النّجم الثاقب - ج ١

صلاح بن علي بن محمّد بن أبي القاسم

النّجم الثاقب - ج ١

المؤلف:

صلاح بن علي بن محمّد بن أبي القاسم


المحقق: الدكتور محمّد جمعة حسن نبعة
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٠٥
الجزء ١ الجزء ٢

عالم وبرجل قائم).

قوله : (وحال متعلقة) [مررت برجل حسن غلامه](١) وذلك لأن ما تعلق بالشيء حكمه ، وحال المتعلق ما فيه ضمير ملفوظ نحو (قائم أبوه) أو مقدر كـ (مضروب الغلام).

قوله : (فالأول يتبعه في الإعراب) يعني الذي يوصف بحال له يتبعه في عشرة أشياء :

الإعراب : رفعه ونصبه وجره ، ظاهره العموم وقد لا يتبعه ، وذلك حيث يتبع على المحل ، وحث الخفض على الجوار نحو (جحر ضب خرب) (٢) وحيث القطع وهو ضربان ، جائز وواجب ، فالواجب حيث يختلف الإعرابان والعاملان ، والجائز ما عدا ذلك ، نحو (جاء زيد العالم العاقل) ولا يشترط تكرير النعوت ، واشترطه طاهر (٣) والزجاج وردّ عليهما بقوله تعالى : (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ)(٤) إلا أنك مع التكرير إذا قطعت في شيء

__________________

(١) ما بين الحاصرتين زيادة من الكافية المحققة.

(٢) القول في الكتاب ١ / ٤٣٦ ـ ٤٣٧ ، والخصائص ٣ / ٢٢٠ ، والإنصاف ٢ / ٦٠٧ ، وشرح التسهيل السفر الثاني ٢ / ٦٦٥ ، وشرح الرضي ١ / ٣١٨.

قال ابن مالك في شرح التسهيل ٢ / ٦٦٥ : (وربما تبع في الجر غير ما هو له دون رابط إن أمن اللبس ـ مثل ـ هذا جحر ضب خرب) فحق خرب أن يرتفع لأنه نعت لـ (جحر) مرفوع وجحر مرفوع ، ولكنه جعل تابعا لـ (ضب) لمجاورته إياه مع أمن اللبس ...).

(٣) ينظر شرح المقدمة المحسبة ٢٩٠ ـ ٢٩١.

(٤) المسد : ١١١ / ٤ ، قراءة العامة ونافع بالرفع على أنه خبر وامرأته مبتدأ ويكون (في جيدها حبل من مسد) جملة في موضع الحال من المضمر في حمالة ، أو خبرا ثانيا ، أو يكون حمالة الحطب نعتا لامرأته ، والخبر في جيدها حبل من مسد) ويجوز أن يكون وامرأته معطوفة على المضمر في سيصلى فلا يوقف على ذات لهب ويكون حمالة الحطب خبر ابتداء محذوف ، وقرأ عاصم حمالة الحطب بالنصب على الذم فجاءت الصفة للذم لا للتخصيص. وقرأ أبو قلابة : ـ (حاملة الحطب) ينظر البحر المحيط ٨ / ٥٢٧ ، والقرطبي ٨ / ٧٣٣٠ ، وحجة القراءات لابن زنجلة ٧٧٦ ـ ٧٧٧ ، وإعراب القرآن للنحاس ٥ / ٣٠٦.

٥٦١

منها وجب قطع ما بعده.

قوله : (والتعريف والتنكير) نحو (الرجل القائم) و (رجل قائم) لأن الصفة في المعنى هي الموصوف فوجب المطابقة (١).

قوله : (والإفراد والتثنية والجمع) نحو (الرجل القائم) و (الرجلان القائمان)

و (الرجال القائمون) إلا إذا كانت الصفة (أفعل من) وجب الإفراد ، نحو (مررت برجال أفضل منك) وكذلك الألفاظ التي تنطلق على الواحد والجمع نحو (عدو وصديق ورفيق ورسول وخليط) لا تجب فيها المطابقة وإن كانت الصفة (أفعل) المضاف إلى معرفة جاز [و ٧٠] المطابقة وعدم المطابقة نحو (الزيدون أفضل الناس).

قوله : (والتذكير والتأنيث) أي يجب المطابقة فيه تقول (مررت برجل قائم وامرأة قائمة) إلا في مواضع أنث فيها المذكر ، وذكر فيها المؤنث واستوى فيها ، فلا تجب المطابقة نحو (علّامة وحائض وجريح وصبور).

قوله : (والثاني) يعني الوصف بحال متعلقة ... (يتبعه في الخمسة الأول) وهي الإعراب رفعه ونصبه وجره والتعريف والتنكير ، نحو : (رأيت رجلا عالما أبوه) وإنما يتبعه في الخمسة الأول لأنه صفة له.

__________________

(١) ينظر شرح المصنف ٥٧ ، وشرح الرضي ١ / ٣٠٧. قال الرضي : وأجاز الكوفيون وصف النكرة بالمعرفة فيما فيه مدح أو ذم استشهادا بقوله تعالى : (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ الَّذِي جَمَعَ مالاً وَعَدَّدَهُ ...). والجمهور على أنه بدل أو نعت مقطوع رفعا أو نصبا ، وقال : وأجاز الأخفش وصف النكرة الموصوفة بالمعرفة قال : الأوليان صفة لآخران يقومان مقامهما) والآية من سورة المائدة ورقمها ١٠٧) الرضي ١ / ٣١٠.

٥٦٢

قوله : (وفي الباقي (١) كالفعل) يعني في الخمسة الأخيرة ، الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث ، يجب إفرادها وتذكيرها ، وتأنيثها بحسب فاعلها كما يفعل في الفعل ، لأنها مستنده إلى الظاهر الذي بعدها فيجب إفرادها ولا يطابق ما قبلها إلا على لغة (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى)(٢) بخلاف الموصوف بحاله (٣) ، فإنها مسنده إلى المضمر المستتر فيها الراجع إلى ما قبلها فتطابقة ، مثال ذلك (مررت برجلين كريم أبوهما) ، و (برجال كريم أبوهم) و (امرأة كريم أبوها) كما في (كرم) لأنها واقعة موقعه.

قوله : (ومن ثم حسن : قام رجل قاعد غلمانه) يعني بإفراد قاعد لما كان في معنى قعد غلمانه وضعف (قاعدون غلمانه) لما كان في معنى يقعدون غلمانه ، فيعود الضمير إلى غير مذكور كـ (أَسَرُّوا النَّجْوَى)(٤) و (أكلوني البراغيث) (٥).

__________________

(١) في الكافية المحققة البواقي بدل الباقي ١٣٠.

(٢) الأنبياء ٢١ / ٣ وتمامها : (لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ.) فالذين ظلموا بدل من الواو في أسروا ، وهو عائد على الناس المتقدم ذكرهم. قال المبرد : وهو كقولك : إن الذين في الدار انطلقوا بنو عبد الله فبنو بدل من الواو في انطلقوا ، وقيل هو رفع على الذم أي هم الذين ظلموا.

وقيل على حذف القول : بقول الذين ظلموا وحذف القول ... ينظر تفسير القرطبي ٥ / ٤٣٠٩ ، والبحر المحيط ٦ / ٢٧٥ ـ ٢٧٦.

(٣) أي النعت بحال متعلق الموصوف وهو النعت السببي ينظر الكافية المحققة ١٣٠ ، وينظر شرح المصنف ٥٧ ـ ٥٨ ، وشرح الرضي ١ / ٣١٠ ، ٥٧ ـ ٥٨.

(٤) سبق الكلام على هذه الآية في الصفحة السابقة.

(٥) أكلوني البراغيث عبار مشهورة وأصبحت كالقاعدة يقاس عليها حيث جعل الواو في أكلوني علامة دالة على الجمع والبراغيث فاعل أكلوني. وفي اللغة شواهد تؤيد هذه القاعدة منها الآية السابقة ، وحديث يتعاقبون فيكم ملائكة على غير رواية مالك في الموطأ ، وأبيات أخر مبثوثة في كتب النحو ...) ينظر شرح شذور الذهب ٢٠٤ وما بعدها.

٥٦٣

قوله : (ويجوز قعود غلمانه) وعليه : (خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ)(١) وإنما جاز لأنه جمع تكسير فقد زال فيه شبه الفعل في عدد الحروف والحركات والسكنات لكنه يضعف جملة لضعف شبه الفعل.

قوله : (والمضمر لا يوصف ولا يوصف به) الأسماء على أربعة أقسام : فالمضمر لا يوصف ولا يوصف به ، وإنما لم يوصف. قيل لإيغاله في شبه الحرف الذي لا يقبل وصفا ، وقيل : لأن الصفة تأتي للتوضيح ، والمضمر المتكلم والمخاطب في غاية الوضوح (٢) ، وحمل عليها الغائب لأنه من جنسهما ولأن مفسره لفظي فصار غير محتاج إلى التوضيح المطلوب في وصف المعارف غالبا ، وأجاز الكسائي (٣) صفة المضمر الغائب صفة مدح أو ذم ، واحتج بقوله تعالى : (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ)(٤) وبقوله :

[٣٢٤] ...

فلا تلمه أن ينام البائسا (٥)

__________________

(١) القمر ٥٤ / ٧ وتمامها : (خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ.)

(٢) ينظر شرح المصنف ٥٨ ، وشرح الرضي ١ / ٣١١ قال الرضي : أما أنه لا يوصف فلأن التكلم والمخاطب منه أعرف المعارف والأصل في وصف المعارف أن يكون للتوضيح ، وتوضيح الواضح تحصيل الحاصل) ، الرضي ١ / ٣١١.

(٣) ينظر رأي الكسائي في شرح الرضي ١ / ٣١١.

(٤) سبأ ٣٤ / ٤٨ قرأ عيسى بن عمر علام بالنصب على أنه بدل من ربي ينظر تفسير القرطبي ٦ / ٥٣٩٥ ، وقراءه الرفع لبغية القراء ، وينظر البحر المحيط ٧ / ٢١٧.

(٥) الرجز بلا نسبه في الكتاب ٢ / ٧٥ ، ومغني اللبيب ٥١٣ وهمع الهومع ٥ / ٢١٧. وتمامه :

فأصبت بقر قرى كوانسا

قرقرى : اسم موضوع.

والشاهد فيه قوله : (تلمه البائسا) حيث وقع البائس صفة في الضمير الهاء تلمه على من جوز ذلك وهو الكسائي بينما أعربت بدلا من الضمير.

٥٦٤

وإنما لم يوصف به لأنه لا أخص منه ولا مساو ، واسم الجنس المعرف باللام والإشارة غير المكاني يوصف ولا يوصف بهما فيوصفان للتوضيح والتخصيص ، ولا يوصف بالعلم ، لأنه لا أخص منه إلا المضمر وهو لا يوصف ، والذي لم يستعمل إلا تابعا يوصف به ولا يوصف نحو : (حسن بسن) (شيطان ليطان) و (جائع نائع) و (مررت بزيد العالم الكريم) فهذه صفات والصفات لا توصف لأنه لا يصح الوصف لما لا يتحقق فيه الذاتية ، وهي غير متحققة في الصفة.

قوله : (والموصوف أخص أو مساو) ولأنه هو المقصود والصفة غير مقصودة ، فلا يليق جعل غير المقصود أخص من المقصود (١).

قوله : (ومن ثم لم يوصف ذو اللام إلا بمثله أو بالمضاف إلى مثله) لأن ما عداهما أخص فيه لأن المعارف (٢) مرتبة فأعرفها الضمير ، ثم العلم ، ثم الإشارة ، ثم المعرف باللام ، ثم المضاف إلى أحدها ، على ما يأتي في موضعه.

قوله : (وإنما التزم وصف هذا بذي اللام للإبهام) هذا على تقدير سؤال وهو أن يقال لم لم يوصف المبهم بمثله؟ ، وبالمضاف إلى مثله ، وبالمضاف إلى ذي اللام ، والتزم وصفه بذي اللام فقط فأجاب بأن ذلك

__________________

(١) ينظر شرح المصنف حيث العبارة منقولة منه بتصرف ٥٨.

(٢) ينظر شرح المصنف ٥٨ ، وشرح الرضي ١ / ٣١٢. قال الرضي في ١ / ٣١٢ : فالمنقول عن سيبويه وعليه جمهور النحاة أن أعرفها المضمرات ثم الأعلام ثم اسم الإشارة ثم المعرف باللام والموصولات ، وكون المتكلم والمخاطب أعرف المعارف ظاهر).

٥٦٥

للإبهام ، لأن الإبهام يطلب صفة ، يعني ذاته ولا يعنيها [و ٧١] إلا أسماء الأجناس وتعريفعا باعتبار معانيها إنما هو باللام فاختصت لذلك باللام (١).

قوله : (ومن ثم (٢) ضعف مررت بهذا الأبيض وحسن مررت بهذا العالم) يعني من أجل أن صفة الإشارة يجب أن تدل على الذات والجنس ، وتغير ذات المبهم ، ضعف أن يقال (مررت بهذا الأبيض) لأنه لا يدل على الذات والجنس لاحتماله لكل جسم وجاز لأنه قد دل على الجسمية وحسن أن يقال (مررت بهذا العالم) لدلالته على الجنس الأقرب ولأن يراد به الحيوان العاقل.

__________________

(١) ينظر شرح المصنف ٥٨ ، وشرح الرضي ١ / ٣١٤.

(٢) في الكافية المحققة من (ثمّة) بدل (ثمّ).

٥٦٦

العطف

قوله : (العطف) كان الأولى تأخيره ، لما ذكرنا.

قوله : (تابع) جنس يعم التوابع (مقصود بالنسبة) خرج النعت والتوكيد وعطف البيان لأنها ليست بمقصودة بالنسبة. وإنما المقصود الأول ، وجيء بهذه للتوضيح والتبيين.

قوله : (مع متبوعه) خرج البدل لأنه غير مقصود متبوعه معه (١).

قوله : (يتوسط بينه وبين متبوعه أحد الحروف العشرة ، وهي : الواو والفاء وثم وحتى وأو وأما وأم وبل ولا ولكن) جعله الشيخ شرطا بعد تمام الحد (٢) ، قال : ولا يصح أن يكون عوضا عن قوله (مقصود بالنسبة مع متبوعه) لأن الحروف توسّط بين النعوت ، وعرضنا حدّ تفصيلها ، وضعف بأنّ التوسط بين النعوت لا بين النعت والمنعوت ، والنعوت معطوف بعضها على بعض (٣) ، واعترض بـ (لا) و (بل) و (لكن) و (أو) و (أما) لأنه يقصد بها أحدهما ، فلو قال : تابع مقصود

__________________

(١) ينظر شرح الرضي ١ / ٣١٨ ، وشرح المصنف ٥٨ والعبارة منقولة عن المصنف إسنادها له ...

(٢) ينظر شرح المصنف ٥٨ ، وشرح الرضي ١ / ٣١٨.

(٣) ينظر شرح الرضي ١ / ٣١٨ ـ ٣١٩.

٥٦٧

بالنسبة يتوسط بينه وبين متبوعه أحد الحروف العشرة كان أولى. والله أعلم.

قوله : [وسيأتي يعني حروف العطف في فصل الحرف مثل : قام زيد وعمرو](١) قوله : (وإذا عطف على الضمير المرفوع المتصل أكد بمنفصل مثل : ضربت أنا وزيد) المعطوف والمعطوف عليه لا يخلو حالهما من ثلاثة أقسام : ظاهرين ، ومضمرين متصلين ، ومنفصلين ثم هما مرفوعان ومنصوبان ومجروران ، فيحصل من مجموعهما سبع وعشرون مسألة ، اثنتا عشرة ممتنعة ، والمسائل عطف ظاهر على ظاهر (جاء زيد وعمرو ، وضربت زيدا وعمرا) و (مررت بزيد وعمرو) ومضمر منفصل على متصل (ما قام إلا أن وأنت ، وما رأيت إلا إياك وإياه) والجر ممتنع ومضمر ، ومتصل على منفصل ، وهي ممتنعة كلها ومتصل على ظاهر ممتنعة ، ومتصل على منفصل ممتنعة ، ومنفصل على ظاهر (جاء زيد وأنت) و (رأيت زيدا وإياك) والجر ممتنع لأنه لا يكون إلا متصلا ، وبعضهم منع من عطف المتصل متى كان يتصل لو لم يعطف ، وظاهر على منفصل (ما قام إلا أنا وزيد) و (ما رأيت الا إيّاك وزيدا) والجر ممتنع وظاهر على متصل ، ومنفصل على متصل ، وهذان المتغالبان هما مسألة الكتاب (٢). قال الشيخ : (٣) وإذا عطف على المضمر المرفوع المتصل أكد

__________________

(١) ما بين الحاصرتين زيادة من لكافية المحققة.

(٢) ينظر الكتاب ٢ / ٣٧٨ وقد عقد صاحب الإنصاف المسألة ٦٦ بعنوان العطف على الضمير المرفوع المتصل في اختيار الكلام ٢ / ٤٧٤ وما بعدها ، والرضي ١ / ٣١٩ ، وشرح المفصل ٣ / ٧٦.

(٣) ينظر شرح المصنف ٥٨ ـ ٥٩.

٥٦٨

بمنفصل سواء كان المعطوف ظاهرا أو منفصلا نحو : (جئت وزيد) و (جئت وأنت) فمذهب جمهور البصريين : أن الضمير المرفوع المعطوف عليه قد اتصل بالفعل (١) ، وتأكد اتصاله لفظا ومعنى ، أما اللفظ فظاهرا ، وأما المعنى فلأنه قد صار كالجزء منه ، بدليل أنهم قد سكنوا له آخر الفعل فلا يصح أن يعطف عليه إلا بتأكيده بضمير منفصل يعطف عليه في الصورة ، لأنه لا يجوز عطف الاسم على بعض حروف الفعل ، وهذا حكمة فيقولون (قمت أنا وزيد وأنا وأنت) قال تعالى : (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ)(٢) إلا أن يقع فصل جاز نحو (قمت اليوم وزيد) وأجازه الكوفيون وبعض البصريين (٣) من غير تأكيد ، واحتجوا بقوله تعالى : (ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا)(٤) وبقوله :

[٣٢٥] قلت إذ أقبلت وزهر تهادى

كنعاج الملا تعسفن رملا (٥)

__________________

(١) ينظر الإنصاف ٢ / ٤٧٤ وما بعدها في الخلاف في هذه المسألة.

(٢) الأعراف ٧ / ١٩ وتمامها : (وَيا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ.)

(٣) ينظر شرح الرضي ١ / ٣١٩ ، وشرح المفصل ٣ / ٧٦ ، والبحر المحيط ٤ / ٢٤٨.

(٤) الأنعام ٦ / ١٤٨ أي : آباؤنا معطوفة على النا في أشركنا ولم يقل نحن ولا آباؤنا ينظر تفسير القرطبي عند الأنعام ٣ / ٢٥٦٣ ، والبحر المحيط ٤ / ٢٤٨.

(٥) البيت من الخفيف ، وهو لعمر بن أبي ربيعة في ملحق ديوانه ٤٩٨ ، ينظر الكتاب ٢ / ٣٧٩ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ١٠١ ، والخصائص ٢ / ٣٨٦ ، والمفصل ١٤٢ ، وشرحه لابن يعيش ٣ / ٧٤ ـ ٧٥ ، والإنصاف ٢ / ٧٩ ، وشرحه التسهيل السفر الثاني ٢ / ٧٦٢ ، وشرح ابن عقيل ٢ / ٢٣٨ ويرى الفلا بدل الملا.

والشاهد فيه قوله : (أقبلت وزهر) حيث عطف زهر على الضمير في (أقبلت) المرفوع وذلك من غير أن يفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بالضمير المنفصل.

٥٦٩

[ظ ٧١] مع إحكامه النصب على المعية ، ورد بأنه قد وقع الفصل بـ (لا) وضعف بأنه بعد حرف العطف ، ورد بأن نية الإطالة ، قامت مقام الإطالة وأما البيت فتؤول بأنه جملة حالية.

وأما النصب فجائز بغير تأكيد لأنه مفعول فضلة ، تقول (ضربتك وزيدا) و (ضربتك وإياه) وأما الجر مثل : (مررت بك وبزيد) فلا يصح على مذهب سيبويه والجمهور إلا بإعادة الجار ليكون كالمستقل بنفسه (١) ، ويعطف عليه في الصورة لا في المعنى ، وأجاز الجرمي (٢) والزيادي العطف مع التأكيد من غير إعادة الحرف نحو (مررت بك أنت وزيد) وأجازه نجم الدين مع المجرور بالإضافة من غير إعادة حرف ولا تأكيد ، وأجازه الكوفيون والأخفش (٣) من غير إعادة ولا تأكيد مطلقا ، واحتج بقوله تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ)(٤) وقوله :

__________________

(١) ينظر رأي سيبويه في الرضي ١ / ٣٢٠.

(٢) ينظر رأي الجرمي في الرضي ١ / ٣٢٠ ، ورأي الجرمي والزيادي في الهمع ٥ / ٢٦٩.

(٣) ينظر شرح الرضي ١ / ٣٢٠ ، والبحر المحيط ١٦٥ وما بعدها ، والهمع ٥ / ٢٦٨.

(٤) النساء ٤ / ١ ، قرأ النخعي وقتادة والأعمش وحمزة (والأرحام) بالجر وقرأ الباقون بالنصب ، وقد اختلف أئمة النحو في توجيه قراءة الجر ، فأما البصريون قالوا هو لحن لا تحل القراءة به ، وأما الكوفيون فقالوا : هو قبيح ، قال سيبويه في توجيه هذا القبح : إن المضمر المجرور بمنزلة التنوين ، والتنوين لا يعطف عليه ، وقال الزجاج وجماعة : يقبح عطف الاسم الظاهر على المضمر في الخفض إلا بإعادة الخافض كقوله تعالى : (فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ) وجوّز سيبويه ذلك في ضرورة الشعر.

وحكى أبو علي الفارسي في كتاب التذكرة أن المبرد قال : لو صليت خلف إمام يقرأ والأرحام بالجر لأخذت نعلي ومضيت. وقد ردّ الإمام أبو نصر القشيري ما قاله القادحون في قراءة الجر فقال : ومثل هذا الكلام مردود عند أئمة الدين لأن القراءات التي قرأ بها أئمة القراء ثبتت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم تواترا وفي كتاب السبعة في القراءات (٢٢٦) ، واختلفوا في نصب الميم وكسرها. من قوله والأرحام ، فقرأ حمزة وحده خفضا ، وقرأ الباقون والأرحام نصبا وبناء عليه إذا تواترت القراءة فلا سبيل إلى ردها لأنها كما قالوا : ـ سنة متبعة ، أما إذا لم تتواتر فالأمر مختلف ، وبما أنه القارئ بالخفض حمزة وهو من السبعة فإذا فالقراءة متواترة ولا سبيل إلى ردها أو تلحينها ... لكن الرضي قال في ١ / ٣٢٠ : ولا نسلم تواتر القراءات السبع ، وقال الشوكاني في فتح القدير ١ / ٤١٨ :

ولا يخفى عليك أن دعوى التواتر باطلة يعرف ذلك من يعرف الأسانيد التي رووها بها ...) وينظر البحر المحيط ٣ / ١٦٥ ـ ١٦٦.

٥٧٠

[٣٢٦] ...

فاذهب فما بك والأيام من عجب (١)

وأجيب بأن (الأرحام) قسم والبيت ضرورة ، وإنما جاز في البدل والتأكيد التبعية للضمير المرفوع المتصل من غير تأكيد بمنفصل وفي المجرور من غير تأكيد بمنفصل ، وفي المجرور من غير إعادة الجار ، لأنهما ليسا بأجنبيين عن متبوعهما وبدل الغلط قليل بخلاف العطف فإنه مغاير للمعطوف عليه ، وإنما اشترط التأكيد بمنفصل في النفس والعين خشية الإلباس بالفاعل (٢).

قوله : (والمعطوف في حكم المعطوف عليه) مراده فيما يجب له ويمتنع عليه فقط ، فالواجب كالعطف على الصلة والصفة والخبر والحال ، فإنه يشترط فيه ما فيها من العائد والممتنع كالعطف بالموجب على المنفي.

__________________

(١) عجز بيت من البسيط ، وصدره :

فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا

وهو بلا نسبة في الكتاب ٢ / ٣٨٣ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٢٠٧ ، والإنصاف ٢ / ٤٦٤ ، وشرح المفصل ٣ / ٧٨ ـ ٧٩ ، وشرح التسهيل السفر الثاني ٢ / ٧٦٦ ، وشرح الرضي ١ / ٣٢٠ ، والبحر المحيط ٣ / ١٦٦ ، وشرح ابن عقيل ٢ / ٢٤٠ ، والهمع ٢ / ١٠١. والخزانة ٥ / ١٢٣.

الشاهد فيه قوله : (فما بك والأيام) حيث عطف الأيام على ضمير الكاف في بك بغير إعادة حرف الجر على رأي الكوفيين ، والبصريون يجيزونه للضرورة.

(٢) ينظر شرح الرضي ١ / ٣٢٠ ـ ٣٢١ ، وهذه العبارة منقولة عن الرضي بتصرف. وهي من قوله : لأنهما ليسا ... الفاعل).

٥٧١

قوله : (ومن ثم (١) لم يجز في (ما زيد بقائم) ولا ذاهب عمرو إلا الرفع) أي من أجل أنه يشترط في المعطوف ما في المعطوف عليه من عائد وإعراب لم يجز (ولا ذاهب) بالجر ، لأنك لوجررته عطفت مالا ضمير فيه على ما فيه ضمير ، وصار الخبر مشتركا بين زيد وعمرو ، وأنت إذا قلت : (ما زيد بذاهب عمرو) لم يصح ، فكذلك إذا جعلته معطوفا عليه ، والرفع في (ذاهب عمرو) ، إما خبر مقدم على المبتدأ وهو عمرو وإما أن يكون ذاهب مبتدأ ، لأنه قد اعتمد على حرف النفي ، وعمرو فاعل ساد مسد الخبر ، فأما إذا أنبت عن (ما) النافية نحو (ليس زيد قائما ولا ذاهبا عمرو) جاز النصب في ذاهبا على أن (ذاهبا عمرو) جملة معطوفة على التي قبلها ، وقدّم الخبر فيها على الاسم ، وأصله (ليس زيد قائما ولا عمرو ذاهبا) بخلاف (ما) فإنه لا يتقدم خبرها على اسمها فضلا على المعطوف عليها.

قوله : (وإنما جاز الذي يطير فيغضب زيد [الذباب](٢) لأنها فاء السببية) هذا جواب عن سؤال مقدر ، كأنه قيل : قد شرطتم أن يكون حكم المعطوف حكم المعطوف عليه ، وقد عطفتم فيغضب زيد وهولا ضمير فيه ، على ما فيه ضمير وهو (يطير) ، وأجاب بأن هذه الفاء إنما جيء بها للسببية (٣) لا للعطف فقط ، ولهذا لو أجيب بالواو بدلها لم يجز باتفاق ، بخلاف الفاء لأنها تفيد السببية ، والارتباط بين الجملتين ، فكذلك أجازوا

__________________

(١) في الكافية المحققة ثمّت بدل ثم.

(٢) ما بين الحاصرتين زيادة من الكافية المحققة.

(٣) ينظر شرح المصنف ٥٩.

٥٧٢

العطف بها مما لا عائد فيه على ما فيه عائد ، كهذه المسألة ، وعكسها كقوله :

[٣٢٧] وإنسان عينى يحسر الماء تارة (١)

فيبدو ...

قوله : (وإذا عطف على عاملين مختلفين) يعني إذا عطف بحرف واحد معمولين على معمولي عاملين مختلفين لم يجز ، وقوله : (على عاملين) يحترز من العامل الواحد ، فإنه جائز سواء كان له معمول ، كـ (قام زيد وعمرو) أو معمولان ، كـ (ضرب زيد عمرا وبكر خالدا). قوله : (مختلفين) يحترز عن المتماثلين فإنه جائز نحو (ضرب ضرب زيد عمرا وبكر خالدا) فإذا عرفت ذلك ، فاعلم أن المعطوف إن كان واحدا ، وعطفته على معمول واحد جاز [و ٧٢] نحو (قام زيد وعمرو) وإن عطفته على معمولين لم يجز ، سواء كان العامل واحدا ، نحو (ضرب زيد عمرا وبكر) أو العاملين نحو (قام زيد وقعد عمرو وبكر) لأنه يؤدي إلى معمول بين عاملين وإن لم يعرب بإعرابين وإن كان المعطوف أكثر ، فإن عطفته على معمول واحد لم يجز نحو (قام زيد وعمرو وخالد) إلا على قول من أجاز حذف العاطف وإبقاء المعطوف كما حكي (أكلت لحما خبزا تمرا) وإن عطفته على معمولين فصاعدا

__________________

(١) صدر بيت من الطويل ، وهو لذي الرمة في ديوانه ٤٦٠ ، وله ولكثير ، ينظر المقرب ١ / ٨٣ ، ومغني اللبيب ٦٥١ ، وأوضح المسالك ٣ / ٣٦٨ ، وتذكرة النحاة ٦٦٨ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٩ ، والأشباه والنظائر ٣ / ١٠٣ ، وخزانة الأدب ٢ / ١٩٢. وعجزه :

فيبدو وتارات يجم فيغرق

والشاهد فيه قوله : (فيبدو حيث عطف الجملة التي تصلح لأن تكون خبرا عن المبتدأ والمشتملة على ضمير يعود إلى المبتدأ الذي هو إنسان عيني عطفها على جملة (يحسر) الخالية من هذا الضمير فصارت الجملتان كالشيء الواحد ولذلك صح إعراب جملة يحسر خبرا لإنسان.

٥٧٣

لعامل واحد جاز ، نحو (ضرب زيد عمرا وبكر خالدا) و (علمت زيدا قائما وعمرا قاعدا) و (أعلمت زيدا عمرا قائما وبكرا خالدا قاعدا) وإن عطفته على معمولين فصاعدا لعاملين فصاعدا ، فإن زاد العامل على اثنين نحو (خرج زيد من الدار إلى المسجد وعمرو الحانوت إلى السوق) لم يجز ، وإن كانا اثنين ، فإن كان العطف بغير الواو لم يجز ، وإن كان بالواو فهي مسألة المصنف (١) ، نحو (زيد في الدار وعمر والحجرة) منعها سيبويه (٢) والجمهور ، واختاره الزمخشري (٣) ، وحجتهم أن الواو نائبة مناب العامل الواحد وقائمة مقامه ، وفي هذه المسألة وأمثالها قيمته مقام عاملين وهو ضعيف ، لأنه لا يقوى أن يقوم مقام عاملين ، ثم إن بعض العوامل لا تصل إلى معمولين كحرف الجر ، فكيف ما قام مقامه ، وأجازه الفراء (٤) وبعض الكوفيين والأخفش (٥) من البصريين وحجتهم قوله تعالى : (إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ)(٦) ثم قال : (وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)(٧) فيمن نصب آيات ، فتصريف الرياح معطوف على (خلق

__________________

(١) قال المصنف في ٥٩ ما نصه (العطف على عاملين ممتنع عند البصريين المتقدمين مطلقا).

(٢) قال سيبويه في الكتاب ١ / ٦٣ : (وإذا قلت ما زيد منطلقا أبو عمرو ، وأبو عمرو أبوه لم يجز ، لأنه لم تعرفه به لم نذكر له إضمارا ولا إظهارا فيه فهذا لا يجوز لأنك لم تجعل سببا له.

(٣) واختار الزمخشري المنع ، ينظر المفصل ١٠٦ ، وشرحه لابن يعيش ٣ / ٢٧ وما بعدها ، وابن السراج في الأصول ٢ / ٦٩ ، والرضي في شرحه ١ / ٣٢٤.

(٤) ينظر معاني القرآن للفراء ٣ / ٤٥ ، وشرح المصنف ٥٩.

(٥) ينظر رأي بعض الكوفيين والأخفش في شرح الرضي ١ / ٣٢٤ ، والأصول في النحو لابن السراج ٢ / ٧١ وما بعدها ، وشرح المفصل ٣ / ٢٧ وما بعدها.

(٦) الجاثية ٤٥ / ٣.

(٧) الجاثية ٤٥ / ٥ وتمامها : (وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) آيات بالرفع فيهما وقرأ حمزة والكسائي بكسر التاء فيهما ووجه الكسر في آيات الثاني العطف على ما عملت فيه والتقدير وإن في خلقكم وما يبث من دابة آيات ، وقراءة العامة بالرفع ، ينظر معاني القرآن ـ للفراء ٣ / ٤٥ ، والحجة في القراءات لابن زنجلة ٦٥٨ ، والسبعة في القراءات ٥٩٤ ، والنشر ٢ / ٣٧١ ، والبحر المحيط ٨ / ٤٣.

٥٧٤

السموات) والعامل فيه في وآيات عطف على الآيات ، والعامل فيها أن قولهم (ما كل بيضاء شحمة ولا سوداء تمرة) (١) فسوداء معطوفة على بيضاء ، وعاملها (كل) وتمرة على شحمة وعاملها (ما) وقوله :

[٣٢٨] أكل امرئ تحسبين امرءا

ونار تأجج بالليل نارا (٢)

فنار الأولى معطوفة على امرئ الأول وعامله ، والثانية على امرئ الثاني وعامله تحسبين ، وغير ذلك من الأشعار.

وتأوله المانعون ، أما الآن فجعلوا (آيات) الثانية تأكيدا للأولى. وفي

__________________

(١) ينظر هذا المثل في الكتاب ١ / ٦٥ ـ ٦٦ ، والأصول في النحو ٢ / ٧٤ ، والمفصل ١٠٦ ، وشرحه لابن يعيش ٣ / ٢٦ ـ ٢٧ ، وشرح الرضي ١ / ٣٢٥. قال سيبويه في الكتاب ١ / ٦٥ ـ ٦٦ ، ما نصه (وتقول ما كل سوداء تمرة ولا بيضاء شحمة ، وإن شئت نصبت شحمة ، وبيضاء في موضع جر ، كأنك أظهرت (كل) فقلت ولا كل بيضاء).

وقال ابن يعيش : (وقد كثر التقلب بهذا المثل وأجاز ما فيه وجوها من الإعراب وجملتها خمسة أوجه : الأول : أن ترفع كل وتخفض سوداء بالإضافة ، والثاني : أن ترفع ولا تعمل ما وتعطف جملة على جملة ، الثالث : أن تنصب الأول على إعمال (ما) وترفع بيضاء وشحمة على الاستئناف ، الرابع : لا تعمل (ما) ولكن تحذف كل وتبقى أثرها. والخامس : أن تبقى دون حذف وهو أحسنها) انظر شرح المفصل ٣ / ٢٧ بتصرف.

(٢) البيت من المتقارب ، وهو لأبي دؤاد في ديوانه ٣٥٣ ، وله ولعدي بن زيد ينظر الكتاب ١ / ٦٦ ، ويروى فيه توقّد والمفصل ١٠٦ ، وشرحه لابن يعيش ٣ / ٢٦ ، والإنصاف ٢ / ٤٧٣ ، وشرح المصنف ٦٠ ، ومغني اللبيب ٣٨٢ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٧٠٠ ، وشرح ابن عقيل ٢ / ٧٧.

والشاهد فيه قوله : (ونار) حيث حذف المضاف وهو كل الذي قدر وأبقى المضاف إليه مجرورا كما كان قبل الحذف ، وذلك لأن المضاف المحذوف معطوف على مماثل له موجود هو كل في بداية البيت.

٥٧٥

البيت ، وفي (لا سوداء تمرة) ، على حذف المضاف وترك المضاف إليه على إعرابه ، وفصّل ابن الحاجب (١) والأعلم : (٢) فأجازاه (٣) فيما كان أحد عامليه جارا (٤) بشرط تقدمه وموازنة المعطوف للمعطوف عليه نحو (في الدار زيد والحجرة عمرو) و (إن في الدار زيدا والحجرة عمرا) وحجتهم على التفصيل : أنه إذا تقدم المرفوع والمنصوب على المجرور أدى ذلك إلى الفصل بين الجار والمجرور من جهة أن الواو بمنزلة العامل ، بخلاف ما إذا تقدم المجرور على المرفوع أو المنصوب ، فإنه لا يكون فيه فصل بين الجار ومجروره (٥).

قوله : (خلافا للفّراء) (٦) ، يعني فإنه أجاز العطف على عاملين مختلفين مطلقا.

قوله : (إلا في نحو : في الدار زيد والحجرة عمرو) يعني فإنه يجوز حيث تحصل الشروط الثلاثة.

قوله : (خلافا لسيبويه) (٧) فإنه منع الكل مطلقا ، وتأول هذه الحجج بما ذكرنا.

__________________

(١) ينظر شرح المصنف ٥٩.

(٢) ينظر شرح الرضي ١ / ٣٢٥.

(٣) في الأصل فأجازه وهو تحريف.

(٤) في الأصل جار

(٥) ينظر شرح المصنف ٥٩ ، وشرح الرضي ١ / ٣٢٥ ، وفيه رأي الأعلم ، قال الرضي : (والمصنف جوّز بالقيد الذي ذكره الأعلم أيضا وهو أن يتقدم المجرور على المعطوف عليه ويتأخر المنصوب أو المرفوع ثم يأتي المعطوف على ذلك الترتيب).

(٦) ينظر رأي الفراء في الرضي ١ / ٣٢٥.

(٧) ينظر الكتاب ١ / ٦٣ وما بعدها ، وشرح الرضي ١ / ٣٢٥ ، وشرح المفصل ٣ / ٢٧.

٥٧٦

التوكيد

قوله : (التوكيد) هو مصدر وكدّ ، والتأكيد مصدر أكد.

قوله : (تابع) جنس ، وخرج منه ما ليس بتابع نحو : (فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ)(١)

(٢)(وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ)(٣).

قوله : (يقرر أمر المتبوع) خرج العطف بحرف والبدل فإنهما لا يقرران أمر المتبوع (٤).

قوله : (في النسبة (٥) والشمول) خرج عطف البيان والصفة لأنهما وإن قررا أمر المتبوع فليس في نسبة ولا شمول ، ألا ترى أنك إذا قلت : (جاءني زيد الطويل) فلم يقع شك في نسبة المجيء إلى زيد ، وإنما وقع في أي زيد [ظ ٧٢] من الزيود؟ هل من الطوال أم القصار؟ فلما قلت الطويل علم بذلك مجيئه ، فهو معلوم من قبل ، ومعنى النسبة ، أنك إذا قلت (جاء زيد) احتمل أن يكون هذا الجائي رسوله ، فإذا قلت (جاء زيد زيد) زال الاحتمال ، وكذلك الشمول ، إذا قلت : أخذت الدراهم ، احتمل

__________________

(١) النحل ١٦ / ٢٦.

(١) النحل ١٦ / ٢٦.

(٢) الأنعام ٦ / ٣٨.

(٣) ينظر شرح المصنف ٦٠.

(٤) في الكافية المحققة أو بدل و.

٥٧٧

أن يكون أبقيت يسيرا منها ، فإذا قلت (كلها) زال الاحتمال. والذي للشمول (كل) وأخواتها ، وللنسبة اللفظي وسائر المعنوي.

قوله : (وهو لفظي ومعنوي) أي التأكيد على ضربين ، لفظي ومعنوي.

قوله : (فاللفظي : (١) تكرير اللفظ الأول) أي تكريره بعينه (مثل جاء زيد زيد) وأما مررت به هو وبك أنت فاستعير فيه ضمير المرفوع للمجرور.

قوله : (ويجري في الألفاظ كلها) يعني في الاسم والفعل والحرف والجملة ، والظاهر والمضمر ، تقول : (جاء زيد زيد) (جاء زيد جاء زيد) و (جاء رجل رجل) قال :

[٣٢٩] كم عالم عالم أعيت مذاهبه

وجاهل جاهل تلقاه مرزوقا (٢)

ومنع طاهر في النكرات (٣) والمضمر قوله :

__________________

(١) قال المصنف ٦١ : (وقد وقع في كلام الزمخشري وغيره في مثل يا زيد زيد أنه بدل وليس بمستقيم لأنه يخرم قاعدة التوكيد اللفظ ، فإنه لو كان بدلا ، لكان جاء في زيد زيد بدلا ، وأيضا فإنه لا معنى للبدلية فيه).

(٢) البيت من البسيط ، وهو لابن الرواندي كما في معاهد التنصيص ١ / ١٤٧ ، ومفتاح العلوم ٨٥. ويروى فيه مع بيت آخر بـ (عاقل) بدل عالم :

كم عاقل عاقل أعيت مذاهبه

وجاهل جاهل تلقاه مرزوقا

هذا الذي ترك الأوهام حائرة

وصير العالم النحرير زنديقا

والشاهد فيه قوله : (كم عالم عالم وجاهل جاهل) حيث أكد اللفظ الأول بتكريره في الشطرين على سبيل تأكيد المفرد بالمفرد.

(٣) ينظر شرح المقدمة المحسبة ٢ / ٤٠٨ ، والهمع ٥ / ٢٠٤.

٥٧٨

[٣٣٠] تيممت همدان الذين هم هم (١)

 ...

وقوله :

[٣٣١] إياك إياك المراء فإنه

إلى الشر دعاء وللشر جالب (٢)

والفعل (ضربك ضربك) قال :

[٣٣٢] ...

أتاك اللاحقون احبس احبس (٣)

والحرف إن كان يفيد تكريرا لحروف الإيجاب والمشبهة كرر وحده تقول : (نعم نعم) و (كأن كأن) قال :

[٣٣٣] ... وكأن وكأن

أعناقها مشدّدات في قرن (٤)

__________________

(١) صدر بيت من الوافر وهو لسيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه في ديوانه ١٩١ ، وعجزه :

إذا ناب أمر جنّتي وسهامها

ينظر شرح التسهيل السفر الثاني ٢ / ٦٥٥ ، وهمع الهوامع ٥ / ٢٠٧.

والشاهد فيه قوله : (الذين هم هم) حيث أكد الضمير المنفصل (هم) بضمير منفصل آخر وهو من التوكيد اللفظي.

(٢) البيت من البحر الطويل وهو للفضل بن عبد الرحمن ، ينظر الكتاب ١ / ٢٧٩ ، والخصائص ٣ / ١٠٢ ، وشرح المفصل ٢ / ٢٥ ، وأوضح المسالك ٣ / ٣٣٦ ، وخزانة الأدب ٣ / ٦٣.

والشاهد فيه قوله : (إياك إياك المراء) حيث كرر الضمير إياك للتأكيد اللفظي وقيل إن إياك الثانية بدل الواو في والمراء.

(٣) البيت من البحر الطويل وهو بلا نسبة ينظر الخصائص ٣ / ١٠٣ ، وشرح التسهيل السفر الثاني ٢ / ٦٥٥ ، وشرح الرضي ١ / ٣٣٢ ، وشرح ابن عقيل ٢ / ٢١٤ ، وأوضح المسالك ٢ / ١٩٤ ، وهمع الهوامع ٥ / ١٤٥ ـ ٢٠٧ وخزانة الأدب ٥ / ١٥٨.

والشاهد فيه قوله (أتاك أتاك ، واحبس واحبس) فإنه كرر اللفظ الأول بعينه وهو من التوكيد اللفظي.

(٤) البيت من الرجز ، وهو منسوب إلى خطام المجاشعي والأغلب العجلي وهما في ديوان الأغلب ٤ / ١٦٥. وتمامه :

٥٧٩

وقوله :

[٣٣٤] ...

ما من حمام أحد معتصما (١)

وإلا أعيد مع ما [بعده](٢) نحو (مررت به به) و (بك بك) و (بزيد بزيد) و (بعمرو بعمرو).

قوله : (والمعنوي بألفاظ مخصوصة ، وهي نفسه وعينه إلى آخرها) الواو دخلت عاطفة لتعدادها ، وأما إذا أكدت بها كلها فالأفصح عدم دخولها ، والألفاظ التي عددها الشيخ تسعة وزاد الشيخ سيبويه (٣) جميعهم وعامتهم) المضافين تقول : (جاء القوم

جميعهم وعامتهم) ومنع المبرد من (عامّة) (٤).

قوله : (فالأولان يعمان باختلاف صيغتهما وضميرهما) [نفسه نفسها أنفسهما أنفسهم أنفسهن](٥) يعني النفس والعين يعمان في الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث ويختلف الضمير باختلاف المؤكد تقول : (جاء زيد نفسه وعينه) و (الزيدان أنفسهما وعينهما) ولا

__________________

وينظر شرح التسهيل السفر الثاني ٢ / ٦٥٨ ، والهمع ٥ / ٢٠٩ ، والأشباه والنظائر ٤ / ١٠٢ ، والقرن : الجبل

والشاهد فيه قوله : (وكأنّ وكأن) حيث أكد (كأن) التي هي حرف تشبيه ونصب توكيدا لفظيا بإعادة المؤكد والمؤكد بمعمول أولهما ، مع أن كأن ليس من أحرف الجواب والتوكيد على هذا شاذ.

(١) سبق تخريجه برقم ٢٩٣.

(٢) ما بين الحاصرتين زيادة يقتضيها السياق.

(٣) ينظر الكتاب ١ / ٣٧٦ وما بعدها ، وشرح التسهيل السفر الثاني ٢ / ٦٣٩.

(٤) ينظر المقتضب ٣ / ٣٨٠ ، وهمع الهوامع ٥ / ١٩٩.

(٥) ما بين الحاصرتين زيادة من الكافية المحققة.

٥٨٠