تهذيب اللغة - ج ٨

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٨

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٤٠

عليه العَتائرُ ، وأنشد :

كغَرِيٍ أَجْسَدتْ رَأْسَه

فُرُعٌ بين رئاسٍ وحامِ

ويقال : غَرَوْتُ السَّهْمَ وغرَيتُه بالواو والياء أَغْرُوه وأَغرِيه ، وَهو سَهْمٌ مَغرُوٌّ ومَغْريٌ.

وقال أَوْسُ بن حجَرٍ يَصِفُ نبَالاً :

لأَسْهمه غارٍ وبار ورَاصِفُ

ومن أمثالهم : أَنْزِلْنِي ولوْ بأَحد المَغْرُوَّيْن ، حكاه المُفضَّل أي بأَحد السَّهمين.

قال : وذلك أنَّ رَجلاً ركِب بعيراً صعْباً فَتَقَحَّمَ به فاستغاثَ بصاحبٍ له معه سهمان فقال : أَنْزِلْني ولو بأَحد الْمَغْرُوَّيْنِ.

ويقال : أُغرِيَ فلانٌ بفلانٍ إِغراءً وغَرَاةً : إذا أُولع به.

ومِثله : أُغرِم به فهو مُغْرًى به ومُغرَمٌ وَيقال : أَغريْتُ الكلبَ : إذا آسدْتَه وأَرَّشْتَه.

غور  ـ  غير : قال الليث : الغار نباتٌ طيِّبٌ الرَّائحة على الوَقود ، ومنه السُّوس.

وقال عِديُّ بنُ زيد :

رُبَّ نارٍ بِتُّ أَرْمُقها

تَقْضمُ الهنْديَّ والغارَا

وغارُ الفَمِ : نِطْعاه في الحَنَكَيْن ، والغارُ مغارةٌ في الجبَل كأنه سَرَبٌ ، والغارُ : لُغةٌ في الغيْرَة ، والغارُ : الجماعةُ من الناس.

أبو عبيد عن الأصمعي : فلانٌ شديدُ الغار على أَهْله ، من الغيرة ، قال : وأَغار فلانٌ أَهْلَه : إذا تزوَّج عليها ، والغارُ : الجمْعُ الكثير من الناس.

ويُرْوَى عن الأحنف بن قيس أنه قال في الزُّبَيْر ، مُنْصرَفه عن وقْعةِ الجَمل : ما أَصْنع به إن كان جمعَ بين غارَين من الناس ثم ترَكهم وذَهب.

وقال الأصمعيُّ يقال لفَم الإنسان وفرْجه : هما الغاران ، يقال : المرْء يَسعَى لغَاريْه ، والغار شجَر.

وفي حديث عمرَ أنه قال لرجلٍ أَتَاه بمنْبوذٍ وَجَده : (عسى الغُوَيْرُ أَبْؤُساً) وذلك أنَّه اتَّهمه أَن يَكون صاحب المنبوذ حتى أَثنَى على المُلتقِط عَرِيفُه خيراً ، فقال عمر حينئذٍ : هو حرٌّ ووَلاؤُه لك.

قال أبو عبيد : قال الأصمعيُّ : وأَصْلُ هذا المثَل : أَنه كان غارٌ فيه ناسٌ فانهار عليهم ، أو قال : فأَتاهم فيه عدوٌّ فقتَلهم فيه فصار مثَلاً لكلِّ شيءٍ يُخافُ أَنْ يَأْتي منه شرٌّ ثمَّ صُغِّر الغار فقيل : غوَيْرٌ.

قال أبو عبيد : وأخبرني ابنُ الكلبيِ بغير هذا ، زَعم أنَ الغُوَيرَ ماءٌ لكلبٍ معروفٌ بناحية السَّمَاوَة ، وأَنّ هذا المثَل إنما تكلَّمتْ به الزَّباءُ لمَّا وَجَّهَت قصِيراً اللّخْميَّ بالْعِير إلى العراق ليَحْمل لها من بَزِّه ، وكان قَصيرٌ يطلبها بثأْر جَذيمةَ الأَبْرشِ فجَعل الأحمالَ صناديق فيها

١٦١

الرِّجالُ مع السلاح ثمَّ عدَل عن الجادَّة وأَخَذ عَلَى الغُوَيْر فأَحسَّتْ بالشَّرِّ وقالت :

عسى الغُوَير أبْؤُساً ، عَلَى إضمار فِعْلٍ.

أَرادتْ عسى أَنْ يُحدِث الغوَيرُ أَبْؤُساً.

وأَمَّا الغارة فلها مَعْنيَان.

يقال : أغار الحَبلُ يُغيرُه إغارةً وغارةً إذا شَدَّ فَتْلُه. وحبلٌ مغارٌ : شديدُ الفتلِ وما أشدَّ غارتَه ، فالإغارة مصدرٌ حقيقيٌّ ، والغارةُ اسمٌ يقومُ مقام المصدرِ ، ومثلهُ أَعَرْتُه الشيء أُعيرُه إعارةً وعارَةً ، وأطعتُ الله إطاعةً وطاعةً.

والمعنى الثاني في الغَارَةِ أنه يقال : أغارَ الفرسُ إِغارةً وغارَةً ، وهو سُرْعة حُضرِه ، ويُقال للخيْلِ المُغيرَة : غَارَةٌ ، أي أنها ذاتُ غارةٍ ، أيْ ذاتُ عَدْوٍ شديد ، وكانت العرب تقول للخيْلِ إذا شُنَّتْ على حَيٍّ نازلينَ صباحاً وهم غارُّونَ : فِيحِي فَيَاج : أي اتَّسعِي وتفَرَّقي أيتُها الخيلُ لتُحِيطِي بالحَيِّ ، ثمّ قِيلَ لِلنَّهْبِ غارَة لإغارة الخيْلِ عَليها.

وقال امرؤ القيس :

وغارةُ سِرْحانٍ وتَقْرِيبُ تَتْفُلِ

والسِّرْحانُ : الذِّئْبُ ، وغارَتُه شِدّةُ عَدْوِه.

وقال الله جل وعزّ : (فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً (٣)) [العاديات : ٣].

أبو عبيد عن أبي عبيدة : غارَني الرَّجُلُ ، يَغيرُني ويغورُني : إذا وَدَاكَ من الدِّيةِ ، والاسمُ الغِيرَةُ ، وجمعُها الغِيرُ.

وفي الحديث أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لرجل طلب القَوَد بوليّ له قُتل : «ألا الغِيَرَ تُريدُ».

قال أبو عبيد : قال الكسائي : الغِيَرُ : الدّيَةُ ، وجمعه أَغيارٌ.

وقال أبو عمرو : والغِيَرُ جمعُ غِيرَةٍ ، وهي الدِّيةُ.

وأنشد :

لنَجْدَعَنَّ بأيدينا أنوفَكُمو

بني أمَيمةَ إن لم تقبلوا الغيَرَا

قال أبو عبيد : وإنما سُمِّيَتِ الدِّيةُ غيراً فيما نرى لأنه كان يجبُ القَوَدُ فغُيِّرَ القَوَدُ دِيةً ، فسمِّيَتِ الدِّيةُ غيراً ، وأصلُه منَ التّغييرِ.

الحرانيُّ عن ابن السكيت : غارَ فلانٌ أهلَهُ يَغيرُهم غياراً : إذا مارَهم ، وغارهُم الله بالخيرِ يغورُهم ويغِيرُهم.

قال الأصمعيُّ : وهي الغِيرة ، وأنشدنا قولَ الهذليِّ :

ماذا بغيرِ ابنتيْ رِبْعٍ عوِيلُهما

لا ترْقُدانِ ولا بُؤسى لمَنْ رَقَدا

وقال الحيانيُّ : غارهُم اللهُ بالمطَرِ يغورهم ويَغيرُهم إذا سقاهم ، ويقالُ : اللهم غِرنا بخير : أي أَغِثنا.

أبو عبيد عن الأصمعي : الغائرةُ : القائلة ،

١٦٢

وقد غوّر القومُ تغويراً : إذا قالوا من القائلة ، ويُقال : غَوِّرُوا بنا فقد أرْمَضتمُونا : أي انزِلوا وقتَ الهاجرة حتى نُبرِدَ ثمّ تروَّحوا.

قال ابن شميل : التَّغوِيرُ أن يسيرَ الرَّاكبُ إلى الزَّوال ثمّ ينزلَ.

شمرٌ عن ابن الأعرابي : المُغوِّرُ : النازِلُ نصف النهار هُنيهةً ثم يرحل.

وقال الليث : التَّغويرُ يكون نزُولاً للقائلة ويكون سيراً في ذلك الوقتِ ، والحُجَّة للنزُولِ.

قول الراعي :

ونحنُ إلى دُفُوفِ مُغَوِّرَاتٍ

نَقِيسُ عَلَى الحصى نُطَفاً بَقينا

وقال ذُو الرُّمة في التغويرِ فجعَلهُ سَيْراً :

برَاهُنّ تغوِيري إِذا الآلُ أرْفَلتْ

به الشمسُ أُزْرَ الحزْوَراتِ العوانكِ

قال : أرْفلَتْ : أيْ بلغتْ به الشمسُ أوْساطَ الحزْوَراتِ.

وقال الأصمعي : غارَ النهارُ إذا اشتَدّ حَرُّهُ.

قلتُ : والغائرةُ هي القائلةُ ، والتغوِيرُ كلُّه أُخذَ من هذا.

وقال ذو الرمة :

نزَلنا وقد غارَ النهارُ وأَوقَدَتْ

علينا حَصى المَعزَاء شمسٌ تنالُها

أي : من قُربِها كأنكَ تنالُها.

أبو العباس عن ابن الأعرابي : قال : الغَوْرَةُ : الشمس.

وقالت امرأةٌ من العرب لبنتٍ لها : هي تشفيني مِنَ الصَّوْرَة وتستُرُني من الغوْرة ، والصَّوْرَة : الحِكَّة.

وقال ابنُ بُزرج : غوّرَ النهارُ : أي : زالت الشمسُ.

وقال الأصمعي : يُقال : غار الرجُل يغور إذا سار في بلادِ الغَوْرِ ، وهكذا قال الكِسائي.

وأنشد قولَ جَرير :

يا أُمَّ طَلْحَةَ ما رأيْنا مِثْلكم

في المُنْجِدين ولا بغَوْرِ الغائر

وسُئل الكسائي عن قوله :

أغارَ لعَمْرِي في البلاد وأنجَدَا

فقال : ليسَ هذا من الغَوْر ، وإنما هو مِنْ أغارَ إذا أسرعَ ، وكذلك قال الأصمعيّ.

شمرٌ عن ابن الأعرابي : غارَ القومُ وأغارُوا : إذا أَخذوا نحو الغَوْرِ.

ثعلب عن ابن الأعرابي ، قال : العربُ تقول : ما أدْرِي أغارَ فلانٌ أمْ مار ، قال : أغارَ : أتَى الغَوْر ، ومارَ : أتى نجداً.

وقال ابنُ السكيت : قال الفراء : أغارَ لغةٌ بمعنى غارَ واحتَجّ ببيتِ الأعشى ، ويقال : غارتْ عينُه تغُور غؤُوراً وغَوْراً ، وغارَ الماءُ يَغورُ غوْراً وغؤوراً.

١٦٣

قال الله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً) [الملك : ٣٠] ، سمّاه بالمصدرِ ، كما يقالُ : ماءٌ سَكْبٌ وأُذُنٌ حشْرٌ ودِرْهم ضرْب : أي : ضُرِبَ ضرباً ، وغارَتِ الشمسُ فهي تغُورُ غؤوراً إذا سقطت في الغَوْر حينَ تغيبُ ، وغار على أهله يَغارُ غَيرَةً ، وامرأَةٌ غيُورٌ من نِسْوة غُيُر وامرأة غيْرَى من نِسْوة غيَارَى ، ورَجُلٌ غَيُور من قوم غُيُرٍ.

وقال غيره : رجل مِغوارٌ : كثير الغارات على أعدائِه ، وجمعُه مَغاوِيرُ.

وقال الليث : فرَس مُغارٌ : شديدُ المَفاصِلِ.

قلتُ : معناه : شدّةُ الأسْرِ كأنما فُتِل فَتْلاً ، والغوْرُ : تِهامةُ وما يلي الْيَمَنَ.

وقال الأصمعي : ما بين ذات عرق إلى البحر غوْر تهامة.

وقال الباهليُّ : كل ما انحدَرَ سيْلُه مَغربيّاً فهو غوْر.

وقال الليث : يقال : غارتِ الشمسُ غِياراً ، وأنشد :

فلمّا أَجَنّ الشمسَ عنِّي غيارُها

واسْتغارَ الجُرْحُ والقَرْح : إذا وَرِمَ.

وأنشد :

رَعَتْه أشْهراً وحلَا عليها

فطارَ النِّيُّ فيها واستغارا

قلتُ : معنى استغارَ في هذا البيت أي : اشتدّ وصلبَ ، يعني شَحْمَ النّاقةِ ولحْمَها إذا اكتنزَ كما يَسْتغيرُ الحبلُ إذا أُغيرَ أيْ : شُدّ فَتْلُه.

وقال بعضهم : استَغارَ شَحْمُ البعير : إذا دخلَ جَوْفَه ، والقوْلُ هو الأولُ ، ويقال : إنكَ غُرْتَ في غيرِ مغارٍ : معناه : طَلَبْتَ في غيرِ مطلَبٍ ، ورَجُل بعيدُ الغَوْرِ : إذا كانَ جيِّدَ الرأي قَعيرَهُ.

وغر : ابن السكيت : يقال : في صدره عليه وغرٌ ، ساكن الغين ، وقد أوغرت صدره ، أي : أوقدْته من الغيْظ وأحميته ، وأصله من وغرة القَيْظ ، وهي شِدّة حرِّه ، ويقال : سمعْتُ وغرَة الجيش أي : أصواتهم.

وأنشد :

كأن وغرَ قطاه وغرُ حادينا

قال الليث : الوَغْرُ : احتراقُ الغيظ ، يقال : وغِرَ صدرُه عليه يؤغَرُ ، وهو أَن يَحترِقَ القلب من شدّة الغيْظ ، وقدْ وغر صدْرُه وغَراً ، وأوغرَ صدْرَه عليه ، وكذلك أَرِيَ صدرُه عليه يأْرَى مِثلُ وغِرَ وغراً سَوَاءٌ.

قاله أبو زيد فيما روَى عنه أبو عبيد ، ويقال : وغرتِ الهاجرَةُ تَوغر وَغَراً : إذا رَمِضتْ ، واشتدّ حرها ولَقيتهُ في وغرة الهاجِرَة حينَ تتوسَّط العينُ السماءَ ، ويقال : نزلنا في وَغْرةِ القيْظِ على ماء كذا وكذا ، وأوْغرتُ الماءَ إيغاراً : إذا أحْرَقْته

١٦٤

حتى غلَا ، ومنه المَثَل السائر : كما كَرِهتِ الخنازير الحميمَ المُوغَر.

وقال الشاعر :

ولقدْ رأيتَ مكانهمْ فكرِهْتهم

ككراهة الخِنزير للإيغار

وقال ابن السكيت : الوَغيرة : اللّبَنُ وحدَه محضاً يُسخَّن حتى ينضَجَ وربما جُعِلَ فيه السمنُ ، يقال : أوْغرت اللّبنَ.

قال : وفي لُغة الكِلابيينَ : الإيغار : أن تُسَخِّن الرضافَ وتُحرقهَا ثم تُلقيها في الماءِ لتُسخِّنه.

وقال الليث : الوَغير : لحْمٌ يُشوى على الرَّمْضاء.

قال : ووغَّر العامل الخرَاج : إذا استوفاه.

وقال أبو سعيدٍ : أوْغرْت فلاناً إلى كذا : أي : ألجأتُه. وأنشد :

وتطاوَلَتْ بكَ هِمّةٌ محطوطةٌ

قد أوْغرَتْك إلى صباً وهُجون

أي : أَلجأَتْكَ إلى الصبا.

قال : واشْتِقاقُه من إيغار الخَراج ، وهو أن يُؤدِّي الرجلُ خرَاجه إلى السلطان الأكبر فِراراً من العمال ، يقال : أوْغرَ الرجل خراجه إذا فعل ذلك.

أبو عبيد عن الأصمعيِّ : الوغْر : الصَّوْتُ.

وقال ابن الفرج : قال الأصمعي : الوغرُ والوغم : الذحلُ.

قال : وقال بعضهم : ذهبَ وغَر صدْره ووغَم صدره : أي : ذهب ما فيه من الغلِّ والعداوة.

وقال اللحياني : وغِرَ عليه صدري يَوْغَرُ ويَغِرُ ووَعِرَ يَوْعَرُ ويعِرُ بالعين : أي : امتلأ غيظاً وحقداً.

روغ  ـ  ريغ : أبو عبيد عن اليزيديِّ : هذه رِيَاغَةُ بني فلانٍ ورِوَاغَتُهُمْ حيث يَصْطَرِعُون.

وقال الليث : الرَّوَّاغُ : الثعلب ، وهو أروَغُ من ثعلبٍ ، وطريقٌ رائغٌ مائلٌ ، وراغَ فلانٌ إلى فلانٍ : إذا مال إليه سراً.

ومنه قول الله جلَّ وعزَّ : (فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (٢٦)) [الذاريات : ٢٦].

وقال أيضاً : (فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ (٩٣)) [الصافات : ٩٣] ، كل ذلك انحرافٌ في استخفاء ، ويقال : فلانٌ يُرِيغُ كذا وكذا ويُلِيصُهُ : أي : يديره ويطلبه ، وتقول للرجل يحُومُ حولك ما تُرِيغُ : أي : ما تطلب ، وفلانٌ يُديرني عن أمرٍ وأنا أُرِيغُهُ.

وقال دارة أبو سالم :

يُدِيروننيَ عن سالم وأُريغه

وجلدة بين العين والأنف سالم

ومنه قول عبيد : وقال عبيد بن الأبرص يردّ على امرىء القيس كلمته :

أتُوعِدُ أسرتي وتركت حجراً

١٦٥

يُرِيغُ سوادَ عَيْنَيْهِ الغُرابُ

أي : يطلبه لينتزعه فيأكله.

وفي الحديث : «إذا كَفى أحدكم خادمهُ حَرَّ طعامهِ فليُقعده معه وإلا فَلْيُرَوِّغْ له لُقمةً».

يقال : روَّغَ فلان طعامه ومَرَّغَهُ : إذا روَّاه دَسَماً ، وفلان يُراوغُ فلاناً : إذا كان يحيدُ عمَّا يُدِيره ويُحايصُه.

وقال شمرٌ : الرِّياغُ : الرَّهَج والغبار.

قال رؤبة يصف عَيْراً وأتْنَه :

[وإن](١)أثارتْ من رِياغٍ سَمْلَقاً

تهْوِي حَوامِيها به مُدَقَّقَا

قلت : وأحسب الموضع الذي يتمرَّغُ فيه الدوابُّ سمِّي مَرَاغاً من الرِّياغِ وهو الغُبار.

رغا : قال الليث : رَغَا البعير يَرْغُو رُغاء.

قال : والضَّبعُ ترغُو ، وسمعت رَوَاغِيَ الإبل : أي : رُغاءَها وأصواتها ، وأرْغَى فلانٌ بعيره : إذا فعل به فعلاً يَرْغُو منه ليسمع الحيُّ صوته فيدعوه إلى القِرَى ؛ وقد يُرْغِي صاحب الإبل إبله بالليل ليسمع ابن السبيل رُغاءَها فيميل إليها وأن الضيف إذا أرغى بعيره وجد فيها قِرىً.

وقال ابن فسوة يصف إبلاً :

طوال الذُّرى ما يلعنُ الضيفُ أهلها

إذا هو أرْغَى وسطَها بعد ما يَسْرِي

أي : يُرْغِي ناقته في ناحية هذه الإبل.

وأنشد ابن الأعرابي :

من البِيضِ تُرْغِينا سِقاطَ حديثها

وتنكدُنا لَهْوَ الحديث الْمُمَتّعِ

أي : تُطعمنا حديثاً قليلاً بمنزلة الرَّغوة.

وقال الليث : الارْتِغَاءُ : سحفُ الرَّغوة واحتِساؤُها ، ومن أمثالهم : هو يُسِرُّ حَسْواً في ارْتِغاءٍ ، يُضرب مثلاً لمن يظهرُ طلب القليل وهو يُسِرُّ أخذ الكثير.

ويقال : رَغَا اللَّبنُ وأرْغَى : إذا كثرت رغوته.

أبو عبيد عن الكسائي : هي رَغْوَةُ اللبن ورُغْوَةٌ ورِغْوَةٌ ورِغايةٌ وزاد غيرُهُ رُغايةً ، ولم نسمع رُغاوةً.

أبو زيد ، يقال للِرَّغْوَةِ رُغاوَى وجمعها رَغَاوَى ، رواه ابن نَجدة عنه.

ثعلب عن ابن الأعرابي ، قال : الرَّغْوَةُ : الضَّجْرةُ ، ويقال : رغَّاهُ : إذا أغضبه ، وغَرَّاه إذا أجبره.

غير : في حديث جَرير بن عبد الله ، أنه سمع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي ، يقدرون أن يُغَيِّرُوا فلا يُغَيِّرُون ، إلا أصابهم الله بعقاب».

__________________

(١) زيادة من «اللسان» (ريغ  ـ  ٥ / ٣٩٢) و «العين» (٤ / ٤٤٤).

١٦٦

قال الزجاج : معنى يغيِّرون ، أي : يدفعون ذلك المنكر بغيره من الحق ، وهو مشتق من غير ، يقال : مَرَرْت برجل غيرك ، أي ليس بِكَ.

قال الليث : غَيْرٌ يكون استثناء مثل قولك : هذا درهمٌ غَيْرَ دانق ، معناه : إلا دانقاً ويكون غَيْر اسماً تقول : مَرَرْتُ بِغَيْرِكَ ، وهذا غَيْرُكَ.

وقال الله جلَّ وعزَّ : (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) [الفاتحة : ٧] ، خفضت غَيْرٌ لأنها نعتٌ للذين ، وهو غَيْرُ مصمودِ صمدهُ وإن كان فيه الألف واللام.

وقال أبو العباس : جعل الفراء الألف واللام فيها بمنزلة النَّكرة ويجوز أن يكون غَيْرٌ نعتاً للأسماء التي في قوله : (أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) [الفاتحة : ٧] ، وهي غير مصمودٍ : صمْدها أيضاً ، وهذا قول بعضهم ، والفراء يأبَى أن تكون غَيْرٌ نعتاً لغير الذين لأنها بمنزلة النكرة عنده.

وقال الأخفش : غَيْرٌ : بدلٌ.

قال ثعلب : وليس يمتنع ما قال ، ومعناه التكرير كأنه أراد : صِراط غيرِ المغضوب عليهم.

وقال الفراء : معنى غيرٍ معنى لا ، ولذلك رُدَّت عليها لا ، كما تقول : فلان غيرُ مُحْسنٍ ولا مُجْمِل ، قال : وإذا كانت غَيْرٌ بمعنى سِوًى لم يجز أن يُكرَّ عليها ، ألا ترى أنه لا يجوز أن تقول : عندي سِوى عبد الله ولا زيدٍ ، قال : وقد قال من لا يعرف العربية إن معنى غيرٍ هاهنا بمعنى سِوًى ، وإنَّ لا صلةٌ.

قلت : وهذا قول أبي عبيدة.

وقال أبو زيد : من نصب قوله (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) فهو قطعٌ.

وقال الزجاج : من نصب غَيْراً فهو على وجهين ، أحدهما : الحال ، والآخر : الاستثناء.

قلت : والمُغَيِّرُ : الذي يُغَيِّر على بعيره أداته ليُريحه ويخفِّف عنه.

وقال الأعشى :

واستُحِثَ المُغَيِّرون من القو

م وكان النِّظاف ما في العزالي

شمر عن ابن الأعرابي : يقال : غَيَّرَ فلان عن بعيره : إذا حطَّ عنه رحْلَه وأصلح من شأنه.

وقال القطامي :

إلا مُغَيِّرنا والمُسْتَقِي العَجِلُ

وتَغَيَّرَ فلان عن حاله فهو مُتَغَيِّر.

باب الغين واللام

[غ ل (وايء)]

غلا  ـ  غول  ـ  غيل  ـ  وغل  ـ  ولغ  ـ  لغا  ـ  لوغ  ـ  ليغ : مستعملات.

غلا : قال الليث : غَلَا السِّعْرُ غلاءً : مَمْدُودٌ ،

١٦٧

وغَلَا في الدِّين يغْلو غُلُوّاً : إذا جاوزَ الحدَّ ، وغلا بالسَّهْم يغْلو غُلُوّاً : إذا رمى به ، وقال الشماخُ :

كما سَطَعَ المرِّيخُ شَمَّرَهُ الغالي

قال : والمغالي بالسَّهم : الرَّافعُ يَدَهُ يُريدُ به أقصى الغايةِ ، قال : وكلُّ مرماةٍ من ذلك غَلْوَةٌ ، وأنشد :

منْ مائَةٍ زَلْخٍ بمرِّيخٍ غال

قال : والمِغْلَاةُ : سَهْمٌ يتخذ لمغالاة الغَلْوَةِ ويقال له المِغْلَى بِلا هَاءٍ ، قال : والفَرْسَخُ التَّامُّ خمسٌ وعِشْرُونَ غلوَةً ، والدَّابَّةُ تغلو في سَيْرِهَا غَلْواً وتغتلي بخفَّةِ قوائمها ، وأنشد :

فَهْيَ أَمَامَ الفَرْقَدَيْن تَغْتَلي

وتغالى النَّبْتُ أي : ارتفعَ وطَالَ.

وقال ذو الرمة :

مِمَّا تَغَالى منَ الْبُهْمَى ذَوائبُهُ

بالصَّيْفِ وانْضَرَجَتْ عنه الأكاميمُ

قال : وتغالى لحمُ الدَّابّةِ : إذا تَحَسَّرَ عند التَّضمير.

وقال لبيد :

فإذا تغالى لَحْمُها وتحسرتْ

وتقَطَّعَتْ بعد الكلالِ خدامُها

تغالى لحمها : أي : ارتفع وصارَ على رُؤوس العظام ، ويقال : غلتِ القِدرُ تغلي غَلياً وغلَياناً ، والغاليةُ : معروفةٌ ، يقال منها : تَغَلَّلتُ وتَغَلّفْتُ.

وقال الأصمعي : تغلَّيتُ من الغالية.

وقال أبو نصر : سألتُ الأصمعي هل يجوزُ تغلّلْتُ ، فقال : إن أردت أَنَّكَ أدْخَلْتَهُ في لحيتكَ أو شاربكَ فجائِز.

وقال الفراء : غالَيْتُ اللحم وغاليت باللحم : جائزٌ ، وأنشد :

تُغالي اللَّحْم للأضياف نِيئاً

وتبذله إذا نَضِجَ القُدُورُ

المعنى : تُغالي باللحم.

وقال أبو مالك : نُغالي اللَّحْم : نشتريه غالياً ، ثم نَبذُلُهُ ونُطعمهُ إذا نَضجَ ما في قُدُورنا.

وقال أبو زيد : أراد نُغالي باللحم فحذف الباءَ ، قال : ويقال : لعبْتُ الكعابَ ، ولعبتُ بالكعابِ.

وقال أبو عبيد : الغُلَواء ممدودٌ : سرعةُ الشبابِ ، وأنشد قوله :

لم تلتفتْ لِلدَاتها

ومضتْ على غُلَوائها

وقال ابن السكيت في قول الشاعر :

خمصانةٌ قلِقٌ مُوشَّحُها

رُؤْدُ الشبابِ غلابها عظمُ

هذا مثل قول ابن الرُّقيات : لم تلتفت لِلداتِها وكما قال :

كالغُصْن في غُلوائهِ المتأَوِّدِ

وقال غيره : الغالي : اللحمُ السَّمينُ ، أُخِذَ

١٦٨

منه قوله : غلابها عظمٌ : إذا سَمِنَتْ.

وقال أبو وجزة :

تَوَسَّطها غالٍ عتيقٌ وَزانها

مُعرَّسُ مَهْرِي به الذَّيل يلمعُ

أي : توسطها شحمٌ عتيقٌ في سنامها ، والغَلْوَى : الغاليةُ في قول عديِّ بن زيد :

ينفحُ مِنْ أردانها المسكُ والعن

بَرُ والغلوى ولبني قفُوص

ويقال : غاليتُ صدَاقَ المرأةِ أي أغليتُهُ ومنه قول عمر : ألا لا تُغالُوا صُدُق النساءِ، وقال بعضهم : غَلوتُ في الأمر غلانيةً : إذا جاوزت فيه الحدَّ ، زادوا فيه النُّون ، ويقال للشيء إذا ارتفع وزَادَ : قد غَلا.

وقال ذو الرُّمَّة :

فما زال يغلو حبُّ مَيَّةَ عندنا

ويزدَادُ حتّى لم نَجد ما نَزيدها

غول  ـ  غيل : قال ابن شميل : يقال ما أبعدَ غَوْلَ هذه الأرضِ : أي ما أبعد ذَرْعها ، وإنَّها لَبعيدةُ الغولِ وقد تغوَّلتِ الأرضُ بفلانٍ : أي : أهلكتهُ وضللته ، وقد غالتهم تلك الأرضُ : إذا هلكُوا ، واغتالتهم مِثله ، وقال ذو الرُّمة :

وَرُبَّ مفازةٍ قُذُف جموحٍ

تغولُ منحِّبَ القَربِ اغتِيالا

وقال الأصمعي : هذه أرضٌ تغتالُ المشي : أي لا يستبين فيها المشيُ من بعدها وَسَعتها ، وقال العجاجُ :

وَبلدةٍ بعيدةِ النِّياط

مجهُولةٍ تغتالُ خَطو الخاطي

وقال الليث : الغَولُ : بعدُ المفازةِ ، وَذلك أنها تغتالُ سير القوم.

وقال الأصمعي : يقال للصَّقر وغيره لا يغتاله الشبع أي : لا يذهبُ بقوَّتهِ شبعُه ، وقال زهير :

مِن مَرقَبٍ في ذُرى خلقاءَ راسيةٍ

حُجْن المخالبِ لا يغتاله الشِّبَعُ

أراد صقراً حُجْناً مخالبُه ، ثم أدخلَ عليه الألف واللام وأقامها مقام الكنايةِ ، ويقال : تغوَّلتِ المرأةُ إذا تلوَّنتْ ، وقال ذو الرمة :

إذا ذاتُ أَهْوالِ نَكُولٌ تغوَّلَتْ

بها الرُّبْدُ فوْضَى والنَّعَامُ السَّوارحُ

ويقال : غالتْه غولٌ : إذا وَقع في هَلَكة ، وغاله الموت : أَهْلكه ، والغُوْلُ : المَنيَّة.

وقال الشاعر :

ما مِيتَة إن متُّها غيرَ عاجز

بعار إذا ما غَالت النّفسَ غُولُها

وأنشد أبو زيدٍ :

عنِينَا وأَغنَانا غنانَا وغالَنا

مَآكِلُ عمَّا عندَكم وَمَشاربُ

قال : غالَنا : حَبَسَنا ، يُقال : ما غالَكَ

١٦٩

عنّا : أي : ما حَبَسَكَ عنا.

وفي الحديث : «لا عَدْوَى وَلا هامةَ ولا غُولَ».

كانت العربُ تقول : إنَ الغيلانَ في الفَلَوات تراءَى لِلنَّاسِ وتَتَغَوَّلُ تَغَوُّلاً : أي : تَتَلَوَّنُ ألواناً ، وتضلُّ الناسَ عن طرقهمْ وتهلكُهمْ ، وَتَزْعُمُ أنَّها مردةُ الجِنِّ والشَّياطِين ، وذَكرُوا ذَلكَ في أشعارِهمْ فَأَكْثُروا ، فأَبْطَلَ النبيُّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما قالوا ؛ ولم يحقق ما تواطَأُوا عليه ونفى جميعَ ما ذكرُوه ، وقولهُ الحقُّ وما قالوه باطلٌ ، والعرب تسمِّي الْحيَّات أَغْوالاً.

ومنه قول امرىءِ القيس :

ومَسْنونةٌ زُرْقٌ كأَنيابِ أغْوالِ

أراد كأنياب الحياتِ ، وقيل : أرادَ بالأغوالِ مردةَ الشَّياطينِ.

ثعلب عن ابن الأعرابيِّ : غال الشيءُ زَيداً : إذا ذهب بهِ يَغُولُه غوْلاً ، والغَولُ : كلُّ شيءٍ ذهبَ بالعقلِ.

وقال أبو عبيد : الْمِغْوَلُ سوطٌ في جوفهِ سيفٌ.

وقال غيره : سمِّي مِغْولاً لأنَّ صاحبهُ يغتالُ به عَدُوَّه من حيثُ لا يحتسبهُ : أي : يهلكهُ ، وجمعهُ : مغَاوِلُ ، والغوْلانُ : ضربٌ من الحمضِ معروفٌ ، والمُغاولةُ : المبادرةُ.

وفي الحديث : «إني كنتُ أغاولُ حاجةً لي» أي : أبادرها.

وقال جرير :

عاينتُ مشعلةَ الرِّعال كأنها

طيرٌ تغاول في شمام وُكورا

وقال شمر : قال ابن شميلٍ : الغُول : شيطانٌ يأكل الناس.

وقال غيره : كل ما اغْتالَكَ من جِنِّيٍّ أو شيطان أو سُبعٍ فهو غُولٌ.

وذكرت الغِيلانُ عند عمر فقال : إذا رآها أحدكم فليؤذِّن فإنه لا يتحوَّل شيءٌ عن خَلْقِهِ الذي خُلق له ، ولكن لهم سحرة كسحرتكم ، ويكتب في عهدة المماليك : لا داءَ ولا خِبْثَةَ ولا غائلة ولا تغييبَ.

قال ابن شميل : يكتُبُ الرجل العهود فيقول : أبيعُك على أنه ليس لك داءٌ ولا تغييبٌ ولا غائلةٌ ولا خِبْثَةٌ.

قال : والتَّغْيِيبُ : أن لا يَبيعه ضالة ولا لُقطةً ولا مُزَغْزَغاً.

قال : وباعني مُغَيَّباً من المال ، أي : ما زال يخبؤُه ويُغيِّبه حتى رماني به ، أي باعَنِيهِ ، قال : والخِبْثَةُ : الضالة أو السرقة ، والغائلة : المُغَيِّبَة أو المسروقة.

وقال غيره : الدّاء العيب الباطن الذي لم يُطْلع البائعُ المشتري عليه ، والْخِبثة في الرقيق ألا يكون طيِّب الأصل كأنه حُرُّ الأصل لا يحل مِلْكُه لأمانٍ سبق له أو حرِّية ثبتت فيه ، والغائِلَةُ : أن يكون

١٧٠

مسروقاً ، فإذا استُحق غالَ مالَ مُشتريه الذي أدَّاه فيه ثمناً له.

أبو عُبيد : الغَوائِلُ : الدَّواهي ، وهي الدَّغاولُ.

شمر عن ابن الأعرابي : فلاةٌ تَغَوَّلُ : أي : ليست بِبَيِّنة الطُّرق فهي تضلِّل أهلها ، وتغَوَّلها : اشتباهها وتلونها.

قال : والغَوْلُ : بُعد الأرض ، وأغوالُها : أطرافها ، وإنما سُمِّي غَوْلاً لأنها تغُولُ السائلة أي : تقذف بهم وتُسقطهم وتبعدهم.

وقال الأصمعي وغيره : قتل فلان فلاناً غِيلَةً ، أي : في اغتيالٍ وخفيةٍ ، وقيل : هو أن يُخدع الإنسانُ حتى يصير إلى مكان قد استخفى له فيه من يقتله ، قال ذلك أبو عبيد.

وقال ابن السكيت : يقال : غَالَه يغُولُه إذا اغْتالُه ، وكل ما أهلك الإنسان فهو غُولٌ ، والغضبُ غُولُ الحلم ، أي : يغتالهُ ويذهب به.

وفي الحديث عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «لقد هممت أن أنهى عن الغِيلَةِ ثم ذكرت أن فارس والروم يفعلون ذلك فلا يضرُّهم».

قال أبو عبيد : قال أبو عبيدة واليزيدي : الغِيلَةُ هي الغَيْلُ ، وذلك أن يجامع الرجل المرأة وهي مرضع ، وقد أَغَالَ الرجل ولده وأغْيَلَهُ ، والولد مُغالٌ ومُغْيَلٌ.

وقال ابن السكيت : الغَيْلُ : أن ترضع المرأة ولدها وهي حاملٌ.

وقالت أم تأبط شراً تُؤَبِّنُه بعد موته : والله ما أرضعته غَيْلاً.

قال : والغَيْلُ أيضاً : الساعد الرَّيان المُمتلىءُ ، وأنشد :

لكاعبٌ مائلةٌ في العطفين

بيضاءُ ذات ساعدين غَيْلَيْن

وقال أبو عبيد : قال اليزيدي في الغَيْلِ مثل ما قال ابن السكيت قال : والغَيلُ أيضاً : الماءُ الذي يجري على وجه الأرض ، والغَيْل : الشجر الملتفُّ ، ونحو ذلك. قال ابن الأعرابي وجاء في الحديث : «ما سُقِي بالغَيلِ ففيهِ العُشْرُ».

وقال أبو عبيد : قال الأصمعي : الغَيْلُ ما جَرى من المياهِ في الأنهار ، وهو الفتحُ ، وأما الغلَلُ فهو الماء يجري بين الشجر.

وقال ابن الأعرابي : الغوائلُ : خروقٌ في الحوض واحدتها غائلة ، وأنشد :

وإذا الذَّنُوبُ أحيلَ في مُتَثلَّمَ

شَربتْ غَوائلُ ماءَهُ وهزُومُ

وقال أبو عبيد في قول الأعشى :

وسِيق إليهِ الباقِرُ الغُيُلُ

قال : الغُيُلُ : هي الكثيرة ، قلت : ويكون بمعنى السِّمانِ.

وغل : قال ابن الأعرابي وغيره : الواغلُ

١٧١

الدَّاخلُ عَلَى القومِ في شرابهمْ من غيرِ دَعْوَةٍ.

وقال الليث : هو الدَّاخلُ عَليهمْ في طَعَامِهمْ.

وقال ابن السكيت : الوَغْلُ : الشراب الذي يشربه الواغِلُ ، وأنشد :

إن أكُ مِسْكيراً فلا أشربُ

الوغل ولا يَسلَمُ مني البَعيرْ

وقد وَغَلَ الواغِلُ يَغِلُ : إذا دَخلَ عَلَى قومٍ شَرْبٍ لم يَدعوهُ.

والوَغلُ : الرَّجلُ الضعيفُ وجمعه أوْغالٌ ، وأوغلَ القوم : إذا أمْعَنُوا في سَيْرِهم دَاخلين بين ظَهْرَانِي الشعابِ أو في أرْض العدُوِّ ، وكذلك تَوَغَّلُوا وتَغلغلُوا.

وفي الحديث : «إِن هذا الدين مَتِينٌ فَأَوْغلْ فيه برفقٍ».

قال أبو عبيد : قال الأصمعي : الإيغال : السيرُ الشديدُ ، والإمْعانُ فيه.

وقال الأعشى :

يقطع الأمْعَزَ المكوكبَ وخْداً

بِنواجٍ سريعةِ الإيغالِ

قال : وأما الوُغُولُ فإنه الدُّخولُ في الشيء وإن لم يُبعدْ فيه ، وكل دَاخلٍ فهو واغلٌ.

يقال : منه وغَلتُ أغِلُ وغولاً ووَغْلاً.

وقال أبو زيد : وغلَ في البلادِ وأوغلَ بمعنى واحدٍ إِذا ذَهَبَ فيها.

لغا : قال الليث : اللُّغةُ واللغاتُ واللُّغِين : اختلافُ الكلامِ في معنى واحِدٍ.

ويقال : لغَا يَلْغو لَغواً ، وهو اخْتلاطُ الكلامِ ولَغَا يَلْغا لُغةٌ.

وفي الحديث : «من قال يوم الجُمعةِ والإمامُ يخطبُ لِصاحِبهِ صَهْ فقد لَغَا» ، أي : تكلَّمَ. وقال الله : (وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ) [الفرقان : ٧٢] ؛ أي : مَرُّوا بالباطِلُ.

ويقال : ألْغيْتُ هذِه الكلمةَ أي : رأيتها باطِلاً وَفَضْلاً ، وكذلكَ ما يُلغَى من الحسابِ.

وفي حديث سَلمانَ : «إياكُمْ ومَلْغاةَ أولِ اللَّيلِ» يريدُ اللغو ، وقال الله : (لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً) (١١) [الغاشية : ١١] ، أي : كلمةً قَبيحةً أو فاحِشةً.

قال قتادَةُ : أي : باطِلاً ومَأثماً.

وقال مجاهدٌ : شَتْماً.

وقال غيرهما : اللَّاغيةُ واللَّوَاغي بمعنى اللغوِ مثلُ راغيةِ الإبل ورواغيها بمعنى رُغائها ، واللَّغْو واللَّغا واللغْوَى : ما كان من الكلام غير معقودٍ عليه.

وقال ابن شميل في قوله : «من تكلّم يوم الجمعة والإمام يَخطبُ فقد لغَا» أي : خَابَ.

قال : وألغيْتُه أي : خَيَّبتهُ. رواهُ أبو داودَ عنه.

وقالت عائشةُ في قولِ الله : (لا يُؤاخِذُكُمُ

١٧٢

اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) [البقرة : ٢٢٥] ، هو قول الرجل لَا واللهِ وَبَلَى واللهِ.

قال الفراء : كأنَّ قول عائشةَ أَنَ اللَّغوَ ما يجري في الكلامِ عَلَى غيرِ عَقْدٍ.

قال : وهو أشْبَهُ ما قيل فيهِ بِكلامِ العرَبِ.

وقال غيره : لَغَا فلانٌ عن الصَّوابِ أي : مالَ عنهُ.

أبو عبيد عن الكسائيِّ : لَغِي فلانٌ بالماء يَلْغَى به : إذا أكثر منه ، ولَغيَ فلانٌ بفُلانٍ يَلْغى : إذا أُولعَ به.

وقال ابن السكيت : لَغْوَى الطير أصواتها ، وقال الراعي :

قوارِبُ الماء لَغْوَاها مبيِّنةٌ

في لُجَّةِ اللَّيْل لَمَّا راعها الْفَزَعُ

وقال أبو سعيد : إذا أردت أن تنْتفِع بالأعراب فاسْتَلْغِهمْ : أي : اسْمع من لُغاتِهم من غير مسألةٍ ، ويقال : إن فَرَسَكَ لَمُلاغي الْجَرْي : إذا كان جَرْيُهُ غيْرَ جَرْيِ جِدِّ. وأنشد أبو عمرو لطلْقِ بن عَدِيّ :

جَدَّ فَمَا يَلْهُو ولا يُلاغى

وقال الأصمعي : ألغَاهُ من العدد وألقاهُ بمعْنى واحد.

وروي عن ابن عباس : أنه ألْغَى طلاق الْمُكْرهِ

: أي : أبْطَلُه ، وقال الشاعر :

إذا اسْتَلغَاني الْقَوْمُ في السُّرى

بَرِمْتُ فألْغَوْني بِسِرِّك أعْجَمَا

اسْتَلغَوْني : أرادوني على اللَّغْو.

وقال الأصمعي : ذلك الشيء لك لَغْواً ولَغاً ولَغْوَى ، وهو الشيءُ الذي لا يُعْتَدُّ به ، قلت : واللُّغةُ من الأسماءِ الناقصة وأَصْلُها لُغْوَةٌ من لَغَا إذا تكلَّم.

وقال ابن الأعرابي : لَغَا يَلغُو : إذا حَلف بِيمينٍ بِلا اعتقادٍ.

لوغ  ـ  ليغ : لاغ يلُوغ لَوْغاً : إذا لزم الشيء.

أبو عبيد عن أبي عمر : والألْيَغُ الذي لا يُبيِّنُ الكلام وامرأةٌ لَيْغَاءُ.

وقال الليث : الألْيَغُ الذي يرجع لِسَانُهُ إلى الياء.

ثعلب عن ابن الأعرابي : رَجلٌ ألْيَغُ وامرأةٌ لَيْغَاء إذا كانَا أحْمَقين ، واللّيَغُ : الْحُمْقُ الْجَيِّدُ.

ولغ : قال الليث : الْوَلْغُ : شُربُ السِّباع بألْسِنتها وبعض العرب يقول : يالَغُ : أرادوا بيَان الواو فجعلوا مكانها ألِفاً.

وقال ابن الرُّقيات :

ما مرَّ يومٌ إلا وعِنْدَهما

لَحمُ رجالٍ أو يالغَانِ دَمَا

ورجلٌ مُسْتَوْلغٌ : لا يُبَالي ذمّاً ولا عاراً.

وقال اللحياني : يقال : وَلَغَ الكلبُ ووَلِغَ يَلِغُ في اللغتينِ معاً.

ثعلبٌ عن ابن الأعرابي : لاغَ يَلُوغُ لَوْغاً : إذا لَزِمَ الشيءَ.

١٧٣

أبو عبيد عن الأموي : الْوَلْغَةُ : الدلْوُ الصغيرة ، وأنشدنا :

شَرُّ الدِّلاء الْوَلْغَةُ الْمُلازِمَة

وَالْبَكرَاتُ شَرُّهُنَّ الصَّائمة

يعني : التي لا تدور.

باب الغين والنون

غ ن

(وايء) غني  ـ  غين  ـ  نغي  ـ  وغن : مستعملة.

غين : قال الليث : الْغينُ : حرفٌ ، والْغَينُ :

شجرٌ مُلتفٌّ ، وأنشد :

أمطَرَ في أكْتاف غَيْنٍ مُغْينِ

قلت : أراد بالْغيْنِ السَّحاب ، وهو الْغيمُ.

قال ابن السكيت وغيره : الْغيْمُ والْعينُ السَّحابُ ، وأنشد قوله :

كأنِّي بين خافيَتَيْ عُقاب

أصابَ حمامةً في يَوْم غَينِ

أي : في يَوْم غيْمٍ ، وفي حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «إنه لَيُغَانُ على قَلبِي حتى أستغفِر الله».

قال أبو عبيدٍ : قال أبو عبيدةَ : يَعْنِي أنه يَتَغَشَّى الْقلبَ ما يُلبِسُهُ ، وكذلك كل شيء تغشى شيئاً حتى يُلبِسَه فقد غينَ عليْهِ ، ويقال : غِينَتِ السماءُ غَيْناً ، وَهُوَ إطباقُ الغيْمِ السماءَ.

وقال الفراء : شَجرةٌ غيْنَاءُ : كثيرةُ الورق مُلتفَّةُ الأغصانِ ، وأَشجارٌ غِينٌ ، وأنشد :

لَعِرْضٌ من الأَعْراضِ يُمْسِي حمامُهُ

وَيُضْحي عَلَى أفنانِهِ الغينِ يَهْتِفُ

وقال أبو العميثل : الْغَيْنَةُ : الأشجارُ المُلْتَفَّةُ في الجبال وفي السهل بلا ماءٍ ، فإذا كانت بماءٍ فهي غَيضَةٌ.

أبو عبيد عن الفراء : غانت نفسهُ تَغِينُ وَرَانت تَرينُ إذا غَثَتْ ، والْغِينَةُ : ما سال من الْجِيفَةِ.

غني : قال الليث : الْغنَى في المال مَقْصورٌ ، واستغنى الرجُلُ : أصاب غِنى ، والْغُنْيَةُ : اسمٌ من الاستغناء عن الشيء.

وفي الحديث : «ليس مِنَّا من لم يَتَغَنَ بِالقُرْآنِ».

قال أبو عبيد : كان سُفيان بن عُيَيْنةَ يقول : معناه : ليس مِنَّا من لم يَسْتَغنِ بهِ ، ولم يذهب به إلى الصَّوتِ.

قال أبو عبيد : وهذا كلام جائزٌ فاشٍ في كلام العرب ، يقولون : تَغَنَّيْتُ تغنِّياً وتَغانَيتُ تغانياً بمعنى استغنيتُ.

وقال الأعشى :

وكنتُ امرأً زمناً بالعرا

ق في عفيف المناخِ طويل التَّغَنّ

يريد : الاستغناء.

وأما الحديث الآخر : «ما أذِن الله لشيء كأذَنِهِ لنبيٍ يتغنَّى بالقرآن» فإِن عبد الملك أخبرني عن الرَّبيع عن الشافعي أنه قال :

١٧٤

معناه : تحزينُ القراءة وترقيقها.

ومما يحقِّق ذلك الحديث الآخر : «زيِّنُوا القرآن بأصواتكم» ، ونحو ذلك قال أبو عبيد.

وقال أبو العباس : الذي حصَّلناه من حُفاظ اللغة في قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «كأذنه لنبيٍ يتغنى بالقرآن» أنه على معنَيين ، على الاستغناء ، وعلى التطريب ، قلت : فمن ذهب به إلى الاستغناء فهو من الغنى مقصورٌ ، ومن ذهب به إلى التطريب فهو من الغناء الصوت ممدود ، يقال : غنَّى فلان يُغَنِّي أُغْنِية وتَغنَّى بأغنيةٍ حسنة ، وجمعها : الأغانِيُ ، وأما الغَنَاءُ بفتح الغين والمدِّ فهو الإجزاء والكفاية ، يقال : رجلٌ مُغْنٍ ، أي مجزىءٌ كافٍ ، يقال : أغْنَيْتُ عنك مَغْنَى فلان ومغْنَاته ومُغني فلان ومُغْناته أجزأْتُ عنك مُجزأَهُ ومُجزأَتهُ.

وسمعت رجلاً من فصحاء العرب يُبَكِّتُ خادماً له ويقول له : أغْنِ عني وجهك بل شَرَكَ بمعنى اكفني شرَّك وكُفَّ عنِّي شرَّك.

ومنه قول الله جلَّ وعزَّ : (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (٣٧)) [عبس : ٣٧] ، يقول : يكفيه شُغُلُ نفسه عن شُغلِ غيره.

الليث : رجل غان عن كذا ، أي : مُسْتَغْنٍ عنه ، وقد غَنِيَ عنه ، ورجلٌ غَنِيٌ : ذو وفرٍ.

وقال طرفة :

وإن كنت عنها غانياً فاغْنَ وازْدَدِ

ويقال : غَنِيَ القوم في دارِهِم : إذا طال مقامهم فيها.

وقال الله عزوجل : (كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا) [الأعراف : ٩٢] ، أي : لم يُقيموا فيها.

أبو عبيد عن أبي عبيدة : المغَاني : المنازِلُ التي يَقْطنها أهلها ، واحِدُها مغنًى.

وقال الليث : يقال للشيء إذا فني كأن لم يغن بالأمس أي : كأَنْ لم يكن.

قال : والغانيةُ : الشَّابَّةُ المتزوجةُ ، وجَمعُها غَوانٍ ، وهي التي غَنِيتْ بالزوَّجِ ، سلمة عن الفراء قال : الأَغناءُ : إمْلاكَاتُ العَرائسِ.

قال أبو منصور : أراد بها التزويج ، قال : والإنغاء : كلام الصبيان.

وقال ابن الأعرابي : الغنَى : التَّزْويجُ ، والعرب تقول : الغنَى : حِصْنٌ للعزَبِ ، أي : التّزْويجُ.

وقال أبو عبيدة : الغَوَانِي : ذَواتُ الأزْوَاجِ ، وأنشد :

أزمان لَيلى كعابٌ غير غانية

وأنشد لجميل :

وأحببت لما أن غنيت الغَوَانِيا

وقال ابن السكيت عن عمارةَ : الغواني : الشّوابُّ اللّواتي يعْجِبْنَ الرّجال ويعْجِبهُنَّ الشبان.

وقال غيره : الغانِيةُ : الجارية الحسناء ذات زوجٍ كانت أو غير ذات زوجٍ ، سمِّيت

١٧٥

غانيةً لأنها غَنِيَتْ بحُسنها عن الزينة.

وقال ابن شميل : كل امرأةٍ غانيةٌ ، وجمعها الغَواني.

وقال أبو عبيدة : أغْنَى الله الرجل حتى غَنِي غِنًى ، أي : صار له مالٌ وأقْناه الله حتى قَنِيَ قِنًى وهو أن يصير له قُنيةٌ من المال.

قال الله جلَّ وعزَّ : (وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى (٤٨)) [النجم : ٤٨] ، ورملُ الغَنَاءَ ممدودٌ مفتوحُ الأول ومنه قول ذي الرمة يذكره :

تنطَّقْن من رمل الغَنَاءِ وعُلِّقَتْ

بأعناق أُدمانِ الظِّبَاءِ القلائدُ

أي : اتَّخذن من رمل الغناء إعجازاً كالكُثبان وكأن أعناقهن أعناق الظِّباء.

نغي : قال الليث : المُنَاغاةُ : تكليمُك الصبيَّ بما يهوى من الكلام ، نَغَيتُ إلى فلانٍ نَغْيَةً ونَغَى إليَّ أُخرى : إذا ألقيت إليه كلمة وألقى إليك أخرى.

سلمة عن الفراء قال : الإنغاءُ : كلام الصبيان.

أبو عبيد عن الكسائي : سمعتُ منه نَغْيَةً ، وهو الكلام الحسن.

وقال أحمد بن يحيى : مُناغاةُ الصبيِّ : أن يصير بحذاء الشمس فَيُنَاغِيهَا كما يُناغِي الصبيُّ أمَّهُ ، ويقال لِلْمَوْج إذا ارتفع : كاد يُناغِي السحاب.

وقال الشاعر :

كأَنَّك بالمُباركِ بعد شهرٍ

يُناغي موجهُ غُرَّ السحابِ

ثعلب عن ابن الأعرابي : أنْغَى : إذا تكلم بكلامٍ لا يُفهم ، وأنْغَى أيضاً : إذا تكلم أيضاً بكلامٍ يفهم ، ويقال : نَغَوْتُ أنغُو ، ونَغَيتُ أَنْغِي ، قال : وأنْغَى وناغَى : إذا تكلم صبياً بكلامٍ لطيفٍ مليحٍ.

عمرو عن أبيه قال : النَّغْوَةُ والمَغْوَةُ : النَّغْمَة ، يقال : نَغوْتُ ونَغيْتُ نَغْوَةً ونَغْيَةً ، وكذلك مَغوْتُ ومَغيْتُ.

وغن : ثعلب عن ابن الأعرابي قال : التّوَغُّنُ : الإقدام في الحرب ، والوَغْنَةُ : الحُبُّ الواسع ، والتَّغوُّنُ : الإصرار على المعاصي.

باب الغين والفاء

غ ف

(وايء) وغف  ـ  غاف  ـ  غيف  ـ  فغا  ـ  غفا  ـ  (أغفى)  ـ  فوغ.

وغف : قال الليث : الوَغْفُ : سرعة العَدْوِ.

وأنشد :

وأَوْغفَتْ شَوَارِعاً وأَوْغفَا

وقال أبو عمرو : وأَوْغفَتَ المرأة إيغافاً : إذا ارتهزت عند الجماع تحت الرجل.

١٧٦

وأنشد :

لمَّا دَجاها بِمِتَلٍّ كالصقب

وأوْغفَتْ لذاك إيغافَ الكلب

قالت لقد أصبحت قرْماً ذا وطب

لما يديم الحُبَّ منه في القلب

ثعلب عن ابن الأعرابي : أوْغَفَ : إذا سار سيراً مُتعباً ، وأوْغَفَ : إذا عمش ، وأَوْغَفَ : إذا أكل من الطعام ما يكفيه.

أبو عبيد عن أبي عمر : الوَغْفُ : ضعف البصر.

غيف  ـ  غاف : قال الليث : يقال : أغفْتُ الشجرة فَغافت ، وهي تَغِيفُ : إذا تَغَيَّفَتْ بأغصانها يميناً وشمالاً ، وشجرةٌ غيْفاءُ ، والأغْيَفُ كالأغيَدِ إلا أنه في غير نعاسٍ. وأنشد :

[وهَدَبٌ](١)أغيَفُ غيْفانيّ

أبو عبيد عن الأصمعي : مَرَّ البعيرُ يَتَغيَّفُ ، ولم يفسِّره ، فقال شمر : معناه : يُسرع.

وقال أبو الهيثم فيما قرأت بخطه : التَّغَيُّفُ أن يتثنى ويتمايل في شِقَّيه من سعة الخَطْوِ ولين السير ، كما قال العجاج :

يكادُ يَرمي الفاترَ المُغَلَّفَا

منه أجاريٌّ إذا تَغَيَّفَا

أبو عبيد : غيَّفَ : إذا فَرَّ وعَرَّدَ.

وقال القُطامي :

وحَسَبْتُنا نزعُ الكتيبة غُدوةً

فَيُغيِّفُونَ ونرجِعُ السَّرعانا

الليث : الغافُ : يَنْبُوتٌ عظامٌ كالشجر يكون بِعُمان ، الواحدة : غافةٌ.

وقال أبو عمرو : الغَيَفَانُ : مرحٌ في السَّير.

وقال المُفَضَّل : تَغَيَّفَ إذا اختال في مشيته وهو الغيفان.

أبو زيد : الغافُ من العِضاهِ ، الواحدة غافةٌ ، وهي شجرةٌ نحو القرظِ شاكة حجازية تنبتُ في القِفاف.

فغا : في الحديث : «سيِّدُ ريحانِ أهل الجنة الفاغيَةُ».

قال الأصمعي : الفاغيَةُ : نَوْرُ الحِنَّاءِ ، قال : وكلُّ نورٍ فاغيَةٌ.

وسُئلَ الحسن عن السَّلفِ في الزعفران فقال : إذا أَفْغَى ، يُرِيد إذا نَوَّرَ.

وقال الليث : الفاغِيَةُ : نور الحِنَّاء ودُهنٌ مَفْغُوٌّ ، وأَفْغَتِ الشَّجَرةُ إذا أخرجت فاغِيتَها.

سلمة عن الفراء : هو الفَغْوُ والفاغيَةُ لنور الحِنَّاء.

وقال ابن الأعرابي : الفاغيَةُ أحسن الرّياحين وأطيبُها رائحة.

__________________

(١) زيادة من «اللسان» (غيف  ـ  ١٠ / ١٥٩).

١٧٧

وقال شمر : الفَغْوُ : نورٌ ، والفَغْوُ : رائحةٌ طيبةٌ.

وقال الأسود بن يعفر :

سُلافةُ الدَّنِّ مرفوعاً نصائبُهُ

مُقَلَّدَ الفَغْو والرَّيانِ مَلْثُوما

وقال الليث : الفَغَا ضربٌ من التَّمر.

وقال إسحاق بن الفرج : سمعت شُجَاعاً وحَتْرشاً يقولان : هذه كلمة فاغية فينا ، أي : فاشية.

قلت : هذا خطأ ، والغَفَا داءٌ يقع على البُسر مثل الغبار ، ويقال : ما الذي أفغاكَ أي : أغضبكَ وأورمكَ.

وأنشد ابن السكيت فيه :

وصارَ أمثالَ الفَغا ضرائري

مخرنطمات عسر عواسري

أبو عبيد عن الأصمعي : إذا غَلُظت التَّمرةُ وصار فيها مثل أجنحة الجراد فذلك الفَغَا مقصورٌ ، وقد أفْغَت النَّخلة.

قلت : والإغفاء في الرُّطب مثل الإفْغاء سواء.

وروى ثعلب عن ابن الأعرابي : أفْغى الرجل : إذا افتقر بعد غنًى ، وأفْغى : إذا سمُجَ بعد حُسن ، وأفْغى : إذا عصى بعد طاعةٍ ، وأفْغى : إذا دام على أكل الفَغَا ، وهو المُتَغَيِّرُ من البُسر.

وقال أبو عبيد : الفَغْوَاءُ : اسم رجل.

فوغ : أبو عبيد عن الأصمعي : وجَدْتُ فَوْغةَ الطِّيب.

وقال شمر : يقال : فَوْغَةٌ وَفَوْعَةً : قال : وفَوْغةٌ من الفاغِيَةِ.

قلت : كأنه مقلوبٌ عنده.

وروى ثعلب عن ابن الأعرابي : الفائِغةُ : الرائحة المُخَشِّمَةُ من الطِّيب وغيرها.

غفا : يقال : أغْفي الرجلُ وغيره : إذا نام نومةً خفيفةً.

وفي الحديث : «فَغَفَوْتُ غفْوَةً».

واللغةُ الجيدة : أَغْفَيْت إغفاءَةً ، وغفَا : قليلٌ في كلامهم.

أبو عبيد عن الفراء : في الطعام مِمَّا لا خير فيه قَصَلٌ وزُؤَانٌ وغَفَا منقوصٌ ، قال : وكل هذا مما يُخرَج منه فيُرمى به.

ثعلب عن ابن الأعرابي : في الطعام حَصَلُه وغفاؤُه ممدودٌ وفَغاهُ مقصورٌ وحُثالتُه ، كله الرَّديءُ الذي يرمي به.

عمرو عن أبيه : أغفى الرجل نام على الغفا ، وهو التِّبن في بَيْدَرِه ، وأفْغى : إذا أكل الفَغا ، وهو البُسر المُتَترِّب.

وقال أبو العباس : الغفا : الرَّديء من كل شيء ، من الناس والمأكول والمشروبِ والمركوب ، وأنشد :

إذا فِئَةٌ قُدِّمَت لِلقتا

لِ فرَّ الغَفَا وصَلِينَا بها

١٧٨

باب الغين والباء

غ ب (وايء)

غبي  ـ  وغب  ـ  وبغ  ـ  بغي  ـ  بيغ  ـ  غيب : مستعملة.

غبي : قال الليث : غَبِيَ فلانٌ غَباوَةً فهو غَبِيٌ : إذا لمْ يَفْطُنْ للخِبِّ ونحوه.

وقال الأصمعيُّ يقال : غَبِيَ عَلَيَّ ذاك الأمرُ : إذا لم يَفطن له ، والغَباوَةُ : المصدَر ، يقال : فلانٌ ذُو غباوَة ، وفلانٌ غبيٌ عن ذلك الأمر : إذا كان لا يَفطُنُ له.

ويقال : ادخُلْ في الناس فهو أَغْبَى لك : أي أَخفَى لك.

ويقال : دَفَنَ فلانٌ لي مُغَبَّاةً ثم حَمَلني عليها وذلك إذا أَلْقاكَ في مَكْرٍ أَخفاهُ.

ويقال : غبِّ شَعْرَك : أي : اسْتأْصِله ، وقد غبَّى شَعره تَغبيةً.

وقال غيرُه : الغَبْيَةُ : الدَّفعةُ من المطَر.

وقال امرؤ القيس :

وغبْيَةُ شُؤْبُوبٍ من الشَّدِّ مُلْهَبِ

وهي الدُّفْعةُ من الحُضْر ، شَبَّهَها بدُفعة المطر ، وغبْيَةُ التُّراب : ما سطع منه.

قال الأعشى :

إذا حالَ مِن دونها غبْيَةٌ

من التُّرْب فانْجَال سِرْبالها

وحَكى الأصمعيُّ عن بعض العرَب أنه قال : الحُمَّى في أُصُول النخل ، وشَرُّ الغَبَيات غبْيَةُ النَّبْل ، وشَرُّ النساءِ السُّوَيْداءُ المِمْرَاضُ ، وشَرٌّ منها الحُمَيْرَاءُ المِحْيَاض.

أبو عبيد عن الكسائي : غبَّيْتُ البئْرَ : إذا غطَّيْتَ رأسَها ثم جَعلْتَ فوقها تراباً.

وقال أبو سعيد : وذلك التراب هو الغِبَاءُ.

وقال الفرَّاء : غبِيتُ الشيءَ أَغبَاه ، وقد غَبِيَ عَلَيَّ ، مِثلُه إذا لم تَعرِفه ، وفي فلان غبْوَة وغَبَاوَةٌ.

وغب : قال الليث : الوَغْبُ : الجملُ الضخْمُ ، وأنشد :

أَجَزْتُ حِضْنَيْهِ هِبَلًّا وَغْبا

وقد وَغُبَ وُغوبةً قال : وأَوْغابُ البيوت أَسْقاطُها.

أبو عبيد عن الأصمعي : الوغْبُ والوَغدُ كلاهما الضعيفُ ، وأنشد :

ولا بِبِرْشامِ الوِخام وَغبِ

وقال أبو عمرو : أوغابُ البيت : البُرْمةُ والرَّحَيان والعُمُدُ الواحد وَغْبٌ.

بغي  ـ  بيغ : قال الليث : البَغْيُ في عَدْوِ الفَرس : اخْتِيالٌ ومَرَحٌ ، وإنَّه ليَبْغِي في عَدْوِه ، ولا يقال : فرَسٌ باغ.

وقال اللحياني : بَغَيْتَ على أَخيك بَغْياً : أي حسدْتَه بغياً.

وقال الله جلَّ وعزّ : (ثُمَ بُغِيَ عَلَيْهِ

١٧٩

لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ)(١) [الحج : ٦٠].

وقال : (وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (٣٩)) [الشورى : ٣٩].

فالبغْيُ أصلُه الحَسَد ، ثم سُمِّي الظلمُ بَغياً لأنَّ الحاسد يَظلم المَحْسود جهدَه إراغةَ زوَالِ نعمةِ اللهِ عليه عنه.

وقال جلَّ وعزّ : (يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ) [التوبة : ٤٧] ، يقولون : يَبْغونَ لَكم الفِتنة.

وقال كعب بنُ زهير :

إذا ما نَتَجْنَا أَرْبَعاً عامَ كفْأَةٍ

بَغاها خَنَاسِيراً فأَهْلَكَ أَرْبعا

أي : بَغَى لها خَنَاسِيرَ وهي الدَّواهِي ، ومعنى بَغا هاهُنا : طَلَب.

وقال الأصمعي : يقال : ابْغِني كذا وكذا أي : اطلبه لِي ، ومعنى ابْغِني وابغ لي سواءٌ فإِذا قال أَبْغني كذا وكذا فمعناهُ أَعِنِّي عَلَى بُغائه واطلبْه معي.

أبو عبيد عن الكسائي : أَبْغيتُكَ الشيءَ إذا أَرَدتَ أنكَ أَعَنْتَهُ على طلبه ، فإِذا أردت أنَّكَ فعلْتَ ذلك له قلتَ بَغيَتُكَ ، وكذلك أَعْكَمْتُكَ وأحْمَلْتُك : إذا أَعَنْتَه ، وعكَمتُك العِكْمُ : أي : فعلتُه لك.

وقال الأصمعيُّ : بَغت المرأة وهي تبغي بِغاءً : إذا فَجَرَتْ.

وقال الله جلَّ وعزَّ : (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ) [النور : ٣٣] ، والبِغاء : الفُجور.

وقال الله جلَّ وعزَّ : (وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا) [مريم : ٢٨] ، أي : ما كانت فاجِرَةً ، وامرأةٌ بَغِيٌ ، وباغت المرأةُ تُباغي بِغاءً : إذا زَنت ، وهذا كله من كلام العرب.

وقال الأصمعيُّ : بَغى الرَّجلُ حاجَتَه أو ضالَّتَهُ يَبْغيها بُغاءً وبُغيةً وبُغَايةً إذا طلبها.

قال أبو ذُؤَيب :

بُغايةً إنما يَبْغِي الصِّحابَ من الْ

فِتْيَانِ في مِثله الشُّمُّ الأَناجِيحُ

وفلانٌ ذُو بُغايةٍ للكَسب : إذا كان يَبغِي ذلك ، وارتَدَّتْ عَلَى فلانٍ بُغيتُه : أي : طَلِبَتُه ، وذلك إن لم يجِدْ ما طَلَب ، والرَّجل يَبغِي على صاحبه بَغْياً.

قال : ويقال : بَغَى الجُرحُ وهو يَبغي بَغياً : إذا تَرامَى إلى فساد.

ويقال : دَفَعنَا بَغْيَ السماءِ خلفنا : أي : شِدَّتَها ومُعظمَ مطرِها.

ويقال : قامتِ البَغايا على رُؤُوسهم يعني الإماءَ ، وَالواحدةُ : بَغيٌ.

وقال الأعشى يَمدح رَجُلاً :

والبَغَايا يَركضنَ أكْسِيَةَ الإضْرِ

يجِ والشَّرْعَبِيَّ ذَا الأَذْيالِ

__________________

(١) في المطبوع : «ومن (بُغِيَ) عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ».

١٨٠