النّجم الثاقب - ج ١

صلاح بن علي بن محمّد بن أبي القاسم

النّجم الثاقب - ج ١

المؤلف:

صلاح بن علي بن محمّد بن أبي القاسم


المحقق: الدكتور محمّد جمعة حسن نبعة
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٠٥
الجزء ١ الجزء ٢

بلاد سفيان (١).

توفي الإمام يحيى بن حمزة في ذمار سنة ٧٤٧ ه‍ ، وتوفي علي بن صلاح سنة ٧٣٠ ه‍ ، ببلاد شظب ، وتوفي الإمام أحمد بن علي سنة ٧٥٠ ه‍ بصعدة ، وبقي الإمام الواثق متوليا الأمر (٢) ، وفي سنة ٧٥٠ ه‍ كان قيام المهدي لدين الله (علي بن محمد) (وهو غير والد مؤلف النجم الثاقب) وكانت دعوته في (ثلا) (٣) فاجتمع إليه كثير من علماء الهدوية وبايعوه ، وتنحى الإمام الواثق بالله المطهر بن محمد ، وصرح بموالاته للمهدي في رسالة بليغة ودخل المهدي صعدة في نفس السنة من مبايعته (٤).

وتوفي الإمام المهدي سنة ٧٧٣ ه‍ وتولى الإمام بعده ولد الناصر صلاح الدين محمد بن علي ، وقد اتسع صيته ، واستولى على أكثر مدن اليمن وحصونه ، وقهر ملوك بني رسول ، وفتح صنعاء ، وسار إلى زبيد ، وتوفي سنة ٧٩٣ ه‍ (٥).

واضطرب أهل اليمن بعد موته ، وكثرت الفتن والمحن ، وانتشر الخلاف في جميع الأطراف ، والسبب في ذلك حداثة سن ولده القائم بالأمر بعده ، وهو علي بن صلاح الدين ، وعدم إحرازه لكثير من شروط الإمامة ، مع وجود من هو أولى منه ، وكثر المخالفون من

__________________

(١) ينظر غاية الأماني ، ٥١١.

(٢) ينظر المقتطف ١٩٣ ـ ١٩٤.

(٣) ثلا : بلدة مشهورة من نواحي صنعاء تبعد قريبا من ٦٠ كيلومترا عنها ، ينظر مجموع بلدان اليمن ١٦٦.

(٤) ينظر غاية الأماني ، ٥١٥.

(٥) ينظر المقتطف ، ١٩٥.

٢١

الأمراء والسلاطين (١).

وبايع كثير من الناس الإمام المهدي أحمد بن يحيى بن المرتضى ، ولما علم أصحاب الإمام المنصور علي بن صلاح بذلك ، بدأت الفتن والحروب والمفاوضات بين الطرفين إلى أن استطاع الإمام المنصور أن يأسر المهدي أحمد بن يحيى فسجن في ذمار ، ثم في صنعاء ، ولما استقر الأمر له في صنعاء أخرج المنصور الإمام المهدي من السجن (٢).

وسار الإمام أحمد بن يحيى إلى ظفير حجة ٨٣٨ ه‍ ، واستقر في ظفير إلى أن مات بالطاعون سنة ٨٤٠ ه‍.

وفي سنة ٨٤٠ ه‍ وفي المحرم منها مات الإمام المنصور علي بن صلاح في مدينة صنعاء بالطاعون ودفن في قبة أبيه الناصر صلاح الدين.

وعلي بن صلاح الدين هو صاحب البرود الضافية والعقود الصافية في شرح المقدمة الكافية ، وقد ألف الإمام المنصور علي بن محمد بن أبي القاسم تجريد الكشاف ، وهي رسالة استبعد فيها إمكان الاجتهاد في زمنه ، ورد عليه تلميذه ناصر السنة العلامة الحافظ الحجة محمد بن إبراهيم الوزير في كتابه (العواصم والقواصم) في أربعة مجلدات والذي اختصره في كتابه (الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم) (٣).

هذا وخلف الإمام المنصور علي بن صلاح الدين صلاح بن علي ، والذي تلقب بالمهدي ، وكان على ما ذكر صاحب المقتطف من تاريخ

__________________

(١) ينظر غاية الأماني ٥٨٣.

(٢) ينظر المقتطف (١٩٦) ، وغاية الأماني ٥٣٩ ـ ٥٥٣.

(٣) ينظر المقتطف من تاريخ أخبار اليمن ١٤٣.

٢٢

أخبار اليمن أنه كان عالما محققا له شرح على كافية ابن الحاجب سماه (النجم الثاقب على مقدمة ابن الحاجب).

قال صاحب غاية الأماني في أخبار القطر اليماني (١) : وقام بعده ولده محمد بن علي بن صلاح الدين ، فلم يلبث بعد والده إلا قدر شهر ثم مات ، ودفن بالقرب من قبر أبيه ، ولم يبق من أهل بيته إلا الشريفة الكاملة فاطمة بنت الحسن بن صلاح الدين ، فملكت صنعاء وجهاتها ، وقام بأوامرها الفتى قاسم بن عبد الله بن سنقر ، فأقام للإمامة والنظر في أحوال الخاصة والعامة السيد صلاح الدين بن علي بن محمد بن أبي القاسم ، ويلقب بالمهدي لدين الله ، قال ابن مظفر رحمه الله تعالى : وكان صلاح بن علي واعيا مبرزا

في علوم الاجتهاد ، وذا ورع شحيح وبايعه علماء صنعاء ، وتزوج صلاح بن علي بالشريفة بنت الحسن بن صلاح الدين ، وكانت قبله تحت محمد ابن علي بن صلاح الدين (٢).

وفي هذه السنة سرى الطاعون في بلاد المغارب فهلك فيه خلائق لا يحصون ، ومنه مات الإمام المهدي لدين الله أحمد بن يحيى بن المرتضى (٣) صاحب المصنفات المشهورة وعلى رأسها كتابه الموسوم البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار ، وهو من أشهر كتب الفقه عند المذهب الزيدي في اليمن.

وفي هذه السنة ٨٤٠ ه‍ كانت دعوة الإمام المتوكل على الله المطهر بن

__________________

(١) ينظر غاية الأماني ٢ / ٥٧٣.

(٢) ينظر غاية الأماني ٥٧٣.

(٣) ينظر مصادر الفكر العربي الإسلامي في اليمن ، عبد الله محمد الحبشي ، ٥٨٣.

٢٣

محمد بن سليمان في الأهجر من بلاد حمير فأجابه كثير من العلماء.

وأما الإمام صلاح بن علي لما رأى إقبال الناس على قاسم بن عبد الله سنقر وتصرفه في الأعمال وحفظه للأموال أراد القبض عليه ، فعامل ثلاثة أنفار من الحاشية على قبضه متى دخل عليه كعادته ، فنمى الخبر وعرف به العبد ، فدخل بجماعة من خاصته ، وابتدأ الإمام ومن عنده بالكلام والتأنيب والملام ، ثم أشاروا إلى أصحابه ففتكوا بالثلاثة المعاملين على قبضه ، ورموا برؤوسهم إلى خارج الدار ، وأودع الإمام صلاح بن علي دار الاعتقال ، فلم يزل فيه إلى أن احتالت زوجته الشريفة فاطمة في فكاكه ، وسار معها إلى صعدة (١).

وفي سنة ٨٤٦ ه‍ خرج صلاح بن علي بن محمد بن أبي القاسم من صعده إلى جهة صنعاء ، بعد أن صادر أهل صعدة مصادرة عظيمة ، وقبض منهم أموالا كبيرة ، فأشار عليه بعض أصحابه أن لا يتعرض لمن (بصنعاء) في ذلك الأوان بل يقصد (ثلا) ويستقر فيه إلى أن تلوح له الفرصة في صنعاء ، فلم يقبل بهذه المشورة ، بل تقدم إلى حمراء علب (٢) خارج صنعاء ، وخرج إلى جند الناصر بن محمد فوقع بينهم وبينه حرب أسر فيه صلاح بن علي ثم أودع دار الاعتقال ، ثم سار الناصر محمد إلى صعدة ، فانتزعها من يد الشريفة فاطمة بنت الحسن بن صلاح الدين ، ولم يبق معها غير الحصون المجاورة والمحيطة بصعدة.

__________________

(١) ينظر غاية الأماني ٥٧٤.

(٢) الحمراء : من قرى سنحان باليمن ، والعلب بكسر العين وسكون اللام الأرض الصلبة الخشنة الغليظة (ياقوت معجم البلدان).

٢٤

وفي سنة ٨٤٩ ه‍ مات صلاح الدين بن علي بن محمد بن أبي القاسم في سجن الناصر بن محمد ودفن في مسجد موسى بمدينة صنعاء (١).

الحياة الاجتماعية

قال صاحب كتاب حياة الأدب (٢) في عصر دولة بني رسول عبد الله الحبشي ص ٤٦ : تعددت طبقات المجتمع اليمني في القرنين الثامن والتاسع ، وانقسمت إلى ستة أقسام : (٣)

ـ طبقة الأمراء.

ـ طبقة المشايخ ورؤساء القبائل.

ـ طبقة العلماء.

ـ طبقة العسكر.

ـ طبقة عامة الشعب.

ـ طبقة العبيد.

وتضم طبقة الأمراء جماعة من المماليك ورؤساء العشائر المقربين للسلطان ، أما طبقة العبيد فكان لها دور كبير في آخر عهد الدولة الرسولية ، إذ كان لهم أثر كبير في تغيير ميزان القوة عند اختلاف الأمراء ، وبالتالي كانوا جزءا من النظام الحاكم.

__________________

(١) ينظر غاية الأماني ٥٨٢.

(٢) ينظر حياة الأدب ، عبد الله حبشي ٤٦.

(٣) ينظر غاية الأماني ٤٩٤.

٢٥

أما طبقة عامة الشعب فمنها أهل الريف الذين يعتمدون في حياتهم على الزراعة وتربية المواشي ، وأهل المدن الذين يعتمدون على التجارة والمهن الحرفية.

ولكل طبقة من طبقات المجتمع المذكورة زي خاص بهم ، ويحمل للأمراء في الغالب لهم شعارات التعظيم كدق الطبول والمرافقة لهم بالحرس ، وخص الأمراء بلباس مميز عن بقية أفراد الشعب ، فهم يلبسون أقبية إسلامية ضيقة الأكمام ، مزندة اليدين ، وأحزمة في أوسطهم ، وعلى رؤوسهم أغطية تسمى تخافيف تكون على شكل عصابة وليست بعمامة ، ويتفق قادة العسكر في لباسهم مع الأمراء (١).

أما أفراد الشعب من أهل الريف فعامتهم يلبسون قمصانا كبيرة الجيوب ونعالا ضخمة ، ومنهم من يحرص على إطالة شعره ولا يغطي رأسه إلا نادرا (٢).

أما العلماء فغالب ملابسهم العمائم والشاش والملاحف (٣) ، وللنساء زي خاص بهن ، فعند الخروج تستعمل المرأة في الغالب نوعا من الملابس يسمى جوخة ، وتضع على رأسها طرطورا ، ثم تتغطى بملاءة ، ومن أزيائهن نوع من الأغطية يوضع على الرأس يسمى مصون (٤).

واشتهر الأمراء والملوك بالصيد ، وهي التسلية المفضلة عندهم ، ورأى

__________________

(١) ينظر مسالك الأبصار في ممالك الأمصار ، أحمد بن يحيى العمري ، ٥٢.

(٢) ينظر حياة الأدب ٤٧.

(٣) ينظر حياة الأدب ٤٧.

(٤) ينظر المرجع السابق ٤٧.

٢٦

صاحب غاية الأماني أن هذا الأمر من البدع في الإسلام حيث يقول :

فهي أعظم بدعة في الإسلام وحقيقتها على ما يذكره المؤرخون أنه يخرج الملك بعسكره من زبيد إلى النخل في يوم السبت ، ويأمر أهل زبيد بالخروج معه بنسائهم فتقع هناك مفاسد عظيمة ، واختلاط فاحش وسماع وطرب (١).

وكان في اليمن مناسبات واحتفالات يجتمع فيها الناس ، فمنها احتفالات رسمية ، ومنها احتفالات دينية ، مثل : الاحتفال بعيد الفطر وعيد الأضحى وقدوم الحاج.

ومن عادتهم في النكاح يشير إلى ذلك الخزرجي في العقود اللؤلؤية فيقول : فبلغ بهم الأمر أن من كان له نخل لا يزوجه أحد ، وأي امرأة لها نخل لا يتزوجها أحد إلا مغرور ، وكان الرجل الذي ليس له نخل إذا تزوج امرأة لا نخل لها يقال عند عقد الزواج بينهما : ومن سعادتهما أنه لا نخل لأحد منهما (٢).

وكان الناس في اليمن متحابين يساعد بعضهم بعضا عند الشدائد وما زالت هذه طبيعتهم إلى أيامنا هذه.

وكان يوجد في اليمن أقلية من اليهود ، وكان هؤلاء يستوطنون قرى بجانب قرى المسلمين ، وكان أكثر وجودهم في المناطق الجبلية المحاذية لتعز وعدن ، وكان لهم في المدن أحياء خاصة ، وتولى بعضهم وظائف حكومية

__________________

(١) ينظر غاية الأماني ٤٩٤.

(٢) ينظر العقود اللؤلؤية ١ / ٢٩٨.

٢٧

هامة كالنظر في أموال الميناء في عدن (١) ، ومنهم من احترف مهنا كالطب وبعض الصناعات اليدوية ، وكانت عدن وتعز تغص بالعديد من كنائس اليهود ، فيسمع لأصوات المصلين بها زجل عظيم يؤذي المسلمين (٢).

أما النساء فكان لهن دور بارز في حياة اليمن في هذين القرنين ، فساست وتصدرت المرأة المجالس ، حتى إن قبيلة المعازبة ولّت عليها امرأة تعرف بـ (بنت العواطف) فكان السلطان يكسوها كما كان يكسو مشايخ القبائل (٣).

وقد اشتهر في اليمن عدد من النساء عرفن بخدمتهن الاجتماعية ، منهن : (٤).

١ ـ الدار الشمس ابنة المنصور عمر بن علي الرسولي ، وكانت من النساء الحازمات ، ولمّا قتل أبوها بذلت الأموال للرجال وحفظت زبيد حتى وصل أخوها المظفر ، ولها من المآثر المدرسة المعروفة بالشمسية بذي عدينة من تعز ، ومدرسة بزبيد وغيرها ، توفيت ٦٩٥ ه

٢ ـ آمنة بنت إسماعيل النقاش من الحازمات ، وحفظت الملك بعد

__________________

(١) ينظر حياة الأدب اليمني ٤٨ ـ ٤٩.

(٢) وقد انتقل اليهود من اليمن إلى فلسطين بعد عام ١٩٤٨ م ويعدون جالية كبيرة في كيان الدولة اليهودية ، وبقي منهم في مدينة صعدة جالية صغيره ـ تبعد صعدة عن صنعاء ٢٥٠ كم ـ وكذلك في مدينة ريده ـ على بعد ٧٥ كم شمال صنعاء ـ.

(٣) ينظر العقود اللؤلؤية ٢ / ٦٩.

(٤) ينظر حياة الأدب اليمني ٤٨ ـ ٤٩.

٢٨

غياب ابنها المجاهد في مصر ، ولها من المآثر مدرسة في المحالب (١) ، وأنشأت خانقاه بزبيد ، توفيت ٧٦٢ ه

٣ ـ أم الملوك جهة الطواشي جمال الدين فرحان ، ولها من المآثر مدرسة في زبيد ، وأخرى في تعز ولحج ، توفيت ٨٣٦ ه

٤ ـ فاطمة بنت الحسن بن علي بن محمد زوجة الإمام المهدي التي سبق ذكرها.

٥ ـ صفية بنت المرتضى من العالمات ، توفيت ٧٧١ ه

٦ ـ دهماء بنت يحيى المرتضى ، لها مؤلفات في الفقه ، توفيت سنة ٨٣٧ ه‍ وغير هن كثيرات.

الحياة العلمية

شهد اليمن في القرنين الثامن والتاسع نهضة علمية واسعة ، واشتهر في هذين القرنين كثير من العلماء في العلوم المختلفة ، وكان لتشجيع ملوك وأمراء الدولة الرسولية للعلماء أثر كبير في إحياء النهضة العلمية ، كما كان للأئمة دور كبير في نشر العلم في أكثر المدن والقرى اليمنية.

ويعد إنشاء المدارس العلمية من أهم مظاهر الحياة العلمية في اليمن ، وقد أولع سلاطين الدولة الرسولية وأمرائها بإنشاء المدارس على مختلف أنواعها.

__________________

(١) المحالب : بلدة قديمة خارجة في تهامة ، ينظر مجموع بلدان اليمن ٦٨٩.

٢٩

وظهرت مدارس في زبيد تعرف بالمنصوريات نسبة إلى الملك المنصور ، وكانت كل مدرسة منها متخصصة بتدريس أحد العلوم ، فواحدة مختصة بتدريس المذهب الشافعي ، والثانية بتدريس المذهب الحنفي ، والثالثة تعنى بتدريس الحديث النبوي (١).

وقام سلاطين بني رسول بالإنفاق على هذه المدارس ويمكن أن نعدد بعضا من هذه المدارس التي ذكرها الخزرجي في العقود اللؤلؤية (٢) ومنها في زبيد :

ـ المدارس المنصوريات

ـ المدرسة الشمسية

ـ المدرسة السابقية

ـ مدرسة الشافعية

ـ المدرسة النظامية

ـ مدرسة القرّاء

ـ مدرسة الحديث النبوي

مدارس تعز :

المدرسة السيفية وهي أول مدرسة أنشئت في تعز ، بناها المعز إسماعيل بن طغتكين الأيوبي ، توفي سنة ٥٩٣ ه‍ ، وظلت قائمة حتى القرن التاسع (٣).

ـ المدرسة الوزيرية ، أسسها الملك المنصور (٤).

__________________

(١) ينظر العقود اللؤلؤية ١ / ٨٤ ، وقرة العيون ٣١٢.

(٢) ينظر المصدر السابق ١ / ٤٠٨.

(٣) ينظر حياة الأدب اليمني ٧٥.

(٤) ينظر العقود اللؤلؤية ١ / ١٤٥.

٣٠

ـ المدرسة الغرابية ، أسسها الملك المنصور.

ـ المدارس المظفرية نسبة إلى الملك المظفر (ت ٦٩٤ ه‍).

ـ المدرسة المؤيدية نسبة إلى الملك المؤيد (٧٢١ ه‍) (١).

وكان ملوك وأمراء الدولة الرسولية من العلماء والمجتهدين ، وذكر أن الملك المؤيد كان يحفظ مقدمة طاهر بن بابشاذ في النحو ، وكفاية المتحفظ في اللغة ، والجمل للزجاجي ، وقد ألف ملوك الدولة الرسولية عددا كبيرا من المؤلفات ، فنسب إلى الملك المظفر يوسف بن عمر (ت ٦٩٤ ه‍) الكتب التالية : (٢).

ـ تيسير المطالب في تيسير الكواكب.

ـ المخترع في فنون الصنع.

ـ العقد النفيس في مفاكهة الجليس.

ونسب للملك الأشرف عمر بن يوسف الكتب التالية : (٣)

ـ كتاب في الأسطر.

ـ التبصرة في علم النجوم.

ـ الجامع في الطب.

ـ المعتمد في الأدوية.

__________________

(١) ينظر العقود اللؤلؤية ١ / ٤٤١.

(٢) ينظر حياة الأدب اليمني ٦٠.

(٣) ينظر المرجع السابق ٦٠.

٣١

ـ المغني في البيطرة.

ـ التفاحة في علوم الفلاحة.

ـ طرفة الأصحاب وتحفة الآداب في الأنساب.

ونسب للملك المؤيد مختصر كتاب الجمهرة في البيزرة ، وجمع أشعار الجاهلية (١) والمولدين ، وللملك المجاهد علي بن داوود (٢) كتاب الأقوال الكافية والفصول الشافية في علم الحيوان.

واهتم الملك الأفضل بالتاريخ والأنساب ؛ فصنف مجموعة من الكتب في هذا المجال ، ومما نسب إليه ما يأتي : (٣).

ـ نزهة العيون في تاريخ الطوائف والقرون.

ـ العطايا السنية في المناقب اليمنية.

ـ نزهة الإبصار في اختصار كنز الأخبار.

ـ مختصر تاريخ ابن خلكان.

ـ بغية ذوي الهمم في أنساب العرب والعجم.

وشارك الأئمة في حركة التأليف ، وعرف منهم الإمام المهدي محمد بن المطهر (ت : ٧٢٨ ه‍) وله من الكتب : (المنهاج الجلي شرح مجموع الإمام زيد بن علي) ، وكتاب : (عقود العقيان في الناسخ والمنسوخ من القرآن) (٤).

__________________

(١) ينظر قرة العيون ٣٤٩.

(٢) ينظر حياة الأدب ٦٠.

(٣) ينظر قرة العيون ٣٧٥.

(٤) ينظر المقتطف ١٩٣.

٣٢

وقد عرف الإمام يحيى بن حمزة بسعة اطلاعه ، وصنف في الفقه والأصول والبلاغة والنحو ، فله في الفقه كتاب : (الانتصار الجامع لمذاهب علماء الأمصار) وفي علم الأصول كتاب : (نهاية الوصول في علم الأصول) وفي البلاغة كتاب : (الطراز) وفي علم النحو كتاب : (المنهاج الجلي شرح جمل الزجاجي) وكتاب (الحاصر لفوائد مقدمة طاهر) وكتاب :

(الأزهار الصافية شرح المقدمة الكافية لابن الحاجب) وغيرها من الكتب (١).

وكما ذكرت سابقا من الأئمة الذين عرفوا بنشاطهم العلمي الإمام المهدي أحمد بن يحيى بن المرتضى ، وله إلى جانب الكتب في علوم الشريعة له في النحو كتاب : (المكللّ الكاشف لغوامض المفصل) وله شرح الكافية والمقدمة المحسبة وغيرها من الكتب.

ومما يلفت النظر له أن القرون الثامن والتاسع والعاشر عصر الموسوعات العلمية ، وإن النهضة العلمية في اليمن كانت مواكبة لهذه الموجودة في بقية البلاد الإسلامية فكما هو معلوم أنه بعد أن تعرضت البلاد الإسلامية لغزوات متكررة من جميع الجهات من الشرق ومن الغرب ، ولذلك لم يكن بعيدا على اليمن أن تكون فيها هذه الحركة العلمية الواسعة ، وذلك لأسباب ذكرتها في بداية هذا البحث ، ولذلك اهتم الأئمة في اليمن بالعلوم التي تتعلق بالدين مثل : علوم القرآن والحديث والفقه والتاريخ واللغة والنحو.

__________________

(١) ينظر البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع ، للشوكاني ٢ / ٣٣١ ، ومصادر الفكر العربي الإسلامي في اليمن ، عبد الله الحبشي ٥٦٧.

٣٣

(١) علوم القرآن الكريم

نبغ في هذه العلوم جماعة من العلماء وخاصة فيما يتعلق بعلم القراءات ، منهم :

علي بن عطية بن علي الشغدري (١) ت ٧٢٠ ه‍ ، له منظومة في علم القراءات.

أبو يعقوب إسحاق بن محمد المعافري المعبري (٢) (ت : ٨٠٠ ه‍) له كتاب الإيجاز في القراءات.

حسن محمد الشظبي (٣) (ت : ٨٣٤ ه‍).

عثمان بن عمر بن أبي بكر الناشري (٤) (ت : ٨٤٨ ه‍) له كتاب : (إيضاح الدرة المضيّة في قراءات الثلاثة المرضية) ، وغيره من كتب القراءات.

واهتم العلماء في اليمن أيضا بعلم التفسير ، وظهرت الشروح والحواشي على التفاسير ، مثل الحواشي التي وضعت على الكشاف للزمخشري ، ولهم أيضا كتب مستقلة فيه ، كالبيان في التفسير لعطية بن محيي الدين النجراني (٥) (ت : ٦٦٥) ، والمقاليد في التفسير للعلامة يوسف

__________________

(١) ينظر مصادر الفكر اليمني ١٨.

(٢) ينظر المرجع السابق ٢١.

(٣) ينظر الضوء اللامع لأهل القرن التاسع لشمس الدين السخاوي ٣ / ١٢٥ ، ومصادر الفكر ٢١.

(٤) ينظر مصادر الفكر ٢٣.

(٥) ينظر مصادر الفكر ١٧.

٣٤

ابن أحمد بن محمد (١) (ت : ٨٣٢ ه‍) وله كتاب : (الثمرات في تفسير آيات الأحكام).

(٢) علوم الحديث

شجع ملوك وأمراء الدولة الرسولية على تدارس الحديث النبوي وخصصت مدارس لذلك منها : إحدى المدارس المنصورية وغيرها ، ولم يكن لعلماء اليمن في علم الحديث مؤلفات ذات قيمة علمية في هذا العلم ، وإنما كثر اهتمامهم بمطالعة كتب الحديث من التأليف بها.

(٣) علم الفقه

اهتمت الدولة الرسولية بإنشاء المدارس التي تعنى بتدريس المذهب الشافعي والحنفي واقتصر علماء السنة على تقليد أصحاب المذاهب ولم يخرج عن هذه القاعدة أحد من علمائهم في العصر الرسولي (٢).

وأما مذهب الإمام زيد بن علي فقد برع فيه جماعة من المجتهدين منهم الإمام يحيى بن حمزة ، والمهدي أحمد بن يحيى المرتضى.

وقد عرف في اليمن كثير من علماء الفقه على اختلاف المذاهب من سنة وزيدية ، فعلماء المذهب الشافعي هم علماء الدولة الرسولية وعلى أيديهم قامت النهضة الفقهية في المدارس منهم : أبو عبد الله محمد بن

__________________

(١) ينظر مصادر الفكر ٢١.

(٢) ينظر حياة الأدب اليمني ١٠٨.

٣٥

أبي بكر الأصبحي (ت : ٦٩١ ه‍) وله كتاب (الأشراف في تصحيح الخلاف) ، وجمال الدين محمد بن عبد الله الريمي (ت : ٧٩٢) وله

كتاب التفقه شرح التنبيه (١).

أما علماء الزيدية فذكرت منهم الإمامين يحيى بن حمزة ، وأحمد بن يحيى المرتضى وغيرهم.

(٤) علم التاريخ

برز في ميدان الكتابة التاريخية جماعة من العلماء منهم محمد بن يعقوب الجندي (ت : ٧٣٠ ه‍) ، ومؤرخ الدولة الرسولية علي بن الحسن الخزرجي (ت : ٨١٢ ه‍) صاحب كتاب : العقود اللؤلؤية في تاريخ الدولة الرسولية.

(٥) علوم اللغة والنحو

أما اهتمام علماء اليمن في علوم اللغة ، فالظاهر أنه يعود إلى أهمية هذه العلوم في فهم القرآن الكريم والسنة النبوية ، ومع أن الاهتمام بها كان مبكرا إلا أن إنتاجهم العلمي ومساهمتهم في تجديده والاجتهاد فيه كان قليلا ، ومن أهم كتب اللغة : (نظام الغريب) لعيسى بن إبراهيم الربعي (ت ٤٨٠ ه‍) ، وهو من الكتب التي اشتهرت شهرة واسعة واعتمده

__________________

(١) ينظر مصادر الفكر ١٩١.

٣٦

طلبة اليمن ثم كتاب شمس العلوم لنشوان الحميري (ت : ٥٧٣ ه‍) ثم اكتفى الناس بعد ذلك بمعجم القاموس المحيط للفيروزآبادي.

أما علم النحو فقد اهتم العلماء في هذين القرنين بنوعين من التأليف فيه :

الأول : شرح المتون النحوية المشهورة ، وقد اعتنى علماء اليمن بثلاثة كتب نحوية مختصرة هي :

المقدمة المحسبة لابن بابشاذ ، واعتمدت هذه المقدمة في الدراسة في المدارس في ذلك العصر ، وقد نسب لأهل اليمن ثمانية شروح عليها.

المفصل في النحو للزمخشري ، وقد أعجب به علماء اليمن وشرحوه ، ونسب لهم عشرة شروح على المفصل.

الكافية في النحو ، لابن الحاجب ، وقد طغى على غيره من المتون ، وقد بلغت شروح علماء اليمن على الكافية ما يقارب الثلاثة والعشرين شرحا.

الثاني : هو التأليف النحوي الخاص بعلماء اليمن ، وقد ظهرت مجموعة من المؤلفات الخاصة بهم ، منها كتاب (كشف المشكل في النحو) لعلي بن سليمان بن حيدرة اليمني ، و (المجموع المحيط في الأصول والفروع) و (التهذيب لابن يعيش الصنعاني) (١) ، وظهرت مجموعة من المختصرات منها : مختصر لأحمد بن محمد بن إبراهيم (٢) (ت : ٥٥٨ ه‍) ، وآخر

__________________

(١) ينظر مصادر الفكر ٣٧٣.

(٢) ينظر بغية الوعاة للسيوطي ١ / ٣٥٦ ، ومصادر الفكر ٣٧٠.

٣٧

للحسن بن إسحاق اليمني (١).

وقد عرف من النحاة في عصر الدولة الرسولية ، أذكر منهم :

ابن يعيش الصنعاني (٢) (ت : ٦٨٠ ه‍)

هو محمد بن علي بن يعيش الصنعاني من علماء اليمن في القرن السابع الهجري برع في النحو واللغة ، وله مجموعة من المؤلفات منها :

شرح المفصل ، والياقوته في النحو ، والمنتهى والبيان للحيران في إعراب القرآن ، وكتاب التهذيب في النحو.

الإمام يحيى بن حمزة (٣) (ت : ٧٤٧ ه‍).

وله من المؤلفات في اللغة والنحو مجموعة من الكتب وهي :

١ ـ الأزهار الصافية شرح المقدمة الكافية.

٢ ـ المحصل في كشف أسرار المفصل.

٣ ـ الحاصر لفوائد المقدمة في علم حقائق الإعراب.

٤ ـ المنهاج الجلي في شرح جمل الزجاجي.

وفي البلاغة كتابه المشهور الطراز.

ابن بصيص (٤) (ت : ٧٦٨ ه‍).

__________________

(١) ينظر بغية الوعاة للسيوطي ١ / ٥٠٠.

(٢) ينظر ترجمته في مصادر الفكر ٣٧٣ ، وتاريخ الأدب العربي لبروكلمان ٥ / ٢٩٩.

(٣) ينظر ترجمته في البدر الطالع ٢ / ٣٣١ ، ومصادر الفكر ٥٦٨ وما بعدها.

(٤) ينظر ترجمته في هدية العارفين ١ / ١١٢ ، ومصادر الفكر ٣٧٥.

٣٨

هو أبو العباس أحمد بن أبي بكر بن بصيص عالم النحو والعروض ، ولد بمدينة زبيد ، سنة ٧٦٨ ه‍ وله شرح على المقدمة المحسبة.

الشرجي (١) (ت : ٨٠٢ ه‍).

هو سراج الدين عبد اللطيف بن أبي بكر بن أحمد بن عمر اليماني الشرجي نسبة إلى قرية الشرجة التي ولد فيها وهي بين حيس وزبيد وذلك في عام ٧٤٠ ه‍ ورحل إلى زبيد وأخذ العلم عن ابن بصيص السالف حتى برع في علم النحو ، وانتشر ذكره في اليمن وله مجموعة من المؤلفات منها :

ـ شرح ملحة الإعراب.

ـ مختصر المحرر في النحو.

ـ الإعلام لمواضع اللام في الكلام.

ـ نظم مختصر ابن عبّاد.

ـ نظم مقدمة ابن بابشاذ.

ـ مقدمة في علم النحو.

الإمام المنصور علي بن صلاح الدين (ت : ٨٤٠ ه‍).

له كتاب البرود الضافية شرح المقدمة الكافية ، وتجريد الكشاف وهي رسالة استبعد فيها إمكان الاجتهاد في زمانه.

الإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى (٢) (ت : ٨٤٠ ه‍).

__________________

(١) ينظر بغية الوعاة ٢ / ١٠٧ ، ومصادر الفكر ٣٧٦.

ينظر البدر الطالع ١ / ١٢٢ ، ومصادر الفكر ٥٨٣ وما بعدها.

٣٩

يتصل نسبه بالحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وهو أحد أئمة الزيدية في اليمن ولد سنة ٧٧٥ ه‍ بمدينة ذمار أخذ العلم عن عدد من الشيوخ والأئمة منهم والده الشريف يحيى المرتضى ، وخاله المهدي علي بن محمد ، والقاضي يحيى بن محمد المذحجي وغيرهم وتتلمذ على يديه كثير من الطلاب. وله مجموعة من المؤلفات النحوية وهي :

ـ الكوكب الزاهر في شرح مقدمة طاهر.

ـ الشافية في شرح معاني الكافية.

ـ المكلل بفرائد معاني المفصل.

ـ تاج علوم الأدب وقانون كلام العرب (حققه : د. نوري الهيتي رسالة دكتوراه)

ـ إكليل التاج وجوهره الوهّاج.

وغير هؤلاء كثير منهم ابن هيطل المعروف بأنه سيبويه اليمن.

مصادر هذا البحث ومراجعه :

ـ البدر الطالع للشوكاني.

ـ مصادر الفكر العربي الإسلامي في اليمن عبد الله الحبشي.

ـ العقود اللؤلؤية في تاريخ الدولة الرسولية الخزرجي.

ـ قرة العيون بأخبار اليمن الميمون عبد الرحمن بن علي الزبيدي

٤٠