تهذيب اللغة - ج ٨

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٨

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٤٠

من كلامه شيئاً.

وقال الليث : البَقْبَقَةُ حكايةُ صوْتٍ كما يُبَقْبِقُ الكوز في الماءِ ، ويقالُ للرَّجُلِ الكثير الكلام بَقْبَاقٌ.

وقال الأصمعي : أبَقَ وَلدُ فلان إبقاقاً إذا كَثُرُوا ، وبَقَ النَّبْتُ بقوقاً وذَلك حين يطلعُ ، وأبقَ الوادي إذا طَلعَ نباته.

وأما قول الراعي :

رَعَتْ مِنْ خُفافٍ حينَ بقَ عِيابهُ

وَحَلَّ الرَّوَايَا كل أَسْحَمَ ماطِرِ

قال بعضهم : بقَ عيابهُ أي : نشرها وبَقَ فلانٌ ماله أي فَرقَهُ.

وقال الرَّاجزُ :

أمْ كَتَمَ الفَضلَ الذي قد بقَّهُ

في المسلمينَ جِلَّهُ وَدِقَّهُ

ويقال : بَقْبَقَ عَلَينَا الكلامَ أيْ فَرَّقَهُ ، وبَقَّةُ اسمُ امرأةٍ ، وأنشد الأحمر :

يَوْمُ أدِيم بَقةَ الشَّرِيم

أفضلُ مِنْ يَوْم احلقي وقومي

يريدُ بقولهِ : احلقي وقومي الشِّدَّة ، وبقَّةُ اسمُ موضعٍ بعينه.

ومنه قولهم في ترقيص الصبي :

ترقَّ عَيْنَ بقَهْ.

. حُزُقَّةً حُزُقَّهْ

قيل : عين بقَّة اسم قصر أوْ حِصْنٍ ، أرادت أن تقول له : إرْقَ عَيْن بقَّه ، أي : اصْعَدْ إلى أعْلاها ، وقيل : نَاغَتْهُ بهذا فشبهته بعين البقَّة لصغر جثته.

وأما قول الشاعر :

ألم تَسْمَعَا بالبَقَّتَيْن المناديا

فإنَّهُ أرَادَ بالبقتين الحصن المعروف فثنّاه.

كما قال :

ومَهْمَهَين قذفين مَرتين

قَطَعْنَهُ بالأمِّ لا بالسمتَين

وربما ثنى فقيلَ البَقّتينِ.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : البَقَقَةُ الثّرْثارُونَ.

قال : وكنتُ إذا أتيتُ العُقيْليَّ لم يتكلمْ بشيءٍ إلا كتبتُهُ.

فقال : ما تَرَكَ عندي قابَّةً إلا اقتبها ولا نُقارَةً إلا انْتَقَرَها.

باب القاف والميم

ق م

[قمّ  ـ  مقّ : مستعملان].

قم : قال الليث : القَمُ ما يُقَمُ من قماماتِ القماش فيجمعُ والمِقَمَّةُ مِرَمَّة الشاةِ تلُفُّ بها ما أصابتْ على وجه الأرضِ تأكلُه.

ثعلب عن ابن الأعرابي : للغَنَمِ مقامُ واحدتها : مِقَمَّةٌ ، وللخيلِ الجحافل ، وهي الشفَةُ للإنسان.

وقال الأصمعيُّ : يقال : مِقَمّةٌ ومِرَمةٌ لفم الشاة.

٢٤١

قال : ومن العرب من يقول : مَقمَّةٌ ومَرَمَّةٌ قال : وهي مِنَ الكلبِ الزُّلقُومُ ومِنَ السباع الخطم ، والمقَمّةُ : المكنسةُ.

وقال الليث : القِمَّة رأس الإنسان ، وأنشد :

ضَخْم الفريسةِ لو أبصرتَ قِمَّتَهُ

بين الرجال إذا شبَّهتهُ الجَبَلا

وقال الأصمعي : القمةُ قمة الرأسِ وهي أعلاهُ ، ويقال : صَارَ القمرُ على قمة الرَّأس : إذا صار على حيالِ وسط الرأس.

قال ذو الرمة :

وَرَدْتُ اعتسافاً والثُّريا كأنها

على قمةِ الرَّأسِ ابنُ ماء يحلقُ

وقيلَ : القِمةُ شخص الإنسانِ إذا كانَ قائماً يقال : إنه لحسنُ القمة على الرحل ، ويقال : ألقى عليه قمتهُ أي : بدَنه ، ويقال : فلانٌ حسنُ القامةِ والقمةِ والقُومية.

قال : ويقال : قَمَ بيته وهو يقمهُ قَمّاً : إذا كَنَسَهُ ، والقمامَة : الكناسة ، واقتم ما على الخوانِ إذا أكله كلهُ ويقال : ألق قُمامَة بيتك على الطريق : أي : كناسة بيتكَ ، ويقال لَيبِيسِ البقل القميم.

ويقال : أقمَ الفحلُ الإبلَ ، وهو يقِمُّها إقماماً إذا ضَرَبها كلها.

قال الليث : يقال في الشَّتم قمقم اللهُ عصب فلانٍ أي : سلط الله عليه القَمقَام.

وقال غيره : قمقَم الله عصبه أي يبسه حتى يزمَنَ.

وروى ثعلب عن ابن الأعرابي : قَمَ إذا جمعَ وقمّ إذا جفَّ.

قال : وقولهم : قمقم اللهُ عصبهُ أي قَمَّمه ، أي : جفّف عَصبَه.

أبو عبيد عن الأصمعي : القمقام : العدد الكثير ، والقمقم : السيد من الرجال.

وقال شمر : وقع فلان في قمقَامٍ من الأمرِ أي : وقَع في شدة أمرٍ عظيمٍ كبيرٍ ، والبحرُ القمقام أيضاً ، وأنشد :

وغَرِقْت حين وَقَعت في القَمقَام

وقال الأصمعي : القُراد أول ما يكون وهو صغير لا يكاد يرى من صغره ، يقال له قمقَامةٌ وقول رؤبة :

من خرَّ في قمقَامِنا تقَمْقَما

أراد من خَرَّ في عَدَدِنا ، غُمرَ وغُلِبَ كما يُغْمرَ الواقع في البحر الغِمْر.

وقول العجاج :

وقَمْقُمَانُ عددٍ قُمْقُم

من الْقَمْقامِ الذِي هوَ معنَى العددِ الكثيرِ.

وقال الليث : سيدٌ قَمْقامٌ وقماقِمٌ ، وذلك لكثرة خيره وسعةِ فضلِه ، والقُمقُمُ ما يستقَى به من نحاسٍ.

أبو عبيد عن أبي عبيدة ، قال : الْقُمقُمْ

٢٤٢

بالروميةِ.

وأنشد لعنترة :

حش الإماء به جوانب قُمقُم

عمرو عن أبيه : القِمْقِمُ : البُسْرُ اليابسُ ، ويقال : تَقَمَّمَ الفحلُ الناقةَ إذا علاها وهيَ باركة ليضربَهَا وكذلكَ الرجلُ يَعلُو قرنهُ.

وقال العجاج :

يَقْتسرُ الأقرانَ بِالتَّقَمُّمِ

وقال أبو زيد يقال في مثل : (أدْرِكني الْقُوَيْمَّةَ لا تأْكُلُه الهوَيمَّةُ) أرادَ بالْقُويمةِ الصبيَّ الصغيرَ لا يلفظُ ما تقعُ عليه يده وربما وقعتْ على هامةٍ من الهوام فَتَلسعُهُ.

مق : أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : المقَقَة : شراب النبيذِ قليلاً قليلاً.

والمققة : الجداء الرضع ، قال : والمقَقَة : الجهال ، قال : ومَقَّقَ الرجلُ على عيالهِ إذا ضيقَ عليهم فقراً أو بخلاً ، وكذلك أوَّقَ وقَوَّقَ.

أبو عبيد عن الفراء : تمقَّقْتُ الشراب وتَمَزَّزْتُهُ إذا شربتهُ قليلاً قليلاً قال : والمقامِقُ الذي يتكلَّم بأقصَى حَلْقِه.

يقال منه فيه مَقْمَقَمةٌ ، قال : وامتقَ الفصيل ما في ضرعِ أمهِ وامتكَّهُ إذا شربَ كل ما فيه من اللبن امْتِقاقاً وامْتِكاكاً ، ويقال : أصابهُ جرحٌ فما تَمَقَّقَهُ : أي : لمْ يُبالهِ ولمْ يَضُرَّهُ.

وقال الليث : الطولُ الفاحشُ في دقةٍ ورجلٌ أمَقُ وامرأةٌ مَقّاء.

وقال النضرُ : فخذٌ مَقَّاءُ وهي المعرُوقةُ العاريةُ من اللحمِ الطويلةُ.

وقال أبو عبيدة : المقُ : الشقُّ.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : المقَّاءُ من الخيل الواسعةُ الأرْفَاغ.

وأنشد غيرهُ للراعي يصف ناقةً :

مَقَّاءُ مُنْفَتقُ الإبطينِ ماهرةٌ

بالسَّوْمِ ناطَ يديهَا حارِكٌ سَنَدُ

وقال الأصمعيُّ : الفرسُ الأمقُّ : الطويلُ.

وأنشد أبو عمرو :

ولي مُسْمِعان وَزَمَّارة

وظلٌّ مديدٌ وحصنٌ أمَقّ

أرادَ بالزَّمارَةِ الغلَّ وبالمُسْمَعيْنِ القَيدَيْنِ ، وهذا رجلٌ كان حُبِسَ في سجنٍ شيد بناؤه وهو مقيد مغلول فيه.

وقال ابن الأعرابيّ يقال : زَقّ الطائرُ فرخهُ وَمَقَقّهُ وَمَجّهُ وغرَّه.

٢٤٣

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

أبواب الثلاثي الصحيح من حرف القاف

قال الليث : أهملت القافُ والكافُ [و] وجوههما مع ما يليهما من سائر الحروفِ.

باب القاف والجيم

ق ج ش ،  ـ  ق ج ض ،  ـ  ق ج ص : أهملت وجوهها.

ق ج س

استعمل من وجوهه : جسق.

جسق : الجَوْسَقُ وهو دخيلٌ معرَّبٌ للحصنِ ، وأصله كوشك بالفارسية.

ق ج ز

[استعمل من وجوهه] : جزق.

جزق : الجَوْزَقُ وهو معربٌ للقطن.

ق ج ط

استعمل منه : قطج.

قطج : روى عمرو عن أبيه قال : الْقَطْجُ : إحكام فَتْلِ الْقِطاجِ ، وهو القَلْسُ. وقال في موضعٍ آخرَ : قَطَجَ إذا اسْتَقَى من البِئرِ ، بالقطاج.

ق ج د مهمل.

[ق ج ت ،  ـ  ق ج ظ ،  ـ  ق ج ذ ،  ـ  ق ج ث : مهمل](١).

ق ج ر

جرق : أبو العباس عن ابن الأعرابيّ ، قال : الْجَورَقُ : الظليمُ.

قال ثعلب : ومن قاله بالفاء فقد صحفَ.

__________________

(١) كذا في «العين» (٥ / ٣٢).

٢٤٤

ق ج ل

[استعمل منه] : جلق.

جلق : قال الليث : استعمل من وجوهه جِلّقُ اسمُ موضع. قال : وجُوَالقُ معرَّب ، وغيرهُ يجمعُ الْجُوَالِقَ جَوَالِقَ.

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابيّ أنّهُ قال : جلق رأسه ، وجلطه إذا حلقه ، قال : والجلَّقة الناقة الهرمة.

وحكى ابن الفرج عن بعض العرب أنه قال : فتح الله عليك الْجَلَقَة والْجَلَعَةَ : أي : المكشرَ.

وفي «النوادر» : رجلٌ هزيلٌ جُرَاقَةٌ غلقٌ ، والْجُراقَةُ والغلقُ الخَلْقُ.

ق ج ن

[استعمل منه] : جنق  ـ  قنج.

جنق : ثعلب عن ابن الأعرابيّ أنه قال : الْجنُقُ : أصحاب تدبير المنْجَنِيق ، يقال : جَنَقُوا يجْنِقُونَ جَنْقاً.

وقال الفراءُ : سمعت أعرابياً يقولُ : جَنَّقوهمْ بالمجانِيقِ تَجْنيقاً : إذا رَمَوْهُمْ بأحجارِهَا.

قنج : وقَنَّوْجٌ : هي مدينةٌ بناحية الهند.

ق ج ف

مهمل.

ق ج ب

قبج : قال الليث : استعملَ منه القَبْجُ وهوَ معربٌ.

ق ج م

مهمل الوجوه.

باب القاف والشين

ق ش ض

مهمل.

ق ش ص

استعمل منه : [شقص].

شقص : قال الليث : الشِّقصُ : طائفةٌ من الشيء ، تقول : أعطاهُ شِقْصاً من ماله.

وقال الشافعيُّ في باب الشفعةِ فإن اشترى شقصاً من دار ، ومعناهُ : أي اشترى نصيباً معلوماً غير مفروزٍ مثل سهم من سَهْمين أو من عشرة أسهم.

قال أبو منصورٍ : وإذا فُرِزَ جازَ أن يسمى شِقْصاً ، وتَشْقِيصُ الذبيحةِ تَعْضيتهَا وتفصيلُ أعضائها بعضها من بعض سهاماً معتدلة ، وروي عن الشعبي ، أنه قال : من فعل كذا وكذا فليشقّص الخنازير ، يقول كما أن تشقيص الخنازير حرام إذا أريد به البيع ، كذلك لا يحلّ بيع الخمر. ويقال للقصابُ مشقّص.

وقال الليث : المِشْقَصُ : سهمٌ فيه نصلٌ عريضٌ يرمى به الوحشُ.

٢٤٥

قال أبو منصور : وهذا التفسير للمشقَصِ خلافُ ما حفظ عن العرب.

روى أبو عبيد عن الأصمعيّ أنه قال : المِشْقَصُ مِن النِّصال الطويلُ وليس بالعريض ، وأما العريضُ من النِّصال فهو المِعْبَلَةُ وهذا هو الصحيح وعليه كلام العرب.

وقال الليث : الشَّقِيصُ في نَعْتِ الفَرس فَرَاهةٌ وجَوْدَةٌ ، قلت : لا أَعرف الشَّقِيص في نعْت الخيْل ولا أدري ما هو.

ق ش س ،  ـ  ق ش ز : أهملت وجوهها.

ق ش ط

قشط : قال الليث : استُعمل منه القَشْطُ وهو لُغَةٌ في الكَشْط.

وقال الفراء في قول الله : (وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ (١١)) [التكوير : ١١] ، هي في قراءَةِ عبدِ الله (قُشِطَت) بالقاف ، ومعناهما واحد مِثل القُسْطِ والكُسْط ، والقافُور والكافور.

وقال الزَّجّاج : (كُشِطَتْ) وقشطَت واحدٌ ومعناهما قُلِعت كما يُقلع السَّقْف.

يقال : كَشَطْتُ السقْف وقشَطتُه.

وقال غيرُه : كشطَ فلانٌ عن فرَسه الْجلَّ وقشَطه إذا كشَفه.

ق ش د

قشد  ـ  شدق  ـ  دقش  ـ  شقد  ـ  دشق.

قشد : قال الليث : يقال لِثُفْلِ السَّمْنِ القِشْدَةُ والقِلْدة.

وأخبرني المنذري عن أبي الهيثم في قول العرب : إذا طَلَعت البَلْدة أُكِلَتِ القِشدة.

قال : وتسمَّى القشدة الإثرَ والخُلاصة والأُلَاقةَ.

قال : وسُمِّيَتْ أُلاقةً لأنها تَليقُ بالقِدر أي : تَلْزَقُ بأَسْفلِها حين يُصَفَّى السَّمن ويَبقى الإثْرُ مع شعَرٍ وعُود وغيرِ ذلك إن كان ويخرج السَّمن مُهذَّباً صافياً كأَنّه الخل.

أبو عبيد عن الكسائي : يقال لثُفْل السَّمْنِ القِلْدة والقِشدةُ بالدال والكُدادةُ ، وقد قشَدْنا القِشْدَة.

شقد : قال الليث : الشِّقْدَةُ : حشيشةٌ كثيرةُ الإهالة واللّبَنِ.

قال أبو منصور : لمْ أَسْمَع الشِّقْدَة لغير الليث وكأنه أراد القِشدة فقلبه كما يقال جذب وجبذ.

دقش : قال الليث : سألْتُ أَبا الدُّقَيش ؛ فقلت : ما الدَّقَشُ؟ فقال : لا أَدرِي ، قلت : فما الدُّقَيْشُ؟ قال : ولا هذا ، قلت : فاكْتَنَيْتَ بما لا تدري ما هُوَ. قال : إنما الكُنَى والأسماءُ علاماتٌ.

وقال ابنُ دُرَيد : قال أبو حاتم : السجزي : الدّقشة دُوَيْبَّةٌ رقْطَاء أصغرُ من العَظَاءَةِ قال : والدَّقْش عنده النقْشُ.

٢٤٦

ورَوى أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : أبو الدُّقَيْشِ كنيةٌ واسمه الدَّقَش.

قلت : وهذا قريبٌ من قول أبي حاتم.

شدق : قال الليث : الشِّدْقُ : والشَّدْقُ لُغتان.

قال : والأَشدق العريضُ الشِّدْق الواسعُه والمائلُه أيَّ ذلك كان.

وقال غيره : رجُلٌ أَشدق إذا كان مُفَوَّهاً ذا بَيان ورجالٌ شُدْقٌ.

وقيل لعمرو بن سعيد : الأشدقُ لأنّه كان أحد خطباء العرب ، وجمْع الشدق شُدوق وأشداق ، والشَّدَقُ : سَعَةُ الشدقيْن.

ويقال : هو يتشدَّق في كلامه إذا توسَّع فيه وتَفَيْهَق ، وهو مذمومٌ وشدْقا الوادي ناحِيتاه.

دشق : أبو عبيد وغيره : بيْتٌ دَوْشَقٌ إذا كان ضخماً ، وَجملٌ دَوْشَقٌ إذا كان ضخماً فإذا كان سريعاً فهو دِمَشْقٌ.

ق ش ت : مهمل.

ق ش ظ : أهمله الليث.

شقظ : ورَوى سلمةُ عن الفرّاء : الشَّقِيظ : الفَخَّار.

وقال ضَمْضَمُ بن حرسٍ : رأيتُ أبا هريرة يشرَب من ماءِ الشّقِيظِ.

وقال أبو العباس : قال ابن الأعرابي في الشّقِيظِ مِثله ، وَهي جِرارٌ من الخزَف يُجعَل فيها الماء.

ق ش ذ

[استعمل منه : قشذ  ـ  شذق  ـ  شقذ].

قشذ : قال الليث : قال أبو الدُّقَيْش : القِشْذَةُ هي الزُّبْدَة الرّقيقة وقد اقْتَشَذْنَا سمْناً أي : جمعْناه ، وأتيتُ بني فلان فسألْتُهم فاقتشَذْتُ شيئاً أي جمعْت شيئاً.

وقال : القِشذَة أنّكَ تُذِيبُ الزَّبدة فإذا نَضِجَتْ أفرغْتَها وتركْتَ في القِدر منها شيئاً في أسْفلها ثم تَصبُّ عليه لبناً مَحضاً قَدْرَ ما تريد ، فإذا نَضِجَ اللبن صبَبْتَ عليه سمناً بعد ذلك تُسَمَّن به الجارية ، وقد اقْتَشذْنا قِشْذَةً أي : أكلْناها.

قال أبو منصور : وأرجو أن يكون ما رَوى الليث عن أبي الدُّقَيْش صحيحاً.

والمحفوظ عن الثقات القِشْدة بالدال ، ولعل الذال فيها لُغة لم تبلغنا ، والله أعلم.

شذق : أهمله الليث.

ورَوَى ابن الفرَج لأبي عمرو : السّوْذَق والشَّوْذَقُ : السِّوَار.

قال أبو إسحاق : السوذانِقُ والشُّوذانِقُ : الصّقْر.

وقال غيره : يقال للصقر سَوْذَق وشَوْذَق.

وفي «نوادر الأعراب» قال : الشَّوْذقَة والتّزْخِيفُ أخْذُ الإنسان عن صاحبه بأَصابعه.

٢٤٧

قال أبو منصور : إخالُ الشّوْذَقَةَ مُعَرَّبةً وأصلها البَشَيْذَق وهي فارسيةٌ.

شقذ : أبو عبيد عن الفراء قال : الشَّقِذُ العَين الذي لا يكاد ينام وهو الذي يُصيبُ الناسَ بالْعَيْنِ.

الشّحَذَان والشّقَذَان : الجائع.

وقال الأصمعي : أشقَذْتُ الرجُل إشْقَاذاً إذْا طرَدْتَه ؛ وشَقِذَ هو شَقَذاً إذا ذهب وهو الشّقَذَانُ.

وأنشد :

إذا غَضِبُوا عَلَيّ وأشقذوني

وصرتُ كأنني فرأٌ متارُ

وقال : الشقذانُ : الحرباءُ وجمعه شِقْذانٌ مثلُ الكروان وجمعه كِرْوان.

وقال اللحياني : الشِّقْذَانُ : الحرابيّ ، واحدها شَقَذٌ وشقَذٌ.

وقال ذو الرمة :

تجاوزتُ والعُصْفور في الجُحْر لاجئٌ

مع الضّبِّ والشِّقْذانُ تسمو صدورها

وقال أبو خيرةَ : يقال للواحد من الحَرابيِ شِقْذان.

قال : وهجتِ امرأةٌ زوجَها فَشَبَّهَتْهُ بالْحِرْباء فقالت :

إِلى قَصْرِ شِقْذانٍ كأنّ سبالهُ

ولِحْيَتَهُ في خُرْؤُمانٍ مُنَوّر

قال : الخرؤمانةُ بقلةٌ خبيثةُ الرّائحة تنبتُ في الدِّمَن.

وقال ابن السكيت : يقال : ما بهِ شَقَذٌ ولا نَقَذٌ.

وقال اللحياني : يقال : ما لهُ شقذٌ ولا نقذٌ أي : ما له شيءٌ.

قال : وما فيه شَقَذٌ ولا نَقَذٌ ، أي : ما فيه عيبٌ.

ق ش ث

أهملت (١) وجوهه.

ق ش ر

قشر  ـ  قرش  ـ  شرق  ـ  رشق  ـ  شقر  ـ  رقش : مستعملات.

قشر : قال الليث : الْقَشْرُ : سَحْفُكَ الْقِشْرَ عن ذيه ، والأقْشَرُ الذي حُمْرَته كأن بشرته مُتَقشّرَةٌ.

قال : وحَيَّةٌ قَشراءُ ، وهي كأنها قَدْ قُشِرَ بعضُ سَلْخها وبعضٌ لمَّا ، والْقُشْرَةُ والْقَشَرَة لُغة وهي مطرةٌ شديدةٌ تقشِرُ الحصى عن الأرضِ ، ومطرةٌ قاشرةٌ ذاتُ قشرٍ ، قال : والْقِشْرَةُ أيضاً مصدرُ الْقَاشِرِ ، والْقاشُورُ هو المشؤومُ.

يقال : قَشَرَهمْ أي شَأمَهُمْ ، والقُشَارَةُ ما

__________________

(١) في المطبوعة : «أهملت من».

٢٤٨

تَقْشِرهُ عن شجرةٍ من شيءٍ رقيق ، والْقَشور اسمُ دواءٍ والقشرةُ اسمٌ للثوب وكل ملبوسٍ قشرٌ ولُعِنتِ القاشرَةُ والمقشورةُ وهي التي تقشرُ عن وجهها بالدَّواءِ لِيصفو لونها وهو مثل حديث النامصةِ والمتنمِّصة.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : القاشورُ الذي يجيءُ في الحلبة آخر الخيلِ وهوَ الْفِسْكِل.

ثعلب عن سلمة عن الفراء قال : عامٌ أقْشفُ أقْشَرُ ، أي : شديدٌ.

وقال غيره : يقال للسنة المجدبةِ قَاشُورَةٌ ، وأنشد :

فابعثْ عليهم سنةً قَاشُورهْ

ورجلٌ مِقْشرٌ : إذا كان كثيرَ السؤالِ مُلِحاً.

والأقشرُ : الشديد حمرة اللون من الرجال.

يقال : إنه أحمر أقشر ، وإذا عريَ الرجلُ من ثيابه فهو مُقْتَشرٌ.

وقال أبو النجم يذكر نساءً :

يَقُلنَ للأهتمِ منا المقْتَشِرْ

وفي الحديث : أن معاذ بن عفراء باع حُلة واشترى بثمنها خمسة أَرْؤُس فأعتقهم ثم قال : إن امرأً آثَرَ قِشْرَتَيْنِ يَلبسهمَا عَلَى عِتْقِ هؤلاءِ لغبين الرأيِ.

قال أبو عبيدٍ : أرادَ بِالقشْرَتَيْنِ ثَوْبَيْن ، والحُلة ذات ثوبين ، وقِشرُ الحيَّةِ سَلْخُها.

شقر : قال الليثُ : الشقَرُ والشُّقرةُ مصدر الأشقر ، والفعل شَقِرَ يَشْقَرُ شُقرةً ، وهو الأحمر من الدَّواب.

ويقال : دمٌ أَشْقرُ ، وهو الذي صارَ علقاً ولم يَعْلُه غُبَارٌ ، والأشاقِرُ حَيٌّ من اليمنَ من الأزْدِ ، والنسبةُ إليهم أشْقَرِيّ ، وبنو شَقِرة حَيٌّ آخرون والنسبةُ إليهم شَقَريُ بالفتح ، كما ينسب إلى النَّمِر بن قاسط نَمَرِيٌّ.

أبو عبيد عن الأصمعي : الشَّقِرُ : شقائقُ النعمان واحدتهُ شقرةٌ.

وقال طَرفة :

وعَلَا الخيلَ دِماءٌ كالشقْر

قال : وبها سمي الرجلُ شَقِرَةً.

قال أبو منصور : والشَّقَّارَى نبتٌ آخر له نَوْرٌ فيه حُمْرَةٌ ليست بنَاصِعةٍ. ويقال لحَبِّهِ الخِمْخِمُ.

وقال الليث : الشقِرةُ هو السَّنْجُرْفُ وهو السَّخْرُنْجُ وأنشد :

عليه دِماءُ البُدْنِ كالشقِرَاتِ

والمشقّرُ : حِصْنٌ بِالبحرينِ مَعروفٌ.

ثعلب عن ابن الأعرابي : الشُّقَر : الديك.

أبو عبيد عن الأصمعي : من أمثال العرب في إسْرَارِ الرجل إِلى أخيه ما يَسترُهُ عن غيره : أفْضَيتُ إليه بِشقُورِي : أي : أخبرتهُ بأمري وأطلعتهُ على ما أسرهُ من غَيرِه ، وأنشد للعجاج :

٢٤٩

وكثرة الحديث عن شُقُوري

وأخبرني المنذري عن أبي الهيثم أنه قال يروي بيت العَجاجِ : شُقورِي شَقُوري.

قال : والشُّقورُ : الأمور المهمةُ الواحد شَقْرٌ والشُّقُورُ في معنى النَّعْتِ ، وهو بَثُّ الرجلِ وهَمُّه.

فقال أبو زيد : بَثَّ فلانٌ فلاناً شقورَةُ وبُقورَةُ : إذا اشتكى إليه الحاجةَ.

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : الشَّقورُ : الهمُّ المسهرُ.

وقال ابن دُريد : جاءَ فلانٌ بالشِّقرِ والبُقَرِ إذا جاء بالكذبِ.

وقال النَّضْرُ : المشاقِرُ من الرِّمالِ ما انقادَ وتصوَّبَ في الأرضِ وهي أجْلَدُ الرّملِ.

والأشَاقِرُ : جبال بين مكة والمدينة.

رشق : قال الليث : الرَّشْقُ والخَزْق بالرميِ.

يقال : رَشقناهم بالسهام رَشْقاً ، وإذا رمى أهل النِّضالِ ما معهم من السهام كله ثم عادوا فكل شَوْط من ذلك رِشقٌ.

وقال أبو عبيد : الرِّشقُ : الوجْهُ من الرَّميِ إذا رَموا وَجْهاً بجميعِ سِهامهم قالوا : رَمَيْنا رِشْقاً واحداً ، والرَّشْقُ : المصدرُ.

ويقال : رَشَقْتُ رَشقاً.

وقال الليث : الرَّشْقُ والرِّشْقُ لُغتانٍ وهما صوتُ القلم إذا كتب به ، وفي حديث موسى عليه‌السلام ، قال : «كأني بِرِشْقِ القلم في مَسَامِعي حين جرى على الألواح بكَتْبِهِ التَّوراةَ» ، ويقال للغلام والجاريةِ إذا كانا في اعْتدالٍ : رَشِيقٌ ورَشِيقَةٌ ، وقد رَشُقَا رَشَاقَة.

أبو عبيد : أرْشَقْتُ : إذا أحْدَدتُ النَّظر وأنشد :

ويَرُوعنِي مُقَلُ الصُّوارِ الْمُرْشِقِ

وقال الليث : رَشَقْتُ القوم بِبصَرِي وأرْشَقْتُ أي : طمَحْتُ بِبَصَرِي فنظرْتُ.

وقال ابن شميل : يقال للرجل الخفيف الظريفِ : رَشِيقٌ ، ونَاقةٌ رَشِيقَةٌ : خَفِيفةٌ سريعةٌ.

شرق : شمر عن ابن شميل قال أبو خَيْرَة : الشَّرِقَةُ : الأرض الشديدةُ الْخُضْرَة الرَّيا تعرف أن نَبتَها يزدادُ ماءً أو ريّاً وإنما شَرَقُهَا من قِبلِ الماء.

أبو العباس عن ابن الأعرابي : الشَّرِيقُ : الْمُشْبَعُ بالزعفران.

وقال الليث : يقال : شَرِقَ فلانٌ برِيقِه وكذلك غَصَّ بَرِيقِهِ.

ويقال للشيء إذا اشتدَّت حُمْرَتُه بدم أو نحوه أو بحسن لَوْنٍ أحمر قد شَرِقَ شَرَقاً ، وقال الأعشى :

وتَشْرَقُ بالقولِ الذي قد أَذَعْتُهُ

كما شَرِقَتْ صدرُ القنَاةِ من الدَّم

وصريعٌ : شَرِقٌ بدمِهِ.

٢٥٠

وقال غيره : يقال للنّبْتِ الذي يرفُّ من شدَّةِ الخُضرةِ شَرِقٌ كأنه غاصٌّ بكثرةِ مائِهِ الَّذي يجري فيه ومنه قولُ الأعشى يَصِفُ رَوْضَةً :

يُضَاحِكُ الشَّمْس منها كَوْكَبٌ شَرِقٌ

مُؤَزَّرٌ بعميمِ النّبْتِ مُكْتَهِلُ

ويقال من الشَرَقِ وهو الغَصَصُ أخذتْهُ شَرْقَةٌ فكاد يموت.

أبو العباس عن ابن الأعرابي : الشَرَقُ : الشمسُ مُحَرَّك الرَّاء.

وقال في تفسير قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين ذكر الدُّنيَا فقال : «إنَّ ما بَقِيَ منْها كَشَرَقِ الموْتى» له معنيان : أحدُهما : أن الشَّمْسَ في ذلك الوقت إنما تَلْبَثُ ساعةً ثم تَغِيبُ فَشبَّه قِلَّةَ ما بقي من الدنْيَا ببقَاء الشَّمْسِ تلك الساعة من اليَوْمِ ، والوجْهُ الآخر في شَرَق الموتى شَرَق الميِّتِ برِيقِهِ عند خروج نفْسِهِ ، فشبَّهُ قِلّة ما بقيَ من الدنيا بما بَقِي من حياةِ الشَّرِقِ بريقِهِ حتى تخرُج نفسُهُ.

وأما حديث ابن مسعود : «لَعَلّكُمْ سَتُدْرِكُونَ أقواماً يؤخِّرونَ الصلاةَ إلى شَرَقِ الموْتى) فإن أبا عُبيدٍ فسَّرَهُ فقال : سمعت مروان الفَزاريَّ : يُحدِّث عن الحسن بن محمد بن الْحَنفِيَّة أنه سُئلَ عن هذا الحديث فقال : ألمْ ترَ إلى الشّمْسِ إذا ارتفعتْ عن الحِيطانِ وصَارَتْ بين القبورِ كأنها لُجَّةٌ فذلك شَرَقُ الموْتى.

قال أبو عبيد : يَعني أن طلوعهَا وشَرَقَهَا إنما هو تلك الساعة لِلْموْتَى دون الأحْيَاء.

قال : وقال غيره في تَفْسِيرِ شَرَقِ المَوْتَى هو أن يَغَصَّ الإنسانُ برِيقِهِ عند الموْتِ فأراد أنهم كانوا يُصَلُّونَ الجمعةَ ولمْ يَبْقَ من النَّهَارِ إلا بقدر ما بَقيَ من نفْس هذا الذي قد شَرقَ برِيقِهِ.

وقال ابن السكيت : الشّرَقُ : الشمسُ ، والشَّرْقُ بِتَسْكِين الراء المكان الذي تشرقُ فيه الشمْسُ.

يقال : آتيكَ كلَّ يوم طلعَ شَرَقُهُ.

ويقال طلَعَ الشَّرَقُ والشَّرْقُ ولا يقال غاب الشَّرْقُ ولا الشَّرَقُ قال : والمشَرَّقُ موقعهَا في الشتاء على الأرض بعد طلوعِها ودفْئِهَا إِلى زوَالهَا ، وأما القيظ فلا شَرْقَةَ له.

ويقال : اقْعُدْ في الشَّرَقِ أي : في الشمْس وفي الشَّرْقَةِ المُشْرُقَةِ والمَشْرَقَةِ ، ويقالُ : شَرَقَت الشمس تَشْرُقُ شُرُوقاً إِذا طلَعتْ وأشْرَقَت إشراقاً : إذا أضاءت على وجه الأرض.

ويقالُ : أشرقت الأرض إشراقاً ، إِذا أنارت بإشراق ضح الشمس عليها.

وقال الأصمعي : شَرِق الدَّمُ بجسده فهو يَشْرَق شَرَقاً ، وذلك إذا ما نَشِبَ وكذلك

٢٥١

شَرِقَتْ عينه إذا بَقِيَ فيها دمٌ.

قال : وإذا اخْتَلطتْ كُدورةٌ بالشمس ، ثمّ قلتَ : شَرِقتْ جاز ذلك كما يَشرق الشيءُ بالشيء يَنْشَبُ فيه ويختَلِط.

ويقال : شَرِق الرَّجل يَشْرَق شرقاً : إذا ما دخلَ الماءَ حلْقه فشرِق ، ومعنى شَرِق أي : نَشِبَ.

وفي حديث علي أن النبيَّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم نَهَى أن يُضَحَّى بِشَرْقاءَ أو خَرْقاءَ أو جَدْعَاءَ.

قال أبو عبيد : قال الأصمعيُّ : الشَّرْقاءُ في الغنَم المشقوقةُ الأُذُن باثنين كأَنه زَنَمَةٌ ، والخَرقَاءُ أَن يَكونَ في الأُذُن ثقبٌ مستديرٌ.

ويقال : شَرَق أُذَنها يَشْرِقُها شَرْقاً أي : شقَّها.

وفي حديث علي : «لا جُمْعَةَ ولا تَشْرِيق إِلَّا في مِصْرٍ جامعٍ».

قال أبو عبيد : قال الأصمعيُّ : التَّشْرِيق صَلاةُ العيد ، وإنما أُخِذ من شُروق الشمس لأنَّ ذلك وَقتُها.

قال : وأخْبَرَني شُعْبَةُ أَنَّ سِمَاكَ بْنَ حَرْبٍ قال له في يومِ عِيدٍ : اذهبْ بنا إلى الْمُشَرَّق يعني : المُصَلَّى.

وفي ذلك يقولُ الأخطَل :

وبِالْهَدَايا إذا احْمَرَّتْ مَدارِعُها

في يومِ ذبْحٍ وتَشْريقٍ وتَنْحَارِ

قال أبو عبيد : وأمَّا قولهم : أيَّام التَّشريقِ فإن فيه قوليْن : يقال : سُمِّيَتْ بذلك لأنهم كانوا يُشَرِّقُون فيها لُحومَ الأضاحِي.

ويقال : سُمِّيتْ بذلك لأنها كلَّها أيامُ التَّشريقِ لصلاةِ يومِ النَّحْر فصارت هذه الأيامُ تبعاً ليومِ النَّحْر.

قال : وهذا أَعْجَبُ القَولين إلَيَّ.

قال : وكان أبو حنيفةَ يَذهبُ بالتَّشريقِ إلى التَّكبير أَراد أَدْبَارَ الصَّلَوَاتِ وهذا كلام لمْ نَجِد أحداً يُجِيزُ أن يُوضَعَ التَّشريقُ مَوضع التكبيرِ ، وَلمْ يذهَب إليه غيرُه.

وقال الأصمعيُّ : تَشْرِيقُ اللّحم تقطيعُه وتقديده.

وقال غيرُه : مِشْرِيق الباب : الشّقُّ الذي يقع فيه ضوءُ الشمس إذا شَرَقَتْ.

وفي الحديث : «أنَّ طائراً يقال له القرقفنّة يَقَع على مِشْرِيق باب مَن لا يَغَار على أَهْله ، فلو رأى الرِّجال يدخلون عليها ما غيَّر».

وقال الله جلّ وعزّ : (مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) [النور : ٣٥].

قال أبو إسحاق : أكْثرُ التفسير أَنّ هذه الشجرةَ ليست ممَّا تَطلُعُ عليها الشمسُ في وقت شُروقها فقط ، أو في وقت غروبها فقط ولكنها شرقيةٌ غربيةٌ ، أي تصيبُها الشمس بالغداةِ والعشيِّ ، فهو أنضرُ لها

٢٥٢

وأَجْوَدُ لزَيتونِها وزيتها.

ونحوَ ذلك قال الفرَّاءُ.

وقال الحَسنُ : تأْوِيلُ قوله : (لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) أنها ليستْ مِن شجر الدُّنيا ، وهي من شَجر الجنّة.

وقوله جلّ وعزّ : (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها) [الزمر : ٦٩] ، أي : أَضاءت وأنارتْ.

وأخبرني المنذريُّ أنّ أبا الهيْثم أفادَه في قوْل ابنِ حِلِّزَةَ :

إنّه شَارِقُ الشَّقِيقَةِ إذْ جا

ءتْ مَعَدٌّ لكلِّ قومٍ لِوَاءُ

قال : الشّقيقةُ مكانٌ معلومٌ ، وشارِقُ الشّقِيقةِ ، أي : مِن جانب الشقيقةِ الشرقِيِ الذي يَلِي المَشرِق ، فقال : شارِقٌ : والشمسُ تَشرُق فيه فهو مفعولٌ جَعَله فاعلاً.

يقال لما يلِي المَشرق من الأكَمَةِ والجَبَلِ هذا شَارِق الجبَل وشَرْقيُّه ، وهذا غاربُ الْجَبَل وغربيُّه.

وقال العجَّاج :

والفَنْنُ الشَّارِقُ والغربيُ

أراد : الفننَ الذي يلي المشرِق ، وَهو الشرقِيُ.

قال أبو منصور : وإنما جاز أن يجعلَه شارِقاً لأنّه جعله ذا شَرْقٍ أي : ذا مَشْرِق ، كما يقال : سِرٌّ كاتِم أي : ذُو كِتْمان ، وماءٌ دافقٌ أي ذُو دَفْقٍ.

والشمسُ تسمّى شارِقاً ، يقال : إنِّي لآتيه كلّما ذَرَّ شارِقٌ أي : كلما طَلَعَتِ الشمس.

أبو عبيد عن أبي عمرو : الشَّرِقُ : اللحْم الأحمَرُ الذي لا دَسَمَ فيه.

وقال شمِر : أنشَدَني أعرابيٌّ وكتَبَه ابنُ الأعرابيِّ :

انْتَفجِي يا أَرْنَبَ القِيعَانِ

وأبشِري بالضَّرب والهوان

أو ضَربةٍ مِن شرقِ شاهِبانِ

أو تَوجّي جائعٍ غَرْثانِ

قال : والشرقُ بين الحدَأةِ والشاهين ولونه أسودُ.

أبو العباس عن ابن الأعرابي : أنضحَ النَّخْلُ وأشْرَق وأزهى إذا لَوَّنَ بُسْرُه.

وقال : الشرق : الضَّوءُ ، والشُّرُقُ : الغرقى.

قلت : الغَرَق أن يدخل الماء الأنف حتى تمتلئ منافذه ، والشَّرَق : دخول الماء الحلق حتى يغص به ، وقد غَرِق وشَرِق.

والشَّرْقُ : الشَّمْسُ.

وروى عمرو عن أبيه : الشَّرْق : الشمسُ بفتح الشين ، والشِّرْق : الضَّوءُ الذي يدخلُ من شَق الباب.

ويقال : لذلكَ الموضعِ المِشْرِيق ،

٢٥٣

والشُّرْق : الغلمانُ الرُّوقَةُ.

وقول أهل العراق في النداء على البَاقِلِّى : شَرْق الغَدَاةِ طَرِيٌّ. قال ابن الأنباري : معناه : قطع الغَدَاة ، أي : ما قُطِعَ بالغَداة والتُقِط.

يقال : شرقت الثَّمرة : قطعتها.

وقال أبو زيد : تُكرَهُ الصَّلاة بشرَقِ الموتى أي : حين تصفَرُّ الشمسُ وفعلت ذلك بشرقِ الموتى وفعلته شرق الموتى ، أي : في ذلك الوقتِ.

قرش : قال الليث : القرشُ الجمعُ من هاهُنا وهاهُنا يُضمُّ بعضُهُ إلى بعضٍ.

قال : وسميتْ قريشٌ قُريشاً لتَقَرُّشِها أي : لتجمعها إلى مَكَّةَ مِنْ حواليها حين غَلبَ عليها قُصيُّ بنُ كلابٍ.

وقال غيره : سميتْ قُريشٌ قُريشاً لأنهم كانوا أهلَ تجارة. ولم يكونوا أصحاب زرع أو ضرع ، والقَرْشُ : الكَسْبُ.

يقال : هو يقْرِشُ لعياله ، ويَقترِشُ ، أي : يكتسب.

وقال اللحياني : إن فلاناً يَتَقَرَّشُ لعيالهِ ويَتَرَقَّحُ أي : يكسبُ ويطلُبُ ويقال : قَرَشَ فلانٌ شيئاً يَقْرِشُهُ قَرْشاً إذا أخذَهُ ، وتقَرَّشَ الشيءَ تَقَرُّشاً إذا أخذه أولاً فأولاً.

ويقال : اقتَرَشَتِ الرماحُ إذا وَقَعَ بعضها على بعضٍ.

ويقال : أقْرَشَ فلانٌ بفلانٍ إذا سعى به وبغاه سوءاً.

ويقال : ما أقْرشتُ بهِ أي : ما وَشيتُ به.

ويقال : قَرَّشتُ بهذا المعنى ، والْمُقَرِّشُ : المحرِّشُ.

ويقال : أقْرَشتِ الشَّجةُ فهي مُقْرِشةٌ إذا صدَعت العظمَ ولم تهشم.

وقال ابن الأعرابي : روي عن ابن عباس أنه قال : قريشٌ دابةٌ تسكنُ البحرَ تأكلُ دواب البحر، وأنشد هو أو غيره يذكرها :

وقُرَيشٌ هي التي تسكنُ البَحْ

رَ بهَا سُمِيَتْ قريشٌ قريشا

تأكلُ الغَثَّ والسَّمِينَ ولا

تَتْرُكُ فيها لذي الجناحينِ ريشا

والنسبة إلى قريشٍ قرشيٌ ويجوز للشاعر إذا اضطرّ أن يقول قريشيٌ.

ويقال : قد اقترَشت الرماحُ إذا طعنوا بها فصكّ بعضها بعضاً.

وقال القطاميُّ :

قَوارِشُ بالرِّماحِ كأن فيها

شواطنَ ينتزعْنَ بها انتِزاعا

أبو عبيد : التقريش : التحريش.

وقال ابن حِلِّزةَ :

أيها الناطقُ المقرِّشُ عنَّا

عندَ عمرٍو وَهَلْ لذاكَ بقاء

عمرٌو عن أبيه قال : القرواشُ والحضِرُ

٢٥٤

والشَّولقِيُّ الواغل الطُّفيليُّ.

رقش : قال الليث : الرَّقْشُ : لونٌ فيه كدرَةٌ وسوادٌ ونحوهما كلَوْنِ الأفعى الرَّقشاءِ وكلون الجندَبِ الأرقشِ الظهرِ ، ونحوُ ذلك كذلك وربما كانت الشِّقْشِقَةُ رَقْشاءَ.

وأنشد أبو عبيد يصفُ شقشقةً :

رَقْشَاء تَنْتَاحُ اللُّغامَ المزبِدا

دَوَّمَ فيها رِزُّهُ وأرعدا

والترقيشُ : الكتابةُ ، ولهذا البيتِ سمي الْمرَقِّشُ مرقشاً بقوله في قصيدة له :

الدارُ قفر والرُّسومُ كما رَ

قَّشَ في ظهرِ الأديم قلم

قال الليث : والتَّرقيشُ أيضاً : التشطير في الضحكِ ، والمعاتبة ، وأنشد :

عاولَ قد أُولعتِ بالترقيشِ

وقال غيره : الترقيشُ : تحسينُ الكلام وتزويقهُ ، وترقَّشتِ المرأةُ إذا تزينت.

وقال الجعدي :

فَلا تحسبي جري الرِّهانِ ترقشاً

ورَيطاً وإعطاءَ الحقينِ مجلَّلا

وحي من ربيعة يقال لهم بنُو رَقاش اسمُ امرأة تكسرُ الشينُ في موضعِ الرفعِ والنصبِ والخفضِ مِثلُ حذام وقطامِ.

ثعلبٌ عن ابن الأعرابي : الرّقشُ : الخطُّ الحسن ورَقاشِ اسمُ امرأة منه.

ق ش ل

شقل  ـ  شلق  ـ  قلش : [مستعملة].

شقل : قال الليث : الشَّاقُولُ : خشبةٌ قَدْرُ ذراعين في رأسها زُجٌّ يكون مع الزُّراع بالبصرة يجعل أحدهم فيها رأس الحبل ثم يَرُزّها في الأرض ويتَضَبَّطُها حتى يمدوا الحبل واشتقوا منها اسماً للذَّكَرِ ، يقال : شَقَلَها بِشَاقُولهِ.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الشَّقْلُ : الوزن ، يقال : اشْقُلْ لِي هذا الدينار أي زِنْهُ ، قال : وشَوْقَلَ الرَّجل إذا تَرَزَّن حِلماً ووقاراً ، وشَوْقَلَ إذا عَيَّرَ ديناره تعييراً مُصححاً.

شلق : قال الليث : الشَّوْلَقِيُ : الذي يبيع الحلاوة بلُغة ربيعة ، والفرسُ تسميه الرَّسَّ من الرجال.

وقال أبو عمرو : يقال للواغلِ الشَّوْلَقِيُ.

وقال الليث : الشِّلْقُ : شيءٌ على خِلقةِ السمكة صغير له رِجلان عند ذَنَبِه كرجل الضفدع ولا يدانِ له ، يكون في أنهار البصرة وليس في حدِّ العربية ، قال : والشَّلْقُ أيضاً من كلامهم من الضربِ والبضعِ وليس بعربيٍّ محضٍ.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الشِّلْقُ : الأنْكَلِيسُ من السمك ، وهو الجِرِّيُّ والجِرِّيتُ.

عمرو عن أبيه قال : الشَّلَقَةُ : الرّاضةُ ،

٢٥٥

والشِّلْقَاءُ : السِّكِّين بوزن الحِرباء.

وقال ابن الأعرابي أيضاً : الشِّلْقُ : ضربٌ من سمك البحر.

قلش : قال الليث : الأقْلَشُ اسم أعجميٌّ وهو دخيلٌ لأنه ليس في كلام العرب شينٌ بعد لام في كلمة عربية محضة ، والشينات كلها في كلام العرب قبل اللَّامات.

ق ش ن

نقش  ـ  نشق  ـ  شنق  ـ  شقن : مستعملة.

نقش : قال الليث : النَّقْش فعل النَّقَّاشِ والنِّقاشَةُ حِرفته : نَقَشَ يَنْقُشُ ، والنَّقْشُ : نَتْفُكَ شيئاً بالمنقاشِ وهو كالنتش سواء ، ويقال للمنقاشِ مِنتاشٌ.

وفي حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من نُوقش في الحساب عُذِّب».

قال أبو عبيد : المناقشةُ : الاستقضاءُ في الحساب حتى لا يترك منه شيءٌ ، ومنه قول الناس : انْتَقَشْتُ منه جميع حقّي.

وقال ابن حِلزة :

أوْ نَقَشْتُمْ فالنَّقْشُ يَجْشَبُه القو

مُ وفيه الصَّحاحُ والإبراءُ

يقول : لو كانت بيننا وبينكم محاسبةٌ عرفتم الصِّحة والبراءة.

قال : ولا أحسب نَقْش الشَّوكة من الرجْل إلا من هذا ، وهو استخراجها حتى لا يترك في الجسد منها شيءٌ. قال الشاعر :

لا تَنْقُشَنَ برجْلِ غيرك شوكةً

فتقي برجلك رِجل من قد شاكها

الباء أُقيمت مقام عن ، يقول : لا تَنْقُشَنَ عن رِجْل غيرك شوكاً وتجعله في رِجْلك ، قال : فإنما سمِّيَ المنقاشُ منقاشاً لأنه يُنْقَشُ به أي : يُستخرج به الشوك.

وقال الليث : الانتقاشُ أن تَنْتَقِش على فَصِّكَ أي : تسأل النَّقاشَ أن يَنْقُش عليه ، وأنشد لرجلٍ نُدِب لعملٍ على فرسٍ يقال له صِدامٌ :

وما اتخذتُ صِداماً للمكوث بها

وما انْتَقَشْتُكَ إلا لِلوَصرَّاتِ

قال : والوصرَّات : القَبالاتُ بالدُّرْبة ، وقوله : وما انْتَقَشْتُك : أي : ما اخترتك ، يقال للرجل : إذا تخيَّر لنفسه شيئاً جاد ما انْتَقَشُه لنفسِه.

وفي الحديث : «استوصوا بالمِعْزَى خيراً فإِنه مالٌ رقيقٌ وانْقُشُوا له عَطَنَهُ».

ومعنى نَقْشِ العَطَنِ تنقيةُ مرابضها مما يؤذيها من حجارة أو شوك أو غيره.

وأخبرني المنذري عن أبي الهيثم ، أنه قال : النَّقْشُ : الأثرُ في الأرض.

قال : وكتبت عن أعرابي : يذهب الرماد حتى ما ترى له نقشاً ، أي : أثراً في الأرض.

أبو عبيد عن أبي عمرو : إذا ضُرب العذْقُ بشوكة فأرطب فذلك المَنْقُوشُ ، والفعل

٢٥٦

منه النَّقْشُ.

وقال ابن الفرج : سمعت الغَنوي يقول : المُنَقِّشَةُ والمُنَقِّلة من الشِّجاج التي تَنَقَّلُ منها العظام.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : أنقشَ إذا أدام نقش جاريته. وأنْقَشَ إذا استقصى على غريمه. ويقال للمنقاش : المنْتَاش والمنتاخ.

شنق : قال الليث : الشَّنَقُ : طول الرأس كأنما يُمَدُّ صُعداً ، وأَنشد :

كأنها كبداءُ تَنْزُو في الشَّنَقْ

ويقال للفرسِ الطويلِ : شِناق ومَشْنُوق.

وأنشد :

يَمّمْتُهُ بِأسيلِ الخدِّ مُنْتَصِبٍ

خاظى البَضِيعِ كمثلِ الجِذْعِ مشنوق

وإذا شددْتَ رأسَ دابَّةٍ إلى أعلى شجرةٍ أو مُرتفعٍ قلت : شنقْت رأسها ، والقلبُ الشَّنيقُ : المشناق الطامحُ إلى كل شيء.

وأنشد :

يا مَنْ لقلبٍ شَنِقٍ مِشناقِ

وفي حديث ابن عباس : أنه باتَ عندَ خالته ميمونة فقام النبيُّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم من الليلِ فحلَ شِناقَ القربة.

قال أبو عبيدٍ : قال أبو عبيدة : شِناقُ القربةِ هو الخَيطُ أو السَّيْرُ الذي تُعَلَّق به القِربة على الوتدِ ، يقال منه : أشْنَقْتُهَا إشناقاً إذا علَّقْتُها.

قلت : وقيل في الشناق : إنه الخيط الذي يوكَى به فم القِربة أو المزادة.

والحديث يدل على هذا ، لأن العِصام الذي تعلق به القربة لا يحل ، إنما يحل الوكاء ليصطبّ الماء ، فالشِّناق هو الوكاء ، وإنما حلّه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، لمَّا قام من الليل ليتطهّر من ماء تلك القربة.

قال أبو عبيد ، وقال الأصمعي : شَنَقْتُ الناقةَ أشْنُقُها إذا كَفَفْتُها بزمامها.

وقال أبو زيد : شنقتُ الناقةَ بغيرِ ألفٍ شَنْقاً.

وفي حديث طلحة أنه أنشد قصيدة وهو راكبٌ بعيراً فما زالَ شانِقاً رأسهُ حتى كُتبت له.

ابن الأعرابي : رجلٌ شَنِقٌ مُعَلَّقُ القلبِ حَذِرٌ.

وأنشد للأخطل :

وقد أقولُ لِثَوْرٍ هلْ ترى ظعُناً

يحدو بهنَّ حِذارِي مُشْفِقٌ شَنِقُ

أبو عبيد عن الكسائي : لحمٌ مُشَنَّقٌ ، أي : مقطَّعٌ مأخوذٌ من أَشْنَاقِ الدِّيَةِ.

وفي حديث آخرَ لوائلِ بن حُجْرٍ : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كتبَ لهُ كتاباً فيه : «لا خِلاطَ ولا وِرَاطَ ولا شِناقَ».

قال أبو عبيدة : قوله : لا شناق : فإنَ الشَّنَقَ ما بين الفريضتين ، وهو ما زادَ من

٢٥٧

الإبل على الخمسِ إلى العشْرِ ، وما زادَ على العَشْرِ إلى خَمْسَ عشرةَ ، يقول : لا يؤخذُ من ذلك شيءٌ ، وكذلك جميعُ الأشناق.

وقال الأخطل يمدح رجلاً :

قَرْمٌ تُعَلَّقُ أشناقُ الدِّياتِ بهِ

إذا المؤُونَ أُمِرَّتْ فوقهُ جملا

قال أبو سعيد الضرير : قوله : الشَّنَق ما بين الخمسِ إلى العشرِ مُحالٌ ، إنما هو إلى تِسْعٍ فإذا بلغ العشرَ ففيها شاتانِ ، وكذلك قوله : ما بين العشرِ إلى خمسَ عشرةَ كان حَقُّهُ أن يقولَ إلى أربعَ عشرةَ لأنها إذا بلغت خمسَ عشرةَ ففيها ثلاثٌ من الغنمِ.

قلت أنا : جعل أبو عبيد (إِلى) في قوله : إلى العشرة ، وإلى خَمس عشرة انتهاءَ غاية غيرَ داخل في الشَّنَق كقول الله : (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) [البقرة : ١٨٧] والليلُ غير داخل في الصيام ، فجعل ما بين العشر إلى خمسَ عشرةَ شَنَقاً ، وهي أربعة ، وهذا عند النحويين جائز صحيح ، والله أعلم.

قال أبو سعيد : وإنما سُمِّيَ الشنَقُ شنقاً لأنه لم يؤخذ منه شيءٌ وأُشْنِقَ إلى ما يليه مما أُخِذَ منه.

قال : ومعنى قولهِ لا شِناقَ أي : لا يُشْنِقُ الرجلُ غَنَمَهُ أو إبلهُ إلى غَنَم غيره لِيُبْطِلَ عن نفسهِ ما يجبُ عليه من الصَّدَقَةِ ، وذلك أن يكونَ لكُلِّ واحدٍ منهما أربعونَ شاةً فيجِبُ عليها شاتانٍ فإن أَشْنَقَ أَحدُهُما غَنَمه إلى غنمِ الآخر فوجدها المُصَدِّقُ في يَدِهِ أخذَ منها شاةً.

قال : وقولهُ : لا شِناقَ ، أي : لا تُشانِقوا فتجمَعُوا بينَ مُتَفرِّقٍ ، قال : وهو مثل قولهِ لا خِلَاط.

قال أبو سعيد : وللعرب ألفاظٌ في هذا الباب لم يَعْرِفْها.

أبو عبيد : يقولونَ : إذا وجبَ على الرجلِ شاةٌ في خمسٍ من الإبلِ قد أَشْنَقَ الرجلُ ، أي : قد وجَبَ عليه شَنَقٌ فلا يزالُ مُشنقاً إلى أن تبلغَ إبلُهُ خمساً وعشرين ، فكل شيءٍ يؤدِّيهِ فيها فهيَ أَشْنَاقٌ ، أربعٌ من الغنمِ في عشرينَ إلى أربع وعشرين ، فإذا بلغت خمساً وعشرينَ ففيها ابنةُ مَخَاضٍ ، وقد زالت أسماءُ الأشناقِ ، وقال : الذي يجب عليه ابنةُ مَخاضٍ مُعَقَّل ، أي مُؤَدٍّ للعِقال ، فإذا بلغت إبلهُ ستّاً وثلاثين إلى خمسٍ وأربعينَ فقدْ أَفْرَضَ أي : وجبتْ في إبِلِهِ فريضةٌ.

وأخبرني المنذري عن ثعلب عن سلمةَ عن الفراء : أن الكسائي ذكرَ عن بعضِ العربِ أن الشَّنَقَ ما بلغ خمساً إلى خمسٍ وعشرين. قال : والشَّنَقُ ما لم تجبْ فيه الفريضةُ ، يُريدُ ما بينَ خمسٍ إلى خمسٍ وعشرين.

٢٥٨

وروى شمر عن ابن الأعرابي في قوله :

قَوْمٌ تُعَلَّقُ أَشناقُ الدِّياتِ به

قال : يقول : يحتملُ الدِّياتِ وافيةً كاملةً زائدةً.

قال : والشَّنَقُ في الدِّياتِ أن يزيد الإبلَ على المائةِ خمساً أو ستّاً.

قال : وكان الرجلُ من العربِ إذا حمل حمالةً زادَ أَصحابَهُ ليقطعَ ألسنتهم وليُنْسَب إلى الوفاءِ.

قال : والأشْناقُ : الأرُوشُ ، أَرْشُ السِّنِّ ، وأَرْشُ المُوضِحَةِ والعينِ القائمةِ واليد الشَّلاءِ ، لا يزالُ يقالُ له أَرْشٌ حتى يكونَ تكميلَ ديةٍ كاملة.

وقال الكميتُ :

كأنَّ الدِّياتِ إذا عُلِّقَتْ

مِئوها بهِ الشَّنَقُ الأسفلُ

وهو ما كان دونَ الدِّيةِ من المعاقِلِ الصِّغار.

وقال غير ابن الأعرابيِّ في قول الأخطل :

قومٌ تُعَلّقُ أَشْناقُ الدِّياتِ به

إِنَ أَشناقَ الدِّيَةِ أَصنافُها ، فدية الخطأ المَحضِ مائِةٌ من الإبِلِ تحملها العاقِلةُ أَخماساً ، عِشرونَ ابنةَ مَخاضٍ وعشرون ابنةَ لَبُونٍ وعشرونَ ابن لَبُونَ وعشرونَ حِقَّةً وعشرونَ جَذَعَةً فكلُّ صِنْفٍ منها شَنَقٌ ، وهذا قولُ الشافعيِّ في تابعيهِ من أَهل الحجاز وأَما أَهل الكوفة فإنهم يُقَسِّمونها أَرْباعاً خمسٌ وعشرونَ ابنةَ مخاضٍ وخمسٌ وعشرونَ ابنةَ لَبُونٍ وخمسٌ وعشرونَ حِقّةً وخمسٌ وعشرونَ جَذَعَةً ، وهي أَشناقٌ أيْضاً كما وصفنا ، والأخطلُ عَنَى بقولهِ

(تُعلّقَ أَشْناقُ الدِّياتِ بِهِ)

هذه الأشناقَ ، مَدَحَ رئيساً تَحَمَّلَ الدِّياتِ فأدَّى أشناقَها لِيُصْلِحَ بين العشائرِ ويحقِنَ دماءَهُم.

قال الأصمعي : الشَّنَقُ : ما دُونَ الدِّيَةِ ، والفَضْلَةُ تفضل.

يقول : فهذه الأشناقُ عليه مثلُ العلائِقِ على البَعِيرِ لا يكترثُ بها ، وإذا أُمِرَّتْ المِئُونَ فوقَهُ حملها ، وأُمِرَّتْ شُدَّتْ فوقهُ بمرارٍ أَي بحبلٍ.

وقال الليث : أَشناقُ الدِّياتِ مائةٌ من الإبل وهي دِيَةٌ كاملة.

قال : وإذا كانتْ معها دِياتُ جِراحاتٍ فهي أَشناقٌ ، سُمِّيَتْ أَشناقاً لِتَعَلّقها بالدِّيَةِ العظمى.

وقال غير الليث في قول الكميت :

كأنَّ الدِّياتِ إذا علْقت

مِئُوها به الشَّنَق الأسفل

الشَّنَقُ شَنقَانِ ، الشَّنَقُ الأسفل ، والشَّنَق الأعلى ، فالشنق الأسفل شاةٌ تجبُ في خَمْسٍ من الإبلِ ، والشَّنَقُ الأعلى ابنةُ مَخَاضٍ من الإبل تجب في خَمْس وعشرينَ من الإبلِ.

٢٥٩

وقال آخرونَ : الشّنَقُ الأعلى عشرونَ جَذَعةً ، ولكلٍّ مَقالٌ ، لأنها كلهَا أشْناقٌ ، وأراد الكميتُ أن هذا الرجلَ يَسْتخِفُّ الحمالاتِ وإِعطاء الدّياتِ فكأَنهُ إذا غَرِمَ دياتٍ كثيرةً تحمّلَ عشرين بعيراً بناتِ مخاضٍ لاستخفافِهِ إياها.

وقال ابن شميل : ناقةٌ شِناقٌ وجملٌ شِناقٌ ورجلٌ شِناق لا يُثَنَّى ولا يجمعُ.

وروي عنه ناقةٌ شِناقٌ أي طويلةٌ سَطْعاءُ وجَمَلٌ شناقٌ طويلٌ في دِقَّة ومثلُهُ ناقةٌ نيافٌ وجمل نِيافٌ لا يُثَنَّى ولا يجمعُ.

أبو عبيد عن الأموي يقال لِلْعجينِ الذي يُقطَّعُ ويُعملُ بالزَّيْتِ مُشنَّقٌ.

وقال ابن الأعرابي : إذا قُطِّعَ العجينُ كُتلاً قبل أن يُبْسَطَ فهو الفَرَزْدَقُ والمشنَّقُ والعجاجيرُ.

قال : وقال رجلٌ من العربِ : مِنَّا مَنْ يُشْنِقُ أي : يُعطِي الأشْنَاقَ وهي ما بين الفرِيضتيْنِ من الإبلِ ، فإِذا كانت من البقَرِ فهي الأوقاصُ ، ويكون يُشنقُ : يُعطي الشَّنُقَ وهي الْحِبالُ واحدُها شِناقٌ ، ويكون بِمَعْنَى يُعْطِي الشَّنَقَ وهو الأرْشُ.

ثعلب عن ابن الأعرابي : أشنَقَ الرجلُ : إذا أخذ الشنَقَ وهو الأرْشُ.

قال : وحاكَم رجلٌ قَصَّاراً في حَرَقٍ إلى شُرَيحٍ. فقال شُريحٌ : خُذْ منه الشَّنقَ أي : أرْشَ الحرقِ في الثوبِ.

نشق : قال الليث : النَّشْقُ : صَبُّ سَعوطٍ في الأنفِ ، وأنشقْتُهُ قُطنة مُحْرقةً ، وهو إدْناؤكهَا من أنفهِ ليدخلَ ريحها خَياشِيمَهُ.

قال : وأنشقْتُه الدَّواءَ في أنْفِهِ أي : صَببْتُه فيهِ.

قال : ويقال : هذه ريحٌ مكروهَة النَّشَقِ يعني الشّمَّ.

وقال رُؤبةُ :

حَرَّا من الخردلِ مَكْروه النَّشَقْ

أبو عبيد عن أبي زيد : نَشِقْتُ من الرجلِ ريحاً طيّبةً أنشَقُ نَشَقاً ونشيتُ منه أنْشَى نَشْوَةً مِثْلهُ.

ابن السكيت : النَّشُوقُ : سَعوطٌ يجعلُ في المنخَرينِ ، تقول : أنشقْتُه إنشاقاً.

وقال الليث : النَّشوقُ : اسمٌ لكل دواءٍ يُنشقُ.

قال : واسْتَنْشقْتُ الريحَ إذا شَممْتُها والمتَوَضِىءُ يَسْتَنْشِقُ إذا أبلغَ الماءَ خياشِيمه.

وفي الحديث : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يَسْتَنْشقُ ثلاثاً وفي كل مَرَّةٍ يَسْتَنثِرُ.

وقال اللحياني : نَشِبَ الصيدُ في حَبْلهِ ونَشِقَ وعَلِقَ وارْتبقَ ، كلُّ ذلكَ بمعنى واحدٍ.

وقال ابن الأعرابي : يقال : لِحَلقِ الرّبق نُشَقٌ واحدها نُشْقَةٌ وقد أنشقتهُ في الحبلِ وأنشبْتُه ، وأنشد :

٢٦٠