النّجم الثاقب - ج ١

صلاح بن علي بن محمّد بن أبي القاسم

النّجم الثاقب - ج ١

المؤلف:

صلاح بن علي بن محمّد بن أبي القاسم


المحقق: الدكتور محمّد جمعة حسن نبعة
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٠٥
الجزء ١ الجزء ٢

ابن عمّا) قال :

[١٧٢] يا ابنة عمّا لا تلومى واهجعى

لا تطمعى في فرقتى لا تطمعى (١)

و (يا ابن أماه) ويا ابن عماه).

قوله : (وقالوا : يا ابن أم ، ويا ابن عمّ خاصة) [مثل باب يا غلامي](٢) يعني بالفتح من دون ألف ، وإنما أعاده لأن عنده أن الفتح في (يا غلامي) لم يثبت ، وقد رويناه عند الأخفش (٣) ، وقد يأتي بـ (بني) على طريقة النداء ويقصد به الاختصاص وهو ثلاثة أقسام ؛ منه : ما يصح دخول حرف النداء ، ولا يصح إظهار الفعل نحو (أما أنا فافعل كذا أيها الرجل) (٤) و (نحن نفعل كذا أيها القوم) و (اللهم اغفر لنا أيتها العصابة) (٥) ومنه : ما يصح إظهار الفعل دون حرف النداء نحو (نحن العرب أقرى الناس للضيف) (٦) و (بك الله نرجو الفضل) و (سبحانك الله

__________________

(١) الرجز لأبي النجم العجلي كما في شرح شواهد المغني ٢ / ٥٤٥ وهو ملفق من صدرين في قصيدة واحدة مطلعها :

ما إن رأت رأسي كرأس الأصلع

ميّز عنه قنزعا عن قنزع

وينظر الكتاب ٢ / ٢١٤ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٤٠. ويرويه يا بنت عمى ، والمقتضب ٢ / ٢٥٢ ، والأصول لابن السراج ١ / ٣٤٢ ، وشرح المفصل لابن يعيش ٢ / ١٢ ويرويه (يا بنت عما) وأوضح المسالك ٤ / ٤١ ، واللسان مادة (عمم) وهمع الهوامع ٢ / ٥٤.

والشاهد فيه قوله : (يا ابنة عما) حيث أثبت الألف المنقلبة عن ياء المتكلم ضرورة.

(٢) ما بين الحاصرتين زيادة من الكافية المحققة.

(٣) ينظر معاني القرآن للأخفش ٢ / ٥٣٣.

(٤) ينظر همع الهوامع ٣ / ٢٩.

(٥) ينظر المصدر السابق.

(٦) ينظر شرح الرضي ١ / ١٦٢ ، وهمع الهوامع ٣ / ٣٠.

٣٤١

العظيم) (١) ومنه : ما يصح فيه الإعراب والنصب على النداء ، وعلى الاختصاص ، نحو (نحن آل فلان كرما) و (إنا معشر العرب نفعل كذا) وروى أبو عمرو أن العرب تنصب على الاختصاص أربعة أشياء (آل ، وأهل ، ومعشر ، وبني) (٢) والفرق بين الاختصاص والنداء ، أن الاختصاص لا يجوز ظهور حرف النداء فيه ويدخل فيه المتكلم والمخاطب دون الغائب ، والمنادى مختص بالمخاطب فقط.

ترخيم المنادى

قوله : (وترخيم المنادى جائز) يعني في سعة الكلام (٣) وإنما جاز ترخيمه دون غيره لكثرته ، ولأن المقصود في النداء هو المنادى له ، وقصد سرعة الفراغ من النداء [ظ ٤٢] والإفضاء إلى المقصود ، فحذف آخره اعتباطا (٤).

والترخيم في اللغة مأخوذ من التليين والتسهيل (٥) قال :

[١٧٣] لها بشر مثل الحرير ومنطق

رخيم الحواشى لا هراء ولا نزر (٦)

__________________

(١) ينظر همع الهوامع ٣ / ٣٠

(٢) ينظر رأي أبي عمرو في شرح الرضي ١ / ١٦١ ، وهمع الهوامع ٣ / ٢٩.

(٣) ينظر شرح المصنف ٣١.

(٤) ينظر شرح الرضي حيث العبارة منقولة عنه في ١ / ١٤٩ ، وشرح المفصل ٢ / ١٩.

(٥) ينظر اللسان مادة (رخم) ٣ / ١٦١٧.

(٦) البيت من الطويل وهو لذي الرمة في ديوانه ٥٧٧ ، ينظر جمهرة اللغة ١١٠٦ ، والخصائص ٣ / ٣٠٢ ، وأساس البلاغة ٤٨٢ مادة (هرا) وشرح المفصل لابن يعيش ٢ / ١٩ ، وشرح شافية ابن الحاجب ٣ / ٢٥٥ ، وتذكرة النحاة ٤٥ ، وشرح ابن عقيل ٢ / ٢٨٧. ـ والشاهد فيه قوله : (رخيم الحواشي) حيث استعمل كلمة رخيم بمعنى الرقة وذلك يدل على أن الترخيم في اللغة ترقيق الصوت.

٣٤٢

وقيل : من القطع ، لقولهم (رخمت الدجاجة بيضها) إذا قطعته وأما في الاصطلاح : (فهو حذف في آخره الاسم تخفيفا) (١) قوله : (في آخره) يحترز من تصغير الترخيم ، فإنه لا يلزم أن يكون في كـ (حميد) من أحمد و (زهير) من زاهر و (عمير) من عمران. وقوله : (تخفيفا) يعني من غير موجب يحترز من ما حذف لا لمجرد التخفيف بل له ولموجب كالإعلال ، وإلا فكل حذف لا بد فيه من تخفيف

قوله : (وشرطه أن لا يكون مضافا) الترخيم إن كان في غير المنادى لم يجز إلا في ضرورة الشعر بشرط أن يكون مما يصح نداؤه ، وأن يكون جامعا لشروط ترخيم المنادى (٢) ، وأن يرخم فيه ما يرخم في المنادى نحو :

[١٧٤] وإنّ افتقادي فاطما بعد أحمد

دليل على أن لا يدوم خليل (٣)

__________________

(١) ينظر شرح الرضي ١ / ١٤٩ ، وشرح ابن عقيل ٢ / ٢٨٨ ، وشرح المفصل ٢ / ١٩ ، والأصول لابن السراج ١ / ٣٥٩ وما بعدها ، وشرح التسهيل السفر الثاني ٢ / ٨٣٦.

(٢) ينظر شروط ترخيم المنادى في شرح الرضي ١ / ١٤٩ ، وينظر شرح ابن عقيل حيث قال في ٢ / ٢٨٩ ، فذكر أنه لا يرخم إلا بثلاثة شروط :

١ ـ أن يكون رباعيا فأكثر.

٢ ـ أن يكون علما.

٣ ـ أن لا يكون مركبا تركيب إضافة ولا إسناد. وهي عند الرضي خمسة قال : شرط ترخيم المنادى خمسة : أربعة منها عدمية متعينة وهي : أن لا يكون مضافا ولا مضارعا له ، وأن لا يكون مستغاثا ، ولا يكون مندوبا ولا يكون جملة والشرط الأخير ثبوتي غير متعين ، ولم يذكر المصنف مضارع المضاف لأن حكمه حكم المضاف) ينظر الرضي ١ / ١٤٩.

(٣) البيت من الطويل وهو لسيدنا على بن أبي طالب رضي الله عنه ينظر ديوانه ١٥٠ ويروى فيه :

٣٤٣

وزاد المبرد (١) أن يكون على لغة من لا ينوى ولا يعتبره سيبويه (٢) ، واستدل سيبويه بقوله :

[١٧٥] ألا أضحت حبالكم رماما

وأضحت منك شاسعة أماما (٣)

أي أمامه ، والمبرد يرويه : (٤) وما عهدي كعهدك يا أماما ، وما خالف هذا لم يقس عليه نحو :

[١٧٦] درس المنا بمتالع فأبان (٥)

 ...

__________________

وإن افتقادي واحدا بعد واحد

والشاهد فيه قوله : فاطما بعد أحمد حيث صرف فاطمة مع أنها ممنوعة من الصرفة ويروى بترخيمه (فاطم).

(١) ينظر رأي المبرد في المقتضب ٤ / ٥٤٣ ، وشرح الرضي ١ / ١٤٩.

(٢) ينظر الكتاب ٢ / ٢٧٠.

(٣) البيت من الوافر ، وهو لجرير في ديوانه ٢٢١ ، والكتاب ٢ / ٢٧٠ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٥٩٤ ، والإنصاف ١ / ٣٥٣ ، وشرح الرضي ١ / ١٤٩ ، وأوضح المسالك ٤ / ٧٠.

والشاهد فيه قوله : (أمامة) حيث رخمت في غير النداء ضرورة وترك الميم مفتوحة على لغة من ينتظر وهي في موضع رفع.

(٤) ينظر الهمع ٣ / ٧٩ ـ ٨٠ ، وشرح الرضي وحاشيته للشريف الجرجاني ١ / ١٤٩ وزاد أي الشريف قائلا : وهو من تعسفاته) أي المبرد.

(٥) صدر بيت من الكامل ، وعجزه :

فتقادمت بالحبس فالسوبان

وهو للبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب في ديوانه ١٣٨ ، وسمط اللالئ ١٣ ، وشرح شواهد الشافية ٤ / ٣٩٧ واللسان مادة (أبن) ١ / ١٣ ، وأوضح المسالك ٤ / ٤٤ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٤٦ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٥٦.

والشاهد فيه قوله : (المنا) يريد المنازل فرخمه في غير النداء للضرورة الشعرية حيث حذف حرفين.

٣٤٤

وقوله :

[١٧٧] أو ألفا مكة من ورق الحما (١)

 ...

أراد المنازل والحمام ، وأما المنادى فله شروط (٢) ، منها ما يرجع إلى النفي ، ومنها ما يرجع إلى الإثبات ، أما التي ترجع إلى النفي ، فثلاثة :

الأول : أن لا يكون مضافا ولا شبيها به ، وهو الطويل ، لأنك إن رخمت الأول رخمت وسط الكلمة ، وإن رخمت الثاني فليس بمنادى ، لأن المضاف إليه من حيث اللفظ اسم مستقل ، ومن حيث المعنى في حكم جزء من الأول ، فإن روعي الأمران تعذر الترخيم بخلاف المركب ، فإن الثاني امتزج بالأول ، حتى صار كالكلمة الواحدة وأجازه الكوفيون (٣) ، واحتجوا بقوله :

[١٧٨] إما ترينى اليوم أمّ حمز (٤)

 ...

وقوله :

[١٧٩] خذوا حظكم يا آل عكرم واذكروا

(٥)

 ...

__________________

(١) الرجز للعجاج في ديوانه ١ / ٤٥٣ ، والكتاب ١ / ٢٦ ، ١١٠ والخصائص ٣ / ١٣٥ ، والإنصاف ٢ / ٥١٩ ، وشرح المفصل ٦ / ٧٥ ، وشرح ابن عقيل ٢ / ١١٦ ، والأشباه والنظائر ١ / ٢٩٤ ، وهمع الهومع ١ / ١٨١ ، ٢ / ١٥٧.

والشاهد فيه قوله : (الحما) حيث رخم الحمام فحذف منه الحرف الأخير في غير نداء.

(٢) سبق ذكر الشروط في الصفحة السابقة.

(٣) ينظر رأي الكوفيين في شرح الرضي ١ / ١٤٩.

(٤) الرجز لرؤية في ديوانه ٦٤ ، والكتاب ٢ / ٢٧٤ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٥٨ ، والمقتضب ٤ / ٢٥١ ، والإنصاف ١ / ٣٤٩ ، وشرح ابن يعيش ٩ / ٦. وتمامه :

قاربت بين عنقي وجمزي

العنق : ضرب من السير السريع ، والجمز : أشد العنق وهو يشبه الوثب.

والشاهد فيه قوله : (أم حمز) يريد أم حمز فرخم حمزة في غير النداء للضرورة.

(٥) صدر بيت من الطويل ، وعجزه :

٣٤٥

وقوله :

[١٨٠] أبا عرو لا تبعد فكل ابن حرة

سيدعوه داعى حتفيه فيجيب (١)

أراد ابن حمزة وعكرمة وعروة ، وأجازه بعضهم فيما كان فيه تاء تأنيث كالأبيات.

الثاني قوله : (ولا مستغاثا ولا مندوبا) وذلك لأن المراد بهما التطويل والجواز ، فلهذا زيد في آخرهما ألف ، فلو رخما زال الغرض الذي جاءآ لأجله (٢).

الثالث قوله : (ولا جملة) وذلك نحو (تأبط شرا) و (ذرا حيا) لأن الجمل تحكى على إعرابها ، وأجازه ابن مالك (٣) وقال يحذف الاسم الثاني فتقول

__________________

واصرنا والرحم بالغيب تذكر

وهو لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ٢١٤ ، والكتاب ٢ / ٢٧١ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٦٢ ، والإنصاف ١ / ٣٤٧ ، وشرح المفصل ٢ / ٢٠ ، وشرح التسهيل السفر الثاني ٢ / ٨٥٤ ، وشرح الرضي ١ / ١٤٩ ، ولسان العرب مادة (عذر) ٤ / ٢٨٥٧ ، وهمع الهوامع ١ / ١٨١ ، وخزانة الأدب ٢ / ٣٢٩ ـ ٣٣٠.

والشاهد فيه قوله : (يا آل عكرم) حيث رخم المنادى المضاف والأصل يا آل عكرمة.

(١) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في شرح المفصل ٢ / ٢٠ ، والإنصاف ١ / ٣٤٨ ، وشرح التسهيل السفر الثاني ٢ / ٨٥٢ ، وشرح الرضي ١ / ١٤٩ ، وأوضح المسالك ٤ / ٥٦ ، وشرح التصريح ٢ / ١٨٤ ، وخزانة الأدب ٢ / ٣٣٦ ـ ٣٣٧.

والشاهد فيه قوله : أبا (عرو) والأصل أبا عروة فحذف عجز ما أضيف المنادى للترخيم ، وهو حذف جائز عند الكوفيين.

(٢) ينظر شرح المصنف ٣٢ قال المصنف في شرحه في الصفحة نفسها : لأن المستغاث مطلوب رفع الصوت والجؤار به فهو مطلوب لتطويله لا للحذف منه ولهذا المعنى زيد في آخره ألف ، وينظر شرح الرضي ١ / ١٥٠.

(٣) قال ابن مالك في ألفيته مشيرا إلى ذلك بقوله في شرح ابن عقيل ٢ / ٢٩١ :

٣٤٦

(تأبط) قال :

[١٨١] فأجروا تأبط لا أبا لكم (١)

 ...

وأما التي ترجع إلى الإثبات فثلاثة :

الأول قوله : (ويكون إما علما) وإنما اشترطت العلمية ، لأن نداء الأعلام هو الكثير ، وحذفها معلوم فلا يلتبس بخلاف النكرات فإنه يقع اللبس ، واختار المبرد (٢) ترخيم النكرة المقصودة ، لأنها في حكم المعرفة بدليل نعتها بالمعرفة ، وابن (٣) الخشاب أجاز ترخيم النكرة مطلقا.

الثاني قوله : (زائدا على ثلاثة) [أحرف](٤) وذلك لأنه لورخم لأدى إلى بقائه على حرفين بالترخيم الذي هو تخفيف لا إعلال ، ولا سيما على لغة من يقول (يا حار) لأنه عندهم اسم برأسه ، وأجاز الأخفش والفراء (٥) ترخيم الثلاثي إذا كان متحرك الوسط نحو (يا عمر) كأن حركة الأوسط [و ٤٣] قائمة مقام حرف رابع.

قوله : (أو بتاء تأنيث) (٦) يعني أن العلمية والزيادة ليسا شرطا مغنيا ، بل

__________________

والعجز احذف من مركب ،

ترخيم جملة ، وذا عمرو نقل

قال ابن عقيل في ٢ / ٢٩٢ : وفهم المصنف عنه (أي عن سيبويه) من كلامه في بعض أبواب النسب جواز ذلك فتقول في تأبط شرا (يا تأبط). وإن كان سيبويه لا يجيز ذلك كما في الكتاب ٢ / ٢٤٠ ، ولكن ابن مالك فهم من كلامه في غير هذا الباب بل في باب النسب كما ذكر ابن عقيل.

(١) لم أقف على مصدر له أو قائل.

(٢) ينظر المقتضب ٤ / ٢٤٣.

(٣) ينظر شرح الرضي ١ / ١٤٩.

(٤) ما بين الحاصرتين زيادة من الكافية المحققة.

(٥) ينظر شرح الرضي ١ / ١٤٩.

(٦) ينظر شرح المصنف ٣٢ ، وشرح الرضي ١ / ١٥٠.

٣٤٧

إذا حصلت تاء التأنيث سدت مسدهما سواء كانت في ثنائي كـ (هبة) أو ثلاثي كـ (طلحة) أو رباعي كـ (فاطمة) معرفة كهذه أو نكرة نحو (يا قائمة) قال :

[١٨٢] يا ناق سيري عنقا فسيحا (١)

 ...

وقوله :

[١٨٣] جاري لا تستنكري عذيري

سيري وإشفاقى على بعيري (٢)

أراد يا (ناقة) ويا (جارية) وإنما قامت تاء التأنيث مقامهما لأن المحذوف ليس جزءا من الكلمة فيقع بحذفه لبس ، وإنما لم يشترط معهما أن يكون المنادى زائدا على الثلاثة ، لأنه إذا رحم لم يؤد إلى تغيير بنيته ، لأنها زائدة ، وإن كان فيه تغيير كـ (شاة) و (هبة) (٣) لا يصح نداؤه ، وما ورد فيه لم يجز

__________________

(١) الرجز لأبي النجم في الكتاب ٣ / ٣٥ ، وشرح المفصل ٧ / ٢٦ ، وأوضح المسالك ٤ / ١٨٢ ، وشرح شذور الذهب ٣٢٢ ، وشرح ابن عقيل ٢ / ٣٥٠ ، واللمع في العربية ٢١٠ ، والمقتضب ٢ / ١٤ ، واللسان مادة (نفخ) ٦ / ٤٤٩٥ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٠. وتمامه :

إلى سليمان فنستريحا

والشاهد فيه قوله : (يا ناق) حيث رخم ناقة فحذف التاء.

(٢) الرجز للعجاج في ديوانه ١ / ٣٣٢ ، والكتاب ٢ / ٢٣١ ، ٢٤١ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٦١ ، وشرح المفصل ٢ / ١٦ ، والمقتضب ٤ / ٢٦٠ ، والأصول لابن السراج ١ / ٣٦١ ، وأوضح المسالك ٤ / ٥٨ ، والخزانة ٢ / ١٢٥ ، واللسان مادة (عذر) ٤ / ٢٨٥٦. ويروى سعيي بدل سيري.

والشاهد فيه قوله : (جاري) حيث حذف حرف النداء من جاري ، وهو اسم نكرة قبل النداء لا يتعرف إلا بحرف النداء ، وإنما يطرد حذفه في المعارف ، والأصل يا جارية فرخم المنادى وحذفت نتيجة ذلك التاء من آخره.

(٣) ينظر شرح الرضي ١ / ١٥٠.

٣٤٨

ترخيمه نحو :

[١٨٤] يا أبجر بن أبحر يا أنتا (١)

 ...

قوله : (فإن كان في آخره زيادتان في حكم الواحدة) [كأسماء ومروان](٢) هذا كلام في كيفية الحذف ، وما مضى في شروطه ، والمحذوف قد يكون حرفا ، وحرفين ، وثلاثة ، وكلمة ، فبدأ بالحرفين ، وهما في مواضع الأول ، الزيادتان في حكم الزيادة الواحدة ، ويعني بقوله (فإن كان في آخره) أي آخر المنادى الجامع للشروط زيادتان في حكم الواحدة ؛ أولاهما :ساكنا ، يحترز من الزيادتين لمتعين نحو (يا مرجانة) ، والمتحرك أولاهما نحو : يا خولا ، فإنه لا يحذف إلا حرف واحد ، والزيادتان في حكم الواحدة ، تكون في سبعة أقسام (٣) ، في ألف التأنيث كأسماء وحمراء قال :

 [١٨٥] قفى فانظري أسم هل تعرفينه (٤)

 ...

__________________

(١) الرجز للأحوص كما في ملحق ديوانه ٢١٦ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٣٢ ، ولسالم بن دارة كما في نوادر أبي زيد ١٦٣ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٣٥٩ ، والإنصاف ١ / ٣٢٥ ، وشرح المفصل ١ / ١٢٧ ، وأمالي ابن الشجري ٢ / ٧٩ ، والمقرب ١ / ١٧٦ ، والخزانة ٢ / ١٣٩ ، وشرح التسهيل السفر الثاني ٢ / ٧٨٣. ويروى يا مر يا بن واقع يا أنتا. وتمامه :

أنت الذي طلقت عام جعتا

والأبجر : المنتفخ البطن.

والشاهد فيه قوله : (يا أنتا) حيث نادى الضمير الذي يستعمل في مواضع الرفع وهذا شاذ.

(٢) ما بين حاصرتين زيادة من الكافية المحققة.

(٣) ينظر شرح الرضي ١ / ١٥١ ، وشرح المصنف ٣٢.

(٤) صدر بيت من الطويل ، وعجزه :

أهذا المغيري الذي كان يذكر

وهو لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه ٩٣ ، وشرح المفصل ٢ / ٢٢ ، وشرح قطر الندى ٢١٦ ، وخزانة الأدب ١١ / ٣٦٩. ـ والشاهد فيه قوله : (يا أسم) حيث رخمه بحذف الهمزة ثم حذفت الألف قبلها والأصل يا أسماء.

٣٤٩

وقال :

[١٨٦] يا اسم صبرا على ما كان من حدث (١)

 ...

وفي جمع المؤنث السالم نحو (يا مسلمات) مسمى بها ، وفي الألف والنون في المذكر كـ (عمران) و (مروان) قال :

 [١٨٧] يا مرو إن مطيتى محبوسة (٢)

 ...

وفي الألف والنون والواو والنون في المثنى والمجموع المسمى بهما ، وفي ياء النسب ، نحو (يا تميمي) (يا بصري) وزاد نجم الدين (٣) ، همزة الإلحاق مع الألف التي قبلها كـ (حرباء وعلباء).

قوله : (أو حرف صحيح قبله مدة) هذا الموضوع الثاني مما يحذف فيه حرفان ، وله شروط : أن يكون آخر المنادى (حرفا صحيحا) (٤) يحترز من

__________________

(١) صدر بيت من البسيط ، وعجزه :

إن الحوادث ملقي ومنتظر

وهو للبيد بن ربيعة في ملحق ديوانه ١٨ ، وينظر الكتاب ٢ / ٢٥٨ ، وله ولغيره ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٣٥ ، وأوضح المسالك ٤ / ٦٣ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٨٨ ، وشرح الأشموني ٢ / ٤٧٢.

والشاهد فيه قوله : (يا أسم) فإن أصله (يا أسماء) فرخمه بحذف الهمزة والألف قبلها.

(٢) صدر بيت من الكامل ، وعجزه :

ترجو الحباء وربها لم ييأس

وهو للفرزدق في ديوانه ١ / ٣٨٤ ، والكتاب ٢ / ٢٥٧ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٥٠٥ ، وشرح المفصل ٢ / ٢٢ ، واللمع ١٩٩ ، وأوضح المسالك ٤ / ٦٢ ، وخزانة الأدب ٦ / ٣٤٧.

والشاهد فيه قوله : (يا مرو) فإن أصله يا مروان فرخمه بحذف النون وحذف الألف قبلها.

(٣) ينظر شرح الرضي ١ / ١٥١.

(٤) في الأصل (حرف صحيح).

٣٥٠

المعتل كـ (حنطاوة) فإنه لا يحذف منه إلا حرف واحد ، وقوله (قبله مدة) والمراد بالمدة : ما كان آخره أحد حروف العلة التي قبلها حركة مجانسة لها ، يحترز مما لا مدة له فيه كـ (غرينق) و (فردوس) ، فلا يرخم فيهما إلا حرف واحد ، ولا بد أن تكون المدة زائدة وإلا ، ورد عليه (مختار) لأن ألفه أصلية منقلبة عن ياء (١) ولا يرخم منه إلا حرف واحد.

قوله : (وهو أكثر من أربعة أحرف) [حذفتا](٢) يحتمل أن راجعا إلى قوله : (فإن كان آخره زيادتان) فلا يصح ترخيم (يدان) و (دمان) ، وفيه خلاف ، الأكثر يجيزونه ، لأن الترخيم لم يغير البنية وإنما غيرها موجب الإعلال ، وبعضهم منعه طردا للباب ، ويحتمل أن يكون راجعا إلى قوله : (أو حرف صحيح) فيصح ترخيم (يدان) وإنما اشترط ذلك لئلا يبقى الاسم على حرفين ، وأجاز الفراء (٣) ترخيم حرفين في الثلاثي كـ (ثمود وسعيد وعماد) مثال ما جمع الشروط (يا عمار) و (منصور) و (يا مسكين) فإذا رخمتها قلت : (يا منص) و (عمّ) و (مسك) وزاد بعضهم أن لا يكون آخره تاء تأنيث كـ (مؤمنة) و (مسكينة) ، فإنه لا يرخم فيه إلا حرف واحد.

الثالث : الترخيم بعد الترخيم نحو (معاوية) [ظ ٤٣] فإنه يجوز فيه (يا معاوي) قال :

[١٨٨] معاوي إننا بشر فأسجح

فلسنا بالجبل ولا الحديدا (٤)

__________________

(١) ينظر شرح المصنف ٣٢ وهي (مختير).

(٢) ما بين الحاصرتين زيادة من الكافية المحققة.

(٣) ينظر شرح الرضي ١ / ١٥٣.

(٤) البيت من الوافر ، وهو لعقبية الأسدي كما في الكتاب ١ / ٦٧ ، ومعاني القرآن للفراء ٢ / ٣٤٨ ،

٣٥١

ثم قال : يا معاو قال :

[١٨٩] إنك يا معاو يا بن الأخير (١)

 ...

وشرطه كل اسم آخره ياء زائدة على أربعة أحرف ، يحترز من (طلحة) على لغة من لا ينوي ، لأنه يجعل الباقي بعد الترخيم ، الأول لاسم مستقل وأما من ينوي فلا يجيز الترخيم بعد الترخيم والذي يحذف منه ثلاثة أحرف نحو (ميمونة) فإنك تحذف الترخيم الأول التاء ، وفي الترخيم الثاني النون والواو ، وأما من لا ينوي فإنه لا يجيز ترخيم ثلاثة أحرف.

قوله : (وإن كان مركبا حذف الاسم الآخر) (٢) هذا الذي يحذف

__________________

وشرح أبيات سيبويه ١ / ٣٠٠ ، وسمط اللالئ ١ / ١٤٨ ، والمغني ٦٢١ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٧٠ ، وشرح التسهيل السفر الثاني ٢ / ٩٨٩ ، وشرح الرضي ١ / ٢٦٩ ، واللسان مادة (غمز) ٥ / ٣٢٩٦.

قال أبو على القالي في أماليه وبهامشه سمط اللالئ على أمالي القالي : وأنشده النحويون فلسنا بالجبال ولا الحديدا بالنصب والقوافي مخفوضة إذ يرويها القالي هكذا :

معاوي إننا بشر فأسجح

فلسنا بالجبال ولا الحديد

فهبها أمة هلكت ضياعا

يزيد أميرها وأبو يزيد

أكلتم أرضنا فجردتموها

فهل من قائم أو من حصيد

وقال محققه : وقد أنشد سيبويه بيت القالي منصوبا فتبعه النحاة واعتذر له الأعلم بما لا عذر فيه وقد آخذه العلماء قديما وحديثا (وطبعا على رأيه) ينظر السمط ١ / ١٤٩.

والإسجاح هو : حسن العفو.

والشاهد فيه قوله : (معاوي) حيث رخم لفظ معاوية وهذا جائز كما ذكر الشارح.

(١) الرجز للعجاج في ديوانه ١ / ٢٥١ ، وينظر الكتاب ٢ / ٢٥٠ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٥٦٢ ، والخصائص ٣ / ٣١٦ ، وهمع الهوامع ٢ / ٨٦ ، وخزانة الأدب ٢ / ٣٧٨. ويروى الأفضل بدل الأخير.

وتمام الرجز :

فقد رأى الراون غير البطّل

والشاهد فيه قوله : (يا معاو) يريد معاوية فأدخل ترخيما على ترخيم حيث رخم أو لا معاوية فصار يا معاوي ، ثم رخم ثانيا فصار : يا معاو ...

(٢) في الكافية المحققة (الأخير) بدل الآخر.

٣٥٢

منه كلمة ، وأراد بالمركب ما عدا ما استثني ، وهو تركيب الجمل والإضافة والباقي تركيب المزج والعدد والصوت ، فهذه تحذف منها الكلمة الأخرى للترخيم ، لأنها بمنزلة تاء التأنيث ، إلا (اثنتي عشرة) و (اثني عشر) في العدد فإنك تحذف مع آخره الألف ، لأن (عشر) والألف تنزلان منزلة زيادتي التثنية (١) ، وإذا وقفت على (خمسة عشر) بعد الترخيم وقفت بالهاء ، ردّ الهاء إلى أصلها قبل التركيب ، وقال الفراء : (٢) إنك في الصوت لا تحذف إلا الهاء وتقلب الياء ألفا ، فتقول (يا سيبوا) و (يا عمروا).

قوله : (وإن كان غير ذلك فحرف واحد) أي غير ما تقدم مما يحذف منه حرفان وثلاثة وكلمة ، فإنه يحذف منه حرف واحد نحو (يا مال) و (يا حار) في (مالك) و (حارث) وقال الأخفش (يا ذو مال مال) ، وقال :

[١٩٠] حار بن كعب ألا أحلام تزجركم

عنا وأنتم من الجوف الجماخير (٣)

قوله : (وهو في حكم الثابت على الأكثر) يعني أن المحذوف في جميع ما ذكر ، فيه لغتان ، اللغة الكثيرة الفصيحة يجعلون المحذوف كالثابت ، فيتقى الاسم على ما كان عليه قبل الترخيم من حركة أو سكون ، ولا يعلّ ولا يدغم ، فيقال : (يا حار ، ويا ثمو ، ويا كرو).

__________________

(١) ينظر شرح الرضي ١ / ١٥٣.

(٢) ينظر معاني القرآن للفراء ٢ / ٤٢١.

(٣) البيت من البسيط ، وهو لحسان بن ثابت الأنصاري في ديوانه ١٧٨ ، والكتاب ٢ / ٧٣ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٥٥٤ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٢١٠ ، واللسان مادة جوف ١ / ٧٢٨ ، وخزانة الأدب ٤ / ٧٢ ، ٧٥ ، والمقتضب ٤ / ٢٣٣. ويروى ألا الأحلام كما في اللسان. والجوف والجماخير طوال واسعو البطون

والشاهد فيه قوله : (حار) حيث رخم حارث فحذف الحرف الأخير.

٣٥٣

قوله : (وقد يجعل اسما برأسه) هذه اللغة القليلة ، فإنهم يجعلون المحذوف نسيا منسيا ، والمرخم اسما مستقلا برأسه فيضمونه ويعلّونه ويعاملونه بكل ما يعامل به الاسم المستقل ، فيقولون : (يا حار) بالضم و (يا ثمي) (١) بالياء ، لأن الواو وإذا تطرفت وقبلها ضمة قلبت ياء والضمة كسرة ، و (يا كرا) بالألف ، لأنه إذا تحرك حرف العلة وفتح ما قبله قلبت ألفا ، وقد استثنى أهل اللغة القوية أشياء غيروها :

أحدها : ما أزال الترخيم إعلاله كـ (قاضيين) و (مصطفين) علما فإنك إذا رخمتهما رجعت الياء والألف فتقول يا (قاضي) و (يا مصطفى) لأن حذفهما إنما كان لعارض لفظي وهو وجود الواو والياء ، فلما حذفتا في الترخيم زال الموجب لحذفهما فرجعتا لأنهما قوينا التقدير.

الثاني : ما أزال جواز سكونه فيجوز (محمّارّ) ، ومراده فإنك إذا رخمته بقي (محمار) ، براء ساكنة وأدى إلى جمع بين ساكنين من غير شرط ، فغيروه ، فسر بغيره بالفتح لأنه أقرب إلى الألف ، والأكثر يكسرونه على أصل التقاء الساكنين (٢) ، وابن الحاجب وجماعة منعوا من هذا التغيير ، لأن الاسم الساقط بالترخيم كالمذكور ، وهو الصحيح (٣) والله أعلم.

الثالث : حيث يرخم الاسم ويبقى آخره تاء تأنيث فإنهم يقفون عليها

__________________

(١) ينظر شرح الرضي ١ / ١٥٥.

(٢) العبارة من قوله : (هذه اللغة ... إلى قوله الساكنين منقولة بتصرف عن شرح المصنف ٣٣ ، وينظر شرح الرضي ١ / ١٥٤.

(٣) ينظر شرح المصنف ٣٣.

٣٥٤

بالهاء ويوافقون القليلة ، نحو (مسلمات) و (خمسة عشر) لأنها أصلها قبل التركيب والتثنية ، بخلاف (بنتان) فإنهم لا يقفون عليها بالهاء لأنها لم ترجع إليها بحال ، وما أدى إلى اللبس في إحدى اللغتين ، وإلى عدم النظير تعينت فيه الأخرى ، وما التبس فيهما جميعا لم يرخم ، فالذي يتغير في الأولى نحو (قائمة) الصفة و (زيدان) و (مسلمات) فإنه على اللغة القليلة يلتبس بالمفرد ، والذي يؤدي إلى عدم النظير في القليلة نحو (طيلسان) وعرفوه بأنه ليس في كلامهم فيعمل ولا فعلى والذي يؤدي إلى عدم النظير في الأولى نحو (هرقل) (١) فإنه قليل في كلامهم بخلاف (هرق) نحو (ضلع) [و ٤٤] والذي يلتبس فيهما جميعا ، جمع المذكر السالم (٢) والمنسوب مطلقا نحو (زيدون) فإنك إذا رخمت الواو والنون التبس على كلا اللغتين وإذا رخمت (زيديّ) (زيدي) فعلى اللغة الأولى يلتبس بالمضاف إلى الياء ، وعلى الآخر بالمفرد ، وهذه التفاصيل أصلها للكوفيين ، والصحيح أن كل موضع قامت فيه قرينة تزيل اللبس جاز ترخيمه على اعتباره كلا اللغتين.

الندبة

قوله : (وقد استعملوا صيغة النداء في المندوب) وهذا بناء منه على

__________________

(١) ينظر شرح الرضي ١ / ١٥٣.

(٢) قال الرضي في شرحه ١ / ١٥٢ ما نصه : ولا يجوز ترخيم جمع المذكر السالم مطلقا كما لا يجوز ترخيم المنسوب مطلقا نحو (زيدي) إذ لو ضم لالتبس بنداء منسوب إليه ولو كسر لالتبس بالمضاف إلى الياء ...).

٣٥٥

أن المندوب ليس بمنادى (١) ، لأن المنادى يطلب إقباله بخلاف المندوب والصحيح ما قاله الجمهور : إنه منادى لأنه مطلوب إقباله مجازا (٢) ، كما تنادى الديار والأطلال والميت أقرب إلى الإجابة ، لأنه قد كان أهلا لها ، قال الجزولي : (٣) المندوب منادى على حدّ التفجع ، فإذا قلت (وا زيد) فكأنك تناديه وتقول : تعال فإني مشتاق إليك ومنه قولهم في المراثي : (لا تبعد) (٤) أي لا تهلك ، من ضنهم بالميت عن الموت يصورونه حيا ، وكذا المندوب المتوجع منه (٥) نحو (واثبواره) أي احضر حتى يتعجب من فظاعتك ، والدليل على أنه مدعو قوله تعالى : (لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً)(٦) فإنه أمرهم أن يقولوا : واثبورا.

قوله : (وهو المتفجع عليه) (٧) دخل كل متفجع بـ (يا) أو (وا) خرج

__________________

(١) ينظر شرح الرضي ١ / ١٥٦.

(٢) ينظر شرح المفصل ٢ / ١٣ ، وشرح الرضي ١ / ١٥٦.

(٣) الجزولي هو عيسى بن عبد العزيز بن يللبخت بن عيسى البربري أبو موسى الجزولي ، شرح أصول ابن السراج ، والمقدمة المشهورة على الجمل للزجاجي مات سنة ٦٠٧ ه‍.

(٤) ومنه قول مالك بن الريب يرثي نفسه. وهو في اللسان (بعد) ١ / ٣١٠ :

يقولون لا تبعد وهم يدفنوني

وأين مكان البعد إلا مكانيا

(٥) قال سيبويه في الكتاب ٢ / ٢٢٠ : اعلم أن المندوب مدعو ولكنه متفجع عليه ، فإن شئت ألحقت في آخر الاسم الألف لأن الندبة كأنهم يترنمون فيها ، وإن شئت لم تلحق كما لم تلحق في النداء. وقال السيرافي : هامش الكتاب ٢ / ٢٢٠ : الندبة تفجع ونوع من حزن وغم يلحق النادب على المندوب عند فقده فيدعوه وإن كان يعلم أنه لا يجيب لإزالة الشدة التي رهقته ولما كان المندوب ليس بحيث يسمع احتيج إلى غاية بعد الصوت فألزموا أوله (يا) أو (وا) وآخره الألف في الأكثر من الكلام لأن الألف أبعد للصوت وأمكن للمد) ...

(٦) الفرقان ٢٥ / ١٤ ، والثبور : الهلاك.

(٧) قال الرضي في شرحه ١ / ١٥٦ : دخل فيه المجرور في نحو (تفجعت على زيد) ، فلما قال بـ (يا أووا) أخرج وكل منادى يدخله معنى من المعاني كالاستغاثة والتعجب والندبة ، لا يستعمل فيه إلا حرف النداء المشهور أعني يا.

٣٥٦

ما عداهما.

قوله : (واختص بـ (وا)) يعني أن المندوب مختص بـ (وا) وهو والمنادى مشتركان في (يا) (١) ، وقد قيل : إن واتستعمل في النداء قليلا نحو :

[١٩١] وا فقعسا ، وأين منى فقعس (٢)

 ...

قال نجم الدين : وقد أخل بأحد قسمي المندوب وهو المتوجع منه نحو : وا (ثبورا) وا (حزنا) (٣) والتفجع قد يكون بفقده حقيقة نحو إما بموت نحو (وا زيداه) أو بمعيبة نحو : أن يضطهد نحو (وا أمير المؤمنيناه) (٤) وقد يكون مجازا نحو :

[١٩٢] واكيدا من حب من لا يحبنى

من غيرات مالهن مثال (٥)

قوله : (وحكمه في الإعراب والبناء حكم المنادى) يعني يبنى المفرد نحو (وا زيد) ويعرب المضاف نحو (وا عبد الله) وتوابعه كتوابع المنادى (٦).

__________________

(١) قال الرضي في الصفحة نفسها : يعني اختص لفظ المندوب بالندبة بسبب لفظة (وا) ، فـ (وا زيد) مختص بالندبة و (يا زيد) مشترك بين الندبة والنداء.

(٢) الرجز لرجل من بني أسد في الدرر ٣ / ١٧ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٧٢ ، وشرح التصريح ٢ / ١٨٢ ، وهمع الهوامع ٣ / ٦٦ ، وشرح التسهيل السفر الثاني ٢ / ٨٢٦.

والشاهد فيه قوله : (وافقعسا) حيث جاء (وا) على أنها أداة نداء كما ذهب إلى ذلك الشارح.

(٣) ينظر شرح الرضي ١ / ١٥٦.

(٤) ينظر الكتاب ٢ / ٢٢٦ ، وشرح المفصل ٢ / ١٤.

(٥) البيت من البحر الكامل ولم أقف له على قائل أو مصدر.

(٦) ينظر شرح المصنف ٣٣ ، وشرح الرضي ١ / ١٥٦.

٣٥٧

قوله : (ولك [إلحاق](١) ألف في آخره) لأن المراد التطويل ومد الصوت ، وقد أوجبها ابن الموفق الأندلسي (٢) مع (يا) فرقا بينه وبين المنادى ، وإنما كان الإلحاق بالألف دون غيرها لأنها أخف وزيادتها أكثر ، وكيفية الإلحاق عند البصريين (٣) ، أنك تلحق الألف وتفتح ما قبلها ، وما لم يلتبس سواء كان معربا نحو (يا عبد الله) ، أو مبنيا كبناء (زيداه) ، وإن كان آخره تنوينا حذفته ، أو ألفا كـ (موسى) حذفتها والكوفيون (٤) يحافظون على بقاء التنوين ، ويقولون : لك أن تحركه بالفتح للتخفيف وتلحقه الألف ، ونقول : (وا غلام زيداه) وأن تكسره على الأصل ، وتقلب الألف ياء لانكسار ما قبلها فتقول وا غلام زيدينه وإن كان غير منون فلك إلحاق الألف ياء لانكسار وفتح ما قبلها كمذهب البصريين فتقول : (واعبد المطلباه) ، وقال الفراء : (٥) يجوز أن تلحق ما يجانس حركة إعرابه ضمه فـ (وا) وفتحة فـ (ألف) وكسرة فـ (ياء) فنقول : (وا من ضرب الرجلوه) (وا غلام أحمداه) إذا أتبعته على لفظه ، (وا غلام الرجليه) ، والصحيح ، أن يقال : إن اللبس تعين مجانسة الحركة نحو (وا زيدانيه) مثنى ، لأنك لو أتيت بالألف لقلت : (وا زيداه ناه) ، والتبس بـ (زيدان) مفردا كـ (عفّان) وإن لم يلتبس تعينت الألف ، وإن كان مضافا إلى مضمر ، فإن كان في المتكلم قلت : (وا غلامياه) (٦) [ظ ٤٤] في لغة من يثبت الياء ساكنة أو متحركة ،

__________________

(١) ما بين حاصرتين زيادة من الكافية المحققة.

(٢) سبقت ترجمته في الصفحة ٩ وينظر رأيه في شرح الرضي ١ / ١٥٦.

(٣) ينظر شرح المفصل ٢ / ١٤.

(٤) ينظر شرح الرضي ١ / ١٥٦ ، وشرح المفصل ٢ / ١٤

(٥) ينظر معاني القرآن للفراء ٢ / ٣٢ ـ ٤٢١.

(٦) بنظر شرح الرضي ١ / ١٥٧.

٣٥٨

و (وا غلاماه) في لغة من يحذفها ، وفي الجمع تحذف الألف التي في الجمع كراهة الجمع بين ألفين ، فتقول : (وا غلامياه) وإن كان مخاطبا ، وهي مسألة الكتاب (١).

قوله : (فإن خفت اللبس ، قلت : وا غلامكيه) (٢) يعني أنك مع المفرد المذكر تلحق ألفا فتقول ، (وا غلامكاه) ، ومع المؤنث بياء مجانسة للحركة ، فتقول : (وا غلامكيه) لأنك لو فتحت الضمير وأتيت بالألف لم تفترق الحال ، بين المذكر والمؤنث ، وفي التثنية تحذف ألف الضمير وتلحق ألفا فتقول : (وا غلامكما) في المذكر والمؤنث جميعا لأن صيغتهما واحدة.

قوله : (وا غلامكوه) (٣) هذا في جمع المذكر تقول : (وا غلامكموه) بضم الميم وتلحق واو في آخره ، لأنك لو أتيت بالألف التبس بالمثنى ، وتقول في جمع المؤنث : (وا غلامكناه) ، وإن كان غائبا قلت في المذكر (وا غلامهموه) لأنك لو جئت بالألف التبس بالمؤنث ، وفي جمع المؤنث (وا غلامهناه).

قوله : (ولك الهاء في الوقف) يعني أن الإتيان بعد ألف بها إلسكت جائز في الوقف لا واجب (٤) ولا يصح الإتيان بها في الوصل ، وأجازه الفراء نحو :

__________________

(١) ينظر الكتاب ٢ / ٢٢١ وما بعدها. وقال الرضي في شرحه ١ / ١٥٧ : (وأما إذا ندبت يا غلامي بسكون الياء فكذا تقول عند سيبويه يا غلامياه لأن أصلها الفتح عنده) ، وأجاز المبرد يا غلاماه بحذف الياء للساكنين ، ولم يذكر سقوطها في المضاف إلى المضاف إلى الياء نحو : وا انقطاع ظهراه.

(٢) ينظر شرح الرضي ١ / ١٥٦ ، وشرح المفصل ٥ / ١٤

(٣) للتفصيل ينظر شرح المصنف ٣٤ ، وشرح الرضي ١ / ١٥٧ ـ ١٥٨ ، وشرح ابن عقيل ٢ / ٢٨٤ ، وشرح التسهيل السفر الثاني ٢ / ٨٣١.

(٤) العبارة منقولة عن الرضي ١ / ١٥٨ دون إسناد.

٣٥٩

[١٩٣] ألا يا عمرو عمراه

وعمرو بن الزبيراه (١)

وبعضهم منعها فيما آخره ألف وهاء ، فلا يجيز (عبد اللهاه) ، في (عبد الله).

قوله : (ولا يندب إلا المعروف) (٢) يعني أن شرط المندوب أن يكون مشهورا عند التفجع في حكم المعروف ليكون عذرا للمتفجع في ندبه عند اللوم والإعلام بوقوع مصيبة عظيمة ، وذلك لا يتم إلا بعد العلم به ، وسواء كان معرفة ، أو نكرة إذا كان مشهورا ، فأما إذا لم يكن معروفا لم يصح ندبه ، وإذا كان معرفة فلا نقول : (وا زيداه) لمن لا يعرفه ، وأجازه الكوفيين (٣) واحتجوا بقولهم : (وا رجلا مشيخاه) ، والذي في حكمه حيث يكون المتفجع فيه مشهورا بذلك الاسم نحو (وا من حفر بئر زمزماه) (وا من قلع باب خيبراه) (وا أمير المؤمنيناه) (٤) فإن الشهرة كافية في جواز كونه مندوبا ، وأما المتوجع فإنك تقول (وا مصيبتاه) ولا يشترط أن يكون معروفا.

قوله : (فلا يقال (وا رجلاه) يعني إذا لم يكن معروفا ، فأما إذا كان معروفا صح.

__________________

(١) البيت من مجزوء الوافر وهو بلا نسبة في شرح التسهيل السفر الثاني ٢ / ٨٢٩ ، وشرح ابن عقيل ٢ / ٢٨٥.

والشاهد فيه قوله : (عمراه) ، حيث زيدت التاء التي تجتلب للسكت في حالة الوصل ضرورة.

(٢) ينظر شرح المصنف ٣٤ ، وشرح الرضي ١ / ١٥٨ ـ ١٥٩.

(٣) ينظر شرح الرضي ١ / ١٥٩.

(٤) هذه الأمثلة مثبتة في شرح الرضي ١ / ١٥٩.

٣٦٠