النّجم الثاقب - ج ١

صلاح بن علي بن محمّد بن أبي القاسم

النّجم الثاقب - ج ١

المؤلف:

صلاح بن علي بن محمّد بن أبي القاسم


المحقق: الدكتور محمّد جمعة حسن نبعة
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٠٥
الجزء ١ الجزء ٢

الخبر ، وأما إذا عطفت بغير حرف موجب ، فالنصب على اللفظ نحو (ما زيد قائما ولا قاعدا) ولا يصح و (لا قاعدا عمرو) لأنه يؤدي إلى عطف ما لا ضمير فيه على ما فيه ضمير ، إن جعلته منصوبا على الخبر (١) ، وإن جعلته معطوفا على الجملة كلها أدى إلى تقديم خبر ما على اسمها وهو لا يجوز في المعطوف عليه فضلا عن المعطوف ، بخلاف (ليس زيد قائما ولا قاعدا عمرو) فإنها تجوز عطفا على الجملة دون الخبر لأنه يجوز تقديم خبرها على اسمها لقوتها. وقد تدخل تاء التأنيث على (لا) كما دخلت على (ثم) و (ربّ) وتختص بلفظ الحين (٢) وهي بمعنى (ليس) عند البصريين (٣) ، واسمها مضمر فيها كما يضمر في (ليس) أو محذوف تقديره : (ليس الحال حين مناص) (٤) ومنهم من يرفع حينا ويقدر الخبر ، أي (ليس حين مناص موجودا) وعند الكوفية ، أنها لنفي الجنس وحين اسمها والخبر محذوف والخير محذوف لأن الحرف لا يضمر فيه (٥) ، وعند أبي عبيد أنها لنقي الجنس ، والتاء من تمام حين وروي :

[٢٩٧] العاطفون تحين ما من عاطف (٦)

 ...

__________________

(١) ينظر شرح المصنف ٥١ والعبارة منقولة عنه بتصرف دون أن يعزوها الشارح إليه ...

(٢) ينظر شرح الرضي ١ / ٢٧٠.

(٣) ينظر مغني اللبيب ٣٣٥ ، وشرح الرضي ١ / ٢٧١.

(٤) ينظر شرح المفصل ٢ / ١١٦.

(٥) ينظر شرح الرضي ١ / ٢٧١.

(٦) وهو صدر بيت من الكامل ، وهو لأبي وجزة العدي ، ينظر سر صناعة الإعراب ١ / ١٦٣ ، والأنصاف ١ / ١٠٨ ، وشرح التسهيل السفر الأول ٢ / ٢٧١ ، ورصف المباني ٢٣٩ ـ ٢٤٨ ، والجني

٥٢١

وقال الأخفش : (١) تقديره (لا أرى حين مناص) و (لا) عامل هنا ، وقيل هي (ليس) قبلت الياء ألفا والسين تاء نحو :

[٢٩٨] ...

 .. النات (٢)

في الناس وقيل هي فعل كـ (مات) ، وقد تدخل على أوان ونحو قال :

[٢٩٩] طلبوا صلحنا ولات أوان (٣)

 ...

__________________

الداني ٤٨٧ ، واللسان عطف ٤ / ٢٩٩٧ وتكرر في مادة (ليت) و (حين) وينظر همع الهوامع ٢ / ١٢١ ، وخزانة الأدب ٤ / ١٧٥ ـ ١٧٦. وعجزه : والبيت الذي بعده :

 ...

والمسبغون يدا إذا ما أنعموا

واللاحقون جفانهم قمم الذرى

والمطعمون زمان أين المطعم

ويروى في الرصف : العاطفونة حين. ورواه ابن مالك :

العاطفون تحين ما من عاطف

والمنعمون يدا إذا ما أنعموا

ورواه الرضي :

العاطفون تحين ما من عاطف

والمطعمون زمانا ما من مطعم

والشاهد فيه قوله : (تحين) حيث زاد التاء على حين وهي كما قال أبو عبيدة ونقله عنه الشارح وخرج على أن هذه التاء في الأصل هاء السكت لاحقة لقوله : العاطفونه اضطر الشاعر إلى تحريكها فأبدلها تاء وفتحها (كما ورد في شرح التسهيل).

(١) ينظر رأي الأخفش في الرضي ١ / ٢٧١.

(٢) وهذا إشارة إلى لغة إبدال السين تاء والنات آخر كلمة من مشطور الرجز لعلباء بن أرقم كما في نوادر أبي زيد ١٠٤ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ١٥٥ ، والخصائص ٢ / ٥٣ ، والإنصاف ١ / ١١٩ ، وسمط اللآلي ٣ / ٧٠٣ ، وشرح المفصل ١٠ / ٣٦ ـ ٤١ ، والرجز كما في سمط اللآلي.

يا قبح الله بني السعلاة

عمرو بن يربوع شرار النات

ليسوا أعفّاء ولا أكيات

يا قاتل بدل يا قبح ، وغير بدل ليسوا. والشاهد فيه قوله : (أليات) يريد الناس وأكياس فأبدل السين تاء.

(٣) البيت من البحر الخفيف ، وهو لأبي زبيد الطائي في ديوانه ٣٠ ، ومعاني القرآن للفراء ٢ / ٣٩٨ ، وينظر الخصائص ٢ / ٣٧٠ ، والإنصاف ١ / ١٠٩ ، وشرح المفصل ٩ / ٣٢ ، وشرح

٥٢٢

وقوله :

[٣٠٠] ...

والمنعمون يدا إذا ما أنعموا (١)

فقيل : هي جائزة هنا كـ (لو لا) ، وقيل : حذف المضاف وأبقى المضاف إليه على حاله ، وأصله و (لات حين أوان) وقيل (أوان) مبني على السكون لحذف المضاف إليه ، ثم عوض عنه التنوين ، وكسرت نونه لالتقاء الساكنين (٢).

__________________

التسهيل السفر الأول ٢ / ٥١٦ ، وشرح الرضي ١ / ٢٧١ ، ورصف المباني ٣٣٤ ، وتذكرة النحاة ٧٣٤ ، ومغني اللبيب ٣٣٦ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٦٤٠ ـ ٩٦٠ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٢٤ ، وخزانة الأدب ٤ / ١٨٣ ـ ١٨٥. وعجزه :

فأجبنا أن ليس حين بقاء

ويروى أوان بالكسر والتنوين.

والشاهد فيه قوله : (ولات أوان) جيث جر أوان بـ (لات) ، قال ابن مالك في شرح التسهيل : أراد ولات أوان صلح فقطع أوانا عن الإضافة ونواها وبنى أوانا على الكسر تشبيها بفعال.

(١) البيت من الكامل وصدره :

والعاطفون تحين ما من عاطف

وقد سبق تخريجه برقم ٢٩٧.

(٢) ينظر شرح الرضي ١ / ٢٧١.

٥٢٣

المجرورات

قوله : (المجرورات : وهو ما اشتمل على علم المضاف إليه) السؤال فيه كالمرفوعات والمنصوبات ، والاشتمال : (التضمن) وعلامات الجر الكسرة ، والفتحة في غير المنصرف ، والياء نحو (مررت بزيد وإبراهيم وأبيك) والإضافة في اللغة هي الإمالة (١) والإسناد يقال : (ضافت الشمس للغروب) أي مالت ، و (أضفت ظهري إلى الحائط أي أسندته) قال :

[٣٠١] فلما دخلناه أضفنا ظهورنا

إلى كل حاريّ جديد مشطّب (٢)

في الاصطلاح (٣) ، فهي نسبة شيء إلى غيره نسبة إفرادية فقولة : نسبة

__________________

(١) والمضاف : الملصق بالقوم ، الممال إليهم وليس منهم ، وكل ما أميل إلى شيء وأسند إليه فقد أضيف والمعاني التي أوردها الشارح لـ (ضيف) مثبته في اللسان مادة (ضيف) ٤ / ٢٦٢٥ وما بعدها.

(٢) البيت من البحر الطويل ، وهو لامرئ القيس في ديوانه ٥٣ ، ينظر جمهرة اللغة ٩٠٩ ، وشرح شذور الذهب ٣٤٠ ، واللسان مادة (ضيف) ٤ / ٢٦٢٦ ، وخزانة الأدب ٧ / ٤١٨. ويروى (قشيب) بدل جديد.

والشاهد فيه قوله : (أضفتا) حيث جاء معناها بمعنى أسندنا.

(٣) قال الرضي : (ما هو المشهور الآن من اصطلاح القوم ، فإنه إذا أطلق لفظ المضاف إليه أريد به ما انجر بإضافة اسم إليه بحذف التنوين من الأول للإضافة ، وأما من حيث اللغة فلا شك أن زيدا في مررت بزيد مضاف إليه إذ أضيف إليه المرور بواسطة حرف الجر) ينظر ـ الرضي ١ / ٢٧٢ ، وورد في اللسان : وإضافة الاسم إلى الاسم كقولك غلام زيد ، فالغلام مضاف وزيد مضاف إليه والغرض بالإضافة التخصيص والتعريف ولهذا لا يجوز أن يضاف الشيء إلى نفسه لأنه لا يعرّف نفسه.

والنحويون يسمون الباء حرف الإضافة) ينظر اللسان مادة (ضيف).

٥٢٤

شيء تعم المعنوية واللفظية ، والاسم إلى الاسم وإلى الفعل والجمل ، وقوله : إفرادية خرجت الجمل والصفة وبقيت الإضافة ، وحقيقة المضاف إليه.

قوله : ([والمضاف إليه](١) كل اسم) جنس يعم الأسماء وخرج الفعل.

قوله : (نسب إليه) خرج الخبر فإنه منسوب.

قوله : (شيء) يعم الاسم نحو (غلام زيد) والفعل نحو (مررت بزيد).

قوله : (بواسطة حرف جر) خرج ما كان لا بواسطة حرف جر كالفاعل.

قوله : (لفظا أو تقديرا مرادا) (٢) خرج المفعول فيه وله ، نحو (صليت يوم الجمعة) و (ضربته تأديبا) فإنه غير مراد فيهما ، إذ لو أريد انجر كالإضافة.

المقصود بقوله : (مرادا) في العمل لا في التقدير ، فإنه مراد في الظرف والمفعول له كإزائه في الإضافة ، وانتصاب لفظا وتقديرا ومرادا على الحال (٣) وصاحبها قوله : (حرف جر) وقد تخصص بالإضافة ، وعاملها معنى

__________________

(١) ما بين الحاصرتين زيادة من الكافية المحققة.

(٢) ينظر شرح الرضي ١ / ٢٧٢.

(٣) قال السيرافي : معنى هذا أن حروف الجر تصرف الفعل الذي هي صلته إلى الاسم المجرور بها ، ومعنى إضافتها الفعل ضمها إياه وإيصاله إلى الاسم كقولك رغبت في زيد ، وقمت إلى عمرو فـ (في) أوصلت الرغبة إلى زيد ، و (إلى) أوصلت القيام إلى عمرو ، ينظر حاشية الكتاب ١ / ٤٢١.

٥٢٥

واسطة أي يتوصل بالحرف ظاهرا ومقدرا أو يرد على حده التي تضاف إليها الظروف نحو : (إذ) و (إذا) و (حيث) و (يوم) ، نحو (هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ)(١) و (اجلس حيث جلس زيد) وأجيب بأنها في تأويل الاسم ولو [و ٦٦] قال كل أمر نسب إليه شيء ، وحقيقة المضاف كل أمر نسب إليه شيء بواسطة حرف جر لفظا أو تقديرا (٢) وفي كون الإضافة تقدر بحرف جر خلاف مذهب المصنف وجماعة. أنها تقدر به مطلقا وبعضهم منع مطلقا لأن منها ما لا يمكن فيه تقدير حرف نحو (زيد عند عمرو) و (حسن الوجه) ، ولأنه يلزم في المعنوية أن تكون نكرة ، لأنه يكون معنى (غلام زيد) (غلام كزيد) ، والجمهور جعلوه مقدرا في المعنوية دون اللفظية ، والمقدر اللام فقط عند بعضهم ، وزاد قوم (٣) (من) وزاد المصنف (في) وأورد الكوفيون بمعنى (عند) نحو (ناقة رقود الحلب) أي رقود عند الحلب ومن أثبت (في) قال : (رقود الحلب فيه).

قوله : (فالتقدير شرطه أن يكون المضاف اسما مجردا تنوينه لأجلها) أي لأجل الإضافة ، يحترز مما جرد تنوينه لا للإضافة بل للتعريف ، أو لغير المنصرف ، ومراده بالتنوين وما يقوم مقامه لكون التثنية والجمع ، فإن هذه تحذف للإضافة ، وإن لم تكن فيه ، كـ (أحمد) قدر تنوينه فيه ثم حذف لأجل الإضافة كـ (أحمدكم) و (غلام زيد) و (مسلمي زيد) وإنما

__________________

(١) المائدة ٥ / ١١٩.

(٢) ينظر شرح المصنف ٥١ ، قال المصنف في الصفحة (٥١) والتي بمعنى (في) شرطها أن يكون المضاف اسما مضافا إلى ظرفه كقولك ضرب اليوم.

(٣) ينظر شرح المفصل ٢ / ١١٨ ـ ١١٩ ، وشرح ابن عقيل ٢ / ٤٣ ، وشرح الرضي ١ / ٢٧٣ ، وشرح التسهيل السفر الثاني ٢ / ٥٢٧ باب الإضافة.

٥٢٦

حذف التنوين للإضافة لأن التنوين يفيد الانفصال ، والإضافة تفيد الاتصال ، ولأن التنوين للتنكير والإضافة للتعريف واختلف في الاسمين المضاف ، فقيل الأول لأنه اكتسى من الثاني التعريف والتخصيص ، وهو قول الجمهور (١) وقيل الثاني مضاف لأنه بعد الأول ، لأن الأول عامل الجر في المضاف إليه عند سيبويه (٢) ، الجمهور المضاف لنيابته مناب الحرف ، وقال الزجاج : (٣) حرف الجر المقدر ، وقيل : معنوي ، وهو كونه مضافا ، ويكفي في الإضافة أدنى ملابسة واختصاص بين المضاف والمضاف إليه ، كقول أحد حاملي الخشبة لصاحبه : (احمل طرفك) (٤) قال :

[٣٠٢] إذا كوكب الخرقاء لاح بسحرة

سهيل أذاعت غزلها في القرائب (٥)

فإنه أضاف الكوكب إلى الخرقاء ، ولا اختصاص لها به سوى أنه يجد في الاستعداد للشتاء عند طلوعه ، إذا برددت وتعرف غزلها في قرائبها فكفت هذه الملابسة في الإضافة.

قوله : (وهي معنوية ولفظية) يعني الإضافة تنقسم إلى معنوية ولفظية

__________________

(١) ينظر شرح الرضي ١ / ٢٧٣ ن وهمع الهوامع ٤ / ٢٦٥ وما بعدها.

(٢) ينظر الكتاب ١ / ١٩٩ وما بعدها ، وينظر شرح الرضي ١ / ٢٧٢.

(٣) ينظر رأي الزجاج في همع الهوامع ٤ / ٢٦٥.

(٤) ينظر شرح الرضي ١ / ٢٧٤ ، وشرح المفصل ٣ / ٨.

(٥) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في شرح المفصل ٣ / ٨ ، وشرح التسهيل السفر الأول ٢ / ٥٥٦ ، وخزانة الأدب ٣ / ١١٢ ، واللسان مادة (غرب) ٥ / ٣٢٢٥ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٣٥٩ ، والأشباه والنظائر ٣ / ١٩٣.

والشاهد فيه قوله : (كوكب الخرقاء) حيث أضيف الكوكب إلى الخرقاء لأدنى ملابسة ، بسبب اجتهادها في العمل عند طلوعه وكما ذكر الشارح. ويروى أضاعت بدل أذاعت ، ويروى في الغرائب بدل القرائب.

٥٢٧

ك (حسن الوجه).

قوله : (فالمعنوية أن يكون المضاف غير صفة مضافة إلى معمولها) دخل في حده خمسة أنواع : الاسم المضاف الذي لا يعمل نحو : (غلام زيد) ، والاسم العامل المضاف إلى غير معموله ، نحو (ضرب اليوم) و (مَكْرُ اللَّيْلِ)(١). والمصدر المضاف إلى معموله نحو : (أعجبني ضرب زيد) خلافا لابن برهان (٢) ، فإن إضافة المصدر إلى معموله عنده لفظية ، والصفة غير العاملة كاسم الفاعل والمفعول الماضي ومن جعلهما عاملين ، فإضافتهما لفظية عنده ، والصفة المضافة إلى غير معمولها نحو : (مالِكِ يَوْمِ)(٣) و (شهيد كربلاء) و (مصارع مصر) (٤) وأفعل التفضيل ، أما (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) فإن جعلت يوم الدين معمولا لمالك فلفظية ، أي (مالك ليوم الدين) وإن جعلته ظرفا والمعمول محذوف فمعنوية ، تقديره مالك الأمور في يوم الدين ، وأما (شهيد كربلاء) فمعنوية لأنه مضاف إلى ظرفه ، وأما (مصارع مصر) فإن قدّرته يصارع الناس لأهل مصر أو لمصر أو في مصر ، فمعنوية ، وإن قدرته يصارع أهل مصر فلفظية لأنه مضاف

__________________

(١) سبأ ٣٤ / ٣٣ وهي جزء من آية وتمامها : (وَقالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ إِذْ تَأْمُرُونَنا أَنْ نَكْفُرَ بِاللهِ ...).

وقرأ قتادة ويحيى بن يعمر برفع مكر منونا ونصب الليل والنهار ، والتقدير : بل مكر كائن في الليل والنهار) وفيها قراءات أخر ، ينظر تفسير القرطبي ٦ / ٥٣٨٥ ، وفتح القدير ٤ / ٣٢٩ وتفسير البحر المحيط ٧ / ٢٧١.

(٢) نقل رأي ابن برهان ابن مالك في شرح التسهيل ورد عليه وقال : والذي ذهب إليه ابن برهان ضعيف من أربعة وجوه ثم ذكرها) ينظر شرح التسهيل السفر الثاني ٢ / ٥٣٩.

(٣) الفاتحة ١ / ٤.

(٤) ينظر شرح الرضي ١ / ٢٧٣.

٥٢٨

إلى معموله ، وأما أفعل التفضيل فمعنوية عند الجمهور (١) ، وقال بعضهم :لفظية ، وقال ابن السراج : (٢) وإن كانت بمعنى (اللام) فمعنوية ، وإن كانت بمعنى (من) فلفظية.

قوله : (وهي إما بمعنى اللام) تقسيم للإضافة المعنوية فإنها تكون بمعنى اللام (فيما عدا جنس المضاف وظرفه سواء حسن اللفظ باللام كـ (غلام زيد) [ظ ٦٦] أم لم يحسن نحو (زيد عند عمرو) وتكون (بمعني (من) في جنس المضاف) مثل (ثوب خز) و (باب ساج) وجعل ابن كيسان منه كل بعض أضيف إلى كل (٣) نحو : (يد زيد) وتكون (بمعنى (في) في ظرف المضاف) نحو : (ضرب اليوم) و (مَكْرُ اللَّيْلِ) وهو قليل.

قوله : (وتفيد تعريفا مع المعرفة [نحو غلام زيد وخاتم فضة وضرب اليوم](٤)) لأنها عينته وأوضحته غاية الإيضاح. (وتخصيصا مع النكرة) مثل : غلام رجل ، بخلاف اللفظية ، فإنها لا تفيد إلا تخفيفا في اللفظ ، إلا أسماء توغلت في الإبهام من الإضافة المعنوية (٥) ، فإنها لا تفيد تعريفا نحو (مثل وغير وشبه وسوى وترب وحدب) و (مررت برجل حسبك

__________________

(١) ينظر الأصول ١ / ٥٣.

(٢) للتفصيل ينظر الأصول في النحو لابن السراج ١ / ٥٣ ـ ٥٤ ، والكتاب ١ / ١٠٨ ، وشرح الرضي ١ / ٢٧٥ ، وشرح التسهيل السفر الثاني ٢ / ٥٣٠. قال ابن السراج في (الأصول في النحو) ١ / ٥٣ ما نصه : والإضافة تكون على ضربين ، تكون بمعنى اللام وتكون بمعنى من ، فأما الإضافة التي بمعنى اللام فنحو قولك : غلام زيد ودار عمرو ، ثم قال : وأما الإضافة التي بمعنى من فهو أن تضيف الاسم إلى جنسه نحو قولك : ثوب خز وباب حديد ، تريد ثوبا من خز وبابا من حديد فأضفت كل واحد منهما إلى جنسه الذي هو منه ...) انته كلامه ...

(٣) ينظر رأي ابن كيسان في شرح التسهيل السفر الثاني ٢ / ٥٣٠ ، وهمع الهوامع ٢ / ٤٦.

(٤) ما بين الحاصرتين زيادة من الكافية المحققة ١٢١.

(٥) ينظر شرح الرضي ١ / ٢٧٤.

٥٢٩

وشرعك) و (كم رجل وأخيه وأكرمته) وإنما لم تتعرف لأن مغايرة المخاطب ومماثلته ليست صفة تختص دون أخرى ، لأن كل ذات ما خلا الباري موصوفة بهذه الصفة ، إلا إذا اشتهر المضاف إليه بمماثلة المضاف وبمغايرته في شيء من الأشياء ، كالعلم والشجاعة ، أو كان له ضد واحد نحو (عليك بالحركة غير السكون) (١) وقوله : (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ)(٢) أفادت تعريفا.

قوله : (وشرطها تجريد المضاف من التعريف) يعني الإضافة المعنوية لأنه إذا كان معرفة لم يحتج إلى تعريف ولأنه إذا أضيف إلى معرفة لزم الجمع بين تعريفين وإن أضيف لم يفد.

قوله : (وما أجازه الكوفيون من الثلاثة الأثواب وشبهه من العدد ضعيف) يعني العدد المضاف إلى تمييزه من ثلاثة إلى عشرة ومئة وألف ، وإنما كان ضعيفا لأنه خالف القياس واستعمال الفصحاء ، لأنهم يقولون : (ثلاثة الأبواب) (٣) و (خمسة الأثواب) و (عشرة الأثواب) قال :

[٣٠٣] ...

ثلاث الأثافي والديار البلاقع (٤)

__________________

(١) ينظر الرضي ١ / ٢٧٥ هذه العبارة منقولة عن الرضي بتصرف.

(٢) الفاتحة ١ / ٧.

(٣) ينظر شرح المصنف ٥٢ والعبارة مأخوذة منه دون أن يعزوها إليه.

(٤) عجز بيت البيت من البحر الطويل وصدره :

وهل يرجع التسليم أو يكشف العمى

وهو لذي الرمة في ديوانه ١٧٤ ، وشرح المفصل ٢ / ١٢٢ ، وشرح التسهيل السفر الأول ٢ / ٧٧٠ ، وشرح المصنف ٥٢ ، وأمالي ابن الحاجب ١ / ٣٥٨ ، وتذكرة النحاة ٣٤٤ ، ولسان العرب مادة (خمس) ٢ / ١٢٦٢ ، والخزانة ١ / ٢١٣.

والشاهد فيه قوله : (ثلاث الأثافي) ودخول أل على الجزء الثاني للعدد المضاف دون جزئه الأول وهذا هو استعمال الفصحاء كما أشار إلى ذلك الشارح.

٥٣٠

وقال :

[٣٠٤] ...

ودنا فأدرك خمسة الأشبار (١)

وقد تؤول ما حكوه على الشذوذ ، أو على حذف مضاف أي الثلاثة ثلاثة الأثواب ، فحذف المضاف ويقي المضاف إليه على إعرابه ، وقد حكي عن بعض الكتّاب (الثلاثة أثواب) بتعريف المضاف وتنكير المضاف إليه ، والظاهر من النحاة (٢) منعه لأنه عكس قالب الإضافة ، وحاصل تعريف العدد أنه إذا كان مضافا عرفت المضاف إليه فقط ليكتسي منه المضاف التعريف ، خلافا للكوفيين والكتّاب (٣) ، فإن كان مركبا عرفت الأول فقط نحو : (الأحد عشر) لأن تعريف مميزه لا يجوز (٤) ،

__________________

(١) عجز بيت من البحر الكامل ، وصدره :

ما زال مذ عقدت يداه إزاره

وهو للفرزدق كما في ديوانه ١ / ٣٠٥ ، وينظر الجمل للزجاجي ١٢٩ ، والمفصل ٨٣ ، وشرحه لابن يعيش ٢ / ١٢٠ ، وشرح التسهيل السفر الأول ٢ / ٨٤٠ ، وشرح المصنف ٥٢ ، والجنى الداني ٥٠٤ ، والمغني ٤٤٢ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٧٥٥ ، وأوضح المسالك ٣ / ٦١ ، واللسان مادة (خمس) ٢ / ١٢٦٢. ويروى فسما بدل ودنا.

والشاهد فيه قوله : (وأدرك خمسة الأشبار) حيث أدخل أل على المعدود ولم يدخلها على العدد وذلك حين أراد التعريف وهذا على القياس كما ذكره الشارح.

(٢) منع من ذلك علماء البصرة ، قال الزجاجي في كتاب الجمل ١٣٠ عند دخول (أل) على الجزء الأول من العدد أو على المميز دون التمييز ، هذا هو الاختيار عند الكتّاب والعلماء البصريين). وقال : (ومن الناس من يدخل الألف واللام في الأول والثاني) وهذا رأي الكوفيين على ما ذكره المصنف وذكره السيوطي في الهمع ٢ / ١٥٠ ـ ١٥١.

(٣) الذين يقولون بتعريف الجزء الثاني من العدد هم ابن يعيش وأصحابه كما ذكره في شرح المصنف ٢ / ١٢١ ـ ١٢٢ ، والأصول في النحو ١ / ١٤.

(٤) ومن الذين يقولون بتعريف الجزء الأول دون الجزء الثاني أي يعرفون المضاف) الزجاجي في كتابه الجمل ١٢٩.

٥٣١

وإن كان معطوفا ومعطوفا عليه عرفتهما معا نحو (الواحد والعشرين).

قوله : (واللفظية أن يكون صفة مضافا إلى معمولها) يحترز من أن تكون غير صفة نحو (غلام زيد) ، أو صفة مضافة إلى غير معمولها نحو (شهيد كربلاء) فإنها معنوية ، واللفظية تكون في اسم الفاعل والمفعول إذا كان بمعنى الحال والاستقبال ، فإن كانا للماضي ، فإضافتهما معنوية لأنهما لا يملان في الماضي ، وإنما لم يعملا فيه لأنهما لم يعملا إلا لشبههما بالمضارع ، فإن أريد بهما جميع الأزمنة ، فإضافتهما لفظية لأنهما عاملان (١) ، وقال الكسائي : إنهما يعملان في الماضي حملا له على الاستقبال فتكون إضافتهما لفظية عنده (٢) ، وإضافتهما عن خفض اللام عند بعضهم ، وذهب الأكثرون إلى أنها عن نصب لأنه قد يتعذر تقدير اللام وتكون اللفظية في الصفة المشبهة نحو (حسن الوجه) إضافتها عن رفع عند الزمخشري (٣) وجماعة لأنها لا تعدى إلا على التشبيه ، وبعضهم جعلها عن نصب على التشبيه بالمتعدي ، وأجاز بعضهم عن نصب وعن رفع.

قوله : (ولا تفيد إلا تخفيفا في اللفظ) (٤) يعني أن الإضافة اللفظية لا تفيد تعريفا ، ولا تخصيصا لأنها في نية الانفصال ، وإنما تفيد تخفيفا

__________________

(١) ينظر شرح الرضي ١ / ٢٧٨ منقولة عنه بتصرف دون إسناد له.

(٢) ينظر رأي الكسائي في شرح الرضي ١ / ٢٧٩.

(٣) ينظر المفصل ٨٣ ، وشرح المفصل لابن يعيش ١ / ١٢٠ وما بعدها.

(٤) ينظر شرح المصنف ٥٢ ، وشرح الرضي ١ / ٢٨٠ ـ ٢٨١.

٥٣٢

والتخفيف بحذف التنوين ، أو نون التثنية والجمع ، ولك أن تضيف ولك أن لا تضيف ، فإن قيل إن اللفظية [و ٦٧] تفيد تخصيصا كالمعنوية ، قيل التخصيص حاصل قبل الإضافة من النصب.

قوله : (ومن ثمّ جاز مررت برجل حسن الوجه) يعني لما كانت لا تفيد تعريفا ولا تخصيصا وصف به النكرة وعليه (هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا)(١) (وامتنع) وصف المعرفة بها نحو (مررت بزيد حسن الوجه ، لأنها نكرة ، وأما قوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ)(٢) و (حم ، تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ، غافِرِ الذَّنْبِ) (٣) (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)(٤) فمتأول بأنها أبدال.

قوله : (وجاز الضاربا زيد) و [الضاربو زيد](٥)) لما أفاد تخفيفا بحذف

__________________

(١) الأحقاف ٤٦ / ٢٤ وهي بتمامها : (فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم ...).

(٢) فاطر ٣٥ / ١. قال القرطبي ويجوز في فاطر ثلاثة أوجه : الخفض على النعت ، والرفع على إضمار مبتدأ ، والنصب على الفتح ، وحكى سيبويه الحمد لله أهل الحمد) ينظر تفسير القرطبي ٦ / ٥٤٠١.

(٣) المؤمن (غافر) ٤٠ / ١ ـ ٢ ـ ٣ ، وتمامها : (غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ.)

قال الفراء في معاني القرآن ٣ / ٥ : جعلها كالنعت للمعرفة وهي نكرة ، وقال الزجاج هي خفض على البدل. قال النحاس : وتحقيق الكلام في هذا وتلخيص أن (غافر الذنب وقابل التوب) يجوز أن يكون معرفتين على أنهما لما مضى ، فيكونا نعتين ، ويجوز أن يكونا للمستقبل والحال فيكونا نكرتين ولا يجوز أن يكونا نعتين على هذا ، ولكن يكون خفضهما على البدل ، ويجوز النصب على الحال ، فأما شديد العقاب فهو نكرة ويكون خفضه على البدل ، انته كلام النحاس ، ينظر تفسير القرطبي تفسير سورة غافر ٦ / ٥٤٠١ ، وتفسير البحر المحيط ٧ / ٢٨٥ ، وينظر إعراب القرآن للنحاس ٤ / ٢٥ ـ ٢٦.

(٤) الفاتحة ١ / ٤.

(٥) ما بين الحاصرتين زيادة من الكافية المحققة.

٥٣٣

النون (١). قوله : (وامتع الضارب زيد) يعني بالإضافة لم يفد تحفيفا (خلافا للفراء) (٢) ، فإنه أجاز (الضارب زيد) واحتج بحجج ثلاث :

الأولى قوله : (وضعف) :

[٣٠٥] (الواهب المئة الهجان وعبدها

عوذا تزجى خلفها أطفالها) (٣)

الهجان : الإبل البيض ، يستوي فيه الواحد والجمع كـ (الفلك) والعوذ جمع عائذ ، وهي حديثة النتاج ، وتزجي أي تساق ، وعبدها راعيها.

قال الفراء : (٤) أجزتم الجر في وعبدها بالعطف على المئة المضاف إليه الواهب فكأنه أضاف الواهب إلى عبدها ، لأن المعطوف حكمه حكم المعطوف عليه ، ولم يفد تخفيفا ، فأجيزوا (الضارب زيد) وأجيب بأنه ضعيف ولا يصح القياس على الضعيف ، وبأنه تابع ، وهم يحتملون في التابع ما لا يحتملون في المتبوع ، ولهذا قالوا : (ربّ شاة وسخلتها بدرهم)

__________________

(١) ينظر شرح المصنف ٥٢ ، وشرح الرضي ١ / ٢٨١.

(٢) ينظر شرح المفصل ٢ / ١٢٢ ، والأصول في النحو ٢ / ١٤.

(٣) البيت من الكامل وهو للأعشى في ديوانه ٧٩ ، وينظر الكتاب ١ / ١٨٣ ، والمقتضب ٤ / ١٦٣ ، والأصول ١ / ١٣٤ ، وشرح الرضي ١ / ٢٨٥ ، وشرح ابن عقيل ٢ / ١١٩ ، والأشباه والنظائر ٢ / ٤٣٩ ، وخزانة الأدب ٤ / ٢٥٦. ويروى بينها بدل خلفها.

والشاهد فيه قوله : (وعبدها) فإنه روي بالوجهين تبعا للفظ الاسم الذي أضيف إليه اسم الفاعل أو محله ، فأما الجر فعلى العطف على لفظ المئة ، وأما النصب فعلى العطف على محله ...

والهجان البيض : وقيل الكرام ، وعوذا وهي : العائذ الناقة إذا وضعت ، وتزجي : تدفع ، وقد فسر الشارح ذلك.

(٤) ينظر شرح المصنف حيث أورد رأي الفراء ثم رد عليه ٥٣.

٥٣٤

فأدخلوا (رب) على المعطوف وهو معرفة ، ولو قلت (رب سخلتها) لم يجز (١).

الثانية قوله : (وإنما جاز الضارب الرجل حملا على المختار في الحسن الوجه) فقال الفراء : إذا أجزتم (الضارب الرجل) ولم يفد تخفيفا فأجيزوا (الضارب زيد) وإلا فما الفرق ، وأجيب بأنا لّما أجزنا (الضارب الرجل) حملا على المختار في (الحسن الوجه) من حيث كون كل واحد منهما صفة معرفة باللام مضافة إلى معمولها المعرف باللام ، وإنما كانت الإضافة مختارة في (الحسن الوجه) لأن في الرفع خلو الموصوف من عائد إليه من صفته ، والنصب إن جعلته تمييزا فهو معرفة ، وإن جعلته على التشبيه بالمفعول به فهو ضعيف ، والجر قد أفاد تخفيفا وهو سقوط الضمير ، وتقديره (الحسن الوجه منه).

الثالث قوله : (والضاربك وشبهه ، فيمن قال : إنه مضاف) قال الفراء : (٢) إذا أجزتم (الضاربك) من غير تخفيف ، فأجيزوا (الضارب زيد) وأجيب بوجوه :

الأول : للأخفش وهشام : (٣) أن الضمير منصوب (٤) فلا حجة لك فيه.

__________________

(١) ينظر الكتاب ٢ / ٥٤ ـ ٥٥ ، والمقتضب ٤ / ١٦٤ ، وشرح الرضي ١ / ٨١.

(٢) ينظر شرح المصنف ٥٢ ، وشرح الرضي ١ / ٢٨١.

(٣) هو هشام بن معاوية الضرير أبو عبد الله النحوي الكوفي أحد أعلام المدرسة الكوفية وعده السيرافي في الطبقة الثانية وهو أحد أعيان الكسائي صنف مختصر النحو والحدود والقياس توفي سنة ٢٠٩ ه‍ ، تنظر ترجمته في البغية ٢ / ٣٢٨.

(٤) ينظر شرح التسهيل السفر الثاني ١ / ٣٠٥ ، وشرح الرضي ١ / ٢٨٣ ، فقد نقل الرضي رأي الأخفش وهشام وقال : ثم إن الضمير بعد المجرد في موضع الجر بالإضافة إلا عند الأخفش وهشام فإنه عندهما في موضع النصب لكونه مفعولا ، وحذف التنوين والنون ليس عندهما للإضافة بل للتضاد بينهما وبين الضمير المتصل).

٥٣٥

الثاني لسيبويه إنه يعتبر بالظاهر (١) فيكون هنا منصوبا لأنه لو وقع الظاهر موقعة لم يجز فيه إلا النصب عند غير الفراء (٢).

الثالث : قول من حكم على الضمير بالجر ، كالجرمي والزمخشري (٣) فقالوا : إنما جاز الضاربك حملا على (ضاربك) ووجه الحمل أن المضاف في الصورتين صفة والمضاف إليه ضمير متصل وأنه أضيف ضاربك من غير نظر إلى التخفيف لامتناع التنوين والضمير المتصل ، لأنه يؤذن بالاتصال ، والتنوين بالانفصال لأنا لو أضفنا للتخفيف جازت الإضافة ، وعدمها كما في (ضارب زيدا) و (ضارب زيد) والمعلوم أنه لا يجوز (الضاربتك) في (الضاربنك) و (الضاربونك) والضاربوك وما ورد نحو قولهم :

[٣٠٦] هم الآمرون الخير والفاعلونه

إذا ما خشوا يوما من الدهر معظما (٤)

__________________

(١) ينظر الكتاب ١ / ١٨٢ ، وشرح الرضي ١ / ٢٨٣ حيث نقله الشارح بتصرف حيث قال : (ومثل ذلك في الإجراء على ما قبله : وهو الضارب زيدا والرجل لا يكون فيه إلا النصب ، لأنه عمل فيهما عمل المنون ، ولا يكون : هو الضارب عمرو كما لا يكون : هو الحسن وجه ، ومن قال هذا الضارب الرجل ، قال : هو الضارب الرجل وعبد الله ومن ذلك إنشاد بعض العرب قول الأعشى :

الواهب المائة الهجان وعبدها

عوذا تزجي بينها أطفالها

(٢) ينظر شرح التسهيل السفر الثاني ١ / ٣٠٩ ـ ٣١٠.

(٣) ينظر المفصل ٨٤ ، وشرحه لابن يعيش ٢ / ١٢٤ ، وشرح الرضي ١ / ٢٨٤.

(٤) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة كما في الكتاب ١ / ١٨٨ ، وشرح المفصل ٢ / ١٢٥ ، وأمالي ابن الحاجب ١ / ٣٩١ ، وشرح الرضي ١ / ٢٨٣ ، ولسان العرب مادة (طلع) ٤ / ٢٦٩٠ ، وخزانة الأدب ٤ / ٢٦٦ ـ ٢٦٩. قال عنه سيبويه وقد جاء في الشعر ، وزعموا أنه مصنوع أي البيت هم الآمرون. ويروى محدثا مكان يوما ، ويروى مفظعا بدل معظما ، ويروى بغير هذا الترتيب الذي ذكره الشارح وإنما كالتالي كما في الكتاب :

٥٣٦

قال سيبويه : (١) هو شاذ ، وقال المبرد : الهاء هاء السكت وأجرى الوصل مجرى الوقف (٢) ، فإذا لم ينظر إلى التخفيف في ضاربك لم ينظر إليه في (الضاربك) ومبنى كلام النحاة [ظ ٦٧] على أن الإضافة بعد التعريف ، والفراء (٣) يعكس ولا يعتبر التخفيف وهذه الجوابات على حجج الفراء له أن يقلبها عليهم ، والأولى عندي في الجواب أن يقال وقد ثبت أن الإضافة اللفظية لا بد من أن تفيد تخفيفا ، وهذه التي احتج بها الفراء خلاف ما ثبتت عليه القاعدة ، فتقرّ حيث وردت ولا يقاس عليها لقلتها.

قوله : (ولا يضاف موصوف إلى صفته) إنما لم يجز لأنا لا نعرف الاسم ما لم يقصد به الذات ، فلو أضفته إلى الصفة لم يصح تعريف المضاف بالمضاف إليه لأنه صفة غير ذات ، ولأن الصفة تقتضي أن تكون بإعراب الموصوف ، وكونه مضافا إليها يستلزم الجر فيؤدي إلى أن تكون الصفة مجرورة معربة بإعراب الموصوف في حالة واحدة ، وذلك لا يصح ، ولأن الصفة هي الموصوف وتكون من إضافة الشيء إلى نفسه وهو لا يصح.

قوله : (ولا صفة إلى موصوفها) لأنه يكون من إضافة الشيء إلى

__________________

هو القائلون الخير والآمرونه

إذا ما خشوا من محدث الدهر معظما

ويروى هم الفاعلون بدل القائلون.

والشاهد فيه قوله : (الفاعلونه) حيث جمع بين النون والضمير وهو للضرورة.

(١) ينظر الكتاب ١ / ١٨٨ ، وشرح المفصل ٢ / ١٢٥ ، وشرح الرضي ١ / ٢٨٣.

(٢) ينظر شرح المفصل ٢ / ١٢٥ ، وشرح الرضي ١ / ٢٨٣.

(٣) ينظر رأي الفراء في الهمع ٤ / ٢٧٥.

٥٣٧

نفسه ، ولأنه يؤدي إلى تقديم التابع وتأخير المتبوع في حالة واحدة ، فتقديمه من حيث كونه مضافا ، وتأخيره من حيث كونه تابعا ، ويكون معربا بإعرابين في حالة واحدة ، بإعراب العامل من حيث كونه مضافا ، وبإعراب الموصوف من أن الصفة تابعة للموصوف في إعرابه ، وذلك لا يصح (١) ، وأجاز ذلك بعض الكوفيين (٢) وبعض المتأخرين ، واحتجوا على إضافة موصوف إلى صفته بقوله : (ومثل مسجد الجامع ، وجانب الغربي) قال تعالى : (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِ)(٣).

(وصلاة الأولى ، وبقلة الحمقاء) ونحو ذلك لأن الجامع صفة للمسجد ، والغربي صفة للجانب والأولى صفة للصلاة ، والحمقاء صفة للبقلة ، وتأوله المانعون على أن الموصوف محذوف ، وتقديره (مسجد الوقت الجامع) و (وجانب المكان الغربي) و (صلاة الساعة الأولى) و (بقلة الحبة الحمقاء) (٤) وتأوله بعضهم على أنه من قبل إضافة الاسم إلى المسمى (٥) ، وقد روي عن الكوفيين أنهم يقولون : إن الصفة قد ذهب بها مذهب الجنس فجعل الجامع اسما لكل ما يجمع غيره ، وأضيف إليها كما يضاف نوع الشيء إليه نحو (خاتم حديد) واحتجوا على إضافة الصفة إلى

__________________

(١) ينظر شرح المصنف ٥٣.

(٢) ينظر شرح الرضي حيث نقل رأي الكوفيين في ١ / ٢٨٧ ، والبصريون قالوا : لا يجوز إضافة الصفة إلى الموصوف ولا العكس ولهذا ينصبون المرفوع بالصفة إذا أريد الإضافة إليه في نحو حسن الوجه) الرضي ١ / ٢٨٧.

(٣) سورة القصص ٢٨ / ٤٤ وتمامها : (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ.)

(٤) للتفصيل ينظر شرح المصنف ٥٣ ، وشرح المفصل ٣ / ١٠ وما بعدها ، وشرح الرضي ١ / ٢٨٧ ، والهمع ٤ / ٢٧٦.

(٥) ينظر الإنصاف ٢ / ٤٣٦ ـ ٤٣٧.

٥٣٨

الموصوف ب

قوله : (مثل جرد قطيفة ، وأخلاق ثياب ، متأول) لأن (جردا) صفة لقطيفة ، و (أخلاقا) ثصفة لثياب ، وتأوله المانعون بتأويلات ثلاثة ؛ أحدها : أنه من إضافة الاسم (١) إلى المسمى.

الثاني : أنه لم يرد بالصفة الموصوف ، وإنما أريد بعضه ، فمعنى (جرد قطيفة) و (أخلاق ثياب) جرد من قطيفة ، وأخلاق من ثياب ؛ لأن القطيفة تكون جردا وغير جرد ، والثياب أخلاق وغير أخلاق ، فهو ككرام الناس ، وخاتم فضة.

الثالث : وهو تأويل المصنف : (٢) إن الأصل قطيفة جرد ، وثياب أخلاق ، فحذف الموصوف واكتفى بالصفة لكثرة ذكره ، فبقي جرد وأخلاق ، فألبس بكونه صالحا لقطيفة وغيرها ، وأخلاق لثياب وغيرها مثل خاتم في كونه صالحا لأن يكون من فضة وغيرها ، وأخلاق لثياب وغيرها فجاؤا بالموصوف بعد على جهة البيان كما في قوله :

[٣٠٧] والمؤمن العائذات الطير يمسحها

ركبان مكة بين الغيل والسند (٣)

__________________

(١) زيادة يقتضيها السياق.

(٢) ينظر شرح المصنف ٥٤ ، وقد نقل عبارة المصنف بتصرف.

(٣) البيت من البسيط وهو للنابغة الذبياني كما في ديوانه ٢٥ ، وشرح المفصل ٣ / ١١ ، وهو بلا نسبة في شرح المصنف ٥٤ ، والخزانة ٩ / ٣٨٦ ، ويروى بالسعد مكان السند.

والشاهد فيه قوله : (العائذات) حيث أنه في الأصل صفة للطير فلما تقدم الصفة على موصوفها صارت بدلا فالطير بدل من العائذات المنصوب على أنه مفعول به لاسم الفاعل ، ومجرورا إذا كان العائذات مجرورا بإضافة المؤمن إليه من إضافة الفاعل إلى مفعوله.

٥٣٩

لأن أصله ، والمؤمن الطير العائذات ، وأضافوا إليه الصفة إما للتخفيف ، وإما لأن الصفة لما نابت مناب الموصوف صارت كالاسم وإضافته من باب (خاتم حديد) لكن الصفة في هذا الوجه هو الموصوف كله ، وفي الوجه الثاني بعضه.

قوله : (ولا يضاف اسم مماثل للمضاف إليه في العموم والخصوص) يعني لا يضاف أحد الاسمين المتماثلين في العموم [و ٦٨] والخصوص إلى الأخر لعدم الفائدة ، لأن الإضافة تفيد التعريف أو التخصيص ، والشيء لا يتعرف ولا يتخصص بنفسه ، فالعموم نحو (كل الجميع) و (جميع الكل) والخصوص نحو (ليث وأسد) في الأعيان (وحبس ومنع) في المعاني ، فلا نقول لكل الجميع ولا جميع الكل ، ولا (ليث ليث) ولا (ليث أسد) ولا (حبس حبس) ولا (حبس منع) (لعدم الفائدة).

قوله : (بخلاف كل الدراهم ، وعين الشيء ، فإنه يختص) يعني بالإضافة دون (ليث أسد) لأنك أضفت عامّا إلى خاص ، لأن كلّا صالح للدراهم وغيرها ، وكذلك عين صالحة لهذا الشيء المخصوص ولغيره ، ومن ذلك (يوم الأحد) و (كتاب المفصل) و (بلد بغداد) (١) قال تعالى : (طُورِ سَيْناءَ)(٢) قال نجم الدين : (٣) ولا ينعكس الأمر ، أي لا يضاف الخاص إلى العام المبهم لتحصيل الإبهام ، لا تقول : (زيد نفس) لأن المعلوم المعين بعد ذكر لفظه وتعيينه لا يكتسي من غيره الإبهام بخلاف (ليث أسد)

__________________

(١) ينظر شرح الرضي ١ / ٢٨٥ وهذه العبارة من قوله يعني بالإضافة إلى قوله بغداد ، منقولة بتصرف من شرح الرضي دون النسبة إليه.

(٢) المؤمنون ٢٣ / ٢٠.

(٣) ينظر شرح الرضي ١ / ٢٨٥.

٥٤٠