النّجم الثاقب - ج ١

صلاح بن علي بن محمّد بن أبي القاسم

النّجم الثاقب - ج ١

المؤلف:

صلاح بن علي بن محمّد بن أبي القاسم


المحقق: الدكتور محمّد جمعة حسن نبعة
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٠٥
الجزء ١ الجزء ٢

فإنهما مستويان في العموم والخصوص فلا تصح فيهما الإضافة.

قوله : (وقولهم : سعيد كرز ونحوه متأول) هذا جواب عن سؤال مقدر ، وهو أن يقال (سعيد كرز) و (قيس قفة) و (زيد بطة) أسماء متماثلة دون (ليث أسد) وأجيب بأنه متأول ، وذلك أن الاسم يطلق ويراد مدلول الاسم وهو المسمى ويطلق ويراد به لفظ الاسم فقط فيتأول ذلك على عكس المراد الأول منهما المسمى ، وبالثاني لفظ الاسم وكأنك قلت جائز مدلول هذا اللفظ فهو في الحقيقة إضافة الشيء إلى غيره ، لأن الاسم غير المسمى ، قال ابن الحاجب : (١) ولا تصح إضافة الاسم إلى المسمى ، فلا تعكس وتقول (جاء كرز سعيد) لأن القصد بالإضافة التوضيح واللقب أوضح من الاسم فكانت الإضافة إلى الأوضح أولى من العكس ولأنه لا يصح الإسناد إلى اللفظ ، إذا قلت (جاءني كرز سعيد) فحصل من هذا أن المضاف والمضاف إليه إن تباينا سواء اتفقا نحو (زيد زيد) اسمين لرجلين مختلفين ، أو اختلفا نحو (غلام زيد) أو كان بينهما عموم وخصوص نحو (خاتم فضة) و (كل الدراهم) و (عين الشيء) أضيفا اتفاقا وإن اتفقا في اللفظ والمعني لم يضافا اتفاقا (٢) نحو (ليث ليث) و (حبس حبس) وإن اتفقا في المعنى دون اللفظ (ليث أسد) و (حبس منع) منع من إضافتهما الجمهور (٣) وأجازها الفراء والكوفيون ، ومنه (سخط النّوى) و (نوح الجوى).

قوله : (وإذا أضيف الاسم الصحيح أو الملحق به إلى ياء المتكلم

__________________

(١) ينظر شرح المصنف ٥٤.

(٢) ينظر شرح الرضي ١ / ٢٨٥ ، وشرح المصنف ٥٤.

(٣) ينظر شرح الرضي ١ / ٢٨٦.

٥٤١

كسر آخره) الاسم المعتل ما آخره حرف علة قبلها حركة مجانسة لها ، والصحيح ما ليس آخره حرف علة كـ (زيد وعمرو) والملحق به ما كان آخره ياء أو واوا قبلها ساكن نحو (ظبي ودلو ويحيى (١) ، وكرسي) إنما كان ملحقا بالصحيح لأنه لا يجب النطق بحركة حرف العلة الساكن قبلها ، وإنما كسر آخرها مع الإضافة ، لأن الكسر تناسب الياء والضمة والفتحة تنقلان عليها.

قوله : (والياء مفتوحة أو ساكنة) فيها وجوه ، فتحها وسكونها ، واختلف أيهما الأصل كما تقدم في المنادى وحذفها وبقاء الكسرة وعليه (فَحَقَّ وَعِيدِ)(٢)(فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ)(٣)(فَحَقَّ عِقابِ)(٤) وقلبها ألفا وعليه :

[٣٠٨] ...

إلى أمّا ويروينى النقيع (٥)

والفتح وعليه :

__________________

(١) ينظر شرح المصنف ٥٤ ، وشرح الرضي ١ / ٢٨٦.

(٢) ق ٥٠ / ١٤ (وأصحاب الأيكة وقوم تبع كل كذّب الرسل فحق وعيد).

(٣) الملك ٦٧ / ١٨ وتمامها : (وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ.) وأصل نكير :

نكيري حيث حذفت الياء وبقيت الكسرة للدلالة على المحذوف وهو الياء.

(٤) ص ٣٨ / ١٤ (إن كل إلا كذب الرسل فحق وعيد). ومثلها الآية التي سبقتها.

(٥) عجز بيت من الوافر ، وهو لنقيع بن جرموز ، وينظر نوادر أبي زيد ١٩ ، ومعاني القرآن للفراء ٢ / ١٧٦ ، وشرح التسهيل السفر الثاني ٢ / ٦٢٤ ، وهمع الهوامع ٤ / ٢٩٩ ، وشرح الأشموني ٢ / ٣٣٢ ، واللسان مادة (نقع) ٦ / ٤٥٢٦. وصدره :

أطوف ما أطوف ثم آوي

ولعجز البيت رواية أخرى وينسب للحطيئة وهو :

إلى بيت قعيدته لكاع

والشاهد فيه قوله : (إلى أما) يريد إلى أمي فقلبت ياء المتكلم ألفا كما ذكر الشارح ، وهذا قليل.

٥٤٢

[٣٠٩] ...

بلهف ولا بليت ولا لوأنى (١)

وحذفها والضمير وعليه (إنما أهلكت مال) وهي مرتبة في القوة على ترتيب الوجوه.

قوله : (فإن كان آخرها ألفا تثبت) هذا تفصيل للمعتل ، فإن كان بالألف ثبتت بالألف في المفرد والتثنية نحو (عصاي) و (فتاي) و (ضارباي) ما خلا (إلى و (على) و (لدى) فإنها تقلب ياء في لغة أكثر العرب ، فتقول : (إليّ وعليّ ولديّ) وبعضهم بعدها ألفا نحو :

[٣١٠] إلى كم يا خناعة لا إلا نا

من الناس الضراعة والهوانا (٢) [ظ ٦٨]

فلو برأت عقولكم بصرتم

بأن دواء دائكم لدانا

__________________

(١) عجز بيت من الوافر ، وهو بلا نسبة في الخصائص ٣ / ١٣٥ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٥٢١ ، وأمالي ابن الشجري ٢ / ٧٤ ، والإنصاف ١ / ٣٩٠ ، وشرح التسهيل السفر الثاني ٢ / ١٢٤ ، وأوضح المسالك ٤ / ٣٧ ، وشرح قطر الندى ٢٠٥ ، والبحر المحيط ٥ / ٢٢٧ ، والخزانة ١ / ١٣١. صدره :

ولست بمدرك ما فات مني

ويروى في شرح التسهيل براجع بدل بمدرك.

والشاهد فيه قوله : (بلهف وليت) فإن كلا منهما منادى بحرف نداء محذوف ، وأنهما مضافتان إلى ياء المتكلم ، ثم قلبت ياء المتكلم في كل منهما ألفا بعد أن قلبت الكسرة التي قبلها فتحة ثم حذفت الألف المنقلبة عن ياء المتكلم واكتفى بالفتحة التي قبلها للدلالة على المحذوف وهذا ما أشار إليه الشارح إشارة سريعة بقوله : (وحذفها والفتح).

(٢) الأبيات من البحر الوافر ، وصدر البيت الثالث هو :

وذلك إذا واثقتمونا

ويروى في الهمع وذلكم ، وهو بلا نسبة في شرح التسهيل السفر الأول ٢ / ٨٦٦ ، وهمع الهوامع ٣ / ١٦٦ ، والدرر ٣ / ٩٦ ، والمساعد لابن عقيل ١ / ٥٣٥.

والشاهد في هذه الأبيات الثلاثة قوله : (لا إلا نا ، ولدانا وعلانا) حيث أثبت الألف في إلى ولدى وعلى ولم يقلبها يا كما في لغة العرب عند الإضافة إلى الضمير وقد أراد إليكم لا إلينا ولدينا ، وعلينا. على لغة بعض العرب ...

٥٤٣

 ...

على قصر اعتمادكم علانا

قوله : (وهذيل تقلبها لغير التثنية ياء) يعني أنهم يقلبون الألف إذا كانت في المفرد ياء ، فيقولون (عصيّ وفتىّ) (١) وعليه :

[٣١١] سبقوا هويّ وأعنقوا لهواهم (٢)

 ...

وإن كانت للتثنية ، نحو : (ضارباي) أبقوها ولم يقولوا : (ضاربي) لأنها جاءت لمعنى وهو التثنية ، ولأنه ، يلتبس مرفوعه بمنصوبه ومجروره بخلاف المفرد ، فإن اللبس حاصل قبل القلب وبعده ، وقلبوها في المفرد لأنهم يردونها إلى أصلها وهو الواو في عصا ، والياء في (رحي وفتي) ويقولون :أصلها (عصوي) و (رحيي) فاستثقلت الكسرة على حرف العلة فحذفت وقلبت الواو ياء وأدغمت في ياء المتكلم بخلاف التثنية ، فلا أصل لألفها في واو ولا ياء ، فإن قيل : فيلزم أن لا تنقلب واو الجمع نحو : (مسلموي) ياء لئلا يلتبس الرفع بغيره ، فجوابه أن القلب واجب في الجمع ، لأنها اجتمعت الواو والياء ، بخلاف المثنى فالقلب ليس بواجب ، لأنه اجتماع

__________________

(١) للتفصيل ينظر شرح المصنف ٥٥ ، وشرح الرضي ١ / ٢٩٤ ، وشرح المفصل ٣ / ٣٣ ، وشرح ابن عقيل ٢ / ٩٠.

(٢) هذا صدر بيت من الكامل وهو لأبي ذؤيب الهذلي يرثي أولاده كما في شرح أشعار الهذليين ١ / ٥٧ ، وينظر معاني القرآن للفراء ٢ / ٣٩ ، وأمالي ابن الشجري ١ / ٢٨١ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ٥٢ ، وشرح المفصل ٣ / ٣٣ ، وشرح التسهيل السفر الثاني ٢ / ٦٢٦ ، والبحر المحيط ١ / ١٦٩ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٢٦٢ ، وشرح ابن عقيل ٢ / ٩٠. ويروى في معاني القرآن للفراء تركوا بدل سبقوا. وعجزه :

فتخرموا ولكل جنب وصرع

والشاهد فيه قوله : (هوي) حيث قلب ألف المقصود ياء ثم أدغمها في ياء المتكلم وأصله هواي وهذه لغة هذيل على ما ذكر المصنف والشارح.

٥٤٤

الألف والياء لا يوجب قلبها بخلاف الواو والياء ، وإنما قلبت هذيل في غير المثنى استحبابا لا وجوبا.

قوله : (وإن كانت ياء أدغمت) يعني وإن كان آخر الاسم المعتل ياء فإنك إذا أضفتها إلى ياء المتكلم أدغمتها لاجتماع المثلين فيها فتقول : (قاضي وغازي) (١).

قوله : (وإن كان واوا قلبت ياء وأدغمت) يعني وإن كان آخر الاسم المعتل واوا ، وذلك في جمع السلامة لا غير ، نحو (مسلمون) فإذا أضفته حذفت النون للإضافة ، وقلبت الواو ياء ، والضمة كسرة ، وأدغمت في ياء المتكلم (٢) فتقول (مسلمي) لئن من أصولهم إذا اجتمعت الواو والياء وسبقت الأولى بالسكون قلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء ، وإن كان قبل الواو فتحة لم تقلب كسرة لسهولة النطق بها فتقول (مصطفيّ) بخلاف الضمة لاستثقال النطق بها (٣).

قوله : (وفتحت الياء للساكنين) يعني ياء المتكلم مع المعتل بأحد حروف العلة تفتح كراهة الجمع بين ساكنين ، وقد روي قليلا الكسر

__________________

(١) ينظر شرح المصنف ٥٥ والعبارة من قوله وإن كان إلى قوله وغازي منقولة من شرح المصنف بتصرف.

(٢) ينظر شرح الرضي ١ / ٢٩٤ ، وهذه العبارة منقولة من الرضي بتصرف.

(٣) ينظر شرح الرضي ١ / ٢٩٤ ، وشرح المفصل ٣ / ٣٥.

٥٤٥

على أصل التقاء الساكنين. قراءة حمزة (ما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَ)(١) فقيل لحن (٢) ، وقيل : دخلت ياء النسب للمبالغة ، ثم حذفت وبقيت الكسرة دليلا عليها حكاها الفراء (٣) وقطرب (٤) ومنها قال :

[٣١٢] قال لها : هل لك يا تافيّ

قالت له : ما أنت بالمرضيّ (٥)

والإسكان مع الألف نحو (مَحْيايَ)(٦) في قراءة نافع ، وهو عند النحويين

__________________

(١) سورة إبراهيم ١٤ / ٢٢ (ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ ...). وقراءة العامة بفتح الياء مع التشديد ، وقرأ الأعمش وحمزة بمصرخيّ بكسر الياء والأصل فيها بمصرخيين ، فذهبت النون للإضافة وأدغمت ياء الجماعة في ياء الإضافة ، فمن نصب فلأجل التضعيف ، ولأن ياء الإضافة إذا سكن ما قبلها تعين فيها الفتح مثل : هواي وعصاي ، فإن تحرك ما قبلها جاز الفتح والإسكان مثل : غلامي وغلامتي ، ومن كسر فلالتقاء الساكنين حركت إلى الكسر لأن ياء أخت الكسرة ينظر السبعة في القراءات ٣٦٢ ، والبحر المحيط ٥ / ٤٠٨ ـ ٤٠٩ ، وحجة القراءات ٣٧٧.

(٢) قال القرطبي : قال القيشيري : والذي يغني عن هذا ، أن ما يثبت بالتواتر عن النبي (فلا يجوز أن يقال فيه هو خطأ أو قبيح أو رديء ، بل هو في القرآن فصيح ، وفيه ما هو أفصح منه فلعل هؤلاء أرادوا غير هذا الذي قرأ به حمزة أفصح (ينظر تفسير القرطبي ٤ / ٣٥٨٦ ، وفتح القدير للشوكاني ٣ / ١٠٤ ، والبحر المحيط ٥ / ٤٠٨ ـ ٤٠٩. وقد فنّد القول فيها أبو حيان في البحر.

(٣) ينظر معاني القرآن للفراء ٢ / ٧٦ ، والبحر المحيط ٥ / ٤٠٨ ـ ٤٠٩.

(٤) ينظر رأي قطرب في البحر المحيط ٥ / ٤٠٨ ـ ٤٠٩.

(٥) البيت من الخفيف وهو بلا نسبة ، ينظر معاني القرآن للفراء ٢ / ٧٦ ، وشرح التسهيل السفر الثاني ٢ / ٦٢٧ ، وشرح الرضي ١ / ٢٩٥ ، والبحر المحيط ٥ / ٤٠٩.

والشاهد فيه قوله : (فيّ) حيث ألحق ياء النسبة في (فيّ) من الأسماء الستة على اللغة الضعيفة ، كما ذكر الفراء وقطرب ، وقد نقلت رأيهما في توجيه الآية (ما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ) من البحر المحيط ٥ / ٤٠٩.

(٦) الأنعام ٦ / ١٦٢ وتمامها : (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) وقراءة نافع إسكان الياء قال القرطبي : وأهل المدينة (ومحياي) بسكون الياء في الإدراج ، والعامة بفتحها ، لأنه يجتمع ساكنان ، ثم قال : ومن قرأ من أهل المدينة وأراد أن يسلم من اللحن وقف على محياي ويكون غير لاحن عند جميع النحويين ، وقرأ ابن أبي إسحاق وعيسى بن عمر ـ وعاصم والجحدري (ومحيّ) بتشديد الياء الثانية من غير ألف وهي لغة عليا ـ مضر ، يقولون : قفيّ وعصيّ ، ينظر تفسير القرطبي ، ٣ / ٢٥٨٩ ، والبحر المحيط ٤ / ٢٦٢ ـ ٢٦٣ ، وحجة القراءات ٢٧٩ ، والسبعة ٢٧٤.

٥٤٦

من إجراء الوصل مجرى الوقف (١).

قوله : (وأما الأسماء الستة فـ (أخي وأبي إلى آخرها) يعني إذا أضيفت إلى ياء المتكلم كسرت ما قبلها وأتت بها خفيفة ساكنة (وأجاز المبرد) (٢) أن يأتي بها شديدة مفتوحة ، فتقول (أخيّ وأبيّ وحميّ وهنيّ) وذلك لأنه يرد المحذوف ويقلبه ياء ويدعمه واحتج بقوله :

 [٣١٣] ...

وأبىّ مالك والمجاز بدار (٣)

وردّ بأنه جمع حذفت النون للإضافة (٤) ، وأدغمت ياء الإعراب في ياء المتكلم فصار (أبيّ وأخيّ) والدليل على جمعها جمع السلامة قوله :

[٣١٤] فلما تبين أصواتنا

بكين وفديننا بالأبينا (٥)

__________________

(١) ينظر شرح الرضي حيث هذه الجملة منقولة عن الرضي في ١ / ٢٩٥.

(٢) ينظر المقتضب ٢ / ١٧٤.

(٣) هذا عجز بيت من الكامل وهو لمؤرج السلمى كما في الخزانة ٤ / ٤٦٧ ـ ٤٦٨ وصدره :

قدر حلّك ذا المجاز وقد أرى

وينظر أمالي ابن الحاجب ٢ / ٦٠٢ ، والمغني ٦٠٩ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٦٣.

والشاهد فيه قوله : (وأبيّ) على أنه مفرد ، ردت لامه في الإضافة إلى الياء ، كما ردت في الإضافة فيكون أصله (أبوي) قلبت الواو ياء وأدغمت فيها عملا بالقاعدة حيث اجتمعا وكان أولهما ساكنا وأبدلت الضمة كسرة لئلا تعود الواو.

(٤) لأن أصله في الجمع أب أبون ، وأخ أخون ، فحذفت النون للإضافة وأدغمت ياء الإعراب في ياء المتكلم فصار أبي. والشاهد الآتي يؤكد ذلك ينظر الكتاب ٣ / ٤٠٦.

(٥) البيت من المتقارب وهو لزياد بن واصل السلمي ، وينظر الكتاب ٣ / ٤٠٦ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٢٨٤ ، والمقتضب ٢ / ١٧٤ ، والخصائص ١ / ٣٤٦ ، وأمالي ابن الشجري ٢ / ٣٧ ، وشرح المفصل ٣ / ٣٧ ، وشرح المصنف ٥٥ ، وشرح التسهيل السفر الأول ١ / ١٢١ ، وشرح ـ الرضي ١ / ٢٩٦ ، والخزانة ٢ / ٢٧٥.

والشاهد فيه قوله : (أبينا) حيث جمعه جمع السلامة فجره بالياء وهذا شاذ لأن جمع السلامة إنما يكون في الأعلام والصفات المشتقة وليس في الجوامد ...

٥٤٧

وقوله :

[٣١٥] وكان لنا فزارة شّر عمّ

وكنت له كشرّ بنى الأخينا (١)

قوله : (ويقال فيّ في الأكثر وفمي) فم قياسه فمي بياء ساكنه بعد الميم إلا أنهم جعلوا (فيّ) بحذف الميم والتشديد هي الفصحى قال :

[٣١٦] هما نفثا في فيّ من فمويهما (٢)

 ...

والوجه فيه أن أصله قبل الإضافة (فوه) حذفت الهاء فبقي (فو) تحرك حرف العلة وانفتح ما قبله فقلبت ألفا ، وحذفت الألف لملاقاتها التنوين فبقي الاسم على حرف واحد فأتوا بالميم عوضا لما ذهبت ، [و ٦٩]

__________________

(١) البيت من الوافر وهو لعقيل بن علفة المري كما في النوادر لأبي زيد ١١١ ـ ١٩١ ، وينظر المقتضب ٢ / ١٧٤ ، وشرح الرضي ١ / ٢٩٦ ، واللسان مادة (أخا) ١ / ٤١ ، والخزانة ٤ / ٤٧٨ ـ ٤٧٩.

ويروى عمّ سوء مكان شر عم. ويروى بنو بدل لنا ، وقوم بدل عم.

والشاهد فيه قوله : (الأخينا) حيث جمع أخ جمع سلامة كما جمع أب في الشاهد الذي سبقه وذلك على خلاف القاعدة المشهورة ... في جمع السلامة في مثل ذلك.

(٢) صدر بيت من الطويل ، وهو للفرزدق في ديوانه ٢ / ٢١٥ ، وعجزه :

على النابح العاوي أشد رجام

وينظر الكتاب ٣ / ٣٦٥ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٢٥٨ ، والمقتضب ٣ / ١٥٨ ، والخصائص ١ / ١٧٠ ، والإنصاف ١ / ٣٤٥ ، وشرح شافية ابن الحاجب ٣ / ٢١٥ ، وشرح التسهيل السفر الأول ١ / ٥٢ ، وشرح الرضي ١ / ٢٩٦.

والشاهد فيه قوله : (من فمويهما) حيث جمع بين الواو والميم التي هي بدل منها في فم وقد غلط الفرزدق في هذا.

٥٤٨

وخصوا الميم لأنها مثل الفاء من حروف الشفة ، فصار (فما) فأهل اللغة القليلة أضافوه إلى ياء المتكلم بعد إعلاله ، وأهل الفصيحة أضافوه قبل الإعلال ، بعد حذف الهاء فحذف التنوين للإضافة ، واجتمعت الواو والياء وسبقت الأولى بالسكون ، فقلبت الواو ياء ، وأدغمت الياء في الياء ، وقلبت الحركة كسرة فصار (فيّ) (١).

قوله : (وإذا قطعت قلت : أخ وأب وحم وهن وفم) يعني قطعت عن الإضافة مطلقا (٢) أعربت بالحركات والتنوين مع حذف لاماتها فتقول (هذا أب وأخ وحم وهن وفم) و (رأيت أبا وأخا وحما وهنا وفما) و (مررت بأخ وأب وحم وهن وفم) وقد روي التشديد في (أخ وأب وفم).

قوله : (وفتح الفاء أفصح منهما) إشارة إلى أنه يجوز في فاء (فم) الوجوه الثلاثة (٣) ويجوز في (ميمه) التشديد والتخفيف ، والفتح أفصحها ، لأنه على الأصل ، والضم ليس إلا دليلا على الواو المحذوف ، وأما الكسر

__________________

(١) ينظر شرح المصنف ٥٦ ، وشرح الرضي ١ / ٢٩٧ ، والكتاب ٣ / ٣٦٥ وما بعدها ، وشرح المفصل ٣ / ٣٨.

(٢) أي سواء قطعت عن ياء المتكلم أو غيرها.

(٣) ينظر شرح المصنف فالعبارة منقولة بتصرف يسير من ٥٦.

قال ابن الحاجب : (وجعلوا الإعراب على عيناتها كما فعلوا في يد ودم ولذلك قلبوا الواو ميما في فم وتخفيف الميم أفصح من غيره تشبيها لها بأخواتها. ومنهم من يضم الفاء لأن الميم عوض عن الواو فضمت لذلك ، ومنهم من يكسرها لأنهم لما عوضوا عنها الميم صار كتعويض الياء ، ومنهم من يشددها فيقول فمّ كأنهم لما عوضوا جعلوها عوضا من العين واللام فشددوا لذلك) انته ينظر شرح المصنف ٥٦.

٥٤٩

فلأنهم لما عوضوا عن الواو فيما كانت كالمعوضة (ياء) فكسر ما قبلها فحصل في (فم) إذا قطع عن لغات (فم) مثلث (١) الفاء بتشديد الميم وتخفيفها ، و (فما) مثلث الفاء ، والعاشرة اتباع حركة الفاء حركة الميم في حركة الإعراب كـ (امرؤ) (٢) وأما قوله :

[٣١٧] خالط من سلمى خياشم وفا (٣)

 ...

فالمضاف إليه محذوف وأصله (فاها) وقيل : لغة حادية عشرة.

قوله : (وجاء حم مثل يد وخبء ودلو وعصا) يعني أنه جاءهم أربع لغات غير اللغة الأولى كـ (يد) في الحركات الثلاث وعلى وزن (عصا) مقصورا (٤).

__________________

(١) أي أن فاء (فم) فيها ثلاث لغات بدون تشديد الميم (فم ، فم ، فم) ومع التشديد ثلاث (فمّ وفمّ وفمّ) وفما ثلاث بدون تشديد (فما ، فما ، فما) والعاشرة اتباع حركة الفاء مثل امرؤ (فم).

(٢) ينظر شرح الرضي ١ / ٢٩٧ والعبارة من قوله : (إشارة إلى وقوله : وقيل لغة حادية عشرة) منقولة عن الرضي بتصرف ، وهي (فاها).

(٣) البيت من الرجز وهو للعجاج كما في ديوانه ٢ / ٢٢٥ وتمامه :

صهباء خرطوما عقارا قرقفا

وكلها في الخمر ... ينظر شرح أبيات سيبويه ١ / ٢٠٤ ، والمقتضب ١ / ٢٤٠ ، وشرح المفصل ٦ / ٩٨ ، وشرح التسهيل السفر الأول ١ / ٥٤ ، وشرح الرضي ١ / ٢٩٥ ، والهمع ١ / ١٣١.

والشاهد فيه قوله : (وفا) حيث جاء بـ (فا) الذي هو من الأسماء الستة مضافا إلى غير ياء المتكلم وكما قال الشارح : المضاف إليه محذوف وأصله فاها. أي فالها.

(٤) ينظر شرح المصنف حيث أثبت أن فيها أربع لغات ٥٦ ، قال الرضي في شرحه ١ / ٢٩٦ : (وفي حم ست لغات ابتدئ منها بالأفصح فالأفصح على الترتيب أولاها : إعرابه بالحروف في الإضافة إلى غير الياء ، ونقصه في حال القطع عنها وإعرابه على العين ، وثانيتها : أن يكون كدلو مطلقا أي في الإضافة والقطع ، والثالثة : أن يكون كعصا مطلقا ، والرابعة : أن يكون ـ كيد مطلقا ، والخامسة : أن يكون كخبء مطلقا ، والسادسة : أن يكون كرشاء مطلقا.

٥٥٠

قوله : (مطلقا) يعني سواء أضيف أو قطعت.

قوله : (وجاء (هن) مثل (يد) مطلقا) يعني جاء فيه لغة على وزن (يد) سواء أضيف أو قطع عن اللغة الأولى (١).

قوله : (و [ذو](٢) لا يضاف إلى مضمر ولا يقطع) يعني أن الكلام في الأسماء هذه باعتبار الإضافة وقطعها ، و (ذو) ممتنع فيه ذلك فلم يحتج الكلام عليه في الإضافة وقطعها ، وإنما لم يضف إلى مضمر لأنه ليس مقصودا في نفسه ولا يقطع ، لأنه وضع وصلة إلى وصف الأسماء بأسماء الأجناس فوجب مراعاة الوضع ، وما ورد فيه خلاف ذلك فشاذ نحو : (اللهم صل على محمد وذويه) وروي عن المبرد (٣) الجواز واحتج بقوله :

[٣١٨] ...

أبان ذوي أرومتها ذووها (٤)

__________________

(١) وقال الرضي وفي هن ثلاث لغات أشهرها النقص مطلقا كيد وبعدها الإعراب بالحرف في حالة الإضافة إلى غير ياء ، والنقص في غيرها ، ثم قال : والثالثة : تشديد نون مطلقا) شرح الرضي ١ / ٢٦٩ ـ ٢٩٧.

(٢) ما بين الحاصرتين زيادة من الكافية المحققة.

(٣) ينظر المقتضب ٣ / ١٢٠.

(٤) عجز بيت من الوافر ، وصدره :

صبحنا الخزرجية مرهفات

وهو لكعب بن زهير في ديوانه ١٠٤ ، ينظر شرح المفصل ٣ / ٣٦ ـ ٣٨ ، وأمالي ابن الحاجب ١ / ٣٤٤ ، وهمع الهوامع ٤ / ٢٨٤ ، واللسان مادة (ذو) و (ذوات) ٣ / ١٤٧٧.

والشاهد فيه قوله : (ذووها) حيث أضاف ذوو جمع (ذو) إلى مضمر ، وهذا جائز ...

٥٥١

وقوله :

[٣١٩] إنما يصطنع المع

روف إلى الناس ذووه (١)

وقوله :

[٣٢٠] وإنا لنرجو عاجلا منك مثلما

رجوناه قدما من ذويك الأفاضل (٢)

__________________

(١) البيت من مجزوء الرمل ، وهو بلا نسبة في شرح المفصل ١ / ٥٣ ، وينظر لسان العرب مادة (ذو) و (ذوات) ٣ / ١٤٧٧ ، وهمع الهوامع ٤ / ٢٨٤ ، ويروى البيت :

إنما يعرف ذا الفضل من الناس

الشاهد فيه قوله : (ذووه) حيث أضاف (ذوو) وهو جمع (ذو) إلى المضمر ، والمختار إضافة (ذو) و (أولو) إلى اسم جنس ظاهر.

(٢) البيت من الطويل ، وهو للأحوص في ديوانه ١٨٢ ، ويروى الأوائل بدل الأفاضل ، ولسان العرب مادة (ذو) ٣ / ١٤٧٧ ، وهمع الهوامع ٤ / ٢٨٤.

الشاهد فيه قوله : (ذويك) حيث أضاف ذوي إلى الضمير وهذا هو المختار.

٥٥٢

التوابع

قوله : (كل ثان بإعراب سابقه من جهة واحدة) قوله : (كل ثان) يشمل التابع من خبر المبتدأ وخبر كان ونحوهما من النواسخ (١).

قوله : (بإعراب سابقه) خرج خبر (كان) و (إنّ) ونحوهما. قوله : (من جهة واحدة) خرج خبر المبتدأ ومفعولا (علمت) لأنها وإن كانت ثواني بإعراب سابقها ، فالجهة مختلفة لأن الأول منهما مسند (٢) إليه ، والثاني مسند (٣).

وفي حده نظر لأنه يرد عليه في قوله : (كل ثان) الثالث والرابع فصاعدا ، وفي قوله : (بإعراب سابقه) التأكيد بالحرف نحو (إنّ إنّ) و (ضرب ضرب زيد) والتابع على المحل وتكرير الخبر والحال والاستثناء وغير ذلك ، فلوقيل : كل لاحق بإعراب سابقه لأجله (٤) لفظا أو محلا لسلم ، والله أعلم ، والتوابع خمسة : النعت وعطف البيان والتوكيد والبدل والنسق ، فالنعت أقدمها لأنها كجزء من متبوعه ، ثم عطف البيان ، لأنه جار مجراه في أنه تبيين لما قبله ، ثم التوكيد لأنه شبيه بعطف البيان ، في جريه مجرى النعت ، ثم البدل لأنه تابع كلا تابع ، لكونه كالمستقل ، ثم النسق لأنه بواسطة.

__________________

(١) ينظر شرح المصنف ٥٦ ، وشرح الرضي ١ / ٢٩٨ ، والعبارة منقولة بتصرف يسير من الرضي ١ / ٢٩٨ دون عزو.

(٢) في الأصل (مسندا) والصواب مسند وهو خبر لأن.

(٣) ينظر شرح المصنف ٥٦ والعبارة منقولة منه بتصرف.

(٤) ينظر شرح الرضي والجملة مأخوذة بتصرف ١ / ٢٩٩.

٥٥٣

وأما العامل في التوابع فاختلف في عامل الصفة والتأكيد وعطف البيان ، فقال سيبويه : هو العامل الأول (١) ، وقال الأخفش : معنوى كالمبتدأ (٢) ، وقال بعضهم : نية تكرير العامل ، وأما البدل : فقال سيبويه (٣) والمبرد (٤) والسيرافي (٥) والزمخشري (٦) والمصنف : (٧) العامل هو الأول ، وقال الأخفش والرماني والفارسي (٨) وأكثر المتأخرين : نية تكرير العامل ، لكونه مستقلا ومقصودا بالذكر واحتجوا بقوله تعالى : (قال الذين استكبروا للذين استضعفوا لمن آمن منهم) (٩)(لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ)(١٠) وأما العطف بحرف فقال سيبويه : (١١) الأول بواسطة الحرف وقال الأخفش : (١٢) نية تكرير العامل وقال بعضهم : حرف العطف وحده.

__________________

(١) ينظر شرح الرضي ١ / ٢٩٩ ، ورأي سيبويه : العامل فيها هو العامل في المتبوع) قال سيبويه في الكتاب ١ / ٤٢٢ : فإن أطلت النعت فقلت : مررت برجل عاقل كريم مسلم ، فأجره إلى أوله).

(٢) ينظر رأي الأخفش في شرح الرضي ١ / ٢٩٩.

(٣) ينظر الكتاب ١ / ٤٢٢.

(٤) ينظر المقتضب ٤ / ٢٩٥ ، وهمع الهوامع ٥ / ٤١٤.

(٥) ينظر هامش الكتاب ١ / ٤٢٢.

(٦) ينظر المفصل ١٢١.

(٧) ينظر شرح المصنف ٥٧.

(٨) ينظر شرح الرضي ١ / ٣٠٠ ، حيث أورد آراء هؤلاء النحاة ، وهمع الهوامع ٥ / ٢١٢ وما بعدها.

(٩) الأعراف ٧ / ٧٥ والآية ليست كما أوردها وإنما هي كالتالي : (قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه ...) فاسم الموصول الثاني بدل من الأول لأن المستضعفين هم المؤمنون ، وهو بدل البعض من الكل. ينظر تفسير الآية في القرطبي ٣ / ٢٦٧٦.

(١٠) الزخرف ٤٣ / ٣٣ وتمامها : (وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ.)

قال القرطبي : اللام في لبيوتهم بمعنى على ، وقيل بدل كما تقول هذا لزيد لكرامته. وقيل (لبيوتهم) في الآية التي تليها ، بدل اشتمال من قوله : لمن يكفر بالرحمن). ينظر تفسير القرطبي ٧ / ٥٩٠٤ ، وشرح الرضي ١ / ٣٠٠ ، والبحر المحيط ٨ / ١٥.

(١١) ينظر الكتاب ١ / ١٥٢ وما بعدها وشرح الرضي ١ / ٣٠٠.

(١٢) ينظر شرح الرضي ١ / ٣٠٠.

٥٥٤

النعت

قوله : (النعت) والوصف معناهما واحد ، وقيل : النعت للحلية كـ (طويل) و (قصير) ، والوصف للفعل كـ (قائم) و (قاعد) ، فعلى هذا يجوز وصف الله تعالى ولا يجوز نعته.

قوله : (تابع) جنس يعم التوابع.

قوله : (يدل على معنى في متبوعه) خرج سائر التوابع.

قوله : (مطلقا) يحترز عن الحال في نحو (ضربت زيدا قائما) فيمن توهم أنه تابع لأنه مقيد ، ولا حاجة إلى قوله (مطلقا) لأن الحال قد خرجت بقوله (تابع) ، فلو كانت على زعم المصنف داخلة لعدم ذكر (مطلقا) لا نتقض عليه بالحال المؤكدة (١).

قوله : (وفائدته تخصيص أو توضيح) معناه أن الأصل في النعت أن يكون للتخصيص في النكرات نحو : (جاءني رجل كريم) أو للتوضيح في المعارف (٢) نحو : (زيد العالم).

قوله : (وقد يكون لمجرد الثناء) ، قد للتقليل ، لأن التخصيص

__________________

(١) ينظر شرح المصنف ٥٦.

(٢) ينظر شرح المصنف ٥٧.

٥٥٥

أو التوضيح هما الأصل والثناء في الأوصاف الجارية على الله تعالى نحو : (بسم الله الرّحمن الرّحيم) (١) وغيرها نحو : (مررت بزيد العالم الجواد) إذا كان مشهورا بذلك قبل الوصف.

قوله : (أو الذم) نحو : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (٢) لتعيينه ، و (مررت بزيد الخبيث الفاسق) إذا كان مشهورا بذلك وإن لم يكن مشهورا ، كان من قسم التوضيح والتخصيص.

قوله : (أو التأكيد) نحو : (ضربة واحدة) و (أمس الدابر) (٣) و (نَفْخَةٌ واحِدَةٌ)(٤) لأنه معلوم من قوله : (ضربة ونفخة واحدة) ومن أمس الدبور كقوله : (وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ)(٥) و (فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ)(٦) إذ لا يطير إلا بجناحيه ولا يخر إلا من فوقهم.

قوله : (ولا فصل بين أن يكون مشتقا أو غيره) [إذا وضعه لغرض المعنى عموما](٧) يعني النعت ، والخلاف في اشتقاقه كالخلاف في الحال ،

__________________

(١) هي آيه من سورة النمل ٢٧ / ٣٠ وتمامها : (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) وينظر شرح المصنف ٥٧ ، وشرح المفصل ٣ / ٤٧ ، وشرح الرضي ١ / ٣٠٢ ـ ٣٠٣.

(٢) هي آية من سورة النحل ١٦ / ٩٨ ما عدا الكلمة الأولى وهي أعوذ إذ الآية هي : (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ) وينظر شرح المصنف ٥٧ ، وشرح الرضي ١ / ٣٠٣.

(٣) قال شارح المفصل : أمس الدابر وأمس لا يكون إلا دابرا) ٣ / ٤٨.

(٤) الحاقة ٦٩ / ١٣ وتمامها : (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ.)

(٥) الأنعام ٦ / ٣٨ وتمامها : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ.)

(٦) النحل ١٦ / ٢٦ ، وتمامها : (قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ.)

(٧) ما بين الحاصرتين زيادة في الكافية المحققة.

٥٥٦

وقد قيل اشتقاق الصفة (١) آكد ، لأنها تدل على المعاني ، والمعاني لا تكون إلا في الاشتقاق فما ورد تؤول بالمشتق ، والشيخ لا يتأول ، والمشتق أسماء الفاعلية والمفعولين والصفات المشبهة ، وأفعل التفضيل ، والوارد من غير المشتق قياسي وغير قياسي ، فغير القياسي عام كالوصف بأسماء الأجناس غير المفيدة مقدارا نحو (مررت برجل أسد) و (رجل شجاع) أو جبان وثعلب و (مررت برجل أب لك وأخ لك) و (خاتم حديد) و (ثوب خزّ) و (باب ساج) ، وخاص كالوصف بالمصادر التي للمبالغة نحو (رجل عدل صوم رضي) وغير ذلك ، وأما القياسي فعام في مواضع ، الأول أسماء وضعت للصفة ، وليست مشتقة من فعل نحو (ألمعيّ (٢) ولوذعيّ (٣) وجرشع (٤)) ، الثاني : ما فيه ياء النسب وقوله : (مثل تميمي) و (بصري ولحويّ) لأنه بمعنى منسوب. الثالث : ما فيه (ذو) بمعنى صاحب نحو (مررت برجل ذي مال) و (امرأة ذات جمال). الرابع الموصول مع صلته ومنهم من عدّ الموصول من الخاص لأنه لا يوصف بها إلا المعارف.

__________________

(١) ينظر شرح المفصل ٣ / ٤٨ ، وشرح المصنف ٥٧ ، وشرح الرضي ١ / ٣٠٣. قال المصنف : (يعني أن معنى النعت أن يكون تابعا يدل على معنى في متبوعه ، فإذا كانت دلالته كذلك صح وقوعه نعتا ، فلا فرق بين أن يكون مشتقا وغيره ، ولكن بما كان الأكثر في هذا المقصود وضع المشتق توهم كثير من النحويين أن الاشتقاق شرط حتى تأولوا غير المشتق بالمشتق ، والأسماء التي وقعت صفات وهي غير مشتقة) من شرح المصنف ٥٧.

(٢) الألمعي : ينظر لمع في اللسان ٥ / ٤٠٦٧.

(٣) اللوذعي : هو الحديد الفؤاد واللسان ، الظريف كأنه يلذع من ذكائه ، وقيل هو الحديد النفس. ينظر اللسان مادة (لذع) ٥ / ٤٠٢٤.

(٤) الجرشع : العظيم الصدر ، وقيل الطويل وقال الجوهري من الإبل مخصص وزاد المنتفخ الجنبين ـ ينظر اللسان مادة (جرشع) ١ / ٥٩٩.

٥٥٧

الخامس : أسماء أجناس كثر الوصف بها وهي أسماء العدد وما تفيد كيلا أو مساحة أو وزنا نحو (رجال خمسة) و (ثوب ذراع) [و ٧٠] و (بر قفيز) و (سمن رطل).

قوله : (أو خصوصا) يعني بالخصوص ما وقع صفة في بعض أحواله وذلك في مواضع :

الأول قوله : (مثل مررت برجل أي رجل) وإنما كان خاصا لأنه لا يوصف بـ (أي) إلا في موضع التعظيم والمبالغة في مدح أو ذم ، بشرط أن يكون مضافا إلى نكرة ، والموصوف نكرة مماثلة كما أضيف إليها لفظا أو معنى نحو (مررت برجل أي رجل) و (برجل أي فتى).

الثاني : (كل) و (حق) و (جد) وما بمعناها بشرط أن يكون الموصوف نكرة فقط ، نحو (مررت برجل كلّ رجل ، وكل الرجل) (١).

الثالث : اسم جنس مضافا إلى (صدق) و (سوء) موصوفا به نحو (مررت برجل رجل صدق ورجل سوء).

الرابع قوله : (مررت بهذا الرجل) يعني اسم الجنس الجامد وخصوصيته أن لا يكون صفة إلا للإشارة.

الخامس قوله : (ومررت بزيد هذا) يعني اسم الإشارة وخصوصيته أنه لا يكون صفة إلا للعلم.

__________________

(١) ينظر شرح الرضي ١ / ٣٠٤.

٥٥٨

قوله : (وتوصف النكرة بالجمل الخبرية) (١) يعني أنها توصف النكرة المفردة بالجمل الخبرية مع وصفها بالمفرد وإنما وصف بالجمل الخبرية ، يعني أنها توصف لأن الجمل المحكوم عليها بالتنكير ، ولهذا لا يصح أن تكون صفة للمعارف وما ورد تأوله نحو (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ)(٢) وقوله :

[٣٢١] ولقد أمر على اللئيم

 ...

بزيادة اللام.

وقوله : (الخبرية) يحترز من الإنشائية لأنها لا تحتمل صدقا ولا كذبا ، وأما قوله :

__________________

(١) قال الرضي في شرحه ١ / ٣٠٧ : (اعلم أن الجملة ليست لا نكرة ولا معرفة ، لأن التعريف والتنكير من عوارض الذات ، إذ التعريف جعل الذات مشارا بها إلى خارج إشارة وضعية والتنكير لا يشار بها إلى خارج في الوضع ، فإذا لم تكن الجملة لا معرفة ولا نكرة ، فلم جاز نعت النكرة بها دون المعرفة؟

قلت : لمناسبتها للنكرة من حيث يصح تأويلها بالنكرة ، وكل جملة يصح وقوع المفرد مقامها فتلك جملة لها موضع من الإعراب ...).

(٢) يس ٣٦ / ٣٧ (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ).

(٣) هذا صدر بيت من الكامل ، وهو لرجل من سلول في الكتاب ٣ / ٢٤ ، وله ولغيره ، ينظر الأصمعيات ١٢٦ ، والخصائص ٢ / ٣٣٨ ، وحماسة البحتري ١٧١ ، وأمالي ابن الشجري ٢ / ٣٠٢ ، وأمالي ابن الحاجب ٢ / ٦٣١ ، وشرح الرضي ١ / ٣٠٨ ، ومغني اللبيب ١٣٨ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٣١٠ ، وشرح ابن عقيل ٢ / ١٩٦ ، وأوضح المسالك ٣ / ٢٠٦ ، وهمع الهوامع ١ / ٢٣ ، ٢ / ١٤٠ ، وخزانة الأدب ١ / ٤٥٧ ـ ٣٥٨. وعجزه :

فمضيت ثمت قلت لا يعنيني

والشاهد فيه قوله : (يسبني) حيث وقعت الجملة نعتا للمعرفة (اللئيم) وهو المقرون بأل ، وإنما جاز ذلك لأن أل في (اللئيم) جنسية ، فهو قريب من النكرة. وتعريفها في هذه الحالة لفظي لا يفيد التعين وإن كان في اللفظ معرفة.

٥٥٩

[٣٢٢] حتى إذا جن الظلام واختلط

جاؤوا بمذق هل رأيت الذئب قط (١)

فمتأول بمقول.

قوله : (ويلزم الضمير) وذلك ليربط بين الجملة وموصوفها لأنها أجنبية لا بد لها من رابط ولا يجب ذكره لفظا (٢) ، بل قد يحذف نحو قوله :

[٣٢٣] ...

وما شىء حميت بمستباح (٣)

كما في عائد الموصول ولا يصح الربط بالواو ، كالحال ، لأن الصفة خبر في المعنى والخبر لا يربط بالواو.

قوله : (ويوصف بحال الموصوف) هذا هو الكثير نحو (مررت برجل

__________________

(١) البيت من الرجز وهو للعجاج في ملحق ديوان ٢ / ٣٠٤ ، وينظر الأنصاف ١ / ١١٥ والمفصل ١١٥ ، وشرح المفصل ٣ / ٥٢ ، أمالي ابن الشجري ٢ / ١٤٩ وشرح التسهيل السفر الثاني ٢ / ٦٦٩ ، وشرح المصنف ٥٧ ، وشرح الرضي ١ / ٣٠٨ ، والبحر المحيط ٤ / ٤٧٨ ومغني اللبيب ٣٢٥ والهمع ٥ / ١٧٤ ، وخزانة الأدب ٢ / ١٠٩.

والشاهد فيه قوله : (هل رأيت الذئب قط) وذلك لأنها جملة إنشائية ولا تحتمل الصدق والكذب ، وظاهرها يشبه أن يكون صفة لمذق وليس كذلك ، ولا بد في ذلك من التأويل وتقديره : جاؤوا بمذق مقول عند رؤيته هل رأيت الذئب قط ، وقيل التقدير : جاؤوا بمذق مشابه لونه لون الذئب.

(٢) ينظر شرح المصنف ٥٧ ، وشرح الرضي ١ / ٣٠٨.

(٣) عجز بيت من الوافر ، وصدره :

أبحت حمى تهامة بعد نجد

وهو لجرير في ديوانه ، وينظر الكتاب ١ / ٨٧ ـ ١٣٠ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٤٠٥ ، وأمالي ابن الشجري ١ / ٧٨ ـ ٣٢٦ ، وشرح التسهيل السفر الثاني ٢ / ٦٧٠ ، ومغني اللبيب ٦٥٣ ـ ٧٩٩ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٧٥ ، وخزانة الأدب ٦ / ٤٢.

والشاهد فيه قوله : (حميت) حيث جاءت الجملة الموصوف بها مربوطة بالضمير المقدر المنصوب والتقدير حميته.

٥٦٠