢٧) لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ (٢٨)) [المدثر : ٢٧ ، ٢٨] ، وقال أبو الْهيْثم : السقَّارُ : الكافِرُ.

ق س ل

قلس  ـ  سلق  ـ  لسق  ـ  لقس  ـ  سقل : مستعملة.

سلق : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنَّهُ قال : «ليْسَ مِنَّا من سَلَق أوْ حَلَق» قال أبو عبيد : سَلَق أي : رَفعَ صوْته عنْد المُصِيبة ، ومنْهُ خطِيب مِسْلق ومِسلاق ، وسَلّاقٌ ، والسينُ فيهِ أكثرُ من الصّادِ وأنْشد الأصمعيُّ :

فِيهم الخِصْبُ والسَّماحَةُ والنَّجْ

دةُ فيهمْ والخاطِبُ السَّلاق

ويُرْوى المسلاق.

أبو مَنصور : وفي سلق حديثٌ آخر

حدَّثَنا مُحمد بن إسحاق عن حَمْرٍ عن إسماعيل عن عَلِيٍّ عن عبد الله عن ابن جُرَيْحٍ أنَّهُ قالَ في قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لَيْسَ منَّا من سلق أو حَلَق»

قال : أمَّا حَلَق ، فالْمَرأَةُ تَحْلق القرن من رأسهَا ، وقوله من خرق فهو أن يشق درعها ، قال : وأما قوله أو سَلَق فهُو أن تَمْرُسَ المرأةُ وجهها وتصُكَّهُ، وقال بعض العرب : سلقهُ بالسوْطِ وملقهُ : أي نَزعَ جلدهُ ، وقالَ الليثُ : ركبتُ دابَّة فسلقْتني : أي سَحَجَتْ جِلْدِي.

أبو منصورٍ ، وقول ابن جُريجٍ في السلْق أعْجبُ إلي مِنْ قول أبي عبيد ، وروى عمرو عن أبيه أنه قال : السلائقُ : الشَّرائحُ ما بين الْجَنْبَيْنِ ، الواحدةُ سليقةٌ ، ويُقال : سَلَقْتُ اللَّحْمَ عن العظْمِ إذا التحيْتُهُ عنه ومنه قيلَ لِلذّئْبَةِ سِلْقةٌ.

ثعلبٌ عن ابن الأعرابيِّ. قال : يقال : سلق الشِّظَاظَ في عُرْوَتَي العِدْلَيْنِ وأَسْلقهُ ، قال : وأسْلَق إذا صادَ سِلْقَةً ، وأسْلق إذا ابْيَضَّ ظَهْرُ بَعِيرِه بَعْدَ بُرئِه من الدَّبَرِ ، ويقال : ما أبين سَلْقهُ يعْني ذلك البياضَ.

وقال الله جَلَّ وعَزَّ : (سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ) [الأحزاب : ١٩].

قال الفرَّاءُ : مَعناه : عَضُّوكُمْ بألسنَةٍ ، يقول : آذوْكمْ بالكلامِ في الأمر بِألسنةٍ سَلِيطةٍ ذَرِبَةٍ ، قال : ويقالُ صلقوكمْ بالصَّادِ أيضاً ، ولا يجوزُ في القراءَةِ ، وقال اللَّيْثُ : سَلقتُه باللِّسانِ أي أسْمَعْتُه ما كَرِهَ فأكْثَرْتُ ، ولسانٌ مِسلَق : حَدِيدٌ ذَلق ، وأخْبَرَني المنْذِريُّ عن اليَزيديّ عن أبي زَيد قالَ : يقال : فُلانٌ يقرأَ بالسليقةِ أيْ بالْفَصاحَةِ من قوله سلقوكمْ بألسنة.

وقال غيره : فلان يقرأ بالسليقيّة ، أي : يقرَأ بطبعه الذي نشأ عليه ولغته.

وروى أبو عبيد عن أبي زَيدٍ : إنه للئِيمُ الطَّبيعةِ والسلِيقة ، وقال أبو عبيد في

٣٠٨

السليقة مثله ، قال ومنه قيل : فلان يقرأ بالسليقيَّةِ أي بطبِيعتِه ليس بتعليمٍ.

أبو منصور : المعنى : أن القراءَةَ مَأْثورةٌ لا يَجُوز تَعدِّيها ، فإذا قَرَأَ البدويُّ بِطبْعه وَلُغَتِهِ ولم يتَّبِع سُنةَ القراءَةِ قِيل هو يقرأ بالسلِيقة.

ثَعْلب عن ابن الأعرابيِّ قال : السليقةُ : المحَجَّة الظاهِرة ، والسلِيقة : طبع الرَّجلِ ، قال : والسَّليق الْواسع من الطُّرقات ، والسلق أثر الدَّبَرِ إذا بَرِىءَ وابيض ، وقال غيره : يقال : لأثَرِ الأنساعِ في بَطْنِ البَعِير يَنْحَصُّ عنه الوبَر سلائِق ، شُبِّهَتْ بسلائِق الطرقات.

وقال اللَّيْث : السَّلِيقِيُ من الكلامِ ما لا يُتعاهدُ إعرابُهُ ، وَهو في ذَلِك فَصيحٌ بليغٌ في السمْعِ عَثُورٌ في النَّحْو. وقال غيره : السَّلِيقِيُ من الكلام : ما تكلّم به البدَوِيُّ بِطَبْعهِ ولغته ، وإنْ كان غيره من الكلام آثر وأحْسن. قال : والسليقة : مَخْرجُ النِّسْعِ في دَفِّ البَعيرِ ، وأنْشَد :

تَبْرق في دَفِّهَا سلائِقُها

قال : واشتق ذلك من قولك : سَلقتُ شيئاً بالماء الحارِّ ، وهو أن يذهب الوبرُ ويبقى أَثره ، فلما أحْرقَتْهُ الحبال شُبِّهَ بذلك فَسُمِّيتْ سَلائقَ.

وقال أبو عبيد : السَّلائقُ بالسّين ما سُلقَ من البُقُولِ.

أبو منصور : ومعنى قولهِ ما سُلق من البقولِ : أي طبخَ بالماءِ من بقول الربيع وأُكلَ في المجاعةِ وغيرها ، وكلُّ شيءٍ طَبَختهُ بالماءِ بحتاً فقد سَلَقتَهُ ، وكذلك البيض يطبخ في الماء بقشره الأعْلَى كذلك سَمعته من العرب.

وقال شمر : السَّلوقيَّةُ من الدُّروعِ مَنْسوبةٌ إلى سَلوقَ قَرْيةٍ باليمنِ.

وقال النابغةُ :

تَقُدُّ السَّلوقيَ المضَاعَف نَسْجُهُ

ويوقدنَ بالصَّفَّاحِ نار الحُبَاحِب

وأخبرني المنذري عن أبي الهيثم قال : السَّلْقُ : إدْخَالُ الشظاظ مرة واحدةً في عُروتي الجوالقَيْنِ عند العكمِ ، فإذا ثَنيتهُ فهو القطْب ، وأنشد :

أقول قَطْباً ونِعمّاً إنْ سَلقْ

لِحَوْقلٍ ذِرَاعهُ قد امَّلَقْ

قال الليث : السَّلوقيُ من الكلابِ والدُّروعِ أجْودُهَا ، والتَّسَلُّقُ الصعودِ على حَائِطٍ أمْلَسَ.

وقال غيره : باتَ فلانٌ يَتَسلّقُ عَلَى فِرَاشهِ إذا لم يَطمئِنَّ عليه من هم أو وجعٍ أقْلَقَهُ ، والصَّادُ في هذا أكثرُ.

وفي حديث جِبريلَ حينَ أخَذَ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو غُلامٌ صغيرٌ ، قال : «فَسَلَقني لِحَلاوَةِ القَفَا» أي : ألْقاني على الْقَفَا ، وقد سَلْقَيْتهُ على تقدير فَعْلَيْتُهُ مأخُوذٌ من السَّلْقِ وهو

٣٠٩

الإلقاءُ على القَفَا.

قال شمر : وقال الفراءُ : أخذَهُ الطبيبُ فَسلقاهُ عَلَى ظهره ، وقد اسْتلقى عَلَى قفاه.

ويقال : سَلَقَ جاريتهُ إذا ألْقاهَا عَلَى ظَهْرهَا ليُباضعهَا ، ومن العربِ من يقول : سَلقاهَا فاسْلَنْقَتْ على حلاوة قَفَاها.

وقال ابن شُميل : السِّلْقُ : الجكَنْدَرُ. وقال الليث : السِّلقُ : نَبْت.

قلت : السلق : له ورق طوال وأصله ذاهب في الأرض وورقه رخص يطبخ.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : السليقةُ : الذرة تُدَقُّ وتُصلَحُ وتطبخُ باللَّبَنِ.

أبو عبيد عن الأصمعي : السَّلَقُ : المستوي اللَّينُ وجَمْعُه سُلقانٌ والفَلَقُ المطْمَئِن بين الرِّبْوَتَيْنِ.

وقال ابن شميل : السَّلَقُ : القاعُ الأمْلسُ المستوي الذي لا شَجَرَ فيه.

وقال أبو عمرو : السَّلِيقُ : اليابسُ مِنَ الشَّجَرِ.

أبو منصور : ورأيتُ رِياضَ الصِّمانِ وقِيعانها وسُلْقانها.

فالسَّلَق ما اسْتوى من الأرض في ذُرَى قِفافِهَا ونجادِها ، وأما القِيعانُ فما اسْتوى بين ظَهْراني النِّجادِ ، والقِيعانُ تُنْبِتُ السِّدْرَ ، والسُّلْقانُ لا تُنْبِتُهَا ، والقِيعانُ أوسعُ وَأعْرَضُ وكلّهَا رِياضٌ لاسْتِراضةِ ماءِ السّماءِ فِيها.

وواحِدُ السُّلْقانِ سَلَق ، وتجمعُ أسلاقاً ، ثمَّ تجمعُ أسالق.

وقد يقال لما يلي اللهواتِ من الفمِ أسالق.

وقال جندل :

إني امْرُؤٌ أُحْسنَ غمْزَ الفائق

بين اللهَا الوَالِج والأُسالق

وناقَةٌ سَيْلقٌ : مَاضِيةٌ في سَيْرِهَا.

وقال الشاعر :

وَسَيْرِي مع الرُّكْبَانِ كلَّ عَشِيَّةٍ

أبارِي مَطَايَاهمْ بِأَدْماءَ سَيْلَقِ

وقال الأصمعي : السَّلِيق : الشَّجَرُ الذي أَحْرَقَهُ حَرٌّ أو بَرْدٌ.

لسق : قال الليث : اللَّسَق : أن تلتزِق الرئةُ بَالجنْبِ من شِدَّةِ العَطْش ، وأنشد :

وبَلَّ بَرْدُ الماءِ أعْضادَ اللَّسَق

أي : نواحيه.

قال : واللَّسُوق دَواءٌ كاللَّزوق.

أبو منصور : واللسق عند العرب هو الطَّنَى ، سُمِّيَ لَسقاً للزوق الرِّئَة بالجنب ، وأصله اللزق.

لزق ولسق ولَصِق قَريب بعضها من بَعْضٍ.

سقل : قال الليث : السُّقْلُ : لُغةٌ في الصُّقل ، وهو الخصْرُ.

٣١٠

وقال الْيَزيدي : هو السَّيْقل والصَّيْقَلُ ، وسَيْفٌ سَقيلٌ وَصَقيلٌ. قلت : والصاد في جميع ذلك أَفْصَح.

لقس : قال الليث : اللقِس : الشره النفس الحريص على كل شيء.

يقال : لَقِسَتْ نفسه إلى الشيءِ إذا نازَعَتْه إليه وحَرَصَتْ عليه.

قال : ومنه الحديث : «لا يقولَنَّ أحدكم خَبُثَتْ نفسي ولكن لِيَقلْ لَقِسَتْ نفسي».

أبو عبيد عن أبي زيد : لقِسَتْ نفسي لَقساً وتَمقسَتْ تمقُّساً كِلاهُما بمعنى غَثَتْ غَثَياناً.

شمر عن أبي عمرو : اللَّقيس الذي لا يستقيمُ عَلَى وجهٍ.

وقال ابن شميل : رجلٌ لَقِسٌ : سيءُ الخُلُق خَبيثُ النفس فحاشٌ.

أبو عبيد عن أبي زيد : لَقِسْتُ الناسَ ألْقَسُهُمْ ونَقِسْتُهُمْ أنقَسهم ، وهو الإفساد بينهم ، وأن تَسْخَرَ منهم وتُلَقِّبهُمْ الألقابَ.

أبو منصور : جعل الليث اللقَس الحرص والشره ، وجَعله غيره الغثيان وخبث النفس وهو الصواب.

قلس : قال الليث : القَلْس : حَبْلٌ ضَخْمٌ من ليفٍ أو خُوصٍ.

قال : والقَلْسُ ما خرج منَ الحلق مِلءَ الفم أو دُونه وليس بقيْءٍ ، فإذا غلبَ فهو القيْءُ ، يقالُ : قَلَسَ الرّجلُ يقلِسُ قَلْساً وهو خروج القلْسِ من حلْقه.

قال : والسحابة تَقْلِسُ النَّدى إِذا رَمَتْ به من غير مطرٍ شديد.

وأنشد :

نَدَى الرَّملِ مَجَّتْهُ

الْعِهادُ القَوالسُ

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : القَلْسُ : الشرْبُ الكثيرُ من النَّبيذ ، والقلْسُ : الغناءُ الجيدُ ، والقلسُ : الرَّقصُ في غِناءٍ.

أبو عبيد عن الأموي : المُقَلِّسُ الذي يلعب بين يدَيِ الأمير إذا دخل المصْرَ.

وقال الكميتُ :

غنّى المقَلِّسُ بِطْرِيقاً بأُسوارِ

أراد مع أسوارٍ.

وقال الليث : التَّقْليسُ : وضع اليديْنِ على الصَّدْر خُضوعاً كما يفعل النصارى قبْلَ أن يُكفِّروا أي : قبل أن يَسْجُدوا.

قال : وجاء في خَبرٍ : «لمّا رأَوْه قلَّسُوا له ثم كفَّرُوا» أي : سجَدُوا ، قال : والتَّقلُّسُ لُبْسُ الْقَلَنْسوةِ ، وصاحبها قَلَّاسٌ.

أبو عبيد عن الأصمعي : القُلَيْسِيَةُ وجمعها قَلاسٍ ، وقد تَقلْسَيْتُ ، قال : والقلَنْسِيةُ وجمها قَلانِسُ ، وقد تقلْنَسْتُ ، وأنشد :

إذا ما القَلَاسِي والعمائِمُ أُخْنِسَتْ

ففيهنَّ عن صُلع الرِّجال حُسور

٣١١

قال : ويقال : قَلَنْسوَةٌ وقَلانِس.

وقال الليث : وتجمعُ على القَلَنْسى ، وأنشد :

أهلَ الرِّياط البيض والقَلَنْسِي

شمر عن أبي زيد : قَلَسَ الرجل قَلْساً ، وهو ما خرج من البطن من الطّعام أو الشَّرابِ إلى الفم أعاده صاحبه أو ألقَاهُ.

قال : وقَلَسَ الإناءُ وقلَصَ إذا فاضَ.

وقال عمر بن لجَأ :

وامْتَلأَ الصَّمَّانُ ماءً قَلْسَاً

يَمْعَسُ بالماءِ الجِواءَ مَعْسَا

وقال ابن دريد : القُلَّيْسُ بِيعةٌ كانت بصنعاءَ للْحَبَشةِ هَدَمتها حِمْيرٌ.

قال : وأما القَلْسُ في الحبل فلا أدري ما صحتُه.

ق س ن

قنس  ـ  قسن  ـ  سنق  ـ  نقس  ـ  نسق  ـ  سقن مستعملة.

قسن : يقال : حَسَنٌ بَسَنٌ قَسَنٌ.

وقال الليث : القِسْيَنُ : الشّيخُ القديم ، وأنشد :

وهمْ كَمِثْل البازِلِ القِسْينِ

فإذا اشْتَقوا منه فعلاً همزوا فقالوا : اقْسَأَنَ ، قال : واقْسأَنَ الليل : إذا اشتدت ظُلمتُه ، وأنشد :

بِتُّ لها يَقْظَان واقْسَأَنَّتِ

أبو منصور : هذه همزَةٌ تُجْتَلَبُ كراهةَ جمعٍ بين ساكنَيْنِ وكان في الأصل اقْسانّ يَقْسَانُ ، وأنشد المنذري فيما يروي عن ثعلب عن ابن الأعرابيِّ

يا مَسَدَ الخُوصِ تَعَوَّد منِّي

إنْ تَكُ لَدْناً لَيِّناً فإنِّي

ما شئْتَ من أشْمَط مُقْسَئنّ

أبو عبيد عن الفراء قال : القُسَأْنينةُ من اقْسأَنَ العودُ إذا اشْتَدَّ وعَسَا.

ثعلب عن ابن الأعرابي : أقْسَنَ إذا صلُبَ بَدَنه على العمل والسَّقْيِ ، قال : والمقْسئنُ الذي قد انتهى في سنِّه فليسَ به ضعْفُ كِبَرٍ ولا قُوَّة شبابٍ.

نقس : قال الليث : النِّقْسُ : الذي يُكْتَبُ به ، والجميعُ الأَنقَاسُ ، والنَّقْسُ : ضربُ النَّاقوس : وهو الخشَبَة الطويلة ، والْوَبيل : الخشبةُ القصيرة ، يقال : نَقَسَ بالْوَبيل الناقُوس نَقْساً ، ويقال : شرابٌ نَاقِسٌ إذا حَمُض ، وقد نَقَسَ يَنْقُسُ نُقوساً ، وقال الجعدي :

جَوْنٌ كَجَوْن الخَمَّار حَرَّدُه الْ

خَرّاسُ لا نَاقِسٌ ولا هَزِمُ

ثعلب عن سلمة عن الفراء قال : اللَّقْسُ والنَّقْسُ والنَّقْزُ والهمْزُ واللَّمْزُ كله العَيْبُ ، وكذلك الفذْل.

الأصمعي : النَّقسُ والْوَقْسُ : الجرَبُ.

٣١٢

قنس : قال الليث : القَنْسُ تُسَمِّيه الفُرْسُ الراسَن.

أبو عبيد عن أبي زيد : القِنْسُ : الأصلُ ، يقال : إنه لكريم القنْس ، أي : كريم الأصْل.

وقال الليث : قونس الفرس ما بين أذنيه من الرأس ومثله قونس البيضة.

أبو عبيد عن الأصمعي : القوْنَسُ : مُقدّم البَيْضَةِ ، قال : وإنما قالوا قونَسُ الفَرَسِ لمقدّم رأسه.

وقال النَّضْرُ : القَوْنَسُ في البَيْضةِ سُنْبكها الذي فوق جُمْجمَتها وهي الحديدة الطويلة في أعلاهَا ، والجُمجمَة ظهر البَيْضةِ ، والبَيْضة التي لا جُمْجمة لها يُقالُ لها الموَأَّمَة.

وأنشد أبو عبيد :

نَعْلُو القوانِسَ بالسُّيوفِ ونَعْتَزِي

وَالْخَيْلُ مشْعَرة النّحورِ من الدَّم

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : القَنَسُ : الطُّلَعَاءُ ، أي : القَيْءُ القليل.

سنق : قال الليث : سَنِقَ الْحِمارُ وكلُّ دابَّةٍ سَنَقاً إذا أكلَ من الرُّطْبِ حتى أصابه كالبَشَمِ ، وهو الأجَمُ بعَيْنِهِ إلا أن الأجَمَ يُستَعْملُ في النَّاسِ ، والفَصِيلِ إذا أَكثر من اللَّبَنِ حتى كادَ يمرض ، وأنشد للأعْشى :

وَيَأْمرُ لِلْيحْموم كلَّ عَشِيَّة

بِقتٍّ وتعْليقٍ فقد كادَ يَسْنقُ

أبو عبيد : السنِقُ : الشّبْعان كالمتَّخم.

وقال غيره : أسْنَق فلاناً النّعِيمُ إذا قَرَّفه ، وقد سَنِقَ ، وقالَ لَبِيدٌ :

فهوَ سَحَّاجٌ مُدِلٌ سَنِق

لاحِق البَطْن إذا يَعْدو زَملْ

وسُنَّيْقُ اسم أكَمَةٍ معروفةٍ في بلاد العرب ذكرها امرؤُ القيْسِ فقال :

وَسنٍ كسُنّيْقٍ سناءً وسُنّماً

وقال شمر : سُنَّيْقٌ جَمْعه سُنّيْقاتٌ وسَنَانيقُ ، وهي الآكام.

قال : وقال ابن الأعرابي : لا أدري ما سنّيْقٌ.

أبو منصور : جعل شمرٌ سُنَّيْقاً اسماً للأكمَةِ ولم يجعلْه اسمَ أكمَةٍ بعينها وكأنَّ الذي قاله صوابٌ.

والسِّن : الثور الوحشيُّ.

نسق : قال الليث : النَّسَق : منْ كل شيء ما كان على طريقة نظامٍ واحدٍ ، عامٌّ في الأشياء ، وقد نَسَّقْتُه تنسيقاً ، ويخفَّفُ فيقالُ نسقتُه نسقاً ، ويقالُ انتسقتْ هذه الأشياءُ بعضها إلى بعض أي تنسَّقتْ ، وحرُوفُ العطفِ يسمِّيها النحويونَ حرُوفَ النسَق لأن الشيء إذا عطَفْتَه على شيء صارَ نظاماً واحداً.

أبو منصورٍ : وسمعتُ غير واحدٍ من

٣١٣

العربِ ، يقولُ لطَوارِ الجبَل إذا امتدَّ مُسْتوياً كالجدار نَسَقٌ ، ولذلك قيل للكلام الذي سُجِعَتْ فواصِله ، له نسق حَسَنٌ.

وقال ابن الأعرابي : أنْسق الرجُل إذا تكلمَ سَجْعاً.

قال : والنسق : كواكبُ مُصْطَفَّة خلفَ الثريَّا يقال لها الفُرُودُ.

وفي «النوادِر» : فلانٌ يتنَسَّق إلى فلانة الوصلَ : يُرِيغُ منها الوصْل.

سقن : ثعلب عن ابن الأعرابي : أسْقنَ إذا تمَّمَ جلاء سَيفِه.

قال : والأسقانُ : الخواصرُ الضامِرة.

ق س ف

قفس  ـ  سقف  ـ  فسق  ـ  سفق : [مستعملة].

قفس : قال الليث : القفْسُ : جِيلٌ بكرْمانَ في جِبَالِها كالأكراد.

وأنشد :

وكم قطعْنَا مِنْ عدُوٍّ شُرْسِ

زُطٍّ وأكرادٍ وقُفسٍ قُفْسِ

قال : وأمَةٌ قفساءُ ، وهي اللئيمَةُ الرديئةُ ولا تُنعَتُ بها الحُرَّةُ.

قال : والأقْفَسُ من الرجالِ المُقرِفُ ابنُ الأَمةِ ، ويقالُ للمَيِّتِ فجأةً قفَسَ يَقْفِسُ قُفُوساً.

هكذا أخبرني أبو الدُّقَيشِ ، وأخبرني المنذريُّ عن ثعلبٍ عن ابن الأعرابي : قفَسَ وطفَس إذا ماتَ ، وفقَسَ مِثْله ، وطفسَ وفَطَسَ مثل جَذَبَ وجَبَذ.

وقال اللحيانيُّ : قفَس فلانٌ فلاناً يقْفِسُه قفساً إذا جَذبه بشَعره سُفلاً ، ويقالُ : تركهما يتَقَافسانِ بشعُورهما.

وقال ابن شميل : أمةٌ قفساء وقفاسِ ، وعَبْدٌ أقفَسُ ، إذا كانا لئيمين.

فقس : قال ابنُ شميل : يقال لِلْعُودِ المنْحَنِي في الفَخِّ الذي ينقلِبُ على الطيرِ فيفسخُ عُنُقَه ويَعْتفِرُه : المِفقاسُ ، يقال : فَقسه الفخ.

وقال الليث نحوه في المِفْقاسِ.

وقال اللحياني : فقسْتُ البَيْضة أفقسها وأفقِصُها إذا فضَخْتها.

أبو عبيد عن أبي زيدٍ والأموي : فقسَ الرجلُ فُقوساً إذا مات.

سقف : قال الليث : السقفُ : غِماءُ البيتِ ، والسماء سَقفٌ فوق الأرض ، ولذلك ذُكِّرَ.

قال الله عزوجل : (السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ) [المزمل : ١٨] ، (وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (٥)) [الطور : ٥].

قال : والسقيفةُ : كلُّ بناءٍ سُقفتْ به صُفَّةٌ أوْ شِبه صُفة مما يكون بارزاً ، ألزمَ هذا الاسم لتفرقة ما بين الأشياء ، والسقيفةُ كل خَشَبةٍ عريضَةٍ كاللَّوْح أوْ حَجرٍ عريضٍ

٣١٤

يستطاعُ أنْ يُسقفَ به قُترةٌ أوْ غيرُها.

وقال أوْسُ بنُ حَجَرٍ :

لنَامُوسِه مِنَ الصَّفيح سقائفُ

قال : والصادُ لغةٌ فيها ، وأضلاعُ البعير تسمَّى سَقائفَ جَنْبَيه ، كل واحدَةٍ منها سقيفَةٌ.

والأسْقُفُ : رأسٌ مِنْ رُؤوس النصارى والجميعُ الأساقِفة.

أبو عبيد عن الأصمعي : الأسْقَف الطويل.

وقال الأسْقَف المنْحني :

وجعل ابن حِلِّزة النعاسة سقفاء

وقال الله : (لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ) [الزخرف : ٣٣].

قال الفراء : إنْ شِئتَ جعلتَ واحدَها سَقيفةً ، وإن شئتَ جَعلتَها جمعَ الجمع كأنكَ قلت : سَقْفٌ وسقوفٌ ، ثم سُقُفٌ كما قال :

حتى إذا بُلَّتْ حلاقِيم الْحُلُقْ

والسقائِفُ : عِيدان المُجبِّرِ.

فسق : قال الليث : الفِسق : التَّرْك لأمر الله ، وقد فسق يَفسُق فِسقاً وفسوقاً.

قال : وكذلك الميْل عن الطاعةِ إلى المعْصية كما فسق إبليس عنْ أمر ربه.

وقال الفرَّاءُ في قوله : (فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) [الكهف : ٥٠] ، خرجَ عن طاعةِ ربِّه.

قال : والعربُ تقول : فَسَقتِ الرُّطبة مِن قشرِها لخروجها منه ، وكأنَّ الفأْرَةَ سمِّيَتْ فُوَيْسِقَةً لخروجها من جُحرها على الناس.

وقال الأخفش في قوله : (فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) قال : عن ردِّه أمْرَ ربه ، نحوُ قول العرب : اتَّخَمَ عن الطعام ، أي : عن أكلِه الطعام ، ولمَّا رَدَّ هذا الأمرَ فسقَ.

قال أبو العباس : ولا حاجة به إلى هذا لأنَ الفسوقَ معناه الخروجُ : فَسَق عن أَمْرِ ربِّهِ ، أي خرَج.

وقال أبو عبيدة في قوله (فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) ، أي : جار ومالَ عن طاعتِه.

وأنشد :

فواسِقاً عن قَصْدِه جوائرا

وقال الليث : رجُلٌ فُسَق وفِسِّيق.

وأخبرني المنذريُّ عن أحمد بن يحيى أنه قال : فَسق أي خرج.

وقال أبو الهيثم : الفُسوق يَكون الشِّرْكَ ويَكون الإثمَ.

سفق : قال الليث : السَّفْق لغةٌ في الصَّفْق.

وَيقال : سفُق الثوبُ يَسفُق سَفاقةً إذا لمْ يَكن سخيفاً وكان سفِيقاً ، ورَجلٌ سَفِيق الوجْه : قليلُ الحياءِ ، والسفيق خلافُ السخِيف في النَّسَج ونحوه.

أبو زيدٍ : سَفَقْتُ البابَ وأسفقْتُه إذا رددْتُه.

٣١٥

ق س ب

قسب  ـ  قبس  ـ  سبق  ـ  سقب  ـ  بسق : مستعملة.

قسب : قال الليث : القَسْبُ : تَمْرٌ يابِسٌ يَتَفتَّتُ في الفم ، ومَن قاله بالصاد فقد أَخْطأَ.

قال : والقَسْبُ : الصُّلْبُ الشديد ، يقال : إنّه لَقَسْبُ العِلْبَاءِ صُلْبُ العَقَبِ والعَصَب ، وقال رؤبةُ :

قَسْبُ العَلَابيِّ جُرازُ الألْغَادْ

والفعلُ قَسُبَ قُسوبةً.

وقال ابنُ السكيت : سَمِعْتُ قَسِيبَ الماءِ وخَرِيرَه أي : صوْتَهُ.

وقال الليثُ : القَسِيبُ : صوتُ الماء تحت وَرَقٍ أو قماشٍ.

وقال عبيد :

أو جَدْوَلٍ في ظِلَالِ نخْلٍ

للماء مِن تحته قَسِيبُ

قال ابن السكيت : سمعت قسيب الماءِ وخريره وأَلِيلَهُ ، أي : صوته.

أبو عبيدٍ ، عن الأمويّ : القِسْيَبُ : الطويلُ من الرجال.

وقال أبو عمرو : القِسْيَبُ الطويلُ من كل شيءٍ الشديدُ.

وأنشد :

أَلَا أَراكَ يا ابْنَ بِشْرٍ خِبّا

تخْتِلُها خَتْلَ الوليد الضَّبَّا

حتى سَلَكْتَ عَرْدَكَ القِسْيَبَّا

في صَدْعِها ثم نَخَبْتَ نَخْبَا

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : القَسُّوبُ : الخُفُّ وهو القَفْشُ ، قال : والقاسبُ : الغُرْمُول المُتَمَهِل ، ونوَى القسْب أصلب النوى.

سقب : قال الليث : السّقْبُ والسَّقِيبَةُ : عمودُ الخِبَاءِ.

وقال ذو الرمَّة :

سَقْبَان لمْ يَتَقشّرْ عنهما النَّجَبُ

أي : طويلان ، ويقال صَقْبان ، وسَقْبُ الناقة بالسين لا غير.

وقال الأصمعي : الصُّقُوبُ : عُمُد الخِباء ، واحدُها صَقْبٌ.

وقال الليث : أَسْقَبت الناقةُ إذا وَضَعَت أكثرَ ما تضعُ الذُّكورَ وأَجْسمَت وأَنْبلَتْ فهي مِسقابٌ.

وأنشد :

غَرَّاء مِسقاباً لفَحْلٍ أَسْقَبا

يريدُ بقوله أَسْقبَ فعلاً ، ولم يجعلْهُ نعتاً.

أبو عبيد عن الأصمعي : إذا وَضَعَت الناقةُ فولدُها ساعةَ تضعُه سَلِيلٌ قبْل أن يُعْلَمَ أَذَكَرٌ هو أم أُنثى ؛ فإذا عُلم فإن كان ذكراً فهو سَقْبٌ ، وأُمُّه مُسقِبٌ.

وقالت الخنْسَاء :

٣١٦

لمّا اسْتبانت أَنَّ صاحبها ثَوَى

حَلَقَتْ وعلّتْ رأْسها بِسِقابِ

كانت المرأة في الجاهلية إذا مات زوجها حَلقتْ رأسها وخَمَشَت وَجْهها وحمَّرَتْ قطنةً من دَمِ نفسها ووَضَعتْها على رأسها وأخرجَت قطنَها مِنْ خَرْق قناعها لتُعْلِم الناس أنها مصابة ويسمَّى ذلك السِّقاب.

سبق : قال الليث : السَّبْق : القُدْمَةُ في الجَري وفي كلِّ أَمْر ، تقولُ له : في هذا الأمر سُبْقةٌ وسابقةٌ وسَبْق ، والجميع الأسباق ، والسوابق.

ثعلب عن ابن الأعرابي : السَبْق : مصدرُ سَبَقَ سَبْقاً ، والسبَق بفتح الباء : الخَطَر الذي يوضع في النِّضال والرِّهان في الْخَيْل فمن سَبق أَخَذه.

قال : ويقال : سبَّق إذا أخذ السبَق ، وسبَّق إذا أَعطى السَّبَق ، وهذا من الأَضْداد.

وقال محمد بن سلّام : العربُ تقول للذي يَسْبِق من الخيل سابق وسَبُوق ، وإذا كان يُسْبِق فهو مُسَبَّق.

وقال الفرزدق :

مِن المحْرِزينَ المَجْدَ يومَ رِهانِه

سَبُوق إِلى الغايات غيرُ مُسَبَّق

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا سَبَق إِلا في خُفٍّ أو حافِرٍ أو نَصْلٍ» ، فالْخُفُّ : الإبل ، والحافرُ : الْخَيْلُ ، والنَّصْلُ : الرَّمْيُ.

وفي حديث آخر : «مَنْ أدْخَلَ فَرَساً بَيْن فرسين فإنْ كانَ يُؤْمَنُ أنْ يُسْبَقَ فَلا خَيْرَ فيهِ وإنْ كانَ لا يُؤْمَنُ أن يسبقَ فلا بأسَ بهِ».

قال أبو عبيد : والأصلُ فيهِ أن يسبق الرجُلُ صاحبه بشيءٍ مُسمًّى على أنه إن سبق فلا شَيءَ له ، وإن سبقهُ صاحبه أخذَ الرَّهنَ ، فهذا هو الحلالُ لأنَّ الرَّهنَ مِن أحدِهمَا دون الآخر ، فإن جعل كلُّ واحدٍ منهما لصاحبهِ رَهناً أيهما سبق أخذَهُ فهذا القمارُ المنهيُّ عنهُ ، فإن أرادا تحليلَ ذَلكَ جعلَا معهمَا فَرَساً ثالثاً لِرَجُلٍ سواهما ، ويكون فَرَسُهُ كفئاً لفَرَسيْهِما ، ويسمى المحلل والدَّخيلَ ، فيضعُ الرَّجُلانِ الأولان رهنين منْهُمَا ، ولا يضعُ الثَّالثُ شيئاً ، ثم يُرسلونَ الأفراسَ الثلاثَةَ فإنْ سبق أحدُ الأولين أخَذَ رَهنهُ ورهن صاحبه فكانَ طيباً لهُ ، وإنْ سبق الدخيلُ أخذَ الرَّهنينِ جميعاً وإن سُبِق لم يغرم شيئاً ، فهذا معنى الحديث.

أبو منصور : وقد جاءَ الاسْتِبَاق في كتابِ اللهِ في ثَلاثَةِ مواضعَ بمعاني مُخْتلفةٍ منها قولهُ عزوجل : (إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنا يُوسُفَ) [يوسف : ١٧].

قال المفسرون : المعنى : ذهبنا ننْتَضِلُ في الرَّمي.

وقال : (وَاسْتَبَقَا الْبابَ) [يوسف : ٢٥] ، معناه : تبادَرا إلى البابِ ، تبادَرَ كلُّ واحد

٣١٧

منهما إلى الباب ، فإن سبقها يوسفُ فتحَ البابَ وخرجَ وإن سبقتهُ زُليْخَا أغْلَقَتْهُ لئلا يخرجَ ولِتُراوده عن نفسه.

والثالثُ قولهُ : (وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ (٦٦)) [يس : ٦٦] ، معنى استباقهمُ الصراطَ مُجاوَزَتهُمْ إياهُ حتى يضلُّوا ولا يهتدوا ، والاستباق في هذا الموضع من واحد ، وهو في الاثنين الأوَّلين من اثنين.

وقال الليث : السباقانِ في رِجلِ الطَّائرِ الجارح قَيداهُ من سير أو خيط ، وسَبَّقْتُ البازي إذا جعلت السِّباقَان في رجليه ، وسبَّقْتُ بين الخَيلِ إذا سابقتُ بينها والمصدرُ التسبيق.

بسق : قال الله عزوجل : (وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ (١٠)) [ق : ١٠].

قال الفراءُ : باسِقاتٍ : طِوالاً.

يقال : بسق طولاً ، فهو باسق ، فهن طوال النخل.

أبو عبيد عن الأصمعي قال : إذَا أشْرَق ضرْعُ النّاقَةِ ووقع فيه اللبنُ فهي مُضْرِعٌ فإذا وقع فيه اللِّبأُ قبلَ النِّتاج فهي مبسق ، فإذا دنا نتاجُها فهي مُدْنيةٌ.

وقال الليث : أبسقَتِ الشاةُ فهي مُبسق إذا أنزلتِ اللبن قبل الولاد بشهرٍ أو أكثرَ فتحلَبُ.

قال : وربما أبسقَتْ وليستْ بحامِل فأنزلتِ اللبن ، فهِيَ بَسُوق ومُبسق ومِبساق.

قال : وسمعتُ أنّ الجارِيةَ تُبسق وهي بكرٌ ، يصيرُ في ثدْيها لبنٌ ، وبسق وبصق وبزق واحِدٌ ، وبُساق جبلٌ بالحجازِ.

وقال اليزيديُّ : أبزَقَتِ الناقَةُ وأبسقت إذا أنزَلتِ اللبنَ.

قبس : قال الليث : القَبَسُ : شُعْلةٌ من النارِ يقتبسُهَا أيْ : يأخذُها مِنْ معظم النارِ.

قال : وقَبستُ العلم واقتبستُهُ ، وأقبستُهُ فلاناً وأقبستُ فلاناً ناراً أو خبزاً ، وأنشد :

لا تُقبِسَنَ العِلْمَ إلا امْرءاً

أعَانَ باللُّبِّ عَلَى قَبْسِهِ

أبو عبيد عَنْ أبي زَيد : أقبستُ الرجلَ علماً بالألفِ ، وقبستُهُ ناراً أقبِسه إذَا جئتَهُ بها ، فإنْ كانَ طلبها له ، قال : أقبسْتُهُ بالألف.

أبو عبيد عنْ الكسائي : أقبستُهُ ناراً وعلماً سَواء ، وقد يجوزُ طرح الألفِ منهما.

ثعلبٌ عن ابن الأعرابي : قبسني ناراً ومالاً وأقبسني عِلماً.

وقد يقال بغير ألِفٍ ، والقَوابِسُ : الذِينَ يقبسون الناسَ الخيرَ.

ابن شميل عن يونس : أتانا فُلَانٌ يقتبسُ العِلْمَ فأقبسناهُ أي عَلمناهُ ، واقتبسْنا فلاناً فأبى أن يقبِسنا أي يعطينا ناراً ، وقد اقتبسني إذَا قال : أعطني ناراً.

٣١٨

أبو عبيد : مِنْ أمثالِهِمْ في الرجُلين يجتمعان فيتفقانِ : «أُمٌّ لِقْوةٌ وأَبٌ قبيسٌ» فاللقوةُ مِنَ الإناثِ السريعةُ التلقِّي لماء الفَحْلِ.

قلت أنا : وسمعت امرأة من العرب تقول : أنا امرأة مقباس أرادت أنها تحمل سريعاً إذا ألمّ بها الرجل ، وكانت تستوصف دواء إذا شربته لم تحمل ، والْقَبيسُ من الفحول : السريعُ الإلقاحِ.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : القابوسُ : الرجلُ الجميلُ الوجهِ الحسنُ اللونِ ، وأبو قابوس كنيةُ النُّعمان بن المنذر ، وأبو قُبَيْسٍ جَبَلٌ بمكة معروف.

ق س م

قسم  ـ  قمس  ـ  سقم  ـ  سمق  ـ  مقس : مستعملة.

قسم : الحراني عن ابن السكيت : القَسْمُ مصدرُ قَسَمْت قَسْماً ، والقِسْمُ : الحظُّ والنصيب ، يقال : هذا قِسْمُكَ وهذا قسمي.

وقال الليث : يقال : قَسَمْتُ الشيءَ بينهم قَسماً وقِسْمَةً.

قال : والقَسيمَةُ : مصدرُ الاقتسام ، والقَسَمُ : اليمين.

وقال غيره : يقال : أقسمتُ إقساماً وقسماً ، فالإقْسامُ مصدرٌ حقيقيٌّ ، والقسمُ اسمٌ أُقِيمَ مقامَ المصدرِ ، وقَسِيمُكَ الذي يُقاسِمُكَ أرضاً ومالاً بينك وبينه ، ويقال : هذه الأرضُ قسيمَةُ هذه الأرض ، أي : عُزِلَتْ عنها ، والقَسَّامُ الذي يَقسمُ الدُّورَ والأرضين بين الشركاء.

وقال الله عزوجل : (وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ) [المائدة : ٣].

قال الزّجّاج : موضعُ أنْ رفعٌ ، والمعنى : حُرّمَ عليكم الاستِقسامُ بالأزْلام ، والأزْلامُ سِهامٌ كانت للجاهليةِ مكتوبٌ على بعضها أمَرَني رَبِّي وعلى بعِضها نهاني ربي ، فإذا أرادَ الرجلُ سَفراً أو أمراً ضربَ تلك القِداحَ فإن خرجَ السهم الذي عليهِ أمرني رَبِّي مضى لحاجتهِ ، وإنْ خرجَ الذي عليهِ نهاني رَبِّي لمْ يمضِ في أمرِهِ فأعلم اللهُ أن ذلك حرامٌ.

قال أبو منصور : وقولُهُ : (وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ) معناه : تطلبوا من جهةِ الأزْلام وما كُتِبَ عليها ما قُسِمَ لكم من الأمرين.

ومما يبين لك أن الأَزْلَامَ التي كانوا يَسْتَقْسِمون بها غير قداح الميسر. ما حدثنا به محمد بن إسحاق السعديّ ، عن الرّمادي عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري ، قال : حدّثني عبد الرحمن بن مالك المدلجيِّ ، وهو ابن أخي سُراقة بن جشعم (جعشم) أن أباه أخبره أنه سمع سُراقة يقول : جاءتنا رُسُل كفار قريش ، يجعلون لنا في رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبي بكر ،

٣١٩

دية كل واحد منهما لمن قتلهما أو أسرهما. قال : فبينا أنا جالس في مجلس قومي بني مُدْلج ، أقبل منهم رجل ، فقام على رؤُوسنا ، فقال : يا سُرَاقة! إني رأيت آنفاً أسْوِدة بالسَّاحل ، لا أُراها إلا محمداً وأصحابه. قال : فعرفت أنهم هم ، فقلت : إنهم ليسوا بهم ، ولكنك رأيت فلاناً وفلاناً ، انطَلقوا بغاةً. قال : ثم لبِثْت في المجلس ساعة ، ثم قمت فدخلت بيتي ، وأمرت جاريتي أن تخرج لي فرسي وتحبسها من وراء أكلمة.

قال : ثم أخذت رمحي فخرجت به من ظهر البيت فخفضت عالية الرمح ، وحططت رمحي في الأرض ، حتى أتيت فرسي فركبتها ورفعتها تُقرّبُ بي حتى رأيت أسودتهما ، فلما دنوت منهم حيث يُسمعهم الصوت ، عثرت بي فرسي فخررت عنها وأهويت بيدي إلى كنانتي وأخرجت منها الأزلام فاسْتقسمْتُ بها ، أأضيرهم أم لا ، فخرج الذي أكره ، أن لا أضيرهم ، فعصيت الأزلام وركبت فرسي ، فرفَّعْتُها تُقَرّبُ ، حتى إذا دنوت منهم ، عثرت فرسي ، وخَرَرْتُ منها. قال : ففعلت ذلك ثلاث مرات ، إلى أن ساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين ... في حديث فيه طول ، قلت : وهذا الحديث يبين لك ، أن الأزلام ، قِداح الأمر والنهي ، لا قِدَاح الميسر.

وقد قال المؤرّج ، وجماعة من أهل اللغة : إنّ الأزلام قداح الميسر وهو وَهم.

وقال ابن السكيت ، يقال : هو يَقسِمُ أمرهُ قَسْماً ، أي : يُقَدِّرُهُ ، ينظرُ كيف يعملُ فيهِ.

وأنشد للبيد :

فقولَا لَهُ إن كان يقسِمُ أمرَهُ

ألَمَّا يَعِظْكَ الدهرُ أُمُّكَ هابِلُ

ويقال : قَسَمَ فلانٌ أَمْرَهُ أي : مَيَّلَ فيه ، أَيفعلُ أَم لا يفعل.

أبو عبيد عن الفراء : القَسِمَةُ : الوجهُ.

ثعلب عن ابن الأعرابي : ما بين العينين قَسِمةٌ.

وقال الأصمعي : القسمةُ : أعالي الوجه.

وأخبرني المنذري عن المبَرِّد قال : زَعَمَ أَبو عبيدة أَن القسِماتِ مَجارِي الدُّموعِ واحدتها قَسِمَةٌ.

قال : ويقال : من هذا رجلٌ قسيمٌ ومقسَّم وأَنشد :

كأنَّ دَنانيراً على قَسِماتهم

وإن كانَ قد شفَّ الوجوه لقاءُ

أبو عبيد : القَسامُ : الحسْنُ ، وكذلك القَسامَةُ.

وقال الليث : القسيمةُ : المرأةُ الجميلةُ.

وقال عنترة :

٣٢٠