تهذيب اللغة - ج ٨

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٨

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٤٠

أبو عبيد : المَقدُّ : المكان المستوي ، ومثله القرقُ.

دق : قال الليث : الدّقُ مصدر قولك دَقَقْتُ الدَّواء أدُقُّهُ دقّاً ، وهو الرَّضُّ ، والدَّقاقُ فُتاتُ كل شيءٍ دُقَ.

قال : والمُدُقُ حجرٌ يُدَقَ به الطِّيب ضم الميم لأنه جُعل اسماً ، وكذلك الْمُنْخُلُ ، فإذا جُعل نعتاً رُدَّ إلى مِفعلٍ كقول رؤبة :

يرمي الجلامِيدَ بِجُلمودٍ مِدَقّ

قلت : مُدُقٌ ومُسْعُطٌ ومُنْخُلٌ ، ومُدْهُنٌ ومُكْحُلَةٌ جاءت نوادر بضم الميم ، وسائرُ كلامِ العرب جاءَ على مِفعلٍ ومِفعلةٍ فيما يعتملُ به نحو مِخْرَزٍ ومِقْطَعٍ ومِسَلَّةٍ.

وقال الليث : الدِّقُ كلُّ شيءٍ دَق وصغُر.

يقال : ما رَزَأتُهُ دِقّاً ولا جِلا ، والدِّقَّةُ مصدرُ : الدّقيق ، تقول : دقّ الشيءُ يَدِقُ دِقَّةً وهو على أربعةِ أنحاءٍ في المعنى ، فالدقيق الطحين والرجلُ القليلُ الخيرِ هو الدّقيقُ ، والدّقيقُ الأمرُ الغامِضُ ، والدّقيقُ الشيءُ الذي لا غلظ له ، والدُّقَّة الملح المدقوقُ حتى إنهم يقولون ما لفلانٍ دُقّةٌ وإن فلانةَ لقليلة الدُّقّة إذا لم تكن مليحةً ، والدُّقَّةُ والدُّقَقُ ما تسهكهُ الريح من الأرض ، وأنشد :

بساهِكات دُقَقٍ وجَلْجَال

وقال غيره : الدُّقَّةُ دقاقُ التراب.

وقال رؤبة :

في قطعِ الآلِ وهَبْواتِ الدُّقَق

وسمعتُ العرب تقول للحشْوِ من الإبل الدُّقَّةَ ، وأهلُ مكة يُسَمُّون تَوابلَ القِدْرِ مجموعةَ الدُّقَّة ، والمُدَاقَّةُ فِعْلٌ بين اثنين.

يقال : إنّه لَيُداقُّهُ الحسابَ ، والدَّقْدَقَةُ حكايةُ أصْوَات حوافر الدَّوابَ في سُرعة تَرَدُّدها.

والعربُ تقول : ما لِفُلانٍ دقيقةٌ ولا جَليلةٌ ، أي ما له شاءٌ ولا إِبلٌ.

ويقال : أتَيْتُهُ فما أجَلَّ ولا أدقَ ، أي : ما أعطَى شاةً ولا بعيراً.

وقال ذو الرُّمَّة يَهجو قوماً :

إذا اصْطَكَّتِ الحربُ امْرَأَ القيس أخبَرُوا

عَضارِيطَ إذْ كانوا رِعاءَ الدَّقائق

أراد أنهم رِعاءُ الشّاءِ والبَهْمِ.

وقال الْمُفَضَّلُ : الدَّقْدَاقُ صغارُ الأنقَاءِ المتراكِمة.

ثعلبٌ ، عن ابن الأعرابي : الدَّقَقَةُ : المُظْهِرُونَ أَقذَالَ المسلمين أي : عيوبهم واحدُها قَذَلٌ ، قال : ودَقَ الشيءَ يدُقُّه إذا أظهَرَه.

ومنه قول زُهَير :

ودقُّوا بينهم عِطْرَ مَنْشِمِ

أي : أظهَروا العيوبَ والعَدَاواتِ ، ويقال في التهدُّدِ لأَدقَّنّ شُقُورَكَ أي : لأظْهرنّ أمورَكَ.

٢٢١

باب القاف والتاء

ق ت

قت : قال الليث : القَتُ : الفِسْفِسَةُ اليابسةُ.

وقال غيره : القَتُ يكون رَطْباً ويكونُ يابساً.

وقال الليث : القَتُ الكذِبُ المهَيَّأ والنَّمِيمَةُ.

وقال رُؤبَةُ :

قلت وقولي عِندهم مَقْتُوتٌ

أي : كذِبٌ.

وقال غيره : مَقْتُوتٌ أي : مَوْشيٌّ به منقولٌ ، والقَتّاتُ : النَّمَامُ.

وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «لا يدخل الجنّةَ قَتّاتٌ».

قال أبو عبيد : قال الكسائي وأبو زيد : القَتّاتُ : النَّمَّامُ وهو يَقُتُ الأحاديث قَتّاً أي : يَنُمُّهَا نَمّاً.

وقال خالد بن جَنبةَ : القَتّاتُ الذي يتسمع حديث الناس فَيُخبِرُ به أعداءهمْ.

وفي حديث آخر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه ادّهَنَ بِزيتٍ غيرِ مُقَتّتٍ وهو مُحْرِمٌ.

قال أبو عبيد قوله : غيرِ مُقَتَّتٍ يعني غير مُطَيَّبٍ.

قال : والمُقتَّتُ هو الذي فيه الرياحينُ يُطْبَخُ بها الزّيتُ حتى يطيب ويتعالج به للرِّياح ، فمعنى الحديث : أنهُ ادّهنَ بالزيتِ بحتاً لا يخالطهُ طِيبٌ.

وقال أبو زيد : يقال : هو حَسنُ القَدِّ وحَسنُ الْقَتِ بمعنى واحدٍ ، وأنشد :

كأَنَّ ثدييهَا إِذا ما ابرَنْتَى

حُقانِ من عاجٍ أُجيدَا قَتّا

وقال ابن الأعرابي في قول رُؤبة : قلت وقولي : عندهم مَقْتوتٌ ، يريد أمري عندهم زَرِيٌّ كالنَّمِيمَة والكذب.

وقال أبو زيدٍ في قوله : إذا ما ابْرَنْتَى أي : انتصَبَ ، جَعله فعلاً للثّدي ، وسليمان بن قَتَّةَ بالتاء يروي عن ابن عباسٍ.

ق ظ : مهملٌ.

[باب القاف والذال]

ق ذ

استعمل منه : قَذَّ.

قذ : قال الليث : القذُّ : قطعُ أطرافِ الرِّيش عَلَى مثال الْحَذْف والتّحذيف ، وكذلك كلُّ قَطْعٍ نحو : قُذَّةِ الرِّيش ، تقول : أذُنٌ مَقْذوذَةٌ ، ورجلٌ مُقَذَّذٌ : مُقَصَّصٌ شعرُهُ حوالي قُصَاصِهِ كلهِ.

وفي حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم حينَ ذَكرَ الخوارج ، فقال : «يمرقونَ من الدين كما يمرُقُ السّهمُ من الرَّمِيّة ثم نَظرَ في قُذَذِ سَهْمِه فَتمارَى أيَرَى شيئاً أمْ لَا».

قال أبو عبيد : القُذَذُ : رِيشُ السَّهم كلُّ واحدة منها قُذَّةٌ أراد أنه أنفذَ سهمَهُ في

٢٢٢

الرَّمِيّةِ حتى خرج منها ولم يعلقْ من دمِها شيءٌ لسرْعة مُروقِهِ.

وفي حديث آخر أنه قال : «أنتُم  ـ  يعني أمَّتَه  ـ  أشْبهُ الأمم ببني إسرائيل تَتبعون آثارهم حذْو القُذَّةِ بالقُذَّةِ» يعني كما تُقَدَّرُ كل واحدة منهما عَلَى صاحبتها.

وقال الليث : يقال : إنَّ لي قُذَاذَاتٍ وجُذَاذَاتٍ ، فأما القُذاذاتُ فقِطعٌ صغارٌ تُقطعُ من أطرافِ الذَّهب ، والْجُذاذَاتُ من الفضة.

وقال غيره : مَقَذُّ الرأس : مُنْقطعُ الشَّعرِ من مؤخره ، يقال : هو مَقْذُوذُ الْقَفَا ، وإنه لَلئيمُ الْمَقذَّين : إذا كان هجين ذلك الموضع.

وقال أبو زيد : الْمَقَذُّ مَجْرى الْجَلَم في مؤخر الرأس وليس للإنسان إلا مَقَذٌّ واحدٌ ، وهو القُصَاصُ أيضاً ، ويقال للسِّكِين وما قُذَّ بِه الريش مِقَذٌّ بكسر الميم ، وقد يقال : إنه لَحَسنُ الْمَقَذَّيْنِ غير أنه لا مَقَذَّى له ، إنما هو واحد.

ثعلبٌ عن ابن الأعرابي : الْمَقَذُّ : مجرى الْجَلَم في مؤخر الرأس ، وقال في موضع : الْمقَذُّ : مقَصُّ شعرك من خلْفِك وقُدَّامِك.

قال ابن لَجَأ يصف جَمَلاً :

كأنَّ رُبّاً سائِلاً أوْ دِبْسا

بحيثُ يَحْتَافُ الْمَقَذُّ الرّأسَا

اللحياني عن الأصمعي : رجلٌ مُقَذَّذٌ : أي : مُزَيَّنٌ ، وقد قُذِّذَ تَقْذِيذاً.

وقال غيره : رجل مُقَذَّذٌ : إذا كان ثوبُه نظيفاً يشبه بعضه بعضاً ، كلُّ شيءٍ حَسنٌ منه.

وقال الأصمعي : القُذَذُ : الْبرْغُوث ، وجَمْعُهُ قِذَّانٌ وأنشد :

أسْهَرَ لَيْلى قُذَذٌ أَسَكُ

أحُكُّ حتى مِرْفَقي مُنْفَك

وقال آخر :

يؤرِّقُنِي قِذّانُهَا وبَعُوضُها

وقال الليث : الْقِذّةُ : كلِمَةٌ يقولها صبيانُ الأعراب ، يقولُون لَعِبْنا شعارير قِذّة ، والتَّقَذْقُذُ : أن يركب الرَّجُلُ رأسه في الأرض وحده أوْ يقع في الرَّكِيةِ ، يقال :تَقَذْقَذَ في مهواةٍ فَهلَك ، وتقَطْقَطَ مثله.

ثعلب عن ابن الأعرابي : تَقَذْقَذَ في الجبلِ إذا صعَّدَ فيه. أخْبرني المُنْذِري عن المبرِّد عن الرياشي قال : يقال : ما أصبت منك أقذّ ولا مريشاً ، قال : والأقَذ من السِّهام الذي لا ريش فيه ، والْمَرِيشُ : ذو الرِّيشِ ، قال : ويقال : سهمٌ أفْوَقُ إذا لم يكنْ له فُوق فهذا والأقَذُّ من الْمَقْلُوبِ لأنّ الْقُذّةَ الرِّيشُ كما يقال لِلْمَلْسُوع سليم.

قال أبو الهيثم يقال : ما نلت منه أقَذّ ولا مَرِيشاً : أي : ما نلْتُ منه شيئاً ، فالأقَذُّ : السَّهْمُ الذي تمرَّطت قُذَذُهُ ، وهي آذانُهُ ،

٢٢٣

وكل أُذُنٍ منه قُذّةٌ ، وللسهم ثلاث قُذَذٍ ، وهي آذانُهُ ، وأنشد :

ما ذُو ثلاث آذان

يَسْبِقُ الخيْل بالرَّدَيَان

يرادُ به السهم ، ويقال : ما وجَدْتُ له أقَذّ ولا مَرِيشاً ، فالمريشُ : السهمُ الذي عليه رِيشٌ ، والأقَذُّ الذي لا ريشَ عليه.

وروى ثعلب عن ابن الأعرابي : ما ترك له أقَذَّ ولا مريشاً ، فالأقذُّ : المستوِي البَرْيِ الذي لا زَيغَ فيه ولا ميْلَ.

وروى ابنُ هانىءٍ عن أبي مالك : ما أصبْتُ منه أفَذ ولا مريشاً بالفاء منَ الفَذِّ الفردِ ، ويقال : قَذَّهُ يقُذُّه إذا ضربَ مَقَذَّهُ في قفاه.

وقال أبو وَجْزة :

قام إِليها رجلٌ فيه عُنُفْ

فقَذَّها بين قفاها والكتِفْ

باب القاف والثاء

ق ث

استعمل منه : [قثّ].

قث : قال الليث : القُثاث : المتاعُ ، يقال : جاء فلانٌ ، يَقُثُ مالاً ويَقُثُ معه دُنيا عريضة أي يجُرُّ معه ، والمِقَثَّة والمِطثَّة لغتان ، وهيَ خَشَبةٌ مستديرة عريضةٌ يلعبُ بها الصِّبيانُ ينصبونَ شيئاً ثم يجتَثّونه بها عن موْضعه ، تقولُ : قَثَثْناهُ وطَثَثْنَاه قثّاً وطَثّاً.

وقال غيره : واقتَثَ القومَ من أصلهم واجتثّهم إذا استأصلَهُمْ ، واجتثَّ حَجراً من مكانه إذا اقتَلعه.

وقال شمر : القَثُ والجَثُّ واحدٌ. ويقال للوَدِيِّ أولَ ما يُقلَعُ من أمِّه جثيثٌ وقَثِيث.

باب القاف والراء

ق ر

قر  ـ  رق : مستعملان.

قر : أبو العباس عن ابن الأعرابي : القَرُّ : ترديدُك الكلامَ في أذن الأبكم حتى يفهَمُهُ.

قال : والقَرُّ : الفَرُّوجُ ، والقَرُّ : صبُّ الماء دَفقةً واحدة.

قال : وقولهُمْ : قرَّتْ عينُه قال بعضهم : هو مأخوذٌ من القَرُور وهو الدمع الباردُ يخرجُ مع الفَرح ، وقيل : هو من القرار ، وهو الهُدُوءُ.

وقال الليث : القُرُّ : البردُ ، والقِرّة : ما يصيبُه من القُرِّ ، ورجلٌ مقرُورٌ ، والنعْتُ ليلةٌ قَرَّةٌ ويوْمٌ قَرٌّ وطعامٌ قارٌّ.

وفي أمثالهم : وَلِّ حارَّها مَنْ تَوَلّى قارَّها ، والقُرَّةُ : كلُّ شيءٍ قَرَّت به عينُكَ ، والقُرَّة مصدرُ قَرَّتِ العينُ قُرَّةً وقَرَّتْ نقيضُ سَخُنَتْ.

وأخبرني المنذريّ عن أبي طالب في

٢٢٤

قولهم : أقرّ اللهُ عينَه.

قال الأصمعي : معناه : أبردَ اللهُ دمعَه لأن دمعةَ السرورِ باردةٌ ودمعة الحزن حارةٌ ، وأقرّ مُشتقٌّ من القَرُور ، وهو الماءُ البارِدُ.

قال المنذري : وعُرِضَ هذا القولُ على أحمدَ بن يحيى فأنكرَه وقالَ هذا خرا.

وقال أبو طالب : وقال غيرُ الأصمعي : أقَرّ اللهُ عينَك أي : صادَفتَ ما يُرضيكَ فتقر عينُكَ من النظر إلى غيره ، ويقال للثائر إذا صادَفَ ثأْرَهُ وقَعْتَ بقُرِّك أي : صادفَ فؤادُك ما كانَ مُتطلِّعاً إليه فقَرّ.

وقال الشماخُ :

كأنها وابْنَ أَيامٍ تُرَبِّبُه

من قُرّة العينِ مجتابا ديابُوذ

أي : كأنهما من رِضاهُما بمَرْتعهما وتركِ الاستبدال به مُجْتابا ثَوْبٍ فاخرٍ ، فهما مسرورانِ به.

قال المنذري : فعُرضَ هذا القول على ثعلب فقال : هذا هو الكلامُ أي سَكَّنَ اللهُ عينَك بالنظر إلى ما تُحِب.

قال أبو طالب : وقال أبو عمرو : أقر الله عينه : أنامَ الله عينهُ ، والمَعْنى : صادف سُروراً يُذهِبُ سهره فينامُ.

وأنشد :

أقر بهِ مواليكَ العُيونَا

وقال الكسائي : قَرِرتُ به عيناً أقَرُّ قُرةً وقُروراً ، وبعضُهم يقول : قرَرْتُ بهِ أقِر.

قال الكسائي : وقرَرْتُ بالموضِع أقِر قَراراً ، ويُقال من القُرِّ قَرَّ يَقُر.

ابن السكيت عن الفراء : قرِرتُ به عيناً فأنا أقَر وقَررْتُ أَقِرُّ وقرِرْتُ في الموْضِع مِثْلُها.

وقال الفراءُ في قوله جلَّ ثناؤُه : وقرن فى بيوتكنّ [الأحزاب : ٣٣] هوَ من الوقار.

قال : وقرأ عاصمٌ وأهل المدينة (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ) قال : ولا يكونُ ذلك من الوقار ولكنْ ترى أنهمْ أرادوا : واقررن في بيوتكن ، فَحَذَفوا الراءَ الأولى وحُوِّلتْ فَتْحتها في القاف كما قالوا هلْ أحَسْتَ صاحِبَك وكما قال (فَظَلْتُمْ) [الواقعة : ٦٥] يريدُ فظللتم.

قال : ومن العرب منْ يقول : واقْرِرْنَ في بيوتكنَّ ، فإن قال قائلٌ : وقِرنَ يريد واقررنَ فيُحَول كسْرَةَ الراء إذا سقطتْ إلى القافِ كان وجهاً ، ولم نجد ذلك في الوجهين مستعمَلاً في كلام العربِ إلا في فَعَلتُ وفعلتم وفعَلْنَ.

فأما في الأمر والنهيِ والمستقبل فلَا إلا أنّا جوَّزْنا ذلكَ لأن اللامَ في النسوة ساكنةٌ في فَعلنَ ويَفعلْنَ فجاز ذلك.

وقد قال أعرابيٌّ من بني نُمَير : يَنْحِطنَ من الجبلِ يريد يَنْحَطِطْنَ فهذا يُقَوِّي ذلك.

قلت : ونحو ذلك قال الزَّجَّاج في جَمِيعِه.

٢٢٥

وأخبرني المنذري عن أبي الهيثم في قوله : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ) [الأحزاب : ٣٣] عندي من القرار ، وكذلك من قرأ : (قرنَ) فهوَ من القرار ، يقال : قَرَرتُ بالمكان أقِر وقَرِرت أَقَرُّ.

ثعلبٌ عن ابن الأعرابي : القُرَيرة تصغير القُرّةِ وهي ناقَةٌ تؤخذُ منَ المقْسم قبل قِسمَة الغنائمِ فتُنْحَر وتُصلح وتأكلها الناس يقال لها قرة العَيْنِ.

الحراني عن ابن السكيتِ قال : القَرُّ : اليوم البارد ، وكل باردٍ قر ، يقال : يومٌ قر وليلةٌ قَرَّةٌ ، والقَرُّ مَصْدَر قَرَّ عليه دَلْوَ ماء يَقرُّها قَرا ، والقَرُّ أيضاً مركب النساءِ.

وقال امرؤ القيس :

فإما ترَيني في رِحالةِ جابرٍ

عَلَى حَرجٍ كالقَرِّ يحمِل أكفاني

والقر أيضاً اليوم الثاني بَعدَ يَومِ النَّحر والقُرُّ بالضمِّ البَرْد ، ويقال : هذا يَومٌ ذو قُرّ أي : ذو بَرد.

وقال الله جلّ وعز : (فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً) [مريم : ٢٦].

قال الفراء : جاء في التفسير طيبي نفساً ، قال : وإنما نُصِبَت العين لأن الفعل كان لها فصيرتهُ للمرأةِ ، معناه لتقرَّ عينُك ، فإذا حوِّل الفعل عن صاحبهُ نصبَ صاحب الفعل على التفسير.

وقال الأصمعي : وليلةٌ ذاتُ قِرَّةٍ أي : ذات بردٍ وأصابنا قُرٌّ وقِرَّةٌ.

قال : والاقترار : أن تأكلَ الناقة اليَبيس والحِبَّة فتعقدَ عليها الشحمَ فتبولَ في رجليها من خُثُورَة بَوْلها.

يقال : تقررت الإبلُ في أسوُقِها.

وقال أبو ذُؤَيْبٍ :

به أبلَتْ شهرَيْ ربيعٍ كليهما

فقد مارَ فيها نَسْؤُها واقترارُها

أبو عبيد عن أبي زيد : الاقترار : ماء الفحلِ في الرَّحِمِ ، أن تبول في رجليها وذلك من خُثورة البوْلِ بما جَرى في لحمها ، تقول : قد اقْتَرَّتْ ، وقد اقترَّ المالُ إذا شَبعَ.

وقال شمر : قال الشيباني : الاقتِرارُ : الشبعُ ، اقْتَرَّتْ : شَبِعَتْ.

وحكي عن الهذليِّ : أكلَ حتى اقتَرَّ ، أي : شبع ، يقال ذلك في الناس وغيرهم.

الأصمعي : القُرارةُ : ما لَصِقَ بأسفلِ القدرِ من السمنِ وغيره.

يقال : قد اقترَّتِ القِدْرُ وقد قَرَّرْتُها إذا ما طبخْتُ فيها حتى يلصق بأسفلها ، واقْتَرَرْتُها إذا نَزَعتُ ما فيها مما لصق بها ، هذا الحرفُ عن أبي زيد ، أبو عبيد عن الكسائي : يقال للذي يلتزقُ بأسفلِ القدر : القُرارَةُ والقُرُرَةُ.

قال أبو عبيد : وحكى الفراء عن الكسائي

٢٢٦

هو : القُرَرَةُ ، وأما أنا فحفظي القُرُرَةُ.

قال أبو عبيد : وقال أبو زيد : قَرَرْتُ القدرَ أقُرُّها إذا فرَّغْتُ ما فيها من الطبيخ ، ثم صببْتُ فيها ماءً بارداً كي لا تحترق ، واسمُ ذلكَ الماءِ القَرارَةُ والقُرارَةُ.

شمر : قَرَرْتُ الكلامَ في أذنهِ أقُرُّهُ ، وهو أن تضعَ فاكَ على أذنهِ فتجهرَ بكلامِكَ كما يُفعلُ بالأصمِ ، والأمرُ قُرَّ.

روي ذلك عن أبي زيد ، وقد رواه أبو عبيد عنه.

الأصمعيُّ : وقعَ الأمرُ بِقُرِّهِ ، أي : بمستقرهِ.

وقال امرؤ القيس :

لعمركَ ما قلبي إلى أهلهِ بحُرّ

ولا مُقْصِر يوماً فيأتيني بِقُرّ

أي : بمستقرٍّ.

أبو عبيد في باب الشِّدّةِ يقال : صابَتْ بِقُرٍّ : إذا نزلت بهم شدةٌ ، وإنما هو مثلٌ ، يقال : صابَتْ بِقُرٍّ : إذا صار الشيءُ في قراره. قال : والقَرَارُ : النَّقَدُ من الشاءِ ، وهيَ صغارٌ وأجودُ الصوفِ صوفُ النَّقدِ ، وهيَ قِصارُ الأرْجُلِ قباحُ الوجوه.

وأنشد لعلقمة بن عبدة :

والمالُ صوفُ قرارٍ يلعبونَ به

على نِقَادَتِهِ وافٍ ومَجْلُومُ

أي : يقلُّ عند ذا ويكثر عند ذا.

وقال الليث : القَرارُ : المستقرُّ من الأرضِ.

وقال ابن شميل : بطون الأرضِ قرارُها لأن الماءَ يستقرُّ فيها.

وقال غيره : القَرارُ مستقرُّ الماءِ في الرّوْضَة.

وقال أبو عمرو : القَرارَةُ : الأرضُ المطمئنة.

وقال ابن الأعرابي : المَقَرّةُ : الحوْضُ الكبيرُ يجمع فيه الماءُ.

وقال الليث : أقْرَرْتُ الشيء في مقرِّهِ ليقرّ ، وفلانٌ قارٌّ : ساكنٌ وما يتقارُّ في مكانه ، والإقرارُ : الاعترافُ بالشيء ، والقَرارَةُ : القاعُ المستديرُ ، والقَرْقَرَةُ :الأرضُ الملساءُ ليست بجدّ واسعةٍ ، فإذا اتسعت غلبَ عليها اسمُ التذكير فقالوا قرقرٌ.

وقال عبيد :

تُزْجَى مرابِعَها في قَرْقَرٍ ضاحي

قال : والقَرِقُ مثلُ القَرْقَرِ.

شمر : القرقرُ : المستوي الأملسُ الذي لا شيءَ فيه.

وقال ابن شميل : القَرْقرةُ : وسطُ القاعِ ووسطُ الغائِطِ ، المكانُ الأجردُ منه لا شجرَ فيه ولا دفءَ ولا حجارةَ ، إنما هي طين ليست بجبلٍ ولا قُفٍّ وعرضها نحو من عشرة أذْرُعٍ أو أقل ، وكذلك طولها.

٢٢٧

ثعلب عن ابن الأعرابي : القِرْقُ : الأصلُ ، وقاعٌ قَرِق مستو.

وقال أيضاً : القِرْقُ : لَعِبُ السُّدَّر ، والقِرْقُ : الأصلُ الرّديءُ ، والقَرْقُ : صوتُ الدّجاجةِ إذا حَضنَتْ.

عمرو عن أبيه : قَرِقَ : إذا هَذَى وقَرِقَ : إذا لعبَ بالسُّدَّر.

ومن كلامهم استَوَى القِرْقُ فقوموا بنا ، أي : استوينا في اللعبِ فلم يقمُرْ واحدٌ منا صاحبه.

وقال شمر : القَرْقَرَة : قرقرةُ البطنِ ، والقرقرةُ نحوُ القهقهةِ ، والقرقرةُ : قرقرةُ الفحلِ : إذا هَدَرَ ، والقرقرةُ : قرقرةُ الحمامِ إذا هدر ، وهو القَرْقَريرُ.

أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : القواريرُ شجرٌ يشبهُ الدُّلْبَ تُعْمَلُ منه الرِّحالُ والموائد.

قال : والقَرُّ والغَرُّ والمَقَرُّ كسرُ طَيِّ الثوب.

وفي الحديث أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لأَنْجَشَةَ وهو يحدو بالنساء : «رِفْقاً بالقوارير» أراد عليه‌السلام بالقوارير النساء ، شَبّهَهُنّ بالقواريرِ لِضَعْفِ عزائمهنّ وقِلَّةِ دوامهنّ على العهد ، والقواريرُ يُسْرعُ إليها الكسرُ ، ثم لا تقبلُ الجبر ، وكان أنجَشَةُ يحدو بهنّ ويرتجزُ بنسيب الشعر فيهنّ ، فلم يأمَنْ أن يُصيبَهُنّ ما سمعْنَ من رقيق الشِّعْر فنهاهُ النبيُّ عن حُدائِه حذار صَبْوَتَهُنّ إلى ما يَفْتِنُهُنّ.

وروي عن الحطيئة ، أنه جاور حَيّاً منَ العرب ، فسمعَ شبابَهُم يَتَغَنَّوْنَ ، فقال : أَغْنوا عنّا أغانيّ شُبّانكم ، فإن الغِنَاء رُقْيَةُ الزِّنى.

وسمعَ وسمع سليمان بن عبد الملك غِناء راكبٍ ليلاً ، وهو في مَضْرِبٍ ، فبعث إليه من يحضره وأمرَ بِخِصَائِهِ. وقال : ما تَسْمَعُ أنْثى غِناءَهُ إلا صَبَتْ إليه.

قال : وما شَبّهْتُه إلا بالفحل يُرْسَلُ في إبِلٍ فيُهَدِّرِ فيهنَّ حتى يَضْبَعَهُنَّ.

وقال الله جل وعز : (فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ) [الأنعام : ٩٨].

قال الليث : المستقِرُّ : ما وُلِدَ من الخلق وظهر على الأرض ، والمستودع : ما كان في الأرحام ، وقد مرّ تفسيرهما.

وقال الليث : العربُ تُخْرجُ من آخر حروف من كلمةٍ حرفاً مثلها ، كما قالوا : رمادٌ رِمْدَدٌ ، ورجلٌ رَعِشٌ رِعْشيش ، وفلان دخيلٌ على فلان ودُخْلُلُهُ ، والياءُ في رِعْشِش مدّة ، فإن جعلتَ مكانها ألِفاً أو واواً ، جاز ، وأنشد :

كأَنَّ صوت جَرْعِهِنّ المُنْحَدِرْ

صوت شِقِرّاق إِذ قال قِررْ

يصف إبلاً وشربها.

فأظْهَر حَرْفي التضعيف ، فإذا صَرّفوا ذلك

٢٢٨

في الفِعْل ، قالوا : قرقر فيُظهرون حُروف المضاعف لِظُهور الراءين في قَرْقَر ، ولو حكى صوتهُ وقال : قَرَّ ومَدَّ الراءَ ، لكان تصريفه : قَرّ يَقِرّ قرِيراً ، كما يقال : صَرَّ يَصِرُّ صَرِيراً ، وإذا خَفّفَ وأظهرَ الحرفين جميعاً ، تحوَّل الصَّوتُ من المَدِّ إلى الترجيع فَضوعِفَ لأن الترجيع يُضاعفُ كلُّه في تصريف الفِعل إذا رجَّع الصائتُ ، قالوا : صَرْصَرَ وصَلْصَلَ ، على توهُّم المدّ في حال والترجِيع في حالٍ. والقَرْقَارَةُ ، سُمِّيَتْ لِقَرْقَرَتها ، والقُرْقُورُ من أطول السُّفُن ، وجمعه قَرَاقِيرُ.

قال النَّابِغَةُ :

قَرَاقِيرُ النَّبِيط على التّلال

وقُرَاقِرُ وقَرْقَرَى وقَرَوْرَى وقُرّان وقُرَاقِرِيّ : مواضعُ كلها بأعيانها ، وقُرَّانُ : قرية باليمامة ذاتُ نخلٍ وسُيوحٍ جارية.

وقال علقمة بن عبدة يصف فرساً :

سُلَّاءة كعصا النَّهْدِيّ غُلّ لها

ذو فَيْئَة من نَوَى قُرَّان معجوم

وفي حديث ابن مسعود : «قارُّوا الصلاة».

قال أبو عبيدة : معناه السكون وهو من القَرارِ لا من الوَقار.

وفي حديث آخر : «أفضل الأيام عند الله يوم النَّحْر ثم يوم القَرَّ».

أراد بيوم القَر : الغَد من يوم النَّحْر. سُمي يومَ القَر ؛ لأن أهل الموسم يوم التَّرْوية ويوم عرفة ويوم النَّحر ، في تعَب من الحجّ فإِذا كان الغَدُ من يوم النَّحر ، قَرُّوا بِمِنًى. فسمِّي يوم القَرّ.

ابن السكيت : يقال : فلان يأتي فلاناً القَرَّتَيْن : أي : يأْتِيه بالغداة والعِشِيّ.

وقال لبيد :

يَعْدُوا عليها القَرَّتَيْنِ غُلَامُ

وقَرَّرت الناقةُ بِبَوْلها تقريراً : إذا رمَت به قُرَّةً بعد قُرّةٍ ، أي : دَفْعَةً بعد دَفْعَة ، خاثِراً من أكلِ الجبَّة.

وقال الراجز :

يُنْشِقْنَهُ فَضْفَاضَ بَوْلٍ كالصَّبر

في منْخَريه قُرراً بعد قُرَر

وقال ابن الأعرابي : إذا لَقِحَتْ الناقة فهي مُقِرٌّ وقارحٌ ، وامرأة قَرُورٌ ، لا تمنع يدَ لامسٍ ، كأنها تَقِرُّ وتَسْكُن ، ولا تنفر من الرِّيبة. والقِرِّيَّةُ : الحوصلة ، يقال : ألْقِه في قِرِّيّتِك.

وقال ابن السكيت : القَرُور : الماء البارد ، يُغتسل به ، وقد اقْتَرَرْتُ به ، وهو البرود.

وقال غيره : القَرَارِيّ : الحَضَرِي الذي لا يَنْتَجعُ الكَلأَ يكون من أهل الأمصار ، ويقال : إن كل صانع عند العرب قَرَارِيّ.

وقال الأعشى :

كَشَقِ القَرَارِيّ ثوب الرَّدَن

يُريدُ الْخَيَّاط ، قد جعله الراعي قصّاباً فقال :

٢٢٩

ودَارِيٍّ سَلَخْتُ الجِلْدَ عنه

كما سَلَخَ القَرَارِيّ الإهابا

ويقال : أقْرَرْتُ الكلامَ لفلان ، إقْرَاراً أي : بَيّنْتُه له حتى عَرفه ، والمَقَرُّ : موضع بِكَاظِمَة معروف ، ورجلٌ قُرَاقِريٌ : جهيرُ الصوت ، وقال :

قد كان هَدَّاراً قُرَاقِرِيّا

وجعلوا حكاية صوت الرِّيح قَرْقاراً.

قال أبو النجم :

قالت له رِيح الصبا قَرْقارِ

والقَرْقَرة : دعاء الإبل ، والإنقاض : دعاء الشاء والحمير.

وقال الراجز :

رُبَّ عَجُوزٍ من نُمَيْرٍ شَهْبَرَه

عَلَّمْتُها الإنقاض بعد القَرْقَرَة

أي : سَبَبْتُها فحوّلْتُها إلى ما لم تعرفه.

ابن الأعرابي : عَلَّمتها الإنقاض بعد القَرْقَرة. الإنقاضُ : زجر القَعُود ، والقَرْقَرَةُ : زَجْرُ المُسِنّ.

ثعلب عن ابن الأعرابي ، قال : يقال للخياط : القَرَارِيُ والفضُوليُّ ، وهو البيطر والشَّاصر.

رق : الحراني عن ابن السكيت قال : الرَّقُ : ما يكتب فيه.

قال الله عزوجل : (فِي رَقٍ مَنْشُورٍ (٣)) [الطور : ٣].

وقال الليث : الرَّقُ : الصحيفة البيضاء.

وقال الفراء : (فِي رَقٍ مَنْشُورٍ) ، الرَّقُ : الصحائف التي تخرج إلى بني آدم يوم القيامة ، فآخِذٌ (كِتابَهُ بِيَمِينِهِ) ، وآخِذٌ (كِتابَهُ بِشِمالِهِ).

قال أبو منصور : وقول الفراء ، يدلُّ على أن المكتوب يُسَمَّى رَقاً ، ونحو قاله قال الزَّجَّاج في قوله : (وَكِتابٍ مَسْطُورٍ (٢)) [الطور : ٢] ، الكِتابُ هاهُنا ، ما أُثبت على بني آدم من أعمالهم.

وقال ابن السكيت : الرِّقُ من المِلْكَ ، يقال : عبد مَرْقوق ومُرَقّ.

وقال الليث : الرِّقُ : العُبودةُ ، والرَّقِيق : العَبِيد ، ولا يؤخذ منه على بناء الاسم.

وقد رقَ فلان : أي : صار عَبداً.

قال ابن الأنباري : قال أبو العباس : سُمِّي العبيدُ رَقِيقاً ، لأنهم يَرِقُّون لمالكهم ويذلُّون ويخضعُون ، وسُمّي السوقُ سُوقاً ، لأن الأشياءَ تساقُ إليهم ، فالسَّوْقُ مصدر ، والسُّوق اسم. والرَّقّ : من ذوات الماشية ، التِّمساح ، والرِّقَّةُ مصدر الرقيق ، عامٌّ في كل شيء حتَّى يقال : فلان رَقِيقُ الدِّين ، والرَّقَاقُ : الأرض اللَّيِّنَةُ التُّرَاب.

شمر ، قال أبو عمرو : الرَّقاقُ : الأرضُ المستويةُ اللَّيِّنَةُ.

وقال الأصمعيُّ : الرَّقَاقُ : الأرضُ اللَّيِّنَةُ من غير رمل ، وأنشد :

٢٣٠

كأَنَّها بَيْنَ الرَّقَاقِ والخَمر

إذَا تبارَيْنَ شَآبيبُ مَطَرْ

وقال الليث : والرَّقَّةُ : كلُّ أرْضٍ إلى جانب وَادٍ يَنْبسِطُ عليها الماء أيامَ المدّ ، ثم يَنْحَسِرُ عنها الماء فتكونُ مكرَمة للنبات ، والجمع الرِّقاق.

وقال القُتَيْبيّ : أخبرني أبو حاتم السِّجِسْتَاني : أنَ الرَّقَّة الأرضُ التي نضب عنها الماء.

وقال الليث : الرُّقَاقُ من الخُبز ، نقيضُ الغَلِيظ.

وقال غيرُه : يقال : رَقيقٌ ورُقَاقٌ ، وهذه رُقَاقَةٌ واحدةٌ ، والرَّقَقُ : ضعفُ العِظام ، وأنشد :

لمْ تَلْقَ في عَظْمِها وَهْناً ولا رَقَقَا

ويقال : رَقَّتْ عظامُ فلانٍ ، إذا كبِرَ ، وأَرَقَ فُلانٌ ، إذا رَقَّتْ حالُه وقلَّ مَالُهُ ، والرَّقْرَاقُ : تَرَقْرُقُ السَّرَاب ، وكل شيء له بَصِيصٌ وتَلأْلُؤٌ فهو رَقْرَاقٌ.

وقول العجاج :

ونَسَجت لوامعُ الحَرُور

برقرقان آلها المسجور

والرَّقْرَقان : ما تَرَقْرَقَ من السَّرَاب ، أي : تحرَّك.

وجاريةٌ رَقْرَاقَةُ البَشَرَة ، ورَقْرَقْتُ الثوبَ بالطِّيب ، ورَقْرَقْتُ الثّرِيدَةَ بالسمن.

وفي الحديث : «إنَّ الشمسَ تَطْلُعُ تَرَقْرَقُ».

قال أبو عبيد : قال الأصمعيُّ : يعني تدور تجيءُ وتذهب.

أبو عمرو عن الأصمعيّ : الرَّقْرَاقَةُ من النِّساء : التي كأَنَّ الماء يجري في وَجْهها ، والمراقُ : ما سَفَل من البَطن عند الصِّفَاق أَسفل السُّرَّة ، ومَرَاقُ الإبل : أَرْفَاغُها ، ومراقُ الأُنْثَيينِ والأَرفاغ : ما رَقَ منها ومن المذاكير واحدُها مَرَقّ.

وفي حديث عائشةَ ، أنها وصفت اغتسال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم من الجنابة : وأنه بَدَأَ بِيَمِينِه فَغَسَلها ، ثم غَسَل مَرَاقَّهُ بشماله ويفيضُ عليها بِيَمينِه ، فإذا أنقاها أهوَى بيده إلى الحائط فَدَلكها ثم أفاض عليها الماء، والرَّقَاقُ : السَّيرُ السهل.

وقال ذو الرُّمة :

بَاقٍ على الأيْنِ يُعْطِي إنْ رَفَقْتَ به

مَعْجاً رَقاقاً وإنْ تَخْرُقْ به يَخِد

وقال أبو عبيد : فرسٌ مُرِقٌ ، إذا كان حَافِرُهُ رَقِيقاً ، وبه رَقَقٌ ، وحِضْنا الرجل : رَقِيقاهُ.

وقال مُزَاحم :

أَصَابَ رَقِيقَيْه بِمَهْوٍ كَأَنَّهُ

شُعَاعَةُ قَرْنِ الشمس مُلْتهب النَّصْل

وقال الأصمعيّ : رَقِيقَا النَّخْرَتَين : ناحِيتَاهُما ، وأنشد :

سَاطٍ إذا ابْتَلّ رَقيقاهُ ندى

وندى في موضع نصب ها هنا ، ومن

٢٣١

أمثالهم : «عَنْ صَبُوح تُرَقِّقُ» يقول : تُرَقِّقُ كلامكَ وتُلَطِّفِهِ لِتُوجِب عليه الصّبُوحَ قاله رجلٌ لضيف نزل به لَيْلاً فَغَبَقَهُ فَرَقَّقَ الضيفُ له كلامه لِيُوجبَ الصّبوح من الغدِ.

وروى هذا المثل عن الشعبيّ أنه قاله لرجل سأله عن رجل قَبّل أمَّ امْرَأَتِه ، فقال : حَرُمتْ عليه امرأَتُه ، أَعَنْ صبُوحٍ تُرَقِّق.

قال أبو عبيد : كأنهُ اتّهَمَه بما هو أفحشُ من القُبْلَة.

ويقال : رَقَقْتُ له أَرِقُ ، إذا رَحِمْتُه ، ورَقَ الشيءُ يَرِقُ ، إذا صارَ رَقِيقاً ، ويقال : مالٌ مُتَرَقرقٌ للسمنِ ومُتَرقْرِقٌ للهزَال ، ومُتَرَقْرِقٌ لأن يرمدَ ، أي : متهيء له ، تراهُ قد قارب ذلك ودَنا له.

باب القاف واللام

ق ل

[قل  ـ  لق  ـ  لقلق : مستعملان]

قل : قال الليث : قَلَ الشيءُ يقلُ قِلّةً ، فهو قليلٌ ، وقُلالٌ ، قال : ورجلٌ قُلٌ : قَصيرُ الجُثَّة.

وقال غيرهُ : القلُ من الرجال : الخسيس الدَّنيءُ.

ومنه قول الأعشى :

وما كُنْتُ قُلًّا قبلَ ذلك أزْيبَا

الأزيبُ : الدّعِيُّ.

وفي الحديث : «الرِّبَا وإنْ كَثُر فهو إلى قُلّ» أي : إلى قِلّة.

قال أبو عبيدة ، وأنشد للبيد :

كلُّ بني حُرَّةٍ مصيرهم

قُلٌ وإنْ أكْثَرَتْ من العَدَد

قال الليث : وقُلَّةُ كل شيء : رأسُه ، وقُلّةُ الجَبَلِ : أعلاه.

وفي الحديث : «إذا بلغ الماء قُلّتيْنِ لم يَحْمل خَبَثاً».

قال أبو عبيدٍ في قوله : قُلتين : يعني هذه الحِبَابَ العِظامَ واحدتها قُلّة ، وهي معروفة بالحجاز ، وقد تكون بالشام ، وجمعها قِلالٌ. وقال حسان

وأَقْفَرَ من حُضَّارِهِ وِرْدُ أهْلِه

وقد كان يسقَى من قلال وحَنْتَمِ

وقال الأخطل :

يمشون حول مكلَّمٍ قد كدّحت

مَتْنَيْه حملُ حَنَاتمٍ وقِلَال

وقال أبو منصور : وفي حديث آخر في ذِكر الجنة ونبِقها مثلُ قِلال هجر وقِلال هَجَر ، والأحْسَاء ونواحيها معروفة ، وقد رأَيتُها بالأحساء ، فَالقلّةُ منها تأخذُ مَزَادَةً من الماء ، وتملأ الرَّاوية قُلتَيْن ، ورأيتهم بالأحساء يسمونها الخرُوس واحدها خَرْسٌ ، ورَأَيتُهُم يسمونها قِلالاً ؛ لأنها

٢٣٢

تُقَلُ : أي : ترفعُ وتحوَّلُ من مكان إلى مكان ، إذا فرغت من الماء.

وقال الليث : يقال : أقلَ الرجل الشيءَ واسْتَقَلَّه ، إذا احْتملَهُ ، واستقلّ الطائرُ : إذا نهضَ للطيرَان ، واستقل النبات : أناف ، واستقل القومُ : إذا احتملوا ظاعنين.

وقال الله جلّ وعزّ : (حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً) [الأعراف : ٥٧] ، أي : حملتْ.

وقال ابن هانئ عن أبي زيد يقال : ما كان من ذَلكَ قلِيلةٌ ولا كثيرةٌ ، وما أخذتُ منه قَليلةً ولا كثيرةً ، في معنى لم آخذ منه شيئاً ، وإنما تدخل الهاء في النفي.

وقال الله جل وعز : (فَقَلِيلاً ما يُؤْمِنُونَ) [البقرة : ٨٨] ، و: (قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ) [النمل : ٦٢] ، نصب قليلاً في الآيتين بالفعل المؤخر ، أراد يؤمنون إيماناً قليلاً ، ويذكرُون تذكُّراً قليلاً ، وما : صلة مؤكدة.

ثعلب عن ابن الأعرابي : قَلَ إذا رَفَع ، وقَلّ إذا علا.

وقال الفراءُ : القَلّةُ : النّهضةُ من عِلّة أو فقر بفَتح القاف.

وقال ابن السكيت : القِلُ : الرعدةُ ، يقال : أخذهُ قِلٌ ، إذا أُرعدَ من الغَضَب ، ويقال للرجلِ إذا غضب قد استُقلّ.

وقال الأصمعي : قَبِيعَةُ السيف : قُلَّته ، وسيفٌ مقلَّلٌ ، إذا كانت له قبِيعةٌ.

وقال أبو كبير الهذليّ ، أو غيره من شعراء هذيل :

وكُنا إذا مَا الحربُ ضُرِّس نَابُها

نقوِّمها بالمشْرفيِ المقَلّلِ

وقال أبو زيد : قاللْتُ لفلانٍ وذلك إذا قَلَّلْتَ ما أعطيته ، وتقاللتُ ما أعطاني ، أي اسْتَقْللْتُه ، وتكاثرته ، أي : استكثرته.

وقال الليث : القَلْقَلَةُ والتّقَلْقُلُ : قلة الثبوت في المكان ، والمسمار السّلِسُ يتقلقلُ في موضعه ، إذا قلِقَ ، وفرسٌ قُلْقُلٌ : جوادٌ سريعٌ.

وأخبرني المنذري عن أَبي الهيثم ، أنه قال : رجل قُلْقُلٌ بُلْبُلٌ ، إذا كان زوْلاً خفيفاً ظريفاً والجميع قلاقلُ وبلابلُ ، والقَلْقَلَة : شدّة اضطراب الشيء في تحركه ، وهو يَتَقَلْقَلُ ، ويَتَلَقْلَقُ بمعنى واحد. وأنشد :

إذا مضتْ فيه السِّياط الْمُشَّقُ

شبهَ الأفاعي خيفةً تلقلقُ

وقال أَبو عبيد في باب المقلوب : قلقلْتُ الشيءَ ، ولَقْلَقْتُهُ بمعنى واحد.

والقَوْقَلُ : ذكر الحَجَل.

وقال الراجز :

تمشي بِجَهْم مثل قوقل الحجل

نعم غلاف العائر الضخم المِتَلّ

والنعمان بن قَوْقَلٍ : رجلٌ من الأنصار ،

٢٣٣

روى عنه جابر بن عبد الله حديثاً.

وقال الليث : القِلْقِلُ له حب أَسود عظام تؤكل.

وَأَنشد :

جُعَارُها في الصيف حبُ القِلْقِلِ

ومن أمثالهم : «دَقّكَ بالمِنْحاز حبَ القِلْقِل» ، هكذا رواه أبو عبيد عن أصحابه ، قال : والقِلْقِلُ : حَبٌّ صلبٌ.

وأخبرني المنذريّ عن أبي الهيثم : أنه قال الصواب : دَقّك بالمنحازِ حَبّ الفُلفُل ، وقال : إنما هو حَبُّ المرَق ، وأما حب القِلقِل ، فإنهُ لا يُدَقّ.

قال أبو منصور : والقُلْقُلانُ والقُلاقِلُ ، نبتٌ لثمرهِ أَكْمامٌ ، إذا يَبسَتْ تَقَلقَلَ حَبها في جوفها عند تحريكِ الرِّياح إياها.

ومنه قول الشاعر :

كأَن صوت حليها إذا انْجفل

هَز رياح قلقلانا قد ذبل

وقال الليث : القلقلانيُ ، كالفَاختة ، ورجلٌ قَلْقال : صاحب أسفار ، وتقلقل في البلاد : تقلَّبَ فيها.

القلق ألّا يستقرّ الشيءُ في مكانٍ واحد ، وقد أقلقتهُ فقلقَ ، والقلقيُ ضربٌ من اللُّؤلُؤ ، وقيل : هو من القلائِدِ المنْظُومَةِ باللُّؤلُؤ.

وقال علقمة :

محَالٌ كأجْوازِ الجَرادِ ولُؤْلؤٌ

من الْقَلَقيِّ والكَبِيسِ الْمُلَوَّب

لق : أبو العباس عن ابن الأعرابي : قال : اللَّقَقَة : الحُفَرُ المضَيَّقَةُ الرُّؤوس ، واللَّقَقَةُ : الضَّارِبون عيون الناس براحاتِهمْ.

وقال غيره : الخقُّ واللَّقُ : الصَّدعُ في الأرض ، وكتب بعض الْخُلفَاء إلى عاملٍ له : لا تَدع في ضَيْعَتنَا خَقّاً إلا زرعْتَهُ.

وقال أبو زيد : لَقَقْتُ عينه أَلُقُّها لَقّاً وهو ضرب العيْنِ بالكفِّ خاصةً ومثله لمقته لمْقاً.

لقلق : قال شمر : اللَّقْلَقَةُ : إعجالُ الإنسان لسانه حتى لا ينطق عَلَى وقَارٍ وتَثَبُّتٍ ، وكذلك النظرُ إذا كان سريعاً دائِباً ، ومنه قول امرئ القَيْسِ

وجَلَّاهَا بِطَرْف مُلَقْلَقٍ

أي : سريع لا يَفْتُرُ ذكاءً ، قال : والحَيَّةُ تُلَقْلِقُ إذا أدامت تحريك لَحْيَيْهَا وإخراج لِسانها وأنشد :

مثلُ الأفاعي خِيفَةً تُلَقْلِقُ

وقال الليث : اللَّقْلَاقُ طائرٌ أعْجمي ، واللَّقْلَاقُ : الصوت وكذلك اللَّقْلَقَةُ ونحو ذلك.

قال أبو عبيد وأنشد :

وكَثُرَ الضّجَاج واللَّقْلَاقُ

قال : واللَّقْلَقُ : اللسان ، وروِي عن بعضهم أنه قال : من وُقِي شَرَّ لَقْلَقِهِ وقَبْقَبِهِ

٢٣٤

وذَبْذَبِهِ فقد وُقِيَ، فلَقْلَقُهُ لسانُهُ وقَبْقَبُهُ بطنُهُ وذَبْذَبهُ فَرْجهُ.

وقال ابن الأعرابي : رجلٌ مُلَقْلقٌ : حادٌّ لا يَقِر في مكانه ، واللَّقْلَقَةُ : تقطيعُ الصوتِ ، وهي الْوَلْوَلَةُ ، وأنشد :

إذا هُنَّ ذُكِّرْنَ الحَيَاءَ معَ التُّقى

وَثَبْنَ مُرِنَّاتٍ لَهُنَ لَقَالِقُ

باب القاف والنون

ق ن

[قنّ  ـ  نقّ : مستعملان].

قن : قال الليث : القِنُ : العَبْدُ للتَّعْبِيدةِ والجمع الأقْنانُ وهو إذا ملَكْتهُ وأبويْهِ ، يقال منه : أمةٌ قِنٌ وعَبْدٌ قِنٌ ، وكذلك الاثنان والجميعُ.

أبو عبيد عن الكسائي ، قال : العَبْدُ القِنُ الذي مُلِك هو وأبواه ، وأخبرني المُنْذِري عن أبي طالب أنه قال قولهم عَبْدٌ قِنٌ.

قال الأصمعي : الْقِنُ الذي كان أبوه مملوكاً لِمَوالِيهِ ، فإذا لم يكن كذلك فهو عَبْدُ مَمْلكَةٍ وكأنَ الْقِنَ مأخوذٌ من الْقِنْيةِ وهي الْمِلْكُ.

قال أبو منصور : وذلك مثلُ الضِّحِّ وهو نور الشمس المشرق على الأرض ، وأصله ضِحْيٌ ، وقد ضَحِيَ للشمس إذا بَرَزَ لها وأخبرني المنذري عن ثعلب أنه قال : عَبْدٌ قِنٌ ، مُلك ، هو وأبواهُ من القُنَانِ وهو الكُمُّ يقول كأنه في كُمِّهِ هو وأَبَوَيْه ، وقيل : هو من الْقِنْيَةِ إلا أنه يبدل.

وقال ابن الأعرابي : عبدٌ قِنٌ : خالِصُ العُبُودَةِ وقِنٌ بين القُنونَةِ والقنَانَةِ ، وقِنٌ وقِنَّان وأَقْنَانٌ ، وَغَيرهُ لا يُثنِّيهِ ولا يجمعُهُ ولا يؤنثُهُ.

أبو عبيد عن الفرَّاء : هو قُنُ القَمِيصِ وقُنَانُه وهو الْكُمُّ.

وقال غيره : قُنَّةُ الجَبل وَقُلَّتُهُ أعْلاه ، والجميع القُنَنُ والقُلَلُ.

أبو عبيد عن الأصمعي : القِنّةُ : القُوَّة من قوى حَبْلِ اللّيفِ ، وجمعها قِنَنٌ.

وقال : وأنشدنا القعقاع اليشكريُّ :

يصْفَحُ لِلقِنّةِ وَجْهاً جَأْباً

صَفْحَ ذِرَاعَيْهِ لِعَظْمٍ كلْبا

قال أبو منصور : وقَنَانٌ اسمُ جبلٍ بأعْلَى نجدٍ ، وابن قَنان رجلٌ من الأعْرابِ.

شمرٌ عن الأصمعي : القُنَّةُ هي نحو القَارةِ وجمعها قِنَانٌ ، ويقال : القُنّةُ : الأكمَة المُلَمْلَمة الرأس وهي القارة لا تُنْبِتُ شيئاً.

وقال الأصمعي : اقتَنَ الشيءُ إذا انْتَصَب يَقتَنُ اقتِناناً ، وأنشد :

والرَّحْل يَقْتَنُ اقْتِنانَ الأعْصم

ويقال : اقْتِنَانُ الرّحْلِ لُزُومه ظهر البعير.

وقال اللحياني : اقْتَنَنَّا قِنّاً أي : اتخذنَاهُ

٢٣٥

وإنه لَقِنٌ بين القَنَانَةِ ، ابن الأعرابي : التّقنِينُ : الضّرْبُ بِالقنِّينِ وهو الطُّنْبُورُ بالحبشيّةِ والكوبَة الطَّبْلُ ويقال : النَّرْدُ.

وقال الليث : القِنِّينَة وعاءٌ يُتّخذ من خَيْزُرَان أو قضبانٍ قد فُصل دَاخلهُ بحواجز بين مواضع الآنِيَة عَلَى صِيغة القَشْوةِ ، والقِنِّينة من الزجاج معروفةٌ وجمعُها القنَاني ، وفي الحديث : «إن الله حرم الخمر والكوبة والقنين» ، والقُنانُ : ريحُ الإبط أَشدُّ ما يكون.

قال أبو منصور : هو مثل الصُّنان سواء وأخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال : القُناقِنُ : البصيرُ باسْتِنباط المياه ، وجمعه قَنَاقِنُ وأنشد للطرماح يصف الوحش :

يُخَافِتْنَ بعض المضْغِ من خشيَةِ الرّدَى

ويُنْصتْنَ لِلسَّمع انْتصاتَ القَناقِنِ

وقال الليث : هو القِنْقِنُ والقُناقِن وجاء في حديث يرويه عبد الله بن عمر : «أن اللهَ حرم الخمر والكوبةَ والقِنِّينَ».

قال القتيبيُّ : القِنِّينُ لُعْبَةٌ للرومِ يَتَقامرون بها.

نق : قال الليث : النَّقيقُ والنّقنَقَة من أصوات الضّفادِع يَفصلُ بينهما المدُّ والترجيعُ ، قال : والنِّقنِقُ : الطائر ، والدَّجاجة تُنَقنِقُ للبيض وَلا تنِقُ لأنّها تُرجِّع في صوْتِها.

وقال غيره : نَقَّتْ الدَّجاجة ونَقْنَقَتْ. أبو عبيد عن أبي عمرو : نَقْنَقَتْ عينه نَقْنَقةً إذا غَارتْ.

قال أبو عبيد : والضفَادعُ والعقرَبُ تَنِقُ.

قال جريرٌ :

كأَنَ نَقِيقَ الحبِّ في حاويائهِ

فحيحُ الأفاعِي أو نقِيقُ العَقَارِب

ومن أمثالِ العربِ في بابِ أفعلَ هو أرْوى من النَّقَّاقَةِ ، وهي ضفادِعُ الماء تَنِقُ فيه.

باب القاف والفاء

ق ف

[قفّ  ـ  فقّ : مستعملان].

قف : قال الليث : القُفَّة كهيئةِ القَرْعة تُتخذُ من خُوصٍ.

ويقال : شيخٌ كالْقُفَّةِ ، وعَجوزٌ كالْقُفةِ ، وأنشد :

كل عَجوزٍ رأسها كالقُفَّةِ

ورواه أبو عبيد كالكُفَّةِ.

قال الليث : واستقَفَ الشّيخُ إذا انضمَّ وتَشَنَّجَ.

قال أبو منصور : والقُفَّةُ : شَجرة مُستديرةٌ ترتَفعُ عن وجه الأرض بقدر شهرٍ وتَيبَسُ فَشبِّهَ بها الشيخُ إِذا عَسَا. ويقال : كأَنه قُفَّةٌ.

القَفُ بفتحِ القافِ ، ما يَبسَ من البُقولِ البَرِّيَّةِ وتناثر فالمال يرعاه ويَسْمَنُ عليه.

يقال له : القَفُ والقَفيفُ والقَميمُ.

٢٣٦

وقال أبو عبيد : القُفْعَةُ مثل القُفَّةِ من الخُوصِ.

أبو عبيد عن الأصمعي : يقال : لما يَبِسَ من أحْرارِ البُقولِ ، وذكورها القَفُ والقَفيفُ.

وروى أبو رَجاءٍ العطارديّ أنه قال : يَأْتوننِي فَيحملوننِي كأَنني قُفَّةٌ حتى يضعُوني في مقام الإمام فَأَقْرَأ بهمُ الثلاثين والأربعين في ركعةٍ.

وقال ابن السكيت في قولهم : كبر حتى صار كأنه قُفَّةٌ وهي الشجرةُ الباليةُ اليابسة.

قلت : الشجرةُ اليابسة يقال لها القَفَّة بِفَتْح القاف ، وأَمَّا القَفّةُ فهي القَفْعَةُ من الخوص ، يضيق رأسها ، ويجعل لها عُرى تعلق بها في آخرة الرَّحْل شُبِّه الشيخ الكبير بها لاجتماعه أو تَقَبُّضِه.

قال أبو منصور : وجائز أن يشبَّه الشيخ إذا اجتمعَ خَلقهُ بِقفَّةِ الخوص وهي كالقرعة يجعلُ لها مَعاليقُ تعلق بها من رأس الرحلِ يضع الراكب فيها زَادَهُ وتكون مقورةً ضَيِّقَةَ الرَّأسِ.

أبو عبيد عن الأصمعي : أقَفّتِ الدّجاجةُ : إذا أقْطعَتْ وانقَطعَ بيضُهَا.

قال : وقال الكسائي : أقَفّتِ الدّجاجَةُ إقْفافاً : إذا جَمَعَتِ البيضَ.

وقال أبو زيد : أَقَفّتْ عَينُ المريض إقْفافاً : إذا ذَهَبَ دَمعها وارْتَفَعَ سَوادُهَا.

وقال الليث : القُفُ : ما ارتفعَ من مُتُونِ الأرض وصَلبتْ حِجارتهُ ، والجميع قِفافٌ.

وقال شمر : القُفُ : ما ارتفع من الأرضِ وغَلظ ولم يبلغ أن يكونَ جَبلاً.

وقال ابن شميل : القُفُ : حِجارةٌ غاص بعضها ببعضٍ حمرٌ لا يخالطها من اللين والسُّهولةِ شيء ، وهو جَبلٌ غير أنه ليس بطويلٍ في السماء فيه إشْرَافٌ على ما حوْلَهُ وما أشرفَ منه عَلَى الأرض حِجارةٌ تحتَ تلك الحجارة أيضاً حجارةٌ قال : ولا تلقى قُفّاً إلا وفيه حجارةٌ متقلِّعَةٌ عظامٌ مثلُ الإبل البُرُوكِ وأعظم وصِغارٌ.

قال : ورُب قُفٍ حجارتهُ فنادِيرُ أمثال البيوت.

قال : ويكون في القُفِ رياضٌ وقِيعانٌ والرَّوضَةُ حينئذٍ من القُفِ الذي هي فيه ، ولو ذَهَبت تَحفُرُ فيها لغلبَتْك كثرة حجارتها ، وهي إذا رأيتها رَأَيتها طيناً ، وهي تنبتُ وتُعْشِبُ ، وإنهَا قُف القَفِ حجارتهُ.

وقال رُؤبةَ :

وقُفُ أقْفافٍ ورَمْلٍ بَحوْنٍ

قلت : وقِفافُ الصَّمَّان على هذه الصّفة وهي بلادٌ عَرِيضةٌ واسعةٌ فيها رياضٌ وقيعانٌ وسُلقان كثيرة وإذا أخْصبَتْ رَبّعتِ العرب جميعاً بكثرة مرابعها ، وهي من

٢٣٧

حُزونِ نجْدٍ.

وقال الليث : والقُفّةُ : بُنَّة الفأس.

قال : بُنّةُ الفأسِ ، أصلها الذي فيه فُرْتهَا الذي يجعل فيه فعالها.

وقال الليث : والقَفْقفةُ : اضطراب الحنكين واصطكاكُ الأسنان من بَرْدٍ أو غيره.

قال : والقُفَّةُ : الرِّعْدَةُ ، والقَفّانُ : الجماعةُ.

وفي حديث عمر : أن حذيفة قال له : إنك تستعين بالرجل الفاجِر فقال : إني أسْتعينُ بِقوتِهِ ثم أكون على قَفَّانِهِ.

قال أبو عبيد : قال الأصمعي : قَفَّانُ كل شيء جماعه واسْتقْصاءُ مَعْرفتهِ ، يقول : أكون على تَتبُّع أمره حتى أسْتقْصي علمه وأَعرفهُ.

قال أبو عبيد : ولا أحسب هذه الكلمة عربية ، وإنما أصلها قبَّانٌ ، ومنه قول العامة : فلانٌ قبانٌ على فلانٍ إذا كان بمنزلةِ الأمين عليه والرئيس الذي يَتتبعُ أمره ويحاسبُهُ ، ولهذا قيل لهذا الميزان الذي يقالُ لهُ القبَّانُ قَبَّانٌ ، وقَفْقفَا الطائر جَنَاحاهُ.

وقال ابن أحمر :

يَظَلُّ يَحُفُّهنَ بِقَفْقَفَيْهِ

ويَلْحَفُهُنَّ هَفْهَافاً ثخينا

يصف ظليماً حَضنَ بيضهُ وقَفقفَ عليه بجناحيهِ عند الحضان.

وقال الأصمعي : يقال : تَقَفقفَ من البرد وتَرَفرف بمعنى واحدٍ.

ابن شميل : القفَّة رعدةٌ تأخذ من الحمى.

أبو عبيد يقال للجبان إذا فزع قد قفّ منه شعره : إذا قام من الفزع ، ومثله قد اقْشعرتْ منه ذوائبه ودوائره.

فق : قال الليث : الفَقُ والانْفقاق : الانفراجُ.

يقال : انفَقَّتْ عَوَّةُ الْكلبِ إذا انْفرجتْ.

وقال ابن دريد : فقَقْتُ الشيءَ إذا فتحته.

وقال الليث : الفقفقةُ حكاية عوّاتِ الكلاب.

أبو عبيد عن الفراء : رجلٌ فَقْفَاقٌ ، أي : مخلَّطٌ.

وقال شمر : رجلٌ فقاقةٌ ، أي : أحمق.

وروى ثعلب عن ابن الأعرابي : رجلٌ فقاقةٌ مخفَّفُ القاف ، أي : أحمق ، قال : والفَقَقَةُ الحَمْقى ، قال : وفقفقَ الرجلُ إذا افتقرَ فقراً مُدْقِعاً.

باب القاف والباء

ق ب

[قبّ  ـ  بقّ : مستعملان].

قب : القَبُ : ضربٌ من اللُّجُمِ أصعَبُها وأعظمها ، ويقال لشيخ القومِ قَبُ القوم.

أبو عبيد عن الأصمعي : القَبُ هو الْخَرْقُ

٢٣٨

الذي في وسط البَكرَةِ وله أسنان من خشب. قال : وتسمى الخشبة التي فوق أسنانِ المحالة القَبَ وهي البكرة.

وقال الأصمعي : يقال : عليك بالقَبِ الأكبرِ يريدونَ الرأسَ الأكبر.

ابن هانىءٍ عن أبي عبيدة : قِبُ الإسْتِ وهو العُصْعُصُ.

وقال الليث : الزق قبك بالأرض ، وقال وقَبُ الدُّبُر مفرج ما بين الألْيَتَيْنِ.

أبو عبيد : القَبُ ما يُدْخَلُ في جيبِ القميصِ من الرقاع.

وقال شمر : الرأسُ الأكبرُ يرادُ بهِ الرَّئيسُ ، يقال : فلانٌ قَبُ بني فلانٍ ، أي : رئيسهم.

أبو عبيد عن الأصمعي : ما سمعنا العامَ قابَّةً يعني الرعدَ.

وقال ابن السكيت : ما أصابتنا العامَ قابَّةٌ ، ويقول : هو الرَّعدُ ، وإنما هو : ما وقعتِ العامَ ثَم قابَّةٌ.

وقال الليث ما قال ابن السكيت ، ولكنه قالهُ بغير حرف الجَحْدِ ، وقال : أصابتهم العامَ قابَّةٌ أي شيءٌ من المطر.

أبو عبيد عن الأصمعي : قَبَ التمرُ يَقِبُ قُبُوباً إذا يبسَ وكذلك الجرحُ ، وقبَ الأسدُ يَقِبُ قَبيباً إذا سمعت قَعْقَعَةَ أنيابِه ، وقد اقْتَبَ فلانٌ يد فلانٍ اقتِباباً إذا قطعها.

وقال أبو عبيد : القبقبةُ صوتُ جوفِ الفرسِ وهو القَبيبُ ، وقيل للبطنِ قَبْقَبٌ لِقَبْقَتِهِ ، وهي حكاية صوتِ البطن ، والأقَبُ الضامرُ ، والمرأةُ قَبَّاء والجمع قُبٌ.

وقال أبو نصر : سمعتُ الأصمعي يقول : رُوِي عن عمر أنه ضَرَبَ رجلاً فقال : إِذا قَبَ ظهرهُ فردُّوهُ إليَّ.

قال : وقَبَ ظهرُهُ يقُبُ قُبوباً ، إذا ضُرب بالسوْط وغيره ، فَجَفَّ فذلك القُبُوب.

وقبقبَ الفحلُ : إذا هدرَ قبقبةً.

وقال الليث : قَبَ اللحمُ يَقِبُ : إذا ذهبت نُدُوَّتُهُ وطراوته.

وقال خالد بن صفوان لابنه وهو يعاتبه : لا تُفْلِحُ العامَ ولا قابِلَ ولا قابَ ولا قُباقِب ولا مُقَبْقِبَ ، وكل كلمةٍ منها لسنةٍ بعد سنة.

ثعلب عن ابن الأعرابي : القَبْقَابُ : الكذّابُ ، قال : والقبقابُ : الخرَزَةُ التي تُصْقَلُ بها الثياب.

عمرو عن أبيه : قَبْقَبَ إذا حَمُقَ.

وقال الليث : القَبَبُ : دِقَّةُ الخَصْر.

وأنشد في وصف فرس :

اليدّ سابحةٌ والرّجْلُ طامحة

والعينُ قارِحةٌ والبطنُ مَقْبُوب

أي : قُبَ بطنُه ، والفعل : قَبَّه يَقُبُّه قَبّاً ، وهو شدة الدَّمْج للاستدارة ، والنعتُ أقَبُ

٢٣٩

وقَبَّاء.

ويقال للبصرة : قُبَّة الإسلام ، ويقال : قَبَّبْتُ قُبَّةً أُقَبِّبُها تقبيباً ، إذا بنيتها.

وقال غيره : القُباب : ضَرب من السمك يشبه الكَنْعَد.

وقال جرير :

لا تَحْسِبنّ مِراسَ الحربِ إن خطرت

أكلَ القُباب وأَدْم الرُّغْف بالصير

وسمعت أعرابياً ينشد في جاريةٍ تسمى لَعْسَاء :

لَعْساءُ يا ذاتَ الحِرِ القبقاب

فسألتهُ عن القبقابِ فقال : هو الواسع المسترخي الذي يُقَبْقِبُ عند الإيلاج.

وقال الفرزدق :

لَكَمْ طَلَّقْت في قيس عيلانَ من حِرٍ

وقد كانَ قَبْقَاباً رِماحُ الأراقِمِ

وسئل أحمد بن يحيى عن تفسير حديث روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «خيرُ الناسِ القُبِّيّونَ» فقال : إن صح الخبرُ فهُم الذين يَسْرُدُونَ الصَّومَ حتى تضمُرُ بطونُهُم.

قال : وقال ابن الأعرابي : قَبَ إذا ضُمِّرَ للسِّباق ، وقَبَ إذا جفَّ. قال : والقبقبُ : سَيرٌ يدورُ على القَرَبُوسَيْنِ كليهما.

وقال ابن دريد : القَبْقَبُ عند العربِ خشبُ السَّرْجِ وعند المولدين سيرٌ يعترضُ وراء القَرَبوسِ المؤخر.

وأنشد غيره :

يَزِلَ لِبْدُ القَبْقَب المركاح

عن مَتنِهِ من زَلَقٍ رَشّاح

فجعلَ السَّرْجَ نفسهُ قبقباً كما يسمونَ النَّبْلَ ضالاً والقوسَ شَوْحَطاً.

بق : قال الليث : البَقّ : عظامُ البعوضِ الواحدة بَقَّةٌ.

وقال رؤبة :

يَمْصَعْنَ بالأذنابِ من لوحٍ وبَقّ

اللوح : العطش هاهنا.

قال : والبَقاقُ إسقاط متاع البيت ، قال : وبلغنا أن عالماً من علماءِ بني إسرائيل وضعَ للناسِ سبعين كتاباً في الأحكامِ وصُنُوفِ العلم فأَوحى اللهُ إلى نبيٍّ من أنبيائهم أن قُلْ لفلانٍ إِنك قد ملأتَ الأرضَ بَقاقاً وإن اللهَ لم يقبل من بَقاقِكَ شيئاً.

قال أبو منصور : البقاقُ كثرةُ الكلام.

وقال أبو عبيد : يقال : بَقَ الرجلُ وأبَقَ إذا كثر كلامه.

قال : وأنشد الأصمعي :

وقد أقودُ بالدّوَي المُزَمَّلِ

أخْرَسَ في السّفرِ بَقاق المنزل

يقول : إِذا سافر فلا بيان له ولا لسان وإِذا أقام بالمنزل كثر كلامه.

فَمَعنى الحديث : أنَّ الله لم يقبل مما أكثر

٢٤٠