تهذيب اللغة - ج ٨

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٨

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٤٠

ير لَمّا وَهَى مُزْنُه واسْتُبيحا

وقال النضرُ : رجلٌ غَذَمٌ : كثيرُ الأكْلِ وبِئرٌ غُذَمةٌ كثيرةُ الماء ، وبئرٌ ذاتُ غَذيمة كذلكَ ، والغذائم : البحورُ ، الواحِدَة غَذِيمةٌ.

وقال أبو مالك : الغذائمُ كلُّ متَراكب بعضُه عَلَى بعض.

(أبواب) الغين والثاء

غ ث ر

غثر  ـ  غرث  ـ  ثغر  ـ  ثرغ  ـ  رغث  ـ  رثغ.

غثر : أبو عبيد : الأغثرُ الذي فيه غُبرةٌ ، ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الذِّئبُ فيه طُلْسَةٌ وغُبْرَةٌ وغُثرَةٌ وغُبسةٌ ، والضَّبعُ فيها غُثْرَةٌ.

أبو عبيد عن الأصمعيِّ : الغثراءُ من الناس : الغوْغاءُ.

قال : وقال أبو زيد : الغيْثرَةُ الجماعاتُ من الناس المختَلِطون.

وقال الليثُ : الأغثرُ والغثراءُ مِنَ الأكسيةِ : ما كثرَ صُوفه وزئبَرُه ، وبه شُبِّه الغَلْفقُ فوق الماء.

وأنشد :

عَباءَةٌ غثراءُ مِن أجْن طالي

أي : من ماءِ ذي أَجْنٍ.

قال : الأغثرُ : من طير الماء : طويل العُنق في لونه غثرَة.

وقال غيره : أغثرَ الرِّمْثُ وأغفر : إذا سال منه صَمْغٌ حلو يقال له المُغْثور والمِغثر ، وجمعه المغاثير والمغافير.

وقال ابن الفرَج : قال الأصمعيُّ : تركت القوم في غَيْثرة وغَيْتمة : أي في قتال واضطراب.

غرث : قال الليث : الغرَث : الجوع ، والنّعت غَرْثان وغرْثى ، وجاريةٌ غَرْثى الوِشاح ووِشاحها غرْثان ، وقد غرِثَ يغْرَث غَرَثاً فهو غرثان ، وغرَّثه إذا جَوّعه.

ثغر : قال الليث : الثَّغْر لِلسِّنِّ ما دامَ في مَنابِته قبل أن يَسْقُط.

وقال أبو عبيد : قال أبو زيد : إذا سَقَطتْ رَواضِع الصبيِّ قيل : ثُغِرَ فهو مثغورٌ ، فإذا نبتتْ أسنانه بعدَ السقوطِ قيل : اثّغرَ واتَّغَرَ بتشديد الثّاء والتاء.

وقال شمر : الإثِّغار يكون في النبات والسقُوط ، ومن النبات حديثُ الضَحّاكِ أنه وُلدَ وهو مثْغِرٌ ، ومن السقوطِ حديث إبراهيم كانوا يُحبون أن يُعلِّموا الصبيَّ الصلاة إذا اثّغر.

قال شمر : وهذا عندي بمعنى السقوطِ يدلُّكَ علَى ذلك ما رواه ابن المبارَك بإسناده عن إبراهيم إذا ثُغِر ، وثُغر لا يكون إلا بمعنى السقوطِ.

قال شمر : ورَوُي عن جابرٍ أنه قال : ليس في سنِّ الصبيِّ شيء إذا لم يثّغِرْ قال :

١٠١

ومعناه عندي النبات بعد السُّقوط.

قال شمر : وحكي عن الأصمعي أنه قال : إذا وقع مقدَّم الفَم من الصبيِّ قيل : اتّغر بالتاء ، فإذا قُلع من الرجل بعد أن يُسنّ قيل : قد ثُغر بالثاء فهو مثغور.

قلت : أصل الثّغر الكسر والثّلم ، وقد ثغرْت الجدار إذا ثلَمْته ، ومنه قيل للموضع الذي يخاف منه اندراء العدوِّ في جبلٍ أو حِصْنٍ ثغر لانثِلامِه وإعواره حتى يمكن العدوّ الدخول منه.

وقال الليث : الثُّغَرة : ثغرَة النّحْر ، والثغْرَة الناحية منَ الأرض ، يقال : ما بتلك الثغرة مثْله.

وقال أبو سعيدٍ : ثُغَر المجدِ : طُرقه واحدتها : ثُغْرة.

قلت : وكلُّ طريقٍ التَحَبه الناس لسهولتِه حتى تخدَّد فهو ثُغْرَةٌ ، وذلك أن سالكيهِ دعَسوه وثَغروا وجهه حتى صار فيه أخدودٌ وشرك بائنةٌ ، ورأيت في البادية نباتاً يقال له الثّغَر ، وربّما خفِّفَ فقيل : ثَغْرٌ.

قال الراجز :

أفانِياً ثَعْداً وثَغْراً ناعِما

شمر عن الهجيميِّ : ثغَرْت سِنّه : نزعْتها واثّغرَ إذا أنبَت ، واثَّغر سقَط ، ونَبتَ جَمِيعاً.

وقال الكمَيت :

تبَيَّن فيه الناس قبلَ اثِّغاره

مكارم أرْبى فوْقَ مثْلٍ مِثالُها

قال شمر : اثغارهُ : سقوط أسنانهِ.

قال : ومن النّاسِ من لا يثَّغِرُ أبداً ، وبَلغنَا أن عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن العباس لم يَتَّغِرْ قَطُّ وأنه دخل قبره بأسنان الصَّبيِّ ، وما نَغضَ له سِنٌّ حتَّى فارَقَ الدنيا مع ما بلغ من العمرِ.

وقال المرار الْعَدَويُّ :

قَارحٌ قد فُرَّ منه جَانبٌ

ورَبَاع جانبٌ لم يَتّغِرْ

وقال أبو زبيد يصف أنيَابَ الأسَدِ :

شِبالاً وأشباه الزُّجَاج مَغاوِلاً

مَطَلْنَ ولم يَلْقَيْنَ في الرَّأْسِ مَثْغرا

قال : مَثغراً : مَنْفذاً ، فأَقمنَ مكانَهُنَّ من فمهِ ، يقول : إنه لم يَتّغِرْ فيخلف سنّاً بعد سِنٍّ كسائر الحيوان.

رغث : قال الليث : كلُّ مُرْضعةٍ : رَغُوثٌ.

وقال طَرَفةُ :

ليتَ لنَا مَكانَ الملكِ عَمرٍو

رَغوثاً حَوْلَ قُبَّتنَا تَخُورُ

والرُّغثَاوانِ : مَضيغتَانِ بين الثّندُوَة والمنْكِبِ بجانب الصَّدْرِ.

أبو عبيد عن الأصمعي : الرَّغوثُ هي التي ترضعُ ، وَجمعهَا رغاثٌ.

ويقال : رَغثهَا ولدُهَا يَرْغَثُهَا رَغْثاً مثل

١٠٢

مَلجَهَا يَملجُها إذا رَضَعهَا.

قال : والرُّغثَاءُ : ما بين الإبط وأسفل الثَّديِ ممَّا يَلي الإبطَ ، قال ذلك ابن الأعرابي.

وقال غيره : الرَّغَثَاءُ بِفتْحِ الرَّاءِ : عَصبَةُ الثدْي ، قلت : وضَمُّ الرَّاءِ في الرُّغثَاءِ : أكثر ، كذلك روى سلمة عن الفراء.

قال : والرُّغثَاوانِ : سَوادُ حَلَمَةِ الثَّدْيَيْنِ.

ثرغ : الحراني عن ابن السكيت : ثُرُوغُ الدَّلْوِ وفُروغُهَا ما بَين العَراقِي ، واحدهَا فَرْغٌ وثَرْغٌ.

رثغ : قال الليث : الرَّثَغُ لُغةٌ في اللَّثَغِ.

غ ث ل

غلث ، لثغ ، ثلغ ، لغث : [مستعملة].

ثلغ : ثعلب عن ابن الأعرابي : المثَلَّغَةُ الرطبَة المُعَرَّقَةُ وهي المعْوَةُ.

وقال الليث : ثَلغ رأسه يَثلَغُه ثلغاً إذا شَدَخَهُ.

وفي الحديث : «إذاً يَثلغوا رَأسي كما تُثلَغُ الخبزَةُ».

قال : والمُثَلَّغُ من الرُّطبِ والتّمْرِ : الذي قد أصابه المطرُ فَأَسْقَطَهُ ودَقّهُ ، وقد تَناثرَتِ الثِّمارُ فَثُلِّغَتْ تثليغاً.

وقال أبو عبيد : ثَلَغْتُ رأسَه أثلَغه ثَلْغاً إذا شدَخْتُه.

وقال شمر : الثّلغُ : فضخُك الشيءَ الرَّطْبَ بالشيءِ اليابس حتى ينشدخَ وقد انْثلغَ وانْفضخَ بمعنى واحدٍ.

غلث : أبو عبيد عن الأصمعي : الغِلثُ : الشديد القتال اللَّزوم لمن طالب ، قال رؤبةٌ :

إذا اسْمَهَرَّ الحِلسُ المغَالث

اسْمهرَّ : اشتدَّ ، والحِلسُ الذي لا يبارح قِرْنه ، والمغالث : الملازم لقِرْنه.

أبو عبيد عن الأموي : الغليث : الطَّعام المخلوط بالشعير ، فإن كان فيه مَدَرٌ أو زؤانٌ فهو المغلوث.

وقال الفراء : المعْلُوثُ بِالعيْن : المخلوط.

وقال غيره : قد سمعناه بالْغيْنِ مَغلوثٌ.

وقال لَبيدٌ :

مَشْمولة غُلِثتْ بنَابتِ عَرْفَجٍ

كدُخان نارٍ ساطِعٍ أسْنامُها

وقال ابن دريد : غلِث الزّنْدُ غَلَثاً إذا لم يُور.

وقال الليث : غلث الطَّائر إذا هَاعَ ورَمى من حَوْصَلَتِهِ شيئاً اسْتَرَطَهُ.

قال ابن السكيت : إني لأجِدُ في نفسي تغْليثاً ، أي اختلاطاً ، ويقال : قُتِل النَّسْر بالغَلْثى ، وهو شيءٌ يُخْلط له في طعامٍ فيأكلُهُ فيقتُله ، فيؤخَذُ ريشه. سِقاءٌ مَغْلوثٌ : إذا كان مدبوغاً بالتَّمْرِ أو بالبُسْرِ.

١٠٣

لثغ : أخبرني المنذري عن المبرِّدِ أنه قال : اللُّثْغَة أن يُعدلَ بحرفٍ إلى حرف.

وقال الليث : الألْثَغُ : الذي يتحولُ لسانهُ من السين إلى الثَّاءِ ، والمصدر : اللَّثَغُ واللُّثْغَةُ.

وقال غيره : لَثَّغَ فلان ، لسانَ فلانٍ إذا صَيَّرَهُ أَلْثَغَ.

وقال أبو زيد : الألْثَغُ : الذي لا يُتِمُّ رَفْعَ لسانه في الكلام وفيه ثِقلٌ.

وفي «النَّوادر» : ما أشدَّ لَثَغَتَهُ ، وما أقبحَ لُثْغَتَه ، فاللَّثَغَةُ : الفَمُ ، واللُّثْغَةُ : ثِقَلُ اللسانِ بالكلام ، أَلْثَغُ : بَيِّنُ اللُّثْغَةِ ولا يقال بَيِّنُ اللَّثَغَةِ.

لغث : عمرو عن أبيه : اللَّغيثُ : الطعامُ يُغَشُّ بالشعير ، وباعتهُ يقال لهُم البُغَّاثُ واللُّغَّاثُ.

غ ث ن

غنث  ـ  نغث : [مستعملان].

غنث : قال الليث : غنِثَ من اللَّبن يَغْنَثُ غَنَثاً ، وهو أن يشربَ ثم يتنفس.

وقال ابن الأعرابي : يقال : إذا شَرِبْتَ فاغنَثْ ولا تَعُبَّ ، والعَبُّ : أن يشربَ ولا يتنفَّس ، ويقال : غنَثْتَ في الإناءَ نَفساً ونَفَسَيْنِ.

وقال الرَّاجز :

قالت لهُ بالله يا ذا البُرْدَيْن

لَمَّا غنَثْتَ نَغَساً أو اثنين

وقال : التَّغَنُّثُ : اللُّزوم ، وأنشد :

تَأَمَّلْ صُنْعَ رَبِّكَ غيرَ شَرٍّ

زماناً لا تُغَنِّثُكَ الهموم

وقال أبو عمرو : الغُنَّاثُ : الحَسَنو الآدابِ في الشربِ والمُنادَمةِ.

وقال ابن دريد : غنِثَتْ نفسهُ غَنثاً إذا لَغِسَتْ ، قلت : لم أسمعْ غنِثَتْ نفسهُ إذا لَغِسَتْ لغيره.

نغث : أبو العباس عن ابن الأعرابي : النَّغَثُ : الشَّرُّ الدائمُ الشديدُ ، يقال : وقعنا في نَغَثٍ وعِصْوادٍ ورَيْبٍ وشِصْبٍ.

[غ ث ف](١)

غ ث ب

غبث  ـ  ثغب  ـ  بغث : [مستعملة].

غبث : أبو عبيد : الغَبِيثَةُ : طعامٌ يطبخُ ويجعلُ فيهِ جرادٌ ، وهو الغَثيمَةُ أيضاً.

قال : وقال الفراء : غبَثْتُ الأقِط أغبِثُه غبثاً ومثْتُ ودُفْتُ مثله.

وقال شمر : قال إبراهيم ورّاقُ أبي عبيد قَرَأتهُ على أبي عبيد ثانياً فقال : بالعَيْن عَبَثْتُ وقال : رجع الفراء إلى العين ،

__________________

(١) أهمله الليث.

١٠٤

قلت : رَوَى ابن السكيت هذا الحرفَ عن أبي صاعد الكلابيِّ العَبِيثَةُ بالعين في الأقِطِ يُفرَغُ رطْبه على جافِّهِ حتى يختلط ، وهما عندي لُغتان بالعين والغين وغنَمٌ غبيثةٌ : مختلطة.

بغث : قال الليث : البغاثُ والأبْغَثُ من طير الماء كلونِ الرَّماد طويلُ العنق ، والجميع : البُغْثُ والأباغِثُ.

قال : والبغاثُ طيرٌ كالباشق لا يصيد شيئاً من الطير ، والواحدة بغاثة ، ويجمع أيضاً على البِغثان.

وقال الشاعرُ :

بغاث الطير أكثرها فِراخاً

وأمُّ الصَّقْرِ مِقلات نَزور.

أبو عبيد عن الأصمعي : من أمثالهم : (إن البغاثَ بأرْضنا يستَنْسِرُ) قلنا : هكذا سمعناه من أبي الفضل : البِغاثُ بكسر الباء ، قال : ويقال : بَغاثٌ بفتح الباء ، قال : والبَغاثُ : الطيرُ التي تُصادُ ، واحدتُهُ بَغاثَةٌ ، وجمعهُ بَغاثٌ وبِغثانٌ ، يُضرب مثلاً للرجل العزيز الذي يعزُّ بِهِ الدَّليل ، وقوله : يَسْتَنْسِرُ : أي يصيرُ كالنَّسْرِ الذي يصيدُ ولا يصادُ ، قلت : جعل الليث البغاثَ والأبْغثَ شيئاً واحداً وجعلهما معاً من طير الماءِ ، والبغاثُ عندي غيرُ الأبْغثِ ، فأما الأبْغثُ فهو من طيرِ الماء معروفٌ سُمِّيَ أبْغثَ لِغُبثَةِ لونه ، وهو بياضٌ يَضربُ إلى الخُضْرَةِ. وأما البغاثُ فكلُّ طائرٌ ليس من جوارحِ الطيرِ يُصادُ وهو اسمٌ للجِنْسِ من الطيرِ الذي يُصاد.

وقال أبو زيد : البَغاثُ : الرَّخَمُ ، الواحدة بَغاثَةٌ.

قال : وزعم يُونس أنه يقال : البِغاثُ والبُغاثُ بالكسرِ والضمِّ ، والواحدةُ بِغاثةٌ وبُغاثةٌ.

وقال ابن السكيت : البَغاثُ : طائرٌ أبْغثُ إلى الغبْرَةِ دُوَيْنَ الرَّخمةِ بطيءُ الطيران.

عمرو عن أبيه : البَغيثُ واللَّغيثُ : الطَّعامُ يُغشُّ بالشعير ، وأنشد :

إن البَغيثَ واللَّغيثَ سيَّانْ

أبو عبيد عن الأحمر : قال : دخلتُ في بَغثاءِ النَّاسِ وبَرْشاء الناس ، أي : في جماعتهم.

وقال الليث : يومُ بغاثٍ : يومُ وقعةٍ كانت بين الأوس والخزْرَجِ ، قلت : والصوابُ يومُ بعاث بالعين ، وقد مر ذكرهُ في كتاب العين ، وهو من مشاهير أيام العرب ، ومن قال بغاثٌ بالغين فقد صَحَّفَ.

ثغب : قال الليث : الثَغُبَ : ماءٌ صارَ في مستنقع في صخرة أو جلهة وجمعه ثُغبان.

وفي حديث ابن مسعود : ما شَبَّهْتُ ما غبَرَ من الدنيا إلَّا بِثَغْبٍ قد ذهب صفوه وبقي كَدَرُهُ.

وقال أبو عبيد : الثَّغْبُ : الموضع المطمئن

١٠٥

في أعلى الجبل يَسْتَنْقِعُ فيه ماء المطر.

قال عبيد :

ولَقَدْ تَحُلُّ بِهَا كأن مُجَاجَها

ثَغْبٌ يُصَفَّقُ صفوهُ بِمُدامِ

ثعلب عن ابن الأعرابي : الثُّغْبَانُ : مجاري الماء وبين كل ثغبين طريق فإذا زادت المياه ضاقت الْمسالِكُ فَدَقَّتْ ، وأنشد :

مَدَافِعُ ثغْبَانٍ أَضَرَّ بها الْوَبْلُ

وأما الثَّعبُ فقد مر تفسيره في كتاب الْعَيْنِ.

ابن السكيت : الثَغَبُ : تحتفره الْمسايِلُ من عَل ، فإذا انحطت حفرت أمثال الدِّبار فيمضي السيل عنها ويغادرُ الماءَ فيصفو إذا صَفَقَته الرياحُ ويبرد ، فالماءُ ثَغَبٌ ، والمكانُ ثَغَبٌ ، وهما جميعاً ثغَبٌ وثغْبٌ.

غ ث م

غثم  ـ  ثغم  ـ  ثمغ  ـ  مغث : مستعملة.

مغث : قال الليث : الْمَغْثُ : التباسُ الشُّجْعانِ في المعركةِ وتقولُ : مَغَثْتُ الدَّواءَ بالماء : مَرَسْتَه فيه ، والْمَغْثُ : الْعَرْكُ ، والْمَغْثُ : العَرْكُ في المصارعة.

ثعلب عن ابن الأعرابي : الْمَمْغُوث : الْمَحْمُومُ ، وقد مُغِثَ إذا حُمَّ.

وقال غيره : المغْثُ : اللَّطْخُ ، ومغثتُ عِرْضَه بالسَّبِّ.

وقال الراجز :

مَمْغُوثة أعْرَاضُهم مُمَرْطَلَه

كما تُلاث في الهِنَاءِ الثّمَلَهْ

ويقال : بينهما مِغَاثٌ أي : لحاءٌ وحكاكٌ ، ورجلٌ مُمَاغث : إذا كان يلاحُّ الناسَ ويُلادُّهمْ.

وقال سلمة : مَغَثْته في الماء وغتَتّه وغططتُّه وفَصَحْته وقَمَسْته بمعنى غرَّقته.

غثم : أبو عبيد عن أبي زيد قال : إذا غلب بياض الرَّأسِ سوادَه ، فهو أغثم ، وأنشد : إِمَّا تَرَيْ رَأسي عَلَاني أَغثَمُه وقال ابن دُريد : الأغثَم : الأورق ، وهي الغُثْمة.

سلمة عن الفراء ، قال : هي الغَثَمة والقِبَة والفِحتُ.

وقال ابن الأعرابي : الغُثْم : القِبَاتُ التي تؤكلُ.

أبو عبيد عن الأموي : الغَثيمَةُ : طعامٌ يطبخُ ويجعلُ فيه جرادٌ ، وهي الغَبِيثَة.

قال : وقال الأصمعي : غَثَمَ له من المالِ غَثْمَةً إذا دفع له دفعة ومثله قثَمَ وغَذَم.

أبو مالك : إنه لبيتٌ مغثُومٌ ومُغْثمَرٌ : أي مُخَلَّطٌ ليس بجيِّدٍ ، وقد غثمتهُ وغثمرتهُ : إذا خلطت كل شيء.

ثمغ : قال الليث : الثَّمْغُ : خلطُ البياض بالسواد.

قال رؤبة :

١٠٦

إنْ لاح شَيْبُ الشَّمَطِ المثَمَّغِ

وقال الأصمعي : ثَمَغَ لِحيَتَهُ في الخضاب : أي : غمَسَها ، وأنشد :

وَلِحْيَةٍ تُثْمَغُ في خَلُوقِهَا

أبو عبيد عن الفراء : قال : سمعت الكسائي يقول : ثَمَغةُ الجبلِ بالثَّاء.

قال الفراء : والذي سَمِعْتُ أنا نمغةٌ بالنون.

وروي عن الأصمعي : ثمغَ رأسهُ بالعصا ثمغاً وثَلغهُ ثَلْغاً بمعنى واحد إذا شَجَّهُ ، وثمغٌ : مالٌ كان لعمر بن الخطاب فوقفه.

وقال ابن دريد : ثمغتُ الثَّوْبَ إذا أشْبَعْتَهُ صِبْغاً ، وأنشد :

كَأَنَّ ثيَابَهمْ ثُمغتْ بِوَرْسِ

ثغم : قال الليث : الثَّغَامَةُ : نباتٌ ذو ساقٍ ، جُمَّاحَتُهُ مثل هامة الشَّيْخ.

وفي حديث النبي عليه‌السلام : أنه أتى بِأَبي قُحافَةَ وكأَنَّ رَأْسَهُ ثَغامةٌ فأمرهم أن يغيروهُ.

قال أبو عبيد : هو نبت أبيض الثمرِ والزهرِ يُشَبَّهُ بياضُ الشيبِ به.

قال حسان :

إمَّا تريْ رأْسي تغير لَوْنُهُ

شمطاً فأَصْبَحَ كالثغام الممحلِ

ثعلب عن ابن الأعرابي : الثَّغامَةُ : شجرة تَبْيَضُّ كأنها الثلج ، وأنشد :

إذا رأيْت صلعاً في الهامهْ

وَحَدَباً بعد اعتدال القامهْ

وصار رأسُ الشيْخ كالثَّغامهْ

فايأسْ من الصحةِ والسلامهْ

قال : والمثاغمة : مُلاثَمة الرجل امرأتهُ.

(أبواب) الغين والراء

غ ر ل

غرل  ـ  رغل : [مستعملان].

غرل قال الليث : الأغرلُ : الأقلفُ ، والغَرَلُ : القَلَفُ ، والغُرلة : القُلفةُ ، ويقال للرجل المسترخي الخَلق : غَرِلٌ ، وأنشد :

لا غَرِلُ الطُّولِ ولا قصيرُ

أبو عبيد عن الأحمر : رجلٌ أغْرَلُ وأرْغَلُ وهو الأقلفُ.

وقال اللحياني : قال أبو عمرو : الغِرْيَلُ والغِرْيَنُ : ما يبقى من الماء في الحوض ، والغَدِير الذي تبقى فيه الدَّعاميصُ لا يُقدرُ على شُربه.

وقال أبو الحسن : هو ثُقْلُ ما صُبغ به.

وقال الأصمعي : يقال : ما بقي في القارُورة إِلا غِرْيَلُها وغِرْيَنُها.

رغل : قال الليث : الرُّغل : نباتٌ تُسمِّيه الفُرس السَّرْمَقَ. وأنشد :

باتَ من الْخَلْصَاءِ في رُغْلٍ أَغَنْ

قلت : غَلِطَ الليث في تفسير الرُّغْلِ أنه السَّرْمَقُ ، والرُّغْلُ من شجرِ الْحَمْضِ وورقهُ

١٠٧

مفتولٌ ، والإبلُ تُحْمِضُ به ، وأنشدني أعرابيٌ من بني كلاب بن يربوع ، ونحن يومئذ بالصَّمان لهميان بن قحافة :

ترعى من الصَّمان روضاً آرِجا

ورُغُلاً باتت به لواهجا

والسَّرْمَقُ : نبت صغير ، والرُّغْلُ مثل الخذراف والإخريط.

وقال الليث : أَرْغلَتِ الأرض إذا أنبتت الرُّغل.

شمر : أرْغَلَتِ المرأة ولدَها : إذا أرْضَعْتُه.

وقال أبو الهيثم : فَصِيلٌ رَاغلٌ أي لاهج وقد رَغلَ أمَّه يَرْغلُها إذا رَضعها.

وقال الرِّياشي : رَغَل الجَدْيُ أمه وأرْغَلها ورغِلها إذا رَضِعَها.

وقال : الرِّغال ، البَهْمةُ يرْغل أمّه ، أي : يرضعها.

يقال : رَغل يرغَل ويرغُل.

وقال أبو العباس : قال ابن الأعرابي : رَغالِ هي الأَمَةُ.

وقالت دَخْتَنُوسُ :

فَخْرَ الْبَغِيِّ بحدْجِ رَبَّ

تِهَا إِذا النّاسُ اسْتَغلُّوا

لا رِجْلَها حَمَلَتْ ولا

لِرغالِ فيها مُسْتَظَلُ

قال : رَغالِ : الأمة لأنها تَطعمُ وتَستطْعِمُ.

قال : والرَّغالِ : الْبَهْمَةُ يَرْغلُ أمَّهُ أي : يَرْضَعُهَا.

غ ر ن

غرن  ـ  نغر  ـ  رغن : مستعملة.

غرن : أبو عبيد عن الفراء : الْغِرْيَنُ والغريل ما بقي في أسفل القارُورَة من الثُّفْلِ وأَسْفل الْغدِيرِ من الطِّينِ.

وقال أبو حاتم السجستاني في كتاب «الطَّيرِ» له : الْغَرَنُ : الْعُقابُ.

وقالَ غيرهُ : غُرَانُ موضِعٌ ، ومنه قول الشاعر :

بِغُرَانَ أَوْ وَادِي الْقُرَى اضْطَربَتْ بِهِ

نَكْباءُ بَينَ صَباً وبَينَ شَمالِ

نغر : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال لِبُنَيٍّ كان لأبي طَلحةَ الأنصاريِّ وكان له نُغْرٌ فمات : «ما فعل النُّغَيْرُ يا أبا عمير» ، والنُّغَرُ طائرٌ يشبه العصفورَ وتصغيرُه نُغيْرُ ويجمع نِغراناً.

وفي حديث علي رضي‌الله‌عنه أن امرأةً أتَتْهُ فذَكَرتْ أن زوجَها يَغشَى جاريتها.

فقال : إن كنت صادقةً رَجمناهُ وإن كنتِ كاذِبةً جَلَدْنَاكِ.

فقالت : رُدُّوني إلى أَهلي غيرَى نَغِرَة.

وقال أبو عبيد : قال الأصمعي : سألني شُعْبَةُ عن هذا فقلت : هو مَأْخُوذٌ من نَغَرِ القدْر وهو غَلَيانُهَا وفورها يقال : نَغرتْ

١٠٨

تَنْغَرُ ونغَرَتْ تَنْغرُ : إذا غَلَتْ ، فالمعنى أنها أرادَتْ أن جَوْفَهَا يَغلي مِنَ الْغيْظِ والغيرَةِ ، ثم لم تجد عند عَلِي رحمهُ الله ما تريد.

قال أبو عبيد : ويقال منه : رأيت فُلاناً يَتَنغَّرُ عَلَى فلانٍ أي يغلي عليه جَوْفُهُ غيْظاً.

وقال الليث : النُّغَرُ ضَرْبٌ من الحُمَّرِ حُمْرُ المناقِيرِ وأصولِ الأحْناكِ.

قال : والنُّغَرُ أولاد الحوامِل إذا صَوَّتَتْ ووَزَّغَتْ ، قلت : هذا تَصْحِيفٌ ، والذي أرادَ الليث النُّعَرُ بالعين ومنه قول العرب : ما أجَنَّتِ الناقة نُعَرَةً قَطُّ : أي ما حملتْ جَنيناً ، وقد مَرَّ تفسيره في كتاب العينِ.

وأنشد ابن السكيت :

كالشَّدَنيَّاتِ يساقِطْنَ النُّعَرْ

وقال أبو عبيد : قال الأصمعي : أمْغَرَتِ الشَّاةُ وأَنغَرَتْ وهي شاةٌ مُمغِرٌ ومُنْغِرٌ إذا حُلِبَتْ فخرجَ مع لَبنِهَا دَمٌ فإذا كان ذلك من عادَتِهَا قِيلَ شاةٌ مِمْغَارٌ ومِنْغَارٌ ونحو ذلك رَوى ابن السكيت عنه.

وقال شمر : النُّغَرُ : فَرْخُ العصفورِ ، وقيلَ : هو من صِغارِ العصافير تَراهُ أَبداً صغيراً ضاوياً.

رغن : قال الليث : أَرْغَنَ فُلانٌ بفلانٍ إذا أصْغَى إليهِ قابلاً رَاضياً وأنشد :

وأُخْرَى تُصِفِّقُها كلُّ ريح

سَريع لدَى الْحَوْر إرْغانُهَا

وقال أبو عمرو : أرْغَنَ فلانٌ إلى الصُّلْح : مالَ إليه.

وقال الطِّرِمّاحُ :

مُرْغِنَاتٌ لأخْلَجِ الشِّدْقِ سِلْعا

مٍ مُمرٍّ مَفْتُولةٍ عَضُدُهُ

قال : مُرْغناتٌ : مُطِيعاتٌ يعني كلابَ الصَّيْدِ.

وقال اللحياني : تقول العرب : لعلكَ ولَعَنَّكَ ورَعَنَّكَ ورَغنَّكَ بمعنى واحدٍ.

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي.

قال : يقال : هذا يومُ رَغْنٍ إذا كان ذا أَكلٍ وشُرْبٍ ونعيمٍ ، وهذا يوم مَزْنٍ : إذا كان ذَا فِرَارٍ من العدُوِّ ، وهذا يوم سَعْنٍ إذا كان ذا شرابٍ صافٍ.

غ ر ف

غرف  ـ  غفر  ـ  فرغ  ـ  فغر  ـ  رغف  ـ  رفغ : مستعملة.

غرف : قال الله جل وعز : (إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ) [البقرة : ٢٤٩] ، وقرىء غَرْفة ، وأخْبَرْني الْمُنذِريُّ عن أبي العباس أنه قال غُرْفَةً قراءةُ عثمان رواه ابن عامرٍ ، ومعناه الذي يُغترَفُ نفسه وهو الاسم ، والغَرْفَةُ المرَّة من المصدرِ.

قال : وقال الكسائي : لوْ كان مَوضعُ اغترَفَ غرفَ اخْترْتُ الفَتْحَ لأنه يخرجُ عَلَى فَعْلةٍ ، ولما كان اغترَفَ لم يخرج

١٠٩

عَلَى فَعْلةٍ.

قال المنذري : وأخبرنا الحسن بن فهْم عن محمد بن سَلام عن يُونسَ أنه قال : غَرْفَةٌ وغُرْفةٌ عَربيتانِ ، غَرَفْت غَرْفةً وفي الْقِدْر غُرْفَةٌ وحَسَوْتُ حَسْوَةً ، وفي الإناءِ حُسْوَةٌ.

وقال الليث : الغرْفُ : غرفك الماءَ بِاليدِ أو بِالْمغرفَةِ.

قال : وغَرْبٌ غَروفٌ : كثيرُ الأخْذِ للماءِ قال : ومَزَادَةٌ غَرْفِيَّةٌ وغَرَفِيَّةٌ. فالغرْفية : رَقيقةٌ من جلودٍ يؤتَى بها من البحرَينِ ، وغرَفيَّةٌ : دُبغتْ بالغرَفِ.

قال : والغرَفُ شجرٌ ، فإذا يَبسَ فهو الثُّمام.

قلتُ : أما الغرْفُ بسكونِ الراء فهيَ شجرةٌ يُدبغُ بها.

قال أبو عبيد : وهو الغرْفُ والغلْفُ ، وأما الغرَفُ فهو جِنْسٌ من الثُّمامِ لا يُدبَغُ به ، والثُّمامُ أنواعٌ فمنها الضَّعَة ومنها الجَليلةُ ومنها الغرَفُ يُشبِهُ الأسلَ ويُتخذُ منه المكانِسُ ويُظَلَّلُ بها الأساقي.

وقال عمر بنُ لَجَإٍ في الغرْفِ الذي يُدبَغُ به :

تهمِزُه الكفُّ على انطوَائها

همزَ شعيبِ الغرفِ من عزْلائها

أرادَ بِشَعيبِ الغرْفِ مزادةٍ دُبِغتْ بالغرْفِ.

ومنه قول ذي الرُّمة :

وَفْرَاء غَرْفِيَّة أنأَى خوارزُها

وأما الغرِيفُ فإنه الموضعُ الذي تكثرُ فيه الحَلْفاءُ والغرفُ والأباءُ وهو القصبُ والغضَا وسائرُ الشجر.

ومنه قول امرىء القيْس :

ويَحُشُّ تحتَ القدرِ يُوقِدُها

بِغضا الغَريفِ فأَجمعَتْ تغلي

وقال الآخر :

أُسْدُ غرِيفٍ مَقيلُها الغرْفُ

وأما الغِرْيَفُ فهيَ شجرة معروفة.

وأنشد أبو عبيدٍ فيه :

بخافَتَيْه الشوعُ والغرْيفُ

وقال الباهليُّ في قول عمر بنِ لجإٍ : الغَرْفُ جلُودٌ ليست بقرَظِيّة تدبَغُ بهَجَر ، وهو أنْ يُؤخذَ لها هُدْبُ الأرْطَى فيوضعَ في مِنكازٍ ويُدقَّ ثمّ يطرَح عليه التمرُ فتخرُج له رائحةُ خَمْرةٍ ثم يغرَف لكل جلدٍ مقدارٌ ثم يُدبَغ به ، فذلك الذي يغرَفُ يقال له الغَرْفُ ، وكل مقدارِ جلدٍ من ذلك النَّقيع فهو الغرْفُ واحدُه وجميعُه سواءٌ ، قال : وأهلُ الطائف يُسَمونه النفس.

قلت : والغرْفُ الذي يُدبَغُ به الجلودُ من شجَرِ البادية معروفٌ وقد رأيتُه والذي عندي أن الجلودَ الغرْفيةَ منسوبةٌ إلى الغرفِ الشجَرِ لا إلى غَرْفة تغترَفُ باليد.

وأخبرني المنذريُّ عن ثعلبٍ عن

١١٠

ابن الأعرابيِّ قال : يقال : أعْطني نفْساً أو نفسين أي قدرَ دِبغةٍ من أخلاطِ الدِّباغ يكون ذلك قدرَ كفٍّ من الغرْفةِ وغيره من لحاء الشجر.

قال : والغَرَفُ : الثُّمامُ بعينِه لا يُدبَغُ به.

قلت : وهذا الذي قاله ابن الأعرابي صحيحٌ.

وحكى ثعلب عن ابن الأعرابي أيضاً أنه قال : الغرْف التثنِّي والانقصاف ، ومنه قول ابن الخطيم :

تنامُ عن كبْرِ شأنها فإذا قا

مَتْ رُوَيداً تكاد تنغرفُ

أي : تنقصفُ من دِقة خصْرِها.

وقال الحُصينيُّ : انغرَف العودُ وانغرض إذا كسِرَ ولم يُنْعَمْ كسرُه.

وفي الحديث أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم نهى عن الغارِفةِ.

قلت : وتفسيرُ الغارفَة أن تُسَوِّيَ ناصيتها مقطوعة عَلَى وسطِ جبينها مطرّرةً سُمِّيتْ غارِفةً لأنها ذاتُ غَرْفٍ أي ذاتُ قَطْعٍ.

وقال ابن الأعرابي يقال : غرَف شَعرَه إذا جَزّهُ ، وملطه إذا حلقه.

وأبو عبيد عن الأصمعي : غرَفتُ ناصيتَه : قطعْتها ، وغرفْتُ العُرْف : جَزَزته ، والغُرْفة : الخصلةُ من الشَّعر.

قال : ومنه قول قيس : تكاد تنْغرِفُ : أي تنقطع.

وقال الليث : الغُرفةُ : العِلِّيَّة ، ويقال للسماء السابعة : غُرْفة.

وأنشد بيتَ لبيد :

سَوَّى فأغلقَ دونَ غُرْفة عَرْشه

سبْعاً شِداداً فوق فرع المَنقل

قال : والغرِيف : ماءٌ في الأجمة.

قلت : أمّا ما قال في تفسير الغرفة فهو كما قال ، وأما ما قال في الغرِيف إنه ماء الأجَمَة فباطلٌ ، والغرِيفُ : الأجَمَة نفسها بما فيها من شَجرها.

أبو عبيد عن الفراء قال : بنو أَسَد يسمونَ النعْل : الغَرِيفة.

قال شمر : وطيِّيءٌ تقول ذلك.

وقال الطرِماح :

خَرِيع النعْو مضطرب النواحي

كأخلاقِ الغريفةِ ذا غصون

ويقال لنعل السيف إذا كان مِن أدم غريفةٌ أيضاً.

وقال الأصمعي : ناقةٌ غارفة : سريعة السير وابِلٌ غوارف وخيْلٌ مغارف كأنها تغرف الجَرْي غرْفاً ، وفرَسٌ مِغرف.

وقال مزاحم :

بأيدي اللهامِيمِ الطُّوال المغارف

١١١

ابن دريدٍ (١) : فرس غرّاف : رغيب الشّحْوة كثير الأخذ من الأرض بقوائمه ، والغُرفة : الحبل المعْقود بأنشوطَة ، وغرفْت البعير أغرِفه وأَغرُفُه : إذا ألقيت في رأسِه غرفةً وهو الحبْل المعقود بأُنشوطةٍ.

رغف : قال الليث : الرغيف يجمع عَلَى الرُّغُف والرُّغفانِ.

وقال ابن دريد : رغفْت البعير : إذا ألقمْته البِزْر والدقيق ، وأصل الرّغف : جمعُك العجينَ تكتِّله.

فغر : قال الليث : يقال : فَغَر الرجل فاه يفْغَره فغْراً إذا شَحاه ، وهو واسِع فغر الفم.

وقال غيره : الفُغَر : أفواه الأودية ، الواحدة فُغْرَة.

وقال عديُّ بن زيد :

كالبيضِ في الرَّوضِ المنوّر قد

أفضى إليْه إلى الكثيب فُغَرْ

ودوْيبة لا تزال فاغرةً فاها يقال لها الفاغر ، ويقال : أفغر النّجْم وهو الثريّا إذا حَلَق فصارَ عَلَى قمَّة رأسِك فمن نظر إليه فغر فاه.

وقال الليث : الفَغْر : الوَرْد إذا فغم وفَقّحَ.

قلت : إخالُه أرادَ الفغوَ بالواو فصَحَّفَه وجعله راءً.

وقال ابن دريد : الفاغرة : ضَرْبٌ من الطِّيب ، والمفْغَرة : الأرض الواسعة.

أبو عبيد عن الكسائي : فغرَ الفمُ ، انفتح ، وفغره صاحِبه.

وقال شمر : فغر فَمَه وأفغرَه.

وأنشد :

وأفغر الكالئين النجمُ أو كربوا

غفر : قال الليث : يقال : اللهم اغفِرْ لنا مغفرةً وغفْراً وغُفراناً إنك أنت الغفور الغفار يا أهل المغفرة.

وفي حديث أنس : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال في قوله عزوجل : (هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) [المدثر : ٥٦] ، قال : «هو أهل أن يُتَّقى فلا يشرك به. وأهل أن يَغفِر لمن اتقى أن يُشرك به».

قلت : أصل الغفْر : السّتر والتغطية ، وغفر الله ذنوبَه : أي سَترها ولم يفضحه بها على رؤوس الملأ. وكلُّ شيء سترتَه فقد غفرتَه ، ومنه قيل للذي يكون تحتَ بيْضة الحديد على الرأس مغفر.

وقال ابن شميل : هي حَلَقٌ يجعلُها الرَّجلُ أسفلَ البَيضةِ تُسْبغ على العُنق فتقيه. قال : وربما كان المِغْفَر مِثل القَلنسوة غير أنها أَوْسَع يُلقيها الرجلُ على رأسه فتَبلغ الدِّرعَ

__________________

(١) في هامش «اللسان» : (أبو زيد).

١١٢

ثم تُلبسُ البَيضةُ فوقها فذلك الْمِغفَرُ يُرَفَّلُ على العَاتِقَيْن ، وربّما جُعل المغفَرُ من ديباج وخَز أسفل البيضَة.

وقال الأصمعي : غَفر الرجلُ متاعه يَغفِرُه غَفْراً : إذا أَوْعَاه.

ويقال : اصبُغْ ثوبَكَ بالسواد فإنه أَغْفَرُ للوسخ : أي أَغْطَى له.

ومنه : غَفرَ اللهَ ذُنوبه ، أي ستَرها ، ويقال : ما فيهم غَفِيرَةٌ ولا عذيرة : أي : لا يَغفرون ولا يَعذرون.

ويقال : جاءوا جمّاً غَفيراً ، وجَمَّاءَ الغفير والجَمّاءَ الغفيرَ والغفيرة : جاءُوا بجماعتِهم ، والغفْرُ : زِئْبِرُ الثَّوب ، والغفْرُ : الشَّعر الذي يكون على ساقِ المرأة ، والغُفْرُ : وَلَدُ الأَرْوِيَّةِ ، وجمعُه أَغفَارٌ ، وأُمُّه مُغفِرٌ إذا كان معها غُفرٌ ، والغِفَارَةُ جِلْدَةٌ تكون على رأس القَوْس يجري عليها الوَتَر.

أبو عبيد عن الأصمعي : هي الرُّقْعةُ التي تكون على الحَزِّ الذي يجري عليها الوَتَرُ ، والغِفَارةُ : سحابةٌ كأنها فوقَ سحابة.

أبو عبيد عن أبي الوليد الكِلابيِّ قال : الغِفارةُ خِرْقةٌ تكون على رأس المرأة تُوقِّي بها الخِمَارَ من الدُّهْن.

الأصمعيُّ : الغَفِيرَةُ : الشَّعْرُ الذي يكون في الأُذُن.

وأبو عبيد عن الأصمعي : إذا انتقض الجُرْحُ ثمَّ نُكِس قيل : غفَر يَغفِرُ غفْراً ، وزَرِف يَزْرَفُ زَرَفاً.

قال : وقال الكسائيُّ في الغفْرِ والزَّرَفِ مثلُه.

وقال أيضاً يقال للرَّجل إذا قام من مَرضِه ثمّ نُكِس غفَرَ يَغفِرُ غفْراً.

وقال الليث : غَفِر الثوبُ يَغفَرُ غفَراً إذا ثارَ زئبَرُه ، والغفْرُ : مَنْزِلٌ من منازل القَمَر.

أبو عبيد عن الأَمَويّ : اغفِروا هذا الأَمرَ بغُفْرَتِه : أي أَصْلِحوه بما ينبغي أن يُصلَح به ، وكلُّ ثوبٍ يُغطى به شيءٌ فهو غِفارةٌ.

ومنه : غِفَارةُ البِزْيَوْن تُغشَّى بها الرِّحَالُ ، وجمعُه غفاراتٌ وغفائِرُ ، ويقال : أَغْفَرَ العُرْفُطُ إذا أَخْرج مَغافيرَه.

وقال الليث : المغْفارُ ذَوبة تَخرُج من العُرْفُطِ حُلوة تُنْضَح بالماءِ فتُشرب.

قال : وصمغُ الإجَّاصةِ : مِغفار ، وخرج الناس يَتمغْفرون إذا خرجوا يَجْتَنونه من شَجرِه.

أبو عبيد عن أبي عمرو : المَغافيرُ مِثْلُ الصمغ يَكون في الرِّمْث وغيره وهو حُلو يُؤكلُ ، وَاحِدُها مُغْفور ، وقد أَغفر الرِّمْثُ.

شمر عن ابن شميل : الرِّمْثُ من بين الحَمضِ له مَغافيرُ ، والمغافير : شيءٌ يسيلُ من أَطراف عِيدانِها مِثل الدِّبْس في لونه تراه قَطْراً قَطْراً حُلواً يأْكله الإنسان حتى يَكْدَنَ عليه شِدقاه وهو يُكْلِعُ شَفَتَه وفمَه

١١٣

مِثل الدِّبْق ، وَالرُّبِّ يَعْلُق به ، وإنما يُغفِرُ الرِّمْثُ في الصَّفَرِيَّةِ إذا أَوْرَس.

يُقال : ما أحسن مَغافيرَ هذا الرِّمْثِ ، قال : وقال بعضهم : كلُّ الحَمْضِ يورِسُ عند البرْد وهو ترَوُّحه وإِزْبَادُه تُخْرِج مَغافيرَه ، تَجد رِيحَه من بعيد.

وقال : المَغافيرُ : عَسَل حُلْو مثلُ الرُّبِّ إِلَّا أنّه أبيضُ.

وقال غيره : ومثلٌ للعرب : هذا الْجَنَى لا أن يُكَدَّ المُغْفُرُ ، يقال ذلك للرَّجل يصيب الخير الكثير ، والمغفرُ هو العود من شجر الصمغ يمسَح منه ما ابيضَّ فيُتخذ منه شرابٌ طيبٌ.

وقال بعضهم : ما استدار من الصمغ يقال له : المُغْفُرْ ، وما استطال مثل الإصبع يقال له الصُّعْرُورُ ، وما سال منه في الأرض يقال له : الذَّوْبُ.

وقالت الغَنويةُ : ما سال منه فبقي شبه الخيوط بين الشجر والأرض يقال له شآبيبُ الصمغ وأنشدت :

كأَنَّ سَيْلَ مَرْغِهِ المُلَعْلَعِ

شؤبوبُ صمغٍ طلحهُ لم يُقطع

وفي حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه شربَ عسلاً فقالت له امرأةٌ من نسائه : أكلتَ مَغافيرَ ؛ أرادت بالمغافير صمغَ العُرْفُطِ وقد مرَّ تفسيره.

رفغ : قال الليث : الرَّفغُ والرُّفْغُ لُغتان ، وهو من باطن الفخذ عند الأُرْبية. وناقة رَفْغَاءُ : واسعة الرفغ. وناقة رَفِغَةٌ : قرحةٌ ، قال : والرَّفْغُ : وسَخُ الظفْرِ.

وفي الحديث : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم صلَّى فأَوْهَمَ في صلاته ؛ فقيل له : يا رسول الله كأَنك أوْهَمْتَ فقال : «وكيف لا أُوهِمُ ورفْغُ أحدكم بين ظُفره وأَنْمُلَتِهِ».

قال أبو عبيد : قال الأصمعي : جمع الرفْغِ أَرْفاغٌ ، وهي الآباط والمغَابِنُ من الجسد يكون ذلك في الإبل والناس.

قال أبو عبيد : ومعناه في الحديث ما بين الأُنثيين وأصول الفخذين وهي من المغابنِ ، ومما يبين ذلك حديث عمر رضي‌الله‌عنه : «إِذا التقى الرّفْغَان فقد وجبَ الغُسْلُ» ، يريد : إذا التقى ذلك من الرَّجل والمرأة ولا يكون ذلك إلا بعد التقاء الخِتَانَيْنِ.

قال : ومعنى الحديث الأول أن أحدكم يَحُكُّ ذلك الموضع من جسده فَيَعْلَقُ دَرَنَهُ ووَسَخُهُ بأصابعه فيبقى بين الظُّفْرِ والأَنْمُلَةِ إنما أنكر من هذا طول الأظْفَارِ وتركَ قصِّها حتى تطُول.

وقال الليث : عيشٌ رَفِيغٌ : خصيبٌ وإنه لَفِي رَفاغةٍ ورفاغِيَةٍ ، وأنشد :

تحتَ دُجُنَّاتِ النَّعيم الأَرْفَغِ

أبو عبيد : الرَّفاغَةُ والرَّفْغُ : الْخِصبُ والسَّعَةُ.

١١٤

وقال أبو مالك : الرّفْغُ ألأمُ الوادي وشرُّه تُراباً ، وجاء فلان بمالٍ كَرَفْغِ التُّراب.

قال أبو ذؤيب :

أتَى قريةً كانت كثيراً طعامُها

كَرَفْغِ التُّراب كل شيءٍ يَمِيرُها

قال : والأرْفاغُ : السفلةُ من الناس ، الواحد رَفْغٌ.

أبو زيد : الرَّفْغُ والرّقاقُ واحد وهو الأرض السهلة وجمعهُ رِفاغ والرُّفَغْنِيَةُ والرُّفَهْنِيَةُ : سَعَةُ العيش.

فرغ : قال الليث : يقال : فَرَغَ يَفْرُغ وفَرغَ يَفْرَغُ فراغاً وقُرىء : حتّى إذا فرّغ عن قلوبهم [سبأ : ٢٣] ، وفُسِّر أنه فَرَّغ قلوبهم من الفزع.

وأما قوله جلّ وعزّ : (وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً) [القصص : ١٠] ، فإنه يُفَسَّرُ على وجهين ؛ أحدهما : أصبح فارِغاً من كل شيء إلا ذكر موسى ، والثاني : أن فؤادها أصبح فارغاً من الاهتمام بموسى لأن الله وعدها أن يردَّه عليها ، وكلا القولين يذهب إليه أهل التفسير والعربيَّة.

وقال الليث في قوله : (وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً) أي خالياً من الصبر ، وقُرىء (فُرُغاً) أي مُفَرَّغاً.

قال أبو منصور : القول ما ذكرناه لأهل التفسير ، لا ما قاله الليث برأيه.

والفَرْغُ : مَفْرَغُ الدَّلو ، وهي خَرْقُهُ الذي يأخذ الماء ، والفِرَاغُ ناحيته التي يُصبُّ الماء منه ، وأنشد :

تَسْقِي به ذاتَ فِراغٍ عَثْجَلَا

وقال الآخر :

كأَنَّ شِدْقَيْهِ إذا تَهَكَّمَا

فَرْغانِ مِن غَرْبَيْنِ قد تَخَرَّمَا

قال : وفَرْغُهُ سَعَةُ خَرْقِهِ.

وقال الأصمعي وأبو زيد وأبو عمرو : فُروغُ الدّلاءِ وثُروغُها : ما بين العَراقي ، الواحِدُ فَرْغٌ وثَرْغٌ. وأما الفِرَاغُ فكل إِناءٍ عند العرب فِراغٌ كذلك قال ابن الأعرابي ، والفَرْلأنِ : منزلان من منازل القمر أحدهما الفَرْغُ المُقَدَّمُ والآخر الفَرْغُ المؤخر ، وهما في بُرج الدَّلْو ، والإفراغُ : الصَّبُّ.

قال الله جل وعز : (أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً) [البقرة : ٢٥٠] ، أي : اصبب.

ويقال : افْتَرَغْتَ إذا صببتَ على نفسك ماءً ، ودرهمٌ مُفْرَغ : أي مصبوب في قالب ليس بمضروب ، وفرس فريغُ المشي ، هِمْلَاج وسَّاع وقد فَرُغَ فَراغَةً.

وقال ابن السكيت : الفَرْغُ واحد الفُروغ وهو مخرج الماء من بين العَراقي.

قال : ويقال : ذهب دمهُ فِرْغاً أي هدراً.

١١٥

وقال الشاعر :

فإن تَكُ أذْوَادٌ أُصِبْنَ ونِسْوةٌ

فَلَنْ تَذْهَبوا فَرْغاً بِقَتْلِ حِبالِ

وطريق فَريغ : إذا كان واسعاً.

وقال أبو كبير الهذليُّ :

فَأَجَزْتُه بأَفلَّ تحسبُ أَثرهُ

نهْجاً أبانَ بذي فريغٍ مَخْرفِ

واسْتَفْرَغَ فلانٌ مجهودَهُ : إذا لمْ يبقِ منْ جهدهِ وَطاقتِه شيئاً ، وفرسٌ مُسْتَفْرَغُ : لا يدَّخِرُ من حضرهِ شيئاً.

وقال الأصمعيُّ : الْفِرَاغ حوضٌ من أَدم وَاسعٌ ضخمٌ.

قال أبو النَّجْمِ :

طَاوِيَةٍ جَنْبَيْ فِرَاغٍ عَثْجَلِ

ويقال عني بالْفِرَاغِ ضَرْعها أنَّهُ قد جَفَّ ما فيه من اللَّبنَ فتَغَضَّن.

وقال امرؤُ القَيْسِ :

وَنَحَتْ له عن أَرْزِ تَالئة

فِلْقٍ فرَاغِ معابلٍ طُحْلِ

أرادَ بِالْفِرَاغ هَا هُنَا نِصالاً عَرِيضةً.

وقال أبو زيد : الْفِراغُ منَ النُّوقِ : الْغَزيرةُ الواسعةُ جرابِ الضَّرْعِ.

وقال ابن الأعرابيِّ في قوله جلَّ وعزَّ : (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ (٣١)) [الرحمن : ٣١] ، أي : سنقصدكم.

غ ر ب

غرب ، رغب ، غبر ، ربغ ، برغ ، بغر : مستعملة.

برغ : أما برَغَ فإن الليث أهمله.

ورَوَى أبو العباس عن ابن الأعرابيِّ أنه قال : بَرِغَ الرَّجلُ إذا تَنَعَّمَ.

غرب : قال الليثُ : يُقالُ : كُفَّ من غرْبكَ : أي من حدَّتِك ، وقيل : الغَرْبُ : التمادِي.

وقال غيرهُ : غرْبُ كلّ شَيْءٍ : حَدُّهُ وكذلك غُرابُهُ ، وغرْبُ اللِّسانِ : حِدَّتُهُ ، وسيفٌ غرْبٌ : قاطعٌ حديدٌ.

وقال الشاعرُ يصفُ سيفاً :

غرْباً سَرِيعاً فِي الْعِظَامِ الْخُرسِ

ولسانٌ غرْبٌ : حديدٌ.

وقال الليث : الْغَرْبُ : يوم السقي ، وأنشد :

في يوم غرْبٍ ومَاءُ الْبِئر مشتركُ

قلتُ : أراه أرادَ بقوله في يوم غَرْبٍ : أي في يوم يُسْقى فيه بالْغرْبِ وهو الدَّلْو الكَبيرُ الذي يُسْتَقى بهِ عَلَى السَّانِيَة.

ومنه قولُ لبيدٍ :

فَصَرَفْتُ قصراً والشؤون كَأنها

غَرْبٌ تخبُّ به القَلوصُ هَزِيمُ

وقال الليثُ : الغرْبُ في بيتِ لبيدٍ الرَّاوِيَةُ ، والصّوَابُ أنَّهُ الدّلو الكبيرُ.

١١٦

وقال الأصمعي : فَرَسٌ غرْبٌ ، أي : كثير العَدْوِ.

ومنه قول لبيدٍ :

غرْبُ المصبَّةِ مَحْمودٌ مَصَارِعُهُ

لاهي النَّهار لسير اللَّيلِ مُحْتقِرُ

أراد بقوله : غرْبُ المصَبَّة أنَّه جوادٌ واسع الخير والعطاء.

أبو عبيد عن أبي زيد : الغَرْبَانِ من العين مُقدمُها ومُؤْخرُها ، قال : والغرُوبُ : الدُّمُوعُ حين تخرج من العين.

وقال الراجزُ :

ما لكَ لا تَذْكُرُ أُمّ عمرو

إلَّا لِعَينيكَ غروبٌ تَجْرِي

قالَ : وقال الفرَّاء : الغروب : هي مجاري العين.

الليثُ : الغرْبُ : المغْربُ والغرْبُ : الذَّهاب والتَّنَحِّي.

يقال : غرَبَ عَنَّا يغرُبُ غرْباً ، وقد أَغْربْتُه وغَرَّبتُه إذا نَحيتهُ.

وفي الحديث : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أمر بِتَغْريبِ الزاني سَنَةً إذا لم يحصن وهو نفيه عن بلده.

وقال الليث : الغرْبِيُ : الفَضِيخُ من النَّبِيذ.

أبو عبيد عن الفراء : غَرِبَتِ العين غَرَباً : إذا كان بها ورَمٌ في المآقي ، ويقال : بِعَيْنِهِ غَرَبٌ : إذا كانت تَسِيلُ فلا تَنْقَطِعُ دُموعُها ، وأنشد :

أبى غَرْبُ عينيك إلا انهمالا

والغرْبُ : ماءُ الفم إذا سال بحدّة ، والغرْبُ : التَّنَحِّي عن حدّ وطنه ، يقال : أَغرب : أي تنَحَّ عن حدِّ مكانك.

وقال الأصمعي : الغرَبُ : الموضعُ الذي يسيلُ فيه الماءُ بين البئر والحوض.

قال ذو الرُّمَّة :

واسْتُنْشِىءَ الغرَبُ

ويقال للدالج بين البئر والحَوض : لا تُغرِبْ ، أي لا تَدْفُقِ الماءَ بينهما فَتَوْحَلَ.

وقال أبو عبيد : الغرَبُ : ما حولَ الحوضِ والبئرِ من الماءِ والطِّين ، وأغرَبَ الساقي : إذا أكثر الغرَبَ ، وغروبُ الأسْنانِ : الماءُ الذي يجري عليها ، الواحدُ : غرْبٌ والغرَبُ : شجرٌ معروفٌ.

ومنه قوله :

عُودُكَ عودُ النُّضارِ لا الغرَبُ

قال : والغرَبُ : جامٌ من فضَّة. وقال لَبِيد :

فَدَعْدَعا سُرَّةَ الرِّكاء كما

دَعْدَعَ ساقي الأعاجم الغَرَبا

وقيل : الغرَبُ : شجر تُسَوَّى منه الأقداحُ البيضُ ، والنُّضارُ شجر تسوَّى منه أقداح صُفْرٌ. ومنه قول الأعشى :

تَرَامَوْا بِهِ غَرَباً أو نُضَارا

وقال أبو زيد : الغرْبُ : الواحدة غرْبَةٌ ،

١١٧

وهي شجرةٌ ضخمةٌ شاكَّةٌ خضراءُ ، وهي التي يتَّخذُ منها الكَحْيلُ وهو القَطِرَانُ ، حجازيَّة.

أبو عبيد : أصابه سهم غرَب : إذا كان لا يدري مَن رَامِيه.

قال ذلك الكسائيُّ والأصمعيُّ بفتح الراء ، وكذلك سهم غرَضٍ وغرب مضافان.

عمرو عن أبيه ، الغرَبُ : الخَمْرُ ، وأنشد :

دَعِيني أَصطبح غرَباً فأغرِب

مع الفتيان إذ لحقوا ثمودا

وللشمس مشرقان ومغربان ، فأحَدُ مشرِقَيها : أقصى المطالع في الشتاء ، والآخر : أقصى مطالِعِها في القَيْظ ، وكذلك أحد مَغرِبَيْهَا : أقصى المغارِبِ في الشتاء وكذلك في الجانب الآخر.

وقوله جلَّ وعزَّ : (فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ) [المعارج : ٤٠] ، أراد مشرق كل يوم ومغرِبَهُ ، وهي مائةٌ وثمانون مشرقاً تقطعها في ستة أشهر ومائة وثمانون مغرباً تقطعها في مثلها ، والغروب : غيوبُ الشمس ، يقال : غرَبَتْ تَغرُبُ غروباً إذا غابت.

ابن السكيت : أتيته مغيرِبانَ الشمس ، ومُغيْرِباناتِ الشمس.

وزاد غيره : غرَيْريبات الشمس وغرَيْرِياتها ، وغييّبات الشمس وغييياتها ، وغُيَيِّيبَ الشمس وغيوبها.

ويقال : ضرب فلاناً فصرعه ، وشرَّقت يداهُ وغرّبت رِجْلاه.

والغريب من الكلام : العُقْمِيُّ الغامضُ ، ونَوًى غَرْبَة : بعيدة.

وقال الكميت :

وشَطَّ وَلْيُ النَّوَى إنَّ النَّوَى قُذُف

تيَّاحَة غرْبَة بالدار أحيانا

وفي حديث عمر رضي‌الله‌عنهُ أنه قال لِرجُلٍ قدمَ عليه من بعض الأطراف ، هل من مُغرِّبَةِ خبرٍ.

قال أبو عبيد يقال : مُغرِّبَة ومُغرَّبَة بكسر الرَّاء وفتحها قال ذلك الأموي بالفتح وقال غيره بالكسر ، وأصله فيما نرى من الغرْبِ ، وهو البعد.

ومنه قيل : دار فلان غربة ، ومنه قيل : شَأْوٌ مُغرِّب.

وقال الكميت :

أعهدكَ من أُولَى الشَّبِيبَةِ تطلبُ

على دبرٍ هيهات شأْوٌ مغرِّب

والخبر المُغرِب الذي جاء غريباً حادثاً طَرِيفاً ، ويقال : غرَّبَ فلان في الأرض وأغرَبَ إذا أمعن فيها.

وغرَّبَ الأمير فلاناً إذا نفاه من بلد إلى بلد.

وفي حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أنه قال لرجل ، قال له : إن ابني كان عَسيفاً على رجل ،

١١٨

وإنه زنى بامرأته ، فقال له : إن على ابنك جَلد مائة وتغريب عام : أي نفي عام من بلده. وقال ذو الرُّمَّة :

أَدْنَى تَقاذُفِهِ التَّغرِيب والخَبَب

ويروى التقريب ، أبو العباس عن ابن الأعرابي : التَّغرِيب أنْ يأتي ببنين بِيضٍ ، والتَّغرِيب أن يأتي ببنين سودٍ ، والتَّغريب أن يجمع الغرابَ وهو الْجَليدُ والثَّلْج فيأكله ، والعنقاءُ المغرِب ، هكذا جاء عنِ العرب بغير هاءٍ وهي التي أغربت في البلاد فَنَأتْ ولم تُحَسَّ ولم تُرَ.

وقال أبو مالك : العَنقاءُ المُغرِب : رأس أكَمَةٍ في أعلى الجَبَلِ الطويل ، وأنْكَر أن يكون طائراً ، وأنشد :

وقالوا الفتى ابنُ الأَشْعَرِيَّةِ حَلَّقَتْ

به المغربُ العَنْقَاءُ أَنْ لم يسدَّدِ

ومنه قالوا : طَارَتْ به العَنْقَاءُ المغربُ.

قلت : وحذفت تاء التأنيث منها كما قيل : لِحْيةٌ ناصلٌ وناقةٌ ضامرٌ وامرأةٌ عاشقٌ.

وقال الأصمعي : أغربَ الرجُلُ إغراباً إذا جاءَ بأَمْرٍ غريبٍ ، وأغربَ الدَّابَّةُ : إذا اشْتَدَّ بيَاضُهُ حتى تبيضَّ محاجرهُ وأرفاغُه وهو مُغرب.

وقال الليث : المُغرَبُ : الأبيضُ الأَشفار من كل صنف ، وأنشد :

شَرِيجانِ من لَوْنين خِلْصَان منهما

سَوادٌ ومنه واضحُ اللونِ مُغربُ

ثعلب عن ابن الأعرابي : الغُرْبةُ : بياض صرف والحُلْبة سوادٌ صرفٌ.

قال : والغرْبُ : حدُّ كلِّ شيء ، والغرْبُ : الدُّموع ، والغرْبُ : العرق الذي يسقى ، الضَّاربُ الذي يسيل أو يرْشَحُ أبداً.

وقال أبو العباس : يقال له النَّاصور والنَّاسُور ، قال : والغرَبُ محركاً : الخذَل في العَيْنينِ وهو السُّلاق.

عمرو عن أبيه : رَجل غريب وغريبِيٌ وشَصيبٌ وطارىءٌ وإتاويٌّ بمعنى واحدٍ ، قال : والْمَغاربُ السُّودَان والمغارب الحمران وغروب الثَّنايَا : حَدُّها وأَشَرها.

وقال الليث : الغاربُ : أعْلى الموج وأعلى الظَّهْر.

وقال غيره : كانَتِ العَرَب إذا طلقَ أحدهم امرأته في الجاهليةِ ، قال لها : حبلكِ على غارِبِك أي خَلَّيْت سبيلكِ فاذْهَبي حيث شِئْتِ.

قال الأصمعي : وذَلك أنَّ الناقَةَ إذا رَعَتْ وعليها خِطامها ألْقى على غاربها وتركَتْ ليس عليها خطام ، فإذا رَأَتِ الخطامَ لم يَهنهَا الرعْيُ ، والغارِب : أعلى مقدَّمِ السَّنام ، ويعتبر ذو غاربين : إذا كان ما بين غاربيْ سنامه متَفتِّقاً وأكثر ما يكون هذا في البَخَاتي الذي أبوها الفالج وأمها عربية.

١١٩

أبو عبيدٍ عن الأصمعيِّ : أغرَبَ عليه إذَا صنعَ به صنيعاً قبيحاً.

قال : وقال أبو عبيدةَ : أغربْتُ السقاءَ : مَلأتهُ.

وقال بشر بن أبي حازمٍ :

وكَأَنّ ظُعْنهمو غداةَ تَحَمّلُوا

سفنٌ تكفَّأ في خليج مُغْرَبِ

وقال الأصمعيُّ : أغرَبَ في مَنطقِهِ : إذا لم يبق شيئاً إلَّا تكلم به وأَغرَبَ الفرسُ في جَرْيه ، وهو غاية الإكثار منه.

أبو عبيدٍ عن أبي زيد : أغرَبَ الرَّجل : إذا اشتدَّ ضحكه.

وعن الكسائيِّ : اسْتغربَ في الضحِكِ واسْتُغرِبَ : إذا أكثر منه.

وأنشد غيره :

فما يُغربونَ الضَّحْكَ إلّا تَبَسماً

ولا يَنسبونَ القولَ إلّا تخَافيَا

الأصمعيُّ : فَأْسٌ حديدةُ الغُرابِ : أي حَدِيدة الطَّرَفِ ، قال : والغُرَابُ حَدُّ الْوَرِكِ الذي يَلي الظهر.

قال : والغُرَابُ : قَذال الرَّأْس ، يقال : شابَ غرابهُ : أي : شعر قَذالِهِ ، والغرابُ : هذا الطائرُ الأسودُ ، وأسود غرَابِيٌ وغِربيبٌ ، وأغْربَ الرَّجل : إذا اشتدَّ وَجَعه من مرضٍ أو غيره.

قال ذلك الأصمعيُّ ، قال : كل ما وَاراكَ وسَتَرَك فهو مغربٌ.

وقال ساعدة الهذليُّ :

موكَّل بسدوفِ الصَّوْمِ يبصرها

من المغاربِ مَخْطوفُ الحشا زَرِمُ

وكُنُس الوحش : مغاربُهَا لاستتارها بها.

أبو عبيد عن الأصمعيِّ : رِجْل الغرابِ ضربٌ من صَرِّ الإبل لا يَقدرُ الفصيلُ عَلى أنْ يرضعَ معه ولا يَنحل.

وقال الكميت :

صَرَّ رِجلَ الغرابِ ملكك في النا

س عَلَى من أرادَ فيه الفجورَا

وإذا ضَاق على الإنسان معاشُه ، قيلَ : صُرَّ عليه رِجْلُ الغرَاب. ومنه قول الشاعر :

إذا رجل الغرَابِ عَلَيَّ صُرَّت

ذكرتكَ فاطمأنّ بي الضمير

وقال شمر : أغربَ الرَّجل إذا ضحكَ حتى تبدو غروب أسنانهِ.

وفي الحديث : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم سئل عن الغرباءِ ، فقال : «الذين يُحيونَ ما أَماتَ النَّاسَ من سُنتي».

وفي حديثٍ آخر : «إنَّ الإسْلامَ بَدَأَ غَريباً وسَيَعُودُ غريباً فطُوبى للغُرَباء».

وفي حديثٍ ثالث : «مَثل أُمَّتي كالمطر لا يُدْرَى أَوَّلُها خير أو آخِرُها» وليس شيءٌ من هذه الأحاديث بمخالفٍ للآخر ، وإنما أراد أَنَّ أَهلَ الإسلام حين بدأَ كانوا

١٢٠