تهذيب اللغة - ج ٨

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٨

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٤٠

قليلاً ، وهم في آخر الزمان يَقلُّونَ إلّا أنهم خِيار.

ومِمَّا يَدلُّ على هذا المعنى الحديث الآخر : «خيارُ أُمَّتِي أَوَّلُها وآخرها وبيْن ذلك ثَبَجٌ أَعْوج ليس منكَ ولستَ منه».

وفي حديثٍ آخر : «إنَّ فيكم مُغَرِّبين ، قالوا : وما مُغَرِّبون ، قال الذين يَشْرَكُ فيهم الجنُّ» ، سُمُّوا مُغَرِّبين لأَنهم جاءوا من نَسَبٍ بعيد ، وغُرَّب : اسم موضع ، ومنه قولُه :

في إثْر أَحْمَرَةِ عَمَدْنَ لِغُرَّبِ

ورَحا اليد يقال لها غَريبة ، لأن الْجيران يَتعاوَرُونها ، وأنشد بعضهم :

كأنَّ نَفيَّ ما تَنفِي يَداها

نفِيُ غريبةٍ بيَدَيْ مُعِين

والْمُعِينُ أن يسْتعين المديرُ بيد رجلٍ أو امرأةٍ يضَع يدَه على يدِه إذا أَدارَها ، وغُرابُ البَرِير عُنْقودُه الأسود ، وجمعُه غِرْبان.

قال بِشْرُ بن أبي حازمٍ :

رأَى دُرَّةً بيضاءَ يحفلُ لونَها

سُخَامٌ كغِرْبانِ البَرِير مُقَصَّبُ

يَحفِلُ لونها : يجلوه ويَشُوفُه ، أرادَ أنَّ سوادَ شَعرِها يزيدُ لونها بياضاً.

والعربُ تقول : فلان أَبصَرُ من غرابٍ وأَشَدُّ سَواداً من الغراب ، وإذا نَعَتوا أَرْضاً بالخِصْبِ قالوا : وَقَع في أرضٍ لا يَطيرُ غرابها.

ويقولون : وَجَد تَمْرَةَ الغُراب ، وذلك أنه يَتَتَبَّعُ أَجْود التمر فيَنْتَقِيه.

ويقولون : أَشْأَمُ من غرابٍ وأَفْسَقُ من غرابٍ ، ويقال : طار غراب فلان إذا شاب رأسه. ومنه قول الشاعر :

لمَّا رأيتُ النَّسْرَ عزَّ ابنَ داية

أَرادَ بابن دايةٍ الغرابَ وقد مرَّ تفسيرُ هذا البيت ، وعَيْنٌ غَرْبَةٌ : إذا كانت بعيدة المطْرَح. وأنشد الباهِلِيُّ :

سأَرْفَعُ قولاً للحُصَيْنِ ومالِكٍ

تَطيرُ به الغرْبَانُ شَطْرَ المَوَاسِمِ

قال : والغِرْبان : غِرْبانُ الإبلِ ، والغُرَابانِ طَرَفَا الوَرِكَ اللّذان يَكُونان خَلْفَ القَطَاةِ.

والمعنى : أَنَّ هذا الشِّعْرَ يُذْهَبُ به على الإِبِل إِلى المَواسِمِ ، وليس يريدُ الغرْبانَ دونَ غيرها ، وهذا كما قال :

وإنَّ عِتَاقَ العِيسِ سوف تَزورُكم

ثَنائِي عَلَى أَعْجَازِهنَّ مُعَلَّقُ

فليس يريد الأعجازَ دون الصُّدور ، وقيل : إنما خصَّ الأعجازَ والأوراكَ لأنَّ قائلَها جَعل كِتابَها في قَعِيبَةٍ احْتَقَبها وشدَّها على عجزِ بَعِيرِه.

رغب : رُوي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «كيْفَ أَنتم إذا مَرِجَ الدِّينُ وظَهَرت الرَّغْبَةُ».

١٢١

وقوله : ظهرت الرَّغْبَة : أي : كثُرَ السُّؤال وقلَّت العِفَّة.

ومنه قولُكَ : رَغِبْتُ إلى فلانٍ في كذا إذا سأَلْتَه إِياه ، ومعنى ظهور الرَّغبة : الحِرْصُ على جمْع المال ومَنْعِ الحقِّ منه.

وقال شمر : رجُلٌ مُرْغِبٌ : أي موسرٌ له مال رَغيبٌ ، ورُغْبُ البَطْنِ : كثْرَة الأكل ، ورَجل رغيبُ الجَوْف.

وقال الليث : رَغِبَ الرَّجل في الشيءِ رَغْبةً فهو راغبٌ.

قال : ويقال : رَغبَ رَغبَةً : ورَغْبَى عَلَى قِياس شَكْوَى ، وتقولُ : إليكَ الرَّغباءُ ومنكَ النَّعْماء.

ورُوي عن ابن عمر أنه زاد نحْواً من هذا في تلبية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عند الإحْرام.

ويقال : إنَّه لَوَهُوبٌ لكلِ رَغيبةٍ : أي : لكلِ مرغوبٍ فيه ، والجميعُ : الرَّغائبُ ، ويقال : رغِبْت عن الشيء : أي تركتُه عمْداً ، ورجلٌ رَغيبُ الجَوْف : إذا كان أَكولاً ، وقد رَغُبَ يَرْغُب رَغَابَةً ، وَوَادٍ رغيبٌ : واسع ، وحَوْضٌ رَغيبٌ.

ومَرْغَابِينُ : اسم لنَهْرٍ بالبَصْرَة.

عمرو عن أبيه : المَرَاغِبُ : الأطْماعُ ، والمَرَاغِبُ : المُضْطَّرَباتُ في المعاش ، وإبلٌ رِغابٌ : كثيرة.

وقال لَبِيد يمدح النعمان بن المنذر :

ويَوماً من الدُّهُمِ الرِّغاب كأنها

أَشَاءٌ دَنَا قِنْوَانُهُ أو مجادل

وتراغَبَ المكان : إذا اتسع فهو مُتَرَاغِبٌ.

وقال النَّضْرُ : الرَّغيبُ من الأوْدية : الكثيرُ الأخذِ للماءِ ، والزَّهِيدُ القليل الأخذِ ، وأرضٌ رَغاب كذلك تأخُذُ الماءَ الكثير ولا تسيل.

وروي عن ابن عمر رضي‌الله‌عنهما ، أنه قال : لا تَدَعْ ركعتي الفجر فإن فيهما الرَّغائب.

قال شمر : قال الكلابي : الرَّغائبُ : ما يُرْغَبُ فيه ، يقال : رغيبَة ورغائب.

وقال غيره : هو ما يرغب فيه ذو رَغَبِ النَّفس ، ورغبُ النفس : سَعَةُ الأملِ ، وطلب الكثير.

أبو زيدٍ : الرَّغابُ : الأرض الليِّنة ، وقد رَغُبَتْ رُغباً.

وقال الله جلَّ وعزَّ : (وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً) [الأنبياء : ٩٠] ، وقرئت : (رَغْباً ورَهْباً) ، وهما مصدران ويجوز رُغباً ورُهْباً ، ولا أعلمُ أحداً قرأَ بهما ، ونُصِبا على أنهما مفعول لهما ويجوز فيهما المصدر وهذا قول الزَّجّاج.

وفي الحديث : «الرُّغبُ : شُؤْمٌ» ، ومعناه : الشَّرَهُ ، والنَّهَمُ ، والحرص على جمع الدنيا من الحلال والحرام والتَّبَقُّرِ فيها.

١٢٢

غبر : قال الليث : غَبَرَ يَغبُرُ غبُوراً : إذا مكث قال : وقد يجيءُ الغابرُ في النعت كالماضي ، وغُبْرُ الليل : بَقاياهُ.

ثعلب عن ابن الأعرابي : الغابر : الماضي ، والغابر : الباقي.

قال : وكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يَحْدُرُ فيما غَبَر من السُّورةِ يحتمِلُ الوجهين، قلت : والمعروفُ في كلام العربِ أن الغابِرَ : الباقي.

وقد قال غيرُ واحدٍ من الأئمة : إن الغابر يكون بمعنى الماضي.

وقال الأصمعي : الغُبْرُ : بَقِيَّةُ اللَّبن في الضَّرْعِ ، وجمعه : أغبار.

وقال ابن حِلِّزة :

لا تكْسَعُ الشَّوْلَ بأَغبارِها

إنك لا تَدْري من النَّاتج

وغبَّرُ الليل : بَقاياه ، واحدها : غابِر.

وفي حديث عمرو بن العاص أنه قال لعمر : ما تأَبطَتْنِي الإماءُ ولا حَمَلَتْنِي البَغايا في غُبَّرَاتِ المآلي، الغبَّرات : البَقَايا ، واحدها غابِر ، ثم يجمع غبّراً ، ثم غبّرَاتٍ جَمْع الجَمْع.

قال الليث : الأغبَرُ : الذي لونُه مثلُ لون الغبار ، قال : والغَبَرة : تَرَدُّد الغبارِ ، فإذا سَطَعَ سُمِّيَ غباراً ، والغَبَرة : لَطْخ غبار ، والغُبْرَة : اغبِرَار اللَّوْنِ يَغبَرُّ لِلْهَمِّ ونحوه.

وقول الله جلَّ وعزَّ : (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ (٤٠) تَرْهَقُها قَتَرَةٌ (٤١)) [عبس : ٤٠ ، ٤١].

وقول العامَّةِ : غُبْرَة خَطَأ.

وقال الليث : المُغبِّرَة : قوم يغبِّرون يذكرون الله بدعاءٍ وتضرُّعٍ.

كما قال قائلهم :

عبادكَ المُغبِّرَهْ

رُشَّ علينا المغفِرهْ

قلت : وقد يسمّى ما يقرأ بالتّطريبِ من الشِّعرِ في ذِكرِ الله تعالى تَغبِيراً كأنهم إذا تَنَاشَدوها بالألحان طَربوا فَرقصوا وأرْهَجوا فَسمُّوا مُغبِّرَةً بهذا المعنى.

وقد رُوِي عن الشافعي أنه قال : أَرَى الزَّنَادِقَةَ وضعوا هذا التغبِيرَ لِيَصدُّوا الناس عن ذكرِ الله وقراءة القرآن.

وقال أبو إسحاق النحويُّ : سمِّي هؤلاء مغبِّرين لِتَزْهِيدِهِم الناسَ في الفَانيَةِ الماضِيَةِ وتَرْغيبِهِمْ في الغابِرَةِ ، وهي الآخرة الباقية.

والغُبَيْرَاءُ : شراب لأهل اليمن يُسْكِر.

قال شمر : قال عبد الرازق : الغبَيْراء ، أن يعمد إلى المَوْزِ فينقعه حتى ينبت ، ثم يجْعَل في جَرّةٍ ويعْصَر فيسْكِر ، فذلك الغبيراء ، وقيل : هو المِزْر بعينه.

أبو عبيد : من أمثالهم في الدَّهاءِ والإرب : إنه لداهيةُ الغبَرِ.

١٢٣

ومنه قول الحِرمازي يمدح المنذر بن الجارودِ :

أَنتَ لها مُنذرُ من بين البشرْ

دَاهيةُ الدَّهر وصَمَّاءُ الغَبَرْ

يقول : إن ذُكرت يقولوا لا تسمعوهَا فإنها عظيمةٌ ، وأنشد :

قد أَزمَتْ إن لم تُغَبَّرْ بِغَبَرْ

قال : وهو من قولهم : جُرْحٌ غِبرٌ.

أبو عبيد عن الكسائي : غبِرَ الْجُرْحُ يَغبَرُ غَبَراً : إذا انتقض ، وأنشد :

وَعَاصِماً سلَّمهُ من الغَدَرْ

من بعد إِرْهانٍ بِصمَّاءِ الغَبَرْ

قال أبو الهيثم : يقول : أنجاهُ من الهلاكِ بَعْدَ إِشرافٍ عليه ، وإرهانُ الشيء إثباتُهُ وإدَامتهُ.

قال : والغَبَرُ : البقاءُ.

وقال الليث : دَاهِيةُ الغبَرِ : بَلِيَّةٌ لا تَكادُ تَذهبُ.

قال : والنّاسُورُ بِالعربية هو : العرْقُ الغبِرُ.

يقال : أصابَهُ غبَرٌ في عرْقه : أيْ : لا يَكادُ يَبْرأ ، وأنشد :

فهو لا يَبْرَأ ما في جَوْفِهِ

مثل ما لا يَبْرَأ العِرْقُ الغَبِرْ

قال : والْغبَرُ أنْ يَبرأَ ظاهِرُ الجرْح وباطِنُهُ دَوٍ. وقال الأصمعي في قول القطَامِيِّ.

وقَلِّبِي مَنْسِمَكِ الْمُغَبَّرا

قال : الغبَرُ : دَاءٌ في باطِنِ خُفِّ الْبَعِيرِ.

وقال المفَضّلُ : هو من الغبْرَةِ.

وقال أبو عمرو : الغُبْرَانُ : رُطبتَانِ في قمعٍ واحدٍ مثل الصِّنْوانِ : نخلتَانِ في أصل واحدٍ ، والجميعُ : غَبارِين.

قال : ويقال : لَهِّجُوا ، ضَيفكم وغَبِّرُوهُ بمعنى واحدٍ.

وقال الليث : الغبْرَاءُ من الأرض : الخَمرُ ، وقال طَرَفَهُ في بني غبْرَاءَ :

رَأيتُ بني غَبْرَاء لا يُنكِرُونني

قيل : هم الصعاليك والفقراء ، وقيل : هم الذين يَتناهَدون في الأسفارِ.

ويقال : جاء فلان على غُبيراء الظهر ، إذا جاء خَائباً.

وأخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي يقال : رجع فلان على غبَيْرَاء الظهر ، ورجع عوده على بدئه.

ورجع على أدراجه ، ورجع درجه ، ونكص على عقبه ، إذا لم يصب خيراً.

والغبْرَاء : الأرض ، ومنه قول النبي عليه‌السلام : «ما أَظلت الخضراء ولا أَقلَّتِ الغَبْراءُ ذا لهجةٍ أصدَق من أَبي ذَرٍّ.

وقال أبو عبيد : قال الأصمعي : الوَطْأَةُ الغبْرَاءُ : الدَّارسة ، وعزٌّ أغبَرُ : ذاهِبٌ دَارِسٌ.

وقال المخبَّلُ السَّعْديُّ :

١٢٤

فأنْزَلهم دَارَ الضياعِ فأصْبحُوا

على مَقْعَد من مَوْطِنِ العِزِّ أغبَرا

ويقال : جاء فلانٌ عَلَى غبَيْرَاءِ الظهْرِ : إذا جاء خَائباً.

وفي حديث مرفوعٍ : «إياكم والغُبَيْرَاءَ فإنها خَمرُ العالم».

قال أبو عبيد : هي ضَرْبٌ من الشراب تَتخذه الحبشةُ من الذرة ، وهي تُسْكِرُ.

ويقال لها : السُّكُرْكةُ.

وقال الليث : الغُبَيْرَاء : فاكهةٌ ، لفظ الواحد ، والجميع فيها سَواءٌ.

وقال زيد بن كُثْوَة : يقال : تركتهُ عَلَى غبَيْراءِ الظهْرِ إذا خاصَمْتَ رجلاً فخَصْمتهُ في كلِّ شيء وغلبتهُ عَلَى ما في يَديهِ.

أبو عبيد عن الأصمعي : أغبَرْتِ السماء واشْتَكَرتْ وحَفلَتْ : إذا جَدَّ وقع مطرها ، قال أبو عبيد : وقال الكسائي : أغبَرْتُ في طلب الشيء : انكمشْتُ.

وقال ابن دُريدٍ : الغِبْرُ : الحقدُ مثل الغِمْرِ سَواء.

بغر : أبو العباس عن ابن الأعرابي : من أدْواءِ الإبل البَغَرُ.

وقال أبو عبيد : قال الأصمعي : البَغَرُ : العطش يأخذ الإبل فتشربُ ولا تروى وتَمْرضُ عنه فتموت ، وأنشد :

كأنما الموتُ في أجْنَادِهِ البَغَرُ

والبَحَرُ مِثلُه.

وقال الليث : هو بغِيرٌ ، وقد بَغَرَ. وأنشد :

وشرب بِقَيْقَاةٍ فأنت بغيرُ

وبَغَرَ النّوُء : إذا هاج بالمطرِ ، وأنشد :

بَغْرَة نجم هاج ليلاً فبَغَرْ

وقال أبو زيد : يقال : هذه بغرة نجم كذَا ، ولا تَكون البغرةُ إلَّا مع كثرةِ الْمَطَرِ.

ويقال : لفلانٍ بَغْرةٌ من العطاء لا تغيضُ : إذا دَامَ عطَاؤُه.

وقال أبو وجْزَة :

لَجَّتْ لأبناء الزُّبير مآثرٌ

في المكرمَاتِ وبَغْرَةٌ لا تُنْجِمُ

أبو عبيد عن اليزيدي : بَغِرَ بَغَراً ، إذا أكثر من الماء فلم يَرو ، وكذلك مَجِرَ مَجَراً.

وقال ابن الأعرابي : البَغْرُ والبَغَرُ : الشُّرْبُ بلا رِيٍّ.

ويقال : ذهبَ القومُ شَغرَ بَغرَ ، وشَغرَ مَغر : إذا تَفرَّقوا في كلِّ وَجْه.

ربغ : ثعلب ، عن ابن الأعرابي : الرَّبْغُ : الرِّيُّ.

أبو عبيد عن الأَصمعيّ : إذا أُرْسِلَت الإبلُ على الماءِ ، كلما شاءت وَرَدتْ بِلا وَقتٍ فذلك الإرْباغُ ، يقال : تُرِكَتْ إبِلُهم هَمَلاً مُرْبَغاً.

وقال أبو عمرو : عَيْشٌ رابِغ : رافِغ أي

١٢٥

ناعم ، ورَبَغ القوْم في النَّعيم : إذا أَقاموا فيه.

وقال أبو سعيد في قوله : إنَّ الشّيطان قد أَرْبَغ في قُلوبكم وعَشَّشَ : أي : أقام على فسادٍ اتَّسَع له المُقام معه ، قال : والرَّابغُ الذي يُقيم على أمرٍ مُمْكن له.

غ ر م

مرغ ، مغر ، غمر ، غرم ، رغم ، رمغ (١) : مستعملات.

مرغ : عمرو عن أبيه : المَرْغةُ : الرَّوْضَةُ ، والعرب تقول : تمَرَّغْنا : أي تَنَزَّهْنا.

وقال الليث : المَرْغُ : الإشْباعُ بالدُّهْن ، رجُلٌ أَمْرَغُ ، وقد مَرِغ عِرْضُه : والمُجاوِزُ من فعْله الإمراغ ، وشعرٌ مَرِغٌ : ذو قَبول للدُّهْن ، والْمُتمرِّغ : الذي يصنع نفسه بالادِّهان والتَّزَلُّقِ.

أبو العباس عن ابن الأعرابي : المَرْغُ : اللُّعابُ ، يقال : فلان أَحْمَقُ ما يَجأَى مَرْغَه : أي لا يَستُر لُعابه ، وجَأَيْتُ الشيءَ : أي : سَتَرْتُه ، والمرغُ : المصير الذي يجتمع فيه بعر الشاة ، والمرْغ : الرَّوْضَة الكثيرة النبات وقد تَمَرَّغَ المالُ : إذا أطال الرَّعي فيها.

وقال أبو عمرو : مَرَغَ العَيْرُ في العُشب : إذا أقام فيه ، وأنشد :

إنِّي رأيتُ العَيْر في العُشب مَرَغ

فجئتُ أمشي مُستَطَاراً في الرَّزَغْ

وقال ابن الأعرابي : مَرَاغُ الإبل : مُتَمَرَّغُها ، ونحو ذلك قال الليث.

وقال أبو النجم يصف الإبل :

يَجْفِلُهَا كلُّ سنامٍ مِجْفَلِ

لأْياً بلأْيٍ في المَرَاغِ المُسْهِلِ

والمَراغةُ : أَتانٌ لا تمتنعُ من الفحول ، قاله ابن الأعرابي وغيره.

قال : وكان الفرزدق يقول لجرير : يا ابن المراغة ينسبه إلى الأتان ، ويقال : مَرَّغْتَهُ في التُّراب فَتَمَرَّغَ فيه.

وقال أبو عمرو : يقال : تَمَرَّغْتُ على فلانٍ ، أي : تَلَبَّثْتُ وتمَكَّثْتُ ، وأنا مُتَمَرَّغ عليه.

مغر : قال الليث : المَغْرَةُ : الطين الأحمر ، وثوبٌ مُمَغَّرٌ : مصبوغ به ، والأمْغَرُ : الأحمر الشعر والجلد.

ابن السكيت عن الأصمعي : أَمْغَرَتِ الشاة

__________________

(١) لم نقف على شرح مادة (رمغ) في المطبوعة ، وفي «مقاييس اللغة»  ـ  لابن فارس  ـ  (٢ / ٤٤١) : «(رمغ) : الراء والميم والغين لا أصل له ، إلا بعض ما يأتي به ابن دريد ، من رمغت الشيء ، إذا عركته بيدك ، كالأديم وغيره».

وانظر : «الصحاح» و «القاموس المحيط» ، و «اللسان» ، و «التاج» مادة : (رمغ).

١٢٦

وأَنْغَرَتْ : إذا حُلبت فخرج مع لبَنها دمٌ ، وإذا كان ذلك من عادتها فهي مِمْغارٌ.

قال : وقال أبو جميل الكلابي : مَغَرَ فلانٌ في البلاد : إذا ذهب فأسرع ، ورأيتُه يَمْغَرُ بِهِ بعيرُه.

قال : وقال أبو صاعد الكلابي : مَغَرَتْ في الأرض مَغْرةٌ من مطر ، وهي مطرةٌ صالحة.

وقال ابن الأعرابي : المَغْرَةُ : المطرةُ الخفيفة والبَلِيلَةُ الريح المُمَغَّرَة ، وهي التي تمزجها المَغْرة ، وهي المطرةُ الخفيفة.

وقال الليث : الأمْغَرُ أيضاً : الذي في وجهه حُمرة في بياض صاف ، وأوسُ بن مَغْراء أحد شعراء مُضَر.

وقال عبد الملك لجرير : مَغِّرْ يا جرير ، أي أنشد كلمة ابن مَغْرَاء.

وقال نصير : يقال : إنه لأَمْغَرُ أمكرُ أي أحمر ، والمكرةُ : المغْرَةُ.

وأنشد غيره :

وتَمْتَكِرُ اللِّحَى منه امتكارا

وفي الحديث : أن أعرابياً قدم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فرآهُ مع أصحابه فقال : أيُّكم ابن عبد المطلب ، فقالوا له : هذا الأمْغَرُ المُرْتفِق، أرادوا بالأمغرِ الأبيضَ الوجه ، وكذلك الأحمر هو الأبيض ، ورأيت في بلاد بني سعد ركيَّة تُعرف بمكانها وكان يقال له الأمْغرُ وبحذائها ركيَّة أخرى يقال لها الْحِمارَةُ وماؤُهما شَروب.

غمر : قال الليث : الغَمْرُ : الماء المُغرق ، وغِمَارُ البُحور جمع الغَمْرِ ، وقد غَمَره الماء.

الحرانيُّ عن ابن السكيت : الغَمْر : الماءُ الكثير ، ويقال : رَجل غمر الخُلُقِ ، أي : واسع الخلقِ وهو غمر الرِّداءِ : إذا كان كثيرَ المعروفِ واسعهُ وإن كان رداؤُه صغيراً. وقال كثيِّر :

غمر الرِّداءِ إذا تَبَسّمَ ضاحكاً

غلِقَتْ لضحكتِهِ رقاب المال

وفَرَس غمر : إذا كان كثيرَ الجري.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : المَغْمور : المَقْهور ، والمَغمور : المَمْطُور.

أبو زيد : يقال للشيء إذا كَثُرَ : هذا كثير غمير.

وقال الله تعالى : (فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ) [المؤمنون : ٥٤] ، معناه : في عَمايتِهم وحيرَتهم وكذلك قوله : (بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هذا) [المؤمنون : ٦٣] ، يقول : بلْ قُلوبُ هؤلاء في عمايةٍ مِن هذا.

وقال الفراء : (فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ) أي : في جهلهم.

وقال الليث : الغمرةُ : منهَمكُ الباطل.

قال : ومرتكَضُ الهول : غمرة الحرب ، ويقال : هو يضربُ في غمرة اللهو

١٢٧

ويتسكع في غمرة الفِتنة ، وغمرَةُ الموْتِ : شِدّة هُمومه.

وقال ذو الرُّمة :

كأنني ضَارِبٌ في غمرةٍ لَجِب

أي : سابحٌ في ماء كثيرٍ ، وغمرة : مَنهلةٌ من مناهل طريق مكةَ ، وهي فصل ما بين نجدٍ وتهامة ، وليلٌ غَمْرٌ : شديد الظلمة.

وقال الراجز يصف إبلاً :

يجتَبْنَ أثناء بهيم غمر

داجي الرِّوَاقَين غُدافِ السِّتْرِ

وثوبٌ غَمر : إذا كان سابغاً.

وفي حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «أطلِقُوا لي غُمَرِي».

قال أبو عبيدة وغيره : الغُمَرُ : القعب الصغيرُ.

وقال أعشَى باهِلة :

من الشِّواءِ ويُروى شرْبه الغُمَر

والغُمْرُ من الرِّجال : الذي لم تُحَنِّكهُ التجاربُ ، والغِمْرُ : الحِقْدُ ، وقد غَمِرَ صدرُه علَيَّ.

وقال الأصمعي : الغُمْرَة : الورْس ، يقال : غمَرَ فلانٌ جاريتَه : إذا طَلَى وجهها بالورْس وغيره.

وقال الليث : الغُمْرَةُ : طِلاءٌ يُطلى به العَرُوس.

وقال أبو الغَمَيْثل : الغُمْرَة والغُمْنَة : واحدٌ.

وقال أبو سعيد : هو تمْرٌ ولبَنٌ يُطلى به وجه المرأة ويداها حتى ترِقّ بشرَتُها وجمعُها : الغُمَرُ والغُمَنُ.

وقال أبو حاتم : يقال لمنديلِ الغمَر : المشُوشُ.

وقال ابن السكيت : الغمَرُ : السهَك ، وقد غمِرَت يده غمَراً ، ويقال : فلان شُجاع مغامر. يغشى غمَرات الحرْب ، وماءٌ غَمْرٌ : بينُ الغَمارة ورجُلٌ غَمْرٌ : بيِّن الغَمارَةِ.

أبو عبيد عن الكسائي : دخل في غُمار الناس وغَمارِهم وخُمارهم وخَمارِهم ، وغمْرةُ الناسِ وخمَرُهم : جماعتُهم.

وقال الأصمعي : الغمِيرُ : نبت يَنبت في أصل النبْتِ حتى يغمُرَه الأول ونحو ذلك قال أبو عمرو.

وقال أبو عبيدة : الغميرُ : الرَّطبةُ والقتُّ اليابسُ والشَّعيرُ تُعلَفه الخيل عند تضْمِيرها.

أبو عبيد عن الأصمعيِّ : أقلُّ الشرْب : التغمُّرُ ، يقال : تغمَّرْتُ مأخوذ من الغُمَر ، وهو القدح الصغيرُ ، ويقال : غَمَره القوم يغمرونه : إذا عَلَوْه بالشرَفِ ، والمغمُور من الرجال الذي ليسَ بمشهورٍ ، ورجل مُغمَّرٌ

١٢٨

إذا استجهله الناسُ ، وقد غُمِّرَ فلان تغمِيراً.

ثعلب عن ابنِ الأعرابي : الغُمرةُ : الورْسُ والحُصّ والكُركم ، والغمْرة : حيرة الكفار.

وقال الليث : الاغتمار : الاغتماس.

قال أبو سعيد : المعروف في الغامر : المعاشُ الذي أهله بخير.

قال : والذي يقول الناسُ : إن الغامِرَ الأرضُ التي لم تُعمرْ لا أدري ما هو ، وقد سألت عنه فلم يُبيِّنه لي أحد ، يريد قولهم العامِرَ والغامرَ.

وفي حديث عمر : أنه مَسَحَ السواد عامِرَه وغامرَه ، فقيل : إنه أراد عامرَه وخرابَه.

قلت : قيل للخراب غامر ، لأن الماء قد غمره فلا تمكِن زراعتُه ، أو كَبَسَهُ الرّملُ والتراب ، أو غلبَ عليه النَّزُّ فنَبت فيه الأباءُ والبَرْديُّ فلا يُنبت شَيئاً ، وقيلَ له غامرٌ عَلَى معنى أنه ذُو غَمْر من الماء وغيره الذي قد غمره كما يقال هَمٌّ ناصِبٌ أي ذو نصبٍ.

وقال ذو الرُّمة :

ترَى قورَها يَغرقنَ في الآل مرة

وآوِنةً يخرجْن من غامر ضَحْلِ

أي : من سرابٍ قد غمرها وعلاهَا.

غرم : قال الليث : الغرمُ : أداء شيء يلزم مثل كفالة يغرمَها ، والغريم : الملزَم ذلك ، والغرام : العذَاب أو العِشق أو الشرُّ اللازِم.

قال : والغريمان سَواءٌ. الغَارم والمُغْرِمُ.

قال الله تعالى : (إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً) [الفرقان : ٦٥].

قال الفراء : يقول : مُلِحّاً دائماً ، والعرب تقول : إن فلاناً لمغرمٌ بالنساء : إذا كان مولعاً بهنّ ، وإنِّي بكَ لمغرم : إذَا لم يَصْبر عنه ، ونرَى أن الغريمَ إنما سمِّيَ غريماً لأنه يطلب حَقَّه ويُلِحُّ حتى يَقْبضه يقال للذي له المال يطلبه مِمَّنْ له عليه غريمٌ ، وللذي عليه المال غريم.

وفي الحديث : «الدَّيْنُ مَقْضيٌّ والزّعيم غارمٌ لأنه لازم لِمَا زَعَم» أي كفَلَ وَضَمِنَ.

وقال الزجَّاج : الغرام : أشَدُّ العذابِ في اللغة. وأنشدَ :

إن يعَاقِب يكن غراماً وإن يع

ط جزيلاً فإنه لا يبالي

قال الله تعالى : (إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً) [الفرقان : ٦٥].

وقال القُتَيْبي : (كانَ غَراماً) أي : هَلكةً.

ثعلب عن ابن الأعرابي : الغرَمى : المرأة المغاضبَة.

قال : وقال أبو عمرو : غرمَى كلمة تقولها

١٢٩

العرب في معنى اليَمِين ، يقال : غرمى وجدِّك ، كما يقال أَما وجدِّكَ.

وأنشد :

غرمَى وجدِّك لو وجدتَ بهم

كعَدَاوةٍ يجدونها بَعْدي

والمَغْرم والغُرم واحد ، وجمع الغريم غرماء ، ويقال للذي عليه المال غريم.

رغم : قال الليث : رَغِمَ فلانٌ : إذا لم يقدِر على الانتصافِ ، وهو يَرْغَمُ رَغماً ، وبهذا المعنى رغم أنفه.

وفي الحديث : إذا صَلَّى أحدكمْ فليلزمْ جَبْهَتهُ وأَنفهُ الأرض حتى يخرج منه الرَّغْمُ ، معناهُ : حتى يخضعَ ويذِلَّ ، قال : ويقال : ما أَرْغَمُ من ذاكَ شيئاً : أي : ما أَكرهُ ، قال : والرَّغَامُ : الثَرَى.

قال : ويقال : رَغمَ أنفهُ إذا خاسَ في الترابِ.

ويقال : رَغَّمَ فلانٌ أَنفَهُ وأَرْغَمَهُ : إذا حَمَلَهُ على ما لا امْتِنَاعَ له منه قال : ورَغَّمْتُهُ : قلت له : رَغْماً ودَغْماً وَهو له رَاغِمٌ دَاغِمٌ.

وقال الليثُ : الرُّغَامُ : ما يسيلُ من الأنفِ من داءٍ أو نحوهِ ، قلت : هذا تصحيفٌ وصَوَابه الرُّعام بالعين.

وقال أحمد بن يحيى : من قال الرُّغامُ فيما يسيلُ من الأنف فقد صَحَّف ، وكان الزَّجاج يجيزُ الرُّغامَ في موضع الرُّعامِ ، وأَظنه نظر في كتاب الليثِ فَأَخذهُ منهُ.

وقال الليثُ : الرُّغَامى لُغةٌ في الرُّخَامى ، وهو نبتٌ.

قال شمر : قال أبو عمرِو : الرَّغامُ : دقاقُ التُّرابِ ، ومنه يقال : أَرْغمتُه : أيْ : أَهَنتهُ وَأَلزَقتهُ بالترابِ ، ومنه يقال : أرْغمَ الله أنفهُ ، والرَّغْمُ : الذِّلَّةُ.

وقال الأصمعيُّ : الرَّغامُ : من الرَّمْلِ ليس بالَّذِي يسيلُ من اليد.

وقال الفرزدقُ يهجو جريراً :

تَبكي المَراغةُ بِالرَّغَامِ على ابنهَا

والنَّاهِقاتُ يَهِجْنَ بالإعوالِ

وقال جلَّ وعزَّ : (وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً) [النساء : ١٠٠].

قال أبو إسحاق : معنى مُراغَماً مُهَاجَراً المعنى : يجدُ في الأرضِ مهاجَراً ، لأنَّ المهاجِر لِقومهِ والْمُراغِمَ بمنزلةٍ واحدةٍ وإن اختلفَ اللفظانِ ، وأنشد :

إلى بَلَدٍ غير دَاني الْمَحَلِ

بعيدِ المُراغَمِ والمضْطَربْ

قال : وهو مأخُوذٌ من الرَّغام ، وهوَ التُّرابُ ، ورَاغمتُ فُلاناً : هجرته وعاديتُه ، ولم أبالِ رَغْمَ أَنفِه : أيْ : وإنْ لَصِقَ أنفهُ بالترابِ.

١٣٠

وقال الفرَّاء : المُرَاغَمُ : المضطرَبُ والمذهبُ في الأرضِ.

ثعلب عن ابن الأعرابيِّ : الرَّغمُ : التُّرابُ ، والرَّغمُ : الذُّل ، والرغمُ : الْقَسْرُ.

قال : وفي الحديثِ : «إنْ رَغَمَ أنفهُ» : أي : ذَلَّ ، رَواهُ بفتح الغينِ.

قال أبو منصور : وهما لغتان ، رَغَم أَنفه ورَغِمَ رَغْماً ورُغْماً.

وقال ابن شميلٍ : على رَغْمٍ منْ رَغَمَ بالفتح أيضاً.

وفي حديث عائشةَ أنها سُئلتْ عن المرأَة تَوَضَّأُ وعليها الْخِضَابُ، فقالت : اسْلِتيهِ وَأَرْغميهِ ، معناهُ : أَهينيهِ وَارْمِي به عنكِ في التُّرابِ.

أبو عبيدٍ عن الأمويِّ : الرُّغامَى : زيادة الكبدِ.

وقال أبو وجزةَ :

شَاكَتْ رُغامَى قذُوفِ الطرف خَائِفَةٍ

هَوْلَ الْجنانِ وما هَمَّت بإدلَاج

ويقال : ما أَرْغَمُ منْ ذاكَ شيئاً : أيْ : ما أنقمه ، وما أَكْرَهُهُ.

وقال أبو ذؤيب :

وكُنَّ بِالرَّوْضِ لا يَرْغمنَ واحدَة

من عَيشهنَّ وَلَا يدرينَ كيفَ غد

والتَّرَغُّم : التغضبُ.

ثعلب عن ابن الأعرابيِّ : (يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً) : أي مُضْطَرباً ، وعبدٌ مُراغِمٌ : أي مضطرِبٌ على مواليه.

(أبواب) الغين واللام

غ ل ن

استعمل من وجوهه : نغل  ـ  لغن.

نغل : قال الليث : النَّغَلُ : فسادُ الأديم في دباغه إذا ترفَّتَ وتَفتَّتَ ، ويقال : لَا خيرَ في دَبغَةٍ على نَغْلَةٍ ، وَجَوزٌ نَغِلٌ ، قال : والنَّغْلُ : ولدُ زَنْيةٍ ، والْجَارِيَةُ : نَغلَةٌ ، المصدرُ : النِّغْلة.

وقال غيرهُ : نَغِلَ وَجْهُ الأرضِ إذا تَهَشَّم من الْجُدُوبةِ.

وقال الأعشى :

يَوْماً تَراهَا كَشِبهِ أَرْديةِ الخم

سِ ويوماً أديمها نَغِلا

ويقال : نَغُلَ الموْلُودُ يَنْغُلُ نُغُولةً فهو نَغْلٌ.

لغن : أبو عبيد : يقال لِلَحَماتٍ تكون عند اللهَوات اللَّغانِينُ ، واحدُها لُغنُون.

وقال غيره : هي الألغانُ أيضاً ، واحدها لُغْنُ.

ويقال : جاء فلانٌ بِلغْنِ غيره ، إذا أنكرتَ ما تَكلم به من اللُّغة ، وفي بعضِ الأخبارِ : إنكَ لتَكلَّمُ بِلُغن ضال مضل.

وقال الليث : يقال : الْغَانَ : النباتُ فهو ملْغَانٌ : إذا التفَّ.

١٣١

وقال أبو خيرة : أرضٌ ملغَانَّةٌ ، والْغينَانُها كثرة كلئها.

غ ل ف

غلف  ـ  غفل  ـ  لغف  ـ  فلغ : مستعملة.

غلف : قال الليثُ : الغلَاف : الصّوَانُ ، وقلبٌ أغْلَفُ : كأنَّما غُشِّيَ غِلافاً ، فهوَ لا يَعي ، ويقال : غَلَفْت القارورةَ وأغْلَفْتُها في الغلافِ ، وغَلَّفت السّرْجَ والرَّحل ، وأنشد :

يكادُ يُنْبى الفاتر المُغلَّفَا

ويقال : تَغلَّفَ الرَّجل واغْتَلف  ـ  وقد غلفتُ لحيتهُ ، والأقلفُ يقال له الأَغلفُ ، وهي الغُلفةُ والقلفةُ.

وقال اللحياني : تَغَلَّفَ بالغاليةِ وتغلَّلَ.

وقال بعضهم : تغلفَ بالغالية : إِذا كان ظاهراً ، فإذا كان داخلاً في أصولِ الشَّعر ، قيل : تغلَّلَ.

شمر : رَحْلٌ مُغَلَّفٌ : عليه غلاف من هذه الأدَمِ ونحوها.

وأخبرني المنذري عن أبي طالب أنه قال في قوله : (قُلُوبُنا غُلْفٌ) [البقرة : ٨٨] ، وقرىء : (غُلُفٌ) فمن قرأ : (غُلُفٌ) ، فهو جمع غلاف ، أي قلوبنا أوعيةٌ للعلم ، كما أن الغِلافَ وِعاءٌ لما يُوعَى فيه ، قال : وإذا سُكِّنَتِ اللامُ كان جمع أغلف ، وهو الذي لا يعي شيئاً ، وسيفٌ أغلفُ : إذا كان في غِلافٍ ، وجمعه غُلْفُ.

وهكذا قال الكسائي في تفسير الغلْفِ والغُلُفِ ، وقال : ما كان جمع فعال وفعيل وفعول فهو فُعُلٌ (مثقل).

وفي حديث حذيفة : «القلوبُ أربعةٌ ، فقلبٌ أغلفُ وهو قلب الكافر».

وقال شمر : قال خالدُ بن جَنْبَةَ : الأغلفُ فيما نرى : الذي عليه لِبْسَةٌ لم يَدَّرع منها أي : لم يخرج منها.

قال : وتقول : رأيت أرضاً غلفاءَ إذا كانت لم تُرْعَ قبلنا ، ففيها كل صغير وكبير من الكلأ. كما يقال : غُلامٌ أغلف : إذا لم تُقْطَع غُرْلَتُهُ.

وقال الفراء : قلبٌ أغلفُ : بَيِّنُ الغُلْفَةِ ، وأغلفتُ القارورة : جعلت لها غلافاً ، وإذا أدخلتَها في غلاف قلت : غَلْفتُها غلْفاً.

وقال أبو عمرو : والغِلْفُ : الخِصب.

لغف : أهمله الليث.

عمرو عن أبيه ، قال : اللَّغيفُ : الذي يأكلُ مع اللصوص ويشربُ ويحفظ ثيابهم ولا يسرقُ معهم ، يقال في بني فلانٍ لُغَفَاءُ.

وقال ابن السكيت : يقال : فلان لغيفُ فلانٍ وخُلْصَانُهُ ودُخْلُلُه.

وقال أبو الهيثم : فلان لَغيفُ فلان ، وشَجِيرُهُ ، أي خاصَّتُه ، قال : ولَغَفْتُ شيئاً ، أي لقَمْتُه.

١٣٢

وفي «النوادر» : ألْغَفْتُ في السيرِ وأوغفت فيه.

فلغ : الأصمعي : فَلَغَ رأسهُ بالعصا يَفْلَغُهُ وثَلَغَهُ يَثْلَغُهُ فَلْغاً وثلْغاً : إذا شَدَخَهُ.

غفل : الحرانيُّ عن ابن السكيت ، يقال : قد غَفَلْتُ عنه وأغفلتُهُ.

وأخبرني المنذري عن أبي العباس ، أنه سُئِلَ عن قول اللهِ : (مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا) [الكهف : ٢٨] ، فقال : من جعلناه غافلاً ، قال : ويكون في الكلام : أغفلتهُ : سَمَّيْتُهُ غافلاً وأَحْلمْتُهُ سميته حليماً.

وقال الليث : أغفلتُ الشيءَ : تركته غَفَلاً وأنت له ذاكر.

قال : وغفلَ عن الشيءِ يَغْفُلُ غفلةً وغُفُولاً ، والتَّغافُلُ : التَّعَمُّدُ ، والتَّغَفُّلُ : خَتْل عن غفلةٍ ، والمُغَفَّلُ : مَن لا فطنةَ ولا إربَ له ، والغفْلُ : سَبْسَب مَيْتَة بعيد لا علامة فيها وجمعه أغفال.

وقال ذو الرمة :

يتركن بالمهامِهِ الأغفالِ

ودابَّة غُفْل : لا سِمَة عليها ، ورجل غفل : لا يُعْرَفُ له حَسَب.

أبو عبيد عن الكسائي : أرض غُفْل وفَلٌّ لم تمطر.

وقال غيره : نَعَم أغفال : لا لِقْحَةَ فيها ولا نجيب.

وقال بعض الأعراب : لنا نَعَم أغْفَال ما تَبِضُّ بِبِلالٍ : يصفُ سنةً أصابتهمْ فأهلكت خيار مالِهِمْ ، وبلاد أغفال : لا أعلامَ فيها يهتدَى بها.

وقال شمر : إبِل أغْفَال : لا سمة عليها وقِدَاح أغفال.

وروي عن بعض التابعين أنه قال : عليك بالْمَغْفَلَةِ والْمَنْشَلَةِ في الوضوء.

قال أبو العباس أحمد بن يحيى : المَغْفَلَةُ : العَنْفَقَةُ نفسها ، والمنشلة موضع حلْقة الخاتم.

غ ل ب

غلب  ـ  بلغ  ـ  بغل  ـ  لغب : مستعملة.

غلب : قال الليث : يقال : غَلَبَ يَغْلِبُ غَلَبَةً وغَلَباً ، والغِلابُ : المُغَالبة ، وأنشد بيت كعب بن مالك :

هَمَّتْ سخينةُ أن تُغَالِبَ ربَّها

وليُغْلَبَنَ مغالِبُ الغلّاب

وفي مثل للعرب : جرى المذكيات غلاب ، أراد بالمذكيات مَسَانّ الخيل وقُرّحَها ، أراد أنها تغلب من سابقها غلاباً لِقوَّتها.

قال : والأغلب : الغليظ القَصَرَةِ ، أسدٌ أغلب ، وقد غَلِبَ يَغْلَب ، غَلَباً ، وقد يكون الغَلَب من داءٍ أيضاً.

١٣٣

قال : وهضبة غَلْباء وعزَّة غلباءُ ، وكانت تَغْلِبُ تسمى الغَلْباءَ.

وقال الشاعر :

وأَوْرَثَنِي بَنو الغلْباءِ مَجْداً

حديثاً بعد مَجْدِهم القديم

وقال آخر :

وقَبْلَكَ ما اغْلَوْلَبَتْ تَغْلِبٌ

بِغَلْبَاءَ تَغْلِب مُغْلَوْلِبينا

يعني بعزَّةٍ غَلْبَاءَ ، واغْلَوْلَبَ العُشْبُ.

واغلَوْلَبَتِ الأرض إذا التَفَّ عشبها ، واغْلَوْلَبَ القوم إذا كثروا ، من اغْلِيلَابِ العُشْبِ ، ورجل غُلُبَّة إذا كان غالباً ، وغَلبَّة لُغة.

وأخبرني أبو محمد المزنيِّ عن أبي خليفة عن محمد بن سلّام أنه قال : إذا قالتِ العرب : شاعر مُغَلَّب فهو مغلوب ، وإذا قالوا غلِّبَ فلان ، فهو غالب ، وغلِّبَتْ ليلى الأخْيَلِيّة على نابغةِ بني جَعْدَةَ لأنها غَلَبَتْه ، وكان الجعديُ مغَلَّباً.

لغب : الأصمعي : إنه لضعيف ولَغْب وَوَغْب.

أبو عبيد عن الأموي : لَغَبْتُ ألغُبُ لُغُوباً من الإعياء.

ومنه قول الله جلَّ وعزَّ : (وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ) [ق : ٣٨] ، ومنه قيل فلان ساغب لاغب أي مُعْيًى.

وروى ابن الفرج عن أبي السميدع ، أخذت بزغب رقبته ، ولَغَب رقبته ، قال : وهي باللام في تميم ، قال : وذلك إذا تبعه وقد ظن أنه لم يدركه ، فلحقه ، أخذ برقبته أو لمْ يأخذ.

قال الأموي : ولَغَبْتُ على القومِ ألْغَبُ لَغْباً : أفْسَدْتُ عليهم.

وقال الليث : اللُّغَابُ من الرِّيش : البطن ، الواحدة لُغابَة.

أبو عبيد عن الأصمعي قال : من الرِّيش اللُّؤَامُ واللُّغابُ ، فاللُّغابُ ما كان بطنُ القُذَةِ يلي ظهر الأخرى ، وهو أجود ما يكون فإذا التَقى بطْنان أو ظهران فهو لُغَاب ولغْب.

وقال أبو زيد : لغَبْتُ القومَ ألْغَبُهُمْ لغْباً ، إذا حدَّثتهم بحديثٍ خلفٍ ، وأنشد :

أَبْذُلُ نصْحي وأَكُفُ لغبي

وقال الزِّبْرِقانُ :

ألمْ أَك باذلاً وُدِّي ونَصْرِي

وأصْرِفَ عنكم ذَرَبي ولغْبي

يقال : كفَّ عنَّا لغبَكَ : أي سيءَ كلامك ، ويقال : تَلَغَّبْتُ الرَّجلُ : إذا أتعبته ، ولغَّبَ فلان دابَّتَه : إذا تحاملَ عليه حتى أعْيا ، والْمَلاغب جمع الملغَبَةِ من الإعياء.

بغل : قال الليث : البَغل والبَغلة معروفان ، والتَّبْغيل : مشي الإبل في سَعَةٍ.

١٣٤

أبو عبيد عن الأصمعي : التَّبْغِيلُ : مَشْيٌ فيه اختلاطٌ بين العَنقِ والهَمْلَجَةِ.

ويقال : تزوج فلانٌ فلانةَ فَبَغَّلَ أولادَها : إذا كان فيهم هُجْنَةٌ ، ورجل بَغَّال صاحبُ بِغالِ ، ويُجْمَعُ البغل بِغالاً.

بلغ : قال الليث : البَلْغُ : البَلِيغُ من الرِّجال وقد بلُغَ بلاغة ، وبلغ الشيءُ يبلُغُ بُلوغاً ، وقد بلَّغْتُهُ أنا تبليغاً وأبلغته إبلاغاً وتقول : له في هذا الأمر بلاغٌ وبُلغةٌ وتَبَلُّغ : أي كفاية ، وشيءٌ بالغ : أي جَيِّدٌ ، والمبالغةُ : أن تبلغ من العمل جهدَك.

وقال غيره : البُلْغةُ من القُوتِ : ما يتبلَّغُ به ولا فضلَ فيه ، والعربُ تقول للخبَر يبلُغُ أحدَهُمْ ، ولا يحقِّقُونه وهو يسوءُهُمْ : سَمْعٌ لا بَلْغٌ : أي نسمَعُهُ ولا يبلغنا ، ويجوزُ : سمعاً لا بلْغاً.

ويقال : بلغَ الغُلامُ والجاريةُ : إذا أدْركا وهما بالغانِ.

وقال الشافعي في كتابِ النِّكاح جارية بالغ بغير هاءٍ.

هكذا رَواهُ لنا عبد الملك عن الرَّبيع ، عنه قلتُ والشافعي فصيحٌ ، وقولهُ حُجَة في اللغةِ ، وقد سمعتُ غير واحدٍ من فصحاءِ الأعراب يقول : جَارِية بالغ ، وهو كقولهم : امْرَأَة عاشقٌ ، ولِحْيَة ناصِلٌ.

وإن قال قائلٌ : جَارية بالغة لم يكنُ خطأً لأنه الأصلُ.

روي عن عائشة أنَّها قالت لأمير المؤمنينَ علي رضي‌الله‌عنه يومَ الجملِ : قد بلغْتَ منَّا البِلَغِينَ : معناها : أنَّ الحرْبَ قد جهدْتها وبلغت منها كلَ مبلغٍ

وقال أبو عبيد في قول عائشة لِعَليٍّ : قد بلغتَ مِنَّا البِلَغينَ : إنُه مثل قولهم : لقيت منه البُرَحِين والأقْورين والأَمرينِ ومعناها كلها : الدَّواهي ، ويقال : بلَّغت القومَ الحديثَ بلاغاً : اسمٌ يقومُ مقام التبليغ.

وفي الحديث : «كلُّ رافعَةٍ رَفَعَتْ عَنَّا من البلاغ فَلْتُبَلِّغْ عَنَّا» ، أراد من المبلِّغينَ ، ويقال : أبْلَغْتهُ وبَلَّغْته بمعنى واحدٍ.

ويقال : بلغ فلان ، إذا جهد وبلغت نكيثته.

غ ل م

غلم  ـ  غمل  ـ  ملغ  ـ  مغل  ـ  لغم : مستعملات.

غلم : قال الليث : يقال : غلِم يغلَم غلَماً وغلْمَةً واغتلم اغتلاماً ، وهو المغلوبُ شهْوةً ، والمِغْليم : سواءٌ فيه الذَّكرُ والأنثى.

وقال شمر : يقال : غلام غِلِّيم ، وجَارية غلِّيم بغير هاءٍ ، وأنشد :

ناكَ أخُوها أُخْتَكَ الغِلِّيما

ويقال : غُلام بين الغُلومةِ والغُلامِيَّةِ.

١٣٥

وأخبرني المنذري عن ثعلب أنه قال : غلام بينُ الغلومة والغلوميةِ.

وقال الليث : الغلام الطّارُّ الشَّارب وجاء في الشِّعْرِ غلامة للجارِية ، وأنشد :

يُهانُ لهَا الغلامة والغلامُ

وقد سمعتُ العربَ تقول للمولُود حينَ يولَدُ ذكراً غلام ، وسمعتهمْ يقولون للكهل غلام نجيب وكلُّ ذلكَ فاشٍ في كلامِهمْ.

وقال الليث : الغَيْلَمُ : موضع ، والغَيْلَمُ : السُّلحفاة ، قال : والغيلم : المدْرَى ، وأنشد :

يُشَذِّبُ بالسَّيْف أقرانه

كما فَرّقَ اللِّمَّةَ الغيلمُ

قلت : قوله : الغيلم المدْرَى ليس بصحيحٍ ودلَّ استشهادُه بالبيت على تصحيفه ، أنشدني غير واحدٍ بيت الهذليِّ :

ويَحْمِي المضَافَ إذا ما دعا

إذا فَرَّ ذُو اللِّمَّةِ الغيْلَمُ

هكذا أقرأنيه الإيادِيُّ لشمر ، عن أبي عبيد ، وقال : الغيلم : العظيمُ ، وقد أنشده غيره :

كما فَرَّقَ اللِّمَّةَ الفَيلَمُ

بالفاءِ.

رواه أبو العباس عن الأعرابيِّ قال : والفَيلم : المُشط.

وقال أبو عبيد : الغيلم : المرأَة الحسناءُ ، وأنشد :

من المدَّعينَ إذا نوكروا

تنيفُ إلَى صوتِه الغيْلَم

وقال الليث : الغَيْلم والغيْلَميُ : الشَّابُّ العريضُ المفرِق الكثير الشَّعرِ.

وفي حديث عليٍّ أنه قال : تجهَّزُوا لِقِتالِ المارقينَ المغتلمينَ.

وروى سلمة عن الفراء أنه قال : قال الكسائي : الاغتلامُ : أن يجاوزَ الإنسان حدَّ ما أمر به من الخير والمباح.

ومنه قول عمر : إذا اغتلمتْ عليكم هذه الأشربةُ فاكسِروها بالماءِ.

قال أبو العباس يقول : إذا جازَتْ حدَّها الذي لا يسكرِ إلى حدِّها الذي يسكر.

وكذلك قول علي في المغتلمينَ هم الذينَ جازوا حدَّ ما أُمروا به من الدِّين وطاعَةِ الإمام.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الغُلُمُ : الْمَجْبُوسون.

قال : ويقال : فلانٌ غلام الناس وإن كان كهلاً ، كقولك فلانٌ فتى العسكَر وإن كان شيخاً ، وأنشد :

سَيْراً ترى منه غُلامَ الناس

مُقَنَّعاً وما به من باسِ

إلَّا بقايا هَوْجَلِ النُّعاس

لغم : قال الليث : لَغَمَ الجَمَلُ يَلْغَمُ لُغامهُ

١٣٦

لَغْماً إذا رَمَى به ؛ والمَلْغَمُ : الفمُ ، وتلغَّمْتُ بالطِّيبِ.

وقال اللحيانيُّ : لُغِمَ فلانٌ بالطِّيبِ فهو مَلْغومٌ : إذا جُعل الطِّيبُ على مَلاغِمِه ، والمَلْغَمُ : طرَف أنفِه ، وتلغَّمَتِ المرأة بالطِّيب تلغُّماً : إذا جَعلت الطِّيبَ على مَلاغِمها ، والمَلْغَمُ : الفمُ والأنف وما حَولهما.

أبو عبيد عن الكسائي قال : لغَمْتُ أَلْغَمُ لَغْماً ووَغَمْتُ أَغِمُ وَغْماً : إذا أَخْبَرْتَ خَبَراً لا تَسْتَيْقِنُه.

ثعلب عن ابن الأعرابيِّ قال : اللُّغَامُ والمَرْغُ : اللُّعاب للإنسان ، واللُّغام : زَبَدُ أَفواه الإبل ، قال : والرُّوَالُ للفرَس.

وقال في موضعٍ : اللَّغَمُ : الإرجافُ الحادُّ واللّعَمُ بالعيْن اللُّعاب.

ملغ : قال الليث : المِلْغُ : الأحمَق الوَقْسُ اللَّفْظ وأنشد قول رؤبة :

والمِلْغُ يَلغَى بالكلام الأملغِ

وقال الكسائي : أحْمَقُ بِلْغٌ ومِلْغٌ ، وهو الذي زاد على الحُمْق.

وقال غيره : أَحْمَق بِلْغٌ وهو الذي يَبْلُغ مع حُمْقِه حاجتَه.

غمل : قال الليث : غَمَلْتُ الأدِيمَ : إذا جعلْتَه في غُمَّةٍ لِيَنْفَسِخَ عنه صوفُه.

أبو عبيد عن الأصمعيِّ : إذا غُمَّ البُسْرُ ليُدرِك فهو مغمولٌ ومَغمونٌ ، وكذلك الرَّجل يُلقَى عليه الثيابُ ليَعْرَقَ فهو مَغْمولٌ ، ورجُل مَغْمولٌ : إذا كان خامِلاً.

وقال أبو الهيثم : الغَمْلُ أن يُلَفَّ الإهابُ بعدما يُسْلَخ ، ثمَّ يُغَمَّ يوماً وليلةً حتى يسترخِيَ شَعرُه أو صوفُه ، ثم يُمْرَطَ فإِن تُرِك أكثَر من يوم وليلةٍ فَسَدَ ، وأَغملَ فلانٌ إهابه بالأَلِف : إذا تَرَكه حتى يَفْسُدَ.

وقال الليث : الغُمْلُولُ : حَشيشةٌ تؤكلُ مطبوخةً تُسَمِّيه الفُرْسُ بَرْغَسْتَ.

وروى أبو عبيد عن الأصمعيِّ قال : الغُمْلولُ : الوادي ذو الشَّجر.

وقال في موضع آخر : هو بَطْنٌ من الأرض غامِضٌ ذو شَجَرٍ.

وقال ابن شميل : الغُمْلُولُ كهيئة السكَّةِ في الأرض ضيِّقٌ له سَنَدانِ ، طولُ السَّنَدِ ذِراعان يَقودُ الغَلْوَةَ يُنْبِتُ شيئاً كثيراً ، وهو أَضْيَق من الفائجة والمَلِيعِ.

وقال الطِّرِمَّاحُ :

وَمخَارِيجَ من شَعارٍ وغِينٍ

وغَمَالِيلَ مُدْحِيَاتِ الغِياضِ

وقال الليث : الغَمَالِيلُ : الرَّوَابي.

وقال غيره : الغَمْلَى من النَّبات : ما رَكِب بعضُه بعضاً فبَلِيَ.

وقال الرَّاعي :

١٣٧

وغَمْلَى نَصِيٍّ بالْمِتان كأنها

ثَعالِبُ مَوْتَى جِلدُها قد تزلَّعا

ويقال : غَمِلَ النَّبْتُ يَغْمَلُ غَمَلاً : إذا التفَّ وَغمَّ بعضُه بعضاً فعَفِنَ ، ولحمٌ مَغمولٌ وَمغمونٌ : إذا غُطِّيَ شِواءً أو طبِيخاً ، وإهابٌ مَغمولٌ : إذا لُفَّ ففَسد.

مغل : قال الليث : المغَلُ : وجَع البَطْن من ترابٍ.

يقال : مَغِلَ يَمْغَلُ فهو مَغِلٌ ، وأمغلَت الشاةُ : وهو أن يأْخذَها وَجَعٌ ، فكلما حملَتْ أَلْقَتْ.

الحرانيُّ ، عن ابن السكيت : المَغْلَةُ : النَّعجة أو العنْز تُنتَجُ في السَّنة مرّتين ، وغنَمٌ مِغَالٌ.

وأنشد :

بَيضاءُ مَحْطُوطةُ المتْنَين بَهْكَنَةٌ

رَيَّا الرّوَادفِ لمْ تُمْغِلْ بِأَوْلاد

وقال أبو عمرو : الْمُمْغِلُ : التي تحمِل قبل فِطام الصَّبيِّ وتلدُ كلَّ سَنة.

أبو عبيد عن الأصمعي : أمْغلَ القوم ، وهو أن تمغَلَ إِبلُهم وشاؤُهم ، وهو داءٌ ، يقال : مَغِلَتْ تمْغَلُ.

قال : والإمغالُ في الشَّاء ليس في الإبل ، وهو مِثل الكِشَافِ في الإبل ، قال : والمَغْلةُ : داءٌ يكون في بطن الدَّابَّة أو الناقة من أن تأكلَ التُّرَابَ مع البَقْل.

وقال شمر : مَغِلَتِ الشّاةُ إذا حَملَت كلَّ عامٍ ، قلت : الْمَغَلُ في الشاة ، أنْ تحملَ في السَّنة الواحدةِ مرَّتين ، والكِشَافُ في الإبل : أن تحملَ كلَّ عامٍ.

ابن السكيت عن الوالِبيِ أَمْغَل بي فلانٌ عند السلطان : أي وَشَى بي.

قال : ويقال : مَغَلَ به فلانٌ يَمْغَلُ به مَغْلاً إذا وقع فيه ، وإنّه لصاحبُ مَغالةٍ.

ومنه قول لبيد :

يتأَكَّلون مَغالةً ومَلاذَةً

ويُعابُ قائلُهم وإنْ لمْ يَشْغَبِ

والميمُ في المغالة والمَلاذة أصليّةٌ من مَغَلَ ومَلَذَ.

وقال ابن السكيت : مغَلَتِ الدَّابَّةُ تَمغل مَغْلاً : إذا أَكلَت التراب فاشْتَكتْ بطنها وبها مَغْلةٌ شديدة ، ويُكوَى صاحب الْمغلةِ ثلاثَ لَذعاتٍ بالمِيسَمِ خلْف السُّرَّة.

ثعلب عن ابن الأعرابي : المِمْغَلُ : الذي يُولَع بأَكْل التُّراب من الفُصْلان فيَدْقَى منه أي يَسْلَحُ.

قال : والمَمْغَلُ : الموضِعُ الكثير الغَمْلَى ، وهو النَّبْتُ الكثيرُ.

[أبواب الغين والنون]

غ ن ف

استعمل من وجوهه : نغف  ـ  نفغ  ـ  غنف.

١٣٨

غنف : قال الليث : الغَيْنَفُ : غَيْلَمُ الماء في منبع الآبار والعيون ، وبحرٌ ذو غَيْنَفٍ.

وأنشد :

نَغْرِفُ من ذي غَيْنَف ونُؤْزِي

قلت : لم أسمع الغَيْنَفَ بمعنى غَيْلَم الماء إلا هاهنا ، والبيت الذي به استشهد الليثُ لرؤبة أقرأنيهِ الإياديُّ لشمر أنه أنشده :

نَغْرِفُ من ذي غَيِّثٍ ونُوزي

قال : وبئر ذات غَيِّثٍ ، أي لها نائبٌ من الماء ، ومعنى نُؤْزِي : أي نُضْعفُ ولا آمنُ أن يكون الليث صحَّف الغيِّث فجعله الغَيْنَفَ فإن رواه ثقة لرؤبة وإلا فالصواب غَيِّثٌ ، وهكذا رأيته في شعر رؤبة.

نغف : قال الليث : النَّغَفُ : دودٌ غُضْفٌ ينسلخُ عن الخنافس ونحوها ، ويقال : النَّغَفُ : دودٌ بيضٌ يكون فيها ماءٌ.

قال : وفي عظمي الوَجنتين لكلِّ رأسٍ نَغَفَتَانِ : أي عظمان ، ومن تحرُّكِهما يكون العُطاس ، قال : وربَّما نَغِفَ البعير فكثُر نَغَفُهُ.

قلت : الذي قاله الليث في عظْمي الوجنتين لكل رأسٍ نَغَفَتان مُريبٌ ، والمسموع من العرب فيهما : النَّكَفَتان ، وهما حدَّا اللَّحْيَيْنِ من تحت ، وقد فسَّرتهُما في موضعهما من كتاب الكاف ، وأما النَّغَفَتَان بمعناهما فما سمعته لغير الليث.

والنَّغَفُ عند العرب ديدانُ تولدُ في أجواف الحيوان من الناس وغيرهم وفي غَراضِيفِ الخياشيم من رُؤوس الشاءِ والإبل ، والعرب تقول لكل ذليل حقيرٍ : ما هو إلا نَغَفَةٌ ، يُشَبَّه بهذه الدُّودة من ذلِّهِ.

وفي حديث يأجُوج ومأجُوج وهلاكِهم : «يبعث الله عليهم النَّغَفَ فيُهلكهم».

نفغ : النَّفَغُ : التَّنَفُّطُ ، يقال : نَفَغَتْ يده تنْفَغُ إذا تَنَفَّطَتْ ، قال ذلك أبو مالك وغيره.

غ ن ب

غبن  ـ  غنب  ـ  نبغ  ـ  نغب : مستعملة.

نغب : قال الليث : يقال : نَغَبَ الإنسان يَنْغَبُ ويَنْغِبُ نَغْباً ، وهو الابتلاغُ للرِّيق والماء نُغْبَةً بعد نُغْبَةٍ.

وقال أبو عبيد : النَّغْبَةُ : الجرعةُ وجمعها نُغَبٌ.

وقال ذو الرُّمة :

حتى إذا زَلَجَتْ عن كلّ حَنْجَرةٍ

إلى الغَلِيلِ ولم يَقْصَعْنَهُ نُغَب

نبغ : قال الليث : يقال : نَبَغَ الرَّجل ، إذا لم يكن في إرث الشِّعر ثم قال فأجاد ، فيقال : نَبَغَ منه شِعرٌ شاعرٌ وبلغنا أن زِياداً قال الشعر على كبرِ سِنه ولم يكن نشأَ في

١٣٩

بيت الشِّعر فسُمِّي النابِغةَ ، وقيل : إنه سميَ بقوله :

وقد نَبَغَتْ لنا منهم شُؤون

قال : والدَّقيقُ : يَنْبُغُ من الخصاصِ ، تقول : أنْبَغْتُهُ فَنَبَغَ.

وقال غيره : نَبَغَ الشيءُ : إذا ظَهر ، ونَبَغَ فيهم النِّفاق إذا ظهرَ ما كانوا يُخفونه ، ونَبَغَتْ المزادَةُ ، إذا كانت كتوماً فصارت سَرِبَةً.

وقالت عائشة في أبيهَا غاضَ نَبْغَ النفَاق والرِّدَّة : أي نَقَصَهُ وأذْهَبهُ ، ونَبغَ الوعاءُ بالدقيق إذا كان رقيقاً فتطايرَ من خصاصِ ما رَقَّ منه.

ويقال : نَبَغَ فلانٌ بِنُوسه ، إذا خرجَ بطبعه ، ونَبَغَ الماءُ ونَبَغَ بمعنى واحدٍ ، ويقال لهبرية الرأس : نُباغَهُ ونُبَاغَتُهُ.

غنب : أهمله الليث.

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابيِّ : الغُنَبُ : داراتُ أوساطِ الأشداقِ قال : وإنما يكون في أوساط أشداقِ الغِلْمان الملاحِ ، ويقال : بَخَصَ غُنْبَتَهُ ، وهي الدّارة التي تكونُ في وسَطِ خَدِّ الغلامِ المليح.

غبن : الحراني عن ابن السكِّيت : الْغبْنُ في الشراءِ والبيعِ ، يقال : غَبَنَهُ يَغْبِنُه غَبْناً ، والْغبَنُ : ضعفُ الرَّأْي ، يقال في رَأْيه غَبَنٌ ، وقد غَبِنَ رَأيه غَبَناً.

أبو العباس عن ابن الأعرابيِّ قال : غَبَنْتُ الثَّوبَ أغْبِنه غَبْناً : إذا طال فثنيته ، وكذلك كَبَنْتهُ ، وما قُطِعَ من أطرافِ الثوب فأسقط غَبَنٌ.

قال الأعشى :

يُسَاقِطُها كَسِقاطِ الْغَبَنْ

وقال الليث : يقال للفاترِ عن العمل :

غَابِنٌ ، والمَغَابنُ : الأرْفاغُ ، والآباطُ ، واحدُها مَغبِنٌ وغَبَنْتُ الشيءَ : إذا خَبَّأْتهُ في المغبِنِ ، والْغَبِينَةُ من الْغَبْنِ كالشتيمةِ من الشتم ، ويقال : أَرى هَذا الأمرَ عليكَ غَبْناً ، وأنشد :

أجولُ في الدَّارِ لا أَراكَ وفي الدا

رِ أَناسٌ جوارُهمْ غَبْن

وقال أبو إسحاقَ في قول الله جلَّ وعزَّ : (ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ) [التغابن : ٩] ، يوم يَغْبنُ أهلُ الجنة أهل النار ، ويغبنُ من ارتفعتْ منزلتهُ في الجنة من كان دُونه ، وضربَ الله ذلكَ مثلاً للشِّرَاءِ والبيعِ كما قالَ : (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) [الصف : ١٠].

وقال أبو زيدٍ : غبنتُ الرجل فأَنا أغبنه غَبْناً ، وذلك أن يَمرَّ فلا تراه وَلا تَفْطُنَ له ، وغَبَنْتُ الأمرَ غَبناً إذا أَغْفَلْتُه وغَبنتُ في البيع غَبْناً إذا غفلْت عنه بيْعاً كان أَو شراءً ، وغبَنْتُ الرَّجل أغبِنه غَبْناً في البيع

١٤٠