تهذيب اللغة - ج ٨

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٨

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٤٠

نَزْو الْقَطَا أَنشقَهُنْ المُحْتَبِلْ

وقال آخر يَهْجُو قَوْماً :

مَناتينُ أَبرامٌ كأنَّ أكُفَّهمْ

أكُف ضِبابٍ أُنشقتْ في الحبائل

قال : وأنشقَ الصائدُ إذا عَلِقَتْ النُّشقةُ بعنقِ الغزالِ في الكصيصَةِ ، ويقول الصائدُ لِشريكهِ : لِي النّشاقَى ولك العَلاقَى ، والنّشاقى ما وقعت النَّشقةُ في الحلْقِ وهي الشُّرُبَّةُ ، والعلاقى ما تَعلقَ بالرجْلِ.

شقن : أبو عبيد عن الكسائي : قليلٌ شَقْنٌ وَوتْحٌ وهي الشقونة والوتُوحَةُ وقد قَلَّتْ عَطيتُهُ وشَقُنتْ ، وأشقنْتها وأوتحتها.

وقال الليث : الشّقْنُ : القليلُ.

ق ش ف

قفش  ـ  شفق  ـ  شقف  ـ  فشق  ـ  قشف.

قشف : قال الليث : القَشفُ : قَذَرُ الجلْدِ ، رجل مُتَقَشِّفٌ لا يتعاهَدُ الغسلَ والنظافةَ فهو قَشفٌ.

وقال غيره : القَشفُ : رثاثةُ الهيئة وسوءُ الحالِ وحفوف البشرة وضيق العيشِ ، وإن كان مع ذلك يُطهِّرُ نفسه بالماء ، والاغتسال.

أبو عبيد عن الأصمعي : أصابهم من العيْش ضَفَفٌ وخَفَفٌ وقَشَفٌ وشظف كل هذا من شِدَّة الْعَيْشِ.

سلمة عن الفراء : عامٌ أقْشَف أقْشَر شديد.

شفق : قال الليث : الشَفَقُ : الرَّدِيءُ من الأشياء وقَلَّما يُجْمع ، وقد أشْفَقَ الْعطاءَ ، وشَفَّقَ الثَّوْبَ أي : جعلهُ في النَّسِج شَفَقاً ، والشَّفَقُ : الْخَوف ، تقولُ : أنَا مُشْفِقٌ عليك أي : خائفٌ وأنا مُشْفِقٌ من هذا الأمر أي : خائفٌ ، والشَّفَقُ أيضاً الشَّفَقَةُ وهو أن يكونَ الناصِحُ من بلوغ نُصْحِه خائفاً على المنصوح ، تقول : أشفَقْتُ عليه أن ينالهُ مكْروهٌ ، والشَّفِيقُ : النَّاصِحُ الحريصُ على صلاح المنصوح.

وقال الله عزوجل : (إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ) [الطور : ٢٦].

قال الليث : إنا كُنّا في أهْلِنا خائفينَ لهذا اليوم ، وقال جلَّ وعزَّ : (فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (١٦)) [الانشقاق : ١٦].

قال : الشَفَقُ : الْحُمْرَة التي في المغْرِب من الشَّمْسِ ، قال : وكان بعضُ الفُقهَاء يقول : الشَفَقُ : الْبياضُ لأن الْحُمرةَ تذهبُ إذا أظْلَمتْ وإنَّما الشَّفَقُ البياضُ الذي إذا ذَهَبَ صلَّيْتَ الْعِشاءَ الآخرة والله أعلمُ بصواب ذلك.

قال الفراءُ : وسَمِعْت العرب يقول : عليه ثوبٌ مصبوغٌ كأنه الشَّفَقُ ، وكان أحمر فهذا شاهدٌ للحُمْرةِ.

وقال غيره : شَفِقْتُ من الأمر شَفَقَةً يعني أشْفَقْتُ ، وأنشد :

٢٦١

فإني ذُو مُحافَظَةٍ لقَوْمِي

إذا شَفِقَتْ عَلَى الرزْقِ الْعِيالُ

عمرو عن أبيه : الشَّفَقُ : الثوب المصبوغ بالْحُمرةِ القليلة ، والشَّفَقُ : الْحُمْرَةُ في السماء.

وفي «نوادر الأعراب» تقول : أنا في أَشْفاق من هذا الأمر أي : نَوَاحٍ منه.

ومِثْلُه أَنا في عروض منه وفي أعراض منه ، أي : في نواح.

شقف : أهمله الليث ، وقال عمرو عن أبيه : الشَّقَفُ : الْخَزَفُ المكَسَّرُ.

فشق : قال الليث : الفَشَقُ : الْمُبَاغتهُ.

وقال رؤبة :

فبات والنَّفْسُ من الْحرصِ الْفَشَقْ

وقال غيره : الْفَشَقُ : شِدَّة الْحِرْص.

وقال الليث : معناه : أنه يُبَاغت الْوِرْدَ لئِلا يفطن له الصياد.

وروى عمرو عن أبيه قال : الْفَشَقُ : تباعُدُ ما بين القَرْنين وتباعُدُ ما بين التَّوْأَبانِيَّينِ قال : والْفَشَقُ : العدوُ والهرَبُ.

وقال أبو حاتم في «كتاب البقر» : من قَرُون البَقر فَشِقٌ وهو الذي فَشِقَ ما بين قَرْنيْهِ أي تباعد.

قفش : قال الليث : القَفْشُ : ساكن الفاءِ ضَرْبٌ من الأكل في شدَّةٍ ، قال : والْقَفْشُ : لا يُسْتمل إلا في افتِعَال خاصةً ، يقال للعَنْكبوت ونحوها من سائرِ الْخَلْقِ إذا انْجَحَر وضَمَّ إليه جراميزهُ وقوائمُهُ قد اقْتفَشَ وأنشد :

كالْعنكَبوتِ اقْتَفَشَتْ في الجحْر

ويروى : اقْفَنْشَشَتْ.

وقال أبو حاتم : الْقَفْشُ في الْحَلْبِ سرعة نَفْضِ ما في الضَّرْعِ ، وكذلك الْهَمْرُ وَالْمَشْقُ.

وقال غيره : وقَعَ فلانٌ في الرَّفْشِ والْقَفْشِ ، فالرَّفْشُ أكلُ الطعام جَرْفاً والقَفْشُ كثرة النِّكاح.

ويقال للمِجْرَف الرَّفْشُ ، ومجداف السفينة يقال له الرَّفش ، ويقال للرَّجل يَعِزّ بعد الذّلّ ، أو يستغني بعد الفقر : من الرَّفْش إلى العرش ، أي : قعد على العرش بعد ضربه بالرَّفْش فلّاحاً.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : القَفْشُ : الْخُفُّ ، ومنه خبَرُ عيسى أنه لم يُخَلِّفْ إلا قَفْشَيْنِ ومِخْذَفَة ، قلت : الْقَفْشُ بمعنى : الْخفِّ دخيلٌ مُعرَّبٌ.

وهو المقطوع الذي يحكم عمله ، وأصله بالفارسية : كفج فعرّب.

عمرو عن أبيه قال : القَفْشُ : الدَّغَّارون من اللَّصُوص.

٢٦٢

ق ش ب

قشب  ـ  شقب  ـ  شبق  ـ  [بشق].

قشب : في الحديث : «أن رجلاً يمر على جسر جهنَّم فيقول : يا ربِ قَشَّبنِي رِيحها» معناه : سَمَّنِي رِيحُها وكلُّ مسْمومٍ قَشِيبٌ ومُقَشَّبُ.

وقال الليث : القَشْبُ : خلطُ السَّمِّ بالطعام ، والقِشْبُ : اسمٌ للسَّمِ ، وكذلك كلُّ شيءٍ يُخلَطُ به شيءٌ يفسده ، وتقول :

قَشَّبْتُهُ. وأنشد :

مُرٌّ إذا قَشَّبَهُ مُقَشِّبُهْ

وقال النابغة :

هَرَاساً به يُعْلَى فِرَاشِي ويُقْشَبُ

أبو عبيد عن أبي عمرو : القِشبُ : السمُّ ، والجميع أقشابٌ وقد قشَّبَ له إذا سقاه.

وقال الأموي : رجل قَشِبٌ خَشبٌ لا خير فيهِ.

شمر عن ابن الأعرابي : التَّقشيبُ : خَلْطُ السمِّ ، وإصلاحهُ حتى يَنجعَ في البَدَنِ ويَعْمَلَ.

وقال غيره : يُخلَطُ للنسْرِ في اللحم حتى يَقْتلَهُ.

وروي عن عمر أنه وجدَ من مُعاوية رائحةَ طيب وهو مُحْرِمٌ فقال من قشبنا، أرادَ أنَّ رِيحَ الطيبَ عَلَى هذه الحالِ قَشْبٌ كما أن رِيحَ النّتْنِ قَشبٌ.

ويقال : مَا أَقْشبَ بيتهم أي ما أقْذرَ ما حوله من الغائِطِ ، والقَشْبُ من الكلام الفِرَى.

ويقال : قَشَّبنَا فلانٌ أي : رَمانَا بأمْرٍ لم يكُن فِينَا ، وأنشد :

قَشَّبْتَنَا بِفعالٍ لست تارِكه

كما يُقشِّبُ ماءَ الجُمَّةِ الغرب

ورجل مُقشَّبٌ أي : مخلوطَ الحَسَبِ مَمزوجٌ باللُّؤم ، وروى الليث عن عمرو أنه قال لبعض بَنيهِ : قَشبكَ المال أي ذهبَ بِعَقلِكَ.

أبو عبيد عن الفراء : أقْشَبَ الرَّجُلُ : إذا اكتَسَبَ حَمْداً أوْ ذَمّاً واقتَشَبَ.

ثعلب عن ابن الأعرابي : القاشِبُ الذِي يعيبُ الناسَ بما فيه ، يقالُ قشَبَه بِعَيْبِ نفسه ، والقاشبُ الذي قِشبُه ضاوِيٌّ أي :

نفْسُه والقاشِبُ : الخياطُ الذي يلقُطُ أقشابهُ وهي عُقَدُ الخيوطِ ببُزَاقةِ إذا لفظَ بها.

وأخبرني المنذريُّ عن ثعلبٍ عن ابن الأعرابي قال : القَشِيبُ : الجديدُ ، والقشِيبُ : الخَلَقُ.

وقال الليث : سيفٌ قشِيبٌ حديثُ الجلاءِ وثوبٌ قشيبٌ جديد ، وكلُّ شيء جديدٍ قَشيبٌ.

وأنشد للبيد :

فالماءُ يجلُو مُتُونهنَّ كما

يجلو التلاميذُ لؤلؤاً قَشِبا

٢٦٣

شقب : قال الليث : الشِّقْبُ : مواضعُ دونَ الغيرانِ تكونُ في لُهوبِ الجِبالِ تُوكِرُ فيها الطيْرُ.

وأنشد :

فصبَّحَت والطيرُ في شِقابها

جُمَّة تيَّارٍ إذا ظَمَا بها

أبو عبيدٍ عن الأصمعي : الشِّقْبُ كالشَّقِّ يكون في الجبال ، وجَمعُه شِقَبَةٌ ، واللِّهْبُ مهواةُ ما بين كلِّ جبلَين ، واللِّصبُ الشِّعْبُ الصغيرُ في الجبل.

أبو عبيد عن الأصمعي يقال للطويلِ : الشوْقبُ.

وقال الليث : هوَ الطويل جدّاً من النَّعام والرجالِ والإبلِ.

بشق : في «نوادرِ الأعراب» : بشَقْتُه بالعَصَا وفَشَخْتُه.

شبق : الشبقُ : الغُلَمةُ وشدةُ الشهوَة يقالُ : رجلٌ شَبِقٌ وامرأةٌ شَبِقةٌ.

وروي عن ابن عباس أنه قال لرجل وطئ امرأته قبل الإفاضة : شبق شديد.

ق ش م

قشم  ـ  قمش  ـ  شمق  ـ  شقم (١)  ـ  مشق : مستعملة.

قشم : أبو العباس عن ابن الأعرابي : القِشْمُ : الجُسومُ حِساناً وَقباحاً.

وقال الليث : القَشْمُ : شِدة الأكل وخلطُهُ والقشَامُ اسمٌ لما يُؤكلُ مُشْتقٌّ منَ القشم.

أبو العباس عن ابن الأعرابي : القُشامةُ : ما يَبْقى من الطعام عَلَى الخوان.

أبو عبيد عن أبي زيد : القُشامةُ ما بَقيَ على المائدة مِمّا لا خيرَ فيه ، يقال : قشمْتُ أقْشِمُ قَشْماً.

قال : وقال الأحمر : القَشْمُ : البُسرُ الأبيضُ الذي يُؤكلُ قبل أن يُدْرِكَ وهو حُلوٌ.

وقال الأصمعي : إِذا انتقَضَ البُسرُ قبل أن يصيرَ بلَحاً قيلَ : قد أصابَه القُشام.

ابن الأعرابي : يقال للبُسْرَة إِذا ابيضَّتْ فأُكلَتْ طيِّبة هي القشِمةُ.

قمش : قال الليث : القمُشُ جمعُ القماش وهو ما كان على وَجْهِ الأرضِ من فُتات الأشياء حتى يقالَ لرُذالة الناسِ قماش ، والقَمِيشة طعامٌ للعربِ منَ اللبن وحَبِّ الحنظَل.

وروى ابن الفرَج عن مُدْرِك يقال : للرجُل قَوْمٌ يقمِشونَ له ، ويَهمشونَ له ، بمعنى واحِدٍ.

__________________

(١) في «اللسان» (شقم) : قال أبو حنيفة : الشقم جنس من التمر ، واحدته شقمة. قال ابن بري : قال ابن خالويه : الشقمة من النخل «البُرشُومُ».

٢٦٤

مشق : قال الليث : المَشْقُ : طينٌ أحمر يصبغُ به الثوبُ يقال : ثوبٌ ممشَّقُ ، والمَشْقُ : الضربُ بالسوْطِ ، والمَشْقُ ، شدَّة الأكل يأخذ النحضةَ فيمشُقُها بفِيه مَشقاً جَذْباً ، والمَشْقُ أيضاً : مدُّ الشيء ليمتدّ ويطول ، والوتر يمشقُ حين يلين ويجودَ كما يمشُقُ الخياطُ خيْطه بخربقة ، ويقالُ : فرْسٌ مشيقٌ مُمَشَّقٌ ممشوقٌ : أي : فيه طولٌ وقِلةُ لحم ، وجاريةٌ ممشوقةٌ حسنة القوَام ، قليلة اللحم ، والمشْقُ أيضاً : جذبُ الكَتّان في مِمشَقَةٍ حتى يخلصَ خالصهُ وتَبقى مُشاقته.

أبو عبيد عن الأصمعي : مَشِقَ الرجُل يمشَق مَشَقاً : إذا اصطكّتْ ألْيَتاه حتى تنسَحِجا.

وقال الليث : إذا كانت إحدَى ركبَتيه تصيب الأخرى فهوَ المَشَق. ونحوَ ذلك حكى أبو عبيد عن أبي زيد.

ابن السكيت : المشْق مصدَر مشَق يمشُق مشقاً ، وهو سرعةُ الكتابةِ وسرعة الطعن.

وقال ذو الرُّمَّة يصف ثوْراً وحشيّاً :

فكَرَّ يمشُق طَعْناً في جَواشِنها

كأنه الأجْر في الإقبالِ يحتَسِب

قال : والمشق : المغرَة ، وهو طينٌ أحمر ، ومنه يقال : ثَوْبٌ ممَشّقٌ إذا كانَ مَصْبوغاً بالمِشق.

وقال غيره : تمَشق عن فلان ثوبه إذا تمزَّق ، وتمشق الليل إذا ولّى وأدبرَ ، وتمشَّق جِلبَاب الليلِ إذا ظهرَ تباشير الصُّبح. قال ذلك كله أبو عمرو.

وأنشد :

وقد أقِيم الناجِياتِ الشَّنقا

ليلاً وَسِجْف الليلِ قد تمشقا

وقال الأصمعيّ : المِشَقُ : أَخلاقُ الثِّيابِ ، واحدتها مِشْقَةٌ ، وتَماشَقَ القومُ اللَّحمَ إذا تجاذبوه فأَكلُوه.

وقال الرَّاعي :

ولا يَزالُ لهم في كلِّ مَنزلةٍ

لحمٌ تَماشَقُه الأيدي رَعَابِيلُ

وقال الراجِزُ يصفُ امرأة :

تُمَاشِقُ البَادِين والحُضَّارا

لمْ تَعْرِف الوقفَ ولا السِّوَارَا

أي : تُجاذِبُهم الكلامَ وتُسَابُّهُمْ.

والعربُ تقول للرَّجل يمارسُ عملاً فتأْمرُه بالإسراع : امْشُقْ امْشُقْ ، وقلمٌ مَشَّاقٌ سريعُ الجريِ في القرطاس.

ورَوى أبو العباس عن ابن الأعرابي : يقال : امْتَشَقَه وامتَشَنه واخْتَدفَه واخْتَوَاه إذا اخْتطفَه.

وقال الأصمعيُّ : الْمُشاقَةُ والمُشاطَةُ : ما سقَطَ من الشَّعر إِذا سُرِّحَ ، والمُرَاقةُ ما انْتُتِفَ منه ، ومُشَاقةُ الكَتَّانِ رَديئُه.

وقال ابن شميل : مَشْقُ العَقَب تهذيبُه من اللحم حتى لا يَبْقَى إلَّا قليلُه وخالصُه ،

٢٦٥

والعَقَبُ في الساقين والمتْن ، والعَصَب في العِلْباء والظّهْر والْجَنْبَيْنِ ولا يَكونُ الوَتَر إلا من العَقَب ، والعَصَب لا يَكون منه وَتَرٌ ولا خَيْرَ فيه.

شمق : قال الليث : الشَّمَقُ : شِبْهُ مَرَح الجنون.

قال رؤبة :

كأَنه إِذ راحَ مَسْلُوس الشَّمَق

وقال ابن الأعرابيّ : الشَّمق : النشاطُ ، وقد شَمِقَ يَشْمَقُ شَمَقاً إذا نَشِط.

وقال الليث : الأَشْمَقُ لُغامُ الجَمل يختلطُ به الدَّم.

وأنشد غيرُه :

يَنْفُخْنَ مَشكُولَ اللُّغَامِ أَشْمَقا

يعني جمالاً يتهادرن.

قال ابن شميل : الشَمَقْمَقُ : الطويلُ الجسيمُ من الرِّجَالِ.

قال الزَّفَيانُ يَصِفُ الفَحل :

نَهْدُ القُصَيْرَى هَيْكَلٌ شَمقْمَقُ

له قَرًى وعُنقٌ عَشَنَّقُ

باب القاف والضاد

ق ض ص ،  ـ  ق ض س ،  ـ  ق ض ز ، ق ض ط ،  ـ  [ق ض د] ،  ـ  ق ض ت ، ق ض ظ ،  ـ  ق ض ذ ،  ـ  ق ض ث : مهملات كلها.

ق ض ر

استعمل من وجوهه : قرض.

قرض : قال الله عزوجل : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ) [البقرة : ٢٤٥] ، القرْض في قوله : (قَرْضاً حَسَناً) اسم ، ولو كان مَصدراً لكان إقراضاً.

والقرضُ اسمٌ لكلِّ ما يُلتمَس عليه الجزاءُ مِن صدَقةٍ أو عملٍ صالح ، وأصلُ القرْض في اللُّغة القَطْعُ ، وَمنه أُخِذَ المِقراض ، وأَقْرَضْتُه أي : قطَعتُ له قطعةً يُجازى عليها.

والله جلّ وعزّ لا يَسْتَقرضُ مِن عَوَزٍ ولكنه يَبْلو عباده بما مَثَّلَ لهم من خير يُقدِّمونه وعمل صالح يعملونه ، فجَعل جزاءَه كالواجب لهم مُضاعَفاً.

وإذا أَقرضَ الرجل صاحبَه قرضاً فواجبٌ على المُقْرَض رَدُّه عليه كما استَقرضه.

فأما الله جلَّ وعزّ فإنه يُضاعِفُ لعبده ما تقرَّب به إِليه من صَدَقة أو بِرٍّ ، والتضعيفُ على حسب هيئة العبد وحُسْن مَوقع ما قَدَّم ، والقرْضُ في اللُّغة البلاءُ الحَسن والبَلاءُ السَّيِء.

تقول العرب : لكَ عِندي قرضٌ حَسنٌ وقرضٌ سَيِءٌ.

وقال أُمَيَّةُ بن أبي الصَّلْت :

كلُّ امرىءٍ سوفَ يُجزَى قرضَه حَسَناً

أو سيِّئاً وَمَدِيناً كالذي دَانَا

٢٦٦

وقال لبيدٌ :

وإِذا جُوزِيتَ قرضاً فاجْزِه

إنما يَجْزِي الفتى ليسَ الجَمل

وقال الليث : يقال : أَقْرَضْتُ فلاناً ، وهو ما تعطيه لِيَقْضِيكَهُ ، وكلُّ أمرٍ يتجازى بِهِ الناسُ فيما بينهم فهو من القروضِ.

وفي حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أنه حضره الأعراب وهم يسألونَ شيئاً أعلينا حَرَجٌ في كذا ، فقال : «عبادَ اللهِ رَفَعَ اللهُ عنّا الحَرَجَ إلا مَنْ اقترضَ امرأً مسلماً ظلماً فذلك الذي حَرِجَ» ، قوله : اقْتَرَضَ مُسْلِماً أي : نال منه وعابَه وقطعهُ بالغِيبةِ والبهتان ، وأصله من قَرْضِ القطعِ ، يقال : قَرَضَهُ واقترضهُ بمعنى واحدٍ إذا وقعَ فيه ونال منه.

ورُوِي عن أبي الدرداء أنه قال : إن قارَضْت الناسَ قارَضُوكَ وإن تركتهم لم يتركوك ، ثم قال : أَقْرِضْ من عِرْضِكَ ليومِ فَقْرِكَ، ومعنى قولهِ : إِنْ قارَضْتَهُمْ قارَضوك ، يقول : إنْ سابَبْتَهُمْ سابُّوك وجازَوْكَ ، ويكون القِراضُ في العمل السيءِ والقولِ السَّيِءِ يقصدُ به الرجلُ صاحبه.

قال أبو عبيد : وأصلُ القَرْضِ القَطْعُ وأَظُنُ قَرْضَ الفأرِ منه لأنه قطْعٌ ، وقوله : أَقرِضْ من عِرْضِكَ ليوم فقرك ، يقولُ إذا اقْتَرَضَ رجلٌ عرْضَكَ بكلام يَسوءُكَ ويحزنك فلا تجازِهِ حتى يبقى أجرُ ما ساءَكَ به لِيَوْمِ فقرك إليهِ في الآخرة.

ومعنى قولِ أبي الدَّرْداءِ : إِنْ قارضتَهُمْ قارضوكَ يقول : إنْ فعلتَ بهم سوءاً فعلوا بك مثلَهُ ، وإن تركتَهُمْ لم تسلم منهم ولم يدعوكَ ، فإذا فعلوا ذلكَ ابتداءً فَدَعْهُ ليوم الجزاء ، والقرضُ أيضاً قرضُ الشِّعر ، ولهذا سُمِّيَ الشِّعْرُ القريضَ ، والبعيرُ يقرِضُ جِرَّتَهُ وهو مضغُها وردُّها إلى الكَرشِ ، والجِرَّةُ المقْرُوضة هي القريضُ.

ومن أَمثالِ العربِ : حالَ الجَريضُ دونَ القريضِ.

قال أبو عبيد : وقال الأصمعي : والْجَريضُ : الْغَصَصُ.

قال : وهذا المثلُ لِعَبِيدِ بن الأبرصِ قاله للمنذر حينَ أراد قتله ، فقال أنشدني قولك. فقال عَبِيدٌ : حالَ الجَريضُ دونَ القريضِ.

قال أبو عبيد : وقال الأصمعي : الجريضُ : أن يَجْرَضَ نفسه إذا قضى.

يقال : هو يَجْرَضُ بنفسهِ ، أي : يكاد يقضي.

ومنه قيلَ : أفْلَتَ جَرِيضاً ، وقيلَ : الجَرِيضُ : الغُصَّةُ والقَرِيضُ : الْجِرَّةُ.

وأخبرني المنذري عن الرياشي أنه قال : القَرِيضُ والجَرِيضُ يحدُثانِ بالإنسان عندَ الموتِ ، فالجَريضُ تَبَلِّعُ الرِّيقِ ،

٢٦٧

والقريضُ : صوتُ الأسنان ، والقِراضُ في كلامِ أهلِ الحجاز المضارَبَة ، ويقال : هما يتقارَضانِ الثَّناءَ والخيرَ والشرَّ أي : يتجازَيان.

ومنه قول الشاعر :

يتقارَضُونَ إذا التقوا في موْطِنٍ

نظراً يُزِيلُ مواطئَ الأقدام

أي : نظر بعضهم إلى بعضٍ بالعداوة والبغضاء.

قال الكميت :

يُتَقَارَضُ الحسنُ الجميلُ

من التآلفُ والتَّزَاوُر

وقال أبو زيد : يقال : قَرَّظَ فلانٌ فلاناً ، وهما يتقارظانِ المدحَ إذا مدحَ كلُّ واحدٍ منهما صاحبهُ ، ومثلُهُ : هما يتقارَضانِ بالضَّاد ، وقد قَرَّضَهُ إذا مَدَحَهُ أو ذمَّهُ فالتقارظ في المدحِ والخيرِ خاصةً ، والتَّقارُضُ في الخيرِ والشَّرِّ.

وقال الله جلَّ وعزَّ : (وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ) [الكهف : ١٧].

قال الأخفش ، وأبو عبيد : (تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ) أي : تُجَاوِزُهُمْ وتتركهم عن شمالها يقال : قَرَضْتُهُ أَقْرِضُهُ قَرْضاً أي : جاوزته.

وقال الكسائي : تَقْرِضُهُمْ : أي : تَعْدِلُ عنهم.

وأنشد قول ذي الرُّمَّة :

إلى ظُعُنٍ يَقْرِضْنَ أَجوازَ مُشْرِفٍ

يميناً وعن أَيْسَارِهِنَّ الفوارِسُ

وقال الفراء : العربُ تقولُ : قَرَضْتُهُ ذاتَ اليمينِ وقَرَضتُهُ ذاتَ الشِّمال وقُبُلاً ودُبُراً : أي : كنتُ بحذائِهِ من كلِّ ناحيةٍ ، وقَرَضْتُ : مثلُ حَذَوْتُ سواءً.

ثعلب عن ابن الأعرابي : قَرِضَ الرجلُ إذا زالَ من شيءٍ إلى شيءٍ ، وقَرَضَ إذا ماتَ ، قال : وقرَضَ إذا سادَ بعد هوانٍ.

قال : ويقال للرجلِ إذا ماتَ : قَرَضَ رِباطَهُ.

وقال أبو عبيد : قال أبو زيد : جاء فلانٌ وقد قَرَضَ رباطَهُ ، إذا جاء مجهوداً قد أَشرفَ الموت ، قال : ومعنى قَرَضَ رِباطَهُ : ارْتباطَهُ في الدنيا ، يرادُ أَنه ماتَ وتخلَّى من الدُّنيا.

وقال الليث : القُرَاضَةُ : فُضالَةُ ما يَقرضُ الفأرُ من خبزٍ أو ثوبٍ ، وكذلك قُراضاتُ الثَّوبِ التي يَنْتِفُها الجَلَمان.

قال : وابن مِقْرَضٍ هو ذو القوائمِ الأربع الطويلُ الظَّهْرِ القتَّالُ للحمامِ.

قال : والتَّقْريضُ في كلِّ شيءٍ كتقريض يَدِ الجُعَلِ.

وأَنشد :

إِذا طَرَحَا شأواً بأرض هَوَى له

مُقَرَّضُ أَطرافِ الذِّراعين أَفلج

٢٦٨

وأَرادَ بالشَّأو : ما يلقيه العَير وَالأتان من أَرْوَاثهما.

قال أبو منصور : وهذا تَصْحيفٌ ، قوائم الجُعَل مُفَرَّضَةٌ بالفاءِ كأنَّ فيها حُزُوزاً.

وأَخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال : من أَسماءِ الْخُنفُساءِ المندوسةُ والفاسِيَاءُ ، ويقال لِذَكَرِها المُقَرَّضُ والحَوَّازُ والمُدَحْرِجُ والجُعَل.

قال : والبيتُ الذي استشهد به الليث للشماخ ، وثِقاتُ الرُّواةِ رَوَوْهُ بالفاءِ

(مُقَرَّضُ أَطرافِ الذِّراعين ...).

قال الباهليُّ : أَرادَ بالمُقَرَّضِ المُحَزَّزَ ، يعني الجُعَلَ ونحو ذلك قال ابن الأعرابي.

ق ض ل

مهمل الوجوه.

ق ض ن

استعمل منه : [نقض].

نقض : قال الليث : النَّقْضُ : إفسادُ ما أَبرمْتَ من عقدٍ أو بِناءٍ ، والنِّقْضُ : اسمُ البناءِ المنقوضِ إذا هُدِمَ ، والنِّقْضُ والنِّقْضَةُ هما الجملُ والناقةُ اللذان قد هزلتهما الأسفارُ وأَدْبَرَتْهُما ، والجميعُ الأنقاض.

وأنشد لرؤبة :

إِذا مَطَوْنا نِقْضَةً أَوْ نِقْضا

وقال الآخر :

إِني أَرى الدهرَ ذا نَقْضٍ وإِمْرَا

أي : ما أمَرَّ عاد عليه فنقضه ، وكذلك المناقضة في الشعر ينقضُ الشاعرُ الآخر ما قاله الأول ، والاسم النَّقيضة وتجمع على النقائض ، ولهذا قالوا نقائض جريرٍ والفرزدق ، قال : والنِّقْضُ مُنْتَقَضُ الكمأة من الأرض إذا أرادت أن تخرج نقضتْ وجه الأرض نقضاً فانتقضتِ الأرض.

وقال الشاعر :

كأن الفُلانِيّاتِ أنقاضُ كمأةٍ

لأول جانٍ بالعصا يستثيرُها

ويقال : انتقضَ الجُرح بعد البُرْء ، وانتقضَ الأمر بعد التِئامِه وانتقضَ أمرُ الثَّغر وغيره.

وقال الله عزوجل : (وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ (٢) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (٣)) [الشرح : ٢ ، ٣].

قال الفراء في التفسير عن الكلبي : أثقلَ ظهرك.

قال أبو منصور : وقال نحو ذلك مجاهد وقتادة، والأصل فيه أن الظهر إذا أثقله حِمله سُمع له نقيضٌ أي صوت خفيٌّ وذلك عند غاية الإثقال ، فأخبر الله عزوجل أنه غفر لنبيِّه أوزاره التي كانت تراكمت على ظهره حتى أوْقرته ، وأنها لو كانت أثقالاً حُملت على ظهره لسُمع لها نيضٌ أي صوتٌ ، وكل صوت لمِفصلٍ أو إصبعٍ أو ضلعٍ فهو نقيضٌ وقد أنقضَ ظهر

٢٦٩

فلان إذا سُمع له نقيضٌ ، ومنه قوله :

وحُزن تُنْقِضُ الأضلاع منه

مُقيم في الجوانح لن يزولا

وقال الليث : نقيضُ المِحْجَمةِ صوتُها إذا شدَّها الحجّام بمصِّه ، يقال : أنقضتِ المحجمةُ وأنشد :

زَوَى بين عَيْنَيْهِ نقيضُ المحاجِمِ

وقال أبو زيد : أنقضتُ إنقاضاً بالمَعْزِ إذا دعوته.

وقال أبو عبيد : أنقضَ الفرخ إنقاضاً إذا صأَى صَئِيّاً ، وأنقضَ الرَّحل إنقاضاً إذا أطَّ أطِيطاً.

وقال ذو الرُّمة :

كأَنَّ أصواتَ مِن إيغالهنّ بنا

أوخرِ الْمَيسِ إنقاضُ الفَرارِيج

هكذا أفادَنِيهِ المنذري عن أبي الهيثم ، وفيه تقديمٌ وتأخيرٌ أراد كأَن أصوات أواخر الميسِ إنقاضُ الفراريج من إيغال الرّواحل بنا ، أي : من إسراعها السير بنا.

وقال الليث : أنقضتُ بالحمار إذا ألصقت طرف لسانك بالغارِ الأعلى ثم صوَّتَّ بحافتيه من غير أن ترفع طرفه عن موضعه ، وكذلك ما أشبهه من أصوات الفراريج والرِّحال.

قال : والنَّقّاض الذي ينقضُ الدِّمقس وحرفته النِّقاضة.

قال أبو منصور : وكذلك النَّكاثُ ، وحرفته النَّكاثة وما نُقض من ثوب صوف أو إبريسيم فهو نِقضُ ونِكثٌ ، وجمعها أنقاضٌ وأنكاثٌ سماع من العرب.

وقال الليث : النُّقَّاضُ : نباتٌ ، وتَنَقَّضَتْ عظامه : إذا صَوَّتَتْ.

وفي «نوادر الأعراب» : نَقَّضَ الفرسُ ورَفَّضَ إذا أدلى ولم يستحكم إنعاظهُ ومثله سَيَأَ وشَوَّلَ وأسابَ وسَبَّح وانساحَ وقاش وسمَّل ورَوَّل.

ق ض ف

استعمل من وجوهه : ضفق  ـ  قضف.

ضفق : قال الليث : الضَّفْق : الوضع بمرَّةٍ وكذلك الضفع ، ولم أحفظه لغيره.

قضف : قال الليث : القَضافة : قلَّة اللحم ، ورجلٌ قضيفٌ ، وقد قضُفَ يقضُفُ قضافةً.

أبو عبيد عن الأصمعي : قال : القِضْفانُ والقُضفانُ أماكن مرتفعةٌ بين الحجارة والطِّين واحدتها قَضفَةٌ.

وقال ابن شميل عن أبي خيرة : القَضَفُ : آكامٌ صغارٌ يسيل الماء بينها ، وهي في مطمئنٍ من الأرض وعلى جرْفة الوادي ، الواحدة قَضْفَةٌ وأنشد لذي الرمة :

وقد خنَّق الآلُ الشِّعافَ وغَرَّقَتْ

جواريه جُذعانَ القِضاف البراتكِ

٢٧٠

قال : الجُذْعان : الصِّغار. والبراتكُ : الصِّغار.

وقال أبو خيرة : القَضَفَةُ : أَكمةٌ صغيرة بيضاء كأَن حجارتها الجِرْجِسُ وهي هناتٌ أصغر من البعوض ، والجرجس يقال له الطِّين الأبيض كأنه الجصُّ بياضاً ، حكى ذلك كله شمر فيما قرأت بخطه.

وقال الليث : القضفةُ : أَكمةٌ كأنها حجر واحد ، قال : والقِضافُ لا يخرج سَيْلُها من بينها.

قال أبو منصور : وجارية قضيفةٌ إذا كانت ممشوقةً ، وجمعها قِضافٌ.

ق ض ب

قضب  ـ  قبض : مستعملان.

قضب : قال الله جلَّ وعزَّ : (فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا (٢٧) وَعِنَباً وَقَضْباً (٢٨)) [عبس : ٢٧ ، ٢٨].

قال الفراء : القَضْبُ : الرَّطْبة. قال : وأهل مكة يُسمون القَتَ القَضْبَةَ.

وقال أبو عبيد عن الأصمعي : القَضْبُ : الرَّطْبةُ.

وأنشد غيره بيت لبيد بن ربيعة :

إِذا أرْوَوْا بها زَرْعاً وقضبا

أمالوها عَلَى خُورٍ طِوالِ

قال الليث : القضبُ مِنَ الشَّجرِ كلُّ شجرٍ سَبِطتْ أغصانُهُ وطالتْ ، والقضبُ : قطعكَ القضِيبَ ونحوهُ.

قال : والقضيبُ اسمٌ يقع على ما قَضَبْتَ مِنْ أغصانٍ لتَتَّخِذَ منها سهاماً أو قسيّاً ، وأنشد لرؤبةَ :

وفارجٍ مِنْ قَضْبٍ ما تَقَضَّبَا

وفي حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أنه كان إذا رَأَى التَّصْلِيبَ في ثَوْب قضبَهُ».

قال أبو عبيد : قال الأصمعي : يعني قطعَ مَوْضعَ التَّصْلِيبِ منهُ. والقضب : القطعُ ، ومنه قِيلَ : اقتضبتُ الحديثَ إنما هو انتزعتُه واقتطعتهُ ، وإياه عنى ذو الرُّمة يصفُ الثورَ :

كأَنَّهُ كَوكَبٌ في إثر عِفْرِيَةٍ

مُسَوَّمٌ في سَوادِ الليلِ مُنقضب

أي : مُنْقضٌّ مِن مكانه.

وقال القطامي يصف الثورَ :

فَغَدا صَبيحَة صَوْبها مُتَوَجِّساً

شَئِزَ القيامِ يقضِّبُ الأغصانا

أبو عبيد عن أبي عبيدة : ارتجلْتُ الكلامَ ارتجالاً واقتضبتُه اقتضاباً ، ومعناهُمَا أن يكُونَ تكلمَ بهِ مِنْ غيْر أن يكون هيَّأَهُ قبل ذلك.

قال : وسمعتُ الأصمعي يقول : القضيبُ من السُّيوفِ اللطيفُ ، وهو ضِدُّ الصفيحةِ ، والقضيبُ : الغصنُ وجمعهُ القُضبانُ والقِضبانُ والقضيبُ من الإبلِ الذي لم يمهرِ الرِّياضَةَ ، واقتضَبَ فُلانٌ بكراً إذا ركبهُ ليذله قبل أن يُراضَ.

٢٧١

يقال : بكرٌ قضيبٌ وناقةٌ قضيبٌ بغيرِ هَاءٍ.

وقال النضرُ : القضيبُ : شجرٌ تتخذُ منهُ القسيُّ ، وأنشدَ غيرهُ :

رَذَايا كالبَلايا أو

كعِيدَانٍ مِنَ القضْبِ

ويقال : إنه من أجناسِ النبعِ ، وقد يكنى بالقضيبِ عن ذكرِ الإنسانِ وجميعِ الحيوانِ ، والمقضَبَةُ منبِتُ القضْب ويجمعُ مَقَاضِبَ ومقاضِيبَ.

وقال عروة بن الورد :

لستُ لمرَّةَ إنْ لم أُوفِ مرْقبةً

يبدُو لِيَ الحَرْثُ مِنها والمقاضيب

والمقتضَبُ : عروضٌ مِن الشِّعرِ معروفٌ وهو مِثلُ قولهِ :

هَلْ عليَّ وَيحكما

إنْ لَهَوْتُ من حَرَج

ويقال للمنجلِ مِقْضبٌ ومقضاب وسيف قاضبٌ قاطعٌ.

وقال الأصمعي : القضبُ : السهامُ الدقاقُ وَاحِدُها قضيب ، وأنشد قول ذِي الرُّمة :

مُعِدُّ زُرْقٍ هَدَتْ قضباً مُصَدَّرَةً

قال : أراد قضباً فسكنَ الضادَ وجعله مثل عديم وعدم وأديم وأدم.

وقال غيره : جمعَ قضيباً عَلَى قضب لما وجدَ فعلاً في الجمعِ مُستمراً.

قبض : قال الليث : القبضُ بجمع الكَفِّ على الشيءِ.

وقال غيره : القبضةُ : ما أخذتَ بجُمْع كفِكَ كله ، فإذا كان بأصابعك فهي القبصة بالصاد.

قال الليث : ويقال : مَقْبِضُ القَوْس ومَقْبِضٌ أَعَمُّ وأَعْرَفُ.

وَيقولون : مقبضُ السِّكِّين وَمقْبِضتُه كل ذلك حيثُ يُقبَضُ عليه بِجُمْع الكَفِّ.

وقال ابن شميل : المَقبِضةُ مَوضع اليد من القناة.

الليث : القَبِيضُ من الدَّوَابِّ السريعُ نَقْل القوائم.

قال الطِّرِمَّاح :

سَدَتْ بقَبَاضَةٍ وثَنَتْ بِلِينِ

أبو عبيد عن أبي عمرو : القبْض : الإسراعُ.

يقال : منه رَجلٌ قَبِيضٌ بَيِّنُ القَبَاضةِ.

الليث : انقَبَضَ القومُ إذا ساروا وأَسرَعوا.

وأنشد :

آذَنَ جِيرَانُكَ بانقباضِ

والقابضُ : السائقُ السَّريعُ السَّوق.

قال أبو منصور : وإنَّما سُمِّيَ السوْقُ قَبْضاً لأن السائقَ للإبلِ يَقْبضها أي : يجمعهَا إذا أرادَ سَوقهَا ، فإن انتشرتْ عليه لم يقدر على سَوقِهَا ومنه قول الفَقعسيِّ :

في هَجْمَةٍ يُغدِرُ منها القابض

٢٧٢

الليث : إنه لَيقبِضنِي ما قَبضكَ قُلْتُ معناه : أنه ليُحْشمُني ما أحْشمك ونَقِيضهُ إنه لَيَبْسُطُنِي ما بَسَطَكَ.

يقال : الخيرُ يَبْسُطهُ والشَّرُّ يَقْبضهُ ، والتَّقَبُّضُ : التَّشَنُّجُ ، والملك قابضُ الأرواح.

الحراني عن ابن السكيت : القَبْضُ : مَصْدَرُ قَبضْتُ قَبْضاً ، والْقَبْضُ : السُّرْعَةُ.

يقال : إنه لَقبِيضٌ بين القباضَةِ والْقَبضِ ، إذا كان سريعاً ، وأنشد :

كيفَ تَرَاهَا والْحُدَاةُ تَقْبضُ

أي : تَسُوقُ سَوْقاً سريعاً.

ويقال : قَبضْتُ مالِي قَبْضاً.

ودَخَلَ مَالُ فُلانٍ في الْقَبَضِ ، يعني ما قُبِضَ من أموالِ الناسِ.

وقال الليث : الْقَبَضُ ما جُمِعَ من الغنائم فَأُلْقِيَ في قَبَضِهِ أي : في مُجْتَمعهِ ، والْقَبّاضَةُ : الحمار السَّريعُ الذي يَقْبضُ الْعانَةَ أي : يُعْجِلهَا وأنشد

قَبَّاضَةٌ بين العنِيفِ واللَّبِقْ

قال : والقَبِيضةُ : القَصِيرَةُ.

قال أبو منصور : هذا غَلَطٌ وكان قَرَأَ القُنْبُضَةَ بالنونِ والباءِ فَصَيَّرَها قَبِيضَةً.

وروى أبو عبيد عن الأصمعي قال : الْقُنْبُضَةُ من النِّساء القصيرَةُ ، وأنشد :

إذا القُنْبُضَاتُ السُّودُ طَوَّفْنَ بالضُّحى

رَقَدْنَ عَليهنَّ الْحِجالُ المُسَجَّفُ

الأصمعي : ما أدري أيُ القَبيضِ هو كقولِكَ أيُّ الْخَلْقِ هو ، وربمَا تكلَّمُوا به بِغيرِ حَرْفِ النَّفْي كما قال الراعي :

أمْسَتْ أُمَيَّةُ للإسْلامِ حائِطَةً

ولِلْقَبيضِ رُعاةً أمْرُهَا الرَّشَدُ

ويقال للرَّاعي الْحَسَنِ التدبير الرفيقِ برَعِيْتِهِ إنَّه لَقُبْضَةٌ رُفَضَةٌ ، ومَعنَاهُ : أنه يَقْبضُهَا فَيسوقُها إذا أجدَبَ المَرْتَعُ ، وإذا وَقَعَتْ في لُمْعَةٍ من الكلاء رَفَضَها حتى تنتشرَ فَتَرْتعَ كيف شاءت.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : القبضُ قَبولُكَ المتاعَ وإن لم تُحوِّلهُ ، والقبْضُ : تحوِيلكَ المتاعَ إلى حَيِّزِكَ والقبضُ الانقِباضُ وأصْله في جَناحِ الطير.

قال تعالى : (وَيَقْبِضْنَ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمنُ) [الملك : ١٩].

والقبضُ : التناولُ لِلشيءِ بِيدكَ مُلامَسةَ ، والقَبْضُ ضَرْبٌ من السَّيْرِ.

ق ض م

استعمل من وجوهه : [قضم].

قضم : أبو عبيد عن الكسائي : قضِمَ الفرَسُ يَقْضَمُ ، وخَضِم يخضَم يعني الإنسان وهو كَقَضم الفَرسِ.

قال : وقال غير الكسائي : القَضْم : بأطراف الأسْنان والخَضْم بأقصى

٢٧٣

الأضراس وأنشد :

رَجَوا بالشقاقِ الأكل خَضماً فقد رَضُوا

أخيراً مِنَ اكْل الْخَضْمِ أن يأكلوا القضْما

ومما يدل على هذا القول قول أبي ذَرّ ، واخْضَمُوا فسَنقْضَمُ.

الأصمعي وأبو عبيدة : إذا كان الْجِلدُ أبيضُ فهو القَضيم ، وأنشد :

كأنَّ مَجَرَّ الرّامساتِ ذُيولها

عليه قضيمٌ تَمَّقَتْه الصَّوانع

وقال الليث : القَضْم : أكل دونٌ كما تقضَم الدابةُ الشَّعير واسمه القَضِيم ، وقد أقْضَمْتُهُ قَضِيماً.

قال : والقَضِيمُ : الفِضَّةُ ، وأنشد :

وثُدِيٌّ ناهداتٌ وبَيَاضٌ كالقضيمِ

قال أبو منصور : القضيم ها هنا : الرَّقُّ الأبيضُ الذي يكتب فيه ولا أعرف القَضيم بمعنى الفِضّةِ لغير الليث.

أبو خَيْرَةَ : القُضّامِ مِنْ شَجَر الحَمْضِ.

قال أبو منصور : وهو معروفٌ.

أبو عبيد عن الأصمعي : القضيم من السيوف الذي طال عليه الدَّهْر فَتكسَّرَ حَدُّه ، وأنشد :

مَعي مَشْرِفيٌّ في مضاربهِ قضم

وقال أبو عبيد :

كأنَّ ما أبقَتِ الرَّوامِسُ منه

والسنونَ الذَّواهِبُ الأول

قَرْعُ قَضيمٍ غَلَا صَوانِعه

في يَمَنيِّ الْعِيابِ أو كِلَلُ

غَلَا : أي : تَنَوَّقَ في صنْعِهِ.

أبواب القاف والصاد

ق ص س ، ق ص د ،  ـ  ق ص ز ،  ـ  ق ص ط : مهملات.

ق ص د

قصد  ـ  صدق  ـ  دصق (١).

قصد : قال الليث : القصد : اسْتقامة الطريقة ، قَصدَ يَقْصِد قصداً فهو قاصِدٌ ، والقصد في المعيشةِ ألَّا يسرِفَ ولا يقتِّرَ.

وفي الحديث : «ما عالَ مُقْتصِدٌ ولا يَعِيل» ، والقصيد من الشعر ما تم شطر أبنيته وقال غيره : سميَ قصيداً لأن قائله احتفل له فَنَقَّحَه بالكلام الجيِّدِ والمعنى المختار ، وأصله من القَصِيدِ وهو المخُّ السَّمِين الذي يَتَقَصَّد أي : يَتَكَسَّر إذا استخرج من قصبه لسمنه وضده الرار وهو المخُّ السائل الذائب الذي هو كالماء لا يتقصد ، والعرب تستعير السمنَ في الكلام فتقول : هذا كلامٌ سمينٌ أي جَيِّدٌ ومعنى

__________________

(١) أهمله الليث.

٢٧٤

سمين ، وقالوا : شِعرٌ قصيدٌ : إذا كان منقحاً مجوداً.

وقال آخرون : سُمِّي الشعر التامُ قَصِيداً لأن قائله جعله من باله فقصدَ له قصداً وروَّى فيه ذهنه ولم يقتضبه اقتضاباً ، فهو فَعِيلٌ بمعنى مفعولٍ من القصدِ ، وهو الأمُّ ، ومما يحقق هذا قول النابغة :

وقائلةٍ من أَمَّها واهتدى لها

زيادُ بن عمروٍ أَمَّها واهتدى لها

يعني قصيدته التي يقول فيها :

يا دارَمَيَّةَ بالعلياءِ فالسَّنَدِ

وأدخلوا الهاء في القصيدة لأنهم ذهبوا بها مذهب الاسم ، والله أعلم.

وقال أبو عبيدة : مُخٌ قصيد وقَصُودٌ ، وهو دون السمين وفوق المهزول ، ومثله رجل صليد ، وصَلُودٌ ، إذا كان بخيلاً ، قاله الكسائي.

وقال ابن بزُرْجَ : أقصدَ الشاعر وأَرْمَل وأهزج وأرْجز ، من القَصيد والرَّمَلَ والرَّجَز والهزج.

وقال الليث : القَصِيدُ : اليابسُ من اللحم.

وقال أبو زيد :

وإذا القومُ كان زادهُم اللَّحْ

مُ قصيداً منه وغيرَ قصيدِ

قال : والقصيدُ : العصا.

وقال حُميد بن ثور :

فظلُّ نساءُ الحيِّ يحشُون كُرْسُفاً

رُؤُوسَ عِظامٍ أو ضحتها القصائدُ

قال : والقصيدةُ : المُخَّةُ إذا أُخرجت من العظم وإذا انفصلت من موضعها أو خرجت قيل : قد انْقَصَدَتْ ، يقال : انقصد الرُّمح إذا انكسر بِنِصْفَيْن حتى يَبِينَ ، وكل قطعة قِصْدَةٌ ، وجمعها قِصَدٌ ، ورمحٌ قَصِدٌ بَيِّنُ القَصَدِ ، وإذا اشتقوا له فِعلاً قالوا انقصدَ وقلَّما يقولون قَصِدَ إلا أن كل نعت على فَعِلٍ لا يمتنعُ صدوره من انْفَعَلَ.

وقال قيس بن الخطيم :

ترى قِصَدَ المُرَّان تُلْقَى كأنها

تَذَرُّعُ خُرصان بأيدي الشواطبِ

وقال آخر :

أقرُو إليهم أنابيب القَنا قِصَدَا

يريد : أمشي إليهم على كِسَر الرماحِ.

وقال الليث : القَصَدَ مَشْرَةُ العضاه أيام الخريف تخرج بعد القيظِ الورق في العضاه أغصاناً رطبةً غَضَّةً رِخاصاً تُسمى كل واحدة منها قَصْدَةً.

أبو عبيد عن الأصمعي : الإقصادُ : القتل على كل حال.

وقال الليث : هو القتل على المكان ، ويقال : عضَّته حيَّة فأَقصَدتهُ ، ورَمته المَنِيَّة بِسَهمِها فأَقصدته ، قال : والمُقَصَّدُ من الرجال الذي ليس بجسيم ولا قصير ، وقد يُستعمل هذا في النعت في غير الرجال

٢٧٥

أيضاً.

وقال غيره : ناقة قَصِيدٌ : سمينةٌ ممتلئة جسيمة ، وقد قَصُدَت قصادةً.

قال الأعشى :

قطعتُ وصاحبي سُرُح كِناز

كركنِ الرَّعْنِ ذِعْلبَةٌ قَصيدُ

وقال ابن شميل : القصود من الإبل الجامِسُ المُخّ ، واسم المخ : الجامس : قصيد.

وقال ابن الأعرابي : القَصَدَةُ من كل شجرة ذات شوكٍ أن يظهر نباتها أوَّل ما ينبتُ. وقال المثقب العبدي :

سيُبْلِغُنِي أجلادها وقصيدها

يريد : سنامها.

ويقال : قصد فلان في مشيه إذا مشى سَوِيّاً ، قال الله : (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ) [لقمان : ١٩] ، واقتصد فلان في أمره : إذا استقام.

صدق : أبو عبيد في باب الرماح : الصَّدْقُ : المستوي.

قال : قال أبو عمرو : الصَّدْقُ : الصُّلْب ، وكذلك قال ابن السكيت.

قال ، ويقال : هو صَدْقُ النظر ، ومنه قيل : صدقوهم القتال ، والصِّدْقُ ضدُّ الكذب.

قال أبو الهيثم في قول كعب بن زهير :

وفي الحلم إدهانٌ وفي العفو دُرسةٌ

وفي الصدق منجاةٌ من الشَّرِّ فاصدق

قال : والصِّدق ها هنا الشجاعة والصلابة ، يقول : إذا صَلُبْت للحرب وصدقتَ انهزم عنك من تصدقه ، وإن ضعُفْت قوِي عليك واستمكن منك.

وقال الليث : ويقال : صدقتُ القوم أي : قلتُ لهم صِدقاً ، وكذلك من الوعيد إذا وقعتَ بهم قلتَ صدقتُهم ، ومن أمثالهم : الصِّدق يُنبي عنك لا الوعيد ، ويقال : هذا رجلُ صِدقٍ مضافٌ بكسر الصاد ، معناه : نِعْمَ الرجل هو ، وامرأة صِدْقٍ كذلك ، فإن جعلته نَعتاً قلت هو الرجل الصَّدق ، وهي صَدقةٌ وقومٌ صَدْقون ، ونساءٌ صَدْقاتٌ.

وأنشد :

[مقذوذة الآذان](١)صَدْقاتُ الحدقْ

أي : نافذاتُ الحدقِ. وقال رؤبة يصف فرساً :

والمرءُ أيُ الصَّدق يُبلي صَدْقاً

والصَّدقُ : الكامل من كل شيء.

قال الله عزوجل : (ولقد صَدَقَ عليهم إبليس ظنَّه) [سبأ : ٢٠] ، بتخفيف الدال ونصب الظَّن.

قال الفراء : أي : صَدَق عليهم في ظنِّه.

__________________

(١) زيادة من «اللسان» (صدق  ـ  ٧ / ٣٠٧).

٢٧٦

وقال أبو الهيثم : يقال : صَدَقني فلان أي : قال لي الصِّدق ، وكَذَبني : أي : قال لي الكذب.

ومن كلام العرب : صَدَقْتُ الله حديثاً إن لم أفعل كذا : يمينٌ ، المعنى : لا صدقت الله حديثاً إن لم أفعل كذا.

وقال شمر : الصَّيْدَق : الأمِين ، وأنشد قول أمَيَّة :

فيها النجوم تطيع غير مُرَاحة

ما قال صَيْدَقُها الأمين الأرشد

قال : وقال أبو عمرو : الصيدق : القطب ، وقيل : الملك.

وقال الله عزوجل : (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَ نِحْلَةً) [النساء : ٤].

يقال : هو صِداقُ المرأة وصُدْقَةُ المرأة وصَدَاقُ المرأة مفتوحاً ، وهو أقلها ، والذي في القرآن جمع صَدُقةٍ ، ومن قال صُدْقَةُ المرأة قال صُدُقاتٌ ، كما تقول غُرْفَةُ وغُرُفاتٌ ، ويجوز صُدَقاتِهنَ بضم الصاد وفتح الدال ويجوز صُدُقاتهنَ ، ولا يقرأ من هذه اللغات إلا بما قُرئ به لأن القراءة سُنَّةٌ ، وهذا كله قول أبي إسحاق النحوي.

وقال الليث : كل من صدَّق بأمر الله لا يتخالجه في شيء منه شكٌّ ، وصدَّق النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فهو صِدِّيقٌ ، وهو قول الله : (الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ) [الحديد : ١٩] ، والصداقة مصدر الصَّدِيق ، والفعل : صادقهُ مصادقة واشتقاقه أنه صَدَقهُ المودَّة والنصيحة ، والصَّدَقَةُ ما تصدقت به على مسكين ، والمُعطِي مُتَصَدِّقٌ والسائلُ متصَدِّق ، هما سواءٌ.

قال أبو منصور : وحُذَّاق النحويين وأئمة اللغة أنكروا أن يقال للسائل مُتَصَدقٌ ؛ ولم يجيزوه ، قال ذلك الأصمعي والفراء : إنما يقال للمُعطي مُتَصَدِّقٌ.

قال الله عزوجل : (وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ) [يوسف : ٨٨] ، ويقالُ للرجل الذي يأخذ الصدقاتِ ويجمعُها لأهل السُّهمان : مُصدق بتخفيف الصادِ ، وأَما المُصَّدِّقُ بتشديد الصادِ والدالِ ، فهو المُتَصَدِّقُ وأدغِمَتْ التاءُ في الصادِ فَشُدِّدَتْ. قال الله عزوجل : (إِنَ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ) [الحديد : ١٨].

وأما قوله جلَّ وعز : (أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ (٥٣)) [الصافات : ٥٢ ، ٥٣] ، فالصاد خفيفةٌ والدالُ شديدةٌ ، وهو مِنْ تصديقِك صاحبَكَ إذا قالَ قولاً أوْ حَدَّثَ حَدِيثاً ، وكذلك مُصَدِّقُ الصدَقاتِ.

وأنشد :

وَدَّ المُصَدِّقُ مِنْ بَني غبرٍ

أنَّ القبائِلَ كلها غَنَمُ

ومن قرأ : (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ)

٢٧٧

[سبأ : ٢٠] ، فمعناه : أنه حققَ ظنه حينَ قال : (وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ) [النساء : ١١٩] ، لأنه قال ذلك ظاناً فحقَّقه في الضالين ، وأصدق الرجلُ المرأة حين تزوّجها ، أي جعل لها صَدَاقاً ، ورجلٌ صَدُوق ، أبلغ من الصادق ، وفلانٌ صديقي ، أي أخَصُ أصدقائي ، والصِّدِّيق : المبالغ في الصدق.

ق ص ت ،  ـ  ق ص ظ ،  ـ  ق ص ذ ، ق ص ث : مهملات.

ق ص ر

قصر  ـ  قرص  ـ  صقر  ـ  صرق  ـ  رقص  ـ  رصق.

قصر : قال الليث : القصْرُ : المِجْدَلُ ، وهو الفَدَنُ الضّخْمُ.

قال : والقَصْرُ : الغاية ، وقاله أبو زيدٍ ، وغيرُه.

وأنشد :

عِشْ ما بَدَا لَكَ قصْرُكَ الموْتُ

لا مَعْقِلٌ منه ولا فَوْتُ

قال أبو زَيد : ويقال : قُصارُك أن تفعَلَ ذاك وقَصْرُكَ وقُصاراكَ أن تفعلَ ذاك ، أي : جهدُكَ وغايَتُكَ ، ويقال : المُتَمنِّي قُصاراهُ الخَيْبَة.

قال الليث : والقصْرُ : كفُّكَ نفسَكَ عن شيء ، وكفكَهَا عنْ أن يطمَحَ بها غربُ الطمَع ، ويقال : قصَرْتُ نفسي عن هذا الأمر أقصُرُها قصراً.

قال أبو زيد : قَصِرَ فلانٌ يقصَرُ قَصَراً : إذا ضمَّ شيئاً إلى أصْله الأول وقصَرَ قيد بعيرِه قَصْراً إذا ضَيّقه ، وقصَرَ فلانٌ صلاتَه يقصُرُها قَصْراً في السفر.

قال الله تعالى : (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ) [النساء : ١٠١] ، وهو أن يصلِّيَ الظهرَ ركعتينِ ، وكذلكَ العصرُ وعِشاءُ الآخرة. فأما المغربُ وصلاةُ الفجر فلا قصرَ فيهما ، وفيها لُغاتٌ قَصَرَ الصلاة وأقصرَها وقصَّرَها ، كلُّ ذلك جائز.

وقال أبو زيد : يقال قصَرَ عَلَى فرَسِه ثلاثاً أو أربعاً منَ الإبلِ : يشرَبُ ألْبانهُنَّ وناقةٌ مقصورَةٌ على العِيال : يشرَبونَ لَبَنهَا.

وقال أبو ذؤيبٍ :

قصرَ الصَّبُوحَ لها فَشَرَّج لحْمَها

بالنِّيِّ فَهْي تَثُوخُ فيه الإصْبَعُ

وقال غيره : القصرُ : العَشِيُّ ، وقد أقصرْنا أي : دخَلْنا في العَشي ، وجاءَ مُقْصراً أي : حينَ قصرِ العشيِّ : أي : كاد يَدْنو من اللَّيْلِ.

وقال ابنُ حِلِّزَة :

آنَسَتْ نَبْأَةً وأفْزَعَها القنا

صُ قصراً وقدْ دنَا الإمساءُ

وهي المقصَرَةُ وجمعُها المقاصيرُ.

٢٧٨

وأنشد أبو عبيدٍ :

فَبعثتُها تَقِصُ المقاصرَ بعد ما

كَرَبتْ حياةُ الليْل للمُتَنَوِّر

والقصرُ : الحَبْسُ.

وقال الله تعالى : (حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ (٧٢)) [الرحمن : ٧٢] ، أي : محبوساتٌ في خيامٍ منَ الدُّرِّ مخَدَّراتٌ على أزواجهنّ في الجنةِ ، وامرأةٌ مقصورَةٌ.

وقال الفراءُ في قوله : مَقْصُوراتٌ قصرن على أزواجهنّ أي : حُبِسنَ فلا يُرِدنَ غيرهم ولا يَطْمَحْن إلى مَن سواهم.

قال : والعربُ تسمَّي الحَجَلة المقصورَة ، والقَصُورةَ وتسمى المقصورَةَ منَ النساء القصُورَة. وأنشد :

لعَمْرِي لقَدْ حبْبْتِ كلَ قصورة

إليَّ وما تدري بذاكَ القصائرُ

عنَيتُ قَصُورَات الحجالِ ولم أرِد

قِصارَ الخطى شرُّ النساء البَحاترُ

وقال غيره : إذا قالوا قصيرةٌ للمرأة أرادوا قِصرَ القامة ويجمَعْن قِصاراً.

وأما قوله جل وعز : (وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ أَتْرابٌ (٥٢)) [ص : ٥٢] ، فإن الفراء وغيرَه قالوا : قاصراتُ الطرْفِ حورٌ قد قصرْن طرفهنَّ على أزواجهنَّ لا ينظرن إلى غيرهم.

وأنشد الفراء :

من القاصرَاتِ الطرْف لو دَبَّ مُحوِلٌ

منَ الذرِّ فوْق الإتب منها لأثرا

وقال الليث : امرأة مقصورةُ الخطو شُبِّهتْ بالمقيد الذي يقصرُ القيدُ خطوَه ، ويقال لها قصيرُ الخطى. وأنشد :

قصيرُ الخُطى ما تقربُ الجيرة القُصَى

ولا الأنَسَ الأدنين إلا تجشّما

والقصَّارُ : يقصُرُ الثوب قصراً وحرفَتُه القِصارةُ.

قال : وجاءتْ نادرةٌ في شِعره الأعشى ، وذلك أنهُ جَمَعَ قصيرةً عَلَى قِصارَةٍ ؛ فقال :

لا نَاقصي حَسَبٍ ولا

أيْدٍ إذا مُدَّتْ قِصارهْ

قال الفراء : والعربُ تُدخِلُ الهاء في كل جمع على فِعال ، يقولون : الْجِمالة والحبالة ، والذكارة والحجارة ، قال الله تعالى : (كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ (٣٣)) [المرسلات : ٣٣].

وقال أبو زيد : يقال : أبلغْ هذا الكلام بني فلانٍ قَصْرَةً ومَقْصورة ، أي : دون الناس.

أبو عبيد قال الكسائي : هو ابنُ عمه قُصْرَةً ومقصورَةً إذا كان ابن عمه لَحّاً.

وقال الله جل وعز : (إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (٣٢)) [المرسلات : ٣٢].

قال الفراء : يريد القصرَ من قصُور مياه العرب ، وتوحيدُه وجمعُه عرَبيان ، ومثله :

٢٧٩

(سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (٤٥)) [القمر : ٤٥] ، معناه : الأدبارُ.

قال : ومن قرأ : كالقَصَر [المرسلات : ٣٢] فهي أصولُ النخْلِ.

قال أبو منصورٍ : وهي قراءة ابن عباس.

وقال أبو معاذ النحويّ : قَصَرُ النخلِ الواحدةُ قَصَرةٌ ، وذلك أن النخلة تقطَعُ قدْرَ ذراع يستوقدون بها في الشتاء.

قال : وهو قولك للرجل : إنه لَتامُ القَصَرَة إذا كان ضَخْمُ الرَّقبة.

وقال الضَّحَّاك : القصرُ مِن أصول الشجَر العِظَام.

وقرأَهُ الحسنُ : (كالقصرِ) مخفّفاً وفسره الجِذْلَ من الخشبِ الواحدَة قَصْرَةٌ مِثْل تمرةٍ وتمر.

وقال قتادة : كَالْقَصْرِ يَعني أصول النخْلِ والشجَر.

وقال أبو زيدٍ : يقال : قَصِرَ الفَرَس يقصَر قَصراً إذا أخذه وجَعٌ في عنقِه ، ويقال بهِ قَصَرٌ.

وقال ابن شميْل : القِصارُ : مِيسمٌ يوسم بهِ قَصَرة العُنق ، يقال : قَصَرت الجَمل قصراً فهو مقصور.

قال : ولا يقال : إبلٌ مقصَّرةٌ.

وقال أبو زيد : أقصَرَ فلانٌ عن الشيءِ يُقْصِرُ إقصاراً إذا كفَّ عنه وانتهى ، وقَصَّرَ فلانٌ في الحاجةِ إذا ونَى فيها وضعُف.

وقال الله جلَّ وعزَّ : (مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ) [الفتح : ٢٧].

قال : قَصَّرَ من شعره تقصيراً إذا حذف منه شيئاً ولم يستأصله.

قال الفراء : وسمعتُ أعرابياً يقول : الْحَلقُ أحَبُّ إليكَ أمِ القِصارُ؟ أراد التقصير.

وقال الليث : الإقْصَارُ : الكَفُّ عن الشيءِ قال : والمُقَصِّرُ الذي يُخِسُّ العَطِيَّةَ ويُقلِّلُها ، والقِصَرُ نقيضُ الطولِ ، يقال :

قَصُرَ يَقْصُرُ قِصَراً ، وقَصَّرْتُهُ تقصيراً إذا صيرته قصيراً ، والقُصْرَى والقُصَيْرَى : الضِّلَعُ التي تلي الشّاكلة بين الجَنْبِ والبطن ، وأنشد :

نَهْدُ القُصَيْرَى تَزِينُهُ خُصَلُهْ

وقال أبو داود :

وقُصْرَى شَنِجِ الأنْسَا

ءِ نَبَّاحٍ من الشَّعَبِ

قال : والقَصَرُ كعابرُ الزَّرْع الذي يُخلَّصُ من البُرِّ وفيه بقيةٌ من الحَبِّ ، ويقال له القَصَرِيُ.

وروى أبو عبيد في حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في المزارعةِ : أن أحدهم كان يشترطُ ثلاثةَ جداوِلَ والقُصَارَةَ وَما سَقَى الربيع فنهى النبيُّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن ذلك.

قال أبو عبيد : والقُصارَةُ ما بقيَ في السُّنْبُلِ من الحَبِّ بعد ما يداسُ.

٢٨٠