تهذيب اللغة - ج ٨

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٨

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٤٠

١
٢

٣
٤

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[هذا](١) كتاب حرف الغين من تهذيب اللغة

أبواب المضاعف منه

باب العين مع القاف

غ ق

غق : قال ابن المَظْفّر : تقولُ العَرَبُ : غَقَ القِدرُ يَغِقُ غَقيقاً.

قال وفي الحديثِ : «أَنّ الشَّمْسَ لَتُقَرَّبُ مِنْ رُؤوسِ الخَلْقِ  ـ  يومَ القيامَةِ  ـ  حتّى أَنَّ بطونَهُم تقول : غِقْ غِقْ».

قال : والصَّقرُ يُغَقْغِقُ في بعضِ أصواتِهِ.

قلتُ : غَقِيقُ القِدْرِ : صوتُ غليانِهِ ، سُمّى غَقيقاً ؛ لحكايتهِ صوتَ الغَلَيانِ ، وكذلك : غَقْغَقَهُ صوتِ الصّقرِ ، حكاية ، ومن هذا قيل للمرأةِ الواسعةِ المتاعِ حتى يُسْمَعَ لِهَنِها صوتٌ عندَ الخِلاط ؛ غَقَاقةٌ ، وَغَقوقٌ ، وخَقاقَةٌ وخَقُوقٌ.

والغَقُ : حكايةُ صوتِ الماءِ ، إذا دَخَل في مَضيقٍ ، وهو حِكايةُ صوتِ الغُدَافِ ، إذا بُحَّ صوتُهُ.

ثعلبٌ عن ابنِ الأعرابيِّ : الغَقَقَةُ : العَواهِقُ ، وهي الخَطاطِيفُ الْجَبَليةُ.

غ ك ،  ـ  غ ج

أهملت وجوهها :

باب الغين مع الشين

غ ش

غش ، شغ : مستعملان :

غش : رُوِيَ عن النبي صَلَى الله عليه وسلم : أنَّه قالَ : «لَيْسَ مِنّا مَنْ غَشّنَا».

قالو أبو عُبيد : معناهُ : لَيْسَ مِنْ أَخْلَاقِنَا الْغِشُ ، وهذا شبيهٌ بالحَدِيث الآخر : «الْمُؤْمِنُ يُطْبَعُ عَلَى كلِّ شَيْء إلا الخِيانَة».

__________________

(١) سقط هذا القسم من المطبوع وأثبتناه من «المستدرك على الأجزاء السابع والثامن والتاسع» من «تهذيب اللغة» بتحقيق الدكتور رشيد عبد الرحمن العبيدي.

٥

قلتُ : والغِشُ : نقيضُ النُّصْح ، وهو مأخوذٌ من الْغَشَشِ ، وهو المشْرَبُ الْكَدِرُ ، كذلك قال ابنُ الأنباري.

قال : وأَنشد ابنُ الأعرابي :

وَمَنهَلٍ تَرْوَى بهِ غَيرُ غَشَشْ ...

أي : غير كَدِرٍ ، ولا قَلِيل.

قال. ومن هذا : الغِشُ في الْبَيَاعَاتِ.

وقال الليثُ : غَشّ فُلانٌ فُلاناً يَغُشُّهُ غِشّاً ، إذا لم يَمْحَضْهُ النُّصْحَ ، وأغْتَشَشْتُ فلاناً ، أي : عَدَدْتُهُ غاشّاً.

قالَ : ويُقَالُ : لَقِيتُهُ غشَاشاً ، وذلكَ عِنْدَ مُغَيرِبَانِ الشَّمْسِ.

قلتُ : هذا التفسيرُ غيرُ صحيحٍ ، وصوابُه : لَقيتُهُ غِشَاشَا ، وعلى غِشَاشٍ ، إذا لَقِيتُهُ على عَجَلَةٍ.

وقال القُطامِيّ :

على مكَانٍ غِشاشٍ ما يُنِيخُ بهِ

إلا مُغَيِّرُنا والْمُسْتَقي العَجِلُ

وقال الليثُ : شُرْبٌ غِشَاشٌ ، أي : قَليلٌ.

قلتُ : شُرْبٌ غِشاشٌ : غيرُ مريءٍ ، لأنَّ الماءَ لَيْسَ بصافٍ ولا عَذْبٍ ، فلا يَسْتَمْرِئُهُ شاربُهُ ، وقال الفَرَزْدَقُ في المعنى الأول :

فَمَكّنْتُ سَيْفِي مِنْ ذَوَاتِ رِماحِهَا

غِشاشاً ولم أحفِلْ بكاءَ رِعائيا

أَرادَ : مَكَّنْتُ سَيْفِي من سِمَانِها على عَجَلَةٍ.

شغ : قال الليثُ : الشّغَغَةُ في الشَّرب : التّصْرِيدُ ، وهو القَليلُ ، قالَ رُؤبة :

لو كُنْتُ أَسْطِيعُكَ لم تُشَغْشِغِ

شُربي وما الْمَشْغُولُ مثلَ الأفْرَغِ

قلتُ : ومعنى قولِ رؤبَةَ : لم تُشَغْشغْ شُربي ، أي : لم تُكَدِّرْهُ.

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي : شَغْشغَ البئرَ ، إذا كدَّرَهَا.

قلتُ : وكأنه مقلوبٌ من : التّغشِيش ، والغَشَش ، وهو الكَدَر. وللشغْشغَةِ معنى آخر ، وهي حكايةُ صوتِ الطعنةِ ، إذا ردّدها الطاعنُ في حوفِ المطعونِ. وقال الهذلي :

الطعنُ شغشغَةٌ والضّرْبُ هيقَعَةٌ

ضربَ الْمُعَوِّلِ تحْتَ الديمةِ العَضَدَا

ويقال : شَغْشَغ الملجمُ اللجامَ في فمِ الدابة ، إذا امتَنَع (الدابةُ) عليه ، فردّده في فيه تأديباً.

وقال الهذلي :

ذو عَيّثٍ بَشْرٍ يَبَذُّ قَذالَهُ

إذْ كانَ شغْشَغَةً سوارُ المُلْجِمِ

ومن رواه :

إنّ كانَ ...

فتحَ : سوارَ.

[باب الغين مع الضاد]

غ ض

غض  ـ  ضغ : مستعملان.

غض : قالَ الليثُ : الغَضُ والغَضِيضُ :

٦

الطريُّ. وقال اللّحيانيّ : يقال : شَيْءٌ غضٌ بضٌّ ، وغاضٌ باضٌّ.

واختُلفَ في : فَعَلْتَ ، من : غَضٍ ، فبعضهُم يقول : غَضِضْتُ تَغَضُ ، وبعضهُم يقول : غَضَضْتَ : تَغِضُ.

أبو عُبَيد عن الأصمعيّ إذا بدأ الطَّلع ، فهُوَ الغَضِضُ ، فإِذا اخْضَرّ ، قيل خَضَبَ النخلُ ، ثم : هو البَلَحُ.

ثعلب عن ابنِ الأعرابيّ : يقال للطّلْعِ : الغِيضُ والغَضيضُ والإغْرِيضُ ، قال : ويقال : أنك لَغَضِيضُ الطرفِ ، نقيّ الظّرْفِ.

قال : والظّرفُ : وعاؤُه : يقول : لستَ بِخَائِنٍ.

قال : ويقال : غَضَّضَ ، إذا أكَلَ الغَضَ ، وهو الطّلع الناعِمُ.

وغَضَّضَ : إذا أصابَتْهُ غضاضَةٌ ، وغَضَّضَ : صار غَضّاً متنعّماً ، وهي : الغُضُوضَةُ.

وقال الليث : الغَضُ والغَضَاضةُ : الفُتُورُ في الطَّرْفِ.

ويقال : غَضَ وأغْضَى ، إذا دَانَى بينَ جَفْنَيهِ ، ولم يلاقِ ، وأنشد :

واحمَقَ عِرّيضٍ عَلَيه غَضَاضَةٌ

تَمَرَّسَ بي مِنْ حيْنِه وأنا الرّقِمْ

(قلتُ : قوله عليه غضاضة) أي : ذُلٌّ.

ورجلٌ غضيضٌ ، أي ؛ ذَليلٌ بَيِّنُ الغَضَاضَةِ ، ومن قومٍ أغِضَّةٍ وأَغِضَّاءَ ، وهمُ الأدلّاءُ.

ويقالُ : ما أردْتُ بذا غَضِيضَة فلانٍ ، ولا مَغَضَّتَهُ ، كقولك : ما أردتُ نَقِيصَتَه ، ومَنْقَصَتَهُ.

وقالَ اليثُ : الغَضُ : وزعُ العَذلِ ، وأنشد :

غضَ الْمَلَامَةَ إنِّي عَنْكَ مَشْغولُ

ويقالُ : غُضَ من بَصَرِكَ ، وغُضَ من صَوْتِكَ ، قالَ الله  ـ  جلّ وعزّ  ـ  (وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ) [لقمان : ١٩] ، أي : إخفِضِ الصوتَ ، ويقال ؛ غُضَ الطرفَ ، أي : كُفَّ النظَرَ ، وقال جرير.

فَغُضَ الطَّرْفَ إنّكَ من نُمَيرٍ

فلا كَعْباً بَلَغْتَ وَلا كِلابا

معناهُ : غُضَ نظَرَكَ ذلاً ومهانة.

ويقال : غُضَ من لجامِ فرسِكَ ، أي : صَوّبهُ ، وانقُضْ من غربه وحِدَّتِهِ.

ويقال : مَا غَضَضْتُكَ شَيئاً ، وما غِضْتُكَ شيئاً أي : ما نَقَصْتُكَ شيئاً.

وتقول للراكِب ، إذا سألْتَهُ أن يُعَرِّجَ عليك قليلاً : غُضَ ساعةً ، وقالَ الجعدي :

خَلِيلَيَ غُضَّا ساعةً وَتَهَجَّرا

أي : غُضّا من سيرِكما ، وعرّجا قليلاً ، ثم روّحا مُهَجِّرِينِ.

ويقال : غَضَغضتُ الشّيء ، فَتَغَضْغَضَ ، أي : نَقَصْتُه ، فَنَقَصَ.

٧

وقال الأحوص :

هُوَ البَحْرَّ ذو التَّيّارِ لا يَتَغَضْغَضُ

ولما مات عبدُ الرحمنِ بنُ عوفٍ ، قال عمرْو بنُ العاصِ : «هنيئاً لكَ ابنَ عوفٍ ، خَرَجْتَ من الدُّنيا بِبِطْنَتِكَ لم يَتَغَضْغَضْ منها شَيْءٌ».

قلتُ : ضربَ البِطْنَةَ مثلاً ، لوفُورِ أجرهِ الذي استوجَبَهُ بهجرتِه وجهادِه مع النبي صَلَى الله عليه وسلم وأنَّه لم يَتَلَبّسْ بشيءٍ من وَلايةٍ وعملٍ ينقُصُ أجورَهُ التي وَجَبَتْ له.

وروى ابن الفَرَجِ عن بعضِهم : غَضَضْتُ الغُصنَ ، وغَضَفْتُه ، إذا كَسَرْتَهُ ، فلم تنْعِمْ كسرَهُ.

وقال أبو عبيدٍ في بابِ : موتِ البخيل ، ومالهُ وافرٌ لم يُعْطِ منه شيئاً : من أمثالهم في هذا : «ماتَ فلانٌ بِبِطْنَتِهِ لم يَتَغَضْغَضْ منها شيءٌ».

قلتُ : والقولُ الأولُ أجودُ ، (في تفسير حديث ابن عوف).

ضغ : سلمة عن الفراء : إذا كان العجينُ رقيقاً ، فهو الضَّغِيغَة والرَّغِيغَةُ.

عمرو عن أبيه : هي الرّوضَةُ والضّغِيغَة والْمَرْغَدَةُ والْمَغْمَغَةُ ، وَالْمَرْغَةُ ، والْحَدِيقَةُ.

وقال ابنُ الأعرابي : تركنا بَني فُلانٍ في ضَغِيغَةٍ من الضغائِغ ، وهي العشبُ الكثيرُ.

وقال الليثُ : الضَّغِيغَةُ : لوكُ الدّرداء.

قال : وتقول : أقمتُ  ـ  عنده  ـ  في ضغيغِ دهرِه ، أي : قدرِ تمامهِ.

باب الغين والصاد

[غ ص]

غص ،  ـ  صغ : مستعملان.

غص : قال الليث : الغَصَّةُ شجىً يَغَصُ به في الْحِرْقِدَةِ.

وقال عديّ بن زيد :

لو بغيرِ الماء حَلْقي شَرِقٌ

كنتُ كالغَصَّانِ بالماءِ اعْتِصَاري

وقال غيره : أَغصَ فلانٌ الأرضَ علينا إغْصاصاً ، أي : ضَيِّقَها فغصَّتْ بنا ، أي : ضَاقَتْ.

وقال الطّرِمّاح :

أغَصّتْ عليكَ الأرضَ قحطانُ بالقَنا

وبالهُنْدُ وَانِياتِ والقُرَّحِ الجُرْد

ويقالُ : غَصِصْتُ باللُّقْمَةِ أغَصُ بها غَصَصاً.

صغ : أبو زيد : صَغْصَغَ ثريدَهُ صَغْصَغَةً ، أي : رَوّاهُ دَسَماً.

باب الغين والسين

غ س

غس ، سغ : مستعملان.

غس : ثعلبُ عن ابنِ الأعرابيّ : الغُسُسُ : الضعْفى في آرائِهِمْ ، وعقولِهِمْ ، والغُسُسُ :

٨

الرُّطَبُ الفاسِدُ ، الواحدُ : غَسِيسٌ.

قال : والمَنْسُوسَةُ من النّخيلِ : التي تُرْطِبُ ولا حلاوةَ لَها.

قال : ويُقالُ للهِرَّةِ : الخَازِبازِ والمَغْسُوسَة.

وقال أبو مِحْجَنٍ الأعرابيُّ : هذا الطعامُ غَسُوسْ.

صِدْقٍ ، وغَلُولُ صِدْقٍ ، أي طَعَامُ صِدْقٍ ، وكذلك : الشرابُ.

قال : وَغَسَ الرجُلُ في البِلادِ ، إذا دَخَل فيها ، ومضَى قُدُماً ، وهي لغةُ تَميم ، وقال رؤبةُ :

كالحُوتِ لما غَسَ في الأَنْهارِ

قال : وقَسَّ مثلُه.

وقال الليثُ : الغَسُ : زَجْرٌ للقطِّ ، قال : والغُسُ والغَسْلُ من الرِّجَال ، وجمعُهُ : أَغْساسٌ ، وأنشد :

أن لا تُبلّى بِجِبْسٍ لا فُؤادَ لَهُ

ولا بِغُسٍ عَبيدِ الفُحْش إزْميلِ

وقال غيرُهُ : غَسَسَتْهُ بالماءِ ، وغَتَتُّه ، أي : غَطَطْتُهُ.

وقال أبو وجزة :

وأتْغَسَّ في كَدِرِ الطِّمالِ دَعَامِصٌ

حُمْرُ البُطونِ قَصِيرَةٌ أعْمَارُهَا

أبو عبيدٍ عن الأصمعيّ : الغُسُ : الضَّعيفُ اللّئِيمُ ، وكذلك قال أبو زيد ، وأنشد ، لزُهيرٍ بنِ مَسعودِ :

فلم أرقِهِ إن يَنْجُ منها وإِنْ يَمُتْ

فَطَعْنَةُ لا غُسٍ ولا بِمُغَمِّرِ

سغ : قال : الليثُ يقال : سَغْسَغْتُ شيئاً في التُرابِ ، إذا دَخْدَخْتَهُ.

أبو عبيد عن أبي زيد : سَغْسَغْتُ الطَّعامَ سَغْسَغَةً ، إذا أوسَعْتَهُ دَسَماً.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : سَغْسَغَ رأسَهُ وامْرَغَهُ ، إذا رَوّاه دُهْناً ، وأنشد الليث :

أَن لم يُعِقْني عائقُ التّسَغْسُغِ

في الأَرضِ فآرقُبْنِي وَعُجْمَ المُضَّغِ

باب الغين والزاي

[غ ز]

غز  ـ  زغ : مستعملان.

غز : قال الليثُ : غَزّةُ : أرضُ بمشارِفِ الشّامِ ، وأنشدَ ابنُ الأعرابيِّ :

 مَيْتٌ بِرَدْمَانَ وميتٌ بِسَلْ

مَانَ ومَيْتٌ عِنْدَ غَزّاتِ

قلتُ : ورأيتُ في بلادِ بني سَعْدٍ بنِ زيدِ مناةَ رملةً ، يُقالُ لها : غَزّةُ ، وفيها أَحْسَاءٌ جمة ، ونخلٌ بَعْلٌ.

عمروٌ عن أبيه : الغَزَز : الخُصُوصِيَّةُ.

وقال أبو زيدٍ : تقول العربُ : قد غَزّ فلانٌ بِفُلانٍ ، فاغْتَزّ به ، واغْتَزَى بهِ ، إذا أُخْتَصّهُ من بينِ أصْحابِهِ.

وأنشد :

٩

فَمَنْ يَعْصِبْ بِليَّتِهِ اغْتِزازاً

فإنكَ قد مَلأْتَ يَداً وَشَامَا

قال أبو الْعَبّاسِ أحمدُ بنُ يحيى : مَنْ : شَرْطٌ  ـ  هَاهُنا  ـ  ، ويعصِب : يَلزَم. بِليّتِهِ : بِقَراباتِهِ ، اغْتِزازاً ، أي ؛ آخْتِصاصاً. واليَدُ هاهنا ، يريدُ : اليَمَنَ.

قال : معناهُ : من يَلْزَمْ ببرِّهِ أهلَ بيتِهِ ، فإنكَ قد مَلأتَ بمعروفِكَ من اليَمَنِ إلى الشامِ.

وقال ابنُ الأعرابي : الغُزّانِ : الشِّدْقانِ ، وأحدُهُما غُزٌّ. وقال الليث : أَغَزَّتِ البَقَرَةُ ، فهي مُغِزٌّ ، إذا عَشَّرَ حَمْلُهَا.

قلتُ : الصوابُ : أغْزَتْ فهيَ : مُغْزٍ من ذَوَاتِ الأربعة ، يقال للناقَةِ إذا تأخَّر حَمْلُها ، فاستأخَرَ نتَاجُها :

قد أغْزَتْ فَهْيَ مُغْزٍ ، ومنه قولُ رُؤْبَة :

والحربُ عَسْراءُ اللّقاحِ مُغْزِ

أراد : بَطُؤَ إقلاعُ الحَرْبِ ، وقالَ ذُو الرُمّةِ.

بِلَحْيَيْهِ صَكٌّ المُغْزِيَاتِ الرَّواكِلِ

قال شمر : أَغَزّتِ الشجرةُ إغْزازاً ، فهي مُغِزٌّ ، إذا كَثُر شَوْكُها ، وأَلتَفَّتْ.

زغ : قال الليث : زَغْزَغْتُ الرجُلَ إذا سَخِرتَ بِهِ.

وقال : المُفَضّل : الزْغْزَغَةُ : أَن تَخْبَأَ الشّيْءَ وتُخْفِيَهُ.

وروى أبو الأزهرِ للكِسائيِّ : زغزغ الرجل فما أَحْجَمَ ، أَيْ : حَمَل فلمْ يَنْكِصْ ، ولقيتُهُ فما زَغْزَغَ ، أَيّ : فما أَحْجَمَ.

قلتُ : ولا أدري : أصحيحٌ هو أم : لا.

باب الغين والطاء

[غ ط]

غط : قال الليثُ : يُقالُ : غَطّهُ في الماء يَغُطُّهُ عَطّاً ، أي : غَمَسَهُ وغَطّسَه وَقَدِ أَنْغَطّ في الماءِ انْغِطَاطَاً.

والغَطْغَطَةُ : صوتُ غَلَيانِ القِدْرِ ، وهي : الغَطْمَطَةُ : قال الراجز :

للرّضْفِ في مَرْضُوفِهَا غَطاغِطُ.

أبو عبيد : التّغْطِيطُ والغَرْغَرةُ : الصوتُ ، ورواهُ بعضهُم : التّغَطْمُطُ. والغَرْغَرةُ  ـ  أيضاً  ـ  صوتُ القِدْرِ.

وقال الليثُ : الغَطْغَطَةُ : يُحكى بها ضربٌ من الصَّوْتِ. قال : والغَطَاغِطُ : أُناثُ السِّخالِ.

قلتُ : هذا تَصْحِيفٌ ، وصوابُه : العَطَاعِطُ.

بالعَيْنِ ، الواحدُ : عُطْعُطٌ ، وعُتْعت ، قال ذلك ابنُ الأعرابي وغيرُه.

ويقال : غَطّ النائمُ يَغِطّ غَطّاً وغَطيطاً ، فهو غَاطٌّ.

أبو عبيد عن أصحابه : الغَطاطُ : القَطا  ـ  بفَتْح الغَينِ  ـ  واحدتُها : غَطاطَةٌ ، وأنشد :

فَأَثَارَ فارِطُهُمْ غَطاطاً جُثّماً

أصواتُهُ كَتَراطُنِ الفُرْسِ

قال : والغُطَاطُ : الصُّبْحُ  ـ  بضَمّ الغَيْنِ  ـ  ونحو ذلك قال ابن شُمَيلٍ : وأنشد أبو

١٠

العباس :

قام إلى ادْماءَ في الغُطَاطِ

وقال ابن السكيت : القَطَا ضَرْبانِ : جُوْنٌ ، وغَطاطٌ ، الغَطاط منها ما كان أسوَدَ باطنِ الجَناحِ ، طويلَ الرِّجْلَيْنِ ، مُصْفرّةَ الحُلُوقِ ، أغبرَ الظّهْرِ ، عظيمَ العَيْنِ.

والجُونُ هي الكُدْرُ ، تكونُ كُدْرَ الظُّهُورِ ، سودَ باطنِ الجَناحِ مُصْفَرّةِ الحُلُوقِ قصيرةَ الأرجُلِ ، في ذَنَبِها رِيْشَاتٌ أطوَلُ من سائر الذّنَبِ.

باب الغين والدال

[غ د]

غد  ـ  دغ : [مستعملان].

غد : قال الليثُ : أغدّتِ الإبِلُ ، إذا صار لها بَيْنَ الجِلْدِ واللّحْمِ غُدَدٌ من داءِ ، وأنشدَ :

لا بَرئَتْ غُدَّةُ مَنْ أَغَدّا

قال : والغدّةُ تكونُ  ـ  أيضاً  ـ  في الشّحْم.

أبو عُبَيْدٍ عن الأصْمَعيّ ، قال : من أدواءِ الإبِلِ : الغُدّةُ ، وهو طاعُونُهَا ، يُقالُ : بَعِيْرٌ مُغِدٌّ.

شَمِر عن ابنِ الأعرابيّ قال : الغُدَّةُ لا تكونُ إلا في البَطْنِ ، فإذا مَضَى إلى نَحْرِهِ ورُفْغِهِ : قِيلَ : بَعِيرٌ دَارِيّ.

قلتُ : وسَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ : غُدّتِ الناقَةُ فهي مَغْدُودَةٌ ، من الغُدَّةِ ، وغَدَّدْتُ الإبلَ فهي مُغَدّدَةٌ. وبَنُو فلانٍ مُغِدُّونَ ، إذا ظَهَرْتِ الغُدَّةُ في إبلِهِمْ.

وقال ابنُ بُزُرْجَ : أغَدّتِ الناقَةُ وأُغِدَّتْ ، ويقالُ  ـ  أيضاً  ـ  : غُدَّتْ ، فهي مَغْدُودَةٌ من الغُدَّةِ ، وبعيرٌ مَغْدُودٌ ، وغادٌّ ، ومُغِدٌّ ، ومُغَدٌّ ، وإبِلٌ مَغادٌّ ، وأنشد في الغادِّ :

عَدِمْتُكُمُ ونَظَرْتُكُمْ إلَيْنَا

بِجنْبِ عُكاظِ كالإبِلِ الغِدَادِ

قال : الغِدَادُ : جمْعُ الغَادِّ.

وأنشد أبو الهيثم :

وأحْمَدْتَ إذْ نَجَّيْتَ بالأمْسِ صِرمَةً

لها غُدَدَاتٌ واللَّواحِقُ تَلْحَقُ

قال : الغُدَدَاتُ : فُضُولُ السِّمَنِ ، وما كانَ من فُضولٍ وبرٍّ حَسَنٍ ، وهو قَوْلُ أبي عمرٍو.

وقال في قولِ لبيد :

تَطِيرُ غَدَائِدُ الأشْراكِ شَفْعاً

قال : الغدائِدُ : الفُضُولُ.

الأصمعيّ : رأيتُ فلاناً مُغِدّاً ومُسْمَغِدّاً ، إذا رأيتَهُ وارِماً من الغَضَبِ ، وامرأةٌ مِغْدَادٌ ، إذا كانَ من خُلُقِها الغَضَبُ ، وأنشدَ :

يا ربَّ مَنْ يكتُمُني الصِّعَادا

فَهَبْ له حَلِيلَةً مِغْدَادا

أبو تراب ، قال الأصمعيّ : أغدّ الرجُلُ ، فهو مُغِدٌّ ، وأضَدَّ فهو مُضِدٌّ ، أي : غَضْانُ.

١١

سلمةُ عن الفَرّاء ، قال : الغِدَادُ والغَدَائِدُ : الأنْصِبَاءُ ، في قولِ لبيد :

تطيرُ غدائِدُ الأشراكِ شَفْعاً

دغ : قال الليثُ : الدَّغْدَعَةُ في البضع : التحريك.

وقال الأصمعيّ : يُقالُ للمَغْمُورِ في حَسَبِهِ ، أو في نسبِهِ : مُدَغْدَغٌ ، ويُقَالُ : دَغْدَغَهُ بكلمةٍ ، إذا طَعَنَ عَلَيْهِ ، وقال رُؤْبَةُ :

وَعِرْضي لَيْسَ بالْمُدَغْدِغِ

أي : لا يُطْعَنُ عَلَيّ في حَسَبي.

باب الغين والتاء

[غ ت]

غت  ـ  تغ : مستعملان.

غت : قال الليثُ : الغَتُ كالغَطِّ.

وفي الحديثِ : «يَغُتُّهُمُ الله في الْعَذَابِ غَتّاً».

قال : والغَتُ : أن تُتْبِعَ القولَ القولَ ، أو الشُّرْبَ الشُّرْبَ ، وأنشد :

فَغَتَتْنَ غَيْرَ بَوَاضِعٍ أنْفَاسَها

غَتّ الغَطَاطُ مَعاً عَلَى إعْجالِ

وفي حديثِ ثَوْبَانِ عن النبي صَلَى الله عليه وسلم في الحَوْضِ : «يَغُتُ فيهِ مِيزابَان مِدَادُهُما من الجَنَّة».

قُلْتُ : هكذَا سمعتُهُ من محمدٍ بنِ إسحاقَ : يَغُتُ ، بِضَمِّ الغين ، قال : ومعنى : يَغُتُ : يَجْري جَرْياً ، له صوتٌ وخَريرٌ.

وقِيلَ : تَغُطُّ ، ولا أدري ممن حَفِظَ هذا التفسيرَ ، قلت : ولو كان كما قال ، لقيل : يَغِتُ ويَغِطُّ  ـ  بكسر الغَينِ  ـ  ومعنى : يَغُتُ  ـ  عندي  ـ  يُتابِعُ الدفقَ في الحَوْضِ لا يَنْقَطِعَانِ ، مأخوذٌ من (قولِكَ): غَتّ الشاربُ الماءَ جَرْعاً بَعْدَ جَرْعٍ ، ونَفَساً بعد نَفَسٍ ، من غير إبانَةِ الإنَاءِ عَنْ فِيهِ.

وقال أبو زَيدٍ الأنصاريُّ : غَتَتُ الرّجُلَ أغتُّهُ غتّاً ؛ إذا عَصَرْتَ بِحَلْقِهِ نَفَساً أو اثْنَيْنِ أو أكثَرَ.

قال شمر : غُتَ فهو مَغْتُوتٌ ، وغُم : فهو مَغْمُومٌ. وقال رُؤْبَة ، يذكر يُونُسَ ، والحوتَ.

ويونسُ الحوتُ لَهُ مَبِيتُ

يدْفَعُ عنهُ جَوْفه الْمَسْحُوتُ

كلاهما مُغْتَمِسٌ مَغُتوتُ

والليلُ فَوْقَ الماءِ مُسْتَمِيتُ

قال : فالمغتوتُ : المغمومُ.

قال : وغَتَتُ الدَّابةَ شَوْطاً. أو شَوْطَيْن ، إذا ركَّضْتُهَا وأتْعَبْتُهَا.

قال : وغَتَ في الماءِ يَغُتُ غَتّاً ، وهو ما بَيْنَ النَّفْسَيْنِ مِنَ الشُّرْبِ ، والإناءُ عَلَى فِيهِ.

وأنشد بيت الهذلي :

ثَدَّ الضُّحَى فَغَتَتْنَ غَيْرَ بواضِعٍ

١٢

غَتَ الغَطاطِ مَعاً على إعْجالِ

أيْ : شَرِبْنَ أنفاساً ، غَيْرَ بواضع : غَيْرَ رواءِ.

وقال الدَّيْنَوري : إذا والى الكأسَ دِكاما ، قيلَ : غَتّهُ يَغُتُّهُ غَتّاً.

وغتَ الرجُلُ الضَّحِكَ ، يَغُتَّهُ غَتّاً ، إذا وَضَعَ يَدَهُ أو ثَوْبَهُ على فَمِهِ حينَ يَضْحَكُ ، كيما يُخْفِيَهُ. قُلْتُ : فَمَعْنى قولِهِ : «يَغُتُ فيه مِيزَابَانِ أي : يَدْفُقَانِ فيه الماء دَفْقاً دائماً لا يَنْقَطِعُ ، كما يَغُتُ الشَّارِبُ الماء ، أي : يُتَابعُ جَرْعَهُ نَفَساً بعدَ نَفَسٍ من غيرِ إيانةٍ للإناءِ عن الفمِ.

ويَغُتُ : مُتَعَدٍّ  ـ  على هذا التأويلِ : لأن المُضَاعَفَ إذا جاء يَفْعَلُ) ، فهو مُتَعَدٍّ ، وإذا جاء على (فَعَل يَفْعِلُ) ، فهو لازِمٌ ، إلا ما شَذَّ عنهُ ، قاله الفراءُ ، وغيرُهُ.

تغ : قال الليثُ : التّغْتَغَةُ  ـ  في حكايةِ صوتِ الحُلِي  ـ  قلت : لم أسْمَع : التّغْتَغَةَ في صوتِ الحُلِيِّ.

وقال الفَرّاءُ : العَرَبُ تَقُولُ : سِمِعْتُ (طَاقٍ طَاقٍ) ، لِصَوْتِ الضَّرْبِ ، ويقولونَ : سَمِعْتُ (تَغٍ تَغٍ) ، يريدون : صوتَ الضَّحِكِ.

وأخبرني المُنْذِرِيُّ عن ثعلبٍ عن سَلَمَة عن الفرَّاءِ ، قال : أقبلوا تَغٍ تَغٍ ، وأقبلوا قِهٍ قِقٍ ، إذا قَرْقَرُوا بالضّحِكِ ، وقد انْتَغُوا بالضَّحِكَ وأوْتَغُوا.

وقال أبو زيدٍ : تَغْتَغَ الضَّحِكَ تَغْتَغَةً ، إذا أخْفَاهُ.

قلتُ : وقولُ الليثِ في التّغْتَغَةِ : أنَّهُ صَوْتُ الحُلِيِّ ، خَطأ إنما هو حِكايَةُ صوتِ الضّحِكِ.

باب الغين والظاء

غ ظ

غظ : أهمله الليث.

وقال أبو تُرابٍ : قال أبو عمرٍو : المُغَطْغَطَةُ والمُغَظْغَظَةُ  ـ  بالطّاء والظّاء  ـ  : القِدْرُ الشْدِيدَةُ الغَلَيانِ.

باب الغين والذال

(غ ذ)

غذ : قال الليثُ : غَذَّ الجُرْحُ يَغِذُّ ، إذا وَرِمَ.

قلتُ : أخْطَأَ الليثُ في تفسيرِ غَذَّ ، أنَّه بمعنى : وَرِمَ ، والصّوابُ غَذّ الجُرْحُ يَغِذُّ ، إذا سال ما فيهِ مِنْ قَيْحٍ وَصَدِيدٍ وقَدْ خَرَجَتْ غَذِيذَةُ الجُرْجِ وغَثِيثَتُهُ وهي مِدَّتُهُ.

وقد أَغَذَّ الجُرْحُ وأغَثَّ ، إذا أَمَدّ. وعِرْقٌ غَاذٌّ : لا يَرْقأُ وقال أبو زيد : تقولُ العَرَبُ : للتي نَدْعوها نحن : الغَرَبَ : الغّاذُّ.

وقال أبو عبيد : قال الأصمعيُّ : إن كانَتْ بالْبعيرِ دَبَرَةٌ ، فبرأَتْ ، وهي تَنْدى ، (قيل) : بِهِ غَاذٌّ. وَتَرَكْتُ جُرْحَهُ يَغِذُّ.

١٣

ورَوى ابنُ الفَرَجِ عن بَعْضِ العَرَبِ :

غَضَضْتُ منهُ وغَذَذْتُ ، أي : نَقَصْتُ.

وقال الليثُ وغيرُه : الإِغْذاذُ : الإسراعُ ، في السَيرِ ، وأنشد :

لمّا رأيتُ القَوْمَ في إغْذاذِ

وأَنَّهُ السَّيْرُ إلى بَغْداذِ

قُمْتُ فَسَلَّمْتُ عَلَى مَعَاذِ

تَسْليمَ مَلَّاذٍ عَلَى مَلاذِ

طَرْمَذَةً منّه على الطِّرْمَاذِ

وقال ابنُ الأعرابيّ : هي الغَاذَّةُ والغَاذِيَةُ : لِرمَّاعَةِ الصَّبِيّ.

باب الغين والثاء

[غ ث]

ثغ  ـ  غث : (مستعملان).

غث : الليثُ : لحمٌ غثٌ ، غَثِيْتٌ ، بَيِّنُ الغُثُوثَةِ ، وقَدْ أَغَثَ الرَّجُلُ اللحْمَ ، أَيْ : اشْتَرَى غَثاً.

قالَ : والغَثِيثَةُ : المِدَّةُ ، وقد أَغَثَ الجُرْحُ ، إذا أَمَدَّ ، يُغِثُ إغثاثاً.

وقال غيرهُ : أَغَثَ فُلانٌ في حَدِيثِهِ ، إذَا جَاء بكلامٍ غَثٍ لا مَعْنى لَهُ.

وقال اللَّحْيانيُّ : رَجُلٌ غَثٌ ، وَلَقَدْ غَثِثْتَ يا هذا في خُلُقِكَ وَحَالِكَ ، إذا ساء خلقُهُ وحالُه ، غُثوثَةً وغَثَاثَةً ، وإنكمْ لَقَومٌ غَثَثَةٌ.

ويقال : ما يَغِثُ عَلَيه أَحَدٌ ، أيْ : ما يَدَعُ أحَداً إلّا سَألَهُ.

أبو عُبيدٍ عن الأُمَويِّ : غَثَثَتِ الإبِلُ تَغْثِيثاً ومَلحَتْ تَمْلِيحاً ، إذا سَمِنَتْ قَليلاً قَليلاً.

قال أبو سعيد : أنا أتَغَثثُ ، وما أنا فيهِ ، حتى اسْتَسْمِنَ ، أي : أستَقِلّ عملي ؛ لأخذَ به الكثيرَ من الثوابِ.

اللحيانيُّ : اغتَفتِ الخَيلُ وأغتَثتْ : إذا أصابَتْ شيئاً من الرّبيعِ ، وهي الغُفةُ ، والغُثةُ ، جاء بهما في بابِ : (الفاء والثاء). وغيرُهُ : يُجيز : الغُبَّةَ ، بهذا المعنى.

ثغ : قال الليثُ الثغْثَغَةُ : عضُّ الصّبيّ قَبْلَ أن يَشْقَأَ ويَثغِرَ ، وقال رؤبة :

وعضّ عضّ الأدردِ المُثَغْثَغِ

باب الغين والراء

[غ ر]

غر  ـ  رغ : [مستعملان].

رغ : قال الليث : الرّغيغَةُ : مَرْقَةٌ تُطْبَخُ للنُّفَسَاءِ.

ثعلبٌ عن ابنِ الأعرابيّ : الرّغيغَةُ : لبَنٌ يُطْبَحُ ، وقال أوس :

لقد عَلِمَتْ أسَدٌ أننَا

لهُمْ نُصُرٌ ولَنِعْمَ النُّصُرْ

فكيفَ وَجَدْتُم وَقَدْ ذُقْتُمُ

رَغِيغَتَكُم بينَ حُلْوٍ وَمُرُّ

وقال الأصمعيُّ : كنى بالرّغِيْغَةِ عن الوقْعَةِ ، أيْ ذُقْتُمْ طعْمَهَا ، فكيفَ

١٤

وَجَدْتُمُوها؟؟

أبو عبيدٍ عن الأصمعيّ في (وِرْدِ الإبِلِ) ، قال إذا رَدُّوها على الماء. في اليومِ مِراراً ، فذلكَ الرّغْرغَةُ.

ثعلبٌ عن ابنِ الأعرابيِّ ، قالَ : المَغْمَغَةُ : أَن تَرِدَ الماءَ كلّمَا شاءتْ  ـ  يعني : الإبلَ  ـ  ، والرغْرَغَةُ أن يسقِيها سَقْيّاً ليسَ بتامٌّ ، ولا كافٍ.

غر : قال الليثُ : الغَرُّ : الكَسْرُ في الجِلْدِ من السِّمَنِ وأنشَدَ :

كأنَّ غَرَّمَتْنِهِ إذ نَجْنُبُهْ

سَيْرُ صَنَاعٍ في خَرِيزٍ تَكْلُبُهْ

قال : والطائرُ يَغُرُّ فَرْخَهُ غَرّاً ، إذا زَقَّهُ.

قلتُ : وسمِعْتُ أعرابياً يَقُولُ لآخَرَ : غُرَّ في سِقائِكَ ؛ وذلكَ ، إذا وضَعَهُ في الماء وملأهُ بِيَدِهِ ، يَدْفَعُ الماءَ فِيهِ دَفْعاً بِكَفِّهِ ، ولا يَسْتَفِيقُ حتى يَمْلأَهُ.

ثعلبٌ عن ابنِ الأعرابيّ : الغَرّ : النَّهْرُ الصَّغيرُ ، وجمعُهُ : غُرُورٌ ، والغُرُورُ : شَرَكُ الطّريقِ ، كلُّ طُرْقَةٍ منها : غَرٌّ ، ومنْ هذا يُقالُ : إطْوِ الثَّوْبَ على غَرِّهِ ، وخِنْثِهِ ، أي : على كَسْرِهِ.

وقال الأصمعيّ : الغُرُورُ : مكاسِرُ الجِلْدِ ، وأنشدَ ابنُ الأعرابيّ في صِفَةِ جارِيةٍ :

سَقِيّةَ غَرٍّ في الحِجالِ دَمُوج

يعني : أنها تُخْدَمُ ولا تَخْدُمُ.

وفي حديث النبي صَلَى الله عليه وسلم : «أن حَمَلَ بنَ مالكٍ ، قال له : إني كنتُ بينَ جَارَتَيْنِ لي ، فَضَرَبَتْ إحداهُما الأخْرَى بِمِسْطَحِ ، فألقَتْ جَنِيناً مَيْتاً ، وماتَتْ ، فَقَضى رسولُ الله صَلَى الله عليه وسلم بديةِ المقتولَةِ عَلَى عاقِلَةِ القاتِلَةِ ، وجعَل في الجنين غُرْةً ، عبداً أو أمَةّ».

قال أبو عُبَيْدٍ : الغُرَّةُ : عَبْدٌ أو أَمَةٌ ، وأنشد :

كلُّ قَتِيل في كُلَيْبٍ غُرَّهْ

حتى ينالَ القتلُ آلَ مُرَّهْ

يقولُ : كلُّهم ليسَ بِكُفْءِ لكُلَيْبٍ ، إنما هُم بمنزِلَةِ العَبيدِ والإِماء ، إن قَتَلْتُهُمْ ، حتى أقتُلَ آلَ مُرَّةَ ، فإنهم الأكْفاءُ  ـ  حينئذٍ  ـ.

وقال أبو سَعيدٍ الضريرُ : الغُرَّةُ  ـ  عندَ العَرَبِ  ـ  أنْفَسُ شَيء يُمْلَكُ ، وأفضَلُهُ فالفَرَسُ غُرَّةٌ مالِ الرجُلِ والعبدُ غُرَّةُ مالِهِ ، والبعيرُ النجيبُ : غُرَّةُ مالِهِ ، والأمَةُ الفارِهَةُ من غُرَر المالِ.

قلتُ : لم يَقْصِدْ النبي صَلَى الله عليه وسلم في جَعْلِهِ : في الجَنِينِ : غُرَّةً ، إلا جِنْساً واحِداً من أجناسِ الْحَيَوانِ (بِعَيْنِهِ) ، بَيَّنَهُ ، فقالَ : عبداً أو أمةً. وغُرَّةُ المالِ : أفضلُه ، وغُرَّةُ القومِ : سَيِّدُهُمْ.

يُقالُ : فُلانٌ غُرَّةٌ من غُرُورِ قَوْمِه وهذا غُرَّةٌ مِنْ غُرَرِ قوْمِهِ ، وهذا غُرَّةٌ من غُرَرِ المتَاعِ.

وغُرَّةٌ النّبْتِ : رَأسُهُ ، وسَرْعُ الكَرْمِ بِسُوقِهِ : غُرّتُهُ.

١٥

ورُوي عن أبي عمرٍو بنِ العلاء : أنه قالَ في تفسِيرِ : «غُرَّةِ الجَنِينِ» : إنّهُ لا يكونُ إلا الأبيضَ مِنَ الرقيقِ.

وتفسيرُ الفُقَهاءِ : أن الغُرَّةَ من العبيدِ الذي يكونُ ثَمَنُهُ عُشْرَ الدِّيةِ.

وقال أبو عُبَيْد : قال غيرُ واحدٍ ، ولا اثنَيْنٍ : يُقالُ : لثلاثِ ليالٍ من أوَّلِ الشّهْرِ : ثلاثُ غُرَرٍ ، والواحدُ : غُرَّةٌ.

وأخبَرَني المُنْذِرِيُّ عن أبي الهيثَمِ ، أنّه قالَ : سُمِّيْنَ غُرَراً ، واحِدَتُها غُرَّةٌ ، تَشبِيهاً بِغُرّةِ الفَرَسِ في جَبْهَتِهِ ؛ لأنّ البياضَ فيهِ أقلُّ شَيْءٍ ، وكذلكَ بياضُ الهلالِ في هذه الليالي أقلُّ شَيْءٍ فيها.

وقال أبو عُبَيْدَةَ : الغُرَّةُ من البياضِ في وَجْهِ الفَرَس ما فوقَ الدِّرْهَمِ ، والقُرْحَةُ قَدْرُ الدِّرْهَمَ فما دُونَهُ.

قلتُ : وأما الليالي الغُرُّ التي أمَرَ النبي صَلَى الله عليه وسلم بِصَوْمِها ، فهي ليلةُ ثلاثَ عشرةَ ، وأربعَ عَشْرَةَ وخَمْسَ عَشْرَةَ ، ويُقال لها : البِيْضُ.

وأمر النبي صَلَى الله عليه وسلم بِصَوْمِها ؛ لأنّهُ خَصَّها بالفَضْلِ.

وقال الليثُ : الغُرُّ : طَيْرٌ سُوْدٌ ، بِيْضُ الرُّؤُوس ، من طيرِ الماء ، والواحدُ : غَرّاءُ. ذكراً كان أو أُنْثَى.

والأَغَرُّ : الأَبْيَضُ ، قال : والغِرُّ كالغِمْرِ ، والمَصْدَرُ الغَرارَةُ وجاريةٌ غِرَّةٌ.

وقولهم : «المُؤْمِنُ غِرٌّ كَريمٌ» معناهُ : أَنَّه لَيْسَ بِذِي نَكْراءَ.

وقال أبو عُبيدٍ : الغِرَّةُ : الجَاريةُ الحَدَثَةُ السِّنِّ ، التي لم تُجَرِّبِ الأُمورَ ، ويقالُ لَها  ـ  أيضاً  ـ  : غِرٌّ  ـ  بغير هَاءٍ  ـ  ، وأنشد :

إن الفَتَاةَ صَغِيرَةٌ

غِرٌّ فلا يُسْرَى بِهَا

وقال الأصمعيُّ : جارية غَرِيْرَةٌ ، إذا لَمْ تُجَرِّبِ الأُمُورَ ، ولم تكنْ عَلِمَتْ ما يَعْلَمُ النِّساءُ من الحُبِّ ، وكذلكَ : غُلامٌ غِرٌّ ، وجارِيةٌ غِرٌّ.

وَيُقالُ : كان ذلك في غرارَتي وَحَداثَتي ، يُريدُ : في غِرّتي.

أبو عُبيد عن الكِسَائي : رجلٌ غِرٌّ ، وامرأة غِرّةٌ : بَيِّنَةُ الغَرَارَةِ من قومٍ أغِرّاءَ.

قالَ : ويُقالُ : عن الإنسانِ الغِرِّ : غَرِرْت يا رَجُلُ ، تَغِرُّ غَرارةً ، ومن الغَارِّ  ـ  وهو الغَافِلُ  ـ  : اغْتَرَرْتَ.

وقالَ ابنُ الأعرابيّ : يُقالُ : غَرِرْتَ بَعْدِي تَغِرُّ غَرارةً ، فأنتَ غِرٌّ ، والجَارِيَةُ غِرٌّ ، إذا تَصَابَى.

وفي الحديث : «المُؤْمِنُ غِرٌّ كَرِيْمٌ ، والكافِرُ خَبٌّ لَئِيمٌ».

فالغِرُّ : الَّذِي لا يَفْطُنُ للشَّرِّ. ويَغْفُلُ عَنْهُ ، والخَبُّ : ضِدُّ الغِرِّ ، وهوَ الخَدّاعُ المُفْسِدُ.

قال ابنُ الأعرابيِّ : ما كنتُ خَبّاً ، ولقد

١٦

خَبِبتَ تَخَبُّ خَبّاً.

قال ابنُ سِيرْنَ : «لستُ بِخَبٍّ ، ولكنّ الخَبّ لا يَخْدَعُني».

ويقال : اغتَرَرْتُه واستَغْرَرْتُهُ أيْ : أتيتُهُ على غِرّةٍ ، أي : على غَفْلَةٍ ، وانْتَصَحْتُهُ ، أيْ : خِلْتُهُ ناصِحاً ، واغْتَشَشْتُهُ ، أيْ : خِلْتُهُ غَاشّاً ، وقال :

ألا رُبّ مَنْ مِنْ نَفْسِهِ لَكَ نَاصِحٌ

ومُنْتَصِحٌ بالغَيْبِ وَهُوَ أمِيْنُ

وَغَرّرَ السِّقاءَ ، إذا مَلأهُ ، وقالَ حَمَيد :

وَغَرّرَهُ حَتّى اسْتَدَارَ كأنَّهُ

عَلَى الفَرْوِ عُلْفُوفٌ من التُّركِ اقِدُ

يُرِيدُ بالفَرْوِ : مسكَ شاةٍ بُسِطَ تَحْتَ الوطْبِ.

وقال أبو بكرٍ بنُ الأنباري ، في قولهم : غَرّ فلانٌ فلاناً : وقال بعضُهُمْ : معناهُ : قد عَرّضَهُ للهَلَكَةِ والبَوارِ ، من قولِهِمْ : ناقَةٌ مُغَارٌّ ، إذا ذَهَب لَبَنُها بالجَدْبِ ، أو لِعِلَّةٍ .. ويقالُ : غَرّ فلانٌ فلاناً : معناهُ : نَقَصَهُ ، من الغِرارِ ، وهو النُّقْصانُ.

ويقالُ : مَعْنى قولهمْ : غَرَّ فُلانٌ فُلاناً : فَعَلَ بِهِ ما يُشْبِهُ القَتْلَ والذَّبْحَ بِغِرارِ الشّفْرَةِ.

أبو عُبيدٍ عن الأصْمعي : من أمثالهم  ـ  في تَعْجِيلِ الشّيْء ، قَبْلَ أَوَانِهِ  ـ  قَوْلُهُمْ : «سَبَقَ دِرَّتهِ غِرارُهُ». ومثلُه : «سَبَقَ سَيْلُه مَطَرَهُ».

ابن السّكّيت : غَارَّتِ النَّاقةُ غِراراً ، إذا دَرَّتْ ، ثمَّ نَفَرَتْ فَرَجَعَتِ الدِّرَّةَ. وفي مَثَلٍ : «الغِرَّةُ تَجْلِبُ الدِّرّةَ».

أبو عبيدٍ عن أبي زَيْدٍ  ـ  في : كِتابِ الأمثالِ  ـ  قال : من أمثالهم في الخِبْرَةِ والعِلم : «أنا غَرِيرُكَ مِنْ هذا الأمرِ» ، أي : اغْتَرَّنِي فأسأَلْني عنهُ ، على غِرّةٍ ، أي : إني أنا عالمٌ بِهِ فَمَتَى سألْتَنِي عنهُ من غَيْرِ اسْتِعْدادٍ لذلِكَ ، ولا رَوِيَّةٍ فيه ، قالَ : وقالَ الأصْمَعيُّ  ـ  في هذا المثل  ـ  معناه : أنَّكَ لَسْتَ بِمَغْرُورٍ منِّي ، لكنِّي أنا المَغْرُورُ ؛ وذلكَ أنَّهُ بَلَغَني خبرٌ كانَ باطلاً ، فأخبرتُكَ بهِ ، ولم يكنْ عَلَى ما قُلْتُ لكَ ، وإنما أدَّيْتُ إليكَ كما سَمِعْتُ.

أبو عُبيد : الغَريرُ : المغْرُورُ ، والغَرَارَةُ من الغِرَّةِ ، والغِرَّةُ من بَايَعَ رَجُلاً من غيرِ اتْفاقٍ من المَلإ ، لم يُؤَمَّرْ واحِدٌ منْهُما تَغْرِيراً بِدَمِ المُؤمَّرِ مِنْهُما ، لِئَلَّا يُقْتَلا ، أو أحَدُهما.

ونَصَبَ  ـ  تَغِرَّة  ـ  لأنّه مَفْعُولٌ لَهُ ، وإن شِئْتَ : مفعولٌ مِنْ أجْلِهِ. وقولُه : أنْ يُقْتَلا ، أي : حِذَارَ أنْ يُقْتَلا.

وما عَلِمْتُ أحَداً فَسَّرَ من حديثٍ عُمَرَ هذا ما فَسَّرْتُهُ فَتَفَهّمْهُ ، فإنه صَعْبٌ.

ورُوىَ عن النبي صَلَى الله عليه وسلم : أنه قالَ : «لا غِرَارَ في صَلاةٍ ، ولا تَسْلِيمٍ».

قال أبو عبيدٍ : الغرارُ : النُّقْصَانُ ، يُقالُ

١٧

للنَّاقَةِ ، إذا نَقَصَ لَبَنُها : هي مُغَارُّ ، قالَهُ الكِسائيُّ ، وفي لَبَنِهَا غِرارٌ.

وقال الأصمعي ، غارَّتِ النّاقَةُ غِراراً ، إذا قَلَّ لَبَنُها ، ومنه : غِرارُ النَّوْمِ : قِلّتُهُ.

قُلْتُ : غِرارُ النّاقَةِ : أن تُمْرِي ، فَتَدُرّ ، فإِن لم يُبادَرَ دَرُّها بالحَلَبِ ، رَفَعَتْ دِرّتَها ، ثمّ لم تَدُرّ ، بَعْدَ ذلكَ ، حتى تُفِيقَ.

ورَوى الأوزاعيُّ عن الزُّهريّ أنّه قالَ : «كانوا لا يَرَوْنَ بِغِرارِ النَّومِ بأساً» ، يعني : أَنَّه لا يَنْقُضُ الوَضُوءَ.

وقال الفَرَزْدَقُ يَرْثي الحَجّاجَ :

أَنَّ الرّزِيّةُ مِنْ ثَقِيفٍ هالِكٌ

تَرَكَ الْعُيُونَ فَنَوْمُهُنَ غِرَارُ

أيْ قَليلٌ.

وقال أبو عُبيد : فمعْنَى الحديثِ : «لا غِرارَ في صَلَاةٍ ولا تَسْلِيم».

أي : لا ينقُصُ من ركُوعِهَا وسُجُودِهَا ، كقَولِ سَلْمانَ : «الصلاةُ مِكْيالٌ ، فَمَنْ وَفَّى وُفِّيَ لَهُ ، ومن طفَّفَ ، فَقَدْ عَلِمْتُم ما قالَ الله في «المُطَفِّفينَ».

قال : وأما الغِرارُ في التَّسليمِ ، فَنُراهُ أَن يَقُولَ لَهُ : «السَّلامُ عَلَيكمْ» ، فيردّ عَلَيهِ الآخَرُ : «وَعَلَيكمْ» ، ولا يَقُولَ : «وَعَلَيكمُ السّلامُ».

قالَ : وقالَ الأصمعيُّ : الغِرَارُ  ـ  أَيْضاً  ـ  : غِرارُ الحَمَامِ فَرْخَهَا ، إذا زَقّتْهُ. وقد غَرَّتْهُ تَغُرُّهُ غَرّاً وغِراراً.

قال : والغِرارُ : الطرِيقَةُ ، يُقالُ : وَلَدَتِ المرأةُ ثلاثةً على غِرارٍ واحِدٍ ، أي : بعضَهم خَلْفَ بعضٍ. ويُقالُ : بنى القَومُ بُيُوتَهُم على غِرارٍ واحِدٍ.

قال : والغِرَارُ : حَدُّ السّيْفِ وغَيرِهِ : والغِرارُ : المِثَالُ الّذي يُضْرَبُ النَّصالُ : لِتَصْلُحَ.

وقال الهُذَليُّ ، يَصِفُ نَصْلاً :

سَدِيْدُ العَيْرِ لم يَدْحَضْ عَلَيه الْ

غِرارُ فَقْدِحُهُ زَعِلٌ دَرُوجُ

ثعلبٌ عن أبي نَصْرٍ عَنِ الأصمَعيِّ : يُقَالُ لحدِّ السِّكِّينِ : الغِرَارُ والظُّبَةُ والقُرْنَةُ ، وَلِجانِبِها الَّذي لا يَقْطَعُ : الكلُّ ، ويُقَالُ : لَقِيْتُهُ غِرَاراً ، أيْ : عَلَى عَجَلةٍ ، وأَصلُهُ : القِلةُ في الرُّؤْيَةِ للعَجَلةِ. وما أقَمْتُ عِنْدَهُ إلا غِراراً ، أي : قَلِيلاً.

والغِرَارَةُ : الجُوالِقُ ، وجمعُها : غَرائِرُ ، وقال الرَّاجزُ :.

.. كأنه غِرَارَةٌ مَلأَى حَق

وقالَ أبو زَيدٍ : يُقَالُ : غَارّتِ السُّوقُ غِراراً ، إذا كَسَدَتْ ، ودَرّتِ السَّوقُ : إذا نَفَقَتْ ، ويقالُ : لَبِثَ اليَومُ على غِرارِ شَهْرٍ ، أي : عَلَى مِثَالِ شَهْرٍ ، وطُولِ شَهْرٍ.

ويقالُ : لَبِثَ اليومُ غِرارَ شَهْرٍ  ـ  أيضاً  ـ  ، ويقالُ : غرّ فلانٌ مِنَ العِلْم ما لمْ يُغَرّ غَيْرُهُ ، أيْ

١٨

زُقّ وعُلِّمَ.

وغَرّرْتُ الأَسَاقِيَ ، إذا مَلأتها.

وغارَّ القُمْريُّ أَنْثَاهُ ، إذا زَقَّها غِراراً.

وقالَ الله :  ـ  جلّ وعزّ  ـ  : (فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) [لقمان : ٣٣]. يَقُولُ : لا تَغُرَّنَّكُمُ الدُّنْيا ، وإن كانَ لَكُم حَظٌّ فيها ، ينقص من دينكم ، فلا تُؤْثِروا ذلكَ الحَظَّ ، (وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ) [لقمان : ٣٣].

وَالغَرُورُ : الشيطانُ ، وقُريء  ـ  بضَمِّ الغَيْنِ  ـ  وَهَيَ الأباطيلُ ، كأنه جَمْعُ : غَرٍّ ، مَصْدرٍ : غَرَرْتُه غَرّاً ، وهو أحسنُ من أنَ يُجْعَل مَصْدَرَ : غَرَرْتُ غُروراً ، لأنّ المُتَعَدِّي مِنَ الأَفْعَالِ لَا تَكَادُ تَقَعُ مَصَادِرُها عَلى : (فُعُول) إلا شَاذاً ، وقد قالَ الفَرّاءُ : غُرَرْتُهُ غُروراً. قالَ : وقولُه : (وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ) ، يريدُ بِهِ : زِينَةَ الأشياءِ في الدّنيا.

وأخبرني المنذريّ عن ابنِ فَهْمِ عن ابنِ سَلّامِ عن عمروٍ بن قائِدٍ ، في قوله تعالى : (وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ). قال الغَرورُ : الشيطانُ ، وأما الغُرورُ فما اغْتُرّ بِه من مَتَاعِ الدُّنْيا.!

وقال الأصمعيّ : الغَرورُ : الّذي يَغُرُّكَ.

وقال غيرُهُ : الغَرورُ من الدّواء : ما يُتَغَرْغَرُ بِهِ.

وعيشٌ غَرِيْرٌ ، إذا كانَ لا يُفزِّعُ أَهْلَهُ.

ويُقَالُ : إيّاكَ وبَيْعَ الغَرَرِ ، وَبَيْعُ الغَرَرِ : أن يكونَ على غَيْرِ عُهْدَةٍ ولا ثِقَةٍ ، قالَهُ الأصْمَعيُّ.

قلتُ ويدخُلُ في بيعِ الغَرَرِ : البُيُوعُ المَجْهُولَةُ ، التي لا يُحِيطُ بِكُنْهِهَا المُتَبايِعَانِ ، حتى تكونَ مَعْلُومَةً.

وَيَوْمٌ أَغَرُّ .. أَيْ : شديدُ الحَرِّ. ومنهُ قولُ الشاعر :

أغرُّ كَلَوْنِ المِلْحِ ضَاحِي تُرابِهِ

إذَا اسْتَوْقَدَتْ حِزّانُهُ وَضَيَاهِبُهْ

ويُقالُ : غَرّتْ ثِنِيَّتا الغُلامِ في أوّلِ طُلُوعِهِمَا ، لِظُهُورِ بَيَاضِهِما.

ورجلُ أغرُّ الوَجْهِ إذا كانَ أبيضَ الوَجْهِ ، من قوم غُرٍّ وغُرّانٍ ، وقال أمرؤ القيس ، يَمْدَحُ قَوْماً :

ثيابُ بَنِي عَوْفٍ طَهَارَى نَقِيةٌ

وأَوْجُهُهُمْ بيضُ المَسَافرِ غُرّانُ

وقال  ـ  أيضاً  ـ  :

أولئِكَ قَوْمي بهَا لِيلُ غُرّ ...

وفي حبالِ الرّمْلِ المُعْتَرِضِ في طَريقِ مَكَّة حَبْلانِ ، يُقَالُ لَهُما : الأَغَرّانِ. وقَالَ الراجِز :

وقد قَطَعْنَ الرّمْلَ غَيْرَ حَبْلَيْن

حَبْلَي زَرُودٍ وَنَقَا الأَغَرَّيْن

والغَرُّ : مَوضِعٌ : بِعَيْنِهِ ، (في البادِيَةِ) وقال :

فالغَرُّ تَرْعَاهُ فَجَنْبَيْ جِفِرَهْ

١٩

وقال مُبْتَكِرٌ الأعرابيُّ : يقال : بِمَ غُرِّرَ فَرَسُكَ؟ فَيَقُولُ صاحبُه : بشادِخَةٍ ، أو بِوَتِيرَةٍ ، أو بِيَعْسُوبٍ.

والغَرُّ : حدٌّ السّيْفِ ، ومنه قولُ هِجرسٍ بنِ كُلَيب ، حينَ رأى قَاتِلَ أبيهِ : «أَمَ وَسَيْفِي وَغَرّيهِ ، أرادَ : وَحَدَّيْهِ.

والغِرغِرُ : دَجَاجُ الحَبشِ ، تَكُونُ مُصِنَّةً ؛ لاغْتِذائِها بالعَذِرَةِ : وذكر الزُّهْري قَوْماً ، أبادَهُم الله : «فجَعَلَ عِنبَهُم الأراك ورُمّانعهُم المَظِّ ، ودجاجَهُمُ الغِرْغِرَ وقال الشاعِرُ :

ألفُّهمُ بالسّيفِ من كلِّ جَانِبٍ

كما لَفتِ العِقْبانُ حِجْلَى وَغِرْغِرا

ويُقَالُ : غَرْغَر اللحمُ على النّارِ ، ذا صَلَيْتَهُ فَسَمِعْتَ له نَشِيشاً.

وقال الكُميتُ :

عَجِلْتُ إلى مُحْوَرِّها حِيْنَ غَرْغَرا

ويقال : تَغَرْغَرَتْ عينُه بالدّمعِ ، إذا تَرَدَّدَ فِيها المَاء.

ابنُ نَجْدَةَ عنْ أبي زَيْدٍ : هي الحَوْصَلَةُ والغُرْغُرَةُ والغُرَاوَى والزّاوَرَةُ. قال : وجمعُ الغُرَاوي : غَرَاوَى. والغَرْغَرَةُ : حِكايَةُ صوت الرَّاعي ونحوهِ.

والغَرْغَرَةُ : كَسْرُ قَصَبَةِ الأَنْفِ ، وكَسْرُ رأسِ القَارُورةِ ، وأنشد :

وخَضْرَاءَ في وَكْرَيْنِ غَرْغَرْتُ رَأْسَهَا

لأبْلِيَ إنْ فَارَقْتُ ي صَاحِبي عُذْرا

ويُقَالُ : غَرْغَر فلانٌ ، وتَغَرْغَر بالدّواءِ : غَرْغَرةً ، وَتَغَرْغُراً.

وقالَ أبو زيدٍ : سَمِعْتُ أَعْرابيّاً يَقُولُ : أَنا غَرِيرُكَ مِنْ تَقُولَ ذاك ، يقُولُ : مِنْ أَنْ تَقولَ.

قَالَ : وَمَعْنَاهُ : اغْتَرَّني فَسَلْني عن خَبَرِهِ ، فإِني عالمٌ بِهِ ، أَخْبِرُكَ بهِ على الحَقِّ والصِّدْقِ.

قال : والغَرُورُ : الباطِلُ.

وما اغتَرَرْتَ به من شَيء ، فهو غُرورٌ.

أبو مالكٍ : غُرَّ علَيه الماءَ ، وَقُرَّ عَلَيه الماء : أي : صُبَّ عليهِ.

وغُرَّ في حَوْضِكَ ، أيْ : صُبَّ فيه.

ابنُ الأَعرابيّ : فَرَسٌ أَغرُّ ، وبهِ غَرَرٌ ، وقد غَرّ يَغرُّ غَرَراً ، وجَمَلٌ أَغرُّ ، وفيه غَرَرٌ وغُرُورٌ.

باب الغين واللام

[غ ل]

غل  ـ  لغ : مستعملان.

غل : قال الفَرَّاءُ في قولِ الله  ـ  جلّ وعزّ  ـ  : (وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَ) [آل عمران : ١٦١] وقُرِئ : (أنْ يُغَلَ) ، مَنْ قَرأَ : (أنْ يُغَلَ) يريد : أن يُخَانَ. قال : وقرأه أصحابُ

٢٠