تهذيب اللغة - ج ٨

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٨

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٤٠

عبدِ الله  ـ  كذلك  ـ  : (أنْ يُغَلَ) ، يُريدون : أنْ يُسَرَّقَ.

وَقال أبو العَبّاس : جَعَلَ : يُغَلُ ، بِمَعْنى : يُغَلَّلُ. وكلامُ العَرَبِ عَلَى غَيْرِ ذلكَ في : (فَعَّلْتُ وأفْعَلْتُ) ، وأفْعَلْتُهُ : أدْخَلْتُ ذاكَ فيهِ ، وفَعَّلْتُ : كَثَّرْتُ ذاكَ فيه.

وقال الفَرّاءُ : جائزٌ أنْ يَكُونَ : يُغَلُ ، مِنْ : أَغْلَلْتَ بمعنى : يُغَلَّلُ ، أي : يُخَوّنُ ، كقولِه  ـ  تعالى : (فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ) [الأنعام : ٣٣] و (لَا يُكذبُونَكَ).

وقال الزِجّاجُ : قُرئا جميعاً : (أَنْ يَغُلَ) ، وأن يُغَلَ). فَمَنْ قال : (أَنْ يَغُلَ) : فالمَعْنى : ما كانَ بِنَبِيٍّ أن يَخُونَ أمَّتَهُ. وتَفْسِيرُ ذلكَ ؛ أنّ الغَنَائِمَ جَمَعَها النبي صَلَى الله عليه وسلم في غَزَاةٍ ، فجاءَهُ جماعَةٌ مِنَ المُسْلِمِينَ ، فَقَالُوا : «ألَا تَقْسِمُ بَيْنَنا غَنَائِمنَا؟؟».

فقالَ صَلَى الله عليه وسلم : «لو أَفَاءَ الله عَلَيَّ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَباً مَا مَنَعْتُكم دِرْهَماً ، أَتَرَوْنَني أغُلُّكُمْ مَغْنَمكُمْ؟!».

قالَ : وَمَنْ قَرَأَ : (أنْ يُغَلَ) فهو جائِزٌ عَلَى ضَرْبَينِ : أحدُهُما : ما كانَ لنبيٍّ أن يَغُلَّهُ أصْحَابُه ، أيْ : يَخُونُوهُ ، وجاء عن النبي صَلَى الله عليه وسلم : أنه قالَ : «لا أَعْرِفَنَّ أحدَكم يجيءُ  ـ  يومَ القِيامَةِ  ـ  وَمَعهُ شَاةٌ ، قَدْ غَلَّها ، لها ثُغَاءٌ ، ثم قَالَ : أَدُّوا الخَيْطَ وَالمَخْيَطَ».

والوجهُ الثّانِي : أَنْ يَكُونَ : (يُغَلَ) ، أيْ : يُخَوَّنَ.

وأخبرني المُنذِريّ عن الحُسين بنِ فَهْم عن ابنِ سَلّام ، قالَ : كان أبو عمرو بنُ العَلَاء ، ويونُس يَخْتَارَانِ : (وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَ). قال يُونُسُ : وكيفَ لا يُغَلُ؟ بَلَى ، ويُقْتَلُ!!.

ورُوِيَ عن النبي صَلَى الله عليه وسلم أنّه أملى في كتابِ صُلْحِ الحُدَيبيّةِ : «أنْ لا إغْلالَ ولا إسْلالَ».

وقالَ أبُو عُبَيدٍ : قال أبو عمرٍو : الإغْلالُ : الخِيَانَةُ ، والأسْلالُ : السَّرِقَةُ. قالَ : وكانَ أبو عبيدةَ يقُولُ : رَجُلٌ مُغِلٌ مُسِلٌّ ، أيْ : صاحبُ خِيَانَةٍ وَسَلَّةٍ ، ومنهُ قَوْلُ شُريَح : «ليسَ على المُسْتَعِيرِ غيْرُ المُغِلِ ضَمَانٌ» ، يَعْني : الخَائِنَ.

وقالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلبٍ :

جَزَى الله عَنّا حَمْزَةَ أَبْنَةَ نَوْفَلٍ

جَزَاءَ مُغِلٍ بالأَمَانَةِ كَاذِبِ

قال : وأما قولُ النبي صَلَى الله عليه وسلم : «ثلاثٌ لا يَغِلُ عَلَيْهِنّ قَلْبُ مُؤْمِنٍ».

فإِنَّه رُوي : لا يَغِلُ ، ولا يُغِلُ.

فَمَنْ قَالَ : لا يَغِلّ  ـ  بِفَتْحِ الياء وَكَسْرِ الغَيْنِ  ـ  فَإنَّه يَجْعَلُ ذلِكَ مِنَ الغِلِ ، وهو الضِّغْنُ والشَّحْنَاءُ.

٢١

ومَنْ قَالَ. يُغِلُ  ـ  بضم الياء  ـ  جَعَله من الخِيانَةِ.

وقيل في قولهِ : «ثلاثٌ لا يُغِلُ عليهِنَّ قَلْبٌ مُؤْمِنٍ» ، أيْ : لا يكونُ مَعَهما في قلبِهِ غِشٌّ ولا دَغَلٌ من نِفاقٍ ، ولكنْ يَكُونُ مَعَها الاخلاصُ في ذاتِ الله (جلّ وعزّ).

قال : وأما غَلَ يَغُلُ غُلُولاً ، فإنَّهُ الخِيَانَةُ في المَغْنَمِ  ـ  خَاصَّةً.

والإغْلالُ : الخيانَةُ في المغانِمِ ، وغيرِها ، ويُقَالُ منَ الغِلِ ، غَلَ يَغِلُ ، ومن الغُلُولِ : غَلَ يَغُلُ.

وقال الزَجّاج : غَلَ الرّجُلُ يَغِلُ : إذَا خَانَ ؛ لأنّه أخَذَ شيئاً في خَفَاء. وكلُّ ما كانَ من هذَا البابِ ، فهو راجِعٌ إلى هذا ، من ذلِك : الغَالُ ، وهو الوادِي المُطْمَئِنُّ الكثيرُ الشَّجَرِ ، وجمعُه : غُلّانٌ.

ومِنْ ذلِكَ : الغِلُ ، وهو الحِقْدُ الكَامِنُ ، ويقالُ : قد أَغَلَّتْ الضَّيْعَةُ ، فَهْيَ مُغِلَّةٌ ، إذا أَتَتْ بِشَيءٍ ، وأصلها باقٍ ومنْهُ قَوْلُ زُهَيرٍ :

فَتُغْلِلْ لَكُمْ ما لا تُغِلُ لأهْلِهَا

قُرًى بالعِراقِ من قَفِيزٍ ودِرْهَمٍ

وقال ابن الأعرابيّ  ـ  «في النوادِرِ»  ـ  غَلَ بَصَرُ فُلانٍ : حادَ عنِ الصَّوابِ وأَغَلَ الرجلُ ، إذا خَانَ.

قُلْتُ : قولُه : غَلَ بَصَرُ فُلانٍ ، أيْ : حَادَ عن الصَّوابِ ، مِنْ غَلَ يَغِلُ ، وهو معنى قولِهِ : «ثلاثُ لا يَغِلُ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُؤمنٍ» ، أيْ : لا يَحِيدُ عن الصَّوابِ غاشّاً. وَأَغلَ الخَطِيبُ ، إذا لم يُصِبْ في كلامِهِ.

وقال أبو وجزَةَ :

خُطَبَاءُ لا خُرُقٌ وَلَا غُلَلٌ إذَا

خُطَبَاءُ غيرُهُمُ أَغَلَ شِرارُهَا

وقال أبو عُبيد : قال أبو زَيْدٍ : أغْلَلْتُ الإِبِلَ ، إذا أصْدَرْتَها ، ولم تُرْوِها ، فهي عَالَّةٌ  ـ  بالعَينِ.

وقال نُصيرُ الرّازي : إذا صَدَرَتِ الإِبِلُ عِطاشاً ، قُلْتَ : صَدَرَت غَلَّة وَغوالَ ، وقد أَغْلَلْتَها أْتَ ، إذا أسَأتَ سَقْيها. قالتُ والصّوابُ : أغْلَلْتُ : الأبلَ ، إذا أصْدَرتَها ، ولم تُرْوِها فهي : غَالَّةٌ  ـ  بالغيْنِ  ـ  من الغُلَّةِ ، وهي حَرارَةُ العَطَشِ.

وفي «نوادِرِ أبي زَيْدٍ» : أغْلَلْتُ في الإِهابِ ، إذا سَلَخْتَهُ وتَركْتَ على الجِلْدِ اللّحْمَ ، قالَ : وَأغللتَ أبِلَكَ إغْلالً ، إذا أَسَأَتَ سَقيَها ، فأَصْدَرْتَها وَلم تُرْوِهَا ، وصَدَرَتْ غوالَ ؛ الواحدةُ : غَالَّةٌ ، وكَأَنَّ الرّاوِيّ عن أبي عُبيدٍ غَلِطَ فيه. وَقولُ الله جلّ وعزّ : (إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً) [يس : ٨] هي الجَوَامِعُ تَجْمَعُ أيْدِيهُم إلى أَعْنَاقِهِمْ ، وأما قولُهُ  ـ  جلّ وعزّ  ـ  في صفةِ نبيِّهِ صَلَى الله عليه وسلم : (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ) [الأعراف : ١٥٧]. قال أهلُ التَفْسِيرِ : كانَ عليهِمْ أَنَّ مَنْ قَتَلَ قُتِلَ بِهِ ، لا يُقْبَلُ في ذلكَ دِيَةٌ ، وَكَانَ عَلَيْهمْ ،

٢٢

إذا أصابَ جلودَهُم شَيْءٌ من البَوْلِ أن يُقْرِصُوا. وَكان عليهم أن لا يَعْمَلُوا في السّبْتِ ، فهذه الأغلالُ التي كانَتْ عَلَيْهمْ ، وَهذا تمثيل ، كقولك : «جَعَلْتُ هذا طَوْقاً في عُنُقِكَ».

وليسَ هُنَاكَ طَوْقٌ ، وتأَويلُه : إني قَدْ وَلَّيْتُكَ هذا وألْزَمْتُكَ القِيَامَ بهِ ، فَجَعَلْتُ لُزومَهُ لَكَ كالطَّوْقِ في عُنُقِك.

قال : والغِلالَةُ : الثوبُ الَّذِي يُلْبَس تَحْتَ الثِّيَابِ ، أو تَحْتَ الدِّرْعِ. درعِ الحَدِيد.

قال : ومنه الغَلَلُ ، وهو الماءُ الذي يَجْري في أصولِ الشَّجَرِ.

قَال : ويُقَالُ : أَغْلَلْتُ الجِلْدَ ، إذا سَلَخْتَهُ ، فأَبقَيْتَ فيه شَيْئاً من الشَّحْمِ.

ثعلبٌ عن ابنِ الأعرابي ، قال : العُظْمَةُ والغِلالَةُ والرُّفَاعَةُ والأُضْخُومَةُ : الثوب الذمي تَشُدُّهُ المرأةُ على عَجِيزتِهَا.

قال : والغُلَّةُ : خِرْقَةٌ تُشَدُّ عَلَى رَأْسِ الإبريقِ ، وجَمْعُها : غُلَلٌ والغُلَّةُ : ما تَوَارَيْتَ فيه.

وقال الأصمعيُّ : يُقالُ : نِعْمَ غُلُولُ الشَّيْخِ هَذَا ، يَعْني : الطَعامَ الَّذي يُدْخِلُهُ جَوْفَهُ.

قالَ : وغَلَ في الشَّيْءِ يَغُلُ ، وانغَلّ ، وتَغَلْغَلَ ، فيهِ : إذا دَخَلَ فيه.

قالَ : ويقالُ : تَغَلَّيْتُ ، مِنَ الغَالِيَةِ.

قال أبو نصرٍ : سألتُ الأصمعيَّ : هَلْ يكونُ : تَغَلَّتْ؟؟ فقالَ : إن أَرَدْتَ أنَّكَ أدْخَلْتَهُ في لِحْيَتِكَ وَشَارِبِكَ ، فجائِزٌ.

وقال الفَرَّاءُ : تَغَلَّلتُ بالغالِيَةِ ، وكلّ شَيْءٍ ألْصَقْتَهُ بِجِلْدِكَ ، وأُصولِ شَعْرِكَ ، فَقَدْ تَغَلَّلْتَهُ.

قال : وتَغَلّيْتُ : مُوَلّدَةٌ.

والغُلّةُ والغَلِيلُ : حَرَارةُ العَطَشِ ، ورَجُلٌ مَغْلُولٌ من الغُلّةِ.

وقال ابن السّكِّيتِ : يُقالُ : غَلّ الرجلُ من الغُلِ وهو الجامِعَةُ ، يُغَلُ بِها ، فهو مَغْلُولٌ.

وغُلّ  ـ  أيضاً  ـ  من غُلّةِ العَطَشِ ، فَهُوَ مَغْلُولٌ  ـ  أيضاً  ـ.

وقال أبو عبيد نحواً من ذلك.

وقال الأصمعيُّ : يُقالُ : فلانٌ يُغِلُ عَلَى عِيالِهِ ، إذا أتَاهُمْ بِغُلةٍ.

وقال الليثُ : يقالُ : غُلّ البَعِيرُ يُغَلُ غَلةً ، إذا لم يَقْضِ رِيّهُ ، قالَ : وَالغَلِيلُ : حَرُّ الْجَوْفِ لَوْحاً أو امْتِعاضاً.

قال : ورجلٌ مُغِلٌ : يُنْصِتُ عَلَى غِلٌ وحِقْدٍ.

وذكر عُمَرُ النساء ، فقال : «مِنْهُنَ غُلٌ قَمِلٌ».

وذلك أن الأسيرَ يُغَلُ بالقِدِّ ، فإذا قَبَّ ، أي : يَبِسَ ، قَمِلَ في عُنُقِه.

وقال ابن السكيت : به غل من العطش ، وفي رقبته غل من حديد وفي صدره غل.

وقال ابنُ الفَرَجِ : قال السُّلميُّ : غُسّ لَهُ

٢٣

الخِنْجَرَ والسِّنانَ ، وغُلهُ له ، أي : دُسَّهُ له وهو لا يَشْعُر بِهِ.

وقال الليثُ : الغَلْغَلَةُ : سرْعَةُ السَّيْرِ ، يُقَالُ : تَغَلْغَلُوا ، فَمَضَوا ورسالةٌ مُغَلْغَلَةٌ : محمولَةٌ من بلدٍ إلى بلدٍ. قالَ : ويُقالُ ، من الغَالِيةِ : غَلّلْتُ ، وغَلّفْتُ ، وغَلَيْتُ ، قَالَ : والغَلْغَلَةُ ، كالْغَرْغَرَةِ ، في مَعْنَى : الكَسْرِ.

وأنشدَ ابنُ السِّكّيتِ في صفةِ فَرَسٍ :

يُنْجِيهِ من مثلِ حَمامِ الأغْلَالْ.

وَقْعُ يدٍ عَجْلَى ورِجْلٍ شِمْلالْ

قالَ : أرادَ : يُنْجِي هذا الفرسَ من خَيْلٍ ، مثل حَمَام. يَرِدُ غَللاً من الماءِ ، وهو ماءٌ يجري في أُصولِ الشَّجَرِ ، جَمَعَهُ عَلَى أغْلالٍ.

أبو عبيد : غَلَلْتُ الشَّيْءَ : أدْخَلْتُهُ ، قالَ ذو الرُّمة :

غَلَلْتُ المَهاري بَيْنَها كلّ ليلَةٍ

وبينَ الدُّجى حتى تَرَاها تَمَزَّقُ.

وقال أبو سَعِيدٍ : يُقالُ : لا يَذْهَبُ كلامُكَ غَلَلاً. أي لا يَنْبَغِي أن يَنْطَوِي عن النّاسِ ، بل يَجِبُ أن يَظْهَر.

قال : وَالغَلَلُ : اللَّحْم الذي تُرِكَ على الإِهابِ حينَ سُلِخَ.

قالَ : ويُقال لِعِرْقِ الشَّجَرِ ، إذا أمْعَنَ في الأرضِ : غَلْغَلَ ، وَجَمعُهُ : غَلاغِلُ ، وقالَ كعبٌ :

وَتَفْتَرُّ عَنْ غُر الثّنايا كَأَنها

أقاحٍ تَرَوّى مِنْ عُرُوقٍ غَلاغِلِ

قال : وغلائِلُ الدَّروعِ : مساميرُهَا المُدْخَلَة فيها ، الواحِدُ : غَلِيل ، وقالَ لبيد :

وَأحْكَمَ أضْغانَ القَتِيرِ الغَلائِلِ

وَيُقالُ : نِعْمَ الغَلولُ شَرَابٌ شَرِبْتُهُ أوْ طَعامٌ ، إذا وافَقَني ، ويُقالُ للإبِلِ ، إذا صَدَرَتْ عن غَيْرِ رِيٍّ : قَدْ أغْلَلْتُها ، ويُقالُ : اغْتَلَلْتُ الشَّرَابَ : شَرِبْتُهُ ، وأنا مُغْتَلٌ إلَيْهِ ، أيْ : مُشْتاقٌ إلَيْهِ ، وَاغْتَلَلْتُ الثّوْبَ ، أي : لَبِسْتُهُ تَحْتَ الثَّيابِ.

لغ : أهْمَلَهُ الليثُ.

وَروَى أبو العَبّاسِ عن عمرٍو عن أبيهِ ، قالَ : لَغْلَغَ ثَريْدَهُ وسَغْسَغهُ ، وَرَوَّغَهُ ، إذا رَواهُ مِنَ الأُدْمِ ، ونحو ذلك.

قال ابنُ الأَعْرابيِّ : ويُقالُ : في كلامِهِ لَغْلَغةٌ ولَخْلَخَةٌ ، أي : عُجْمَةٌ. وَاللّغْلَغُ : طائرٌ مَعْرُوفٌ.

باب الغين والنون

[غ ن]

غن  ـ  نغ : مستعملان.

غن : قال الليثُ : الغُنَّةُ : صَوْتٌ فيه تَرْخِيْمٌ ، نحوَ الخَياشِيمِ ، تكونُ من نَفْسِ الأَنْفِ.

قالَ : وقالَ الخَليل : النُّونُ أشَدُّ الحُروفِ غُنَّةً. وأَخْبَرَني المُنْذري عن المُبَرِّدِ ، أنَّهُ قَالَ : الغُنَّةُ : أَن يَشْرَبَ الحَرْفُ صَوْتَ

٢٤

الخَيْشُومِ ، والخُنّةُ : أشَدُّ منها.

قالَ : وَالتَّرْخِيمُ : حَذْفُ الكَلَامِ.

وقال الليثُ : قَرْيَةٌ غَنّاءُ : الأَهْلِ والبُنْيانِ.

وقال غيرُهُ : وادٍ مُغِنٌ ، إذَا كَثُرَ ذُبَابُه : لالتِفَافِ عُشْبِهِ ، حَتَّى تَسْمَعَ لِطَيَرَانِهَا غُنَّةٍ.

وَقَدْ أَغَنَ إغْنَاناً.

شِمْر : أَرضٌ غَنّاءُ ، قَدِ الْتَجَّ عُشْبُهَا وَاعْتَمَّ وَعُشْبٌ أَغَنُ. وَيُقَالُ للقَرْيَةِ الكَثِيرَةِ الأَهْلِ : غَنَّاءُ ، وَأَغَنَ الله غُصْنَهُ ، أيْ : جَعَل غُصْنَهُ نَاضِراً أَغَنَ

قالَ : وإنما قِيلَ : وادٍ مُغِنٌ ، إذا أَعْشَبَ فكَثُرَ ذِبانُه ؛ حتى تَسْمَعَ لأَصْواتِها غُنَّةً ، وهي شَبِيهَةٌ بالبُجَّةِ ؛ ولذلك قيل قَرْيَةٌ غَنّاءُ.

أبو زيدٍ : الأَغَنُ : الّذي يَجْرِي كَلَامُهُ في لَهَاتِهِ ، والأخَنُّ : السّادُّ الخَياشِيمِ.

نغ : قال الليثُ : النُّغْنُغَةُ : موضعٌ بينَ اللهَاةِ وَشَوارِبِ الحُنْجُورِ ، فإِذا عَرَضَ فيه داءٌ قيل : تَنَغْنَغَ فُلانُ.

وقال أبو عبيد : النَّغَانِغُ : لحَماتٌ ، تكونُ عِنْدَ اللهَواتِ ، واحِدُها : نُغْنُغٌ ، وهيَ : اللّغَانِينُ ، واحدُها لُغْنونٌ.

باب الغين والفاء

[غ ف]

غف : مستعملة.

قال الليثُ : الغُفَّةُ  ـ  بُلغَةٌ مِنَ العَيْشِ ، وأنشد :

وَغُفّةٌ من قِوَامِ العَيْشِ تَكْفِينِي

قال : والفَأرُ غُفَّةُ السِّنَّوْرِ.

ثعلب عن عمروٍ عن أبيه ، قال الغُبَّةُ وَالغُفّةُ القليل مِنَ العَيْشِ : أبو عبيد عن أبي زيد قال : الغُبَّةُ من العَيْشِ : البُلْغَةُ وهي الغُثَّةُ ، وَأنشد شَمِر :

وكنّا إذا ما اغْتَفَّتِ الخَيْلُ غُفَّةً

تَجَرَّدَ طَلّابُ التِّرَاتِ مُطَلَّبُ

قال شمر : والغُفَّةُ كالخُلْسَة  ـ  أيضاً  ـ  وهو ما تَنَاوَلَهُ البعيرُ بِفِيه عَلَى عَجَلَةٍ منهُ.

ثعلبٌ عن ابنِ الأعرابيِّ : من أسماءِ الفَأرِ : الغُفَّةُ ، والفِرْنِبُ والرُّبْيَةُ.

باب الغين والباء

[غ ب]

غب  ـ  بغ : مستعملان.

غب : ثعلب عن ابن الأعرابي ، قال : الغُبَبُ : أَطْعِمَةُ النُّفَسَاءِ.

ابنُ السّكّيتِ : الغَبِيْبَةُ مِنْ ألْبانِ الغنم : صَبُوحُ الغنم بُكْرَةً ، حتّى يَحْلُبُوا عَلَيهِ مِنَ اللَّيْلِ ، ثم يَمْخُضُوهُ من الْغَدِ.

وقالَ أبو عُبَيْدِ ، قال أبو زيادٍ الكلابيُّ : يقال للرائِبِ من اللَّبَنِ : الْغَبِيْبَةُ.

قَالَ : وَيُقَالُ : غَبَ فلانٌ عِنْدَنا ، إذَا باتَ ، ومنه سُمِّي اللّحْمُ الْبائِتُ غابّاً ، وأَغَبَّنَا فُلانٌ : إذا أتانَا غِبّاً ، ومنهُ قولُه :

٢٥

... ما تُغِبُ نَوافِلُهْ

قال : وقالَ أبو زَيدٍ : الْغُبَّةُ : الْبُلْغَةُ من الّعيشِ.

الليثُ : غَبَّتِ الأُمورُ ، إذا صارَتْ إلى أواخِرِها ، وأنْشَدَ :

غِبَ الصَّبَاحِ يَحْمَدُ القَوْمَ السُّرَى

قالَ : والغِبُ : وِرْدُ يومٍ ، وَظِمْءُ يَوْمٍ.

ورُوي عن النبي صَلَى الله عليه وسلم أنّهُ قالَ لأبي هُرَيْرَةَ : «زُرْ غِباً تَزْدَدْ حُبّاً».

وَيُقالُ : ما يَغِبُّهُمْ بِرِّي ، ويُقَالُ : إن لهذا العِطْرِ مَغَبَّةً طَيِّبَةً ، أي : عاقِبَةً.

وتَقُولُ : غَبَ اللَّحْمُ يَغِبُ غبُوباً ، فهو غابٌ ، إذا تَغَيْرَ ، وكذلك الثِّمارُ.

وقال الأصمعيُّ : الغِبُ ، إذا شَرِبَتِ الإبِلُ  ـ  يَوْماً  ـ  وَغَبَّتْ يَوْماً يُقالُ : شَرِبَتْ غِبّاً ، وكذاكَ الغِبُ مِنَ الحُمَّى.

ويُقالُ : بَنُو فُلانٍ مُغِبُّونَ ، إذا كانَتْ إبلهِمْ تَرِدُ الغِبَ ، ويقال بَعيرٌ غابٌ ، وإبِلٌ غَوَابُ ، إذا كانَتْ تَرِدُ الغِبَ.

ويقالُ : أغبَ عَطَاؤُهُ ، إذا لم يَأْتِنَا كلّ يَوْمٍ وأغبّتِ الإبِلُ إذا لم تَأْتِنَا كلَّ يَوْمٍ بَلَبَنٍ.

وأغَبّتِ الحُمّى ، وَغَبَّتِ الإبِلُ ، بِغَيرِ ألِفٍ ، إذا شَرِبَتْ غِبّاً. ولحمٌ غابٌ ، وَقَدْ أَغَبّ اللَّحْمُ ، وَغَبّ ، إذا أنْتَنَ ، وغَبّتِ الحُمّى من الغِبِ بِغَيْرِ ألِفٍ.

ويقالُ للإبلِ بعْدَ العِشْرِ : هي تَرْعَى عِشْراً وغِبّاً ، وعشْراً ورِبْعاً ، كلُّ ذلك إلى العِشْرين.

أبو عُبَيْدٍ عن الكِسَائيِّ : أغْبَبْتُ القَوْمَ ، وغَبَبْتُ عَنْهُمْ ، مِنَ الغِبِ : جِئْتهُمْ يَوْماً وَتَركّتُهُمْ يوماً ، فإذا أردتَ الدّفْعَ قُلتَ : غَبّبْتُ عَنْهُ  ـ  بالتَّشْدِيدِ.

شَمِرَ عن ابْنِ نَجْدَة : «رُوَيْدَ الشِّعْرِ يَغِبَ» ، ولا يكون : يُغِبُ. معناه : دَعْهُ يَمْكُثُ يوماً ، أو يَوْمَيْنِ ، قالَ نَهْشَلُ بْنُ حُرِّي :

فَلَمَّا رَأى أَنْ غَبّ أمْرِي وَأَمْرُهُ

وَوَلّتْ بِأَعْجَازِ الأمُورِ صُدُورُ

ويقالُ : مياهٌ أغْبابٌ ، إذا كانَتْ بعيدَةً.

وقال :

يَقُولُ : لا تُسْرِفُوا في أمْرِ ريِّكُمُ

إنّ المِياهَ بِجَهْدِ الرّكْبِ أغْبَابُ

هَؤلاءِ قومٌ سَفْرٌ ، وَمَعَهُمْ من الماءِ ما يَعْجِزُ عن رِيِّهِمْ ، فَهُمْ يَتَواصَوْنَ بِتَركِ السّرفِ في الماء.

وقال الأصمعيُّ : الغَبَبُ : الجِلْدُ الذي تَحْتَ الحَنَكِ.

والغَبْغَبُ : المَنْحَرُ بِمِنَى.

وقال الليثُ : الغَبَبُ للبَقَرِ والشَّاءِ : ما تَدَلَّى عِنْدَ النَّصِيلِ ، والغَبْغَبُ : للدِّيكِ والثَّوْرِ.

قال : والغَبْغَبُ : نُصُبٌ كانوا يَذْبَحُونَ عَلَيْهِ ، وقال جرير :

٢٦

والتَّغْلِبِيَّةُ حِينَ غَبَ غَبِيبُها

تَهْوِي مَشافِرُهَا بِشَرِّ مَشافِرِ

أرادَ بِقَوْلِهِ : «حِينَ غَبَ غَبِيبُها» ما أنْتَنَ من لحومِ مَيْتَتِها وَخَنازِيرِها. ويُسَمّى اللحمُ البائتُ : غاباً وغَبِيباً.

وأخبرني المُنذري عن ثَعْلب عن سلمةَ عن الفَرَّاء : قالَ : يقالُ : غَبَبٌ وَغَبْغَبٌ.

قال أبو طالبٍ ، في قولِهِمْ : «رُبّ رَمْيَةٍ مِنْ غَيْرِ رامٍ» أوَّلُ من قالَهُ. الحَكَمُ بنُ عبدِ يَغُوثَ ، وكانَ أرمى أهلِ زَمانِهِ ، فآلى : لَيَذْبَحَنّ عَلَى الغَبْغبِ مَهاةً ، فَحَمَلَ قَوْسَهُ ، وَكِنانَتَهُ ، فَلَمْ يَصْنَعْ شَيئاً ، فقالَ : لأذبَحَنَّ نَفْسي ، فقال له آخَرُ : إذْبَحْ مكانَها عَشْراً من الإبلِ ، ولا تَقْتُلْ نَفْسَك ، فقالَ : «لا أظْلِمُ عاتِرَةً ، وأتْرُكُ النافِرَةَ». ثم خَرَجَ ابنُهُ ، ومَعَهُ قوسُهُ ، فَرَمَى بقَرَةً فَأَصابَها ، فقالَ له أبُوهُ : «رُبّ رَمْيَةٍ مِنْ غَيْرِ رامٍ».

وقال أبو عمرٍو : غَبْغَبَ ، إذا خَانَ في شِرَائِهِ ، وبَيْعِهِ ، قال : وغَبّ الرّجُلُ ، إذا جاء زائراً يوماً بعدَ أيَّام ، ومنهُ قَوْلُهُ : «زُرْ غِبّاً تَزْدَدْ حُبّاً»

وأما الغِبُ مِنْ وِرْدِ المالِ ، فَهُوَ أنْ يَشْرَبَ يَوْماً ، ويَوْماً لا.

بغ : أبو عَمْرٍو : بَغَ الدّمُ ، إذا هَاجَ : ثعلبٌ عن ابن الأعرابيّ : بِئْرٌ بُغْبُغٌ ، وَبُغَيْبغٌ : قَريبُ الرِّشَاءِ ، وأنشد :

يا ربّ ماءٍ لَكَ بالأَجْبَالِ

أجْبَالِ سَلْمَى الشُّمّخِ الطِّوَالِ

بُغَيْبغٌ يُنْزَعُ بالعِقالِ

طَامٍ عَلَيْهِ وَرَقُ الْهَدَالِ

قالَ : يُنْزَعُ بالعِقَالِ : لِقُرْبِ رِشَائِهِ.

وقال الليثُ : البَغْبَغَةُ : حِكايَةُ ضَرْبٍ مِنَ الهدِير ، وَأَنْشَدَ :

بِرَجْسِ بَغْبَاغِ الهَدِيرِ البَهْبَهِ

وَبُغَيْبَغَةُ : ماءٌ لآلِ رَسُول الله صَلَى الله عليه وسلم ، وَهْيَ عَيْنٌ غَزِيرَةُ الماء ، كثيرةُ النَّخِيلِ.

ثعلب عن ابن الأعرابي : البُغَيْبغُ  ـ  أيضاً  ـ  : تَيْس الظِّباءِ السَّمينُ.

باب الغين والميم

[غ م]

غم  ـ  مغ : مستعملان.

غم : قال الليثُ : تَقُولُ : يَوْمٌ غَمٌ ، وَلَيْلَةٌ غُمَّةٌ ، وَأمْرٌ غَامٌ ، وَرَجُلٌ مَغْمُومٌ ، ومُغْتَمٌ : ذو غَمٍ.

وقال الله جلّ وعزّ : (ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً) [يونس : ٧١]. قال أبو الهيثم : أي : مُبْهَماً ، من قولِهمُ : غُمّ عَلَيْنا الهِلَالُ ، فَهُوَ مَغْمُومٌ : إذا الْتَبَسَ.

قالَ : والغُمَّةُ : الغَمُ  ـ  أيضاً  ـ  والأَصْلُ وَاحِدٌ.

قال طَرْفَةُ :

٢٧

لعَمْري وما أَمْري عَلَيَ بِغُمَّةٍ

نَهاري ، وما لَيْلي عَلَيَّ بِسَرْمَدِ

وقال الليث : إنَّه لَفِي غُمَّةٍ مِنْ أَمْرِهِ ، إذَا لَمْ يَهْتَدِ لَهُ.

وَقال رُؤبَةُ :

وغُمَّةٍ لَوْ لَمْ تُفَرَّجْ غُمُّوا

وقال الآخر :

لا تَحْسَبَنْ أَنَّ يَدِيْ في غُمَّهْ

في قَعْرِ نِحْي أستَثِيرُ حُمَّهْ

ورُوي عَنِ النبي صَلَى الله عليه وسلم أَنَّهُ قالَ : «صُوْمُوا لِرُؤْيَتِهِ ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ ، فَإنْ غُمَ عَلَيْكُمْ ، فَأَكمِلُوا العِدَّةَ».

قال شِمر : يُقالُ : غُمَ عَلَيْنَا الهِلالُ غَمّاً ، فهوَ مَغْموم ، إذَا حَالَ دونَ الهِلالِ غَيْمٌ رَقيقٌ. وَصُمْنَا للغَمَّى والغُمَّى وَلِلغُمِّيَّةِ ، إذا صَامُوا على غَيْرِ رُؤْيةِ ، وقالَ أبو دُؤادٍ الإياديُّ :

وَلَهَا قُرْحَةٌ تَلَأْلَأُ كَالشِّ

عْرى أَضَابتْ وَغُمَ عَنْها النُّجُومُ

يقولُ : غَطّى السَّحَابُ غَيْرَها منَ النُّجُومِ.

وقال جرير :

إذا نَجْمٌ تَعَقَّبَ لاحَ نَجْمٌ

ولَيْسَتْ بالمُحَاقِ ولا الغُمُومِ

قال : والغُمُومُ من النُّجومِ : صِغارُها الخَفِيَّةُ.

قلتُ : ورُوي هذا الحَدِيثُ : «فَإِنْ غُمِيَ عَلَيْكم» ، ورواه بعضهُم : «فإن أُغْمِيَ عَلَيْكُمْ» ، وأنا مُفَسِّرُهُما في (مُعْتَلِّ الغَيْنِ) ، إنْ شَاء الله.

أَبو عَبَيْد عن أبي زَيْدٍ : ليْلَةٌ غَمَّى  ـ  مثال : كَسْلَى. إذا كانَ على السَّماء : غَمْيٌ  ـ  مثلُ : رَمْيٍ  ـ  وغُمٌ ، وهو أنْ يُغَمَ عَلَيْهِمُ الهِلَالُ.

شَمِر : والغِمَّةُ  ـ  بِكَسْرِ الغَيْنِ  ـ  اللِّبْسَةُ ، تَقُولُ : اللِّباسُ ، والزّيُّ ، والقِشْرَةُ ، والهَيْئَةُ ، والغِمَّةُ : بمعنىً واحدٍ.

أبو عُبيد : الغِمَامَةُ : ثَوبٌ يُشَدُّ بِهِ أَنْفُ النّاقَةِ ، إذا ظُئِرَتْ عَلَى حُوَارِ غَيْرِهَا ، وجمعُها : غَمَائِمُ ، وقالَ القُطامي :

إذَا رَأْسٌ رأيتُ بِهِ طِمَاحاً

شَدَدْتُ لَهُ الغَمائِمَ وَالصِّقَاعَا

وأما السَّحابةُ ، فهي : الغَمَامَةُ  ـ  بفَتْحِ الغَيْنِ  ـ  وتُجْمَعُ غماماً.

وحبُ الغَمامِ : البَرَدُ.

وقال الليثُ : الغِمَامَةُ : شِبْهُ فِدَامٍ أو كِعَامٍ.

وقال غَيْرُهُ : غَمَمْتُ الحِمَارَ والدّابَّةَ غَمّاً ، فَهْوَ مَغْمُومٌ ، إذا ألْقَمْتُ فَاهُ مِخْلاةً ، أو ما أشْبَهَهَا ، تَمْنَعُهُ مِنَ الاعتِلافِ ، واسمُ ما يُغَمُ بِهِ : غِمَامَةٌ ، وجمعُها : غَمائِمُ.

ابنُ السِّكّيت : الغَمُ الكَرْبُ ، وَالغَمُ : أنْ يَسِيلَ الشَّعَرُ ، حتّى نَصِيقَ الجَبْهَةُ وَالقَفَا ، يُقالُ : رجلٌ أَغمُ الوجهِ ، وأغمُ القَفَا ، وقال هُدْبَةُ بنُ خَشْرَمٍ.

٢٨

فلا تَنْكِحِي أن فَرَّقَ الدَّهْرُ بَيْنَنا

أَغمَ القَفَا والوَجْهِ لَيْسَ بِأَنْزِعا

وقال غيرُهُ : سَحَلبٌ أَغمُ : لا فُرْجَةَ فيهِ.

الليثُ : الغَمَّاءُ : الشديدةُ من شدائِدِ الدّهْرِ. ويقالُ : إنّهم لَفِي غُمَّى من أمرِهم ، إذا كانوا في أمرٍ مُلْتَبِسٍ ، وأنْشَدَ :

وأضْرَبَ في الغَمَّى إذا كَثُر الوَغَى

وَأهْضَمَ أنْ أضْحَى المَراضِيعُ جُوَّعا

أبو عبيد : التَّغَمْغُمُ : الكَلامُ الّذي لا يُبَيِّنُ.

وقال الليثُ : الغَمْغَمَةَ : أصواتُ الثّيرانِ عندَ الذُّعْرِ ، والأبطالِ عِنْدَ الْقِتَالِ. وقال عَلْقَمَةُ :

وظَلَّ لِثِيرانِ الصَّرِيمِ غَماغمٌ

إذا دَعَسُوها بالنَّصِيِّ المُعَلَّبِ

قال : وتَغَمْغَمَ الغَريقُ تَحْتَ الْمَاءِ ، إذا تَدَاكَأَتِ فَوْقه الأمْواجُ ، وأنشد :

مَنْ خَرَّ في قَمْقَامِنَا تَقَمْقَمَا

كما هَوَى فِرْعَوْنُ إذا تَغَمْغَمَا

تَحْتَ ظِلالِ الْمَوجِ إذْ تَدَأَمَا

أيْ : صارَ في دَأَمَاءِ الْبَحْرِ.

وَالْغَميمُ : الْغَمِيسُ ، وهو الأَخْضَرُ من الكَلإ تَحْتَ الْيابِسِ.

وفي «النَّوادِرِ» : أعتَمَّ الْكَلأُ ، وَأعْتَمَّ ، وَأرضٌ معِمَّةٌ وَمُغِمَّةٌ.

ومُغْلُوْلِيَةٌ ، وأرضٌ عَمْياءُ وكَمْهاءُ ، كل هذا في كَثْرَةِ النّباتِ والتِفافِهِ.

مغ : أبو عمرو : إذا روّي الثّريدَ دَسَماً ، قيلَ مَغْمَغَهُ وَرَوَّغَهُ.

وقال غيرهُ : تَمَغْمَغَ المالُ ، إذا جَرَى فيهِ السِّمَنُ.

وقال الليثُ : الْمَغْمَغةُ : الاختِلاطُ ، وقالَ رؤبة :

ما مِنْكَ خَلْطُ الخُلُقِ المُمَغْمِغِ

٢٩

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

كتاب الثلاثي الصحيح من حرف الغين [أبواب] (١) الغين والقاف

غ ق ك : أهملت وجوهه.

غ ق ج : أهملت وجوهه.

غ ق ش : مهمل.

غ ق ض : مهملة.

غ ق ص : مهمل.

[باب الغين والقاف مع السين]

غ ق س

استعمل من وجوهه :

غسق : قال الفَرَّاءُ في قولِ الله  ـ  جلّ وعزّ  ـ  : (هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (٥٧)) [ص : ٥٧].

قَالَ : رُفِعَتِ : الحَمِيمُ والغَسَّاقُ بِ (هذا) ، مُقَدَّماً ومُؤخَّراً ، والمعنى : هذا حميمٌ ، وَغَسَّاقُ ، فَلْيَذوقُوهُ.

قَال الغَسَّاقُ : تشدّد سينُهُ ، وَتُخَفَّفُ. ثَقَّلَها يَحيَ بنُ وَثَّابٍ ، وعامةُ أصحاب عبدِ الله ، وَخَفَّفَها الناسُ بَعْدُ ، وذَكَروا : أَن الغَسَّاقَ باردٌ يُحْرِقُ كإحْراقِ الحَمِيمِ.

ويقَالُ إنَّه ما يغْسِقُ وَيَسِيلُ من صَدِيدهمْ وجُلُودِهِم.

وقال الزّجَاج نحواً منه.

واختارَ أبو حاتمٍ : غَسَاق  ـ  بتَخْفِيفِ السّينِ.

قرأَ حفْصٌ وحَمْزَةُ والكِسائيُّ : «وَغَسَّاقٌ»  ـ  مشدّدةً  ـ  ومثلَه في : (عَمَّ يَتَساءَلُونَ (١)) [النبإ : ١]. وَقَرَأ الْبَاقُونَ من القُرّاءِ (غَساق)  ـ  بِتَخْفِيفٍ  ـ  في السُّورَتين.

ورُوى عن ابنِ عبّاس وابن مَسْعودِ : أنهما قَرَأ : «غَسَّاقٌ»  ـ  بالتَّشْدِيدِ  ـ  وفسَّراه :

__________________

(١) في المطبوع : «باب».

٣٠

الزَّمْهَرِيرَ : وقال أهلُ العَرَبِيَّةِ ، في تفسيرِ : (الغَسّاق) : هو الشديد البَرْدِ يُحْرِقُ من بَرْدِهِ.

وفي الحديثِ : أن النبي صَلَى الله علَيه وسلَم قال : «لو أنَّ دَلْواً من غَسَاقٍ ، يُهَرَاقُ في الدُّنْيا ، لأنْتَنَ أهْلَهَا».

قلتُ : وهذا يدلُّ على أنَ الغَسَاقَ : هو المُنْتِن.

وقال الليثُ : (وَغَسَّاقاً) ، أيْ : مُنْتِنَا.

وأما قول الله  ـ  جلّ وعزّ  ـ  : «وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ ، إِذا وَقَبَ».

فإِنَّ الفراءَ قال : الغَاسِقُ. الليلُ ، (إِذا وَقَبَ) : إذا دَخل في كلِّ شيءٍ ، وَأظلَمَ.

وقال الليثُ : الغاسِقُ : الليلُ ، إذا غابَ الشَّفَقُ أقبلَ الغَسَقُ ، قال : وغسَقَتْ عينهُ تغسِقُ.

وروى أبو سلمة عن عائشة  ـ  أن صح  ـ  أنها قالت : «قال رسول الله صَلَى الله عليه وسلم لما طلعَ القمرُ : هذا الغاسِقُ ، (إِذا وَقَبَ) ، فتعوَّذْنَ بالله من شرِّه».

وروي عن أبي هُريرة عن النبي صَلَى الله علَيه وسلَم في قوله : (وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ (٣)) [الفلق : ٣] قال : الثُرّيا : وقالَ الزَّجّاج في قولهِ : (وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ (٣)) يعني به الليل ، وقيلَ ، لليلِ : غاسقٌ ، والله أعلمُ ، لأنّه أبردُ من النَّهارِ ، والغاسقُ : الباردُ.

شِمْر عنِ العِتريفي ، قالَ غَسقُ اللّيلِ : حينَ يُطَخْطِخُ بين العِشاءَينِ.

وقال ابن شُميل : غَسَقُ الليلِ : دخولُ أولِه.

وأتيتُه حين غَسق الليلُ ، أي : حين يختلِطُ ، ويُعسكِرُ الليلُ. ويَسُدُّ المَنَاظِرَ ، يَغْسِقُ غَسَقاً ، وأنشَدَ شمر في الغاسِقِ بمَعنى : السائِلِ :

أبكى لِفَقِدِهِمُ بِعَيْنٍ ثَرَّةٍ

تَجْرِي مَسَارِبُهَا بِعَيْنٍ غاسِقٍ

أيْ : سائلٍ ، وَليس من الظلمة في شيء.

قال : وَقَال أبو زيد : غَسَقت العينُ تغسِقُ غَسقاً ، وَهُو هَملانُ العينِ بالغَمَص وَالماءِ.

وكان الربيعُ بن خُشَيم يقولُ في اليومِ المَغِيم لمؤذنِهِ : أغْسِقْ أَغْسِقْ ، يقول : آخِر المغربَ حتى يغسِقَ الليلُ ، وَهُو إظْلَامُهُ.

وقال الفراءُ في قولِ الله  ـ  جلّ وعزّ  ـ  : (إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) [الإسراء : ٧٨] : وهو أولُ ظلمتِه.

قلت : غَسقُ الليْلِ  ـ  عندي  ـ  : غَيْبُوبةُ الشَّفَقِ الأَحْمَرِ ، حينَ تَحِلُّ صلاةُ العِشَاءِ الآخرةُ ، يدلّ على ذلك سِيَاقُ الآية. إلى آخرها ، وقد دَخَلَتِ الصلواتُ الخمسُ فيما أمر الله  ـ  جلّ وعزّ  ـ  به ، فقالَ : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) [الإسراء : ٧٨] ، وهو زوالُها ، (إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) : العِشَاء

٣١

الآخِرَةِ ، فهذهِ أربعُ صَلَواتٍ ، ثم قالَ : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) [الإسراء : ٧٨] تَتِمَّةَ خمسٍ.

وأَخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي ، يُقالُ : غَسَقَتْ عينُه ، إذا انصبّتْ ، قال : والغَسَقانُ : الانْصِبابُ ، وغَسَقَتِ السّماءُ : أَرشَّتْ ، ومنه قول عُمَرَ : «حين غسَقَ الليلُ على الظِّرابِ» ، أي : أنصبَّ الليلُ على الجِبالِ.

وقال الأَخفش : غسقُ الليلُ : ظلمتُه.

وقال القتيبي ، في قوله تعالى : (وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ (٣)). الغاسقُ : القمرُ ، سمي به ، لأنهُ يكْسَفُ ، فيَغْسِقُ ، أي : يَذْهَبُ ضوؤُهُ ، وَيَسْوَدُّ ، قال : وقول النبي صَلَى الله عليه وسلَم  ـ  لعائشةَ : تعوّذي بالله من شرّ هذا إذا غَسَقَ» ، أي : من شِرّه ، إذا كُسِفَ».

قلت : هذا حديثٌ غيرُ صحيح ، والصوابُ في تفسير قوله : (وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ (٣)) : من شر الليل إذا دخلَ ظلامُه في كلّ شيء ، وهو قول الفراء وَالزجاج ؛ وإليه ذهب أهل التفسير. قال الفراءُ : الغَسَقُ : من قُماشِ الطّعامِ. قال : ويقال : في الطعام : زَوَان وزُوَان وزُؤَان  ـ  بالهمزِ  ـ  وفيه غَسَقٌ ، وغَفاً ، مقصور.

غ ق ز ،  ـ  غ ق ط : أهملت وجوههما.

[باب الغين والقاف مع الدال]

غ ق د : استعمل من وجوههما : غدق.

غدق : قال الليث : غدقت العين ، فهي غَدِقَةٌ عَذْبة. وماء غَدَق.

قال : وَقوله  ـ  تعالى  ـ  (لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً) [الجن : ١٦] أي لَفَتَحْنا عليهم أبوابَ المعيشةِ ، (لِنَفْتِنَهُمْ) بالشُّكرِ والصّبرِ.

وقال الفراء نحوه ، يقول : لو استقاموا على طريقةِ الكفرِ لزِدنا في أموالهم فتنةً عليهم ، وبليةً.

وقال غيره : «وأنْ لو استقَامُوا على طريقةِ الهُدى ، (لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً) ، أي : كثيراً ، ودليل هذا قولُ الله  ـ  جلّ وعزّ  ـ  : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ) [الأعراف : ٩٦] ، أراد بالماء الغَدَق : المالَ الكثيرَ.

وقال الليث : مطر مُغْدَودِقُ : كثيرٌ ، قال : والغَيْدَقُ : والغيداقُ ، والغيدقانُ : الناعم : وأنشد :

بعدَ التصابي والشبابِ الغيدَقِ

وقال آخر :

رب خليلٍ ، لي غيداقٍ رِفَلّ

وقال آخر :

جَعْد العَناصِي غَيْدَقانا أَغْيَدا

أبو عبيد عن أبي زيد ، يقال لولد الضب : حِسْلٌ ، ثم يصير غيْدَاقاً ، ثم مُطَبِّخاً.

٣٢

أبو عمرو : غيثٌ غيداقٌ : كثير الماء.

وَشدُّ غيداقٌ : هو الحُضْرُ الشديدُ ، وعام غيداقٌ مُخْضِبٌ.

وفي الحديث : «إذا أنشأتِ السحابةُ من العينِ ، فَتِلْكَ : عين «غُدَيقَةٌ» ، أي. كثيرةُ الماء.

وَقَالَ شمْر : أَرْضٌ غَدِقَةٌ ، وهي النديّةُ المبتلّةُ الرّيَّا ، الكثيرةُ الماء ، وعشبُها غَدِقٌ. وغَدَقُهُ : بَلَلُهُ وَرِيُّهُ.

غ ق ت ،  ـ  غ ق ظ ،  ـ  غ ق ذ ،  ـ  غ ق ث : أهملت وجوهها

[باب الغين والقاف مع الراء]

غ ق ر

استعمل من وجوهها : غرق.

غرق : قَالَ الليثُ : الغَرَقُ : الرسوبُ في الماء ، وَيُشَبَّهُ بِهِ الَّذِي رَكِبَهُ الدَّيْنُ ، وَغَمَرَتْهُ الْبَلَايا ، يُقَالُ : رَجُلٌ غَرِقٌ وَغَرِيقٌ.

ويقالُ : أغرقتُ النبل ، وغرقته ، إذا بلغت به غاية المد في القوس.

وقال ابن شُميل : يقال نزعَ في قوسِه ، فأَغْرَقَ. قال : والأغراقُ : الطرحُ ، وهو أن يباعدَ السهمَ من شدَّةِ النَّزْعِ ، يقالُ : إنها لطروحٌ.

شمر : الغَرِقُ : الذي عليه الدَّينُ ، وَالْمُغْرَقُ : الذي أغْرَقَهُ قَوْمٌ فَطَرَدُوهُ ، وهو هاربٌ عجلانُ.

في الْحديث : «يأتي على الناسِ زمانٌ ، لا ينجو منه إلا من دَعا دُعاء الغَرِقِ».

قال أبو عبدنان : الغَرِقُ : الذي قد غلبَهُ الماءُ ، ولما يَغْرَقْ ، فإذا غَرِقَ ، فهو الغريقُ.

شمر ، قال أُسَيْدُ الغَنَوي : الإِغراقُ في النَّزْعِ : أن يَنْزعَ حتى يُشْرِبَ بالرِّصافِ ، وينتهي إلى النَّصْل  ـ  إلى كَبِدِ الْقَوْسِ  ـ  فربما قَطَعَ يَد الرَّامِي ، قال : وشُرْبُ الْقَوْسِ الرِّصافَ : أنْ يَأتيَ النزعُ عَلَى الرِّصافِ كله إلى الحديدةِ. يُضْرَبُ  ـ  مثلاً  ـ  للغلوِّ والأفراطِ وقال الله  ـ  جلّ وعزّ  ـ  (وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً (١)) [النازعات : ١].

قال الفراء : ذُكِرَ أنَّها الملائكةُ ، وَأَنَّ النَّزْعَ نزعُ الأنْفُسِ من صُدُورِ الكُفّارِ ، وهو كقولك : والنازِعَاتِ إغْراقاً ، كما يُغْرِقُ النازعُ في القوسِ.

قلت : الغَرْقُ : اسمٌ أُقيم مُقَامَ المصدرِ الحقيقيّ من : أَغْرَقْتُ.

وقال الليثُ : والفرسُ إذا خالطَ الخيلَ ، ثم سَبَقَها ، يقال : اغْتَرَقَها ، وأنشد للبيد :

يُغْرِقُ الثَّعْلَبُ في شِرَّتِهِ

صائبُ الْجِذْمَةِ في غيرِ فَشَلْ

قلت : لا أدري ، لِمَ جَعَلَ قولَه :

يُغْرِقُ الثَّعْلَبُ في شِرَّتِهِ حُجَّةً لِقَوْلِهِ : (اغْتَرَقَ الخيلَ : إذا سَبَقَها).

ومعنى الإغراقِ غير معنى : الاغتراقِ ،

٣٣

والاغتراقُ : مثل الاستغراقِ.

قال أبو عبيدةَ : يقال للفرسِ : إذا سبقَ الْخيلَ : قد اغتَرَقَ حَلْبَةَ الخيلِ المتقدمةِ ، ويقال : فلانةُ تَغْتَرِقُ نَظَرَ الناسِ ، أي : تَشْغَلُهُمْ بالنظرِ إليها عن النَّظَرِ إلى غيرها ، لِحُسْنِها ، ومنه قولُ قيسِ بنِ الخطيم :

تَغتَرِقُ الطَّرْفَ وهي لاهِيَةٌ

كأنَّمَا شَفَّ وَجْهَها نُزُفُ

والطّرفُ  ـ  هاهنا  ـ  : النظرُ ، لا العينُ ، يقال : طرَفَ يطرِفُ طَرْفاً ، إذا نَظَر.

أراد : أنها تَسْتَمِيلُ نظرَ الناظرينَ إليها بِحُسْنِهَا ، وهي غير محتفِلةٍ ، ولا عامدةٍ لذلكَ ، ولكنها لاهية غافلة ، وإنما يفعل ذلك حسْها.

ويقال للبعيرِ ، إذا أجفَرَ جَنْباهُ ، وضخُمَ بطنُهُ فاستوعبَ الحِزامَ ، حتى ضاقَ عنها : قد اغترقَ التصديرَ والبِطَانَ ، واستَغْرَقَهُ.

وأما قول لبيد :

يغرقُ الثعلبِ في شِرَّتِهِ

ففيه قولان : أحدهما : أنه يعني الفرسَ يسبقُ الثعلبَ بحُضْرِهِ ، فيخلّفه ؛ والثاني : أن الثعلبَ  ـ  هاهنا  ـ  : ثعلبُ الرمح ، وهو ما دَخَلَ من الرمحِ في السِّنانِ ، فأراد أنه يطعُنُ به حتى يُغِيِّبَهُ في المطْعُونِ ، لِشِدَّةِ حُضْرِهِ.

وَالْغَرَقُ  ـ  في الأصل  ـ  : دخولُ الماء في سَمْي الأنفِ ، حتى تمتلىءَ مَنَافِدُهُ ، فيَهْلَكَ.

والشَّرَقُ في الْفَمِ : أن يَغَصَّ بِهِ ، لكثرتِهِ ، يقال : غَرِقَ فلانٌ في الماءِ ، وَشَرِقَ ، إذا غمرَهُ الماءُ ، فملأ مَنافِدَهُ حتى يموتَ ، وَمِنْ هَذَا يُقَالُ : غَرَّقَتِ الْقَابِلَةُ الْوَلَدَ ، وَذلكَ إذا لم تَرْفُقْ بالمولودِ ، حتى تَدْخُلَ السابياءُ أنْفَهُ ، فَتَقْتُلَه. ومنه قوله :

أَلا ليتَ قيساً غَرَّقَتْهُ الْقَوَابِلُ

وَالعَشْرَاءُ من النوقِ ، إذا شُدَّ عليها الرّحْلُ بالحِبالِ ، ربما غَرِقَ الجَنِينُ الذي في بطنِها في ماء السابياء ، فتُسْقِطُهُ.

ومنه قول ذي الرمة :

إذا غَرَّقَتْ أَرْباضُها ثِنْي بَكْرَةٍ

بِتَيْماءَ ، لم تُصْبِحْ رُؤوماً سَلُوبُها

وقال النضر : الْغِرْقيءُ : الْبَياضُ الذي يُؤكلُ.

قلتُ : واتفقَ النحويونَ عَلَى همز : الْغِرْقيء ، وأنَّ هَمْزَتَهُ ليست بأَصْلِيَّةَ.

أبو عبيد : الْغُرْقَةُ مثل الشَّرْبَةِ من اللَّبَنِ وَغيرِهِ ، مِنَ الأَشْرِبَةِ ، وجَمعها : غُرَقٌ.

وَقال الشماخ يصف الإبل :

تُضْحي وَقد ضَمِنَتْ ضرَّاتُها غرقاً

مِنْ نَاصِعِ اللونِ حُلْوٍ غير مَجْهودِ

ويقالُ : لجام مُغَرَّقٌ ، إذا عَمَّتْهُ الْحِليَةُ.

وقد غُرِّقَ. وأَغْرَوْرَقَتْ عَيْناهُ ، إذا امْتَلأَتا دُمُوعاً ، ولم تُفِيضاها.

٣٤

باب الغين والقاف واللام

[غ ق ل]

استعمل من وجوهه : غلق.

غلق : قال الليثُ : (احتدَّ فلان ، فَغَلَقَ في حِدّتِهِ ، أي : نَشِبَ. قالَ : وَغَلِقَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ ، إذا لم يُفَكّ.

وقال شمر : يقالُ لكلّ شيء نَشِبَ في شيء ، فلَزِمَهُ : قدْ غَلِقَ في الْباطِلِ ، وَغَلِقَ في الْبَيْعِ ، وَغَلِقَ بيعُهُ ، وَاسْتَغْلَقَ.

وَاسْتَغْلَقَ عَلَى الرَّجُلِ كَلَامَهُ ، إذا أُرْتِجَ عَليهِ ، فلم يَتَكَلَّم قال : وَسَمِعْتُ ابنَ الأَعْرابيّ يقولُ ، في حديثِ : «داحِسٍ وَالغَبْراءِ» : «أَنَّ قيساً أَتى حُذَيْفَةَ بنَ بدرٍ ، فقال له حُذَيفَةُ : ما غدا بِكَ؟ قال : غَدَوْتُ لأُواضِعَكَ الرِّهانَ» أَراد بالمواضَعَةِ : إبْطَالَ الرِّهانِ ، أي : أضعُهُ وتَضَعُهُ!! فقَالَ حُذَيفَةُ : بل غَدَوْتَ : لِتُغْلِقَهُ ، أي : تُوجِبَهُ.

قالَ : وَقالَ ابنُ شُمَيل : اسْتَغْلَقَنِي فلانٌ في بَيْعِي ، أي : لم يَجْعَل لي خِياراً في رَدِّهِ.

قال : وَاسْتَغْلَقَتْ عَلَيَّ بَيْعَتُهُ ، وَأَغْلَقْتُ الرَّهنَ ، أي : أوْجَبْتُهُ ، فَغَلِقَ للمرْتهِنِ ، أي : وَجَبَ له.

وقال أبو عبيد : غَلِقَ الرهنُ ، إذا استحقَّه المرتَهِنُ غَلَقاً.

ورُوِي عن النبي صَلَى الله عليه وسلم : أَنَّهُ قَالَ : «لا يَغْلَقُ الرَّهْنُ» أي : لا يسْتَحِقّهُ الْمُرْتَهِنُ ، إذا لم يَرُدَّ الرَّاهِنُ ما رَهِنَهُ فيهِ. وَكَانَ هذا مِنْ فِعْلِ أهلِ الْجَاهِلِيّة ، فأَبْطَلَهُ  ـ  عليه‌السلامُ  ـ  بقولِهِ : «لا يَغْلَقُ الرهنُ». وَقَالَ زُهير يذكرُ امرأةً :

وَفَارَقَتْكَ بِرِهْنٍ لا فَكَاكَ لَهُ

يَوْمَ الْوَدَاعِ فأَمْسَى الرهنُ قَدْ غَلِقَا

يعني : أنَّهَا ارْتَهنَتْ قلبَهُ ، فذهبَتْ بهِ ، وَأنشد شمر :

هلْ مِنْ نَجَازٍ لموعودٍ بَخِلْتِ بِهِ

أو للرّهينِ الذي استَغْلَقْتِ مِنْ فَادِي

قَالَ : واقرأني ابن الأعْرابي ، لأَوسِ بنِ حجر :

على العُمْرِ واصطادَتْ فؤاداً كأنّهُ

أبو غَلِقٍ في ليلَتَينِ مُؤجّلِ

وفسَره ، فقال : أبو غلِقٍ ، أي : صاحبُ رهنٍ غلِقَ أَجلُهُ ، ليلتانِ أن لم يُفَكَّ ، غَلِقَ ، فذهَب.

عمرو عن أبيهِ : الغَلَقُ : الضَّجَرُ ، ومكانٌ غلِقٌ وضَجِرٌ ، أي : ضَيِّقٌ ، والضجْرُ : الاسمُ ، والضَّجَرُ : المصدَرُ. والغَلَقُ : الهَلاكُ.

ومعنى : لا يغلَقُ الرهنُ ، أي : لا يَهلِكُ. (١) [ابن الاعرابيّ : أغلَقَ زيدٌ عمراً على

__________________

(١) ما بين المعكوفتين إستدراك من «العين» (غلق) و «اللسان» (غلق  ـ  ١٠ / ١٠٤) و «التاج».

٣٥

شيءٍ يَفْعله : إذا أكرهه عليه.

والمِغْلَفُ والمِغْلاف : السهم السابع من قداح المَيْسِر. والمَغَلِفُ الأَزلام ، وكل سهم في الميسر مِغْلَق ؛ قال لبيد :

وجَزُور أيسارٍ دَعَوتُ ، لحتفِها ،

بمَغَلِقٍ متشابِهٍ أجرامُها

والمَغالقُ قِداح الميسر ؛ قال قال الاسود يَعْفُر :

إذا قحطت والزَّجِرين المغالِقَ

قال الليث : المِغْلَقُ : السهم السابع في مُضَعَّفِ المَيْسِرِ ، وسمّي مِغلَقاً لأنه يَسْتَغلِقُ ما يبقى من آخر المَيسِر ، ويُجْمَع مَغالِقَ ، وأنشد بيت لبيد :

وجزور أيسارٍ دعوتُ لحتفها

قال أبو منصور : غلط الليث في تفسير قوله بمَغالق ، والمَغالقُ من نُعُوت قداح الميسر التي يكون لها الفوز ، وليست المَغالِقُ (١).

من أسمائِها ، وَهي التي تغْلق الخطرَ فتوجِبُهُ للفائز القامرِ ، كما يَغْلَقُ الرهنُ لمستحقِّهِ ، ومنه قول عمرِو بنِ قَميئة :

بأيديهِمُ مقرومةٌ ومغالِقٌ

يَعُودُ بِأَرْزَاقِ الْعِيَالِ مَنِيحُها

أبو عبيد عن الأصمعيّ : بابٌ غُلُقٌ ، أي : مُغْلَقٌ. وَقال أَبو زَيدٍ : بابٌ فتُحٌ ، أي : واسعٌ ضَخْم.

ابن السِّكِّيت : يقال : إهابٌ مغلوقٌ ، إذا جُعِلَتْ فيه الْغَلْقَةُ ، حين يُعْطن ، وهي شَجَرةٌ يُعْطِنُ بها أهلُ الطائفِ. قال مزرّدٌ :

جَرِبْنَ فما يُهْنَأْنَ إلا بِغَلْقَةٍ

عَطِينٍ وأبوالِ النِّساءِ الْقَوَاعِدِ

ورُوي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أَنَّهُ قالَ : «لا طلاق في إغلاقٍ».

ومَعنى الإغلاق : الإكراهُ ، [لأن المُغلق مكرهٌ عليه في أمره ومضيَّق عليه في تصرفه](٢) كأَنه يُغْلَقُ عليه البابُ ، وَيُحْبَسُ ويُضَيِّقُ عليه حتى يُطَلِّقَ. وإغلاق الْقاتلِ : اسلامُهُ إلى وليِّ المقتول ، فيحكمُ في دمهِ ما شاءَ ، يقالُ : أُغْلِقَ فلانُ بجريرتِهِ ، وَقال الفرزدق :

أُسَارى حديدٍ أُغْلِقَتْ بِدِمَائِهَا

والاسم منه الغلاق ... وَقال عَدِيُّ بنُ زَيْدٍ :

وَتَقُولُ الْعُداةُ : أَوَدَى عَدِيُ

وَبَنُوهُ قد أَيْقَنُوا بالْغَلَاقِ

أبو العباس عن ابن الأعرابي : أَغْلَقَ زيدٌ عَمْراً على شَيءٍ يَفْعَلُه ، إذا أكْرَهَهُ عليه ويقالُ : أُغْلِقَ فُلانٌ فغَلِقَ غَلَقاً ، إذا أُغْضِبَ فَغَضِبَ ، وَاحتَدَّ.

وأَنشدَ شِمْر للفَرَزْدَق :

__________________

(١) زيادة من المصادر السابقة.

٣٦

وَعَرَّدَ عَنْ بَنِيهِ الْكَسْبَ مِنْهُ

وَلَوْ كانُوا أُولى غَلَقٍ سِغَابَا

أُولى غَلَق ، أَيْ : قَدْ غَلِقوا في الْفَقْر والجُوعِ. والْغِلقُ : الكثيرُ الغَضَبِ ، قَالَ عمرٌو بنُ شَأسٍ :

فَأغْلَق مِنْ دُونِ امْرِىءٍ إِنْ أَجَرْتُهُ

فَلَا أَبْتَغِي عَوْراتِهِ غَلَقَ الْبَعْلِ

أي أَغضَبُ غَضَباً شَدِيداً ، ويُقالُ : الْغَلَقُ : الصَّيِّقُ الْخُلُقِ الْعَسْرُ الرِّضَا.

وفي «النَّوادِرِ» : شَيْخٌ غَلْقٌ وَجمَلٌ غَلْقٌ ، وهو : الكبيرُ الأَعْجَفُ.

باب الغين والقاف والنون

[غ ق ن]

استعمل من وجوهه : نغق.

نغق : قال الليثُ : يقالُ : نَغَقَ الْغُرابُ. وهو يَنْغِقُ نَغِيقاً ، إذا صاحَ : غِيقْ غِيْقْ.

وَيُقالُ : نَغَقَ بِخَيْرٍ ، وَنَعَب بِبيْنٍ ، وَأَنْشَدَ :

وازْجُرُوا الطَّيْرَ فإن مَرَّ بِكُمْ

ناغِقٌ يَهْوي فَقُولُوا سَنَحَا

وقَال أبو عمرو : نَغقَتِ النَّاقَةُ نَغِيقاً ؛ إذا بَغَمَتْ.

قالَ حُميد :

وأظْمَى كَقَلْبِ السَّوْذَ قَانِيَّ نَازَعَتْ

بِكَفَيَّ فَنْلاءُ الذِّرَاعِ نَغُوقُ

أَي : بَغُومٌ ، وأرادَ بالأَظْمَى : الزّمامَ الأَسْوَدَ ، وإِبِلٌ ظُمْيٌ ، أي : سُودٌ :

باب الغين والقاف والفاء

[غ ق ف]

استعمل من وجوهه : غفق.

غفق : رُوي عن إياس بنِ سَلَمَةَ عن أبيه ، أَنَّهُ قال : مَرَّ بي عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ. وأنا قاعِدٌ في السُّوقِ ، وهو مارٌّ لحاجةٍ لَهُ ، مَعَهُ الدِّرَّةُ ، فَقَالَ : هَكَذَا! يا سَلَمةُ عَنِ الطريقِ ، فَغَفَقني بها فما أَصَابَ إلا طَرفُها ثَوْبي. قالَ : فأمَطْتُ عَنِ الطّريقِ ، فَسَكَتَ عَنّي حتّى إذا كانَ العَامُ المُقْبِلُ ، لَقِيَنِي في السُّوقِ ، فقالَ : يا سَلَمةُ ، أردْتَ الحَجَّ ، العَامَ ، قُلْتُ : نَعَمْ ، فَأَخَذَ يَدِي ، فما فَارَقَ يَدَهُ يَدِي ، حَتَّى أدْخَلَني بَيْتَهُ فَأَخْرَجَ كَيْساً ، فيهِ سِتُّمائةِ دِرْهَمٍ ، فقالَ : يا سَلَمةُ خُذْ هذا ، واسْتَعِنْ بها عَلَى حَجِّكَ ، واعلَمْ أَنَّها مِنَ الغَفْقَةِ الّتي غَفْقتُكَ  ـ  عاماً أوّلَ  ـ.

قُلْتُ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، والله ما ذَكَرْتُها ، حتى ذَكَّرْتَنِيها ، فقالَ عُمَرُ : وَأَنَا والله ما نَسِيْتُها».

قوله : «فَغَفَقَنِي».

قال أبو عبيد : قال الأصمعي : غَفقْتُهُ بالسَّوْط ، أَغْفِقُهُ وَمَتْنتُهُ بالسّوطِ أَمْتِنُهُ وهو أشَدُّ مِنَ الغَفْقِ.

وقال الليثُ : الغَفْقُ : الهجُومُ عَلَى الشَّيْء ، والإِيابُ من الغَيْبَةِ فَجَاءَةً.

٣٧

ثعلبٌ عن ابن الأعرابيّ قالَ : إذا تَحَسَّى مَا فِي إنَائِهِ ، فِقَدْ تَمَزَّزَهُ ، وساعةً بعدَ ساعةٍ ، فَقَدْ تَفَوَّقَهُ ، وإذا أكْثَرَ الشُّرْبَ ، فَقَدْ تَغَفَّقَ.

أبو عُبيد عن الأصمعيّ : تَغَفَّقْتُ الشَّرَابَ (تَغَفُّقاً) ، إذا شَرِبْتَه. وَقالَ : التَّغْفِيقُ النَّوْمُ ، وأنتَ تَسْمَعُ حَدِيثَ القَوْمِ ، ويُقالُ : غَفِّقُوا السَّلِيمَ تَغْفِيقاً ، أيْ : عَالِجُوهُ وسَهِّمُوهُ.

وَقال مُلَيحُ الهُذَليّ :

وَدَاوِيَّةٍ مَلْساءَ تُمْسِي سهَامُها

بِها مِثْلَ عُوّادِ السَّلِيمِ المُغَفَّقِ

وَجُمْلَةُ التَّغْفِيقِ : نومٌ في أَرَقٍ.

عمروٌ عَنْ أَبِيهِ : غَفَقَ وعَفَقَ ، إذا خَرَجّتْ مِنْهُ رِيْحٌ.

أبو عَمْرٍو : الغَيْفَقَة : الإهْراقُ ، وكذلِكَ الدَّغْرَقَةُ.

وَقالَ الفَرّاء : شَرِبَتِ الإِبِلُ غَفَقاً ، وهي تَغْفِقُ ، إذا شَرِبَتْ مَرّةً بَعْدَ أُخْرى ، وهو الشّربُ الواسِعُ.

باب الغين والقاف والباء

[غ ق ب]

استعمل من وجوهه : غبق.

غبق : قال الليثُ : الغَبْقُ : شُرْبُ الغَبُوقِ ، والفِعْلُ : الاغْتِباقُ : عَشِيّاً.

قُلْتُ : يُقَالُ : هذه النّاقَةُ غَبُوقِي ، وَغَبُوقَتِي ، أَيْ : اغْتَبِقُ لَبَنَها وَجَمْعُها : الغَبائِقُ.

وَأنشدَني أَعرابيّ :

مَا لي لا أَسْقِي حُبَيِّبَاتِي

صَبَائِحِي غَبَائِقِي قَيْلاتِي

وَقَدْ غَبَقْتُهُ أَغْبِقُهَ غَبْقاً ، فاغتَبَقَ اغتِباقاً.

بن دُرَيدٍ : الغَبْقَةُ : خَيْطٌ أو عرَقَة ، تُشَدُّ في الخَشَبةِ المُعْتَرِضَةِ عَلَى سَنَامِ الثّوْرِ ، إذا كَرَب أو سَنَا ، لتَثْبُتَ الخَشَبَةُ على سَنَامِهِ.

وَقال الأزهريُّ : لم أسْمَعِ : الغَبَقَةَ ، بهذا الْمَعْنى ، لغيرِ ابنِ دُريدٍ».

باب الغين والقاف والميم

[غ ق م]

استعمل من وجوهه : غمق.

غمق : قال اللّيْثُ : غَمِقَ النَّباتُ يَغْمَقُ غَمَقاً ، إذَا وَجَدْتَ لِرِيحِهِ خَمّةً ، وفَساداً ، من كَثْرةِ الأَنْداءِ عَلَيْهِ.

قلتُ : غَمَقُ البَحْرِ ، ومَدّهُ في الصَّفَرِيّةِ ، وَبَلدٌ غَمِقٌ : كَثِيرُ المِيَاهِ ، رَطْبُ الهَواء.

وكَتَبَ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ إلى أبي عُبَيدَةَ بنِ الجَرّاحِ : «أنَّ الأُرْدُنَّ أَرْضٌ غَمِقَةُ ، وأَنَّ الجَابِيَةَ أرضٌ نَزِهَةٌ ، فأظْهَرْ بِمَنْ مَعَكَ مِنَ المُسْلِمِينَ إليها»

والنَّزِهَةُ : البَعِيدَةُ منَ الرِّيفِ ، والغَمِقَةُ : القَرِيْبَةُ مِنَ المِيَاهِ والخُضِر والنُزُوزِ ، وإذَا كانتْ كذلِكَ ، قَارَبَتِ الأَوْبِئَةِ.

٣٨

وقالَ أبو زَيد : غَمِقَ الزَّرْعُ غَمَقاً ، إذا أصابَهُ نَدى فلم يَكَدْ يَجِفَّ. ابنُ شُميل : أرضٌ غَمِقَةٌ : لا تجِفُّ بواحدةٍ. وَلا يَخْلُفها المَطَرُ ، وعُشْبٌ غَمِقٌ : كَثِيْرُ المَاءِ ، لا يُقْلِعُ عَنْهُ المَطَرُ.

وقال الأَصْمَعِيُّ : الغَمَقُ : النَّدى.

أبواب الغين والكاف وما يثلثهما (١)

[أبواب] الغين والجيم

قال الخليلُ : الغينُ والجيم ، مهملتان ، إلا مع اللام والنون والباء والميم.

غ ج ل

استعمل من وجوهه : غلج.

غلج : قال الليثُ وغيره : عَيْرُّ : مِغْلَجٌ : شَلّالٌ لعانَتِهِ ، وأنْشَدَ :

سَفْواءُ مِرْخَاءٌ تُبارى مِغْلَجَا

«... يَعْني : أتاناً تُبارِي عَيْراً».

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : قال الغَلَجُ : الشَّبابُ الحَسَنُ.

أبو عُبيدِ عن الأَمويّ : التَّغَلُّجُ : البَغْيُ.

وقالَ الأصمعيُّ : غَلَج الفَرَسُ يَغْلِجُ غَلجاً ، إذا خَلَط العَنَق بالْهَمْلَجَةِ.

غ ج ن

استعمل من وجوهه : غنج.

غنج : قال الليث الغَنْجُ : شَكْلُ الجَارِيَةِ الغَنِجَةِ.

ثعلبٌ عن ابن الأعرابيَّ ، قال : الغُنْجُ : ملاحَةُ العَيْنَيْن. عمرو عن أبيه قال : الغِنَاجُ : دُخَانُ النَّؤوُرِ الذي تَجْعَلُهُ الواشِمَةُ على خُضْرَتِها ، لِتَسْوَدَّ ، وهو الغُنُجُ  ـ  أيضاً  ـ.

وقال الليث : غُنْجَةُ  ـ  بلا ألفٍ ولامٍ  ـ  اسمُ مَعْرِفَة ، لا يُصْرَفُ ، وهي : القُنْقُذَةُ.

قال : تَقُولُ هُذَيل : شَنَجٌ وغَنٌ ، فالغَنجُ : الرَّجْلُ. والشَّنَج : الجَمَلُ.

يَقُولُونَ : غَنَجٌ عَلَى شَنَجٍ.

قُلتُ : ونَحْوَ ذلك قال ابنُ دُريد.

غ ج ب

جغب : قَالَ الليثُ : رَجُل جَغِبٌ شَغِبٌ.

غ ج م

غمج  ـ  مغج : [مستعملة].

مغج : عمرٌو عن أبيه : مَغَجَ ، إذا عَدَا ، وَمَغَجَ ، إذا سارَ.

قلتُ : ولم أسمَعْ : مَغَج لِغَيْرِهِ.

غمج : قَال اللّيثُ : فَصِيلٌ غَمِجٌ  ـ  يَتَغَامَجُ بَيْنَ أرفاغِ أُمِّهِ ، وأنْشَدَ :

غُمْجٌ غَماليجُ غَمَلَّجَاتُ

أو عُبَيْدٍ عَنِ الأصْمَعِيَّ : إذا جَرَعَ الماءَ

__________________

(١) أهمله الأزهري ، ولم يشر إليه.

٣٩

جَرْعاً ، فذلِكَ الغَمْجُ : قَالَ شِمر : وقَدْ غَمِجَ يَغْمَجُ ، لُغَةٌ : السُّدِّي عن ثَعْلَبٍ عَنِ ابن الأعرابيّ : غَمَج في الشُّرْبِ ، يَغْمِجُ غَمْجاً : جَرَعَ جَرْعاً شَدِيداً.

اللحياني : هي الغَمْجَةُ والغُمجَةُ ، للجُرْعَةِ.

أبواب الغين والشين

غ ش ض ،  ـ  غشص ،  ـ  غشس : أهملت وجوهُها.

غ ش ز

أهمله الليثُ.

شغز : وَذكر ثعلب عن ابنِ الأعرابيّ ، أنَّهُ قَالَ : يُقالُ ، للمَسَلَّةِ : الشغِيزَةُ.

قُلْتُ : وَهو عَربي صحيح ، سَمِعْتُ أَعْرَابياً يقولُ لآخَرَ : سَوِّلي شَغِيزةً من الطَّرْفاءِ ، لأسُفَّ بهَا سَفِيفَةً.

غ ش ط

استعمل من وجوهه : غطش.

غطش : قَالَ الليث : غَطَشَ اللَّيْلُ ، فَهُوَ غاطِشٌ ، مُظْلِمٌ ، قَالَ : والأَغْطَشُ : الَّذِي في عَيْنَيْهِ شِبْهُ : العَمَشِ والمرأةُ : غَطْشَاءُ.

أبو عُبَيْد عن الأَحْمر ، في : الأغْطَشِ : مِثلُه : وقَالَ شَمِر : الغَطَشُ : الضَّعْف في البَصَرِ ، كما يَنْظُر بِبَعْضِ بَصَرِهِ. وَيُقَالُ : هُوَ الَّذِي لا يفتَحُ عَيْنَيْهِ ، في الشَّمْسِ. قَال رُؤْبَة :

أرْمِيهِمُ بالنَّظَرِ التَّغْطِيشي

وَأَنْشَدَ غَيْرُهُ للأَعْشى :

وَيَهْماءَ باللَّيْلِ غَطْشَى الفَلا

ةِ يُؤْنِسُنِي صَوْتُ فَيَّادِهَا

قَالَ الأصمعيُّ في بَابَ الفَلَوَاتِ : الأَرْضُ اليَهْمَاءُ : التي لا يُهْتَدَى فِيها الطَّريقُ.

والغَطَشُ  ـ  مِثْلُهُ  ـ  هَكَذا رَواهُ شِمر ، وبيتُ الأَعْشَى يَدُلُّ عَلَيْهِ.

وقَالَ الفَرَّاءُ في قوْلِهِ  ـ  جلّ وعزّ : (وَأَغْطَشَ لَيْلَها) [النازعات : ٢٩] ، أي : أظْلَمَ لَيْلَها ، وَكَذَلِكَ قَالَ الزَّجَّاجُ. وَقَالَ الأصمَعِيُّ : الغَطَشُ : السَدَفُ ، يُقَالُ : «أتيتُهُ غَطَشاً».

وَقَدْ أَغْطَشَ اللّيلُ.

وقَالَ أبو تُرَابٍ : الغَطَشُ وَالْغَبَشُ وَاحِدٌ.

وَقَال اللَّحْيَانيّ : يُقَالُ : غَطِّشْ لِي شَيْئاً وَوَطِّشْ لي شَيْئاً مَعْنَاهُ : إفْتَحْ لي شَيْئاً.

غيرُه : مَفَازَةٌ غَطْشَى : عَمِيَّةُ المسالِكِ ، لا يُهْتَدَى فِيها ، حَكاهُ أبو عُبَيد عن الأصمعيُّ.

وقَال أبو سَعِيدٍ : يُقَالُ : هو يَتَغَاطَشُ عن الأمرِ ، وَيَتَغَاطَسُ ، أي : يتَغَافَلُ.

غ ش د

أهمله الليث : ودغش : مستعمل.

دغش : أخْبَرَني المنْذِري عن الحَرّانِي عن

٤٠