النّجم الثاقب - ج ١

صلاح بن علي بن محمّد بن أبي القاسم

النّجم الثاقب - ج ١

المؤلف:

صلاح بن علي بن محمّد بن أبي القاسم


المحقق: الدكتور محمّد جمعة حسن نبعة
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٠٥
الجزء ١ الجزء ٢

ماذا تعلم غير علم نافع

في إتقانه حتى ثبت

قوله : (لأن (من) لا تزاد (١) في الإثبات ، و (ما) و (لا) لا تقدران عاملين بعده ، لأنهما عملتا للنفي وقد انتقض بإلا) هذا تعليل لمنع البدل على اللف.

قوله : (بخلاف : ليس زيد شيئا إلا شيئا) [لأنهما عملت للفعلية فلا أثر لنقض النفي لبقاء الأمر العاملة هي لأجله ، ومن ثم جاز (ليس زيد إلا قائما) وامتنع (ما زيد إلا قائما)](٢) يعني فإنه يجوز البدل على لفظ خبرها ، لأنه وإن انتقض النفي بـ (إلا) (فالذي عملت لأجله وهو الفعلية) باق بخلاف (ما) فإنها لا تعمل إلا لشبه ليس بالنفي وقد انتقض بـ (إلا) فبطل عملها.

قوله : (ومخفوض بعد (غير) و (سوى) و (سواء)) الأصل من لغات سوى الكسر وزاد بعضهم سواء بالمد وكسر السين (٣) ، وإنما خفض بعد هذه لأنها أسماء مضاعفة ، وهذا القسم رابع المستثنى.

قوله : (و ((حاشا)) في الأكثر) يعني الجر بعدها لأنها حرف جر عند سيبويه (٤) وقوله على الأكثر إشارة إلى الخلاف ، فسيبويه يجعلها [حرف](٥) جر واحتج بقوله :

__________________

(١) في الكافية المحققة (بعد) بدل (في).

(٢) ما بين الحاصرتين زيادة من الكافية المحققة ، وينظر شرح المصنف ٤٧ ، وشرح الرضي ١ / ٢٣٨.

(٣) ينظر شرح الرضي ١ / ٢٤٤.

(٤) ينظر الكتاب ٢ / ٣٤٩ ، وشرح المصنف ٤٧.

(٥) ما بين الحاصرتين زيادة يقتضيها السياق.

٤٨١

[٢٥٧] حاشا أبى ثوبان إن به

ضنا عن الملحاة والشتم (١)

والفراء (٢) نصب بها على أنها فعل وأجاز [و ٦١] المبرد الوجهين (٣) فالنصب على الفعلية والجر على أنها حرف ، وإذا كانت فعلية فالخلاف في فاعلها كـ (خلا وعدا) واحتج لفعليتها بأنه قد نصب ما بعدها نحو : (حاشا الشيطان وأبا الاصبغ) (٤) وقوله :

[٢٥٨] حاشا قريشا ، فإن الله فضلها

على البرية بالإسلام والدين (٥)

__________________

(١) البيت من الكامل وهو للجميح الأسدي في المفضليات ٣٦٧ ، وله ولغيره ، وينظر الإنصاف ١ / ٢٨٠ ، وشرح المفصل ٨ / ٤٧ ، وشرح التسهيل السفر الأول ٢ / ٩٦٤ ، والجنى الداني ٥٦٢ ، ومغني اللبيب ١٦٦ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٤٦٨ ، وهمع الهوامع ٣ / ٢٨٤ ، وخزانة الأدب ٢ / ١٥٠ ، ٤ / ١٨٢.

وهذا البيت ملفق من بيتين كما في شرح التسهيل وهما :

حاشا أبي ثوبان إن أبا

ثوبان ليس ببكمه فدم

عمرو بن عبد الله إن به

ضنا عن الملحاة والشتم

والشاهد فيه قوله : (حاشا أبي ثوبان) حيث جاءت حاشا غير مقترنة بما فصارت حرف جر وهذا جائز كما ذهب إلى ذلك سيبويه.

(٢) ينظر رأي الفراء في شرح الرضي ١ / ٢٤٤ ، وشرح التسهيل السفر الأول ٢ / ٩٦٣ ، والهمع ٣ / ٢٨٢.

(٣) ينظر المقتضب ٤ / ٤٢٦ ـ ٤٩١ ، والأصول ١ / ٢٨٩ ، وشرح التسهيل السفر الأول ٢ / ٩٦٥ ، وشرح الرضي ١ / ٢٤٤.

(٤) والعبارة كما وردت في المصادر قال ابن مالك في شرح التسهيل السفر الأول ٢ / ٩٦٢ : (وكون حاشا حرفا جارا هو المشهور ، ولذلك لم يتعرض سيبويه لفعليتها والنصب بها ، إلا أن ذلك ثابت بالنقل الصحيح عن من يوثق بعربيته ، فمن ذلك قول بعضهم : اللهم اغفري ولمن سمع حاشا الشيطان وأبا الإصبغ رواه أبو عمر والشيباني وغيره). وينظر الأصول ١ / ٢٨٨ وفي شرح الرضي رواه المازني ١ / ٢٤٤ ، والهمع ٣ / ٢٨٣.

(٥) البيت من البسيط ، وهو للفرزدق في ديوانه ١ / ٢١٥ ، وشرح التسهيل السفر الأول ٢ / ٩٦٢ ، ـ وشرح ابن عقيل ١ / ٦٢٢ ، وشرح الأشموني ١ / ٢٣٩ ، وهمع الهوامع ٣ / ٢٨٣. ويروى فيه فضلهم والشاهد فيه قوله : (حاشا قريشا) حيث جاء حاشا فعلا ونصب به ما بعده.

٤٨٢

وبتصرفها قال :

[٢٥٩] ...

وما أحاشى من الأقوام من أحد (١)

وبالحذف منها وبدخول حرف الجر عليها ، وهو لا يدخل على حرف نحو : (حاشا لله) (٢) وأجاب المانعون بشذوذه (٣) ما ورد.

قوله : (وإعراب ((غير)) كإعراب المستثنى بـ ((إلا)) على التفصيل) يعني أن إعراب ((غير)) كإعراب ما بعد ((إلا)) فيما يجب نصبه ، ويجوز الوجهان ويعرب على حسب العوامل نقول : (قام القوم غير زيد) و (ما جاءني أحد غير زيد) و (ما قام غير زيد) ، وهذا إذا استعملت للاستثناء ، وأما إذا كانت صفة فحكمها حكم الصفات ، وإنما أعربت إعراب ما بعد ((إلا)) لأنها اسم لا بد لها من الإعراب ، وقد وجب لما بعدها الخفض بالإضافة فيجعل إعرابها الإعراب المستحقّ لما

__________________

(١) البيت من البسيط ، وهو للنابغة في ديوانه ٢٠ ، وينظر الأصول ١ / ٢٨٩ ، والإنصاف ١ / ٢٧٨ ، وشرح المفصل ٨ / ٤٨ ، وشرح التسهيل السفر الأول ٢ / ٩٦٥ ، وشرح الرضي ١ / ٢٤٤ ، والجنى الداني ٥٥٩ ـ ٥٦٣ ، ولسان العرب مادة (حشا) ٢ / ٢٨٢ ، والمعني ١٦٤ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٣٦٨ ، وهمع الهوامع ٣ / ٢٢٨ ، ويروى فيه ولا أحاشي بدل وما أحاشي ، وصدره :

ولا أرى فاعلا في الناس يشبهه

والشاهد فيه قوله : (ولا أحاشي) حيث جاءت حاشا في غير الاستثناء وأنها فعل متصرف متعد كما في الشاهد.

(٢) يوسف ١٢ / ٣١ وتمامها : (فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً وَقالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ.)

(٣) وأجاب المانعون بشذوذه أي بدخول حاشا على حرف الجر في لفظ الجلالة وليس الشذوذ في الآية.

٤٨٣

بعدها ، فإن قيل العامل في المستثنى ما قبل ((إلا)) بواسطتها فيلزم في (غير) أن تعمل في نفسها بواسطة نفسها ، أجيب بأن فيها إبهاما فأشبهت الظروف وروائح الأفعال تعمل فيه.

قوله : (وغير صفة حملت على إلا في الاستثناء) (١) أصل غير المغايرة ، التي هي خلاف المماثلة ، وتكون في الذات حقيقة ، نحو : (مررت برجل غير زيد) ، وفي الصفة مجازا نحو : (دخل بوجه غير الذي خرج به) وإنما حملت على (إلا) لأن ما بعد كل واحد منهما مخالف لما قبله.

قوله : (وك [ما](٢) وحملت (إلا) عليها في الصفة) الأصل في (إلا) الاستثناء لأن الحروف أصل في المعاني من الأسماء ، ووصفيتها فرع لأجل الشبه والأصل في (غير) الصفة ، لأنها اسم يفيد معنى ، والحرف لا يوصف به لعدم الفائدة ، والاستثناء بـ (غير) أكثر من الوصف بـ (إلا) لأن الأسماء أوسع مجالا ، ولهذا لم يشترط في الاستثناء بـ (غير) شرط ، وشرط في الوصف بـ (إلا) (٣) شروط.

الأول قوله : (إذا كانت تابعة) يحترز من أن لا يكون المتبوع مذكورا فلا يجوز (قام إلا زيد) بحذف الموصوف وإقامة (إلا) مقامه ، كما جاز في (غير) نحو : (قام غير زيد) لضعفها.

__________________

(١) ينظر شرح الرضي ١ / ٢٤٥ قال الرضي : (أعلم أن أصل ((غير)) الصفة المفيدة لمغايرة مجرورها لموصوفها إما بالذات نحو : مررت برجل غير زيد ، وإما بالصفات نحو قولك : دخلت بوجه غير الوجه الذي خرجت به ، والأصل هو الأول ، والثاني مجاز فإن الوجه الذي تبين فيه أثر الغضب غير الوجه الذي لا يكون فيه ذلك بالذات.

(٢) ما بين الحاصرتين زيادة من الكافية المحققة.

(٣) ينظر شرح الرضي ١ / ٢٤٦.

٤٨٤

الثاني قوله : (لجمع) يحترز من أن تتبع مفردا نحو : (ما جاءني من رجل إلا زيد) و (جاءني زيد إلا عمرو) لأنها تفيد المغايرة.

الثالث قوله : (منكور) يحترز أن يكون معرفا نحو (جاءني القوم إلا زيدا) لأنها نكرة لا تتعرف (١).

الرابع قوله : (غير محصور) يحترز من أن يكون محصورا نحو (عندي عشرة إلا درهم) لأنها للمغايرة ، والمغايرة غير محصورة على شيء معين فلا يوصف المحصور بغير المحصور ، ويعني : (بتعذر الاستثناء) المتصل لا المنقطع ، فإذا اجتمعت هذه الشروط كانت صفة ، نحو (عندي رجالا إلا زيد) قال تعالى (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا)(٢) فهي تابعة لجمع وهو آلهة ، ورجال منكور غير محصور وإنما تعذر الاستثناء في هذه لأن المستثنى منه نكرة ، والمستثنى معرفة ، وهو لا يصح أن يكون متصلا لأن من شروط المتصل أن يدخل المستثنى لو سكت عنه ، وهذا غير داخل ، ولو قدرنا صحته من النكرة أدى إلى تعدد آلهة ، والله مستثنى منهم ، قال سيبويه : لا يصح هنا إلا الوصف ، ولا يصح البدل لأنه لا يجوز إلا في الموجب حيث يصح الاستثناء (٣) ، وأيضا المعنى في الآية يتغير ، لأن المبدل منه في نية الطرح ، فيصير لو كان فيهما الله لفسدتا ، أو الله فيهما ففسدتا ، وأجاز المبرد (٤) رفع الله على البدل لأنه يجيزه بعد (لو) و (لولا) كأداة

__________________

(١) قال الرضي في ١ / ٢٤٦ : وشرط كون الجمع منكرا لأنه إذا كان معرفا نحو : جاءني الرجال أو القوم إلا زيدا ، احتمل أن يراد به استغراق الجنس فيصح الاستثناء ، واحتمل أن يشار به إلى جماعة تعرف المخاطب أن فيهم زيدا ، فلا يتعذر أيضا من الاستثناء فاختير كونه منكرا غير محصور. لئلا يتحقق دخول ما بعد إلا فيضطر السامع على حمل إلا على غير الاستثناء.

(٢) الأنبياء ٢١ / ٢٢ ، وينظر تخريج الآية في شرح الرضي ١ / ٢٤٧ ، وشرح المفصل ٢ / ٨٩ ، وتفسير القرآن للقرطبي ٥ / ٤٣١٩ ، وفتح القدير للشوكاني ٣ / ٤٠٢ والكتاب ٢ / ٣٣١ ـ ٣٣١ ، والمقتضب ٤ / ٤٠٨ ، ومعاني الفراء ٢ / ٢٠٠.

(٣) ينظر الكتاب ٢ / ٣٣١ ـ ٣٣٢ ، وشرح الرضي ١ / ٢٤٧.

(٤) ينظر المقتضب ٣ / ٣٦ ، وشرح الرضي ١ / ٢٤٧.

٤٨٥

النفي ، ولا يقال : يلزم الفساد [و ٦٢] لأنه يصير فيهما الله ففسدتا ، لأن المبرد لا يريد إلا أنها في حكم النفي في صحة البدل لا أنها نفي محض ، فهي نظيرة (هل قام أحد إلا زيد) إنه في معنى النفي ولا يصح في معنى (ما قام زيد) ولا يرد عليه امتناع دخول (الله) في (آلهة) لأن مذهبه الاكتفاء في جواز الاستثناء بصحة الدخول (١). قال الوالد جمال الإسلام : ويمكن أن يعترض القول بالصفة ، بأنه يلزم لو كان فيهما آلهة غير مخالفة لم يقع الفساد ، وهذا غير صحيح لأن الفساد لازم من وجود الثاني سواء كان هو الله أم غيره ، ويمكن الجواب بأن مفهوم الصفة ضعيف مختلف فيه والبدل معناه معنى الاستثناء ، والاستثناء صريح لا مفهوم على الصحيح ، وإن سلم أنه مفهوم ، فهو متفق في الأخذ به والله أعلم.

قوله : (وضعف في غيره) يعني ضعف جعل (إلا) صفة فيما لم يجتمع فيه الشروط كقوله :

[٢٦٠] وكل أخ مفارقه أخوه

لعمر أبيك إلا الفرقدان (٢)

فإنه جعل (إلا) صفة لـ (كل) وهو محصور غير متعذر فيه الاستثناء ، وأيضا وصف المضاف ، والصفة تكون لما تضاف إليه قال تعالى : (وَجَعَلْنا

__________________

(١) ينظر المقتضب ٣ / ٣٦ ، وشرح الرضي ١ / ٢٤٧.

(٢) هذا البيت من البحر الوافر ، وهو لعمرو بن معد يكرب في ديوانه ١٧٨ ، ولحضرمي بن عامر ، وقيل لعمرو أو لحضرمي ، ينظر الكتاب ٢ / ٣٣٤ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٤٦ ، والجماسة للبحتري ١٥١ ، والإنصاف ١ / ٦٨ ، وشرح المفصل ٢ / ٨٩ ، وشرح التسهيل السفر الأول ٢ / ٨٩٢ ، وشرح الرضي ١ / ٢٤٧ ، وتذكرة النحاة ٩٥ ، والجنى الداني ٥١٩ ، ومغني اللبيب ١٠١ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٢١٦.

والشاهد فيه قوله : (إلا الفرقدان) على تقدير غير ، فإلا الفرقدان صفة ولا يمكن فيه البدل.

ومن هنا لا يجوز جعل إلا صفة لأخ المضاف إليه إذ لو كاننت صفة لأخ لكان ما بعد إلا مجرورا فكان يقول : إلا الفرقدين).

٤٨٦

مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ)(١) وأيضا فصل بين الصفة والموصوف بالخبر وجملة القسم ، وقال الكوفيون (إلا) بمعنى الواو (٢) أي (والفرقدان) وأما سيبويه فإنه يجيز وقوع (إلا) صفة مع صحة الاستثناء كالبيت ، وعليه أكثر المتأخرين (٣) والمبرد يجيز الاستثناء مع اجتماع الشروط ، والمفهوم من الشيخ وجماعة (٤) أنها إن اجتمعت وجب أن تكون (إلا) صفة وإن لم تجتمع لا يجوز أن تكون صفة.

قوله : (وإعراب سوى وسوى وسواء النصب على الظرفية) يعني الاستثنائية ، لأنها لم تسمع إلا منصوبة ، وما ورد فشاذ ضرورة ، ولأنها في الأصل صفة ظرف مكان ، قال تعالى : (مَكاناً سُوىً)(٥) أي مستويا ، ثم حذف الموصوف وأقيم الوصف مقامه ، واستعمل استعمال لفظ (مكان) لما قام مقامه.

قوله : (على الأصح) إشارة إلى كلام الكوفيين ، فإنهم أجازوا خروجها عن الظرفية والتصرف فيها رفعا ونصبا وجرا ، وذلك كـ (غير) وذلك

__________________

(١) الأنبياء ٢١ / ٣٠ وجعل هنا بمعنى خلق. قال قتادة : أو حفظ حياة كل شيء بالماء ، ينظر تفسير القرطبي ٥ / ٤٣٢٢.

(٢) ينظر الإنصاف في مسائل الخلاف ١ / ٢٦٦ وما بعدها ، وشرح الرضي ١ / ٢٤٧ ، وشرح المفصل ٢ / ٨٩ ، وشرح التسهيل القسم الأول ٢ / ٩٠٧ وما بعدها ، وينظر الكتاب ٢ / ٣٣٤ وما بعدها.

(٣) هذه العبارة من قوله : (وأما سيبويه ... إلى قوله ... المتأخرين) وكذلك رأي المبرد نقله الشارح عن الرضي ١ / ٢٤٧.

(٤) ينظر شرح المصنف ٤٧.

(٥) طه ٢٠ / ٥٨ قرأ ابن عامر وعاصم وحمزة (سوى) بضم السين ، والباقون بكسرها ، واختار أبو عبيدة وأبو حاتم كسر السين لأنها اللغة العالية الفصيحة ، وقال النحاس الكسر أعرف وأشهر) ينظر تفسير القرطبي ٥ / ٤٢٥٢ ، وفتح القدير ٣ / ٣٧١ ، والكشف عن وجوه القراءات السبع ٢ / ٩٨ ومعنى سوى : أي مكانا نصفا على الفريقين ، وأبو بكر وحمزة الكسائي يقفون عليه بالإمالة) الكشف ٢ / ٩٨ ، والبحر المحيط ٦ / ٢٣٦.

٤٨٧

لخروجها عن معنى الظرفية إلى معنى الاستثناء (١) وحجتهم قوله :

[٢٦١] ولم يبق سوى الع

دوان دناهم كما دانوا (٢)

وقوله :

[٢٦٢] ...

وما قصدت من أهلها لسوائكا (٣)

قوله تعالى : (فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ) (٤) (وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ)(٥) و (مَكاناً سُوىً)(٦) فهو أسماء لا ظروف ونحو (سَواءَ السَّبِيلِ) (٧) (سَواءِ الْجَحِيمِ)(٨) وسط.

__________________

(١) هذه العبارة من قوله الكوفيين إلى الاستثناء مع الشاهد منقول من شرح الرضي من غير عزو ... ينظر ١ / ٢٤٨.

(٢) هذا البيت من الهزج ، وهو للفند الزماني واسمه شهل أو سهل في أمالي القالي ١ / ٢٦٠ ، وحماسة البحتري ٥٦ ، وشرح التسهيل السفر الأول ٢ / ٩٧٤ ، وشرح الرضي ١ / ٢٤٨ ، وشرح ابن عقيل ١ / ٦١٣ ، وأوضح المسالك ٢ / ٢٨١ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٩٤٥ ، وخزانة الأدب ٣ / ٤٣١.

والشاهد فيه قوله : (سوى العدوان) حيث رفعت سوى فاعلا وخرجت عن الظرفية كما أشار الشارح إلى ذلك.

(٣) عجز بيت من البحر الطويل وشطره الأول :

تجانف عن جو اليمامة ناقتى

ويروى عن جوّ كما في الرضي ١ / ٢٤٨. والبيت للأعشى كما في ديوانه ١٣٩ ، وينظر الكتاب ١ / ٣٢ و ٤٠٨ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ١٣٧ ، والمقتضب ٤ / ٣٤٩ ، والإنصاف ١ / ٢٩٥ ، وشرح المفصل ٢ / ٨٤ ، وشرح الرضي ١ / ٢٤٨ ، واللسان مادة (جنف) ١ / ٧٠١.

والشاهد فيه قوله : (لسوائكا) حيث أتى بسواء متأثرة بالعامل الذي هو اللام الجارة فدل على أنها خرجت من النصب على الظرفية إلى الوقوع مواقع الإعراب المختلفة بحسب موقعها في الجملة.

(٤) الأنفال ٨ / ٥٨ وتمامها : (وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ.)

(٥) البقرة ٢ / ٦ وتمامها : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ.)

(٦) طه ٢٠ / ٥٨.

(٧) المائدة ٥ / ١٢ و ٦٠ ، ٧٧.

(٨) الصافات ٣٧ / ٥٥.

٤٨٨

خبر كان وأخواتها

قوله : (خبر كان وأخواتها) هذا رابع المشبهة بالمفعول الصريح ، ووجهه أنها لما انتصبت خبرا وهي لازمة ، شبهت بالفعل المتعدي في اقتضائه مفعولا.

قوله : (هو المسند) جنس للحد.

قوله : (بعد دخولها) خرج سائر المستندات.

قوله مثل : (كان زيد قائما) يعني أنها ترفع الاسم وتنصب الخبر ، خلافا للكوفيين (١) فإنهم ينصبون الخبر على الحال ، وضعف بأنه قد يأتي معرفة ، والحال نكرة ، نحو (كان زيد القائم) ومضمر نحو :

[٢٦٣] فإن لا يكنها أو تكنه فإنه

أخوها غذته أمّه بلبانها (٢)

وإن الكلام لا يتم إلا به ، والحال شرطها أن تأتي بعد تمام الكلام.

__________________

(١) ينظر رأي الكوفيين في الإنصاف ٢ / ٨٢١ مسألة رقم ١١٩.

(٢) البيت من الطويل وهو لأبي الأسود الدؤلي كما في ديوانه ١٦٢ ، ٣٠٦ ، وينظر الكتاب ١ / ٤٦ ، والمقتضب ٣ / ٩٨ ، والإنصاف ٢ / ٨٢٣ ، وشرح المفصل ٣ / ١٠٧ ، واللسان مادة (لبس) ٥ / ٣٩٩٠ ، وخزانة الأدب ٥ / ٣٢٧ ـ ٣٣١.

والشاهد فيه قوله (لا يكنها أو تكنه) حيث اتصل الضمير المنصوب بكان على خلاف القياس إذ التقدير أن يقول : فإن لا يكن إياها أو لا تكن إياه.

٤٨٩

قوله : (وأمره كأمر خبر المبتدأ) ، يعني أمر خبر (كان) فيما يجوز له من كونه معرفة ونكره ومفردا وجملة ، ومشتملا على الضمير ومتقدما على المسند إليه ، ومتأخرا عنه ، وفيما يجب تقدمه إذا كان ظرفا ، والمبتدأ نكرة وغير ذلك ، وقد يخالف المبتدأ في أنه يجب حذف مبتدئه ، ولا يكون إنشاء وأن خبره لا يحسن [ظ ٦٢] ماضيا ، وابن مالك أجاز أن يكون ماضيا (١) في (كان) نحو قوله تعالى : (وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللهَ)(٢)(وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ)(٣) ومنع منه في (صار) و (ليس) و (ما دام) و (مازال) وأخواتها مما يفيد الاستمرار (٤).

قوله : (ويتقدم [على اسمها](٥) معرفة) يعني بخلاف خبر (٦) المبتدأ ، وإنما جاز لأن اللبس منتف لما كان منصوبا ، وأما ما كان مما لا يظهر فيه إعراب لم يتقدم نحو (كانت الحبلى السكرى).

قوله : (و [قد](٧) يحذف عامله) يعني عامل خبر (كان) فقط ، دون أخواتها ، وحذفه على ضربين : جائز وواجب ، فالجائز أكثر ما يكون بعد (لو) و (إن) نحو : (اطلبوا العلم ولو في الصين) (٨) ، (ائتني بدابة ولو حمراء)

__________________

(١) ينظر شرح التسهيل السفر الثاني ٢ / ١٠٢٩ ، وشرح الرضي ١ / ٢٥١.

(٢) الأحزاب ٣٣ / ١٥ ، وتمامها : (... مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ وَكانَ عَهْدُ اللهِ مَسْؤُلاً.)

(٣) يوسف ١٢ / ٢٧ ، وتمامها : (... فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ.)

(٤) هذه العبارة منقولة بتصرف من الرضي ١ / ٢٥٢.

(٥) ما بين الحاصرتين زيادة من الكافية المحققة.

(٦) ما بين الحاصرتين زيادة يقتضيها السياق.

(٧) ما بين الحاصرتين زيادة من الكافية المحققة.

(٨) هذه الأمثلة مثبتة في شرح الرضي ١ / ٢٥٢ وغيره ، هذا الحديث : ((اطلبوا العلم ولو في الصين)) حديث ضعيف ذكره صاحب كشف الخفاء في ٢ / ٥٦. وبعضهم لم يجعله حديثا بل هو قول من الأقوال المأثورة.

٤٩٠

و (ادفع الشر عني ولو اصبعا) (١) وقوله صلّى الله عليه وسلّم [في مثل](٢) «الناس مجزون بأعمالهم إن خيرا فخير وإن شرا فشر» «والمرء مقتول بما قتل ، إن سيفا فسيف وإن خنجرا فخنجر» (٣) قال :

[٢٦٤] ...

إن ظالما أبدا وإن مظلوما (٤)

ونحو :

[٢٦٥] قد قيل ذلك إن حقا وإن كذبا

فما اعتذارك من شىء إذا قيلا (٥)

__________________

(١) ومعنى المثل : أي ادفع الشر عني ولو كان الدفع إصبعا وهنا حذفت كان مع اسمها. ينظر الكتاب ١ / ٢٧٠ ، وشرح المفصل ٢ / ٩٨.

(٢) ما بين الحاصرتين زيادة من الكافية المحققة.

(٣) الحديث رواه ابن جرير في تفسيره عن ابن عباس موقوفا وينظر في كشف الخفا ١ / ٣٩٨ ، وأورده سيبويه في الكتاب ١ / ٢٥٨ ، ولم يذكر أنه حديث وإنما قال : وذلك قولك : (الناس مجزيون ...). وذكر الأوجه المشهورة فيه.

(٤) هذا عجز بيت من الكامل وهو لليلى الأخيلية في ديوانها ١٠٩ ، وصدره :

لا تقربنّ الدهر آل مطرف

ينظر الكتاب ١ / ٢٦١ ، ولحميد بن ثور في ديوانه ١٣٠ ، وشرح قطر الندى ١٤١ ، والمقاصد ٢ / ٤٧ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٠٢.

والشاهد فيه قوله : (ظالما أو مظلوما) حيث حذفت كان مع اسمها لدلالة إنّ عليها كما ذكر الشارح.

(٥) البيت من البسيط ، وهو للنعمان بن منذر كما في الكتاب ١ / ٢٦٠ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٣٥٢ ، وأمالي ابن الشجري ١ / ٣٤١ ، وشرح المفصل ٢ / ٩٧ ، وشرح الرضي ١ / ٢٥٢ ، وشرح ابن عقيل ١ / ٢٩٤ ، ومغني اللبيب ٨٦ ، وشرح شواهد المغني ١ / ١٨٨ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٠٢ ، وخزانة الأدب ٤ / ١٠.

الشاهد فيه قوله : (إن حقا ، وإن كذبا) حيث حذف كان مع اسمها وأبقى خبرها بعد إن الشرطية. والتقدير : (إن كان القول حقا ، وإن كان القول كذبا).

٤٩١

ونحو :

[٢٦٦] فإن وصل ألذّ به فوصل (١)

 ...

وقد جاء بعد (لدن) نحو قوله :

[٢٦٧] من لدشولا فإلى إتلائها (٢)

 ...

أي من لد كن شولا.

قوله : (ويجوز في مثلها أربعة أوجه) يعني ما كان مثل هذه الأمثلة المكررة ، مما يصح فيه تقدير الخبر وهو بـ (فيه) أو (معه) أو غير ذلك ، واحترز عما لا يصح فيه تقدير الخبر نحو لا تقدير زيدا (إن ظالما فظالم وإن مظلوما فمظلوم) لأنه لا يصح فيه تقدير (فيه) ولا (معه) مما يصح أن يجعل خبرا وما كان مثل مثاله جاز فيه أربعة أوجه ، نصبهما ، ورفعهما ، ونصب أحدهما ، ورفع الآخر والعكس ، وأقواها نصب الأول ورفع الثاني ، وعكسه أضعفها ، ورفعهما ونصبهما متوسط بين ذلك ، وإن لم يصح تقدير (فيه) ولا (معه) ولا غيرهما مما يصح أن يكون خبرا ، لم يجز فيه الوجوه ، ولا تقدير (كان) وإنما كان نصب الأول أقواها لقلة الحذف ،

__________________

(١) لم أقف له على قائل أو مصدر.

(٢) هذا من مشطور الرجز ، وهو بلا نسبة كما في الكتاب ١ / ٢٦٤ ، وشرح المفصل ٤ / ١٠١ ، وشرح الرضي ١ / ٢٥٥ ، والمغني ٥٥١ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٥١ ، واللسان مادة (شول) ٤ / ٢٣٦٣ ، والخزانة ٢ / ٨٤.

اللغة وهو مصدر من شالت الناقة ذنبها أي رفعته ، والشائلة الناقة التي خف لبنها وارتفع ضرعها ، وإتلائها مصدر أتلت الناقة إذا تبعها ولدها (ينظر اللسان مادة (شول).

والشاهد فيه قوله : (من لد شولا) حيث حذف كان واسمها وأبقى خبرها شولا كما ذكر الشارح. وإن كان ذلك شاذا هذا من الشواهد التي لا يعرف لها قائل ولا تعرف تتمته) هذا ما قاله محقق الكتاب (١ / ٢٦٤).

٤٩٢

ولوجود الدلالة على المحذوف ، لأن تقديره إن كان عمله خيرا فجزاؤه خير. حذف (كان) مع اسمها جائز كثير ، والخبر مع فاء الجزاء كثير أيضا ، وأما العكس ، فتقديره (إن كان في عمله خير كان جزاؤه خيرا) فحذف من الأول (كان) والخبر وهو قليل. ومن الثاني كان واسمها ، وأما نصبهما فتقديره إن كان عمله خيرا كان جزاؤه خير فضعفه كثرة الحذف في الجملتين ، وقوته أن حذف (كان) واسمها كثير ، وأما رفعهما فتقديره إن كان في عمله خير فجزاؤه خير فحذف في الأول (كان واسمها) كثيرا ، لأن إن شرطية تدل على الفعل ، والفعل يدل على فاعله ، وأما فاء الجزاء فلأنها جواب الشرط ، وجواب الشرط لا يكون إلا جملة ، فالفاء دخلت على المبتدأ مثل قولك : (أما زيد فقائم) أي فهو قائم.

قوله : (ويجب الحذف في مثل أما أنت منطلقا انطلقت) أي لأن كنت أي يجب حذف (كان) بعد أن المصدرية معوضا منها (١) (ما) نحو قوله (أما أنت منطلقا) قال :

[٢٦٨] أبا خراشة ، أما أنت ذا نفر

فإن قومي لم تأكلّهم الضّبع (٢)

__________________

(١) هذه العبارة من شرح الرضي وهي من قوله : أي إلى منها دون أن يعزوها له ، ينظر ١ / ٢٥٣.

(٢) البيت من البسيط وهو لعباس بن مرداس في ديوانه ١٢٨ ولجرير في ديوانه ١ / ٣٤٩ ، وينظر الكتاب ١ / ٢٩٣ ، والخصائص ١ / ٣٨١ ، والإنصاف ١ / ٧١ ، وأمالي ابن الحاجب ١ / ٤١١ ـ ٤٤٢ ، وشرح المفصل ٢ / ٩٩ ، ٨ / ١٣٢ ، وشرح التسهيل السفر الأول ٢ / ٣٩٩ ، وشرح المصنف ٤٨ ، وشرح الرضي ١ / ٢٥٣ ، ورصف المباني ١٨٣ ، ٢٧٧ ، والجنى الداني ٥٢٨ ، وشرح ابن عقيل ١ / ٢٩٧ ، ومغني اللبيب ٥٤ ، وشرح شواهد المغني ١ / ١١٦ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٠٦ ، وخزانة الأدب ٤ / ١٣ ـ ١٤ ـ ١٧ ... ـ والشاهد فيه قوله : (أما أنت ذا نفر) حيث حذف كان التي ترفع الاسم وتنصب الخبر وعوض عنها ما الزائدة وأدغمها في أن المصدرية وأبقى اسم كان وهو الضمير المنفصل والخبر ذا نفر. وأصل الكلام عند البصريين فخرت علي لأن كنت ذا نفر ، وهذا ما ذهب إليه الشارح وأثبته في المثال الذي سبق الشاهد. و (ينظر الإنصاف ١ / ٧١ وما بعدها).

٤٩٣

واختلف في تأويله فقال البصريون (١) أصله لئن كنت منطلقا ، حذف حرف الجر قياسا كما في (أن) و (أنّ) في المفعول له. نحو (أزورك أن تحسن إليّ) أي لأن تحسن إلي ، وحذفت كان اختصارا فانفصل الضمير فبقي : إن أنت منطلقا ، فعوض عن كان (ما) المصدرية للتأكيد دلالة على المحذوف ، ثم أدغمت النون في الميم فصار أما أنت منطلقا (٢) ، وإنما وجب حذف الفعل مع (ما) لئلا يجمع بين العوض والمعوض منه ، وأجاز المبرد (٣) ظهور (كان) على أن (ما) زائدة لا عوض ، فيقول (أما كنت منطلقا) وقال الكوفيون : (٤) [و ٦٣] إن (أن) المفتوحة ليست مصدرية وإنما هي شرطية بمعنى المكسورة ، ويجوز مجيء الفتحة شرطية كما قرئ (أَنْ تَضِلَ)(٥) واحتجوا بقوله :

__________________

(١) ينظر رأي البصريين في شرح الرضي ١ / ٢٥٤ ، وينظر شرح المفصل ٢ / ٩٩.

(٢) ينظر شرح المفصل ٢ / ٩٨ ـ ٩٩ ، وشرح الرضي ١ / ٢٥٣ ـ ٢٥٤ ن وشرح التسهيل المجلد الأول ٢ / ٤٩٩ وما بعدها.

(٣) ينظر المقتضب ٣ / ٩٨ ، وشرح الرضي ١ / ٢٥٣ ، وقد نقله الشارح كما هو من الرضي دون إسناده ، وينظر شرح المفصل ٢ / ٩٩.

(٤) ينظر شرح الرضي ١ / ٢٥٣.

(٥) البقرة ٢ / ٢٨٢ وهي جزء من أطول أية في القرآن وهي أية الدين وقرأ حمزة إن بكسر الهمزة على معنى الجزاء والفاء في قوله : فتذكر جوابه ، وقرأ الجحدري وعيسى بن عمر (أن تضل) بضم التاء وفتح الضاد. ينظر تفسير القرطبي ٢ / ١٢٠٥ ، والكشف ١ / ٣٢٠.

٤٩٤

[٢٦٩] إما أقمت وأما أنت مرتحلا (١)

فالله يكلأ ما تأتى وما تذر (٢)

وحجتهم فيه أنه روي بفتح (أما أنت) وبكسرها وهي معطوفة على (إما أقمت) وهي شرطية اتفاقا ، ودخول الفاء في جواب الشرط وهو (فالله) وكذلك في البيت الأول وهو (فإن قومي) فعلى كلام البصريين يكون الجواب مرفوعا في نحو قولك (أما أنت منطلقا أنطلق معك) (٣) والكوفيون يجيزون جزمه بناء على أن المفتوحة شرطية ورفعه لكون الشرط محذوفا حذفا لازما و (ما) زائدة عندهم ، وقيل : إنها عوض عن الفعل المحذوف.

__________________

(١) في الأصل مرتحل.

(٢) البيت من البسيط وهو بلا نسبة في شرح المفصل ٢ / ٩٨ ، وأمالي ابن الحاجب ١ / ٤١٠ ـ ٤١١ ، وشرح التسهيل السفر الأول ٢ / ٥٠٠ ، وشرح الرضي ١ / ٢٥٤ ، ومغني اللبيب ٥٤ ، وشرح شواهد المغني ١ / ١١٨ ، واللسان مادة (أما) ١ / ١٢٢.

ويروى في أكثر الكتب التي اطلعت عليها (مرتحلا بالنصب) بينما يرويه الشارح بالرفع.

الشاهد فيه قوله : (أما أنت) إنّ (أن) أداة شرط بدليل مجيء الفاء في جوابها وهو فالله مع عطف (وأما أنت مرتحلا) على إما أقمت والأصل إن ما أنت ، وهي كما قال الشارح معطوف على ـ إما أقمت ـ وهذه شرطية باتفاق.

(٣) ينظر رأي البصريين والكوفيين في شرح المفصل ٢ / ٩٩ ، وشرح الرضي ١ / ٢٥٤ ، وشرح التسهيل السفر الأول ٢ / ٥٠٠ ، وشرح ابن عقيل ١ / ٢٩٨.

٤٩٥

اسم إنّ وأخواتها

قوله : (اسم إن وأخواتها هو المسند إليه بعد دخولها) خرج سائر المسندات (مثل إن زيدا قائم) هذا خامس المشبهة ، ووجه الشبه أنها لما اقتضت خبرا أشبهت الفعل المتعدي في اقتضائه مفعولا وشبه مفعولها بالمفعول الفرعي لضعف عملها ، وهي تنصب الاسم وترفع الخبر على كلام البصريين وقال الكوفيون : (١) الخبر مرتفع بما كان مرتفعا به من قبل وهو أصل المبتدأ والخبر.

__________________

(١) ينظر شرح ابن عقيل ١ / ٣٤٨.

٤٩٦

المنصوب بـ (لا) التي لنفي الجنس

قوله (المنصوب بلا) هو سادس المشبهة ، وإنما قال : (المنصوب بلا) ولم يقل اسم (لا) كما قال : اسم إن وأخواتها لأن كلامه في المنصوبات ، وجميع اسم لا لا بعضه مبني (١).

قوله : (التي لنفي الجنس) يحترز من التي بمعنى (ليس) والفرق بينهما ، أن التي بمعنى (ليس) لنفي واحد من الجنس ، إذا قلت : (لا رجل في الدار) نفيت واحدا من جنس الرجال ، وجاز أن يكون واحد آخر واثنان وثلاثة أو أكثر ، والتي لنفي الجنس تنفي الماهية مطلقا ، فإذا قلت (لا رجل في الدار) كان معناه ليس في الدار هذا الجنس ، لا واحدا ولا اثنين ولا ثلاثة ولا أكثر.

وإنما عملت (لا) التي لنفي الجنس لشبهها بـ (إنّ) من حيث إنهما من عوامل المبتدأ والخبر ، ولهما الصدر ، وإنهما للتأكيد ، فـ (إنّ) لتأكيد الإثبات و (لا) لتأكيد النفي ، لكن حمل النقيض على النقيض كما يحمل

__________________

(١) هذه العبارة مأخوذة من الرضي بتصرف فخلّ حيث قال الرضي : (وجميع ما هو اسم (لا) المذكورة ليس منصوبا ، بل بعضه مبني نحو (لا رجل) ، فلما قصد المنصوب احتاج إلى التمييز بالتقييدات المذكورة ، لأن اسم (لا) يكون منصوبا إلا باجتماعها وهي ثلاثة كونه نكرة وكونه مضافا أو مشبها به ، فلو اختل واحد منها لم ينتصب) انته قوله ١ / ٢٥٥.

٤٩٧

النظير على النظير.

قوله : (هو المسند إليه) جنس. قوله : (بعد دخولها) خرج سائر المسندات. واعلم أن الذي تدخل عليه (لا) هذه التي لنفي الجنس ، معرب ومبني ، والمعرب منصوب ، وهي عاملة فيه ، ومرفوع ولا عمل لها فيه ، وبدأ بالمنصوب لأنه الأصل وله شروط ، الأول :

قوله : (يليها) يعني اسمها المنصوب ، يحترز من أن يفصل بينهما ، فإنه يجب الرفع ، لضعف العامل ، نحو : (لا فِيها غَوْلٌ)(١).

الثاني : قوله : (نكرة) يحترز من المعرفة ، فإنه يجب الرفع والتكرير نحو (لا زيد في الدار ولا عمرو) لأنها لم توضع إلا لنفي النكرات.

الثالث : قوله : (مضافا أو مشبها به) يحترز من أن يكون غير مضاف ولا مشبه به ، فإنه مبني نحو (لا رجل) والمراد بالمشبه بالمضاف الطويل ، وهو كل اسمين أحدهما مرتبط بالآخر عامل في الآخر كما أن المضاف عامل في المضاف إليه. مثال ما جمع الشروط قوله : (لا غلام رجل) فإنه يليها نكرة مضاف ، والمشبه به قوله : (ولا عشرين درهما) ، قوله : (فإن كان مفردا فهو مبني على ما ينصب به) هذا القسم الثاني قسم المبني ويعني بالمفرد غير المضاف والمشبهة به وقال علي على ما ينصب به ولم يقل على النصب ، ليدخل علاماته ، وهي الحركة والحرف نحو (لا رجل) و (لا مسلمين) و (لا مسلمين) وأما جمع المؤنث السالم نحو (لا مسلمات)

__________________

(١) الصافات ٣٧ / ٤٧ وتمامها : (لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ.)

٤٩٨

فالجمهور يبنونه على الكسر (١) والمبرد (٢) والمازني (٣) على الفتح وبعضهم جوّز الوجهين لورودهما في قوله :

[٢٧٠] إنّ الشباب الذي مجد عواقبه

فيه نلذ ولا لذات للشيب (٤)

[ظ ٦٣]

وحكى ابن خروف (٥) دخول التنوين ، لأنه تنوين مقابلة ، وبعضهم منعه ، لأنه مبني وتنوينه وإن لم يكن تنوين صرف محمول على تنوين الصرف ، كما لا ينون المنادى نحو : (يا مسلمات) مع قولهم (يا مسلمون) وهو الظاهر من أكثر النحاة ، وإنما بني المفرد مع (لا) قال المصنف لتضمنه (من) (٦) لأن أصله (لا من رجل) وضعّف بأن البناء لتضمن (من) لم يعهد ، وقيل : لتركبه مع (لا) فأشبه (خمسة عشر) ، وروي عن سيبويه (٧) وجماعة ، وقال

__________________

(١) ينظر شرح الرضي حيث نقل رأي المبرد في ١ / ٢٥٥. وقال : الأولى ما ذهب إليه المبرد وأصحابه) وهو البناء على الفتح كما ذكر الشارح ، وشرح الرضي ١ / ٢٥٦ ، وشرح ابن عقيل ١ / ٣١٢ وما بعدها ، وشرح المفصل ٢ / ١٠٠ وما بعدها.

(٢) ينظر المقتضب ٤ / ٣٦٤ ـ ٣٦٥ ، وشرح الرضي ١ / ٢٥٦.

(٣) ينظر رأي المازني في شرح الرضي ١ / ٢٥٦.

(٤) البيت من البسيط ، وهو لسلامة بن جندل في ديوانه ٩١ ، وينظر الشعر والشعراء ٢٧٨ ، وشرح التسهيل السفر الأول ٢ / ٦٢٠ ، وشرح الرضي ١ / ٢٥٦ ، وشرح شذور الذهب ١١٨ ، وشرح ابن عقيل ١ / ٣٩٧ ، وهمع الهوامع ٢ / ٢٠١ ، وخزانة الأدب ٤ / ٢٧.

ويرويه الرضي في شرحه أودى الشباب بدل إن الشباب.

والشاهد فيه قوله : (ولا لذات للشيب) حيث جاء اسم لا وهو لذات جمع مؤنث سالما حيث بني بالكسرة نيابة عن الفتحة كما كان ينصب بها لو أنه معرب.

(٥) ينظر الهمع ٢ / ٢٠١.

(٦) ينظر شرح المصنف ٤٨.

(٧) ينظر الكتاب ١ / ٣٥٢ ، وشرح الرضي ١ / ٥٧.

٤٩٩

بعضهم لتضمنه لام الجنس لأنها تفيد الاستغراق.

قوله : (وإن كان معرفة ، أو مفصولا بينه وبين (لا) وجب الرفع والتكرير) يعني الاسم نحو (لا زيد في الدار ولا عمرو) ([لا فِيها غَوْلٌ])(١) وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ هذا مذهب البصريين ، وأما وجوب التكرير (٢) أما في رفعه فجعلوه عوضا عما يفيده لا من الاستغراق ، وأما في المفعول. فقيل : لأنه جواب سؤال مكرر وهو (هل في الدار من رجل وامرأة) فقيل (لا فيها رجل ولا امرأة) مطابقة للسؤال ولا يلزم المناسبة حيث يكون السؤال غير مكرر أن يكون الجواب مطابقا له لأن جوابه المحقق ليس إلا نعم أولا (٣).

قوله : (ومثل : (قضية ولا أبا حسن لها) (٤) متأول) هذا إشارة إلى مذهب الكوفيين لأنهم لا يوجبون الرفع ولا التكرير ، والمبرد (٥) يوجب الرفع ولا يوجب التكرير واحتج بقوله :

[٢٧١] ...

ركائبها أن لا إلينا رجوعها (٦)

__________________

(١) في الأصل (لا غول فيها).

(٢) ينظر شرح المصنف ٤٨ ـ ٤٩ ، وشرح الرضي ١ / ٢٥٧ ـ ٢٥٨ ، وشرح ابن عقيل ١ / ٣٩٩.

(٣) ينظر شرح المصنف ٤٨ ـ ٤٩.

(٤) قضية ولا أبا حسن لها ، قال سيبويه في الكتاب ٢ / ٢٩٧ قضية ولا هذا أبا حسن لها ، تجعله نكرة. قلبت فكيف يكون وإنما أراد عليا رضي الله عنه ، فقال : لأنه لا يجوز لك أن تعمل لا في معرفة ، وإنما تعملها في النكرة ، فإذا جعلت أبا حسن نكرة حسن لك أنت تعمل لا ، وعلم المخاطب أنه دخل في هؤلاء المنكورين عليّ وأنه قد غيب عنها) وينظر شرح الرضي في هذه المسألة ١ / ٢٦٠ ، وشرح المفصل ٢ / ١٠٤.

(٥) ينظر المقتضب ٤ / ٣٥٩ ، وشرح الرضي ١ / ٢٥٨.

(٦) هذا عجز بيت من الطويل ، وصدره :

بكت جزعا واسترجعت ثم آذنت

ـ وهو بلا نسبة في الكتاب ٢ / ٢٩٨ ، وينظر المقتضب ٤ / ٣٦١ ، وأمالي ابن الشجري ٢ / ٢٢٥ ، وشرح المفصل ٢ / ١١٢ ، ٤ / ٦٥ ـ ٦٦ ، وشرح التسهيل السفر الأول ٢ / ٦٣٥ ، وشرح الرضي ١ / ٢٥٨ ، ورصف المباني ٣٣٣ ، وهمع الهوامع ٢ / ٢٠٧ ، ويروى فيه أسفا بدل جزعا ، والخزانة ٢ / ٨٨ ، ٤ / ٣٤ ، ويروى في شرح المفصل قضت وطرا بدل بكت جزعا.

والشاهد فيه قوله : (أن لا إلينا رجوعها) حيث لم تكرر (لا) مع الفصل بينها وبين اسمها المعرفة.

٥٠٠