النّجم الثاقب - ج ١

صلاح بن علي بن محمّد بن أبي القاسم

النّجم الثاقب - ج ١

المؤلف:

صلاح بن علي بن محمّد بن أبي القاسم


المحقق: الدكتور محمّد جمعة حسن نبعة
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٠٥
الجزء ١ الجزء ٢

١
٢

٣

٤

المقدمة

الحمد لله رب العالمين ، وصلاة وسلاما دائبين على خير خلقه سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد :

إن الأمم الحية هي التي تتصل حلقات ماضيها بحاضرها لتبني عليها مستقبلها ، وإن أهم ثروة يخلفها الآباء والأجداد للأبناء ، هي الثروة الفكرية التي تنهض على أساسها الأمم ، إذ هي النهضة الحقيقية الراسخة والتي يبني عليها كل شأن من شؤون الحياة ، وإن من واجب الأبناء تجاه ما خلفه الآباء المحافظة عليه وتطويره ، والاتكاء عليه في بناء صروح القوة والتقدم.

ولسنا ننكر أنه حدثت حركة إحياء واسعة للتراث العربي الإسلامي في كثير من أقطار العالم الإسلامي ، بيد أنه مازال هناك كثير من هذه الكنوز الدفينة التي لم تر النور بعد ، وتنتظر من يزيل عنها ركام الأيام والسنين ، ويوقظها من رقادها الطويل الذي ضاقت به ذرعا ، لتساهم في بناء صرح حضاري شامخ يستند إلى ماض عريق وطيد الأركان.

ولعل إخراج هذه الكنوز ، وأعني بها ها هنا المخطوطات ، وتحقيقها تحقيقا علميا واجب على جميع الباحثين تجاه هذا التراث الغني ، ولا يغيب

٥

عن البال أن إحياء مثل هذا الأمر يحتاج إلى جهد كبير ، وأن الكل يعلم مدى الجهد والوقت الذي يحتاج إليه تحقيق أي أثر من الآثار القديمة ، إذ التحقيق العلمي لا بد أن تتوفر فيه شروط معينة حتى يكون عملا مقبولا يتكئ عليه الدارسون ويرتضونه لذلك سجلت هذه الرسالة في جامعة الجزيرة لنيل درجة الدكتوراة في النحو والصرف.

هذان الأمران هما من دوافع عملي هذا ، فقمت بتحقيق هذا الكتاب الموسوم بـ (النجم الثاقب شرح كافية ابن الحاجب) والذي يقع في (١٥١) ورقة أي (٣٠٢) صفحة ، ويعتبر هذا الكتاب ذو قيمة علمية متميزة لأسباب ، أهمها :

أنه كتاب جامع لكتب سابقة قبله ، فقد اجتمع في هذا الكتاب أربعة كتب في كتاب واحد ، وهي :

شرح الكافية لابن الحاجب (ت : ٦٤٦ ه‍) واسمه شرح المصنف.

البرود الضافية والعقود الصافية ، لوالد المؤلف محمد بن علي بن أبي القاسم الهادي (ت : ٨٣٧ ه‍).

شرح الكافية في النحو ، لرضي الدين الاسترابادي (ت : ٦٨٦ ه‍).

فقد اعتمد مؤلف كتاب النجم الثاقب على هذه الكتب الثلاثة اعتمادا مباشرا ، وأكثر من النقل عنها مصرحا وغير مصرح ، وإن كان قد صرح في بداية كتابه بأنه لخص كتاب والده البرود الضافية.

أما منهجي في تحقيق هذا النص ، فيتلخص بما يأتي :

٦

نسخت النص بالرسم الإملائي المعاصر.

ترقيم أوراق الكتاب إلى وجه وظهر ، ورمزت للوجه بحرف (و) مع رقم الصفحة في المخطوط ، ورمزت للظهر بحرف (ظ) مع رقم الصفحة في المخطوط ، حيث أصبح تقسيم الكتاب هكذا [و ١٥] أو [ظ ١٥].

أبرزت متن الكافية باللون الأسود الغامق المتميز عن بقية النص.

قارنت بين متن الكافية لابن الحاجب المدون في الكتاب وفي الأصل باللون الأحمر (والكافية في النحو) التي حققها الدكتور طارق نجم ، وإذا كان ثمة اختلاف أو زيادة أو نقصان وضعته بين حاصرتين مع رقم معين ، وأشرت إليها في الهامش بقولي : ما بين الحاصرتين زيادة من الكافية المحققة.

صححت الأخطاء الكثيرة والمتنوعة وخاصة الإملائية واللغوية منها ، ومنها ما أشرت إليه في الهامش ومنها ما لم أشر إليه لتكراره.

عرضت جميع ما في الكتاب من آراء نحوية على مصادرها ومظانّها من الكتب ، فربطت بينه وبين الكتب النحوية الأخرى ، وكنت أثبته في الحاشية سواء صرح بها أم لم يصرح ، وعن الاختلاف ، وبين ما نقله وبين ما هو موجود في هذه المصنفات.

حاولت ضبط النص ضبطا كاملا لإخراجه الإخراج الأفضل ، مستعينا بالكتب التي اعتمد عليها المؤلف والتي ذكرتها في هذه المقدمة والدراسة وغيرها مما لم أذكر في هذه المقدمة الدراسة.

٧

خرّجت الآيات من القرآن الكريم وكتبتها بخط متميز عن باقي النص ، وأتممت الآية التي تحتاج إلى ذلك.

خرّجت القراءات إن وجدت.

كتبت الأحاديث بخط مغاير ، وخرجتها من كتب الحديث.

خرّجت الأمثال المشهورة من مراجعها المعتمدة.

رقمت الشواهد الشعرية وأكملتها في الهامش ، وضبطتها وخرجتها من مظانّها ملتزما أشهر المراجع من مراعاة تاريخ وفاة مؤلفيها ما أمكن ، وشرحت ما صعب من لغاتها ، وبينت ما اختلف من رواياتها ، وبينت موضع الشاهد فيها ، وقد بلغت الشواهد في هذه الرسالة ما يقارب ٨٤٨ شاهدا نحويا ولغويا.

قسمت الرسالة إلى جزأين منفصلين في مجلدين كبيرين في حين أن المؤلف جعلها جزأين في مجلد واحد.

كتبت فهارس لهذه الرسالة ليسهل الرجوع إليها.

فهرس للآيات القرآنية.

فهرس للأحاديث النبوية.

فهرس للأمثال.

فهرس للشواهد الشعرية على حرف الهجاء مع مراعاة الدوائر العروضية في ذلك.

٨

ثبت المراجع والمصادر.

فهرس الموضوعات.

وفي الختام لا يسعني إلّا أن أتقدم بخالص الشكر وجزيل الامتنان إلى قسم اللغة العربية في جامعة الجزيرة ، وأخص بالذكر من أساتذتها الاجلّاء الأستاذ الدكتور : عمر السيد العباس البدر رئيس قسم اللغة العربية ، وكذا أستاذي الدكتور مجهد الدليمي المشرف الأول على هذه الرسالة الذي لم يدخر وسعا في إسداء النصح والتوجيه ، وقد أفدت منه ومن توجيهاته فائدة جلّى فجزاه الله الجزاء الأوفى.

كما وأخص بالشكر الجزيل والامتنان الكبير مشرفي الثاني أستاذي الدكتور طارق نجم عبد الله رئيس قسم اللغة العربية في جامعة صنعاء ، الذي تفضّل مشكورا بمد أياديه البيضاء التي لا تنسى ، فكان له الفضل الأسبق في إخراج هذه الرسالة ، وقد بذل كل ما يستطيع من جهد ، ولم يدخر وسعا في إبداء النصح والتوجيه لي ، وقد استفدت منه كثيرا فجزاه الله خيرا.

كما وأخص بالشكر رئيس جامعة صنعاء الأستاذ الدكتور عبد العزيز المقالح لاستجابته قبول الإشراف المشترك مع جامعة العلوم والتكنولوجيا وإدارة البحث والدراسات العليا في الجامعة والتوجيه للدكتور المشرف الثاني بذلك.

ولا أنسى أن أشكر إدارة البحث والدراسات العليا في جامعة العلوم

٩

والتكنولوجيا ، وقسم اللغة العربية وعميد الدراسات العليا على المساعدة التي قدموها لي.

كما أخص بالشكر الجزيل والامتنان الكبير ، أخي وصديقي الأستاذ الدكتور نبيل محمد أبو عمشة ، الأستاذ المشارك في جامعة دمشق ، والمعار إلى جامعة صنعاء على مساعدته القيمة التي أبداها لي وتفضله بالإطلاع على الرسالة وضبط النص فيها وإبداء النصح والتوجيه ، ومتابعة الرسالة معي من أولها إلى آخرها ، فجزاه الله خيرا.

وبعد ... فهذه ثمرة سنوات من الجهد والعمل المتواصل ، فإن أحسنت فبفضله تعالى ، وإن أخطأت فمن عجزي وقصور يدي ، ولا يسعني أخيرا إلا أن أشكر أساتذتي الأجلاء أعضاء لجنة المناقشة والحكم على تفضلهم عناء قراءة هذا السفر الضخم وتقويم ما اعوّج منه ، وأنا على يقين بأن هذه الرسالة ستنهض بآرائهم السديدة وملاحظاتهم القيمة.

هذا وقد قدمت للنص المحقق بمقدمة لا ترقى إلى مستوى الدراسة ، وأعتذر هاهنا عن هذا القصور لطول النص المحقق ، ولعلمي أن دراسة هذا الكتاب هي بحد ذاتها يمكن أن تكون رسالة جامعة مستقلة.

والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

١٠

القسم الأول

الدراسة

١١
١٢

عصر صلاح بن علي بن محمد بن علي

بن أبي القاسم الهادي وسيرته

توالى على حكم اليمن في القرنين السابع والثامن الهجريين حكام من خارجها ، منهم الأيوبيون الذين امتد نفوذهم إلى اليمن حتى مجيء بني رسول الذين ابتدأ بزوغ نجمهم بانتهاء نفوذ المصريين في اليمن ، وكان ذلك تحديدا في بداية القرن السابع منذ العام ٦٢٦ ه‍ ، واستمرت سيطرتهم على اليمن (أي بنو رسول) ما يزيد على القرنين من الزمان حتى عام ٨٥٨ ه‍ ، وهي الفترة نفسها التي عاش فيها مؤلف كتاب النجم الثاقب شرح كافية ابن الحاجب ووالده صاحب كتاب البرود الضافية والعقود الصافية.

وحتى تتضح لنا صورة العصر الذي عاش فيه مؤلف كتاب النجم الثاقب شرح مقدمة كافية ابن الحاجب ووالده مؤلف كتاب البرود الضافية والعقود الصافية وقد صرح مؤلف النجم الثاقب بأنه كان تلخيصا لهذا الكتاب.

ولذلك كان لا بد من دراسة العصر من النواحي التاريخية والسياسية ، ومن الناحية الاجتماعية والناحية العلمية ...

١٣

الحياة السياسية

باديء ذي بدء لا بد من القول بأنّ من أهم الأسباب التي أدت إلى إنهيار نفوذ دولة الأيوبيين في اليمن وقيام دولة بني رسول :

أولا : اختلاف أبناء صلاح الدين الأيوبي وأحفاده فيما بينهم على الزعامة في مصر مما انعكس على أطراف الدولة ، وبالذات على اليمن ، وذلك لأسباب من أهمها :

ـ طبيعة اليمن جغرافيا وصعوبة السيطرة عليه.

ـ عدم قبول أهل اليمن للحكم الأيوبي من أول حاكم وهو توران شاه إلى آخر حاكم وهو السلطان مسعود.

ـ بعد المسافة بين الدولة المركزية في مصر وبلاد اليمن التي تختلف عن أرض مصر من حيث السكان والمناخ.

هذه أسباب قيام دولة بني رسول في اليمن ، وهي نفسها أسباب سقوط الحكم الأيوبي في اليمن (١).

ويعود نسب ابن رسول إلى محمد بن هارون الغساني (٢) ، وقد كان أثيرا عند الخليفة العباسي ، فأرسله عدة مرات إلى سلاطين الأيوبيين في مصر ، وأطلق عليه لقب (رسول) (٣).

__________________

(١) ينظر حياة الأدب اليمني في عصر بني رسول ، عبد الله الحبشي ، ١٧.

(٢) ينظر قرة العيون بأخبار اليمن الميمون ، عبد الرحمن بن علي الزبيدي ٢٩٩ ، والمقتطف من تاريخ اليمن للقاضي عبد الله الجرافي ١٣٣ ، وموسوعة التاريخ والحضارة الإسلامية د. أحمد شلبي ٧ / ٣٥١.

(٣) ينظر المصادر السابقة ، وموسوعة التاريخ ٧ / ٣٥١ ، والعقود اللؤلؤية في تاريخ الدولة ـ الرسولية علي بن الحسن الخزرجي ١ / ٢٧.

١٤

ويتجه المؤرخون اليمنيون إلى الربط بين هذه الأسرة وبين اليمن ، فيذهبون إلى أنّ محمد بن هارون هذا هو من ولد جبلة بن الأيهم الغساني ، ويرجع نسب جبلة إلى سبأ بن يشجب بن قحطان (١).

ويذهب بعض المؤرخين الغربيين إلى أن بني رسول ينحدرون من أصل فارسي ، ودليلهم على ذلك أن جد بني رسول رستم وهو اسم فارسي.

ويرى بعض المؤرخين أن بني رسول من أصل تركماني ، ويستدلون على ذلك بمعرفة بني رسول للغة التركمانية ، وعلل ذلك صاحب قرة العيون عند ما قال : (٢) (إن أولاد جبلة بن الأيهم سكنوا بلاد التركمان مع قبيلة منهم يقال لها (بيجك) وهي من أشرف قبائل التركمان ، فاختلطوا بهم وتكلموا بلغتهم وانقطعت أخبارهم عن أكثر الناس فنسبهم من لا يعرفهم إلى التركمان).

أسس الدولة الرسولية في اليمن نور الدين عمر بن علي بن رسول ، وبدأ من زبيد فوطدّ فيها حكمه ، ثم توسع فيما حولها ، وكان نور الدين عمر موثقا عند الملك المسعود الأيوبي فجعله نائبا له على اليمن (٣) ، وكان هذا أصغر إخوته.

وكان الملك المسعود خائفا على اليمن من بني رسول فقبض على

__________________

(١) ينظر قرة العيون ٢٩٩ ، والعقود اللؤلؤية ١ / ٢٦ ـ ٢٧.

(٢) ينظر قرة العيون ٢٩٩ ـ ٣٠٠.

(٣) ينظر العقود اللؤلؤية ١ / ٢٩ ـ ٤٠ ، وقرة العيون ٣٠٠.

١٥

أولاد علي بن رسول وهم بدر الدين ، وفخر الدين ، وشرف الدين ، وأرسل بهم إلى مصر ، ولم يخش الملك المسعود على اليمن غيرهم لما فيهم من الشجاعة والإقدام وعلو الهمة (١).

ولما توفي الملك المسعود سنة ٦٢٦ ه‍ أضمر نور الدين عمر بن علي بن رسول في نفسه الاستقلال ، ولكنه كان خائفا بسبب ما حدث لأخويه بدر الدين وفخر الدين ، فأظهر للناس أنه نائب لبني أيوب (٢) ، وحرص على التقرب للعامة لعلهم يكونون درعا له إذا غضب عليه بنو أيوب.

وكان أول أمر نور الدين عمر بن علي في زبيد ، فبقي فيها مدة من الوقت ، وطّد فيها دعائم حكمه ، وجعل يولي في الحصون من يثق به ، ويعزل من يخشى منه ، وتسلم صنعاء وأعمالها سنة ٦٢٧ ه‍ وأقطعها ابن أخيه أسد الدين محمد بن الحسن ، ثم أخذ حصن تعز صلحا سنة ٦٢٨ ه‍ (٣).

ولم يغير نور الدين عمر سكة ولا خطته إلا في سنة ٦٣٠ ه‍ بعد أن وطّد حكمه واستصدر أمرا من الخليفة العباسي ـ الظاهر بن الناصر ـ فطار صيت نور الدين وعظم أمره (٤) ، ولقب بالمنصور.

وانته حكم المنصور في عام ٦٤٧ ه‍ حيث كان قتله على يد جماعة من مماليكه وكانوا يحسنون الفروسية والرمي مالا يحسنه أحد ، وكان الأمير

__________________

(١) ينظر موسوعة التاريخ ٧ / ٥٣٢ ، وقرة العيون ٢٩٨.

(٢) ينظر قرة العيون ٣٠٠.

(٣) ينظر قرة العيون ٣٠٠.

(٤) ينظر موسوعة التاريخ ٧ / ٣٥١.

١٦

أسد الدين حسن بن رسول قد استمالهم وشجعهم ووعدهم بما طابت به أنفسهم (١).

وخلف المنصور ابنه المظفر واتسع ملك الدولة الرسولية في عهده حتى وصل إلى بلاد عمان وأخذ ظفار من يد سالم بن إدريس الخبوطي.

توفي الملك المظفر سنة ٦٩٤ ه‍ ، بعد أن حكم اليمن نحو نصف قرن ، وقد ترك مآثر كثيرة ، منها بناء المدارس والمساجد ، وكان ملكا ضخما جوادا بذالا للأموال في الحروب وأعطى من حسن السياسة ما لم يعطه أحد من الملوك ، وهو أول من سن من ملوك الدولة الرسولية نظام ولاية العهد (٢).

وخلفه ولده الملك الأشرف عمر بن يوسف وهو أكبر أبناء أبيه وأحبهم إليه ، ولما علم أخوه المؤيد بقيامه بالملك بعد والده خرج عليه ، ولكن الملك الأشرف تمكن من القضاء على قوة أخيه ، واستمر حكم الملك الأشرف حتى ٦٩٦ ه‍ وكان ملكا سعيدا صالحا برا بإخوته وقرابته محبا لهم ، وكان رؤوفا بالرعية عطوفا عليهم (٣).

ثم حكم اليمن الملك المؤيد داود بن يوسف وكان هذا مودعا في السجن فأخرجه خدامه ، وبويع بالحكم بمحضر كبير من أعيان الدولة والعلماء ، واستمر حكمه حتى ٧٢١ ه‍ بعد أن حكم ستا وعشرين سنة.

وتولى الحكم بعد المؤيد ولده الملك المجاهد علي بن داود بن يوسف ،

__________________

(١) ينظر العقود اللؤلؤية ١ / ٨٣ ، وقرة العيون ٣١١.

(٢) ينظر قرة العيون ٣٣٧.

(٣) ينظر العقود اللؤلؤية ١ / ٢٩٨.

١٧

واستمر حكمه حتى ٧٦٤ ه‍ ومات بعدن ، وقد حكم اليمن ثلاثا وأربعين سنة (١).

وبويع الأفضل ابن الملك المجاهد بعد أبيه ، ودام حكمه حتى عام ٧٧٨ ه‍ حيث خلفه ولده الملك الأشرف بن العباس ، واستمر حكمه حتى سنة ٨٠٣ ه‍ ، ومات بتعز ودفن بمدرسته التي أنشأها بمدينة عدينة ، وكان الملك الأشرف قد استخلف ولده الناصر في أيام مرضه ، وقد ثبت الملك الناصر أحمد بن إسماعيل على بلاد أبيه (٢) ، توفي الملك الناصر ٨٢٧ ه‍ في حصن قوارير (٣) وحمل إلى مدينة تعز ، ودفن فيها.

وتولى الحكم بعد الملك الناصر ولده المنصور عبد الله بن أحمد بن إسماعيل وحكم ثلاث سنوات ومات سنة ٨٣٠ ه‍ (٤).

وتولى الحكم بعده أخوه يحيى بن إسماعيل الملقب بالملك الظاهر ، واستمر حكمه حتى ٨٤٢ ه‍ ، وخلفه ولده إسماعيل بن يحيى الملقب بالملك الأشرف ، واستمر حكمه حتى سنة ٨٤٥ ه‍ ، وتولى الحكم بعده المظفر يوسف بن الملك المنصور ، وقد استفحل في عهده شأن العبيد فتحكموا بالدولة ، ففي سنة ٨٤٦ ه‍ عين العبيد الأفضل محمد بن إسماعيل ملكا على اليمن ، فبعث المظفر إلى زبيد الشيخ طاهر في جماعة ، فقبضوا على الأفضل محمد بن إسماعيل بن عثمان وساروا به إلى تعز ، ولما وجد

__________________

(١) ينظر غاية الأماني ٥١٦ ، ومجموع بلدان اليمن ٤٢٩.

(٢) ينظر قرة العيون ٣٨٧.

(٣) قوارير : حصن في وصاب السافل ويعرف الآن باسم المكعك ، ينظر مجموع بلدان اليمن ٦٥٨.

(٤) ينظر غاية الأماني ٥٦٧.

١٨

العسكر أن المظفر ضعف عن أمر الخلافة خرج جماعة منهم إلى (حيس) (١) فبحثوا عمّن بها من أولاد الملوك فوجدوا أحمد الناصر بن الظاهر من بني رسول ولقبوه بالملك المسعود ، ونزل المظفر وبنو طاهر إلى لحج سنة ٨٥٢ ه‍ والمسعود بـ (عدن) وحصل بينهما لقاء ، فقتل من عسكر المسعود جماعة ، ثم إن المظفر ترك حصن تعز للمسعود فقبضه المسعود سنة ٨٥٤ ه‍ (٢).

وفي سنة ٨٥٥ ه‍ أقام العبيد الملك المؤيد حسين بن الظاهر ملكا على اليمن ، وهذا هو آخر ملوك بني رسول ، ففي سنة ٨٥٨ ه‍ (٣) سار المؤيد من زبيد إلى عدن ، فقصده بنو طاهر فقبضوا عليه واستولوا على جميع ما بيده ، ثم رجع العبيد إلى موالاة الملك المسعود ، ثم خلع المسعود نفسه عن الأمر ، وبذلك انقرضت دولة بني رسول وانصرفت أيامهم.

ضعفت الدولة الرسولية وتداعت أركانها ونتيجة ذلك وفي عام ٧٣٠ ه‍ ، قام أربعة من الأئمة وخاصة بعد هذا العام داخل الدولة الرسولية حيث ضعفت السلطة المركزية مما أتاح الفرصة للأئمة الزيدية من أن ينشروا دعوتهم في غيبة السلطة المحلية المناوئه (٤).

والظاهر لأنه لم يجر بين الأئمة والملك المنصور خلاف ولا حرب ولم يبدأ الصراع بين الأئمة والدولة الرسولية إلا في آخر عهد المنصور

__________________

(١) حيس مدينة مشهورة من تهامة من أعمال زبيد ، وهي جنوبي زبيد ، ينظر مجموع بلدان اليمن ٣٠١.

(٢) ينظر قرة العيون ٤٠٤.

(٣) ينظر غاية الأماني ٥٨١.

(٤) ينظر موسوعة التاريخ ٧ / ٣٥٦.

١٩

وذلك أيام المهدي بن الحسين سنة ٦٤٦ ه‍ (١).

قام الإمام المهدي أحمد بن الحسين وبعث الدعوة في جميع الأقطار فأجابه خلق كثير وجرت بين عسكره وعسكر السلطان حروب كثيرة ، وفي أول سنة ٦٤٧ ه‍ طلع عسكر الإمام أحمد بن الحسين حصن كوكبان (٢) على حين غفلة من أهله.

وفي سنة ٦٤٨ ه‍ بعد موت الملك المنصور ، وقيام ابنه المظفر سار الإمام إلى صعدة بجيش عظيم من همدان فدخلها دخول الفاتحين الظافرين ، ثم عاد إلى صنعاء فدخلها ، ثم عقد الإمام الصلح مع الملك المظفر على أن تكون للإمام صنعاء وصعدة وما بينهما ، وللسلطان (أي للملك المظفر) اليمن الأسفل والتهائم (٣).

وكما ذكرت ففي سنة ٧٣٠ ه‍ قام أربعة من الأئمة وهم :

علي بن صلاح بن تاج الدين.

والإمام المؤيد بالله يحيى بن حمزة.

والواثق بالله المطهر بن الإمام محمد بن المطهر بن يحيى.

وأحمد بن علي بن أبي الفتح.

فأما علي بن صلاح فظهر في بلاد شظب ، وأما الإمام يحيى بن حمزة في جهات صنعاء ، وبلغت دعوته بلاد الظاهر وصعدة ، وأما الفتحي فظهر في

__________________

(١) ينظر قرة العيون ٣٠١.

(٢) ينظر مجموع بلدان اليمن ٦٦٨.

(٣) ينظر المقتطف ، ١٨٨.

٢٠